أمَة الرحمن
01-19-2014, 02:02 AM
لا شيء يغيظني أكثر من تصوير بعض الجهلة لمسألة حق الزوج الشرعي بتأديب زوجته الناشز على أنها "اباحة لضرب المرأة و اهانتها"، و و الله هذه حماقة ما بعدها حماقة!
دعوني أصف لكم مثالاً لتقريب الصورة:
أنا معلمة، و ادارة مدرستي الإبتدائية تمنع ضرب و سب الطالبات منعاً باتاً مهما بلغت شقاوتهن. لكن هنالك "رخصة" عند التعامل مع الطالبات اللواتي بلغ شغبهن حداً لا يطاق و لم يعد ينفع معهن النصح و لا التهديد، فيحق لي كمعلمة أن أضرب يدها أو كتفها ضرباً خفيفاً و سريعاً و أن أزجرها في حدود الأدب لكي تهدأ و تفيق من سكرة طيشها و عنادها. و المعروف في مجتمعنا المدرسي أن المعلمة التي لا تستعمل هذه "الرخصة" أفضل من التي تستعملها (لأنها تستطيع تهدئة الطالبة الطائشة العنيدة بقوة شخصيتها و أسلوبها، مما يضفي عليها هالة من الإعجاب و الإحترام).
و لأن هنالك مستويات لشغب الطالبات، فهنالك أيضاً طرق مختلفة للتعامل معهن: هنالك الطالبة التي تنفع معها كلمة نصح أو عتاب واحدة، و هنالك التي نضطر لتوبيخها و تهديدها أكثر من مرة، و هنالك التي نضطر لعقابها بأن تقف في ركنٍ خاص لفترة معينة. و أندر نوع من الطالبات المشاغبات هن اللاتي وصل طيشهن و عنادهن إلى درجة لم يعد ينفع فيها النصح و لا التوبيخ و لا طريقة الوقوف في الركن الخاص، فهنا قد تضطر المعلمة لاستخدام رخصة الضرب الخفيف و السريع حتى ترتدع و يعود النظام للصف أخيراً.
فهل يمكن أن يأتي أحمق بعدها ليقول أن مدرستنا تبيح (يعني: تسمح باطلاق و لا تقيّد) ضرب و اهانة (يعني: أي نوع من الضرب و تجاوز حدود الأدب) الطالبات المشاغبات (يعني: كل الطالبات المشاغبات)؟؟؟
لو تجرأ أحد على التفوه بهذه الحماقة لسخرنا منه و ضحكنا!
دعوا ننظر للأعراف الإجتماعية في المجتمعات الغربية. صحيح أنها تدين و تحتقر ضرب المرأة لأي سبب.. لكنها أيضاً لا تحرّم على الرجل ضرب المرأة (و لو بالصفع و اللطم و الركل) إن هي هاجمته أولاً (بحجة المساواة بين الجنسين):
http://www.returnofkings.com/1106/the-myth-of-never-hitting-a-woman
http://www.debate.org/opinions/is-it-ever-acceptable-for-a-man-to-hit-a-woman
فهل هذا هو الحال في الإسلام؟
لا و ألف لا!
الإسلام لا يبيح للزوج ضرب زوجته أو شتمها حتى و ان اعتدت هي عليه بالضرب و الشتم، بل يدعوه لكتم غيظه و التعامل معها باللّين و النصح ثم بالزجر في حدود الأدب أولاً، و ثانياً تأتي خطوة الهجر في الفراش (لكسر غرور هذه المرأة الناشز التي لم ينفع معها أسلوب النصح المحترم)، و أخيراً تأتي خطوة الضرب غير المبرّح - و الأصح أن نقول: الضرب اللّطيف الرمزي - كخطوة أخيرة و غير لازمة (للمرأة النادرة التي وصل تعاليها و طيشها و غرورها حداً لا يطاق).
فالضرب المؤلم - و لو كان ردة فعلٍ لضرب الزوجة لزوجها - قد نهى عنه الشارع حتى وإن كان فيه صلاح الزوجة واستقامتها، وجاء في حاشية الدسوقي لابن عرفه المالكي: (ولا يجوز الضرب المبرح ولو علم الزوج أنها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع فلها التطليق عليه أوالقصاص) .
