إلى حب الله
04-05-2013, 03:39 PM
وهزمني الموت !!!..
بقلم أبو حب الله ..
----
" التفكير في الموت : أعاد لي صوابي " !!..
---------
(1)
>> ضائع ٌ أنا ......................
وجائع !!..
إما أن أحزم أمري وأرمي نفسي الآن أمام أقرب سيارة لينتهي كل شيء :
وإما أن أبحث لي عن عشاء لبطني الخاوية منذ الصباح !!..
لأكثر من 12 ساعة وأنا أتردد بين حسم أمري للموت .. أو للحياة !!..
هل هو الخوف الداخلي بالفعل من الله تعالى أن يحاسبني على كفري به وما اقترفته من بلايا ؟!
أن يحاسبني على الانتحار ؟؟...
أم هو الخوف من ألم الموت نفسه ؟؟!!..
لا بد أن أعترف أني ...................................جبااااااااااان !!!..
ماذا لو لم أمت في التو واللحظة وبدلا من ذلك : تألمت وتعرضت للإصابة فقط ؟!!..
مشكلة وورطة بالفعل لو وقع ذلك !!..
أتذكر صديقا لي في كلية الصيدلة أخذته الشفقة بالضفدع المسكين في قسم التشريح العملي !
فلا هو الذي قتله بالمشرط !!.. ولا هو الذي تركه ليعيش سليما !!!..
وإنما دفعته الشفقة ليتركه بعدما قطع نصف رقبته بالفعل بالمشرط !!!..
يا لها من شفقة أتت في الوقت الغير مناسب !!!..
نسيت أن أسأل صاحبي وقت أن حكى لي ذلك : وماذا فعل الضفدع ؟!!!..
مممم .. يبدو سؤالا غبيا ً!!!.. ولكن ... ما الذي جعلني أتذكر كل ذلك الآن ؟!!..
مشكلة حقيقة ً لو وقع لي نفس ما وقع للضفدع !!!..
برررررر .. أظن هذه القشعريرة التي جرت في أوصالي ستمنعني من قتل نفسي الآن !
أكاد لا أتخيل أني لن أرى هذا العالم مرة أخرى .. الصبح .. الشمس .. الليل .. الناس .. الحياة !
هي صدمة واحدة .. لحظة واحدة .. ثم سيذهب كل شيء !!!..
ولكن .. ماذا سأفعل الآن إن جبنت عن قتل نفسي ؟؟.. وكيف ومن أين سأأكل :
وأنا الذي نسيت حتى أخذ حافظة نقودي وقت هروبي من البيت والأهل ؟!!..
لابد أن أعصر عقلي الآن من التفكير حتى لا أسرق أو ....... أتسول !!..
ربما داخل هذا السوبر ماركت الكبير هناك ستنحل عقدتي !!!..
------------
(2)
>> السلام عليكم ..
# وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. ماذا تطلب يا أستاذ ؟؟.. بسكويت أم فينو أم كرواسو ؟
>> ممممممم .. لا .. لم آت لأشتري .. ولكني أود سؤالك سؤالا واحدا فقط إذا سمحت ...
# تفضل .. ولكن أي سؤال فني : سأنادي لك أحد الخبازين لأني مختص فقط بالميزان والحساب ..
>> لا لا لا .. ليس سؤالا فنيا .. وإنما .............. قل لي إذا سمحت :
ماذا تفعلون ببقايا المخبوزات هذه هناك والتي لم تبع ؟؟.. ذلك الفينو والبسكويت والكرواسو ؟؟..
أظنهم - ومن ملمسهم المتيبس - لهم أكثر من يوم على الأرجح لم يشتريهم أحد ؟؟.. صواب ؟..
# نعم .. صواب .. ولكن ........... هل لديك أنت مشكلة في هذا ؟؟!!!..
>> لا ليس لدي مشكلة ولكن ....
أردت فقط أن أخبرك إذا كنتم ستقومون بالتخلص منهم أو بعضهم : فأنا أريدهم !!!..
لي يوم تقريبا لم أضع شيئا في بطني والله يا أخي ... أرجوك ..................
# ......................... ( !!! )
>> أعرف أعرف .. لا تنظر لي ولا لنظافة سترتي !!.. يمكنك أن تقول أني تعرضت لموقف ما ..!
موقف صعب .....
# انظر يا أستاذ ... صراحة ً : أنا لا أصدقك 100 % !!..
قد تكون متسولا بموضة جديدة !!.. أو قد يكون صاحب السوبر ماركت قد أرسلك لتختبرني !!..
أو قد تكون شيئا آخرا لا أعرفه ..! ولكن الخلاصة : يمكنك أن تجرب ما تريده في محل آخر !!..
فأنا لدي مشاكلي هنا بالفعل : في الحسابات وفي المعاملة وفي أشياء أخرى ..!!
سامحني يا أستاذ إن كنت قد صدقت معي .. أو : مت غيظا إن كنت تكذب عليّ ...!
وأرجوك الآن أن تتنحى جانبا : وحتى أمارس عملي مع الزبائن القادمين هناك .. تفضل ..
...........................
..........................................
# ماذا من جديد ؟؟!!.. صدقني يا أستاذ : سأبدأ في الشك فيك ..
وذلك لأنه هناك احتمال ثالث لم أذكره لك حياء ً.. والآن سأقوله لك ولا بد .. وهو أنك :
قد تكون لصا !!!.. نعم .. والآن .. هل ما زلت تغامر بالوقوف والحديث معي هنا ؟؟..
أتعجب أنك تفعل ذلك : وأنت ترى كاميرا المراقبة هناك ؟؟.. أم لعلك لم تلاحظها ؟!!..
>> لقد رأيتها يا أخي رأيتها (( وهذه هي المشكلة )) ...!
# ماذا قلت ؟؟.. لم أسمعك ؟؟..
>> لا عليك .. لا عليك .. انظر يا أخي .. جئت لأستأذنك في شيء للمرة الأخيرة :
فلا تردني خائبا ً أرجوك .. اعمل عمل خير تلقاه أمام الله يوم الحساب ...!!
# وما هو ذلك الشيء الذي جئت لتستأذنني فيه هذه المرة ؟؟.. عجيب !!..
>> سأخبرك بكل صراحة عما أنوي فعله ...
سوف أمثل أني أشاهد هذه المخبوزات هناك وأعاينها .. ثم سآكل منها واحدة أو اثنتين فقط ..
أو حتى ثلاث !.. وأعدك أن كل ذلك سيكون من هذه المخبوزات التي مضى عليها أكثر من يوم ..
ثم سآتي إليك منها بكيس وكأني سأشتريه .. ولكن عندما أتيك :
سأمثل أني فوجئت أنه ليس معي نقود .. ثم سأترك الكيس عندك وسأمضي لحالي ....
اتفقنا يا أخي ؟؟.. هل لديك أي اعتراض أو ضرر ؟؟.. هي مخبوزات بائتة على أي حال ..
أرجوك ......
# يبدو أن الأمر حقيقي !!.. شخص مثلك وفي ملابسك تلك ويقول مثل هذا الكلام والدمع في عينيه !
اذهب يا أستاذ ... اذهب ولا تدع أحدا ًينتبه لما تفعل ..... سبحان الله العظيم !!..
...............................
..............................................
>> بكم هذا الكيس إذا سمحت ؟؟؟..
# بخمسة جنيهات ..
>> هاه !!.. خمسة جنيهات ؟!!.. هذا بائت ..!! لا بأس .. سأشتريه ......
ممممم .. يبدو أني نسيت حافظة نقودي في البيت .. حسنا .. دع الكيس عندك حتى آتيك بنقودي ..
السلام عليكم ... وجزاك الله خيرا كثيرا .. شكرا ... بل لا أعرف كيف أشكرك !!..
# أستاذ .. أستاذ .. خذ الكيس معك .. وعندما تملك النقود : ائتني بها ....
>> هه ؟!!.. لا لا .. شكرا ..!! (( لم نتفق على هذا ! )) ... أقصد .. ربما تعرضت للمشاكل ..
