المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فى المعجزات وخوارق العادات بين الانكار والاثبات .



خطاب أسد الدين
09-30-2015, 05:33 AM
اخطأت فى عنوان الموضوع ,ولم انتبه له الا بعد كتابة الموضوع ,ولا اعرف كيف يتم تغيير عنوان الموضوع.


الرابط يوجد فيه ردود على الخنفشارى عدنان ابراهيم ,فى عدة قضايا شرعية .

http://sunnahway.net/node/1127

دعائكم لنا بالشفاء.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:03 PM
سأفرغ الردود هنا بإذن الله لكى يسهل الرجوع لها دونما الانتقال للرابط

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:05 PM
هوس التفسير السياسي
الأحد, 26 جمادى الآخر 1435
د.فهد العجلان

تتملكني الدهشة والإعجاب كلما نظرت في بعض المواقف الصارمة لأئمة السلف من الأحكام الفقهية المتعلقة بالتعامل مع (السلطة السياسية).
ولو فتح الشخص صفحة ذلك التاريخ لانهالت على ناظريه عشرات القصص والأخبار في إنكار الدخول على السلاطين، أو تولي القضاء لهم، وإسقاط الرواية عمَّن وجدوه مترخصاً في ذلك، إلى مواقف أشد حسماً وصرامة كمثل ما روي أن (خلفاً البزار) رفض الرواية عن شيخه (الكسائي) بسبب أنه سمعه مرة يقول: سيدي الرشيد، فقال: (إن إنساناً مقدار الدنيا عنده أن يجعل من إجلالها هذا الإجلال لحري أن لا يؤخذ عنه شيء من العلم)[1].
وأتساءل مع القارئ الكريم: ما سبب هذه الصرامة المنهجية التي سلكها أولئك الأئمة؟
يحلو لكثير من الناس أن يبحث لها عـن مبـررات وأعذار؛ لأن ثَمَّ قنـاعة في التفكير الفقهي المعاصر بعدم رجحان مثل هذه
المواقف بناءً على قاعدة جلب المصالح ودفع المفاسد، وهي آراء قابلة في تفاصيلها للاجتهاد والأخذ والرد.
غير أن ما يدهش المتابع حقاً أن هذا الموقف في جملته قد كان صيانة ربانية وعناية إلهية لهذه الشريعة من حيث لا نشعر؛ لأن (التفسير السياسي) هو أعظم قوس جائرة سُدِّدت إلى جسد التراث الإسلامي؛ فكل الدراسات الفكرية المعاصرة التي أخذت تنبش في تاريخ الإسلام وتراثه كانت تعتمد بشكل رئيس على تأثير السياسة على النصوص الشرعية وطرائق الاستدلال والاجتهاد، وأن الأحكام والنصوص لم يكن مردُّها إلى التشريع والديانة بقدر ما هي متأثرة بواقعها الذي صاغته السياسة.
وحين يعرف المتابع حقيقة ما كان عليه العلماء في ذلك الزمن، وبُعدَهم عن السلطة، وتحاشيهم عنها، وتحفُّظهم من مجرد الدخول عليها أو تولي القضاء لديها، فإنه سيجد أن مثل هذا الاتهام ضرب من الهجاء والشتيمة لا أساس له من البحث العلمي.

يغطي التفسير السياسي مساحة واسعة في حركة خلايا العقل العَلماني المعاصر، ولو تعطل هذا التفسير لتوقفت حركة تلك القراءات عن البحث في تراث الفقهاء ونصوص السَّنة؛ فلا يقرأ الباحث منهم أي حكم أو ينظر في أي نص إلا ويفتش عن أثر السياسة في الموضوع، وبطريقة كسولة جداً لا تتعدى ربط أي نص شرعي بأقرب حدث سياسي، وتعليق أي حكم بأدنى سلطان
(فما من شيء في هذا التاريخ إلا وهو مبصوم بخاتم السياسة: الفكر، والفقه، والاجتماع، والاقتصاد، واللغة، والفن، والجغرافيا، والسيكولوجيا، بل النص الشرعي ذاته)[2].
فكلها مصبوغة بالسـياسة، ولم يبـقَ ما هو خارج عن تأثير السياسة إلا شيء واحد، وهو ما يكتبه مثل هذا المؤلف، والبحوث والأفكار التي يقررها فهي بلا شك بعيدة عن تأثير السياسة التي تبصم على كل شيء.
ومع أن التفسير السياسي هو أكبر الأدوات التفسيرية التي يعتمدها هؤلاء في قراءتهم للتراث، وهو أكثرها شيوعاً وحضوراً؛ إلا أنه في الوقت نفسه أضعف نقطة وأهش زاوية يعتمدون عليها؛ فنشر نماذج وأمثلة للتفسير السياسي على السطح كافٍ لكشف المستوى الموضوعي والعلمي لتلك الدراسات، وأن هذا التفسير يعبر عن حالة مَرَضيَّة أكثر من تعبيره عن روح علمية.
فأحدهم يقرر تأثير السياسة على الشافعي؛ لأنه:
(الفقيه الوحيد من فقهاء عصره الذي تعاون مع الأمويين مختاراً راضياً)[3].
ولشدة ضغط المرض السياسي خفي عليه معرفة مولد الشافعي الذي يعرفه الجميع وهو (سنة 150هـ)؛ أي: بعد زوال الدولة الأموية بثماني عشرة سنة.
وباحث آخر يفسر الظاهرية التي كان عليها (ابن حزم) بأنها موقف سياسي اتخذه ابن حزم لأجل أن الدولة الأموية بالأندلس تحتاج لمشروع يناهض المشروع الثقافي لخصميها (العباسي) و (العبيدي) فجاءت بابن حزم:
(لينطق باسمها ويحمل مشروعها الثقافي)[4].

وقد أعماه التفسير السياسي عن إدراك الحقيقة التاريخية الواضحة من أن الدولة الأموية بالأندلس قامت سنة (138 هـ)؛ أي: قبل مولد ابن حزم بما يقارب قرنين ونصف من الزمان؛ إذ ولد سنة (384 هـ)، وسقطت الدولة سنة (422 هـ) وابن حزم ما يزال في عز شبابه (ت 456هـ).
ومؤلِّف ثالث يتهم كعب الأحبار بأنه يروي الأخبار تملُّقاً لعبد الملك بن مروان[5] مع أن كعباً قد توفي عام 34 هـ قبل أن يتولى عبد الملك الخلافة بما يزيد عن ثلاثين سنة، وهي فضيحة يستحي منها أي باحث لم يبتلى بمرض التفسير السياسي.
وقد كنا نحسب مصطلح (إجماع أهل المدينة) عند المالكية دليلاً وأصلاً شرعياً، لكننا لم ننتبه لكونه سلاحاً سياسيّاً وعصياناً للسلطة كما تفطَّن أحدهم حين قال: (فلو أراد إمام دار الهجرة التقرب إلى السلطة السياسية لوجد الطريق إلى ذلك سهلاً، بإسقاط هذا الأصل الذي انفرد به دون غيره، والذي يكفي لندرك بعده أن نرى فيه محاولة لإضفاء الشرعية على إجماع أولئك الذين قاوموا طويلاً سلطتي دمشق وبغداد)[6].
وخذ من الأمثلة والقراءات العقلانية التي تحكم على الحديث إذا ورد في فضل أحدٍ بأنه من وضع أنصاره، وإذا ورد في ذم أحد بأنه من وضع أعدائه، وأي نص له علاقة بالواقع فهو من صياغة الواقع له.
ومع ذلك، فالهوس بالتفسير السياسي لم يكن من إبداعهم وابتكارهم، بل نقلته تلك الدراسات المعاصرة من المدرسة الاستشراقية التي غرستها في أدمغة تلاميذها المقلدة فما عادوا يبصرون جيداً من دونها، وقد أحسن العلاَّمة (المعلمي) وصف بعض أسباب الخلل لديهم من أنهم:
(إنما يعرفون الدواعي إلى الكذب ولا يعرفون معظم الموانع منها)[7]؛
فهؤلاء الناس يعرفون الدواعي لتأثير السياسة من جهة قوة السلطان ورغبة الناس في التملق إليهم لكنهم لا يعرفون الموانع التي تحول دون تأثير السياسة كمثل ما عليه العلماء من الديانة والعدالة، ونفرتهم من الكذب، وما جرى من صيانة للعلم بالرواية والتدوين والجرح والتعديل مما يجعل تأثير السياسة فيها مستحيلاً.
فحقيقة الأمر أن كثيراً من القوم إنما يعبرون عما يجدونه في نفوسهم، فإذا شاهدوا تأثير السياسة على تغيير قناعاتهم ومذاهبهم ظنوا أن غيرهم لن يكون أحسن حالاً منهم، مع كثافة جهلٍ تحول دون فهمهم لحال التراث والشريعة التي يريدون تقديم تفسير لها، للحد الذي يقرر فيه أحدهم:
(لقد كان القائمون بجمع الروايات (النصوص) من المحدثين هم أنفسهم الفقهاء الذين يمارسون اللحظة ذاتها، عملية التدوين النصي وعملية التنظير الفقهي وفي ظل هذا الوضع لا يؤمَن من التداخل والقلب بين التشريع والتفسير)[8]،

فهو يتصور أن الفقهاء لم يكونوا يفرقون بين أقوالهم وبين أقوال النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيمكن للفقيه أن تختلط عليه فيجعل قوله هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعر، فهذا التصور الظريف في فهم تاريخ المسلمين يفسر لك سر تضخم هذا الوهم في رؤوسهم.
هذا (التفسير السياسي) لا يقوم على أي إثبات أو برهنة علمية، فطريقتهم تقوم على ربط أي حكم أو نص شرعي بالسياسة من دون أي دلائل قاطعة، وإنما لأنه يشك – أو يريد أن يشك بالأصح - يبدأ في البحث عن أي مؤثر سياسي من دون أي يقدم على ذلك أي برهنة، وهذه الطريقة في إنكار الحقائق والطعن في الشرائع بمحض الأوهام ليست مبتكرة لهم فهي طريقة قديمة في التعامل مع محكمات الشريعة،
فهذا أحد المبتدعة القدامى يدعي أن الزنادقة قد دسوا على أهل الحديث اثنا عشر ألف حديث من حيث لا يشعرون (لاحظ ضخامة العدد)، وهو ما دفع الإمام الدارمي إلى الجواب عنه متهكماً:
(دونك أيها المعارض فأوجدنا عشرة أحاديث دلسوها على أهل العلم... أو جرب أنت فدلس عليهم عشرة حتى تراهم كيف يردونها في نحرك)[9].

هل معنـى هذا أن السـياسة لا تؤثر ولا تستغل الأحكام الشرعية؟
أبداً، بل لها تأثير ولا شك في ذلك، لكن تأثيرهم لم يمسَّ أصل الشريعة ولا نصوصها ولا مذاهب الفقهاء وأصولهم؛ فالتأثير يكمن في استغلال بعض النصوص والمواقف، وربما في تقديم بعض الفقهاء لأهوائهم وشهواتهم إرضاءً للسياسة لكن ذلك لا يضر إلا من فعل، أما نصوص الشريعة وأصول الاستدلال وقواعد الفقه فقد كانت في منعة أي منعة، عن التأثر بذلك، وكل محاولة تُثبِت خلاف ذلك فإنها ما زالت عاجزة عن إقامة أي إثبات علمي سوى الاعتماد على الشك والخرص علـى طريقة أحدهـم حين يحلـل أحـداث التـاريخ منطلقـاً مـن (يبـدو) و (أظـن) و (لا يُسْتبعَد)، ثم بعد ذلك (فتحصل يقيناً)[10].

--------------------------------------------------
[1] انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح: 2/133.
[2] السلطة في الإسلام، العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ، لعبد الجواد ياسين، ص 168.
[3] الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية، نصر حامد أبو زيد، ص 16.
[4] تكوين العقل العربي، لمحمد عابد الجابري، ص 309.
[5] السلطة في الإسلام، لعبد الجواد ياسين، ص 274.
[6] الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام، لعبد المجيد الصغير، ص 235.
[7] التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل، لعبد الرحمن المعلمي: 1/27.
[8] السلطة في الإسلام، لعبد الجواد ياسين، ص 321.
[9] نقض عثمان بن سعيد، ص 401.
[10] أشير هنا وأشيد برسالة لطيفة بعنوان (التفسير السياسي للقضايا العقدية في الفكر العربي المعاصر) للأستاذ الباحث: سلطان العميري، وهي من إصدارات مركز التأصيل للدراسات والبحوث، فهي جديرة بالقراءة والاطلاع.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:07 PM
طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على الشيعة لم يستوعبها عقل عدنان إبراهيم !

سليمان الخراشي
...................

بسم الله الرحمن الرحيم

لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ردوده على الشيعة منهجٌ فريد لم تستوعبه عقول البعض ، وهو أنه يُقابل شبهات الشيعة على الصحابة بشبهات خصومهم النواصب والخوارج ؛ ليخرج الحق من بين الفريقين صافيًا نقيًا ، كما قال تعالى : ( نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِين ) .

فإذا طعن الشيعي بأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، يُلزمه شيخ الإسلام بطعن النواصب في علي رضي الله عنه في نفس المسألة ؛ فيُسقَط في يد الشيعي ؛ فيكف عن النيل من سادات الأمة .

هذه الطريقة ( الإلزامية ) يعرفها العلماء العارفون بطريقة المناظرات والردود ، وقد استخدمها بعضهم .
من ذلك : أن طاغية الروم النصراني قال للإمام الباقلاني رحمه الله : أخبرني عن عائشة زوجة نبيكم ! – يريد الطعن فيها رضي الله عنها - فقال له الباقلاني: هما اثنتان قيل فيهما ما قيل: زوج نبينا ومريم ابنة عمران، فأما زوج نبينا فلم تلد وكان لها بعل، وأما مريم: فجاءت بولد، وليس لها بعل ! وكلٌ قد برأها الله مما رُميت به. فسكت طاغية الروم ولم يُحِر جوابًا.
فهل يظن جاهلٌ أن الباقلاني يطعن في مريم عليها السلام ؟! حاشاه .

ومن ذلك : قول العلائي " الشافعي " في رسالته " تحقيق منيف الرتبة " ( ص 8 ) :
(كل ما قدح به المبتدعة في الصحابة الذين أَسقطوا عدالتهم ، يُتصور مثله في الصحابة الذين لم يقدحوا في عدالتهم . فإن تأولوا أفعال من وافقوا على عدالته وحسّنوا لهم المخارج في أمورهم ، كانوا مقابَلين بمثله فيمن خالفونا في عدالته ، ولايجدون فرقاً قاطعاً بين الطائفتين بالنسبة إلى انقداح التأويل ، وإحسان الظن بهم ، وانسداد ذلك في حق الجميع ).


قلت : هذه الطريقة الإلزامية المُفحمة لا تصلح إلا في المناظرات والمحاججات العلمية التي لا تناسب عوام الناس وأشباه العوام ؛ ممن قد يسيؤون الفهم والظن ، فيتوهمون أن شبهات النواصب – مثلاً – يقول بها مَن يوردها لإلزام الشيعة !

وهذا – للأسف – ما وقع فيه البعض تجاه شيخ الإسلام ؛ حيث قصرت أفهامهم ، فأساؤوا الفهم – عن عمدٍ أو جهل - ؛ فاتهموا شيخ الإسلام بما ليس فيه ، ونسبوا له أنه يقول بأقوال النواصب التي إنما أوردها ليكف بها صولة الشيعة على الصحابة رضي الله عنهم .

من نماذج هذا : قول المدعو ( عدنان إبراهيم ) في خطبة له على اليوتيوب عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن عليًا رضي الله عنه كان : ( محبًا للرياسة ) !!

ولو عاد القارئ إلى مجموع الفتاوى ( 4 / 470 ) الذي فهم منه عدنان فهمه السقيم ، نجد شيخ الإسلام يضرب شبهات الشيعة بشبهات النواصب فيقول :

(فاذا قال الرافضى : إن أبا بكر وعمر وعثمان كان قصدهم الرياسة والملك فظلموا غيرهم بالولاية ، قال لهم – أي الناصبي - : هؤلاء لم يقاتلوا مسلما على الولاية وانما قاتلوا المرتدين والكفار وهم الذين كسروا كسرى وقيصر وفتحوا بلاد فارس وأقاموا الاسلام وأعزوا الايمان وأهله وأذلوا الكفر وأهله وعثمان هو دون أبى بكر وعمر فى منزلته ومع ذلك فقد طلبوا قتله وهو فى ولايته فلم يقاتل المسلمين ولا قتل مسلما على ولايته ، فان جوزت على هؤلاء أنهم كانوا ظالمين فى ولايتهم أعداء الرسول كانت حجة الناصبى عليك أظهر ،واذا أسأت القول فى هؤلاء ونسبتهم الى الظلم والمعاداة للرسول وطائفته كان ذلك حجة للخوارج والنواصب المارقين عليك ، فإنهم يقولون : أيما أولى أن يُنسب إلى طلب الرياسة ؟ من قاتل المسلمين على ولايته ولم يقاتل الكفار وابتدأهم بالقتال ليطيعوه وهم لا يطيعونه ، وقتل من أهل القبلة الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت العتيق ويصومون شهر رمضان ويقرءون القرآن ألوفا مؤلفة ، أومن لم يقاتل مسلما بل أعزوا أهل الصلاة والزكاة ونصروهم وآووهم ، أو من قُتل وهو في ولايته – أي عثمان - لم يقاتل ولم يدفع عن نفسه حتى قُتل فى داره وبين أهله رضي الله عنه ؟
فإن جوزت على مثل هذا أن يكون طالبًا للملك ظالما للمسلمين بولايته فتجويزك هذا على من قاتل على الولاية وقتل المسلمين عليها أولى وأحرى .
وبهذا وأمثاله يتبين أن الرافضة أمة ليس لها عقل صريح ولا نقل صحيح ، ولا دين مقبول ولا دنيا منصورة ، بل هم من أعظم الطوائف كذبا وجهلا ، ودينهم يُدخل على المسلمين كل زنديق ومرتد كما دخل فيهم النصيرية ) انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله .

فجاء عدنان إبراهيم فنسب له قول النواصب الذي ساقه لإلزام الشيعة !! فالله حسيبه .

متغافلاً عن أقوال شيخ الإسلام الكثيرة في تبجيل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ،

تجد بعضها هنا :

http://www.saaid.net/book/open.php?cat=88&book=2291

وهنا :

http://www.dorar.net/art/1523



وهنا :


http://www.alsrdaab.com/vb/showthread.php?t=50592


وهنا :
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=7&book=728


أخيرًا


أُذكّر من رمى شيخ الإسلام بما ليس فيه – إن كان يخاف على نفسه من العقاب – بقوله تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (من قال في مؤمن ما ليس فيه, أسكنه الله ردغة الخبال؛ حتى يخرج مما قال ) رواه أحمد, وأبو داود، وصححه الألباني .
هدى الله ضال المسلمين ، ووفقهم لقول كلمة الحق في الغضب والرضا ..

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:09 PM
هدم المذهب النسبي


الجمعة, 11 شوال 1435


شهاب المسلم


النسبية هي وضع فلسفي يرى كل وجهات النظر أنها صحيحة شرعية متساوية، فكل الحقائق نسبية إلى الفرد. وهذا يعني أن كل الأوضاع الأخلاقية، وكل الأنظمة الدينية، وكل الأشكال الأدبية، وكل الحركات السياسية هي حقائق نسبية للفرد.

وأول عبارة واضحة عن النسبية ظهرت في قول أفلاطون:" تظهر الأشياء لي، كما توجد بالنسبة لي، وتظهر الأشياء للآخرين، كما توجد بالنسبة لهم" فالنسبية تقرر أنه لا يوجد هناك حقيقة موضوعية، فما أراه هو الحقيقة بالنسبة لي، وما تراه هو الحقيقة بالنسبة لك، فلا يوجد خطأ.

ففي النسبية ليس هناك أحد يقول أن منهجي وطريقي هو المنهج الصحيح الوحيد لذا يجب أن لا نقهر أحد على قبول منهج ما أو طريقة معينة. فمنهج الإرساليات التبشيرية والعسكرية انتهى.

وفي النسبية مقياس السلوك هو ذواتنا، فما هو الحق والعدل في عين شخص ربما لا يكون حقاً وعدلاً في عين شخص آخر. ولا أحد يستطيع أن يزعم أنه هو على الحق والصواب أو الحقيقة المطلقة. والاختلاف في الحقائق يعود إلى اختلاف الرؤية والوضع الملائم للشخص. فمثلاً في أمريكا يقودون السيارة على اليمين وفي بريطانيا وأستراليا على اليسار، فهذا اختلاف في الأشكال والأساليب ولكنهم يشتركون في وضع ضوابط وقوانين تضبط حركة السير ، فكذلك الإنسانية لا يمكن أن تعيش دون ضوابط وإن كان هناك اختلاف في الوسيلة والأسلوب .

والفلسفة النسبية منتشرة في ثقافة الفكر الغربي المعاصر متمثلة في رفض الإله والحقيقة المطلقة. وقد أدت هذه الفلسفة إلى انتشار الأمراض الأخلاقية فقد شجعت الفرد إلى أن يقبل الشذوذ الجنسي والإباحية والتفسخ ونشر الرذيلة. فمبدأ: كل فرد على حق. أو بعبارة أخرى: لا توجد حقيقة مطلقة. أو: هذا حق عندك وليس عندي وعبارات أخرى غير منطقية شبيهة لهذا المعنى المقصود منها تسويغ أعمال الرذيلة وإعطائها نوعاً من القبول الذاتي والاجتماعي.

يقول "سيمون" أحد الفلاسفة الغربيين المعاصرين: " إذا نحن تخلينا عن أي سلطة فوق الطبيعة فإننا سنواجه قوانين أنشاءناها بأنفسنا، وعليه يظهر التفكير أن القوانين أنشئت بطرق مختلفة بأناس مختلفين في أزمان متفاوتة، وفي أي حالة، وليس هناك حقيقة واحدة وإنما هناك فقط حقائق مختلفة لمجتمعات متباينة " هذه هي فكرة النسبية وذلك أن "الحقائق الأخلاقية تتفاوت تبعاً للفرد والزمان والظروف"

وتحت المظلة النسبية تصنف المجموعات وفق التالي:

أ ـ النسبية المعرفية: وهي تؤكد أن كل الحقائق نسبية. وهذا يعني أنه لا توجد هناك حقيقة أكثر مصداقية من الأخرى وبالتالي لا يوجد مقياس موضوعي للحقيقة، ونتيجة طبيعة أن تنكر وجود إله مطلق.

ب ـ النسبية الأخلاقية: كل الأخلاقيات نسبية داخل المجموعة الاجتماعية التي يتكون فيها.

جـ ـ النسبية الوضعية: كل أخلاقيات الصواب والخطأ يعتمد على الوضع التي تعيشه.

النسبية المعرفية:

تؤكد النسبية المعرفية أن كل الحقائق نسبية. وهذا يعني أنه لا يوجد نظام حقيقي محدد أكثر صحة ومصداقية من نظام آخر، ولا يوجد مقياس موضوعي للحقيقة. ولذلك من الطبعي أن تنكر حقيقة وجود إله مطلق. وكذلك تنكر أن التفكير العقلي يمكن أن يكتشف الحقيقة ويؤكدها. وإن كانت النسبية المعرفية لا تنكر وجود اختلافات في الثقافات المتنوعة؛ بل تؤكد ذلك، إلا إنها في المقابل لا يوجد هناك نظام ابستميولوجي (طريقة معرفة الأشياء) أعلى من نظام آخر. وبالطبع هذا يؤدي إلى إدحاض ذاتي وذلك بزعمها أن مبدئها للحقيقة النسبية هو حقيقة مطلقة وأنها تستخدم لتحديد النسبية المعرفية بأنها حق.

النسبية الأخلاقية:

النسبية الأخلاقية تعني عدم وجود أخلاق مطلقة، فليس هناك صواب وخطأ أخلاقي. فالنسبية تسمح للأشخاص بأن يتبنوا الأخلاقيات التي يريدونها كما يتبنون الثقافة والمعرفة. وإنكار الأخلاقيات المطلقة هو إنكار للقيم الإيمانية التي تقرر أصول أخلاقية يجب أن يتحلى بها المرء. فإذا كانت الأخلاق تتغير مع مضي الوقت فإن هناك إشكالية تناقضية ذاتية داخل المنظور النسبي، فمثلاً الاسترقاق كان مباحاً لدى الأمريكان ويرونه أمراً مقبولاً لا يتعارض مع القيمة الأخلاقية ثم مع مرور الوقت منعوا الاسترقاق واعتبروه عملاً غير أخلاقي. وقد تتغير وجهة نظرهم في المستقبل فتعاد فكرة قبول الاسترقاق وأنه لا يتصادم مع القيم الأخلاقية، فكيف نقول أن الاسترقاق حق أم باطل؟ فلا شك أن هذا يحدث مجموعة من التناقضات في القضية الواحدة هل هي حق أم باطل؟

النسبية الأخلاقية تجعل المجتمع هش سريع الانحلال والذوبان، فالأخلاق هي الرابط الاجتماعي كالرابط العنصري في تماسك المجتمع، لذا لابد أن تكون هناك قضايا أخلاقية مجمع على صوابها أو خطأها. فالرشوة وإن كانت قضية إيمانية فهي كذلك قضية أخلاقية، فلابد أن يكون هناك اتفاق جمعي بأنها عمل مشين يؤدي إلى فساد المجتمع وينبغي أن ترفض من الكل.

انتشار المذهب النسبي:

إلا أن هناك تساؤل: لماذا النسبية اكتسبت لها مكانة رفيعة في المجتمع الحديث؟ في الواقع يوجد هناك عدة عوامل ساهمت في قبول النسبية:

أولاً: النجاح العملي زاد في اعتقاد فكرة أن الإجابات الحقيقية توجد في العلم. لذا يعتقد كثير من الناس أن ما يقولونه العلماء ـ مهما يكن ذلك القول ـ هو صحيح. وإذا لم يستطع العلم أن يجد جواباً لشيء ما فإنه ببساطة ستكتشف الحقيقة لاحقاً. فالناس يؤمنون بالعلم والمطلق فقط فيما نعرفه الآن. والذي ربما يكون غير حقيقي لاحقاً. وهذا يقوض الحقيقة المطلقة.

ثانياً: مع القبول الواسع لنظرية التطور، فالإله أُزيح بعيداً خارج المنظومة الفكرية، وبدون اعتقاد وجود الإله المقرر للحقيقة والباطل فإن الإنسان سيكون بديلاً عن الإله ويقرر ويعتقد ما هو الحق وما هو الباطل.

ثالثاً: نحن نواجه ثقافات متنوعة ومتفاوتة، وهذا الاتجاه يجعلنا أكثر انسجاماً وقبولاً مع فكرة وجود أكثر من طريق لعمل شيء ما. والإيمان بتعدد الثقافات لا يشترط ببطلان هذه الفكرة لكنه يعمل على تقويض أو إنكار الحقيقة المطلقة.

رابعاً: زيادة الفلاسفة النسبيين وخصوصاً المنتمين إلى حركة العصر الجديد الذين يقولون: أنه لا يوجد حقيقة مطلقة، وأن كل شيء بإمكانه أن يخلق واقعه.

خامساً: التحرر من القيم الأخلاقية ، والقيود الاجتماعية فالنسبية تقرر مذهب دعه يعمل ما يشاء.

نقض النسبية:

لا يمكن لأي مجتمع أن يعيش دون حقائق مطلقة مشتركة بين أفراد مجتمعه ، فبدون الحقيقة المطلقة لن يكون هناك تماسك اجتماعي وسينشأ الصراع والنزاع وستصدم الآراء ويحدث الانشراخ الاجتماعي والتمزق الثقافي وبالتالي يؤدي إلى ضعف المجتمع وسقوطه.

من الطبعي أن يحدث هناك اختلاف في تقييم الأشياء واختلاف في كيفية التعامل معها ولكن يظل هذا الاختلاف والتفاوت في ظل مظلة عامة متفق عليها. فقد يختلف الآباء في تربية أبنائهم ولكنهم في الغالب يتجهون إلى نفس الهدف. فالحقيقة العامة متفق عليها ولكن الأساليب في التعامل مع هذه الحقيقة قد يختلف.

والاختلاف في قيادة السيارة لا يؤثر على المعنى الأساسي للقيادة أو يمنع من وجود قوانين للقيادة. وقس على ذلك عادات وأعراف الناس فقد تختلف ولكنها تتفق في المعنى العام. وهذه القضية أمر مسلم به وليست من النسبية التي تؤدي إلى انعدام الحقيقة المطلقة؛ بل هذا اختلاف في الأساليب والوسائل وليس في المعاني والغايات.

إن الاختلاف في الأساليب لا يعني هذا أنه لا يوجد حقيقة مطلقة، ولو قلنا باختلاف الممارسات الفردية فإنه لن توجد هناك أرضية مشتركة بين الناس، وميزان يحكمون فيه الصواب والخطأ، والحق والباطل. ولتنازعوا الناس في حكم الكذب والسرقة والاغتصاب، ولتنازعوا في تقرير القضايا العقلية والعلمية كنتيجة (1+1=2) . ولتنازعوا في الموجودات والمعدومات، فهل الموجود موجود، وهل المعدوم معدوم.

إن الحقائق المطلقة كثيرة جداً لا يستطيع العقل أن يردها وهي تشهد على زيف النسبية فمن ذلك أن الإنسان لا يوجد نفسه من العدم فهذه حقيقة مطلقة.

وهنا يتجه سؤال: لو كانت وجهات النظر الأخلاقية كلها صواب، فهل يكون لنا الحق في معاقبة شخص ما؟ وهل لنا الحق في إصدار حكم على أمر ما بأنه خاطئ؟ فلكي نقول أن ذلك الشخص مخطئ فإنه يجب أولاً أن يكون لدينا مقياس نفرق بيه بين الصواب والخطأ كي نحكم على الأشخاص، فلو كان هذا المقياس بُني على النسبية فلن يكون لدينا مقياس مطلقاً. ففي السببية، مقياس الصواب والخطأ مشتقة من القيم الاجتماعية. فإذا تغيرت القيم الاجتماعية تغير المقياس تبعاً لذلك؛ وبالتالي لا يمكن لأحد أن يحكم على شخص بالصواب والخطأ إذ يمكن أن يكون هذا الخطأ صواباً في المستقبل!

وبما أن النسبية هي وضع فلسفي يرى أن كل وجهات النظر صحيحة وأنها نسبية للفرد، فإن هذه الوضعية الفلسفية تحمل التناقضات في طياتها

أولاً: كل الحقائق نسبية: إذا كانت الحقيقة نسبية؛ فإن عبارة " كل حقيقة نسبية" تعتبر عبارة مطلقة، والنسبية ترفض المطلق، فالعبارة متناقضة في ذاتها فبالتالي ليست كل الأشياء نسبية وعليه فعبارة " كل حقيقة نسبية" خاطئة. والقول أن " كل حقيقة نسبية" يرفضه الواقع، فهناك حقائق كثيرة مطلقة لا تحمل النسبية بالاتفاق، فالشمس محرقة، والسماء فوقنا، والإنسان ناطق نامي وغير ذلك من الحقائق التي يعجز القلم عن إحصائها.

ثانياً: ما كان حقاً لديك ليس حقاً لدي: فأقول: أن الحق لدي أن النسبية باطلة، فإذا قلت لي: لا هذا ليس صحيحاً. فهذا يلغي المبدأ الذي قررته النسبية أي ما كان حقاً عندي ليس حقاً وبالتالي فالنسبية باطلة؟

وإذا قلت: نعم وأقررت بقولي، فالنسبية باطلة.

