المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : برهان الشمس



علي الشيخ الشنقيطي
02-24-2014, 04:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.

طرح أحدهم موضوعا في إحدى صفحات التواصل "الإجتماعي" موضوعا أنقله هنا مشفوعا بالرد، الذي أسميته مجازا: برهان الشمس


هل يطالب الملحد برؤية الله ليؤمن به ؟

الادعاء بأن المُلحد يطالب برؤية الله للتصديق بهِ هو ادعاءٌ باطلٌ اخترعهُ رجال الدين في محاولةٍ فاشلةٍ للتقليل من أهمية فكرةٍ طبيعيةٍ جداً وهي الحاجة لدليلٍ حقيقيٍ للتصديق بتفسيرٍ غير طبيعي و غير عقلاني مثل التفسير الديني للكون والحياة، المطالبة برؤية الله لم ولن تكن دليلاً على شيٍء اكثر من التصديق بوجود شخصيةٍ تُسمي نفسها الله، بل حتى لو رأينا الله وجهًا لوجه فهذا لوحدهِ ليس دليلاً كافياً على أن الله هو التفسير المنطقي للكون والحياة، بل هو مجرد دليلٍ على أننا رأينا الله وبعدها نستطيع أن ننطلق لمرحلة إيجاد الدليل على أن الله هو الشخصية التي تقع خلف الكون وإرادته المُطلقة منفرداً، هي التي تُسيّر الكون وتجعلهُ بالشكل الذي هو عليه الآن وبأنهُ هو الذي يُرسل الرسل ويكتب الكتب، كُّل فرضيةٍ مهما كان حجمها صغيراً أو كبيراً فإن الدليل المطلوب لإثباتها يتناسب طردياً مع حجم التفسير الذي تطرحهُ.

لنأخذ مثالاً للتوضيح، لو قلت لك بأن السماء تُمطر الآن فإنهُ من السهل إثبات ذلك، تستطيع أن تنظر من النافذة لترى إن كان كلامي صحيحاً، الصعوبة تكمن عندما أدعي بأن السماء تُمطر مطراً أنت لاتستطيع أن تراه لسببٍ مّا كأن تكون أعمى مثلاً، حينها يجب أن يتناسب الدليل مع حجم هذا الادعاء، كأن أقودك للخارج كي تشعر بهطول المطر على يدك دون أن تراه لأنهُ مطرٌ غير مرئي، يزداد الأمر صعوبةً إذا كنت فاقداً لحاسّتي البصر و اللمس، حينها يجب أن أثبتلك بأن المطر ينزل بالاستعانة بحواسٍ أخرى. وهلّم جراً من طرقٍ تثبت لك ادعائي الذي حدسك لم ينبئك بهِ.

الآن تخيل معي أن أقوم بتحريف الواقع قليلاً و أقول لك بأن السماء تُمطر سلاحفًا؟ هل قولي لك أن السماء تُمطر سلاحفًا يُعتبر دليلاً يجب عليك تصديقهُ وبأن السماء حقاً تمطر سلاحف؟ هل مطالبتك برؤية السلاحف تهطل من السماء هو طلبٌ سخيفٌ أو متكبرٌ أو جاحدٌ لي أو للسلاحف؟ هل قول ألف شخصٍ غيري بأن السماء تُمطر سلاحف يُعتبر دليلاً على أن السماء حقاً تُمطر سلاحف ولاتحتاج لدليلٍ حقيقيٍ يثبت صدق ما نقوله؟ لو كانت السماء تُمطر سلاحف هي الحالة الطبيعية والمعروفة في الطبيعة بدل الماء ربما سيكون من السهل عليك استيعاب الفكرة، لكن كيف نستطيع استيعاب فكرة لم ولن تحدث مرةً أخرى مثل الخلق؟ بداية الوجود؟ وجود الآلهة وهي كلها أشياءٌ لا تنتمي لواقعنا اليومي من قريبٍ أو بعيد؟ ألا تبدو فكرة الخلق وكأنها سلاحفٌ ماطرةٌ ولكن يجب علينا تصديقها فقط لأنها ذُكرت في كتبٍ مقدسةٍ تم حشوها في أدمغتنا منذ نعومة أظافرنا؟

