المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آية و شبهة !



محمد القليط
05-23-2015, 11:57 PM
قال تعالى:
" فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم".. (التوبة - 5)
تلك هى الآية التى أطلق عليها بعض الفقهاء لفظ: "آية السيف".. و التى ادعى الملاحدة و الطاعنون أنها تشمل جميع المشركين سواء حاربوا أو سالموا..
و هى احدى أهم تكئات الملاحدة فى الترويج لشبهة أن الاسلام دين عنف و قتل!
و فى واقع الأمر أنك اذا عزلت الآية عن سبب نزولها، و قطعتها من سياقها، و سلختها من الآيات التى تسبقها أو التى تليها؛ لا بد أن تخرج بتلك النتيجة المشوهة و هى: وجوب قتل جميع المشركين!!!
و لكنك اذا قرأت الآية ثم قرأت ما يليها من الآيات ستجد العلل القوية و المبررات الواضحة، الدافعة لقتال هؤلاء القوم، التى تؤكد أن مجرد الشرك ليس سببا و لا يمكن أن يكون سببا فى قتالهم!
و توضح أيضا أنه لا بديل للمسلمين الا قتال قوم كانت تلك صفاتهم، اذا أراد المسلمين بالفعل الحفاظ على بقائهم أو الدفاع عن أنفسهم..!
فلقد بيّن سبحانه فى احدى اﻵيات التالية، احدى علل اﻷمر بقتالهم، و التى تؤكد أنه لو صارت للمشركين الغلبة و السيطرة، فانهم لن يراعوا - مع المسلمين - عهدا و لا قرابة، حيث قال جل فى علاه:" كيف و ان يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم الا و لا ذمة"..(التوبة - 8)
و تلك أفعال وقعت منهم بالفعل فى بداية الدعوة، عندما كان المسلمين فى مكة فئة ضعيفة بينهم، ففعلوا معهم كل الموبقات: من سخرية و تعذيب و اخراج من الديار و سلب للأموال و قتال.. فكانت تلك هى جرائمهم، و لهذا أكد الحق هذا المعنى و تلك العلة، مبينا فسادهم، فقال سبحانه:"لا يرقبون فى مؤمن الا و لا ذمة و أولئك هم المفسدون"..(التوبة - 10)
ثم بين سبحانه عللا أخرى واضحة قوية، تدفع دفعا الى قتال هؤلاء القوم، فقال - جلت قدرته: "ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم و هموا باخراج الرسول و هم بدءوكم أول مرة"..(التوبة - 12)
فهل لا يجوز قتال قوم بهذا الوصف ؟! فقد غدروا بالعهود، و هموا باخراج الرسول من وطنه، و كانوا هم البادئين بالنقض حيث أعانوا بنى بكر - حلفاءهم - على خزاعة حلفاء الرسول، و قاتلوا معهم، و كان ذلك واضحا أتم الوضوح..
ألا يجوز قتال أمثال هؤلاء ؟!
أليس فى قتالهم دفاعا عن حق البقاء ؟!
أليس فى عدم قتالهم القاء بالنفس الى الهلاك ؟!
هنا يتضح أن هذه الآية تخص قوما بهذه المواصفات، و رغم ذلك فقد أعطى لهم الحق تعالى فترة تيسير تقدر بأربعة أشهر، و أعلمهم بذلك؛ حتى لا يكون اعلان المسلمين الحرب عليهم غدرا بهم..
بل و أعطاهم سبحانه مخرجا اذا أرادوا البقاء على كفرهم فى ظل الحكم الاسلامى، و هو قوله تعالى:" و ان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه، ذلك بأنهم قوم لا يعلمون"
فاذا طلب أحد المشركين من الرسول أو أحد المسلمين الأمان؛ حتى يسمع كلام الله، فيجب أن يؤمن.. فاذا لم يسلم فيجب ابلاغه الى المكان الذى يأمن فيه، و هو دار قومه.. و هو ما يسميه الفقهاء بـ"عقد الأمان" أى أن للمشركين أن يقيموا فى ديار الاسلام بهذا العقد، و على المسلمين أن يقبلوه..
من هنا يتبين أن الآية لا تبيح دم المشركين لمجرد كفرهم بل لمحاربتهم و نقضهم للعهود و الأيمان.. و هذا ما يعضده رأى جمهور العلماء فى سبب قتال الكفار، حيث أكدوا أن سبب قتالهم هو: للحراب لا لمجرد الكفر، و هذا ما أيده و شرحه شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله..
و الله المستعان..

رمضان مطاوع
05-24-2015, 04:11 AM
جزاكم الله خيرا - وجعله الله في ميزان حسناتكم