وإذا قلت: إن ذلك حقاً فقط عندي أن النسبية باطلة، فإن هذا يعني أنني أعتقد ببطلان النسبية، وإذا كان اعتقادي صحيحاً، فكيف يمكن أن تكون النسبية صحيحة.

ثالثاً: لا أحد يستطيع أن يعرف أي شيء من غير شك: إذا كان هذا صحيحاً، فإننا نعرف أننا لا نستطيع نعرف أي شيء من غير شك، فبالتالي معرفتنا هنا مطلقة وهذا دحض ذاتي.

رابعاً: النسبية غير قادرة على إنكار ما يتناقض مع الحقيقة ذاتها. النسبية تحمل التناقض الذاتي، فالكل لديه الحقيقة فلا ينبغي أن يكون هناك إقناع الآخرين بما تحمله من أفكار ومعتقدات فما تراه أنت حقيقة لا يحق لك أن تقنعهم لأن يرون ما لديك هو الحقيقة. فالنسبية لديها خاصية منطقية غريبة يرفضها الممارسة الواقعية، فالتطبيق الواقعي للنسبية أنها تملك الحقيقة وما عداها من أفكار ورؤى خاطئة فهي تمنع من يناقضها

12345
مرات التقييم:«69»

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:16 PM
هذا هو عدنان ابراهيم يا سلمان العودة باختصار
الجمعة, 22 رمضان 1433
الشيخ عبدالرحمن دمشقية
صعقت بالأمس لما وجدت ثناء سلمان العودة على عدنان إبراهيم لما سأله أحدهم عن موقفه منه وهل ينصحه بمتابعته وتلقي علومه فقال:

" عدنان ابراهيم رجل موسوعي ومتحدث، وله مواد مفيدة في تعزيز الإيمان، ولديه مواد وموضوعات لم يحالفه فيها التوفيق".

أولا عدنان ابراهيم رافضي طعان مستهزئ بالصحابة صار معروفا بذلك. ومثل هذا لا يكتفى يأن يقال: لم يحالفه التوفيق. بل يقال رافضي كما وصفه بذلك الشيخ عثمان الخميس لكثرة ما وقف على طعونه في الصحابة، فجزاه الله خيرا.

وهدى الله سلمان العودة على عدم نصحه وموقفه المتميع ممن صار رمزا وعلما في الزيغ والعداء لأهل الحق.

ثانيا: أنا لا أدري كيف يصف سلمان العودة عدنان ابراهيم بأن كلامه يعزز الإيمان وأتساءل: هل خفي عليه انه يدعو الى منهج الشك. ويقول هذا منهجي الأصل أن أشك. وهو في ذلك على مذهب الغزالي.

ثالثا: عدنان ابراهيم دارويني يوافق مذهب داروين في أصل الانسان بانه قرد. ديكارتي: يوافق مذهب التشكيك في المسلمات. داعية الى البدعة عدو للسنة مشكك في مصادرنا. طاعن في البخاري ومسلم. وهذه التزكية من سلمان تصحيح لمساره ولا ينفع معها أن يقول: لم يحالفه التوفيق.

ومن صار رمزا في الباطل والبدع والطعن في الصحابة ومنهجهم لا يجوز تزكيته ولا الثناء عليه ولا الحث على طلب علم منه، فإن في هذا أعظم التلبيس على الناس لأنهم لا يميزون بين ما عنده من صحيح مختلط بباطل.

وقد قال أهل العلم: من وقر صاحب بدعة فقد اعان على هدم الاسلام.

وما عند عدنان إبراهيم من حق وصواب فإنه لا يطلب منه، بل يؤخذ من غيره.

صحيح أن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث.

لكن يصح أن نقول: إذا بلغ الخبث قلتين لا تؤخذ منه قطرة ماء. وما عند عدنان إبراهيم خبث كثير.

وإليكم باختصار أهم ضلالات عدنان إبراهيم

عدنان ابراهيم معظم للبوطي داعية الى منهجه متخرج من مدرسته.

طعان في الصحابة يرفض القول بعدالتهم.

يصف أبا هريرة بأنه قليل الذوق يلتصق ببيت النبي والنبي يلمح له أن يذهب فلا يفعل.

يصرح بأن هناك من الصحابة من هو صحابي لكنه حقير وملعون الوالدين.

يدعي أن بعض الصحابة كان يضع يده في الطعام ليتلمس أيادي نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

يطعن في عائشة ويصفها بأنها رجلة يعني مسترجلة وانها جاهلة ولا يجزم إن كانت في الجنة أو في النار.

طعان في عثمان بن عفان: زعم انه غير جدير بالخلافة وأنه كان مبذرا لخزينة بيت مال المسلمين متساهلا.

يسب معاوية ويصفه بالقزم التاريخي. ويزعم أنه كان يستهزئ بعمر بل وبالرسول.

زعم أن من أصحاب الشجرة من ربما دخلوا النار. وأن معنى قول النبي أنهم في الجنة لا يعني بالضرورة أنهم لن يمروا على النار قبل ذلك.

بل زعم أن العشرة المبشرين بالجنة لا ضمان من أن يدخلوا النار قبل ذلك.

متعصب للغزالي حتى الجنون مع ان الغزالي يدعو الى وحدة الوجود.

مدافع عن قوله: ليس في إمكان الله أن يخلق أفضل عالما من هذا العالم.

متعصب للكوثري عدو السنة وعن مصطفى صبري. بل وعن السقاف.

بذيء سفيه وقح متطاول على الدعوة السلفية ومشايخها يشبههم بقساوسة النصارى ويقول لهم: قد ولى عهد الاكليروس قد ولى عهد الكهنوت. يشبههم بالكهنوتيين مع تعظيمه لمشايخ الرافضة كمحمد باقر الصدر.

جهمي يدافع عن الجعد بن درهم ويثني عليه ويطعن في خالد بن عبد الله القسري الذي قتله وضحى به لأنه جهمي.

طعان في البخاري ومسلم يزعم أنها مملوءان بالخرافات والأكاذيب. ولا يزال يأتي بالشبهات في خطبه ليثبت ذلك.

بل يتلاعب بنصوص البخاري تدليسا ومراوغة ليثبت انحراف البخاري.

يزعم أن أيادي اليهودي تلاعبت بصحيح البخاري ومسلم. ودست فيها الأكاذيب. ولا ادري كيف غفل كل علماء الأمة كابن الصلاح وابن حجر حين حكيا اتفاق الأمة على تلقي الصحيحين بالقبول والتسليم. حتى جاءنا هذا الزائغ من النمسا ليحذرنا منهما!!

معظم لنظرية داروين في التطور يزعم أنها يوافقه 99% ويا ليته وافق البخاري مثل نسبة موافقته لداروين.

طعان في ابن تيمية ويصف منهجه بالمنهج الكارثة أشبه بالخوارج. ويطعن في تقسيمه للتوحيد. وأن سلفه مجرمون وزنادقة.

يغازل الرافضة ويثني على مشايخهم ويزعم أن أمثاله يتعرضون للاضطهاد والبلاء إذا أعلن محبة أهل البيت. كما صرح بذلك للرافضة في غرفة الغدير.

وهذا تعريض بمذهب أهل السنة قاطبة واتهام له بالنصب. فليترك هذا الزنديق هذا المذهب وليذهب للرافضة.

ويقول للرافضة في اتصال جرى بينه وبينهم ومسجل عندي: كل من أحب أهل البيت فليستعد للبلاء.

يعظم محمد باقر الصدر ويقول من لم يعرفه فهي كارثة.

ينكر نزول المسيح مع ان الخبر فيه قد تواتر.

داعية إلى تعلم الفلسفة والمنطق وعلم الكلام ويسميه بعلم التوحيد

ويدعو عليهم في كثير من مجالسه قائلا: الله يخلص الأمة منكم.

صرح بأن اليهودي والنصراني إذا آمنا بمحمد فلا يلزمهما اتباعه ويجوز بقائهما على دين اليهودية والنصرانية. مكذبا قول الله: ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه.

يصرح بعجز الجناب الإلهي وأنه ليس في إمكان الله أن يخلق عالما أفضل مما خلق. ويلزم من خالفه بأنه يعتقد أن الله بخيل. فإما ان يقبل بعجز الله او ببخل الله.


وبعد هذا يقول سلمان العودة: بأنه شخصية موسوعية وكلامه يعزز الايمان. وله أمور لم يحالفه فيها التوفيق؟!.

يعظم نظرية دارون التي لا يزال الملحدون يستغلونها لتقرير إنكار الذات الالهية: ثم تكتفي يا سلمان بالقول: بأنه لا يحالفه التوفيق؟ أي تساهل في الدين بلغت اليه بسبب حزبيتك؟

أقول: من عرف عنه الترفض والطعن في الصحابة لا يكتفى بأن يقال إنه لم يحالفه التوفيق. بل يقال رافضي. وإلا لزم ان نقول: أن الرافضة لم يحالفهم التوفيق.

فقد سئل الإمام احمد سئل عمن يطعن في أحد من أصحاب النبي فقال: لا أراه على الاسلام.

وأبو زرعة حكم على من يطعن في واحد من أصحاب النبي بأنه زنديق.

بل صح عن النبي انه قال: من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين.

فكيف إذا اجتمعت في عدنان إيراهيم هذه المصائب: أيكفي ان يقال: لم يحالفه التوفيق؟

فإتق الله يا سلمان العودة وكف عن توصياتك بمن وافقك في حزبيتك.

فالانتصار للطائفة المنصورة أولى من الانتصار لطائفة الاخوان المخذولة.

وثناؤك على عدو السنة وذنب الرافضة عدنان إبراهيم سوف تسئل عنه يوم القيامة.

اللهم نعوذ بك من الفتنة في الدين.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:24 PM
الرد على عدنان إبراهيم في سبه للصحابة بالوحي والعقل والمنطق والتاريخ
الثلاثاء, 16 جمادى الآخر 1433
أمير محمد محمد الأمين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم

، ذكر عدنان إبراهيم خطيب مسجد الشورى بفيينا في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم 28 أكتوبر2011 أن هناك من يُشنعون عليه بسبب مايسميه نقداً لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه زاعماً أن خلافه في هذه المسألة مع من خالفه فيها إنما هو خلاف فرعي يسع الناس أن تتعدد مشاربهم فيه لأنه ليس من أمور العقيدة المهمة , وانتقد خطيب مسجد الشورى الذين يصنفون الناس إلى سنة وشيعة وأشعرية وغير ذلك , وأنكر إنكاراً شديداً على من يلعن مسلماً يؤمن بالله واليوم الآخر في تلك الخطبة التي استغرقت ساعة وعشرين دقيقة من الزمن فأقول رداً على هذه المغالطات


أنه لم ينتقد معاوية رضي الله عنه فحسب ولكنه سبه وسب غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكلمة السب في لغة العرب لفظ يشمل اللعن والتنقص والإستهزاء وغير ذلك مما يشان به الإنسان فمن انتقص أحداً من الصحابة الكرام وقلل من شأنه كما فعل عدنان فقد سبه وأتى بذلك منكراً عظيماً وفسقاً مبيناُ لقوله صلى الله عليه وسلم (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين )صححه الألباني.



ومعاوية رضي الله عنه داخل في عداد الصحابة بإجماع أهل العلم ولكن خطيب مسجد الشورى أخرجه منهم كما أخرج خالد بن الوليد وكثيراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الصحابة فزعم أنهم من التابعين لأنه يدعي أن كل من أسلم بعد صلح الحديبية فليس بصحابي ( سلسلة عدالة الصحابه ) ويستدل على ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام يوم الحديبية ( أنا وأصحابي حيز والناس حيز لا هجرة بعد الفتح ) رواه أحمد - ويستدل بما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مخاطباً خالد بن الوليد لما جرى بينه وبين عبدالرحمن بن عوف ماجرى

( لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ) –(رواه البخاري ومسلم)

وعلى هذا فقد أخرج عدنان إبراهيم أبا هريرة وخالد بن الوليد وأبا سفيان واشج عبد القيس وعمرو بن العاص وسهيل بن عمرو وأبا موسى الأشعري وآلاف الذين أسلموا آنذاك وصحبوا النبي من كونهم صحابة لأن كل هؤلاء وغيرهم أسلموا بعد الحديبية فأقول في الرد عليه في هذه المسألة :

• أولاً : حديث لاتسبوا أصحابي لا يعني أن خالداً رضي الله عنه ليس من أصحابه ولكن النبي صلى الله عليه وسلم وصف عبدالرحمن بن عوف بكونه من أصحابه وسكت عن خالد لأن عبدالرحمن بن عوف لما أسلم وصار في زمرة أصحابه صلى الله عليه وسلم كان خالد رضي الله عنه لازال مشركاً يحارب الإسلام ولهذا الحديث نظير آخر في السنة وهوقوله عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب فيما رواه البخاري (هل أنتم تاركوا لي صاحبي) يعني أبا بكر فهل يجوز لأحد بعد ذلك أن يدعيَ أن عمر ليس بصحابي لقوله عليه الصلاة والسلام هل أنتم تاركوا لي صاحبي الجواب : لا, لأن كون ابي بكر صحابي لا ينفي كون عمر كذلك إلا أن أبا بكر أسبق إسلاماً وأخص بالصحبة من عمر وهذا وقع تماماًمقابل قوله عليه الصلاة والسلام لخالد لا تسبوا أصحابي عندما أخطأ خالد في حق عبدالرحمن بن عوف لأن ابن عوف أسبق إسلاماً وأخص بالصحبة من خالد كما تقدم ذكره وأظن أن عدناناً أوتي من جهة الفهم فهو يفسر كثيراً من الأحاديث تفسيرا خاطئاً لا دليل له عليه سوى إتباعه للهوى مخالفاً بذلك الحق وإجماع العلماء

ويستدل في أحايين كثيرة بالأحاديث المكذوبة والشديدة الضعف لأنه يعلم أن كثيراً من الذين يجلسون أمامه في حلقة الدرس لا يراجعون مايقول مراجعة علمية ولا يهتمون بمعرفة عما إذا كان مايستدل به من النصوص صحيح أم ضعيف أو موضوع فهم يقلدونه ويتعصبون له إلا من رحم الله

• ثانياً : الدليل الثاني الذي استدل به عدنان في نفي الصحبة عن خالد بن الوليد وغيره من الصحابة الذين أسلموا بعد الحديبية وهو حديث الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الحديبية( أنا وأصحابي حيز والناس حيز )لا يراد به نفي الصحبة عن الذين أسلموا بعد الحديبية لأن الإجماع منعقد على أن هؤلاء ومن تبعهم من الطلقاء كلهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن المراد به انتفاء الهجرة بعد الفتح .

والذين حضروا خطبة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في السنة العاشرة من الهجرة كانوا كلهم صحابة بإتفاق العلماء وكلهم عدول لأنه قال لهم ألا ليبلغ الشاهد الغائب فإن لم يكونوا عدولاً ثقات عنده ما أسند إليهم أن يبلغوا عنه .

وفي سلسلة عدالة الصحابة يدعي إمام مسجد الشورى أن التعريف الصحيح للصحابي هو تعريف الأصوليين والذي ينص على أن الصحابي هو من رأى النبي صلى الله عليه وسلم واختص به إختصاص المصحوب وطالت مدة صحبته مرجحاً هذا التعريف على تعريف المحدثين الذي يعرف الصحابي بأنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام مع أن التعريف الثاني هو الراجح وسيأتي تفصيل هذه القضية في مقالتي القادمة إن شاء الله وحتى على التعريف الثاني فلا يجوز له نفي الصحبة عمن نفاها عنهم بحجة أنهم أسلموا بعد الحديبية لأن من هؤلاء كخالد بن الوليد وأبي هريرة وغيرهم من لازم النبي صلى الله عليه وسلم لعدة سنوات فهم من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام على كلا القولين ولم يدع ٍأحد من العلماء في هؤلاء ما ادعاه عدنان إبراهيم فهل سمعتم عالماً واحداً يقول أن خالد بن الوليد ليس صحابياً كما زعم عدنان وأظنكم تتفقون معي على أن هذا الرجل يأتي بالغرائب والعجائب في العقيدة والفقه والدين وسيأتي في هذه المقالة ذكر شئ من عجائبه وتناقضاته وحتى بعض قصصه مع الجن كما في شريطه ( ابتهال ومدائح) الذي سجل بمسجد الهداية عندما كان إماماً فيه .

الرد على عدنان بالوحي والمعقول والتاريخ

في المقالة الأولى والثانية ذكرت نصوصاً من الكتاب والسنة تدل على عدالة الصحابة كلهم ونصوصاً تدل على فضل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بخصوصه وأود هنا أن أذكر آية أخرى في فضل معاوية رضي الله عنه ومن معه من الذين أسلموا بعد فتح مكة ممن شارك في موقعة حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى في سورة التوبة( ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) وقد تحدث شيخ الإسلام بن تيمية في الفتاوى المجلد الرابع صــــــــ458ـــــــفحة في تفسير هذه الآية فقال( وقد شهد معاوية وأخوه يزيد وسهيل بن عمر والحارث بن هشام وغيرهم من مسلمة الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم . غزوة حنين ودخلوا في قوله تعالى (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ),وكانوا من المؤمنين الذين انزل الله سكينته عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم , وغزوة الطائف لما حاصروا الطائف ورموها بالمنجنيق وشهدوا النصارى بالشام فزعم إمام مسجد الشورى أن معاوية رضى الله عنه إمام الدعاة إلى النار مستنداً على الحديث الوارد في صحيح البخاري ( ويح عمار تقتله الفئةالباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) فأقول في الرد على ذلك ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية)هو الجزء المتفق عليه في صحة الحديث وهو لايعني أن معاوية آثم أو فاسق لأنه بغى هو ومن معه متأولاً(أي مجتهداً) فلا إثم عليه إن شاء الله .

والجزء الثاني من الحديث ( يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار)لم يرد في أكثر نسخ صحيح البخاري فلذا يرى الحافظ بن حجر أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه مدرج في الحديث فعلى هذا تكون دعوى إمام مسجد الشورى بأن معاوية هو رأس الدعاة إلى النار دعوى باطلة لإعتمادها على هذا الجزء الذي لم يثبت مرفوعاً من الحديث ثم انه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في معاوية قوله ( اللهم اجعله هادياً مهدياً اهده واهدِ به ) فيكون رضي الله عنه رأساً في الهداية إلى الحق بعكس مازعم هذا الخطيب الذي ادعى أنه هو الذي حول الخلافة إلى الملك وأفسد أمور المسلمين وهو اتهام كاذب أيضاً لأن تحول الخلافة إلى الملك ليس مسؤول عنه معاوية رضي الله عنه لأن هذا التحول حدث لأسباب كثيرة منها أن الناس تغيرت أحوالهم وصار فيهم نوع من العصبية فلذا آل الأمر إلى بني أمية آنذاك ولو لم يختاروا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لإختاروا غيره من الأمويين , وإلا حدث صدام في الأمة فيكفيه فخراً أنه اجتمعت به كلمة المسلمين ســــــ41ـــــــنة من الهجرة وهو العام الذي سمي عام الجماعة لإجتماع كلمة المسلمين عليه فلو كان مجرماً وسيئاً كما يزعم عدنان إبراهيم لما تنازل له الحسن بن علي عن الخلافة , فالطعن في معاوية طعن في الحسن الذي بايعه لأنه يكون قد خان الأمة .

وقد جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام أشار إلى الحسن وقال (إن ابني هذا سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) وهاتان الفئتان كما يقول شراح الحديث هما فئة الحسن وفئة معاوية وقد وصفهما بأنهما عظيمتان من العظمة مما يدل على مكانة كلتا الطائفتين وفضلهما واقرؤوا ماكتبه ابن خلدون في المقدمة عن تحول الخلافة إلى الملك فإنه نافع ومفيد .وأيضاً فإن ملك معاوية ومن بعده من ملوك بني أمية وبني العباس ملك يشتمل على كثير من صفات الخلافة فلذا يطلق العلماء على ملوك بني أمية وبني العباس لفظ خلفاء وليراجع من أراد الفائدة ماكتبه ابن تيمية عن الخلافة والملك في الفتاوى وليس ملكه ملكٌ جبري ظالم , وقد عمل معاوية كما قال الزهري فيما رواه الخلال بإسناد جيد سنين بسيرة الشيخين أبي بكر وعمر مايخرج عنها.

وأما ماادعاه بأنه معاوية ورث ابنه الحكم رغم شربه للخمر وفسقه فهذا غيرهصحيح بهذا النحو لأنه لم يثبت أن يزيداً كان يشرب الخمر ولأن معاوية فيما يظهر أراد بذلك أن تجتمع كلمة المسلمين وصحيح أن عمر رضي الله عنه لم يورث ابنه الخلافة لأن الناس كانت أحوالهم في زمان عمر غير أحوالهم في زمان الفتن التي حدثت بعد ذلك ولذلك ينبغي أن نفهم هذه الأحداث في سياقها التاريخي ولو قلنا إنه رضي الله عنه قد أخطأ في توليته يزيد من بعده فهذا إما أن يكون اجتهاد قد أخطأ فيه فهو مأجور فيه أو خطأ تعمده فعلى كل حال فمحاسن هذا الصحابي تغطي على أخطائه فلا يجوز الطعن فيه على كل حال

وزعم عدنان أن معاوية كان يلعن علياً رغم أنه لم يرد بذلك أثر صحيح سوى روايات واهية رواتها من الشيعة فلا تقبل منهم ولو أخذنا بها لأخذنا بالروايات الضعيفة والموضوعة في ذم علي رضي الله عنه وأنه كان يلعن معاوية وعمرو بن العاص كما ورد في تاريخ الطبري والعالم بحق هو من لا يقبل من المرويات إلا ماصح منها ويطرح الضعيف والموضوع وإلا وقع في البدع والضلال, والمنطق العقلي يحكم بأن الصحابة كلهم عدول إذ أنهم هم الذين نقلوا الإسلام إلى الأمة عن نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام فلا يجوز أن يكون بعضهم مبدلاً للدين ضالاً لأن هذا يؤدي إلى تبديل شئ من الدين وتحريفه لكن العجيب أن عدناناً ينادي إلى شطب مارواه معاوية وبُسر بن أرطأة من الأحاديث زاعماً بأن الدين لا ينقص إن فعلنا ذلك .

فنقول له هذا الدعوى لم يقلها أحدٌ من علماء أهل السنة ومادام هو يطعن في كثير من الصحابة غير هؤلاء فحتماً سينادي بشطب رواياتهم أيضاً ولعله في آخر الأمر ينادي بشطب الدين كله فإننا لم نعد نتعجب أن نسمع شيئاً على هذا النحو منه فقد اشتط في أخطائه وشذوذه الفكري .

ومن تدليسه دعواه أن المؤرخين الكبار كالذهبي وابن كثير وغيرهم على رأيه في معاوية وهذا كذب واضح لأن هؤلاء الأئمة الثقات يجلون هذا الصحابي الجليل مما يدل على أنهم لا يقولون بقول عدنان فيه ولم يرد عن واحد منهم أنه قالفي معاوية أنه ظالم أو فاسق وهؤلاء المؤرخون أنفسهم هم الذين ذكروا الإجماع على عدالة الصحابة وعدم جواز الطعن فيهم .

يقول المؤرخ بن كثير في البداية والنهاية في ترجمته لمعاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنه(وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته والجهاد في بلاد العدو قائم وكلمة الله عالية والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض والمسلمون معه في راحة وعدل وصفح وعفو ) وقال الإمام النووي رحمه الله ( وأما معاوية فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه ) وقال ابن تيمية وهو من أعلم الناس بالإختلاف ومن أكثر العلماء تحقيقاًللمسائل(ومعاوية ممن حسن إسلامه بإتفاق أهل العلم)

وقال عنه المؤرخ الشهير ابن خلدون (وأقام في سلطانه وخلافته عشرين سنة ينفق من بضاعة السياسة التي لم يكن أحد من قومه أوفر فيها منه يداً من أهل الترشيح من ولد فاطمة وبني هاشم وآل الزبير وأمثالهم )

ولا يزال عدنان يطعن في مزيد من الصحابة ويكذب عليهم فتسمعه أيها القارئ في سلسلة عدالة الصحابة يطعن في الصحابي الجليل الحكم بن أبي العاص وابنه مروان مستدلاً بحديث عائشة رضي الله عنها أنها قال لمروان بن الحكم أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه فأنت صضض من لعن رسول الله وهذا حديث موضوع أي مكذوب نفاه ابن تيمية وابن القيم وكثير من أهل العلم وهو من أكثر الأحاديث التي يستدل بها الشيعة على ذم الصحابة ولم يثبت أنه عليه الصلاة والسلام لعن أحداً من أصحابه وهو القائل ( لمأُبعث لعاناً ولكن بعثت رحمة للعالمين)

ومروان إبن هذا الصحابي الجليل كان من العلماء وقد ذكر الإمام مالك كثيراً من فتاويه في الموطأ ولم يثبت أن مرواناً قتل طلحة بن عبيد الله كما يدعي عدنان بشهادة ابن كثير في البداية والنهاية والقاضي ابن أبي بكر بن العربيفي العواصم من القواصم فكلا الرجلين كانا من ضمن الذين ينادون بأخذ القصاص من قتلة عثمان رضي الله عنه قال ابن القيم في المنار المنيف ( أحاديث ذم الوليد ومروان بن الحكم كذب ) وإمام مسجد الشورى كما ذكرت أنفاً يذم الأمويين والعباسيين ويقول إن الأمة لو اختارت ماعدلت عن أهل البيت ويدعي أن أهل السنة قد ظلموا أهل البيت ويلعن بعض الصحابة مما يؤكد أنه ليس من أهل السنة لأن كل ذلك من مبادئ الشيعة .

وكما هو مقرر في علم المنطق إذا كانت المقدمة فاسدة فالنتيجة تكون فاسدة أيضاً وقد اعتمد هذا الرجل في ذمه لكثير من الصحابة على تهم باطلة أدت به إلى نتيجة خاطئة هي ذمهم والقدح فيهم وماقام على باطل فهو باطل .

تناقضات عدنان إبراهيم وتدليسه

• أولاً : يدعي عدنان أنه من أهل السنة ثم يزعم أنه من الصعب تصنيفه ويذكر أن المذهب المعتدل في قضية الصحابة هو مذهب الشيعة الزيدية ويدعو الله أن يوفقه إلى الإعتدال فيُفهمُ أنه يرى أن الحق مع الشيعة الزيدية في هذه المسألة المهمة

وقد اجتمعت في هذا الرجل عقائد كثيرة فهو في مسألة علو الله كالجهمية وفي منهجه بتقديم العقل على النص كالمعتزلة في نظرته للصحابةوذمه لكثير من علماء أهل السنة كالشيعة فكيف يكون سنياً بعد أن جمع كل هذه البدع.

• ثانياً : حكم على من ينكر حد الردة بأنه ضال وعلماني ثم أنكر هو بعد ذلك حد الردة جزئياً أو كلياً .

• ثالثاً : ذم يزيد بن معاوية لأنه زعم أنه كان يعزف الموسيقى بقوله( وكان يضرب بالطنابير )جمع طنبور ثم أفتى عدنان بجواز العزف على الموسيقى والإستماع إليها لأنها في رأيه من الطيبات .

• رابعاً : يخالف في كثير من المسائل بين قوله وعمله فهو يخطب خطبة في التواضع ثم يصف نفسه بأنه عالم ويصف من يخالفونه بالجهل وحتى الشيخ عثمان الخميس لم يسلم من طعنه ولمزه وسخر منه لأنه قال كلمة حق فيه ولا يمنع إمام مسجد الشورى تلاميذه أن يكتبوا على موقعه فضيلة العلامة مع أن ابن باز والألباني أعلم منه بمراحل وكل واحد منهما يصف نفسه بأنه طالب علم .

• خامساً : قال في خطبته( عائشة في النار) لا ينبغي لعن مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر وهو يلعنأناساً من الصحابة والسلف فيخالف بين قوله وفعله وينكر تصنيف الناس إلى سنة وشيعة وأشعرية معأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من صنف الناس فالتصنيف مطلوب مادام بحق وليراجع الأخوة كتاب العلامة بكر أبي زيد تصنيف الناس .

• سادساً : ومن تناقضاته وضعه روابط لمواقع سلفية وصوفية وشيعية فهو يذكرنا بقول الشاعر

أيها المنكح الثريا سهيلاً......... لعمرك كيف يلتقيان

هِيَ شامِيَّةٌ إِذا ما اِستَقَلَّت….. وَسُهيلٌ إِذا اِستَقَلَّ يَمانِ

قصص إمام مسجد الشورى مع الجن

وأما قصص عدنان مع الشياطين فحدث ولا حرج وإليكم ماقال في شريط ابتهال ومدائح مكتبة أشرطة مسجد الهداية وسأكتفي هنا بذكر قصتين من قصصه مع أنه ذكر أربع قصص حدثت له مع الجن يقول هذا الرجل أنا خرجت لي شيطانة في الساعة العاشرة صباحاً وأنا رأيتهم عدة مرات خرجت في شكل جميل جداً , (لا خيالات ولا هلوسات كما أرى وجه الأخ ) وجه صغير أبيض زرقاء العينين وجميلة حتى عاملة الماكياج الأحمر وتغمز لي بعينها كما أرى ا لأخ , ذهبتُ عند الكرسي حتى أداعبها فأنا لم أخف , سأقبض عليها حتى أدخل معها في نقاش , وقمت بهدوء حتى أغافلها وأقبض عليها مفاجئة فكانت أسرع مني الملعونة

( الشيطانة ) اختفت في اللحظة انتهت القصة الأولى .

وفي القصة الثانية أخبر عن شخص رأى الجن والشياطين في اليقظة ثم قال أنا حدث لي قريب من هذا أنا في المنام رأيت رؤيا شيطان أطارده ويطاردني وبعد ذلك استفقت مثل الكابوس وهو ليس كابوس شيطان حقيقي ,فاستفقت فإذا به يضغطني الآن أنا مستفيق لست نائماً يضغطني وجعل يخنقني فقلت لنفسي هل أنت ياعدنان نائم وهل كل هذا في المنام أم في اليقظة ؟ فأنا مفتح عيني قليلاً ولا أستطيع أن أتكلم فقط في قلبي أتلو القرآن أنا مشلول لا أستطيع أن أحرك رمشي وأرى الحائط والحائط كان بجانب سريري فقلت إذا كنت نائماً عندما استيقظ لن أرى ما أراه الآن وإذا كنت مستيقظاً سأرى ما أراه الآن من دقائق ونقوش على الحائط , أرى نقوش وذباب على الحائط وظل يخنق بي حتى كاد يقتلني , حتى جاء ابهامه قريباً من فمي له أصابع عظيمة وعندما جاء ابهامه قريباً من فمي عضضت عليه فقضمته فصرخ وحَلني , ابهامه في فمي أشعر به قطعة من لحم كبيرة في فمي فتحت عيني رأيت الحائط بالدقائق فعرفت أني كنت مستيقظاً , ولم أكن نائماً اعتراني خوف شديد جداً , ابهامه في فمي أشعره وذهبت إلى الحمام فلفظته فلم أر شيئاً . انتهت القصة الثانية .

وفي المقالة القادمة سيأتي الرد عليه في سلسلته التي سماها سلسلة عدالة الصحابة مع ذكر قصة الفروجة التي نقلها في ذم شيخ الإمام النسائي .

