المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بطلان نظرية المصادفة في الكون



ابن سلامة القادري
11-17-2014, 09:03 PM
بطلان نظرية المصادفة في الكون
الدكتور سفر الحوالي

كلما تطور العلم نظر هَؤُلاءِ الطبائعيون في دقائق الكون ووجدوا أن هذا لا يمكن، ولا يؤدي إِلَى تفسير صحيح، فَقَالُوا: إذاً لمن ننسب الخلق ولمن ننسب الحياة؛ فَقَالُوا: إِلَى المصادفة، فاستخدموا كلمة المصادفة، ووجدوا بعد ذلك أن القوانين الرياضية، والقوانين العلمية نفسها تنفى نفياً قاطعاً أن يكون للمصادفة أي دور في إيجاد هذا الخلق، أفهذا الكون المنظم البديع وجد بالمصادفة؟
هذا شيء لا يقبله أي عقل ولا يمكن عَلَى الإطلاق، بل علماؤهم في أوروبا كتبوا كتباً كثيرة ضد المصادفة، وَقَالُوا: لا يمكن أن يكون للمصادفة أي دور في الحياة لا لأنهم متدينون، ولكن بالنظريات العقلية والبراهين الرياضية وجدوا أن المصادفة لا يمكن أن تفعل أي شيء عَلَى الإطلاق، ولهذا ظهر واشتهر عالم إنجليزي كبير في الطبيعة اسمه وايت هيد فقَالَ: نضع اصطلاحاً وهو: ضد المصادفة، فضد المصادفة هو الذي خلق الإِنسَان، وضد المصادفة خلقت الطبيعة.
إذاً ما هو ضد المصادفة؟ فلو قالوا: الطبيعة ليس تحتها حقيقة وإن قالوا مصادفةً، فقد أنكروها، وإن قالوا الرب، قالوا: لا، الرب قد تركناه من قبل أربعة أو خمسة قرون وانتهينا مع الكنيسة.
إذاً: ما الذي نقول؟ قالوا: نقول ضد المصادفة، ويعتبرون هذا الوصف أفضل ما يعبر عنه، بل قال بعض مفكريهم لاداعي أن نستخدم أي فاعل أصلاً، فنقول: وجد الإِنسَان قبل (10000) سنة مثلاً، ووجدت الأرض قبل كذا، ونأتي بها منسوبة إِلَى المجهول، فلا داعي لذكر فاعل يدخلنا في ورطة كما سبق، فنجعلها عامة هكذا، فنقول: وُجِد وخُلِق وهكذا تصبح الأفعال مبنية للمجهول ونرتاح، فانظروا إذا غفلت القلوب وطبع عليها، هَؤُلاءِ النَّاس الذين ألهوا الطبيعة.
أما في المجال العلمي الخاص، وفي المجال العام وفي المجال الصحفي وفي مجال المؤلفات، بقيت كلمة الطبيعة هي الرائجة وهي المشهورة، لأنها سهلة، ولأنها متداولة عند اليونان وعند الرومان في أكثر من قرنين أو ثلاثة قرون في أوروبا ولأنها أيسر، حتى أصبحت إلها، وأصبح الإِنسَان يستخدمها وهو لا يشعر، فَيَقُولُ: أوجدت الطبيعة، وخلقت الطبيعة وفعلت الطبيعة، وهذا كله مصادم للفطرة السليمة.
وهذا أول رائد فضاء في العالم جاجارين السوفيتي ، عندما خرج إِلَى الفضاء، ورأى الأرض فذهل ودهش ونسي الرقابة الأرضية عليه واستيقظت فطرته، لأنه ابتعد عن الأرض ونسي أن كلامه محسوب عليه، فكان يقول وهو في الفضاء عندما رأى هذا الكون: لا بد أن لهذا الكون من إله، ولما هبط إِلَى الأرض أرغمته وكالة الأنباء السوفيتية أن يعترف أنه ليس لهذا الكون إله، لا يريدون أن يقولوا: هذا الكون خلقه الله، حتى لا يقال لهم: أنتم رجعيون متعصبون، ومتزمتون ومتدينون ومتطرفون، فيهربون من هذه الكلمة، فَقَالُوا: نقول الطبيعة لأنها تدل عَلَى أننا أناس علميون متحضرون.
وفي الحقيقة ما زادوا عَلَى أنهم سموا الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بغير اسمه، فسموه "الطبيعة" وليس من أسماء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الطبيعة، وهم يثبتون الحكمة، ويقولون: الطبيعة حكيمة، الطبيعة عاقلة، الطبيعة تقدر، الطبيعة تخلق، وهذه صفات الله، لكن لا يريدون أن يسمونه باسمه، فهم في الحقيقة لم ينكروا وجود خالق، وإنما سموا هذا الخالق بغير اسمه. وإن كانوا يقولون: نَحْنُ نقصد بالطبيعة حقيقة هذه الأشياء المخلوقة، الموجودة، فنقول: أنتم نسبتم هذا الشيء إِلَى نفسه مثل الذي يقول: الإِنسَان خلق الإِنسَان، والطبيعة خلقت الطبيعة.
وهذا الكلام لا يقبله أي عاقل، لأنها هي الخالقة وهي المخلوقة في نفس الوقت، وهذا لا يمكن أبداً، وإنما هي اسم يطلق عَلَى المخلوقات، فمن الذي يخلق المخلوقات؟ فأنتم إِلَى الآن لم تأتوا بحل، والكفار في الغرب والشرق الذين نشروا هذا المذهب الإلحادي، والذين أظهروا هذه الكلمة، وعممومها في العالم، وجعلوها هي الإله، أو الذي يُكتب مكان الإله هم يعرفون أنهم يتعلقون بأسماء سموها ليس لها حقيقة، وليس تحتها شيء، وإنما هي أسماء واصطلاحات وضعت هروباً من الإقرار بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومن الاعتراف بالحق.
وإذا بينا للناس حقيقة صفات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كما وردت في الكتاب والسنة، فإنه لن يبقى في أذهان النَّاس التباس بأن هذا هو الله وهو الرب وهو الخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، من آمن منهم يؤمن عَلَى بينة، ومن كفر فإنه يكفر عن بينة أيضاً، وإلا فإن هذا مفطور ومركوز في جميع الأذهان، وفي جميع القلوب: بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عالم بكل شيء، وأنه عَلَى كل شيء قدير، وأنه هو الخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنه الرزاق، وأنه المدبر.
فهذه أمور في ذهن كل إنسان، ولكن هذه المعارك التاريخية التي تدور، وهذه الأحقاد والمخاصمات والمجادلات التي تقع بين الناس، وحب الشهوات والاستكبار، وحب الاستعباد، كل هذه أسباب تطرأ عَلَى الإِنسَان، فينكر ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويُؤلِّه غير الله كما ألهت الطبيعة من قبل.