ومن أين لي بخمسة جنيهات الآن حتى آتيك بها !!..
# ليس بالضرورة الليلة .. ولا حتى غدا ً.. ارجع وقت أن تكون معك ... بالتوفيق ..
>> حسنا حسنا .. كم أنت كريم يا رب !!.. عيني كانت متعلقة بالكيس وتكاد أن تنخلع عليه !
شكرا لك .. شكرا لك .........!
--------------
(3)
>> الحمد لله .. نلت أكثر مما كنت أتمنى !!.. كيسا بأكمله !!!..
يا لعجيب القدر !!!.. صار كيس ٌمن المخبوزات البائتة : هو غاية أمنياتي في ليلة من الليالي ؟!!!..
أي حال هذا الذي صرت إليه ؟؟!!..
ماذا فعلت بنفسي ؟؟..
أرى أن أحسم أمري سريعا .. فإما الموت وأنا على هذا الضياع : وإما العيش كريما !!!..
لم أعتد على العيش فقيرا هكذا أبدا !!!.. أبدا !!!!..
ولكن للأسف ... ما زالت صورة الضفدع ماثلة في خيالي مما حكاه صديقي لي !!!..
ماذا لو لم أمت سريعا تحت عجلات السيارة ؟؟..
هل أفكر في السفر إلى الإسكندرية مثلا ؟؟.. أرى أن الغرق في البحر أسرع وألطف ..!!
دقيقتان أو ثلاث من الاختناق كافيين وخصوصا وأني لا أستطيع السباحة ...! ولكن ...............
كيف سأسافر من غير نقود ؟؟... بل :
ماذا لو صادف حظي العاثر أن تواجدت سمكة مفترسة أو متوحشة أو كبيرة هناك :
وفي البقعة تماما التي سأقفز فيها ؟!!..
أعلم أنها صدفة بعيدة الوقوع ومُبالغ في قدراتها ووقتها ومكانها ولكن ... ماذا لو وقعت بالفعل ؟..
فهذه هي (بعض) إمكانيات الصدفة التي آمنت بها لطيلة سنوات ٍمن حياتي ..! ماذا لو تحققت أخيرا ؟!
والمشكلة أنها حياة واحدة فقط لأفقدها .. وبالتأكيد لحظة الموت ونهاية هذه الحياة فيها هي لحظة فريدة !
فماذا لو قابل هذه اللحظة الفريدة : سمكة فريدة أيضا في نفس الموضع الذي سألقي فيه نفسي !
برررررر !!.. فكرة الانتحار فكرة سمجة بالفعل ومخيفة ...!
لماذا لا يكون الأمر أسهل من ذلك ؟.. ضغطة ماوس مثلا أو أحد الأزرار على لوحة المفاتيح ؟!!..
أنا على يقين أني سأقضي أحلامي الليلة بين عجلات السيارات حيا !!.. أو ممضوغا بين أسنان قرش !
أو الأدهى والأمر أن هذا سيكون مصيري (الأبدي) في النار إذا حاسبني الله عليه بالفعل !!!..
كل الطرق سوداوية للأسف !!!..
ولكن ... فلأدع كل ذلك جانبا لأستمتع ولو قليلا بهذه الوجبة التي لم تخطر على بالي قط !
# يا أستاذ .. يا أستاذ ...
>> ؟؟؟!!!..
حسنا يا أخي .. يؤسفني أن أقول لك أنه فات وقت التراجع عن الصدقة ..!!
فلقد أكلت نصف الكيس بالفعل !!!..
# الحمد لله أني أدركتك قبل أن تأكل النصف الثاني ...
>> هه ؟!!.. هل أنت جاد في استردادك لصدقتك ؟؟!!.. لقد كنت أمزح ؟؟؟..
ألا تعلم أن العائد في صدقته : هو كالوالغ في قيئه أو شيء بهذا المعنى : لا أتذكر !!
# لا لا .. لقد فهمتني خطأ وظننت بي سوءا !!!..
خذ هذه القطعة من الجُبن .. أعتقد أن الطعم سيكون بها أفضل .. أليس كذلك ؟
>> آها !!.. لماذا لم تقل هذا من أول مرة .. بل : لماذا تأخرت للآن يا رجل !!!..
على العموم هي لافتة طيبة منك .. جزاك الله خيرا ....
# بالهناء والشفاء يا أستاذ ... صراحة ً.. كلامك وأخلاقك وتدينك قد أثروا فيّ كثيرا !!..
والحمد لله أن صح توقعي ووجدتك هنا على الرصيف لم تبتعد ...
فقد صح ظني أنه ليس لديك مأوى أيضا ربما .. صواب ؟؟..
>> مممم .. نعم .. صواب .. ولكن أسألك أولا : عن أي أخلاق وتدين تتحدث ؟؟!!..
# انظر يا أستاذ ... هذا الشخص الذي أمامك :
كنت أحيانا كثيرة أختلس من طعام قسم المخبوزات للأسف : ودون أن أستأذن من أحد !
وذلك : رغم أن صاحب السوبر ماركت أو المحل نفسه قد أخبرنا بأنه علينا الاستئذان أولا :
وأنه لن يمانع أبدا طالما كنا نتناول منه بالحد المعقول ..
ولكني كنت أخون الأمانة للأسف .. وكثيرا ما أكلت من المخبوزات بغير علمه بل وبغير جوع !
والليلة :
تأتيني أنت لتعلمني هذا الدرس الكبير القاسي : وأنت جائع !!.. بل : وفي غاية الجوع : فتستأذن !!!!..
صدقني يا أستاذ : لقد بكيت فجأة بعدما غادرت أنت المحل عندما تفكرت في حالي وحالك وقارنت بينهما !
فقررت ساعتها أن أتيك بهذه القطعة الجبن .. ولا تخف .. هي على حسابي ...
>> عجيب !!!.. أنت تتعلم مني !!..
(( وماذا لو علمت أني لم أكن لأفعل ما فعلت لولا وجود كاميرات المراقبة !! ))
# صدقني يا أستاذ .. أنت أعطيتني درسا بأن الإنسان المحترم : يبقى محترما مهما تغيرت به الظروف !
أنت إنسان محترم .. وبقيت كذلك رغم ظروفك .. أما أنا فلقد كنت محترما .. ولكني تغيرت كثيرا للأسف !
كلما امتحنني الله تعالى ببعض الظروف : فضحني أمام نفسي أكثر وأظهر لي حقيقة ضعفي أمام عيني !
>> لو صح كلامك أخي : فأنا وأنت الآن مدينان باعتذار لصاحب السوبر ماركت !!!..
أنت لأخذك منه بغير استئذان .. وأنا لأني استأذنت من الإنسان الخطأ !!.. لأنك لست مالكه !
# أعدك يا أستاذ أعدك .. غدا صباحا سوف أعتذر لصاحب المحل : وسأعتذر لك أيضا ..
سأخبره بكل شيء .. وسأخبره بالذي حدث ...
بل وسأخبره بحالك أيضا والضيقة التي تمر بها : فربما جعلك تعمل وتبيت معنا !!!..
ما رأيك ؟؟؟..
>> هل أنت جاد أنه يمكنه أن يعطيني عملا ومكانا لأبيت فيه ؟؟؟..
# نعم نعم .. إن شاء الله .. فهو لا يحب في هذه الدنيا مثل الإنسان الأمين ....
يمكن أن يعطيك وظيفة محاسب في المحل أو أحد فروعه طالما شكلك متعلم ومثقف ..
بالتأكيد ستكون أفضل مني .. فأنا بالكاد تخرجت من الإعدادية .. وهذه السنة الثانية لي بعد الجيش ..
>> أدعو الله أن يكتب لي الخير على يديك ... صدقني : لا أعرف كيف أشكرك هذه الليلة ..
# بالمناسبة يا أستاذ .. ما اسمك ؟؟..
>> اسمي حا...... .. حا........
