المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : *جناية أغيلمة بني علمان على أهل الإسلام*



هشام بن الزبير
12-22-2010, 10:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم,

إلى أبناء الإسلام الذين ينشأون بيننا في خضم الفتن المتلاطمة ولجج الأفكار والمذاهب المتضاربة..
إلى أبناءنا الذين لم يولدوا بعد..
أين كنا وأين أصبحنا؟
من أولياؤنا ومن أعداؤنا؟
هذه همسة .. أو رسالة .. قل إنها زفرة ..
لا تهمني المسميات, كل ما يهمني أني أريد أن أشرككم فيما يعتمل في صدري..
وما أنطقني إلا حب الإسلام و الحسرة على ما آل إليه الحال..
وما قصدت سبر مقالات الخصوم, بقدرما أردت بيان تهافتها من أقرب سبيل,
فهم لدي أحق بالهجاء من عباد الأوثان وقد أثخن فيهم حسان,
فإن يك في مقالتي من خير فمن الله وحده,
وإن تكن الأخرى فمني ومن الشيطان,
والله المستعان,

أما بعد,

ارتضى الحق الإسلام للأنام, وجبلهم على التوحيد والإيمان, فلبثوا على الفطرة ألف عام, ثم اجتالتهم الشياطين فنبغ فيهم الشرك, واتخذوا صور الآباء أندادا يحبونهم كحب الله, فبعث الله إليهم العبد الشكور نوحا عليه السلام, ليخرج سفينة بني آدم من التيه, ولينذر قومه عن الشرك ويأمرهم بالتوحيد, فأنجى الله أولياءه في الفلك, وحق على أعداءه الهُلْك.

ولم تزل الرسل تبعث إلى أقوامها خاصة, إعذارا إليهم وموعظة وذكرى, بأيديهم آيات باهرات وصحف مطهرات, تهدي من ضل إلى سواء الصراط, إلى أن شاء الله أن يتم نعمته على الناس كافة, فأرسل إليهم خاتم رسله ودرة تاج خلقه, وواسطة عقد أنبيائه, فهو محمود ومحمد وأحمد, صلى الله عليه وسلم, وأنزل عليه الكتاب الأزهر, والنور الأبهر, وجعله فرقانا بين النور والظلمة, وبين العلم والجهالة, وبين الهدى والضلالة, وجعل اتِّباعه مفتاح السعادة ونيل الأرب, والاعراض عنه عنوان الشقاوة والعطب. فلما قرأه على العرب آمن من سبقت له الحسنى, وفرح المستكبرون بما عندهم من العلم, وكرهوا مخالفة الآباء والكبراء, وضنوا بمفارقة العوائد والأهواء, فالتمسوا بعقولهم ما يردون به حجج القرآن, فلم يظفروا إلا بشبه كالسراب, فتراهم يقولون عنه إن هو إلا سحر بل هو شعر, والآيات تقرعهم أن إئتوا بمثله, وهم لا يزيدون على المكابرة, بعد أن أيقنوا أن قد جاءهم ما لا قبل لهم به, وما لا يطمعون الدهر في معارضته أو نقضه.

فلما انقطعت حجتهم وخنست خطباؤهم وتوارت شعراؤهم, آثروا السيوف على الحروف والسهام على الكَلام والسِّنان على البيان وامتطوا متون الحتوف, فانكسروا وازدادوا ذلا على ذلهم وباءوا بالخزي والعار, وما هي إلا جولات حتى ظهرت عليهم كتائب من صدّقوا بالكتاب, وطلعت شمس التوحيد فتلاشت سحائب الشرك, وكسر أهل القرآن كبرياء القياصرة والأكاسرة, وأخمدوا نار المجوس, فانخنس أهل الباطل إلى جحورهم, يتجرعون الغصص, ويتحينون الفرص يقَلِّبون لنصرة إفكهم وجوه الرأي, فما لبثوا أن انتحلوا
مقالات أهل الأهواء, فأصاب الإسلام بكلامهم ثلم عظيم وكلْم غائر. ووقع ما كان مقدورا من الافتراق. واستمسكت عصبة بالسنة فأولئك الطائفة المنصورة.

ثم ألقى العدو بين أهل الإسلام كتب الإغريق, ففرح بها أهل الأهواء فرح الظمآن بالسراب, وتشبتوا بها تشبت الغريق بالقشة, فما زالوا يشققون منها شبه الأولين, حتى أتوا بأكبر البهتان, فأنكروا كلام الرحمن, فانبرى لهم الإمام أحمد فأفحمهم, وآثر لسع السياط وعذِّب, ولم يترخص خوفا على الإسلام أن يذهب , فنال الإمامة وحمده أهل الحق, وانتدب الأئمة تترى لنسف أصنام المتفلسفة, إلى أن انبرى لهم حجة الإسلام أبو حامد, فجلى تهافتهم بما ارتج به بنيانهم فاندك أو كاد, ثم جاء شيخ الإسلام فأتى بنيانهم من القواعد, ونطق بنقض منطقهم, وغاص في لجة مذاهبهم, فأبان ضلال كبراءهم وكلال أبصارهم وبصائرهم عن معرفة الحق, لجهلهم ما جاءت به الأنبياء, ولفقدهم نور السماء, فدرأ الله به شرورهم وأفحم أئمتهم.

