المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحكمة والتعليل من الخلق - تساؤلات



نور الدين الدمشقي
09-14-2013, 07:36 PM
اخوة الايمان - اقوم ببحث صغير حول العلة من الخلق - وانا مهتم به كثيرا - فارجوا من الاساتذة الافاضل المتخصصين المساعدة في الاجابة عن بعض التساؤلات لدي وجزاكم الله خيرا مقدما:
مقدمة:
لما علمنا ان الخالق هو اصدق من يخبرنا عن علة الخلق (خلق الكون عامة والانسان خاصة) - فان الاجابة عن التساؤل الوارد في اذهان جميع البشر عن سبب وجودهم لا يمكن ان تخرج عن ما وردنا من نصوص في كتاب الله وسنة نبيه.

س1: هل يفرق بين "الحكمة" و "العلة" في مبحث الخلق؟ كما يفرقه الأصولويون

"وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون":
ٍس2: هل العلة من خلق الانس والجن العبادة؟ الجواب نعم كما أظن- لكن وجدت وانا اقرأ من ذكر التفريق في اللام الواردة في كلمة "ليعبدون" بين لام العلة و لام الغاية والعاقبة. ووقفت على قول بعضهم في الآية:

"اللام للغاية والعاقبة لا للعلة الباعثة لما هو معلوم أن الله لا يبعثه شيء على شيء" - (المصدر: http://jamharah.net/showpost.php?p=51432&postcount=5)
وذكر في الوصلة ان مصدر الشرح هو الجمل: 4/ 205-206 - واظنه يقصد "الجمل في النحو" للخليل - فرجعت الى ذلك الكتاب (بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة - الطبعة الأولى) فلم اجد تلك العبارة في بحث اللامات ولا في باقي الكتاب - ولا ادري ما مصدرها. لكن وقفت على من ذكر انه قد جاءت في كتاب "دراسات لأسلوب القرآن الكريم" للدكتور محمد عبدالخالق عضيمة في تفسير اللام في الآية الكريمة العبارة ذاتها (رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/41780/#ixzz2esrxtUjP)

ملاحظة: وقفت على كلام شيخ الاسلام كذلك الذي ذكر ان اللام للتعليل كما في الفتاوى: (http://ar.islamway.net/fatwa/14522) - وكذلك ذكر صاحب التحرير والتنوير في تفسيره لتلك الآية (انها لام العلة)

س3: هل يصح القول ان الله لا يبعثه شيء على شيء؟ (وما معناه تماما؟)
ملاحظة: وجدت مثل هذا القول في كتب الاصوليين من مثل حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (http://islamport.com/d/2/usl/1/75/686.html)

س4: "لو صح القول في س3 - فهل يلزم منه ان اللام في "ليعبدون" تكون للغاية والعاقبة (الشرعية لا القدرية فيما فهمت) - لا للتعليل؟

س5: فهمت مما قرأت في تفاسير الآية ان العبادة هي "من" الحكم (او العلل) في خلق الانسان - وليست كل الحكم والعلل - فهل يصح هذا الفهم؟
وانقل بعض كلام صاحب التحرير والتنوير:

"فالحصر المستفاد من قوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون قصر علة خلق الله الإنس والجن على إرادته أن يعبدوه ، والظاهر أنه قصر إضافي وأنه من قبيل قصر الموصوف على الصفة ، وأنه قصر قلب باعتبار مفعول " يعبدون " ، أي : إلا ليعبدوني وحدي ، أي : لا ليشركوا غيري في العبادة ، فهو رد للإشراك ، وليس هو قصرا حقيقيا فإنا وإن لم نطلع على مقادير حكم الله تعالى [ ص: 27 ] من خلق الخلائق ، لكنا نعلم أن الحكمة من خلقهم ليست مجرد أن يعبدوه ؛ لأن حكم الله تعالى من أفعاله كثيرة لا نحيط بها ، وذكر بعضها كما هنا مما يقتضي عدم وجود حكمة أخرى ، ألا ترى أن الله ذكر حكما للخلق غير هذه كقوله ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم بله ما ذكره من حكمة خلق بعض الإنس والجن كقوله في خلق عيسى ولنجعله آية للناس ورحمة منا . " انتهى

س6: وقفت على هذا الكلام في علة الخلق - فهل يصح؟: (بارك الله فيكم):

السؤال: العلّة من وراء خلق الله تعالى للخلق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ما هي العلة من وراء خلق الله تعالى لكل هذه المخلوقات من دقيقها إلى كبيرها ومن قديمها إلى جديدها ومن قريبها إلى بعيدها إذا كان الجواب لإظهار قدرة الله تعالى فهناك الكثير من المخلوقات لم يكن أصلا الإنسان موجودا في وقتها أو على عهد قريب منها حتى يرى على الأقل نتائجها بعد أن فنت وأنتهت حيث أن هناك الكثير من المجرات قد خلقها الله قبل خلقة الإنسان بآلاف السنين وقد أندثرت هذه المجرات ولم تسمع بها البشرية وليس للبشرية علم بها وكذلك في زمننا الحالي هناك مجرات ونجوم بعيده كل البعد عن كوكبنا حيث أننا نجهل مكانها وحجمها ومسارها ولو أن الله تبارك وتعالى قد خلق عشر هذه النجوم والمجرات لكفي لإظهار قدرته عزوجل..
ودمتم.
الجواب:

الأخ أحمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: ان العلة الغائية غير العلة الفاعلية , والعلم بالعلة الغائية يسبق وجود الشئ ,نعم تحققها في الخارج يكون بعد وجود الشئ, وهي من الجهة الأولى سميت بالعلة . فسؤالك لماذا خلق الخلق حتى يوجد لهم بعد ذلك المصلحة ؟ ليس في محله , فالمصلحة سابقة في علم الله .

ثانياً: وأما بالنسبة لإظهار القدرة للملائكة في خلق السموات والأرض في ستة أيام، فقد جاء في ضمن رواية عن أهل البيت (ع) وهو جواب عن سبب الخلقة في ستة أيام لا عن سبب أصل خلق السموات والأرض .

ثالثاً: وأما سبب خلق الملائكة فالملائكة مدبرة لهذا العالم بأذن الله , والنظام الأتم الذي خلق الله العالم عليه يتم عن طريق الأسباب والمسببات والملائكة تدخل في ضمن سلسلة الأسباب والمسببات طوليا بالنسبة لقدرة الله تعالى فلاحظ .
وللتفصيل في الجواب وجمعه بشكل علمي بحت ننقل كلام الشيخ مصباح اليزدي في المنهج الجديد في تعليم الفلسفة, قال:
إن مسألة هدف الخلق والعالم تعتبر من المسائل المهمة في الفلسفة الإلهية وعلم الكلام, وقد جرت فيها بحوث متعددة وأبديت فيها وجهات نظر مختلفة: فمن جهة أنكر بعض أصحاب الرأي ، الهدف والعلة الغائية في الأفعال الإلهية, ومن جهة أخرى اعتبر البعض الهدف الإلهي هو إيصال النفع إلى المخلوقات , وذهبت فئة ثالثة إلى القول بوحدة العلة الفاعلية والعلة الغائية في المجردات.
وبشكل عام فإنه توجد في المضمار أحاديث طويلة لا يسعنا هنا نقلها ونقدها. ولهذا فنحن نشرح أولا مفهوم الهدف والمصطلحات الفلسفية المشابهة له, ثم نستعرض مقدمات مفيدة في توضيح المسألة ورفع الشبهات عنها, وبالتالي نبين المعنى الصحيح لكون الله هادفا.الهدف والعلة الغائية:
يطلق الهدف في اللغة على النقطة التي يوجه إليها السهم, ويقصد منه في المحاورات العرفية نتيجة الفعل الاختياري التي يأخذها الفاعل المختار بعين الاعتبار منذ البدء ويؤدي الفعل من أجل الوصول إليها, بحيث إذا لم تقصد نتيجة الفعل فإن الفعل لا يتم إنجازه. وتسمّى نتيجة الفعل بـ (الغاية) من جهة أنها ينتهي إليها الفعل وتسمى ب ((الهدف والغرض)) من جهة أنها منذ البدء كانت مورد نظر وقصد الفاعل, ويطلق عليها اسم ((العلة الغائية)) من جهة إن مطلوبيتها تؤدي إلى تعلق إرادة الفاعل بإنجاز الفعل, إلا أن المؤثر الحقيقي في إنجاز الفعل هو العلم والحب للنتيجة وليس وجودها الخارجي, بل النتيجة الخارجية في الواقع معدولة للفعل وليست علة له .
وتستعمل كلمة ((الغاية)) عادة بمعنى ما تنتهي إليه الحركة, والنسبة بين مواردها وموارد الهدف هي ((العموم والخصوص من وجه)), لأنه في الحركات الطبيعية لا يمكن الأخذ بعين الاعتبار هدفا لفاعلها الطبيعي, ولكن مفهوم الغاية يصدق على ما تنتهي إليه تلك الحركات, ومن جهة أخرى ففي الأفعال الإيجادية حيث لا توجد حركة فإنه يصدق الهدف والعلة الغائية, إلا أن الغاية بمعنى ما تنتهي إليه الحركة لا مجال لها هنا . ولكنه أحيانا تستعمل الغاية بمعنى العلة الغائية, ومن هنا لابد من الدقة حتى لا يحصل خلط بين المعنيين فتنسب أحكام أحدهما للآخر.
وقد كانت العلاقة بين الفاعل والفعل ونتيجته موضوعا لبحوث فلسفية متعددة, ونحاول هنا توضيح بعض المطالب المرتبطة بموضوع بحثنا الحالي والمفيدة لتبيين المعنى الصحيح للهدف الإلهي من الخلق.

تنبيه على عدة ملاحظات:
1- إن الأفعال الاختيارية للإنسان تتم عادة بهذه الصورة, حيث يظهر أولا تصور للفعل ونتيجته, ويتم التصديق بمقدمية الفعل لحصول النتيجة والفائدة المرتبة عليه, ثم يحصل الشوق في النفس إلى الخير والكمال والفائدة المترتبة على الفعل, وفي ظل ذلك ينبع الشوق إلى الفعل نفسه, فيما إذا كانت الشروط متوفرة والموانع مفقودة فإن الشخص يتخذ القرار للقيام بالفعل, وفي الحقيقة فإن العامل الأصلي والمحرك الواقعي لإنجاز الفعل هو الشوق إلى فائدته, ولهذا لابد من عد العلة الغائية هي الشوق, ويسمى متعلقه بالعلة الغائية مجازا وبالعرض.
لكنه لا ينبغي أن يتصور كون هذه المراحل ضرورية في كل فعل اختياري, بحيث أن كان الفاعل فاقدا للعلم الحصولي والشوق النفساني فإن فعله لا يكون اختياريا أو ليس له علة غائية, وإنما الضروري في كل فعل اختياري هو مطلق العلم والحب, سواء كان علما حضوريا أم حصوليا,وسواء أكان شوقا زائدا على الذات أم كان حبا هو عين الذات .
وبناء على هذا فالعلة الغائية في المجردات التامة هي نفس حبها لذواتها وهو يتعلق بآثار الذات أيضا بالتبع, ذلك الحب الذي هو عين ذات الفاعل, ولهذا فإن مصداق العلة الفاعلية والعلة الغائية في مثل هذه الموارد هو ذات الفاعل.
2- كما أشرنا من قبل فإن مطلوبية الفعل تابعة لمطلوبية الخير والكمال المترتب عليه, ومن هنا فإن مطلوبية الهدف تتمتع بالأصالة بالنسبة إلى مطلوبية الفعل
فإنها فرعية وتبعية. لكن الهدف الذي يقصد من إنجاز الفعل فقد يكون مقدمة للوصول إلى هدف أرفع, ومطلوبيته تتم أيضا في ظل مطلوبية شيء آخر, ولكنه بالتالي لابد أن يكون لكل فاعل هدف نهائي وأصيل تكتسب الأهداف المتوسطة والقريبة والمقدمات والوسائل المطلوبية في ظله. وعلى ايّ حال فمطلوبية الفعل فرعيه وتبعيه, وأما الإحالة في الأهداف فإنها تتوقف على قصد الفاعل ونيته ودوافعه, فقد يعد أحد الأهداف هدفا متوسطا لفاعل معين وهدفا نهائيا وأصيلا لفاعل آخر.
3- إن المطلوبية الأصيلة للهدف والمطلوبية الفرعية للفعل والوسيلة تظهر في النفوس بصورة الشوق, ومتعلق هذا الشوق هو كمال مفقود يتحقق نتيجة للفعل أما في المجردات التامة حيث تكون كل الكمالات الممكنة الحصول لها موجودة بالفعل فإن الخير والكمال المفقود ليس متصورا حتى يحصل بواسطة الفعل, وفي الواقع فالحب للكمال الموجود هو الذي يتعلق بآثاره بالتبع ويؤدي إلى إفاضة تلك الآثار, أي إنجاز الفعل الايجادي. إذن مطلوبية الفعل لدى المجردات فرعية وتبعية أيضا, لكنها تابعة للكمال الموجود وليست تابعة لمطلوبية الكمال المفقود.