# حا....... ماذا ؟؟.. هل نسيت من الجوع ؟!!.. حامد ؟؟..
>> نعم .. نعم .. يمكنك أن تناديني حامد ... وأنت .. ما اسمك ؟؟..
# عصام السيد .. اسمي عصام يا أستاذ حامد .. ولعلها تكون معرفة خير إن شاء الله ..
أرجوك أن تبيت معنا الليلة في الغرفة لنتعلم منك الأدب والدين : بدلا من الفساد الذي نعيشه !
--------------
(4)
>< حسنا يا أستاذ حامد .. ستستلم عملك في المخازن من بعد العصر إن شاء الله ..
سوف أختبرك بنفسي لمدة يومين حتى أتأكد من مهارتك في التخزين والتدوين والحساب ..
وأما من ناحية الأمانة : فيكفيني الموقف الذي حكاه لي عصام .. ولكن رجاء :
أن تأتيني ببطاقتك الشخصية في أقرب وقت حتى أقوم بتسجيلك معنا :
وحتى لا نتعرض نحن ولا أنت للمساءلة إذا وقع أي تفتيش .. أنا لا أحب المخالفات أبدا !
ولولا الضيقة الشديدة التي تمر بها كما يقول عصام : ما أبقيتك معنا هنا إلا ببطاقتك الشخصية ..
ولكن خيرا إن شاء الله .. فمفتش التموين يعرفني معرفة خاصة .. ولن يشك فيك وأنت معنا ..
# شكرا يا أستاذ شكري شكرا .. والله نعم الابن أنت للحاج إبراهيم رحمه الله ...
>< رحمه الله ...
>> وأنا أشكرك أيضا يا أستاذ شكري .. وسعيد أن عمرك قريب من عمري ..
لقد ظننت لوهلة أن صاحب هذا السوبر ماركت هو بالضرورة رجل كبير في السن ..
# هو كان كذلك كما أخبرتك يا أستاذ حامد : وإلى أن توفاه الله ..
والخير والبركة الآن في ابنه الأستاذ شكري .. هو خريج تجارة حسابات ..
>> تقصد تجارة قسم محاسبة ...
>< نعم يا أستاذ حامد .. ودعني أناديك حامد بغير ألقاب .. والآن :
سوف يقوم عصام بتجهيز سرير وخزانة ملابس خاصين بك في الغرفة أعلى السوبر ماركت ..
وأعتذر إن كنت نمت بالأمس على الأرض .. فلم أكن أعلم بأمرك إلا صباح اليوم باكرا ..
>> على الأرض !!!.. لقد رفض عصام رفضا تاما أن ينام هو على سريره وأنام أنا على الأرض !!
وهذا موقف آخر لن أنساه له ما حييت ...
# لا تهتم يا أستاذ حامد لا تهتم .. فلقد تعودت على ذلك منذ زمان بعيد ...
لا تنس أني كنت في الجيش منذ عامين .. ولا تنس أني سأتزوج قريبا وسأنام على الأرض أيضا !
>< ههههههه .. عصام اتفق مع عمه أن يتزوج ابنته : حالما يوفر شقة تمليك : وهذا هو شرطهم الوحيد :
حتى ولو ناما على الأرض !!.. ويبدو أن عصام قد استمسك (حرفيا) باتفاقه مع عمه !!!..
فباع أرضه .. وبقي له جزء يسير ليُحصل ثمن الشقة التمليك ... ثم ..........
ثم ينام على الأرض .........
>> هههههه ...
>< بالمناسبة يا أستاذ حامد .. أريد أن أتحدث معك على انفراد بعد انتهاء ورديتك مساء الليلة ..
>> إن شاء الله بالطبع ...
------------
(5)
# هه يا أستاذ حامد .. هل سترافقني للشقة ؟؟..
>> لا يا عصام .. اذهب أنت ولا تنس نصيبي من العشاء .. فأنا لا مال معي بعد ...
أما أنا : فسأذهب للأستاذ شكري كما طلب مني ظهرا ً... هل نسيت ؟؟..
# آآآآآآآه .. معك حق .. لقد نسيت أنه كان يريد محادثتك على انفراد الليلة ...
>> هل تعلم ماذا يكون السبب يا عصام ؟؟..
# لو صدق ظني .. فسوف يعطيك مالا لتنفق به على نفسك إلى نهاية الشهر ...
>> أووووووه !!.. أقصد : ما شاء الله ...!
# طبعا يا أستاذ حامد .. الأستاذ شكري قد ورث عن والده الكرم والمروءة والأخلاق ..
أظن أنكما ستتوافقان مع بعضكما البعض جدا مع الأيام ..
فهو متدين جدا مثلك ...
>> مثلي ؟؟..
# نعم مثلك .. فأنت لم تضيع صلاة واحدة اليوم في المسجد الصغير حتى في وقت العمل ..
اللهم إلا صلاة الفجر بالطبع .. وهذه أظن أنك كنت مرهقا جدا من أن تستيقظ لها ..
ولقد كنت أتمنى أن توقظني لها .. لقد كنت أرجو هذا صراحة من الله عز وجل ..
أن يجعل لي مَن يأخذ بيدي للصلاح وإلى الجنة .. فأرسلك إليّ ...
ولكن لولا العم صلاح أخبرني أنك لم تستيقظ لصلاة الفجر : ما كنت لأعرف ..
فلي سنوات للأسف لم أواظب عليها بالكلية .. سامحني الله ...
>> بالكلية ؟؟!!.. سامحك الله بالفعل يا عصام !!!!.. وماذا يفعل الذين لا يصلونها أصلا ؟!
ممممم .. لقد تأخرت ... لا أحب أن أبدأ لقائي مع الأستاذ شكري بتأخير ... هل تريد شيء ؟
# سؤال واحد فقط يا أستاذ حامد إذا سمحت .. ومعذرة على التطفل والفضول ...
>> تفضل يا عصام تفضل .. أنت دونا عن كل الناس تسألني ما تشاء وأنا أجيبك إن شاء الله ...
# بالأمس عندما طلبت مني أن أجد لك مكانا تنام فيه ولكن بشرط : أن يكون معك أحد في الغرفة :
فقد بررت لي ذلك بأنك تخاف من النوم وحدك !!!.. ولكن اعذرني يا أستاذ حامد :
فقد ظننت أن المتدينين لا يخافون لأنهم يشعرون أن الله معهم دوما ...
ثم أنت لا تبدو لي من معاملتك إلى اللحظة أنك من هذا النوع الذي يخاف من أن يكون بمفرده !!..
>> ممممم .. الحقيقة يا عصام ...... الحقيقة ....
نعم .. أنا لا أخاف ولم أخف في حياتي من النوم وحيدا ....
ولكني في هذه الأيام قد فقدت شخصا عزيزا عليّ بالفعل .. شخص : قد لازمته لسنوات في حياتي ....
وصراحة ً: لم أستطع النوم منفردا من ساعتها وإلى الآن : إلا أن أكون قلقا طوال الليل أفكر !
بل ومع التفكير : خوف ٌمن أن يظهر لي في المنام !!.. رغم أني لا أؤمن بهذه الأشياء !!..
# لا تؤمن بماذا ؟؟..
>> هه ؟؟!!.. لا شيء لا شيء .. المهم أن هذا كان السبب فعلا ... ولذلك :
فالأمس فقط هو أول ليلة نمتها كاملة ً بالفعل منذ أيام دون أية معاناة ... والشكر لك يا صديقي ....
# بل الشكر لله يا أستاذ حامد .. على العموم سأتركك الآن حتى لا تتأخر .. بالتوفيق ..
------------
(6)
>< وهل تتوقع مني أن أصدق قصتك يا حامد ؟؟.. هناك تفاصيل لا أستسيغ تركك لها ...
ولا أظن أن شخصا مثلك وبما لمسته منك من تعليم وثقافة : يكون بلا بطاقة لهذه الأسباب !!..
صدقني يا حامد .. رغم عمرنا المتقارب : إلا أنه يمكنك أن تعتبرني ذا خبرة كبيرة في حياة البشر !
