ابن سلامة القادري
03-16-2014, 08:01 PM
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ….
الدليل الأول : عصمة الله لمحمد عليه السلام من أعدائه المتربصين على كثرتهم
قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67
قبل نزول هذه الآية الكريمة كان بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم يتطوعون لحراسة النبي صلى الله عليه وسلم … ولكن بعد نزول قوله تعالى وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ … قال صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله تعالى عنهم ”انصرفوا فقد عصمني الله” رواه الحاكم …. الان لو كان النبي صلى الله عليه وسلم مُدعيا للنبوة هل كان سيخاطر هذه المخاطرة بالمشي دون حراسة وقد كثُر أعداءه المتربصين به من العرب والعجم في الجزيرة العربية وخارجها … فقد كان المشركون في مكة يريدون قتله وكذلك اليهود في المدينة والمجوس في بلاد فارس والروم في الشام وكذلك المنافقين وكثير من الأعراب في الجزيرة كلهم يريدون أن ينالوا من النبي صلى الله عليه وسلم لتنتهي الدعوة الإسلامية للأبد …. فهل سيكون صلى الله عليه وسلم بهذه الثقة المطلقة بحفظ الله تعالى له لو لم يكن متصلا بالوحي ؟؟ …. وقد قال أحد الذين اعتنقوا الإسلام أن هذه الآية كانت سببا في إسلامه …. لأن الكاذب يخدع كل الناس ولكن لا يخدع نفسه … فلو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم واثقا من حفظ الله تعالى له لما خاطر هذه المخاطرة الرهيبة .
الدليل الثاني : موقف غار حراء و الثقة التامة في عناية الله و إنفاذ وعده
الثقة العجيبة التي أظهرها النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء …. عندما وصل المشركون إلى فتحة الغار وكادوا أن يروا النبي صلى الله عليه وسلم وابوبكر الصديق رضي الله تعالى عنه …. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ….. يقول أبوبكر رضي الله تعالى عنه : نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم علي رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال: (( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)) رواه البخاري ومسلم …. قال الدكتور غاري ميلر وهو مُنصِّر سابق إعتنق الإسلام … يقول في كتابه القرآن المُذهل : لو كنت في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو وأبو بكر مُحاصران في الغار، بحيث لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآهما. ألن يكون الرد الطبيعي على خوف أبي بكر: هو من مثل ” دعنا نبحث عن مخرج خلفي ” ، أو ” أصمت تماماً كي لا يسمعك أحد ” ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بهدوء: ” لا تحزن إن الله معنا ” ، ” الله معنا ولن يضيعنا ” . هل هذه عقلية مُدُّعي كاذب ، أم عقلية نبي ورسول يثق بعناية الله تعالى له ؟!
الدليل الثالث : الفرق الجلي بين القرآن و سائر كلام العرب بل سائر الكلام لفظا و معنى
الإنسان بطبعه هو إبن بيئته ومجتمعه وثقافته وما يراه حوله …. لذلك المفروض أن نرى النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن ما يراه ويسمعه حوله من الإرث الجاهلي الضخم من الأشعار والحروب والقصص التي لا تحصى في الجاهلية …
لم يذكر القرآن شيئا منها !!
أين حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه في القرآن ؟
لماذا لم يذكر شيئا عن مكان ولادته ولا عن طفولته ولا عن مراهقته ولا عن شبابه ولا عن ما حدث له في الأربعين سنة التي سبقت نزول الوحي !
هل هذا شيء طبيعي ؟
إذا كان القرآن الكريم من صنع محمد صلى الله عليه وسلم فلماذا لم يذكر فيه أعز أصحابه من أمثال أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ولو مرة واحدة بالإسم ؟
ابوبكر الصديق هو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم من قبل الإسلام
ومع ذلك لم يذكره بالإسم في القرآن ولا مرة واحدة !!
أين ذكر السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها التي وقفت معه في أشد الأوقات صعوبة وتحملت في سبيل ذلك الأذى والحصار والجوع ؟
لماذا لم يذكرها ولا مرة واحدة لو كان هو مؤلف القرآن ؟!
