المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعليقات الرد على الشربيني في شبهة قتل كعب و فرية تعذيب كنانة



ابن سلامة القادري
02-23-2014, 11:56 PM
يقول الشربيني - و قد ضرب مثالين على أن الإسلام دين ظلم وعدوان - :


مثال التعذيب : تعذيب كنانة بن الربيع ومثال الاغتيال : اغتيال كعب بن الأشرف.

أقول بحمد الله،


حسنا، هذه فرية + شبهة، و سنرد عليهما جميعا بإذن الله :

1- الرد على شبهة قتل كعب بن الأشرف :

حادثة قَتْل كعب بن الأشرف صحيحة ثابتة لا شك في ذلك، ولكن هذه الحادثة لا تتفق مع مفهوم الإغتيال و لا تبرره، لأمور نذكرها :

1- كعب بن الأشرف كان كافرا بلا نزاع، وهو بعينه محارِبٌ أيضًا، آذى الله ورسوله، و هو طاغوت يهودي كما سمّاه ابن عباس رضي الله عنه. و لم يكن قتله ظلما بل بذنب، قال شيخ الاسلام ابن تيمية : " ولم يكن النبي ليأخذ أحدا من المسلمين والمعاهدين إلا بذنب ظاهر , فلما رجع الى المدينة وأعلن الهجاء والعداوة استحق أن يقتل , لظهور اذاه وثبوته عند الناس "

2- أن قتل كعب بن الأشرف كان بأمر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو ولي الأمر وكعب من رعيته بموجب العهد. فلم يكن قتله بتصرف من آحاد الناس، أو بتصرف جماعة منهم من دون ولي الأمر، كما هو حال الاغتيالات المعروفة اليوم في الساحة، فإن هذه فوضى لا يقرها الإسلام.

3- أمر النبي صلى الله عليه و سلم بقتله بسبب نقضه للعهد مع المسلمين، و اقتضى ذلك جواز قتله كفًّا لشره عنهم. فقد كان اليهود معاهدين أو مستأمنين لم يأتوا بما ينقض عهدهم أو أمانهم و يستوجب قتل أحد منهم، بخلاف كعب بن الأشرف الذي نقض العهد بهجـاء النبي صلى الله عليه و سلم وخلعه الأمان وذهابه لمكة ينصر المشركين فصار حربياً بذلك، و جاز لذلك قتله على أي حال.
قال ابن الجوزي في ''كشف المشكل'' (1/704) :”فإن قيل كيف أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل كعب فتكاً وقد قال:”الإيمان قيد الفتك”، فالجواب: أنه نقض العهد فجاز قتله على أي صفة كانت كما يجوز تبييت الكفار على غرة وإنما الفتك بمن لا يحل قتله.
و قال الحافظ ابن حجر(فتح الباري:6/185) : "قوله باب الفتك بأهل الحرب "وإنما فتكوا به لأنه نقض العهد ، وأعان على حرب النبي صلى الله عليه و سلم وهجـاه.

4- قتله لم يكن غدرا :
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (12/161).
كتاب الجهاد والسير : باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود
قال : إنما يكون الغدر بعد أمان موجود وكان كعب قد نقض عهد النبي صلى الله عليه و سلم ولم يؤمنه محمد بن مسلمة ورفقته ولكنه استأنس بهم فتمكنوا منه من غير عهد ولا أمان.
وقال البغوي رحمه الله(شرح السنة:11/45) : "قد ذهب بعضُ مَن ضلَّ في رأيه وزلَّ عن الحق إلى أن قتل كعب بن الأشرف كان غدراً وفتكاً , فأبعد الله هذا القائل , وقبَّح رأيهُ من قائل , ذهب عليه معنى الحديث , والتبس عليه طريق الصواب , بل قد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : (الإيمان
قيَّدَ الفتكَ, لا يفتكُ مؤمنٌ)
والفتك أن يُقتل مَن له أمان فجأة. وكان كعب بن الأشرف ممن عاهد رسولَ الله أن لا يعين عليه أحداًَ ولا يقاتلـه , ثم خلع الأمان , ونقض العهد , ولحق بمكة , وجاء مُعلناً معاداة النبي يهجوه في أشعاره ويسبه ، فاستحقَّ القتل لذلك"أ.هـ

قال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار(5/33) :”والغدر أن يؤمن ثم يقتل، وهذا حرام بإجماع”. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن”. أخرجه أبو داود وغيره وصححه الألباني. قال ابن عبد البر :”والفتك: القتل بعد الأمان والغدر بعد التأمين”.
وقال المناوي :”(الإيمان قيد الفتك): أي يمنع من الفتك الذي هو القتل بعد الأمان عذراً كما يمنع القيد من التصرف بمنع الإيمان من الغدر”.