والدي رحمه الله كان يصحبني معه في سفراته وتجاراته وفي المحل منذ صغري ..
حتى بت أقرأ الكثير من حقائق الناس بالنظر فقط في أعينهم ...
الغش والأمانة .. الكذب والصدق ..
>> وماذا رأيت في عيني يا أستاذ شكري ؟؟..
>< ممممم .. رأيت في عينيك أنك تمثل الظهور بمظهر مغاير لحقيقتك !!!.. صواب ؟؟؟..
>> ................................. صواب ...!
وهل رأيت شيئا آخرا ؟؟؟..
>< ممم .......... رأيت أنك هارب من شيء ما .. إما جريمة رسمية .. وإما مأساة تسببت أنت فيها !
صواب ؟؟؟..
>> .............................. همف همف ... صواب ...!
>< بكاؤك يعني أنك هارب من مأساة بالفعل ....
على العموم يا حامد – إن كان هذا اسمك - : يمكنك أن تفتح قلبك لي ...
نعم أنا لست كبيرا في السن بالصورة التي تؤهلني لذلك ولكن :
ثق تماما أني لدي من الخبرة ما يؤهلني لمساعدتك بالنصيحة والمشورة إن شاء الله ..
فلست أنت وحدك المتعلم والمثقف هنا ...
يمكنك فعل ذلك الآن إذا أردت .. أو يمكنك تأجيله لأي وقت آخر تجد فيه الرغبة في الكلام ..
>> لا يا أستاذ شكري .. بل سأفعل الآن ... ولكن ..
عاهدني أن لا تنصدم كثيرا مما ستسمعه للأسف .....
>< لا عليك .. هات ما عندك ...
-------------
(7)
>< ملحد !!!!..
بالفعل : لم أكن أتصور أن تقول هذه الكلمة قط فيما ستحكيه لي !!!!..
أما مأساتك مع زوجتك الخائنة وأخيك الذي مات بسببك : فهذه قضاءات من الله تعالى وقدره :
وقد انقضت ووقعت بالفعل .. وكن على يقين أنك لن تملك إرجاعها أبدا من جديد أو إصلاحها ...
وأما مسألة الإلحاد هذه : فهذه هي التي تملكها .. وهذه هي المصيبة الكبرى والطامة العظمى !!!!..
ملحد ؟؟!!!..
هذا وعصام المسكين يظنك متدينا وملتزما : وأنك مَن أرسله الله إليه ليأخذ بيده إلى الجنة ؟!!!..
هههههههه .... حقا ... صار كل مَن يراه الناس يقرأ في المصحف أو يصلي في المسجد : متدينا وملتزما !!
>> أعتذر أني فجعتك بحكايتي يا أستاذ شكري .. ولكن هذه هي قصتي صدقني ...
>< أصدقك يا حامد ... ودعني أدعوك بحامد فعلا : لعلها تكون بداية خير جديدة لك ..
بل بداية حياة بعدما كنت قاب قوسين أو أدنى من الانتحار ....!
>> وتعليقك ؟؟؟..
>< الذي في عقلي الآن تعليقين .. واعذرني لأني أصير مشوش الذهن في نهاية الليل ..
التعليق الأول :
هو ورغم أني لست عالم دين ولا ذرة :
إلا أني لا أعرف صراحة ً : كيف يستسيغ إنسان عاقل إنكار وجود الله تعالى بالكلية !!!..
فالأمر إما صدفة : وإما إله حكيم مريد فعال قادر خبير مبدع وخالق !!!..
وما نراه في أجسامنا وفي كل ما حولنا لا يمكن أن يكون صدفة أبدا !!!!...
إذا ً- وعن يقين – وبكل بساطة وبعيدا عن التفاصيل : يوجد إله خالق عز وجل ...!!
هذه هي الحقيقة الأساسية في العقل والبداهة والفطرة لو تعرف !!!..
أما كل ما قد يطرأ بعد ذلك من شكوك وشبهات :
فهو لا يرقى أبدا لدرجة اليقين مثل هذه الحقيقة الأولى !!!.. أبدا !!!!!..
وإنما غاية ما فيها : هو أن يُقال عنها أنها أشياء : لم يُعلم الإجابة عنها بعد !!..
أو : لها حكمة ولكنها : تخفى على عقولنا القاصرة !!..
وليس أدل على ذلك من أن بعض الناس يكتشف هذه الحكم بالفعل مع التفكر والتدبر ..
فعن نفسي : لا أعلم أسئلة لم يستطع العلماء الإجابة عليها لصالح الدين !!.. سواء علماء الشرع أو غيرهم ..
هذا كل ما في الأمر ...
ومعلوم أن العاقل لا يترك اليقين من أجل الشك أبدا !!!!...
فكيف تترك يا حامد يقين إيمانك بوجود الله عز وجل : بسبب شكوكك التي يكون مصدرها هو قصورك أنت ؟!!..
غريب !!!..
>> هذه سوف أجيبك عليها يا أستاذ شكري .. ولكن : وما هو تعليقك الثاني ؟؟..
>< تعليقي الثاني :
هو أنك ملحد نص نص !!!.. أي أنك : إلى الربوبي أقرب منك إلى الإلحاد ....
ورغم أني لست متمكنا من هذه المسائل ولم أقرأ فيها كثيرا :
إلا أنك ربوبي ومهما قلت غير ذلك !!!..
بل أنت متذبذب للأسف وذو نفسية متذبذبة بسبب مخاصمتك لفطرتك ودينك !!..
>> وما الذي جعلك متأكدا من هذه المسألة هكذا يا أستاذ شكري ؟؟..
>< النغائص يا حامد .. النغائص ..!!
نغائص الإيمان .. ونغائص الكفر ...!
>> لم أفهم شيئا !!.. ماذا تعني بالنغائص هنا ؟؟...
>< بسيطة يا حامد ..
نغائص الإيمان : هي أن يقع منك من التصرفات أو الأقوال والأفعال ما يناقض إيمانك بينك وبين نفسك !
أن تكذب .. أو تخون .. تسرق .. تظلم .. تقتل بغير حق .. تزني ..... إلخ ..
هذه هي نغائص الإيمان ...
وأما نغائص الكفر والإلحاد : فهو عندما يقع منك من التصرفات أو الأقوال أو الأفعال :
ما يناقض هذا الإلحاده وماديته وإنكار الخالق !!!!..
مثل أن تكون صادقا ًوتخسر ماديا ً!!.. أمينا ً!!.. عفيفا ً!!.. مخلصا ً!!.. مؤثرا لغيرك على نفسك !!.. وهكذا ..
فهنا : وكما تجد المؤمن الحقيقي المحب لله وللإيمان : يكره هذه التغائص ويتمنى أن لم تكن :
فكذلك الملحد الحق : أي الذي يهوى الإلحاد ويريده بالفعل والعياذ بالله :
تجده يتضايق إذا وقعت منه تلك النغائص الإلحادية التي تناقض ماديته المفترض أن يكون عليها !!!!..
وإذا وقع منه بعضها في بعض المواقف : سيلوم نفسه ويتضايق لأنه من المفترض لا يؤمن بإله ولا حساب !
وهذا ما لم ألاحظه في كلامك عن إلحادك يا حامد !!!..
بل شعرت أنك كنت (تدفع) نفسك دفعا لـ (تعيش) حياة الإلحاد بلوازمها وماديتها البغيضة :
ولكنك لم تستطع .. فشلت !!.. فشلت من خارجك !!.. وفشلت من داخلك أيضا !!..
فهل أنا على صواب ؟؟؟..
المؤمن : يسعد إذا ذكرته بلوازم إيمانه : وأنه لم يكن من المفترض أن يقع منه الشر ونغائص الإيمان ..
وكذلك الملحد الحق أيضا : يسعد إذا ذكرته بلوازم إلحاده : وأنه لم يكن من المفترض أن يقع منه خير لغيره !
فهل أنت كذلك يا أستاذ حامد ؟؟..
الإجابة عندك أنت وحدك : لتخبرني بها الآن ...