استحالة عمل الطبائع في النطفة
يقول المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ -يقصد الطحاوي-: [ومحال توهم عمل الطبائع فيها لأنها موات عاجزة، ولا توصف بحياة، ولن يتأتى من الموات فعل وتدبير، فإذا تفكر في ذلك، وانتقال هذه النطفة من حال إِلَى حال، علم بذلك توحيد الربوبية، فانتقل منه إِلَى توحيد الإلهية.
فإنه إذا علم بالعقل أن له رباً أوجده، كيف يليق به أن يعبد غيره؟ وكلما تفكر وتدبر، ازداد يقيناً وتوحيداً، والله الموفق، لا رب غيره، ولا إله سواه]

[ومحال توهم عمل الطبائع فيها] أي: في هذه النطفة التي خلق الإِنسَان منها، وهي عجيبة. وأصبحت أكثر إثارة للعجب في العصر الحاضر، لأن هذه النطفة عدة ملايين من الحيوان المنوي، يقول: [لأنها موات عاجزة ولا توصف بحياة، ولن يتأتى من الموات فعلٌ وتدبير] كيف يأتي من الميت الذي يسمونه الطبيعة، وهي الجبال والأشجار وما إِلَى ذلك إيجاد الحياة، وكيف يتأتي منها الفعل أو التدبير؟ فإذا تفكر الإِنسَان كيف تنتقل هذه النطفة من حال إِلَى حال، علم بذلك توحيد الربوبية، وهل يكفي أن يعلم الإِنسَان توحيد الربوبية؟

توحيد الربوبية لا يكفي لإسلام العبد (http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=4680)