كتبه أمير محمد محمد الأمين

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:26 PM
حقيقة الدكتور عدنان إبراهيم المتشيع

الثلاثاء, 09 جمادى الآخر 1433

داود العتيبي

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فما تزال الأيام حبلى بالظالمين والمُفسدين، ولا يفتأ أعداء الإسلام من الكيد له والطعن فيه، وفي كل حين نسمع فتنتة مُضلة يذهب ضحيتها من لم يسلح نفسه بسلاح العلم والعقيدة وإنا لله وإنا إليه راجعون، وفتنتة هذه الأيام الدكتور عدنان إبراهيم..
هذا الرجل من مواليد غزة لكنه مقيم في النمسا وله مركز إسلامي ومسجد جعله كمسجد ضرار للتفريق بين المؤمنين.
لقد ابتدأ منهجه ودينه بالطعن في معاوية رضي الله عنه ثم هبط ليطعن في أزواج النبي ثم في أبي هريرة ثم أنس بن مالك ثم طلحة بن عبيد الله ثم المغيرة ثم أبي بكر وعمر ثم جملة الصحابة ثم العلماء فلم يدع منهم أحدا ولم يذر.
ثم في بني أمية والعباسين أجمعين إلى ءاخر طعوناته.
ثم مدح الشيعة الإمامية وأثنى على علمائها كالصدر وعلي شريعتي وياسر الحبيب الطاعن في أم المؤمنين.
ثم يعترض على أهل السنة عموما ويصفهم بأوصاف التضليل والتجهيل والنقص.
ثم يعترض على الدين ويشطح شطحات عجيبة في الفقه ويعترض على الدين بأقل شيء لأنه لا يوافق عقله، لا يعجبه عجب ولا صيام في رجب وكأنه لم يفهم الدين أحد إلا هو.
هذا الرجل له ذكاء وخبث ودهاء متكلم لَسِن له إحاطة بعلوم عصرية وإطلاع كبير على الفلسفة القديمة والحديثة وحافظة فلا عجب أن يجذب بهذه الأوصاف قلوب الضعفاء والمساكين.
ولا يغرنكم مدحه أحيانا للصحابة ولبوس أهل السنة والجماعة فما هو إلا اصطياد!

ولقد أتي عدنان إبراهيم من عدة أشياء ضل فيها وأضل:

أولا: ليس له شيخ ولا عالم ثنى ركبته عنده ودرس عليه، بل شيخه كتابه، وكما قال العلماء من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه، وهذا الصفة كفيلة بأن يترك المؤمن سماع كلامه خاصة في باب العقيدة.
لذلك هو حاطب ليل وجمَّاع ضلالات.

ثانيا: يعتمد على المصادر الشيعية في التاريخ والصحابة ويقدمها على مصادر أهل السنة بل يصف مصادرنا بالتزوير والكذب والبهتان.

ثالثا: اغراقه في الفلسفة ويبدو أنه بلع بعضها وما استطاع تقيأها.

رابعا: تحكيمه للعقل القاصر على الشريعة.

خامسا: مزاجه النكِد ولسانه السليط والشتام، فإذا ما غضِب أغمض عينيه وحرك يديه وجسده وأطلق لسانه منفلتا لا يلوي على شيء.

لذلك اختلفت أوصاف الفضلاء فيه فمنهم من قال شيعي متستر ومنهم من قال زيدي ومنهم من قال صاحب فتنتة.

وأرى والله أعلم أن كل هذه الأوصاف تُعبر عن شيء من دينه وعقيدته فهو كما سبق حاطب ليل، إلا أن الأظهر والأقوى أنه شيعي متستر يستخدم التقية ويتزيا بثوب أهل السنة ليطعن في الدين من داخله على طريقة عبد الله بن سبأ مع المسلمين وبولس مع النصارى وهو شبيه بحسن السقاف ومحمد التيجاني التونسي صاحب كتاب " ثم اهتديت "، بل ضل.

والخلاصة: أن المسلم لا يتورع عن انتزاعه من أهل السنة والجماعة.

ولئن تورع بعضهم من وصفه بالشيعي في عموم أحواله فقد يكون معه جانب حق لأن عدنان إبراهيم لا يقول بالإمامة وهي ركن من أركان الإسلام لدى الشيعة ويخالفهم في بعض الأمور.
إلا أنه لا يستبعد أن يفعل هذا تقية ليلعب على سذج المسلمين ويستدرجهم إلى فخاخه الملغومة.
خاصة وأنه المغرم والعاشق لدين الرافضة ومنهجم.
وقد يكون مفكرا حرا لا ينتمي إلى مذهب إلا أنه تم استدراجه من الشيعة واستغلاله فهو مطرق الرأس غامض العين لدى ذكرهم.
وتابعت بعض جمهوره فرأيت كثيرا منهم شيعة رافضة يُطبِّلون ويزمرون حوله ولا عجب فهو داعية إلى دينهم باحتراف ولن تسمع ردا منه عليهم إلا شذرات صغيرة..
فإذا كان ثلثي متابعيه رافضة والثلث الآخر منقسم بين أناس "تنويريين" يقدمون عقولهم القاصرة على الشريعة ومساكين من أهل السنة يسمعون كلمة أو كلمتين وفلسفة أو فلسفتين فيقولوا هذا إمامه عصره وفريد دهره، فيكفيك أن تحكم على دينه بالخلل.
ولذلك تراه يلبس السواد في ذكرى كربلاء ويتكلم بلسان لا تفرق بينه وبين الرافضة ويطعن في الصحابة وفي أهل السنة ويقول عنهم إنهم لا يحترمون آل البيت ولا يقدرونهم قدرهم!!
وبعد هذا أتريدون منا أن نقول من أهل السنة؟ كلا والله، بل هو شيعي متستر خبيث على الصحابة وعلى أهل السنة ماكر خداع.
ولئن لم يكن شيعيا فهو قطعا ليس بسني بل صاحب دين جديد، يريد تفريق الصف فيجعله ثلاثة صفوف بدل أن يكون اثنين.
هذا مجمل حاله! ومن أراد التفصيل فليكمل قراءة هذا المقال، ولم آت بشيء من عندي بل هذه مختارات من كلامه في خطبه وفتاويه في موقعه لتكونوا على بينة من أمر هذا الشيعي.
وكل مسلم يعلم زورها وبهتانها لأن القول بها يخالف دينه وإسلامه.

وإذا ذكرت مسألة لم يقلها في خطبه فليراجعني المُراجع، فهذه نقولات من خطبه: عدالة الصحابة، عائشة في النار؟!، و بين يزيد والحسين، وسلسلته عن معاوية، وسلسلته في الفلسفة وغيرها.

أولا: طعنه في معاوية رضي الله عنه:

وجعلته أولا لأنه بوابة الرفض وبوابة الطعن في سائر الصحابة. فيقول عنه: دعِي بن دعِي، ويصف ابنه يزيد بأنه ابن حرام ويصف ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة معاوية أنها كانت تهوى سرجون خادم معاوية ويلعن معاوية لعنا قبيحا.
ويصفه بأنه دجال عظيم، وعنده عقدة جنسية، وغير ذلك كثير من التهم والنقائص.
نقول: معاوية رضي الله عنه صحابي مشهود له بالجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا". قالت أم حرام: قلت يا رسول الله! أنا فيهم؟ قال: " أنت فيهم". ثم قال النبي: "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم". فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: "لا". أخرجه البخاري
ومعلوم أن أول جيش غزا البحر هو جيش معاوية، وثبت أن النبي صلى الله وسلم قال فيه: "اللهم اجعله هادياً مهدياً واهده واهد به" أخرجه أحمد وغيره.
و سئل الإمام أحمد عن رجل يشتم معاوية أيصلى خلفه؟ قال لا ولا كرامة.
سئل أحمد عن من ينتقص في معاوية وعمر بن العاص أيقال له رافضي: قال إنه لم يجترأ عليهما وإلا وله خبيئة سوء.
بل قال عبد الله بن المبارك: تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز.
وأنا أقول تراب في أنف فرس معاوية خير من ملئ الأرض مثلك يا عدنان إبراهيم.
وقد نص على فضله وإمامته علماء الأمة وأعلامها وقد روى عنه كثير من الصحابة أحاديث عدة وهذا فضل عظيم له، وصرح بفضله غيرهم من التابعين والعلماء كسعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل وابن المبارك والمعافى بن عمران والميموني وسائر أعلامنا كالبخاري وابن الجوزي وابن كثير والطبري وابن عبد البر وابن حجر العسقلاني وغيرهم كثير نصوا على فضله وصحابيته وأن الطاعن فيه خبيث الطوية.
وقد مدح عدنان قديما بعض الذين لا يوثق بقولهم كالبوطي، والعجيب أن البوطي نفسه ترضى عن معاوية وعن الصحابة أجمعين وقال هم صحابة رسول الله، فإلى من ينتمي عدنان وإلى أي شريعة نحاكمه؟

ثانيا: طعنه في عائشة رضي الله عنها:
يقول عائشة بِدائية جاهلة وذلك لأنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ ويقول إنها رجلة، تركب الفرس، ومعنى رجلة أنها تتشبه بأفعال الرجال.
وهذا لعن منه لها!! لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجلة من النساء.
ثم يتورع من أن يقول: عائشة في الجنة فيقول الله اعلم بحالها!!
ثم يحرك أصابعه محاكاة لسير عائشة، وتشير الأصابع إلى السخرية والاستهزاء كأنه يصفها بأنها طفيلية لأنها تبِعت النبي صلى الله عليه وسلم ليلا.
ويقول: عائشة مبطلة وعلى باطل، وهي ضرس بِتَخوِّف ولذلك اشتراها معاوية بالمال حتى تسكت. ويقول حديث "من أحب الناس قال عائشة" أنا لا أقبل هذا الحديث.
قلت: فلا أدري كيف يليق هذا الوصف بأفقه نساء العالمين وأم المؤمنين! ليس إلا الرفض.
وقد قال الله في أزواج النبي " وأزواجه أمهاتهم "، وقد اخترن الله ورسوله والدار الآخرة فأعد الله لهن أجرا عظيما.

ويقول: كان بينها وبين طلحة بن عبيد الله حب.
قلت: هذا كذب وزور وقاتله الله وقطع لسانه يطعن في الشريفة ابنة الشريف ويتهم أحد العشرة المبشرين بالجنة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ".
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قِيلَ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا.
والذين ندين الله به أنها زوجته في الجنة، وقد أقرأها جبريل السلام، وقد مات النبي في حجرها وكان يسأل أين أنا أين أنا رجاء ليلتها.

فليخسأ عدنان وليمت بغيظه.

ثالثا طعنه في أبي هريرة:

يقول أبو هريرة أسلم من أجل بطنه، أسلم من أجل الخِرفان، حتى ضجِر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: زر غبا تزدد حبا.
ويتهمه بأن بني أمية أعطوه الأموال ليروي الأحاديث لهم.
قلت: هذا كذب وزور، والطعن في أبي هريرة طعن في الدين كله.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله "اللهم حبب عُبَيْدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني " رواه مسلم.
اللهم فإنا نشهدك على حبه وعلى بغض عدنان.

رابعا: طعنه في أبي بكر:

يذكر حادثة مكذوبة مدسوسة لا أصل لها ولا سند.
وهي أن أبا بكر خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد، وقال اشهد لنا يا رسول الله، فقال يا أبا بكر: لا أدري ماذا تحدثون بعدي، شهداء أحد ختم لهم بخير، وأنا أشهد لهم، أما أنتم فما زلتم أحياء، لا أدري ما تحدثون بعدي، هل تكونون على الدرب ولّا بِتْغَيروا وبِتبَدْلوا.
هكذا يقول بطريقته الاستهزائية.
قلت: يكفيه شرفا أنه ثاني اثنين في الغار وصحبته لرسول الله وشهادته له بالجنة، وقتاله المرتدين، بل إن عدنان إبراهيم صرح بلسانه قائلا: لولا أبو بكر ما كان الإسلام، ولكنه اضطرب واختلط وتشيع وضل.

خامسا طعنه في عمر:

يقول: عمر لا يمثل الإسلام دائما ولا أبدا، في جوابه على سؤال طرح عليه.
ويصف عمر رضي الله عنه لأنه اجتهد في قسمة الغنيمة " هذه مشكلة توجب الردة والزندقة.
قلت: ويكفي شرفا لعمر أنه ثاني خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم وأن القرءان وافقه في كثير من مسائل الدين ولا يطعن فيه إلا خبيث.

سادسا: طعنه في عدة من الصحابة:
يقول عن أنس بن مالك: أكثر ما يروي أحاديث جنسية.
ويقول عمر بن الخطاب كان يعرف أن ابنه عبد الله بن عمر نسونجي لا يصلح للخلافة.
يقول: عثمان لما حكم أطلق يد معاوية ورخص له كل شيء لأنه ابن عمته وأطلق العنان لبني أمية في أموال المسلمين وأعراضهم.
يقول عن الحكم بن العاص: حقير لعين لعنه الله.
وينتقص انتقاصا ظاهرا من الصحابة الذين طعموا مع النبي صلى الله عليه وسلم ويقول عنهم طفيليين وأصحاب سوالف وكلام فاضي والنبي مش فاضي لهم.
ويقول: جالسين في بيت النبي وحجرة واحدة زينب وجهها للحيط وظهرها لهم.. هدول جالسين شوف الأدب في ناس ثقلاء حتى من الصحابة، ويصفهم بأنهم طلبوا من النبي متكأ حابين يناموا.. عاملين فيها قصص وأحاديث مقهى أبو العبد.. طرفة ونكتة هو فاضي النبي؟
ويقول: بعض الصحابة كان لا يستحي أن يأكل مع النبي وزوجة النبي قبل نزول الحجاب.
وقال الخبيث: أحيانا تجول يده في الإناء فتلمس يده يد زوجة النبي، فيلاحظ النبي ولا يعجبه، بعض الصحابة بحب يلمس يد زوجة النبي.
قلت: وهذا اتهام لعرض النبي صلى الله عليه وسلم بل هو اتهام لخاتم الأنبياء بالدياثة.
ويقول: النبي يعرف الصحابة فيهم الفاجر وفيهم المنافق وفيهم لعن الله والديه.
وأحيانا يستخدم التقية فيقول: علي أبو بكر عمر عثمان نحبهم والباقي ما لنا دخل فيهم.
قلت: كلامه هذا كله مليء بالزور والبهتان والضلالة على أصحاب رسول الله والطعن فيهم.
قال تعالى مبينا فضلهم: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ".
وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"

سابعا: طعنه في جملة الصحابة:

يؤكد عدنان إبراهيم دائما على أن الصحابة ليسوا مقدسين ويهتك هذا الحجاب ويقول انتقدوهم لا تسكتوا عليهم، ومعلوم أن منهج أهل السنة والجماعة هو الكف عما شجر بينهم، وأن الصحابة دائرون بين الأجر والأجرين، فمن اجتهد وأخطأ له أجر ومن اصاب فله أجران.

قال الحافظ ابن حجر: اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة عَلَى وُجُوب مَنْع الطَّعْن عَلَى أَحَد مِنْ الصَّحَابَة بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقّ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوب إِلَّا عَنْ اِجْتِهَاد، وَقَدْ عَفَا اللَّه تَعَالَى عَنْ الْمُخْطِئ فِي الِاجْتِهَاد , بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَر أَجْرًا وَاحِدًا وَأَنَّ الْمُصِيب يُؤْجَر أَجْرَيْنِ.

وقد نص على ذلك غير واحد كالقرطبي وابن أبي زيد القيرواني وابن بطة وأبو زرعة الرازي وغيرهم كثير.

فمن عدنان إبراهيم أمام ابن حجر وأحمد بن حنبل وسائر العلماء؟ لا شيء خردلة!
وقال الميموني: قال لي أحمد بن حنبل: يا أبا الحسن، إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام.
وإنا نتهمك على الإسلام يا عدنان إبراهيم.
وقال أبو زرعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة.
ويقول إن من أسلم بعد صلح الحديبية ليس صحابيا، فعنده خالد بن الوليد وأبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغيرهم كثير ليسوا صحابة أبدا.
ويقول ليس كل الرضوانيين والبدريين في الجنة لأنه بعضهم نكص على عقبيه.
وإن نبرأ إلى الله من عدنان إبراهيم لأنه خالف أهل السنة قال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا"
وقال ابن حزم - يرحمه الله- في الملل والنحل: فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما فى قلوبهم ورضى الله عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف فى أمرهم ولا الشك فيهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة، أخرجه الترمذي.
والنبي صلى الله عليه وسلم أصدق من عدنان.
وأهل بدر مغفور لهم، وذلك أن عمر بن الخطاب استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليقطع عنق حاطب بن أبي بلتعة فقال النبي: " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفر لكم" فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.
فنزول الدمع من عيني عمر فهم لذلك، وإن الترجي في كلام الله وكلام رسول الله للوقوع كما قال ابن حجر.
إلى غير ذلك.

ثامنا: طعنه في علماء الإسلام:

يقول ابن تميمية ناصبي عاشق لبني أمية، والذهبي ناصبي هواه أموي، ابن حزم ناصبي، ابن كثير وابن عساكر يؤرخان لبني أمية، الهيتمي هواه أموي، ثم ينتقص الطبري وينقد أسلوبه في التاريخ وطريقته مفضلا غيره ممن لا يعرف نسبه ولا دينه من الغربيين.

يقول عن كتاب العواصم من القواصم لمؤلفه ابن العربي المالكي رحمه الله، كتاب تضليل وتزوير وبهتان فيقول: عواصم ابن العربي قواصم النصب والبغض لا أهل البيت والكذب على الله والرسول والأئمة والتواريخ وعلى العقل والشواهد والحس والضرورات.

قلت: ولعل حقده على هذا الكتاب دليل ظاهر وحجة دامغة على أنه شيعي مقيت فهذا الكتاب قاصم ظهر الرافضة.
وينتقص من أحمد بن حنبل وكذلك الذهبي لأنهما نقدا أحاديث لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ويقول: مشايخ اليوم أستحي ان أقول عنهم نساء ولا صبيان ولا حقراء بل هم ذباب وصراصير وفئران وأرانب.
يقول: هذه الأمة حُكمت بالطواغيت ألف وأربعمئة سنة من هؤلاء الطغاة الفقهاء وقال: علماؤنا ضللونا فكر متخلف ومنحط.
ويقصد علماء أهل السنة.
قلت: فمن بقي؟ لم يبق إلا أن تكون شيعيا رافضيا سبئيا.

تاسعا: طعنه في البخاري ومسلم وفي المحدثين:

يقول إذا جاء الحديث وأثبتت التجربة أنه مخالف لها فرده ولو كان متصل السند في البخاري وإلا كنت أهبلا، وإذا أثبت التاريخ ما يخالف البخاري ومسلم فردههما وعليك أن تقول هذا كذب وغلط.

ويقول يجب أن نعيد النظر في مئات من الأحاديث في البخاري ومسلم.
ويقول: المحدثون هم الجهاز الإعلامي لبني أمية.
قلت: وكانت كلمة أهل السنة والجماعة أن البخاري وسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله، وأجمع جهابذة الحديث على توثيق البخاري وأمانته ولم يخالف في ذلك إلا أهل الضلالة من الرافضة وغيرهم.

عاشرا لمزه وغمزه بأهل السنة:

يقول أهل السنة مقصرون في محبة آل البيت ويقارنهم كثيرا بالرافضة ليفضل الرافضة عليهم، ويقول مشايخ اليوم حمير وضلال لا تقوى ولا ورع ولا إنصاف ويكذبون علينا.
ويقصد بالكذب المعهود لدى الرافضة.
ويقول: أهل السنة لم يحفظوا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك لا يحزنون لمصابهم ولا يدافعون عنهم.
ويقول: بنو أمية والعباسيون دجالون كذابون أكثر من آذى النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وكلنا يعلم ما فعلت دولة بني أمية كيف نشرت الإسلام والعلم، ولا يعني هذا خلوهم من الزلل، إلا أنهم داخلون في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".
وكانوا حماة الإسلام وفتحوا البلاد ونشروا الدين في الأصقاع، ولهف نفسي ما فعل الرافضة أحباب عدنان في الأمة الإسلامية؟

الحادي عشر ثنائه على الشيعة:

هو كثير التبجيل والتعظيم لهم، ويثني على علمائهم كمحمد باقر الصدر، والمدعو علي شريعتي، وياسر الحبيب، وما أدراك ما ياسر يقول عنه: هو ليس كاذبا بل لا إنصاف عنده، وينكر على أحدهم حين لعنه، وقال: أنا أدعو لياسر حبيب بالهداية من كل قلبي.

ويقول: مذهب الشيعة الإمامية في الصحابة أقل خطرا على العقول والنفوس من مذهب أهل السنة والجماعة.
يقول: الشيعة إخواننا، وهو مذهب أنت مخير أن تكون حنبليا أو شافعيا أو إماميا.
ويمدح الطبرسي الرافضي اللعين صاحب كتاب: فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب "
ويمدح مسجدا شيعيا حين دخله وقال شيء جميل بوحدوا الله.
وقال: خل الشيعة يعبدوا عليا ويألهوه ما دام يقفون في وجه الظالم.
يقول: موازين أهل السنة غلط وموازين أهل الشيعة أصح.
قلت: ولا أظن لبيبا يشك في تشيعه بعد ذلك.

متفرقات وضلالات وكفريات:

-الرجل إمام في التناقض وله ضلالات كثيرة منها:

يقول إن القسمة للذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث هذا كان صالحا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أما الآن فيجب أن تكون القسمة سواء، لأن مسألة الميراث مسألة اقتصادية.
وهذا اتهام لله ولدينه ولنبيه، قال الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: تركتكم على المحجة البيضاء..
فالدين كامل ومن زعم نقصانه فقد ضل سواء السبيل وهو صالح لكل زمان ومكان، وقد تولى الله تعالى قسمة الميراث بنفسه.

-لا يعتد بإجماع بل ينكره ويخالفه بجراءة ويقول لا تقل لي إجماع المهم أنا أقتنع.

قلت: وقد كفر بعض العلماء من أنكر الإجماع القطعي الذي أجمع عليه الصحابة ومن بعدهم إذا كان معلوما من الدين بالضرورة.

ومن الكفريات قوله:

لا يوجد مسلم يبرهن بشكل قاطع أنه على حق، ويقول أعرف سيكفرونني بهذه الكلمة.
ويقول: لا تظن أن فكرك الإسلامي صحيح، قد يكون الحق بجانب عدوك.
ويقول: الله لم يقل نحن المسلمون على حق مطلق، والله قرر أن أهل الكتاب عندهم كثير من الحق ولم يقل هم على باطل.
بل يقول إن اليهودي والنصراني الذي لا يقول بالتثليث إذا كان مؤمنا بالله واليوم الآخر يدخل الجنة وهو على خير.
ويقول: أعتبر نفسي أخالف إجماع الإسلام الذي يقول بأن من لم يسلم فإنه في نار جهنم، وأعرف بأنهم سيتكلمون علي وهذا لا يهمني.
يقول: اليهودي والنصراني إذا لم يتبع محمد ولكن ءامن بمحمد نظريا من غير متابعه فله كفل من رحمة الله وإن اتبع له كفلان.
ويقول: لا يستطيع أحد أن يتدخل في أفكاري بل أفكاري حرة الوحيد الذي يستطيع أن يعبث في أفكاري هو الله!!
قلت: وهل يعبث الله؟ قال تعالى " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا "

وينقل كلاما لأحد الغربيين فيقول هذا الغربي: أنا استهدف النفاذ إلى عقل الخالق.
فيقول عدنان: اللغة تخرِّجه من كلامه، يا اخي لا تكن سلفيا خذ المعنى الله يخليك المعنى صحيح.
وينقل كلاما لأحدهم: الرب مختلط بالإنسان والإنسان متمثل بالإله.
فيعتذر له ويتسمح.
قلت: وهذا منه عجيب حين يعتذر للملاحدة الكفرة ولا يعتذر لأصحاب رسول الله بل يفتش عنهم وينقب.
وقد خالف الله وخالف رسول الله في كلامه.
فقد أجمع العلماء على أن من لم يكفر النصار كافر، وأنه لا يقبل دين غير الإسلام.
قال تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.

-وصف النبي صلى الله مرة بأنه كان "نزقا " والنزق سوء في الخلق وخفة في العقل.

ويقول عنه: باعتقادي أن الرسول كان يتعرض للشك وهذا ليس عيب وهو القائل "نحن أحق بالشك من إبراهيم"، ويقول إن كلام العلماء فارغ بأن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لو شك شككت أنا وأنه من قبيل التواضع.

ويقول عدنان: كأن الشك نقيصة عندكم؟ في الأدبيات: اليقين لا يكمن إلا في الشك.
ونقول: قال تعالى " أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم.. "
فمجرد الشك كفر والعياذ بالله.
وأما معنى الحديث فكلام العلماء هو صواب وكلام عدنان هو الفارغ والمردود على وجهه:
قال السيوطي في شرح صحيح مسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم معناه أن الشك يستحيل في حق إبراهيم فإن الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقاً إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أن إبراهيم لم يشك.
وإنما خص إبراهيم لكون الآية قد يسبق منها إلى بعض الأذهان الفاسدة احتمال الشك، وإنما رجح إبراهيم على نفسه تواضعاً وأدباً أو قبل أن يعلم أنه خير ولد آدم.
فهل الدين ناقص وغير مفهوم حتى جاء عدنان فكمّلَه وفهمه؟

-يقول: كلام علي فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق.

قلت: وهذا غلو فيه فأبو بكر وعمر أفضل منه، وما صدرت إلا من الشيعة ومن والاهم.

- يخص الحسن والحسين وأحفادهم بقوله عليهم السلام، وكان الأليق به استخدام هذا السلام على جميع آل البيت آل عقيل وآل العباس وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

-يرى أن الصحابي لا يكون صحابيا إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين.

نقول: قال النووي رحمه الله: فأما الصحابي فكل مسلم رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ولو لحظة هذا هو الصحيح في حده وهو مذهب أحمد بن حنبل وأبي عبد الله البخاري في صحيحه والمحدثين كافة.

وهم أعلم وافهم وأجل من عدنان إبراهيم.

ومن تناقضاته: وتستطيع القول بأنها تقية فيظهر السنية ويخفي التشيع:

فمرة يقول لا دين إلا الإسلام ومرة يدخل اليهودية والنصرانية الجنة.
ومرة ينكر النسخ ثم يثبته في الآية التي أمرت بالصدقة قبل النجوى.
ينكر حد الردة ثم يثبت أن الخلفاء الراشدين فعلوه جميعا ويرد على العلمانيين في إنكارهم.
ومرة يثبت أن أزواج النبي من آل البيت وأنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ومرة يخرجهن.

آخر شيء المضحكات فمنها:
يروي رواية مضحكة كعادة الرافضة فيقول: جاءت امرأة إلى علي بن أبي طالب فقالت له: إني أبغضك.
قال: أنت سلقلق، قالت وما سلقلق؟
قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تبغضك امرأة إلا وهي سلقلق.فقلت يا رسول الله وما السلقلق؟
قال المرأة التي تحيض من دبرها.
فقالت صدق رسول الله وأنا أحيض كذلك ولم أخبر أهلي.
وفي تفسير التين والزيتون: يقول التين إشارة إلى إلاه بوذا ويذكر قصة خرافية ليستنتج أن الأديان أربعة: إسلام يهودية نصرانية بوذية.
ويقول معنى إنا أعطيناك الكوثر، يقول هو نسل محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا تفسير الرافضة لهذه الآية.
ومن المضحكات أيضا أن يقول عن نفسه بعد كل هذا إنه شافعي أشعري! فأي أمة يخادعها هذا المسكين؟

ختاما:

نسأل الله العفو والعافية من الضلال بعد العلم والزيغ بعد الهدى، كما رأيتم أحبتي ضلال هذا الرجل وتشيعه وخروجه عن منهج أهل السنة والجماعة لذلك وجب التحذير منه وحرمة السماع له، والسعي لإصدار فتاوي العلماء في حقه حتى يُقطع دابره.

وقد بذل الشيخ عثمان الخميس والشيخ محمد الداهوم جهودا مشكورة في الذب عن الصحابة وفي بيان ضلالات هذا الرجل، خاصة الشيخ محمد الداهوم فقد أفرد له أربعة دروس تقصى فيها كثيرا من ضلالاته وبين منهج أهل السنة.

وقد رأيت من عدنان ابراهيم امتعاضا شديدا نتيجة كلام الأسد الهصور الشيخ عثمان الخميس ولكن هذا لا يكفي لرد شبهه وضلالاته، وأرجو أن يكون ما كتبت بداية وليس نهاية وأن تكون إثارة لغبار هذا الرجل حتى يجتهد أحفاد الصحابة رضي الله عنهم وحفيدات عائشة رضي الله عنها للانتصار والله أعلم.


داود العتيبي
ashafi3i@hotmail.com

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:33 PM
الموضوع :الرد على كذبة تناقض رويات الدجال


الكذبة : يزعم الدكتور عدنان إبراهيم بأن في أحاديث الدجال تعارض فيما بينها ، يكذّب بعضها بعضاً ، مما يدل على أنها ملفقة !!

الجواب :

* أولاً : قد ذكرنا سابقاً أن الدكتور تفضّل في خطبته بذكر عددٍ كبير من الأحاديث الواردة عن الدجال ، وزعم أن جميع تلك الأحاديث صحيحة عند العلماء ! .. ولكنها - في نظره - أشياء مثل الأساطير لا يقبلها العقل !! .. فوقع الدكتور بهذا في الخطأ ، من عدة وجوه :

• حيث لم يفرق الدكتور عدنان بين الأحاديث الصحيحة الكثيرة " المتواترة " الواردة في إثبات ( حقيقة الإخبار عن الدجال ) ، وبين الأحاديث الواردة في بيان ( صفات الدجال وتفاصيل خبره ) والتي تتنوع بين الصحيح والضعيف والمنكر والموضوع المكذوب

فقام الدكتور بذكر الجميع جملةً واحدة ، تلبيساً على الناس ، وادعى أن العلماء يصححون جميع تلك الأحاديث ، وهذا إما من الكذب الصراح ، أو الجهل الواضح !

وقد شرحنا هذا مفصلاً وضربنا أمثلة لبعض الأحاديث الباطلة - مثل حديث حمار الدجال - التي ذكرها الدكتور بين الأحاديث الصحيحة ، حتى يمكنه رد الجميع معاً بعد ذلك ، والزعم بأنها جميعها ملفّقة !
وهذا رابط المنشور السابق :
http://on.fb.me/YtdK3K

* ثانياً : يجب التفريق تفريقاً واضحاً بين تواتر الأخبار ( بحقيقة وجود الدجال ) عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مما يفيد العلم القطعي الجازم بأنه قالها ، وبين ورود أحاديث صحيحة في بيان صفات وتفاصيل أخبار الدجال ، والتي قد يظهر لبعض الناس أن فيها تعارضاً - وهذا ما سنرد عليه الآن - ، فإن التعارض في ذكر بعض التفاصيل الجزئية - على فرض حدوثه - لا يُسوّغ أبداً إنكار ( حقيقة الإخبار بوجود الدجال )

* ثالثاً : نعرض إلى بعض أمثلة التعارض التي يطرحها المشككون في الدجال ، كالدكتور عدنان وغيره ، ونبّين فيها بإذن الله ، صدق من قال ( وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ** وآفتُه من الفهم السقيمِ )

• يقولون : هل الدجال أعور العين اليمنى أم اليسرى ؟ فقد جاء في حديث أنه أعور العين اليمنى ، وجاء في آخر أنه أعور العين اليسرى !!

← للرد نقول :

- في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - : ( أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذكر الدَّجالَ بين ظهراني النَّاسِ فقال إنَّ اللهَ تعالى ليس بأعورَ . ألَا وإنَّ المسيحَ الدَّجالَ أعورُ العينِ اليُمنى . كأنَّ عينَه عنبَةٌ طافِئةٌ .)

