ابن عبد البر الصغير
07-07-2013, 03:30 AM
في أوج الخلاف والفتنة التي قامت بين معاوية رضي الله تعالى عنه وأنصاره وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنصاره، حول مسألة الاقتصاص من قتلة أمير المؤمنين حينها عثمان رضي الله عنه من عدمه، دخل ملك الروم على الخط لينتهز الفرصة ويضرب هذا بذاك فأرسل كتابا إلى معاوية يقول فيه بأن معاوية أحق بالنصر وانه على استعداد ليمده بجيوش تقاتل في صفه حتى يقتلوا عليا رضي الله عنه، وقد كان طامعا بأن يقره ببعض الأراضي الإسلامية حتى تتوسع فيها إمبراطوريته .
فأجابه معاوية رضي الله عنه : [ والله لئن لم تنته وترجعن لبلادك يا لعين لأصطلحن أنا وابن عمي - يقصد عليا - عليك ولأخرجنك من جميع بلادك، ولأضيقن عليك الأرض بما رحبت ] - البداية والنهاية لابن كثير -
أما حزب النور فلما خرجت الجوقة العلمانية تبتغي إسقاط الرئيس، وهم لم يكونوا في حرب معه ولا في فتنة ولا اقتتال فسلموه وخانوه ونزعوا يدهم من طاعته في أول اجتماع لهم بالجيش والعلمانيين، اجتماع أشبه ما يكون باجتماع دار الندوة حين قرر كفار قريش اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة، ومن الفروق أن دار الندوة الثانية جمعت شياطين الإنس والجن بالإخوة المسلمين في حزب النور وغيره .
أفلم تكونوا قادرين على نصرة إخوانكم وتعلنوا رفضكم لهذه المؤامرة وتقفوا موقفا مشرفا ولا تكونون عونا للشيطان على إخوانكم ؟ وتتبعوا أدلة الشرع وسنة النبي وصحابته ويكون لكم معاوية رضي الله عنه قدوة ؟
ألم تقرؤوا قول الله تعالى : { وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } .. { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا } ..
أفلم تبايعوا مرسي من خلال صناديق الاقتراع وبايعته الأغلبية كذلك، فأصبحت ملزمة لكم وهي عقد وعهد بين الإمام والأمة ؟ أليس هذا غدرا لرئيسكم والله عز وجل يقول في كتابه : { إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } ... { وأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِين } ؟؟
أفلم تتأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ] - البخاري - ؟؟
وفي حديث آخر : [ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره ] - البخاري - .
وعنه صلى الله عليه وسلم : [ لكلّ غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة ] - مسلم -
وأن ابن عمر رضي الله عنه كان يعتبر خلع الحاكم أعظم غدر يقترفه الإنسان فيما رواه عنه البخاري : [ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلَا بَايَعَ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ] ؟
فأين أنتم من طاعة الإمام التي يقول فيها صلى الله عليه وسلم : [ من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية ] - مسلم -
[ من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات مينة الجاهلية ] - متفق عليه -
[ لا نبي بعدي وستكون خلفاء فيكثرون، قالوا فما تأمرنا يا رسول الله ؟ فقال : فوا ببيعة الأول فالأول فأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم ] - متفق عليه -
وأين أنتم من وجوب نصرة المؤمن لأخيه المؤمن، خاصة إن تكالبت عليه الأمم وعُلمت أجندة الغرب وأن من يريد سقوطه مجموعة ممن يُعادون الإسلام ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
[ الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ] - متفق عليه -
[ المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره ] - مسلم -
[ انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ] - البخاري -
[ من أذل عنده مؤمن ، فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره ، أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة ] - المسند -
كل هذه الأدلة وأكثر تقف في وجهكم وتنقض منطقكم وفدلكاتكم، وهنا نرد على شبهة مفادها : أن حزب النور أراد حقن الدماء لهذا تورط فيما تورط .