الآن لنعود لسؤال المُلحد حول طلب الدليل على وجود الله وطلب الدليل على أن الله وراء الخلق وطلب الدليل عل أن الله أرسل أنبياء وكتب؟ هل المطالبة بدليلٍ على فرضيةٍ غريبةٍ جداً مثل وجود كائنٍ موجودٍ قبل الكون خلق الكون من العدم هي فرضيةٌ تنتمي إلى عالمنا اليومي مثل هطول المطر وشروق الشمس؟ هل نرى كل يوم إلهاً يخلق كوناً أمامنا فنستغرب من الذي يُنكر مثل هذه الفرضية؟؟ هل صُنع الحياة من العدم ينتمي إلى حياتنا اليومية؟ هل إرسال الأنبياء والكتب الهاطلة من السماء يُعتبر من حيثيات حياتنا اليومية؟؟؟ لهذا، فإنهُ من الأجدر لي ولك وللجميع المطالبة بدليلٍ يتناسب مع حجم الإدعاء نفسه، لا أن نقوم بتسخيف أو الضحك على عقولٍ شغلت نفسها وسارت عكس التيار لتتأكد من مصداقية ما توارثناه من مفاهيمٍ حول الكون والحياة.

تاريخياً نعرف بأن الإقصاء والاستهزاء والملاحقة كانت دائماً من مصير العلماء والفلاسفة الذين تجرؤوا على طرح تساؤلاتٍ حول مدى جديّة المعتقدات التي يعتقد بها أبناء عصرهم، جميعنا نعرف بأن البشر كانوا يعتقدون بأن الأرض مسطحةً، وجميعنا نعرف بأنهُ حتى اليوم لا يزال هنالك من يعتقد بأن حركة الغيوم وهطول المطر لهما أسبابٌ روحيةٌ تقع ماوراء الطبيعة وليس أسبابٍ طبيعيةٍ بحتةٍ لهذا لازلنا نسمع وبشكلٍ مخجلٍ مايُسمى صلاة الاستسقاء، بل حتى اليوم هنالك من يعتقد بأن السماء هي سقفٌ مرفوع بدون عمدٍ مزينٍ بأضواءٍ صغيرةٍ خافتةٍ نسميها النجوم، وأنّ فوق هذا السقف توجد روحانيات وعالم الآلهة والملائكة، تخيل أن نتقبل كل هذه الفرضيات دون أن نجرؤ على السؤال عن مدى مصداقيتها؟ تخيل أن نتقبل بأن الخسوف ناتج من أن الحوت يلتهم جزء من القمر؟ تخيل أن نتقبل بأن الكون كلهُ وكل مافيه ما كان إلا من أجلنا نحن البشر؟

يجب أن نخرج من نطاق الوهم و الخرافة، يجب أن نؤمن بعقولنا للوصول إلى نتائجٍ حقيقيةٍ حول ماهيّة الكون الذي حولنا، يجب أن نؤمن بالمنهج العلمي الرصين للوصول إلى أجوبةٍ لاستفساراتنا العلمية، وعندما يعجز العلم عن الإجابة عن أسئلةٍ نطرحها فإن المجال واسعٌ أمام العقل الإنساني للبحث في الفلسفة والفن والرياضيات عن أجوبةٍ تناسب قدراتنا و تطلعاتنا، لا أن نُعيد علك مابصقتهُ الأقوام التي قبلنا بقرون، ونتباهى بأفكارٍ لم تعد تُضحك العالم بعد بل تُثير ريبتهم حول الكهف الذي خرجنا منه.

هل تريد أن تؤمن بالله أو بالملائكة أوالشياطين هذا الحق كفلتهُ لك حرية العقيدة، لكن لاتحاول دمج معتقداتك المتوارثة في وسطٍ لايُناسبها مثل العلم، وحاول أن لاتعتمد على معتقداتك الدينية في تعاملك مع البشر من حولك، بل عامل البشر جميعهم انطلاقاً من إنسانيتهم لا من معتقداتهم ولونهم أو لغتهم، جميعنا بٌشر ونطمح للسعادة و الحياة، وأنت نفسك تطمح للسعادة والحياة الأبدية من خلال اعتقادك بوجود حياةٍ مابعد الموت، فلا تحتكر هذا الحق لنفسك ودعِ البشر يبحثون عن السعادة بأنفسهم، ولاتجبرهم عل شكلٍ محدد للسعادة التي أنت تعتقد بأنها قمة المنتهى.







