إسلام بن ماهر
08-20-2013, 01:39 AM
و إن كان الكلام لا يُفيد حين تتعامى العيون و تنصرف الآذان ، أقول .. أقول أن الحق يُرى بعين الإخلاص لا بعين الهوى ، و أن من خصال الباطل أنه يتقوّى بدعوى ظاهرها الحق ، و أن الحق يُهزم إذا خُلط بالباطل و إن كان المُنتصِر الباطل المحض ، و أن من جهل الإنسان أنه يتخيّل أن الباطل إذا تمكّن دام و يتناسى أن لله الدّوام.
كان هذا تعقيباً عام على ما يشهده الأنام في بلاد يحكُمها الإخوان ، و لعل جوهر الأسباب في كون أن العوام يتحرّكون بدوافع " قيل " و " سمعت " و " أرى " ، في قضايا تتطلّب إعمال الفكر من مُنطلق عقدي ، و يتوهّمون بأفعالهم - و إن قالوا خلاف ذلك بألسنتهم - أن تلك الأراء لا دخل فيها بالدّين ، بل قد يقذفون من يقول بذلك بأبشع الأوصاف ، كتاجر دين !
لا أعني - بأي حال من الأحوال - أن إعمال الفكر من هذا المُنطلق يقود إلى رأي واحد ، لأن لكُل مُجتهد اِجتهاد ، بَيْد أن الاِلتزام بمصدر واحد لاِستنباط الحُكم المُناسب في قضيةٍ ما يجعل الأراء تتجه إلى رأي غالب ؛ غالباً ما يكون أصوب الآراء. و عندما نُحلل المشهد الحادث من مُنطلق ما نقول ، نجد أن " الكُل " قد وقع في غير الصّواب.
و لنبدأ ببني علمان فنقول : لقد يأس القوم من إظهار ما يدينون لأن النّفوس تأبى ظاهر ما يدعون و إن كانت تقع فيه بالأفعال ! فلمّا رأوا أن المعركة تُحسم في إتجاه غير ما يُريدون ، و قد كانوا من قبل يعلمون صعوبة الوصول بطريق النّقاش الفكري الصّريح في مواجهة خصم يقول قال الله و قال الرّسول ! لذلك لم يكن أمامهم غير الطّريق الثّاني ؛ الطّريق الذي يسلكه كُل مُخالف ؛ الكذب و الاِستهزاء ، التّدليس و الاِفتراء.
لقد اِستطاع الإعلام العلماني - و لا شك في ذلك - أن يبث سمومه الخبيثة عند أُناس هُم أصلاً مُذبذبون ؛ اِستطاع ذلك بقنواته التي تستقطب كُل الأصناف. فمن أراد أن يستمع إلى أخبار البلاد و أحوال العباد فليُشاهد برنامج فُلان أو نشرة " أكاذيب " فُلانة .. من أراد أخباراً ساخنة و سباب و لعان على الهواء فنُرشّح لكم فُلان .. من يُريد الأكاذيب و السّموم في ثوب ضحك ضحّكناه ، و من يُريدها في ثوب ساخر أعطيناه .. المُهم أن نرضي جميع الأذواق و نستقطب جميع التّيّارات لنُشكّل رأي عام يخدم ما نُخطط له.
لا مانع إذاً أن نأتي بالخبر الكاذب ، ثُم نقول على مسئولية فُلان ، و لسنا بحاجة إلى تكذيب الخبر ، فقد أخبرنا المُشاهد " الواعي " أن الخبر على مسئولية فُلان !
و كي نظهر بصورة مُحايدة أمام المُشاهد من المُمكن أن نأتي بالشّيخ فُلان الذي يُمثّل " الرّأي الآخر ". لكنهم و هُم يفعلون ذلك يعلمون أن هذا الشّيخ سيخدم المُخطط المرسوم ، فهو ذو طبيعة مُنفّرة ، أو معروف بالأقوال الشّاذة .. إلى غير ذلك من " الميزات " !