وجوابها : أنها مجرد سفسطة لا تصمد أصوليا، فمفسدة عزل الرئيس أعظم من سفك دماء من خرج عليه، والدين مقدم على حفظ النفس بالإجماع، يقول ابن أمير في التحرير والتحبير : [ ويقدم حفظ الدين من الضروريات على ما عداه عند المعارضة لأنه المقصود الأعظم، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وغيره مقصود من أجله، ولأن ثمرته أكمل الثمرات وهي نيل السعادة الأبدية في جوار ربّ العالمين، ثم يقدم حفظ النفس على حفظ النسب والعقل والمال لتضمنه المصالح الدينية لأنها إنما تحصل بالعبادات، وحصولها موقوف على بقاء النفس، ثم يقدم حفظ النسب لأنه لبقاء نفس الولد إذ بتحريم الزنا لا يحصل اختلاط النسب، فينسب إلى شخص واحد فيهتم بتربيته وحفظ نفسه، وإلا أهمل فتفوت نفسه لعدم قدرته على حفظها، ثم يقدم حفظ العقل على حفظ المال لفوات النفس بفواته حتى إن الإنسان بفواته يلتحق بالحيوانات ويسقط عنه التكليف، ومن ثمة وجب بتفويته ما وجب بتفويت النفس وهي الدية الكاملة، ثم حفظ المال ] والشرع يبيح لولي الأمر إخماد كل تمرد يهدد كيان الأمة، وإلا لكان كل تمرد نعزل رئيسنا بسببه ونعطل مصالحنا من أجل عيونهم ؟ ولو أن عدوا أتى يستبيح أرض المسلمين لرحبنا به عوض جهاده حسب منطقكم هذا، ولما وقف أهل الإسلام ضد الكفار أبدا ولا أبا بكر في حروب الردة ولا سائر الصحابة في جهادهم لأهل البدع والخوارج وصد المتمردين !!! ومن جهة كل من خرج فهو يريد إسقاط الإسلاميين من الحكم لإعادة ابتعاث نظام علماني وهؤلاء كانوا ضحية استقطاب لا يعذرون بجهلهم بل يواجهون مثلهم مثل كل متمرد، والباقي ثلة من الليبرالين والعلمانيين والنصارى وهؤلاء ظهير للأجندة الغربية الامبريالية، فاستبان أن هؤلاء ما خرجوا عن الإخوان إلا لأنهم إسلاميون يحاولون ترسيخ الشريعة بالتدريج، فتكون بيضة الدين في خطر إن سقطوا فكان حفظ الدين مقدما على حفظ النفس .
ومن جهة ثانية فقد عُلم بأن عزل الرئيس هو عين الفتنة، فالناس لن ترضى بأن يعزل الرئيس ويفقه أنصاره أنها خطوة للرجوع إلى الوراء والالتفاف على مكتسبات الثورة والحكم الإسلامي، وهنا سيكون العنف والصدام أقرب وأرجح لأن الناس ظلمت بعزل رئيسها . وما نراه الآن من اعتصامات مفتوحة خير دليل على مفسدة عزل الرئيس.
من جهة ثالثة : فقد أقفلت قنوات إسلامية عديدة بمجرد عزل الرئيس وجاءت حملة من الاعتقالات في صفوف الإسلاميين وأهل الفضل، ومنع عدد من العلماء من الخطابة وتكليم الناس، وفي هذا مفاسد ظاهرة تنعكس على الدعوة كلها ، والناس حينما ترى علماءها قد أهينوا واعتقلوا فإنهم سيهيجون ويثورون .
من جهة رابعة : فحزب النور أسهل لإسقاطه من الإخوان، ولن يستطيع حصد شيء وقد ظهر ذلك حينما رشح أبا الفتوح ودعا الناس للتصويت عليه فلم يستجب إلى قلة، والإخوان استطاعت جمع الإسلاميين على مرشحها وبرهنت على أنها قوة ضاربة داخل الشارع، والمسائل ظاهرة في عدد من الإجراءات التي قام بها الجيش وتجاهل حزب النور بالجملة، ومن خلال سياقات الأمور فالانتخابات ستأتي بعَلماني لأن التيار ما عزل الرئيس إلا ليحقق أمرا بُيت بليل .
فيكون في عزل الرئيس قذف للبلد إلى المجهول، وقفز على الأدلة الشرعية التي تجرم فعلهم وتحرمه، وتعطيل لمسيرة الإصلاح الإسلامية بقيادة الإخوان، وموافقة لكيد الكائدين والتحالف معهم من أجل قضاء مأرب محرم شرعيا وهو إسقاط الإسلاميين من المخيال الشعبي ومن مواطن القرار، ومن يرفض الإسلاميين في الحكم فهو يرفض الإسلام، لما بان بأن الفصيل الوحيد الذي يحاول النضال في سبيل الشرع هم الإسلاميون وأن ما عداهم ينادون بفصل الدين عن الدولة والحكم .