يأتي المناهضون للأديان، دعاة المذاهب الهدامة الباطلة، إلى فنون من السفسطات، ويقعون في أصناف من المغالطات لا تكاد تحصى، تضطرك معهم إلى تحديد وعينا المنهجي، وإعادة بناء الواقع واكتشاف المكتشف من المبادئ التي تقررت في العقول، وكانت أساس المعارف والعلوم الإنسانية .

دعونا نفترض أن هذا الشئ الذي يعبر عنه بكلمة الشمس ليس مؤكد الوجود، ونقومَ معا بتجربة علمية بسيطة، نأخذ أشخاصا يتفاتون في إدراكهم للواقع، كل حسب ما يتمتع به من من قدرات إدراكية للعالم الخارجي من حولنا، رجل أعمى، ورجل فاقد للإحساس الجسدي لا يشعر بشيئ، وآخر أبكم، و آخر أصم، ونجعلهم في فضاء معرض للشمس.. سيقول الأعمى إنه يشعر بالحرارة، ويقول فاقد الإحساس الجلدي إنه يرى شكلا مستديرا منيرا وهاجا في السماء، ويقول الآخرون أشياء أخرى..

ننتقل بعد ذلك إلى الربط بين ملاحظاتهم هذه وتجميعها، ثم إلى مرحلة تفسيرها، والمطلوب في هذه المرحلة أن نجد فرضية قوية مناسبة لتفسير تلك الظواهر وتبريرها جميعاً. تعبرالملاحظات عن وجود جسم في السماء دائري الشكل ويطلق ضياءا وهاجا ومنيرا وبأنه يبعث الحرارة إلى الفضاء الذي تواجد في الأشخاص المختبرون. وحين تكرر التجربة، يجد الرجل الأعمى الحرارة ذاتها، ويؤكد الآخر فاقد الإحساس بأنه يرى الشكل الكروي في السماء بعيدا، ويشير الأبكم والأطرش إلى ذلك، فلا محالة أننا سنقول إن ذلك الشيء هو فعلا مصدر الحرارة، وأنه في السماء وأنه دائري الشكل، و أنه بعيد عنا . فالملاحظة تتميز بالتكرار، والتكرار له أهمية كبيرة من حيث الدقة العلمية، فهو يساعد على تحديد العناصر الأساسية في الموقف المطلوب دراسته، وتحرك العناصر التي قد تكون وليدة الصدفة، وهو يظل ضروريا للتأكد من صحة الملاحظات. ستكون الفرضية الصحيحة أن تواجد جميع تلك الظواهر ليدل على أن ذلك الجسم ذي الأوصاف الملاحظة، يحمل مميزات نجم في السماء نسميه توافقيا لسانيا بالشمس، وبأنه ليس أي شيئ آخر.
قد يدفع المعترض بطرح احتمالات تفسرية لملاحظة متلبد الإحساس مثلا، فيقول هناك أشياء أخرى كثيرة تأخذ أشكالا مستديرة وتصدر الضوء، أو يقول إن الأعمى الذي لم ير ذلك الشيئ وأحس بالحرارة ، أنه ربما اعتراه ارتفاع في درجة حرارة جسمه هو، نتيجة لعومل ذاتية، أو أنه تعرض لشيئ آخر يصدر حرارة، وهو ما جعله يشعر بتلك الحرارة .. وهكذا سندخل في دوامة من الإحتمالات العشوائية والافتراضات التي سيكون احتمال مشابهتها للملاحطات التي اجتمعت لدينا من خلال التجربة بعيدا وضئيلا جدا، و بالنتيجة تفقد هذه الإحتمالات صدقيتها وتتهالك أمام آليات منهجية علمية محددة، تعتمد على الربط بين الملاحظات والمشاهدات وصهراها في فرضية هي أقرب ما تكون إلى الواقع والصدقية .