أين ذكر بناته رضي الله تعالى عنهن ؟
لماذا لم يذكر أيا منهن أبدا ؟
أين ذكر والدته صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب ؟
لم يُشر لها بأي إشارة !
بل العجيب أن هناك سورة كاملة بإسم مريم عليها السلام والدة عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام !!
عجيب فعلا أن تجد كتابا يقول المشككون أنه من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم ثم لا تجد فيه سورة آمنة أو سورة خديجة أو سورة عائشة أو سورة فاطمة
ولكن تجد سورة مريم !
لو كان محمد صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن الكريم …. أليس من المنطقي أن يقوم بتجاهل ذكر أقرب الأنبياء زمنيا إليه – عيسى عليه الصلاة والسلام – حتى ينساه الناس ؟
عيسى عليه السلام ذُكر في القرآن 25 مرة
ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يُذكر سوى خمس مرات !! … اربع مرات محمد ومرة واحدة أحمد
يقوالدكتور غاري ميلر مؤلف كتاب ” القرآن المذهل ” :
” عندما قرأت القرآن لأول مرة كنت أتوقع أن أجد كلاما عن الصحراء وعن العادات والتقاليد المحلية في تلك البيئة الصحراوية البسيطة … كنت أتوقع أن أقرأ عن بعض الأحداث العصيبة التي مرت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها أو وفاة بناته وأولاده…… لكنه لم أجد شيئا من ذلك ……
بل الذي جعلني في حيرة من أمري أني وجدت أن هناك سورة كاملة في القرآن تُسمى سورة مريم وفيها تكريم لمريم عليها السلام لا يوجد له مثيل في كتب النصارى ولا في أناجيلهم !!
وفي نفس الوقت لم أجد سورة عائشة أو سورة فاطمة !
وكذلك وجدت أن عيسى عليه السلام ذُكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يذكر إلا 5 مرات فقط فزادت حيرتي !! “ إنتهى كلام ميلر
ونُضيف أيضا أن موسى عليه الصلاة والسلام يُذكر في القرآن أكثر من 130 مرة !!
بالله عليكم أيها المتشككون ما شأن رجل يعيش في صحراء مكة بموسى المصري الذي عاش قبله بألفي عام ليذكره 130 مرة ؟!
كان يكفي محمدا عليه الصلاة والسلام أن يذكرموسى مرة أو مرتين ثم يترك باقي القرآن للحديث عن نفسه وأهله وأصحابه وتاريخ مكة وتراثها وعن شعراء الجاهلية العباقرة ومُعلقاتهم من أمثال إمروء القيس وعنترة
تلك الأشعار كانت مُعظمة عند أهل الجاهلية حتى أطلقوا عليها اسم المُعلقات لتعلق قلوب أهل الجاهلية بها
مع ذلك لم يُشر لها القرآن الكريم بأي إشارة !
طبيعة النفس البشرية هي أن تتحدث عن ما تراه وتسمعه
ولكن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مُخالف لما رآه وسمعه !
وهذا دليل على أن القرآن الكريم هو من عند الله سبحانه وتعالى وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم …
الدليل الرابع : الفرق الواضح بين كلام الله و كلام محمد نفسه عليه السلام
لكل إنسان أسلوب مميز في الكلام والكتابة
يعني لو أنك تقرأ لكاتب مُعين بشكل مُستمر فسوف تميز أسلوب كتابته لو وقعت عيناك على كلامه بدون أن تعرف أنه هو الكاتب
الآن النبي صلى الله عليه وسلم جاءنا بشيء فريد وهو إستخدامه لثلاثة أساليب كلامية وكل أسلوب له طابع يتميز أدبيا وبلاغيا عن الإسلوب الآخر !
1- القرآن
2- الحديث القدسي
3- الحديث النبوي
هل يوجد إنسان يستطيع صياغة كلامه بثلاثة أساليب أدبية وكل أسلوب يتميز عن الآخر ؟
العجيب أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يُعرف بالشعر ولا بالبلاغة ولا بالخطابة !
