elserdap
01-20-2014, 01:44 AM
محاولة التشكيك في برهان السببّية - العلّية- عند الملحد هو بمثابة إعلان حرب
قال الله تعالى { أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ﴿٣٥﴾ أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ﴿٣٦﴾ } (سورة الطور )
يُقرِّر القرآن الكريم أن العدم null لا يصنع شيئاً {أم خُلقوا من غير شيء}، و هذه بداهة عقلية مركوزة في الأذهان.
إن برهان السببية في هذا الإطار أعلى من القانون، بل وعليه تقوم جميع علوم الدنيا ومقاصد الغايات .. ولولا هذا البرهان القبلي – أي الذي يسبق أي تجربة- لما سلَّمنا بصحة تجربة ولا قضية ولا مُبرهنة ولا فكرة، ولصارت جميع علوم الدنيا لغوٌ فارغ، ولصار مهرجي السيرك أكثر مصداقية من العالِم والفلكي والفيزيائي والمُفكر، فلولا اليقين العلمي من نتائج التجربة - ونتائج التجربة هي أحد مسلمات السببية ونتائجها والدليل على صحتها - ما قام علم ولا استقرت فكرة ولا استوعبنا قضية في الدنيا، وبما أنه يوجد عِلم وبما أنه توجد حقائق علمية وأٌسس نظرية يستقر عليها الإنسان ثم ينتقل منها إلى غيرها، إذن يبقى برهان السببية دليل جوهري وأصيل على إثبات الموجِد والخالق، وعلى صحة القضية التي نحن بصددها.
ولم يَكفُر بمبدأ السببية إلا الملحد وعليه قبل أن يَكفر بالسببية أن يَكفر اضطراراً بكل علوم الدنيا، وببديهيات عقله حتى يتسنى له أن يحيا في اتساق مع إلحاده.
فلا يوجد شيء يسير في هذا الكون بلا قانون، فالكل مُسخَّر تماماً، بمنتهى السببية من المِجرة إلى ما دون الذرَّة، وحتى التذبذب الكمومي يخضع لقانون وإطار كلاسيكي صارم، ولا يستطيع أن يتمرد على أُسس الميثودولوجيا السببية .
ولذا عندما حاوَل بشر ما بعد الأنبياء في أزمنة الفترات أن يتمردوا على التوحيد النقي، وأن يُسقِطوا تجسدات الإله في الشمس أو في الكواكب أو في تصاريف الطبيعة، كان الرد القرآني مستهجناً، وموضحاً تخريف هؤلاء بأن كل ما حولك في الطبيعة مُسخَّر ومُسير في قوانين صارمة، فكيف تعبده { والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} ﴿٥٤﴾ سورة الأعراف
فلا يستحق العبادة إلا الخالق، ولا يستحق أن يكون له الخلق والأمر إلا الله، فتبارك الله رب العالمين، فالله هو المُسيِّر لتلك الأجرام بالسببية، ومحاولة التشكيك في برهان السببية هي محاولة للقضاء على إمكانية قيام علم طبيعي ذي قوانين ثابتة وكلية وضرورية.
إذن نقد السببية هو نقد لكل علوم الدنيا وأصول القواعد وكليات البديهيات!
ولا أدري كيف لمُلحد أن يُعمِل السببية في معمله ويُسِّلم بوجودها ويُسلِّم بيقينية مُعطياتها، ويُسلم بنتائج تجاربه، ويُعمل السببية في كل كبيرة وصغيرة في حياته الشخصية وفي بحثه وحاله ومآله، ثم يوقف السببية في أصل كل هذه الأمور، ويفترض العدم مصدراً وحيداً للوجود ويُصِر على ذلك !!
النقد :
1- يرى ديفيد هيوم أن السببية هي اطراد تكراري غير مُلزِم لا أكثر.
2- الغزالي حُجة الإسلام يُنكر السببية .
3- الخوارق تأتي في أصلها ضد السببية .
4- التذبذب الكمومي Quantum Vacuum Fluctuationsما علاقته أصلاً بالسببية ؟
الرد على النقد :
أُسطورة ان السببية هي اطراد تكراري غير مُلزِم لا أكثر.
