المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إسقاطات الملاحدة النفسية 1



أبو بكر ناجي
11-10-2013, 03:14 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد :

لقد قرأت بعض المناظرات بين الأخوة في المنتدى و بعض الملاحدة اللاأدريين ، وما لفت إنتباهي في تلك المواضيع هي بعض الحجج التي يسوقها المحلد في محاولة منه لإثبات بشرية الإسلام وأنه ليس بدين رب العالمين ، وفكرت بعدها في كتابة هذا الموضوع لتفنيد وضحد بعض الإفتراءات والمغالطات لدى الملاحدة ، وأهمها الإسقاط النفسي البشري على الله الكامل الذي ليس مثله شيء ، ونذكر بعض هذه الإسقاطات النفسية والتي هي ليست حجج منطقية علمية رصينة ، بل محاولة يائسة في تشكيك الناس في الإسلام وصرفهم عن هذا الدين ، وهنا أطرح التساؤل التالي : أيها الملحد إن كانت نفسك قد أوصلتك للكفر فلماذا تنشر هذا الكفر بين الناس ؟ وما الغرض من هذا ؟ ولو قلنا أن الحقيقة حسب زعمكم أنها نسبية و أن لا أحد يعرف بالضبط كيف ظهر الكون وما زال عقل الإنسان قاصرا فلماذا تنشرون ظنونكم وما تتبعون إلا الظن كما قال الله سبحانه : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) [ النساء:157- 158] .

من بين تلك الحجج العقلية الواهية : قولهم أننا في الإسلام نقول أن الله رحيم وعادل فلماذا كل هذا الشر في العالم .
طيب زميلي الملحد فلنتفق أن الله عادل ورحيم ورؤوف بالعباد ، وأنه يحب الخير للناس ، لكن يجب التنبه على قضية مهمة جدا وهي إياك والإسقاط النفسي ، صحيح أن الله عز وجل رحيم و عادل لكنه عادل ورحيم ليس مثل البشر فرحمة البشر تغلب عليها العاطفة ، مثلا لو سرق إنسان من أجل الأكل أو شراء سيارة وأودع السجن هناك بعض الناس سيقول لماذا تحرمونه من الحرية يكفي أن يغرم أو يوضع تحت الإقامة الجبرية لمدة معينة أو نعطيه وظيفة وما إلى ذلك ، فنحن البشر تختلف عواطفنا من شخص إلى آخر ، يعني الرحمة بالنسبة للبشر مختلفة حتى أن هناك ناس تتعاطف مع أكبر المجرمين وبعضهم يقع ضحية نصب وإحتيال بسبب الطيبوبة الزائدة والثقة العمياء ، إذن فلا يمكن أن نجعل رحمة الله تابعة لأهوائنا ، بل هي رحمة خاصة به لا يوجد فيها نقص يعرف من يرحم ويعرف من لا يرحم بحكمته وعلمه الكامل بما تخفي النفوس ، إذن فخلقه للشر هي لحكمة ويجب أن نعرف أن الله أخبرنا أن الدنيا دار إبتلاء ومن يريد عيش الجنة في الأرض فهو واهم لا محالة ، ونحن نؤمن بالله ونثق فيه ونعلم أنه في يوم القيامة سوف يخبرنا عما كنا نختلف فيه ، ويبين لنا سر خلقه للشر بالنسبة للحيوانات والبشر ولماذا ، رغم أننا نعلم بعض الحكم من ذلك وليس كلها .

أيضا لفت إنتباهي إسقاط آخر من سلسلة إسقاطاتهم ألا وهي : آيات بسط الأرض والسماء سقف .
يظن البعض منهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابه كانوا يعيشون في عصر الديجيتال أو الأقمار الصناعية وبعدما عرف البشر أن الأرض كروية والسماء واسعة جدا وأن الأرض تسبح في الكون وتدور حول نفسها والشمس ، وقد نسي الملحد أنه لفهم القرآن يجب أن نعرف التاريخ و كيف كان يعيش أولائك الناس وما هي أفكارهم ومصطلحاتهم ، ففي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان الناس لا توجد عندهم أقمار صناعية أو مركبات فضائية ، فالله لما أنزل عليهم القرآن وذكر بسط الأرض و السماء التي هي سقف كان يصفها بالنسبة للإنسان الذي يشاهد ذلك الأمر فنحن عندما نسير في الأرض فنجدها منبسطة وعندما نشاهد السماء التي تعلونا نجدها كالسقف بالنسبة لنا لأنها فوقنا وكل شيء فوق الشيء هو سقفه والنجوم التي كانت تظهر زينة للسماء ، إذن لا تعارض بين العلم والإسلام ، فالإسلام يصف المشاهدة بالعين ، والعلم لما تطور يصف المشاهدة بالمركبات الفضائية وخارج كوكب الأرض ، ولنا مثال في رؤية القمر فلكي ييسر الله للناس معرفة شهر رمضان أمرهم برؤية الهلال بدل الحساب الفلكي لما فيه من تكلف ، فالله يصف لنا الأشياء التي نستوعبها في كل زمان ومكان إنتهى ...