تأمل الأساليب الثلاثة بشكل متتابع :
القرآن :
اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر (3) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر (4) حكمة بالغة فما تغن النذر (5) فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر (6) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (7) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (8) – سورة القمر
الحديث القدسي :
يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي , وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا , يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم , ياعبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم , يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم , يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم , يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني, يا عبادي , لو أن أولكم و آخركم, وإنكسم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً , يا عبادي لو أن أولكم و آخركم وإنكسم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئاً , يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر , يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه – رواه مسلم
الحديث النبوي :
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا – رواه الترمذي
الان هل يوجد شخص أميّ لم يُعرف طوال حياته بالشعر ولا بالخطابة ولا بالبلاغة أن يأتي فجأة بثلاثة أساليب كلامية بلاغية تتميز عن بعضها البعض ؟!
والأعجب ان فطاحلة اللسان العربي في عصره صلى الله عليه وسلم لم يستطيعوا أن يأتوا بشيء مشابه ولا قريب مما أتى به عليه الصلاة والسلام !
هذا دليل على أن ما أتى به صلى الله عليه وسلم ليس من عنده بل من عند الله سبحانه وتعالى …
الدليل الخامس : الخبر المتواتر بإنقاذ الله للكعبة في عام مولد محمد عليه السلام و الذي لم يسع المكذبين إنكاره
من أحرص الناس على تكذيب حادثة الطير الأبابيل ؟
حادثة الفيل وقعت في العام الذي ولد فيه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم
ونزول سورة الفيل كان في بدايات الفترة المكية التي كان المشركون فيها متمكنين من مقاليد السُلطة والحكم في مكة
والوحي نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم وهو في الأربعين من العمر
يعني بين حادثة الفيل وبين نزول سورة الفيل 45 سنة تقريبا
يعني من كانت أعمارهم في الستين والسبعين والثمانين حين نزول سورة الفيل كانوا قد شهدوا بأعينهم حادثة الفيل
سؤال بسيط جدا :
من أحرص الناس على تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
كفار مكة طبعا !
لماذا لم يكذبوه ويقولوا له أين تلك الطير الأبابيل التي تتكلم عنها ؟
لم يتجرأ أحد على تكذيب القصة لأن كبار السن فيهم قد شهدوها وهم لا يزالون على قيد الحياة
فهذه حادثة معروفة لهم بل كانوا يتفاخرون بها ويقولون أن تلك الطيور التي ظهرت فجأة أنقذت بيت العرب (( الكعبة )) من الهجوم الحبشي
وهذه الحادثة دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم …. فالله تعالى أنقذ الكعبة من النصارى الأحباش رغم أنهم أقرب للمسلمين من مشركي مكة لأن النصارى يؤمنون بالأنبياء والكتب السابقة والبعث والحساب والجنة والنار …. بعكس مشركي مكة الذين لا يؤمنون بالأنبياء ولا بالبعث ولا بالجنة والنار …
الله تعالى أرسل الطير الأبابيل من أجل النبي صلى الله عليه وسلم وأمته التي سترث الأرض
فالمسلمون هم الأمة الوحيدة على سطح الأرض التي تُعظم الكعبة
ومحمد صلى الله عليه وسلم هو من أمر المسلمين بالتوجه للكعبة في صلاتهم وفي الحج والعمرة
فلو كان النصارى على حق لما أرسل الله تعالى عليهم الطير الأبابيل
حادثة الفيل حجة على أهل الكتاب اليهود والنصارى بأن الله تعالى حمى البيت الحرام من كيدهم
ولا يوجد من يُعظم البيت الحرام الذي حرسه الله تعالى سوى المسلمون
الدليل السادس : رجل أمي لم يتعلم و لم يقرأ طيلة 40 عاما ثم فجأة يفيض علوما و أنباء لا حصر لها و لا عد
كما نعلم فإن الوحي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعمره 40 عاما واستمر الوحي في النزول حتى وفاته صلى الله عليه وسلم وعمره 63 عاما …. يعني مدة نزول الوحي هي 23 سنة …..فكل ما جاءنا عنه صلى الله عليه وسلم فإنه بلغه للصحابة رضي الله تعالى عنهم في 23 سنة فقط !!
