المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يُقدم النقل على العقل؟



memainzin
04-12-2015, 01:13 PM
هل يُقدم النقل على العقل؟

لا تُمكن الإجابة عن هذا السؤال إلا بعد التفريق بين ثلاثة أشياء:

1- مُخالفة العقل: والمقصود به ما يُحيل العقلُ قبوله كالقول بأن الجزء أكبر من الكل، أو القول بأن الواحد يُمكن أن يكون في مكانين مختلفين في وقت واحد....إلخ فهذه الأحكام متفق عليها بين كل العقلاء ولا تتغير بتغير الزمان والمكان.

2 - مُخالفة العادة: والعادة هي خبرات الإنسان المتحصلة له؛ فلو قلت مثلًا لرجل في العصور السابقة إن بإمكانك أن تمسك لوحة بلاستيكية تُكلم وترى من خلالها من هم في أقصى الأرض؛ فإنه سيعد كلامك ضربًا من الخيال؛ فهل هذا لأنه يُخالف العقل؟ لا وأكبر دليل على عدم مخالفته للعقل هو أنه تحقق بعد ذلك، ولو كان مخالفًا للعقل لما تحقق أبدًا، وإنما تعجبه كان لأن هذا الكلام يُخالف عادته.

فالعادة إذن تتغير بتغير الزمان والمكان.

3 - مخالفة الرأي: وهي وجهة نظر الإنسان ولكنه لا يحكم على المخالف بعدم العقل، كمسألة تعدد الزوجات؛ فمن عقلاء الناس من يقبلونها، ومنهم من يرفضونها؛ فالأمر مجرد رأي.

فإن تقرر هذا نقول:

1 - يُقدم الدين على العادة؛ فمن ثم يؤمن المرء بالغيب المخالف لعادته إن ثبت من طريق صحيح، كما آمن المؤمنون قديمًا برحلة الإسراء والمعراج، وأظن أنه لو كانت هذه الرحلة الآن لما تعجبوا بنفس هذه الدرجة، وذلك للتقدم الهائل في وسائل المواصلات الذي يُسهل عليك تصور شيء كهذا، وهذا دليل على تغير العادة وعدم ثباتها.

2 - يُقدم الدين على الرأي؛ لأن هناك مليون رأي، وكل يرى صواب رأيه، وهذه قمة العقلانية؛ لأن العاقل يترك رأيه إن رآه مخالفًا لرأي كبار المتخصصين، فكيف لو رآه مخالفًا للخالق عز وجل؟

3 - أما العقل بالمفهوم المبين أعلاه؛ فإن الدين لا يُقدم عليه؛ لأنه لا يمكن أن يخالفه أصلًا، بل لو فُرض أنه وُجد حديث مثلًا يُخالف العقل في ظاهره، ولم يُمكن تأويله بما يتفق مع العقل فإن هذا يدل على بطلان الحديث:

قال الخطيب البغدادي: "وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي مُنَافَاةِ حُكْمِ الْعَقْلِ"

وقال ابن الجوزي: "فَكل حَدِيث رَأَيْته يُخَالف الْمَعْقُول....، فَاعْلَم أَنه مَوْضُوع "

فالخلاصة:
- أن عبارة:"تقديم النقل على العقل" عبارة صحيحة إن كان المقصود بالعقل هنا يشمل العادة والرأي، أما إن كان المقصود بها الأحكام العقلية القطعية التي لا خلاف عليها فلا يُمكن أن تكون مؤخرة، بل العقل مناط التكليف، وتكليف المجنون أيسر من تكليف العاقل بما يُخالف العقل!
محمد العبادى
https://www.facebook.com/profile.php?id=1475671033&fref=ts

muslim.pure
04-12-2015, 06:36 PM
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
"العقل الصريح لا يُعارض النقل الصحيح ، بل يشهد له ويؤيده لأن المصدر واحد فالذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل ، ومن المحال أن يُرسل إليه ما يُفسده "
فالنقل الصحيح يقدم على العقل دائما و أبدا

أبو أحمد العامري
04-13-2015, 10:38 PM
كلام في الصميم أخي و بارك الله فيك، لطالما نبهت الإخوة ألّا يخطؤوا في هذه النقطة المهمة العظيمة.



فالخلاصة:
- أن عبارة:"تقديم النقل على العقل" عبارة صحيحة إن كان المقصود بالعقل هنا يشمل العادة والرأي، أما إن كان المقصود بها الأحكام العقلية القطعية التي لا خلاف عليها فلا يُمكن أن تكون مؤخرة، بل العقل مناط التكليف، وتكليف المجنون أيسر من تكليف العاقل بما يُخالف العقل!
محمد العبادى
https://www.facebook.com/profile.php?id=1475671033&fref=ts


هل تعلم يا أخ أنك بخلاصتك هذه هدمت كل ما بنيته قبلها، بل العبارة على كل حال خاطئة و العقل ممدوح و محمود على كل حال و لن تجد في القرآن و لا السنة و لا كلام الصحابة ما يفيد ذمه أبداً، و لكن خلف من بعدهم خلوف أهملوا اللغة و لم يحسنوا معانيها فقالوا ما قالوا.
و العبارة الصحيحة هي "تقديم النقل على الهوى" أو قل تقديم النقل على الرأي".

أبو أحمد العامري
04-13-2015, 10:40 PM
كلام في الصميم أخي و بارك الله فيك، لطالما نبهت الإخوة ألّا يخطؤوا في هذه النقطة المهمة العظيمة.



فالخلاصة:
- أن عبارة:"تقديم النقل على العقل" عبارة صحيحة إن كان المقصود بالعقل هنا يشمل العادة والرأي، أما إن كان المقصود بها الأحكام العقلية القطعية التي لا خلاف عليها فلا يُمكن أن تكون مؤخرة، بل العقل مناط التكليف، وتكليف المجنون أيسر من تكليف العاقل بما يُخالف العقل!
محمد العبادى
https://www.facebook.com/profile.php?id=1475671033&fref=ts


هل تعلم يا أخ أنك بخلاصتك هذه هدمت كل ما بنيته قبلها، بل العبارة على كل حال خاطئة و العقل ممدوح و محمود على كل حال و لن تجد في القرآن و لا السنة و لا كلام الصحابة ما يفيد ذمه أبداً، و لكن خلف من بعدهم خلوف أهملوا اللغة و لم يحسنوا معانيها فقالوا ما قالوا.
و العبارة الصحيحة هي "تقديم النقل على الهوى" أو قل تقديم النقل على الرأي".