هذا أحد الجوانب ! جانب آخر يتمثّل في " النُّخبة " ، و يا لها من نُخبة .. لقد جمعت كُل التّناقُضات. فهي اِبتداءً ، ضمّت الليبرالي و الاِشتراكي ، النّصراني و المُلحد ، الثّوري و الفلولي .. الجميع يتكاتف ضد العملاق الذي بدأ ينهض " الإسلام " ؛ أقصد يتكاتف من أجل مصلحة الوطن ! و النُّخبة كذلك تقف صفاً واحداً لإسقاط النّظام ؛ النّظام الذي جاء به الشّعب بطريق التّصويت الحُر .. نعم سيدي أقصُد " الدّيمُقراطيّة " أفيون الشّعوب و صنم العجوة الذي يُأكل متى شاء صاحبه ذلك !
جانب آخر تمثّل في إسقاط الهيبة من أي شيء له قُدسيّة في النّفوس ، و كلمة السّر " حُرية التّعبير ". فمن حقي الطّعن في أي شيء و كُل شيء دون حساب أو رقيب.
لنترُك بني علمان فقد كرهت الحديث عنهم أو وصفهم بما يتّصفون ، فذلك كأن تصف إبليس ، فتقول هو كذا و كذا ، و لا أرى في ذلك الحديث اِنشراح صدر !
التّيار الإسلامي .. سُمي " إسلامي " تمييزاً له عن باقي المُسلمين ! فقد بات في هذا الزّمان من يرى أن الإسلام دين صلاة و صيام ، و أن السّياسة و الاِقتصاد ، الأدب و الفنون ، الصّحافة و الإعلام ، لها شأن آخر غير الإسلام ؛ كأنهم يقولون لك على طريقة النّصارى " أعطِ لقيصر ما لقيصر ، و لله ما لله ". هذا التّيار المُسمّى بالإسلامي قد وقع في فخ لطالما سعى المُخالفون أن يقع فيه. ألم يقل الله " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً " ؟ ألم يقل تبارك و تعالى : " وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ " ؟
لقد تنازل الإسلاميون من أول يوم ، و لم يُقدّروا عواقب ذلك ، و للحق أقول أنني شاركت في هذا التّنازُل دون أن أدري ، و لا شك عندي أن كثيراً من المُخلصين قد شاركوا فيه أيضاً .. نعم ، فبدلاً من أن نطرُق على الحديد و هو ساخن ، و نستمد من وقود الثّورة كياناً إسلاميّاً واضحاً ؛ بدلاً من ذلك ، وافقنا على الدّخول في متاهة الدّيمُقراطيّة بدعوى المصالح و المفاسد. فنحن بدايةً ، مكّنّا لغير الإسلام أن يتواجد ، و يُعرِض بضاعته النّتنة. ماذا سيكون الحال - مثلاً - لو وافق العوام أن يتحاكموا إلى غير شريعة الإسلام ؟ و ما حُكم الإسلام في التّحاكُم بغير شريعته من الأساس ؟ لا يقول لي أحد " من حق الشّعب أن يختار " ! يختار ماذا ؟ أيُخيّر المُسلم على إسلامه ؟ أيُقال للمُسلم تُريد أن تكون الصّلاة فرضاً أم لا ؟ نعم ، نحن بحاجة إلى تصحيح المفاهيم التي شُوّهت طوال قرنين من الزّمان ، لكننا لا يُمكن أن نُعطي شرعيّة لما يُخالف ما نعتقد أو ندعو إليه. أتأسّف لأنني وقعت في هذا الأمر ، و أتأسّف لأنني أدركت ذلك مُتأخراً ، و لعل غيري كذلك أدرك ما أقول.
هذه واحدة .. الثّانية هي اِنشقاق الصّف الإسلامي إلى جماعات و أحزاب ، في الوقت الذي يُفترض فيه أن نعتصم بحبل الله أشد ما يكون الاِعتصام. فكيف يكون الهدف واحد ثم نفترق هكذا ، مهما كانت الأسباب و الأعذار ؟ لقد تجمّع المُخالفون على اِختلاف ما يعتقدون لأن العدو هو الإسلام ، فكيف لا نتوحّد إذا كان الجامع هو الإسلام ؟ أين نحن من قول الله : " وَ لاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " ؟
لا أُريد التّحدُّث عن الإخلاص و التّجرُّد لله ، فدائماً ما أفترض حُسن النّوايا ، لكن كيف نُفسّر هذا التّفرُّق و تلك الأحزاب ؟!