فالقرآن والأحاديث الشريفة التي نرويها عن الرسول صلى الله عليه وسلم والعلوم الكثيرة النابعة عنها كالعقيدة والفقه والسياسة والإقتصاد والتشريع والقضاء والمواريث والأخلاق ووصف الأرض والسماوات والبحار والإنسان والتفاصيل الدقيقة ليوم القيامة والجنة والنار وما يكون في القبر وغير ذلك مما جاء به الوحي …. لا يمكن لأي إنسان أن يأتي بهذا كله في مدة 23 عاما فقط …. ففي زماننا العجيب الذي توفرت فيه الإمكانات العلمية وأدواتها والبحوث المدعومة واتساعها …. لا يستطيع عالم أن يأتي بما أتى به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رغم أن بعض العلماء يقرأ بحدود 15 ساعة يوميا ، ويعيش ثمانين أو تسعين سنة ….. ورغم أنه يبتدئ الدراسة من سن السادسة …. ومع ذلك لا يستطيع أن يأتي بمثل ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم …. وهو قد ابتدأ النبوة في سن الأربعين ومات في سن الثالثة والستين !
ونحن نرى أن كل عالم يتخصص في فرع من فروع الشريعة …. فهناك من يتخصص في العقيدة ويظل يقرأ بها 60 أو 70 عاما ….وهناك من يتخصص في الفقه ويُفني عمره كله فيه …. وهناك من يتخصص في الحديث ويُمضي عمره كله في دراسة الأحاديث …. وهناك من يتخصص في الإقتصاد الإسلامي ويُمضي عمره في دراسته …. وهكذا كل عالم يُقضي عمره في دراسة جزء صغير مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ….
والعجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم الأُميّ الذي لا يقرأ ولا يكتب أتى بكل هذه العلوم في فترة قصيرة جدا وفي ظروف بالغة الصعوبة من الحصار والحروب والجوع والفقر …..
بالله عليكم أيها المُشككون أليس هذا برهان ناصع على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟ … هل يوجد إنسان أميّ يعيش في بيئة صحراوية بسيطة يستطيع أن يأتي بهذا الكم المعرفي الهائل في فترة قصيرة وفي ظروف بالغة الصعوبة والخطورة كالتي مرت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
الدليل السابع : تحدي اليهود بتمني الموت
اليهود كانوا يقولون للمسلمين نحن اولياء الله وأحباءه وليس أنتم فأنزل الله تعالى هذا الإختبار لهم :
{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }الجمعة6
فالله تعالى أخبر في القرآن الكريم أن اليهود لن يتمنوا الموت … وتحقق ذلك عندما طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمنوا الموت فرفضوا ….
فكيف علِم صلى الله عليه وسلم أن اليهود سيرفضون تمني الموت ؟
كان المطلوب من اليهود فقط أن يقولوا بألسنتهم ” نتمنى الموت ” …. ولكنهم رفضوا أن يتمنوا الموت …. وتحقق ما ذكرته الآية الكريمة من أن اليهود سيرفضون ذلك الطلب السهل …..
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى :
” عن ابن عباس رضي الله عنه : يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) أي : ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب . فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) أي : بعلمهم بما عندهم من العلم بك ، والكفر بذلك ، ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقي على الأرض يهودي إلا مات .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( فتمنوا الموت ) فسلوا الموت .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، قوله : ( فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) قال :
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنه : ” لَوْ تَمَنَّى الْيَهُودُ الْمَوْتَ لَمَاتُوا “
فهل يوجد أعظم من هذه الثقة من النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بأنّ اليهود لن يفعلوا ما طلبه منهم رغم بساطته ؟
هذا الأمر لا يكون إلا لمن هو متصلٌ بالوحي …
من موقع المسلم بتصرف
يتبع إن شاء الله ...