أبو أحمد العامري
04-14-2015, 12:45 AM
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
"العقل الصريح لا يُعارض النقل الصحيح ، بل يشهد له ويؤيده لأن المصدر واحد فالذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل ، ومن المحال أن يُرسل إليه ما يُفسده "
فالنقل الصحيح يقدم على العقل دائما و أبدا

و هذا أيضا استنتاج خاطئ، و لم يقل شيخ الاسلام رحمه الله ذلك.

muslim.pure
04-14-2015, 01:23 AM
[/u]
و هذا أيضا استنتاج خاطئ، و لم يقل شيخ الاسلام رحمه الله ذلك.
لو توضح محل الخطأ
ثم للتوضيح فالنقل الصحيح يقدم دائما و أبدا على العقل فهذا معناه أن الوحي مقدم على العقل لطبيعة العقل القاصرة من الأساس و تخبطه و هذا من تمام الحكمة أن يخلق الله العقل بهذه الصورة القاصرة لغاية الإختبار و لا يبلغ الإنسان تمام العلم إلا بالوحي و لا يعني هذا أن العقل يتعارض مع النقل و لكن الوحي يكمل القصور المعرفي للعقل الإنساني فلابد أن يقدم على العقل من هذا الوجه
ثم ركز أني لونت كلمة الصحيح و الامر على هذه الحال ان النقل مقدم على العقل من كل وجه لما وصفت لك من طبيعة العقل القاصرة و ان توافق النقل و العقل فيتم الجمع مع تقديم النقل على العقل درجة و يتم قياس مخرجات العقل بما في أيدينا من نقل

أبو أحمد العامري
04-14-2015, 11:37 AM
يا أخ muslim.pure المقولة المنتشرة و للأسف بين كثير من طلبة العلم و هي "النقل يقدم على العقل" لا أساس لها لا من نقل و لا من عقل، فلا النقل جاء بها و لا العقل يرضى بها.
فأنا هنا أتحدى من يأتني بدليل من الكتاب أو السنة أو من عند صحابي أو تابعي أو من بعدهم يفيد بمعنى هذه المقولة بالضبط، فإن لم يأتوا بذلك من النقل بقي معتمدهم على العقل و العقل لن يرضى بأن يتأخر عن النقل و لن يرضى أن يتقدمه.
إن الذي يقول بتقديم النقل على العقل يرى بتعارضهما و هو بهذا لم يفهم كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
إن هذه المقولة خطرة جدا فهي توهم معانٍ خطرة.
السلف قالوا بتقديم النقل على الهوى و على الرأي، و قالوا باتهام الرأي إذا خالف النقل، و سموا مخالفي النقل بأصحاب أهواء في حين نسميهم نحن عقلانيين و هذا ما ينفخ فيهم بدل أن يخزيهم.
أنظر معي إلى مقولة الإمام علي رضي الله عنه " لو كان الدين بالرأي لكان مسح باطن الخف أولى من ظاهره" تجد بعضهم يحرفها من حيث لا يشعر فيقول "لو كان الدين بالعقل لكان مسح باطن الخف أولى من ظاهره".
إننا أخي لا نفهم معنى العقل فنقع في ما يضر بالعقل و النقل.

مسلم أسود
04-14-2015, 02:47 PM
الظاهر أن الخلاف في المصطلحات . و القاعدة هي الحذر من تسمية الأمور بغير مسمياتها .

muslim.pure
04-14-2015, 08:59 PM
الظاهر كما قال الاخ مسلم اسود ان الخلاف في المصطلحات

مستفيد..
04-14-2015, 09:45 PM
يجوز قولها فقط في حالة كون النقل ظني لا قطعي..فالقاعدة تقول: (( قطعي العقل وقطعي النقل لا يتعارضان فإن تعارض العقل والنقل فالقطعي منهما يقضي على الظني..وإن تعارض ظني العقل وظني النقل فظني النقل مقدم حتى يثبت العقلي او ينهار ))

ابن سلامة القادري
04-14-2015, 09:56 PM
ما أحسن هذه بارك الله فيك أخي ميم عين زين و في الإخوة الأفاضل الذين أثروا الموضوع :


2 - مُخالفة العادة: والعادة هي خبرات الإنسان المتحصلة له؛ فلو قلت مثلًا لرجل في العصور السابقة إن بإمكانك أن تمسك لوحة بلاستيكية تُكلم وترى من خلالها من هم في أقصى الأرض؛ فإنه سيعد كلامك ضربًا من الخيال؛ فهل هذا لأنه يُخالف العقل؟ لا وأكبر دليل على عدم مخالفته للعقل هو أنه تحقق بعد ذلك، ولو كان مخالفًا للعقل لما تحقق أبدًا، وإنما تعجبه كان لأن هذا الكلام يُخالف عادته.

فالعادة إذن تتغير بتغير الزمان والمكان.


و لي هنا إضافة بسيطة، و هي أن مدار الخلاف بين الدين و ما يناقضه من الآراء رأساً ليس على المعقول و اللامعقول أو على إثبات منطقية الخبر عنه أو عدم إثباتها مع ثبوته في ذاته .. إنما مدار الخلاف على التصديق مع عدم الإحاطة أو عدمه لقوله تعالى : بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ. و على هذا كانت مرتبة الصديقية هي الأعلى بعد النبوة لتصديق الوحي في كل ما يرِدُ عنه بعد ثبوت أن الموحى إليه صادق من كل وجه و لصحة الخبر الوارد عنه سندا إليه (كأحاديث الذبابة و البقرة و الذئب الناطقين و الإسراء و المعراج و فقئ موسى عين ملك الموت و نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا ...إلخ)، حتى إذا تم تكذيبه و الحال هذه من قبل المكذبين فذلك ليس لتحكيم هؤلاء عقولهم بل لكذبهم هم و لتكذيبهم ما لم يحيطوا بعلمه سفها بغير علم و تحكيمهم الأهواء. و إذا كذّبوا النص بدعوى عدم موافقة ما سمعوه لعقولهم القاصرة فهنا يُواجَهون بقاعدة ''العقل الصريح لا يُعارض النقل الصحيح'' و التكملة هي : إنما أنتم متبعون لأهوائكم و ظنونكم أما الحقيقة فقد استيقنتها نفوسكم. فالعقل السوي لا يكذب الخبر إذا جاء من طريق سوي.

أبو أحمد العامري
04-14-2015, 11:54 PM
بارك الله في الإخوة جميعاً على إثرائهم للموضوع و أضيف:

و على هذا كانت مرتبة الصديقية هي الأعلى بعد النبوة لتصديق الوحي في كل ما يرِدُ عنه بعد ثبوت أن الموحى إليه صادق من كل وجه و لصحة الخبر الوارد عنه سندا إليه

إن الصديقية هي من تمام العقل، فتصديق الخبر يكون بإعمال العقل لا بحجبه، فأبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد نبينا صلى الله عليه و سلم أعمق الأمة إيماناً و أكملهم عقلا و أكثرهم علما و أخشاهم لله.
نعم كل المعاني الطيبة تجتمع في المؤمن و تزداد بزيادة إيمانه و علمه، فالمؤمن أولى الناس بالاتباع و بالعقل و بالعلم و بالخشية و برحمة الخلق و بالطمأنينة و انشراح الصدر و السعادة و بالصدق و بالعبودية و ...الخ

أبو أحمد العامري
04-15-2015, 12:30 AM
قال عمر رضي الله عنه: يا أيها الناس اتهموا الرأي في الدين فوالله لقد كدت أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره.
و قال علي رضي الله عنه "لو كان الدين بالرأي لكان مسح باطن الخف أولى من ظاهرها"
و قال ابن القيم رحمه الله: وكل من له مسكة من عقل يعلم أن فساد العالم وخرابه إنما نشأ من تقديم الرأي على الوحي.
و قال أبو الزناد رحمه الله: "إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيراً على خلاف الرأي، فما يجد المسلمون بداً من اتباعها"

أنظروا رحمكم الله إلى دقة عبارات القوم، فما أنكروه هو تقديم الرأي على الوحي، بل و جعل ابن القيم رحمه الله أن فساد ذلك يتبين لمن له أدنى مسكة من عقل.
أفلم يأن لألستنا يا إخوتي أن تستقيم على الكلام الحق؟ ليس الأمر بهين و لا بواسع، العقل لا يحتمل أن نصطلح له معنى آخر خلاف المعنى الذي جاء به الكتاب و السنة و خلاف ما هو بين في لغة العرب.
انتبهوا بارك الله فيكم.