- وفي صحيح مسلم من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الدجال أعور العين اليسرى . جفال الشعر . معه جنة ونار . فناره جنة وجنته نار )

وكل حديث من هذين ، هو مثال على طائفة من الأحاديث الصحيحة الثابتة التي يذكر إحداها عور العين اليمنى ويذكر الآخر عور العين اليسرى ..... وقد أجاب العلماء عن ذلك منذ أكثر من ألف عام ... وإليك الجواب :

أن الدجال أعور العين اليمنى واليسرى معاً ، فكل واحدة منها عوراء أي " معيبة " ، فإن الأعور من كل شيء المعيب ، لا سيما ما يختص بالعين ، فكلتا عيني الدجال معيبة عوراء ، فإحداهما معيبة بذهاب ضوئها حتى ذهب إدراكها بالكلية ، والأخرى بنتوئها لكن لم يذهب نورُها .

قال القاضي عياض رحمه الله :" أن عيني الدجال كلتيهما معيبة ، لأن الروايات كلها صحيحة ، وتكون العين اليمنى هي العين المطموسة والممسوحة ، العوراء الطافئة - بالهمز- التي ذهب نورها كما في حديث ابن عمر . وتكون العين اليسرى : التي عليها ظفرة غليظة وطافية - بلا همز - معيبة أيضاً " .

قال الإمام النووي رحمه الله تعليقاً على قول القاضي عياض :" هو في نهاية الحُسن " .

X ثم استحلفكم بالله أيها العقلاء ، هل يوجد عاقل ينكر حقيقة " ثابتٌ أصلُها بالتواتر " لمجرد الاختلاف في بعض جزئيات الأوصاف !! ... ألا تكفيك الأوصاف الباهرة الأخرى التي ليس فيها اختلاف !!

• يقولون : هل الدجال طويل أم قصير ، فقد تضاربت في هذا الأحاديث ؟

← للرد نقول :

- في مسند الإمام أحمد - بإسنادٍ صحيح - أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الدجال في ليلة الإسراء - كما رأى موسى وعيسى وغيرهما - فقال عن الدجال رأيتُه فَيْلَمانيّاً ، أقمر ، هِجَاناً .... إلى آخر الحديث )

- وفي سنن أبي داود - بإسنادٍ صحيح - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني قد حدثتكم عن الدجال ، حتى خشيتُ أن لا تعقلوا ، إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج .... إلى آخر الحديث )

- وفي صحيح مسلم ، في حديث تميم الداريّ - رضي الله عنه - المعروف " بحديث الجساسة " أنهم رأوا الدجال على هذه الصورة حتى دخلنا الدِّيرَ . فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطُّ خَلْقًا . وأشدُّه وثاقًا )

هذه الأحاديث الثلاثة أمثلة على ما ورد في الأحاديث الصحيحة الثابتة ، في وصف الدجال من هذه الناحية التي نبحث فيها .... ويتضح منها لكل بصير باللغة العربية أنه لا يوجد تعارض بينها في مسألة طول أو قصر الدجال !

فإن الأحاديث ذكرت أنه رجلٌ قصير ، أفحج .. ومعنى أفحج : متباعد ما بين الساقين .. وذكرت أنه ( فيلمانياً أقمر هِجَاناً ) ، ومعنى فيلمانياً : عظيم الجثة . ومعنى أقمر : شديد البياض . ومعنى هجاناً : أبيض ... وذكرت ( أعظم إنسان رأيناه قط خَلْقاً ) ، وهذا مرادفٌ لما ذُكر أنه ( فيلمانياً )

إذن مجموع ذلك : أنه رجل قصير ، أبيض ، عظيم الجثة ، متباعد ما بين الساقين ... ولم يذكر في هذه الأحاديث الصحيحة أنه طويل ! ... بل هو قصير ، وأيضاً عظيم الجثة

ولا عبرة بالأحاديث الضعيفة التي تخالف ذلك - إنْ وُجدت - إذ أن الحديث الصحيح لا يُعارض أبداً بالحديث الضعيف ، لأن الضعيف ليس حُجة

• يقولون : هل الدجال أبيض أم أسمر ، فقد تضاربت الأحاديث في ذلك ؟

← وللرد نقول :

- في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عيسى ابن مريم ، ورأى الدجال في المنام ، فقال في وصف الدجال ورأيتُ وراءهُ رجلاً أحمرَ . جعدَ الرأْسِ . أعورَ العينِ اليُمنى . أشبهَ من رأيتُ به : ابنُ قطنٍ . فسألتُ : من هذا ؟ فقالوا : المسيحُ الدَّجّال )

- روى ابن حبّان - بإسنادٍ صحيح - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدجال الأعور هجان أزهر (وفي رواية أقمر) كأن رأسه أصلة ، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن )

- في كتاب " الضعفاء الكبير " للإمام العقيلي - بإسنادٍ ضعيف - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدجَّالُ آدمُ جَعدٌ ممسوحُ العينِ اليَسارِ عليها ظَفَرَةٌ غليظةٌ )

فالحديث الأول الذي في صحيح مسلم والثاني الذي رواه ابن حبّان ، هما مثالٌ على جميع الأحاديث الصحيحة الثابتة ، الوارد فيها صفة لون الدجال ، وقد أجمعت على وصفه بالآتي :

أنه أقمر : يعني أبيض .. وأنه أحمر .. وأنه أزهر ..... وهذا من باب الترادف ، فإن الأزهر : هو الأبيض المُشرب بحُمرة

أما الحديث الثالث الذي أخرجه العقيلي في " الضعفاء الكبير " : فهو الحديث الوحيد من بين مئات الأحاديث الواردة في الدجال ، التي تقول بأنه آدم ( يعني : أسمر اللون ) ... وهو حديثٌ ضعيفٌ لا تقوم به الحجة .. ولا يصلح للمعارضة

الموضوع الأصلي : الرد على كذبة تناقض رويات الدجال -||- المصدر : مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة -||- الكاتب : اسامة النميرى

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:34 PM
عدنان إبراهيم ..والمسيح الدجال (1)
بدر العامر
12 / 7 / 1433 هــ


كثيراً ما يحتاط الدكتور عدنان إبراهيم لنفسه حين يريد تقرير أو تمرير قضية التي يريد ، ولكن احتياطه يكون " ناقصاً " ، بحيث يحاول قطع الطريق فقط على خصمه من خلال " التمويه " على قضية هي في حقيقتها نقضاً لفكرته الأساسية ، فيقدمها حتى يسلم منها ..

حين سمعت خطبته عن " المسيح الدجال .. تدجيل أم تغفيل " لفت انتباهي انه بدأ بالحديث عن " الشيطان " ، مختزلاً الشيطان وقصته في القرآن بـ ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ) ، وخلص من هذا إلى أن الشيطان حقيقة ليس له سلطان إلا على الذين يريدون اتباعه .. فلماذا قدم بهذه المقدمة ؟

كانت بداية كلام الدكتور عن الدجال من خلال تساؤل عقلي : إذا كان الدجال بهذه القدرة الفائقة على " الإضلال " ، أوليس الناس معذورون باتباعه ؟ أليس من يحمل هذه الصفات فتنة يريد من قدّر خروجه وهو" الله تعالى " ان يضل الناس ويفتنهم عن دينهم ؟ وأن الآيات إنما تأتي" تخويفاً " فقط وليست إضلالاً وتكفيراً للناس ؟ إن الله لا يمكن أن يفعل هذا ، فإن قال قائل بأن " إبليس " نفس الحكاية ، قال لا ، إبليس لا يملك لقدرة على هذا ..والنتيجة : الدجال تدجيل وتغفيل .

هذه القضية الكلية هي التي انطلق منها الدكتور عدنان إبراهيم ، ومن ثم بدأ يسرد ما ورد في أحاديث الدجال من تناقضات كثيرة عنده ، ولأن أحاديث الدجال وردت في " الصحيحين " البخاري ومسلم وغيرهما من الصححاح ، فلا بد كعادته أن يهيئ النفوس للطعن في أحاديث الصحيحين بقضايا يدرك المختص أنها داخلة في " التجديف المعرفي " لا الكلام العلمي كما سيأتي إن شاء لله ..

نعود إلى أصل القضية .. المقارنة بين ( إبليس والدجال ) والتي أفضت إلى إنكار الآخر بناء على أن ابليس ليس له سلطان على الناس ، فكيف يخرج الله في آخر الزمان من يكون له سلطان على الناس يجعلهم يعبدونه ويكفرون بالله ؟

إذن فالقضية عنده هي قضية " لا يقبلها عقله" ، وهي مصادمة كذلك للقرآن .. وماهي إلا تقولات وتخرصات وخرافات .

ماهي المشكلة الأساسية ؟

- إن المشكلة الأساسية في هذا البحث المعرفي لدى عدنان إبراهيم الاعتماد على مقدمات خاطئة ، توصل بلا ريب إلى نتائج كارثية وخاطئة كذلك ، وهي كذلك نتائج توصل إلى متتالية من "الإنكارات " التي هي في حقيقتها متلازمة متراصة ، فمن ينكر الدجال حتماً سينكر المسيح ، ومن ينكر نزول المسيح حتماً سينكر المهدي ، ولو أثبت أحدها سيقع حتماً بالتناقض والذي يحاول الفرار منه بعملية " كنس " لكثير من هذه القضايا التي تحدث عنها وقدمها على أنه نتيجة لكد معرفي ، وتحرر فكري ، وإعمال للعقل .

* تبسيط الشيطان من خلال آية :

إذا قال عدنان إبراهيم كيف يمكن أن يخرج المسيح الدجال بهذا الكم من القدرة على الإضلال يمكن ببساطة أن يقال : كيف يمّكن الله مخلوقاً يقال له " إبليس " على أن يحيا منذ خلق الله الخلق إلى أن يبعثون وهو يضل الناس بصفات كثيرة هي اعظم من حقيقة الدجال وإضلالة .

فإن كان الدجال منظوراً موصوفاً للناس ، فإن أبليس لا يرى ، بل حكى الله عنه أنه يقول عن مهمته العظيمة : ( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) ، فبسبب هذا المكر لا يكون أكثر الناس شاكرين لله .

ثم قال : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ - إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) فقال الله تعالى [في سورة الإسراء] إقراراً لهذا ( قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا )، فهو إقرار بأن القضية ليست فقط إغواء ، بل تبعية لمخلوق سخره الله تعالى لهذه المهمة ؟ أوليس من يريد أن يسير على طريقة عدنان إبراهيم أن يقول : هل الله الرحيم بعباده ، العظيم في علاه ، الشفيق على من عصاه يسخر مخلوقاً مثل إبليس ليكون سبباً في إضلال الناس ؟ كيف يعطيه هذه القدرة من البقاء إلى قيام الساعة ، وكثرة الأتباع ، والقدرات الخارقة التي تجعله يتسلل إلى عقل الإنسان وبصيرته فيوسوس له ، ويزين له الكفر والشرك والعصيان ؟ أليس هذا هو نفس المنطق الذي انطلق منه الدكتور عدنان لإنكاره للمسيح الدجال ؟

- وإن كان " الدجال" يأتي من خارج الذات ليضل الناس ، أليس الذي يأتي ليتمثل " ضمير "الإنسان فيوسوس له ويغريه بلا شعور أعظم من شخص يدرك العاقل المؤمن أنه دجال أفاك بصفاته وطريقته وما بيّن النبي من حاله ؟

- وإن كان الدجال يغوي أناساً في " آخر الزمان " حين انقضاء الآجال ، واقتراب الارتحال من الدنيا ، ألا يكون من أخذ على نفسه العهد ، وسار بإذن الله الخالق أن يكون همه الإغواء والذي أردى الملايين المملينة من البشر منذ خلق آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أعظم عملاً وفتنة ؟ حتى أنه سيعين الدجال على الإغواء والإضلال بتزيين فعله ، وتعمية عقول الناس عن تلمس حقيقة فتنتنه ؟ أليس ما يرد على الدجال من تساؤل يرد على إبليس الذي بسط الدكتور عدنان أمره في أول الحديث ليسلم له الاعتراض في نهايته ؟

إن السبل التي رسمها الله تعالى لعباده المؤمنين في الخلوص من الشيطان الرجيم ، من وسوسته ، وتزيينه للمنكر ، وإضلاله للناس كانت في ترسيخ ( حقائق الإيمان ومعرفة وصف الشيطان ومنهجه وطريقته في الإضلال ) ، والطريقة التي رسمها النبي صلى الله عليه وسلم لتوقي فتنة الدجال هي ذات الطريقة في ترسيخ ( حقائق الإيمان ، ومعرفة الله وأسمائه وصفاته ، والتحذير منه ووصف طريقته في الإضلال والأغواء ) ، إلا أن المهمة في التعامل مع الشأن المحسوس المشاهد أهون من التعامل مع أمر لا يرى ولا يدرك ولا يمكن أن يحتاط الإنسان منه في كل أحواله ..إلا أن يقال في الشيطان – وهي النتيجة التي نخشى أن تكون من متتاليات الدكتور القادمة – والتي قالها بعض الماديين الذين نكسوا الايات والأحاديث لتتوافق مع" عقولهم " زعموا بان الشيطان لا وجود له على الحقيقة وإنما هو كناية عن الشر في الارض .. كما كان آدم كناية عن الخير في الارض . ولا شي بعيد!

- وإذا كان الله تعالى قال في شان الشيطان (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ) ، فيقال في شأن " لدجال " ، إنه لا سلطان له على الذين آمنوا واستبصروا حقيقته بخبر الصادق وعرفوا حجم فتنته وضعفه وتخييله وقدرته على الإيهام ، وإنما يكون سلطانه على الذين لم يستبصروا حقيقته ، فغابت النذر عن أذهانهم فسقطوا في وبال فعلهم مع رقة دينهم وضعف تمسكهم بكلام نبيهم ...

هذا الشيطان الذي يقول الدكتور أنه لا سلطان له علينا بطريقة تبسيطية هو الذي يقول الله تعالى عنه : ( إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) .

وهو الذي يخذل الانسان ( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) ، وإن كان قد أغوى آدم أبو البشر فأخرجه من الجنة ألا يغوي من دونه ؟ (وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ - وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ - فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ ..الآيات ) .

بل حتى أن الشيطان يوحي لأوليائه بطريقة جدال أهل الحق وهو أمر لم يفكر به الدجال : ( إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) . وغيرها من مكائده العظيمة التي يتسلل بها إلى النفس الإنسانية ، بالوعد بالفقر ، وتزيين الفواحش ، والتفنن في أسلوب الغواية حتى بنزع الانسان عن العلم او تقليل موجبات تقواه وغيرها مما يطول الحديث عنه .. أليس السؤال نفس السؤال ؟ والتفريق بين المتماثلات لا يصح عقلاً ولا شرعاً ؟؟

في الحلقة القادمة ستتم مناقشة منهجية الدكتور العلمية في إنكار أحاديث الدجال .. وبيان حجم المغالطات العلمية والمنطقية في قوله.

ودمتم سالمين ..




عدنان إبراهيم ..والمسيح الدجال (2)
بدر العامر
19 / 7 / 1433 هـ


في الحلقة الأولى من مناقشة الدكتور عدنان إبراهيم حول قضية إنكاره لخبر " المسيح الدجال " تمت مناقشة فكرته حول معارضة أخبار المسيح الدجال للقرآن ، وان أصل المعارضة كان لوجود السلطان العظيم للمسيح الدجال ، وكان سؤاله العقلي : كيف يمكن لشخص أن يحمل هذه الصفات إلا أن يضل الناس ، وهل الله يتعمد إضلال الناس بإعطاء عباده القدرة على هذا الإضلال ، ولكن أصل الفكرة تم نقضها من خلال إمكانيات "إبليس " على الإضلال ، وتم بيان بأن إبليس هو أعظم إضلالاً من الدجال من خلال أمرين :

الاول : الزمن المتطاول الذي جعله يحيا مع كل الأمم منذ خلق آدم إلى أن يقوم الناس لرب العالمين ، وهذا الزمن المتطاول صار فيه من الإضلال والكفر وصرف الناس عن التوحيد ما يعادل ملايين ما يمكن أن يقع من الدجال الذي لا يعيش إلا " أربعين سنة " على القول الأكثر ، وإلا فقد قيل أربعين يوماً ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل عن الشياطين : (إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين فحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ) من حديث عياض بن حمار كما في الحديث الصحيح ، فالشياطين لهم دور كبير في إضلال الناس وصرفهم عن التوحيد ، وإدخالهم الشرك وتحليل ما حرم الله تعالى .

الثاني : أن الشيطان يوصل الإنسان إلى الشرك والضلال والكفر من خلال حرفة وطريقة ليست مكشوفة ، يتسلل من خلالها إلى النفس البشرية فيغريها ويلبس الحق عليها بالباطل ، بينما الدجال ينكشف للناس بدعوة صريحة بادعاء الربوبية الأمر الذي لا يقبله الموقن المؤمن ، بل يقبله الشاك المرتاب ، فلا يتبع الدجال إلا كل منافق ومنافقة وكافر وكافرة ، اما من آمن بالله ، وصدق بالرسالة فهذا يحصنه بعد توفيق الله من اتباع الدجال كما يوفق الله عباده الموقنين بعدم اتباع سبيل الشيطان وطريقته في الغواية والإضلال .

والآن .. دعونا ننتقل من الحجج العقلية ودعوى معارضة خبر الدجال للقرآن إذ لا يوجد في القرآن من الدلائل العقلية والنقلية ما يحيل وقوع مثل "فتنة الدجال " إلا عند من التبس عليه الأمر ، واستسلم لفكره دون تحقيق ونظر ، وإن كان الدجال لم يذكر في القرآن مباشرة ، فلا يعني ذلك أن الأخبار والأحكام مقتصرة على ما يورد في القرآن ، ففرق بين " معارضة القرآن " معارضة صريحة لا تقبل التأويل والجدل ، وبين " توهم " البعض بأن بعض الأخبار والأحكام تعارض القرآن ، وما تعجل المتعجلون في نفي الأخبار إلا من خلال عدم القدرة العلمية والذهنية على " التوفيق " بين ما ياتي من صحيح الأخبار ، وبين ما يقرره القرآن ، وعدم التفريق بين استحالة العقل الصريح للامر وبين " مقررات العقل النسبي " الذي يتفاوت الناس فيه بناء على تفاوتهم بالفهم والتأمل والعلم ففرق بين ما " يحيله العقل .. وبين ما يعجز العقل عن إدراكه "وهي قاعدة نفيسه لمن تأملها .

منطلقات الدكتور في إنكاره لأخبار الدجال :

ينطلق الدكتور عدنان إبراهيم من إنكاره للمسيح الدجال من قاعدة قررها أولاً وهي أن في أخبار الدجال غرائب وعجائب وأكاذيب ، وان هناك خوارق للعادات لإضلال الناس ، وأن في الكتب الصحيحة أحاديث ضعيفة ، وأن هناك ضعفاء في الصحيحين وغيرها من القضايا التي من خلالها حكم على " فتنة الدجال " بالخرافة .
ومن المنطلقات التي انطلق منها أن هناك " تعارضاً " في الأحاديث التي وردت في خبر الدجال ، وبعضها يكذب بعضاً أو يخالف بعضاً ، وهذا دليل على كذب ما وردفيه .

أين المشكلة في تأصيل الدكتور عدنان إبراهيم لهذه القضية :

أولا : لم يفرق الدكتور بين ورود الأخبار " المتواترة " في إثبات ( حقيقة الإخبار عن الدجال ) ، وبين الأحاديث الواردة في ( صفات الدجال وتفاصيل خبره ) ، فإثبات حقيقة الدجال شي ، والإيمان بكل ما ورد في صفاته شي آخر منفصل تماماً عنه ، وقد رأينا علماء أهل السنة ، بل علماء الإسلام قاطبة – إلا ما ندر- يضعفون كثيراً من الأخبار الواردة في الدجال ، وما وردفيها من تعارض – ظاهري – في نصوصها حرص العلماء على التأليف بينها بمنهج علمي ، وليس وجود الإشكال في بعض أخبار الدجال يضعف الحقيقة الأصلية أو يقضي عليها كما سيأتي .

الثاني : أشعر أن هناك مشكلة " منهجية " عند الدكتور عدنان إبراهيم في قراءته للتراث الإسلامي كله ، ومشكلته نابعة من ( غياب المنهجية العلمية المحكمة ) ، وقد يظنها هو " تحرراً " من القيود ، واستقلالاً في التفكير ، ولكنه وقع في (التلفيق ) المعرفي ، والذي جعله يمايز بين المتماثلاث ، ولا يمكن أن يطرد رأياً واحداً أبداً ، فهو مرة عقلاني قرآني ، ومرة سلفي أثري ، ومرة متكلم فلسفي ، ومرة يقبل الحديث المطعون فيه ، ومرة يرد الحديث المتواتر ومرة يثني على عالم إن قال قولاً يوافق رأيه ، ومرة يزري عليه بأشد العبارة ، فإن أقره بشي صار شيخ الإسلام ، وإن خالفه صار جاهلاً لا يفهم ، ومن ذلك موقفه من الصحيحين خاصة البخاري ومسلم ، فهو يستشهد بأحاديثهما ويصحح ويضعف ، ولكنه ينسف مصداقية الصحيح كلما أراد أن يقرر مسألة من المسائل ، وهذا مافعله حين أراد إنكار أخبار المسيح الدجال ، فقد قدم بمقدمة تعرض فيها للإمام عثمان ابن أبي شيبة – مع أن أحاديثه ليس فيها تعلق بالمسيح الدجال - ، وكأنه يهيئ وعي المستمع لعدم إنكار رد ما ورد في الصحيحين من أخبار الدجال ، ومثله تعرضه لاسماعيل بن أبي أويس وغيره ، ومن يسمع مثل هذا الكلام يدرك ان هناك مشكلة منهجية علمية في التعامل مع " الأحاديث " ولعل هذه طبيعة من لم يدرس العلم الشرعي دراسة أكاديمية ومنهجية ويعتمد في فهمه فقط لمسائل دقيقة تحتاج إلى كد وعناية فائقة وسنوات طويلة .

ولعلي أبدأ هنا – في هذه الحلقة – في مناقشة إثبات ( خبر المسيح الدجال ) عموماً دون الدخول في تفاصيل الأخبار وتعارضها ومناقشة الخوارق ، فلها إن شاء الله حلقة قادمة :

القراءة الاستردادية :

حين نريد أن نفهم مسألة أو خبراً من الأخبار نحتاج أن نعود إلى الوراء ، في ذلك الزمن الغابر حيث بدأ التدوين لنعرف كيف تم كتابة الأحاديث ، وحتى ندرك أن القضية ليست قضية " أخبار ملفقة ومكذوبة " كما يدعي الدكتور عدنان إبراهيم ، بل لندرك أن الجيل الأول والثاني والثاني في عصر التدوين يدركون أن " الإخبار عن الدجال " هو بمثابة وجود أمريكا في هذا الزمن لا ينكره إلا مهبول أو في عقله دخن ، ولكن أهل العلم حين يريدون إثبات قضايا " السمع" ، فلا طريق لذلك إلا " الأسانيد " المتصلة التي ينقلها الثقات بالاسناد المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهنا مستويان :

المستوى الأولى : شياع الأخبار ومعرفة الناس لها في زمن التدوين ، وهذا مثل معرفة القرون الأولى بوجود شخص اسمه ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة وغيرهم بلا حاجة إلى إسناد ودليل خاص .
المستوى الثاني : مستوى النقل العلمي عن تفاصيل أقوالهم وأفعالهم ، فالأول تواتر معنوى ، والثاني تواتر أو أخبار علمية .

دعونا نأخذ هذا الدليل على ما أقول :

الأمام مالك بن أنس الأصبحي رضي الله عنه إمام دار الهجرة ولد سنة 93 هــ وتوفي سنة 173 هــ وهو من الأئمة المتبوعين ، والثقات العظام قال الشافعي عن كتابه الموطأ ( ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مالك ) روى في الموطأ حديثاً فقال : حدثني نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (أراني الليلة عند ‏ ‏الكعبة ‏ ‏فرأيت رجلا ‏ ‏آدم ‏ ‏كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال له‏ ‏لمة ‏ ‏كأحسن ما أنت راء من اللمم قد ‏ ‏رجلها ‏ ‏فهي تقطر ماء متكئا على رجلين أو على ‏ ‏عواتق ‏ ‏رجلين يطوف ‏ ‏بالكعبة ‏ ‏فسألت من هذا قيل هذا ‏ ‏المسيح ابن مريم ‏ ‏ثم إذا أنا برجل جعد ‏ ‏قطط ‏ ‏أعور العين اليمنى كأنها عنبة ‏ ‏طافية ‏ ‏فسألت من هذا فقيل لي هذا ‏ ‏المسيح الدجال ‏) .

هذا الحديث الذي رواه مالك جاء فيه ذكر المسيح الدجال ، وبين مالك وبين النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فقط هما : نافع مولى ابن عمر ثقة ثبت ، يقول الامام مالك: ( إذا قال نافع شيئا فاختم عليه ) ، والبخاري رحمه الله يرى أن أصح الأسانيد إطلاقاً هي رواية مالك عن نافع عن ابن عمر ولا يعرف له خطأ أبداً في جميع ما روى، ( سلسلة ذهبية ) ، ونافع يحدث عمن لازمه وهو ابن عمر بن الخطاب ولا يحتاج إلى تزكية أو كلام ، وهذا الحديث ينميه ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ..ويذكر فيه الدجال .

حسناً .. سوف نقول لعدنان إبراهيم ، دعنا الآن من متن الحديث ولنناقشك عن سنده ، هل ترى أن الكذاب في الحديث هو : مالك بن أنس أمام دار الهجرة الإمام المتبوع التي أجمعت الامة على إمامته وفضله ؟ أم الكذاب هو نافع مولى أبن عمر ؟ أم الذي كذب في الخبر عن الصادق المصدوق هو الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما ؟

لنسلم لك الآن بان هذا الحديث مفترى ومكذوب ، والذي رواه ليس بينه وبين النبي إلا رجلان اثنان فقط .. ماذا تقول حين روي من طرق أخرى ؟ أم ان أهل الحديث هم مجموعة من الأفاكين الكذابين الذين شغلتهم فقط يضعون أحاديث ينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ دعنا الآن من حديث مالك .. ماذا تقول في الآتي :

قال مسلم في صحيحه : حدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا حنظلة عن سالم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( رأيت عند الكعبة رجلا آدم سبط الرأس واضعا يديه على رجلين يسكب رأسه أو يقطر رأسه فسألت من هذا فقالوا عيسى بن مريم أو المسيح بن مريم لا ندري أي ذلك قال ورأيت وراءه رجلا أحمر جعد الرأس أعور العين اليمنى أشبه من رأيت به بن قطن فسألت من هذا فقالوا المسيح الدجال ) .

وهذا إمام الأئمة مسلم النيسابوري يحدث بالحديث من طريق آخر ، فلم يروه في الإسناد عن نافع مولى ابن عمر ، بل رواه من طريق سالم عن نافع عن ابن عمر به .. فهل كذلك هذا اسناد ملفق ومفترى وليس بين مسلم وبين النبي صلى الله عليه وسلم إلا اربعة رجال فقط ؟ وهل يمكن يتواطأ الناس على الكذب بهذه الطريقة ؟ وقد روى في أسانيد أخرى بلفظ الحديث عن جابر بن عبدالله وعمر وغيرهم من الصحابة بنفس الحديث وفيه ذكر الدجال .

وهذا الحديث رواه البخاري في صحيحه قال : دثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً به .

هل هذا فقط ما روي في شأن الأخبار عن " المسيح الدجال " ؟

إن الأسانيد التي رويت في بيان خبره كثيرة جداً ولست هنا أريد تتبع كل الأحاديث التي رويت ، بل لبيان ان خبر الدجال عند الجيل الأول هو من باب القطع بحيث لا يماري فيه أحد ، وكان الجيل الأول بعد الصحابة يعرفون خبر النبي عن الدجال كما يعرفون أسماء الصحابة ، وهو من الانتشار والذياع بحيث لا ينكره أحد .

سأكمل إن شاء الله في الحلقة القادمة مناقشة فكرة " تواتر خبر ذكر المسيح الدجال " حديثياً .. وإثبات ذلك إن شاء الله تعالى .

ودمتم سالمين

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:36 PM
عدنان إبراهيم والعودة إلى المربع الأول
............................................
الأحد, 14 جمادى الآخر 1433
.............................................

صالح الحساب الغامدي: قبل نحو مائة عام ظهرت في العالم الإسلامي حركة تدعو إلى إصلاح الدين وتجديده؛ للخروج من كبوة الضعف والوهن التي عصفت بالعالم الإسلامي؛ ولكن تلك الدعوة - للأسف- باتت أشد ضرراً على العالم الإسلامي من العدو الخارجي المستعمر والذي سعى لسلب الثروات وامتصاص المقدرات، وأما تلك الدعوة فقد سلبت من الإسلام روحه وقوامه، وباتت خادمة لذلك المستعمر الآثم من حيث تشعر أو لا تشعر، والسبب ببساطة أنها لم تقم على أصل قويم من الدين، بل قامت على أُسس عقلية، غايتها تطويع الدين لمقتضيات العصر، كما كان حال سلفها (التجديدي) في اليهودية والنصرانية.

وتلك الحركة (التجديدية) عُرفت فيما بعد بالمدرسة العقلانية، لتقديمها العقل على النص، وعرفت أيضاً بالمدرسة العصرانية، وكذلك بالمدرسة الإصلاحية الحديثة.(وهي مدرسة فكرية وليست نظامية).

تلك المدرسة التجديدية العقلانية - كما يصفها د أحمد اللهيب- تسعى سعياً حثيثاً لإعادة تفسير الإسلام وأحكامه، بحيث يبدو متفقاً مع الحضارة الغربية، أو قريباً منها، وغير متعارض معها. (أنظر كتابه: تجديد الدين لدى الاتجاه العقلاني الإسلامي المعاصر)

ويمكن تلخيص أبرز المعالم الفكرية لتلك المدرسة التجديدية العقلية فيما يلي:

1. التوسع في تفسير القرآن الكريم على ضوء العلم الحديث بكافة جوانبه، ولو أدى ذلك إلى استحداث أقوال مجانبة لتركيب الآيات من الناحية اللغوية، أو غير موافقة للمنقول عن السلف -رضي الله عنهم-.

2. رد السنَّة النبوية كلياً أو جزئياً؛ فمنهم من يردها مطلقاً، ومنهم من يقبل المتواتر العملي فقط، ومنهم من يقبل المتواتر مطلقاً عملياً كان أو قولياً، أما أحاديث الآحاد فمنهم من يردها مطلقاً، ومنهم من يقبل منها فقط ما وافق روح القرآن، أو ما اتفق مع العقل أو التجربة البشرية.

3. التهوين من شأن الإجماع إما برفضه كلياً، أو بتقييده بضوابط جديدة لم تكن معروفة بين العلماء، مثل إضافة أهل الحل والعقد الذين بيدهم السلطان في اشتراط انعقاد الإجماع، وهذا تعطيل له.

4. الحرية الواسعة في الاجتهاد مع غض النظر عن الشروط المطلوبة في المجتهد، وعن الأطر العامة التي تضبط الاجتهاد، ونتج عن هذا وعن موقفهم من الإجماع آراء شاذة ومنكرة لم يُسبقوا إليها.

5. الميل إلى تضييق نطاق الغيبيات ما أمكن، فأقحموا العقل في المسائل الغيبية، ومن هنا جاءت تأويلاتهم للملائكة والجن والشياطين والطير الأبابيل وغيرها على غير حقيقتها.

6. تناول الأحكام الشرعية العملية تناولاً يستجيب لضغوط الواقع، ومتطلباته، وذلك في مثل قضايا الربا، والوحدة الوطنية، وحرية الفكر وغيرها.