أيضا إسقاط نفسي آخر وهو تعدد الزوجات و الجواري والسبايا والعبيد
نحن نعيش في القرن 21 أصبح الأمن متوفرا وتغيرت حالة المدينة والعمل وطريقة العيش وأصبح الإقتصاد منظم و أمور الدولة منظمة والحياة أكثر تعقيدا ، لكن الملاحدة يتعامون على أن العصور السابقة لم تكن في نفس التقدم و الرقي والأمن والرخاء وأن العصور القديمة كانت لديها نظمها التي تحتم على الإنسان مسايرتها وإلا لن ينجح في التعايش مع ذلك الزمان ، بل حتى عصر قريب كان هناك قطاع الطرق و حرب القبائل والسبي وما إلى ذلك وعادات وتقاليد مختلفة كانت عادية في ذلك الزمان ، والآن تبدوا لنا غريبة وقد يأتي عصر يقول عنا إنسان المستقبل أننا متخلفون ولدينا قوانين جائرة وما إلى ذلك ، فالإسلام ظهر في القرن السادس للميلاد وكانت الطبيعة التي يعيش فيها المسلمون الأوائل طبيعة قبلية وكان السبي أثناء المعارك منتشر و تعدد الزوجات كان أمر عادي جدا حتى النساء كانوا لا يعتبرونه جائرا وأيضا بيع العبيد كان أمرا عاديا وغير مستنكر حتى من العبيد أنفسهم ما دام مالكه يعطيه حقه ولا يظلمه ، لذلك لا يمكن أن نستنكر هذا لأن تلك القوانين كانت عادية جدا كما أننا الآن نرى قوانيننا عادية رغم السخافة والسذاجة والظلم والتناقض التي فيها والتي سوف أفرد لها موضوعا آخر إن شاء الله ، صحيح أن الإسلام لم يحرم الجواري لأنه كان أمرا عاديا ، ولم يحرم السبي لأنه إن لم يسبي المسلمون فسوف تسبى نسائهم ، وهناك فائدة جيدة للسبي في ذلك الزمان لأنه عندما كانت تحدث الحرب وينتصر طرف يكون قد مات من يعيل المرأة أو الطفل أو تدمرت البلدة التي إنهزمت ولم تعد صالحة للعيش لظروف الحرب فيأخذ المنتصر السبايا ويتملكه فيصبح للمرأة و الطفل من يعليهم وهذا هدف إنساني ، وأحيانا تعجب تلك المرأة مالكها فيتزوجها وأي شرف بعد هذا ، وأحيانا عندما لا تتوافق معه يبيعها أو يعتقها وهذا تخليص له ولها لأنه إن بقيت معه فسوف تكثر المشاكل بينهما ، وكما تعلمون أن العبيد كانوا في الأغلب من إفريقيا فإن لم يشتره شخص ويخدم عنده فمن يعيل ذلك العبد المسكين الذي سيبقى مشرد وأيضا أحيانا كان قطاع الطرق يختطفون الأشخاص أو يشرونهم ويبيعونهم ، وإن يشتره أحد فسوف يبقى تحت سطوة من إسترقه فشراؤه كان تخليصا له ، الآن سنأتي بعد هذا لتبيين عظمة الإسلام وما الجديد الذي أتى به ، صحيح أنه لا يحرم الجواري والعبيد