الدليل الأول : عصمة الله لمحمد عليه السلام من أعدائه المتربصين على كثرتهم
قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67
قبل نزول هذه الآية الكريمة كان بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم يتطوعون لحراسة النبي صلى الله عليه وسلم … ولكن بعد نزول قوله تعالى وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ … قال صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله تعالى عنهم ”انصرفوا فقد عصمني الله” رواه الحاكم …. الان لو كان النبي صلى الله عليه وسلم مُدعيا للنبوة هل كان سيخاطر هذه المخاطرة بالمشي دون حراسة وقد كثُر أعداءه المتربصين به من العرب والعجم في الجزيرة العربية وخارجها … فقد كان المشركون في مكة يريدون قتله وكذلك اليهود في المدينة والمجوس في بلاد فارس والروم في الشام وكذلك المنافقين وكثير من الأعراب في الجزيرة كلهم يريدون أن ينالوا من النبي صلى الله عليه وسلم لتنتهي الدعوة الإسلامية للأبد …. فهل سيكون صلى الله عليه وسلم بهذه الثقة المطلقة بحفظ الله تعالى له لو لم يكن متصلا بالوحي ؟؟ …. وقد قال أحد الذين اعتنقوا الإسلام أن هذه الآية كانت سببا في إسلامه …. لأن الكاذب يخدع كل الناس ولكن لا يخدع نفسه … فلو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم واثقا من حفظ الله تعالى له لما خاطر هذه المخاطرة الرهيبة .
الدليل الثاني : موقف غار حراء و الثقة التامة في عناية الله و إنفاذ وعده
الثقة العجيبة التي أظهرها النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء …. عندما وصل المشركون إلى فتحة الغار وكادوا أن يروا النبي صلى الله عليه وسلم وابوبكر الصديق رضي الله تعالى عنه …. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ….. يقول أبوبكر رضي الله تعالى عنه : نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم علي رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. فقال: (( ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)) رواه البخاري ومسلم …. قال الدكتور غاري ميلر وهو مُنصِّر سابق إعتنق الإسلام … يقول في كتابه القرآن المُذهل : لو كنت في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو وأبو بكر مُحاصران في الغار، بحيث لو نظر أحد المشركين تحت قدميه لرآهما. ألن يكون الرد الطبيعي على خوف أبي بكر: هو من مثل ” دعنا نبحث عن مخرج خلفي ” ، أو ” أصمت تماماً كي لا يسمعك أحد ” ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بهدوء: ” لا تحزن إن الله معنا ” ، ” الله معنا ولن يضيعنا ” . هل هذه عقلية مُدُّعي كاذب ، أم عقلية نبي ورسول يثق بعناية الله تعالى له ؟!
الدليل الثالث : الفرق الجلي بين القرآن و سائر كلام العرب بل سائر الكلام لفظا و معنى
الإنسان بطبعه هو إبن بيئته ومجتمعه وثقافته وما يراه حوله …. لذلك المفروض أن نرى النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن ما يراه ويسمعه حوله من الإرث الجاهلي الضخم من الأشعار والحروب والقصص التي لا تحصى في الجاهلية …
لم يذكر القرآن شيئا منها !!
أين حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه في القرآن ؟
لماذا لم يذكر شيئا عن مكان ولادته ولا عن طفولته ولا عن مراهقته ولا عن شبابه ولا عن ما حدث له في الأربعين سنة التي سبقت نزول الوحي !
هل هذا شيء طبيعي ؟
إذا كان القرآن الكريم من صنع محمد صلى الله عليه وسلم فلماذا لم يذكر فيه أعز أصحابه من أمثال أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ولو مرة واحدة بالإسم ؟
ابوبكر الصديق هو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم من قبل الإسلام
ومع ذلك لم يذكره بالإسم في القرآن ولا مرة واحدة !!
أين ذكر السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها التي وقفت معه في أشد الأوقات صعوبة وتحملت في سبيل ذلك الأذى والحصار والجوع ؟
لماذا لم يذكرها ولا مرة واحدة لو كان هو مؤلف القرآن ؟!