النُّقطة الثّالثة هي عجز الإسلاميين عن التّطبيق العملي للرؤية الإسلاميّة ، و إن كان يُعتذر في ذلك بالغياب عن السّاحة. لكن هذا يفتح ملف آخر ، و هو قصور العمل الإسلامي - طوال فترة الحصار - على الدّعوة ، و هي أهم قضية بلا أدنى شك. لكن أين نحن من التّنمية المُجتمعيّة على أساس عقدي ؟ لماذا لم نُنشىء كياناً إسلاميّاً في الميادين المُختلفة ؛ اِقتصاديّة كانت أو ثقافيّة أو غير ذلك ؟ أعتقد أن هذا لا يستلزم وصولاً للحُكم ، و كان كفيلاً باِكتساب الخبرة اللازمة في تلك الميادين ، بل و التّأثير الفعّال على الحاكم و المحكوم.
و أخيراً الإخوان .. فبالإضافة إلى ما ذكرناه آنفاً عن التّيار الإسلامي باِعتبار أن الإخوان جُزء لا يتجزّأ منه ، فإن الإخوان هي الفصيل الذي وصل إلى الحُكم ، و هذا يُضيف إليهم أخطاء أُخرى تتعلّق بالطّريقة التي أداروا بها البلاد !
أولاً : على الرّغم من اِنتمائهم للتيار الإسلامي إلّا أننا لم نرى توجُّهاً إسلاميّا طوال العام المُنصرم يُشعرنا بشيء من التّحوُّل المنشود. لعل أبسط الأمور عدم رجوع الضُّبّاط المُلتحيين إلى عملهم ، رغم صدور حُكم قضائي بذلك !!
ثانياً : التّهاوُن الشّديد في التّعامُل مع تجاوزات المُعارضة " العلمانيّة " من تخريب و عُنف ، و دعوات صريحة للاِنقلاب على الشّرعيّة ، فضلاً عن إعلام خبيث ذي توجُّه واضح !
هذا بعض ما أرى ، و إلّا فالحديث يطول ..
أقول أخيراً أن الأحداث و إن كانت تتجه - كما يبدو - إلى غير ما نُريد ، فإن الحقيقة التي أؤمن بها إيماناً يقينيّاً هي أن التّمكين و النّصر للإسلام حادث - لا محالة - بنا أو بغيرنا ، في هذا الجيل أو في غيره ، مهما بدا لأزلام الشّياطين أنهم تمكّنوا مما مكروا به. يقول العزير الجبّار : " وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " و يقول " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَ مَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ".
2013 07 01
إسلام ماهر
كان هذا تعقيباً عام على ما يشهده الأنام في بلاد يحكُمها الإخوان ، و لعل جوهر الأسباب في كون أن العوام يتحرّكون بدوافع " قيل " و " سمعت " و " أرى " ، في قضايا تتطلّب إعمال الفكر من مُنطلق عقدي ، و يتوهّمون بأفعالهم - و إن قالوا خلاف ذلك بألسنتهم - أن تلك الأراء لا دخل فيها بالدّين ، بل قد يقذفون من يقول بذلك بأبشع الأوصاف ، كتاجر دين !
لا أعني - بأي حال من الأحوال - أن إعمال الفكر من هذا المُنطلق يقود إلى رأي واحد ، لأن لكُل مُجتهد اِجتهاد ، بَيْد أن الاِلتزام بمصدر واحد لاِستنباط الحُكم المُناسب في قضيةٍ ما يجعل الأراء تتجه إلى رأي غالب ؛ غالباً ما يكون أصوب الآراء. و عندما نُحلل المشهد الحادث من مُنطلق ما نقول ، نجد أن " الكُل " قد وقع في غير الصّواب.
و لنبدأ ببني علمان فنقول : لقد يأس القوم من إظهار ما يدينون لأن النّفوس تأبى ظاهر ما يدعون و إن كانت تقع فيه بالأفعال ! فلمّا رأوا أن المعركة تُحسم في إتجاه غير ما يُريدون ، و قد كانوا من قبل يعلمون صعوبة الوصول بطريق النّقاش الفكري الصّريح في مواجهة خصم يقول قال الله و قال الرّسول ! لذلك لم يكن أمامهم غير الطّريق الثّاني ؛ الطّريق الذي يسلكه كُل مُخالف ؛ الكذب و الاِستهزاء ، التّدليس و الاِفتراء.