فهذا الدين الذي يأمر الزوج بالسيطرة على انفعالاته - مهما اهانته امرأته - ثم يأمره بالتدرّج في التعامل معها برفق و لين، و قيّد حقه في استخدام قوته البدنية فلم يُبِح له استعمال رخصة الضرب الخفيف جداً الا كخطوة أخيرة و غير واجبة (و لا يعتبر من يستعمل هذه الرخصة رجلاً من خيار الرجال)، هل هو دين يبيح و يدعوا لضرب المرأة و اهانتها؟!
هذا و الله ظلم و تزييف للحقائق.
و الله ان هذا الرخصة الشرعية لم تأتي الا للحدّ من انفعال الرجل و لتقييد استعمال قوته البدنية في رد عدوان المرأة عليه، فكيف يقلب الحمقى المسألة رأساً على عقب؟!
فلنستمع كيف صوّر علماء الدين المسألة على حقيقتها:
يقول الدكتور مراد هوفمان:
إن بيان القرآن الذي يبيح للرجل ضرب الزوجة الناشز، والذي يصر كثيرون على فهمه فهماً خاطئاً في معظم الحالات، إنما يهدف إلى صيانة الحياة الزوجية، وحمايتها وتقويمها، كما تنص على ذلك الآية الرابعة والثلاثون من سورة النساء: (...وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).النساء : 34 .
وتتفق السنّة والآثار الموقوفة جميعاً على أن المقصود هنا الإرشاد لإنقاذ كيان الزيجة التي يتهددها الفشل، وألا يتسرع الزوج الغاضب لنشوز زوجته في تطليقها، ذلك أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، كما هو مشهور في الحديث النبوي .
كذلك، فليس المقصود بالضرب البطش باليد أو بالسوط أو بأية آلة، إلا إذا كانت تلك الآلة لا تحدث أي جرح أو تسيل دماً، فيكون رمزاً للتأنيب والتأديب، كأن يضرب الزوجُ الزوجَ الناشزة بمنشفة أو مروحة من الورق ونحو ذلك. أ.هـ
ويقول الشيخ عصام الشعار :
ضرب الزوجة الإذن فيه ليس على إطلاقه وإنما مقيد بنشوزها، وأن يكون مفيدا في إصلاحها وتقويمها، والنشوز معناه الخروج عن الطاعة الواجبة ولا يكون نشوزا إلا إذا بدا منها الإصرار على معصية الزوج ومخالفته بامتناعها عن أداء حقه في الفراش وخروجها من بيته دون إذنه، ونحو ذلك مما يجب عليها، وكما قال الفقهاء على الزوج وعظ زوجته بما يلين قلبها لقبول الطاعة واجتناب المنكر، فإذا لم يفد الوعظ هجرها في المضجع ، فإذا لم يفد الهجر جاز للزوج ضربها ضربا غير مُبرِّح (وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة)، وضرب الزوجة ليس على إطلاقه في هذا الحالة بل هو مقيد بأن يغلب على ظن الزوج أنه يفيد في تأديبها، فإن ظن عدم إفادته فلا يجوز له ضربها .
بل جاء في كتاب أحكام القرآن لابن العربي –الفقيه المالكي- (قال عطاء –من فقهاء التابعين-: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه , ولكن يغضب عليها. قال القاضي: هذا من فقه عطاء , فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب هاهنا أمر إباحة ، ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زمعة : { إني لأكره للرجل يضرب أمته عند غضبه , ولعله أن يضاجعها من يومه } . وروى ابن نافع عن مالك عن يحيى بن سعيد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استؤذن في ضرب النساء , فقال : اضربوا , ولن يضرب خياركم" . فأباح وندب إلى الترك . وإن في الهجر لغاية الأدب . والذي عندي أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك ; فإن العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة ; ومن النساء , بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب , فإذا علم ذلك الرجل فله أن يؤدب , وإن ترك فهو أفضل . قال بعضهم وقد قيل له ما أسوأ أدب ولدك فقال : ما أحب استقامة ولدي في فساد ديني .
ويقال : من حسن خلق السيد سوء أدب عبده . وإذا لم يبعث الله سبحانه للرجل زوجة صالحة وعبدا مستقيما فإنه لا يستقيم أمره معهما إلا بذهاب جزء من دينه , وذلك مشاهد معلوم بالتجربة . فإن أطعنكم بعد الهجر والأدب فلا تبغوا عليهن سبيلا .
