elserdap
10-29-2013, 02:14 AM
كان أينشتاين يؤمن في أغلب فترات حياته بإله أسبينوزا حيث يعتقد أن قوانين الكون تؤلف سُلطة مُهيمنة على الكون ...وأن الإله هو تلك القوانين وهو تلك السُلطة المُطلقة العجيبة .
وهذه الفكرة الحلولية قام بالتأصيل لها باروخ اسبينوزا الباحث اليهودي في القرن السابع عشر واعتبر أن الجوهر هو الطبيعة والله معاً فهو يتصور ان الطبيعة والله هما وجهان لنفس الصفحة .. وهذه الفلسفة استمدها من موسى ابن ميمون القرطبي الذي عاش في بلاد الإسلام طيلة عمره وانتقل من قرطبة إلى القاهرة وتأثر بالمدارس الكلامية والفلسفة الصوفية في الحلول والإتحاد .
لم يُلحد أينشتاين يوما ما وكان يعتبر فكرة الإلحاد فكرة سخيفة وتعود في الأصل إلى حماس الشباب في الهروب من الأدلجة الدينية وكان يُصنف نفسه بالفيزيائي المؤمن كما جاء في رسالة العزاء التي أرسلها إلى عائلة رفيقه الإيطالي ميشيل بيسو .
لكنه في المقابل كان يرفض فكرة الإله القومي اليهودي - إله الشعب المختار الذي لا يقبل أحدا من العالم إلا الذي جاء من نسل أبوين يهوديين - ولذا تمرَّد على ديانته اليهودية وقال كلمته الشهيرة " أؤمن بإله اسبينوزا، الذي يكشف نفسه في التناغم القانوني في كل ما هو موجود " .
إذن التناغم القانوني هو شرط هذا الإله وصفته الأصيلة التي لا يُعرف إلا بها .. ولذا اهتز أينشتاين بشدة عندما وصلته نتائج ميكانيكا الكم لأن هذه النتائج تُفرز صخبا لا قانونا متناغما ولذا وصف ميكانيكا الكم في خطاب له إلى صديقه ميشيل بيسو في ديسمبر عام 1925 بأنها " معادلات من صميم السحر الأسود ."
الإحتمالات المثيرة للنظرية الكمية تأليف :- ليونيد بونوماريف ترجمة :- إيمان أبو شادي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة الأولى 2007 ص13
اعتبر أينشتاين أن ميكانيكا الكم تنسف فلسفة اسبينوزا القائمة على التناغم القانوني في الكون وأرسل رسالة إلى صديقه ماكس بورن في 4 ديسمبر 1926 قال فيها " الله لا يلعب النرد " God doesn't play dice
ولم يتوقف اينشتاين عند هذا الحد بل إنه في عام 1935 بمساعدة اثنين من العلماء وهما بوريس بودولسكي وناثان روزين Boris Podolsky and Nathan Rosen أو إختصارا للثلاثة EPR قرر الثلاثة أن يضعوا حدا لقفزات ميكانيكا الكم وقام الثلاثة بنشر ورقة بحث بعنوان " هل توصيف ميكانيكا الكم للحقيقة يعتبر كاملا ؟"
Albert Einstein, Boris Podolsky, and Nathan Rosen, "Can Quantum-Mechanical Description of Physical Reality Be Considered Complete?"Physical Review 47 (1935), p. 777.
http://en.wikipedia.org/wiki/EPR_paradox
وفيها أوضح العلماء الثلاثة أن ميكانيك الكم تفترض أن الفوتونان الناتجان عن تحلل ذرة البوزيترونيم positronium إذا انطلقا وسافرا وصارت المسافة بينهما حتى عشر سنوات ضوئية فإنه يمكن حصرهما بل وقياس زاوية الاستقطاب بدقة وفي حالة أنه تم قياس زاوية الاستقطاب لكلا الفوتونين وتبين أن القياس متطابق إذن لابد أنهما تواصلا لحظيا حتى يعرفا أي زاوية من زوايا الاستقطاب سيتبعان وهذا مستحيل لأنهما لو تواصلا لحظيا بمجرد وضعهما تحت الرصد فهما إذن تواصلا بسرعة أكبر من سرعة الضوء وبالتالي انتقلت المعلومة بينهما بسرعة أكبر من سرعة الضوء وهذا مستحيل علميا طبقا لنظرية النسبية الخاصة - فطبقا لنظرية النسبية الخاصة يستحيل كسر حاجز سرعة الضوء -.