والحمد لله رب العالمين.
فأجابه معاوية رضي الله عنه : [ والله لئن لم تنته وترجعن لبلادك يا لعين لأصطلحن أنا وابن عمي - يقصد عليا - عليك ولأخرجنك من جميع بلادك، ولأضيقن عليك الأرض بما رحبت ] - البداية والنهاية لابن كثير -
أما حزب النور فلما خرجت الجوقة العلمانية تبتغي إسقاط الرئيس، وهم لم يكونوا في حرب معه ولا في فتنة ولا اقتتال فسلموه وخانوه ونزعوا يدهم من طاعته في أول اجتماع لهم بالجيش والعلمانيين، اجتماع أشبه ما يكون باجتماع دار الندوة حين قرر كفار قريش اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة، ومن الفروق أن دار الندوة الثانية جمعت شياطين الإنس والجن بالإخوة المسلمين في حزب النور وغيره .
أفلم تكونوا قادرين على نصرة إخوانكم وتعلنوا رفضكم لهذه المؤامرة وتقفوا موقفا مشرفا ولا تكونون عونا للشيطان على إخوانكم ؟ وتتبعوا أدلة الشرع وسنة النبي وصحابته ويكون لكم معاوية رضي الله عنه قدوة ؟
ألم تقرؤوا قول الله تعالى : { وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ } .. { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا } ..
أفلم تبايعوا مرسي من خلال صناديق الاقتراع وبايعته الأغلبية كذلك، فأصبحت ملزمة لكم وهي عقد وعهد بين الإمام والأمة ؟ أليس هذا غدرا لرئيسكم والله عز وجل يقول في كتابه : { إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } ... { وأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِين } ؟؟
أفلم تتأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : [ أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ] - البخاري - ؟؟
وفي حديث آخر : [ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره ] - البخاري - .
وعنه صلى الله عليه وسلم : [ لكلّ غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة ] - مسلم -
وأن ابن عمر رضي الله عنه كان يعتبر خلع الحاكم أعظم غدر يقترفه الإنسان فيما رواه عنه البخاري : [ لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ الْقِتَالُ وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلَا بَايَعَ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ] ؟
فأين أنتم من طاعة الإمام التي يقول فيها صلى الله عليه وسلم : [ من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية ] - مسلم -
[ من كره من أميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبرا مات مينة الجاهلية ] - متفق عليه -
[ لا نبي بعدي وستكون خلفاء فيكثرون، قالوا فما تأمرنا يا رسول الله ؟ فقال : فوا ببيعة الأول فالأول فأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم ] - متفق عليه -
وأين أنتم من وجوب نصرة المؤمن لأخيه المؤمن، خاصة إن تكالبت عليه الأمم وعُلمت أجندة الغرب وأن من يريد سقوطه مجموعة ممن يُعادون الإسلام ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول :
[ الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ] - متفق عليه -
[ المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره ] - مسلم -
[ انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ] - البخاري -
[ من أذل عنده مؤمن ، فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره ، أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة ] - المسند -
كل هذه الأدلة وأكثر تقف في وجهكم وتنقض منطقكم وفدلكاتكم، وهنا نرد على شبهة مفادها : أن حزب النور أراد حقن الدماء لهذا تورط فيما تورط .
