محمد رشيد
12-28-2004, 12:18 AM
الحمد لله ثم الحمد لله ،الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه و لعظيم سلطانه ، نحمدك ربنا لا نحصي ثناءا عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ، و صل اللهم و سلم وسلم على سيدنا محمد و على آله وصحبه أجمعين
أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله تعالى ، و خير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، و شر الأمور محدثاتها و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ... وبعد
فالكلام على مقاصد الشريعة ونبلها يكون متوجها إلى أحد رجلين ...
إما مسلم موحد لله تعالى ..
و إما ملحد كافر به و العياذ بالله تعالى
فأما كلامنا مع الملحد الكافر فنحن نقول له / يا ابن آدم .. تعال واستفسر منا نحن المسلمين عن ربنا الذي خلقنا و خلقك .. تعال واسألنا / هل يمكن لشريعة الله تعالى الذي خلقنا وخلقك أن تحكم أم لا .. واذكر كل ما تعترض به على قوانين ربك الذي خلقك و هو أعلم بك من نفسك
فلا كلام لنا مع غير المسلم إلا بعد أن يأتي هو ويعرض ما لديه من شبهات حول ربه الذي خلقه ، وحينها يكون كلامنا معه
أما أنت أيها المسلم .. فأنا أود أن أنبهك على نقطة مهمة جدا جدا بسبب الغفلة عنها يدخل عليك العلمانيون شبههم حول شريعتك ..
إنك إذا نظرت إلى الحياة البشرية تجدها ينظر لها باعتبارين :
1 ـ فرد
2 ـ مجتمع
وتعالوا الآن نعقد مقارنة بين تصرف الشريعة الإسلامية مع هذين الاعتبارين ، و بين تصرف غيرهما من الاتجاهات الوضعية ..
إن الله تعالى هو الذي خلق هذا الكون ، وهو تعالى الصانع ( للمجتمع ) و ( للفرد ) فهو تعالى حين شرع لنا الأحكام و القوانين التي تحكم هذين الاعتبارين ، كان لابد من مراعاة كلا الاعتبارين ، فعلى صعيد المجتمع ككل ، تم ضرب القوانين الشرعية التي تكفل له الأمن ، سواء على دينه أو ماله أو عرضه .. وأصبحت هذه المصلحة ( العامة ) تظهر فيها صفة التقديم على المصلحة ( الفردية ) .. و على صعيد الفرد ، فقد كفل له الحرية التامة المشروطة بعدم التعدي ، فالفرد في المجتمع المسلم ما دام أنه لم يتعرض لما يمس المصلحة العامة أو الدينية فلا توجد قوة على وجه الأرض مهما كان عتادها وحجمها تملك شرعا أن تمنعه من استعمال حق مشروع ..
(( هكذا الصورة في شريعة الله تعالى ))
سجلوا أيها الإخوة هذه الصورة في أذهانكم جيدا و تفهموها ، و تعالوا الآن ننتقل للصورة الوضعية الوقحة ...
قامت الثورة الفرنسية عام 1789م وكانت الركيزة التي قامت عليها الثورة هي المطالبة بحق (( الفرد )) في المجتمع ـ انتبه إلى قولي حق الفرد ـ وعلى تداعيات هذه الثورة قام القانون الفرنسي المدني عام 1804م يكفل درا زائدا من الحقوق ( للفرد ) ، و من ثمّ تميز هذا القانون بروح فردية مقدسة ، تقدس حقوق الفرد ( كفرد ) بحيث لا يمكن أبدا المساس بها ، و لو تعلقت بها المصالح العامة ، فالرجل يقبل امرأة في الطريق ويخدش حياء العفيفات و لا أحد يملك أن يمنعه ـ ما دام لم يمس أحد ـ وكأن مساسه للغير لا يعتبر مساسا إلا لو كان أذى بدني مثلا .. فهنا في الصورة التي ذكرتها لكم حدث التعارض بين حرية الفرد وحرية المجتمع و الصالح العام ، و مع ذلك فقد قدّم القانون حرية الفرد وإرادته على المصلحة العامة ، و ما ذلك إلا نتيجة لهذه النزعة الفردية التي خلفتها هذه الثورة الفرنسية المطالبة بحقوق الفرد ، فحصل الغلو في جانب الفرد على حساب جانب المجتمع ككل .. فحدث الخلل
و من المنطقي و البدهي جدا أن الخلل لا يخلف إلا خللا ..
