المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الظلم المنفي عن الله عز وجل



أبوفيصل البدراني
02-21-2015, 01:55 PM
الظلم المنفي عن الله عز وجل والذي حرمه الله على نفسه هو وضع الشيء في غير موضعه، ومنع ذي الحق حقه، كأن ينقص أحداً من ثواب حسناته، أو يحمل أحداً أوزار غيره أو تعذيب المخلوق على طاعته على وجه اللوم والعقاب وأما تعذيبه على وجه المُلك أو الامتحان والابتلاء لحكمة ما فلايدخل في الظلم وكذلك لايدخل في الظلم سلب المخلوق الفضل أو تعذيبه على وجه المقابلة بين إحسان العبد بعبادته وإحسان الله ونعمه التي لاتُحصى فإن الله إذا قابل إحسانه بإحسان الخلق صار إحسانهم ليس بشيء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يدخل أحد الجنة بعمله" أي من باب المقابلة، لأن الله لو حاسبنا على وجه المناقشة لكان فعلنا للخيرات دَيناً علينا، لأنه هو الذي منَّ علينا بذلك، وحينئذٍ لو عذبنا في هذه الحال أو من هذا الوجه لعذبنا وهو غير ظالم , ومن صور الظلم المنفي عن الله عز وجل ايقاع المصيبة على المخلوق على سبيل عقوبته بلا ذنب أو لوم المخلوق على ذنب لم يقع فيه أو أمر المخلوق بماهو مُحال ثم لومه على التفريط أو اخلاف وعد للمخلوق قطعه الله على نفسه ،, وعلى كل حال ليثق المسلم أن كل مخلوق له حق عند الله عز وجل فسيأخذه لا محالة وهذا متفق عليه بين جميع المسلمين وإن اختلفت مذاهبهم في معرفة وبيان تفصيل هذه الحقوق , ولهذا صدق القائل حين قال:
ما للعباد عليه حق واجب * كلا ولا سعي لديه ضائع.
إن عذبوا فبعدله أو نعموا * فبفضله وهو الكريم الواسع.
ثم اعلم أخي المسلم بأن الله أحق على نفسه لعباده حقوقا كثيرة، تكرماً منه وفضلا , ومن هذه الحقوق : حق النصرة للمؤمنين، كما قال تعالى [وكان حقا علينا نصر المؤمنين] ومنها أن لا يعذب من لم يشرك به شيئا، فقد ثبت في ((الصحيحين)) من قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه، وهو رديفه: يا معاذ، أتدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال صلى الله عليه وسلم: حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حقهم عليه أن لا يعذبهم. فهذا حق وجب بكلماته التامة ووعده الصادق، لا أن العبد نفسه مستحق على الله شيئا كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير، ومنها أن من حفظ الله منهم حفظه ووجده تجاهه ومنها أن لا يدع ظلما ظلمه شخص على أحد إلا اقتص له وأخذ له بحقه أو أرضى المظلوم بفضله ليعفو عن الظالم.
وهنا مسألة مهمة وهو أنه لا يجب العدل في الفضل إنما العدل يكون في الحقوق علماً بأن الله عز وجل لا يتفضل على أحد من خلقه إلا بسبب وموجب من العبد علمه من علمه وجهله من جهله والله أعلم بمن يصلح لفضله فعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما مثلكم واليهود والنصارى كرجل استعمل عمالا، فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهود على قيراط قيراط، ثم عملت النصارى على قيراط قيراط، ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشمس على قيراطين قيراطين "، فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: نحن أكثر عملا وأقل عطاء، قال: " هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ " قالوا: لا، فقال: " فذلك فضلي أوتيه من أشاء " رواه البخاري.
للمزيد راجع http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?51703-%E6%CC%E6%C8-%CA%E4%D2%ED%E5-%C7%E1%E1%E5-%D3%C8%CD%C7%E4%E5-%DA%E4-%C7%E1%D4%D1-%E6%C7%E1%D9%E1%E3&p=2933258#post2933258