--------------
يُـتبع إن شاء الله ...
بقلم أبو حب الله ..
----
" التفكير في الموت : أعاد لي صوابي " !!..
---------
(1)
>> ضائع ٌ أنا ......................
وجائع !!..
إما أن أحزم أمري وأرمي نفسي الآن أمام أقرب سيارة لينتهي كل شيء :
وإما أن أبحث لي عن عشاء لبطني الخاوية منذ الصباح !!..
لأكثر من 12 ساعة وأنا أتردد بين حسم أمري للموت .. أو للحياة !!..
هل هو الخوف الداخلي بالفعل من الله تعالى أن يحاسبني على كفري به وما اقترفته من بلايا ؟!
أن يحاسبني على الانتحار ؟؟...
أم هو الخوف من ألم الموت نفسه ؟؟!!..
لا بد أن أعترف أني ...................................جبااااااااااان !!!..
ماذا لو لم أمت في التو واللحظة وبدلا من ذلك : تألمت وتعرضت للإصابة فقط ؟!!..
مشكلة وورطة بالفعل لو وقع ذلك !!..
أتذكر صديقا لي في كلية الصيدلة أخذته الشفقة بالضفدع المسكين في قسم التشريح العملي !
فلا هو الذي قتله بالمشرط !!.. ولا هو الذي تركه ليعيش سليما !!!..
وإنما دفعته الشفقة ليتركه بعدما قطع نصف رقبته بالفعل بالمشرط !!!..
يا لها من شفقة أتت في الوقت الغير مناسب !!!..
نسيت أن أسأل صاحبي وقت أن حكى لي ذلك : وماذا فعل الضفدع ؟!!!..
مممم .. يبدو سؤالا غبيا ً!!!.. ولكن ... ما الذي جعلني أتذكر كل ذلك الآن ؟!!..
مشكلة حقيقة ً لو وقع لي نفس ما وقع للضفدع !!!..
برررررر .. أظن هذه القشعريرة التي جرت في أوصالي ستمنعني من قتل نفسي الآن !
أكاد لا أتخيل أني لن أرى هذا العالم مرة أخرى .. الصبح .. الشمس .. الليل .. الناس .. الحياة !
هي صدمة واحدة .. لحظة واحدة .. ثم سيذهب كل شيء !!!..
ولكن .. ماذا سأفعل الآن إن جبنت عن قتل نفسي ؟؟.. وكيف ومن أين سأأكل :
وأنا الذي نسيت حتى أخذ حافظة نقودي وقت هروبي من البيت والأهل ؟!!..
لابد أن أعصر عقلي الآن من التفكير حتى لا أسرق أو ....... أتسول !!..
ربما داخل هذا السوبر ماركت الكبير هناك ستنحل عقدتي !!!..
------------
(2)
>> السلام عليكم ..
# وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. ماذا تطلب يا أستاذ ؟؟.. بسكويت أم فينو أم كرواسو ؟
>> ممممممم .. لا .. لم آت لأشتري .. ولكني أود سؤالك سؤالا واحدا فقط إذا سمحت ...
# تفضل .. ولكن أي سؤال فني : سأنادي لك أحد الخبازين لأني مختص فقط بالميزان والحساب ..
>> لا لا لا .. ليس سؤالا فنيا .. وإنما .............. قل لي إذا سمحت :
ماذا تفعلون ببقايا المخبوزات هذه هناك والتي لم تبع ؟؟.. ذلك الفينو والبسكويت والكرواسو ؟؟..
أظنهم - ومن ملمسهم المتيبس - لهم أكثر من يوم على الأرجح لم يشتريهم أحد ؟؟.. صواب ؟..
# نعم .. صواب .. ولكن ........... هل لديك أنت مشكلة في هذا ؟؟!!!..
>> لا ليس لدي مشكلة ولكن ....
أردت فقط أن أخبرك إذا كنتم ستقومون بالتخلص منهم أو بعضهم : فأنا أريدهم !!!..
لي يوم تقريبا لم أضع شيئا في بطني والله يا أخي ... أرجوك ..................
# ......................... ( !!! )
>> أعرف أعرف .. لا تنظر لي ولا لنظافة سترتي !!.. يمكنك أن تقول أني تعرضت لموقف ما ..!
موقف صعب .....
# انظر يا أستاذ ... صراحة ً : أنا لا أصدقك 100 % !!..
قد تكون متسولا بموضة جديدة !!.. أو قد يكون صاحب السوبر ماركت قد أرسلك لتختبرني !!..
أو قد تكون شيئا آخرا لا أعرفه ..! ولكن الخلاصة : يمكنك أن تجرب ما تريده في محل آخر !!..
فأنا لدي مشاكلي هنا بالفعل : في الحسابات وفي المعاملة وفي أشياء أخرى ..!!
سامحني يا أستاذ إن كنت قد صدقت معي .. أو : مت غيظا إن كنت تكذب عليّ ...!
وأرجوك الآن أن تتنحى جانبا : وحتى أمارس عملي مع الزبائن القادمين هناك .. تفضل ..
...........................
..........................................
# ماذا من جديد ؟؟!!.. صدقني يا أستاذ : سأبدأ في الشك فيك ..
وذلك لأنه هناك احتمال ثالث لم أذكره لك حياء ً.. والآن سأقوله لك ولا بد .. وهو أنك :
قد تكون لصا !!!.. نعم .. والآن .. هل ما زلت تغامر بالوقوف والحديث معي هنا ؟؟..
أتعجب أنك تفعل ذلك : وأنت ترى كاميرا المراقبة هناك ؟؟.. أم لعلك لم تلاحظها ؟!!..
>> لقد رأيتها يا أخي رأيتها (( وهذه هي المشكلة )) ...!
# ماذا قلت ؟؟.. لم أسمعك ؟؟..
>> لا عليك .. لا عليك .. انظر يا أخي .. جئت لأستأذنك في شيء للمرة الأخيرة :
فلا تردني خائبا ً أرجوك .. اعمل عمل خير تلقاه أمام الله يوم الحساب ...!!
# وما هو ذلك الشيء الذي جئت لتستأذنني فيه هذه المرة ؟؟.. عجيب !!..
>> سأخبرك بكل صراحة عما أنوي فعله ...
سوف أمثل أني أشاهد هذه المخبوزات هناك وأعاينها .. ثم سآكل منها واحدة أو اثنتين فقط ..
أو حتى ثلاث !.. وأعدك أن كل ذلك سيكون من هذه المخبوزات التي مضى عليها أكثر من يوم ..
ثم سآتي إليك منها بكيس وكأني سأشتريه .. ولكن عندما أتيك :
سأمثل أني فوجئت أنه ليس معي نقود .. ثم سأترك الكيس عندك وسأمضي لحالي ....
اتفقنا يا أخي ؟؟.. هل لديك أي اعتراض أو ضرر ؟؟.. هي مخبوزات بائتة على أي حال ..
أرجوك ......
# يبدو أن الأمر حقيقي !!.. شخص مثلك وفي ملابسك تلك ويقول مثل هذا الكلام والدمع في عينيه !
اذهب يا أستاذ ... اذهب ولا تدع أحدا ًينتبه لما تفعل ..... سبحان الله العظيم !!..
...............................
..............................................
>> بكم هذا الكيس إذا سمحت ؟؟؟..
# بخمسة جنيهات ..
>> هاه !!.. خمسة جنيهات ؟!!.. هذا بائت ..!! لا بأس .. سأشتريه ......
ممممم .. يبدو أني نسيت حافظة نقودي في البيت .. حسنا .. دع الكيس عندك حتى آتيك بنقودي ..
السلام عليكم ... وجزاك الله خيرا كثيرا .. شكرا ... بل لا أعرف كيف أشكرك !!..
# أستاذ .. أستاذ .. خذ الكيس معك .. وعندما تملك النقود : ائتني بها ....
>> هه ؟!!.. لا لا .. شكرا ..!! (( لم نتفق على هذا ! )) ... أقصد .. ربما تعرضت للمشاكل ..
