المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرابع المرفوع



ali yassar
08-14-2014, 07:10 PM
وقفت على غريبة في صحيح البخاري، ولم أجد لها تأويلا سائغا –يصون في الوقت نفسه حرمة علم الحديث- وأرجو أن أجده عندكم.
يقول البخاري في صحيحه: "حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ"
في هذا الحديث يأمر الله الملاك بأربعة أشياء:
1) العمل (عمله)
2) الأجل (أجله)
3) الرزق (رزقه)
4) المصير (شقي أو سعيد)
وفي حديث آخر من صحيح البخاري نفسه: " ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِرِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ"
وفي هذا الحديث نجد التالي:
1) الرزق (برزقه)
2) الأجل (أجله)
3) المصير (شقي أو سعيد)
4) الرابع لاشيء، غير مذكور، إنه رابع مرفوع.
هل النقص من أصل الحديث كما صدر عن النبي؟ أم هو تصرف الرواة؟ أم ماذا؟
وشكرا مقدما على أي تفاعل.

ابن سلامة القادري
08-15-2014, 12:22 AM
هذا مبحث مُبكّر جدا على المناقشة يا زميل علي :):

مع ذلك أنقل إليك ما يفيد .. من فتح الباري لابن حجر في معرض ذكره بعض قواعد المحدثين في هذه المسألة ، قال رحمة الله عليه :

* فمن لم يمعن في الاستماع لم يأمن الوهم وليس كل من الرواة يراعى لفظ الحديث حتى لا يتعداه بل كثير منهم يحدث بالمعنى ... فلعل لفظ (...) جرى على هذا السبيل إن لم يكن غلطا من قبيل التصحيف يعنى السمعى.

- المعنى أن الخطأ وارد و لا أحد معصوم من الوهم عند الاستماع و النقل أو الزلل عند رواية الحديث فيكون التلقي و البلاغ على خلاف الأصل السمعي. كما أن التصحيف وارد بسقوط كلمة أو نقلها كتابة على غير وجهها.

و قال أيضا :

* قال الكرماني لا حاجة لتخطئة الرواة الثقاه بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات إما التفويض وإما التأويل.

- المعنى : احتمال ثبوت الرواية و صحتها مائة بالمائة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مانع من تخطئة الراوي و موجب للتسليم بما ورد فيها لفظا و معنى، و الواجب أيضا حينئذ حملها على المحكم في رواية غيرها إن وُجدت أو تفويض علمها إلى الله تعالى و هو أعلى و أعلم إن تعذر فهمها كما ينبغي.

هذه باختصار إحدى قواعد المحدثين و يمكنك العمل عليها في هذا الموضع و في غيره.

ali yassar
08-15-2014, 12:27 AM
شكرا على الرد أستاذ

ابن سلامة القادري
08-15-2014, 12:32 AM
شكرا على الرد أستاذ


مجرد طالب علم .. جعلنا الله و إياك من السعداء في الدنيا و الآخرة.

أبو جعفر المنصور
08-15-2014, 12:42 AM
على الرغم من أنني قررت ترك الشبكة إلا أنني مضطر للكتابة في هذا الموضوع

اخي ابن سلامة قول الكرماني ( حكم سائر المتشابهات إما التفويض وإما التأويل) خطير فهو منهج المتكلمين

والرواية التي ذكرها الملحد اختصارها اختصاراً مخلاً

قال البخاري في صحيحه 6594 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِرِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ أَوْ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا قَالَ آدَمُ إِلَّا ذِرَاعٌ

فالأمر الرابع ذكر وهو العمل ولكنه ذكر بطريقة مميزة عن بقية الثلاثة فقط

وقال البخاري في صحيحه 3208 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

فالحديث مداره على الأعمش ولا يوجد اختلاف في المعنى بين الروايات ولكن بعضهم قال ( وعمله ) وبعضهم لم يذكر لفظة وعمله ولكنه ذكر ما يشير إليها من ذكر العمل بعد ذكر الثلاثة

وقد ذكر زيادة ( وعمله ) بالإضافة إلى أبي الأحوص حفص بن غياث وهو من أوثق الناس في الأعمش

وكذا ذكرها أبو معاوية الضرير ووكيع وسفيان الثوري ( ورايتهم خارج البخاري ) فهذه تسمى في علم المصطلح زيادة ثقة اتفق عليه أربعة أثبات وهي مقبولة ما دامت رواية الأكثر بل الذي لم يذكرها وهو شعبة بن الحجاج الإمام الجبل المعروف ذكر معناها

غير أن شعبة ذكرها في رواية الطيالسي عنه وزيادة سفيان الثوري وحده من دون شعبة مقبولة لشهادة شعبة له بأنه أحفظ منه

غير أن رواية البخاري للخبر من حديث شعبة مع اختصار روايته من قبيل العبقرية الحديثية الفذة التي كان يتحلى بها فإن شعبة لم يكن يروي عن الأعمش إلا ما سمعه من شيوخه ، فذكرها لتحقيق السماع

ابن سلامة القادري
08-15-2014, 01:41 AM
نعم أستاذنا الكريم .. عقيدة أهل السنة في باب الصفات الإلهية لا تخفى .. إنما قصدي هو ظاهر قول الكرماني الذي استدل به ابن حجر .. أعني لغة و ليس اصطلاحا : التفويض السائغ عند أهل السنة و التأويل السائغ عندهم .. فحتى أهل السنة هم مفوضة في كيفية الصفات .. فردوا علم كيفيتها إلى الله تعالى مع غثبات معناها. فالقصد هو سياق الكلام، و هو ما ذكرته تحديدا : تفويض علم ما لم نفهمهم و نفقهه من الأحاديث إلى علم الله تعالى لا صرفها عن ظاهرها. قد يكون هذا في دائرة جهل المتلقي و حدود علمه و فهمه إلى ان يتحصل المعنى لديه.

و أما التأويل فمنه ما هو مستساغ أيضا كتأويل المفسرين لآيات القرآن على أكثر من وجه، و هو غير تأويل الصفات الذي عند المتكلمين (صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه)، قال العلماء : التأويل هو بيان مراد المتكلم، وليس هو بيان ما يحتمله اللفظ في اللغة، ولذلك فقد يوجد في كلام السلف تفسير الآية على خلاف ظاهرها – مما قد يقال بأنه صرف للفظ عن ظاهره – ولكن هذا من باب بيان مراد المتكلم وتفسير كلامه، بضم النظائر إلى بعضها، وتفسير بعض النصوص بنصوص أخرى، توضح المراد منها، وتزيل ما قد يشتبه منها على بعض الناس.



أخيرا أود القول : جزاكم الله أستاذنا الكريم على حسن الإضافة و التنبيه .. و أقول لذا من الأولى أن لا تتركوا الشبكة ما وسعكم المشاركة لبيان العلم. نفع الله بكم.

ali yassar
08-15-2014, 03:36 AM
مشكور على الرد ابا جعفر