7. المواءمة والتوفيق بين نصوص الشرع ومعطيات الحضارة الغربية وفكرها المعاصر، وذلك بتطويع النصوص وتأويلها تأويلاً جديداً يتلاءم مع المفاهيم المستقرة لدى الغربيين، وعرض الإسلام عرضاً يقبله المثقفون ثقافة عصرية.

8. اعتماد الفهم المقاصدي للإسلام بدل الفهم النصي، فالنصوص عندهم يجب أن تُفهم وتؤول على ضوء المقاصد(العدل،التوحيد،الحرية الإنسانية) ونصوص الحديث يُحكم على صحتها أو ضعفها لا حسب منهج المحدثين في تحقيق الروايات؛ وإنما حسب موافقتها أو مخالفتها للمقاصد.

9. إقامة الرابطة الاجتماعية بين الناس لا على أساس الإسلام والكفر، إنما على أساس الوطن والإنسانية، وعليه يجب إعادة النظر في مسائل عدة؛ نحو: مسألة دار الإسلام ودار الكفر، ومسألة استعلاء المسلم بدينه على غيره وتميُّزه عنه، ومسألة منع غير المسلمين من تقلد المناصب في الدولة الإسلامية، وغيرها.

لقد شابهت تلك المدرسة العقلانية التجديدية فرقة "المعتزلة" في إعلاء شأن العقل وتقديمه على النص، إذ الاعتماد على العقل يُعد من مبادئ المعتزلة في الاستدلال للعقائد؛ فكانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً، وكان من نتائج اعتمادهم ذلك أن أوّلوا الصفات بما يناسب عقولهم، وطعن كبراؤهم في أكابر الصحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب! مما أدى إلى رد أحاديثهم وعدم قبولها، بل إن طوائف من المعتزلة ترد أحاديث الآحاد وتنكرها، بل وحتى الأحاديث المتواترة إذا تعارضت مع العقل، وكان من جرَّاء ذلك إنكار المعتزلة لكثيرٍ من العقائد الثابتة عن رسول اللهr؛ كعذاب القبر، والإيمان بالحوض، والصراط، والميزان، والشفاعة، ورؤية الله في الآخرة، هذا في باب العقائد وأما في باب الأعمال والأحكام الشرعية فاشترطوا -أيضاً- لقبول الحديث أن لا يُعارض العقل والقرآن.

والعجيب أن المعتزلة أولئك قاموا للدفاع عن الدين ضد الفلاسفة وغيرهم من المجسمة والرافضة والزنادقة والجهمية والمرجئة والخوارج، ولكنهم بتقديسهم العقل وتقديمه على النقل هدموا من حيث أرادوا البناء!

أما مؤسسو تلك المدرسة الإصلاحية العقلية التجديدية وروادها فيُعد (السير) أحمد خان الهندي أول من بدأت على يديه معالم تلك المدرسة، ثم على يد جمال الدين الأفغاني، ثم ترسخت على يد تلميذه وصاحبه محمد عبده المصري، ثم كان لتلامذة محمد عبده الأثر الكبير مع مطلع القرن العشرين في ترجمة هذا الفكر إلى أرض الواقع؛ تأليفاً، ونشراً، ودعوة إليه.

وهاهو الدكتور عدنان إبراهيم يجدد لنا في عالم اليوم فكر تلك المدرسة العقلية التجديدية، ليعيدنا إلى ذلك المربع الأول (مربع المدرسة العقلية) بعد أن تقدمت بنا الصحوة الإسلامية المباركة خطوة إلى الأمام، وأخرجتنا من ذلك المربع العقلي الذي أوهن المسلمين واستعمر فكرهم، بمباركة ودعم المستعمر الغربي، والذي ما إن رحل تماماً في ستينيات القرن المنصرم حتى بدأت بوادر العودة إلى المعين الصافي وانطلقت صحوة العودة إلى ما كان عليه الرسول الكريم -عليه السلام- وأصحابه الكرام.

لقد شاهدتُ الكثير من خطب ومحاضرات د عدنان إبراهيم وهي ذات أسلوب بليغ آسر، ولكن ما فائدة الأسلوب إذا شاب المضمون لوثة عقلية تصادم النصوص، وتنكر المعلوم، وتزعزع إيمان العامة، والذين لم يطالبهم الشرع الحنيف جميعاً بالتفقه في الدين و(البحث عن الحقيقية) التي لا يفتأ د عدنان يرددها في خطبه ومحاضراته، ونسي قول الحق تبارك وتعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم).

يكفي العامي - مثلاً- حتى يدخل في دوامة من التساؤلات و(الشك) في دين الله أن يشاهد برنامجاً تلفزيونياً واحداً للدكتور عدنان إبراهيم؛ يطعن خلاله في صحابة رسول الله r ، وينكر أحاديث الآحاد، ونزول عيسى بن مريم، بل ويشكك في أحكام آيات المواريث ويطالب بإعادة النظر فيها..الخ، (أنظر: حلقتي برنامج اتجاهات مع د عدنان إبراهيم)

كل هذه الآراء الصادرة من الدكتور عدنان إبراهيم وغيرها ليست تحت شعار الطعن في الدين أو انتقاصه، بل تحت شعار البحث عن الحقيقية والنهوض بالأمة الإسلامية!! وهو ذات شعار مدرسة محمد عبده (مفتى الديار المصرية) العقلية قبل مائة عام، بل وذات المضمون!

يقول مفتي الدولة العثمانية الشيخ مصطفى صبري-رحمه الله-:«كان المسلمون قبل عهد الشيخ محمد عبده على طول ثلاثمائة وألف عام يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله ومعجزات رسله وبكل ما ورد في نصوص الله وسنَّة رسوله السليمة الإسناد، من الأوامر والنواهي والقصص وأحوال الآخرة.. وكان لهذين الركنين الأساسيين مهابة عظيمة في قلوب علماء الإسلام.. لا يجترئ أحد منهم على تأويلهما والعدول عن ظاهر نصوصهما.. وكان مما لا يطوف ببال أحد أن ينكر وجود الملائكة ووجود الشيطان الرجيم الذي نعوذ بالله منه في أول كل صلاتنا.. ولم يكن المسلمون في تلك الأعصار الطويلة يعتريهم أي شك في وجود الأنبياء وتأييدهم من عند الله بالمعجزات الخارجة عن طور البشر.. حتى جاء الأستاذ الإمام فوضع منهاجاً عجيباً لتأويل النصوص يُمثِّل باسم النهضة الدينية الحركة القهقرية أمام خصوم الإسلام الغربيين المسلطين على كتابه ويلقي الشك في قلوب المسلمين الذين يعتقدونه كتاباً منزلاً من عند الله.. قائلاً: إن وجود شيء في القرآن لا يقتضي صحته. وقد ارتكزت فكرة إنكار معجزات الأنبياء في قلوب العلماء الأزهريين من تلامذة الإمام، وفيهم من تولى مشْيخة الأزهر.. وقد فتح الأستاذ الإمام لهم طريقاً معبدة رغم خطرها، في كل أمن وحصانة وهي طريق التأويل وتفسير النصوص تفسيراً يؤدي إلى إلغائها». (أنظر كتابه: موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين)

فأخشى ما أخشاه اليوم أن نردد ما قاله الشيخ مصطفى صبري ونقول: كان المسلمون قبل عهد الدكتور عدنان إبراهيم على طول أربعمائة وألف عام يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله ومعجزات رسله وبكل ما ورد في نصوص الله وسنَّة رسوله السليمة الإسناد..الخ !!

ولا يفوت التنبيه هنا أن الشيخ محمد عبده كان جليلاً في نظر الغربيين المحتلين، ولا غرو في ذلك بعدما ذكرناه آنفاً من فكر مدرسته العقلية، ففي تقريره السنوي لعام 1905م يقول الحاكم الإنجليزي لمصر اللورد "كرومر": «لا ريب عندي في أن السبيل القويم الذي أرشد إليه المرحوم الشيخ محمد عبده هو السبيل الذي يؤمل رجال الإصلاح من المسلمين الخير منه بني ملتهم إذا ساروا فيه، فأتباع الشيخ حقيقون بكل ميل وعطف وتنشيط من الأوربيين. هذا وإني أوافق السير "ملكولم مكلريث"على ما قاله عن الضربة التي أصابت الإصلاح من هذا القبيل بموت المرحوم الشيخ محمد عبده فقد أشرت إلى خدمات ذلك الرجل الجليل في فصل آخر من هذا التقرير، وأعود فأبسط الرجاء أيضاً أن الذين كانوا يشاركونه في آرائه لا تخور عزائمهم بفقده بل يظهرون احترامهم لذكراه أحسن إظهار بترقية المقاصد التي كان يرمي إليها في حياته». (أنظر:محمد رشيد رضا، تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده)

وإني أعيذ الدكتور عدنان إبراهيم من أن يصل اليوم بتبنيه فكر تلك المدرسة إلى رضا الغرب ومساندتهم، لا سيما وأنهم ينادون- كما هو حال مؤسسة راند- بدعم المجددين من المسلمين، ويقصدون بهم أتباع فكر تلك المدرسة العقلية في العالم الإسلام اليوم. (أنظر تقرير مؤسسة راند: إسلام حضاري ديمقراطي)

وأختم بدعوة صادقة أوجهها للدكتور عدنان إبراهيم بأن لا يُعيد المسلمين إلى ذلك المربع الأول المشئوم، وأن يثوب إلى الرشد، ويتبنى التجديد الحق للإسلام؛ بتجديد علاقة الناس بدين الله -على نحو ما كان عليه النبي الكريم وأصحابه-، وإحيائه في نفوسهم، وعلى أرض الواقع، وإحياء ما اندرس من سننه ومعالمه، وتنقيته من كل شائبة ونقيصة.



اللهم اهدنا جميعاً سواء الصراط، والحمد لله رب العالمين.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:38 PM
الرّد على أهل المنطق

الاثنين, 18 ربيع الثاني 1433

شيخنا الدكتور سفر الحوالي:
..................................

إنّ أهل الأهواء وخاصة المتأخرين من المتكلمين يتهمون أهل السنة بالغباء وعدم الفقه في الدين، وأنهم لا يعرفون ما يقوله الله، يقولون: ألم يقل الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وهذه الثلاثة هي التي تعيبون علينا في علم الكلام والجدل، وهي التي نشتغل بها لرد الباطل وإن كان أصلها مأخوذاً عن أرسطو ، وهذه الثلاثة هي: البرهان والخطابة والجدل، فالبرهان هو الحكمة، والخطابة هي الموعظة، والمجادلة هي الجدل، فلابد أن ندعو الناس بها، فبعضهم يغفلها.
وبأسلوب عجيب يقولون أيضاً: الصحابة رضي الله عنهم كانوا مشغولين بالجهاد، والتابعون ما كانوا يتعمقون في فهم الآيات ومعاني الصفات أو في القدر، بل يكتفون بظاهر النص، ولما ظهرت الأهواء وظهرت البدع احتاج الناس إلى تأصيل وتقعيد، وإلى فهم عميق، فوضعنا قواعد المجاز والحقيقة والألفاظ المشتركة، والمنطق، وبدأنا نأخذ الأقيسة البرهانية والخطابية والجدلية، فهذا الذي نفعله من حماية الدين.
وقالوا: (مذهب السلف الصالح أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم). وهذا الكلام مضمونه أن ورثة عمرو بن عبيد والنظام والعلاف وبرغوث وأمثالهم أعلم ممن تعلموا من محمد صلى الله عليه وسلم، فهم يقولون: نحن أعلم ممن ورثوا الهدى والكتاب عن محمد صلى الله عليه وسلم؛ ويقولون: لماذا تنكرون الجدل ومناظرة أهل البدع، والله جعل طرائق الدعوة ثلاثاً، كما في آية النحل، وهي ما نسميه نحن في علم الجدل أو المنطق: (البرهان والخطابة والجدل).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الرد على المنطقيين (ص:467) وهو يرد عليهم ما ذكرناه عنهم: "والمقصود هنا أن ما يجعلونه من القرآن مطابقاً لأصولهم ليس كما يقولون، فإن قيل: لا ريب أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الحكمة والموعظة الحسنة والجدل يخالف أقوال هؤلاء الفلاسفة أعظم من مخالفته لأقوال اليهود والنصارى؛ لكن المقصود أن الثلاثة المذكورة في القرآن هي البرهان الصحيح، والخطابة الصحيحة، والجدل الصحيح، وإن لم تكن هي عين ما ذكره اليونان ؛ إذ المنطق لا يتعرض لشيء من المواد، وإنما الغرض أن هذه الثلاثة هي من جنس هذه الثلاثة"، ومعنى هذه الشبهة أنهم يقولون: نحن نعلم أن اليونان كفار، وأن كلام الفلاسفة مخالف للقرآن؛ ولكن نحن نأخذ منهم الأساليب المنطقية الثلاثة: البرهان والخطابة والجدل، وهي نفسها في القرآن، فالأسلوب واحد، والمنطق لا يهتم بموضوع النقاش، بل يهمه صحة المقدمات والنتائج فقط، أما وجوده في أي موضوع: في الدين أو الدنيا فذلك لا يهمه.
يقول شيخ الإسلام رداً على هذه الشبهة: "قيل: وهذا أيضاً باطل، فإن الخطابة عندهم ما كان مقدماته مشهورة، سواء كانت علماً مجرداً أو علماً يقينياً" ومثال ذلك في البرهان الخطابي أن تقول: الخلق الفاضل يجلب الخير والسعادة، فلا ترتكب غيره، فهذا برهان خطابي مقدمته ليست قطعية، لكنه مشهور عند الناس أنه حق وخير، فهذا يسمونه الطريقة الخطابية أو القياس الخطابي.
قال شيخ الإسلام : "والوعظ في القرآن هو الأمر والنهي، والترغيب والترهيب" فمثلاً لما قال الله تبارك وتعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125] هل الموعظة هي ما كانت مقدماته مشهورة؟ نقول: لا. هي الأمر والنهي والترغيب والترهيب، ثم ذكر قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ ... [النساء:66] قال: "أي: ما يؤمرون به" قال: "وقال تعالى: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا [النور:17] أي: ينهاكم عن ذلك"، فالموعظة تأتي بمعنى الأمر وبمعنى النهي، وليست مجرد مقدمات.
قال: "وأيضاً فالقرآن ليس فيه أنه قال:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل) بل قال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم [النحل:125] وذلك لأن الإنسان له ثلاثة أحوال: إما أن يعرف الحق ويعمل به، وإما أن يعرفه ولا يعمل به، وإما أن يجحده؛ فأفضلها أن يعرف الحق ويعمل به" وهذه هي الحكمة، وهي أغلب ما في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للناس، فقد كان الصحابة إذا عرفوا الحق عملوا به، فهو يدعوهم بها ويربيهم عليها، فتصبح المعرفة موجودة، والاستعداد العملي موجوداً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ الناس بالحكمة قليلاً قليلاً، لكن قد كان مع ذلك يعظ بعض الناس.
قال: "والثاني: أن يعرفه لكن نفسه تخالفه" أي: تجده يعرف أن الزنا حرام لكن نفسه تشتهيه؛ فإن هذا يوعظ، قال: "فصاحب الحال الأول هو الذي يدعى بالحكمة، فإن الحكمة هي العلم بالحق والعمل به، فالنوع الأكمل من الناس من يعرف الحق ويعمل به، فيدعون بالحكمة، والثاني: من يعرف الحق لكن تخالفه نفسه؛ فهذا يوعظ الموعظة الحسنة".
قال: "فهاتان هما الطريقان للدعوة: الحكمة والموعظة الحسنة" وليست أي موعظة، قال: "وعامة الناس يحتاجون إلى هذا وهذا" يحتاجون إلى الحكمة وإلى الموعظة الحسنة "فإن النفس لها هوى يدعوها إلى خلاف الحق وإن عرفته" فالناس يحتاجون إلى الموعظة الحسنة وإلى الحكمة، فلابد من الدعوة بهذا وهذا.
قال: "وأما الجدل فلا يدعى به، بل هو من باب دفع الصائل" أي: الصائل على دين المسلمين، قال: "فإذا عارض الحق معارض جودل بالتي هي أحسن، ولهذا قال: (وجادلهم) فجعله فعلاً مأموراً به، مع قوله: (ادعهم)" أي فالمجادلة لا يطمع منها استجابة الخصم لكن لدفعه وإقامة الحجة عليه.
قال: "فأمره بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وأمره أن يجادل بالتي هي أحسن، وقال في الجدال: (بالتي هي أحسن) ولم يقل: بالحسنة كما قال في الموعظة، لأن الجدال فيه مدافعة ومغاضبة حتى يصلح ما فيه من المدافعة والممانعة، والموعظة لا تدافع كما يدافع المجادل، فما دام الرجل قابلاً للحكمة أو الموعظة الحسنة أو لهما جميعاً لم يحتج إلى مجادلة، فإذا دافع ومانع جودل بالتي هي أحسن".
ثم قال: "والمجادلة بعلم كما أن الحكمة بعلم، وقد سمى الله تعالى من يجادل بغير علم..." إلى آخر كلامه الذي بين فيه رحمه الله أن المقدمات الجدلية التي ليست علماً غايتها بيان أن الخصم مخطئ لا أنها تدعوه إلى الحق.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:41 PM
الرّد على أهل المنطق

لشيخنا الدكتور سفر الحوالى .

الاثنين, 18 ربيع الثاني 1433

..................................

إنّ أهل الأهواء وخاصة المتأخرين من المتكلمين يتهمون أهل السنة بالغباء وعدم الفقه في الدين، وأنهم لا يعرفون ما يقوله الله، يقولون: ألم يقل الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وهذه الثلاثة هي التي تعيبون علينا في علم الكلام والجدل، وهي التي نشتغل بها لرد الباطل وإن كان أصلها مأخوذاً عن أرسطو ، وهذه الثلاثة هي: البرهان والخطابة والجدل، فالبرهان هو الحكمة، والخطابة هي الموعظة، والمجادلة هي الجدل، فلابد أن ندعو الناس بها، فبعضهم يغفلها.
وبأسلوب عجيب يقولون أيضاً: الصحابة رضي الله عنهم كانوا مشغولين بالجهاد، والتابعون ما كانوا يتعمقون في فهم الآيات ومعاني الصفات أو في القدر، بل يكتفون بظاهر النص، ولما ظهرت الأهواء وظهرت البدع احتاج الناس إلى تأصيل وتقعيد، وإلى فهم عميق، فوضعنا قواعد المجاز والحقيقة والألفاظ المشتركة، والمنطق، وبدأنا نأخذ الأقيسة البرهانية والخطابية والجدلية، فهذا الذي نفعله من حماية الدين.
وقالوا: (مذهب السلف الصالح أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم). وهذا الكلام مضمونه أن ورثة عمرو بن عبيد والنظام والعلاف وبرغوث وأمثالهم أعلم ممن تعلموا من محمد صلى الله عليه وسلم، فهم يقولون: نحن أعلم ممن ورثوا الهدى والكتاب عن محمد صلى الله عليه وسلم؛ ويقولون: لماذا تنكرون الجدل ومناظرة أهل البدع، والله جعل طرائق الدعوة ثلاثاً، كما في آية النحل، وهي ما نسميه نحن في علم الجدل أو المنطق: (البرهان والخطابة والجدل).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الرد على المنطقيين (ص:467) وهو يرد عليهم ما ذكرناه عنهم: "والمقصود هنا أن ما يجعلونه من القرآن مطابقاً لأصولهم ليس كما يقولون، فإن قيل: لا ريب أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الحكمة والموعظة الحسنة والجدل يخالف أقوال هؤلاء الفلاسفة أعظم من مخالفته لأقوال اليهود والنصارى؛ لكن المقصود أن الثلاثة المذكورة في القرآن هي البرهان الصحيح، والخطابة الصحيحة، والجدل الصحيح، وإن لم تكن هي عين ما ذكره اليونان ؛ إذ المنطق لا يتعرض لشيء من المواد، وإنما الغرض أن هذه الثلاثة هي من جنس هذه الثلاثة"، ومعنى هذه الشبهة أنهم يقولون: نحن نعلم أن اليونان كفار، وأن كلام الفلاسفة مخالف للقرآن؛ ولكن نحن نأخذ منهم الأساليب المنطقية الثلاثة: البرهان والخطابة والجدل، وهي نفسها في القرآن، فالأسلوب واحد، والمنطق لا يهتم بموضوع النقاش، بل يهمه صحة المقدمات والنتائج فقط، أما وجوده في أي موضوع: في الدين أو الدنيا فذلك لا يهمه.
يقول شيخ الإسلام رداً على هذه الشبهة: "قيل: وهذا أيضاً باطل، فإن الخطابة عندهم ما كان مقدماته مشهورة، سواء كانت علماً مجرداً أو علماً يقينياً" ومثال ذلك في البرهان الخطابي أن تقول: الخلق الفاضل يجلب الخير والسعادة، فلا ترتكب غيره، فهذا برهان خطابي مقدمته ليست قطعية، لكنه مشهور عند الناس أنه حق وخير، فهذا يسمونه الطريقة الخطابية أو القياس الخطابي.
قال شيخ الإسلام : "والوعظ في القرآن هو الأمر والنهي، والترغيب والترهيب" فمثلاً لما قال الله تبارك وتعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125] هل الموعظة هي ما كانت مقدماته مشهورة؟ نقول: لا. هي الأمر والنهي والترغيب والترهيب، ثم ذكر قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ ... [النساء:66] قال: "أي: ما يؤمرون به" قال: "وقال تعالى: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا [النور:17] أي: ينهاكم عن ذلك"، فالموعظة تأتي بمعنى الأمر وبمعنى النهي، وليست مجرد مقدمات.
قال: "وأيضاً فالقرآن ليس فيه أنه قال:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل) بل قال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم [النحل:125] وذلك لأن الإنسان له ثلاثة أحوال: إما أن يعرف الحق ويعمل به، وإما أن يعرفه ولا يعمل به، وإما أن يجحده؛ فأفضلها أن يعرف الحق ويعمل به" وهذه هي الحكمة، وهي أغلب ما في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للناس، فقد كان الصحابة إذا عرفوا الحق عملوا به، فهو يدعوهم بها ويربيهم عليها، فتصبح المعرفة موجودة، والاستعداد العملي موجوداً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ الناس بالحكمة قليلاً قليلاً، لكن قد كان مع ذلك يعظ بعض الناس.
قال: "والثاني: أن يعرفه لكن نفسه تخالفه" أي: تجده يعرف أن الزنا حرام لكن نفسه تشتهيه؛ فإن هذا يوعظ، قال: "فصاحب الحال الأول هو الذي يدعى بالحكمة، فإن الحكمة هي العلم بالحق والعمل به، فالنوع الأكمل من الناس من يعرف الحق ويعمل به، فيدعون بالحكمة، والثاني: من يعرف الحق لكن تخالفه نفسه؛ فهذا يوعظ الموعظة الحسنة".
قال: "فهاتان هما الطريقان للدعوة: الحكمة والموعظة الحسنة" وليست أي موعظة، قال: "وعامة الناس يحتاجون إلى هذا وهذا" يحتاجون إلى الحكمة وإلى الموعظة الحسنة "فإن النفس لها هوى يدعوها إلى خلاف الحق وإن عرفته" فالناس يحتاجون إلى الموعظة الحسنة وإلى الحكمة، فلابد من الدعوة بهذا وهذا.
قال: "وأما الجدل فلا يدعى به، بل هو من باب دفع الصائل" أي: الصائل على دين المسلمين، قال: "فإذا عارض الحق معارض جودل بالتي هي أحسن، ولهذا قال: (وجادلهم) فجعله فعلاً مأموراً به، مع قوله: (ادعهم)" أي فالمجادلة لا يطمع منها استجابة الخصم لكن لدفعه وإقامة الحجة عليه.
قال: "فأمره بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وأمره أن يجادل بالتي هي أحسن، وقال في الجدال: (بالتي هي أحسن) ولم يقل: بالحسنة كما قال في الموعظة، لأن الجدال فيه مدافعة ومغاضبة حتى يصلح ما فيه من المدافعة والممانعة، والموعظة لا تدافع كما يدافع المجادل، فما دام الرجل قابلاً للحكمة أو الموعظة الحسنة أو لهما جميعاً لم يحتج إلى مجادلة، فإذا دافع ومانع جودل بالتي هي أحسن".
ثم قال: "والمجادلة بعلم كما أن الحكمة بعلم، وقد سمى الله تعالى من يجادل بغير علم..." إلى آخر كلامه الذي بين فيه رحمه الله أن المقدمات الجدلية التي ليست علماً غايتها بيان أن الخصم مخطئ لا أنها تدعوه إلى الحق.
انتهى .

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:54 PM
مذهب الشك؛ إفساد وضلال منهجي!
12-07-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث قال الجرجاني في تعريفاته إن: الشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك، وقيل الشك ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما، فإذا ترجح أحدهما ولم يطرح الآخر فهو ظن فإذا طرحه فهو غالب الظن وهو بمنزلة اليقين(1).


تعريف الجرجاني للشك:
قال الجرجاني في تعريفاته إن: الشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك، وقيل الشك ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما، فإذا ترجح أحدهما ولم يطرح الآخر فهو ظن فإذا طرحه فهو غالب الظن وهو بمنزلة اليقين(1).
مذهب الشك في الفلسفة الغربية:
الشك اتجاه فلسفي قديم نشأ في الفلسفة اليونانية على يد بيرون (ت: 275 ق.م) صاحب مذهب اللاأدرية كرد فعل على الفلسفة الرواقية، إذ امتنع عن الحكم على الأشياء بالإيجاب أو النفي؛ لأن الأشياء مظاهر لا يدري حقيقتها غير معترف بقدرة الحواس أو العقل، أو أي من أدوات المعرفة على تحقيق اليقين، ولذلك يدعو بيرون إلى الوقوف على الحياد دون المبالاة بشيء، سعياً وراء تحقيق الطمأنينة والسعادة، ولذا سمي شكه بالشك الأخلاقي، ثم تطور على يد السوفسطائيين أمثال بروتاجوراس وبورجياس (ت:380 ق.م) وغيرهما إلى القول باستحالة المعرفة وإنكار الحقائق المطلقة، وقالوا بإمكانية وجود الحقائق الجزئية المتعددة، وذلك على حسب تعدد الأفراد واختلاف الأحوال، إذ ردودها إلى الحس وحده(2).
ومذهب الشك هو العماد الذي يتكئ عليه الفكر الغربي المعاصر منذ أن دعا إلى الشك الفيلسوف رينيه ديكارت؛ إذ يقول: "أنا أشك إذن أنا موجود". والشك عند ديكارت هو خطوة التأمل الفلسفي الأولى والأساسية، وهو السبيل الأمثل للوصول إلى اليقين، وهو وسيلة للحصول على معرفة الحقيقة معرفة أكثر وضوحاً حين يقول: "الشك خطوة ضرورية لا بد من اتخاذها فخبرتي بالخطأ وتعرضي له منذ عهد بعيد واحتمال تجدده بفعل تلك الأحكام التي خضعت لها ولم أتبين صحتها، سواء كانت أحكاماً فرضها الغير من معلمين أو مرشدين، أو من وكّل إليهم أمري، أم أحكاماً فرضها عليّ الحس أو الخيال- وتعرضها للخطأ معروف- إن كل هذا يدعوني إلى الشك"(3).
أقسام الشك عند أصحابه:
1- الشك المنهجي، ويصفونه بالمعتدل، ويدّعون أن الغرض منه هو التوصل إلى الحقائق، ومن يأخذ بهذا الشك فهو أقرب إلى الموضوعية من الجامد أو الجاحد.
2- الشك المذهبي أو المعرفي؛ لأنه شك في أصل المعرفة، ويصفونه بالمتطرف: وهذا شك لا غرض منه سوى العبثية؛ لأنه هو في نفسه مذهب فلا ثوابت له، فصاحبه يشك ويشك في أنه يشك، وهو مذهب السوفسطائيين(4).
وهناك أنواع أخرى من الشك المطلق، كالشك الإيماني الذي غرضه الإيمان وليس الإنكار، فهو يعتمد على الوحي وحده، أو الكنيسة وحدها منبعاً للمعرفة، في الوقت الذي يفقد فيه الثقة في العقل والحواس، فالوحي بالمفهوم الكنسي هو مصدر الفكر عنده، وتقوم فلسفة هذا النوع على أساس عقيدة الخطيئة عند النصارى التي ظلت- في زعمهم- مرتبطة بأولاد آدم، عليه الصلاة والسلام، بعد أن عصي أمر ربه، ولذلك فإن الإنسان في نظرهم ملوث فطرياً وبذلك لا يستطيع أن يدرك الحقيقة على وجهها الصحيح، وبناء على ذلك فإن على الإنسان أن يسلم للوحي أو الكنيسة فقط في الحصول على المعرفة(5).
وهذا الشك قريب من شك المقلدة من الباطنية الذين يقولون أن الإنسان لا يخلق عالما، وإنما يكتسب العلم والمعرفة، وإن هذه المعرفة مصدرها الإمام المعصوم الذي حل فيه الإله، وليس مصدرها الوسائل المعرفة كالحس والعقل.
مذهب الشك عند أهل الكلام:
والشك كمذهب فلسفي كان له صداه في المحيط الإسلامي، وفي التراث الكلامي كثير من النصوص الدالة على تبني بعض المتكلمة من أصحاب الفرق لهذا المذهب، وعماد هذا المذهب عندهم يقوم على الشك في كل شيء، حتى ذهب البعض إلى القول بالشك في وجود الخالق- تبارك وتعالى- زعماً أن هذا الأمر يوصل إلى اليقين التام.
فقد روي عن أبي هشام الجبائي قوله: "أول الواجبات هو الشك لتوقف القصد إلى النظر عليه"(6).
وللغزالي مقولة يقول فيها: "الشكوك هي الموصلة إلى الحق . فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر، بقي في العمى والضلال"(7). ولهذا يعده البعض رائداً للمتكلمين من أهل القبلة في مذهب الشك، لكنه رجع في أواخر حياته عن كل هذا، فنسأل الله له الرحمة.
نقد مذهب الشك:
الشك مذهب باطل مهما تعددت طرقه وأقسامه، وقد قوبل برفض كبير من قبل المنظرين الإسلاميين في القديم والحديث، وما يسمى بالشك الإيماني ضلال ولا يقول به مسلم، فالإسلام يرى أن هذه الطريقة تناقض الفطرة، فهو مع إقراره أن الوحي طريق أصل للمعرفة لا يلغي العقل والحس وغيرهما بصفتهما وسائل للمعرفة حسب مجالات عملها المحكومة بقانون عالم الشهادة.
ولابن حزم رد قوى على أصحاب هذا التيار، ومما قاله فيهم في الفصل في الملل والنحل: "والله ما سمع سامع قط بأدخل في الكفر من قول من أوجب الشك في الله تعالى، وفي صحة النبوة فرضاً على كل متعلم لا نجاة له إلا به، ولا دين لأحد دونه، وإن اعتقاد صحة التوحيد لله تعالى وصحة النبوة باطل لا يحل، فحصل من كلامهم أن من لم يشك في الله تعالى، ولا في صحة النبوة فهو كافر، ومن شك فيهما فهو محسن مؤد ما وجب عليه، وهذه فضيحة وحماقة، اللهم إنا نبرأ إليك من هذا القول"(8).
ولا يعني ما سبق التسليم بكل ما نسمع ونرى، وإنما المقصود إعمال العقل مع الوقوف به عند حدوده التي حدها الإسلام له، فالشك العلمي القائم على أسس علمية ومنهجية لا شيء فيه، لكنه ليس مقدماً في الإسلام على اليقين، فلا مجال فيه للشك في أصل من أصوله أو مسلمة من مسلماته.
ثم كيف نعمل هذا المذهب في يقينيات مثل كتاب ربنا الذي لا ريب فيه، يقول الله تعالى: (ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)(9)، وهو القائل أيضا: (وَمَا كَانَ هَذَا القُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ الله وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ)(10) ، وقال تعالى (تَنْزِيلُ الكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ)(11).
فـ"الشك في أصل من أصول الدين كفر، والحمد لله لم يتعرض الإسلام لأزمة الشك واللاأدرية لقيامه على اليقين والإيمان، وأوضح أن أول واجب على المكلف النطق بالشهادتين والعمل بمقتضاهما، وبذلك لا يصح تطبيق قاعدة الشك قبل اليقين في أمر العقيدة بالذات"(12).
ـــــــــــ
الهوامش:
(1) التعريفات للجرجاني- دار الكتاب العربي- 1405: (ص:168).
(2) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة- دار الندوة: (2/1080).
(3) مذهب الشك ونقضه بالقرآن- د. إبراهيم بن محمد الحقيل- موقع مجلة البيان.
(4) المرجع السابق.
(5) الموسوعة الميسرة: (2/1081).
(6) شرح المقاصد في علم الكلام التفتازاني- دار المعارف النعمانية- باكستان- ط1- 1981م: (1/48).
(7) ميزان العمل- أبو حامد الغزالي الوفاة- دار الكتاب العربي- بيروت- 1403هـ-1983م: (ص:137).
(8) الفصل في الملل والنحل- لابن حزم- مكتبة الخانجي- القاهرة: (4/163).
(9) سورة البقرة، الآية: (2).
(10) سورة يونس، الآية: (37).
(11) سورة السجدة، الآية: (2).
(12) الموسوعة الميسرة: (2/1082).