أبو أحمد العامري
04-15-2015, 12:37 AM
و القاعدة هي الحذر من تسمية الأمور بغير مسمياتها .
جيد منك هذا أخ مسلم لعل الإخوة يعون ذلك

خطاب أسد الدين
04-15-2015, 06:43 AM
النزاع الذى كان بين اهل الحديث والعقلانيين ...مرتبط بحال معين .
حيث كان المعتزلة والجهمية يؤسسون معقولاتهم على سنن الفكر الفلسفى اليونانى الوثنى .
ولذلك تجد ابن تيية يقول عنهم ..فياليت شعرى اى عقل يقدم على الكتاب والسنة ,فما اثبته اولئك بعقولهم نفوه اولئك و ما اقره فلان نفاه علتان وكلاهما يتحدث بالعقل .
اى انها كانت ظنيات ومنتوج عقلى والعقول تختلف ..فما يقره عقل ينفيه عقل ...والعقول محكومة بقوانين زمانها ومكانها
لذلك العقلانيين من المعتزلة والجهمية وبعض الاشاعرة قدموا المعقول فى حادثة الاسراء والمعراج وقالوا بعروج النبى روحا وفى المنام وليس جسدا ...
وكان مدار نقاشهم فى ذلك الوقت ليس الصعود للسماء ,بل السفر فى ليلية واحدة من مكة الى دمشق .
هنا العقل محكوم بقانون الزمان والمكان ولن يخرج عنهما ...
لذلك كان العقل قديما يرفض فكرة كسر حاجز الصوت واما عقل اليوم قيؤمن بها,فعى معقولات لها علاقة بالعادات.
لذلك هناك فرق بين الفلسفة التى هى تفسير نظرى للشىء وبين المنطق الذى يحاكم الافكار والاطروحات والفلسفات .
وكذلك المنطق يحاكم العقل اذ انه ليس كل ما فى العقل صحيح وليس كل مافى العقل معقول .
مع ان العقل كان اصلا فى العلم بالمنطق وواضع اسسه وقواعده ,إلا أن تقديمه لم يكن قدحا فى اصل الشىء ولا قدحا فى الشىء ذاته
ولذلك قال ابن تيمية ان النقل الصحيح لا يعارض العقل الصرح وارجعه الى
ان المعقول ليس معقول
او النقل ليس صحيحا
وان الشرع يأتى بما لا يدركه العقل لا ما يحيله العقل ..

لكن بودى عرض الاتجاهات التى تتحدث عن تقديم العقل على النقل وعكسه ولكن هذه الجدلية عند التعارض فقط.

1_ الاتجاه الاول يرى ان يقدم العقل لأن العقل أصل النقل فلو قدمناه عليه كان ذلك قدحاً في العقل الذي هو أصل النقل، والقدح في أصل الشيء قدح فيه
2_الاتجاه الثانى يقول بتقديم النقل على على العقل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على فخر الدين الرازي الذي قال العقل أصل في ثبوت النقل ولذلك وجب تقديم العقل على النقل عند التعارض، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (عدم علمنا بالحقائق لا ينفي ثبوتها، فما أخبر به الصادق المصدوق S فإنه ثابت سواء علمنا صدقه أو لم نعلمه، ومن أرسله الله تعالى إلى الناس فهو رسوله سواء علم الناس أنه رسول أو لم يعلموا، وما أخبر به فهو حق وإن لم يصدقه الناس، وما أمر به عن الله، فالله أمر به وإن لم يطعه الناس، فثبوت الرسالة وثبوت صدق الرسول وثبوت ما أخبر به ليس موقوفا على وجودنا أو عقولنا) .

يقول الشيخ الرضوانى الرد على قولهم: العقل أصل في ثبوت النقل أن نقول: العقل أصل في العلم بالنقل وليس أصلا في ثبوته.
والجواب أنه إذا تعارض العقل والنقل، لجهل العقل بما ورد في النقل، أو غاب عنه الفهم الصحيح للأدلة القرآنية والنبوية، وجب علي المسلم العاقل قبل التعطيل أو التأويل بغير دليل أن يتقى الله، ولا يقدم عقله وهواه، على كتاب الله وسنة رسوله S، فمهمة العقل تجاه النقل لمن صدق في إسلامه، تصديق المنقول إذا كان خبرا، وتنفيذه إذا كان أمرا .

قالوا: لأن العقل أصل في ثبوت النقل، فلولا العقل ما ثبتت صحة النقل، ولا صدق العقلاء رسل الله في بلاغهم، ومن ثم وجب عندنا أن يقدم العقل على النقل عند التعارض، وهذا كلام باطل فارغ، لأن النقل لا يتوقف ثبوته على حكم العقل بصدق النقل، فالنقل أو القرآن والسنة أو الوحي ثابت في اللوح المحفوظ قبل وجود العقلاء، سواء صدق به العقلاء أو كذبوه، ولذلك يقول تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لقَسَمٌ لوْ تَعْلمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلا المُطَهَّرُونَ تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ العَالمِينَ أَفَبِهَذَا الحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ).
وأقسم الله به بالكتاب على أنه في أم الكتاب فقال: (حم وَالكِتَابِ المُبِينِ إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الكِتَابِ لدَيْنَا لعَلِيٌّ حَكِيمٌ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمْ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ وَكَمْ أَرْسَلنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون فَأَهْلكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ) الزخرف .
فالنقل أو ما جاء في القرآن لا يتوقف ثبوته على حكم العقل بصدق الرسل، فإن تكذيبهم يضرهم ولا يضر الرسل، ويؤثر في مصيرهم، ولا يؤثر في صدق الرسل وبلاغهم عن ربهم، روى البخاري من حديث 5752 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهمَا أنه قَال:
(خَرَجَ عَليْنَا النَّبِيُّ e يَوْمًا فَقَال عُرِضَتْ عَليَّ الأُمَمُ فَجَعَل يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلانِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ ليْسَ مَعَهُ أَحَدٌ – العقلاء لم يصدقوه فهل العيب في الرسول أو العيب فيمن كذبوه - وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي فَقِيل هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ ثُمَّ قِيل لِي انْظُرْ فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيل لِي انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيل هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ وَمَعَ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .

