د. هشام عزمي
04-30-2013, 11:38 PM
الأخلاق والقيم التي يتكلم عنها صاحب الموضوع - مثل الصدق والعدل - هي مبادئ مطلقة راسخة في الفطرة ، وتماثلها بين البشر دليلٌ على أن الله هو خالقها وخالق البشر ، لأنه لا يمكن تفسير وجودها وتماثلها بهذا الشكل إلا بأنها ذات مصدر واحد وبيد خالق واحد ..
لكن هذه المبادئ المطلقة في حال التطبيق وعلى أرض الواقع تكون مرتبطة بالعديد من المحددات والمقيدات والارتباطات تخرج بها من الحالة المطلقة إلى حالات متعددة جزئية تختلف في حكمها حسب ارتباطها بمبادئ النفعية والحاجة و الضرورة و غيرها من المقيدات الواقعية ، وتكون الارتباطات بينها على أرض الواقع مختلفة من حيث درجة التعقيد والبساطة ، حيث بعض المبادئ حسابات المصالح والمفاسد في ارتباطاتها تكون مباشرة يسهل إدراكها على عامة الناس ، لهذا تجد شبه إجماع عليها ، وبعضها الآخر ارتباطاتها دقيقة ومتشعبة مما يجعل التفريق بين الأحوال التي تكون مباحة فيها والأحوال التي تكون محرمة فيها متعذرة على أغلب العقول البشرية ..
لهذا تجد اختلافا شديدا بين الناس في تحديدها ما يفرض ضرورة الرجوع إلى حكمة أعلى و أكبر من الحكمة البشرية مدركة لتعقيدات المصالح والمفاسد في الوجود لتحكم فيما يختلف فيه الناس . ولهذا فلا تظنن أن من قرر إلقاء قنبلة هيروشيما مثلا لم يكونوا على دراية بالمنظومات القيمية والأخلاقية بل منهم من كان على تكوين عال من الناحية الحقوقية ، إلا أن حساباتهم لنفعية هذه الحقوق في الظروف الاستثنائية والموازنة بين مفسدة القتل الجماعي ومفسدة استمرار حرب كونية مع انعدام مرجع أعلى من ذواتهم أنفسهم في تحديد الحدود القيمية في جميع الظروف - وذواتهم هي طرف في الصراع نفسه - مما أدى إلى تيقنهم بمبدأ أن القوي هو من يصنع القيم والحقائق والأخلاق . كل هذا أدى لعدم ضبط معيار المعاملة بالمثل وأدى الى الكارثة المعروفة ..
وقد سمعت لونستون تشرشل في مجلس اللوردات أثناء الحرب يقول إننا في هذا الظرف لو استفتينا الناس الآن إن كان يجب علينا قذف مساكن المدنيين النازيين على نسائهم و أطفالهم كما يقصفونها على نسائنا وأطفالنا بالمثل لكانت النتيجة أغلبية ساحقة ، وبالفعل تم تهميش المعارضة القليلة في مجلس العموم البريطاني المنادية باحترام المواثيق الدولية في عدم التعرض للمدنيين . فهذا يدلك على أن القيم والمبادئ المطلقة عند تطبيقها تتشابك وتقيد بعضها بعضًا ، وتحديد تشابكاتها وتوافقها مع معيار الصواب والخطأ قد لا تستطيع إدراكه كبار العقول البشرية لدقتها ، وهي إشكالية معروفة عند من درس أصول القانون الدولي وفلسفته ، وهذا في القتل الذي هو أوضح من الرق والاستعباد ، وضرره أوضح ومفاسده أبين . ومع ذلك فالإسلام لم يبحه مطلقا إنما قيده بحالة المعاملة بالمثل إن استرقونا .. وهو أعلم بعباده ومصالحهم ، والله أعلم .
لكن هذه المبادئ المطلقة في حال التطبيق وعلى أرض الواقع تكون مرتبطة بالعديد من المحددات والمقيدات والارتباطات تخرج بها من الحالة المطلقة إلى حالات متعددة جزئية تختلف في حكمها حسب ارتباطها بمبادئ النفعية والحاجة و الضرورة و غيرها من المقيدات الواقعية ، وتكون الارتباطات بينها على أرض الواقع مختلفة من حيث درجة التعقيد والبساطة ، حيث بعض المبادئ حسابات المصالح والمفاسد في ارتباطاتها تكون مباشرة يسهل إدراكها على عامة الناس ، لهذا تجد شبه إجماع عليها ، وبعضها الآخر ارتباطاتها دقيقة ومتشعبة مما يجعل التفريق بين الأحوال التي تكون مباحة فيها والأحوال التي تكون محرمة فيها متعذرة على أغلب العقول البشرية ..
لهذا تجد اختلافا شديدا بين الناس في تحديدها ما يفرض ضرورة الرجوع إلى حكمة أعلى و أكبر من الحكمة البشرية مدركة لتعقيدات المصالح والمفاسد في الوجود لتحكم فيما يختلف فيه الناس . ولهذا فلا تظنن أن من قرر إلقاء قنبلة هيروشيما مثلا لم يكونوا على دراية بالمنظومات القيمية والأخلاقية بل منهم من كان على تكوين عال من الناحية الحقوقية ، إلا أن حساباتهم لنفعية هذه الحقوق في الظروف الاستثنائية والموازنة بين مفسدة القتل الجماعي ومفسدة استمرار حرب كونية مع انعدام مرجع أعلى من ذواتهم أنفسهم في تحديد الحدود القيمية في جميع الظروف - وذواتهم هي طرف في الصراع نفسه - مما أدى إلى تيقنهم بمبدأ أن القوي هو من يصنع القيم والحقائق والأخلاق . كل هذا أدى لعدم ضبط معيار المعاملة بالمثل وأدى الى الكارثة المعروفة ..
وقد سمعت لونستون تشرشل في مجلس اللوردات أثناء الحرب يقول إننا في هذا الظرف لو استفتينا الناس الآن إن كان يجب علينا قذف مساكن المدنيين النازيين على نسائهم و أطفالهم كما يقصفونها على نسائنا وأطفالنا بالمثل لكانت النتيجة أغلبية ساحقة ، وبالفعل تم تهميش المعارضة القليلة في مجلس العموم البريطاني المنادية باحترام المواثيق الدولية في عدم التعرض للمدنيين . فهذا يدلك على أن القيم والمبادئ المطلقة عند تطبيقها تتشابك وتقيد بعضها بعضًا ، وتحديد تشابكاتها وتوافقها مع معيار الصواب والخطأ قد لا تستطيع إدراكه كبار العقول البشرية لدقتها ، وهي إشكالية معروفة عند من درس أصول القانون الدولي وفلسفته ، وهذا في القتل الذي هو أوضح من الرق والاستعباد ، وضرره أوضح ومفاسده أبين . ومع ذلك فالإسلام لم يبحه مطلقا إنما قيده بحالة المعاملة بالمثل إن استرقونا .. وهو أعلم بعباده ومصالحهم ، والله أعلم .