وافرحاه بالقرآن وصولته وبالإسلام وهيبته وواعجبا لأهل الباطل كيف لم يتعظوا بما نال أسلافهم عبر الدهور, ممن راموا الطعن في هذا الكتاب العزيز, فإنهم لم ينكصوا ولم يرعووا, بل طلع علينا في القرون التأخرة أهل الاستشراق من عباد الصلبان, فاستبدلوا الكتب بالكتائب والجدال بالنزال, فإن تعجب فاعجب لعلج يقرأ القرآن ويكتب الحديث! أجهد المستشرقون عقولهم وأفنوا أعمارهم لنقض القرآن فلم يظفروا بشيء ذي بال, بل عادوا بخفي حنين, غير أنهم خلفوا بيننا أغيلمة صغارا, صنعوهم على أعينهم, وأرضعوهم بلبانهم حتى أتموا الرضاعة, فهم أنكى علينا من أشياخهم, بهم باض الشيطان بين أظهرنا وفرخ, فما زال ذاك النسل الهجين يفعل في ديارنا الأفاعيل. أحد رؤس أولئك الأغيلمة طه حسين وريث أبي العلاء, وافقه على تباعد الأزمان, فاجتمع لهما العَمَيَان, واحسرتاه على أزهري تتلمذ على الإفرنج ليستطيل على القرآن, بعد أن حشوه حيرة وشكا حسبه لانطماس بصيرته طريقا ومنهجا وعلما وفهما.

وهانحن اليوم لا نزال نقف وهاماتنا مرفوعة تتطلع إلى القرآن كما يتطلع الساري إلى النجم, به نهتدي ومن نوره نقتبس, ولا يزال أهل الباطل يقتفون خطى أسلافهم. إنهم أغيلمة المستشرقين..
فبأي شيء يا ترى يرومون اليوم هدم الإسلام؟
إلام يدعون؟
وفيم يخوضون؟

إن تسلهم تسمع قولا عجبا, إنهم يذهبون في كل مذهب, ويروغون روغان الثعلب, ويتمايلون تمايل السكارى مع كل فكرة, لا يثبتون على قول, ولا يستقرون على رأي:

إنهم علمانيون ليبراليون عقلانيون..
مثقفون مستنيرون إصلاحيون..
تقدميون مدنيون..حضاريون..
متحررون متفتحون ديمقراطيون..
وطنيون متسامحون عصرانيون..
لادينيون حداثيون إنسانيون...

مهلا مهلا !!! أي شيء هذا؟
هل هذه كلها فرق خرجت من رحم الاستشراق؟
إنها زهاء عشرين مقالة, لعلها تملأ مجلدا كاملا من كتب الملل والنحل!
لعل كاتبه يسميه: "التبيان في مقالات أغيلمة بني علمان"

كلا.. إنها ليست فرقا متباينة, ولا مذاهب مستقلة, بل أفكارا, ينتحلها هؤلاء الذين ابتليت بهم أمة القرآن في هذا الزمان, ويتلبسون بها دفعة واحدة. إنهم يدعون -في واقع الأمر- الانتساب إلى هذا الركام الهجين من الألقاب الرنانة, والأسماء الطنانة, كله لا بعضه.
من خلف كومة القش الكلامية هذه يشنون غاراتهم على الإسلام.
إنهم أصحاب دعوة..
ينطقون ويكتبون ويخطبون في ديار الإسلام..
يدعون إلى الإصلاح باسم (معذرة سأرد كل هذه النعوت السمجة إلى مصادرها):

العلمانية والليبرالية والعقلانية..
والثقافة والتنوير والإصلاح..
والتقدم والمدنية والحضارة..
والتحرر والانفتاح والديمقراطية..
والوطنية والتسامح والعصرانية..
والحداثة وما بعد الحداثة والإنسانية...

لا أخالكم تسمعون هذه الجعجعة اللفظية لأول مرة, فمنابر القوم ومنتدياتهم وصحائفهم تصدح بهذه المصطلحات الجوفاء ليل نهار, إنهم لا يشعرون بمقدار غبائهم وتخبطهم, إذا لما كانوا يجرؤون على النطق بحرف من هذا الشقاشق الشيطانية, هذه عقول فارغة تتنقل بين المذاهب كما تتنقل البغي بين الخلان, تغازل اللحظة هذه الفكرة, لتعرض عنها في لمح البصر إلى أخرى, وهكذا دواليك..
هذه أوهام وخيالات لا حقيقة لها ولا ثبات..
لكأني بهم قد تعلموا أصول هذه النحلة المضحكة على أيدي المهرجين والفنانين..
ما أشبه الأباعد بالبهلوان الذي يتلاعب بالكرات وهو يقفز من حبل إلى حبل..
فهم يتقافزون علينا بباطلهم ويحسبون أنهم على شيء..
أبهذا الفكر الهلامي تطمعون في نقض الإسلام ونسف الحق؟
أفندع كتاب ربنا وسنة نبينا إلى مقالات خرقاء لا يتفق اثنان على حدها ومعناها أبد الدهر؟
ما أخف أحلامكم! أف لكم ولما بعتم به دينكم...
فيا بني علمان, يا أفراخ العلوج لأنصبن الميزان لأبلو ,بما أوتيت من علم, ركام تلكم العبارات وحقيقة هاتيك المصطلحات
حتى يرى كل ذي عينين أنكم عدلتم عن كتاب رب السماء لتتعلقوا بنحلة كالهباء...