هذه سلسة صوتية للشيخ الرضوانى ..ست محاضرات يتحدث فيها عن العلاقة بين (النقل والعقل)
http://live.islamweb.net/audio/index.php?page=lecview&sid=987&read=0&lg=542

memainzin
04-15-2015, 10:56 AM
جزاكم ربى خير الجزاء ان اثريتم الموضوع وابنتم لنا ماخفى علينا -- واضفتم المفيد وننتظر المزيد بعد ان تكتمل حواراتكم
نحتاج لاخلاصة
حتى تستقيم السنتنا والمفاهيم

مسلم أسود
04-15-2015, 01:03 PM
أظن أيضاً و الله أعلم أن هناك معنيين اصطلاحيين للعقل . الأول هو العقل بشكل عام و هذا ما لا يتعارض أبداً و إطلاقاً مع دين الله . أما الثاني فيقصد به عقل الأفراد و الأشخاص و الذي قد يكون معيباً أو ناقصاً أو يشمله الجهل . لذا فحين يأتيك أحد من يتسمون زوراً بالعقلانيين و يقول "أنا أرفض هذا التفسير لهذه الآية لأنه ضد العقل" فمرد ذلك إما لاختلال في عقله - جنون أو خبل يعني - أو جهل و نقص في العلم ، أو هوى .

خطاب أسد الدين
04-15-2015, 04:33 PM
أظن أيضاً و الله أعلم أن هناك معنيين اصطلاحيين للعقل . الأول هو العقل بشكل عام و هذا ما لا يتعارض أبداً و إطلاقاً مع دين الله . أما الثاني فيقصد به عقل الأفراد و الأشخاص و الذي قد يكون معيباً أو ناقصاً أو يشمله الجهل . لذا فحين يأتيك أحد من يتسمون زوراً بالعقلانيين و يقول "أنا أرفض هذا التفسير لهذه الآية لأنه ضد العقل" فمرد ذلك إما لاختلال في عقله - جنون أو خبل يعني - أو جهل و نقص في العلم ، أو هوى .

والله لقد اصبت كبد الحقيقة ولقد حاولت انا ايصال هذا المعنى لكن لم اوفق ,فكلماتى قصرت عن المعنى ,فاللعقل معنيان
الأول هو العقل بشكل عام و هذا ما لا يتعارض أبداً و إطلاقاً مع دين الله .
أما الثاني فيقصد به عقل الأفراد و الأشخاص و الذي قد يكون معيباً أو ناقصاً أو يشمله الجهل .
فالاول هو ما يقال من الوجود والممكن والمستحيل والبديهيات العقلية والمنطق التى هى قواعد التفكير المستقيم ,كل ذلك لا يعارض الدين اصولا وفروعا.
انا الثانى هو ما رده اهل الحديث والسلف ,فهى ليس معقولات كما قال ابن تيمية وابن القيم .
لذلك لو رجعت الى كتاب تكوين المفكر للدكتور البكار تجد نقطقة مهمة يتحدث عنها ,وهى ان العقل مقيد بزمانه ومكانه ,فعدما يقول انه مستحيل عقلى فهو باعتبار ما قيد عقله به ,وليس باعتبار ان الامر ضد العقل ومصادم له .

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 09:01 AM
يجوز قولها فقط في حالة كون النقل ظني لا قطعي..
لعلك أردت أن تقول: يجوز قولها فقط في حالة كون العقل ظني لا قطعي..
فالعبارة التي يتساءل عنها الأخ memainzin هي "النقل يقدم على العقل"، أو أنك أخي مستفيد كنت تقصد العبارة "العقل يقدم على النقل" التي فندها شيخ الإسلام في كتابه القيم "درء تعارض النقل و العقل".
هل هذا صحيح أخ مستفيد؟


..وإن تعارض ظني العقل وظني النقل فظني النقل مقدم حتى يثبت العقلي او ينهار ))

سأساير الإخوة أحيانا في أن العقل يحتمل الظن على حسب مصطلح العقل الذي توردونه و الذي هو خلاف الحق

أخ مستفيد: إن تعارض ظني العقل وظني النقل فيتوقف حتى يترجح أحدهما لا أن يقدم ظني النقل على ظني العقل هكذا بلا دليل.

.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 09:44 AM
لكن بودى عرض الاتجاهات التى تتحدث عن تقديم العقل على النقل وعكسه ولكن هذه الجدلية عند التعارض فقط.

1_ الاتجاه الاول يرى ان يقدم العقل لأن العقل أصل النقل فلو قدمناه عليه كان ذلك قدحاً في العقل الذي هو أصل النقل، والقدح في أصل الشيء قدح فيه
2_الاتجاه الثانى يقول بتقديم النقل على على العقل .


و للأسف الشديد هذا الاتجاه الثاني يقعَّد له ابتداءا من كثير ممن يعدون من طلبة العلم مع أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يذكره إلا لأمرين اثنين:
الأمر الأول: ليبين لأصحاب الاتجاه الأول ( من يقول بتقديم العقل على النقل) أن عكس الدليل بأن يقال (تقديم النقل على العقل) أولى من دليلهم لا أنه هو الصواب.
الأمر الثاني: أن يقال بتقديم النقل على العقل على اعتبار أن معنى العقل هنا هو الآراء الفاسدة.
فلو كان شيخ الإسلام رحمه الله يرى بالاتجاه الثاني الذي هو تقديم النقل على العقل لقال به ابتداءا و كفى الله المومنين القتال، و لكنه فند رحمه الله هذا أيضا بل قال بعكس ذلك و هو تقديم العقل على النقل إن كان الأول قطعيا و الثاني ظنيا.
أما ما يقال ابتداءا بلا حاجة إلى تفصيل هو أن يقدم الوحي على الرأي.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 10:42 AM
جزاكم ربى خير الجزاء ان اثريتم الموضوع وابنتم لنا ماخفى علينا -- واضفتم المفيد وننتظر المزيد بعد ان تكتمل حواراتكم
نحتاج لاخلاصة
حتى تستقيم السنتنا والمفاهيم

بعض الخلاصة:
القاعدة هي ماقاله السلف رحمهم الله يقدم الوحي على الرأي، أو قل يقدم الشرع على الرأي، أو قل يقدم الدين على الرأي، كلها عبارات صحيحة و لا التباس فيها و لا تحتاج لتأويلات. و نقول الوحي أو الشرع أو الدين لأنها صحيحة دوما و لا نقول النقل لأنه يحتمل الصحة و الضعف. و نقول الرأي لأنه يحتمل الصواب و الخطأ و لا نقول العقل لأنه لا يكون إلا حقا.
هذا من باب التقعيد، أما باب الرد فأوسع إن شاء الله و يقال فيه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله فقد أجاد و أفاد.
أما أن يجيء من يلقي محاضرة على أن النقل مقدم على العقل و ينسب هذا للقرآن أو للرسول أو للسلف فهذا لا يليق أبدا.

و لا يعني تهافت مقالة تقديم العقل على النقل صواب مقالة تقديم النقل على العقل.

قال شيخ الإسلام رحمه الله: فعلم أن تقديم العقلي مطلقا خطأ كما أن جعل جهة الترجيح كونه عقليا خطأ. اهـ
و يمكن القول أيضا أن تقديم النقلي مطلقا خطأ كما أن جعل جهة الترجيح كونه نقليا خطأ.