إذا أضفنا حامض مع قاعدي فإن النتيجة الحتمية هي ملح وماء ولو أعدنا التجربة مليار مرة، ولولا هذا التلازم ما قام علم ولا تأسست حياة، ولا استقر للناس معاش، والذي يدعي أن السببية هي إطراد تكراري غير مُلزم فإن كلامه أيضاً هو مجرد اطراد تكراري غير مُلزم، ولو كان لكلامه حقيقة فهو كلام خاطيء ولا يفيد معنى تلازمي وإنما مجرد اطرادي تكراري، إذن أي فكرة تحارب السببية هي فكرة ذاتية الهدم، تهدم نفسها بنفسها، إذن نقد السببية هو نقد بلا قيمة، نقد فلسفي لا أكثر، لأنه لو كان صحيحاً فهو الآخر كلام مُطرِّد وليس إلا فكرة ذهنية.
الخلاصة : الذي يحارب السببية هو يحارب بديهيات العلوم والفكر والقواعد والقوانين والمباديء والأصول بلا قاعدة ولا قانون ولا مبدأ ولا أصل !! فكل العلوم والقواعد والأصول تؤكد صحة السببية، وليس ثمة استثناء، إذن نقد السببية هو نقد للعلوم والقواعد والقوانين والأصول..!!
إن إنكار السببية يؤدي إلى الشكية المطلقة وإبطال العلوم والدراسات بحجة أن كل شيء ممكن، ولو كان هذا الإنكار صحيحاً لما حدث تقدم في حياة البشر، وبما أنه يوجد تقدم في حياة البشر إذن ثمة قواعد نصل إليها ونستقر عليها ثم ننتقل منها إلى غيرها، إذن برهان السببية هو مُسلمة الوجود البشري بإطلاق !
والذي يريد أن ينتقد لمجرد النقد فعليه أن يأتي بدليل فلسفي أو تجريبي أو عقلي أو تجريدي أو نقلي يدعم موقفه وإلا فليصمت للأبد، فكما يقول الأصوليون إن كنت ناقلاً فالصحة، أو مدعياً فالدليل .
والذي يحاول أن ينتقد برهان السببية الذي استقرت عليه العقول وكان أعلى البديهيات على الإطلاق، هو نقد فلسفي في أصله، ولذا كان العلم الحديث يحمل أشد الحقد على الفلسفة بسبب هذا الإطار السخيف .
يقول ستيفن هاوكنج مستهزئاً بالفلسفة التي تدور في هذا الإطار في كتابه الأخير التصميم العظيم ص41 " في عام 1277 قام أسقف باريس بوضع منشور من 219 هرطقة تجب إدانتها في أنحاء البلاد، وأحد هذه الهرطقات هي الإيمان بالسببية ، وبتلازم قوانين الطبيعة ، ولم تمض شهور حتى مات الأسقف بسبب تلازم أحد قوانين الطبيعة حين سقط عليه سقف الكاتدرائية بفعل قانون الجاذبية وبفعل السببية التلازمية! "
إن الذي يحارب البديهيات هو مسفسط حتى الثمالة، ولا يفعل ذلك إلا في إطار السفسطة العقلية وفي قاعات الدرس بينما هو في واقع حاله يمارس الإيمان بالسببية في كل لحظة بلا تردد !
أُسطورة أن الإمام الغزالي رحمه الله حُجة الإسلام يُنكر السببية .
أما بخصوص الإمام الغزالي رحمه الله فهو ينكر السببية التي تجعل الجوهر في المادة وفي السبب والمُسبِب، رداً منه على الماديين والدهرية، إذن إنكار السببية في هذا الإطار هو لإثبات تدَّخل أعلى، أي سببية لكن على مستوى كُلي وهو الله عز وجل وهذا يتضح من كلام شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله حين قال " إن الله يأتي بالأشياء بالأسباب وبدون أسباب وبضد الأسباب" فهذا ليس نقداً للسببية بل هو توكيد للسببية لكن على إطار أعظم وأن قيود الطبيعة ليست شرطية .!
