المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث إحتجاج أدم وموسى



عُبَيّدُ الّلهِ
04-04-2015, 09:37 AM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى اله وصحبه ومن تبعه وبعد،
فحديث الإحتجاج كان قديما محل شبهات لازالت تتكرر وسببها الجهل بالقدر
احتج آدم وموسى ، فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة ، فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى مرتين"
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3409
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
إن موسى قال : يا رب ، أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة ، فأراه الله آدم ، فقال : أنت أبونا آدم ؟ فقال له آدم : نعم ، قال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه ، وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة فسجدوا لك ؟ قال : نعم ، قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ فقال له آدم : ومن أنت ؟ قال : أنا موسى ، قال : أنت نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه ؟ قال : نعم ، قال : أفما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق ؟ قال : نعم ، قال : فيم تلومني في شيء سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي ؟ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك " فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى"
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4702
خلاصة حكم المحدث: حسن
" احتج آدم وموسى عليهما السلام عند ربهما ، فحج آدم موسى ، قال موسى : أنت آدم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك في جنته ، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض ، فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيا ، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ، قال موسى : بأربعين عاما ، قال آدم : فهل وجدت فيها وعصى آدم ربه فغوى ، قال : نعم ، قال : أفتلومني على أن عملت عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى "
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2652
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وهذه الأجابة من نبى الله ادم عليه الصلاة والسلام والتى أقرها النبى موسى صلى الله عليه وسلم بسكوته عنها وحكم نبينا صلى الله عليه واله وسلم بحجتها فهى مقولة اتفق فيها ثلاثة انبياء تدل على ان الانبياء اخوة لعلات فأمهاتهم شتى ودينهم واحد لأن هذه الاجابة هى نفسها التى قالها ابن ادم الصالح والنبى الصالح محمد صلى الله عليه واله وسلم
احرِص على ما ينفعُكَ ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ ، وإن أصابَكَ شيءٌ ، فلا تقُل : لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا ، ولَكِن قل : قدَّرَ اللَّهُ ، وما شاءَ فعلَ ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2664
خلاصة حكم المحدث: صحيح
أولا مقدمة عن علاقة القدر بالأسماء الحسنى.
ثانيا الشبهة الأولى إحتجاج أدم عليه السلام بالقدر.
ثالثا الشبهة الثانية إحتجاج موسى عليه السلام بالإبتلاء.
رابعا وأخيرا الشبهة الثالثة هل كان موسى عليه السلام لا يعلم الفرق بين القدر المعلق والقدر المقدور؟
أولا مقدمة علاقة القدر بالأسماء الحسنى:
القدر من التقدير،وقد ضلت طوائف المبتدعة من المحرفين المعطلين المكذبين بأسماء ربنا جل وعلا وأسماء صفته فى معظم الأسماء الحسنى ولكنهم فى إرادة الرب جل وعلا لم يستطيعوا إنكارها وقالت المبتدعة:العقل يدل على أن للرب إرادة ليس كمثلها إرادة فتخصيص السماء سماء لها صورة مستقلة وصفة خاصة وكذلك الأرض أرض والجبال جبال والبشر بشروالدواب دواب دليل على صفة التخصيص فقال لهم أهل السنة والجماعة:فالقول فى إرادة الله تعالى كالقول فى بقية صفاته فأثبتوا له تعالى رحمة ومغفرة وقدرة وعلما ويدين وقدمين وعينين ووجه وصوت وصورة وساق وأصابع لا تماثل صفات المخلوقين كما أثبتم له إرادة ونفس وحياة لا تماثل ما عند المخلوقين،والقدر هو إرادة إسم من أسماءه تعالى الحسنى وقد أخبرنا تعالى أن أسماؤه وإن كانت أزلية فإنها عند الفعل يسبق أحدها الأخر كما فى الحديث"إن رحمتى سبقت غضبى"،وكما فى حديث جابر"قد سبق القول منى أنهم لا يرجعون"والنصوص بهذا المعنى كثيرة،وعيسى عليه السلام كإخوانه من الأنبياء يعلم بهذه القضية ولهذا حينما يدعو الله عزوجل يوم القيامة يدعوه بالإسم السابق وهو العزيز الحكيم لأن العزة تسبق المغفرة يوم القيامة
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)المائدة
والمؤمن حقا يؤمن بالقدر خيره وشره على مقتضى الإسم السابق فإن جاء الشر بغلبة القدرة الإلهية التى لا فكاك منها قال المؤمن"قدر الله وما شاء فعل"وإن جاء الخير قال"ما شاء الله لا قوة إلا بالله" فالقدر قد يكون بغلبة القدرة وأحيانا يكون بغلبة الحكمة كإستدراج الكافرين بالمال والمكانة فى الدنيا وإبتلاء االمؤمنين أيضا بالمال والرفاهية لينظر تعالى كيف يفعلون فيما مكنهم.الذى وقع لأدم عليه السلام من دخول للجنة ثم خروج منها وقع بالقدر فعند دخوله أول مرة كان على مقتضى حكمة الله تعالى وإبتلائه فلما فشل فى الإختبار وهبط إلى الأرض وتاب وأناب ولم يستطع العودة للجنة فى الدنيا كان ذلك على مقتضى قدرة الله الغالبة التى لا فكاك منها.