أين ذكر بناته رضي الله تعالى عنهن ؟
لماذا لم يذكر أيا منهن أبدا ؟
أين ذكر والدته صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب ؟
لم يُشر لها بأي إشارة !
بل العجيب أن هناك سورة كاملة بإسم مريم عليها السلام والدة عيسى بن مريم عليهما الصلاة والسلام !!
عجيب فعلا أن تجد كتابا يقول المشككون أنه من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم ثم لا تجد فيه سورة آمنة أو سورة خديجة أو سورة عائشة أو سورة فاطمة
ولكن تجد سورة مريم !
لو كان محمد صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن الكريم …. أليس من المنطقي أن يقوم بتجاهل ذكر أقرب الأنبياء زمنيا إليه – عيسى عليه الصلاة والسلام – حتى ينساه الناس ؟
عيسى عليه السلام ذُكر في القرآن 25 مرة
ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يُذكر سوى خمس مرات !! … اربع مرات محمد ومرة واحدة أحمد
يقوالدكتور غاري ميلر مؤلف كتاب ” القرآن المذهل ” :
” عندما قرأت القرآن لأول مرة كنت أتوقع أن أجد كلاما عن الصحراء وعن العادات والتقاليد المحلية في تلك البيئة الصحراوية البسيطة … كنت أتوقع أن أقرأ عن بعض الأحداث العصيبة التي مرت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها أو وفاة بناته وأولاده…… لكنه لم أجد شيئا من ذلك ……
بل الذي جعلني في حيرة من أمري أني وجدت أن هناك سورة كاملة في القرآن تُسمى سورة مريم وفيها تكريم لمريم عليها السلام لا يوجد له مثيل في كتب النصارى ولا في أناجيلهم !!
وفي نفس الوقت لم أجد سورة عائشة أو سورة فاطمة !
وكذلك وجدت أن عيسى عليه السلام ذُكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يذكر إلا 5 مرات فقط فزادت حيرتي !! “ إنتهى كلام ميلر
ونُضيف أيضا أن موسى عليه الصلاة والسلام يُذكر في القرآن أكثر من 130 مرة !!
بالله عليكم أيها المتشككون ما شأن رجل يعيش في صحراء مكة بموسى المصري الذي عاش قبله بألفي عام ليذكره 130 مرة ؟!
كان يكفي محمدا عليه الصلاة والسلام أن يذكرموسى مرة أو مرتين ثم يترك باقي القرآن للحديث عن نفسه وأهله وأصحابه وتاريخ مكة وتراثها وعن شعراء الجاهلية العباقرة ومُعلقاتهم من أمثال إمروء القيس وعنترة
تلك الأشعار كانت مُعظمة عند أهل الجاهلية حتى أطلقوا عليها اسم المُعلقات لتعلق قلوب أهل الجاهلية بها
مع ذلك لم يُشر لها القرآن الكريم بأي إشارة !
طبيعة النفس البشرية هي أن تتحدث عن ما تراه وتسمعه
ولكن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مُخالف لما رآه وسمعه !
وهذا دليل على أن القرآن الكريم هو من عند الله سبحانه وتعالى وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم …
الدليل الرابع : الفرق الواضح بين كلام الله و كلام محمد نفسه عليه السلام
لكل إنسان أسلوب مميز في الكلام والكتابة
يعني لو أنك تقرأ لكاتب مُعين بشكل مُستمر فسوف تميز أسلوب كتابته لو وقعت عيناك على كلامه بدون أن تعرف أنه هو الكاتب
الآن النبي صلى الله عليه وسلم جاءنا بشيء فريد وهو إستخدامه لثلاثة أساليب كلامية وكل أسلوب له طابع يتميز أدبيا وبلاغيا عن الإسلوب الآخر !
1- القرآن
2- الحديث القدسي
3- الحديث النبوي
هل يوجد إنسان يستطيع صياغة كلامه بثلاثة أساليب أدبية وكل أسلوب يتميز عن الآخر ؟
العجيب أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يُعرف بالشعر ولا بالبلاغة ولا بالخطابة !