ومن أين لي بخمسة جنيهات الآن حتى آتيك بها !!..
# ليس بالضرورة الليلة .. ولا حتى غدا ً.. ارجع وقت أن تكون معك ... بالتوفيق ..
>> حسنا حسنا .. كم أنت كريم يا رب !!.. عيني كانت متعلقة بالكيس وتكاد أن تنخلع عليه !
شكرا لك .. شكرا لك .........!
--------------
(3)
>> الحمد لله .. نلت أكثر مما كنت أتمنى !!.. كيسا بأكمله !!!..
يا لعجيب القدر !!!.. صار كيس ٌمن المخبوزات البائتة : هو غاية أمنياتي في ليلة من الليالي ؟!!!..
أي حال هذا الذي صرت إليه ؟؟!!..
ماذا فعلت بنفسي ؟؟..
أرى أن أحسم أمري سريعا .. فإما الموت وأنا على هذا الضياع : وإما العيش كريما !!!..
لم أعتد على العيش فقيرا هكذا أبدا !!!.. أبدا !!!!..
ولكن للأسف ... ما زالت صورة الضفدع ماثلة في خيالي مما حكاه صديقي لي !!!..
ماذا لو لم أمت سريعا تحت عجلات السيارة ؟؟..
هل أفكر في السفر إلى الإسكندرية مثلا ؟؟.. أرى أن الغرق في البحر أسرع وألطف ..!!
دقيقتان أو ثلاث من الاختناق كافيين وخصوصا وأني لا أستطيع السباحة ...! ولكن ...............
كيف سأسافر من غير نقود ؟؟... بل :
ماذا لو صادف حظي العاثر أن تواجدت سمكة مفترسة أو متوحشة أو كبيرة هناك :
وفي البقعة تماما التي سأقفز فيها ؟!!..
أعلم أنها صدفة بعيدة الوقوع ومُبالغ في قدراتها ووقتها ومكانها ولكن ... ماذا لو وقعت بالفعل ؟..
فهذه هي (بعض) إمكانيات الصدفة التي آمنت بها لطيلة سنوات ٍمن حياتي ..! ماذا لو تحققت أخيرا ؟!
والمشكلة أنها حياة واحدة فقط لأفقدها .. وبالتأكيد لحظة الموت ونهاية هذه الحياة فيها هي لحظة فريدة !
فماذا لو قابل هذه اللحظة الفريدة : سمكة فريدة أيضا في نفس الموضع الذي سألقي فيه نفسي !
برررررر !!.. فكرة الانتحار فكرة سمجة بالفعل ومخيفة ...!
لماذا لا يكون الأمر أسهل من ذلك ؟.. ضغطة ماوس مثلا أو أحد الأزرار على لوحة المفاتيح ؟!!..
أنا على يقين أني سأقضي أحلامي الليلة بين عجلات السيارات حيا !!.. أو ممضوغا بين أسنان قرش !
أو الأدهى والأمر أن هذا سيكون مصيري (الأبدي) في النار إذا حاسبني الله عليه بالفعل !!!..
كل الطرق سوداوية للأسف !!!..
ولكن ... فلأدع كل ذلك جانبا لأستمتع ولو قليلا بهذه الوجبة التي لم تخطر على بالي قط !
# يا أستاذ .. يا أستاذ ...
>> ؟؟؟!!!..
حسنا يا أخي .. يؤسفني أن أقول لك أنه فات وقت التراجع عن الصدقة ..!!
فلقد أكلت نصف الكيس بالفعل !!!..
# الحمد لله أني أدركتك قبل أن تأكل النصف الثاني ...
>> هه ؟!!.. هل أنت جاد في استردادك لصدقتك ؟؟!!.. لقد كنت أمزح ؟؟؟..
ألا تعلم أن العائد في صدقته : هو كالوالغ في قيئه أو شيء بهذا المعنى : لا أتذكر !!
# لا لا .. لقد فهمتني خطأ وظننت بي سوءا !!!..
خذ هذه القطعة من الجُبن .. أعتقد أن الطعم سيكون بها أفضل .. أليس كذلك ؟
>> آها !!.. لماذا لم تقل هذا من أول مرة .. بل : لماذا تأخرت للآن يا رجل !!!..
على العموم هي لافتة طيبة منك .. جزاك الله خيرا ....
# بالهناء والشفاء يا أستاذ ... صراحة ً.. كلامك وأخلاقك وتدينك قد أثروا فيّ كثيرا !!..
والحمد لله أن صح توقعي ووجدتك هنا على الرصيف لم تبتعد ...
فقد صح ظني أنه ليس لديك مأوى أيضا ربما .. صواب ؟؟..
>> مممم .. نعم .. صواب .. ولكن أسألك أولا : عن أي أخلاق وتدين تتحدث ؟؟!!..
# انظر يا أستاذ ... هذا الشخص الذي أمامك :
كنت أحيانا كثيرة أختلس من طعام قسم المخبوزات للأسف : ودون أن أستأذن من أحد !
وذلك : رغم أن صاحب السوبر ماركت أو المحل نفسه قد أخبرنا بأنه علينا الاستئذان أولا :
وأنه لن يمانع أبدا طالما كنا نتناول منه بالحد المعقول ..
ولكني كنت أخون الأمانة للأسف .. وكثيرا ما أكلت من المخبوزات بغير علمه بل وبغير جوع !
والليلة :
تأتيني أنت لتعلمني هذا الدرس الكبير القاسي : وأنت جائع !!.. بل : وفي غاية الجوع : فتستأذن !!!!..
صدقني يا أستاذ : لقد بكيت فجأة بعدما غادرت أنت المحل عندما تفكرت في حالي وحالك وقارنت بينهما !
فقررت ساعتها أن أتيك بهذه القطعة الجبن .. ولا تخف .. هي على حسابي ...
>> عجيب !!!.. أنت تتعلم مني !!..
(( وماذا لو علمت أني لم أكن لأفعل ما فعلت لولا وجود كاميرات المراقبة !! ))
# صدقني يا أستاذ .. أنت أعطيتني درسا بأن الإنسان المحترم : يبقى محترما مهما تغيرت به الظروف !
أنت إنسان محترم .. وبقيت كذلك رغم ظروفك .. أما أنا فلقد كنت محترما .. ولكني تغيرت كثيرا للأسف !
كلما امتحنني الله تعالى ببعض الظروف : فضحني أمام نفسي أكثر وأظهر لي حقيقة ضعفي أمام عيني !
>> لو صح كلامك أخي : فأنا وأنت الآن مدينان باعتذار لصاحب السوبر ماركت !!!..
أنت لأخذك منه بغير استئذان .. وأنا لأني استأذنت من الإنسان الخطأ !!.. لأنك لست مالكه !
# أعدك يا أستاذ أعدك .. غدا صباحا سوف أعتذر لصاحب المحل : وسأعتذر لك أيضا ..
سأخبره بكل شيء .. وسأخبره بالذي حدث ...
بل وسأخبره بحالك أيضا والضيقة التي تمر بها : فربما جعلك تعمل وتبيت معنا !!!..
ما رأيك ؟؟؟..
>> هل أنت جاد أنه يمكنه أن يعطيني عملا ومكانا لأبيت فيه ؟؟؟..
# نعم نعم .. إن شاء الله .. فهو لا يحب في هذه الدنيا مثل الإنسان الأمين ....
يمكن أن يعطيك وظيفة محاسب في المحل أو أحد فروعه طالما شكلك متعلم ومثقف ..
بالتأكيد ستكون أفضل مني .. فأنا بالكاد تخرجت من الإعدادية .. وهذه السنة الثانية لي بعد الجيش ..
>> أدعو الله أن يكتب لي الخير على يديك ... صدقني : لا أعرف كيف أشكرك هذه الليلة ..
# بالمناسبة يا أستاذ .. ما اسمك ؟؟..
>> اسمي حا...... .. حا........
# حا....... ماذا ؟؟.. هل نسيت من الجوع ؟!!.. حامد ؟؟..
>> نعم .. نعم .. يمكنك أن تناديني حامد ... وأنت .. ما اسمك ؟؟..