وهل يوجد عاقل لا يستطيع الجمع بين إيماننا بالسببية كبديهة عقلية وبين كلام الغزالي رحمه الله ؟
بل هل ثمة إنسان على ظهر البسيطة يؤمن بالله ويؤمن بالسببية كبرهان عقلي جوهري ثم يستهجن شيء من كلام الغزالي رحمه الله !!؟
إن نقد الإمام الغزالي ليس للسببية كبرهان عقلي وبديهة عقلية، وإنما نقد السببية كشيء جوهري في ذات الأشياء وهذا مما لا خلاف عليه !
فالإمام الغزالي ينفي ضرورة التلازم بين الظاهرة وأسبابها، ويُسند الأمر إلى تقدير الله إن شاء وقعت الظاهرة وإن شاء لم تقع.!
أما عن الخوارق
فالخوارق هي توكيد للسببية، لأنها جائت بتدخل إلهي في إطار نظام مؤسسي، والإستثناء المُقيَّد يؤكد القاعدة كما هو مُقرر عند الأصوليين، إذن الخارق يؤكد وجود مُسبِّب وهو الله، فلولا المُسبِّب ما وقع الخارق، وبالتالي فالخارق هو توكيد إضافي على صحة برهان السببية.!
حُجة التذبذب الكمومي Quantum Vacuum Fluctuations العرجاء التي صارت أصل الإلحاد، وملاذه الأخير !
بخصوص مبدأ عدم اليقين عند هايزنبرج، فخلاصة الرد ننقلها بتصرف من كتاب التصميم العظيم لستيفن هاوكنج ص 169- 171 حين قال " في حال مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج يجب أن نعلم أنه يستحيل أن يوجد مكان يخلو من الطاقة ونقل الطاقة، ولابد أن يحتوي على أقل قدر من الطاقة في هذا الفراغ، ويحدث أن تظهر وتختفي لحظياً جسيمات، لكن هذا الظهور والإختفاء محكوم بعالم الكوانتم المادي – له قوانين وأُسس وأُطر ضابطه - أي أننا لسنا في العدم بل في عالم مادي .. ولو صح أن هذه الجسيمات تحتوي على طاقة لانهائية لكان المفترض بمجرد ظهور الكون وظهور هذه الجسيمات لانهائية العدد والطاقة فإنها تؤدي إلى انكماش الكون على نفسه فورا وانتهائه وهذا بداهة ما لم يحدث ."
الخلاصة أن ظهور هذه الجسيمات لا يخالف قانون حفظ الطاقة، إذن يخضع لبرهان السببية في جميع تجلياته، لكنه لا يخضع للإطار الزمني، وهذا أول الإشكال وآخره، فالجسيمات يمكن أن تقترض طاقة من المستقبل فتظهر ثم تتلاشى دافعةً القيمة التي قامت باقتراضها بالضبط لحظة التلاشي، لكن هذه المساومة واقتراض طاقة من المستقبل تحدث في الإطار المادي داخل حدود الزمان والمكان، فلولا الزمان المخلوق والموجود لما كان لهذا الإقتراض وجود ولا معنى ! ولا جدال بين الفيزيائيين على أن العدم الكوانتي هو عدم موجود داخل حدود الزمان والمكان، والكون جاء من اللازمان واللامكان !
ولا جدال أن التذبذب الكمومي في جميع صوره يخضع لقانون وإطار كلاسيكي صارم، ولا يستطيع أن يتمرد على قوانين المادة ولا يستطيع كسر قانون حفظ الطاقة.
وبالتالي برهان السببية برهان جوهري لم يتم كسره.
ولا يكفر ببرهان السببية إلا الملحد ! و لذا فهو في حرب شعواء أمام العلم والعقل والبرهان الحتمي العليّ السببي، ومن أجل ذلك أنا أقول دائماً أن الملحد يستحق الخلود في النار بسبب غبائه، قبل كفره وإلحاده لإنكاره أعظم البديهيات تُراً - برهان السببية-، حيث أنه يفترض السببية كقانون في كل شيء ثم ينزعها بعد ذلك من أصل كل شيء، فهو يؤمن أن السببية أقوى وأعظم قانون في الوجود، ثم ينزعها من أصل كل الوجود ومن أصل كل موجود، فصار أُضحوكة كل مرصود { أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ﴿٣٥﴾ أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ﴿٣٦﴾ } (سورة الطور ) !