وقد يرفض المخالف الفكرة لسيطرة النزعة الحسية على عقله، فيقول أنت مخطئ، لأنك تقارن الشمس التي نراها بما لا نراه أصلا، فأقول له إنا لا نرى الشمس في موضعها حقيقة تماما، فضوءها يصل إلى الأرض متأخرا بتسع دقائق تقريبا، وقد يلتهمها ثقب أسود، أو تختفي، ولا نلحظ ذلك إلا بعد انقضاء المدة، فنحن لا نرى إلا آثارها، ويزداد الأمر تأكيدا مع النجوم الأكثر بعدا بملايين الكيلومترات، وبعضها مازال مشاهدا وقد مات منذ آلاف السنين، نحن نرى مواقعها فقط. ونحن نرى آثار القوى الكهرومغناطيسية ولا نشاهدها، ونؤمن بوجود الروح ولا ندرك حقيقتها ولا نراها.

وقد يقول ولماذا نرى الشمس بعد تلك المدة، ولا نستطيع أن نرى الله، وفق عقيدتكم؟ فنجيب، وفق عقيدتنا، أنك لا تستطيع أن تحدق إلى الشمس وهي في كبد السماء أكثر من دقائق، وإلا فقدت بصرك، وهي مخلوقة، فكيف بالذي خلقها والكون الذي تسير فيه. لا يدل كون الرائي لا يستطيع التحديق إليها في ذلك الوقت، لأكثر من دقائق، أنها غير موجودة، وإنما يدل على عدم قدرة من قبل المشاهد. يقول مثلا، جورج ألين ديفيس "إن الإله مغاير لهذا الكون، فلا يستدل عليه بحواسنا". فهوسبحانه وتعالى ((لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)) ((ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير)).

ونستدل على وجود النجوم ومنها الشمس بآثارها، وأنت تؤمن بحصول الإنفجار العظيم، وأنت لم تشهده أو تراه، فقد تطورت نظرية الانفجار العظيم من ملاحظات واعتبارات نظرية قدمها البلجيكي جورج لومتر إلى أن أثبت إدوين هابل Edwin Hubble نظرية لومتر بإعطاء دليل رصدي للنظرية. اكتشف هابل أن المجرات تبتعد وتتراجع نسبة إلى الأرض في جميع الاتجاهات، وبسرعات تتناسب طرديا مع بعدها عن الأرض، هذا ما عرف لاحقا باسم قانون هابل. حسب المبدأ الكوني cosmological principle فإن الكون لا يملك إتجاها مفضلا ولا مكانا مفضلا لذلك كان استنتاج هابل ان الكون يتوسع، بشكل معاكس تماما لتصور أينشتاين عن كون ساكن static universe، ويدعم هذا التأكيد بأن للكون بداية وأنه يتجه إلى نهاية. فإن أنكرت الإستدلال على وجود الله تعالى بآثاره وخلقه، فسيكون عليك أن تهدم جوانب كثيرة من أساسات العلوم !.

إن قياس مثل هذه الظواهر التي هي من واقعنا اليومي على ما لم نعشه أو ما لم نستطعه معاينة مباشرة، لا يخرج عن حاجاتنا المنهجية في تحصيل المعارف. لقد استخدمنا في هذه التجربة السالفة لفك إشكالية وجودية المنهج الاستقرائي القائم على حساب الاحتمالات، بغية الوصول إلى فرضية صالحة لتفسير تلك الملاحظات وتبريرها، بعد الربط بينها وتجميعها. فلا تحاول أن تعترض على عملية القياس المنطقي، فالمعروف أن الأسلوب العلمي يعتمد بالأساس على منهجي الاستقراء والقياس، والاستقراء يختلف عن الاستنباط والقياس المنطقي، وليس ذلك يعني أن الأسلوب العلمي يغفل أهمية القياس المنطقي، ولكنه حين يصل إلى قوانين عامة يستعمل الاستنباط والقياس في تطبيقها على الجزئيات للتثبت من صحتها، والباحث النظري يبدأ بالجزئيات ليستمد منها القوانين. ومهما يكن، فإن العلم التطبيقي الذي بقضايا عامة ليتوصل منها إلى الحقائق الجزئية، يؤكد حدوث الكون وبدايته. فلا إشكال،