.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 10:54 AM
نعم، لم يذكر شيخ الإسلام رحمه الله تقديم النقل على العقل في سفره القيم إلا معارضة لمن يقول بتقديم العقل على النقل.
قال رحمه الله في الرد على من يعترض على القول بتقديم النقل على العقل:
اعتراض
فإن قيل : فهذا يوجب القدح في شهادة العقل حيث شهد بصدق الرسول وشهد بصدق العقل المناقض لخبره
الرد عليه الجواب الأول
قيل له عن هذا جوابان : أحدهما : إنا نحن يمتنع عندنا أن يتعارض العقل والسمع القطعيان فلا تبطل دلالة العقل وإنما ذكرنا هذا علي سبيل المعارضة فمن قدم دلالة العقل علي السمع يلزمه أن يقدم دلالة العقل الشاهد بتصديق السمع وأنه إذا قدم دلالة العقل لزم تناقضها وفسادها وإذا قدم دلالة السمع لم يلزم تناقضها في نفسها وإن لزمه أن لا يعلم صحتها وما علم فساده أولي بالرد مما لم تعلم صحته ولا فساده. اهـ

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 11:33 AM
أظن أيضاً و الله أعلم أن هناك معنيين اصطلاحيين للعقل . الأول هو العقل بشكل عام و هذا ما لا يتعارض أبداً و إطلاقاً مع دين الله . أما الثاني فيقصد به عقل الأفراد و الأشخاص و الذي قد يكون معيباً أو ناقصاً أو يشمله الجهل . لذا فحين يأتيك أحد من يتسمون زوراً بالعقلانيين و يقول "أنا أرفض هذا التفسير لهذه الآية لأنه ضد العقل" فمرد ذلك إما لاختلال في عقله - جنون أو خبل يعني - أو جهل و نقص في العلم ، أو هوى .

قال شيخ الإسلام رحمه الله: والأصل في هذا الباب أن الألفاظ نوعان نوع مذكور في كتاب الله وسنة رسوله وكلام أهل الإجماع فهذا يجب اعتبار معناه وتعليق الحكم به فإن كان المذكور به مدحا استحق صاحبه المدح وإن كان ذما استحق الذم وإن أثبت شيئا وجب إثباته وإن نفي شيئا وجب نفيه لأن كلام الله حق وكلام رسوله حق وكلام أهل الإجماع حق وهذا. اهـ
و الحمد لله، فلم يُذكر العقل في القرآن إلا ممدوحا. أما المعنى الذي اصطلحه أولئك فلا نذكره إلا من باب الرد و إلا فإننا لا نوافقهم على اصطلاحهم المخالف لاصطلاح القرآن.

لذا فحين يأتيك أحد من يتسمون زوراً بالعقلانيين
بارك الله فيك أخي، نعم هي تسمية زور و لكن للأسف كثير من طلبة العلم يسمونهم بها في حين نحن أولى بها.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 11:52 AM
وكذلك المنطق يحاكم العقل اذ انه ليس كل ما فى العقل صحيح وليس كل مافى العقل معقول .
مع ان العقل كان اصلا فى العلم بالمنطق وواضع اسسه وقواعده ,إلا أن تقديمه لم يكن قدحا فى اصل الشىء ولا قدحا فى الشىء ذاته

يا أسد الدين بارك الله فيك و نور الله قلبك بالعلم
إن العقل هو من يحكم في المنطق لا العكس. العقل ذكره الله في كتابه في عدد من الآيات ممدوحا لا مذموما و لا معيبا، و المنطق هو منطق أرسطو قد بين النظار محدوديته و ضيق أفقه و كثرة أغلوطاته و من اعتمد عليه اختلطت عليه الأدلة و علته الحيرة و غشيته الكآبة و فقد طمأنينته و أضاع سعادته و لم ينل به إلا النزر القليل من مستخلص الدليل.
أما العقل فبه انشراح الصدر و اطمئنان النفس و سعادة الإنسان، فالهوى حصان جموح شارد و لولا لجام العقل بعد فضل الله و رحمته لألقى بصاحبه في هاوية الضلال و الخسران المبين، فهل تعتقد أن المنطق به إلجام حصان الهوى؟ كلا، فلو نفع المنطق حقا لنفع صاحبه أرسطو الذي خالف سقراط معلم معلمه أفلاطون، فسقراط كان أفضل حالا من أرسطو بمراحل، فقيل أنه كان موحدا و قتل لأجل توحيده و الله أعلم في حين كان أرسطو منكرا للرب مدبرا للكون.
إن معنى العقل يقترب كثيرا من معنى المنطق في كلام العامة اليوم، فهم لا يعرفون منطق أرسطو أبدا و تجد أحد يقول أن هذا أمر منطقي يقصد به أنه معقول أو يقول أن ديننا دين منطق و يقصد بذلك أنه دين عقل.
ولفظ العقل اليوم يراد به عند العامة الرأي فتجدهم يقولون كلٌّ و عقله يقصدون كلٌّ و رأيه. و لكن مع ذلك هم عوام، لكن الخطب أن ينتقل هذا إلى طلبة العلم المنافحين عن هذا الدين.
ربما يهون على بعض طلبة العلم القول بتقديم النقل على العقل في حين لا يجرؤ على أن يقول بتقديم النقل على المنطق لأنه يفهم من ذلك أن الدين خلاف المنطق أي غير مقبول فيحز في نفسه ذلك. واعجبـــــــــــاه
.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 02:56 PM
جزاكَ الله خيراً أبو أحمد العامري، عندي تعقيب على كلامك إن لم تمانع:
و جازاك الله خيرا يا بدر الدين،

هل الحكم على صحة النقل يكون بالرأي أم بالعقل.إن كان عقلاً فما باعث الخلاف في تصحيح وتضعيف الروايات واختلافها مع أنك تقرر أن العقل لا يكون إلا حقاً ؟.
إن كنت تقصد بالنقل دين الإسلام الذي أوحاه الله جل و علا إلى نبيه الكريم عليه الصلاة و السلام فلا شك في صحته التي لا يستمدها من العقل بل هو صحيح في حد ذاته، قالى تعالى: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونُنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾،
و مع ذلك فالعقل يحكم بصحته بلا شك. قالى تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾
أما آراء البشر التي هي ظنون فتختلف فمنهم رأى صحته و آمن به فهو العاقل و منهم من رأى غير ذلك فهو ليس بعاقل. إذا فلا تحكّم الآراء في دين الله عز و جل لأنه يعتريها الخطأ و الصواب. ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾.
و إن كنت تقصد بالنقل ما نقل من روايات عن الرسول صحيحها و ضعيفها فإن الذي يميز صحيحها من ضعيفها هو العقل، فالمعلوم أن العقل أساسه العلم فلا عقل لمن لا علم له و على قدر علم المرء يكون عقله، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾، لهذا فتصحيح الروايات و تضعيفها هو فن له أهله و على قدر علم صاحبه يكون إتقانه و قربه من إدراك الحق و على قدر ذلك كان عقله.


إن كان عقلاً فما باعث الخلاف في تصحيح وتضعيف الروايات واختلافها مع أنك تقرر أن العقل لا يكون إلا حقاً ؟.
سببه غياب العقل أي غياب العلم في تصحيح ما لم يقله الرسول أو تضعيفه ما قاله بحق، فعدم ادراك الحق سببه غياب العقل و سبب الاختلاف اختلاف العقل الذي منشؤه اختلاف العلم.


