المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلسفة.. وإسلام ، وجها لوجه (2)



أبو القـاسم
09-17-2012, 09:57 AM
ديفيد هيوم : (إذا لم يكن من الممكن تقديم حجة من الخبرة على ضرورة السببية ، فإن هذا يفسر على أنها نتيجة استعداد ما في العقل البشري، وهذا الاستعداد هو العرف والعادة , طالما أنتج كل تكرار لفعل أو عملية نفس النتيجة ، دون تدخل من استدلال أو عملية تخيلية يقوم بها الفهم، فنحن نقول أن هذا التوجه هو أثر للعادة ..) . يريد أن يقول :ملاحظة العلاقة بين السبب والأثر ليست إلا نتاج ربط عقلي تولّد من رحم العادة ، لا أن السبب مرتبط بالضرورة بما نشأ عنه ، هذه زبدة فلسفته في السببيّة ..
-------
التعليق
-------
1-أول ما يلتفت إليه الفكر عند قراءة هذه العبارة: تناقضها الذاتي ، فحقيقة ما قال :أنه علّل الظاهرة السببية بناء على سبب اختلقه من وحي فلسفة الشك التي يهيم فيها هيوم، هذا السبب :هو إلف العادة المكرور في العقل ومن ثم أجرى العقل هذه المتلازمة ، أي أنه عمد إلى نقض السببية "بانيًا" نقضه على سبب!

2-ومما يسترعي التأمل :أن هذا الذي قاله ، بنحو ما استقر عليه مذهب الأشاعرة ، فإن كلامهم في التعليل في باب العقائد أشبه شيء بما سلف ، وذلك جلي في تنظيرهم و أمثلتهم :حين يقولون مثلا إن النار تحرق الشيء عند ملامسته إياها ، لا بسببها ..والفرق بين العندية والسببية ، أن هذا توافق عادي (من العادة ) لا تلازم حقيقي ! كما لو جاء زيد عند دخول عمرو لا به..هذا التشابه لم يكن مصادفة ، بل له عمقه المعرفي بمعرفة الجذور ..

3-في الكتاب والسنة :الصورة مسفرة عن تقرير السببية في آلاف المواضع ، وهي مسألة منسجمة مع العقل الضروري القاضي بامتناع وقوع المستحيل العقلي . لأن تعقل العقل لامتناع اجتماع النقيضين أو رفعهما مسبّب في نفسه: وهو إدراكه وجه التناقض بما ركزه الله فيه من خاصة عقلية تستبين الحقائق المطلقة ، كإدراكه أن قيمة (س)=1 في هذه المعادلة : 1+س=2 ، لأنها القيمة الوحيدة التي إذا جمعت إلى (1) كان الحاصل =2 .وفي الحقيقة نفي السببية من أصلها : يقوّض كل قائم في العلوم سواء كانت طبا أو فيزياء أو رياضيات ..إلخ

4-وعند الحديث عن آيات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، يتجلى وجه الإعجاز الرباني في خرم نظام السببية (قلنا يا نار كوني بردا وسلام على إبراهيم ) بائتلاف مشيئة الله وحكمته وعلمه وقدرته ، سبحانه وتعالى

----
* هدفي إن شاء الله من هذه المقالات أمران : أن بعض شباب المسلمين وقع في الانبهار بالفلسفة ويراها معبرة عن حالة من سمو الفكر ولا يدرك كثير منهم وجه مناقضتها الإسلام ، والثاني :أن هناك من يزعم أن القرآن العظيم يخلو من التعرض لما يناقض الفكر الفلسفي.