وجوابها : أنها مجرد سفسطة لا تصمد أصوليا، فمفسدة عزل الرئيس أعظم من سفك دماء من خرج عليه، والدين مقدم على حفظ النفس بالإجماع، يقول ابن أمير في التحرير والتحبير : [ ويقدم حفظ الدين من الضروريات على ما عداه عند المعارضة لأنه المقصود الأعظم، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، وغيره مقصود من أجله، ولأن ثمرته أكمل الثمرات وهي نيل السعادة الأبدية في جوار ربّ العالمين، ثم يقدم حفظ النفس على حفظ النسب والعقل والمال لتضمنه المصالح الدينية لأنها إنما تحصل بالعبادات، وحصولها موقوف على بقاء النفس، ثم يقدم حفظ النسب لأنه لبقاء نفس الولد إذ بتحريم الزنا لا يحصل اختلاط النسب، فينسب إلى شخص واحد فيهتم بتربيته وحفظ نفسه، وإلا أهمل فتفوت نفسه لعدم قدرته على حفظها، ثم يقدم حفظ العقل على حفظ المال لفوات النفس بفواته حتى إن الإنسان بفواته يلتحق بالحيوانات ويسقط عنه التكليف، ومن ثمة وجب بتفويته ما وجب بتفويت النفس وهي الدية الكاملة، ثم حفظ المال ] والشرع يبيح لولي الأمر إخماد كل تمرد يهدد كيان الأمة، وإلا لكان كل تمرد نعزل رئيسنا بسببه ونعطل مصالحنا من أجل عيونهم ؟ ولو أن عدوا أتى يستبيح أرض المسلمين لرحبنا به عوض جهاده حسب منطقكم هذا، ولما وقف أهل الإسلام ضد الكفار أبدا ولا أبا بكر في حروب الردة ولا سائر الصحابة في جهادهم لأهل البدع والخوارج وصد المتمردين !!! ومن جهة كل من خرج فهو يريد إسقاط الإسلاميين من الحكم لإعادة ابتعاث نظام علماني وهؤلاء كانوا ضحية استقطاب لا يعذرون بجهلهم بل يواجهون مثلهم مثل كل متمرد، والباقي ثلة من الليبرالين والعلمانيين والنصارى وهؤلاء ظهير للأجندة الغربية الامبريالية، فاستبان أن هؤلاء ما خرجوا عن الإخوان إلا لأنهم إسلاميون يحاولون ترسيخ الشريعة بالتدريج، فتكون بيضة الدين في خطر إن سقطوا فكان حفظ الدين مقدما على حفظ النفس .
ومن جهة ثانية فقد عُلم بأن عزل الرئيس هو عين الفتنة، فالناس لن ترضى بأن يعزل الرئيس ويفقه أنصاره أنها خطوة للرجوع إلى الوراء والالتفاف على مكتسبات الثورة والحكم الإسلامي، وهنا سيكون العنف والصدام أقرب وأرجح لأن الناس ظلمت بعزل رئيسها . وما نراه الآن من اعتصامات مفتوحة خير دليل على مفسدة عزل الرئيس.
من جهة ثالثة : فقد أقفلت قنوات إسلامية عديدة بمجرد عزل الرئيس وجاءت حملة من الاعتقالات في صفوف الإسلاميين وأهل الفضل، ومنع عدد من العلماء من الخطابة وتكليم الناس، وفي هذا مفاسد ظاهرة تنعكس على الدعوة كلها ، والناس حينما ترى علماءها قد أهينوا واعتقلوا فإنهم سيهيجون ويثورون .
من جهة رابعة : فحزب النور أسهل لإسقاطه من الإخوان، ولن يستطيع حصد شيء وقد ظهر ذلك حينما رشح أبا الفتوح ودعا الناس للتصويت عليه فلم يستجب إلى قلة، والإخوان استطاعت جمع الإسلاميين على مرشحها وبرهنت على أنها قوة ضاربة داخل الشارع، والمسائل ظاهرة في عدد من الإجراءات التي قام بها الجيش وتجاهل حزب النور بالجملة، ومن خلال سياقات الأمور فالانتخابات ستأتي بعَلماني لأن التيار ما عزل الرئيس إلا ليحقق أمرا بُيت بليل .
فيكون في عزل الرئيس قذف للبلد إلى المجهول، وقفز على الأدلة الشرعية التي تجرم فعلهم وتحرمه، وتعطيل لمسيرة الإصلاح الإسلامية بقيادة الإخوان، وموافقة لكيد الكائدين والتحالف معهم من أجل قضاء مأرب محرم شرعيا وهو إسقاط الإسلاميين من المخيال الشعبي ومن مواطن القرار، ومن يرفض الإسلاميين في الحكم فهو يرفض الإسلام، لما بان بأن الفصيل الوحيد الذي يحاول النضال في سبيل الشرع هم الإسلاميون وأن ما عداهم ينادون بفصل الدين عن الدولة والحكم .
والحمد لله رب العالمين.