وقال ابن عبد البر مذكرا بحق المؤمن المسلم و أنه أعظم من حق الكافر في الأمان :”إذا كان دم الحربي الكافر يحرم بالأمان فما ظنك بالمؤمن الذي يصبح ويمسي في ذمة الله ! كيف ترى في الغدر به والقتل”.

وقال النبي عليه السلام : ((لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان)) رواه مسلم
و قال عليه السلام : ((لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة)) رواه مسلم. والحديث روي بألفاظ مختلفة من حديث عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم. وفي رواية: ((لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدره ألا ولا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة))
قال النووي: (وفي هذه الأحاديث بيان غلظ تحريم الغدر، لاسيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثيرين)

وفي حديث هرقل الطويل مع أبي سفيان الذي في صحيح البخاري -و كان أبو سفيان يومئذ على الشرك- عندما سأله هرقل عن النبي: ((فهل يغدر؟ قال: لا، ثم قال هرقل: وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون))


2- فرية قتل كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق :

كتب أبو عمر الباحث - حفظه الله - :

قالوا كيف تقولون عن نبيكم أنه رسولُ الرحمة وكتب التاريخ عندكم تقول أنه عذّب كنانةَ بنَ الربيع بن أبي الحقيق ثم قتله ؟!!

واستدلوا بما رواه الإمام الطبري في تاريخه قال:

{ حَدَّثَنَا ابْنُ حميد ، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وَأُتِيَ رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ – وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ – فَسَأَلَهُ فَجَحَدَ أَنْ يكون يعلم مكانه، فأتى رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ برجل من يهود، فقال لرسول الله: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ كِنَانَةَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِكِنَانَةَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وجدناه عندك ، أأقتلك؟ قال: نعم ، فأمر رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ بِالْخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ، فَأُخْرِجَ مِنْهَا بَعْضُ كَنْزِهِمْ، ثُمَّ سَأَلَهُ مَا بَقِيَ، فَأَبَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ، فَأَمَرَ به رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَقَالَ: عَذِّبْهُ حَتَّى تَسْتَأْصِلَ مَا عِنْدَهُ، فَكَانَ الزُّبَيْرُ يَقْدَحُ بِزَنْدِهِ فِي صَدْرِهِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأَخِيهِ مَحْمُودِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَحَاصَرَ رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ أَهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمُ، الْوَطِيحَ وَالسَّلالِمَ، حَتَّى إِذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ لَهُمْ دِمَاءَهُمْ، فَفَعَلَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ حَازَ الأَمْوَالَ كُلَّهَا: الشِّقَّ وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إِلا مَا كَانَ مِنْ ذَيْنِكَ الْحِصْنَيْنِ }.(1)

وللرد على هذا الافتراء أقول:

أولا: الرواية غير صحيحة:

هذه الرواية لا تصح ولا تقوم بها الحُجة لأن في سندها راوياً متروكَ الحديثِ وهو محمد بن حميد الرازي و أيضا في سندها انقطاع.

والمسلمون لا يقبلون في دينهم إلا حديثاً حتى تنطبق عليه شروط قبول الرواية بقسميه الصحيح والحسن, ويجب أن تنطبق على الصحيح خمسة شروط وهي:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

3- ضبط الرواة.

4- انتفاء الشذوذ.

5- انتفاء العلة.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

{ أَمَّا الْحَدِيثُ الصّحِيحُ: فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الّذِي يَتّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضّابِطِ عَنِ الْعَدْلِ الضّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذّاً ، وَلا مُعَلّلاً }.(2)

ولو نظرنا في هذا السند الذي رُويت من خلاله هذه الرواية لوجدناه مخالفا للشرطين الأول والثاني وهما:

1- اتصال السند.

2- عدالة الرواة.

فأما اتصال السند فغير متوفر لوجود الانقطاع بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين محمد بن إسحاق.

وكذلك عدالة الرواة أيضا غير متوفرة في محمد بن حميد الرازي لأنه مُتّهَمٌ بالكذب.

