تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : امامة الصغير



ماكـولا
03-09-2013, 04:56 PM
http://www.youtube.com/watch?v=_6M4AQK3YTI

هذا أثرٌ من آثار تيسير القرآن على الالسن ! فلم ينمّى إلينا بطفل -كتابيّ- استظهر الاناجيل او التوراة عن ظهر قلب , فضلاً من استنطاقها ! وقد يسّر الرحمن تلاوة القرآن للقراءة وللاعتبار والحفظ ! حيث قال " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" وقال "فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون" وقال "فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا"
فبعدَ هذا التيّسير الرباني , تعيّ أن التقليد مذموم في دين الله سبحانه بعد ان يّسر القرآن للأمة لتلاوته وتدبره , وقد قال سبحانه " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"
فلا ينبغي الانشغال بغيره تلاوة وتدبراً واستنباطاً ودعوة يقول تعالى مخبراً عن نبيه صلى الله عليه وسلم "وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا" قال الحافظ بن كثير "وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يسمعونه ، كما قال تعالى: " وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون "وكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره، حتى لا يسمعوه. فهذا من هجرانه وترك علمه وحفظه أيضا من هجرانه، وترك الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره -من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره -من هجرانه، فنسأل الله الكريم المنان القادر على ما يشاء، أن يخلصنا مما يسخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يحبه ويرضاه، إنه كريم وهاب."

وإمامة الصغير جائزة في الجملة بشروط , ومنهم من فصّل فيها , فمنعها في الفرض والنفل , ومنهم من جوزها في النفل دون الفرض كالاحناف في التراويح -على خلافٍ بينهم-, ورواية عن الامام مالك يقول بن رشد في بداية المجتهد " اختلف الناس في إمامة الصبي الذي لم يبلغ الحلم إذا كان قارئا،فأجاز ذلك قوم لعموم هذا الاثر، ولحديث عمرو بن سلمة أنه كان يؤم قومه، وهو صبي، ومنع ذلك قوم مطلقا، وأجازه قوم في النفل ,ولم يجيزوه في الفريضة، وهو مروي عن مالك, وسبب الخلاف في ذلك هل يؤم أحد في صلاة غير واجبة عليه من وجبت عليه، وذلك لاختلاف نية الامام، والمأموم." ومثله العدوي على الكفاية , وشرح مختصر خليل للخرشي .

والحنابلة كما قال بن قدامة في الكبير "لا يصح ائتمام البالغ بالصبي في الفرض نص عليه أحمد وهو قول ابن مسعود وابن عباس وبه قال عطاء والشعبي ومالك والثوري
والاوزاعي وأبو حنيفة .." وفي المغني " ولنا قول ابن مسعود وابن عباس ولأن الإمامة حال كمال والصبي ليس من أهل الكمال فلا يؤم الرجال كالمرأة ولأنه لا يؤمن من الصبي الإخلال بشرط من شرائط الصلاة أو القراءة حال الإسرار , فأما حديث عمرو بن سلمة الجرمي فقال الخطابي : كان أحمد يضعف أمر عمرو بن سلمة وقال مرة دعه ليس بشيء بين وقال أبو داود قيل لـ أحمد : حديث عمرو بن سلمة قال : لا أدري أي شيء هذا ؟ ولعله إنما توقف عنه لأنه لم يتحقق بلوغ الأمر إلى النبي صلى الله عليه و سلم فإنه كان بالبادية في حي من العرب بعيد من المدينة وقوى هذا الاحتمال قوله في الحديث وكنت إذا سجدت خرجت أستي وهذا غير سائغ ,.. فأما إمامته في النفل ففيها روايتان إحداهما لا تصح لما ذكرنا في الفرض والثانية تصح لأنه متنفل يؤم متنفلين ولأن النافلة يدخلها التخفيف ولذلك تنعقد الجماعة به فيها إذا كان مأموما .."