رابعاً: قد يكون للأفعال التي يقوم بها الأنسان آثار متعددة وهو لا يلتفت إليها جميعا أو لا يتمتع بالدافع للظفر بها, ولهذا فهو يقوم بالفعل عادة للوصول إلى أحد الآثار والنتائج, وإن كان من الممكن أيضا أن يؤدي الفعل لعدة أهداف في عرض بعضها.
أما في مورد المجرد التام فإن جميع آثار الخير المترتبة على الفعل تكون مورد نظره ومطلوبة له, وصحيح أن مطلوبيتها جميعا تابعة لمطلوبية الكمال الموجود فيه, ولكنه قد توجد علاقة الأصالة والتبعية النسبية بين الأشياء المطلوبة بالتبع, فمثلا وجود العالم ووجود الإنسان من جهة كونها شعاعا من الكمال الإلهي يكونان مطلوبين بالتبع لله تعالى, لكن لما كان الإنسان متميزا بكمالات أكثر وأرفع, ويعتبر وجود العالم مقدمة لوجوده فلهذا يمكن القول إن للإنسان مطلوبية أصيلة بالنسبة لمطلوبية العالم.إن الله تعالى هادف:
بالالتفات إلى الملاحظات التي بيناها تتضح ضرورة وجود العلة الغائية لكل فعل اختياري, سواء أكان الفعل إيجادياً أم إعداديا, وسواء أكان دفعياً أم تدريجيا, وسواء أكانت فاعلية الفاعل بالقصد أم بالرضا أم بالعناية أم بالتجلي.
والعلة الغائية هي في الحقيقة أمر في ذات الفاعل وليست نتيجة فعله الخارجية, وإطلاق العلة الغائية على النتيجة الخارجية إطلاق مجازي وبالعرض,وهو بلحاظ أن محبة الفاعل أو رضاه أو شوقه قد تعلق بحصولها, وكون النتيجة الخارجية غاية للأفعال الإعدادية والتدريجية بمعنى ما تنتهي إليه الحركة لا علاقة له بالعلة الغائية, والغاية بالذات للحركة غير العلة الغائية بالذات (تحسن الدقة هنا).
وبناء على هذا تكون الأفعال الإلهية ذات علة غائية أيضا من جهة أنها اختيارية, وكون الساحة الإلهية المقدسة منزهة عن العلوم الحصولية والشوق النفساني لا يستلزم نفي العلة الغائية عن ذاته, كما أنه لا يستلزم نفي العلم والحب عن ذاته المقدسة.
وبعبارة أخرى: إن نفي الداعي والعلة الغائية الزائدة على الذات عن المجردات التامة والفاعل بالعناية وبالرضا وبالتجلي لا يعني نفي مطلق الهدف عن هؤلاء وقصر الهدف على الفاعل بالقصد, وكما أن العقل يتناول المفاهيم المأخوذة من الصفات الكمالية للمخلوقات ويجردها من ألوان المحدوديات واللوازم المادية والإمكانية وينسبها لله تعالى بعنوان كونها صفات إيجابية, فكذا الحب والكمال فإنه بعد تجريده من جهات النقص والإمكان يثبته للذات الإلهية ويعتبره العلة الغائية لأفعاله سبحانه, ولما كانت جميع الصفات الذاتية الإلهية عين ذاته المقدسة فهذه الصفة التي هي العلة الغائية للخلق ومنشأ الإرادة الفعلية تعتبر عين أيضاً وبالتالي تصبح العلة الفاعلية والعلة الغائية للافعال الإلهية هي نفس ذاته المقدسة ذاته المقدسة. وكما أن العلم الإلهي يتعلق بالأصالة بذاته المقدسة, وبالتبع بمخلوقاته التي تعد تجليات لوجوده مع اختلاف مراتبها ودرجاتها, فالحب الإلهي يتعلق بالأصالة أيضا بذاته تعالى وبالتبع بخير وكمال مخلوقاته, وتسود بينها أيضا الأصالة والتبعية النسبية في المحبوبية والمطلوبية, إي إن الحب الإلهي للمخلوقات يتعلق في الدرجة الأولى بأكملها الذي هو أول مخلوق, ثم يمتد إلى سائر المخلوقات, الأكمل بالأقل كمالا. وحتى بين الماديات والجسمانيات التي ليس بينها تشكيك خاص فإنه يمكن عد وجود الأكمل هدفا لخلق الأنقص, وبالعكس يمكن اعتبار الجمادات مقدمة لظهور النباتات والنباتات مقدمة لظهور الحيوانات والجميع مقدمة لظهور الإنسان: (( خلق لكم ما في الأرض جميعاً )) (البقرة:29), وبالتالي يمكن عد الحب للإنسان الكامل علة غائية لخلق العالم المادي. وبهذا المعنى نستطيع القول إن سبحانه خلق العالم المادي من أجل تكامل الموجودات الجسمانية ووصولا إلى خيرها وكمالها الواقعي, لأن كل موجود له مراحل مختلفة من الكمال والنقص فإن أكمل مراحله تتمتع بالأصالة النسبية في المحبوبية والمطلوبية, ولكنه لا يلزم من ذلك أن تكون الموجودات الأنقص أو المراحل الأنقص لوجود أحد المخلوقات غير متمتعة بأي درجة من المطلوبية.
وعلى هذا المنوال يمكننا أن نأخذ بعين الاعتبار أهدافا طولية لخلق نوع الإنسان, أي إن الهدف النهائي هو وصوله إلى آخر مراتب كماله ونيله للقرب الإلهي والتمتع بأرفع وأدوم الفيض والرحمة والرضوان الأبدي. والهدف المتوسط هو تحقق العبادة والطاعة لله سبحانه وهي تعتبر وسيلة للوصول إلى ذلك المقام الرفيع والهدف النهائي, والهدف القريب هو توفر الأرضية المادية والاجتماعية وتحقق المعرفة اللازمة للانتخاب الحر لسبيل الحياة السليمة وانتشار عبادة الله في المجتمع.
ولهذا فإنه في القرآن الكريم بعد التأكيد على أن خلق العالم والأنسان ليس باطلا ولا عبثاً بل له هدف حكيم (آل عمران /191,ص27, الأنبياء/16-17, الدخان/38-39, الجاثية/22, إبراهيم/19, الحجر/85, النحل/3, العنكبوت/44, الروم /8, المؤمنون/115) فهو يعلن من ناحية أن الهدف لخلق العالم هو توفرّ أرضية الامتحان والانتخاب الحر للإنسان (هود/7, الملك/2, الكهف/7), ويصرح من ناحية أخرى بأن الهدف من خلق الإنسان هو عبادة الله تعالى (الذاريات/56, يس/61), وبالتالي فإنه يعد الهدف النهائي هو جوار الرحمة الإلهية والظفر بالفوز والفلاح والسعادة الأبدية (هود/108-119, الجاثية/23, آل عمران/15, التوبة/72). وبالالتفات إلى ما ذكرناه نستطيع أن نبين طريقا للجمع بين الأقوال الثلاثة المذكورة في صدر البحث فنقول: إن مقصود الذين عدوا العلة الغائية هي الذات الإلهية المقدسة فحسب هو أن المطلوب الذاتي وبالأصالة لله سبحانه ليس شيئاً سوى ذاته المقدسة التي هي الخير المطلق والمتميزة بالكمالات اللانهائية, ومقصود الذين ينكرون العلة الغائية للأفعال الإلهية هو إنه ليس له داعف زائٌد على الذات, وفاعليته ليست من قبيل الفاعلية بالقصد, ومقصود الذين يعدّون العلة الغائية والهدف من الخلق هو إيصال النفع إلى المخلوقات أو وصولها إلى الكمال هو أن يبينوا الهدف الفرعي والتبعي. والحاصل أنه يمكننا أن نأخذ بعين الاعتبار تأويلاً صحيحا للقولين الآخرين بحيث لا تغدو فيهما منافاة للقول الذي تبنيناه.

نور الدين الدمشقي
09-14-2013, 07:47 PM
اضيف نقلين مهمين ومتعلقين:

قال ابن القيم في بدائع الفوائد (1/175) :" وسمعت شيخنا أبا العباس بن تيمية يقول يستحيل دخول لام العاقبة في فعل الله فإنها حيث وردت في الكلام فهي لجهل الفاعل لعاقبة فعله كالتقاط آل فرعون لموسى فإنهم لم يعلموا عاقبته أو لعجز الفاعل عن دفع العاقبة نحو لدوا للموت وابنوا للخراب فأما في فعل من لا يعزب عنه مثقال ذرة ومن هو على كل شيء قدير فلا يكون قط إلا لام كي وهي لام التعليل ولمثل هذه الفوائد التي لا تكاد توجد في الكتب يحتاج إلى مجالسة الشيوخ والعلماء"
وبين الكاتب في هذه الوصلة ان الاختلاف بين اللام الغائية ولام التعليل أقرب للشكلي (س7: فما رأيكم) - (اظن هذا مربط الفرس في الموضوع):
http://www.islamweb.net/ramadan/index.php?page=article&lang=A&id=174017
وانقله لفائدته:

الناظر في تفاسير القرآن الكريم، يجد المفسرين في مناسبات عديدة، يقفون عند حروف معينة، يقلِّبون النظر في دلالاتها، ويطيلون التأمل في معانيها، ومن ثَمَّ يوجِّهون معنى الآية على أساس ما ينكشف لهم من معنى هذا الحرف أو ذاك. وقد تلتقي أنظارهم في هذا النظر والتأمل وتتفق، وقد تفترق وتختلف. ومن هذا القبيل قولهم: (اللام) في الآية لام العاقبة، وليست لام التعليل. فما حقيقة لام العاقبة؟ وماذا يقصدون بهذه (اللام) على وجه التحديد؟

يقول أهل العربية في هذا الخصوص: إن (اللام) في لسان العرب قد تكون بمعنى العاقبة. نظير ذلك أن يسقي الرجلُ الرجلَ دواءً ليشفيه من دائه فيتلف، فيقال: سقاه دواء فقتله، وسقاه ليقتله. فهو سقاه الدواء ليس بقصد قتله، وإنما سقاه دواء، فكانت نتيجة ذلك أن قُتل ذلك المريض. ويسمون هذه (اللام) لام الصيرورة، ولام العاقبة، ولام المآل، ولام الصيور، ونحو ذلك من التسميات التي تفرق بين هذه (اللام) و(لام التعليل) التي تفيد ترتب المعلول على العلة. وقد يسمون هذه (اللام) لام التعليل مجازاً؛ إذ هي بمعنى التعليل، لكنه ليس تعليلاً حقيقياً.

والمفسرون يوجهون هذه (اللام) بقولهم: "إن لام العاقبة إنما تكون فيما لا يكون للفاعل شعور بالترتب وقت الفعل أو قبله، فيُفعل لغرض، ولا يحصل له ذلك، بل ضده، فيُجعل كأنه فَعَل الفعل لذلك الغرض الفاسد؛ تنبيهاً على خطئه"، أو يقولون: "شُبِّه الحاصل عقب الفعل بالغرض الذي يُفعل الفعل لتحصيله، واستعير لذلك المعنى حرفُ اللام عوضاً عن فاء التعقيب". وبهذا تعلم أن المراد بـ (لام العاقبة) تنزيل الحاصل المحقق حصولُه بعدَ الفعل منزلة الغرض المقصود من الفعل. وشبِّه ترتب الشيء على شيء آخر، ليس علةً فيه، بترتب المعلول على العلة للمبالغة في قوة الترتب، حتى صار كأنه مقصود لمن ظهر عنده أثره.

ونحن نسوق لك أمثلة على هذه (اللام) في القرآن؛ ليتضح المراد منها، وليتبين على ضوء ذلك فهم المراد من الآيات التي جاءت وفق هذا المنحى.

المثال الأبرز والأشهر بصدد ما نحن فيه ما جاء في قصة موسى عليه السلام مع فرعون الطاغية، وذلك قوله تعالى:{فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} (القصص:8). فالنظر الأولي في هذه الآية يُفهم أن التقاط آل فرعون لموسى عليه السلام إنما كانت الغاية منه، أن يتخذوه عدواً، يجلب لهم الحزن والهم والغم. بيد أنه عند التدقيق في الآية، فإن هذا غير مراد قطعاً؛ لأنهم لم يكن داعيهم إلى التقاطه أن يكون لهم عدواً وحزناً، ولكنهم التقطوه رأفة به، وحباً له، لما أُلقي في نفوسهم من شفقة عليه، ولكن لما كانت عاقبة التقاطهم إياه أن كان لهم عدواً في الله، ومُوجب حزن لهم، شُبِّهت العاقبة بالعلة في كونها نتيجة للفعل، كشأن العلة غالباً، واستعير لترتب العاقبة المشبهة الحرف الذي يدل على ترتيب العلة.

ومن هذا القبيل قوله تعالى: {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك} (يونس:88). فالمعنى: إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً، فضلوا بذلك وأضلوا. وموسى عليه السلام أفضل من يعلم أن الله سبحانه أعطاهم هذه الأموال لغاية أسمى وأرفع، وأن العاقبة التي ستنتهي إليها إعطاء هذه الأموال عاقبةٌ معلومة. ومن ذلك قوله تعالى:{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} (النحل:25)، فـ (اللام) في قوله: {ليحملوا} غاية، وليست بعلَّة؛ لأنهم لما قالوا: {أساطير الأولين} (النحل:24) لم يريدوا أن يكون قولهم سبباً لأن يحملوا أوزار الذين يضلونهم، بل تقدير الكلام: قالوا ذلك القول كحال من يُغرى على ما يجرُّ إليه زيادة الضر؛ إذ حملوا بذلك أوزار الذين يُضلونهم زيادة على أوزارهم.

ومن ذلك قوله سبحانه: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا} (الروم:41) فـ (اللام) في قوله: {ليذيقهم} لام العاقبة، والمعنى: فأذقناهم بعض الذي عملوا.

ومن ذلك قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما} (آل عمران:178)، أي: إنما نملي لهم فيزدادون إثماً، فلمّا كان ازدياد الإثم ناشئاً عن الإملاء، كان كالعلّة له، ولا سيما وازدياد الإثم يعلمه الله فهو حين أملى لهم، عَلَمَ أنّهم يزدادون به إثماً، فكان الازدياد من الإثم شديد الشبه بالعلة، أما علة الإملاء في الحقيقة، فهي شيء آخر يعلمه الله.

