المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإلحاد نوعين



زيد الجزائري الجزائر
01-08-2014, 05:50 PM
بإمكاننا أن نقسم الإلحاد إلى نوعين
إلحاد علمي عقلي
إلحاد عاطفي انفعالي
أما الأول فهو إلحاد ظهر نتيجة المصادمة التي ظنها الملحد بين الدين و بين مكتسباته في الفلسفة و العلوم المادية و الإنسانية و غيرها من المعارف العلمية و هذا النوع هو الأقل في عالمنا العربي نتيجة الضعف العلمي و الكسل المعرفي المتفشي فيه بل هو الأقل مقارنة بالنوع الثاني و غالبا ما يكون نتيجة له
أما النوع الثاني فهو الإلحاد الناتج عن عواطف ظهرت و تمكنت من نفس الملحد نتيجة أحكام باطلة و أخطاء منهجية أنتجت تلك العواطف و أنتجت توهمه للمصادمة بين الدين و الواقع و توهمه كون الصدام علميا من النوع الأول مما زرع نفرة في نفس الملحد و ترددا و نتائج مبنية على مقدمات خاطئة لا تلزم تلك النتائج و من ثم كانت سببا في إلحاده و يتسم هذا النوع بكثرة الخلط و التحكم و البناء على الشعور و الظن و في هذا المقال أتناول هذا الصنف الثاني لكونه هو الأكثر و هو الأساس و البداية للصنف الأول حيث يكون هو الموقف المسبق المحرك للصنف الأول و الصانع لنتائجه المسبقة التي يبحث عما يبرهنها علميا
إن تيار الإلحاد العاطفي ينطلق في ما ينتجه من نتائج خاطئة و عواطف صادمة من أربع مغالطات رئيسية في تبرير إلحاده ، و من أدرك كونها مغالطات منفكة عما يبنى عليها من نتائج ، سهل عليه إبطال كثير من الشبهات و الإشكالات التي يطرحونها بهوى و عاطفة لا بعلم و منطق و سنوردها و نناقشها بهدوء و عقلانية
المغالطة الأولى الخلط بين احباط التطبيق و كمال المنهج فالإحتجاج بتخلف المسلمين أو زلات أفرادهم أو قياداتهم أو غيرها من الأخطاء التطبيقية ليس من العلم في شيء لأن العقل يقضي بانفكاك جهة المنهج عن كيفية تطبيق أتباعه التي تحكمها عوامل أخرى مختلفة ، كالهوى ، و العجز ، و الجهل ، و الكسل ، و الشهوة ، و غيرها ، هذا في حال كانت الممارسة المنتقدة فعلاً تحاول تطبيق المنهج من غير حياد عنه ، و إلا فالمنهج بريء ممن يحيدون عنه و من أخطائهم التي تخالفه ، و لا وجه للطعن فيه بالطعن في أتباعه أو بفهمهم السقيم له ، و إنما يحكم عليه بما ورد فيه و يفهم بقواعد الفهم العقلية المعتبرة التي ترشد إلى التطبيق السليم للمنهج و الذي يصح أن يحكم به عليه بعدها .

المغالطة الثانية الخلط بين عدم تصور عالم الغيب و تصور عالم الشهادة فالعقل يقضي أن خالق العالم و خالق سننه و قوانينه و ثوابته الفيزيائية و الكمية و كل ما هو مشاهد و نستمد منه كلياتنا العقلية المطردة لابد لهذا الخالق أن يكون مستغنيا عن هذه القوانين و اللوازم العقلية التي تلزم مخلوقاته بما وضع فيهم من خواص و صفات لأنه كان موجودا قبلها و مستغنيا عنها فلا يمكن عقلا أن تشمله هذه القوانين و اللوازم و يحكم عليه بها و هو قبلها و خالقها و إلا لزم الدور المنطقي الباطل ( هو المؤثر في وجودها و هي المؤثر في وجوده بحيث يفتقر إليها )كما أنها لا تلزم ما غاب عنّا و لم نعرف خواصه لنحكم عليه و نطرد فيه مكتسباتنا العقلية التي استخلصناها من المخلوقات المشاهدة ، فالطعن في العقائد الغيبية بزعم مخالفتها للعقل مخالف للعقل في ذاته ، و بعيد عن العلم و المنطق ، و ليس إلا مغالطة عاطفية .