وصححها الشافعية يقول الشافعي في الام " رحمه الله تعالى إذا أم الغلام الذى لم يبلغ الذى يعقل الصلاة ويقرأ، الرجال البالغين فإذا أقام الصلاه أجزأتهم إمامته والاختيار أن لا يؤم إلا بالغ وأن يكون الامام البالغ عالما بما لعله يعرض له في الصلاة."

ولخص النووي في المجموع الخلاف حيث قال " في مذاهب العلماء في صحة إمامة الصبي للبالغين قد ذكرنا أن مذهبنا صحتها ، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وإسحاق بن راهويه وأبي ثور قال : وكرهها عطاء والشعبي ومجاهد ومالك والثوري وأصحاب الرأي ، وهو مروي عن ابن عباس . وقال الأوزاعي : لا يؤم في مكتوبة إلا أن لا يكون فيهم من يحفظ شيئا من القرآن غيره ، فيؤمهم المراهق ، وقال الزهري : إن اضطروا إليه أمهم ، قال ابن المنذر : وبالجواز أقول وقال العبدري : قال مالك وأبو حنيفة : تصح إمامة الصبي في النفل دون الفرض ، وقال داود : لا تصح في فرض ولا نفل وقال أحمد : لا تصح في الفرض ، وفي النفل روايتان ، وقال القاضي أبو الطيب : قال أبو حنيفة ومالك والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق : لا يجوز أن يكون إماما في مكتوبة ، ويجوز في النفل . قال : وربما قال بعض الحنفية لا تنعقد صلاته . واحتج بحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح وروياه أيضا من رواية عائشة رضي الله عنها ، وعن ابن عباس من قوله لا يؤم غلام حتى يحتلم ولأنه غير مكلف فأشبه المجنون . واحتج أصحابنا بحديث عمرو بن سلمة الذي احتج به المصنف وبقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله رواه مسلم ، وسنوضحه في موضعه قريبا إن شاء الله تعالى . ولأن من جازت إمامته في النفل جازت في الفرض كالبالغ ، والجواب عن حديث رفع القلم أن المراد رفع التكليف والايجاب لا نفي صحة الصلاة ، والدليل عليه حديث ابن عباس في الصحيحين أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أنس في الصحيحين أنه صلى هو واليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم .."

والذي يترجّح والعلم عند الله ان إمامة الصبيّ القارئ لكتاب الله , المُميّز لأحكام الصلاة والطهارة والوضوء , تصح صلاته , لقوّة استدلال السلف ومن وافقهم من الشافعية وغيرهم
ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة فإن كانوا فى القراءة سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة فإن كانوا فى الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً"
وبخاصة أنه لم يعول على العمر وجعله آخر ما يتقاضى اليه في الامامة !

وبما ثبت في صحيح البخاري، عن عمرو بن سلمة الجرمي، قال: "قدم أبي من عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "فإذا حضرت الصلاة، فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً"، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بُردة، كنت إذا سجدت تقلَّصَت عني؛ فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا أُست قارئكم فاشتروا فقطعوا لي قميصاً فما فرحت بشيء فرحيب ذلك القميص " ومعلومٌ أن من قدموه هم من الصحابة ! , وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نما اليه الخبر ولم يثرب عليهم ! ولم ينزل فيهم قرآن !

وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ان الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين " فبالقرآن رُفع العبد المملوك , وبالقرآن كُرّم الاطفال , وصاروا أأئمة ! ,وبه وقّرت النسوة!
فأصحاب القرآن هم أهل الله وخاصته , يقال لهم يوم القيامة اقرأ واترق ,فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها ! , ويقدم في اللحد عند مماته .
فنسأل الله العليّ القدير أن يعلمنا ما جهلنا , وان يلزمنا طاعته , وتلاوة كلامه آناء الليل وأطراف النهار , لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله قرآنا فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ,كما صح في الخبر .
والعلم عند الله , والله الهادي