وإن كان الاجتهاد أو الرأي هو الحاكم على صحة النقل فهذا يعني أن المنقول ظني الثبوت وظني الدلالة في أغلب أحواله. فما المانع إذاً من معارضته برأي مثله ؟.
لا أقول بهذا فلا إشكال.


إن كان الرأي غالباً على النقل كما هو غالبٌ على المنطق والكلام والفلسفة فأين السبيل التي يمكن بها التعرف على حكم العقل الذي هو الضابط لكل ذلك كما فهمت من كلامك.
لعلك تقصد إن كان العقل غالبا على النقل...
فيقال السبيل التي يمكن بها التعرف على حكم العقل الذي هو الضابط لكل ذلك هو العلم.

مستفيد..
04-17-2015, 05:01 PM
أخي الحبيب أبو أحمد..لا نختلف
قصدي بظني العقل ما يمكن إدراجه تحت مسمى النظريات أو الفرضيات العلمية..وسواء قلنا بتقديم ظني النقل أو الترجيح بينهما فلا إشكال ما عنيته أن مصطلح التقديم والتأخير يجوز استعماله في هذه الحالة.
أما عن موضوع الشريط فكلامك صحيح تماما إذ لا يجوز نسبة العقل لأهل الأهواء ممن يسمون أنفسهم عقلانيين..فالمتابع لهؤلاء يلاحظ أن جل اعتراضاتهم "العقلية" مبنية على الخلط بين مفهومي المستحيل العقلي والمستحيل الفيزيائي.

مستفيد..
04-17-2015, 06:00 PM
ألا يدل تفاوت العقول في إدراك العلم على قصورٍ في أحكامها، وأين ذاكَ "العقل الصريح" الذي تقررون أنه لا يكون إلا حقاً ؟.

كلامك هو الدليل على كفاية العقل في معرفة الحقيقة..مجرد اعتمادك على نقد العقل للعقل هو اعتراف صريح منك بكفاية العقل في معرفة الحقيقة..فطالما أقمتَ على الشك في كفاية العقل فإنما أنتَ تعول على كفاية العقل في وجوب الشك في العقل! وبالتالي تُذعن دائما لحكم العقل فتقع في الدور.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 07:58 PM
سببه غياب العقل أي غياب العلم في تصحيح ما لم يقله الرسول أو تضعيفه ما قاله بحق، فعدم ادراك الحق سببه غياب العقل و سبب الاختلاف اختلاف العقل الذي منشؤه اختلاف العلم.


أقصد بالاختلاف هنا التفاوت لا التضاد، أعني تفاوت العقل الذي منشؤه تفاوت العلم. و مثال ذلك إيمان المؤمنين فإنه يتفاوت و لكن لا يتضاد، فكذلك العقل يتفاوت و لكن لا يتضاد. إنما الذي يختلف اختلاف تضاد هي الآراء.
و الحمد لله أنك فهمتني يا فجر الدين فقلت التفاوت، فشكرا لك.
يتبع.

مستفيد..
04-17-2015, 08:15 PM
أحد الإصطلاحات التي مرّت في السياق هي أن العقل قد يراد به الرأي. ولذلك أقول أن رأياً يمكن أن يعارض برأي وأن كلاهما لا يفيد يقيناً.

ما على هذا اعترضت..اعتراضي على جملة أوردتُها في الإقتباس وهي تشكيكك في أحكام العقل بحجة التفاوت في إدراك العلم..وكذلك تحمل تشكيكا في وجود العقل الصريح.

ولكنك تقول ما يشبه أن الإقرار بكفاية العقل في المعرفة أمرٌ واجب. وهذا لا يبدو منسجماً مع القول بتقديم النقل على العقل عند التعارض لتفاوت العقول وقصورها.
لا أحد هنا يقول بإمكان تعارض العقل والنقل..
وكفاية العقل مقترنة بالقضية السابق ذكرها أي بمعرفة الحقيقة وفق استدلال منطقي مستوفى الشروط قد يخالفه رأي أخل بشروط الإستدلال السليم ..لا أن الكفاية تشمل عموم المعرفة فهذه قضية تتداخل فيها طرق شتى في تحصيلها كالعقل والحس وعند البعض يضاف لها الحدس والشعور وكذلك الوحي في القضايا الإيمانية والإنسانية.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 08:55 PM
أشكرك على الإجابة، جزيتَ خيراً.
ألا يدل تفاوت العقول في إدراك العلم على قصورٍ في أحكامها،
تتفاوت العقول في إدراك الحق لتفاوت أصحابها في العلم فمن كان أكثر علما كان أوفر عقلا و كان بالتالي إدراكه للحق أوفر وكانت أحكامه و لا بد صائبة، فالقصور في الحكم مرده كما قلت لك سابقا هو عدم العقل و ليس العقل. فالقصور في الحكم مرده إلى الجهل بسيطا كان أو مركباً لا إلى العلم الذي هو أساس العقل.


وأين ذاكَ "العقل الصريح" الذي تقررون أنه لا يكون إلا حقاً ؟.
العقل الصريح هو العقل الذي بينته لك و الذي منشؤه العلم، فرغم تفاوته عند أصحابه فإنه لا يكون إلا صوابا و مثال ذلك الإيمان الذي هو ستة أركان فإنه رغم تفاوت المؤمنين فيه فإنه لا يكون إلا حقا.


ثم ألا يكون بذلكَ المنقول ظني الدلالة والثبوت بسبب تفاوت عقول ناقليه ومتلقيه ؟
أريد التوضيح أكثر.


وأخيراً ما هو مفهوم "العلم" عندكم ؟.
العلم هو هذا الذي أنت طالب له، فالعلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكا جازما و الذي ثمرته الخشية و العمل فمن لم يعمل بعلمه فهو في الحقيقة ليس بعالم و ليس له من علمه إلا ما دعاه لعمل. و تعريف آخر للعلم هو إدراك الحق.

و مع ذلك أود أن أسأل عن غايتك من كل هذه الأسئلة، أريد أن أعرف ما تفهمه أنت من هذه الألفاظ إن لم تمانع.
.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 09:01 PM
أخي الحبيب أبو أحمد..لا نختلف

أحبك الله الذي أحببتنا فيه. و أنا متابع لما تكتبه.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 09:16 PM
أحد الإصطلاحات التي مرّت في السياق هي أن العقل قد يراد به الرأي. ولذلك أقول أن رأياً يمكن أن يعارض برأي وأن كلاهما لا يفيد يقيناً.
أولا: لا نوافقك على هذا الاصطلاح،
و ثانيا: نوافقك في أنه يمكن أن يعارض رأي برأي آخر و لكن لا نوافقك في أن كلاهما لا يفيد يقيناً دوماً، هو كذلك إن كان الرأيان مخالفين للحق، أما إن وافق أحدهما الحق فإنه يفيد يقيناً و لابد. و لكن لا يتعارض عقل مع عقل أبداً.
.