ومن ذلك قوله سبحانه: {إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} (فاطر:6)، (اللام) هنا يجوز أن تكون لام العاقبة، قال ابن عطية: لأنه لم يدْعُهم إلى السعير، إنما اتفق أن صار أمرهم عن دعائه إلى ذلك.


ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله} (الزمر:8)، فـ (اللام) في قوله سبحانه: {ليضل} لام العاقبة؛ لأن الإضلال لما كان نتيجة (الجعل)، جاز تعليل الجعل به، كأنه هو العلة للجاعل. والمعنى: وجعل لله أنداداً، فضل عن سبيل الله.

ومن ذلك أخيراً وليس آخراً قوله سبحانه: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} (النحل:116) فـ (اللام) في قوله: {لتفتروا} لام العاقبة؛ لأن ما صدر منهم ليس لأجل الافتراء على الله تعالى، بل لأغراض أخر، أي: فيتعقب ذلك افتراؤكم على الله الكذب بالتحليل والتحريم، وإسناد ذلك إليه من غير أن يكون منه تحليل ولا تحريم.

إذا علمت هذا، فاعلم أيضاً أن الشيخ الشنقيطي لم يوافق وما ذهب إليه كثير من المفسرين من اعتبار هذه (اللام) لام العاقبة، بل ذهب إلى أن (اللام) كما تأتي للدلالة على ترتب المعلول على علته الغائية، فهي أيضاً تأتي للدلالة على ترتب أمر على أمر.

وقد وضَّح الشيخ الشنقيطي رأيه هذا عند تفسيره لقوله تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} (القصص:8)، إذ قال: "إن العلة الغائية الباعثة لهم على التقاطه ليست هي أن يكون لهم عدواً، بل ليكون لهم قرة عين. ولكن لما كان كونه عدواً لهم وحزناً يترتب على التقاطهم له، كترتب المعلول على علته الغائية، عبَّر فيه باللام الدالة على ترتيب المعلول على العلة. وهذا أسلوب عربي، فلا حاجة إلى ما يطيل به البيانيون في مثل هذا المبحث".

وقد أيد الشيخ الشنقيطي ما ذهب إليه بما ذكره ابن كثير عند تفسيره للآية نفسها، حيث قال: "إذا نُظر إلى معنى السياق، فإنه تبقى (اللام) للتعليل؛ لأن معناه: أن الله تعالى قيَّضهم لالتقاطه، ليجعله عدواً لهم وحزناً، فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه". وأنت ترى أن كلام ابن كثير قوي في الدلالة على ما ذهب إليه؛ ما جعل الشيخ الشنقيطي بعد أن نقل كلامه يعقب بقوله: "وهذا المعنى هو التحقيق في الآية إن شاء الله تعالى".

ومهما يكن، فإن ما ذكرناه لك بداية، ورتبنا هذه السطور لبيانه هو الذي عليه أكثر المفسرين في كتبهم، وهو الذي عليه أيضاً أكثر أهل اللغة والبيان، ولو دققنا النظر فيما ذهب إليه جمهور المفسرين، وما ذهب إليه الشيخ الشنقيطي، لوجدنا الخلاف في خاتمة المطاف خلافاً شكلياً، لا يترتب عليه فائدة عملية. غاية ما في الأمر، أن من اعتبر (اللام) في الآيات السالفة (لام العاقبة) نظر إلى المسألة بمنظار أهل النحو واللغة والبيان، ومن اعتبر هذه (اللام) (لام تعليل) نظر إلى المسألة بمنظار الأسباب والعلل والنتائج، ورد كل شيء إلى مسبب الأسباب.

أمَة الرحمن
09-14-2013, 08:51 PM
هل العلة من خلق الانس والجن العبادة

أعتقد - و الله أعلم - أن هذه العلّة هي ارادة الله الشرعية من الخلق (التكليف بالعبادة).

و كما أن لله ارادة شرعية فإن له ارادة كونية من الخلق، كما قال تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك، ولذلك خلقهم). ففي هذا الاختلاف تظهر نعمة الله على الإنسان بأن منحه إرادة حرة تجعله يقبل أو يرفض هذا التكليف بالعبادة، ثم جعل حريته هذه مسئولة بحيث يحاسب عليها.

و لا أدري ان كان يصحّ أن نعتبر الاختلاف بين الناس من احدى علل الخلق أم أن نعتبرها مجرد سنة من سنن الله في الدنيا.

نور الدين الدمشقي
09-14-2013, 10:50 PM
و كما أن لله ارادة شرعية فإن له ارادة كونية من الخلق
لعل هذا اقرب للاجابة عن السؤال الخامس - ولذلك نوه عليه الامام الطاهر بقوله:
" وليس هو قصرا حقيقيا فإنا وإن لم نطلع على مقادير حكم الله تعالى [ ص: 27 ] من خلق الخلائق ، لكنا نعلم أن الحكمة من خلقهم ليست مجرد أن يعبدوه"
وما اريده في السؤال الثاني تحديدا هو: هل من قال بأن اللام في "ليعبدون" للغاية - يصرف العبادة عن كونها علة للخلق - ام انها على كل الأحوال تبقى علة - وان كان الأخير فهل هناك اي تأثير لقولنا هي لام تعليل او لام صيرورة (او غاية)؟

و لا أدري ان كان يصحّ أن نعتبر الاختلاف بين الناس من احدى علل الخلق أم أن نعتبرها مجرد سنة من سنن الله في الدنيا.
بحثت في تفاسير هذه الآية اثناء بحثي عن تفسير الآية التي نحن بصددها - وذكر المفسرون عدة اقوال في تفسير "ولذلك خلقهم" - وذكروا انها لام التعليل. الا انه اشكل علي كذلك قول من فسرها: للرحمة خلقهم - وبه قال ابن عباس. ونقلا عن تفسير ابن كثير:

وقيل : للرحمة خلقهم . قال ابن وهب : أخبرني مسلم بن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقنا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة . كما قال الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة . ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [ الذاريات : 56 ] .
ووجه الاشكال في ذلك انه لو كانت اللام للتعليل - لكانت علة الخلق الرحمة - فهل هذا يصح؟ (وهذا س8) :)

نور الدين الدمشقي
09-14-2013, 11:06 PM
وبالمناسبة قولك هو ما نقل عن مجاهد (اقتبس من اضواء البيان):

وقال بعض أهل العلم : وهو مروي عن مجاهد أيضا معنى قوله : إلا ليعبدون : أي إلا لآمرهم بعبادتي فيعبدني من وفقته منهم لعبادتي دون غيره ، وعلى هذا القول : فإرادة عبادتهم المدلول عليها باللام في قوله : ليعبدون - إرادة دينية شرعية وهي الملازمة للأمر ، وهي عامة لجميع من أمرتهم الرسل لطاعة الله ، لا إرادة كونية قدرية ، لأنها لو كانت كذلك لعبده جميع الإنس والجن ، والواقع خلاف ذلك بدليل قوله تعالى : قل ياأيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد إلى آخر السورة .
وهناك من قال:

وقال بعض العلماء : معنى قوله : إلا ليعبدون : أي " إلا ليقروا لي بالعبودية طوعا [ ص: 445 ] أو كرها " ، لأن المؤمن يطيع باختياره والكافر مذعن منقاد لقضاء ربه جبرا عليه ، وهذا القول رواه ابن جرير عن ابن عباس واختاره ، ويدل له قوله تعالى : ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها [ 13 \ 15 ] ، والسجود والعبادة كلاهما خضوع وتذلل لله - جل وعلا - وقد دلت الآية على أن بعضهم يفعل ذلك طوعا وبعضهم يفعله كرها .

نور الدين الدمشقي
09-14-2013, 11:27 PM
وقعت على مقال فيه ما يأتي - فما رأيكم بما ذكر من جمع للأدلة:


الجدير بالذكر أن هناك إشارات وردت في آيات عديدة من القرآن الكريم تبين الهدف من خلق الإنسان أوالكون، وقد تبدومختلفة، ولكن بالنظرة الدقيقة نلاحظ أنها ترجع إلى حقيقة واحدة:

1- في الآية (56) من سورة الذاريات يعتبر "العبادة" هي الهدف من خلق الجن والإنس ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

2- وفي الآية (7) من سورة هود يضع امتحان الإنسان وتمحيصه كهدف لخلق السماوات والأرض: ﴿ َهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾.

3 - في الآية (119) من سورة هو د يقول: إن الرحمة الإلهية هي الهدف ﴿وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾.


13


4- وفي الآية (12) من سورة الطلاق اعتبر العلم والمعرفة بصفات الله هي الهدف ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماًْ﴾. إن تدقيقا بسيطاً في هذه الآيات يرينا أن بعضها مقدمة للبعض الآخر، فالعلم والمعرفة مقدمة للعبودية، والعبادة هي الأخرى مقدمة للامتحان وتكامل الإنسان، وهذا مقدمة للاستفادة من رحمة الله.
المصدر: http://www.almaaref.org/books/contentsimages/books/dourouss_thakafia/almotakoun/page/lesson1.htm

hamzaD
09-15-2013, 03:02 AM
العلة الحقيقية التي تتجاوز الارادة الشرعية في نظري ببساطة هي ارادته سبحانه ان تتجلى صفاته تعالى في الخارج بعد ان كان ازلا و لم يكن شيء غيره

مستفيد..
09-15-2013, 03:45 PM
اللام في ((ليعبدون)) هي لام التعليل..لأن لام العاقبة ضابطها أن يكون ما بعدها غير متوقع لما قبلها وهذا ممتنع في حق الخالق..
والله اعلم

أمَة الرحمن
09-15-2013, 05:38 PM
فما رأيكم بما ذكر من جمع للأدلة

أعتقد أنها الطريقة الأمثل. فلا نحصر حكمة الله في علل معينة، لأنه لا طاقة لمخلوق للإحاطة بعلم و حكمة الخالق. لكننا نتأمل آيات حكمة الخلق في القرآن و نجمع بين معانيها.

فنقول - باختصار - أن الله شاء خلق مخلوقات تعبده بالغيب (الجن و الإنس) و تتعرّف عليه من رسالات أنبيائه في الكتب السماوية و من تجليات صفاته و أقداره في الكون العظيم من حولنا، و شاء أن يمنح الجن و الإنس ارادة حرة يبتليهما بها و أن يجعل الإنسان خليفة في الأرض يعمرها و يحمل أمانة التكليف. و شاء أن يكون الاختلاف و التنوع سنة من سنن الكائنات في الدنيا، و من هذا الإختلاف و التنوع تتجلى معاني عظيمة متضادة - لا يعرف أحدها إلا بضدها - كالخير و الشر و العدل و الظلم و الإيمان و الكفر و التواضع و الكِبر الخ، فكان من الجن و الإنس منهم الكافر المستحق لعذاب النار بعدل الله و المؤمن الذي يتفضّل عليه بالخلود في الجنة برحمته و فضله.

و لا شك أن هنالك عللاً أخرى اقتضتها الحكمة الإلهية، لكن هذا ما جال بخاطري في هذه اللّحظة.

نور الدين الدمشقي
09-15-2013, 10:20 PM
العلة الحقيقية التي تتجاوز الارادة الشرعية في نظري ببساطة هي ارادته سبحانه ان تتجلى صفاته تعالى في الخارج بعد ان كان ازلا و لم يكن شيء غيره

قرأت ان هذه علة قدرية صحيح - لكن ما هو الدليل عليها بارك الله فيك؟

اللام في ((ليعبدون)) هي لام التعليل..لأن لام العاقبة ضابطها أن يكون ما بعدها غير متوقع لما قبلها وهذا ممتنع في حق الخالق..
بارك الله فيكم - في تفسير البغوي:


( فالتقطه آل فرعون ) والالتقاط هو وجود الشيء من غير طلب ، ( ليكون لهم عدوا وحزنا ) وهذه اللام تسمى لام العاقبة ولام الصيرورة ؛ لأنهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدوا وحزنا ولكن صار عاقبة أمرهم إلى ذلك . قرأ حمزة والكسائي : " حزنا " بضم الحاء وسكون الزاي ، وقرأ الآخرون بفتح الحاء والزاي ، وهما لغتان ، ( إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ) عاصين . آثمين .
ووقعت على كلام قيم للشيخ الشنقيطي في تفسيره - لعله يبين ان الارجح أنها لام علة على الحقيقة لا على المجاز - فيبدوا أن هذا هو الأصح - كما تفضلتم:

قوله تعالى : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا . اعلم أن التحقيق إن شاء الله ، أن اللام في قوله : فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا [ 28 \ 8 ] ، لام التعليل المعروفة بلام كي ، وذلك على سبيل الحقيقة لا المجاز ، ويدل على ذلك قوله تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله [ 76 \ 30 ] .

وإيضاح ذلك أن قوله تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله ، صريح في أن الله تعالى يصرف مشيئة العبد وقدرته بمشيئته جل وعلا ، إلى ما سبق به علمه ، وقد صرف مشيئة فرعون وقومه بمشيئته جل وعلا ، إلى التقاطهم موسى ; ليجعله لهم عدوا وحزنا ، [ ص: 151 ] فكأنه يقول : قدرنا عليهم التقاطه بمشيئتنا ليكون لهم عدوا وحزنا ، وهذا معنى واضح ، لا لبس فيه ولا إشكال ، كما ترى .

وقال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : ولكن إذا نظر إلى معنى السياق ، فإنه تبقى اللام للتعليل ; لأن معناه : أن الله تعالى قيضهم لالتقاطه ، ليجعله عدوا لهم وحزنا ، فيكون أبلغ في إبطال حذرهم منه ، انتهى محل الغرض من كلامه . وهذا المعنى هو التحقيق في الآية إن شاء الله تعالى ، ويدل عليه قوله تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله ، كما بينا وجهه آنفا .

