المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما جاء في نصح الحاكم وشروط ذلك من كتاب الإحكام في معاملة الحكام هاني ا



هانى الريس
03-26-2013, 10:04 PM
ما جاء في نصح الحاكم وشروط ذلك من كتاب الإحكام في معاملة الحكام هاني بن مصطفي آل الريس

الحاكم وشروط كتاب الإحكام معاملة

ما جاء فى نصح الحاكم وشروط ذلك
وفيه ثمانية فصول : الفصل الأول :الأدلة العامة في نصح الحاكم من القرآن.
الفصل الثاني : الأدلة الخاصة في النصح.
الفصل الثالث : إجماع السلف في النصح .
الفصل الرابع : الله -تبارك وتعالى- يرضى بالنصح .
الفصل الخامس : النصيحة جماع الدين.
الفصل السادس : النصيحة تكون سرًا بعيدًا عن الإثارة والتهويل .
الفصل السابع : السلف كانوا لا يرون ذكر مثالب الحكام ولو في الجلسات الخاصة
الفصل الثامن : أقوال بعض السلف ومواقفهم في نصح الحاكم الجائر وشروط النصح .

الفصل الأول : الأدلة العامة في النصح من القرآن.
قال الله تعالى : { لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(1)
الفصل الثاني : الأدلة الخاصة في نصح الحاكم .
عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ لِهِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ : أَلَمْ تَسْمَعْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ r : « مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ ؛ فَلا يُبْدِهِ عَلانِيَةً , وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَخْلُوا بِهِ , فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ , وَإِلا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ » . (2)
الفصل الثالث : إجماع السلف في النصح .
1- قال أبو الحسن الأشعري/(ت 324هـ)
« وأجمعوا على النصيحة للمسلمين والتولي بجماعتهموعلى التوادد في الله والدعاء لأئمة المسلمين...». (3)
2- قال الحافظ أبو الحسن القطان/ (ت 628هـ) :
«وأجمعوا على النصيحة للمسلمين [...(4)] لجماعتهم وعلى التودد في الله والدعاء لأئمة المسلمين...الخ ». (5)
الفصل الرابع : الله تبارك وتعالى يرضى بالنصح .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ r : « إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا , وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا , يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا , وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللهُ أَمْرَكُمْ , وَيَسْخَطُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ , وَإِضَاعَةَ المَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ » .(6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) (التوبة / 91)
(2)(رواه أبو عاصم في السنة – باب كيف نصيحة الرعية للولاة ) رقم (1096)
(3)(رسالة إلى أهل الثغر - الأشعري الإجماع الحادي والخمسون)
(4) بياض بالأصل
(5) «الإقناع في مسائل الإجماع للقطان /1/61-62)
(6) صحيح مسلم (8799)

الفصل الخامس : النصيحة جماع الدين.
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ r : « إِنَّمَا الدِّينُ النَّصِيحَةُ » ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، قِيلَ : لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ ، قَالَ : « لِلَّهِ ، وَلِرَسُولِهِ ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ » (1)
عن تميم الداري t قال : قال رسول الله r : « الدين النصيحة , الدين النصيحة , ثلاثًا , قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال : « لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين وعامتهم » . (2)
قال العلامة السعدى/ ت ( 1376هـ) في تعليقه على الحديث :
« فأخبرصلى الله عليه وسلم خبرًا متضمنًا للحث على النصيحة , والترغيب فيها ، إن الدين كله منحصر في النصيحة ، أي : ومن قام بالنصيحة كلها فقد قام بالدين ، وفسره تفسيرًا يزيل الإشكال ، ويعم جميع الأحوال ..الخ » . (3)
الفصل السادس : النصيحة تكون سرًا بعيدًا عن الإثارة والتهويل .
1-قال عمر بن الخطاب t (ت23 هـ):
« أيتها الرعية إن لنا عليكم حقًا ؛ النصيحة بالغيب , والمعاونة على الخير , وإنه ليس شيء أحب إلى الله وأعم نفعًا من حلم إمام ورفقه , وليس شيء أبغض إلى الله من جهل إمام وخرقه.» (4)
قلت : تأمل لم يقل النصيحة في العلن .
2-نصيحة أم الدرداء ل(ت 30 هـ):
عن صالح بن زنبور قال : سمعت أم الدرداء ل ، تقول : « من وعظ أخاه سرًا فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه » (5)
قلت: هذا في حق أى أحد ، والسلطان آكد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) مستخرج أبي عوانة رقم (83), مسند أحمد رقم (16983) ( تعليق شعيب : إسناده صحيح على شرط مسلم)
(2)(مسند أحمد ) ( تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم)
(3)(الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة- الفصل الثامن في شرح حديث الدين النصيحة (149-150).
(4)( كنز العمال ) رقم(14334)
(5) ( شعب الإيمان للبيهقي) (7641 )