قال الله تعالى { أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ﴿٣٥﴾ أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ﴿٣٦﴾ } (سورة الطور )
يُقرِّر القرآن الكريم أن العدم null لا يصنع شيئاً {أم خُلقوا من غير شيء}، و هذه بداهة عقلية مركوزة في الأذهان.
إن برهان السببية في هذا الإطار أعلى من القانون، بل وعليه تقوم جميع علوم الدنيا ومقاصد الغايات .. ولولا هذا البرهان القبلي – أي الذي يسبق أي تجربة- لما سلَّمنا بصحة تجربة ولا قضية ولا مُبرهنة ولا فكرة، ولصارت جميع علوم الدنيا لغوٌ فارغ، ولصار مهرجي السيرك أكثر مصداقية من العالِم والفلكي والفيزيائي والمُفكر، فلولا اليقين العلمي من نتائج التجربة - ونتائج التجربة هي أحد مسلمات السببية ونتائجها والدليل على صحتها - ما قام علم ولا استقرت فكرة ولا استوعبنا قضية في الدنيا، وبما أنه يوجد عِلم وبما أنه توجد حقائق علمية وأٌسس نظرية يستقر عليها الإنسان ثم ينتقل منها إلى غيرها، إذن يبقى برهان السببية دليل جوهري وأصيل على إثبات الموجِد والخالق، وعلى صحة القضية التي نحن بصددها.
ولم يَكفُر بمبدأ السببية إلا الملحد وعليه قبل أن يَكفر بالسببية أن يَكفر اضطراراً بكل علوم الدنيا، وببديهيات عقله حتى يتسنى له أن يحيا في اتساق مع إلحاده.
فلا يوجد شيء يسير في هذا الكون بلا قانون، فالكل مُسخَّر تماماً، بمنتهى السببية من المِجرة إلى ما دون الذرَّة، وحتى التذبذب الكمومي يخضع لقانون وإطار كلاسيكي صارم، ولا يستطيع أن يتمرد على أُسس الميثودولوجيا السببية .
ولذا عندما حاوَل بشر ما بعد الأنبياء في أزمنة الفترات أن يتمردوا على التوحيد النقي، وأن يُسقِطوا تجسدات الإله في الشمس أو في الكواكب أو في تصاريف الطبيعة، كان الرد القرآني مستهجناً، وموضحاً تخريف هؤلاء بأن كل ما حولك في الطبيعة مُسخَّر ومُسير في قوانين صارمة، فكيف تعبده { والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} ﴿٥٤﴾ سورة الأعراف
فلا يستحق العبادة إلا الخالق، ولا يستحق أن يكون له الخلق والأمر إلا الله، فتبارك الله رب العالمين، فالله هو المُسيِّر لتلك الأجرام بالسببية، ومحاولة التشكيك في برهان السببية هي محاولة للقضاء على إمكانية قيام علم طبيعي ذي قوانين ثابتة وكلية وضرورية.
إذن نقد السببية هو نقد لكل علوم الدنيا وأصول القواعد وكليات البديهيات!
ولا أدري كيف لمُلحد أن يُعمِل السببية في معمله ويُسِّلم بوجودها ويُسلِّم بيقينية مُعطياتها، ويُسلم بنتائج تجاربه، ويُعمل السببية في كل كبيرة وصغيرة في حياته الشخصية وفي بحثه وحاله ومآله، ثم يوقف السببية في أصل كل هذه الأمور، ويفترض العدم مصدراً وحيداً للوجود ويُصِر على ذلك !!
النقد :
1- يرى ديفيد هيوم أن السببية هي اطراد تكراري غير مُلزِم لا أكثر.
2- الغزالي حُجة الإسلام يُنكر السببية .
3- الخوارق تأتي في أصلها ضد السببية .
4- التذبذب الكمومي Quantum Vacuum Fluctuationsما علاقته أصلاً بالسببية ؟
الرد على النقد :
أُسطورة ان السببية هي اطراد تكراري غير مُلزِم لا أكثر.