وعليه فالرواية غير صحيحة ولا يُحتج بها علينا.

1- فأما محمد بن حميد الرازي:

فقال عنه الإمام الذهبي في السير:

· وَهُوَ مَعَ إِمَامَتِهِ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ ، صَاحِبُ عَجَائِبَ.(3)

· وَأَمَّا البُخَارِيُّ ، فَقَالَ: فِي حَدِيْثِهِ نَظَرٌ.

وقد يَحتج أحدُهم علينا ويقول أن الإمام أحمد بن حنبل أثنى على محمد بن حميد الرازي !

أقول ذكر الإمام الذهبي رداً لطيفاً على هذه المسألة فقال:

{ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: قُلْتُ لاِبْنِ خُزَيْمَةَ:

لَوْ حَدَّثَ الأُسْتَاذُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ ، فَإِنَّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ قَدْ أَحسَنَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ.

قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ ، وَلَوْ عَرَفَه كَمَا عَرَفْنَاهُ ، لَمَا أَثْنَى عَلَيْهِ أَصْلاً. أهـ

وأقول أن أعلمَ الناسِ بالرجل هم أهل بلده ، ولقد قال أهل بلده عنه أنه كذاب }.(4)

قال الإمام ابن حبان:

{ قال أبو زُرعة الرازي ومحمد بن مسلم ابن وَارَة: صح عندنا أنه يكذب }.(5)

2- أما ابن إسحاق:

فأما ابن اسحاق فلم يدركِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وحديثه عنه مُعْضَل.

و الحديث المعضل أشدُّ ضعفاً من المرسل.!

والحديث المعضل هو ما سقط من إسناده راويان على التوالي.

فابن إسحاق تُوفي سنة 150 من الهجرة وكان مولده سنة 80 من الهجرة

وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تُوفيَ في السنة الحادية عشرة من الهجرة

وهذا يعني أن هنا انقطاعاً ما يقرب من 70 سنة بين وفان النبي صلى الله عليه وسلم وبين ولادة محمد بن إسحاق.!

والانقطاع في السند عِلَّة تمنعنا من قبول الرواية .

ثانيا: محقق الكتاب حَكَمَ على الرواية بالضعف:

أقول أن الرجوع في كل علم من العلوم وكل فن من الفنون إلى علمائه وجهابذته .

وإذا عُدنا إليهم للحكم على هذه الرواية نجدهم يحكمون عليها بالضعف.

قال الشيخ محمد صبحي حسن حلاق:

{ إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف ، وقد ذكره ابنُ إسحاق بلاغاً }.(6)

إسناد آخر للرواية:

قال الإمام ابن سعد في الطبقات:

أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَاضِي الْكُوفَةِ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ الْمُخْتَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا ظَهْرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم عَلَى خَيْبَرَ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ لَيْسَ لَهُمْ بَيْضَاءُ وَلَا صَفْرَاءُ، فَأُتِيَ بِكِنَانَةِ وَالرَّبِيعِ، وَكَانَ كِنَانَةُ زَوْجَ صَفِيَّةَ، وَالرَّبِيعُ أَخُوهُ وَابْنُ عَمِّهِ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَيْنَ آنِيَتُكُمَا الَّتِي كُنْتُمَا تُعِيرَانِهَا أَهْلَ مَكَّةَ؟» قَالا: هَرَبْنَا فَلَمْ تَزَلْ تَضَعُنَا أَرْضٌ وَتَرْفَعُنَا أُخْرَى، فَذَهَبْنَا فَأَنْفَقْنَا كُلَّ شَيْءٍ، فَقَالَ لَهُمَا: «إِنَّكُمَا إِنْ كَتَمْتُمَانِي شَيْئًا فَاطَّلَعْتُ عَلَيْهِ اسْتَحْلَلْتُ بِهِ دِمَاءَكُمَا، وَذَرَارِيَّكُمَا» ، فَقَالا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلا مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: «اذْهَبْ إِلَى قَرَاحِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ ائْتِ النَّخْلَ فَانْظُرْ نَخْلَةً عَنْ يَمِينِكَ أَوْ عَنْ يَسَارِكَ فَانْظُرْ نَخْلَةً مَرْفُوعَةً فَأْتِنِي بِمَا فِيهَا» . قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُ بِالْآنِيَةِ وَالْأَمْوَالِ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا وَسَبَى أَهْلَيْهِمَا وَأَرْسَلَ رَجُلًا فَجَاءَ بِصَفِيَّةَ فَمَرَّ بِهَا عَلَى مَصْرَعِهِمَا ، فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لِمَ فَعَلْتَ؟» فَقَالَ: أَحْبَبْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أَغِيظَهَا. قَالَ: فَدَفَعَهَا إِلَى بِلالٍ وَإِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ “.(7)

وهذا إسناد ضعيف لضعف مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيِّ.