3-موقف أسامة بن زيد t (ت54هـ)
«لما قيل له: ألا تدخل على عثمان فتكلمه فقال : « أترون أنى لا أكلمه إلا أسمعكم , والله لقد كلمته فيما بيني وبينه, ما دون أن أفتتح أمرًا لا أحب أن أكون أول من فتحه , ولا أقول لأحد يكون علي أميرًا إنه خير الناس , بعد ما سمعت رسول الله r يقول " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى , فيجتمع إليه أهل النار فيقولون : يا فلان ما لك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه , وأنهى عن المنكر وآتيه » .(1)
قلت : فلو كان ذكر المثالب في العلن بابًا من الخير لسارع أسامةt إلى فتحه .
4-موقف عبد الله بن عكيم (ت 88هـ):
قال عبد الله بن عكيم /: « لا أعين على دم خليفة أبدًا بعد عثمان » فقيل له : يا أبا معبد أوأعنت على دمه؟
فقال : « إني أعد ذكر مساويه عونًا على دمه » . (2)
قلت : فيستفاد أن كل من ذَكر مساويء حاكم وقُتل بذلك , فهو معين على دمه , وإن لم يُقتل فهو معين على الشر .
5-ما أحسن قول الإمام الشافعي! / (ت204هـ):
تعمدْني بنصحِكَ في انفرادي *** وجَنِّبني النصيحةَ في الجماعةْ
فإِن النصحَ بين الناسِ نوعٌ *** من التوبيخِ لا أرضى استماعَةْ
وإِن خالفتني وعصيتَ قولي *** فلا تجزعْ إِذا لم تُعْطِ طاعةْ (3)
1- قال ابن رجب الحنبلي /( ت795 هـ):
«كان السَّلفُ إذا أرادوا نصيحةَ أحدٍ ، وعظوه سرًا حتّى قال بعضهم : مَنْ وعظ أخاه فيما بينه وبينَه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنَّما وبخه، وقال الفضيل : المؤمن يَسْتُرُ ويَنْصَحُ ، والفاجرُ يهتك ويُعيِّرُ .
وقال عبد العزيز بن أبي رواد : كان مَنْ كان قبلكم إذا رأى الرجلُ من أخيه شيئًا يأمره في رفق ، فيؤجر في أمره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) ( صحيح مسلم ) رقم (7674 )
(2)(رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/80 ) ورجاله ثقات )
(3)(انظر ديوان الإمام الشافعي جمع محمد عفيف الزعبي ص 56)
ونهيه ، وإنَّ أحد هؤلاء يخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره . وسئل ابن عباس t عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر فقال : إن كنت فاعلًا ولا بد ففيما بينك وبينه» (1)
6- قال ابن النحاس / (ت814هـ) :
« ويختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد ، بل يود لو كلمه سرًا , ونصحه خفية من غير ثالث لهما » .(2)
قلت : هذا هو السنة كما في حديث عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ لِهِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ.
7- قال محمد بن أبي بكر ابن جماعة / (ت819هـ) :
في معرض ذكره من الحقوق التي للسلطان الحق الثاني فقال :
« بذل النصيحة له سرًا وعلانية. قال رسول الله r : " الدين النصيحة " ، قالوا : لمن ؟ قال : " لله ، ولرسوله ، ولكتابه , ولأئمة المسلمين ، وعامتهم "» (3)
قلت : قوله " وعلانية " يريد منه الإنكار بالشروط المرعية , وإلا لم يكن لقوله سرًا وجه .
8- قال الشوكاني / ت(1250هـ) :
« ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ، ولا يُظهِر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد , بل كما ورد في الحديث : " أنه يأخذ بيده , ويخلو به , ويبذل له النصيحة، ولا يذل سلطان الله " . وقد قدمنا في أول كتاب السير : أنه لا يجوز الخروج على الأئمة ، وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ , ما أقاموا الصلاة , ولم يظهر الكفر البواح , والأحاديث الواردة في هذا المعنى متواترة , ولكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعة الله , ويعصيه في معصية الله , فإنه لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق » . (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) (انظر جامع العلوم والحكم (صـ71)
(2)( تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين ، وتحذير السالكين من أفعال الهالكين ) (ص/64) .
(3) ( تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لابن جماعة) بواسطة (كتاب معاملة الحكام لابن برجس) .
(4) (السيل الجرار) (4/556)