# عصام السيد .. اسمي عصام يا أستاذ حامد .. ولعلها تكون معرفة خير إن شاء الله ..
أرجوك أن تبيت معنا الليلة في الغرفة لنتعلم منك الأدب والدين : بدلا من الفساد الذي نعيشه !
--------------
(4)
>< حسنا يا أستاذ حامد .. ستستلم عملك في المخازن من بعد العصر إن شاء الله ..
سوف أختبرك بنفسي لمدة يومين حتى أتأكد من مهارتك في التخزين والتدوين والحساب ..
وأما من ناحية الأمانة : فيكفيني الموقف الذي حكاه لي عصام .. ولكن رجاء :
أن تأتيني ببطاقتك الشخصية في أقرب وقت حتى أقوم بتسجيلك معنا :
وحتى لا نتعرض نحن ولا أنت للمساءلة إذا وقع أي تفتيش .. أنا لا أحب المخالفات أبدا !
ولولا الضيقة الشديدة التي تمر بها كما يقول عصام : ما أبقيتك معنا هنا إلا ببطاقتك الشخصية ..
ولكن خيرا إن شاء الله .. فمفتش التموين يعرفني معرفة خاصة .. ولن يشك فيك وأنت معنا ..
# شكرا يا أستاذ شكري شكرا .. والله نعم الابن أنت للحاج إبراهيم رحمه الله ...
>< رحمه الله ...
>> وأنا أشكرك أيضا يا أستاذ شكري .. وسعيد أن عمرك قريب من عمري ..
لقد ظننت لوهلة أن صاحب هذا السوبر ماركت هو بالضرورة رجل كبير في السن ..
# هو كان كذلك كما أخبرتك يا أستاذ حامد : وإلى أن توفاه الله ..
والخير والبركة الآن في ابنه الأستاذ شكري .. هو خريج تجارة حسابات ..
>> تقصد تجارة قسم محاسبة ...
>< نعم يا أستاذ حامد .. ودعني أناديك حامد بغير ألقاب .. والآن :
سوف يقوم عصام بتجهيز سرير وخزانة ملابس خاصين بك في الغرفة أعلى السوبر ماركت ..
وأعتذر إن كنت نمت بالأمس على الأرض .. فلم أكن أعلم بأمرك إلا صباح اليوم باكرا ..
>> على الأرض !!!.. لقد رفض عصام رفضا تاما أن ينام هو على سريره وأنام أنا على الأرض !!
وهذا موقف آخر لن أنساه له ما حييت ...
# لا تهتم يا أستاذ حامد لا تهتم .. فلقد تعودت على ذلك منذ زمان بعيد ...
لا تنس أني كنت في الجيش منذ عامين .. ولا تنس أني سأتزوج قريبا وسأنام على الأرض أيضا !
>< ههههههه .. عصام اتفق مع عمه أن يتزوج ابنته : حالما يوفر شقة تمليك : وهذا هو شرطهم الوحيد :
حتى ولو ناما على الأرض !!.. ويبدو أن عصام قد استمسك (حرفيا) باتفاقه مع عمه !!!..
فباع أرضه .. وبقي له جزء يسير ليُحصل ثمن الشقة التمليك ... ثم ..........
ثم ينام على الأرض .........
>> هههههه ...
>< بالمناسبة يا أستاذ حامد .. أريد أن أتحدث معك على انفراد بعد انتهاء ورديتك مساء الليلة ..
>> إن شاء الله بالطبع ...
------------
(5)
# هه يا أستاذ حامد .. هل سترافقني للشقة ؟؟..
>> لا يا عصام .. اذهب أنت ولا تنس نصيبي من العشاء .. فأنا لا مال معي بعد ...
أما أنا : فسأذهب للأستاذ شكري كما طلب مني ظهرا ً... هل نسيت ؟؟..
# آآآآآآآه .. معك حق .. لقد نسيت أنه كان يريد محادثتك على انفراد الليلة ...
>> هل تعلم ماذا يكون السبب يا عصام ؟؟..
# لو صدق ظني .. فسوف يعطيك مالا لتنفق به على نفسك إلى نهاية الشهر ...
>> أووووووه !!.. أقصد : ما شاء الله ...!
# طبعا يا أستاذ حامد .. الأستاذ شكري قد ورث عن والده الكرم والمروءة والأخلاق ..
أظن أنكما ستتوافقان مع بعضكما البعض جدا مع الأيام ..
فهو متدين جدا مثلك ...
>> مثلي ؟؟..
# نعم مثلك .. فأنت لم تضيع صلاة واحدة اليوم في المسجد الصغير حتى في وقت العمل ..
اللهم إلا صلاة الفجر بالطبع .. وهذه أظن أنك كنت مرهقا جدا من أن تستيقظ لها ..
ولقد كنت أتمنى أن توقظني لها .. لقد كنت أرجو هذا صراحة من الله عز وجل ..
أن يجعل لي مَن يأخذ بيدي للصلاح وإلى الجنة .. فأرسلك إليّ ...
ولكن لولا العم صلاح أخبرني أنك لم تستيقظ لصلاة الفجر : ما كنت لأعرف ..
فلي سنوات للأسف لم أواظب عليها بالكلية .. سامحني الله ...
>> بالكلية ؟؟!!.. سامحك الله بالفعل يا عصام !!!!.. وماذا يفعل الذين لا يصلونها أصلا ؟!
ممممم .. لقد تأخرت ... لا أحب أن أبدأ لقائي مع الأستاذ شكري بتأخير ... هل تريد شيء ؟
# سؤال واحد فقط يا أستاذ حامد إذا سمحت .. ومعذرة على التطفل والفضول ...
>> تفضل يا عصام تفضل .. أنت دونا عن كل الناس تسألني ما تشاء وأنا أجيبك إن شاء الله ...
# بالأمس عندما طلبت مني أن أجد لك مكانا تنام فيه ولكن بشرط : أن يكون معك أحد في الغرفة :
فقد بررت لي ذلك بأنك تخاف من النوم وحدك !!!.. ولكن اعذرني يا أستاذ حامد :
فقد ظننت أن المتدينين لا يخافون لأنهم يشعرون أن الله معهم دوما ...
ثم أنت لا تبدو لي من معاملتك إلى اللحظة أنك من هذا النوع الذي يخاف من أن يكون بمفرده !!..
>> ممممم .. الحقيقة يا عصام ...... الحقيقة ....
نعم .. أنا لا أخاف ولم أخف في حياتي من النوم وحيدا ....
ولكني في هذه الأيام قد فقدت شخصا عزيزا عليّ بالفعل .. شخص : قد لازمته لسنوات في حياتي ....
وصراحة ً: لم أستطع النوم منفردا من ساعتها وإلى الآن : إلا أن أكون قلقا طوال الليل أفكر !
بل ومع التفكير : خوف ٌمن أن يظهر لي في المنام !!.. رغم أني لا أؤمن بهذه الأشياء !!..
# لا تؤمن بماذا ؟؟..
>> هه ؟؟!!.. لا شيء لا شيء .. المهم أن هذا كان السبب فعلا ... ولذلك :
فالأمس فقط هو أول ليلة نمتها كاملة ً بالفعل منذ أيام دون أية معاناة ... والشكر لك يا صديقي ....
# بل الشكر لله يا أستاذ حامد .. على العموم سأتركك الآن حتى لا تتأخر .. بالتوفيق ..
------------
(6)
>< وهل تتوقع مني أن أصدق قصتك يا حامد ؟؟.. هناك تفاصيل لا أستسيغ تركك لها ...
ولا أظن أن شخصا مثلك وبما لمسته منك من تعليم وثقافة : يكون بلا بطاقة لهذه الأسباب !!..
صدقني يا حامد .. رغم عمرنا المتقارب : إلا أنه يمكنك أن تعتبرني ذا خبرة كبيرة في حياة البشر !
والدي رحمه الله كان يصحبني معه في سفراته وتجاراته وفي المحل منذ صغري ..