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:56 PM
مذهب الشك؛ إفساد وضلال منهجي!

12-07-2014 |

مركز التأصيل للدراسات والبحوث

قال الجرجاني في تعريفاته إن: الشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك، وقيل الشك ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما، فإذا ترجح أحدهما ولم يطرح الآخر فهو ظن فإذا طرحه فهو غالب الظن وهو بمنزلة اليقين(1).


تعريف الجرجاني للشك:
قال الجرجاني في تعريفاته إن: الشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك، وقيل الشك ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما، فإذا ترجح أحدهما ولم يطرح الآخر فهو ظن فإذا طرحه فهو غالب الظن وهو بمنزلة اليقين(1).
مذهب الشك في الفلسفة الغربية:
الشك اتجاه فلسفي قديم نشأ في الفلسفة اليونانية على يد بيرون (ت: 275 ق.م) صاحب مذهب اللاأدرية كرد فعل على الفلسفة الرواقية، إذ امتنع عن الحكم على الأشياء بالإيجاب أو النفي؛ لأن الأشياء مظاهر لا يدري حقيقتها غير معترف بقدرة الحواس أو العقل، أو أي من أدوات المعرفة على تحقيق اليقين، ولذلك يدعو بيرون إلى الوقوف على الحياد دون المبالاة بشيء، سعياً وراء تحقيق الطمأنينة والسعادة، ولذا سمي شكه بالشك الأخلاقي، ثم تطور على يد السوفسطائيين أمثال بروتاجوراس وبورجياس (ت:380 ق.م) وغيرهما إلى القول باستحالة المعرفة وإنكار الحقائق المطلقة، وقالوا بإمكانية وجود الحقائق الجزئية المتعددة، وذلك على حسب تعدد الأفراد واختلاف الأحوال، إذ ردودها إلى الحس وحده(2).
ومذهب الشك هو العماد الذي يتكئ عليه الفكر الغربي المعاصر منذ أن دعا إلى الشك الفيلسوف رينيه ديكارت؛ إذ يقول: "أنا أشك إذن أنا موجود". والشك عند ديكارت هو خطوة التأمل الفلسفي الأولى والأساسية، وهو السبيل الأمثل للوصول إلى اليقين، وهو وسيلة للحصول على معرفة الحقيقة معرفة أكثر وضوحاً حين يقول: "الشك خطوة ضرورية لا بد من اتخاذها فخبرتي بالخطأ وتعرضي له منذ عهد بعيد واحتمال تجدده بفعل تلك الأحكام التي خضعت لها ولم أتبين صحتها، سواء كانت أحكاماً فرضها الغير من معلمين أو مرشدين، أو من وكّل إليهم أمري، أم أحكاماً فرضها عليّ الحس أو الخيال- وتعرضها للخطأ معروف- إن كل هذا يدعوني إلى الشك"(3).
أقسام الشك عند أصحابه:
1- الشك المنهجي، ويصفونه بالمعتدل، ويدّعون أن الغرض منه هو التوصل إلى الحقائق، ومن يأخذ بهذا الشك فهو أقرب إلى الموضوعية من الجامد أو الجاحد.
2- الشك المذهبي أو المعرفي؛ لأنه شك في أصل المعرفة، ويصفونه بالمتطرف: وهذا شك لا غرض منه سوى العبثية؛ لأنه هو في نفسه مذهب فلا ثوابت له، فصاحبه يشك ويشك في أنه يشك، وهو مذهب السوفسطائيين(4).
وهناك أنواع أخرى من الشك المطلق، كالشك الإيماني الذي غرضه الإيمان وليس الإنكار، فهو يعتمد على الوحي وحده، أو الكنيسة وحدها منبعاً للمعرفة، في الوقت الذي يفقد فيه الثقة في العقل والحواس، فالوحي بالمفهوم الكنسي هو مصدر الفكر عنده، وتقوم فلسفة هذا النوع على أساس عقيدة الخطيئة عند النصارى التي ظلت- في زعمهم- مرتبطة بأولاد آدم، عليه الصلاة والسلام، بعد أن عصي أمر ربه، ولذلك فإن الإنسان في نظرهم ملوث فطرياً وبذلك لا يستطيع أن يدرك الحقيقة على وجهها الصحيح، وبناء على ذلك فإن على الإنسان أن يسلم للوحي أو الكنيسة فقط في الحصول على المعرفة(5).
وهذا الشك قريب من شك المقلدة من الباطنية الذين يقولون أن الإنسان لا يخلق عالما، وإنما يكتسب العلم والمعرفة، وإن هذه المعرفة مصدرها الإمام المعصوم الذي حل فيه الإله، وليس مصدرها الوسائل المعرفة كالحس والعقل.
مذهب الشك عند أهل الكلام:
والشك كمذهب فلسفي كان له صداه في المحيط الإسلامي، وفي التراث الكلامي كثير من النصوص الدالة على تبني بعض المتكلمة من أصحاب الفرق لهذا المذهب، وعماد هذا المذهب عندهم يقوم على الشك في كل شيء، حتى ذهب البعض إلى القول بالشك في وجود الخالق- تبارك وتعالى- زعماً أن هذا الأمر يوصل إلى اليقين التام.
فقد روي عن أبي هشام الجبائي قوله: "أول الواجبات هو الشك لتوقف القصد إلى النظر عليه"(6).
وللغزالي مقولة يقول فيها: "الشكوك هي الموصلة إلى الحق . فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر، بقي في العمى والضلال"(7). ولهذا يعده البعض رائداً للمتكلمين من أهل القبلة في مذهب الشك، لكنه رجع في أواخر حياته عن كل هذا، فنسأل الله له الرحمة.
نقد مذهب الشك:
الشك مذهب باطل مهما تعددت طرقه وأقسامه، وقد قوبل برفض كبير من قبل المنظرين الإسلاميين في القديم والحديث، وما يسمى بالشك الإيماني ضلال ولا يقول به مسلم، فالإسلام يرى أن هذه الطريقة تناقض الفطرة، فهو مع إقراره أن الوحي طريق أصل للمعرفة لا يلغي العقل والحس وغيرهما بصفتهما وسائل للمعرفة حسب مجالات عملها المحكومة بقانون عالم الشهادة.
ولابن حزم رد قوى على أصحاب هذا التيار، ومما قاله فيهم في الفصل في الملل والنحل: "والله ما سمع سامع قط بأدخل في الكفر من قول من أوجب الشك في الله تعالى، وفي صحة النبوة فرضاً على كل متعلم لا نجاة له إلا به، ولا دين لأحد دونه، وإن اعتقاد صحة التوحيد لله تعالى وصحة النبوة باطل لا يحل، فحصل من كلامهم أن من لم يشك في الله تعالى، ولا في صحة النبوة فهو كافر، ومن شك فيهما فهو محسن مؤد ما وجب عليه، وهذه فضيحة وحماقة، اللهم إنا نبرأ إليك من هذا القول"(8).
ولا يعني ما سبق التسليم بكل ما نسمع ونرى، وإنما المقصود إعمال العقل مع الوقوف به عند حدوده التي حدها الإسلام له، فالشك العلمي القائم على أسس علمية ومنهجية لا شيء فيه، لكنه ليس مقدماً في الإسلام على اليقين، فلا مجال فيه للشك في أصل من أصوله أو مسلمة من مسلماته.
ثم كيف نعمل هذا المذهب في يقينيات مثل كتاب ربنا الذي لا ريب فيه، يقول الله تعالى: (ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)(9)، وهو القائل أيضا: (وَمَا كَانَ هَذَا القُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ الله وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ)(10) ، وقال تعالى (تَنْزِيلُ الكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ)(11).
فـ"الشك في أصل من أصول الدين كفر، والحمد لله لم يتعرض الإسلام لأزمة الشك واللاأدرية لقيامه على اليقين والإيمان، وأوضح أن أول واجب على المكلف النطق بالشهادتين والعمل بمقتضاهما، وبذلك لا يصح تطبيق قاعدة الشك قبل اليقين في أمر العقيدة بالذات"(12).
ـــــــــــ
الهوامش:
(1) التعريفات للجرجاني- دار الكتاب العربي- 1405: (ص:168).
(2) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة- دار الندوة: (2/1080).
(3) مذهب الشك ونقضه بالقرآن- د. إبراهيم بن محمد الحقيل- موقع مجلة البيان.
(4) المرجع السابق.
(5) الموسوعة الميسرة: (2/1081).
(6) شرح المقاصد في علم الكلام التفتازاني- دار المعارف النعمانية- باكستان- ط1- 1981م: (1/48).
(7) ميزان العمل- أبو حامد الغزالي الوفاة- دار الكتاب العربي- بيروت- 1403هـ-1983م: (ص:137).
(8) الفصل في الملل والنحل- لابن حزم- مكتبة الخانجي- القاهرة: (4/163).
(9) سورة البقرة، الآية: (2).
(10) سورة يونس، الآية: (37).
(11) سورة السجدة، الآية: (2).
(12) الموسوعة الميسرة: (2/1082).

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 07:58 PM
نصب المنجنيق في نسف شبهات عدنان إبراهيم
................................................
السبت, 13 جمادى الآخر 1433

سعد بن ضيدان السبيعي
..............................
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: فقد شاهدت ماتكلم به عدنان إبراهيم في برنامج اتجاهات على قناة الخليجية يوم السبت 15/5/1433هـ (7 ابريل 2012م)فقد أورد شبهات في قضايا عدة ليست بشيء حجج تهافت كالزجاج تخالها حقًّا وكل كاسر مكسور وهو مسبوق إليها ولم يأت بجديد وإنما تولى كبر نشرها والترويج لها فقط!
فقد ذكر شبه أوردها قديماً أهل البدع الكلامية بتقديمهم العقل على النقل وعدم احتجاجهم بأحاديث الآحاد في العقائد !
و أورد بعضها حديثاً أبو رية في كتاب أضواء على السنة فسحقه العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله في الأنوار الكاشفة .
وذكرها أبوعبية في تعليقه على "النهاية لابن كثير "فرد عليه الشيخ حمود التويجري في إتحاف الجماعة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة.
وكل ذلك بحمد الله ليس بشيء لمن رام الحق وطلبه ولم يتبع هواه وأما من طلب غير ذلك فلم ولن تزده كثرة الكتب والمناظرات إلا ضلالاً والله الموعد .

الشبهة الأولى: رد السنة بالعقل القاصر والفهم السقيم شأنه شأن العقلانيين من المعتزلة و من أتى من بعدهم.
ومن المعلوم أن قدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم (عقيدة السلف أصحاب الحديث (22)شرح السنة للإمام البغوى (1 / 171))وأدلة الشريعة ونصوصها وأحكامها جارية على ما يوافق العقول السليمة وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية هذا بما لا مزيد عليه وأنه ليس هناك تعارض بين العقل والنصوص الشرعية في كتابه درء تعارض العقل والنقل!
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة (4 / 1207)) لا يتصور أن يعارض العقل الصحيح الوحي أبدا ولكن الجاهل يظن أن تلك الشبهة عقلية وهي جهلية خيالية من جنس شبه السوفسطائية فالحاصل أنه إن عارض ما فهمه من النص بما هو الباطل كان جاهلا بالوحي ومدلوله وإن عارض مدلوله وحقيقته).

وقد قام عدنان إبراهيم برد نصوص السنة بعقله الناقص وفهمه الكاسد وإليك الأحاديث التي ذكرها وردها بهواه
* من ذلك مارواه البخاري (4 / 156) عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( فقدت أمة من بني إسرائيل لا يدري ما فعلت وإني لا أراها إلا الفأر إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشرب وإذا وضع لها ألبان الشاء شربت ) . فحدثت كعبا فقال أنت سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقوله ؟ قلت نعم قال لي مرار فقلت أفأقرأ التوراة ؟!.
قال عدنان (مستحيل أن يقول النبي هذا لأنه أخبر أنه ماجعل الله لمسخ نسل ولاعقب)!
وللجواب عن هذا أقول روى مسلم في صحيحه (4 / 2050)عن عبدالله بن مسعود قال ,قال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم إن الله عز و جل لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك.
والجمع بين الحديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجزم بأن الفأرة أمة من بني إسرائيل وقال ذلك قبل أن يوحى إليه أن الممسوخ لاعقب له ولانسل.
قال القرطبي في تفسيره (1 / 442):(إنما كان ظنا وخوفا لان يكون الضب والفأر وغيرهما مما مسخ، وكان هذا حدسا منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يوحى إليه أن الله لم يجعل للمسخ نسلا، فلما أوحى إليه بذلك زال عنه ذلك التخوف، وعلم أن الضب والفأر ليسا مما مسخ)
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7 / 160):(وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر في ذلك، ولذلك لم يأت الجزم عنه بشيء من ذلك، بخلاف النفي فإنه جزم به كما في حديث ابن مسعود)
وقال أيضاً في فتح الباري (6 / 353):(قد كانت القردة والخنازير قبل ذلك" وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا أراها إلا الفأر" وكأنه كان يظن ذلك ثم أعلم بأنها ليست هي)
واستدل عدنان بقول مجاهد أن المسخ معنوياً لا حسياً
أقول أثر مجاهد صحيح رواه ابن أبي حاتم في التفسير(617) والطبري في تقسيره (2 / 172) إلا أنه قول غريب يخالف ماأجمع عليه المفسرون
قال الطبري في جامع البيان (2 / 172):(حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:(ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين). قال: مسخت قلوبهم، ولم يمسخوا قردة، وإنما هو مثل ضربه الله لهم، كمثل الحمار يحمل أسفارا.
قال أبو جعفر: وهذا القول الذي قاله مجاهد، قول لظاهر ما دل عليه كتاب الله مخالف. وذلك أن الله أخبر في كتابه أنه جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت....هذا مع خلاف قول مجاهد قول جميع الحجة التي لا يجوز عليها الخطأ والكذب فيما نقلته مجمعة عليه. وكفى دليلا على فساد قول، إجماعها على تخطئته).

وقال القرطبي (1 / 443):(روي عن مجاهد في تفسير هذه الآية أنه إنما مسخت قلوبهم فقط، وردت أفهامهم كأفهام القردة. ولم يقله غيره من المفسرين فيما أعلم).
وقال ابن كثير في تفسيره(1 / 289):(وهذا سند جيد عن مجاهد، وقول غريب خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام وفي غيره، قال الله تعالى: { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ } الآية )

* كذلك رد عدنان حديث (فناء أمتي بالطعن والطاعون وأن الطاعون وخز الجن) بأن الطاعون انتهى ولا يموت به اليوم أحد وأن الطب الحديث يكذب هذا!
أقول الحديث في مسند أحمد (32 / 293)عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ " . فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الطَّاعُونُ ؟ قَالَ: " وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَفِي كُلٍّ شُهَدَاءُ "
وقد ساق الدارقطني في العلل (7 / 256)والبزار في مسنده(8 / 17)الخلاف في اسناده .
وعلى فرض صحته يجاب عنه بأن هذا مما لا تدركه عقول الأطباء ومما يؤيد أن الطاعون من وخز الجن وقوعه غالبا في أعدل الفصول وفي أصح البلاد هواء وأطيبها ماء والحديث أيضا لا ينافي أن يكون للطاعون أسبابا أخرى غير وخز الجن فتأمل.
قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (4 / 34): (وَهَذِهِ الْعِلَلُ وَالْأَسْبَابُ لَيْسَ عِنْدَ الْأَطِبّاءِ مَا يَدْفَعُهَا كَمَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَدُلّ عَلَيْهَا وَالرّسُلُ تُخْبَرُ بِالْأُمُورِ الْغَائِبَةِ وَهَذِهِ الْآثَارُ الّتِي أَدْرَكُوهَا مِنْ أَمْرِ الطّاعُونِ لَيْسَ مَعَهُمْ مَا يَنْفِي أَنْ تَكُونَ بِتَوَسّطِ الْأَرْوَاحِ فَإِنّ تَأْثِيرَ الْأَرْوَاحِ فِي الطّبِيعَةِ وَأَمْرَاضِهَا وَهَلَاكِهَا أَمْرٌ لَا يُنْكِرُهُ إلّا مَنْ هُوَ أَجْهَلُ النّاسِ بِالْأَرْوَاحِ وَتَأْثِيرَاتِهَا وَانْفِعَالِ الْأَجْسَامِ وَطَبَائِعِهَا عَنْهَا وَاَللّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ يَجْعَلُ لِهَذِهِ الْأَرْوَاحِ تَصَرّفًا فِي أَجْسَامِ بَنِي آدَمَ عِنْدَ حُدُوثِ الْوَبَاءِ وَفَسَادِ الْهَوَاءِ...) .
وقال العيني في عمدة القاري (31 / 343): (فإن قلت إن الشارع أخبر بأن الطاعون من وخز الجن فبينه وبين ما ذكر من الأقوال في تفسير الطاعون منافاة ظاهرا أقلت الحق ما قاله الشارع والأطباء تكلموا في ذلك على ما افتضته قواعدهم وطعن الجن أمر لا يدرك بالعقل فلم يذكروه على أنه يحتمل أن تحدث هذه الأشياء فيمن يطعن عند وخز الجن ومما يؤيد أن الطاعون من وخز الجن وقوعه غالبا في أعدل الفصول وفي أصح البلاد هواء وأطيبها ماء ولو كان من فساد الهواء لعم الناس الذين يقع فيهم الطاعون ولطعنت الحيوانات أيضا)
قال الزرقاني في شرح الموطأ (4 / 294)(في وقوعه في أعدل الفصول وأصح البلاد هواء وأطيبها ماء دلالة على أنه إنما يكون من طعن الجن لأنه لو كان بسبب فساد الهواء أو انصباب الدم إلى عضو فيحدث ذلك كما زعم الأطباء لدام ذلك لأن الهواء يفسد تارة ويصح أخرى والطاعون يذهب أحيانا ويجيء أحيانا على غير قياس ولا تجربة وربما جاء سنة على سنة وربما أبطأ سنين ولو كان من فساد الهواء لعم الناس والحيوان وربما يصيب الكثير من الناس ولا يصيب من هو بجانبهم ممن هو في مثل مزاجهم وربما يصيب بعض أهل بيت واحد ويسلم منه باقيهم)
قال المناوي في فيض القدير (4 / 444):(وفي الخبر المار اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون وقيل معناه أن غالب فنائهم بالفتن التي تسفك الدماء وبالوباء ولا يشكل بأن أكثر الأمة يموت بغيرهما لأن معنى الخبر الدعاء كما تقرر وقد استجيب في البعض أو أراد بالأمة طائفة مخصوصة كصحبه أو الخيار)

* كذلك رد عدنان حديث أن الشمس تسجد تحت العرش بأسس عقليه وعلمية!
أقول الحديث في حديث صحيح البخاري(4 / 1806)عن أبي ذر رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم في المسجد عند غروب الشمس فقال ( يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس ) . قلت الله ورسوله أعلم قال ( فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى { والشمس تجري لمستقر لها ذلك لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } )
ورشيد رضا في مجلة المنار(8/211)طعن في اسناده وقال بانقطاعه والحديث مخرج في الصحيحين وله عدة روايات انظرها في الأنوار الكاشفة (1 / 307)للعلامة المعلمي.
و سجود الشمس لا يعيق دورانها بل تسجد تحت العرش وهي في حال سيرها والمخلوقات كلها تحت العرش.
قال الإمام الخطابي كما في فتح الباري(13 / 349):(وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها).
وقال الشيخ عبدالله الغنيمان في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (1 / 335):(وكونها تسجد تحت العرش لا يقتضي مفارقتها لفلكها وانتظامها في مسيرها بالنسبة للأرض، فهي دائمة الطلوع على جزء من الأرض، والأوقات بالنسبة إلى أهل الأرض تختلف بمقدار سيرها.
ومعلوم أن تعاقب الليل والنهار واختلافهما يترتب على مسيرها، فربما يقول قائل: أين سجودها تحت العرش؟ ومتى يكون؟ وسيرها مستمر، وبعدها عن الأرض لا يختلف في وقت من الأوقات كما أن سيرها لا يتغير، كما هو مشاهد.
والجواب: أنها تسجد كل ليلة تحت العرش، كما أخبر به الصادق المصدوق، وهي طالعة على جانب من الأرض، مع سيرها في فلكها، وهي دائماً تحت العرش، في الليل والنهار، بل وكل شيء من المخلوقات تحت العرش، لكنها في وقت من سيرها، وفي مكان معين، يصلح سجودها، الذي لا يدركه الخلق، ولكن علم بالوحي، وهو سجود يناسبها على ظاهر النص.
أما التسخير: فهي لا تنفك عنه أبداً. والله أعلم).

الشبهة الثانية: ابطال النسخ في القرآن.
أخذ عدنان إبراهيم بقول أبي مسلم الأصفهاني المعتزلي بابطال النسخ في القرآن وهو بهذا يخرق الإجماع ويتابع اليهود!
فاليهود ينكرون النسخ لأنه يستلزم في زعمهم الباطل البداء وهو الظهور بعد الخفاء تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.
قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن (2 / 32)(لا خلاف في جواز نسخ الكتاب بالكتاب)
وقال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن (3 / 67)(النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير وقد أجمع المسلمون على جوازه)
استدل عدنان في ابطال النسخ بقوله تعالى: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) ويجاب عن هذا أن النسخ لا ينافي ذلك فربنا الذي أحكم آيات كتابه هو الذي أخبرنا بأنه يمحو مايشاء ويثبت!
واستدل أيضاً بقوله تعالى (ا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)
ويجاب عن هذا أن معنى الآية أن القرآن لم يتقدمه ما يبطله من الكتب ولا يأتي بعده ما يبطله.

وأجاب عدنان عن آيات النسخ كقول الله تعالى: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا }
بأن المراد بالآية هنا الآية الكونية لا الشرعية
وهذا يرده اجماع المفسرين على أن هذه الآية في نسخ الآيات الشرعية
روى الطبري (2 / 473) بسند جيد عن مجاهد:(ما ننسخ من آية)، نثبت خطها، ونبدل حكمها.
ثم قوله تعالى (نُنْسِهَا) يرد زعمه أن المراد الآيات الكونية فكيف ينسي الله نبيه الآيات الكونية فالمعنى لايستقيم اطلاقاً؟!
روى الطبري (2 / 474) من طريق عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله:(ما ننسخ من آية أو ننسها)، قال: كان الله تعالى ذكره ينسي نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء، وينسخ ما شاء.وسنده صحيح
قال الطبري (17 / 297):( يقول تعالى ذكره: وإذا نسخنا حكم آية ، فأبدلنا مكانه حكم أخرى، والله أعلم بما ينزل : يقول: والله أعلم بالذي هو أصلح لخلقه فيما يبدِّل ويغير من أحكامه، قالوا: إنما أنت مفتر يقول: قال المشركون بالله ، المكذبو رسوله لرسوله: إنما أنت يا محمد مفتر: أي مكذب تخرص بتقوّل الباطل على الله ، يقول الله تعالى بل أكثر هؤلاء القائلين لك يا محمد: إنما أنت مفتر جهال ، بأنّ الذي تأتيهم به من عند الله ناسخه ومنسوخه ، لا يعلمون حقيقة صحته.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ) قال أهل التأويل).
وتأول عدنان قوله تعالى( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
بأن المراد بالآية هنا الآية الكونية لا الشرعية وهذا يرده إجماع المفسرين على أن هذا في النسخ.
روى الطبري (17 / 297) عن مجاهد( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ) قال: نسخناها، بدّلناها، رفعناها، وأثبتنا غيرها.وسنده صحيح
وروى الطبري (17 / 297)عن قتادة، قوله( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ ) هو كقوله( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا ) .وسنده صحيح
ويرده أيضاً أن الله ذكر عن المشركين أنهم عند حصول النسخ والتبديل يصفون النبي صلى الله عليه وسلم بالافتراء فدل هذا على أن المراد هنا الآيات الشرعية لا الكونية وهذا واضح بحمد الله
قال ابن كثير في تفسيره(4 / 603): (يخبر تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وإيقانهم، وأنه لا يتصور منهم الإيمان وقد كتب عليهم الشقاوة، وذلك أنهم إذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا للرسول: { إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ } أي: كذاب وإنما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد).

الشبهة الثالثة : رد أحاديث الآحاد لأنها ظنية فلا تقبل في المسائل العلمية دون العملية
وهذه فرية كبرى وليست وليدة اليوم ,وأخبار الآحاد تفيد العلم اليقيني إذا احتفت بها القرائن على الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن رجب الحنبلي و ابن حجر العسقلاني
قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (7 / 516): (و خبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن)
وفي الفتاوى الكبرى (5 / 79) : (الصحيح أن خبر الواحد قد يفيد العلم إذا احتفت به قرائن تفيد العلم)
وفي فتح الباري لابن رجب (1 / 174): (خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن ؛ فنداء صحابي في الطرق والأسواق بحيث يسمعه المسلمون كلهم بالمدينة ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بها موجود لا يتداخل من سمعه شك فيه أنه صادق فيما يقوله وينادي به).
قال الحافظ ابن حجر في نخبة الفكر :( وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يُفِيدُ العِلْمَ النَّظَرِيَّ بِالقَرَائِنِ عَلَى المُخْتَارِ )
وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن أحاديث الآحاد يعمل بها وتقبل في باب الإعتقاد.
قال الإمام الشافعي في كتاب الرسالة (212) : (ووجدنا عطاء وطاوس ومجاهد وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد وعبيد الله بن أبي يزيد وعبد الله بن باباه وابن أبي عمار ومحدثي المكيين ووجدنا وهب بن منبه هكذا ومكحول بالشام وعبد الرحمن بن غنم والحسن وابن سيرين بالبصرة والاسود وعلقمة والشعبي بالكوفة ومحدثي الناس وأعلامهم بالامصار كلهم بحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله والانتهاء إليه والافتاء به ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه وقبله عنه من تحته ولو جاز لاحد من الناس أن يقول في علم الخاصة أحمع المسلمون قديما وحديثا على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي ولكن أقول لم أحفظ عن فقهاء المسلمين انهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد بما وصفت من أن ذلك موجودا على كلهم)
وقال الحافظ ابن حبان في صحيحة (1 / 156): ( فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد " ، إلى أن قال : " " وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد ، فقد عمد إلى ترك السنن كلها ، لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد ).
وقال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد(1 / 2): (وأجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وايجاب العمل به اذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو أجماع على هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة الى يومنا هذا الا الخوارج وطوائف من أهل البدع شرذمة لا تعد خلافا).
وقال في التمهيد(1 / 8): (وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ويعادى ويوالى علها ويجعلها شرعا ودينا في معتقده على ذلك جماعة أهل السنة).
قال ابن تيمية كما المسودة في أصول الفقه (248): (مذهب أصحابنا أن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لإثبات أصول الديانات).
وانظر رسالة وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة، والرد على شبه المخالفين للشيخ الألباني الله رحمه .

الشبهة الرابعة : رد أحاديث المهدي.
ذكر أنه لم يصح في خروج المهدي حديث والبخاري ومسلم لم يخرجا في صحيحهما أي حديث فيه ذكر المهدي !
أقول البخاري ومسلم وإن لم يخرجا شيء من ذكر الأحاديث التي جاء فيها ذكر المهدي بالمنطوق إلا أنهما خرجا أحاديث يفهم منها ذلك
ثم إن البخاري ومسلم لم يلتزما بإخراج كل الأحاديث الصحيحة في كتابيهما كما هو مقرر في علم الحديث
وقد صح في خروج المهدي أحاديث قال العقيلي في الضعفاء (2 / 75): (وفى المهدى أحاديث صالحة الأسانيد)
وقال في (3 / 253): (وفى المهدي أحاديث جياد)
بل إن الأحاديث التي جاءت في المهدي متواترة
قال أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري في كتاب مناقب الشافعي : (وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يؤم الأرض عدلا وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه). انظر المنار المنيف (142)
وقال القرطبي في تفسيره (8 / 121): (الأخبار الصحاح قد تواترت على أن المهدي من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وقال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (8 / 254): (الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره).
وقال السفاريني في لوامع الأنوار البهية (2 / 84): (قد كثرت الأقوال في المهدي حتى قيل لا مهدي إلا عيسى ، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم) .
وقال الشوكاني في التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح : (الأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا ، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهي متواترة بلا شك وشبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضا ، لها حكم الرفع ؛ إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك ).

الشبهة الخامسة : أنكر عدنان نزول عيسى عليه السلام أخر الزمان
مستدلا بقول الله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) وخلت بمعنى بادت.
أقول نزول عيسى عليه السلام جاءت الإشارة إليه في القرآن في موضعين قال الله تعالى: { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ }
روى الطبري (9 / 380)بسند صحيح عن ابن عباس:"وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته"، قال: قبل موت عيسى ابن مريم.
قال الطبري (9 / 386): (وأولى الأقوال بالصحة والصواب، قول من قال: تأويل ذلك:"وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى".
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب من غيره من الأقوال، لأن الله جل ثناؤه حكم لكل مؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم بحكم أهل الإيمان، في الموارثة والصلاة عليه،وإلحاق صغار أولاده بحكمه في الملة. فلو كان كل كتابيّ يؤمن بعيسى قبل موته، لوجب أن لا يرث الكتابيّ إذا مات على مِلّته إلا أولاده الصغار، أو البالغون منهم من أهل الإسلام، إن كان له ولد صغير أو بالغ مسلم. وإن لم يكن له ولد صغير ولا بالغٌ مسلم، كان ميراثه مصروفًا حيث يصرف مال المسلم يموت ولا وارث له، وأن يكون حكمه حكم المسلمين في الصلاة عليه وغَسْله وتقبيره لأن من مات مؤمنًا بعيسى، فقد مات مؤمنًا بمحمد وبجميع الرسل. وذلك أن عيسى صلوات الله عليه، جاء بتصديق محمد وجميع المرسلين صلوات الله عليهم، فالمصدّق بعيسى والمؤمن به، مصدق بمحمد وبجميع أنبياء الله ورسله. كما أن المؤمن بمحمد، مؤمن بعيسى وبجميع أنبياء الله ورسله. فغير جائز أن يكون مؤمنًا بعيسى من كان بمحمد مكذِّبًا)
وقال ابن كثير في تفسيره(2 / 47): (والضمير في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } عائد على عيسى، عليه السلام، أي: وإن من أهل الكتاب إلا يؤمن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة، على ما سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلّهم؛ لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام).
وقال الله تعالى: { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) قرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة ومالك بن دينار والضحاك " وإنه لعَلَم للساعة " (بفتح العين واللام) أي أمارة.
قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة أيضا: إنه خروج عيسى عليه السلام، وذلك من أعلام الساعة، لان الله ينزله من السماء قبيل قيام الساعة، كما أن خروج الدجال من أعلام الساعة.انظر تفسير القرطبي(16 / 105)

والأحاديث التي جاءت في نزول عيسى عليه السلام في صحيح مسلم وهى أحاديث متواترة
نص على تواترها الطبري في تفسيره(6 / 458)
وقال ابن كثير في تفسيره(7 / 236): (وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى ابن مريم، عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا).
وقال الشوكاني في فتح القدير - (1 / 807): (قد تواترت الأحاديث بنزول عيسى).
فرد هذا مكابرة ظاهرة وعمى بالبصيرة!

