المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وحدة الأديان والدعوة إلى عولمة التصوف



مستفيد..
10-24-2014, 08:41 PM
حديثنا عن التصوف سيتمحور حول سمة أساسية من سمات التصوف ألا وهي عمليات المزج بين الأفكار أو الفلسفات أو الأديان مهما تباينت تلك الأفكار أو حتى تناقضت لتنصهر جميعها فيما بعد في بوتقة فلسفية أو دينية واحدة ..وهذا أعتبره تعريفا جامعا لما يمكن أن يُعبَّر عنه بمصطلحاتٍ مختلفة سواءٌ بمصطلحِ وحدة الأضداد بمفهوم الجدلية الهيجلية أو بمصطلح وحدة الأديان حسب المفهوم الصوفي أو بمصطلحات من قبيل التعايش والتقارب والإيخاء والتفاعل بين الأديان والمعتقدات والفلسفات حسب معجم التمدن والحداثة في عصرنا الراهن..ومهما اختلفت المصطلحات وتعددت وتلونت فالأكيد أن أصول وجذور التعريف ترجع إلى اعتقادات صوفية خالصة كما سيأتي.

عند الحديث عن التصوف بمفهومه العام قد يتبادر للذهن ذاك المعنى الشائع الذي يُعرِّف لنا التصوف على أنه مذهب إسلامي أو على أنه ظاهرة دينية إسلامية..وهذا المفهوم هو المعنى السائد والمنتشر في عصرنا الراهن نظرا لوجود علاقة تلازم في الذهن وإن كانت غير صحيحة تربط بين التصوف والرموز الصوفية في الإسلام سواء منهم المعتدلين أو الغلاة كالفرق الباطنية أو الرموز والشخصيات المتبنية لعقيدة وحدة الوجود ووحدة الأديان..وهذا الربط مجانب للصواب تماما لأن عند استقراء واقع وأصول هذا التيار نجد جذوره ممتدة وضاربة في عمق التاريخ بدءا من أقدم ديانات العالم العضمى كالأبنشاد في الهند و بوذية زن في اليابان والطاوية الصينية مرورا بالديانات الفارسية والإغريقية والديانات السماوية..فالواقع التاريخي للتصوف يخبرنا أن هاته النزعة لم تنحصر يوما في ديانة معينة ولم تكن حكرا على ثقافة بعينها لأنه وكما يعرفه أحمد أمين في كتابه ظهر الإسلام هو: ((نزعة من النزعات لا فرقة مستقلة كالمعتزلة والشيعة وأهل السنة ولذلك يصح أن يكون الرجل معتزليا وصوفيا أو شيعيا وصوفيا أو سنيا وصوفيا بل قد يكون نصرانيا أو يهوديا أو بوذيا وهو متصوف )) (1)

أيضا من الأخطاء الشائعة أن يُعَرَّف التصوف على كونه ظاهرة دينية في المطلق سواء أكان التصوف نصرانيا..إسلاميا أو هندوسيا..ووجه الخطأ هنا أن التصوف قادر على أن يتأقلم حتى مع الفلسفات الإلحادية..يخبرنا الفيلسوف الأمريكي ولتر ستيس في كتابه التصوف والفلسفة بأن: (( أول جواب عن السؤال : هل التصوف هو أساسا ظاهرة دينية هو بالنفي فهو قد يرتبط بالدين لكنه ليس في حاجة إليه...قد يدهش بعض هؤلاء الفلاسفة إذا علموا أنه على الرغم من أن عددا كبيرا من المتصوفة كانوا مؤلهة وأن عددا آخر كانوا من أصحاب وحدة الوجود فإن هناك أيضا متصوفة ملاحدة )) (2)
وما يؤكد بالفعل هذا الحكم وهذا الرأي هو وجود التصوف بمعناه الذي نتحدث عنه أي بمعنى وحدة الوجود ووحدة الأديان وإلتماس تأثيره في كبرى الفلسفات الإلحادية المؤثرة في التاريخ الإنساني الحديث..ومن أبرز هذه المدارس تجد الأفلاطونية الحديثة والتي هي مدرسة صوفية إلحادية تأسست على يد مجموعة من المفكرين الملاحدة لعل أشهرهم أفلوطين صاحب نظرية الفيض التي أخذها عنه فلاسفة الإسلام. وهي فلسفة تؤمن بوحدة الوجود قامت بالمزج بين أفكار وفلسفات ومعتقدات وثنية إضافة لليهودية والنصرانية وأساطير أخرى تحت معتقد وفلسفة واحدة كتطبيق عملي تلقائي لمبدأ وحدة الوجود بحكم أن وحدة الأديان والمزج بينها هو من لوازم القول بوحدة الوجود ..وهذا ما يؤكده المستشرق نيكسون بقوله: (( ومن لوازم مذهبهم في وحدة الوجود : أيضا قولهم بصحة جميع العقائد الدينية ))..(3).. ثم كان لهذه الفلسفة تأثيرا كبيرا فيما بعد في التصوف الإسلامي والنصراني.
نجد أيضا الفيلسوف الشهير اسبينوزا والذي يُعتبر من فلاسفة عصر التنوير في أروبا وهو في الحقيقة لم يكن سوى متصوف ملحد قائلا بعقيدة وحدة الوجود القديمة رغم استعماله لبعض المصطلحات الدينية في كتاباته..يقول ستورات هامبشير عن فلسفته: (( لقد أساء ناقد اسبينوزا فهم ما يعنيه بالله كعلة محايثة لو انها عزلت عن سياقها في فلسفته لبدت الفكرة صوفية وغير علمية ..والواقع أن المضمون هو العكس تماما ..فالنظرية لا تظهر صوفية وغير علمية إلا في نزعتها فقط..إذا نسي المرء أن اسبينوزا في استخدامه لكلمة الله يستخدمها بالتيادل مع كلمة الطبيعة..فالقول بأن الله هو العلة المحايثة لكل شيء هو طريقة أخرى للقول بأن كل شيء ينبغي تفسيره على أنه نسق واحد يشمل كل شيء الذي هو الطبيعة وانه ليس ثمة علة ولا حتى العلة الأولى يمكن تصورها على انها خارجة أو مستقلة عن نظام الطبيعة ))..ويقول ولتر ستيس: ((إن جوهر فلسفته يتألف من الدعابة التافهة التي تسمى الكون زيد أو عمر أو الله تبعا لهوى المرء ))..(4) !
ثالث كبرى المدارس الإلحادية التي اقتحمتها الصوفية من خلال رؤيتها للوجود وإنعكاسها على الأديان هي جدلية هيجل والتي هي بدورها من أسس مادية ماركس..وقد يتعجب المرء عند سماعه هاته الأسماء التي عرفت واشتهرت بالعقلانية والعلمية ثم يدرك أن ما اشتهر عنهم قد بُنيَ وأُسِّسَ على اعتقدات صوفية خالصة. يقول ولتر ستيس في نفس هذا السياق: (( إن وحدة الوجود هي بدورها فكرة صوفية حتى لوعتنقها المفكر الذي يظن نفسه مفكرا عقلانيا على أسس منطقية خالصة ))..وخلاصة فلسفة هيجل أن الارتقاء في الحضارة الإنسانية إنما يحصل بظهور الأضداد وتصادمها ثم تمازجها!..فهو يصف لنا الوجود على أنه في حركية دائمة يتفاعل بعضه مع بعض. ثم وفق قانون وحدة الأضداد أو هوية الإختلاف كما يسميه هيجل تتحد متناقضاته لتنفي بعضها بعضا ثم لتتكون ذاتيات أرفع!..وهو عين ما فعله أفلوطين حين مزج الفلسفات والديانات المتناقضة ليخرج لنا بفلسفة موحدة هي في نظره بالتأكيد أرفع!..وهو عين ما تقوله الفلسفات القديمة المتبنية لوحدة الأديان -أو إتحاد الأضداد بمصطلح هيجل- من الهندوس إلى أفلوطين إلى إخوان الصفا وبن عربي والحلاج ..فهيجل في الحقيقة لم يأتِ لنا بفكر جديد وعند التمحيص نجد أن فلسفته ما هي إلا رسكلة حديثة لفلسفات قديمة..يقول ستيس: (( فكرة هوية الأضداد ليست من اختراع هيغل بل إن عمرها على الأقل ثلاثة آلاف سنة لأنها جزء من التصوف الذي أثر في بارمنيدس وأفلاطون وأفلوطين وكثير من الفلاسفة الآخرين قبل هيجل..وما فعله هيجل هو أنه أدركها ووضعها في مصطلحات واضحة بعد أن كانت كامنة وضمنية في كثير جدا من الفكر البشري العظيم قبل عصره ))..(5)
بناء على ما سبق يتضح لنا أن أن فكرة وحدة الوجود وما يفضي إليه من قول بوحدة الأديان هي نظرية إلحاية بامتياز لأن النظرية التي يستوي فيها الحق بالباطل والأخلاقي باللاأخلاقي ثم تلغى فيها الشرائع ويتنفي من خلالها مفهوم الثواب والعقاب الأخروي هي بالتأكيد نظرية إلحادية حتى وإن اختلفت المصطلحات وتلونت بلباس ديني كان أو فلسفي.. ولهذ يقول عبد القاهر البغدادي في وصف دين الباطنية: ( الذي يصح عندي عن دين الباطنية انهم دهرية زنادقة يقولون بقدم العالم وينكرون الرسل والشرائع كلها لميلها إلى استباحة كل ما يميل إليه الطبع ))..(6)