حقيقة خلق الكون ليست كافتراضك أن السماء تُمطر سلاحف، دون تقديم دليل، إن رصدنا الأحداث المعاشة يوميا، في جزئياتها، يحيل إلى إلحاق علمي ممكن بالقضايا الكونية الأوسع والأعقد، ويؤكد ثبات الآلية ذاتها التي نفترض أنها تنطبق على الكون وحدوثه ونشأته ابتداءا، مع إلحاق للفرع بالأصل، في رصدنا للآلاف من الظواهر الطبيعية التي تجمعت لتؤكد نتيجة الحدوث في صفة الإبتداء والإنتهاء، وتعطي صورة كاملة عن ثبات وعمومية الإنشاء والخلق والتحكم، ألا ترى تطلع الشمس ثم تغيب، والأيام تأتي وتذهب، ومظاهرَ الحياة في كل تجلياتها، والتي لا يهبها إلا خالقها، والموت الحتمي الذي لا مرد له، فكلاهما بداية لنهاية، ونهاية لبداية، في دورة الموت والحياة التي تشمل الكون كله، والذي يؤكد العلم التجريبي بدايته وأنه يصير إلى نهايته. هذا جواب سؤالك: هل صُنع الحياة من العدم ينتمي إلى حياتنا اليومية.


نتخذ من هذه المنهجية بعد تقررت صحتها من خلال تطبيقاتها التجريبية، فى ضوء الملاحظة الحسية وضبط العمليات العقلية سعيا إلى عصمتها من الخطأ فى تنقلاتها الاستدلالية، وتحديدا لدور العقل في الفكر العقدي، وهو الفهم التركيبي لمظاهر القدرة الإلهية ، من خلال استعمال الحواس والتحليل العقلي، حتى نصل في ظل هذه المنهجية إلى تفسير لنشوء الكون والعالم وفق قانون كلي هو قانون السببية، وما تنتهي إليه صياغة هذا القانون من قياس وتعمم على الكليات والجزئيات. هي إذا صياغة مبادئ، وترتيب قواعد هيكل منهجية علمية محددة علميا وتنطلق من اعتبارت واقعية، تثبت نتيجتها دلائل الوجود الأعلى .




في السماء رزقكم



2029


نلاحظ أن الشمس هي المصدر الرئيسي للطاقة على الأرض، فعملية لتركيب الضوئي تستعمل الطاقة الضوئية الشمسية من طاقة كهرومغناطيسية على شكل فوتونات أشعة الشمس إلى طاقة كيميائية تخزن في روابط سكر في صانعات اليخضور، وهي من العمليات التي تجري بشكل طبيعي على الأرض. وأنها نجم مثل بقية النجوم تعمل منذ بلايين السنين وفي استمرارية، وهي جزء أساسي من حياتنا، فهي تسبب في تعاقب الليل والنهار، فنحصل منها على الطاقة والحرارة والغذاء الذي يؤمن الحياة، وتسبب الفصول الأربعة، وبدونها لانستطيع أن نعيش وستكون الأرض باردة متجمدة ولا تصلح للحياة فيها وستفقد الأرض مدارها وغلافها الجوي.وهي مع ذلك تتوضع عن الأرض مسافة 150 مليون كيلو متر وهي المسافة المناسبة للحياة على الأرض، لا اكثر ولا أقل.
وإن مصدر الطاقة التي تطلقها النجوم، ومنها الشمس، هو عملية تفاعل واندماج نووي بين ذرات الهيدروجين. تستغل الشمس خلال هذه العملية 0.7 في المائة من الطاقة للربط بين مكونات نواة ذرات الهيليوم الناتجة عن هذا الإندماج، فلو كانت الشمس وغيرها من النجوم تستعمل نسبة 0.6 مثلا من ذرات الهيروجين أو أقل منها لما تمكنت من تصدر حرارة أو ضوءا. ولو أنها استعملت 0.8 أو أكثر لاستنفدت طاقة الكون وهي الهيدروجين .