لقد اِستطاع الإعلام العلماني - و لا شك في ذلك - أن يبث سمومه الخبيثة عند أُناس هُم أصلاً مُذبذبون ؛ اِستطاع ذلك بقنواته التي تستقطب كُل الأصناف. فمن أراد أن يستمع إلى أخبار البلاد و أحوال العباد فليُشاهد برنامج فُلان أو نشرة " أكاذيب " فُلانة .. من أراد أخباراً ساخنة و سباب و لعان على الهواء فنُرشّح لكم فُلان .. من يُريد الأكاذيب و السّموم في ثوب ضحك ضحّكناه ، و من يُريدها في ثوب ساخر أعطيناه .. المُهم أن نرضي جميع الأذواق و نستقطب جميع التّيّارات لنُشكّل رأي عام يخدم ما نُخطط له.
لا مانع إذاً أن نأتي بالخبر الكاذب ، ثُم نقول على مسئولية فُلان ، و لسنا بحاجة إلى تكذيب الخبر ، فقد أخبرنا المُشاهد " الواعي " أن الخبر على مسئولية فُلان !
و كي نظهر بصورة مُحايدة أمام المُشاهد من المُمكن أن نأتي بالشّيخ فُلان الذي يُمثّل " الرّأي الآخر ". لكنهم و هُم يفعلون ذلك يعلمون أن هذا الشّيخ سيخدم المُخطط المرسوم ، فهو ذو طبيعة مُنفّرة ، أو معروف بالأقوال الشّاذة .. إلى غير ذلك من " الميزات " !
هذا أحد الجوانب ! جانب آخر يتمثّل في " النُّخبة " ، و يا لها من نُخبة .. لقد جمعت كُل التّناقُضات. فهي اِبتداءً ، ضمّت الليبرالي و الاِشتراكي ، النّصراني و المُلحد ، الثّوري و الفلولي .. الجميع يتكاتف ضد العملاق الذي بدأ ينهض " الإسلام " ؛ أقصد يتكاتف من أجل مصلحة الوطن ! و النُّخبة كذلك تقف صفاً واحداً لإسقاط النّظام ؛ النّظام الذي جاء به الشّعب بطريق التّصويت الحُر .. نعم سيدي أقصُد " الدّيمُقراطيّة " أفيون الشّعوب و صنم العجوة الذي يُأكل متى شاء صاحبه ذلك !
جانب آخر تمثّل في إسقاط الهيبة من أي شيء له قُدسيّة في النّفوس ، و كلمة السّر " حُرية التّعبير ". فمن حقي الطّعن في أي شيء و كُل شيء دون حساب أو رقيب.
لنترُك بني علمان فقد كرهت الحديث عنهم أو وصفهم بما يتّصفون ، فذلك كأن تصف إبليس ، فتقول هو كذا و كذا ، و لا أرى في ذلك الحديث اِنشراح صدر !
التّيار الإسلامي .. سُمي " إسلامي " تمييزاً له عن باقي المُسلمين ! فقد بات في هذا الزّمان من يرى أن الإسلام دين صلاة و صيام ، و أن السّياسة و الاِقتصاد ، الأدب و الفنون ، الصّحافة و الإعلام ، لها شأن آخر غير الإسلام ؛ كأنهم يقولون لك على طريقة النّصارى " أعطِ لقيصر ما لقيصر ، و لله ما لله ". هذا التّيار المُسمّى بالإسلامي قد وقع في فخ لطالما سعى المُخالفون أن يقع فيه. ألم يقل الله " وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً " ؟ ألم يقل تبارك و تعالى : " وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ " ؟
لقد تنازل الإسلاميون من أول يوم ، و لم يُقدّروا عواقب ذلك ، و للحق أقول أنني شاركت في هذا التّنازُل دون أن أدري ، و لا شك عندي أن كثيراً من المُخلصين قد شاركوا فيه أيضاً .. نعم ، فبدلاً من أن نطرُق على الحديد و هو ساخن ، و نستمد من وقود الثّورة كياناً إسلاميّاً واضحاً ؛ بدلاً من ذلك ، وافقنا على الدّخول في متاهة الدّيمُقراطيّة بدعوى المصالح و المفاسد. فنحن بدايةً ، مكّنّا لغير الإسلام أن يتواجد ، و يُعرِض بضاعته النّتنة. ماذا سيكون الحال - مثلاً - لو وافق العوام أن يتحاكموا إلى غير شريعة الإسلام ؟ و ما حُكم الإسلام في التّحاكُم بغير شريعته من الأساس ؟ لا يقول لي أحد " من حق الشّعب أن يختار " ! يختار ماذا ؟ أيُخيّر المُسلم على إسلامه ؟ أيُقال للمُسلم تُريد أن تكون الصّلاة فرضاً أم لا ؟ نعم ، نحن بحاجة إلى تصحيح المفاهيم التي شُوّهت طوال قرنين من الزّمان ، لكننا لا يُمكن أن نُعطي شرعيّة لما يُخالف ما نعتقد أو ندعو إليه. أتأسّف لأنني وقعت في هذا الأمر ، و أتأسّف لأنني أدركت ذلك مُتأخراً ، و لعل غيري كذلك أدرك ما أقول.