وبهذا التحقيق تعلم أن ما يقوله كثير من المفسرين ، وينشدون له الشواهد من أن اللام في قوله : ليكون ، لام العاقبة والصيرورة خلاف الصواب ، وأن ما يقوله البيانيون من أن اللام في قوله : ليكون فيها استعارة تبعية في متعلق معنى الحرف ، خلاف الصواب أيضا .

وإيضاح مراد البيانيين بذلك ، هو أن من أنواع تقسيمهم لما يسمونه الاستعارة ، التي هي عندهم مجاز علاقته المشابهة أنهم يقسمونها إلى استعارة أصلية ، واستعارة تبعية ، ومرادهم بالاستعارة الأصلية الاستعارة في أسماء الأجناس الجامدة والمصادر ، ومرادهم باستعارة التبعية قسمان : أحدهما : الاستعارة في المشتقات ، كاسم الفاعل والفعل .

والثاني : الاستعارة في متعلق معنى الحرف ، وهو المقصود بالبيان .

فمثال الاستعارة الأصلية عندهم : رأيت أسدا على فرسه ، ففي لفظة أسد في هذا المثال استعارة أصلية تصريحية عندهم ، فإنه أراد تشبيه الرجل الشجاع بالأسد لعلاقة الشجاعة ، فحذف المشبه الذي هو الرجل الشجاع ، وصرح بالمشبه به الذي هو الأسد ، على سبيل الاستعارة التصريحية ، وصارت أصلية ; لأن الأسد اسم جنس جامد .

ومثال الاستعارة التبعية في المشتق عندهم قولك : الحال ناطقة بكذا ، فالمراد عندهم : تشبيه دلالة الحال بالنطق بجامع الفهم والإدراك بسبب كل منهما ، فحذف الدلالة التي هي المشبه ، وصرح بالنطق الذي هو المشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية ، واشتق من النطق اسم الفاعل الذي هو ناطقة ، فجرت الاستعارة التبعية في اسم الفاعل الذي هو ناطقة ، وإنما قيل لها تبعية ; لأنها إنما جرت فيه تبعا لجريانها في [ ص: 152 ] المصدر ، الذي هو النطق ; لأن المشتق تابع للمشتق منه ، ولا يمكن فهمه بدون فهمه ، وهذا التوجيه أقرب من غيره مما يذكرونه من توجيه ما ذكر .

ومثال الاستعارة التبعية عندهم في متعلق معنى الحرف ، في زعمهم هذه الآية الكريمة ، قالوا : اللام فيها كلفظ الأسد في المثال الأول ، فإنه أطلق على غير الأسد لمشابهة بينهما ، قالوا : وكذلك اللام أصلها موضوعة للدلالة على العلة الغائية ، وعلة الشيء الغائية هي ما يحمل على تحصيله ليحصل بعد حصوله ، قالوا : والعلة الغائية للالتقاط في قوله تعالى : فالتقطه ، هي المحبة والنفع والتبني ، أي : اتخاذهم موسى ولدا ، كما صرحوا بأن هذا هو الباعث لهم على التقاطه وتربيته ، في قوله تعالى عنهم : قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا [ 28 \ 9 ] ، فهذه العلة الغائية عندهم هي التي حملتهم على التقاطه ، لتحصل لهم هذه العلة بعد الالتقاط .

قالوا : ولما كان الحاصل في نفس الأمر بعد الالتقاط ، هو ضد ما رجوه وأملوه ، وهو العداوة والحزن ، شبهت العداوة والحزن الحاصلان بالالتقاط بالمحبة والتبني والنفع ، التي هي علة الالتقاط الغائية بجامع الترتب في كل منهما ، فالعلة الغائية تترتب على معلولها دائما ترتب رجاء للحصول ، فتبنيهم لموسى ومحبته كانوا يرجون ترتبهما على التقاطهم له ، ولما كان المترتب في نفس الأمر على التقاطهم له هو كونه عدوا لهم وحزنا ، صار هذا الترتب الفعلي شبيها بالترتب الرجائي ، فاستعيرت اللام الدالة على العلة الغائية المشعرة بالترتب الرجائي للترتب الحصولي الفعلي الذي لا رجاء فيه .

وإيضاحه أن ترتب الحزن والعداوة على الالتقاط أشبه ترتب المحبة والتبني على الالتقاط ، فأطلقت لام العلة الغائية في الحزن والعداوة ، لمشابهتهما للتنبي والمحبة في الترتب ، كما أطلق لفظ الأسد على الرجل الشجاع ، لمشابهتهما في الشجاعة .

وبعض البلاغيين يقول : في هذا جرت الاستعارة الأصلية أولا بين المحبة والتبني ، وبين العداوة والحزن اللذين حصولهما هو المجرور ، فكانت الاستعارة في اللام تبعا للاستعارة في المجرور ; لأن اللام لا تستقل فيكون ما اعتبر فيها تبعا للمجرور ، الذي هو متعلق معنى الحرف ، وبعضهم يقول : فجرت الاستعارة أولا في العلية والغرضية ، وتبعيتها في اللام ، وهناك مناقشات في التبعية في معنى الحرف تركناها ، لأن غرضنا بيان مرادهم بالاستعارة التبعية في هذه الآية بإيجاز .

[ ص: 153 ] وإذا علمت مرادهم بما ذكر ، فاعلم أن التحقيق إن شاء الله هو ما قدمنا ، وقد أوضحنا في رسالتنا المسماة " منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز " ، أن التحقيق أن القرآن لا مجاز فيه ، وأوضحنا ذلك بالأدلة الواضحة .


فما رأيكم بما ذكر من جمع للأدلة
أعتقد أنها الطريقة الأمثل. فلا نحصر حكمة الله في علل معينة، لأنه لا طاقة لمخلوق للإحاطة بعلم و حكمة الخالق. لكننا نتأمل آيات حكمة الخلق في القرآن و نجمع بين معانيها.

فنقول - باختصار - أن الله شاء خلق مخلوقات تعبده بالغيب (الجن و الإنس) و تتعرّف عليه من رسالات أنبيائه في الكتب السماوية و من تجليات صفاته و أقداره في الكون العظيم من حولنا، و شاء أن يمنح الجن و الإنس ارادة حرة يبتليهما بها و أن يجعل الإنسان خليفة في الأرض يعمرها و يحمل أمانة التكليف. و شاء أن يكون الاختلاف و التنوع سنة من سنن الكائنات في الدنيا، و من هذا الإختلاف و التنوع تتجلى معاني عظيمة متضادة - لا يعرف أحدها إلا بضدها - كالخير و الشر و العدل و الظلم و الإيمان و الكفر و التواضع و الكِبر الخ، فكان من الجن و الإنس منهم الكافر المستحق لعذاب النار بعدل الله و المؤمن الذي يتفضّل عليه بالخلود في الجنة برحمته و فضله.

و لا شك أن هنالك عللاً أخرى اقتضتها الحكمة الإلهية، لكن هذا ما جال بخاطري في هذه اللّحظة.
بارك الله فيك وهذا ما اميل اليه.
لذلك كنت أتساءل اننا عندما نسأل انفسنا ما علة وجودنا: الجواب الذي نسمعه دائما: عبادة الله. لكن الجواب الأدق: هناك حكم كثيرة نعلم منها ونجهل منها - ولا نعلم الا ما علمنا الله. فنعلم اننا خلقنا للعبادة وخلقنا للرحمة (على احد تفاسير "ولذلك خلقهم") وخلقنا لمعرفة الله (احد تفاسير "ليعبدون") -
وأن الله خلق الموت والحياة والسماوات والأرض للابتلاء والاختبار - وخلق السماوات والأرض لنعلم اسماء وصفات الله...
فهل هذا الفهم صحيح وموافق لقول اهل السنة؟

حتى الآن أظنني حصلت على جواب السؤال 2 والسؤال 5 - فأرجوا ان لا تبخلوا علينا بالمزيد بارك الله فيكم.

hamzaD
09-16-2013, 01:12 AM
قرأت ان هذه علة قدرية صحيح - لكن ما هو الدليل عليها بارك الله فيك؟
الدليل عليها اخي يكون حسب اعتقادك، فان كنت تعتقد بالعقيدة السلفية، فيلزمك الايمان بان الله لم يزل فاعلا و ان هناك افعال تتعدى ذات الله الى الخارج منذ الازل، و ان كوننا او عالمنا هذا سبقته حوادث اخرى، فيصير خلق الكون نتيجة حتمية لصفات الله، لانه على هذا القول، الله يلزمه ان يخلق، و انه تعالى ان لم يخلق يكون قد عطل عن صفاته.

و على العموم اهل السنة بكافة فرقهم اتفقوا على ان فعل الخلق واجب في حقه تعالى، فالله يجب ان يخلق ،و اختلفوا فقط في تعلقات هذا الفعل، هل هو تعلق قديم النوع و حادث في الاحاد كما قالت السلفية، او انه تعلق حادث وفق ارادة الله على قول الاشعرية.
فالخلق اخي واجب في حق الله، لكي تظهر صفاته...هذا ما يقول علماء العقيدة...

مستفيد..
09-16-2013, 01:09 PM
فيصير خلق الكون نتيجة حتمية لصفات الله، لانه على هذا القول، الله يلزمه ان يخلق، و انه تعالى ان لم يخلق يكون قد عطل عن صفاته.

هناك خلط اخي حمزة في هذه الجملة بين النوع والعين..فصفة الخلق قديمة قدم الخالق في حين أن الكون حادث أوجده الله في وقت دون وقت وفق إرادته ومشيئته سبحانه ولو تأخر إيجاده أو تقدم ما أثر ذلك في صفة الخالق..وربط الصفة بحتمية خلق الكون يفرض علاقة تلازم بين العلة والمعلول وهذا يجرنا للقول بقدم الكون والذي هو كما تعلم باطل..

hamzaD
09-16-2013, 05:30 PM
هناك خلط اخي حمزة في هذه الجملة بين النوع والعين..فصفة الخلق قديمة قدم الخالق في حين أن الكون حادث أوجده الله في وقت دون وقت وفق إرادته ومشيئته سبحانه ولو تأخر إيجاده أو تقدم ما أثر ذلك في صفة الخالق..وربط الصفة بحتمية خلق الكون يفرض علاقة تلازم بين العلة والمعلول وهذا يجرنا للقول بقدم الكون والذي هو كما تعلم باطل..
لا اريد الدخول اخي في حوارات هنا لاني ببساطة لست سلفيا بل اعرض فقط ما يقوله علماء السلفية في المسالة...و ساكتب في هذه المداخلة رأيي بشكل عام في الموضوع لكي لا افسد الموضوع على صاحبه.و ابدأ انه ليس هناك خلط اخي، و ليس العبد لله من يخطئ في امر كهذه في العقيدة السلفية...سيزول الاشكال ان نظرت اخي الى مداخلتي كوصف لعلة الخلق بشكل عام كما وضحت في اخر الجملة، و ليس وصفا فقط لعلة خلق كوننا هذا...و تستطيع ان تعوض كلمة " الكون " بكلمة " الحوادث" حتى يستقيم المعنى...لان الكون في نظركم من حيث هو "حادث" هو نتيجة حتمية لاحد الصفات الذاتية التي هي الحياة و التي تقتضي ان يكون صاحبها فعالا و من جملة هذه الافعال فعل الخلق. و منه فعل خلق كوننا هذا...هذه هي العلة الاساسية في خلق الكون، فقد اتضح انه يخلق لانه ببساطة حي...و ليس القول بان خلق الكون نتيجة حتمية لصفاته هو القول بانه تعالى علة لا يجب ان يتخلف عنها معلولها على قول الفلاسفة، فالفرق بين القولين كبير.
و عليه الله يجب ان يخلق، كما وجب عليه خلق حوادث و عوالم اخرى قبل كوننا هذا و كما سيفعل بعد كوننا هذا، اعلم ان هذا القول محرج قليلا لكن هذه هي الحقيقة لمن يؤمن بالقدم النوعي للحوادث....فالقضية تتجاوز ارادة الله على الاقل في هذه النقطة...و نحن الاشاعرة نتفق معكم في كون الله يجب ان يخلق و هذا ما ذكرته، لكن ما دفعنا للقول بذلك يختلف عما وصفته اعلاه، فالامر عندنا كله متوقف بالارادة و لا يلزم من كونه حيا ان يكون فاعلا و خالقا على الدوام كما تقولون، بل نعتبر ان فعل الخلق الممكن في ذاته اكتسب الوجوب في حقه تعالى لتعلقه بارادته الازلية.

مستفيد..
09-16-2013, 07:30 PM
إشارتك أخي حمزة لاستبدال الكون بالحوادث حتى يستقيم المعنى هي إشارة إلى أن المعنى لم يكن مستقيما..وهذا ما أشرنا إليه..فكيف تقول لم يقع خلط..فالفكرة بلفظ الكون مآلها إلى ماقال به بن سينا والفرابي..لربما سقطت منك سهوا ولكن في النهاية المعنى لم يكن مستقيما..
ثم أخي بقية كلامك ونبرة التهكم بكلام عام غير محمود بارك الله فيك..وليس مكانه أصلا !..والعجيب أن هذا التصرف يأتي عن خلفية أشعرية لا أدري أصلا لما أقحمت في الموضوع !..ابحث أخي الكريم عن نظرية الخلق المستمر عند الأشاعرة وأن العرض لا يبقى زمانين..وسترى بنفسك الإحراج وأكثر..