أبو أحمد العامري
04-17-2015, 11:54 PM
قيل لابن المبارك: ما خير ما أُعطي الرجل؟ قال: غريزة عقل، قيل: فإن لَم يكن؟ قال: أدب حسن، قيل: فإن لم يكن؟ قال: أخ صالح يستشيره، قيل: فإن لم يكن؟ قال: صمت طويل، قيل: فإن لم يكن؟ قال: موت عاجِل

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 12:51 AM
قال ابن حبان: وإنَّ محبة المرء المكارم منَ الأخلاق وكراهته سفسافها، هو نفس العقل، فالعقل به يكون الحظ، ويؤنس الغربة، وينفي الفاقة، ولا مال أفضل منه، ولا يتمُّ دين أحد حتى يتم عقلُه، وهو من أفضل مواهب الله لعباده، وهو دواء القلوب، ومطية المجتهدين، وبذر حراثة الآخرة، وتاج المؤمن في الدنيا، وعُدَّته في وقوع النوائب، ومن عدم العقل لم يزدْه السلطان عزًّا، ولا المال يرفعه قدرًا، ولا عقل لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذَّة دُنياه. اهـ.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 12:57 AM
قالى تعالى:
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يوسف (2)
(لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنبياء (10)
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الزخرف (3)
.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 01:01 AM
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهذا يعلم به أن المعقول الصريح ليس مخالفا لأخبار الأنبياء على وجه التفصيل كما نذكره إن شاء الله في موضعه ونبين أن من خالف الأنبياء فليس لهم عقل ولا سمع كما أخبر الله عنهم بقوله تعالى { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير * وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير } [ الملك : 8 - 11 ]
.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 01:06 AM
و قال رحمه الله: ولكن ما علم بصريح العقل لا يتصور أن يعارضه الشرع البتة بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط، وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموفق للشرع

و قال أيضا: بل نقول قولا عاما كليا : إن النصوص الثابتة عن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يعارضها قط صريح معقول فضلا عن أن يكون مقدما عليها وإنما الذي يعارضها شبه وخيالات مبناها علي معان متشابهة وألفاظ مجملة فمتي وقع الاستفسار والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سوفسطائية لا براهين عقليه.

.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 11:35 AM
جزاكما الله خيراً. ولكن أرى في هذا الكفاية ولن أطيل أكثر. أما غايتي من أسئلتي فهي التساؤل لحد ذاته ولا أريد أن أصل به إلى إلزامكما خلاف ما تعتقدانه.
تمنينا لو بقيت معنا وكما تعلم فإن الاختلاف في المصطلحات يشتت مواضيعا بهذه الدقة و هذا ما لم أقبله بداية و أكدت على استعمال الألفاظ بمعانيها الواردة في القرآن و السنة، و إذا ما اضطر الواحد منا إلا استخدام خلاف ذلك لكثرة الاستعمال عند المتكلمين أو لشرح عبارة استعمل اللفظ فيها خلاف المعنى الصحيح فلينبه على ذلك.


وعلى أي حال فالجواب أنني أرى أن العلم هو تطابق التصور مع الواقع. أما العقل فلا يمكن أن يخرج أحكاماً صحيحة إلا إذا كانت تصوراته صحيحة ابتداءً ولذلك فهو قاصر عن إدارك ما لا يعلمه وهذا ما تقررونه أنتم فيما يتعلق بذات الخالق عز وجل .. أما حكم العقل هذا فلربما أسميه الرأي.

يحسن لو قلت : وعلى أي حال فالجواب أنني أرى أن العلم هو تطابق التصور مع الواقع. أما القلب فلا يمكن أن يخرج أحكاماً صحيحة إلا إذا كانت تصوراته صحيحة ابتداءً ولذلك فهو قاصر عن إدارك ما لا يعلمه وهذا ما تقررونه أنتم فيما يتعلق بذات الخالق عز وجل .. أما حكم صاحب القلب هذا فلربما أسميه الرأي.

فمتى ما صحت تصورات القلب عقل و إن لم تصح تصوراته لم يعقل و كان صاحبه متبعا لهواه، قال تعالى: (لهم قلوب لا يعقلون بها). فالعقل لا يأتي إلا بخير و حرمانه مصدر كل شر قالى تعالى عن الكفار: ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)، و مصدر العقل القلب الذي هو وعاء العلم فإن صلح القلب و لا يصلح إلا بالعلم عقل صاحبه و صلح بالتالي كل شأنه.



ولقد حاولت أن أستخدم مصطلحكم في أسئلتي ولكنكم أنتم تستخدمون مصطلح العقل من أجل التعبير عن مفاهيم مختلفة وهذا أصل الموضوع الذي نقوم بالتعليق عليه. ولذلك تقررون أن النقل لا يعارض العقل ثم تتجادلون على تقديم أحدهما عند التعارض !.
و هذا كما قلت ما نؤكد عليه و هو استعمال الألفاظ في معانيها الصحيحة فإذا اتفقنا في الاصطلاح أوشكنا على الاتفاق و الاجتماع، أما غير ذلك فدونه خرط القتاد. و نحن لا نقر بالتعارض بين الدين و العقل فإن زعم أحد ذلك بينا له أن الخلل هو في أن ينسب للدين ما ليس منه أو الادعاء بأن رأيه أو شبهته عقل.


وحاصل الكلام أن النصوص ثبتت عندكم برأي النقلة ولذلك لا أستطيع أن أفهم كيف يكونُ الرأي الذي أثبته نقلٌ ثابتٌ برأي يقيناً يقدم على ما دونه من الرأي قاعدةً وابتداءً.
أما هذه فدعني أنظر فيها أكثر.

و نبادلك الشكر اخ بدر الدين و أتمنى أن لا ترحل سريعا فالحوار معك و مع باقي الإخوة شيق.
.

مسلم أسود
04-18-2015, 11:43 AM
هل تخدعني عيني أم أن في خانة عقدية الدمشقي "لا أدري" ؟!

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 11:47 AM
هل تخدعني عيني أم أن في خانة عقدية الدمشقي "لا أدري" ؟!
و هذا ما نتبهت إليه مؤخرا و راسلت به أخ مستفيد على الخاص، و لكن كلامه غير ذلك، لعل في الأمر خطأ ما

مستفيد..
04-18-2015, 12:20 PM
هذا وفي الأمر عندك كفاية..فماذا لو أطلت!

ولا أريد أن أصل به إلى إلزامكما خلاف ما تعتقدانه.

وما هذا الذي نعتقده ولا تريد إلزامنا بخلافه؟..كلامك أصلا غير ثابت ولم نقف لك على فكرة لم تنقضها في المداخلة التي تليها.

أما العقل فلا يمكن أن يخرج أحكاماً صحيحة إلا إذا كانت تصوراته صحيحة ابتداءً
جميل مع كونه يناقض قولك: (( ولذلك أقول أن رأياً يمكن أن يعارض برأي وأن كلاهما لا يفيد يقيناً ))

ولذلك فهو قاصر عن إدارك ما لا يعلمه وهذا ما تقررونه أنتم فيما يتعلق بذات الخالق عز وجل
قصور العقل لا يعني خطأ الحكم..الخطأ يكمن في محاولة ملأ هذا القصور بفتراضات غير عقلية..فحكمه هنا رغم قصوره هو حكم سليم يجيز ما نقرره في ذات الخالق ويقر بخطأ غيره من التصورات في ذات الموضوع إقرارا قطعيا لا يمكن دحضه.