ولكن السؤال المطروح في هذا السياق هو هل يصح فعلا نسبة الدعوات الحديثة والحثيثة للتقارب بين الأديان إلى القائلين بوحدة الوجود..أم هي بالفعل نتاج الحضارة والتمدن ولا علاقة لها بالتصوف الإلحادي ؟
للإجابة عن هذا السؤال إجابة موضوعية (ولا أدعيها)..نحتاج إلى أن نبحث عن متى وكيف ظهرت هذه الدعوات..
المجمع الفاتيكاني الثاني (1963-1965) كان أول ظهور علني وعملي لفكرة التقريب بين الأديان لتتطور فيما بعد وتصبح دعوات إقامة صلوات مشتركة وطبع الكتب الدينية في كتاب موحد. ويكون ذلك بعد أن تستغني كل ديانة عن شريعتها وكل ما من شأنه أن يسبب خلافات أو اختلافات وهذا المبدأ يذكرنا بقانون نفي النفي أحد قوانين الفلسفة الماركسية الثلاثة وأحد أسس المنطق الجدلي!..يقول الباحث الروسي أليسكي جورافسكي في كتابه الإسلام والمسيحية: ((فللمرة الأولى منذ أربعة عشر قرنا من وجود المسيحية والإسلام يتحدث مجمع مسكوني كاثوليكي بصورة إيجابية عن المسلمين معترفا بوضعهم الديني المتميز ولهذ شبهت المطبوعات الكثوليكية التغيير الحاصل في موقف الكنيسة تجاه الإسلام بــ"الإنقلاب الكوبرنيكي" وهو تشبيه غير مبالغ فيه إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن رسالة البابانيوس الثاني عشر "fidei donum " الصادرة في أواخر الخمسينات 1957 رأت في انتشار الإسلام في إفريقيا خطرا على الكنيسة وأن كتاب تاريخ الإرساليات الكاثوليكية المؤلف من أربعة مجلدات والصادر في المرحلة نفسها نظر لنشاطات الإسلام وفعالياته العالمية ككارثة تضاهي خطر الشيوعية ))..(7)
ثم في البيان الختامي للمجمع سنة 1965 جاء التصريح بوحدة الأديان وتساويها وعُبر عن ذلك بمصطلحات صوفية خالصة!..فقد نص البيان على (( أن الديانات حاولت بأشكال مختلفة أن تجيب عن الأسئلة الكبيرة ذاتها وهذا ما تقصته الهندوسية بجهودها الفلسفية الثاقبة وبأساليبها الزهدية والتأملية وما حاولته البوذية على مختلف أنواعها وألوانها من بلوغ التحرر النفسي الكامل والوصول إلى الإشراق النفسي بالجهود الفردية الذاتية أما الكنيسة الكاثوليكية فلا تزال شيئا مما هو حق ومقدس في هذه الديانات بل تنظر بعين الإحترام إلى تلك الطرق وإلى تلك القواعد والتعاليم التي غالبا تحمل شعاعا من تلك الحقيقة التي تثير كل الناس وهي تحث أبناءها على ان يعرفوا ويعززوا تلك الخيور الروحية والأدبية))..(8)
السؤال المطروح هنا هو ما السر في التغير المفاجئ الذي طرأ على موقف الكنيسة الكاثوليكية خاصة وأن البعض وصفه بالإنقلاب الكوبرنيكي..يخبرنا جورافسكي أن هذا التغير المفاجئ يقف ورائه المستشرق الفرنسي الأشهر لويس ماسينيون يقول: ((وفي رأي الدارسين فإن مؤلفاته وإسهاماته العلمية ومنطلقاته الروحية ونشاطاته السياسية (أي ماسينيون) مهدت الطريق للتحول الكاثوليكي الجذري بشأن الموقف من الإسلام .... ولهذا يرى بعض دارسي مؤلفات ماسينيون والمهتمين بتحليل مواقفه العملية وأنشطته الإجتماعية والسياسية أن مراسلاته واتصالاته الواسعة مع الهيئات الكاثوليكية العليا بما في ذلك صداقته الشخصية مع جيوفاني باتيستا مونتيني الذي أصبح البابا بولس السادس مهدت التربة إلى حد معين للمناقشات التي دارت في المجمع الفاتيكاني الثاني (1963-1965) حول العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والمسلمين .))..(9)..ويقول فيكتور بيلياييف (( لويس ماسينيون شخصية إجتماعية نشيطة حملت أفكار وأحاسيس المذهب الإنساني وانتمت إلى تلك الجماعات الفرنسية التي تمثل طليعة الأنتلجنسيا "الفئات المثقفة" التي ساعدت بفاعلية كبرى النضال الشعبي لإقامة السلام والصداقة والتعاون بين الشعوب ..بين أناس ينتمون إلى أعراق وأمم وعقائد مختلفة ))..
فلويس ماسينيون إذن هو السبب الرئيسي في ظهور أولى دعوات التقارب بين الأديان في العصر الحديث..لكن الملفت للإنتباه أن ماسينون يحمل عقيدة وحدة الوجود نتيجة تأثره الشديد بعقيدة بن منصور الحلاج وذلك عند زيارته العراق ثم من خلال بحوثه التي أقامها عنه بإسطمبول..ثم جعله موضوع أطروحته للدكتوراه بالسربون والتي عنونها بــ (( مأساة الحسين بن منصور الحلاج شهيد الإسلام الزاهد ))!..واعتبره أقرب شخص مسلم إلى فكرة المسيحية حول وحدة اللاهوت والناسوت! وعبَّر في كتاباته على أن الحلاج نموذج يستوجب المحاكاة!..فجعل ماسينيون من أفكار الحلاج الإلحادية الأرضية المشتركة للحوار المسيحي الإسلامي..فاعتقاد النصارى بنظرية امتزاج اللاهوت بالناسوت يتناسب تماما مع مقولة الحلاج الشهيرة (( أنا الحق ))..في إشارة إلى كونه هو الإله !..