لكنه يأمر بالإحسان بهم ومعاملتهم أفضل معاملة طلبا للأجر والثواب وأيضا شجع كثيرا على إعتاق العبيد وشجع على تربيتهم تربية حسنة وعدم ضربهم أو ظلمهم ، وحتى العبد أو الجارية في ظل الإسلام لم يكن يحس بالظلم أو العيب في ذلك بل يحس أنه من أهل بيت الرجل كأبنائه و زوجاته لأنها سنة ذلك الوقت حتى قبل الإسلام وأحيانا من شدة إحسان المالك للعبد تجد العبد يفضل أن يبقى خادما لسيده ويخدمه بإخلاص و العبيد وجدوا مكانة مرموقة في الإسلام الذي أمر بالإحسان إلى الضعيف و الخدم وأن من يعتقهم له أجر وأنها كفارة للعبد ، بل بعضهم أصبح من سادة الصحابة كبلال بن رباح رضي الله عنه وسلمان الفارسي وكانوا يحبون دينهم كثيرا ولم يطلقوا هذه الدعاوى التي يطلقها من نصب نفسه زورا وبهتانا محاميا عنهم ، ولو كان في زمانهم بما إلتفتوا له .
أما تعدد النساء فهي كانت مسئلة عادية جدا قبل الإسلام وبعده بل فيها حكمة بالغة لكي ذي عقل ، المعروف أن الرجل هو من كان يعمل والمرأة تخدم البيت والزوج وأطفالها بل أحيانا تمارس الخياطة والطبخ وتغذية المواشي وبعض المهن النسائية بل كانوا يشاركون حتى في الجهاد عندما يحتاج لهم وبعضهم كان يعمل في التجارة ، لكن الرجل ومن طبعه أنه من يمسك بزمام الأمور لقوته الجسدية والبيولوجية و قوة عقله وحكمته ولأنه لا يتعرض للإستغلال أو الطمع كالنساء الذين كانوا قد يتعرضون للتحرش أو الإغتصاب ، وكان الرجل أحيانا يحتاج لأولاد كثر نظرا للظروف التي كانت في ذلك الزمان إما لحمايته من القبائل أو لمساعدته لذلك يجب أن يتزوج أكثر من واحدة وأيضا كان يحتاج لمن يخدمه وأعباء الماضي كانت صعبة على إمرأة واحدة وأحيانا تمرض المرأة أو تكون قليلة الشهوة أو تكبر في السن كما حدث من سيدنا سودة بنت زمعة رضي الله عنها ، فيتزوج الرجل إمرأة أخرى ويبقي على الأولى لكي يعيلها وأبنائها بل الإسلام أمر بالعدل في النفقة وهناك كثير من الأمور التي كانت توجب الزواج أكثر من واحدة ومنها أيضا مصاهرة القبائل لهدف سلمي لكي تنتهي النزاعات بالمصاهرة كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وكثير كثير فمجتمع ذلك الوقت ليس هو ما نراه الآن لذلك لا تسقط زميلي الملحد أفكار اليوم على الأمس لأن الحقيقة حسب زعمك نسبية ففي ذلك الزمان كان ذلك غير محرج بل ضروري ومفيد من الناحية الإجتماعية والإقتصادية والعسكرية والسياسية .