انظروا معي .. هل يصح في الطبيعة البشرية أن يبقى الفرد مؤثرا سلبيا على الجماعة ـ و منطقيا فالجماعة أقوى منه ـ ويستمر على ذلك دون محاولة من الجماعة وهي مصدر القوة لإنهاء هذا التأثير السلبي ؟
إن أي عاقل على وجه الأرض لا يقول أبدا بأن الجماعة ستسكت وهي التي بيدها السلطان ..
فقد بدأت الحكومات بالفعل بالحد من حقوق هذا الفرد .. فبدأت تدريجيا بالحد شيئا فشيئا من حقوقه ، حتى وصل بها الحال ـ وهي صاحبة السلطة و القوة ـ أن تنقصه من حقوقه المشروعة ، وكل ذلك بسلطانها وقرتها وسيطرتها ، و هذا هو عين ما يسميه رجال الفقه الإسلامي بـ ( التعسف في استعمال الحق )
ومن صور هذا التعسف في عصرنا أن الحكومات لا تسمح أبدا بحال من الأحوال أن يكون فردا من أفراد المجتمع أعلى اقتصاديا منها ، و لو كان علوه هذا من طريق مشروع .. و لا يخفى عليكم ما حدث مع ( الريان المصري ) من مصادرة أمواله حين اتجه إليه أفراد الشعب لاستثمرار أموالهم ، بل ما وقف الحد عند ذلك فاتهموه بالغصب و الاحتيال على الناس وأودعوه السجن بهذه التهمة ، فانقلب الناس عليه وشاع وانتشر أنه هو الذي نهب أموالهم .. و لا حول و لا قوة إلا بالله العليّ العظيم
*********
فيأتيك العلماني الملحد .. فيقول لك .. انظر إلى وحشية شريعتك ، رجل سرق شيئا حقيرا فتقطعون يده ولو سامحه صاحب الشيء المسروق .. فأنت قد تضطرب و لا تجد ما ترد به عليه إلا أن ذلك هو الوارد في شرع الله تعالى وأنه تعالى أعلم و أخبر بعباده .. في حين أنك أنت شخصيا متأثر بهذه النزعة ( الفردية ) التي خلفتها الثورة الفرنسية ، وأنت لو تفهمت النقطة التي ذكرتها وشرحتها لك سابقا .. لكان ردك عليه ـ بمنتهى البساطة ـ : أنا حين أقطع يد رجل واحد ، ويعلم أي سارق أنه لو سرق لكان مصيره كزميله فإنني سأصون أموال الناس أعواما عديدة قادمة ، بل قد أصون أرواح العديد من الناس ممن تقوم أرواحهم على هذا المال ، أو مما قد ينشب عن السرقات من معارك تراق فيها الدماء .. و قل له : أنت نظرت فقط إلى نفسك ( كفرد ) ولم تنظر إلى مجتمعك ومصالحه العامة ، فقدمت مصلحة الفرد على المصلحة العامة ـ كما أملته عليكم ثورتكم الفرنسية الظالمة ـ وأما نحن فالفرد عندنا واحد ، وأما المجتمع فعدد كثير من الأفراد ، فأكون أنا في الحقيقة من قدمت حق الفرد لأني أكون قد راعيت ( الأفراد ) على ( الفرد ) ..
ومما يؤكد لك أخي الحبيب أن هذا المتكلم الملحد ينظر إلى حقه هو ( كفرد ) ويقدمه على حقوق ( الأفراد ) أنه لو تعرض هو ذاته للسرقة ، فإنه ما يقول أبدا نفس الكلام عن السارق ، بل فورا يكيل بالكيل الآخر ، ويطالب بحقه ( كفرد ) تعرض لسرقة ممتلكاته ، ولو لم تأت له حكومته بحقه ، فهنا لا نقول بأنه يقطع يد السارق لو قدر عليه ، بل يقتله .. بل هو ومن عاونه ممن لم يباشروا السرقة ..