إذا أضفنا حامض مع قاعدي فإن النتيجة الحتمية هي ملح وماء ولو أعدنا التجربة مليار مرة، ولولا هذا التلازم ما قام علم ولا تأسست حياة، ولا استقر للناس معاش، والذي يدعي أن السببية هي إطراد تكراري غير مُلزم فإن كلامه أيضاً هو مجرد اطراد تكراري غير مُلزم، ولو كان لكلامه حقيقة فهو كلام خاطيء ولا يفيد معنى تلازمي وإنما مجرد اطرادي تكراري، إذن أي فكرة تحارب السببية هي فكرة ذاتية الهدم، تهدم نفسها بنفسها، إذن نقد السببية هو نقد بلا قيمة، نقد فلسفي لا أكثر، لأنه لو كان صحيحاً فهو الآخر كلام مُطرِّد وليس إلا فكرة ذهنية.
الخلاصة : الذي يحارب السببية هو يحارب بديهيات العلوم والفكر والقواعد والقوانين والمباديء والأصول بلا قاعدة ولا قانون ولا مبدأ ولا أصل !! فكل العلوم والقواعد والأصول تؤكد صحة السببية، وليس ثمة استثناء، إذن نقد السببية هو نقد للعلوم والقواعد والقوانين والأصول..!!
إن إنكار السببية يؤدي إلى الشكية المطلقة وإبطال العلوم والدراسات بحجة أن كل شيء ممكن، ولو كان هذا الإنكار صحيحاً لما حدث تقدم في حياة البشر، وبما أنه يوجد تقدم في حياة البشر إذن ثمة قواعد نصل إليها ونستقر عليها ثم ننتقل منها إلى غيرها، إذن برهان السببية هو مُسلمة الوجود البشري بإطلاق !
والذي يريد أن ينتقد لمجرد النقد فعليه أن يأتي بدليل فلسفي أو تجريبي أو عقلي أو تجريدي أو نقلي يدعم موقفه وإلا فليصمت للأبد، فكما يقول الأصوليون إن كنت ناقلاً فالصحة، أو مدعياً فالدليل .
والذي يحاول أن ينتقد برهان السببية الذي استقرت عليه العقول وكان أعلى البديهيات على الإطلاق، هو نقد فلسفي في أصله، ولذا كان العلم الحديث يحمل أشد الحقد على الفلسفة بسبب هذا الإطار السخيف .
يقول ستيفن هاوكنج مستهزئاً بالفلسفة التي تدور في هذا الإطار في كتابه الأخير التصميم العظيم ص41 " في عام 1277 قام أسقف باريس بوضع منشور من 219 هرطقة تجب إدانتها في أنحاء البلاد، وأحد هذه الهرطقات هي الإيمان بالسببية ، وبتلازم قوانين الطبيعة ، ولم تمض شهور حتى مات الأسقف بسبب تلازم أحد قوانين الطبيعة حين سقط عليه سقف الكاتدرائية بفعل قانون الجاذبية وبفعل السببية التلازمية! "
إن الذي يحارب البديهيات هو مسفسط حتى الثمالة، ولا يفعل ذلك إلا في إطار السفسطة العقلية وفي قاعات الدرس بينما هو في واقع حاله يمارس الإيمان بالسببية في كل لحظة بلا تردد !
أُسطورة أن الإمام الغزالي رحمه الله حُجة الإسلام يُنكر السببية .
أما بخصوص الإمام الغزالي رحمه الله فهو ينكر السببية التي تجعل الجوهر في المادة وفي السبب والمُسبِب، رداً منه على الماديين والدهرية، إذن إنكار السببية في هذا الإطار هو لإثبات تدَّخل أعلى، أي سببية لكن على مستوى كُلي وهو الله عز وجل وهذا يتضح من كلام شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله حين قال " إن الله يأتي بالأشياء بالأسباب وبدون أسباب وبضد الأسباب" فهذا ليس نقداً للسببية بل هو توكيد للسببية لكن على إطار أعظم وأن قيود الطبيعة ليست شرطية .!