إذن فحتى الدعوات المعاصرة للتقارب بين الأديان لم تكن نتاج الحداثة كما تم تسويقه ولم تكن استثناءا عن باقي الفلسفات المعاصرة فجميعها إعادة إحياء ورسكلة لأقوال الذين كفروا من قبل (( يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون ))..وعلى المسلم أن ينتبه قبل أن ينساق خلف هذا التيار الجارف تحت مسميات التعايش والأخوة والمحبة وحتى لا يسقط في الإستخفاف بالأديان والشرائع وتتكون لديه ومن دون أن يدري مفاهيم دينية جديدة أسسها فلسفية لادينية ما أنزل الله بها من سلطان..فالإختلاف سنة كونية وأبدا لن يتساوى الحق بالباطل ولا المسلمين بالمجرمين..فالتعايش السلمي نعم هو هدف سامِِ وهدف منشود لكل الأمم لكن لكل أمة مفاهيمها التي تنطلق منها في التعامل والتعايش مع الآخررين (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة )) ..


1-
ظهر الإسلام.. 4/149
2- التصوف والفلسفة..29-410
3-في التصوف الإسلامي وتاريخه..88
4- التصوف والفلسفة..266
5-التصوف والفلسفة ..264..
6-الفرق بين الفرق..220-265
7-د أليسكي جورافسكي الإسلام والمسيحية ص117
8- د أليسكي جورافسكي الإسلام والمسيحية ص121-122
9- د أليسكي جورافسكي الإسلام والمسيحية ص104-110-111-

طالبة علم و تقوى
10-24-2014, 10:16 PM
مقال مهم تفصيلي و نافع جزاكم الله خيرا
و كأنه سابق لأوانه و يتنبأ بدعوى سيكون لها صدى أكبر و أتباع كثر و مرحلة "بينية" يتجه إليها حتما العالم بعد أن هُتك ستر إلحاد المدرسة المادية و صار هش البنيان وما عاد موضة ...، لون آخر من ألوان الباطل فشكر الله لكم بيانه

الدكتور قواسمية
10-25-2014, 11:55 PM
لقد عرض كفار قريش على الرسول عليه الصلاة والسلام "وحدة الاديان" قبل اربعة عشر قرنا فنزلت هاته السورة
قال تعالى " قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين " الكافرون

د. هشام عزمي
10-26-2014, 02:28 AM
جزاك الله خيرا على هذا المقال البديع أخي مستفيد .. لكني لم أفهم معنى "رسكلة" :)
وما ذكرته عن هيجل ومدرسته الفلسفية هو فعلاً حقيقة المذهب المثالي الذي يتكلم عن مطلق فكري مثالي تعترك فيه الأفكار والآراء في الجدلية الهيجيلية المعروفة dialectic .. أما موقف الكنيسة الكاثوليكية ، فهو بالفعل مثير للانتباه ، وليس تقاربهم فقط مع المسلمين ، بل مع الملاحدة وقبولهم الرسمي بنظرية التطور على لسان البابا نفسه !! لكن مقالك هذا أضاء لي بعدًا جديدًا في حقيقة انصهار الكنيسة في سائر المذاهب مما يعتبر مقدمة لوقوع جدلية هيجيلية في عالم الأديان تبدأ بصراع المتناقضات thesis-antithesis ثم بزوغ synthesis الدين الجديد أو الفكرة الجديدة التي تصهر الجميع ، والله المستعان .

مستفيد..
10-26-2014, 11:12 AM
بارك الله في الجميع..

وليس تقاربهم فقط مع المسلمين ، بل مع الملاحدة وقبولهم الرسمي بنظرية التطور على لسان البابا نفسه !!

لم يكن مجرد قبول في رأيي ..أراه إنصهار تام مع الداروينية المادية على شاكلة وحدة الأديان والجدلية الهيجلية..فالمتصوفة المسيحيون في القرون الوسطى أمثال القديسة تيريزا كانو ينظرون إلى التجارب الصوفية على أنها تعلو على الطبيعة لكن في العصر الحديث وبعد التصادم مع التيار الطبيعي تغيرت النظرة وظهر تيار جديد طبيعي نصراني صوفي يعتبر التصوف نتاج الطبيعة وجزء من العملية التطورية ويخضع لسيطرة القانون...نجد مثلا ريشارد باك يقول عن كتابه "الوعي الكوني" أنه جاء نتيجة مباشرة لإشراقة صوفية مفاجئة أشرقت في داخله بلا توقع ودون أن يسعى إليها وأن هذا الوعي يسير الآن في عملية تطور طبقا لمبادئ تطورية مألوفة في النوع البشري ..ونجد أيضا إدوارد كاربنتر متصوف طبيعي يرى أن التصوف يخضع لقوانين النمو السيكولوجي ويرفض بأن تكون الصوفية حالات تعلو على الطبيعة..وكذلك الفيلسوف الأمريكي المتصوف ولتر ستيس يرى أن المتصوف سيكون في أعلى السلم التطوري يقول: (( من الممكن ان اتجاه التطور البشري في ملايين السنين القادمة –إذ بقي الجنس البشري- سوف يكون نحو انتشار التجربة الصوفية لمعظم الناس بدلا من ان يمتلكها قلة ندرة من الأفراد كما هو الحال الآن..فمن الممكن باختصار ان يكون الإنسان الأعلى في المستقبل رجلا متصوفا )) ..
فكيف لا يقبلها البابا يا دكتور وهو يرى نفسه في قمة سلم التطور :)

لكني لم أفهم معنى "رسكلة"
هي تعريب للكلمة الفرنسية (recyclage روسيكلاج)..تستخدم كثيرا في المصانع لوصف عملية إعادة تهئية المواد المستعملة..مثل ما يحصل مع القوارير البلاستيكية المستعملة بحيث يقع تجميعها من النفايات ثم استخدامها كمواد أولية لإنتاج قوارير جديدة بأشكال ومواصفات جديدة هذه العملية تسمى رسكلة :)..وأظن الوصف ينطبق تماما على فكرة وحدة الأديان..
والله أعلم..

القلم الحر
10-26-2014, 11:38 AM
احسنت
يقول ابن عربى :

“لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي .. إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
لقد صارَ قلـبي قابلاً كلَ صُـورةٍ .. فـمرعىً لغـــــزلانٍ ودَيرٌ لرُهبـَــــانِ
ِوبيتٌ لأوثــانٍ وكعـــبةُ طـائـــفٍ .. وألـواحُ تـوراةٍ ومصـحفُ قــــــرآن
أديـنُ بدينِ الحــــبِ أنّى توجّـهـتْ .. ركـائـبهُ ، فالحبُّ ديـني وإيـمَاني”

و الان يروج لفكرة وحدة الوجود و هى كما يقول المقبلى فى العلم الشامخ اثبات للعالم و نفى للخالق ليس اكثر !
و من ابرز الوجوه الصوفية الشهيرة فى عصرنا الصوفى الهندى الملحد :اوشو
و هناك ملايين من البشر يتبعون تعالميه فلننتبه

Northern Bird
10-26-2014, 12:26 PM
بارك الله فيك ، ولا أدري أين المسلمين الذين يدعون لمثل هذه الأفكار عن هذه الآية :
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران (85)

للأسف إنني أعرف أحد المسلمين ممن وقع في هذه الفلسفات ، نصحته مرارا وتكرارا بأن يتراجع فقال لي: سقطت مرآة الحقيقة فتهشمت وكل من يجد قطعة يظن أنه وجد الحقيقة !
وهو يحاول أن يجمع الأجزاء ليصل للحقيقة كاملة :118:

وسبحان الله عندما قال لي ذلك بحثت عن الآية التي تذكر أن القرآن مهيمنا على ما قبله ، فإذا بالآية كاملة كأنها رد عليه :
(وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) المائدة (48)