الشبه السادسة: قتل معاوية لحجر بن عدي رضي الله عنه وقد أشار عدنان إلى هذا في قصة ذكرها.
وحجر بن عدي وقع الخلاف في صحبته قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (11/228) : ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من الصحابة , وذكر له وفادة , ثم ذكره في الأولى من تابعي أهل الكوفة . وقال أبو أحمد العسكري : أكثر المحدثين لا يصححون له صحبة .
قال الحافظ ابن حجر في ( الإصابة ) (1/313) : وأما البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط وابن حبان فذكروه في التابعين وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة.
وانظر قصة حجر بن عدي في كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد (6/151) والاستيعاب (174) والبداية والنهاية (11/229) , والإصابة (2/37) .
قال ابن العربي في « العواصم من القواصم » (211) :« فإن قيل : قتل حجر بن عدي – وهو من الصحابة مشهور بالخير- صبراً أسيراً يقول زياد : وبعثت إليه عائشة في أمره فوجدته قد فات بقتله ، قلنا علمنا قتل حجر كلنا واختلفنا فقائل يقول قتله ظلماً وقائل يقول قتله حقاً .
فإن قيل : الأصل قتله ظلماً إلا إذا ثبت عليه ما يوجب قتله قلنا الأصل أن قتل الإمام بالحق فمن ادعى أنه بالظلم فعليه الدليل ولو كان ظلماً محضاً لما بقي بيت إلا لعن فيه معاوية وهذه مدينة السلام دار خلافة بني العباس – وبينهم وبين بني أمية ما لا يخفى على الناس – مكتوب على أبواب مساجدها : « أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنهم .
ولكن حجراً – فيما قال - رأى من زياد أموراً منكرة فحصبه وخلعه وأراد أن يقيم الخلق للفتنة فجعله معاوية ممن سعى في الأرض فساداً.
وقد كلمته عائشة في أمره حين حج فقال لها : دعيني وحجراً حتى نلتقي عند الله وأنتم معشر المسلمين أولى أن تدعوهما حتى يقفا بين يدي الله مع صاحبهما العدل الأمين المصطفى المكين وما أنتم ودخولكم حيث لا تشعرون فما لكم لا تسمعون ؟ » ا.هـ.
أخرج ابن عساكر في « تاريخه » (12/230) بسنده إلى ابن أبي مليكه قال : عن معاوية جاء يستأذن على عائشة فأبت أن تأذن له فخرج غلام لها يقال له ذكوان قال : ويحك أدخلني على عائشة فإنها قد غضبت علي فلم يزل بها غلامها حتى أذنت له وكان أطوع مني عندها فلماذا دخل عليها قال : أمتاه فيما وجدت علي يرحمك الله ؟ قالت : وجدت عليك في شأن حجر وأصحابهم أنك قتلتهم فقال لها : وأما حجر وأصحابه فإنني تخوفت أمرا وخشيت فتنة تكون تهراق فيها الدماء وتستحل فيها المحارم وأنت تخافيني دعيني والله يفعل بي ما يشاء قالت : تركتك والله تركتك والله تركتك والله .
من طريق الإمام أحمد عن عفان عن ابن علية عن أيوب عن عبدالرحمن بن أبي مليكة .
وأخرج ابن عساكر في « تاريخه » (12/229) : لما قدم معاوية دخل على عائشة فقالت أقتلت حجرا ؟ قال يا أم المؤمنين إني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خير من استحياءه في فسادهم بمثل الطريق السابق .

وقام عدنان بالطعن في معاوية رضى الله عنه ووصف ملكه بأنه عضوض
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في سؤال في يزيد بن معاوية من « جامع المسائل » (5/154) : « وجرى بعد موت معاوية من الفتن والفرقة والاختلاف ما ظهر به مصداق ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول : « سيكون نبوة ورحمة ثم يكون خلافة نبوة ورحمة ثم يكون ملك ورحمة ثم يكون ملك عضوض » فكانت نبوة النبي صلى الله عليه وسلم نبوة ورحمة ، وكانت خلافة الخلفاء الراشدين خلافة نبوة ورحمة ، وكانت إمارة معاوية ملكاً ورحمة ، وبعده وقع ملك عضوض » .
وقال شيخ الإسلام في « الفتاوى » (35/27) : « فهذا يقتضي أن شوب الخلافة بالملك جائز في شريعتنا ، وأن ذلك لا ينافي العدالة ، وإن كانت الخلافة المحضة أفضل وكل من انتصر لمعاوية وجعله مجتهداً في أموره ولم ينسبه إلى معصية فعليه أن يقول بأحد القولين . إما جواز شوبها بالملك ، أو بعدم اللوم على ذلك » .
ومعاوية رضي الله عنه من خير الملوك بالإجماع قاله ابن تيمية في « الفتاوى » (4/478).. وانظر : سير أعلام النبلاء (3/159) وشرح الطحاوية (2/302) والبداية والنهاية (11/439).
هذه بعض الشبه والمسائل التي تعرض لها عدنان إبراهيم أحببت بيان تهافتها وأنها سراب بقيعة..

وكتب/
سعد بن ضيدان السبيعي
الداعية بوزارة الشؤوت الإسلامية
19/5/1433هـ
s-subaei@hotmail.com

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:01 PM
وهذا المقال له ارتباط بنقد منهج عدنان ابراهيم :

عرض ونقد لأباطيل محمد الجابري في كتابه «مدخل إلى القرآن الكريم»

الأربعاء, 07 محرم 1434


مؤسسة الدرر السنية

يشعر عنوان الكتاب الذي يفترض أن يكون في التعريف بالقرآن أن يشتمل على مباحث تحيط القارئ علمًا بالقرآن وعلومه، ومع ذلك فالكتاب كان قاصرًا، ولم يتعرض لكثير من المباحث المهمة في التعريف بالقرآن الكريم، وأنه إنما ردد كثيرًا مما ذهب إليه المستشرقون وأتباعهم من المسلمين، وأنه عرض لكثير من الشبهات والشكوك، وإلا فلماذا- على سبيل المثال- اتجه الدكتور الجابري إلى البحث عن أدلة احتمال نقص القرآن، ولم يتجه إلى الأدلة اليقينية الدالة على كماله.
وسوف نعرض لبعض المؤاخذات التي أخذت على الكتاب ومنها:
أولا: ادعاؤه انتشار التوحيد في الجزيرة العربية قبل بعثة النبي صلى الله عليه، كما في الفصل الأول والثاني.
ويجاب عن هذا الادعاء بعدد من الأمور منها:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم صوَّر لنا حال البشر قبل بعثته، فقال فيما يرويه عن ربه: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرؤه نائماً ويقظان... [صحيح مسلم].
- كذلك ما قرره علماء السير وأصحاب التواريخ في بيان حال الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وما كانوا يدينون به من ديانات، تخالف ما يفهم من كلام المؤلف، فالبشرية آنذاك كانت في أشد الحاجة إلى بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: تحريفه معنى (الأمي) وادعاؤه معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة والكتابة، كما في الفصل الثالث ص77 .
قام الجابري بلي أعناق النصوص لتوافق رأيه، ورتب على هذا أن الأمية ليست علامة على معجزة، كما في (ص 92).
ولا شك أن هذا الادعاء الذي لم يقم عليه دليل معتبر هو ترويج لفكر المستشرقين، والذي أرادوا به أن يوجدوا طريقًا للطعن في القرآن، والقول بإمكانية أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ونقل من كتب قديمة سبقته.

ثالثًا: تشكيكه في النص القرآني واحتمال ضياع شيء منه:
فيقول متسائلًا (ص 223) : هل المصحف الإمام الذي جُمع زمن عثمان يضم القرآن كله: جميع ما نزل من آيات وسور، أم أنه سقطت منه أو رُفعت منه أشياء حين جمعه ؟ وأجاب عن ذلك بقوله: إن جميع علماء الإسلام من مفسرين ورواة حديث وغيرهم يعترفون بأن ثمة آيات وربما سُورا قد سقطت، ولم تدرج في نص المصحف، بمعنى أن الله رفعها ثم أخذ يذكر أنواع والنقص كما في (ص 223) وهذا لاشك من التلبيس والتضليل، فالنسخ ليس نقصًا، وقد أجمعت الأمة أن القرآن الذي نزل ولم ينسخ لا ينقص منه حرف واحد.
ثم يقول في ختام المبحث ص 232: و خلاصة الأمر ليس ثمة أدلة قاطعة على حدوث زيادة أو نقصان في القرآن كما هو في المصحف بين أيدي الناس منذ جمعه زمن عثمان . و أما قبل ذلك فالقرآن كان مُفرقا في صُحف و في صدور الصحابة ، و من المؤكد أنه ما كان يتوفر عليه هذا الصحابي أو ذاك من القرآن مكتوبا أو محفوظا ، كان يختلف عما كان عند غيره كما و ترتيبا. و من الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه زمن عثمان أو قبل ذلك . فالذين تولّوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين ، و قد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا
ومفهوم قوله: وقع تدارك بعض النقص كما في مصادرنا. أنه قد ضاعت من القرآن الكريم آيات لم تُستدرك.

رابعا: نقد موقفه من قصص القرآن الكريم
- اعتباره القص القرآنـي نوعـاً من ضرب المثـل:
يقول كما في ص 257: ..إن قصصه على الرغم من أنها قصص أنبياء فعلا فإن حكيه لا يخضع لمسار حياة الأنبياء الذين يورد قصصهم بل يعرض في كل مرة ما يناسب الدعوة المحمدية في مرحلة من المراحل القصص القرآني هو نوع من ضرب المثل.
ثم يقول: فكما أننا لا نسأل عن صحة القصة التي وراء الأمثال، فكذلك القصص القرآني في نظرنا، والصدق في هذا المجال لا يُلتمس في مطابقة أو عدم مطابقة شخصيات القصة والمثل للواقع التاريخي، بل الصدق فيه مرجعه مخيال المستمع ومعهوده.
ثم يقول: الغرض من المثل والقصص في القرآن غرض واحد. اهـ.
فقصر أهداف قصص القرآن على الموعظة وضرب المثل واستخلاص العبرة.
- زعم أن الأصالة و الإبداع في قصص القرآن تتمثلان في طريقة عرض القرآن لها مع إغفاله الجوانب الأخرى، فقال ص 423: والحق أن الأصالة والإبداع في القرآن وفي القص خاصة هما في طريقته الخاصة في عرض القصص.
- جعله علاقة قصص القرآن بقصص التوراة علاقة تصديق، وحكاية، ومطابقة إلى حد كبير، فيقول ص422: إن علاقة القرآن بالتوراة والإنجيل علاقة تصديق بصورة عامة بل يمكن القول إنها في مجال القصص علاقة حكاية بمعنى أن القرآن يحكي ما ورد في التوراة من أخبار بني إسرائيل. ويقول ص 260: القرآن يحكي ما ورد في التوراة من أخبار أنبياء بني إسرائيل.
ويقول ص 259: والواقع أن جُلَّ الحوادث التاريخية التي يحكيها قصص القرآن عن أنبياء بني إسرائيل يتطابق إلى حدٍّ كبير مع ما جاء في التوراة والإنجيل.

خامسًا: التقليل من شأن كتب التفسير
يقول: (لا تحاول هذه الدراسة، بل لا تريد، أن تكمل، أو تفسر القصص القرآني بما ورد في الإسرائيليات أو غير ذلك من الموروث القديم). ثم عاد في الهامش فاستدرك فقال: (قد نضطر إلى أن نذكر في الهامش ما هو ضروري لشرح كلمةٍ أو بيان مسألةٍ مما ذكره المفسرون من مخايلهم وموروثهم الثقافي؛ ليس لأن ما ذكروه صحيح، بل لكونه يعبر عن فهم العرب، والقرآن خاطب العرب حسب معهودهم، وأراد منهم أن يفهموا في إطار ما يخاطبهم به) ومع ذلك قد أخذ من الإسرائيليات كما في المأخذ التالي.

سادسًا: نقله من الإسرائيليات في بيان الآيات، فيما لا حاجة له.
ومن أمثلة ذلك:
فسَّر النعجة في قصة داود في سورة (ص) بالمرأة فقال (ص273): قيل: سوَّلت له نفسه أَخْذَ تلك المرأة.
ذكر عن ملكة اليمن أن سليمان تزوَّجها وكان يزورها في كل شهر مرة، يقيم عندها ثلاثة أيام ثم يعود على البساط، ثم أمر الجن فبنوا له ثلاثة قصور... . كما في ص 275. إلى غير ذلك

سابعًا: دعوة المؤلف إلى ترتيب المصحف حسب النزول وإبراز أهميته. وهذه دعوة استشراقية قديمة، وكل محاولة لإعادة ترتيب القرآن كله حسب النزول فإنها ستبوء بالفشل.

ثامنًا: ما يفهم منه الانتقاص من القرآن
ويفهم ذلك من أمرين، أحدهما تسويته القرآن بالتوراة والإنجيل ، فقد قال ص 194: لا يتميز القرآن عن حقيقة التوراة والإنجيل لا بمصدره و لا بمحتواه ، وإنما يتميز بكونه نزل بلسان عربي مبين.
والثاني التقليل من قدر المعجزة القرآنية فقد ادعى أن الإعجاز ليس محصورا في المعجزة القرآنية وإنما يشمل أيضا أعمالا إبداعيه من الشعراء والكتاب الكبار. فقال ص 94 : وهل يستطيع اليوم أمهر الكتاب وأعلاهم شأنا أن يأتي بمثل القرآن، أو بمثل سورة من سوره، بل لا أحد من الشعراء اليوم يمكن أن يأتي بشعر يُماثل شعر المتنبي، ولا بخطبة مماثلة لخطبة قس بن ساعدة، أو بمقامة من جنس مقامات الهمذاني أو الحريري ، بل لا بقصائد تتطابق مع قصائد نزار قباني. ذلك لأن الإبداع في القول كما في الرسم و النحت ، كما في الفكر و الفلسفة ، لا يمكن تقليده بسبب بسيط هو أن التقليد بالتعريف : غير الإبداع. و الوحي المحمدي – القرآن- إذا نُظر إليه من المنظور الأدبي فهو قمة البلاغة و الإبداع . و أما من المنظر الديني فهو تجربة روحية فريدة.

تاسعًا: وقوعه في أخطاء منهجية:
- من الأخطاء المنهجية أن كثيرًا من آراء الجابري ومقرراته بناها على روايات تاريخية بلا تمحيص ولا تحقيق ولا نظر في أسانيدها ومتونها، ومعرفة الصحيح منها والمردود . وكثير منها لا يصح، ومع ذلك دعم بها شبهاته وشذوذاته وأخطائه.
- من الأخطاء المنهجية: تسوية الجابري بين مصادره ، فكل ما يجده في التراث فهو في درجة سواء، لذا يقول ص25: من الناحية المبدئية لا نستثني أي مصدر عربيا كان أو غير عربي إسلاميا كان أو غير إسلامي المهم عندنا هو ما يقدمه لنا هذا المصدر من معلومات تكون لها فائدة في بحثنا.
- من الأخطاء المنهجية تساهله في قبول روايات شاذة وغريبة ومنكرة ، وجعلها من المحتملات، مع رفض بعض الأحاديث الصحيحة التي أوردها.

عاشرًا: ادعاؤه أن عيسى عليه السلام لم يأت بكتاب
يقول الجابري عن دعوة عيسى عليه السلام ص 40: ((وكما ذكرنا قبل ، كانت دعوته شفوية ، فهو لم يأت بكتاب مُنزل، و إنما كان يقوم بعظات متنقلا من مكان إلى آخر من فلسطين)). و هو قال بهذا مجاريا لقول مؤرخي الدين النصراني الغربيين من أن عيسى لم يترك كتابًا منزلًا.

هذه بعض الأباطيل المبثوثة في هذا الكتاب، وقد استعرضناها بصورة مختصرة، وإلا فهناك ردود مطولة تناولتها.
والحمد لله رب العالمين

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:03 PM
السلسلة مستمرة فى جمع كل المواد النقدية والمفندة لشبه الخنفشارى عدنان ابراهيم .
وهى ستكون من خارج الرابط المذكور وسأرفع مقاطع فيديو وملفات صوتية كذلك .

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:36 PM
شبهات حول أحاديث المهدي
الثلاثاء, 18 شعبان 1435
إسلام ويب

أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة بظهور رجل في آخر الزمان من آل بيته يوافق اسمه اسم النبي - صلى الله عليه وسلم- واسم أبيه اسم أبيه ، يتولى إمرة المسلمين ، يملك سبع سنين ، ويصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه ، ويؤيد الله به الدين ، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، ويكتب الله على يديه خيراً كثيراً ، وتنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط ، فتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء قطرها ويعطى المال بغير عدد.

وهذه الأحاديث رواها الأئمة في الصحاح والسنن والمعاجم والمسانيد ، وأفردها بعضهم بالتأليف كأبي نعيم ، و السيوطي ، و ابن كثير ، و الشوكاني وغيرهم ، وعدها بعضهم من المتواتر تواتراً معنوياً ، ومن هذه الأحاديث :

بعض الأحاديث الواردة في شأن المهدي

- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي ) رواه الترمذي و أبو داود ، وفي رواية لأبي داود ( يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ) .

- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين ) رواه أبو داود وغيره .

- حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) . رواه أبوداود .

- حديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ) رواه أحمد و ابن ماجه .

- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال : ( يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً (يعني حججا) أخرجه الحاكم ووافقه الذهبي .

- حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: ( ينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا ، إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة ) رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بإسناد جيد كما قال ابن القيم في المنار المنيف .

وقد ردَّ بعض المعاصرين هذه الأحاديث ، وشككوا في نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، واعتبرها البعض خرافة لا تتفق والعقل الصحيح ، متعللين ببعض الشبه التي سنناقش أهمها في هذه السطور .

عدم إخراج صاحبي الصحيح أحاديث المهدي

فمن الشبه التي أثيرت حول أحاديث المهدي أن صاحبي الصحيح لم يعتدا بهذه الروايات ، ولذلك لم يذكرا شيئاً منها في كتابيهما ، مع أنهما في المقابل أخرجا حديث القحطاني الذي يسوق الناس بعصاه ، والذي أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الساعة لا تقوم حتى يخرج ، مما يدل على ضعف هذه الأحاديث عندهما ، ولو كان شيء منها صحيحاً لذكروه كما ذكروا غيره .

والجواب أن عدم إيراد الشيخين شيئاً من الأحاديث المتعلقة بالمهدي لا يدل على ضعفها ، لأنه كما هو معلوم أن السنة لم تدون كلها في الصحيحين فقط ، بل ورد في غيرهما أحاديث كثيرة صحيحة في السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها من دواوين الحديث .

ولم يقل أحد - حتى صاحبا الصحيح أنفسهما - أنهما قصدا اسـتيعاب الصحيح كله في كتابيهما ، حتى يحكم بأن كل ما لم يخرجاه ضعيف عندهما ، بل جاء عنهما التصريح بخلاف ذلك - كما نقل عنهما الأئمة - .

قال الإمام ابن الصلاح رحمه الله في كتابه " علوم الحديث " : "لم يستوعبا - يعني البخاري و مسلم - الصحيح في صحيحيهما ، ولا التزما ذلك فقد روينا عن البخاري أنه قال : " ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحيح لحال الطول " ، وروينا عن مسلم أنه قال : " ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا - يعنى في كتاب الصحيح - إنما وضعت هنا ما أجمعوا عليه " أهـ .

وقال النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم (1/24) - بعد أن ذكر إلزام جماعة لهما إخراج أحاديث على شرطهما ولم يخرجاها في كتابيهما- : " وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح ، بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جُمَل من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جُمَل من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله " أهـ .

ولذلك نجد أنهما قد يصححان أحاديث ليست في كتابيهما كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده بل في السنن وغيرها .

ومن المعلوم أيضاً أن المقبول عند المحدثين أعم من الصحيح فهو يشمل الصحيح لذاته ، والصحيح لغيره ، والحسن لذاته ، والحسن لغيره ، والصحيح موجود في الصحيحين وفي غيرهما ، أما الحسن فمظانه في غير الصحيح .

والعلماء رحمهم الله قسموا الصحيح بحسب القوة إلى مراتب سبع :

1. صحيح اتفق الشيخان على إخراجه .

2. صحيح انفرد بإخراجه البخاري عن مسلم .

3. صحيح انفرد بإخراجه مسلم عن البخاري .

4. صحيح على شرطهما معاً ولم يخرجاه .

5. صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه .

6. صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه .

7. صحيح لم يخرجاه وليس على شرطهما معاً ، ولا على شرط واحد منهما .

وليس في الصحيحين من هذه المراتب إلا الثلاث الأولى ، أما الأربع الباقية فلا وجود لها إلا خارج الصحيحين .

ولم يزل دأب العلماء في جميع العصور الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة بل والحسنة الموجودة خارج الصحيحين ، والعمل بها مطلقاً ، واعتبار ما دلت عليه ، من غير حط من شأنها أو تقليل من قيمتها ، سواء أكان ذلك في أمور الاعتقاد أو في أمور الأحكام.

على أننا نقول إن أحاديث الصحيح وإن لم يرد فيها التصريح بذكر المهدي على جهة التفصيل ، إلا أنه قد وردت أحاديث في الصحيح تدل إجمالاً على ظهور رجل صالح يؤم المسلمين عند نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، يصلي عيسى ابن مريم خلفه .

ومن ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري رحمه الله في باب نزول عيسى بن مريم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ) ، والحديث أخرجه مسلم عن جابر رضي اللّه عنه أنه سمع النبي - صلى اللّه عليه وسلم - يقول: ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ) .

وجاء ما يفسر هذه الأحاديث في السنن والمسانيد وغيرها ، ويبين اسم هذا الأمير- الذي يصلى عيسى عليه الصلاة والسلام خلفه - وصفته وأنه هو المهدي ، والسنة يفسر بعضها بعضاً .

ومنها حديث جابر الذي رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده ، قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم- : ( ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض ، تكرمة الله لهذه الأمة ) قال ابن القيم في كتابه " المنار المنيف " : وهذا إسناد جيد ، وصححه الألباني في السلسلة ، مما يدل على أن أصل هذه الأحاديث موجود في الصحيح .

تعارض الأحاديث واختلافها

ومن الشبه المثارة أن الروايات الواردة في شأن المهدي فيها من التعارض والتناقض والاختلاف ، ووقوع الإشكالات في معانيها ، ما يتعذر معه الجمع بينها ، ويجعلنا نجزم أنها ليست من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

ومن ذلك الروايات التي تفيد بأنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وهي تدل على خلو الأرض تماماً قبل زمنه من أهل الحق والخير ، وانتهاء الشر والفساد بظهوره .

مما يعارض الأحاديث الثابتة التي تفيد بقاء طائفة من الأمة في كل زمان على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر اللّه ، ويعارض كذلك وجود الشر والصراع بين الحق والباطل في زمنه .

أضف إلى ذلك أنه قد ورد ما يعارض ظهور أي مهدي غير عيسى عليه السلام وذلك في حديث ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) .

والجواب أن التعارض إنما نشأ عن الروايات غير الصحيحة ، ودعاوى المهدية التي ادعتها طوائف عبر التاريخ فحاولت كل طائفة أن تؤيد دعواها بهذه الأحاديث الباطلة ، والمثبتون لأحاديث المهدي من أهل السنة لم يقولوا بأن كل ما ورد في شأنه هو من قبيل الصحيح المحتج به ، بل إنهم متفقون على أن فيها الصحيح وفيها الحسن وفيها الضعيف ، وفيها الموضوع أيضاً ، فما كان منها موضوعاً أو ضعيفاً فلا حجة فيه ولا يلتفت إليه ولا يعارض به غيره .

وأما ما صح منها فهو مؤتلف غير مختلف ، ومتفق غير مفترق ، وهو يتعلق بشخص واحد يأتي في آخر الزمان قبيل خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام ، وهو محمد بن عبد اللّه الموصوف بالمهدي .

وأما ما دلت عليه أحاديث المهدي من امتلاء الأرض ظلماً وجوراً قبل خروجه ، وامتلائها عدلاً في زمانه ، فليس فيها أي دلالة على خلو الأرض تماماً من أهل الحق ، واضمحلال الخير وتلاشيه قبل ظهوره ، وإنما المقصود منها كثرة الشر وظهور الغلبة لأهله ، ولا يعني ذلك بالضرورة عدم وجود طائفة على الحق قائمة بأمر الله .

كما لا يعني انتشار العدل في زمن المهدي ألا يكون للشر والباطل أي وجود ، لأن المقصود كثرة الخير ، وقوة أهل الإسلام ، وحصول الغلبة والعاقبة هم ، وقهرهم لعدوهم ، وهذا لا ينفي وجود أشرار مغمورين في ذلك الزمان .

وسنة اللّه في خلقه أن يستمر الصراع بين الحق والباطل ، وأن يقوى في بعض الأزمان جانب الخير على جانب الشر ، وفي أزمان أخرى يقوى جانب الشر على جانب الخير ، ولا تخلو الأرض من الأخيار إلا قبيل الساعة حين تقوم على شرار الخلق ، ولا يبقى فيها من يقول الله الله .

وأحاديث المهدي نفسها تدل على أن الحق مستمر لا ينقطع فكيف يعارض بها غيرها ! فإن من الأحاديث التي أصلها في الصحيحين ووردت مفسرة في غيرهما – كما سبق – الحديث الذي رواه مسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ، قال : فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم : تعال صلّ لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة اللّه هذه الامة ) .

وأما الحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره : ( لا يزداد الأمر إلا شدة ، ولا الدنيا إلا إدباراً ، ولا الناس إلا شحاً ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم ) .

فهو حديث ضعيف جداً لأن مداره على محمد بن خالد الجندي ، قال فيه الذهبي ( ميزان الاعتدال 3/535) : " قال الأزدي : منكر الحديث ، وقال أبو عبد الله الحاكم : مجهول ، قلت – القائل الذهبي – : حديثه ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) وهو خبر منكر ، أخرجه ابن ماجه " أهـ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (منهاج السنة النبوية 4/211) : " وهذه الأحاديث - يعني أحاديث المهدي - غلط فيها طوائف ، فطائفة أنكرتها واحتجوا بحديث ابن ماجة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) ، وهذا الحديث ضعيف ، وقد اعتمد أبو محمد بن الوليد البغدادي وغيره عليه ، وليس مما يعتمد عليه ، ورواه ابن ماجه عن يونس عن الشافعي و الشافعي رواه عن رجل من أهل اليمن يقال له محمد ابن خالد الجندي وهو ممن لا يحتج به ، وليس هذا في مسند الشافعي ، وقد قيل إن الشافعي لم يسمعه ، وأن يونس لم يسمعه من الشافعي " أهـ .

وعلى فرض ثبوته فإنه لا يعارض الأحاديث الثابتة في المهدي ، لأنه يمكن الجمع بينها بأن المراد هو أنه لا مهدي كاملاً معصوماً إلا عيسى عليه السلام ، وذلك لا ينفي إثبات خروج مهدي غير معصوم كما قال بذلك بعض أهل العلم كالقرطبي و ابن القيم و ابن كثير وغيرهم ، وبهذا تجتمع الأحاديث ويرتفع التعارض .

تضعيف ابن خلدون لأحاديث المهدي

ومن الشبه التي تعلق بها المنكرون لأحاديث المهدي ما اشتهر عن ابن خلدون من تضعيفه لهذه الأحاديث حيث قال في المقدمة (1/322) - بعد أن استعرض كثيراً من أحاديث المهدي وطعن في كثير من أسانيدها- : " فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان . وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل أو الأقل منه " .

ولو رجعنا لكلام ابن خلدون لوجدنا أنه صدَّر الفصل الذي عقده عن المهدي في مقدمته بقوله : " اعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ، ويظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويسمى بالمهدي ، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره ، وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال ، أو ينزل معه فيساعده على قتله ، ويأتم بالمهدي في صلاته ، ويحتجون في هذا الشأن بأحاديث خرّجها الائمة ، وتكلم فيها المنكرون لذلك ، وربما عارضوها ببعض الاخبار ....إلخ .

وهي شهادة منه على أن اعتقاد خروج المهدي في آخر الزمان هو المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممر الاعصار ، فهل هؤلاء الكافة اتفقوا على الخطأ ؟ مع أن الأمر يتعلق بأمر غيبي لا مجال للاجتهاد فيه ، ولا يسوغ لأحد إثباته إلاّ بدليل من كتاب اللّه أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم – ، هذا أمر .

الأمر الثاني كيف يسوغ لنا أن نعتمد على كلام ابن خلدون في التصحيح والتضعيف مع أنه ليس من فرسان هذا الميدان ، ونطرح كلام أئمة الحديث قبل ابن خلدون وبعده الذين تكلموا على أحاديث المهدي ونقدوها وبينوا صحيحها من سقيمها ، واحتجوا بكثير منها ، بل حكى بعضهم تواترها تواتراً معنوياً .

ومنهم على سبيل المثال : الحافظ أبو جعفر العقيلي تـ322هـ فقد قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة علي بن نفيل النهدي : " قلت ذكره العقيلي في كتابه وقال : لا يتابع على حديثه في المهدي ، ولا يعرف إلا به ، ثم قال : وفي المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه " أهـ .

والإمام ابن حبان تـ354 هـ ، قال الحافظ في الفتح (13/21) عند كلامه على حديث ( لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) : " واسـتدل ابن حبان في صحيحه بأن حديث أنس ليس على عمومه بالأحاديث الواردة في المهدي وأنه يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا " .

والإمام البيهقي تـ 438 هـ فقد قال في كتاب " البعث والنشور" بعد كلامه على تضعيف حديث ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) : " والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا " .

والحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري صاحب كتاب " مناقب الشافعي " تـ363، نقل عنه الإمام ابن القيم في (المنار المنيف 1/142) ، والحافظ ابن حجر في " تهذيب التهذيب " ، و" فتح الباري " قوله : " وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بذكر المهدي وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلا ، وأن عيسى عليه السلام يخرج فيساعده على قتل الدجال ، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه " .

وممن صحح بعض الأحاديث الواردة في المهدي الإمام الترمذي في جامعه ، و الحاكم في مستدركه ووافقه الإمام الذهبي في تصحيح جملة منها ، ومنهم القرطبي صاحب التفسير فقال في كتابه " التذكرة " - بعد ذكر حديث : ( لا مهدي إلا عيسى بن مريم ) وبيان ضعفه - : " والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التنصيص على خروج المهدى من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم بها دونه" .