ثانيا الشبهة الأولى إحتجاج أدم عليه السلام بالقدر:
الشبهة الأولى هى إحتجاج أدم عليه السلام بالقدر فى حديث الإحتجاج
الجواب:أحتج بالقدر حين غلب إسم الله القدير فأصبح القدر مقدورا لا فكاك منه وهذا لا شئ فيه ولكنه عليه السلام إحتج بالقدر على مصيبة أصبت قدرا مقدورا وليس على معصية هو مخير فى فعها أو تركها وهل لو عاد أدم إلى الجنة بعد الشقاء الذى جناه من المعصية كان سيأكل من الشجرة ثانية؟ فإحتجاج أدم عليه السلام كان على المصيبة التى تمت بقدر الله تعالى على مقتضى فعل ادم.
ثالثا الشبهة الثانية إحتجاج موسى عليه السلام بالإبتلاء:
هل كان موسى عليه السلام مخطئا حين سئل عن علة الأكل من الشجرة؟
الجواب:السؤال صحيح ولكن فى موضع خطأ فمقام السؤال هو قبل الأكل من الشجرة أو قبل الإستغفار والتوبة والسؤال نفسه قد سئله رب العزة والجبروت لأدم وحواء
فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)الأعراف
فربنا جل وعلا سئل نفس سؤال موسى ولكن فى الزمان الصحيح وحكمة سؤال الرب جل وعلا فى هذا الموضع هو عدل القضاء حتى تكون الأحكام الإلهية والعقوبات عن عدل تام فمن المحتمل أن يكون أدم قد نسى نسيان سهو لا نسيان عمد فجاء إعتراف أدم قاطعا.
رابعا وأخيرا الشبهة الثالثة هل كان موسى عليه السلام لا يعلم الفرق بين القدر المعلق والقدر المقدور؟
إذا كان موضع سؤال موسى عليه السلام خطأ فكيف يكون نبيا ولا يعم بالفرق بين القدر المُعلق الذى علق الله عزوجل حدوثه على إستكمال المخلوق لأعمال معينة والقدر المقدور الذى لا مجال للنقاش بشأنه؟
الجواب موسى عليه السلام كن يعلم بدليل إخبار أدم عليه السلام أن المسألة فى التوراة والتوراة نزلت على موسى عليه السلام فقطعا هو يعلم فلا إشكال والحمد لله،ولكن يقع السهو للأنبياء فى غير الوحى والنبى موسى عليه السلام كان متلهفا للقاء أدم عليه السلام وسؤاله فسها عن هذه النقطة كما سها عن إستحالة قدرة الإنسان رؤية الله تعالى فى الدنيا
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)الأعراف
وموسى عليه السلام كان يعلم أن الله لا يُرى فى الدنيا وأن صفة الله تعالى أعظم من أن يراها المخلوق بقدرته المحدودة فقد أتخذ إبراهيم خليلا ولم يره وأوحى إلى إسحاق ويعقوب ويوسف وإلى موسى نفسه عليهم السلام جميعا ولم يره أحد منهم،ولكن اللهفة الشديدة على أمر ما تجعل الإنسان يفقد تركيزه فى الأمور الأخرى وهذا يقع للأنبياء فى غير تبليغ الوحى.