9- قال العلامة السعدى /ت ( 1376هـ) :
« ومن رأى منهم ما لا يحل , فعليه أن ينبههم سرًا -لا علنًا- بلطف , وعبارة تليق بالمقام ، فإن هذا مطلوب في حق كل أحد , وبالأخص ولاة الأمور...الخ » (1)
قلت : تدبروا -هداكم الله-, هذا عقلًا قبل أن يكون شرعًا , ومَن أخطأ منكم ونُصح علنًا ؛ هاج وماج وقال: هلا نصحتم سرًا , كفاكم تناقضًا لا كثّركم الله في الأمة .
10- قال محمد بن إبراهيم آل الشيخ/ (ت1389هـ) :
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الشيخ ... المحترم سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد : بلغني أن موقفك مع الإمارة ليس كما ينبغي ، وتدري بارك الله فيك أن الإمارة ما قصد بها إلا نفع الرعية ، وليس شرطها ألا يقع منها زلل , والعاقل -بل وغير العاقل- يعرف أن منافعها وخيرها الديني والدنيوي يربوا على مفاسدها بكثير , ومثلك إنما منصبه منصب وعظ وإرشاد وإفتاء بين المتخاصمين , ونصيحة الأمير والمأمور بالسر ، وبنية خالصة تعرف فيها النتيجة النافعة للإسلام والمسلمين , ولا ينبغي أن تكون عثرة الأمير أو العثرات نصب عينيك , والقاضية على فكرك والحاكمة على تصرفاتك ، بل في السر قم بواجب النصيحة , وفي العلانية أَظهِر وصرِّح بما أوجب الله من حق الإمارة والسمع والطاعة لها ،...الخ . » (2)
11- سئل العلامة ابن باز / ت( 1421 هـ) :
هل منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟ وما منهج السلف في نقد الولاة ؟
الجواب : « ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة , وذكر ذلك على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الانقلابات وعدم السمع والطاعة في المعروف ، ويفضي إلى الخروج الذي يضر ولا ينفع ، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف ؛ النصيحة فيما بينهم وبين السلطان ، والكتابة إليه ، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به , حتى يوجه إلى الخير , وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل ، فينكر الزنى , وينكر الخمر , وينكر الربا من دون ذكر من فعله ، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن فلان يفعلها ، لا حاكم ولا غير حاكم , ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان ,
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) (الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة- الفصل الثامن - في شرح حديث الدين النصيحة ) (149-150).
(2)(فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ ) (12/182-183) و (الدرر السنية ) (9/119)
قال بعض الناس لأسامة بن زيد t : ألا تنكر على عثمان ؟ ، قال: " أنكر عليه عند الناس؟! لكن أنكر عليه بيني وبينه ، ولا أفتح باب شر على الناس " . ولما فتحوا الشر في زمن عثمان t وأنكروا على عثمان جهرة ، تمت الفتنة القتال والفساد , الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم ، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية , وقُتل عثمان وعلي بأسباب ذلك ، وقُتل جم كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني , وذكر العيوب علنًا ، حتى أبغض الناس ولي أمرهم وحتى قتلوه ، نسأل الله العافية» . (1)
12- قال ابن العثيمين/ (ت 1421هـ):
« فإنَّ بعض الناس ديدنه في كل مجلس يجلسه الكلام في ولاة الأمور , والوقوع في أعراضهم , ونشر مساوئهم وأخطائهم , معرضًا بذلك عمَّا لهم من محاسن أو صواب , ولا ريب أن سلوك هذا الطريق , والوقوع في أعراض الولاة لا يزيد الأمر إلا شدة , فإنه لا يحل مشكلًا , ولا يرفع مظلمة , وإنما يزيد البلاء بلاءً , ويوجب بغض الولاة , وكراهتهم , وعدم تنفيذ أوامرهم التي يجب طاعتهم فيها , ونحن لا نشك أن ولاة الأمر قد يسيئون , وقد يخطئون كغيرهم من بني آدم , فإن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، ولا نشك أيضًا أنه لا يجوز لنا أن نسكت على أي إنسان ارتكب خطئًا ؛ حتى نبذل ما نستطيعه من واجب النصيحة لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين وعامتهم » (2)
13-قال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي /( ت1422هـ) :
« فلا أنصح بالكلام في الحكام ، ولكن يجب التثبت ، فلا أنصح أحدًا بالاصطدام مع حكوماتهم , ولسنا دعاة فتن ، فالشعوب مسلمة , والدائرة ستكون على رءوس المسلمين ، ولا أجيز الثورات , والانقلابات , والخروج على الحكام ، والشعوب محتاجة إلى أن ترجع إلى الله سبحانه وتعالى , ونواصي العباد بيد الله I : {إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم }(3). ». (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) (نصيحة الأمة في جواب عشرة أسئلة مهمة)
(2)(الضياء اللامع من الخطب الجوامع للعلامة ابن عثيمين /الخطبة السابعة )
(3)سورة الرعد (11)
(4) ( كتابه تحفة المجيب)

