المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((( أنواع الالحاد )))



عبدالباسط قاري
02-21-2014, 07:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم وبعد
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ،أخبر عن قدرته وعلمه وإرادته فقال : الذي خلق ، أي : أوجد وأنشأ وابتدع والخلق ‘ ( ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) أي : ومع هذا كله كفر به بعض عباده ، وجعلوا معه شريكا وعدلا واتخذوا له صاحبة وولدا ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا . بل انكروه و انكروا أنه خالق وموجد والعياذ بالله والصلاة والسلام على رسول الله معلم البشرية صفات ربها و موجدها من غير تمثيل ولا تكييف صل الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وبعد

فكثير من الناس يظن أن الألحاد محصور فقط في إنكار وجود الله وماظن هؤلاء انه أنواع يجب الحذر منها كلها وتحذير الناس و هي درجات ظلمات بعضها فوق بعض كل ظلمة اكبر من أختها وتلعن أختها وليست هناك مدرسة فلسفية واحدة تجمع كل الملحدين، فمن الملحدين من ينطوي تحت لواء المدرسة المادية أو الطبيعية والكثير من الملحدين يميلون باتجاه العلمانية والتشكيك واليكم التفصيل بحول الله وقوته

أولا :- إنكار وجود الله بالكلية وهذا اخبث درجات الأحاد و أكثرها كفرا و ضياعا و ظلمة ولم يكن معروف من قبل إنما ظهر هذا النوع الإلحاد مع ظهور نيتشة وماركس و استالين وغيرهم من الملاحدة ، فالأديان كلها السماوية جاءت بذكر وجود الله و ذكر صفاته و ارسل الله الرسل لذلك و الأمم تؤمن بوجود الله بالفطرة إلا أنها تكفر ببعض صفاته أو تجعل له الند والمثل و النضير أو تصرف العبادة لغيره سبحانه وتعالى عما يشركون ، قال تعالى ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ )
ثانيا :- الاعتراف بوجوده إلا انهم يسلبون عنه كل الصفات ( السلوبيون ) أو أنه خلق الكون ثم تركه واهمله والعياذ بالله أو انهم يسمونه بغير أسماءه وصفاته كان أرسطو وأتباعه يسمون ‏[‏الرب‏]‏ عقلا وجوهرًا، وهو عندهم لا يعلم شيئًا سوى نفسه، ولا يريد شيئا، ولا يفعل شيئًا، ويسمونه ‏[‏المبدأ‏]‏ و‏[‏العلة الأولى‏]‏ وهذا هو الإلحاد الفلسفي و قد ذهب اليه ابن سينا والفارابي أيضا والعياذ بالله
ثالثا : نفي صفات الكمال عنه كلها وهم النفاة لصفات الرب تعالى : فلم يقم بذاته سبحانه وهؤلاء هم الجهمية المعطلة واكثر من رد على الجهمية الإمام بن خزيمة في كتابه التوحيد وكذلك الفلاسفة والملاحدة الجدد الذين يسمون انفسهم العقلانيون
رابعا : المشبهة والمحرفة لأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى او تشبيهه بمخلوقاته
ويدخل في التشبيه التمثيل كأن يقال يد الله ويشار إلى يد المخلوق، فالخالق جل في علاه ليس له شبيه ولا نظير وقديما قال احد العلماء ((( من شبه الله فقد عبد صنما ومن نفى عنه صفاته فقد عبد عدما ))) فقد حذر الله من صنيعهم واثبت لنفسه أسماء كلها حسنى (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )) وذروا الذين يلحدون في أسمائه الإلحاد : الميل وترك القصد ، يقال : لحد الرجل في الدين وألحد : إذا مال
ومنه اللحد في القبر لأنه في ناحية
والإلحاد في أسمائه وصفاته - سبحانه - يكون على ثلاثة أوجه : 1 :- إما بالتغيير كما فعله المشركون فإنهم أخذوا اسم اللات من الله ، والعزى من العزيز ، ومناة من المنان أو كما يصنع المتصوفة الباطنية فالذكر عندهم للعوام وهو(( لا إله إلا الله )) والخواص (( الله الله الله )) وذكر خواص الخواص (( هو هو هو )) فهذا من الإلحاد في أسماءه وتسميته ووصفه بما لم يسمى ولا يوصف به لا من كتاب ربنا ولا من سنة رسولنا محمد صل الله عليه وسلم
2 :- بالزيادة عليها بأن يخترعوا أسماء من عندهم لم يأذن الله بها كيسوع و الرب المخلص يعني المصلوب أو من يدعي الألوهية للبشر أو انه وكل أمر الكون لأربعة أو لفلان الولي ليديره كما يقول بذلك الباطنية المتصوفة وغيرهم والعياذ بالله
3 :- بالنقصان منها بأن يدعوه ببعضها دون بعض كما يفعل الأشاعرة حيث يثبتون بعض الصفات وينفون الأكثر
ومعنى وذروا الذين يلحدون اتركوهم ولا تحاجوهم ولا تعرضوا لهم أو معناه : الوعيد كقوله - تعالى - : ذرني ومن خلقت وحيدا ( المدثر : 11 ) ، وقوله : ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ( الحجر : 3 ) وهذا أولى لقوله : سيجزون ما كانوا يعملون فإنه وعيد لهم بنزول العقوبة ، وتحذير للمسلمين أن يفعلوا كفعلهم .
خامسا :- أنكار البعث والنشور ( وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ( 24 ) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ( 25 ) قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 26 )
أي : ما ثم إلا هذه الدار ، يموت قوم ويعيش آخرون وما ثم معاد ولا قيامة وهذا يقوله مشركو العرب المنكرون للمعاد ، ويقوله الفلاسفة الإلهيون منهم ، وهم ينكرون البداءة والرجعة ، ويقوله الفلاسفة الدهرية الدورية المنكرون للصانع المعتقدون أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه . وزعموا أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى ، فكابروا المعقول وكذبوا المنقول ؛ ولهذا قالوا ( وما يهلكنا إلا الدهر ) قال الله تعالى : ( وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ) أي : يتوهمون ويتخيلون .

هذا كله من الألحاد في ذات الله وفي أسماءه وصفاته وإنكار البعث من الإلحاد لأنه إنكار لصفة الخلق و الإحياء التي اثبتها الله لنفسه واثبته رسوله له وشهد بذلك الفطر السليمة ولله الحمد
هذا والله اعلم فإن أصبت في من الله وان أخطأت فمن نفسي سائلا الله لي ولكم الثبات و الإخلاص والقبول عنده وان يختم لي برضوانه
كتبه عبدالباسط قاري مكة المكرمة