والضرب يؤدي إلى وقوع الإنسان في الخطأ إذا تجاوز الحد المأذون فيه شرعا، وبخاصة أنه في الغالب يكون ثورة للنفس، وردا لفعل وليس بقصد التأديب .قال الشافعي]: وفي قوله (لن يضرب خياركم) دلالة على أن ضربهن مباح لا فرض أن يضربن ونختار له من ذلك ما اختار رسول الله فنحب للرجل أن لا يضرب امرأته في انبساط لسانها عليه وما أشبه ذلك.
[قال الشافعي]: وأشبه ما سمعت والله أعلم في قوله {واللاتي تخافون نشوزهن} أن لخوف النشوز دلائل فإذا كانت {فعظوهن} لأن العظة مباحة فإن لججن فأظهرن نشوزا بقول أو فعل {واهجروهن في المضاجع} فإن أقمن بذلك على ذلك " فاضربوهن " وذلك بين أنه لا يجوز هجرة في المضجع وهو منهي عنه ولا ضرب إلا بقول أو فعل أو هما [قال]: ويحتمل في {تخافون نشوزهن} إذا نشزن فبان النشوز فكن عاصيات به أن تجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب [قال]: ولا يبلغ في الضرب حدا ولا يكون مبرحا ولا مدميا ويتوقى فيه الوجه [قال]: ويهجرها في المضجع حتى ترجع عن النشوز ولا يجاوز بها في هجرة الكلام ثلاثا لأن الله عز وجل إنما أباح الهجرة في المضجع. والهجرة في المضجع تكون بغير هجرة كلام (ونهى رسول الله أن يجاوز بالهجرة في الكلام ثلاثا) [قال]: ولا يجوز لأحد أن يضرب ولا يهجر مضجعا بغير بيان نشوزها [قال]: وأصل ما ذهبنا إليه من أن لا قسم للممتنعة من زوجها ولا نفقة ما كانت ممتنعة لأن الله تبارك وتعالى أباح هجرة مضجعها وضربها في النشوز والامتناع نشوز [قال]: ومتى تركت النشوز لم تحل هجرتها ولا ضربها وصارت على حقها كما كانت قبل النشوز.
دعوني أصف لكم مثالاً لتقريب الصورة:
أنا معلمة، و ادارة مدرستي الإبتدائية تمنع ضرب و سب الطالبات منعاً باتاً مهما بلغت شقاوتهن. لكن هنالك "رخصة" عند التعامل مع الطالبات اللواتي بلغ شغبهن حداً لا يطاق و لم يعد ينفع معهن النصح و لا التهديد، فيحق لي كمعلمة أن أضرب يدها أو كتفها ضرباً خفيفاً و سريعاً و أن أزجرها في حدود الأدب لكي تهدأ و تفيق من سكرة طيشها و عنادها. و المعروف في مجتمعنا المدرسي أن المعلمة التي لا تستعمل هذه "الرخصة" أفضل من التي تستعملها (لأنها تستطيع تهدئة الطالبة الطائشة العنيدة بقوة شخصيتها و أسلوبها، مما يضفي عليها هالة من الإعجاب و الإحترام).
و لأن هنالك مستويات لشغب الطالبات، فهنالك أيضاً طرق مختلفة للتعامل معهن: هنالك الطالبة التي تنفع معها كلمة نصح أو عتاب واحدة، و هنالك التي نضطر لتوبيخها و تهديدها أكثر من مرة، و هنالك التي نضطر لعقابها بأن تقف في ركنٍ خاص لفترة معينة. و أندر نوع من الطالبات المشاغبات هن اللاتي وصل طيشهن و عنادهن إلى درجة لم يعد ينفع فيها النصح و لا التوبيخ و لا طريقة الوقوف في الركن الخاص، فهنا قد تضطر المعلمة لاستخدام رخصة الضرب الخفيف و السريع حتى ترتدع و يعود النظام للصف أخيراً.
فهل يمكن أن يأتي أحمق بعدها ليقول أن مدرستنا تبيح (يعني: تسمح باطلاق و لا تقيّد) ضرب و اهانة (يعني: أي نوع من الضرب و تجاوز حدود الأدب) الطالبات المشاغبات (يعني: كل الطالبات المشاغبات)؟؟؟
لو تجرأ أحد على التفوه بهذه الحماقة لسخرنا منه و ضحكنا!