ولذلك تقررون أن النقل لا يعارض العقل ثم تتجادلون على تقديم أحدهما عند التعارض !.
هو سوء فهم عندك..ومن يزعم خلافه فليأتِ بهذا التناقض المزعوم..ولنجعل النقاش عملي بدل هذا التنظير.

وحاصل الكلام أن النصوص ثبتت عندكم برأي النقلة ولذلك لا أستطيع أن أفهم كيف يكونُ الرأي الذي أثبته نقلٌ ثابتٌ برأي يقيناً يقدم على ما دونه من الرأي قاعدةً وابتداءً.
العقل عندنا أصل في العلم بالنقل وليس أصلا في ثبوته. ولا يلزمنا كلام غيرنا.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 12:32 PM
أضحك الله سنك يا دمشقي بنعمة الهداية فلقد ضحكت عندما علمت أني كنت أناقش العضو فجر الدين الدمشقي معتبرا له مسلما سلفيا و لم أنتبه إلى خانة عقيدته، وكنت أظنه يدافع عن مقولة تقديم النقل على العقل بطعنه في العقل لهذا صعب علي فهمه و مع ذلك أعدت تتبع ما أجبته به فوجدته و الحمد لله موافقا لفكره إلا أني لو علمت معتقده لأجبته بأفضل من ذلك، و الآن فهمت ما كان يطرحه الأخ مستفيد من إجابات.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 12:38 PM
قصور العقل لا يعني خطأ الحكم..الخطأ يكمن في محاولة ملأ هذا القصور بفتراضات غير عقلية..فحكمه هنا رغم قصوره هو حكم سليم يجيز ما نقرره في ذات الخالق ويقر بخطأ غيره من التصورات في ذات الموضوع إقرارا قطعيا لا يمكن دحضه.


كلام جميل منك أخي مستفيد.
.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 12:50 PM
إن جاز لي التساهل في التمثيل، يمكن القول أن العقل شاهد صادق إن تكلم صدق لأن كلامه عن علم و إن لم يعلم صمت، و مع ذلك يعلم كذب غيره من الشهود التي هي الآراء الفاسدة و الأهواء المضلة و يكذبها.

أبو أحمد العامري
04-18-2015, 01:00 PM
وحاصل الكلام أن النصوص ثبتت عندكم برأي النقلة ولذلك لا أستطيع أن أفهم كيف يكونُ الرأي الذي أثبته نقلٌ ثابتٌ برأي يقيناً يقدم على ما دونه من الرأي قاعدةً وابتداءً.

لو قلت : وحاصل الكلام أن النصوص ثبتت صحتها عندكم بعلم النقلة ولذلك أستطيع أن أفهم كيف يكونُ العلم الذي أثبته نقلٌ ثابت الصحة بعلم يقيناً يقدم على ما دونه من الرأي الذي لا أصل له من نقل صحيح و لا عقل صريح قاعدةً وابتداءً.

خطاب أسد الدين
04-19-2015, 10:26 AM
ماهو تعريف العقل ؟باعتباره ماذا نظاما رياضيا أو ماذا ؟و ماهو تعريف النقل ؟هل الاجماع وغيرها من مصادر التشريع ألاخرى تدخل فى النقل ظمنا؟

ومن هو ألاصل فى الثبوت للأخر ؟العقل أم النقل؟

ومتى يقدم العقل ومتى يؤخر عن المنقول؟

أبو جعفر المنصور
04-19-2015, 01:57 PM
مختصر الجواب على هذا

ومتخصر ما قرره شيخ الإسلام رضي الله عنه من ثلاثة أوجه

أولها : أن هذا مبني على افتراض أن الأدلة الشرعية مباينة للأدلة العقلية وهذا غلط فإن الأدلة الشرعية منها ما هو خبري في الأبواب التي لا مدخل للعقل فيها ومنها ما عقلي استدلالي

كقوله تعالى ( لم تعبد ما لايسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً )

وقوله تعالى ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)

وقوله تعالى : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )

وعامة النصوص الشرعية في هذا الباب

وقد جمع ابن تيمية في الدرء وابن القيم في الصواعق الأدلة العقلية على الربوبية والألوهية وصحة النبوة والبعث من النصوص

الوجه الثاني : أنه عند تعارض نوعين من الأدلة لا بد من النظر في قوة الدلالة

فالدليل العقلي قد يكون ظنياً والدليل الشرعي يكون قطعياً والعقول تتفاوت والذين ادعوا الرجوع للعقل كالفلاسفة والمعتزلة والأشعرية بينهم تباين في المذاهب في كل شيء لتفاوت العقول

الوجه الثالث : أن أكثر النصوص الشرعية هي محل اتفاق ثبوتاً ودلالة بين كبار الفقهاء خصوصاً من الصحابة والتابعين

وإذا قلنا ( العقل ) فعقل من لا بد أن ننظر فيما اتفق عليه العقلاء

وكثير مما يسمى ( العقل ) إنما هو عاطفة أو هوى أو ثقافة ناشئة عن النظر لبعض الأمر دون بعض

لذا مثلاً تعدد الزوجات قبل قرون لم يكن مشكلة عند أي فئة من البشرية ولكن لما تبدلت الثقافة صاروا يقولون هذا منافي لكيت وكيت

وأيضاً هناك أيضاً الخلط بين الخلط بين الاطرادات العلمية والعقلية والاطرادات الحسية

فإن الضرورية الحسية لا قيمة لها؛ لأنها عبارة عن قانون داخل محيط الحس، وقد يكون هناك محيط حسي آخر لا يثبت فيه ما يراه الإنسان ضرورةً

ومن الأمثلة التي توضح هذا أكثر: أنه لو أخذت إنساناً وغمرته في الماء؛ فإنه يموت، وسبب موته هو انقطاع النفس، لكن لو أخرجت سمكاً من الماء وتركته ساعة لمات، وسبب موته انقطاع النفس، فالإنسان داخل الماء ينقطع نفسه والسمك العكس.
وبهذا يتبين أن الإنسان قد يتصور بعض الاطرادات التي يظنها عقلية وهي -في حقيقتها- حسية

وضيق الأفق قد يورد اعتراضاً عقلياً وهو في الحقيقة اطراد حسي ويأتي من الواقع ما يدل على أن هذا ممكن

فمثلاً كان يسأل بعض الناس كيف منكر ونكير يسألان جميع الموتى في آن واحد

فأجاب بعض اهل العلم أنه يحتمل أن يكون منكر ونكير في مكان واحد وتظهر صورتهم لجميع الموتى بحيث يظن كل واحد أن هذا الخطاب له

هذا الكلام قاله القرطبي قبل اكتشاف التلفاز ثم لما اكتشف فهم أن هذا معقول تماماً

وكذلك اللوح المحفوظ كيف يحوي كل هذه المعلومات ثم لما ظهرت الأقراص الصغيرة التي تحوي معلومات عظيمة قربت الفكرة من العقول حسياً

ثم علينا فهم أمر وهو أن حكمة الله أوسع من أن يدركها الخلق كما أن أبصارهم لا تدرك ذاته وإن رأته فكذلك بصائرهم لا تدرك حكمته بكليتها ولو فهمت بعضها ولو أحاط الإنسان بحكمة الله لكانت محدودة بعقل الإنسان ولو كانت كذلك لم تناسب عظمته