14-و سُئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
ما هو المنهج الصحيح في المناصحة , وخاصة مناصحة الحاكم , أهو التشهير على المنابر بأفعالهم المنكرة ؟ أم مناصحتهم بالسر؟ أرجو توضيح المنهج السلفي في هذه المسألة ؟
الجواب : « العصمة ليست لأحد إلا النبي r , فالحكام بشر يخطئون , ولا شك أن عندهم أخطاء , وليسوا معصومين , ولكن لا نتخذ أخطاءهم مجالًا للتشهير بهم , ونزع اليد من طاعتهم , حتى وإن جاروا وإن ظلموا , حتى وإن عصوا ما لم يرتكبوا كفرًا بواحًا , كما أمر بذلك النبي r , وإن كان عندهم معاصٍ , وعندهم جور , وظلم , فإن الصبر على طاعتهم جمع للكلمة , ووحدة المسلمين , وحماية لبلاد المسلمين , وفي مخالفتهم ومنابذتهم مفاسد عظيمة ؛ أعظم من المنكر الذي هم عليه , لأنه يحصل ما هو أشد من المنكر الذي يصدر منهم , ما دام هذا المنكر دون الكفر ودون الشرك , ولا نقول أنه يسكت على ما يصدر من الحكام من أخطاء لا... بل تعالج ولكن تعالج بالطريقة السليمة , بالمناصحة لهم سرًا والكتابة لهم سرًا , وليست بالكتابة التي تكتب بالإنترنت أو غيره ويوقّع عليها جمع كثير وتوزع على الناس , فهذا لا يجوز لأنه تشهير ، هذا مثل الكلام على المنابر بل أشد , فإن الكلام ممكن أن ينسى , ولكن الكتابة تبقى وتتداولها الأيدي فليس هذا من الحق , قال r : " الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة " . قلنا : لمن؟ قال : " لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين , وعامتهم"» (1)
الفصل السابع : السلف كانوا لا يرون ذكر مثالب الحكام ولو في الجلسات الخاصة .
موقف عبد الله بن أبي أوفى t :
فعن سَعِيدٍ بنِ جُمْهَانَ، قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِى أَوْفى t وَهُوَ مَحْجُوبُ البَصَرِة ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِى: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الأَزَارِقَةُ ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللهُ الأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ r" أَنَّهُمْ كِلابُ النَّارِ " ، قَالَ: قُلْتُ: الأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ، أَمِ الخَوَارِجُ كُلُّهَا؟ قَالَ: بَلَى الخَوَارِجُ كُلُّهَا، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِى فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ، إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ، فَأْتِهِ في بَيْتِهِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) .( الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة للعلامة الفوزان )

فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلاَّ فَدَعْهُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ » .(1)
قلت : ولو تأملتَ قول سعيد بن جمهان " فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ " ورد فعل فعل عبد الله بن أبى أوفى / لعلمتَ أشياء:
-سعيد بن جمهان لم يذكر أخطاء السلطان على الملأ ، إنما كان هذا بينه وبينه .
-سرعة رد فعل عبد الله بن أبي أوفى t ، حتى إنه لم يصبر حتى يكمل كلامه.
-حرص ابن أبي أوفى t على سنة المصطفى ، وسرعة تطبيقها .
-ولا تنسَ الغمزة الشديدة ؛ ولم يقل مثلًا" هَدَىَ الله السلطان " وما ذلك إلا لحرمة ذلك وغلق باب الفتنة .
-ولا تنسَ أيضًا قول ابن أبي أوفى t عليك بالسواد الأعظم، أتدري لِمَ؟ لأن مَن ذكر مثالب السلطان في العلن خرج من الطاعة ، وفارق الجماعة .
الفصل الثامن : أقوال بعض السلف ومواقفهم في نصح الحاكم الجائر وشروط النصح .
1-موقف مالك بن أنس / (ت 179 هـ):
سئل مالك بن أنس / : أيأتي الرجل إلى السلطان فيعظه وينصح له ويندبه إلى الخير ؟
فقال : « إذا رجا أن يسمع منه وإلا فليس ذلك عليه » . (2)
2-قال الفضيل بن عياض /(ت 187 هـ) :
« ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام , وإنما أدرك من عندنا بسخاء الأنفس, وسلام الصدور , والنصح للأمة » . (3)
3-قال سعيد بن إسماعيل أبو عثمان/ (ت298هـ) :
«فانصح للسلطان , و أكثر له من الدعاء بالصلاح و الرشاد , بالقول والعمل والحكم , فإنهم إذا صلحوا صلح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) (مسند الإمام أحمد بن حنبل ) رقم (19415)
(2)(التمهيد لابن عبد البر ) (21/285)
(3)(جامع العلوم والحكم)

العباد بصلاحهم، وإياك أن تدعو عليهم باللعنة فيزدادوا شرًا ويزداد البلاء على المسلمين و لكن ادعُ لهم بالتوبة فيترك الشر فيرتفع البلاء عن المؤمنين) . (1)
4-قال ابن عبد البر / (ت463 هـ):
« إن لم يكن يتمكن نصح السلطان , فالصبر والدعاء , فإنهم كانوا ينهون عن سب الأمراء » (2)
5-قال أبو عمرو بن الصلاح/(ت 643هـ) :
«والنصيحة لأئمة المسلمين , أي : لخلفائهم وقادتهم ؛ معاونتهم على الحق , وطاعتهم فيه , وتنبيههم , وتذكيرهم في رفق ولطف , ومجانبة الخروج عليهم , والدعاء لهم بالتوفيق , وحث الأغيار على ذلك » . (3)
6-قال ابن مفلح /(ت763هـ):
« ولا ينكر أحد على سلطان إلا وعظًا له وتخويفًا , أو تحذيرًا من العاقبة في الدنيا والآخرة ، فإنه يجب ، ويحرم بغير ذلك ، ذكره القاضي وغيره , والمراد : ولم يخفي منه بالتخويف والتحذير , وإلا سقط وكان حكم ذلك كغيره ).(4)
7-قال الشوكاني / ت(1250هـ) :
في شرح قول صاحب الأزهار : "ويؤدب من يثبط عنه أو ينفي , ومن عاداه ، فبقلبه مخطئ , وبلسانه فاسق , وبيده محارب ". قال : « وأما قوله : " ويؤدب من يثبط عنه " فالواجب دفعه عن هذا التثبيط فإن كف ، وإلا كان مستحقًا لتغليظ العقوبة , والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط ؛ بحبس أو غيره , لأنه مرتكب لمحرم عظيم , وساعٍ في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء ، وتهتك عندها الحرم ، وفي هذا التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام , وقد ثبت في الصحيح عنه rأنه قال : " من نزع يده من طاعة الإمام ، فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له ، ومن مات وهو مفارق للجماعة ، فإنه يموت موتة جاهلية" . » . (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) (رواه البيهقي في شعب الإيمان) ( 6/26)
(2) (التمهيد) ( 21/287)
(3)(صيانة صحيح مسلم ) (1/222).
(4) (الآداب الشرعية) (1/196) .
(5) (السيل الجرار) (4/556)
8-سُئل العلامة حافظ حكمي / (ت 1377هـ) :
ما الواجب لولاة الأمور ؟
الجـواب : « الواجب لهم النصيحة ؛ بموالاتهم على الحق , وطاعتهم فيه ، وأمرهم به وتذكيرهم برفق ... » (1)

^^^^^^^^^^^^^
^^^^^^^^^^^
^^^^^^^^^
^^^^^^^
^^^^
^^
^


حمل الملف بصيغة بي دي اف
هنا
سبحان الله وبحمده (http://ia601703.us.archive.org/14/items/elnosh/2.pdf)