دعوا ننظر للأعراف الإجتماعية في المجتمعات الغربية. صحيح أنها تدين و تحتقر ضرب المرأة لأي سبب.. لكنها أيضاً لا تحرّم على الرجل ضرب المرأة (و لو بالصفع و اللطم و الركل) إن هي هاجمته أولاً (بحجة المساواة بين الجنسين):
http://www.returnofkings.com/1106/the-myth-of-never-hitting-a-woman
http://www.debate.org/opinions/is-it-ever-acceptable-for-a-man-to-hit-a-woman
فهل هذا هو الحال في الإسلام؟
لا و ألف لا!
الإسلام لا يبيح للزوج ضرب زوجته أو شتمها حتى و ان اعتدت هي عليه بالضرب و الشتم، بل يدعوه لكتم غيظه و التعامل معها باللّين و النصح ثم بالزجر في حدود الأدب أولاً، و ثانياً تأتي خطوة الهجر في الفراش (لكسر غرور هذه المرأة الناشز التي لم ينفع معها أسلوب النصح المحترم)، و أخيراً تأتي خطوة الضرب غير المبرّح - و الأصح أن نقول: الضرب اللّطيف الرمزي - كخطوة أخيرة و غير لازمة (للمرأة النادرة التي وصل تعاليها و طيشها و غرورها حداً لا يطاق).
فالضرب المؤلم - و لو كان ردة فعلٍ لضرب الزوجة لزوجها - قد نهى عنه الشارع حتى وإن كان فيه صلاح الزوجة واستقامتها، وجاء في حاشية الدسوقي لابن عرفه المالكي: (ولا يجوز الضرب المبرح ولو علم الزوج أنها لا تترك النشوز إلا به، فإن وقع فلها التطليق عليه أوالقصاص) .
فهذا الدين الذي يأمر الزوج بالسيطرة على انفعالاته - مهما اهانته امرأته - ثم يأمره بالتدرّج في التعامل معها برفق و لين، و قيّد حقه في استخدام قوته البدنية فلم يُبِح له استعمال رخصة الضرب الخفيف جداً الا كخطوة أخيرة و غير واجبة (و لا يعتبر من يستعمل هذه الرخصة رجلاً من خيار الرجال)، هل هو دين يبيح و يدعوا لضرب المرأة و اهانتها؟!
هذا و الله ظلم و تزييف للحقائق.
و الله ان هذا الرخصة الشرعية لم تأتي الا للحدّ من انفعال الرجل و لتقييد استعمال قوته البدنية في رد عدوان المرأة عليه، فكيف يقلب الحمقى المسألة رأساً على عقب؟!
فلنستمع كيف صوّر علماء الدين المسألة على حقيقتها:
يقول الدكتور مراد هوفمان:
إن بيان القرآن الذي يبيح للرجل ضرب الزوجة الناشز، والذي يصر كثيرون على فهمه فهماً خاطئاً في معظم الحالات، إنما يهدف إلى صيانة الحياة الزوجية، وحمايتها وتقويمها، كما تنص على ذلك الآية الرابعة والثلاثون من سورة النساء: (...وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).النساء : 34 .
وتتفق السنّة والآثار الموقوفة جميعاً على أن المقصود هنا الإرشاد لإنقاذ كيان الزيجة التي يتهددها الفشل، وألا يتسرع الزوج الغاضب لنشوز زوجته في تطليقها، ذلك أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، كما هو مشهور في الحديث النبوي .