تأمل الأساليب الثلاثة بشكل متتابع :
القرآن :
اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (2) وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر (3) ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر (4) حكمة بالغة فما تغن النذر (5) فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر (6) خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر (7) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر (8) – سورة القمر
الحديث القدسي :
يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي , وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا , يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم , ياعبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم , يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم , يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم , يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني, يا عبادي , لو أن أولكم و آخركم, وإنكسم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً , يا عبادي لو أن أولكم و آخركم وإنكسم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئاً , يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنكسم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر , يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه – رواه مسلم
الحديث النبوي :
ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا – رواه الترمذي
الان هل يوجد شخص أميّ لم يُعرف طوال حياته بالشعر ولا بالخطابة ولا بالبلاغة أن يأتي فجأة بثلاثة أساليب كلامية بلاغية تتميز عن بعضها البعض ؟!
والأعجب ان فطاحلة اللسان العربي في عصره صلى الله عليه وسلم لم يستطيعوا أن يأتوا بشيء مشابه ولا قريب مما أتى به عليه الصلاة والسلام !
هذا دليل على أن ما أتى به صلى الله عليه وسلم ليس من عنده بل من عند الله سبحانه وتعالى …
الدليل الخامس : الخبر المتواتر بإنقاذ الله للكعبة في عام مولد محمد عليه السلام و الذي لم يسع المكذبين إنكاره
من أحرص الناس على تكذيب حادثة الطير الأبابيل ؟
حادثة الفيل وقعت في العام الذي ولد فيه سيد الخلق صلى الله عليه وسلم
ونزول سورة الفيل كان في بدايات الفترة المكية التي كان المشركون فيها متمكنين من مقاليد السُلطة والحكم في مكة
والوحي نزل على نبينا صلى الله عليه وسلم وهو في الأربعين من العمر
يعني بين حادثة الفيل وبين نزول سورة الفيل 45 سنة تقريبا
يعني من كانت أعمارهم في الستين والسبعين والثمانين حين نزول سورة الفيل كانوا قد شهدوا بأعينهم حادثة الفيل
سؤال بسيط جدا :
من أحرص الناس على تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
كفار مكة طبعا !
لماذا لم يكذبوه ويقولوا له أين تلك الطير الأبابيل التي تتكلم عنها ؟
لم يتجرأ أحد على تكذيب القصة لأن كبار السن فيهم قد شهدوها وهم لا يزالون على قيد الحياة
فهذه حادثة معروفة لهم بل كانوا يتفاخرون بها ويقولون أن تلك الطيور التي ظهرت فجأة أنقذت بيت العرب (( الكعبة )) من الهجوم الحبشي
وهذه الحادثة دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم …. فالله تعالى أنقذ الكعبة من النصارى الأحباش رغم أنهم أقرب للمسلمين من مشركي مكة لأن النصارى يؤمنون بالأنبياء والكتب السابقة والبعث والحساب والجنة والنار …. بعكس مشركي مكة الذين لا يؤمنون بالأنبياء ولا بالبعث ولا بالجنة والنار …
الله تعالى أرسل الطير الأبابيل من أجل النبي صلى الله عليه وسلم وأمته التي سترث الأرض
فالمسلمون هم الأمة الوحيدة على سطح الأرض التي تُعظم الكعبة
ومحمد صلى الله عليه وسلم هو من أمر المسلمين بالتوجه للكعبة في صلاتهم وفي الحج والعمرة
فلو كان النصارى على حق لما أرسل الله تعالى عليهم الطير الأبابيل
حادثة الفيل حجة على أهل الكتاب اليهود والنصارى بأن الله تعالى حمى البيت الحرام من كيدهم
ولا يوجد من يُعظم البيت الحرام الذي حرسه الله تعالى سوى المسلمون
الدليل السادس : رجل أمي لم يتعلم و لم يقرأ طيلة 40 عاما ثم فجأة يفيض علوما و أنباء لا حصر لها و لا عد
كما نعلم فإن الوحي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعمره 40 عاما واستمر الوحي في النزول حتى وفاته صلى الله عليه وسلم وعمره 63 عاما …. يعني مدة نزول الوحي هي 23 سنة …..فكل ما جاءنا عنه صلى الله عليه وسلم فإنه بلغه للصحابة رضي الله تعالى عنهم في 23 سنة فقط !!