لذا فقد قرر أينشتاين أن نيلز بور باستنتاجاته تلك سيفتح الباب واسعا لكل المتناقضات وأن ميكانيكا الكم بها خطأ جوهري .. فكيف يتواصل فوتونان لحظيا ؟ كيف تنتقل المعلومة بينهما بسرعة أكبر من سرعة الضوء ؟
كل هذه الحرب الشعواء مِن قِبل أينشتاين مُستخدما أسلحة العلم للدفاع عن إله أسبينوزا ..
وما أن جاء عام 1982 إلا وتبين معمليا وتجريبيا أن أينشتاين كان على خطـأ فقد أثبت الفيزيائي الفرنسي آلين أسبكت Alain Aspect وفريقه صحة ما ذهب إليه نيلز بور فقد أثبتـا عمليـا أن الفوتونات فعلا تستطيع لحظيا أن تتواصل فيما بينها بغض النظر عن المسافات الفاصلة بينها هل هي عشرة أمتار أو عشر سنوات ضوئية أي أن المعلومة تسافر أسرع من الضوء .... بل سرعتها آنية لحظية
http://en.wikipedia.org/wiki/Alain_Aspect
ومنذ سنوات قليلة تم تأكيد الأمر بأدلة تجريبية أُخرى في مفاعل جيو 600 وفي أماكن أُخرى من العالم ..فيما يعرف بمُعضلة التأثير الشبحي عن بُعد
1857
لكن لماذا لم يستوعب أينشتاين ميكانيك الكم - مع أن نوبل التي حصل عليها كانت في ميكانيك الكم - بل إنه هو الذي صَّك كلمة كوانتم .. لماذا يتمرد على تلك الفيزياء الوليدة لماذا كان يحاربها حتى وفاته -مع أنه يعلم بداخله يقينا أن كل التجارب في مصلحتها - ؟
مشكلة أينشتاين كانت في عقيدته .. عقيدة إله أسبينوزا .. عقيدة الحلول والإتحاد .. عقيدة الإله الذي يحل في قوانين الطبيعة ..
لو كان أينشتاين آمن بالإله العظيم البائن من خلقه - المنفصل عن مخلوقاته - الإله الذي ليس كمثله شيء الذي يعرف كيف يخلق ويختار بين الاحتمالات وبالتالي فهو فعليا لا يلعب النرد لو كان فعل ذلك لما وقع في تناقض عاش فيه طيلة عمره ولما توقفت أبحاثه العظيمة ببزوغ فجر ميكانيك الكم ولما مات في أمريكا بعد عقود من فشل يتلوه فشل في مسألة التوحيد بين القوى الأربع في الطبيعة .
لقد كان نيلز بور - أبو ميكانيك الكم - دوما يقول لأينشتاين " إنك لن تستطيع أن تفرض على الله كيف يتصرف في العالم ." لم يتفهم اينشتاين هذه الحُجة لإيمانه العقيم بإله أسبينوزا .
فمشكلة أينشتاين الحقيقية أنه كان يفترض العالم واجبا وقوانينه واجبه وليس احتماليا ولذا كانت صدمته كبرى من ميكانيك الكم ولذا كان يقول " إنني دوما أتسائل هل كان لله اختيار آخر غير خلق هذا العالم ؟."
فهو كان يرى العالم واجبا لكن ميكانيك الكم أثبت ان العالم احتماليا ووجوده ممكنا لا أكثر .. وهذا ينسف المنظومة الفلسفية عند اينشتاين في عقيدته بخصوص إله اسبينوزا .
ربما لو عاش أينشتاين للعام 2012 ورأى بعينه جائزة نوبل في الفيزياء تُمنح لعالمين في فيزياء الكوانتم لابحاثهما في إمكان العالم واحتماليته لا أكثر ربما ساعتها كان سيتراجع لكنه عاش في فترة رأى فيها بعيني رأسه النجاحات المتتالية لميكانيك الكم تجتاح العالم كله ورأى إله أسبينوزا أسطورة تتبخر وأن العالم ليس واجبا وإنما احتماليا وكان من الممكن ببساطة ألا يخلقه الله .