قال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني:

{ صدوق سيء الحفظ جدا }.(8)

ثالثا: الرواية تخالف صحيح السُنة:

هذه الرواية تخالف الصحيح من سيرة وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فهو الذي نهى نهيا شديدا عن التعذيب والمُثْلَة.

روى الإمام مسلم في صحيحه:

{ بُرَيْدَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ « اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا» }. (9)

ورى الإمام أحمد في مسنده:

{ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: « مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً، إِلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ» }.(10)

روى الإمام أبو داود في سننه:

{ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ

« إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِى عَلَيْهِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ» }. (11)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

{ فَأَمَّا التَّمْثِيلُ فِي الْقَتْلِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ وَقَدْ {قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ، حَتَّى الْكُفَّارُ إذَا قَتَلْنَاهُمْ فَإِنَّا لَا نُمَثِّلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَا نَجْدَعُ آذَانَهُمْ وَأُنُوفَهُمْ وَلَا نَبْقُرُ بُطُونَهُمْ إلَّا أنْ يَكُونُوا فَعَلُوا ذَلِكَ بِنَا فَنَفْعَلُ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلُوا } . وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ }.(12)

فلو خالف الرسول صلى الله عليه وسلم ما يأمر الناس به لأنكروا عليه وخالفوه.

بل لأنكر عليه المشركون أنفسهم فعله هذا وهم الذين كانوا يصفونه دائما بأنه كان رحيما رفيقا. (13)

رابعا: قتل كنانة بن الربيع كان قِصاصاً:

أقول أيضا على فرض صحة الرواية فالرواية تقول أن قتل كنانة بن الربيع كان قِصاصاً لأنه قتل محمود بن مسلمة فقُتل به .

وهكذا يتبين لنا كذب هذه الفرية بالحُجة والدليل والبرهان.

مراجع البحـث:

(1) تاريخ الرسل والملوك للإمام الطبري ج3 ص14 ، ط دار المعارف – القاهرة ، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم.

(2) علوم الحديث للإمام أبي عمرو بن الصلاح ص11 ، ط دار الفكر المعاصر – لبنان ودار الفكر – سوريا ، ت: نور الدين عنتر.

(3) سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ج11 ص503 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط.

(4) سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ج11 ص504 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط .

(5) المجروحين للإمام ابن حبان ج2 ص321 ، ط دار الصميعي الرياض ، ت: حمدي عبد المجيد السلفي.

(6) ضعيف تاريخ الطبري د/محمد صبحي حسن حلاق ج7 ص186 ، ط دار بن كثير – دمشق – بيروت.

(7) الطبقات الكبرى للإمام بن سعد ج2 ص106 ، ط مكتبة الخانجي – القاهرة، ت: د/ علي محمد عمر.

(8) تقريب التهذيب للإمام بن حجر العسقلاني ، ص427 ، ط الرسالة – بيروت، ت: عادل مرشد.

(9) صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج ص828 ح3/1731 ، ط دار طيبة – الرياض، ت: نظر محمد الفَاريابي.

(10) مسند أحمد للإمام أحمد بن حنبل ج33 ص91 ، ط مؤسسة الرسالة – بيروت ، ت: شعيب الأرناؤوط.

(11) سنن أبي داود للإمام أبي داود السجستاني ج7 ص185 ، ط دار الرسالة العالمية، ت: شعيب الأرناؤوط.

(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية ج28 ص314، ط خادم الحرمين الشريفين، ت: عبد الرحمن محمد قاسم.

(13) صحيح البُخاري للإمام محمد بن إسماعيل البُخاري ص159 ح631 ، ط دار بن كثير – بيروت .

مشرف 7
02-24-2014, 12:15 AM
بارك الله فيك يا ابن سلامة ,,,
وبارك في مجهودك الوافر في المنتدى تبارك الله

ابن سلامة القادري
02-24-2014, 12:19 AM
و فيكم بارك أخانا المشرف الحبيب .. نسأل الله أن يتقبل منا منكم صالح الأعمال.