وهناك شخص آخر مهتم باليوغا وأيضا تناقشت معه لأحاول تبيان أنها طقوس هندية لها علاقة بالشياطين وليست رياضة كما يظن ، وكان جوابه كجواب سابقه : لماذا لا نأخذ من دين غيرنا ما يفيدنا؟
اليوغا عليها تركيز لدى من ينشر فكرة وحدة الأديان ، وتفسيرهم لليوغا أنها رياضة تفعل الطاقات الخاملة في الجسم والتي بدورها تتصل بشبكة الطاقة الكونية.
بعد بحث مستفيض : الطاقات الخاملة بالجسم = القرين
شبكة الطاقة الكونية = عالم شياطين الجن ، لأنهم فعلا كأنهم شبكة يتصلون بإبليس كما في الحديث : (إنَّ عرشَ إبليسَ على البحرِ . فيبعثُ سراياهُ فيفتِنونَ النَّاسَ . فأعظمُهم عندَه أعظمُهم فتنةً)

ويتجمع من يدعو لوحدة الأديان عند نقاط شبكة الطاقة الكونية المزعومة في الأرض لممارسة اليوغا وطقوس روحانية أخرى وما حجتهم إلا لإحلال السلام !!!
http://www.librarising.com/esoterica/images/twelvechakras.jpg
صورة أكثر تفصيلا هنـــــــا (http://reysibayan.com/wp-content/uploads/2014/03/PLANETARY-GRID-BIG.jpg)

تلك النقاط كلها كانت وما زالت لها أهمية لدى المشركين ولدى الاستدمار البريطاني ويعتبرونها بوابات لأبعاد أخرى ومن ضمنها هرم خوفو بمصر والذي هو مرتع للشياطين بسبب ما به من طلاسم وأضرحة لملوك مصر القديمة باعتراف أليستر كراولي أشهر سحرة القرن العشرين والذي قال بأنه اختلى بنفسه داخل الهرم وبعد طقوس معينة استطاع التواصل مع رئيس الملائكة بزعمه.

ومن الفتن التي يبثونها دعاة هذه الأفكار للناس ، أن هناك في كتاب العهد الجديد 13 سنة مفقودة من حياة المسيح عليه السلام خلال شبابه
فماذا قالوا ؟ قالوا بأنه ذهب للتبت وتتلمذ لدى مجموعة يسمونها (الأخوية العالمية البيضاء) (الذين هم مجموعة من الأشخاص يُدعون بالسادة الحكماء والذين لهم اتصال بما يُزعم أنهم ملائكة) ، فتتلمذ كما تتلمذ موسى عليه السلام من قبل وتعلم السحر!!!!! (... وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ) سبأ (43)

http://humanityhealing.omtimes.netdna-cdn.com/wp-content/uploads/2013/06/Karmic-Board.jpg
وعند البحث عن هذه المجموعة ، يُقال بأنهم هم منشئي الأديان وهذا نوعا ما صحيح لو استثنينا الإسلام ... لماذا ؟
لأن الدين الذي أتى به الأنبياء من نوح إلى محمد مرورا بموسى وعيسى عليهم السلام ... هو الإسلام ، ليس يهودية ولا نصرانية ولا أي دين آخر
وعندما حُرف الدين اتخذ اسماءا مثل الهندوسية - اليهودية - النصرانية ... إلخ
فتلك المجموعة تحرف الكتب السماوية وقد تكون هي المقصودة في هذه الآية من سورة المائدة والتي تكلمت عن أن اليهود جواسيس لدى قوم آخرين لم يأتوا للنبي صلى الله عليه وسلم:
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة (41)

والله أعلم

Northern Bird
10-26-2014, 12:44 PM
هذه أحد الأعمال التي نُشرت تدعي بأن المسيح ذهب للتبت وتتلمذ هناك ، ونلاحظ وضعية اليوغا وطقوس التصوف الهندي
http://tm2012.triciamccannonspeaks.com/wp-content/uploads/2012/06/Web-DVD-Cover-Lost-Years-Jesus-Part-II-copy.jpg

لا أدري لماذا أشعر بأن تكثيف الجهود حاليا لوحدة الأديان هي من الممهدات لفتنة المسيح الدجال
لأن هناك شخص ، الذين يدعون لوحدة الأديان يقولون بأننا دخلنا عصر قدومه منذ عام 2012 وأنه هو ابن الله (سبحانه) الذي تؤمن بوجوده كل الأديان باستثناء الإسلام والذين سيعود مستقبلا

في الحديث صحيح الإسناد : (لفتنةُ بعضِكم أخوفُ عندي من فتنةِ الدجالِ ، ولن ينجو أحدٌ مما قبلها إلا نجا منها ، وما صنعت فتنةٌ – منذُ كانت الدنيا – صغيرةً ولا كبيرةً إلا لفتنةِ الدجالِ)

ومن المؤكد أنه سيأتي لإحلال السلام وتوديع الأحزان خصوصا أنه سيدعي احياء الموتى باستخدام الشياطين

عذرا إن خرجت عن الموضوع ولكنني أرى أن ما تكلمت به له علاقة بموضوعك أخي الفاضل.

أورسالم
10-26-2014, 05:32 PM
هُنالك فرق بين وحدة الأديان عن طريق الإيمان الازدواجي بالمتناقضات، وبين وحدة الأديان عن طريق السعي إلى الوصول لكلمةٍ سواء تجمع مُختلف الأديان تحت اعتقادٍ واحدٍ جامع

على هذا المنهج قد بُعث الرسول أصلًا. منهج توحيد البشرية تحت عبادة إله واحد ودين واحد ( توحيد الله بتوحيد الدّين )
ذلك الدّين الأوّل الأزلي، الذي سبَق مُحمّد وعيسى وموسى وإبراهيم وتجتمع كل البشرية القديمة عليه
( كان النّاس أمةً واحدة )

مع مرور الأزمان عدّدت شرور البشر الأديان وعدّدوا الآلهة. وتفرّقوا عن دينهم الأوّل
( وما كانَ النّاس إلّا أمةً واحدة فاختلفوا )
(وإن هذه أمتكم أمةً واحدة وأنا ربكم فاتقون () فتقطعوا أمرهم بينهم كل حزب بما لديهم فرحون)

فبدأ بعث الأنبياء والرسل لتوحيد البشر تحت دينٍ واحد وإلهٍ واحد من جديد ( التوحيد )
( فبعثَ الله النبيين مبشرين ومنذرين، وأنزلَ معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه )

عندما بُعثَ النبي مُحمّد لم يأتِ بدينٍ جديد. ولم يعزل كلّ ما في الأديان الأخرى. على العكس، قد سعى لإبراز التوافقات بين الأديان الأخرى ليوحّد الأقوام تحت دين واحد شامل. يجمع فيه الحقّ كله من كلّ الأديان، ويُدحض الباطل من حيثُ جاء. وهذا ما وصّى بهِ القرآن أصلًا:
( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبُد إلا الله ولا نشرك بهِ شيئًا )
لأنّ تلك الأديان في الأصل مُنسدلة ومتفرّقة عن الدّين الأوّل الحق، أو عن رسالاتٍ نبويّة سابقة

كذلك دائمًا ما كانَ يوصّي القرآن إلى وحدة الدّين والسّعي إلى التوافق لا التفرّق:
- ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذين أوحينا اليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه )
- ( إنّ اللذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لستَ منهم في شيء )
- (ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزبٍ بما لديهم فرحون)
- (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات)

مبادرات البعض في السعي لإبراز التوافقات والمتلاقيات بين الأديان هيَ واجب إسلامي أصلًا وليسَ باطِلًا مُبتَدَع

مستفيد..
10-26-2014, 07:58 PM
الأخ أورسالم وحدة الأديان تعني الإقرار بصحة جميع المعتقدات الدينية وإذابة الفوارق الجوهريّة بين الأديان المختلفة وهذا كفر بالإجماع يكفي لدحضها قراءة سورة الكافرون,,
أنت في مداخلتك تتحدث عن الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة لإقناعهم بالدُّخول في الإسلام وتعرفه على أساس أنه وحدة الأديان وهذا خطأ منك في الإستدلال..
يكفي أن تقف على أقوال العصرانيين في المسألة لتعرف انها كفر بواح فجميعهم يسوغ اتباع غير دين الإسلام ويجوز صحته..يقول بن تيمية: (( ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر، وهو ككفر مَن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب ))
سؤال: هل يجوز اتباع غير دين الإسلام ؟

أورسالم
10-26-2014, 08:24 PM
ما هوَ الإسلام يا مُستفيد؟
هل هو الرسالة التي بُعثَ بها خصوصًا النبي محمّد ( ص ) ؟ أم مفهومه أوسع من ذلك ويشمل ما بُعثَ بهِ جميع الأنبياء؟

واسطة العقد
10-26-2014, 09:43 PM
جهد مشكور، هلا تكلمت اكثر عن كون اخوان الصفا و الهندوس من المؤمنين بوحدة الأديان؟
فاجئني هذا.