وهذه الفكرة الحلولية قام بالتأصيل لها باروخ اسبينوزا الباحث اليهودي في القرن السابع عشر واعتبر أن الجوهر هو الطبيعة والله معاً فهو يتصور ان الطبيعة والله هما وجهان لنفس الصفحة .. وهذه الفلسفة استمدها من موسى ابن ميمون القرطبي الذي عاش في بلاد الإسلام طيلة عمره وانتقل من قرطبة إلى القاهرة وتأثر بالمدارس الكلامية والفلسفة الصوفية في الحلول والإتحاد .
لم يُلحد أينشتاين يوما ما وكان يعتبر فكرة الإلحاد فكرة سخيفة وتعود في الأصل إلى حماس الشباب في الهروب من الأدلجة الدينية وكان يُصنف نفسه بالفيزيائي المؤمن كما جاء في رسالة العزاء التي أرسلها إلى عائلة رفيقه الإيطالي ميشيل بيسو .
لكنه في المقابل كان يرفض فكرة الإله القومي اليهودي - إله الشعب المختار الذي لا يقبل أحدا من العالم إلا الذي جاء من نسل أبوين يهوديين - ولذا تمرَّد على ديانته اليهودية وقال كلمته الشهيرة " أؤمن بإله اسبينوزا، الذي يكشف نفسه في التناغم القانوني في كل ما هو موجود " .
إذن التناغم القانوني هو شرط هذا الإله وصفته الأصيلة التي لا يُعرف إلا بها .. ولذا اهتز أينشتاين بشدة عندما وصلته نتائج ميكانيكا الكم لأن هذه النتائج تُفرز صخبا لا قانونا متناغما ولذا وصف ميكانيكا الكم في خطاب له إلى صديقه ميشيل بيسو في ديسمبر عام 1925 بأنها " معادلات من صميم السحر الأسود ."
الإحتمالات المثيرة للنظرية الكمية تأليف :- ليونيد بونوماريف ترجمة :- إيمان أبو شادي الهيئة المصرية العامة للكتاب الطبعة الأولى 2007 ص13
اعتبر أينشتاين أن ميكانيكا الكم تنسف فلسفة اسبينوزا القائمة على التناغم القانوني في الكون وأرسل رسالة إلى صديقه ماكس بورن في 4 ديسمبر 1926 قال فيها " الله لا يلعب النرد " God doesn't play dice
ولم يتوقف اينشتاين عند هذا الحد بل إنه في عام 1935 بمساعدة اثنين من العلماء وهما بوريس بودولسكي وناثان روزين Boris Podolsky and Nathan Rosen أو إختصارا للثلاثة EPR قرر الثلاثة أن يضعوا حدا لقفزات ميكانيكا الكم وقام الثلاثة بنشر ورقة بحث بعنوان " هل توصيف ميكانيكا الكم للحقيقة يعتبر كاملا ؟"
Albert Einstein, Boris Podolsky, and Nathan Rosen, "Can Quantum-Mechanical Description of Physical Reality Be Considered Complete?"Physical Review 47 (1935), p. 777.
http://en.wikipedia.org/wiki/EPR_paradox
وفيها أوضح العلماء الثلاثة أن ميكانيك الكم تفترض أن الفوتونان الناتجان عن تحلل ذرة البوزيترونيم positronium إذا انطلقا وسافرا وصارت المسافة بينهما حتى عشر سنوات ضوئية فإنه يمكن حصرهما بل وقياس زاوية الاستقطاب بدقة وفي حالة أنه تم قياس زاوية الاستقطاب لكلا الفوتونين وتبين أن القياس متطابق إذن لابد أنهما تواصلا لحظيا حتى يعرفا أي زاوية من زوايا الاستقطاب سيتبعان وهذا مستحيل لأنهما لو تواصلا لحظيا بمجرد وضعهما تحت الرصد فهما إذن تواصلا بسرعة أكبر من سرعة الضوء وبالتالي انتقلت المعلومة بينهما بسرعة أكبر من سرعة الضوء وهذا مستحيل علميا طبقا لنظرية النسبية الخاصة - فطبقا لنظرية النسبية الخاصة يستحيل كسر حاجز سرعة الضوء -.
