المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دين الغرب الجديد.!



ابن فالح
01-30-2014, 12:31 AM
هذه الأيام أقرأ للمفكر والمستشرق الكبير محمد أسَد "ليوبولد فايس" ، هذا الرجل مفكر بحق درس الفلسفة في جامعة فيينا ، ورحل إلى فلسطين والجزيرة العربية وهو يتقن عدة لغات أهمها العربية والألمانية والانجليزية ، ولحسن الحظ أنه دون سيرته الذاتية وطبعت في كتاب بعنوان :الطريق إلى الإسلام" أنصح الجميع باقتنائها فهي تشع وعيا وفكرا..

*
يصفُ محمد أسد حالة الغرب الدينية بقوله:
(لقد بدا أن الأوروبي العادي -سواء كان ديموقراطيا أو شيوعيا أو عاملا يدويا أو من رجال الفكر- كان يعرف دينا إيجابيا واحدا : "عبادة التقدم المادي" الاعتقاد بأنه لا يمكن أن يكون في الحياة أيما هدف سوى جعل تلك الحياة نفسها أكثر سهولة ويسرا،أو كما كانوا يقولون في ذلك الحين : "مستقلة عن الطبيعة" ، وكانت معابد ذلك الدين "المصانع الجبارة ودور العرض السينمائية،والمختبرات الكيمائية،وقاعات الرقص والمشاريع المائية والكهربائية" ، وكان كهانها "الصرافين والمهندسين والسياسيين ونجوم السينما،والإحصائيين و وزعماء الصناعة،والطيارين و"مفوضي الشعب".
وكانت الخيبة الروحية متجلية في الفقدان الشامل للاتفاق على معنى الخير والشر،وفي إخضاع الأحداث الاجتماعية والاقتصادية جميعا إلى قاعدة"المصلحة" – تلك المرأة الداعرة،الراغبة في أي إنسان،وفي أي وقت،كلما دعيت إلى الاستسلام). [الطريق إلى الإسلام ص84]

هذا الوصف صحيح ودقيق جداً ، فالغرب الحديث في علاقته بالدين تاريخيا كان يبحث عن رؤية كلية بديلة لتسد الفراغ الهائل الذي أحدثه انهيار قيمة الدين وصدقيته ، وتعددت الفلسفات والآيديولوجيات التي حاولت ذلك ولنذكر شاهدين على دين آخر حل محل الدين:
1- الشيوعية ، وهي من النزعات الإلحادية التي وصلت الذروة في التطرف ضد الدين في القرن الماضي ، وكان فلاديمير لينين "1870-1924" يرتكب الجرائم تلو الجرائم متبنيا الفكر الماركسي ومؤسسا حزبه على أدبياته وأفكاره ، وكان هذا الفكر يمثل دينا آخرا له كيان سياسي وآيديولوجية محددة ورموز مقدسون وملايين الأتباع الذي "يضحون" بأنفسهم في سبيله..!
2- الدين الوضعي الذي حاول تأسيسه الفيلسوف الفرنسي الشهير أوجست كونت (1798-1857) الذي أراده "دينا" للإنسانية بديلا عن الدين المسيحي خاصة.! ومن الطريف أنه مع كونه تجريبي إلا أنه أقر بأهمية الدين ، وهذا دليل واضح ضد الملاحدة التجريبيين على أهمية وحيوية الدين بالنسبة للإنسان :)
إذن الغرب الملحد طالما سعى لسد الفراغ الذي تركه الدين بفلسفة أو آيديولوجية تكون هي الأخرى ديناً كأي دين.! وهو التناقض بعينه.! وبالطبع فإن انهارت هذه الفلسفات فسوف تقوم مكانها غيرها ،وبإمكانك أن تلاحظ أديانا بديلة كـ"دين العلم الطبيعي".!وغيره الكثير وهو مما يطول تتبعه والحديث عنه..

أخيرا الإلحاد أوقع الغرب الحديث في أزمة كبيرة وجعله أمام أخطار الانهيار الأخلاقي الذي توشك أن تطال العالم كله ، كما يقول الفيلسوف روجيه جارودي: "إن الأزمة المعنوية التي تكافح فيها مدنيتنا الغربية منذ ثلاثة قرون، وإنما هي أزمة خلقية" (انظر مقال: الأخلاق عند أوجست كونت ، أ.د.مصطفى حلمي)

تحيات محبكم :emrose: :)):