نور الدين الدمشقي
09-16-2013, 08:37 PM
الدليل عليها اخي يكون حسب اعتقادك، فان كنت تعتقد بالعقيدة السلفية، فيلزمك الايمان بان الله لم يزل فاعلا و ان هناك افعال تتعدى ذات الله الى الخارج منذ الازل
قصدت الدليل من الكتاب او السنة - فهل هناك من دليل على ذلك؟

و على العموم اهل السنة بكافة فرقهم اتفقوا على ان فعل الخلق واجب في حقه تعالى، فالله يجب ان يخلق

فالخلق اخي واجب في حق الله، لكي تظهر صفاته...هذا ما يقول علماء العقيدة
ما هو الدليل على هذه الجزئية بالتحديد؟ اؤمن أن الله سبحانه وتعالى خالق - لكن ما هو الدليل المدعم من الكتاب والسنة على ان علة الخلق هي اظهار صفات الله سبحانه؟

و عليه الله يجب ان يخلق، كما وجب عليه خلق حوادث و عوالم اخرى قبل كوننا هذا و كما سيفعل بعد كوننا هذا، اعلم ان هذا القول محرج قليلا لكن هذه هي الحقيقة لمن يؤمن بالقدم النوعي للحوادث....فالقضية تتجاوز ارادة الله على الاقل في هذه النقطة...و نحن الاشاعرة نتفق معكم في كون الله يجب ان يخلق و هذا ما ذكرته، لكن ما دفعنا للقول بذلك يختلف عما وصفته اعلاه، فالامر عندنا كله متوقف بالارادة و لا يلزم من كونه حيا ان يكون فاعلا و خالقا على الدوام كما تقولون، بل نعتبر ان فعل الخلق الممكن في ذاته اكتسب الوجوب في حقه تعالى لتعلقه بارادته الازلية.
اخي الكريم - اظنها سهوة منك ان تكتب ما فوق الخط - فهل قصدت ان هذا لازم قول اصحاب العقيدة السلفية؟ وما دليلك عليه - لأنني متأكد انه يستحيل ان يقول بهذا القول مسلم! فلا شيء يتجاوز ارادة الله سبحانه.
ملاحظة: ارجوا عدم تشتيت الموضوع - ولا مانع لدي من فهم جواب السؤال اذا كان يتعلق بجزئية فيها اقوال متعددة - لكن ارجوا التركيز على الاسئلة التي وضعت بارك الله فيكم ونفع بكم.

hamzaD
09-16-2013, 10:30 PM
ما عندي قلته اخي مستفيد، وقضية الخلق المستمر معروفة عند المتقدمين و الردود عليها موجودة
و سامحني ان اسأت الادب، و بارك الله فيك...

اخي نور الدين، استغرب انك ما زلت تسألني عن ذلك، فقد شرحت لماذا الله يجب ان يخلق، و يكفيك ان لا احد من الاخوة اعترض لتعلم ان ذلك حاصل ما قال شيخ الاسلام، راجع ما كتبته جيدا، و لعلي اضيف ان في العقيدة السلفية او التيمية لكي ادقق، اقول الذي يخلق بالفعل اكمل من الذي لا يخلق بالفعل. فالخلق كمال لله تعالى، و بما ان الله تعالى تجب في حقه كل الكمالات و المحامد، لذلك فالله يجب ان يخلق دائما و ازلا خلق من بعد خلق لان الزمن قديم النوع في العقيدة التيمية. و لعل الاشكال في هذا القول هو انه لا دليل على ان الخلق الفعلي هو كمال و انه يعتبر نقصا ان نظرت اليه من زاوية وجوب ارتباط الله بمخلوقات و ايضا الاشكال يكون في ان التسلسل في الماضي مستحيل حتى في سلسلة المفاعيل، لان خلق كوننا الحادث يستلزم انقضاء ما لا بداية له من الحوادث المتعاقبة....لو كان هناك دليل من القرأن و السنة لامنت بهذه العقيدة اخي لكن للاسف لا يوجد على حد علمي، و لعل الاخ مستفيد او اي شخص اخر يستطيع ان يفيدك و تذكر قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : «كان الله ولم يكن شيء غيره» و هذا الحديث بكافة الفاظه ينفي ان تكون هناك سلسلة قديمة من الحوادث قائمة خارجة ذات و التي لم يزل الله الا و تقاسم معه الوجود احد احادها.
لا اريد افساد الشريط اكثر مما هو حاصل الان لذلك اخي اعتذر عن اكمال النقاش، فكل ما عندي قلته تقريبا واخشى ان اسقط في التكرار..
بالتوفيق اخي...

نور الدين الدمشقي
09-17-2013, 02:32 AM
اخي نور الدين، استغرب انك ما زلت تسألني عن ذلك، فقد شرحت لماذا الله يجب ان يخلق
ذكرت اخي حمزة ان معتقدك:

.و نحن الاشاعرة نتفق معكم في كون الله يجب ان يخلق و هذا ما ذكرته، لكن ما دفعنا للقول بذلك يختلف عما وصفته اعلاه، فالامر عندنا كله متوقف بالارادة و لا يلزم من كونه حيا ان يكون فاعلا و خالقا على الدوام كما تقولون، بل نعتبر ان فعل الخلق الممكن في ذاته اكتسب الوجوب في حقه تعالى لتعلقه بارادته الازلية.
لكنك تتفق على وجوب الخلق "لتعلقه بارادته الأزلية" - فما هو الدليل على وجوب الخلق؟
بعبارة اخرى هل الجواب البسيط عن علة الخلق هو: لأن الله أراده؟


فالخلق كمال لله تعالى، و بما ان الله تعالى تجب في حقه كل الكمالات و المحامد، لذلك فالله يجب ان يخلق دائما و ازلا خلق من بعد خلق لان الزمن قديم النوع في العقيدة التيمية. و لعل الاشكال في هذا القول هو انه لا دليل على ان الخلق الفعلي هو كمال و انه يعتبر نقصا ان نظرت اليه من زاوية وجوب ارتباط الله بمخلوقات و ايضا الاشكال يكون في ان التسلسل في الماضي مستحيل حتى في سلسلة المفاعيل، لان خلق كوننا الحادث يستلزم انقضاء ما لا بداية له من الحوادث المتعاقبة....لو كان هناك دليل من القرأن و السنة لامنت بهذه العقيدة اخي لكن للاسف لا يوجد على حد علمي،
حسنا وهذا ما ابحث عن الدليل عليه - فأنت بنظرك لا ترى عليه دليلا - صحيح؟
فهل عند باقي الاخوة من دليل على ان علة الخلق هي اظهار لكمال الله - او لصفة الخلق؟
بارك الله فيكم

hamzaD
09-17-2013, 12:53 PM
لكنك تتفق على وجوب الخلق "لتعلقه بارادته الأزلية" - فما هو الدليل على وجوب الخلق؟
بعبارة اخرى هل الجواب البسيط عن علة الخلق هو: لأن الله أراده؟
احسنت اخي، اعجبتني طريقة تتبعك لكلامي و تحليله، و اقول نعم كل شيء يتعلق بالارادة الازلية، و اثبات ان الخلق متعلق بالارادة اولا هو السبيل الوحيد الذي يجعلك تبحث عن الحكمة في الخلق، فالله لا يريد شيئا عبثا دون حكمة، وهذا كان سبب تدخلي في النقاش لانك ان اتبعت طريقة شيخ الاسلام لن ينفعك البحث عن الحكمة من الخلق لانه ثبت عنده ان الله يجب ان يخلق فقط لانه حي و انه لن لم يخلق يكون ذلك بمثابة نقص في ذاته و تعطيل لصفاته.
لذلك فهم ينفون بطريقة غير مباشرة الارادة عن الله تعالى و يجعلونه متعلقا دائما و ابدا بمخلوقاته
فمن برأيك اصاب في هذا الاصل المهم في عقيدة المسلمين ؟
و اذكرك برأيي في الحكمة الالهية :

العلة الحقيقية التي تتجاوز الارادة الشرعية في نظري ببساطة هي ارادته سبحانه ان تتجلى صفاته تعالى في الخارج بعد ان كان ازلا و لم يكن شيء غيره

اما قولك

حسنا وهذا ما ابحث عن الدليل عليه - فأنت بنظرك لا ترى عليه دليلا - صحيح؟
فهل عند باقي الاخوة من دليل على ان علة الخلق هي اظهار لكمال الله - او لصفة الخلق؟
المطلوب اثبات ان صفة الحياة تستلزم كون الله فاعلا على الدوام منذ الازل،
و منه اثبات صحة القدم النوعي للزمن لانه الركيزة التي بني عليها الاصل الاول و ايضا الاصل الذي يقول ببقيام الحوادث في ذات الله
و اثبات ان الذي يخلق بالفعل اكمل من الذي لا يخلق بالفعل...
فان غاب النص من القرأن و السنة، فعلى الاقل يجب اثبات الجواز العقلي لمثل هذه المقالات..
و المشكل اخي انهم ان اثبتوا هذا، فذلك يجرهم الى القول انه ليس هناك اي حكم الهية، و ان الحكمة ان وجدت ستكون فقط شيئا اضافيا شأنها شأن الارادة الحادثة لا معنى لهما امام فعل الخلق الواجب...
فتأمل...

نور الدين الدمشقي
09-17-2013, 11:51 PM
احسنت اخي، اعجبتني طريقة تتبعك لكلامي و تحليله، و اقول نعم كل شيء يتعلق بالارادة الازلية، و اثبات ان الخلق متعلق بالارادة اولا هو السبيل الوحيد الذي يجعلك تبحث عن الحكمة في الخلق
بارك الله فيكم - مقصودك واضح الآن اخي - لكنه لا يزال لدي تساؤل متعلق:
اعلم ان الله سبحانه أراد ان يخلق - وأعلم انه أراد أن يخلق لحكمة (بل قل لحكم عديدة) - و يسعني ان لا أعرف ما هي الحكمة وان كنت اثبتها - أما وقد اخبرنا الله سبحانه في كتابه وفي سنة نبيه عن بعض تلك الحكم - فاني اريد ان اعرف ان كنت قد احصيتها بطريقة صحيحة كما قدمت في اول الشريط.
كذلك فاني ما زلت استغرب من قولك:

و نحن الاشاعرة نتفق معكم في كون الله يجب ان يخلق
ان تقول ان الله فعال لما يريد - أمر مفهوم صريح في القرآن - لكن ان تقول انه "يجب" ان يخلق لأنه أراد ذلك - فهذا كقولنا ان فلان وجب عليه ان يذاكر لأنه اراد ذلك - ولله المثل الأعلى.

لذلك فهم ينفون بطريقة غير مباشرة الارادة عن الله تعالى و يجعلونه متعلقا دائما و ابدا بمخلوقاته

و المشكل اخي انهم ان اثبتوا هذا، فذلك يجرهم الى القول انه ليس هناك اي حكم الهية، و ان الحكمة ان وجدت ستكون فقط شيئا اضافيا شأنها شأن الارادة الحادثة
لا أظن ان هذه العبارة دقيقة في فهم العقيدة السلفية اخي - ولي تعليق لاحق عليها ان شاء الله.

المطلوب اثبات ان صفة الحياة تستلزم كون الله فاعلا على الدوام منذ الازل،
ليس بالضرورة اخي - المطلوب دليل على ان علة الخلق (او من حكم الخلق) اظهار لصفات كمال الله سبحانه.
وفي الحقيقة كنت أتأمل في آية ان كنت فهمتها بطريقة صحيحة فقد يكون فيها الدليل الذي ابحث عنه - وهي قوله سبحانه وتعالى:

"( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ( 12 ) )"
يقول صاحب التحرير والتنوير:

واللام في قوله ( لتعلموا ) لام كي وهي متعلقة ب ( خلق ) .
والمعنى : أن مما أراده الله من خلقه السماوات والأرض ، أن يعلم الناس قدرة الله على كل شيء وإحاطة علمه بكل شيء . لأن خلق تلك المخلوقات العظيمة [ ص: 342 ] وتسخيرها وتدبير نظامها في طول الدهر يدل أفكار المتأملين على أن مبدعها يقدر على أمثالها فيستدلوا بذلك على أنه قدير على كل شيء لأن دلالتها على إبداع ما هو دونها ظاهرة ، ودلالتها على ما هو أعظم منها وإن كانت غير مشاهدة ، فقياس الغائب على الشاهد يدل على أن خالق أمثالها قادر على ما هو أعظم . وأيضا فإن تدبير تلك المخلوقات بمثل ذلك الإتقان المشاهد في نظامها ، دليل على سعة علم مبدعها وإحاطته بدقائق ما هو دونها ، وأن من كان علمه بتلك المثابة لا يظن بعلمه إلا الإحاطة بجميع الأشياء .
على فرض ان "لتعلموا" متعلقة بالخلق كما ذكر اقول:
لعل هذه الآية تقوم دليلا على أن من حكم خلق السماوات والأرض اظهار صفات الله التي تكون بتعليم البشر صفات خالق البشر.
والظاهر من الآية كما فهمت ان هذا من حكم خلق السماوات والأرض - ولا أدري ان كان يتعدى على حكمة خلق الانسان ذاته.
وأرجوا من الاخوة ان يصوبوني حيال هذا الفهم والتأمل - فهو من عند نفسي وقد أكون مخطئا او بعيدا عن الفهم الصحيح لمعاني تفسير هذه الآية.
والله تعالى اعلم
وارجوا المساهمة من الاخوة في باقي الأسئلة بارك الله فيكم!

hamzaD
09-18-2013, 01:04 AM
يبدو اني الوحيد الذي سيرد على هذا الموضوع:):
لا اراني مضطرا لشيء الا لشرح هذه النقطة و من بعد افسح المجل للاخوة :

ان تقول ان الله فعال لما يريد - أمر مفهوم صريح في القرآن - لكن ان تقول انه "يجب" ان يخلق لأنه أراد ذلك - فهذا كقولنا ان فلان وجب عليه ان يذاكر لأنه اراد ذلك - ولله المثل الأعلى.
احكام العقل ثلاثة : وجوب ممكن مستحيل.
و الواجب ينقسم بدوره الى قسمين :
واجب الوجود بالذات : و هو الله تعالى عموما
واجب الوجود بالغير و تعريفه

هو أي مفهوم لا يقتضي في ماهيته الوجود لذاته
وإنّما يستفيد الوجود من غيره حال فرض وجود السبب
كالممكنات عندما تنوجد عللها وأسبابها .
ومثاله :الإنسان واجب الوجود بالغير.
بمعنى: أنَّ من منحه الوجود بالأصالة هو الله تعالى وهو غير الإنسان.
و نحن نثبت صفات المعاني القائمة في ذات الله، و هي الحياة، العلم، القدرة، الارادة و الكلام و السمع و البصر، و هي كلها واجبة قديمة في حقه تعالى و لا يمكن ان تنتفي في حقه...ففعل الخلق الممكن في ذاته من الواجبات في حقه تعالى لانه تعلق بالارادة و القدرة القديمتين،
اي بمعنى اخر، ان الله لما اراد ازلا خلق الكون و الناس، اصبح في حكم المستحيل ان لا يخلق الله و اصبح فعل الخلق شيئا واجبا لا يمكن تخيل انتفاءه.
هذا ما قصدته بأن الله "يجب ان يخلق"، ارجو ان اكون صوبت المعنى ان كنت فهمت منه غير ما كتبته اعلاه...
[quote]ليس بالضرورة اخي - المطلوب دليل على ان علة الخلق (او من حكم الخلق) اظهار لصفات كمال الله سبحانه.