ويلاحظ: أن الروابط الكهربائية Electronical Bonds وهي الرابطة التساهمية والرابطة الأيونية، والتي تشد الذرات بعضها إلى بعضا لتكوين الجزيئات، يزيد قدرها بكثير على قوة الجاذبية بينها، وأي تغير في النسبة بين القوتين يقلص حجم أكبر الكائنات الحية إلى مستوى الحشرات، أو يجعلها تتضخم حتى تنفجر، كما يينقص من عمر الكون.





وفي الأرض آيات للموقنين

2030


محيط كوكب الأرض : 40000 كلم.
قطرها : 6400 كلم.
سرعة دورانها حول الشمس مقدرة : 110000 كلم/الساعة، 30 كلم في الثانية.
زاوية ميل دورانها حول الشمس: 23,45 درجة.

لو كانت الأرض أكبر أو أصغر مما هي عليه لاستحالت الحياة عليها. إذا تضاعف حجم الأرض أو تضاعف قطرها الحالي لتضاعفت جاذبيتها 150 مرة، ولتقلص غلافها الجوي بسمك 7 كيلومترات، وارتفع الضغط الجوي إلى 1 طن على البوصة المربعة الواحدة،فيصير وزن حيوان يزن 3 كيلوغرام 1500 كيلوغرام. وفي المقابل، إذا تقلص حجم الأرض فكانت في حجم القمر مثلا، لبلغت جاذبيتها 1/6 من جاذبيتها الحالية، لتلاشى غلافها الجوي المحيط بها وما استطاعت أن تمسك أبخرة الماء والهواء من حولها.وسيترتب على ذلك أن تكون كحال كوكب القمر، فتشتد البرودة ليلا حتى يتجمد كل شيئ عليها، و أن يشتد الحر نهارا حتى يحترق ما عليها.
ويلاحظ أن دوران الأرض حول الشمس بزاوية الميل المحددة، حول محورها الرأسي، هو ما ينتج الفصول السنوية، وإذا لم تكن الأرض بهذا الميل لغطى الظلام مناطق القطبين طوال السنة، لوما بقي على الأرض شيئ غير الصحاري المغفرة وجبال الثلج في قطبيها، فتستحيل الحياة عليها .

ويلاحظ : أن الأرض يحيط بها ثلاث أحزمة واقية : (1)طبقة الأوزون، (2)المجال المغناطيسي الذي يعكس العوصف الشمسية المدمرة إلى الفضاء، (3) الغلاف الجوي، وتمثل فيه نسبة الأوكسجين 21 % من الغازات المكونة للغلاف الجوي، وإذا زادت هذه النسبة بقدر الضعف لزادت قابلية الحرائق على الأرض طرديا .




وفي أنفسكم، أفلا تبصرون ؟

يلاحظ: أن كل العلاقات في بنية الإنسان ذاته ركبت على غائية محددة، جهاز الإبصار مثلا، وهو العين التي هي أعقد آلة تصوير على وجه الأرض، وهي العضو المجهز والمحدد لعملية الإبصار. يعمل هذا الجهاز وفق آلية دقيقة ونظام متناسق ومتماسك، تعكس عدسة العين الصورة على الشبكية عبر بؤرة ينفذ الضوء من خلالها ؛ ليخترق العدسة ، وتلك الفتحة التي ينفذ منها الضوء تتسع تلقائياً في الضوء الخافت ، وتضيق تلقائياً إذا كان الضوء شديداً. وتنتظم العضلات العدسات بطريقة منفصلة وآلية محكمة . تصل الصورة مقلوبة الى الشبكة التي تتكون من طبقات منفصلة سمكها دقيق للغاية . والطبقة التي في أقصى الداخل تتكون من أعواد ومخروطات، تحوي 300 مليون عصية للإبصار الضعيف والعادي، و3 ملايين مخروط للرؤية الملونة والقوية. وبهذه العين يمكن رؤية سبعة ملايين من الألوان المتباينة .