وهل يوجد عاقل لا يستطيع الجمع بين إيماننا بالسببية كبديهة عقلية وبين كلام الغزالي رحمه الله ؟
بل هل ثمة إنسان على ظهر البسيطة يؤمن بالله ويؤمن بالسببية كبرهان عقلي جوهري ثم يستهجن شيء من كلام الغزالي رحمه الله !!؟
إن نقد الإمام الغزالي ليس للسببية كبرهان عقلي وبديهة عقلية، وإنما نقد السببية كشيء جوهري في ذات الأشياء وهذا مما لا خلاف عليه !
فالإمام الغزالي ينفي ضرورة التلازم بين الظاهرة وأسبابها، ويُسند الأمر إلى تقدير الله إن شاء وقعت الظاهرة وإن شاء لم تقع.!
أما عن الخوارق
فالخوارق هي توكيد للسببية، لأنها جائت بتدخل إلهي في إطار نظام مؤسسي، والإستثناء المُقيَّد يؤكد القاعدة كما هو مُقرر عند الأصوليين، إذن الخارق يؤكد وجود مُسبِّب وهو الله، فلولا المُسبِّب ما وقع الخارق، وبالتالي فالخارق هو توكيد إضافي على صحة برهان السببية.!
حُجة التذبذب الكمومي Quantum Vacuum Fluctuations العرجاء التي صارت أصل الإلحاد، وملاذه الأخير !
بخصوص مبدأ عدم اليقين عند هايزنبرج، فخلاصة الرد ننقلها بتصرف من كتاب التصميم العظيم لستيفن هاوكنج ص 169- 171 حين قال " في حال مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج يجب أن نعلم أنه يستحيل أن يوجد مكان يخلو من الطاقة ونقل الطاقة، ولابد أن يحتوي على أقل قدر من الطاقة في هذا الفراغ، ويحدث أن تظهر وتختفي لحظياً جسيمات، لكن هذا الظهور والإختفاء محكوم بعالم الكوانتم المادي – له قوانين وأُسس وأُطر ضابطه - أي أننا لسنا في العدم بل في عالم مادي .. ولو صح أن هذه الجسيمات تحتوي على طاقة لانهائية لكان المفترض بمجرد ظهور الكون وظهور هذه الجسيمات لانهائية العدد والطاقة فإنها تؤدي إلى انكماش الكون على نفسه فورا وانتهائه وهذا بداهة ما لم يحدث ."
الخلاصة أن ظهور هذه الجسيمات لا يخالف قانون حفظ الطاقة، إذن يخضع لبرهان السببية في جميع تجلياته، لكنه لا يخضع للإطار الزمني، وهذا أول الإشكال وآخره، فالجسيمات يمكن أن تقترض طاقة من المستقبل فتظهر ثم تتلاشى دافعةً القيمة التي قامت باقتراضها بالضبط لحظة التلاشي، لكن هذه المساومة واقتراض طاقة من المستقبل تحدث في الإطار المادي داخل حدود الزمان والمكان، فلولا الزمان المخلوق والموجود لما كان لهذا الإقتراض وجود ولا معنى ! ولا جدال بين الفيزيائيين على أن العدم الكوانتي هو عدم موجود داخل حدود الزمان والمكان، والكون جاء من اللازمان واللامكان !
ولا جدال أن التذبذب الكمومي في جميع صوره يخضع لقانون وإطار كلاسيكي صارم، ولا يستطيع أن يتمرد على قوانين المادة ولا يستطيع كسر قانون حفظ الطاقة.
وبالتالي برهان السببية برهان جوهري لم يتم كسره.
ولا يكفر ببرهان السببية إلا الملحد ! و لذا فهو في حرب شعواء أمام العلم والعقل والبرهان الحتمي العليّ السببي، ومن أجل ذلك أنا أقول دائماً أن الملحد يستحق الخلود في النار بسبب غبائه، قبل كفره وإلحاده لإنكاره أعظم البديهيات تُراً - برهان السببية-، حيث أنه يفترض السببية كقانون في كل شيء ثم ينزعها بعد ذلك من أصل كل شيء، فهو يؤمن أن السببية أقوى وأعظم قانون في الوجود، ثم ينزعها من أصل كل الوجود ومن أصل كل موجود، فصار أُضحوكة كل مرصود { أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ﴿٣٥﴾ أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ﴿٣٦﴾ } (سورة الطور ) !