لا يا اخي لا تخلط الحق بالباطل، انت كما قال احد الاخوة كالذي يحرث في الماء، لقد اتضح لك انه لا حكمة -حسب عقيدتك- في خلق الكون، و انه -حسب عقيدتك- الله لم يرد اظهار صفاته، بل كان واجبا عليه اظهارها دون ارادة منه لانه حياته توجب عليه ذلك، فكيف تسأل عن الحكمة في فعل مفروض على صاحبه يكون امتناعه عنه في نظركم بمثابة نقص في ذاته و تعطيلا لصفاته ؟؟؟؟؟
الحكمة او الارادة شيئين اضافيين يفقدان كل المعاني في ظل ما سبق...
لا اطلب غير الانصفاف اخي، فقد وقعت فيما خفت منه و هو " التكرار" و اختم ان الفرق كبير بين من اوجب على الله الخلق لانه صفة الحياة تستلزم ذلك و بين من يقول ان الخلق واجب لتعلقه بالارادة !!!

مشرف 7
09-18-2013, 01:17 AM
لا اطلب غير الانصفاف اخي، فقد وقعت فيما خفت منه و هو " التكرار" و اختم ان الفرق كبير بين من اوجب على الله الخلق لانه صفة الحياة تستلزم ذلك و بين من يقول ان الخلق واجب لتعلقه بالارادة !!!

الانصاف أخي حمزة كان ألا تشارك في قسم العقيدة وتجيب على الأسئلة بصفتك أشعري وأنت تعلم توجه المنتدى جيدا وكما منصوص في قسم العقيدة !
ولولا علم الإدارة والإشراف بدماثة خلقك ما كنا تركناك إلى هذا الحد في النقاش . فالذي بدا لنا - وخصوصا بعد الاطلاع على صفحتك في الفيسبوك والتي نرجو حذفها - هو أنك عندما تقرأ تفنيدا لأحد عقائد الأشعرية تسارع بنفي هذا المعتقد عنهم ليرتفع الذم ! وكأن الذي تحدث عنهم فيه كان جاهلا أو مبتدءا أو شابا صغيرا لا علم له ولا باع ولا خبرة ولا اطلاع !
وفي المقابل عند تتبعك لرأي أحد علماء أهل السنة والجماعة في مسألة ما فنراك تسارع بوصفه بما ليس فيه ! وهذا عائد إما لعدم فهمك للكلام - وفي هذا تحتاج لشرح - وإما لاطلاعك على جزء من كلامه عن المسألة ولم تطلع على كلامه كله الذي يوضح بعضه بعضا !
هذا للعلم فقط , وقد طلبت من الإخوة الأفاضل المشاركة في هذا الشريط للرد على تساؤلات الأخ نور الدين - وتوضيح بعض أخطاءك إن شاء الله عسى أن نتصف جميعا بالإنصاف في اتباع الحق أينما تبين

hamzaD
09-18-2013, 02:50 AM
الانصاف أخي حمزة كان ألا تشارك في قسم العقيدة وتجيب على الأسئلة بصفتك أشعري وأنت تعلم توجه المنتدى جيدا وكما منصوص في قسم العقيدة !
ولولا علم الإدارة والإشراف بدماثة خلقك ما كنا تركناك إلى هذا الحد في النقاش . فالذي بدا لنا - وخصوصا بعد الاطلاع على صفحتك في الفيسبوك والتي نرجو حذفها - هو أنك عندما تقرأ تفنيدا لأحد عقائد الأشعرية تسارع بنفي هذا المعتقد عنهم ليرتفع الذم ! وكأن الذي تحدث عنهم فيه كان جاهلا أو مبتدءا أو شابا صغيرا لا علم له ولا باع ولا خبرة ولا اطلاع !
وفي المقابل عند تتبعك لرأي أحد علماء أهل السنة والجماعة في مسألة ما فنراك تسارع بوصفه بما ليس فيه ! وهذا عائد إما لعدم فهمك للكلام - وفي هذا تحتاج لشرح - وإما لاطلاعك على جزء من كلامه عن المسألة ولم تطلع على كلامه كله الذي يوضح بعضه بعضا !
هذا للعلم فقط , وقد طلبت من الإخوة الأفاضل المشاركة في هذا الشريط للرد على تساؤلات الأخ نور الدين - وتوضيح بعض أخطاءك إن شاء الله عسى أن نتصف جميعا بالإنصاف في اتباع الحق أينما تبين
بارك الله فيك...ما كتبت في هذا الموضوع الا لحرصي لعدم تبني الاخ نور الدين فكرة خاطئة عكس ما تقول به عقيدته ( على الاقل من وجهة نظري )، و قد كانت ردودي مصحوبة بالادلة و لم افتر شيئا على احد. و انت تعلم اخي ان منتدى التوحيد اغلى عندي من اي شيء اخر، و قد شرعت كما طالعت في حذف كل المنشورات المتعلقة بمناقشة مسائل الفرق، لما رأيت ان هذا العمل لا يورث الا الحقد بين المسلمين، و بعد مراجعتي للصفحة وجدت منشورا واحدا يتعلق بنقاش احد مقولات شيخ الاسلام هو الذي لا يزال متبقيا، و ساحذفه ان شاء الله بعد قليل...بل ساحدف رابط صفحتي تفاديا لكل سوء فهم رغم ان الصفحة موجهة للملاحدة، فانا لا ادعو الى معتقداتي في مكان لم ينشأ لذلك...حاش لله ان استغل هذا المكان لمسعى خبيث كهذا...
و ان شئت اخي تستطيع ان تحذف مقالاتي في هذا الموضوع، و ان شئت اتركها لحين الرد عليها من طرفكم فليس عندي اي مشكل...
بل ازيدك...اني لا اطلب حق الرد و لا اي شيء...بل فقط ان تعود المياه الا مجاريها، وقد كنت على طول هذا الموضوع احاول ان انسحب منه لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن...و انت تعلم ان موضوعاتي في المسائل الخلافية و العقدية فتحتها كلها تقريبا في القسم الخاص تفاديا لهذه المشاكل...

الانصاف أخي حمزة كان ألا تشارك في قسم العقيدة وتجيب على الأسئلة بصفتك أشعري وأنت تعلم توجه المنتدى جيدا وكما منصوص في قسم العقيدة !

معك حق ، لن اشارك في هذا القسم مجددا...
هذا وعد و تقبل و انت و الاخ نور الدين اعتذاري مرة اخرى...

مشرف 7
09-18-2013, 08:33 AM
بارك الله فيك , وهذا عهدنا بك إن شاء الله أنك منصف رجاع إلى الحق إذا تبين وفقك الله

Maro
09-18-2013, 11:34 AM
بارك الله فيك , وهذا عهدنا بك إن شاء الله أنك منصف رجاع إلى الحق إذا تبين وفقك الله


يبدو أن جميع من بالمنتدى قد عهدوا نفس الشىء عن الأخ الحبيب "حمزة"...
ليت كل من خالف السلفية مثل أخانا "حمزة" فى أدبه وحسن استماعه واتباعه.
جزاه الله كل خير

نور الدين الدمشقي
09-18-2013, 11:53 AM
اخي حمزة - فهمت مرادك في الجزء الأول من المشاركة وشكرا للتوضيح - و لا احب ان اضيف تعليقات وقد خرجت من الموضوع- مع انني اظنك تسرعت في الحكم واطلقت بعض العبارات الغير دقيقة مرة اخرى في الجزء الثاني منها.

لا اطلب غير الانصفاف اخي
كأن لسان حالك انعكس على مقالك - فهل تريد مني "الانصفاف" الى جانبك ام "الانصاف"؟ (امازحك فقط!) :rolleyes:
ارجوا ان لا يبخل علينا باقي الاخوة من المشاركة بارك الله فيكم

مستفيد..
09-18-2013, 03:39 PM
لي تعقيب على ما قيل..ثم سأترك المجال للإخوة سواء أكانت إضافة أم استدراك..
نبد أ أولا بقولك أخي حمزة:

العقيدة السلفية او التيمية لكي ادقق
لا ادري لماذا حصرت القول في بن تيمية والحال أن الفكرة قالها كثيرون غيره من قبل ومن بعد..أكتفي بنقلين حتى لا أطيل الأول عن بن عباس:
روى البخاري في صحيحه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ( أنه سأله سائل عن قوله : و كان الله غفوراً رحيماً عزيزاً حكيماً سميعاً بصيراً فكأنه كان ثم مضى ، فقال ابن عباس : "وكان الله غفوراً رحيماً" سمى نفسه ذلك ، وذلك قوله ، أي : لم يزل كذلك )
والثاني قول الشيخ محمد عبده في حاشيته على " شرح الدواني للعقائد العضدية " (ص179) ما نصه : " وقد استشهد الحكماء على قدم الممكنات بدليل نقلي ، وهو ما ذم الله به اليهود "وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان وبيانه : أنه لو قيل بحدوث العالم فقد قيل بأنه الحق في أزليته لم يزل معطلاً عن الفيض والجود أزمنة غير متناهية لا ابتداء لها ثم أخذ يعطي الوجود ، ومعلوم أنه على فرض أنه لم يزل خلاقاً إلى الأبد فكل ما خلقه فهو متناه ، ونسبة المتناهي إلى غير المتناهي كلا نسبة ، وذلك جلي التصور ، فنسبة إعطاء الحق للوجود إلى منعه عن كل موجود ليست بشيء ، وإن هذا إلا غل اليد ، حيث أن الإعطاء ليس بشيء يذكر في جانب المنع ، وهذا من الشناعة بمكان والجواب أن ذلك – التخلص من الشناعة – لا يتوقف على القول بقدم شيء من أجزاء العالم ، بل يكفي ان يقال : إن الله لم يزل خلاقاً وإن كان كل جزء من أجزاء العالم حادثاً ، فلا أول لعطائه ، ولا مانع يقهره سبحانه ، وهو الجواد الحق ، ينفق كيف يشاء ، ولا شيء من العالم قديم ، بل كل حادث فهو مسبوق بالعدم ، فلا دلالة في الآية على القدم " انتهى