ويتولى العصب البصري نقل هذا الصورة المقلوبة على العدسة إلى مركز الرؤية في المخ، ليعيد تنظيم الصورة في ملايين أخرى من شعيرات إلى صورة نحسها بوضوح. إن ذلك التصميم الدقيق للعدسات والأعواد والمخروطات والأعصاب، واتحاد جميع هذه العوامل التي يُكمل بعضها بعضاً في وقت واحد حتى تتم عملية الإبصار وتكونَ متوافقة بصورة كاملة مع تيسير الحياة ليحيلنا ضرورة أن نتساءل، من أين أتت هذه القابليات والخواص للخلايا الموجهة في بناء كل جزئية من هذا العضو؟ ولاشك أن هذه الخلايا ذات العلاقة لا تملك وعيا ولا عقلا مدركا، كما أن أي خلل في توزعها البنائي، ولو كان ضئيلا سيؤدي إلى ارتباك وفشل في نظام وبنية العضو. لا يمكن أن يولد هذا النظام نتيجة المصدفات أو أية عوامل أخرى. يوجد تفسير وحيد، وهو أن هذا النظام المقعد والتصميم المعجز، لا يمكن إلا أن يأتي من تخطيط واع ومقصور من لدن خالق عظيم.




إننا نلاحظ توافقاً مطرداً بين عدد كبير وهائل من الظواهر المنتظمة ونسأل عن مصدرها بعد فوضى الإنفجار الكوني، وبين حاجة الإنسان ككائن حي، وتيسير الحياة له على نحو نجد أن أي بديل لظاهرة من تلك الظواهر يعني زوال حياة الإنسان على الأرض، يقول عالم الكونيات مارتن ريز Martin Rees في هذا المعنى : "يبدو أن الكون قد تم تفصيله على مقياس الإنسان". ويقول الفيزيائي فريمان ديسون :"كلما ازدادت معرفتنا التي تُظهر التطابق بين دقائق بنية الكون وبين احياجاتنا، ازداد شعوري بأن الكون قد أُعد لاستقبالنا" .

وإن أدنى تغير في هذه الثوابت يجعل من المستحيل وجود الكون في صفاته الحالية، ودون أن تكون هناك غائية مقصودة فسيكون من العبث افتراض توافق الكثير من الإحتمالات العشوائية لتبرير هذه التوافقات والظواهر والتوازن المدهش والملائم للحياة، وستكون محاولة تفسيرها بتراكمات لتغيرات مختلفة بعامل الصدفة، أو أنه من صنع المادة العمياء، ضربا من العبث، فيستحيل أن تتراكم الصدف إلى هذا الحد من التناغم والتصميم الذكي، و تزداد هذا الإحتمالات ضئالة بنسبة طردية مع ازدياد عدد الصدف التي لابد من افتراضها، بضرب حاصل هذه الإحتمالات بعدد الصدف. وكيف تكون المادة اللاواعية لها تدخل ذاتي في صناعة، وهي والمركبة أصلا، بصناعة واعية، وفي منتهى الدقة والحكمة. فلا بد من أن نرجح بدرجة لا يشوبها الشك استنتاجا نهائيا، يفسر العديد من الظواهر من حولنا، وهو أن هذا الكون بما فيه من حياة لايمكن أن ينشئه إلا خالق حكيم عليم، خارج عن الزمان والمكان، وأنه الذي صمم الكون في تناغم مذهل مع احتياجات الإنسان، ولغائية محددة، وفي تصميم من لدن حكيم خبير.
وأنه لا يمكن أن تكون المادة وتركيباتها، من أجرام الكونية وراء ما نشاهده من إحكام وتصميم في أوج النتاغم، فالأجرام هي في حركة واتساع وإلى وزوال، واحتياج إلى مصادر الطاقة ((أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ))، يصور القرآن قول إبراهيم عليه السلام وهو ينظر في ملكوت السماء، و في مقام مناظرة لقومه الذي ألهوا الكواكب وعبدوها، فبين أن المادة وتراكيبها لا تصلح لتفسير نشأة الوجود من تلقاء ذاتها، قال تعالى :
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ . وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ . لَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ .

قال الله تعالى : (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل اللّه من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين المساء والأرض لآيات لقوم يعقلون)،
وقال تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها)،
وقال جل في علاه : (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق),
وقال سبحانه : (أَفَلَمْ يَنظُرُوَاْ إِلَى السّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيّنّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ)،
وقال تعالى : (قُلْ سِيرُواْ فِي الأرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ)،







نحن لا نتحدث عن احتمالات وفرضيات، وإنما نقف اعتماده على ارضية صلبة من اليقينيات العلمية، وننطلق من حقائق يؤدي إنكاهرها إلى الكثير من التضارب في نظرتنا لأنفسنا وللوجود من حولنا، ولكن ليس كل أحد يتوصل الى مثل هذه الطرائق العلمية و ويعتمدها في تحصيل المعارف، وبناء العقائد والتصورات، و التي يشير القرآن الكريم إلى قواعدها ويأصل لها، كدليل الحدوث والبحث والاستقراء فالإستنتاج، والتناغم والتصميم، وليس كل الناس على سواء في القدرات الإستيعابية والمعرفية ، لذلك بعث الله تعالى الرسل والأنبياء ((وإن من أمة إلا خلا فيها نذير))، وخاطب الناس من خلالهم بما تفهمه العقول المتفاوتة، كل حسب طاقته، وبيئته وظروفه الزمنية، ((رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)). وختمهم بنبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ، فالرسل ليسوا سعاة بريد بين الناس العاديين، وإنما الذي أرسلهم هو من يقرر متى وأين يظهرون، ومتى وبمن يختمون، فلا يقاس شأنهم على حوادث الحياة اليومية مغالطة، والله الذي أرسلهم لا يسأل عما يفعل، فله وحده الخلق والأمر، يختار ما يشاء.


ومع انهيار المنطق الفاسد والطرح السطحي الذي يستند إليه الملاحدة، و قوة البرهان الذي يقدمه نشأة الكون من العدم، والتعقيد الهائل في بنية الكون وفي آلياته، اكتمل لدينا البرهان والدليل على الصدق اليقيني للوجود الأعلى.

وأن الله سبحانه هو الخالق المتفرد بالقدرة والحكم المطلق، على خلق الكون وفنائه، والتحكم في جزياته "ذلكم الله ربكم لا إلــه إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير".قال ربنا سبحانه: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ، أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون ، أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون).


وأنه محيط بكل ما في الكون وما يقع فيه ويعلم ما هو كائن وما يحدث في كل لحظة وباستمرار، ويقسم الأرزاق ومنها رحمة المطر، وفي ضبط محكم العوامل والآليات في هذه العملية المعقدة التي تملأ الدنيا حياة بعد موت، فهو الرحمة الإلهية على مخلوقاته، والله وحده هو الذي يعلم وقت نزول المطر، ومكانه، فكيف لا يُستسغى امتثالا لأمره، وتحقيقا للعبودية له وحده، وطلبا لرحماته.
روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مفاتيح الغيب خمسة، لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله "
((قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون ، فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ، كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون )).


هذا غيض من فيض الدلائل على وجود الله تعالى، غيض تعرضت له بما تيسر وسعا يؤسس في بناء المعتقد على دلائل تعتمد على الترجيح والموازنة بين الفروض والاستدلال بالأثر، وما يقتضيه ذلك من أدلة النظام والتناغم والتصميم الحكيم، وكل ذلك فيضه مبسوط في صفحات الوجود المنظورة والمقروءة، تخاطب القلوب والعقول بأعظم الآيات على وجود إله عليم حكيم، له القدرة المطلقة، والحكمة البالغة، خلقنا لعبادته وهدانا لمعرفته .. أرسل إلينا رسله وأنزل إلينا كتبه.. فله وحده الخلق والأمر.

علي الشيخ الشنقيطي
03-17-2014, 03:00 PM
http://www.youtube.com/watch?v=uZ4DzspnHz4

علي الشيخ الشنقيطي
03-17-2014, 03:15 PM
الدليل الرياضي على التصميم الحكيم
Mathematical Proof For Intelligent Design



http://www.youtube.com/watch?v=TPwPfPvz5Jo