ابو علي الفلسطيني
10-26-2014, 11:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيرا
يوجد كتاب على الشبكة باسم "وحدة الاديان في عقائد الصوفية" ولا ادري هل وقفت عليه اخي الفاضل مستفيد ام لا وعلى كل حال فهذا رابط لتحميله

http://majles.alukah.net/t130062/

مستفيد..
10-27-2014, 12:13 AM
جهد مشكور، هلا تكلمت اكثر عن كون اخوان الصفا و الهندوس من المؤمنين بوحدة الأديان؟
فاجئني هذا.
في كتاب "إخوان الصفا" للإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب والذي يشرح فيه فلسفة الجماعة نجد فصلا كاملا عنونه الكاتب بــ "إخوان الصفا ووحدة الأديان".. شرح فيه موقفهم من وحدة الأديان..يقول في الصفحة 105: (( وجه إخوان الصفا جل اهتماماتهم إلى وحدة الأديان فذهبوا إلى أن جميع الأديان في جوهرها واحدة..لأن لها غاية واحدة هي التعلق بالمثل العليا الفاضلة والتشبه بالإله على قدر الطاقة الإنسانية ))..ويقول في الصفحة 117: (( وبنتيجة البحث والمناقشة والعرض..يصل إخوان الصفا إلى أن رأيهم ومذهبهم يستغرق ويشمل المذاهب كلها ويضم العلوم جميعا..لذلك فهم لا يحملوا حقد على أحد ولا يعدوا علم من العلوم أو يهجروا كتابا من الكتب ولا يتعصبوا على مذهل من المذاهب ))..(( وهذ هو دين الحب الإنساني الذي بشروا به ودعو إليه ومن الطبيعي أن يتأثر بأفكارهم هذه كبار العقلاء والعلماء والمفكرين وخاصة عباقرة الفلاسفة من المتصوفين وعلى رأسهم الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي الذي نادى بدين الحب ووحدة الوجود ووحدة المعبود وأشار إلى العلم بأحدية الطريق الأمم..والطريق الامم في اعتقاده هو الطريق المستقيم الذي تؤدي إليه الأديان كلها ))!..

بخصوص الهندوس أظن الأوبنشاد خير مثال على قولهم بوحدة الوجود وبالتالي وحدة الأديان..جاء في كتاب التصوف والفلسفة نقل لبعض نصوصهم المقدسة..نجد مثلا هذه الفقرة: (( إنك انت النار وأنت الشمس..وأنتَ الهواء وأنت القمر وأنت الفلك المرصع بالنجوم..أنت براهمان الأعلى..أنت المياه أنت خالق كل شيء..أنت المرأة وأنت الرجل..أنت الشاب وأنت الصبية....أنت رعد السحاب وأنت الفصول وأنت البحار ))..يقول ولتر ستيس: (( إنه لمن الصواب أن نقول أن المعنى المنتشر في هذه الفقرة وفي فقرات أخرى من "الأوبنشاد" يؤكد بغير شك تصور الهوية..وهناك شاهد آخر يؤكد الهوية نفسها هو التوحيد الشهير بين اتمان Atman ( الروح او النفس البشرية ) وبراهمان..أعني بين الذات الفردية والذات الكلية...وأنا لا أقول أن الفيدانتا لا تتضمن وحدة الوجود..فهي بالقطع تتضمن ذلك ))
ومن نفس الكتاب أيضا صفحة 265 (( ويفسر هنريخ زيمر في كتابه "الأساطير والرموز في الفن والحضارة الهندية"..إحدى الحكايات وهي اطول من ان نذكرها هنا لكنها تعني ان "سر مايا maya" هو هوية الأضداد..ومايا هي التجلي المتأني والمتتابع لعمليات يناقض بعضها بعضا ويمحو بعضها: الخلق والتدمير والنمو والإنحلال..وحرف "الواو" يربط ويوحد بين المتناقضات وهو يعبر عن الطابع الأساسي للموجود الأعلى..والأضداد هي أساسا من ماهية وحدة..وجهان لإله واحد هو فشنو"vishno" ))

مستفيد..
10-27-2014, 12:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

جزاكم الله خيرا
يوجد كتاب على الشبكة باسم "وحدة الاديان في عقائد الصوفية" ولا ادري هل وقفت عليه اخي الفاضل مستفيد ام لا وعلى كل حال فهذا رابط لتحميله

http://majles.alukah.net/t130062/

لم أقف على هذا العنوان ولكن إضافة لما ذكرت أستاذي نجد كتاب "وحدة الأديان في تأصيلات التصوف وتقريرات المتصوفة"..د لطف الله خوجة..وكتاب "دعوة التقريب بين الأديان" د أحمد بن عبد الرحمن القاضي...وخاصة هذا الأخير هام جدا..

أبو جعفر المنصور
10-27-2014, 01:04 PM
في الواقع التتر كانوا من دعاة وحدة الأديان !

فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله – في مجموع الفتاوى (28/523-525) وهو يتحدث عن ديانة التتار وعقائدهم ومساوتهم بين الأديان :

«… فهم يدّعون دين الإسلام ويعظّمون دين أولئك الكفّار على دين المسلمين ويطيعونهم ويوالونهم أعظم بكثير من طاعة اللّه ورسوله وموالاة المؤمنين والحكم فيما شجر بين أكابرهم بحكم الجاهليّة لا بحكم اللّه ورسوله. وكذلك الأكابر من وزرائهم وغيرهم يجعلون دين الإسلام كدين اليهود والنّصارى وإنّ هذه كلّها طرقٌ إلى اللّه بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين.

ثم منهم من يرجّح دين اليهود أو دين النّصارى ومنهم من يرجّح دين المسلمين وهذا القول فاشٍ غالبٌ فيهم حتّى في فقهائهم وعبّادهم لا سيّما الجهميّة من الاتّحاديّة الفرعونيّة ونحوهم فإنّه غلبت عليهم الفلسفة. وهذا مذهب كثيرٍ من المتفلسفة أو أكثرهم وعلى هذا كثيرٌ من النّصارى أو أكثرهم، وكثيرٌ من اليهود أيضًا؛ بل لو قال القائل: إنّ غالب خواصّ العلماء منهم والعباد على هذا المذهب لما أبعد. وقد رأيت من ذلك وسمعت ما لا يتّسع له هذا الموضع.

ومعلومٌ بالاضطرار من دين المسلمين وباتّفاق جميع المسلمين أنّ من سوّغ اتّباع غير دين الإسلام أو اتّباع شريعةٍ غير شريعة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم فهو كافرٌ وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب كما قال تعالى : {إنّ الّذين يكفرون باللّه ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين اللّه ورسله ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ ويريدون أن يتّخذوا بين ذلك سبيلًا * أولئك هم الكافرون حقًّا وأعتدنا للكافرين عذابًا مهينًا}. واليهود والنّصارى داخلون في ذلك وكذلك المتفلسفة يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض. ومن تفلسف من اليهود والنّصارى يبقى كفره من وجهين.

