المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرة فى ظلال الخشوع فى الصلاة



عبدالله زايد
07-09-2006, 06:26 PM
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبى بعده وآله وصحبه ومن أتبعه وبعد
الأخوة الاعزاء...........أقول
الخشوع فى الصلاة أمر عظيم يثمر عن تحققه عدة منازل عظيمة
الأولى......الفلاح
قال الله تعالى
(قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون)
فياله من ثناء عظيم لو أصبناه أصبنا الفلاح من كل الوجوه
الفلاح فى الدنيا بالعزة والتمكين قال الله ثناءً على المؤمنين
{ الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر }
قال الأمام الطبرى فى التفسير
باسناده عن أبي العالية في قوله : { الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر } قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الإخلاص لله وحده لا شريك له ونهيهم عن المنكر أنهم نهوا عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان قال : فمن دعا إلى الله من الناس كلهم فقد أمر بالمعروف ومن نهى عن عبادة الأوثان وعبادة الشيطان فقد نهى عن المنكر......أنتهى
وهذا هو الفلاح الأعظم ما أشد حاجتنا لهذا وخصوصاً ونحن نرى هذا الهجوم الشرس
من الأعداء على كل ما يمت للإسلام بصلة...
تمثل هذا فى صورة المهازل التى حدثت فى الغرب
بالإساءة إلى رسول الله سيد ولد آدم صلى الله عليه وآله وسلم
وهى أعظم المصائب على الإطلاق
والثانى الحال الكئيب الذى وصل إليه حال المسلمين المستضعفين فى الأرض
فى فلسطين والعراق وسائر بقاع الأرض التى تقع تحت ظلم الإحتلال والإضطهاد
ففلاح الدنيا ماأشد حاجتنا إليه لا من أجل العلو فى الأرض
ولكن من أجل رفع الظلم عن إخوانناالمسلمين
الذين يتقطع القلب حزناً على ما أصابهم وأصاب الضعفاء منهم
فنحقق بالخشوع هذه المنزلة
الجزء الثانى من التعلق بهذه الجزئية أن هذا الخشوع ليس مطلوباً لذاته وحسب
لا هذا فهم وإن كان صحيحاً إلا أنه قاصراً ولكن التكامل مطلوب لكى ينير النفس من الداخل بنوارنية التواصل برب العالمين
و نورانية التواصل برب العالمين ستصل بنا إلى التصرف الصحيح والدقيق فى كل أحوالنا الأخرى من عمارة الكون والتجارة والصناعة وغيرها من مناحى الحياة المختلفة
نورانية تجعلنا إذا جاء وقت الصلاة لا تشغلنا عنها تجارة ولا لهو ولاغيره
وتجعلنا فى ذات الوقت إذا أنتهينا منها أنتشرنا فى الارض نبتغى الإصلاح فيها
وأكبر المثال على ذلك من الواقع المشرف فى التاريخ
إعقد مقارنة بين حال العرب قبل الإسلام وحالهم بعد ثلاثين عاماً من البعثة
وحال العرب قبل البعثة لا يخفى على أحد
وبعد البعثة أنقل لك مشهداً صغيراً فقط لبيان الفرق
دخل الفاروق عمر رضى الله عنه القدس(حررها الله لنا) لتسلم مفاتيح البلدة
بعد ان كسر ممالك الأرض كلها جميعاً
دخل منتصراً وفى ثوبه رقع كثيرة آخذاً بخطام ناقته والراكب فوق الناقة هو خادمه
ويروى أن قدميه أصابها الطين وهو داخل إلى المدينة
وقيل له تزين لدخول المدينة ولقاء حاكمها
قال المقالة التى تسطر بأحرف من نور الإيمان
(إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فإن أبتغينا العزة فى غيره أذلنا الله)
مجرد تغيير الثياب!!!! وهو أمر مباح لاشك فيه و لا حرمة فيه على الإطلاق
ولكن مجرد التزين رفضه أمير المؤمنين
حتى ولو كان لإظهار العزة ولأنه لايريد أى شائبة تشوب إظهار إعتزازه بالله سبحانه وتعالى ولو كان أمراً مباحاً فى ذاته
وجاءه رسول من أحد الملوك يوماً
فوجد أمير المؤمنين نائماً تحت الشجرة متوسداً نعله
وهو يملك أغلب الأرض وسلطانه مبسوط عليها
هذه المنزلة الأولى المتحققة من الخشوع فى الصلاة
إستشعار العزة من التواصل مع الله وحسب
والثانية
تحقق بها منزلة الإحسان
(أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