فالقرآن والأحاديث الشريفة التي نرويها عن الرسول صلى الله عليه وسلم والعلوم الكثيرة النابعة عنها كالعقيدة والفقه والسياسة والإقتصاد والتشريع والقضاء والمواريث والأخلاق ووصف الأرض والسماوات والبحار والإنسان والتفاصيل الدقيقة ليوم القيامة والجنة والنار وما يكون في القبر وغير ذلك مما جاء به الوحي …. لا يمكن لأي إنسان أن يأتي بهذا كله في مدة 23 عاما فقط …. ففي زماننا العجيب الذي توفرت فيه الإمكانات العلمية وأدواتها والبحوث المدعومة واتساعها …. لا يستطيع عالم أن يأتي بما أتى به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رغم أن بعض العلماء يقرأ بحدود 15 ساعة يوميا ، ويعيش ثمانين أو تسعين سنة ….. ورغم أنه يبتدئ الدراسة من سن السادسة …. ومع ذلك لا يستطيع أن يأتي بمثل ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم …. وهو قد ابتدأ النبوة في سن الأربعين ومات في سن الثالثة والستين !
ونحن نرى أن كل عالم يتخصص في فرع من فروع الشريعة …. فهناك من يتخصص في العقيدة ويظل يقرأ بها 60 أو 70 عاما ….وهناك من يتخصص في الفقه ويُفني عمره كله فيه …. وهناك من يتخصص في الحديث ويُمضي عمره كله في دراسة الأحاديث …. وهناك من يتخصص في الإقتصاد الإسلامي ويُمضي عمره في دراسته …. وهكذا كل عالم يُقضي عمره في دراسة جزء صغير مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ….
والعجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم الأُميّ الذي لا يقرأ ولا يكتب أتى بكل هذه العلوم في فترة قصيرة جدا وفي ظروف بالغة الصعوبة من الحصار والحروب والجوع والفقر …..
بالله عليكم أيها المُشككون أليس هذا برهان ناصع على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟ … هل يوجد إنسان أميّ يعيش في بيئة صحراوية بسيطة يستطيع أن يأتي بهذا الكم المعرفي الهائل في فترة قصيرة وفي ظروف بالغة الصعوبة والخطورة كالتي مرت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؟!
الدليل السابع : تحدي اليهود بتمني الموت
اليهود كانوا يقولون للمسلمين نحن اولياء الله وأحباءه وليس أنتم فأنزل الله تعالى هذا الإختبار لهم :
{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }الجمعة6
فالله تعالى أخبر في القرآن الكريم أن اليهود لن يتمنوا الموت … وتحقق ذلك عندما طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمنوا الموت فرفضوا ….
فكيف علِم صلى الله عليه وسلم أن اليهود سيرفضون تمني الموت ؟
كان المطلوب من اليهود فقط أن يقولوا بألسنتهم ” نتمنى الموت ” …. ولكنهم رفضوا أن يتمنوا الموت …. وتحقق ما ذكرته الآية الكريمة من أن اليهود سيرفضون ذلك الطلب السهل …..
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى :
” عن ابن عباس رضي الله عنه : يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) أي : ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب . فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ) أي : بعلمهم بما عندهم من العلم بك ، والكفر بذلك ، ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقي على الأرض يهودي إلا مات .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( فتمنوا الموت ) فسلوا الموت .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، قوله : ( فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) قال :
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنه : ” لَوْ تَمَنَّى الْيَهُودُ الْمَوْتَ لَمَاتُوا “
فهل يوجد أعظم من هذه الثقة من النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفته بأنّ اليهود لن يفعلوا ما طلبه منهم رغم بساطته ؟
هذا الأمر لا يكون إلا لمن هو متصلٌ بالوحي …
من موقع المسلم بتصرف
يتبع إن شاء الله ...