فهذه لفتة أردت ترسيخها في الذهن لأنها ينبني عليها الكثير جدا من فروع حوارنا مع من يطعنون في شريعتنا الغراء التي انزلها الله تعالى من فوق سبع سماوات لتحكم عباده في الأرض
و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون
أخوكم المحب / محمد رشيد
أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله تعالى ، و خير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، و شر الأمور محدثاتها و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ... وبعد
فالكلام على مقاصد الشريعة ونبلها يكون متوجها إلى أحد رجلين ...
إما مسلم موحد لله تعالى ..
و إما ملحد كافر به و العياذ بالله تعالى
فأما كلامنا مع الملحد الكافر فنحن نقول له / يا ابن آدم .. تعال واستفسر منا نحن المسلمين عن ربنا الذي خلقنا و خلقك .. تعال واسألنا / هل يمكن لشريعة الله تعالى الذي خلقنا وخلقك أن تحكم أم لا .. واذكر كل ما تعترض به على قوانين ربك الذي خلقك و هو أعلم بك من نفسك
فلا كلام لنا مع غير المسلم إلا بعد أن يأتي هو ويعرض ما لديه من شبهات حول ربه الذي خلقه ، وحينها يكون كلامنا معه
أما أنت أيها المسلم .. فأنا أود أن أنبهك على نقطة مهمة جدا جدا بسبب الغفلة عنها يدخل عليك العلمانيون شبههم حول شريعتك ..
إنك إذا نظرت إلى الحياة البشرية تجدها ينظر لها باعتبارين :
1 ـ فرد
2 ـ مجتمع
وتعالوا الآن نعقد مقارنة بين تصرف الشريعة الإسلامية مع هذين الاعتبارين ، و بين تصرف غيرهما من الاتجاهات الوضعية ..
إن الله تعالى هو الذي خلق هذا الكون ، وهو تعالى الصانع ( للمجتمع ) و ( للفرد ) فهو تعالى حين شرع لنا الأحكام و القوانين التي تحكم هذين الاعتبارين ، كان لابد من مراعاة كلا الاعتبارين ، فعلى صعيد المجتمع ككل ، تم ضرب القوانين الشرعية التي تكفل له الأمن ، سواء على دينه أو ماله أو عرضه .. وأصبحت هذه المصلحة ( العامة ) تظهر فيها صفة التقديم على المصلحة ( الفردية ) .. و على صعيد الفرد ، فقد كفل له الحرية التامة المشروطة بعدم التعدي ، فالفرد في المجتمع المسلم ما دام أنه لم يتعرض لما يمس المصلحة العامة أو الدينية فلا توجد قوة على وجه الأرض مهما كان عتادها وحجمها تملك شرعا أن تمنعه من استعمال حق مشروع ..
(( هكذا الصورة في شريعة الله تعالى ))
سجلوا أيها الإخوة هذه الصورة في أذهانكم جيدا و تفهموها ، و تعالوا الآن ننتقل للصورة الوضعية الوقحة ...
قامت الثورة الفرنسية عام 1789م وكانت الركيزة التي قامت عليها الثورة هي المطالبة بحق (( الفرد )) في المجتمع ـ انتبه إلى قولي حق الفرد ـ وعلى تداعيات هذه الثورة قام القانون الفرنسي المدني عام 1804م يكفل درا زائدا من الحقوق ( للفرد ) ، و من ثمّ تميز هذا القانون بروح فردية مقدسة ، تقدس حقوق الفرد ( كفرد ) بحيث لا يمكن أبدا المساس بها ، و لو تعلقت بها المصالح العامة ، فالرجل يقبل امرأة في الطريق ويخدش حياء العفيفات و لا أحد يملك أن يمنعه ـ ما دام لم يمس أحد ـ وكأن مساسه للغير لا يعتبر مساسا إلا لو كان أذى بدني مثلا .. فهنا في الصورة التي ذكرتها لكم حدث التعارض بين حرية الفرد وحرية المجتمع و الصالح العام ، و مع ذلك فقد قدّم القانون حرية الفرد وإرادته على المصلحة العامة ، و ما ذلك إلا نتيجة لهذه النزعة الفردية التي خلفتها هذه الثورة الفرنسية المطالبة بحقوق الفرد ، فحصل الغلو في جانب الفرد على حساب جانب المجتمع ككل .. فحدث الخلل
و من المنطقي و البدهي جدا أن الخلل لا يخلف إلا خللا ..