وقبل الكلام
أقول هذه المقدمة
خطاب الله مع البشر بما يفهمون وبما يدركون
على وفق مقتضيات عقولهم
وهذه واضحة جلية تماما فى القرآن والسنة
فالواقع المحسوس له تعلق كبير جداً فى خطاب الله مع البشر
يتمثل ذلك فى قول الله تبارك وتعالى
(إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها.....الآية)
وسياق الامثال فى القرآن غاية فى التواتر فى الكتاب والسنة
وحتى حدا بالعلماء الكبار للتصتيف فيه
وأغلبهم سمى كتبه الأمثال فى القرآن والسنة
والمؤلفات فى ذلك كثيرة
والمقصود من الأمثال إخراج عالم الغيب أو العالم الغير ملموس
أو قل الغير مادى فى صورة مادية محسوسة تستشعرها النفس
وهذا يجعل سياق الفهم القرآنى سياقاً بسيطاً وهيناً
وفيه قال الرسول الكريم( إن الدين يسر........الحديث)
وحين تفهم هذا الفهم الرائع تستشعر
وكأن عالم الغيب هو عالم ليس بغريب عنك
بل هو عالم محسوس ملموس فيما حولك وفيما تفهم
حين ذاك ترتبط روحك إرتباط وثيق بالشرع والوحى
بل وأثنى الله تبارك ونعالى على الذين يفهمون عن الله ذلك بقوله
( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)
وتعيش فى الجو القرآنى الروحانى الجميل وكأنه واقع ملموس
محسوس قريب منك تماما وليس بين الواقع الذى تعيشه وبين القرآن
فجوة بل هناك تواصل وتكامل وفهم على وفق ما نفهم
وهذا يجعلك تؤدى كل ما عليك من الفرائض وانت موصول بالله عز وجل
ويتجلى ذلك واضحا كالشمس فى أكبر الفرائض وهى الصلاة
ماذا يحدث فيها وكيف جاء الشرع ليعينك على الخشوع فى الصلاة
تتهيأ للصلاة بالوضوء وهو إشارة مادية بطهارة الجسد
وإشارة معنوية وبالتزين قبل الوقوف بين يدى الله عز وجل للصلاة
ثم ماذا يحدث بعد ذلك
تستقيل القبلة قائلا الله أكبر
فإذا ما دخلت فى الصلاة
قال الرسول فى الحديث الصحيح
(إذا دخل العبد فى الصلاة أقبل الله إليه
فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين
قال الله عز وجل حمدنى عبدى
وإذا قال العبد الرحمن الرحيم
قال الله عز وجل..أثنى على عبدى
وإذا قال العبد ...مالك يوم الدين
قال الله عز وجل.... مجدنى عبدى
ثم فى بقية الفاتحة يقول الله هذا لعبدى ولعبدى ما سأل
هكذا الحديث وهذه الكيفية التى ورد بها الحديث
تشعرك أنك فى المعية المباشرة لله عز وجل
تعينك على الخشوع فى الصلاة لتحقق لنفسك
العظمة الكبرى فى الخشوع فى الصلاة
وينطبق عليك قول الله عز وجل
(قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون)
فتحقق لك الأجر العظيم من الخشوع فى الصلاة
بما ساقه الله لك من حولك من أمثال
هو سياق مقصود لإشعارك بأن الله قريب
(وإذا سألك عبادى عنى فأنى فريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)
وهذا السياق بهذه الكيفية
يجعلك تستشعر القرب الشديد لله منك
فيحقق لك المنزلة العظمى من الدين
وهى الإحسان
(أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك......)
المنزلة العظيمة أعلى درجات الأيمان بالله
ساقها النبى الكريم سياقاً آخر فقال
(استحى من الله كأنه رجل من صالح عشيرتك لا يفارقك فى ليل ولا نهار)
وأعد نفسك أخى الفاضل وانت داخل للصلاة لتستشعر هذه الجزئية
وأنت تنظر فى فهم القرآن لترى الآية الكريمة
(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)
وحين نحقق هذا الخشوع لاشك ثم لاشك
سيتحقق لنا قوله تعالى
(قد افلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون)
أسال الله العلى القدير ان يعيننا على الخشوع فى الصلاة
وأن ننطلق به للخشوع فى كل مناحى الحياة
معذرة لهذه الإطالة أرجو من الله سبحانه وتعالى أن أكون وفقت فى عرضها والإنتفاع بها
والله من وراء القصد وهو يقول الحق وهو يهدى السبيل
وصلى الله على النبى الكريم وآله وصحبه والتابعين
والحمد لله رب العالمين