المغالطة الثالثة : الخلط بين عدم الاستسلام للتشريعات الدينية ، و نفي وجود المشرع
فكونك لا تعجبك الشرائع ، أو تتمنى لو كانت دائرة حريتك أوسع ، أو تتمنى لو أن المرأة لم تلزم بالحجاب و لم تمنع من الاختلاط ، لا يعني أن تنكر وجود المشرع !! فالجهة منفكة تماماً .حتى حين تجعل مناقضة لصفات العدل و الحكمة ، فإن هذه المعاني فضفاضة لا يدرك العقل تفاصيلها و مصاديقها الخارجية المطابقة لها ، ثم لم يقل أحد أن الله خلقك ليرضيك وحدك ! و إنما خلقك لتعبده ، و لترضا بشريعته و تحبها بحبك إياه ، و لتؤمن أن فيها صلاحك إما مباشرة ، و إما على المدى الطويل ، و إما على الجماعة ككل و إن كان فيها مشقة شخصية عليك ، فتبرير الإلحاد بانتقاد تشريعات معينة و الزعم بأن فيها إجحاف أو ظلم أو تخلف أو غيرها من الأحكام العاطفية المبنية على غير أساس ، هو بحد ذاته خطأ عقلي و رجعية منطقية لا مشروعية لها في ميزان العقل لانفكاك جهة رضاك بالتشريع عن إيمانك بوجود المشرع .

المغالطة الرابعة : الخلط بين النقمة على الشيء و بين نفي وجوده :فكونك تألمت لفقد أبيك أو أمك ، أو تدهور صحة أختك ، مع أنهم يصلون و يصومون و يمارسون حياة إسلامية سليمة ، لا يعني أن تنقم على ربك و تنكر وجوده لمجرد أنه آلمك أو آلم من تحب !فالدنيا في ميزان أهل الدين لا تساوي جناح حشرة ، و لو عذبت و قطعت 70 سنة أو 100 سنة ، أو لنقل 1000 سنة ، في مقابل نعيم أبدي ، لكان ثمناً زهيداً نسبياً بما ستناله من سلعة غالية لا تقدر بثمن و لا تحد بزمن .و كما قلنا سابقاً ، لم يزعم أحد أنك خلقت لتتنعم و تعيش في حياة جميلة وردية مليئة بالورود و العصافير المغردة ، و ما يصيبك من ألم و عذاب ؛ فإنما هو لحكمة كبرى لا يزعم أحد أنه أحاط بها و بغايتها ، فهي صفة إلهية لا يعلم حكمها إلا المتصف بها سبحانه ، و من عدله و رحمته أنه سيجزيك عليها الجنة إن صبرت و احتسبت و لم يتزعزع إيمانك ، مع أنها غالباً تصيبك نتيجة أسباب و سنن كان عليك أنت أن تتوقاها و تستشرف نتائجها و قد علمت إمكانها مسبقاً .فحقدك الشخصي الغير مبرر ، و صدمتك النفسية العاطفية ، ليس كل هذا مبرراً و لا دليلاً علمياً تنكر به خالقك ، و كما قال أحدهم : إنكار الملحد وجود الرب ، لمجرد أنه آلمه و من يحب ، كمن يقول لأمه التي لطمته : أنتِ لست موجودة فقد آلمتني

د. هشام عزمي
01-08-2014, 06:15 PM
أحسنت أخي زيد .. وقد قسم الدكتور المغربي اللامع الطيب بوعزة الإلحاد من جهة الأسباب إلى إلحاد معرفي (له أسباب فلسفية أو علمية) وإلحاد نفسي (له أسباب نفسية عاطفية) .. وهذا يتفق مع تقسيمك ..

muslim.pure
01-08-2014, 08:58 PM
و الاستاذ حسام الدين حامد ايضا قام بتقسيم الالحاد الى نفسي و علمي
عرض موفق للموضوع بارك الله فيك