هذه واحدة .. الثّانية هي اِنشقاق الصّف الإسلامي إلى جماعات و أحزاب ، في الوقت الذي يُفترض فيه أن نعتصم بحبل الله أشد ما يكون الاِعتصام. فكيف يكون الهدف واحد ثم نفترق هكذا ، مهما كانت الأسباب و الأعذار ؟ لقد تجمّع المُخالفون على اِختلاف ما يعتقدون لأن العدو هو الإسلام ، فكيف لا نتوحّد إذا كان الجامع هو الإسلام ؟ أين نحن من قول الله : " وَ لاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " ؟
لا أُريد التّحدُّث عن الإخلاص و التّجرُّد لله ، فدائماً ما أفترض حُسن النّوايا ، لكن كيف نُفسّر هذا التّفرُّق و تلك الأحزاب ؟!
النُّقطة الثّالثة هي عجز الإسلاميين عن التّطبيق العملي للرؤية الإسلاميّة ، و إن كان يُعتذر في ذلك بالغياب عن السّاحة. لكن هذا يفتح ملف آخر ، و هو قصور العمل الإسلامي - طوال فترة الحصار - على الدّعوة ، و هي أهم قضية بلا أدنى شك. لكن أين نحن من التّنمية المُجتمعيّة على أساس عقدي ؟ لماذا لم نُنشىء كياناً إسلاميّاً في الميادين المُختلفة ؛ اِقتصاديّة كانت أو ثقافيّة أو غير ذلك ؟ أعتقد أن هذا لا يستلزم وصولاً للحُكم ، و كان كفيلاً باِكتساب الخبرة اللازمة في تلك الميادين ، بل و التّأثير الفعّال على الحاكم و المحكوم.
و أخيراً الإخوان .. فبالإضافة إلى ما ذكرناه آنفاً عن التّيار الإسلامي باِعتبار أن الإخوان جُزء لا يتجزّأ منه ، فإن الإخوان هي الفصيل الذي وصل إلى الحُكم ، و هذا يُضيف إليهم أخطاء أُخرى تتعلّق بالطّريقة التي أداروا بها البلاد !
أولاً : على الرّغم من اِنتمائهم للتيار الإسلامي إلّا أننا لم نرى توجُّهاً إسلاميّا طوال العام المُنصرم يُشعرنا بشيء من التّحوُّل المنشود. لعل أبسط الأمور عدم رجوع الضُّبّاط المُلتحيين إلى عملهم ، رغم صدور حُكم قضائي بذلك !!
ثانياً : التّهاوُن الشّديد في التّعامُل مع تجاوزات المُعارضة " العلمانيّة " من تخريب و عُنف ، و دعوات صريحة للاِنقلاب على الشّرعيّة ، فضلاً عن إعلام خبيث ذي توجُّه واضح !
هذا بعض ما أرى ، و إلّا فالحديث يطول ..
أقول أخيراً أن الأحداث و إن كانت تتجه - كما يبدو - إلى غير ما نُريد ، فإن الحقيقة التي أؤمن بها إيماناً يقينيّاً هي أن التّمكين و النّصر للإسلام حادث - لا محالة - بنا أو بغيرنا ، في هذا الجيل أو في غيره ، مهما بدا لأزلام الشّياطين أنهم تمكّنوا مما مكروا به. يقول العزير الجبّار : " وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " و يقول " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَ مَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ".
2013 07 01
إسلام ماهر