المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرق بين تجديد الدين ، وهدمه



أبو القـاسم
09-22-2012, 01:34 PM
في عصور الانحطاط الأخيرة يخرج علينا من رحم الانهزامية ، بين حين وآخر : من يأتي في دين الله تعالى بشيء جديد ثم يكسو الذي ابتدعه :شعار "التجديد" .وحسب الناقد البصير في الرد على دعاوى القوم ، تأمل يسير في حديث التجديد الذي هو نص في الباب : حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال : ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة مَن يجدد لها دينها ) ..أخرجه الإمام أبو داود
-قوله (مَن) ليس مقصورا على واحد ، هو اسم موصول أعمّ يدخل فيه الجمع ، وهاهو تاريخ الأمة يشهد بحقيقة التجديد المراد ،فليطالع هؤلاء سير نحوِ الشافعي وابن تيمية ، أتراهم ياتفقون معنا أنهم كانوا هم المجددين حقًا ؟ فإذا حقّ فيهم ذلك انتفى على القطع أن يصدق في الخلوف ، التجديد في كلمة : إحياء ما اندرس من معالم دين الله عز وجل ، والعود بالناس إلى ما كان عليه النبي (ص) وأصحابه رضوان الله عليهم ..وفرق بين نقض البنيان وبين رده إلى ما كان عليه بعد ما أصابه من بلى..فهذا الثاني هو التجديد ، والأول : الهدم ..

-ولو كان التجديد هو اختراع أحكام.. ليست منوطة في الكتاب والسنة بزمام ، لتواكب العصر بحسب أهواء واضعيها ورغباتهم والانسياق تلقاء جهة الغرب حسبما تملي بوصلة الانبهار وفقدان الهوية ، فلا معنى لحفظ الدين ولا لكل أمر فيه ، بالرد إلى الله ورسوله ،ولا وجه حينئذ للاهتداء بسنته وسنة الخلفاء الراشدين والتمسك بها والعض عليها بالنواجذ ،ولا يعود لنهي الله تعالى عن التشريك في التشريع حكمة ولا لنهي النبي(ص) عن الإحداث في الدين مقصد معقول ، فيضمحل معنى البدعة حتى تتحول إلى شِرعة ، وينفرط نظام الدين إلى أن تذوب الحدود الفاصلة بين الحق والباطل ويقع التحريف الذي وقعت فيه الأمم ،فكان من مقتضى تجديدهم :إنكار السنن ،وتحريف معاني الآي، والقول بنسبية الحق وإن في الأصول ، وجعل الشريعة كلأ مستباح الحمى تحت عنوان :فتح باب الاجتهاد ..إلخ وحقيقته :تحطيم للدار التي فيها ذلك الباب !، وحاصل دعواهم أن يخلعوا قدسية الوحي على العقل فيكون حاكما على الشرع لا محكوما به ، وهذا كمن يدعو إلى العيش في الأقبية المظلمة بعيدا عن ضوء الشمس محتجًا بأن العين موضوعة للإبصار ..وما درى الأبله أن العين لا ترى في الظلام ..وما عرف الغبي أنها وسيلة للنظر ، لا مشعة للنور ..

-وهذا الذي يقول الأدعياء ممن عم افتتان الناس بهم وطم ، الأصل فيه أنه مما يغني حكايته عن رده فلا يحوج أدنى عامي إذا كان على الجادة يعرف ربه وأبجديات دينه : أن يوعظ بآي الذكر الحكيم ولا سنة النبي الكريم ..وما إخال جدتي مثلا بحاجة أن تذكّر بأحاديث الافتراق عن الصراط ولا بأن تعلم قاعدة :لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، ولا بأن يتلى عليها من الحكمة كقول النبي (ص) الذي خرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء) ..لأن مفهوم الدين الذي بعث به الرسل -عليهم الصلاة والسلام- هو في نفسه وكذا مفهوم العبادة والإيمان : يقطع جهيزة كل قول مما يقوله المبطلون المحدَثون ..على شاشات اليوتيوب ..!