وهؤلاء أكثر وزرائهم الّذين يصدرون عن رأيه غايته أن يكون من هذا الضّرب فإنّه كان يهوديًّا متفلسفًا ثمّ انتسب إلى الإسلام مع ما فيه من اليهوديّة والتّفلسف وضمّ إلى ذلك الرّفض. فهذا هو أعظم من عندهم من ذوي الأقلام وذاك أعظم من كان عندهم من ذوي السّيف . فليعتبر المؤمن بهذا.

وبالجملة فما من نفاقٍ وزندقةٍ وإلحادٍ إلّا وهي داخلةٌ في اتّباع التّتار لأنّهم من أجهل الخلق وأقلّهم معرفةً بالدّين وأبعدهم عن اتّباعه وأعظم الخلق اتّباعًا للظّنّ وما تهوى الأنفس» اهـ.

Northern Bird
10-27-2014, 02:22 PM
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة (33)
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا) الفتح (28)
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) الصف (9)

ليظهره على الأديان كلها ، لا أن يوفق بينهم
لأنه لا توفيق بين الحق والباطل.

أورسالم
10-27-2014, 04:25 PM
ليظهره على الأديان كلها ، لا أن يوفق بينهم
لأنه لا توفيق بين الحق والباطل.
التوفيق لا يكون بين حقٍّ وباطل بالطبع. بل يكون بإبراز الحقّ الذي عندنا وإبراز الحقّ الذي عندهم
إبرازنا لتوافقاتنا قبل إبرازنا لاختلافتنا سيُعزّز حتمًا هدَف الدعوة إلى الحقّ

التوافق عمومًا يقود للتفاهم. بعكس الاختلاف الذي يقود غالبًا للعداوة

ولهذا حثّ القرآن على هذا الأسلوب الدعوي:
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا)

أبو جعفر المنصور
10-27-2014, 04:41 PM
التوفيق لا يكون بين حقٍّ وباطل بالطبع. بل يكون بإبراز الحقّ الذي عندنا وإبراز الحقّ الذي عندهم
إبرازنا لتوافقاتنا قبل إبرازنا لاختلافتنا سيُعزّز حتمًا هدَف الدعوة إلى الحقّ

التوافق عمومًا يقود للتفاهم. بعكس الاختلاف الذي يقود غالبًا للعداوة

ولهذا حثّ القرآن على هذا الأسلوب الدعوي:
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا)

لا علاقة للآية في دعواك ولو أكملتها لفهمت الأمر

( قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ )

فالكلمة السواء براءة مما هم عليك من الشرك خصوصاً مع قوله تعالى ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله )

والأسلوب الذي تتحدث لعلك تعني به الانطلاق من المتوافق عليه إلى الإلزام والاحتجاج في المختلف فيه كالاحتجاج على عباد الأوثان بربوبية الله على استحقاقه وحده للعبادة

أورسالم
10-27-2014, 04:53 PM
والأسلوب الذي تتحدث لعلك تعني به الانطلاق من المتوافق عليه
نعم هذا ما أقصده

واسطة العقد
10-27-2014, 06:58 PM
شكرًا مستفيد..

خطاب أسد الدين
10-29-2014, 09:43 AM
ارجوا التوضيح لقضية وحدة الاديان باعتبار ان التوحيد فى الاديان هو الاصل وان التعددية طارئة .
او ان وحدة الاديان مرفوضة ,باعتبار التشريعات ,مع ان الاختلاف فقط فى ليس فى اصول التشريعات كتحريم القتل والزنى والكذب والسرقة والخيانة والغدر ,بل الخلاف فى تفاصيل التشريعات.
ارجوا أن توضحوا الجانب المرفوض.

مستفيد..
10-29-2014, 03:18 PM
وحدة الأديان لا علاقة لها لا بمفهوم توحيد الخالق ولا بتعدد الآلهة ولا علاقة لها بتشريعات كل ديانة من الديانات بل على العكس هي فكرة يستوي فيها التوحيد بالتعدد وتدعو إلى إذابة جميع التشريعات بحكم أنها سببا للفرقة والتصارع والإقتصار على إعتبارها إرث ثقافي لا غير..وكما قلنا سابقا هي تعني باختصار الإقرار بصحة جميع المعتقدات الدينية وإذابة الفوارق الجوهريّة بين الأديان المختلفة..
وهناك خطأ تكرر من بعض الإخوة لأكثر من مرة وهو الخلط بين دعوة الإسلام للتوحيد ومعنى وحدة الأديان..ولعل تشابه المصطلحين توحيد ووحدة هو ما سبب الخلط..نقول أن دعوة الإسلام للتوحيد هي دعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة بالطريقة التي نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وترك ونبذ ما سواه من الديانات المحرفة والوضعية والحكم على جميعها بالبطلان ..أما وحدة الأديان فهي تدعو إلى نقيض ذلك تماما..
لنأخذ مثلا النصرانية..النصرانية قبل التحريف كانت دعوة إلى الإسلام ودعوة إلى التوحيد وهي دعوة عيسى عليه السلام لكن بعد التحريف امتزجت هذه الدعوة بالوثنيات خاصة في عهد الإمبراطور قسطنطين فنتج عن ذلك دين جديد امتزجت فيه المسيحية بالوثنية..هذا الدين الجديد يمكن اعتباره قائما على مبدأ وحدة الأديان بينما الإسلام جاء لفك تلك الوحدة والإقتصار على دين لا يمتزج لا بالوثنيات ولا بالفلسفات ولا بأي شيء آخر ييعني نقيض ما تدعو إليه وحدة الأديان..يقول عبد الرحمن حبنكة الميداني في كواشف زيوف واصفا تلك العلاقة بين مزيج النصرانية والوثنية من جهة والإسلام من جهة اخرى: (( ولكنها (أي النصرانية) لم تتمكن من أن تقطع دابر الوثنية وتقتلع جرثومتها..كان نتيجة كفاحها أن اختلطت بمبادئها ونشأ من ذلك دين جديد تتجلى فيه النصرانية والوثنية سواء بسواء – هنالك يختلف الإسلام عن النصرانية ، إذ قضى الإسلام على منافسته الوثنية قضاءً باتاً ، ونشر عقائده خالصة بغير غبش . ))