لذا فقد قرر أينشتاين أن نيلز بور باستنتاجاته تلك سيفتح الباب واسعا لكل المتناقضات وأن ميكانيكا الكم بها خطأ جوهري .. فكيف يتواصل فوتونان لحظيا ؟ كيف تنتقل المعلومة بينهما بسرعة أكبر من سرعة الضوء ؟
كل هذه الحرب الشعواء مِن قِبل أينشتاين مُستخدما أسلحة العلم للدفاع عن إله أسبينوزا ..
وما أن جاء عام 1982 إلا وتبين معمليا وتجريبيا أن أينشتاين كان على خطـأ فقد أثبت الفيزيائي الفرنسي آلين أسبكت Alain Aspect وفريقه صحة ما ذهب إليه نيلز بور فقد أثبتـا عمليـا أن الفوتونات فعلا تستطيع لحظيا أن تتواصل فيما بينها بغض النظر عن المسافات الفاصلة بينها هل هي عشرة أمتار أو عشر سنوات ضوئية أي أن المعلومة تسافر أسرع من الضوء .... بل سرعتها آنية لحظية
http://en.wikipedia.org/wiki/Alain_Aspect
ومنذ سنوات قليلة تم تأكيد الأمر بأدلة تجريبية أُخرى في مفاعل جيو 600 وفي أماكن أُخرى من العالم ..فيما يعرف بمُعضلة التأثير الشبحي عن بُعد
1857
لكن لماذا لم يستوعب أينشتاين ميكانيك الكم - مع أن نوبل التي حصل عليها كانت في ميكانيك الكم - بل إنه هو الذي صَّك كلمة كوانتم .. لماذا يتمرد على تلك الفيزياء الوليدة لماذا كان يحاربها حتى وفاته -مع أنه يعلم بداخله يقينا أن كل التجارب في مصلحتها - ؟
مشكلة أينشتاين كانت في عقيدته .. عقيدة إله أسبينوزا .. عقيدة الحلول والإتحاد .. عقيدة الإله الذي يحل في قوانين الطبيعة ..
لو كان أينشتاين آمن بالإله العظيم البائن من خلقه - المنفصل عن مخلوقاته - الإله الذي ليس كمثله شيء الذي يعرف كيف يخلق ويختار بين الاحتمالات وبالتالي فهو فعليا لا يلعب النرد لو كان فعل ذلك لما وقع في تناقض عاش فيه طيلة عمره ولما توقفت أبحاثه العظيمة ببزوغ فجر ميكانيك الكم ولما مات في أمريكا بعد عقود من فشل يتلوه فشل في مسألة التوحيد بين القوى الأربع في الطبيعة .
لقد كان نيلز بور - أبو ميكانيك الكم - دوما يقول لأينشتاين " إنك لن تستطيع أن تفرض على الله كيف يتصرف في العالم ." لم يتفهم اينشتاين هذه الحُجة لإيمانه العقيم بإله أسبينوزا .
فمشكلة أينشتاين الحقيقية أنه كان يفترض العالم واجبا وقوانينه واجبه وليس احتماليا ولذا كانت صدمته كبرى من ميكانيك الكم ولذا كان يقول " إنني دوما أتسائل هل كان لله اختيار آخر غير خلق هذا العالم ؟."
فهو كان يرى العالم واجبا لكن ميكانيك الكم أثبت ان العالم احتماليا ووجوده ممكنا لا أكثر .. وهذا ينسف المنظومة الفلسفية عند اينشتاين في عقيدته بخصوص إله اسبينوزا .
ربما لو عاش أينشتاين للعام 2012 ورأى بعينه جائزة نوبل في الفيزياء تُمنح لعالمين في فيزياء الكوانتم لابحاثهما في إمكان العالم واحتماليته لا أكثر ربما ساعتها كان سيتراجع لكنه عاش في فترة رأى فيها بعيني رأسه النجاحات المتتالية لميكانيك الكم تجتاح العالم كله ورأى إله أسبينوزا أسطورة تتبخر وأن العالم ليس واجبا وإنما احتماليا وكان من الممكن ببساطة ألا يخلقه الله .