لذلك فالله يجب ان يخلق دائما و ازلا خلق من بعد خلق لان الزمن قديم النوع في العقيدة التيمية. و لعل الاشكال في هذا القول هو انه لا دليل على ان الخلق الفعلي هو كمال و انه يعتبر نقصا ان نظرت اليه من زاوية وجوب ارتباط الله بمخلوقات و ايضا الاشكال يكون في ان التسلسل في الماضي مستحيل حتى في سلسلة المفاعيل
كلامك غير واضح اخي حمزة وأخشى ان في الأمر خلطا..على العموم سنفصل المسألة..التسلسل ثلاث انواع الأول في المؤثرين وهو ممتنع وهذا خارج البحث والثاني تسلسل في أفعال الله والثالث تسلسل في المفعولات والآثار المتعاقبة..وهذين الأخيرين هو ما سنتحدث عنه:
إذا كنت تقصد بالتسلسل دوام أفعال الرب : فذلك معنى صحيح ، واجب في حق الله ، ونفيه ممتنع..وسنبدأ بلماذا نفيه ممتنع والذي هو قولكم..أنتم تقولون: أن الله لم يكن فاعلاً لشيء من مقدوراته في الأزل مع كونه قادراً أي يمتنع وجود مقدوره في الأزل مع كونه قادراً عليه..وبالتالي أنتم تجوزون وجود قادر مع امتناع مقدوره في حال كونه قادراً وهذا محال لأن إثبات القدرة مع كون المقدور ممتنعاً غير ممكن وهو جمع بين النقيضين..ففي الأزل عندكم لم يكن يمكنه أن يفعل ، ومن لم يمكنه الفعل في الأزل امتنع أن يكون قادراً في الأزل ؛ فإن الجمع بين كونه قادراً وبين كون المقدور ممتنعاً جمع بين الضدين ، فإنه في حال امتناع الفعل لم يكن قادراً..
الوجه الثاني: الكون حادث وما كان حادثا فهو ممكن..والإمكان ليس له وقت محدود..بمعنى أن الله قادرا على إيجاد هذا الكون قبل الوقت الذي أوجده فيه بمقدار ألف سنة وقادر أن يوجده قبل ألف ألف سنة ولا اظنك تخالفني في هذا ..فهذا هو الإمكان الذي ليس له وقت محدود فإذا ثبت هذا وهو ثابت فلا وقت يفرض كونه أولاً لوقت حصول الإمكان إلا وكان الإمكان حاصلاً قبله بمقدار آخر متناه ، وإذا كان لا وقت يشار إليه إلا وقد كان الإمكان حاصلاً قبله لزم القطع بأنه ليس هذا الإمكان مبدأ البتة ، فوجب القطع بأنه لا أول لهذا الإمكان وهو المطلوب..كما يجب القطع أنه لم يزل الفعل ممكناً جائزاً صحيحاً ، فيلزم أنه لم يزل الرب قادراً عليه ، فيلزم جواز حوادث لا نهاية لأولها .
اما لماذا هو واجب..فهو كما ذكر بن القيم في شفاء العليل "والتسلسل الواجب ما دل عليه العقل والشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد وأنه كلما انقضى لأهل الجنة نعيم أحدث لهم نعيماً آخر لا نفاد له ، وكذلك التسلسل في أفعاله سبحانه من طرف الأزل"
يقول تعالى (( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون)..فدل هذا أن عدم الخلق صفة نقص وان الذي يخلق أكمل من الذي لا يخلق.وأن المتصف بالفعل أكمل ممن لا يتصف ولو خلا الرب تعالى منه لكان خالياً من كمال يجب له وهذا ممتنع..
قوله تعالى (فعال لما يريد ) والفعال هو من يفعل على الدوام ولو خلا من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعالاً فوجب دوام الفعل أزلاً وأبداً
( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم ؟ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ )
وعليه قال شيخ الإسلام في الصفدية 2/50 (الفاعل الذي يمكنه أن يفعل شيئاً بعد شيء ويحدث الحوادث أكمل ممن لا يمكنه الإحداث ، بل لا يكون مفعوله إلا مقارناً له ، بل يقال هذا في الحقيقة ليس مفعولاً له ، إذ ما كان لازماً للشيء لا يتجدد فهو من باب صفاته اللازمة له ، لا من باب أفعاله ، فإن ما لزم الشيء ولم يحدث ويتجدد لم يكن حاصلاً بقدرته واختياره ، بل كان من لوازم ذاته ، وما كان من لوازم ذاته لا يتجدد ولا يحدث كان داخلاً في مسمى ذاته كصفاته اللازمة له ، فلم يكن ذلك من أفعاله ولا من مفعولاته. )
وقال بن القيم في شفاء العليل: (: أي لازم من هذه اللوازم التزمه المرء كان خيراً من أن ينفي صفة الخالقية عن الرب سبحانه ، فإن حقيقة هذا القول أنه غير خالق ، فإن إثبات خالق بلا خلق ؛ إثبات اسم لا معنى له ، وهو كإثبات سميع لا سمع له ، وبصير لا بصر له ، ومتكلم وقادر لا كلام له ولا قدرة ، فتعطيل الرب سبحانه عن فعله القائم به كتعطيله عن صفاته القائمة به)
أما النوع الثالث فهو التسلسل في المفعولات ولم يقل بن تيمية بوجوبه بل قال بجوازه لأن المخلوقات ممكن وجودها في اي زمن يقدر لان وجودها متعلق بمشيئة الله فيمكن ان يوجد ذلك المخلوق المعين او لا يوجد في ذلك الزمن المقدر فوجوده ممكن لا واجب ولا ممتنع..فهذا فرق بين الفعل واثر الفعل.

و اثبات ان الخلق متعلق بالارادة اولا هو السبيل الوحيد الذي يجعلك تبحث عن الحكمة في الخلق، فالله لا يريد شيئا عبثا دون حكمة، وهذا كان سبب تدخلي في النقاش لانك ان اتبعت طريقة شيخ الاسلام لن ينفعك البحث عن الحكمة من الخلق لانه ثبت عنده ان الله يجب ان يخلق فقط
.
من أين أتيت بهذا الكلام أخي حمزة..شيخ الإسلام ينفي الحكمة عن أفعال الله !؟
فشيخ الإسلام يقرر في أكثر من الموضع أن الفعل عزم وقصد:
((و هو سبحانه يقدر الأشياء و يكتبها ثم بعد ذلك يخلقها فهو إذا قدرها علم ما سيفعله و أراد فعله في الوقت المستقبل لكن لم يرد فعله فى تلك الحال فإذا جاء و قته أراد فعله فالأول عزم و الثاني ويقول رحمه الله (((ثم لا بد أن يتعلق بها علتان : إحداهما السبب وهي العلة الفاعلة والثاني الحكمة : وهي العلة الغائية . فذلك هو العلم والإرادة للأمور الأولية)..بل يذهب رحمه لأكثر من ذلك إذ يعتبر أن العلة الغائية -بمعنى التصور والإرادة وليس الذات- هي علة فاعلية للعلة الفاعلية..إذ يقول: (( فإن السبب والفاعل أدل في الوجود العيني . والحكمة والغاية أدل في الوجود العلمي الإرادي ؛ ولهذا كانت العلة الغائية علة فاعلية للعلة الفاعلية . وكانت هي في الحقيقة علة العلل لتقدمها علما وقصدا))

لذلك فهم ينفون بطريقة غير مباشرة الارادة عن الله تعالى
أبدا غير صحيح..يقول بن تيمية في تفسير أول سورة أقرأ كما في مجموع الفتاوى:
(( و القول الرابع أنه لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة فنوع الإرادة قديم و أما إرادة الشيء المعين فإنما يريده فى و قته .
و هو سبحانه يقدر الأشياء و يكتبها ثم بعد ذلك يخلقها فهو إذا قدرها علم ما سيفعله و أراد فعله في الوقت المستقبل لكن لم يرد فعله فى تلك الحال فإذا جاء و قته أراد فعله فالأول عزم و الثاني قصد )

بل على العكس أخي حمزة الأشاعرة هم نفاة الحكمة..فالأشاعرة تنفي أن يكون لشيء من أفعال الله تعالى علة مشتملة على حكمة تقضي إيجاد الفعل أو عدمه ، وهو رد فعل لقول المعتزلة بالوجوب على الله حتى أنكر الأشاعرة كل لام تعليل في القرآن وقالوا إن كونه يفعل شيئاً لعلة ينافي كونه مختاراً مريداً.. ويعتبرونه من لوازم التنزيه..وجعلوا أفعاله تعالى كلها راجعة إلى محض المشيئة ولا تعليق لصفة أخرى كالحكمة ..ولهذا لم يثبت الأشاعرة الحكمة مع الصفات السبع واكتفوا بإثبات الإرادة..بل ولا ارتباط عندهم بين سبب ومسبب..ولاأدري أخي حمزة كيف تناقش الملاحدة بهذه الخلفية..فهم أرجعوا كل الأفعال إلى محض المشيئة وهو ما يعرف عندعم بالقول بالكسب..وهو جبر لا محالة..وهذا متواتر عنهم في أقوالهم ومتونهم كما في جوهرة التوحيد (والفعل في التأثير ليس إلا..للواحد القهار جل وعلا)..فالنار عندهم إذا أحرقت ما احترق بسببها وإنما احترق عندها لا بها والإنسان إذا أكل حتى شبع ما شبع بالأكل وإنما شبع عند الأكل..فعندهم: الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فاعل، والعبد: نافذ..وأن لا فاعل حقيقي إلا الله وأن العبد مشارك فقط..إذ كيف سيحاسب الله العبد على فعل ليس هو فاعله الحقيقي..هذا فضلا على نسب ما لا يليق لله...يقول الدكتور سفر الحوالي ((كل هذا مخالف للإيمان بالله، وللإيمان بقدره عَلَى حقيقته، فمثلاً لو قيل لهم: ماذا تقولون في رجل زنى أتنسبون هذا الفعل إِلَى الله، وهذا لازم كلامكم أنه لا فاعل إلا الله ))
هذا ما استوقفني حتى الآن..والمجال مفتوح للأساتذة..

ماكـولا
09-22-2013, 06:46 PM
وفقنا الله واياك أخي الفاضل , وبارك فيك , وارجو ان اجيبك بما اراه صواباً , على فترات بحسب الوسع حتى آتي على ما لديك ان سددت لذلك .
والاسئلة مترادفة ومتصلة بعضها ببعض , علي أوفق في التنسيق بينها .

س1: هل يفرق بين "الحكمة" و "العلة" في مبحث الخلق؟ كما يفرقه الأصولويون
بينهما عموم وخصوص ,و قد تطلق الحكمة على العلة , والعكس , الا انهما عند التفصيل فلكل منهما تعريفه الخاص به , والحكمة في الخلق تعود على الخالق والمخلوق , واما العلة: فتعود على المخلوق وتستقل به من حيث تحقق مدار الفائدة على تكليف العباد ومعاشهم .
فالحكمة : ما تتضمنه من الغايات المحمودة المطلوبة له سبحانه في خلقه وأمره , وتتجلى آثار هذه الحكمة في العلل وآثارها في الخلق .
والعلة : هي ما لأجله وجد الشيء , أو ما لأجله يفعل الفاعل , فمنها ما هو فاعلي ؛ وهو الباعث على المحرك للشيء , ومنها ماهو غائي ؛ وهو ما لأجله يسمو الشيء ويتفاعل , وتكيف القيمة والسمو , تسمى الحكمة من الفعل .

فالفرق بين العلة والحكمة : "هي أن الحكمة أخص من العلة من ناحية الدلالة على جهة التعليل , فإنها تتضمن الدلالة على التعليل الغائي فقط , أما العلة من ناحة الدلالة على جهة التعليل , فإنها تتضمن التعليل بالفاعلية والتعليل بالغائية .

فالعلة تطلق على السبب وتطلق على الغاية , فيقال مثلاً : النار علة الاحراق , أي سببه , ويقال : النار لغلة الإحراق , اي لغاية الاحراق , فهو العلة الغائية للنار , فمصطلح العلة اذاّ أعم من مصطلح الحكمة من هذه الجهة "

ولتطبيق ذلك في بيان الحكمة من خلق الخالق للمخلوق تتجلى في : *بيان نفي العبث عن الخالق , وكمال قدرته وقوته في ايجاد المعدومات , وتقدير الخلق .* ترسيخ ذلك في بعض مخلوقاته , كما تجلت في قوله الملائكة " قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمته لنا إنك أنت العزيز الحكيم " . * تحقيق محاب الله , وايراداته في الخلق ,فالله سبحانه يحب الثناء والحمد , والتمجيد والتعظيم .
قال صلى الله عليه وسلم " ليس أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح نفسه وليس أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش " متفق عليه .
وفي رواية لمسلم في قصة سعد وغيرته قال صلى الله عليه وسلم « أتعجبون من غيرة سعد فوالله لأنا أغير منه والله أغير منى من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا شخص أغير من الله ولا شخص أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين ولا شخص أحب إليه المدحة من الله من أجل ذلك وعد الله الجنة ».

وتتجلى الحكمة في المخلوق في : * أن الحياة أفضل من الوفاة , وأن الوجود , أفضل من العدم , ذلك أن العدم لا مدحة فيه ألبتة ! , فكيف إذا ما سُخّرت الكائنات للانسان وذُلّلت له ؟
وقد إمتنّ الله على عباده بايجادهم في غير ما آية , مشيراً لتفضل الحيّ القيوم على حياة المخلوقات وقيّوميّتها على أنفسها واجناسها . والانسان كفور جحود , فلو أحيّاه الله لتمنى الموت , ولو قدّر للميت امنية مع سابق ارادة , لتمنى الحياة ! . * في استنشاق السعادة في العبادة , وانشراح الصدر والبال , وان ذلك كائن بطاعة الله البارئ فالله يقول " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة .." , وفي قوله " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " , فتنشرح الصدور بمعرفة علّام الغيوب , فتخبت له قلوبهم , فيستكينوا لربهم , فتحصل الحكمة من الخلق للخالق , فتُثمرُ في المخلوق ؛ فتظهر آثارها فيه , قال تعالى " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " , ولو لم يكن الا انشراح الصدر والبال , والسعادة لكفى بها نعمة .

والعلة في الخلق من الخلق هي العبادة : فكل معنى لا يصب في هذا المعنى , هو فانٍ وآنٍ , ممحوق البركة , وضرره أكثر من نفعه , متعدٍ ضرره على صاحبه وعلى المجتمع .
وكل معنىً يصب في معنى العبادة ؛ فهو غالٍ وسامٍ , مبارك فيه , ونفعه أكثر , متعد المنافع على النفس والمجتمع . اذ الدار دار امتحان , وهو دون الدار الاخرة , فلا يبقى فيها شيء الا ما كان لله , يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم " الترمذي وبن ماجه , وحسنه الالباني , وقال صلى الله عليه وسلم " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا من شربة ماء " واخرجه الترمذي , وروى أبو داود في سننه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أطين حائطا لي أنا وأمي فقال ما هذا يا عبد الله فقلت يا رسول الله وهى فنحن نصلحه فقال الأمر أسرع من ذلك . فهذه الادلة وغيرها تدل بمجملها على ان العلة هي عبادة الله , وتعظيمه , وتوقيره , ونصرة شرعه , والدعوة اليه , وان الله لم يخلق الناس هملاً , ولم يتركهم سداً , فالانشغال بالدنيا وملاذتها , والانكباب عليها , والاعراض عن دينه الله , والدعوة اليه , مناف لعلة الخلق والايجاد .



"وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون":
س2: هل العلة من خلق الانس والجن العبادة؟ الجواب نعم كما أظن- لكن وجدت وانا اقرأ من ذكر التفريق في اللام الواردة في كلمة "ليعبدون" بين لام العلة و لام الغاية والعاقبة. ووقفت على قول بعضهم في الآية:

قد بان لي معنىً ؛ أن الجمع بين اللامات متحقق ! , فالغاية من الخلق هي العبادة , قد يخلق الله لدينه من يقيمه , ويستخلصه دون سائر خلقه , فيكون من بلاغة الآية أن تجتمع فيها الاقوال المتعددة مالم تتعارض . ووجه الجمع في الاية انه الله سبحانه قد يصطفى من الجن والانس من يصطفيه لعبادته ونشر رسالاته , ويتجلى ذلك في قول الله " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " , وقال " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده " والروح هو الايمان أو ما يكون بواسطته . فيخلق الله لعبادته أناساً , ويلهمهم إلهام التوفيق والسداد والهداية , يقول الله في ذلك " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين " ,ويقول "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " , وفي قوله " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " , ويقول الحكيم الخبير " إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز" . ففي معنى الاية , معنى خاص لهداية بعض من الانس مُخِلِصين فصاروا مُخلَصين , فتجتمع في الاية المعنى الشرعي , والمعنى الكوني , فيكون معناها باعتبارها العلّي والغائي , فيجتمع بها الاعتبارين جميعاً . والله اعلم .


س3: هل يصح القول ان الله لا يبعثه شيء على شيء؟ (وما معناه تماما؟)
إن كان المقصود من هذا الباعث الحتمي , واللازم ؛ بمعنى الاضطرار والاكراه , فهذا منفيٌّ عن الله سبحانه , يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لى إن شئت اللهم ارحمنى إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مكره له " متفق عليه . واما ان يكون بمعنى الارادة والمشيئة , والمحبة , والرضى .. الخ مما يثبته أهل السنة والجماعة , فهاذا حق , وهو ما ما يتمثل في قوله سبحانه " يريد الله ليبين لكم .. " , وقوله " عسى الله أن يتوب عليهم .." .. وفي معنى هذه الاية من اثار الرحمة والارادة والمشيئة .فالمعنى ثابت . والله اعلم .

يتبع ان شاء الله

مشرف 7
09-22-2013, 07:15 PM
بارك الله في الإخوة الكرام مستفيد وماكولا , وفي انتظار مزيد الفائدة بارك الله فيكم ومنكم نتعلم

نور الدين الدمشقي
09-23-2013, 08:00 PM
واصل وصلك الله اخي الكريم وبارك فيك.

عمر إلياس
09-23-2013, 11:14 PM
يارك الله فيك أخي ماكولا

تابعت الحوار، وراقني أسلوبك السهل اللين

استمر، بارك الله فيك

ماكـولا
09-26-2013, 11:43 PM
الاخوة الكرام , بارك الله فيكم , وحباكم وأصلح أحوالنا واحوالكم , جزيتم خيراً .

نتابع ما تبقى من الاسئلة , علماً بأن الاجوبة السابقة فيها مفاتيح لكثير من الاشكلات ان شاء الله , الا ان تبين ان ثمة أمر لم ألتفت إليه ,ففي السؤال
س4: "لو صح القول في س3 - فهل يلزم منه ان اللام في "ليعبدون" تكون للغاية والعاقبة (الشرعية لا القدرية فيما فهمت) - لا للتعليل؟

ما تقدم من الاجابة فيه غُنية عن هذا , اذا ما صح الجمع بين الاصطفاء الخلقي خاصة الخلق الشرعية , الذين هم عباد الرحمن يستخدمهم الله لطاعته وعبادته , كالانبياء , والرسل , والصالحين , والصديقين .. فيهديهم الله هداية توفيق والهام وسداد , وسائر الخلق , يهديهم الله هداية الهام ورشد , فمنهم المنصاع لتلكم الهداية , ومنهم المكابر المجاحد , فقد قال الله " فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهُدى " , بينما وجدنا الامر في عباد الله على خلاف ذلك فقد قال الله عن نبيه يوسف -عليه السلام - " كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ "
قال الشوكاني في فتح القدير " قرأ ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو «المخلِصين» بكسر اللام. وقرأ الآخرون بفتحها. والمعنى على القراءة الأولى أن يوسف عليه السلام كان ممن أخلص طاعته لله، وعلى الثانية أنه كان ممن استخلصه الله للرسالة، وقد كان عليه السلام مخلصا مستخلصا."

وقال بن عاشور التونسي في تحريره " والصرف: نقل الشيء من مكان إلى مكان، وهو هنا مجاز عن الحفظ من حلول الشيء بالمحل الذي من شأنه أن يحل فيه. عبر به عن العصمة من شيء يوشك أن يلابس شيئا. والتعبير عن العصمة بالصرف يشير إلى أن أسباب حصول السوء والفحشاء موجودة ولكن الله صرفهما عنه ... وجملة {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} تعليل لحكمة صرفه عن السوء والفحشاء الصرف الخارق للعادة لئلا ينتقص اصطفاه الله إياه في هذه الشدة على النفس."

وقال ابو الفداء " { إنه من عبادنا المخلصين } أي: من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار، صلوات الله وسلامه عليه. " , فالحاصل ان من المخلوقات ما يُعدها الله لطاعته ونشر دينه والجاهد في سبيل , ويستخدمهم في سبيله " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " , ومنهم من لا يصطفيهم ويترك لهم الخيار مع بيان دلائل الخير والشر , والارادة وعوامل التسيير لذلك , فيخلقهم مسلمين وكفار , ويطالب المسلم بالثبات , ويطالب الكافر بالسعي نحو طرق الخير والرشاد " هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير "

وفي قوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}يقول بن عاشور فيها " تتميم واحتراس واستطراد، فهو تتميم لما يكمل المقصود من تقسيمهم إلى فريقين لإبداء الفرق بين الفريقين في الخير والشر وهو عليم بذلك وعليم بأنه يقع وليس الله مغلوبا على وقوعه ولكن حكمته وعلمه اقتضيا ذلك ... خلق الله الناس وأودع فيهم العقول التي تتوصل بالنظر السليم من التقصير وشوائب الهوى وغشاوات العناد إلى معرفة الله على الوصف اللائق به وخلق فيهم القدرة على الأعمال الصالحة وغيرها ...وأرشدهم إلى الصلاح وحذرهم من الفساد، والله عالم بما يكتسبه كل أحد ولو شاء لصرف مقترف الفساد عن فعله ولكنه أوجد نظما مرتبطا بعضها ببعض ومنتشرة فقضت حكمته بالحفاظ على تلك النظم الكثيرة .." , والتوبة والطاعة والمبادرة الى فعل الخيرات تحجز العبد عن وتحول بينه وبين مغاضب الله , وبثباته على ذلك , وسؤال ربه القبول والثبات في الامر , ينجو , ليتأكد معنى العلة الغائية من الخلق , وان تأخرت , ولتتأصل العلية الاصلية من الخلق في ايجاد عباد مُخلَصين مُخلِصين , يضرب بهم المثل , في الاحتذاء , ليكون اسوة لمن بعدهم , فيتحقق السير على الصراط المستقيم " اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين "



س5: فهمت مما قرأت في تفاسير الآية ان العبادة هي "من" الحكم (او العلل) في خلق الانسان - وليست كل الحكم والعلل - فهل يصح هذا الفهم؟
وانقل بعض كلام صاحب التحرير والتنوير: "فالحصر المستفاد من قوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون قصر علة خلق الله الإنس والجن على إرادته أن يعبدوه ، والظاهر أنه قصر إضافي وأنه من قبيل قصر الموصوف على الصفة ، وأنه قصر قلب باعتبار مفعول " يعبدون " ، أي : إلا ليعبدوني وحدي ، أي : لا ليشركوا غيري في العبادة ، فهو رد للإشراك ، وليس هو قصرا حقيقيا فإنا وإن لم نطلع على مقادير حكم الله تعالى [ ص: 27 ] من خلق الخلائق ، لكنا نعلم أن الحكمة من خلقهم ليست مجرد أن يعبدوه ؛ لأن حكم الله تعالى من أفعاله كثيرة لا نحيط بها ، وذكر بعضها كما هنا مما يقتضي عدم وجود حكمة أخرى ، ألا ترى أن الله ذكر حكما للخلق غير هذه كقوله ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم بله ما ذكره من حكمة خلق بعض الإنس والجن كقوله في خلق عيسى ولنجعله آية للناس ورحمة منا. " انتهى

مفهوم الحكمة من الخلق أوسع من علة الخلق , وبمعنى آخر ؛ أن العلة من الخلق أصالةً هي العبادة , والحكمة او العلل من سائر المخلوقات لا حصر لها , فهي باعتبار القدر الكوني الشرعي محصورة , فالقدر الشرعي محصور في محاب الله , ومراضيه , كتوحيد الله , والثناء على الله , ونصرة دينه , والصلاة , والصيام وسائر القربات التي يرتضيها الرب سبحانه . فمن هذا الوجه الحصر فيها متعين , فالخلق محصور في فيما يحدو الى العبادة وتعظيم الله , وما كان في خلافه ذلك , فماحق .

اما الخلق القدري الكوني , فمحصورة من وجه , وغير محصورة من وجه آخر ! , اما كونها غير محصورة , فاسائر الموجودات تدل على عظيم قدرة الخالق , وهيبته وجماله واتقانه وقدرته , ففي كل شيء في مخلوقاته له فيها آية تدل على وحدانيته وصمديته سبحانه , فكلام الله الكوني , وعلم الله , وخلقه , وقدرته , لا مثل لها ولا عدل , فقد اشار الله الى كلامه الكوني بقوله " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا " وقال " ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم " , فكلام الله لا يحصى ولا يستقصى , اما كلامه الشرعي محصور فيما بالنسبة لنا بما في دفتي القرآن او ما صح من الاحاديث القدسية .

وكذلك الحال في خلق الله , فمنهم من ييسرهم ليسرى , ومن ييسرهم للعسري , ومنهم من هو دون ذلك من ممن صابه مس العمى او جنون او الكهولة او الطفولة , او مرض او ماشبه , فأوجدهم لحكمة , وأوجد سائر المخلوقات , كالحيوانات والجمادات وغيرها , وهي مسخرة لخدمة الانسان .وخص الجن والانس بالايجاد القدري الشرعي في قوله " وما خلقت الجن والانس " للعبادة أصالة , فالعبادة أصلية , وما لاح من الحكم فرعية , ليخدم هذا الاصل الاصيل , فعاد الامر محصور من وجه , وسابح من وجه آخر , واظن الخلاف شكلي , والله اعلم .

اما عن
س6: وقفت على هذا الكلام في علة الخلق - فهل يصح؟: (بارك الله فيكم):
اما عن ما نقلته , فلم أفهمه جيداً , وانما حاله كحال من يحوم حوماً , ويروم شيئاً على استحياء , فيبدي طرفاً ويستره لحظةً ! , ورسمه على رسم الشيعة الضلال , وهم نفاة للصفات , فلاجل ذلك يكون كلامهم من قبيل ما وصفت لك , وفيما ذكرته كفاية ان شاء الله .



اضيف نقلين مهمين ومتعلقين:
قال ابن القيم في بدائع الفوائد (1/175) :" وسمعت شيخنا أبا العباس بن تيمية يقول يستحيل دخول لام العاقبة في فعل الله فإنها حيث وردت في الكلام فهي لجهل الفاعل لعاقبة فعله كالتقاط آل فرعون لموسى فإنهم لم يعلموا عاقبته أو لعجز الفاعل عن دفع العاقبة نحو لدوا للموت وابنوا للخراب فأما في فعل من لا يعزب عنه مثقال ذرة ومن هو على كل شيء قدير فلا يكون قط إلا لام كي وهي لام التعليل ولمثل هذه الفوائد التي لا تكاد توجد في الكتب يحتاج إلى مجالسة الشيوخ والعلماء"
وبين الكاتب في هذه الوصلة ان الاختلاف بين اللام الغائية ولام التعليل أقرب للشكلي (س7: فما رأيكم) - (اظن هذا مربط الفرس في الموضوع):
اظنه كما ذكرت .. خاصة وان الخطاب يعود فائدته على المخاطبين , فتصح اللام العاقبة لبيان بعض الاحوال وللاتقاط العبرة للمخاطبين ! , وهو من قبيل قول الله " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " وهو من قبيل ما ذكر , فجمعت بين الانظار وعاقبة العمل , وشهادة الشاهدين , مع العلم والاحاطة المسبق بعمل العامل.

وسؤالك الثامن
بحثت في تفاسير هذه الآية اثناء بحثي عن تفسير الآية التي نحن بصددها - وذكر المفسرون عدة اقوال في تفسير "ولذلك خلقهم" - وذكروا انها لام التعليل. الا انه اشكل علي كذلك قول من فسرها: للرحمة خلقهم - وبه قال ابن عباس. ونقلا عن تفسير ابن كثير:
وقيل : للرحمة خلقهم . قال ابن وهب : أخبرني مسلم بن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن طاوس; أن رجلين اختصما إليه فأكثرا فقال طاوس : اختلفتما فأكثرتما ! فقال أحد الرجلين : لذلك خلقنا . فقال طاوس : كذبت . فقال : أليس الله يقول : ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) قال : لم يخلقهم ليختلفوا ، ولكن خلقهم للجماعة والرحمة . كما قال الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : للرحمة خلقهم ولم يخلقهم للعذاب . وكذا قال مجاهد والضحاك وقتادة . ويرجع معنى هذا القول إلى قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) [ الذاريات : 56 ] .ووجه الاشكال في ذلك انه لو كانت اللام للتعليل - لكانت علة الخلق الرحمة - فهل هذا يصح؟ (وهذا س8)
بل الرحمة من لوازم الخلق القدري الشرعي , فعاد الامر لسابقه , فمن اراد الرحمة والهناء والسكينة , فليحقق علة الخلق التي من اجلها خُلق , ومن اراد الخُلف , والاختلاف , والهلاك والضياع , فليعصي الله , والمرحوم من رُحِم , والمَخذول من خُذل , وللرحمة اسباباً , وللتيه اسبابه , ولكل بابه , وطراقه .

لي عودة ان شاء الله ..