كذلك، فليس المقصود بالضرب البطش باليد أو بالسوط أو بأية آلة، إلا إذا كانت تلك الآلة لا تحدث أي جرح أو تسيل دماً، فيكون رمزاً للتأنيب والتأديب، كأن يضرب الزوجُ الزوجَ الناشزة بمنشفة أو مروحة من الورق ونحو ذلك. أ.هـ
ويقول الشيخ عصام الشعار :
ضرب الزوجة الإذن فيه ليس على إطلاقه وإنما مقيد بنشوزها، وأن يكون مفيدا في إصلاحها وتقويمها، والنشوز معناه الخروج عن الطاعة الواجبة ولا يكون نشوزا إلا إذا بدا منها الإصرار على معصية الزوج ومخالفته بامتناعها عن أداء حقه في الفراش وخروجها من بيته دون إذنه، ونحو ذلك مما يجب عليها، وكما قال الفقهاء على الزوج وعظ زوجته بما يلين قلبها لقبول الطاعة واجتناب المنكر، فإذا لم يفد الوعظ هجرها في المضجع ، فإذا لم يفد الهجر جاز للزوج ضربها ضربا غير مُبرِّح (وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة)، وضرب الزوجة ليس على إطلاقه في هذا الحالة بل هو مقيد بأن يغلب على ظن الزوج أنه يفيد في تأديبها، فإن ظن عدم إفادته فلا يجوز له ضربها .
بل جاء في كتاب أحكام القرآن لابن العربي –الفقيه المالكي- (قال عطاء –من فقهاء التابعين-: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه , ولكن يغضب عليها. قال القاضي: هذا من فقه عطاء , فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب هاهنا أمر إباحة ، ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زمعة : { إني لأكره للرجل يضرب أمته عند غضبه , ولعله أن يضاجعها من يومه } . وروى ابن نافع عن مالك عن يحيى بن سعيد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استؤذن في ضرب النساء , فقال : اضربوا , ولن يضرب خياركم" . فأباح وندب إلى الترك . وإن في الهجر لغاية الأدب . والذي عندي أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك ; فإن العبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة ; ومن النساء , بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب , فإذا علم ذلك الرجل فله أن يؤدب , وإن ترك فهو أفضل . قال بعضهم وقد قيل له ما أسوأ أدب ولدك فقال : ما أحب استقامة ولدي في فساد ديني .
ويقال : من حسن خلق السيد سوء أدب عبده . وإذا لم يبعث الله سبحانه للرجل زوجة صالحة وعبدا مستقيما فإنه لا يستقيم أمره معهما إلا بذهاب جزء من دينه , وذلك مشاهد معلوم بالتجربة . فإن أطعنكم بعد الهجر والأدب فلا تبغوا عليهن سبيلا .
والضرب يؤدي إلى وقوع الإنسان في الخطأ إذا تجاوز الحد المأذون فيه شرعا، وبخاصة أنه في الغالب يكون ثورة للنفس، وردا لفعل وليس بقصد التأديب .قال الشافعي]: وفي قوله (لن يضرب خياركم) دلالة على أن ضربهن مباح لا فرض أن يضربن ونختار له من ذلك ما اختار رسول الله فنحب للرجل أن لا يضرب امرأته في انبساط لسانها عليه وما أشبه ذلك.
[قال الشافعي]: وأشبه ما سمعت والله أعلم في قوله {واللاتي تخافون نشوزهن} أن لخوف النشوز دلائل فإذا كانت {فعظوهن} لأن العظة مباحة فإن لججن فأظهرن نشوزا بقول أو فعل {واهجروهن في المضاجع} فإن أقمن بذلك على ذلك " فاضربوهن " وذلك بين أنه لا يجوز هجرة في المضجع وهو منهي عنه ولا ضرب إلا بقول أو فعل أو هما [قال]: ويحتمل في {تخافون نشوزهن} إذا نشزن فبان النشوز فكن عاصيات به أن تجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب [قال]: ولا يبلغ في الضرب حدا ولا يكون مبرحا ولا مدميا ويتوقى فيه الوجه [قال]: ويهجرها في المضجع حتى ترجع عن النشوز ولا يجاوز بها في هجرة الكلام ثلاثا لأن الله عز وجل إنما أباح الهجرة في المضجع. والهجرة في المضجع تكون بغير هجرة كلام (ونهى رسول الله أن يجاوز بالهجرة في الكلام ثلاثا) [قال]: ولا يجوز لأحد أن يضرب ولا يهجر مضجعا بغير بيان نشوزها [قال]: وأصل ما ذهبنا إليه من أن لا قسم للممتنعة من زوجها ولا نفقة ما كانت ممتنعة لأن الله تبارك وتعالى أباح هجرة مضجعها وضربها في النشوز والامتناع نشوز [قال]: ومتى تركت النشوز لم تحل هجرتها ولا ضربها وصارت على حقها كما كانت قبل النشوز.