المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث الأعمى الذي أتى الى الرسول صلى الله عليه وسلم



وحيد المنتهي
03-02-2014, 12:34 AM
ما صحة هذا الحديث


أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى ، فقال : يا رسول الله ، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه فقال : ((هل تسمع النداء بالصلاة ؟)) فقال : نعم ، قال : ((فأجب)) .

ابن سلامة القادري
03-02-2014, 02:27 AM
السلام عليكم و رحمة الله،

الحديث صحيح أخي. و قد رواه مسلم و غيره بتصحيح الألباني

أولا - و قبل البث في الحديث - لنتعرف على هذا الصحابي الجليل من أصح الروايات و الأخبار التي وردت في شأنه :

إنه ابن أم مكتوم رضي الله عنه .. لم يكن رجلا عاديا، بل كان شأنه عظيما في الإسلام - و هذه وحدها تكفي - :

- هو عبد الله وقيل : عمرو -- بن قيس بن زائدة القرشي العامري ، أمه : عاتكة بنت عبدالله بن عنكثة المخزومية
- من السابقين في الإسلام ، ومن أوائل المهاجرين إلى المدينة مع مصعب بن عمير رضي الله عنهما، قدم المدينة قبل أن يهاجر النبي - صلى الله عليه وسلم.
كان رضي عنه مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم –
- و كان ضريراً
- مع ذلك – و لسابقته في الإسلام و فضله الذي شهد له به القرآن - كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة في سفره، فيصلي بالناس ويرعى شؤونهم. قال الإمام ابن عبد البر: روى جماعة من أهل العلم بالنسب والسير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف بن أم مكتوم ثلاث عشرة مرة في الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، وغزوته في طلب كرز بن جابر، وغزوة السويق، وغطفان، وفي غزوة أحد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرقاع، وفي خروجه من حجة الوداع
- ترخص بسبب ضرره في عدم الجهاد فنزل فيه قول الله تعالى : {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله}
(و لدينا شاهد من هذه القصة له علاقة بموضوعنا )

أخرج َالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادْع فلَانا
وَفِي لفظ: ادْع زيدا فجَاء وَمَعَهُ الدواة واللوح والكتف فَقَالَ: اكْتُبْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} وَخلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ضَرِير فَنزلت مَكَانهَا {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله}
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب قَالَ: حَدثنِي سهل بن سعد السَّاعِدِيّ ان مَرْوَان بن الحكم أخبرهُ: أَن زيد بن ثَابت أخبرهُ: أَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمْلى عَلَيْهِ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} فجَاء ابْن أم مَكْتُوم وَهُوَ يُمْلِيهَا عليّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله لَو أَسْتَطِيع الْجِهَاد لَجَاهَدْت - وَكَانَ أعمى - فَأنْزل الله على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفَخذه على فَخذي فَثقلَتْ عليّ حَتَّى خفت أَن ترض فَخذي ثمَّ سري عَنهُ فَأنْزل الله {غير أولي الضَّرَر}

و الشاهد من هذه القصة هو أن النبي صلى الله عليه و سلم توقف هنا أيضا في الترخيص لابن أم مكتوم عدم الجهاد مع أنه كان معذورا، لكن النبي صلى الله عليه و سلم و لكمال اتباعه و تقيده بما يأتيه من وحي الله كان متوقفا عند أمره تعالى .. و لا يقدم بين يديه سبحانه في شرع يشرعه للناس أو قضاء يقضيه حتى ينزل في شأنه قرآن، و ما كان من اجتهاده فهو من صميم الوحي. فما نزل به القرآن قضى به و شرع أو عمل بالأولى، و ذلك بحسب الحال و المئال صلوات الله و سلامه عليه.

و لنعد إلى موضوعنا الأصلي :

قال الحافظ ابن حجر في الفتح معلقا على الحديث : و قد حمله العلماء على أنه كان لا يشق عليه التصرف بالمشي وحده ككثير من العميان .

و قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في فتح الباري 2/390 :

وقد أشكل وجه الجمع بين حديث ابن أم مكتوم وحديث عتبان بن مالك ، حيث جعل لعتبان رخصة ، ولم يجعل لابن أم مكتوم رخصة , فمن الناس :
{ التوجيه الأول } : من جمع بينهما بأن عتبان ذكر أن السيول تحول بينه وبين مسجد قومه ، وهذا عذر واضح ؛ لأنه يتعذر معه الوصول إلى المسجد ، وابن أم مكتوم لم يذكر مثل ذلك . وإنما ذكر مشقة المشي عليه . وفي هذا ضعف ؛ فإن السيول لا تدوم ، وقد رخص له في الصلاة في بيته بكل حال ، ولم يخصه بحالة وجود السيل ، وابن أم مكتوم قد ذكر أن المدينة كثيرة الهوام والسباع ، وذلك يقوم مقام السيل المخوف .

{ التوجيه الثاني } : وقيل : إن ابن أم مكتوم كان قريبا من المسجد ، بخلاف عتبان ، ولهذا ورد في بعض طرق حديث ابن أم مكتوم : أنه كان يسمع الإقامة . ولكن في بعض الروايات أنه أخبر أن منزله شاسع كما تقدم .

و أذكر التوجيه الثالث و الرابع، و هما في موضعين آخرين :
أن ابن ام مكتوم رضي الله عنه كان أعمى من صغره وهذا بخلاف عتبان الذي عمي عن كبر وفرق بين الأمرين والواقع يشهد أن من كان أعمى من صغره فإنه يكون قوي الحدس يمكنه المشي بدون قائد ولا يحتاج في كثير من أموره إلى خدمة أحد بخلاف من عمي بعد أن كان مبصرا فهو لا يحسن أن يقوم بأعماله لوحده ، وبناء على هذا فقد يكون النبي لم يرخص له بناء على أنه يمكنه القيام بذلك دون الحاجة دائما إلى قائد وأن ما يذكره من مشقة يمكنه ان يتحملها ؛ لأنه اعتاد على ذلك من صغره ..
التوجيه الرابع : لا يبعد أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم قد علم أو رأى أنه يصلح أن يكون مؤذنا له ، وقد يكون جعله مؤذنا حثا له على حضور الجماعة وتحمل المشقة والله تعالى أعلم

جدير بالذكر أن ابن أم مكتوم رضي الله تعالى عنه شارك في معركة القادسية و كان حامل الراية يومئذ، و توافرت الأخبار و الروايات في ذلك :
أنظر هنا

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=63163

وحيد المنتهي
03-02-2014, 03:28 AM
جزاك الله خيراً على المعلومات عن الصحابي الجليل رضي الله عنه ورحمه