حتى بت أقرأ الكثير من حقائق الناس بالنظر فقط في أعينهم ...
الغش والأمانة .. الكذب والصدق ..
>> وماذا رأيت في عيني يا أستاذ شكري ؟؟..
>< ممممم .. رأيت في عينيك أنك تمثل الظهور بمظهر مغاير لحقيقتك !!!.. صواب ؟؟؟..
>> ................................. صواب ...!
وهل رأيت شيئا آخرا ؟؟؟..
>< ممم .......... رأيت أنك هارب من شيء ما .. إما جريمة رسمية .. وإما مأساة تسببت أنت فيها !
صواب ؟؟؟..
>> .............................. همف همف ... صواب ...!
>< بكاؤك يعني أنك هارب من مأساة بالفعل ....
على العموم يا حامد – إن كان هذا اسمك - : يمكنك أن تفتح قلبك لي ...
نعم أنا لست كبيرا في السن بالصورة التي تؤهلني لذلك ولكن :
ثق تماما أني لدي من الخبرة ما يؤهلني لمساعدتك بالنصيحة والمشورة إن شاء الله ..
فلست أنت وحدك المتعلم والمثقف هنا ...
يمكنك فعل ذلك الآن إذا أردت .. أو يمكنك تأجيله لأي وقت آخر تجد فيه الرغبة في الكلام ..
>> لا يا أستاذ شكري .. بل سأفعل الآن ... ولكن ..
عاهدني أن لا تنصدم كثيرا مما ستسمعه للأسف .....
>< لا عليك .. هات ما عندك ...
-------------
(7)
>< ملحد !!!!..
بالفعل : لم أكن أتصور أن تقول هذه الكلمة قط فيما ستحكيه لي !!!!..
أما مأساتك مع زوجتك الخائنة وأخيك الذي مات بسببك : فهذه قضاءات من الله تعالى وقدره :
وقد انقضت ووقعت بالفعل .. وكن على يقين أنك لن تملك إرجاعها أبدا من جديد أو إصلاحها ...
وأما مسألة الإلحاد هذه : فهذه هي التي تملكها .. وهذه هي المصيبة الكبرى والطامة العظمى !!!!..
ملحد ؟؟!!!..
هذا وعصام المسكين يظنك متدينا وملتزما : وأنك مَن أرسله الله إليه ليأخذ بيده إلى الجنة ؟!!!..
هههههههه .... حقا ... صار كل مَن يراه الناس يقرأ في المصحف أو يصلي في المسجد : متدينا وملتزما !!
>> أعتذر أني فجعتك بحكايتي يا أستاذ شكري .. ولكن هذه هي قصتي صدقني ...
>< أصدقك يا حامد ... ودعني أدعوك بحامد فعلا : لعلها تكون بداية خير جديدة لك ..
بل بداية حياة بعدما كنت قاب قوسين أو أدنى من الانتحار ....!
>> وتعليقك ؟؟؟..
>< الذي في عقلي الآن تعليقين .. واعذرني لأني أصير مشوش الذهن في نهاية الليل ..
التعليق الأول :
هو ورغم أني لست عالم دين ولا ذرة :
إلا أني لا أعرف صراحة ً : كيف يستسيغ إنسان عاقل إنكار وجود الله تعالى بالكلية !!!..
فالأمر إما صدفة : وإما إله حكيم مريد فعال قادر خبير مبدع وخالق !!!..
وما نراه في أجسامنا وفي كل ما حولنا لا يمكن أن يكون صدفة أبدا !!!!...
إذا ً- وعن يقين – وبكل بساطة وبعيدا عن التفاصيل : يوجد إله خالق عز وجل ...!!
هذه هي الحقيقة الأساسية في العقل والبداهة والفطرة لو تعرف !!!..
أما كل ما قد يطرأ بعد ذلك من شكوك وشبهات :
فهو لا يرقى أبدا لدرجة اليقين مثل هذه الحقيقة الأولى !!!.. أبدا !!!!!..
وإنما غاية ما فيها : هو أن يُقال عنها أنها أشياء : لم يُعلم الإجابة عنها بعد !!..
أو : لها حكمة ولكنها : تخفى على عقولنا القاصرة !!..
وليس أدل على ذلك من أن بعض الناس يكتشف هذه الحكم بالفعل مع التفكر والتدبر ..
فعن نفسي : لا أعلم أسئلة لم يستطع العلماء الإجابة عليها لصالح الدين !!.. سواء علماء الشرع أو غيرهم ..
هذا كل ما في الأمر ...
ومعلوم أن العاقل لا يترك اليقين من أجل الشك أبدا !!!!...
فكيف تترك يا حامد يقين إيمانك بوجود الله عز وجل : بسبب شكوكك التي يكون مصدرها هو قصورك أنت ؟!!..
غريب !!!..
>> هذه سوف أجيبك عليها يا أستاذ شكري .. ولكن : وما هو تعليقك الثاني ؟؟..
>< تعليقي الثاني :
هو أنك ملحد نص نص !!!.. أي أنك : إلى الربوبي أقرب منك إلى الإلحاد ....
ورغم أني لست متمكنا من هذه المسائل ولم أقرأ فيها كثيرا :
إلا أنك ربوبي ومهما قلت غير ذلك !!!..
بل أنت متذبذب للأسف وذو نفسية متذبذبة بسبب مخاصمتك لفطرتك ودينك !!..
>> وما الذي جعلك متأكدا من هذه المسألة هكذا يا أستاذ شكري ؟؟..
>< النغائص يا حامد .. النغائص ..!!
نغائص الإيمان .. ونغائص الكفر ...!
>> لم أفهم شيئا !!.. ماذا تعني بالنغائص هنا ؟؟...
>< بسيطة يا حامد ..
نغائص الإيمان : هي أن يقع منك من التصرفات أو الأقوال والأفعال ما يناقض إيمانك بينك وبين نفسك !
أن تكذب .. أو تخون .. تسرق .. تظلم .. تقتل بغير حق .. تزني ..... إلخ ..
هذه هي نغائص الإيمان ...
وأما نغائص الكفر والإلحاد : فهو عندما يقع منك من التصرفات أو الأقوال أو الأفعال :
ما يناقض هذا الإلحاده وماديته وإنكار الخالق !!!!..
مثل أن تكون صادقا ًوتخسر ماديا ً!!.. أمينا ً!!.. عفيفا ً!!.. مخلصا ً!!.. مؤثرا لغيرك على نفسك !!.. وهكذا ..
فهنا : وكما تجد المؤمن الحقيقي المحب لله وللإيمان : يكره هذه التغائص ويتمنى أن لم تكن :
فكذلك الملحد الحق : أي الذي يهوى الإلحاد ويريده بالفعل والعياذ بالله :
تجده يتضايق إذا وقعت منه تلك النغائص الإلحادية التي تناقض ماديته المفترض أن يكون عليها !!!!..
وإذا وقع منه بعضها في بعض المواقف : سيلوم نفسه ويتضايق لأنه من المفترض لا يؤمن بإله ولا حساب !
وهذا ما لم ألاحظه في كلامك عن إلحادك يا حامد !!!..
بل شعرت أنك كنت (تدفع) نفسك دفعا لـ (تعيش) حياة الإلحاد بلوازمها وماديتها البغيضة :
ولكنك لم تستطع .. فشلت !!.. فشلت من خارجك !!.. وفشلت من داخلك أيضا !!..
فهل أنا على صواب ؟؟؟..
المؤمن : يسعد إذا ذكرته بلوازم إيمانه : وأنه لم يكن من المفترض أن يقع منه الشر ونغائص الإيمان ..
وكذلك الملحد الحق أيضا : يسعد إذا ذكرته بلوازم إلحاده : وأنه لم يكن من المفترض أن يقع منه خير لغيره !
فهل أنت كذلك يا أستاذ حامد ؟؟..
الإجابة عندك أنت وحدك : لتخبرني بها الآن ...
--------------
يُـتبع إن شاء الله ...