هناك أيضا إسقاط آخر وهي تعريف الخلق وكيف يظن الملحد أن الله خلق البشر
بعض الملاحدة عندما يسمع خلق آدم بيد الله وما إلى ذلك يظن أن الله كالبشر ويده كيدنا وطريقة خلقه كطريقة صنعنا للأشياء ، ويتجاهل أن الله ليس كمثله شيء ولا نعرف كيفية خلقه لآدم ولا شكل يديه التي خلق بها آدم ، أما الأشياء الأخرى فخلقها الله بكلمة كن فيكون يعني عزيزي لا تتوقع أن الله كان عنده معمل صناعي ويركب الأشياء بنفسه ، فهو كان يأمر الأشياء وتتكون بأمره بعضها نعرف كيف يتكون والبعض ما زلنا نجهله ، لذلك إسقاط الملحد لأفكاره ومشاهداته على الخالق وجعله كالبشر مخالفة تماما للواقع فالله يا عزيزي ليس بشر ولا تفكر أنه مثلك أو علمه مثل علمك أو أنه خلق الخلق كما يصنع الناس الأشياء تعالى الله علوا كبيرا .

أيضا ما إستوقفي هو قولهم أن الله يعرف مصيرنا فلماذا خلقنا ليعذب البعض ويكرم البعض
وصراحة هذا السؤال لا يستطيع أحد الإجابة عليه سوى الخالق سبحانه فهو يعلم لماذا خلق ولماذا يعذب هذا الكافر ويكرم هذا المسلم ، فلا ينبغى أن نسقط أفكارنا على الله لأنه يعلم الأمور من جميع الوجوه ، ولا يمكن أن نعتبر هذا ظلم لمجرد عدم معرفتنا للحكمة منها ، وأقول لك لو علم الله فيك خيرا فمصيرك الجنة أما لو علم فيك شرا فمصيرك النار ، لكن هذا لا يجعلك تعول على هذا ، لأنك لم تصل إلى علم الله ولا تعرف ماذا أعد لك لذلك إجتهد وأطلب الحق والخير وتضرع إليه ولا تتمرد عليه أو تسيء ظنك فيه فطبعا هو لن يظلمك ، أما من يستكبر ويكفر لشبهة أو لشهوة فهذا يستحق العذاب لأنه جحد نعم الله عليه وأنكر فضله ويئس من رحمة الله عليه وهذا هو الصنف الذي يعلمه الله أنه لا خير فيه .

أما إسقاط نفسي آخر وهي تعدد الأديان وإختلاط الأمر على الناس
تعدد الأديان هو قول باطل ، فنحن نعرف أن هناك أديان وضعية وهناك أديان سماوية ، الوضعية من وضع البشر يعني هي تخرج من نطاق البحث ، ويصبح الأمر محصورا من الأديان التي تدعي أنها من عند الله ، يجب دراستها بحيادية وإنصاف ودراسة تاريخها وهل حرفت أم لا وكيف نقلت لنا وكيف تذكر الخالق والأنبياء هل بنقص أم بكمال وهل تخلوا من الكلمات النابية والأخلاق السيئة ، وسيتبين لك الحق والأمر يختلط على الجاهل أما الباحث فهو طبعا يستطيع المقارنة ، وأغلب من يطرح هذه الشبهة هو شخص قليل العلم ضائع فيسقط ما في نفسه من ضياع ويقول لك لا أعرف الحق أين هو ولكنه لو عرف الحق ستتغير نفسه وتصبح الأمور أمامه واضحة وضوح الشمس ، أما الخروج عن دائرة الدين والدخول في الإلحاد فهو غير منطقي لأن الإلحاد هو دين بشري يعني هربت مما تعتبره سيء إلى ما هو أسوء ، ولا تتوقع في الشيء البشري الكمال أو الحقيقة المطلقة لأن الإنسان محدود العلم .

ومن طرائف الإسقاط النفسي إتيانهم بالشبهات وهي في الحقيقة مجرد سوء فهم ويعتبرونها دليلا .
مثلا شبهة طريفة تقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر فضل عائشة على النساء وقال أن فضلها على النساء كفضل الثريد على باقي الطعام ، يقولون ما الفائدة الغذائية للثريد و ما فضله على سائر الطعام ، وقد نسي صاحب الشبهة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الثريد على باقي الطعام لذلك وصف عائشة رضي الله عنها بهذا الوصف لحبه لها كما يحب هو الثريد وليس أن الثريد أفضل من باقي الطعام من الناحية الغذائية ، أيضا شبهة حول المنافع الطبية للعسل و الحبة السوداء ، ويقولون أن الرسول قال أنها علاج من كل داء ، ويزعمون أنه قصد بها ما فهموه أنها علاج من داء داء ، بينما نسي صديقنا أن هناك حيث للرسول صلى الله عليه وسلم يقول أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن فهل معناه أنها ثلث القرآن أو عدد آياتها كعدد آيات القرآن ؟؟ بل هو يقصد تبيين فضلها ومدى أجرها ، وكذلك الأمر بالنسبة للعسل والحبة السوداء فهو يقصد منافهم الطبية في ذلك الوقت ، خصوصا أنه لم تكن في ذلك الزمان أدوية ، فلا تسقط عزيزي هذا الزمان على ذلك الزمان ، أو تفهم الحديث والآية بالمقلوب وتجلها شبهة بل إسأل المختصين والعلماء ، ما المقصود بهذه الآية أو هذا الحديث .

وما زال في الموضوع بقية أما الآن فقد حان موعد النوم ، ونكمل في موضوع آخر إن شاء الله ...

أبو بكر ناجي
11-11-2013, 07:58 PM
أريد من الإشراف تمكيني من تعديل الموضوع بسبب أخطاء في الكتابة