ابن سلامة القادري
10-29-2014, 10:45 PM
ولكن السؤال المطروح في هذا السياق هو هل يصح فعلا نسبة الدعوات الحديثة والحثيثة للتقارب بين الأديان إلى القائلين بوحدة الوجود..أم هي بالفعل نتاج الحضارة والتمدن ولا علاقة لها بالتصوف الإلحادي ؟
للإجابة عن هذا السؤال إجابة موضوعية (ولا أدعيها)..نحتاج إلى أن نبحث عن متى وكيف ظهرت هذه الدعوات..
المجمع الفاتيكاني الثاني (1963-1965) كان أول ظهور علني وعملي لفكرة التقريب بين الأديان لتتطور فيما بعد وتصبح دعوات إقامة صلوات مشتركة وطبع الكتب الدينية في كتاب موحد وهذا كله بعد أن تستغني كل ديانة عن شريعتها وكل ما شأنه أن يسبب خلافات أو اختلافات وهذا المبدأ يذكرنا بقانون نفي النفي أحد قوانين الفلسفة الماركسية الثلاثة وأحد أسس المنطق الجدلي!..يقول الباحث الروسي أليسكي جورافسكي في كتابه الإسلام والمسيحية: ((فللمرة الاولى منذ أربعة عشر قرنا من وجود المسيحية والإسلام يتحدث مجمع مسكوني كاثوليكي بصورة إيجابية عن المسلمين معترفا بوضعهم الديني المتميز ولهذ شبهت المطبوعات الكثوليكية التغيير الحاصل في موقف الكنيسة تجاه الإسلام بــ"الإنقلاب الكوبرنيكي" وهو تشبيه غير مبالغ فيه إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن رسالة البابانيوس الثاني عشر "fidei donum " الصادرة في أواخر الخمسينات 1957 رأت في انتشار الإسلام في إفريقيا خطرا على الكنيسة وأن كتاب تاريخ الإرساليات الكاثوليكية المؤلف من أربعة مجلدات والصادر في المرحلة نفسها نظر لنشاطات الإسلام وفعالياته العالمية ككارثة تضاهي خطر الشيوعية ))..(7)
ثم في البيان الختامي للمجمع سنة 1965 جاء التصريح بوحدة الأديان وتساويها وعُبر عن ذلك بمصطلحات صوفية خالصة!..فقد نص البيان على (( أن الديانات حاولت بأشكال مختلفة ان تجيب عن الأسئلة الكبيرة ذاتها وهذا ما تقصته الهندوسية بجهودها الفلسفية الثاقبة وبأساليبها الزهدية والتأملية وما حاولته البوذية على مختلف أنواعها وألوانها من بلوغ التحرر النفسي الكامل والوصول إلى الإشراق النفسي بالجهود الفردية الذاتية أما الكنيسة الكاثوليكية فلا تزال شيئا مما هو حق ومقدس في هذه الديانات بل تنظر بعين الإحترام إلى تلك الطرق وإلى تلك القواعد والتعاليم التي غالبا تحمل شعاعا من تلك الحقيقة التي تثير كل الناس وهي تحث أبناءها على ان يعرفوا ويعززوا تلك الخيور الروحية والأدبية))..(8)[/CENTER]
السؤال المطروح هنا هو ما السر في التغير المفاجئ الذي طرأ على موقف الكنيسة الكاثوليكية خاصة وأن البعض وصفه بالإنقلاب الكوبرنيكي..يخبرنا جورافسكي أن هذا التغير المفاجئ يقف ورائه المستشرق الفرنسي الأشهر لويس ماسينيون ...
إذن لويس ماسينيون هو السبب الرئيسي في ظهور أولى دعوات التقارب بين الأديان في العصر الحديث..



أخي الحبيب،
قد يكون هناك توافق نسبي في الشكل بين دعوات التقريب أو التلقيح أو الصهر بين الأديان في الماضي و الحاضر و ما تكتنفه من مصطلحات كلاسيكية صوفية أو محدثة لكن هذه الدعوات في القرن الحديث أخذت منحى شيطانيا مغرضا و أسوء بكثير من الضلال الذي عرفه غلاة التصوف و الذين حملوا نواة الفكرة قبل عدة قرون.

فَ ''ماسينيون'' لم يكن وحده السبب في التغير المفاجئ للكنيسة .. هناك ''الماسونيون'' أيضا. و لا تخفى علاقة الماسونية بالكنيسة في القرن الحديث و هي العلاقة نفسها التي أدت إلى تغير جذري مفاجئ آخر للكنيسة في موقفها من اليهود و الصهاينة و قضية فلسطين بعد أن كان الموقف الرسمي لها على مدى قرون هو البراءة المطلقة من اليهود و تحميلهم خطيئة الصلب المزعوم للمسيح عليه السلام.

مقال (1) : عن العلاقة الحميمية بين الصليبية و الماسونية و ازدواجية الكنيسة (http://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=361)

مقال (2) : العلاقة بين الماسونية والنورانيين وبين الكنيسة الكاثوليكية و تغير موقفها من اليهود في عهد الماسونيَيْن بولس الثاني و بينيدكت السادس (http://www.yaseenyousef.com/nwo/chapter_4/chap4_3.htm)

أما لماذا الماسونية و عن علاقتها بالدعوة القديمة الجديدة للتقريب و الوحدة بين الأديان فقد كتب في ذلك الدكتور بليل عبد الكريم يقول في مقال له على موقع الألوكة سنورد بعض مراجعه :

يُعَدُّ الماسونيُّون روادَ دعوة حرية الأديان، والعقل المفكر لوحدة الأديان، وإله الماسونيين ليس هو إله موسى وعيسى ومُحمد، بل هو مهندس الكون الأكبر، ولك أنتَ تحديد من ينطبق عليه هذا الوصف... وأكبر راعٍ لهذا المشروع الكنيسةُ البروتستانتية[24].

والوحدة هنا هي العدم؛ أي: إنَّ توحيد الأديان سيقتضي إلغاءَ التَّضاد القائم بينها، وإنشاء دين جامع لها كلها، والجمع لا يكون إلاَّ بين المشترك والمتناسق؛ كيما لا ينهار، ويستمر، ثم يتكامل لينتج.

مِنْ ثَمَّ كم هو القدر المشترك بين أديان الأرض؟ صفر؛ أي: لا دين، يُصبح الإنسان هو "المشرع" الإله... اللاَّدين هو مشترك الأديان بعد انهيارها؛ لأنَّها لا تَملك نسقًا يُوحِّدها؛ لتناقضها فيما بينها إن جمعت، اللاَّدين: العَلمانية، أو العقيدة الرُّبوبية: الاعتقاد بوجود خالق، وكلٌّ حر في تعريف هذا الرب بما يرى، ويعبده كيفما يشاء، الخلاصة تعريف الرب: هو مهندس هذا الكون، ولك أن تحدد من هو، ولا تثريبَ عليك؛ لأنَّ الماسونية تضمن لك الحرية المطلقة، الأُخُوَّة الإنسانية لا الدينية، والمساواة بين كل الأديان، النِّهاية الإنسان هو إله[25]!

ودعوة وحدة الأديان نشأتها باطنية مَحضة بتصورات شمولية؛ "... حيثُ حاولت الحركة الباطنية تشكيلَ بنية الفِكر الباطني في صورة مَذهب جامع شامل، يقوم على الجمع والتلفيق بين عقائدَ شتَّى، متنوعة ومتباينة في أصولها ومصادرها؛ بحيث تَجد هوى في نفوس جماعات مختلفة في العنصر والدين من مزدكيين ومانويين وصابئة ويهود ومسيحيِّين ومسلمين"[26]، وهنا تحشر الأفكار والمعتقدات، ويجتمع الكل على ما توافقوا عليه، ويعذر بعضهم البعض على ما اختلفوا عليه، فتحسبهم جميعًا، وقلوبُهم شتى، "وهي قاعدة فكرية مركبة، من شأنها أن تستهويَ أناسًا من مشارب شتى، باعتبارها تبشر بحرية الفكر والعقيدة، وتدعو إلى ديانة أُمَمية تزول فيها الفوارق، ودواعي الاختلاف..."[27]، والروح الفكرية للأخوة الإنسانية تقتضي القَبول بالآخر بما له وما عليه، وفي النهاية الجميع في خدمة الإنسان.

"وينبغي لإخواننا - أيَّدهم الله - أن لا يعادوا عِلمًا من العلوم، أو يهجوا كتابًا من الكتب، ولا يتعصَّبوا لمذهب من المذاهب؛ لأنَّ رأيَنا ومذهبَنا يستغرق المذاهب كلها، ويجمع العلوم جميعها"[28].

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/9527/#ixzz3HBihCq97

مراجع الدكتور بليل عبد الكريم :

[24] راجع: "دعوة التقريب بين الأديان"، دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية، أحمد بن عبدالرحمن بن عثمان القاضي.
[25] هذه خلاصة مذكرة ليسانس في العقيدة ومقارنة الأديان، موسومة بـ "دعوة التقريب بين الأديان: دراسة نقدية"، قدمتها سنة 2004.
[26] "أصول الإسماعيلية"، ص 194 - 195.
[27] "التسلل الباطني في العراق"، مكي خليل، ص 126.
[28] "رسائل إخوان الصفا" نقلاً - عن التسلل الباطني في العراق، ص 126.