انظروا معي .. هل يصح في الطبيعة البشرية أن يبقى الفرد مؤثرا سلبيا على الجماعة ـ و منطقيا فالجماعة أقوى منه ـ ويستمر على ذلك دون محاولة من الجماعة وهي مصدر القوة لإنهاء هذا التأثير السلبي ؟
إن أي عاقل على وجه الأرض لا يقول أبدا بأن الجماعة ستسكت وهي التي بيدها السلطان ..
فقد بدأت الحكومات بالفعل بالحد من حقوق هذا الفرد .. فبدأت تدريجيا بالحد شيئا فشيئا من حقوقه ، حتى وصل بها الحال ـ وهي صاحبة السلطة و القوة ـ أن تنقصه من حقوقه المشروعة ، وكل ذلك بسلطانها وقرتها وسيطرتها ، و هذا هو عين ما يسميه رجال الفقه الإسلامي بـ ( التعسف في استعمال الحق )
ومن صور هذا التعسف في عصرنا أن الحكومات لا تسمح أبدا بحال من الأحوال أن يكون فردا من أفراد المجتمع أعلى اقتصاديا منها ، و لو كان علوه هذا من طريق مشروع .. و لا يخفى عليكم ما حدث مع ( الريان المصري ) من مصادرة أمواله حين اتجه إليه أفراد الشعب لاستثمرار أموالهم ، بل ما وقف الحد عند ذلك فاتهموه بالغصب و الاحتيال على الناس وأودعوه السجن بهذه التهمة ، فانقلب الناس عليه وشاع وانتشر أنه هو الذي نهب أموالهم .. و لا حول و لا قوة إلا بالله العليّ العظيم
*********
فيأتيك العلماني الملحد .. فيقول لك .. انظر إلى وحشية شريعتك ، رجل سرق شيئا حقيرا فتقطعون يده ولو سامحه صاحب الشيء المسروق .. فأنت قد تضطرب و لا تجد ما ترد به عليه إلا أن ذلك هو الوارد في شرع الله تعالى وأنه تعالى أعلم و أخبر بعباده .. في حين أنك أنت شخصيا متأثر بهذه النزعة ( الفردية ) التي خلفتها الثورة الفرنسية ، وأنت لو تفهمت النقطة التي ذكرتها وشرحتها لك سابقا .. لكان ردك عليه ـ بمنتهى البساطة ـ : أنا حين أقطع يد رجل واحد ، ويعلم أي سارق أنه لو سرق لكان مصيره كزميله فإنني سأصون أموال الناس أعواما عديدة قادمة ، بل قد أصون أرواح العديد من الناس ممن تقوم أرواحهم على هذا المال ، أو مما قد ينشب عن السرقات من معارك تراق فيها الدماء .. و قل له : أنت نظرت فقط إلى نفسك ( كفرد ) ولم تنظر إلى مجتمعك ومصالحه العامة ، فقدمت مصلحة الفرد على المصلحة العامة ـ كما أملته عليكم ثورتكم الفرنسية الظالمة ـ وأما نحن فالفرد عندنا واحد ، وأما المجتمع فعدد كثير من الأفراد ، فأكون أنا في الحقيقة من قدمت حق الفرد لأني أكون قد راعيت ( الأفراد ) على ( الفرد ) ..
ومما يؤكد لك أخي الحبيب أن هذا المتكلم الملحد ينظر إلى حقه هو ( كفرد ) ويقدمه على حقوق ( الأفراد ) أنه لو تعرض هو ذاته للسرقة ، فإنه ما يقول أبدا نفس الكلام عن السارق ، بل فورا يكيل بالكيل الآخر ، ويطالب بحقه ( كفرد ) تعرض لسرقة ممتلكاته ، ولو لم تأت له حكومته بحقه ، فهنا لا نقول بأنه يقطع يد السارق لو قدر عليه ، بل يقتله .. بل هو ومن عاونه ممن لم يباشروا السرقة ..
فهذه لفتة أردت ترسيخها في الذهن لأنها ينبني عليها الكثير جدا من فروع حوارنا مع من يطعنون في شريعتنا الغراء التي انزلها الله تعالى من فوق سبع سماوات لتحكم عباده في الأرض
و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون
أخوكم المحب / محمد رشيد