المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام هو الدين الحق (4) - أصدق البشر حالا و مقالا



ابن سلامة القادري
05-10-2013, 10:28 PM
كان النبي أحسن الناس خَلْقاً وخُلُقاً،

وألينهم كفّاً،

وأطيبهم ريحاً،

وأكملهم عقلاً،

وأحسنهم عشرة،

وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية،

وأشجع الناس،

وأكرم الناس،

وأحسنهم قضاء،

وأسمحهم معاملة،

وأكثرهم اجتهاداً في طاعة ربه،

وأصبرهم وأقواهم تحمّلاً،

وأخشعهم لله قلباً،

وأرحمهم بعباد الله تعالى،

وأشدهم حياء،

ولا ينتقم لنفسه،

ولا يغضب لها؛ ولكنه إذا انتُهِكت حرمات الله، فإنه ينتقم لله تعالى، وإذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد،

والقوي والضعيف، والقريب والبعيد، والشريف وغيره عنده في الحق سواء،

وما عاب طعاماً قط إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه تركه، ويأكل من الطعام المباح ما تيسر ولا يتكلف في ذلك،

ويقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة،

ويخصف نعليه ويرقع ثوبه, ويخدم في مهنة أهله, ويحلِبُ شاته, ويخدِمُ نفسه،

وكان أشد الناس تواضعاً، ويجيب الداعي: من غني أو فقير، أو دنيء أو شريف، وكان يحب المساكين ويشهد جنائزهم ويعود مرضاهم، ولا يحقر فقيراً لفقره, ولا يهاب مَلِكاً لِـمُلْكِهِ, وكان يركب الفرس, والبعير, والحمار, والبغلة, ويردف خلفه, ولا يدع أحداً يمشي خلفه.

وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع، وقد آتاه الله مفاتيح خزائن الأرض، ولكنه اختار الآخرة.

وكان رسول الله ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق، ولا بالأدم، ولا بالجعد القطط، ولا بالسَّبط، وكان ضخم القدمين حسن الوجه، أبيض مليح الوجه، وكان رجلاً مربوعاً بعيد ما بين المنكبين، عظيم شعر الجُمَّة إلى شحمتي أذنيه، وفي وقت إلى منكبيه، وفي وقوتٍ إلى نصف أذنيه، كث اللحية، شثن الكفين والقدمين، ضخم الرأس، ضخم الكراديس، طويل الـمَسْربة، إذ مشى تكفّأ تكفؤاً كأنما ينحط من صببٍ، لم يُرَ قبله ولا بعده مثله، وكان عظيم الفم، طويل شِق العين، قليل لحم العقب، منظره أحسن من منظر القمر، وجهه مثل القمر، وخاتم النبوة بين كتفيه.*

هو أصدق من تكلم، كلامه حق وصدق وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادّا أو مازحا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله ونهى عنه، وقال:" إنّ الصدق يهدي الى البر، وإن البرّ يهدي الى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا.." الحديث أخرجه البخاري 6094 ومسلم 2607 عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

وأخبر ان المؤمن قد يبخل وقد يجبن، لكنه لا يكذب أبدا، وحذر من الكذب في المزاح لإضحاك القوم، فعاش عليه الصلاة والسلام والصدق حبيبه وصاحبه، ويكفيه صدقا صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الله بعلم الغيب، وائتمنه الله على الرسالة، فأداها للأمة كاملة تامة، لم ينقص حرفا ولم يزد حرفا، وبلّغ الأمانة عن ربه بأتمّ البلاغ، فكل قوله وعمله وحاله مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّه وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، وفتاويه وقصصه، وقوله ونقله، وروايته ودرايته، بل معصوم من أن يكذب، فالله مانعه وحاميه من هذا الخلق المشين، قد أقام لسانه وسدّد لفظه، وأصلح نطقه وقوّم حديثه، فهو الصادق المصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو الذي يقول:" ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين" أخرجه أبو داود 4359 والنسائي 4067، وذلك لما قال له أصحابه: ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟!

بل هو الذي جاء بالصدق من عند ربه، فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } الأحزاب8، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} التوبة، {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ (21) } محمد.

فهو صلى الله عليه وسلم صادق مع ربه، صادق مع نفسه، صادق مع الناس، صادق مع أهله، صادق مع أعدائه، فلو كان الصدق رجلاً لكان محمداً صلى الله عليه وسلم، وهل يُتعلم الصدق إلا منه بأبي هو وأمي ؟ وهل ينُقل الصدق إلا عنه بنفسي هو ؟ فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بالله بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله له بالإصطفاء والاجتباء والاختيار ؟! **

صلوات ربي و سلامه عليه و على آله و سائر صحابته



* مختارات من خطب لسعيد بن علي بن وهف
الأحاديث من صحيحي البخاري و مسلم و صحيح الشمائل المحمدية
( ) البائن: أي ليس بالطويل الطول الظاهر.
( ) الأمهق: أي ليس بالأبيض شديد البياض، وإنما أبيض مشرب بالحمرة.
( ) الأدم: الأسمر.
( ) القطط: الشعر فيه التواء وانقباض.
( ) السبط: الشعر المسترسل.
( ) عظيم الأصابع غليظها من الكفين والقدمين.
( ) الكراديس: رؤوس العظام.
( ) المَسرَبة: الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسرة.
( ) الصبب: انخفاض من الأرض.

** محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه
د. عائض بن عبدالله القرني