مستفيد..
10-30-2014, 02:17 AM
كنت أنوي الحديث عن الماسونية لكن ليس في سياقها المؤامراتي المعهود وإنما كنت أنوي الحديث عن السياق الفكري وأصول نشأتها والذي يتماشى تماما مع الهدف من هذا الموضوع..لكني لم أفعل حتى لا يفقد الموضوع قيمته العلمية ويسقط في نظر القارئ في المؤامراتية نظرا لاقتران اسم الماسونية بالتهويل والمبالغة حتى صارت من مترادفاته اللغوية في ذهن القارئ العربي ..على العموم أخي بن سلامة حتى الماسونية في نظري لم تكن استثناءا فهي فرقة قديمة سواء من جهة الأفكارا أو حتى من جهة التسمية!..الماسونية هي فرقة إلحادية تتخذ من الإستنارة والتحرر والإخاء شعارات لها وأتباعها كما هو معلوم يسمون أنفسهم "المتنورون الاحرار" وهي بالطبع تدعو إلى وحدة الأديان ولكن قد يعجب المرء حينما يجد نفس هذه الفرقة بعقيدتها الإلحادية وبفكرة وحدة الأديان وبالتسمية ذاتها في فرقة الماهيناها البوذية وهي فرقة ملحدة تتبنى نفس الأفكار ونفس المبادئ للماسونية الحديثة واتباعها يسمون أنفسهم بالمستنيرون والمتحررون !..نجد في نصوصهم المقدسة السوترا sutra: ((وتتحرر ماهية العقل في حالة الإستنارة من كل طرق التفرد والتفكير الذي يميز))..(( (لو كان أي موجود واع قادرا على أن يبقى متحررا من كل تفكير يميز فإنه سوف يبلغ حكمة بوذا))..(( ((لو انك رغبت الآن في فهم أكثر كمالا للإستنارة القصوى فإن عليك ان تتعلم أن تجيب دون الرجوع إلى التفكير الذي يميز..ذلك لأن التاثاجاتس tathagatas قد تحرروا من عجلة العود الأبدي : عجلة الموت ثم الميلاد من جديد بهذه الطريقة الوحيدة وهي الثقة والإعتماد على عقولهم الحدسية ))..والتاثاجاتس tathagatas تعني المستنيرون حسب معجم ديانات وأساطير العالم د.إمام عبد الفتاح إمام ص227..
يعني أينما وليت وجهك إلا ووجدت أفكارهم وفرقهم في مقابر التاريخ سواء ماسينيون او الماسونية او أيها شئت..باختصار: (( يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ))
أما عن علاقة اليهود فبالطبع الهدف الرئيسي من هذا كله هو سياسي بحت ومرتبط بوجود إسرائيل بالأساس..وليس هذ رجما بالغيب فقد طرحت هذه الشبهة على المجمع الفاتيكاني ذاته ومن قبل أساقفة كاثوليك ..يقول ألاسكي جورافسكي في الإسلام والمسيحية ص118 (( وقد اظهرت المناقشات مقومة قوية من بطريرك أنطانكية للكثوليك طبويني وبطريرك الأقباط الكاثوليك اسطفانس الأول يآزرهما عدد لا بأس به من أساقفة الكاثوليك الشرقيين الذين أجمعوا على أن التطرق إلى موضوع اليهود ونفي التهمة التاريخية عنهم قد يؤدي إلى الإعتراف بدولة إسرائيل من قبل الفاتيكان من جهة وقد يخدم مصلحة اليهود سياسيا في نزاعهم مع العرب من جهة ثانية..أما بطريرك الروم الكاثوليك ماكسموس الرابع فقد أشار إلى أن المسودة المقترحة عن اليهود يمكن أن تقر وتصدر فقط حال إذا كانت الكنيسة ستتحدث عن ديانات أخرى بما في ذلك عن الإسلام ))..

وصرح الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون -نقلا عن أحمد منصور- أن: (( ما دام اليهود يقتلون لمجرد انهم يهود أو لأنهم مواطنو اسرائيل فإن بلاء معاداة السامية مازال حيا يرزق..وإن ما نعيشه اليوم هو بداية السلام الموعود..هذا اليوم الذي يعيش فيه أحفاد ابراهيم واحفاد اسحاق واحفاد اسرائيل جنب إلى جنب في سلام )) مجلة المجتمع العدد 1126 ص37
يعني وحدة الأديان حل ناجع للقضاء على ما يسمى "" معاداة السامية ""

القلم الحر
10-30-2014, 02:51 AM
احسنتم فى الاشارة لاخوان الصفا
و هو ما يفسر الاهتمام الرهيب من المستشرقين و اضرابهم بتراث الاسماعيلية
و لاحظوا انتشار دعوة الاغاخانية
و الماسونية تديرها الكنيسة التدبيرية التى تحكم دولة الشر :امريكا
و هم يهود نصارى !

خطاب أسد الدين
10-31-2014, 04:34 PM
وحدة الأديان لا علاقة لها لا بمفهوم توحيد الخالق ولا بتعدد الآلهة ولا علاقة لها بتشريعات كل ديانة من الديانات بل على العكس هي فكرة يستوي فيها التوحيد بالتعدد وتدعو إلى إذابة جميع التشريعات بحكم أنها سببا للفرقة والتصارع والإقتصار على إعتبارها إرث ثقافي لا غير..وكما قلنا سابقا هي تعني باختصار الإقرار بصحة جميع المعتقدات الدينية وإذابة الفوارق الجوهريّة بين الأديان المختلفة..
وهناك خطأ تكرر من بعض الإخوة لأكثر من مرة وهو الخلط بين دعوة الإسلام للتوحيد ومعنى وحدة الأديان..ولعل تشابه المصطلحين توحيد ووحدة هو ما سبب الخلط..نقول أن دعوة الإسلام للتوحيد هي دعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة بالطريقة التي نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وترك ونبذ ما سواه من الديانات المحرفة والوضعية والحكم على جميعها بالبطلان ..أما وحدة الأديان فهي تدعو إلى نقيض ذلك تماما..
لنأخذ مثلا النصرانية..النصرانية قبل التحريف كانت دعوة إلى الإسلام ودعوة إلى التوحيد وهي دعوة عيسى عليه السلام لكن بعد التحريف امتزجت هذه الدعوة بالوثنيات خاصة في عهد الإمبراطور قسطنطين فنتج عن ذلك دين جديد امتزجت فيه المسيحية بالوثنية..هذا الدين الجديد يمكن اعتباره قائما على مبدأ وحدة الأديان بينما الإسلام جاء لفك تلك الوحدة والإقتصار على دين لا يمتزج لا بالوثنيات ولا بالفلسفات ولا بأي شيء آخر ييعني نقيض ما تدعو إليه وحدة الأديان..يقول عبد الرحمن حبنكة الميداني في كواشف زيوف واصفا تلك العلاقة بين مزيج النصرانية والوثنية من جهة والإسلام من جهة اخرى: (( ولكنها (أي النصرانية) لم تتمكن من أن تقطع دابر الوثنية وتقتلع جرثومتها..كان نتيجة كفاحها أن اختلطت بمبادئها ونشأ من ذلك دين جديد تتجلى فيه النصرانية والوثنية سواء بسواء – هنالك يختلف الإسلام عن النصرانية ، إذ قضى الإسلام على منافسته الوثنية قضاءً باتاً ، ونشر عقائده خالصة بغير غبش . ))

شكرا للتوضيح ,وانا فى نظرى ان هناك وحدة اديان باعتبار الاصل, ان الدين هو واحد ,أى بدأ توحيدى ثم ظهرت التعددية والتحريفات.
واعتقد أنه اكده بعض الباحثين فى الاديان,وان المتملحدين يتخذون ذلك ذريعة لاقتباس الاديان التوحيدية من الوثنيات القديمة.
وأما وحدة ألاديان بإعتبار الجميع صحيحا فهذا فيه نظر كذلك,فأصل الدين كان صحيح ,لكن بعد الدخيل والمتطفل ما عدنا نجزم بصحة الدين من عدمه,بل التطرق الى عدم الصحة أقرب منه الصحة.