المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال احتياج الممكن الى العلة



زينون الايلي
07-15-2015, 02:09 AM
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . لدي سؤال لمن لديه اطلاع على الفكر الاسلامي . كيف برهن ابن سينا على ان الممكن يحتاج في وجوده الى علة ( المقصود بالممكن هو كل شيئ وجوده لا يتعارض مع العقل وكذلك عدم وجوده ) . جزاكم الله خيرا .

أبو سهيل
07-15-2015, 07:13 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قال ابن سينا في الإشارات والتنبيهات: " ماحقه في نفسه الإمكان فليس يصير موجوداً من ذاته، فإنه ليس وجوده من ذاته أولى من عدمه من حيث هو ممكن، فإن صار أحدهما أولى فلحضور شيء أو غيبته. فوجود كل ممكن هو من غيره" ج3 ص20-21

قال شيخ الإسلام رحمه الله معلّقًا على كلام ابن سينا:
"وقد قال ابن سينا في الإشارات : ( ما حقه في نفسه الإمكان فليس يصير موجودا من ذاته فإنه ليس وجوده من ذاته أولى من عدمه من حيث هو ممكن فإن صار أحدهما أولى فلحضور شيء أو غيبته فوجود كل ممكن الوجود من غيره )
فقوله : ( ما حقه الإمكان فليس يصير موجودا من ذاته ) قضية صحيحة وهي بينة بنفسها فإن الممكن هو الذي يكون وجوده بنفسه. فإذا قيل : "ما لا يكون وجوده بنفسه فوجوده من غيره" كان هذا من القضايا البينة ولكن هذا لا يعرف بل ولا يثبت إلا في الأمور الحادثة التي تكون موجودة تارة ومعدومة أخرى كما اعترف هو وسلفه وسائر العقلاء لأن ما يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا وقد ذكرنا ألفاظه وألفاظ غيره في غير هذا الموضع ولم يمكنهم إقامة دليل على الافتقار إلى الفاعل إلا في المحدث.
وأما استدلاله على ذلك بقوله : ( فليس وجوده في ذاته أولى من عدمه من حيث هو ممكن ) فهذا لا يحتاج إليه وهو متنازع فيه وهو لم يقم عليه دليلا بل يقال : هو العدم باعتبار ذاته أولى به من الوجود بل هو باعتبار مجرد ذاته لا يستحق إلا العدم بل يقال : هذا باطل فإن ما كان يفتقر إلى فاعل يفعله يعلم بالضرورة أنه لا يوجد إلا بالفاعل الذي فعله وأما عدمه فلا يفتقر فيه إلى شيء وكل ما كان يمكن وجوده وعدمه لا يكون وجوده إلا بموجد يوجده وأما عدمه فلا يحتاج فيه إلى شيء.
وقوله : ( فإن صار أحدهما فلحضور شيء او غيبته ) هو أيضا مما لا يحتاج إليه ولا بينه ولا هو مسلم بل هو باطل إذ كان الممكن إنما يفتقر إلى غيره إذا كان موجودا فأما ما كان مستمرا على العدم فلا يحتاج دوام عدمه إلى شيء وحقيقة كلامه أنه صار الوجود فلحضور غيره وإن صار العدم فلغيبة غيره فيكون إنما عدم لغيبة سببه وهذا كما قد عرف كلام ليس ببين وهو متنازع فيه بل هو باطل وعند التحقيق تبين أن عدم الغير مستلزم لعدمه ودليل على عدمه لا أنه الموجب لعدمه.
وكلام القاضي أبي بكر و أبي الحسين البصري وأمثالهما في هذا الباب هو أصرح في المعقول بل هو صواب وهذا خطأ وإن كان أولئك مقصرين من وجه آخر حيث استدلّوا على الواضح بالخفي
وأما ابن سينا وأتباعه كالرازي وغيره فدليلهم باطل ولم يثبتوا وجودا واجبا بل تكلموا في تقسيم الوجود إلى واجب وممكن بكلام ابتدعوه خالفوا به سلفهم وسائر العقلاء ونقضوا به أصولهم التي قرروها بالعقل الصريح فإن أبا الحسين يقول : ( الدليل على أن للمحدث محدثا هو أنه لا يخول : إما أن يكون حدث وكان يجوز أن لا يحدث أو كان يجب أن يحدث فلو حدث مع وجوب أن يحدث لم يكن بأن يحدث في تلك الحال أولى من ان يحدث من قبل فلا يستقر حدوثه على حال إذ كان حدوثه واجبا في نفسه ."
درء تعارض العقل والنقل.

زينون الايلي
07-17-2015, 03:43 AM
بارك الله فيك اخي على الشرح الوافي . يبدو للاسف ان ابن سينا لم يكن موفقا في اقامة البرهان على هذه القضية .فهو حين يقول : ( " ماحقه في نفسه الإمكان فليس يصير موجوداً من ذاته، ) فهل معنى الموجود من ذاته ان تكون الذات هي سبب وجودها ? فان كان هذا هو مقصود ابن سينا فانه ينطوي على تناقض منطقي لان هذا يعني ان الموجود من ذاته وجوده هو سبب وجوده ; وهذا يعتبر دورا لان الظاهرة لا تكون سبب نفسها . ثانيا هو يسلم بان الشيئ اذا لم يكن وجوده من ذاته فان وجوده يكون من غيره . فما الذي يمنع عقلا ان يكون الشيئ موجودا ليس من ذاته وليس من غيره ; بل يكون موجودا بغير سبب يلزم وجوده .