ومنهم الإمام ابن تيمية رحمه الله فقد صحـح بعض الأحاديث الواردة في المهدي في كتابه " منهاج السنة " والإمام ابن القيم في كتابه " المنار المنيف " والإمام ابن كثير في تفسيره وفي كتابه " النهاية في الفتن والملاحم " وغيرهم كثير .

بل حكى بعضهم تواتر هذه الأحاديث تواتراً معنوياً كما سبق عن الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري ، والإمام السخاوي حين مثل في كتابه " فتح المغيث " للأحاديث المتواترة اعتبر أحاديث المهدي من هذا القبيل ، و للشوكاني - رحمه الله - رسالة أسماها " التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح " ومما جاء فيها قوله : " فالأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف المتواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي ، فهي كثيرة جداً ، لها حكم الرفع ; إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك " .

وقال الشيخ الكتاني في كتابه : " نظم المتناثر في الحديث المتواتر " : " والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة ، وكذا الواردة في الدجال ، وفي نزول سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام " .

فهل نطرح كلام كل هؤلاء ونقبل كلام ابن خلدون على عواهنه .

الأمر الثالث أن ابن خلدون لم يقل إن أحاديث المهدي كلها ضعيفة فضلا عن القول بأنها موضوعة ، فعبارته تدل على أن هناك عدداً قليلاً من هذه الروايات قد سلم من النقد ، ونحن نقول لو سلَّمْنا بكلام ابن خلدون فهذا القدر القليل كاف في الاحتجاج بهذه الأحاديث واعتقاد موجبها.

وقد رد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على ابن خلدون في تعليقه على المسند فقال : " أما ابن خلدون فقد قفا ما ليس له به علم ، واقتحم قحما لم يكن من رجالها.. " ، وقال : "إنه تهافت في الفصل الذي عقده في مقدمته للمهدي تهافتا عجيبا ، وغلط أغلاطا واضحة.." ، وقال : "إن ابن خلدون لم يحسن قول المحدثين الجرح مقدم على التعديل.. ولو اطلع على أقوالهم وفقهها ما قال شيئا مما قال.." أهـ .

ليست من عقائد أهل السنة

ومن الشبه التي يرددها المنكرون أن فكرة المهدية ليست في أصلها من عقائد أهل السنة وإنما هي دخيلة علينا من عقائد الفرق الأخرى ، التي تؤمن بظهور إمام غائب منتظر يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً .

ونحن نقول إن الأحاديث ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في خروج المهدي في آخر الزمان ، وقد رواها أئمة أهل السنة في كتبهم المعتمدة بأسانيد تنتهي إلى رسول الله - صلى اللّه عليه وسلم- من طريق صحابته الكرام رضي اللّه عنهم ، والثقات من الرواة ، واعتمد أهل الحديث في تصحيحها على قواعد دقيقة في الحكم على الرجال والأسانيد ، حتى لم يبق صاحب بدعة أو كذب إلا وكشفوا أمره .

فما صح من هذه الأحاديث الواردة لا علاقة له بعقيدة أي فرقة أو طائفة ، لأنه لم ينقل من طريقهم ، وإذا كان هناك روايات موضوعة في المهدي تعصباً ، فإن ذلك لا يجعلنا نترك ما صح من الروايات فيه .

فإذا عينت طائفة شخصاً وزعمت أنه هو المهدي دون أن تؤيد زعمه بما ثبت من أحاديث صحيحة ، فإن ذلك لا يؤدي إلى إنكار المهدي على ما جاء في أحاديث أخرى ، فالحكم العدل هو الكتاب والسنة الصحيحة ، وأما عقائد الفرق الأخرى فلا يجوز أن تكون عمدة يرد بها ما ثبت من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقد نص أهل العلم الذي صنفوا في عقائد أهل السنة أنه متى ما صح النقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- سواء كان في أمور ماضية أو مستقبلة ، وجب التصديق به واعتقاد موجبه ، وهو مقتضى الشهادة بأن محمدا رسوله الله ، ومن أولئك الإمام ابن قدامة المقدسي في كتابه " لمعة الاعتقاد " حيث قال : "ويجب الإيمان بكل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا ، نعلم أنه حق وصدق ، وسواء في ذلك ما عقلناه وجهلناه ، ولم نطلع على حقيقة معناه ، مثل حديث الإسراء والمعراج ، ومن ذلك أشراط الساعة ، مثل خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام فيقتله ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأشباه ذلك مما صح به النقل " أهـ . فكلام ابن قدامة هذا يدخل فيه التصديق بخروج المهدي لأنه مما صح به النقل .

وقال السفارينى رحمه الله في عقيدته المسماة " لوامع الأنوار البهية " بعد أن ذكر طائفة من الأحاديث والآثار : " وقد روي عمن ذكر من الصحابة ، وغير من ذكر منهم رضي الله عنهم بروايات متعددة وعن التابعين ومن بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي ، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة " ا.هـ . وقال في موضع آخر : " وقد كثرت الأقوال في المهدي ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي ... " .

وذكر ذلك الشيخ الحسن بن علي البربهاري الحنبلي المتوفى سنة 329 هـ في عقيدته ، المثبتة ضمن ترجمته في كتاب " طبقات الحنابلة " لابن أبي يعلى الحنبلي .

ثم إن هناك فرقاً كبيراً بين عقيدة أهل السنة وعقيدة الفرق الأخرى في هذا الباب ، فالمهدي عند أهل السنة لا يعدو كونه إماما من أئمة المسلمين ، يخرج في آخر الزمان خروجاً طبيعياً ، يولد كما يولد غيره ، ويعيش كما يعيش غيره ، وهو غير معصوم ، فقد يقع منه الخطأ ، ويحتاج إلى إصلاحٍ مثل غيره من الناس ، ثم يكتب الله على يديه خيراً كثيراً وبرًّا وصلاحاً للأمة ، وينشر العدل ، ويطبق شريعة الإسلام ، ويجمع الله به شمل المسلمين .

وأما عند غيرهم فهو محمد بن الحسن العسكري الذي ولد في منتصف القرن الثالث تقريباً ، ودخل سرداباً في سامراء وعمره تسع سنين ، وهم ينتظرون خروجه ، وهو الإمام الثاني عشر من أئمتهم الذين يعتقدون فيهم العصمة ، فعقيدة أهل السنة مغايرة تماماً لعقيدة غيرهم في هذا الباب .

أكبر مثارات الفساد والفتن عبر التاريخ

ومما أثير حول أحاديث المهدي أن دعوى المهدية كانت سبباً في إثارة الكثير من الفتن والمفاسد عبر التاريخ ، كما أن هذه الأحاديث قد أسهمت بشكل أو بآخر في تخدير المسلمين وهروبهم من واقعهم إلى التعلق بالأوهام والخيالات وانتظار المخلص الذي يظهر فجأة ليخلصهم من الظلم والطغيان ، وينشر العدل في العالمين .

والجواب أنه قد سبق أن خروج المهدي في آخر الزمان هو أمرٌ غيبي يتوقف التصديق به على ثبوت النص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وقد ثبتت بذلك النصوص ، وحكم بثبوتها العلماء المحققون ، والجهابذة النقاد من أهل الحديث .

ووجود مدعين للمهدية عبر التاريخ حصل بسببهم العديد من الفتن والفساد ، لا يؤثر في التصديق بمن عناه الرسول - صلى اللّه عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة وهو المهدي الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه .

والواجب قبول الحق ورد الباطل لا أن يُرَد الحق ، ويُكَذَّب بالنصوص الثابتة من أجل أن هذه الدعوى تدثر بها بعض الجهلة والمبطلين .

والمتتبع لنصوص القرآن والسنة يجدها تأمر بالاجتهاد في العمل والأخذ بالأسباب في أمور الدنيا والآخرة ، وقيمة العمل من أعظم القيم التي جاء الإسلام لتقريرها وترسيخها في النفوس ، حتى مع يقين الإنسان بانتهاء الدنيا وقيام الساعة كما هو واضح من قوله - صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أنس : ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل ) .

وفي بعض الروايات :( إذا سمعت بالدجال وأنت على ودية تغرسها فلا تعجل أن تصلحها ، فإن للناس بعد ذلك عيشا ) .

ولا يوجد نص في القرآن والسنة يدل على أننا متعبدون بانتظار المهدي أو ترقبه ، أو توقف شيء من شعائر الإسلام على خروجه ، غاية ما في هذه الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- بشَّر برجل من أهل بيته ، ووصفه بعدد من الصفات من أهمها أنه يحكم بالإسلام ، وينشر العدل بين الناس وليس أكثر من ذلك ، فليس في هذه الأحاديث أبداً ما يعفينا من تبعة التكاليف الشرعية والصبر والجهاد ، والعلم والعمل ، والسعي في الإصلاح والتغيير ، وعلى هذا درج الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، وتتابع عليه أئمة العلم على تعاقب العصور ، ومر الدهور ، ولم يفهم أحد منهم هذا الفهم السلبي ، فإذا فهم البعض هذه الأحاديث فهماً خاطئاً يدعو إلى القعود والكسل وترك العمل ، فلماذا نحمل هذه النصوص مسؤولية هذا الفهم المنحرف ؟! .

ثم إن أحاديث نزول عيسى نفسها قد يفهم منها البعض ما يدعوه إلى القعود والكسل، فهل نقول ببطلانها لأجل هذه الفئة أو تلك !!

فالخلاصة أنه من المجازفة أن يقال إن كل هذه الأحاديث التي رواها الأئمة ، وصنف فيها المصنفون ، وحكى تواترها جماعة ، واعتقد موجبها أهل السنة والجماعة ، لا أساس لها من الصحة ، أو أنها خرافة لا يقبلها العقل الصحيح ، وهل العقل إلا تابع للشرع في قضايا الغيب والاعتقاد ؟! وما قيمة الإيمان بالغيب إذا كنا كلما جاءنا نص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عرضناه على عقولنا ؟!. ، ورحم الله الإمام الزهري إذ يقول : " من الله الرسالة ، ومن الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم " .

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:37 PM
حكم من رد أحاديث المهدي المنتظر وبيان تواترها والرد على من أنكرها
بسم الله وبعد :
فهذا جزء من مبحث كبير في المهدي فأقول :
المبحث الأول : حكم من رد أحاديث المهدي المتواترة :
لقد ظهر جماعة من الزنادقة المبتدعة ابتدأوا أول كيدهم برد أحاديث الآحاد ومفاريد الثقات، ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يطعنون والله – في المنتديات - في أحاديث في الصحيحين أو في أحدهما، الحديث تلو الحديث من غير حياء من رقيب، أو خوف من رب حسيب، الذي اتفقت أمة نبيه على قبول أحاديث الصحيحين ، والعجب أنهم لم يكتفوا بذلك حتى أظهروا عن خبث نياتهم، وسوء طوياتهم في رد حتى ما تواتر من السنن وما رواه الجم الغفير من الصحابة والتابعين، ومن ذلك ردهم لأحاديث المهدي المتواترة، واستدلالهم ببعض الأقوال المبتورة والمدلسة عن السلف .
وقبل أن أجيب على بترهم لكلام السلف وكذبَهم على الأئمة أقول :
لقد نقل الكثير من أئمة الحديث تواتر أحاديث المهدي ، ولا أعيد النقل عنهم إلا نزرا يسيرا سأذكره في غضون هذا البحث، لأكتفي بما نقله شيخنا عبد المحسن العباد في كتابيه في المهدي والرد على من كذب به، حيث نقل الكثير عن أئمة الحديث ممن قال بتواتر أحاديثه،
وقد ذكر الكتاني في نظم المتناثر أحاديث خروج المهدي عن عشرين صحابيا، ونقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة، ونقلوه عن أبي الحسن الآبري وغيرهم كثير جدا .
وإذا كان السلف قد تكلموا في تفسيق أو تبديع من رد أحاديث آحاد الثقات، فإن عامتهم على تكفير من رد الإجماع والأحاديث المتواترة والله المستعان :
قال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية (27) :" وسئل عن طائفة يعتقدون في رجل مات من منذ أربعين سنة أنه المهدي الموعود بظهوره آخر الزمان وأن من أنكر كونه المهدي المذكور فقد كفر فما يترتب عليهم ؟
فأجاب : بأن هذا اعتقاد باطل وضلالة قبيحة وجهالة شنيعة :
أما الأول فلمخالفته لصريح الأحاديث التي كادت تتواتر بخلافه كما ستملى عليك .
وأما الثاني فلأنه يترتب عليه تكفير الأئمة المصرحين في كتبهم بما يكذب هؤلاء في زعمهم وأن هذا الميت ليس المهدي المذكور ، ومن كفر مسلماً لدينه فهو كافر مرتد يضرب عنقه إن لم يتب ، وأيضاً فهؤلاء منكرون للمهدي الموعود به آخر الزمان .
وقد ورد في حديث – وهو ضعيف - عند أبي بكر الإسكافي أنه صلى الله عليه وسلم قال :" من كذب بالدجال فقد كفر ومن كذب بالمهدي فقد كفر"،
قال: وهؤلاء مكذبون به صريحاً فيخشى عليهم الكفر ، فعلى الإمام أيد الله به الدين وقصم بسيف عدله رقاب الطغاة والمبتدعة والمفسدين ، كهؤلاء الفرقة الضالين الباغين الزنادقة المارقين أن يطهر الأرض من أمثالهم ويريح الناس من قبائح أقوالهم وأفعالهم ، وأن يبالغ في نصرة هذه الشريعة الغراء التي ليلها كنهارها ونهارها كليلها فلا يضل عنها إلا هالك ، بأن يشدد على هؤلاء العقوبة إلى أن يرجعوا إلى الهدى وينكفوا عن سلوك سبيل الردى ويتخلصوا من شرك الشرك الأكبر ، وينادي على قطع دابرهم إن لم يتوبوا بالله الأكبر ، فإن ذلك من أعظم مهمات الدين ومن أفضل ما اعتنى به فضلاء الأئمة وعظماء السلاطين ، وقد قال الغزالي رحمه الله تعالى في نحو هؤلاء الفرقة : إن قتل الواحد منهم أفضل من قتل مائة كافر : أي لأن ضررهم بالدين أعظم وأشدّ إذ الكافر تجتنبه العامة لعلمهم بقبح حاله فلا يقدر على غواية أحد منهم ، وأما هؤلاء فيظهرون للناس بزي الفقراء والصالحين مع انطوائهم على العقائد الفاسدة والبدع القبيحة فليس للعامة إلا ظاهرهم الذي بالغوا في تحسينه ، وأما باطنهم المملوء من تلك القبائح والخبائث فلا يحيطون به ولا يطلعون عليه لقصورهم عن إدراك المخايل الدالة عليه فيغترون بظواهرهم ، ويعتقدون بسببها فيهم الخير فيقبلون ما يسمعون منهم من البدع والكفر الخفي ونحوهما ، ويعتقدون ظانِّين أنه الحق فيكون ذلك سبباً لإضلالهم وغوايتهم ، فلهذه المفسدة العظيمة قال الغزالي ما قال من أن قتل الواحد من أمثال هؤلاء أفضل من قتل مائة كافر ، لأن المفاسد والمصالح تتفاوت الأعمال بتفاوتهما ، وتتزايد الأجور بحسبهما ".
ثم قال :" إذا تقرر ذلك فلْنُمْلِ عليك من الأحاديث المصرحة بتكذيب هؤلاء وتضليلهم وتفسيقهم ما فيه مقنع وكفاية لمن تدبره، أخرج أبو نعيم أنه صلى الله عليه وسلم قال :" يخرج المهدي وعلى رأسه عمامة ومعه مناد ينادي هذا المهدي خليفة الله فاتبعون "، وأخرج هو والخطيب رواية أخرى:" يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي إن هذا المهدي فاتبعوه"، ثم ذكر أحاديث المهدي وتواترها .
المبحث الثاني : بيان بترهم وتدليسهم لكلام السلف :
وقد حاول هؤلاء الضلال الخروج من مأزقهم أمام العوام، فراحوا يَكْذبون عن السلف، ولن أطيل في الرد على شبهاتهم الكاذبة، لأن شيخنا عبد المحسن العباد قد أطال وأفاد في الرد عليهم في رسالتين جليلتيْن في رده على من أنكر الأحاديث الصحيحة في المهدي ، ولئن كان أهل الجهل في شك من عماياتهم فإن أهل العلم منهم لفي يقين .
1/ ونكتفي هنا بتدليسهم، بأن العقيلي قد رد أحاديث المهدي وهو سلفهم في ذلك .
وأقول : العقيلي حاشاه من مخالفة السلف، فإنه لم يضعفها ، بل ضعف طريقا واحد منها، وهو طريق أم سلمة الآتي، فتأملوا قوله بلا بتر ولا تدليس ،
فإنه قال في الضعفاء (2/75) في ترجمة زياد:" وفى المهدى أحاديث صالحة الاسانيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج منى رجل ويقال من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى فأما من ولد فاطمة ففي إسناده نظر ".
وقال في ترجمة علي بن نفيل :" وفى المهدي أحاديث جياد من غير هذا الوجه بخلاف هذا اللفظ "، فسبحان الله على من جمع بين الزندقة والكذب والتدليس .
2/ ومن ذلك كذبهم على ابن الجوزي، والصواب أنه قال في العلل (2/861):" وهذه الاحاديث كلها معللة، إلا ان فيها ما لا بأس به "، ثم ذكر حديث "لا مهدي"، ثم قال :" والاحاديث قبله في التنصيص على خروج المهدي أصح اسنادا "، على أن ابن الجوزي معروف تشدده ولمزه في الأحاديث بأي كلام ولو كان شاذا في الراوي، ومع ذلك قال :"فيها ما لا بأس به"، وابن الجوزي يقر بالمهدي،
فقد قال ابن حجر في فتاويه :" ويرد عليهم ما قال عبد الغافر الفارسي وابن الجوزي وابن الأثير في ذكر عليّ أن المهدي من ولد الحسن وأنه منفرج الفخذين : أي بينهما تباعد "، فأين هم من ابن الجوزي الذي يكذبون عليه نصرة منهم للباطل والضلال .
3/ قالوا : وقيل لعبد الرحمن بن مهدي: أيُّ حديثٍ أصحُّ في المهدي؟ قال : أصحُّ شيءٍ فيه عندي: حديث أبي معبد عن ابن عباس "، والعجب أن الإمام ابن مهدي يصحح هذا الحديث، ويجعله من أصح الصحيح، وأما هم فينكرونه ، وربما يكون الأمر كما قال ابن مهدي ، فإنه من أصح أحاديث الباب:
فقد رواه سفيان حدثنا عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال: «إني لأرجو ألا تذهب الأيام والليالي حتى يبعث الله منا أهل البيت غلاما شابا حدثا لم تلبسه الفتن ولم يلبسها يقيم أمر هذه الأمة كما، فتح الله هذا الأمر بنا فأرجو أن يختمه الله بنا ». وهذا من أصح الأسانيد ثقة وعدالة واتصالا، وله طرق كثيرة مرفوعة أيضا ستأتي في البحث ، وهم يخالفونه أيضا ؟ ويخالفون ابن مهدي؟ بل ويخالفون السلف ، وقد تكلم العلماء في كتب المصطلح عن اختلاف السلف في أصح الأحاديث الصحيحة، ولكلٍّ اختياره، ولا يعني ذلك عدم وجود ما هو أصح منه .
4/ ونفس الشيء يُقال فيما قاله الإمام عبد الله بن أحمد في العلل (5983) حدثني زياد بن أيوب أبو هاشم قال حدثنا علي بن محمد بن أخت يعلى بن عبيد قال حدثنا وكيع قال لم أسمع في المهدي بحديث أصح من حديث حدثناه الاعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال سمعت عليا يقول ينقص الاسلام حتى لا يقول أحد الله الله، وقال إني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم "، قالوا : وهو غير مرفوع، وليس صريحا في المهدي، والعجب أنهم يخالفون الإمام وكيع الذي حمله على المهدي، وستأتي طرقه المرفوعة وأنه صريح في المهدي.
وهذا رواه يوسف بن عدي عن محبوب بن محرز عن الأعمش عن إبراهيم بن يزيد التيمي عن الحارث بن سويد قال: قال علي: يذهب الناس حتى لا يبقى أحد يقول لا إله إلا الله , فإذا فعلوا ذلك ضرب يعسوب الدين ذنبه فيجتمعون إليه من أطراف الأرض كما يجمع قرع الخريف. ثم قال علي: إني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم , [يقولون: القرآن مخلوق. وليس بخالق ولا مخلوق , ولكنه كلام الله , منه بدأ وإليه يعود ]"، وهي زيادة غير محفوظة .
فقد رواه جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال: قال علي: لا يزال الناس ينتقصون حتى لا يقول أحد: الله الله، فإذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه، فإذا فعل ذلك بعث إليه بعثا يتجمعون على أطراف الأرض، كما تتجمع قزع الخريف، والله إني لأعلم اسم أميرهم، ومناخ ركابهم".
ورواه نعيم (1175) ثنا أبو معاوية وأبو أسامة ويحيى بن اليمان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: " ينقص الدين حتى لا يقول أحد: لا إله إلا الله، وقال بعضهم: حتى لا يقال: الله الله، ثم يضرب يعسوب الدين بذنبه، ثم يبعث الله قوما قزع كقزع الخريف، إني لأعرف اسم أميرهم، ومناخ ركابهم "،
ورواه عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد قال: قال علي رضي الله عنه: «لتملأن الأرض ظلما وجورا حتى لا يقول أحد الله الله، حتى يضرب الدين بجرانه، فإذا فعل ذلك بعث الله قوما من أطراف الأرض قزعا كقزع الخريف إني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم»، ووالله ليس هذا الحديثُ الصحيح الغيبي البحت مما يمكن أن يكون بالرأي، بل هو من قبيل المرفوع حكما، ومن المعلوم أن المهدي يأتي بعد شيوع الظلم والجور ونقص الدين وكثرة الفتن كما تكاثرت بذلك الأحاديث ، ثم يأتي ليُرجع الناس إلى الدين، وقد فهم الإمام وكيع منه أنه في المهدي، فأين هم من فهم وكيع، ومن فهم السلف الذين يكذبون عليهم ويخالفونهم جهارا نهارا ؟؟ .
5/ ومن عجيب تدليسهم أن قالوا: ومما يؤكد ضعفها أن صاحبي الصحيح لم يخرجاها في الصحيحين، فهي إذا معلولة "، وهو كذب على الشيخين لأنهما قد صرحا بأنهما لم يُخرجا كل الصحيح، فما بال القوم ينسبون إليهما ما لم يقولاه ولا ادعياه، على أن الإمام مسلم قد خرج ثلاثة أحاديث في المهدي كما سيأتي .
6/ قالوا : ومما يدل على ضعفها اختلاف ألفاظها واضطرابها في تعيين المهدي من هو ؟ والجواب في :
الدليل الثالث : حديث أبي سعيد :
قال نعيم (1065) حدثنا ابن وهب عن الحارث بن نبهان عن عمرو بن دينار عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المهدي أقنى الأنف، أجلى الجبين»، قال البزار :" رواه معمر عن أبي هارون العبدي عن معاوية بن قرة عن أبي الصديق عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أشبه "، وستأتي طرق حديث أبي سعيد في هذا المطلب التالي :
المطلب الثاني : ذكر نسبه وخروجه ولا بد، وكونه هاشميا من أهل البيت، ومن بني فاطمة رضي الله عنها : لقد تكاثرت الأدلة وتواترت أن المهدي المنتظر من أهل بيت النبي عليه السلام ومن أحد ولده ، وهما الحسن او الحسين، وهما ابنا فاطمة بنت محمد عليهما السلام ، كما روى ابن أبي عروبة عن قتادة قال : سئل سعيد بن المسيب عن المهدي : ممن هو ؟ قال : من قريش، قال قتادة : قلت لسعيد بن المسيب : يا أبا محمد ، من أي قريش هو ؟ قال من بني هاشم ، قلت : من أي بني هاشم ؟ قال: من ولد فاطمة "، وهو مذهب جمهور السلف، ومن الأدلة المتواترة على ذلك ما يلي :
الدليل الرابع والخامس : حديث أبي سعيد أو جابر أو معا، وبيان طرقهما : وسواء أكان عن حابر أو أبي سعيد أو معا فكلاهما صحابي، والحديث صحيح عنهما معا : فقد خرجهما ابن حبان في صحيحه (6682) والإمام مسلم في الصحيح معا (2913) واللفظ له عن إسماعيل بن إبراهيم وعبد الوهاب الثقفي عن الجريري عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم، يمنعون ذاك، ثم قال: يوشك أهل الشأم أن لا يجبى إليهم دينار ولا مدي، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم، ثم سكت هنية، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعده عددا» قال: قلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز فقالا: لا ". وأخشى أن يرده بعض أهل البدع باختلاط الجريري، لكن قبل أن يفعلوا فليعلموا أنه رواه قبل الاختلاط ، والحديث في صحيح مسلم الذي اتفق المسلمون على قبوله .
ثم خرجه مسلم عن بشر وإسماعيل ابن علية كلاهما عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا، لا يعده عددا »، وقد يرده بعض من لا علم له بما رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد ثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن جابر أو أبي سعيد بالشك "، والجواب أنه وهْم ، والصواب أنه عنهما معا كما خرجه الإمام مسلم وغيره .
وفي ذكر الجريري للقصة في الأول وروايته عن جابر أولا ثم أبي سعيد، يدل على الضبط، وذكر المتابعات يدل على أنه محفوظ أيضا عن أبي سعيد . وقد خولف عبد الوهاب في روايته بالشك، ومن حفظ حجة على من شك : فقد خرجه الإمام مسلم (2914) حدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده »، قال الإمام البغوي (15/87) من " باب المهدي" :" هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن زهير بن حرب "،
وقد تابعه على ذلك الإمام أحمد فقال في مسنده (3/38) نا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يكون في آخر الزمان خليفة..."، وهو الصحيح . وقد زعم بعض المبتدعة ممن يُنكر أحاديث المهدي المتواترة أنه ليس هو المراد، وهذا خطأ. فإن في قوله في حديث مسلم الأول عن الجريري :" «يكون في آخر أمتي خليفة "، ""في آخر الزمان"، نص صريح في أنه مهدي آخر الزمان كما بوب الإمام البغوي، ولأنه هو الذي سيكون في آخر هذه الأمة ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فقد بينت الروايات المتواترة أنه هو، وهل تُفسر السنة إلا بالسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهم . وعليه فلندع الأحاديث والطرق يفسر بعضها بعضا خاصة وأن الحديث يرجع إلى مخرج واحد وهو جابر وأبو سعيد ، وإن في تفسير السنة بالسنن الأخرى غُنية عن تأويلات أهل البدع :
الدليل السادس : بقية أحاديث أبي سعيد المفسرة لرواية مسلم عن جابر وأبي سعيد :
رواه عنه أبو نضرة وأبو الصديق ... :
1. فأما طريق أبي نضرة :
فخرجها مسلم (2914) حدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده »... وقد مرت طرقه .
وقال أبو داود في سننه 4285) حدثنا سهل بن تمام بن بزيع حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يملك سبع سنين»، قتادة صرح بالتحديث عند الطبراني في الأوسط (9/176)، وعمران قد توبع، فصح الحديث، وفي قوله " مني" دليل على أنه من بنيه ومن نسله وهما الحسنان أبناء فاطمة:
فخرجه الداني في الفتن (553) عن هشام بن عمار حدثنا إسماعيل بن عياش حدثنا عطاء بن عجلان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي شاب حسن الوجه أجلى الجبين أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويملك كذا وكذا سبع سنين»،
والعترة هم أقرب أقارب الرجل وبنيه كما قال ابن الأثير: عترة الرجل أخص أقاربه، وقال ابن الأعرابي: العترة ولد الرجل، وذريته، وعقبه من صلبه، قال: فعترة النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ولد فاطمة البتول عليها السلام".
2. وأما رواية أبي الصديق فرواها عنه جماعة أيضا :
فرواها عبد الرزاق نا معمر عن أبي هارون العبدي عن معاوية بن قرة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاء يصيب هذه الأمة، حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلا من عترتي أهل بيتي، فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ..."،
وخرجه الداني في الفتن عن ابن عمير الهجري عن أبي الصديق به ،
وخرجه الحاكم (4/601) عن النضر بن شميل ثنا سليمان بن عبيد ثنا أبو الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثمانيا» يعني حججا «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، وكل رجاله ثقات .
وخرجه ابن حبان في صحيحه (6826) عن مطر الوراق عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي أقنى، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما، يملك سبع سنين"، وحسنه الترمذي .
وقال الإمام أحد (3/21) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال: سمعت زيدا أبا الحواري قال: سمعت أبا الصديق يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث، فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يخرج المهدي في أمتي خمسا أو سبعا أو تسعا " - زيد الشاك - قال: قلنا : أي شيء؟ قال: " سنين "، ثم قال: " يرسل السماء عليهم مدرارا، ولا تدخر الأرض من نباتها شيئا، ويكون المال كدوسا " قال: " يجيء الرجل إليه فيقول: يا مهدي أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمل "،
ومن هذا الوجه خرجه الترمذي (2232) وقال: هذا حديث حسن "،
وخرجه أحمد (3/37 و 52) عن جعفر وحماد عن المعلى بن زياد ثنا العلاء بن بشير عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحا فقال له رجل ما صحاحا قال بالسوية بين الناس قال ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه و سلم غنى ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا فينادي فيقول من له في مال حاجة فما يقوم من الناس الا رجل فيقول ائت السدان يعني الخازن فقل له ان المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له أحث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول كنت أجشع أمة محمد نفسا أو عجز عني ما وسعهم قال فيرده فلا يقبل منه فيقال له انا لا نأخذ شيئا أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده أو قال ثم لا خير في الحياة بعده "، العلاء وثقه ابن حبان، وقال الهيثمي (7/610) :" رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير، ورجالهما ثقات ".

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:39 PM
الرد على شبهة عدنان إبراهيم في إنكاره لحدّ الرجم
الثلاثاء, 09 شعبان 1434
إسلام ويب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب على المسلم أن يتلقى دينه عن المعروفين بالعلم والتقى. ومن المزالق الخطيرة أن يرعي المرء سمعه لمن يَرُّدَّ السنن الثابتة، ويطعن في الأحكام الشرعية، ثم يأتي ويلتمس لنفسه الشفاء من حسك الشبهات. فالمنبغي للمؤمن أن ينأى بنفسه عن سماع شبهات أهل الأهواء والبدع؛ فإن القلوب ضعيفة، فرب شبهة يسمعها الرجل فتوجب هلاكه، وقد كان أئمة السلف مع سعة علمهم يعرضون عن سماع الشبهات.

ففي جامع معمر بن راشد المنشور كملحق لمصنف عبدالرزاق قال: - أي معمر - كنت عند ابن طاووس، وعنده ابن له، إذ أتاه رجل يقال له صالح يتكلم في القدر، فتكلم بشيء فتنبه، فأدخل ابن طاووس إصبعيه في أذنيه وقال لابنه: أدخل أصابعك في أذنيك واشدد، فلا تسمع من قوله شيئاً، فإن القلب ضعيف. اهـ.

وقال الإمام الذهبي: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة. اهـ.

والرجل المذكور من المعلوم حاله من تكذيب للسنن المتواترة، ورد للأحكام الشرعية المجمع عليها، وطعن في الصحابة، بل إنه يطالب بإعادة النظر في الأحاكم المنصوصة في القرآن العظيم، كأنصبة المواريث، وانظر شيئا مما يبين حاله في الرابط:

http://sunnahway.net/node/1127

وأما ما يتعلق برجم الزاني المحصن فهو ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع العلماء على مر العصور، وقد بينا أدلته في الفتاوى أرقام: 5132 ، 26483 140038 .

ولم يعرف إنكار الرجم إلا عن الخوارج، وأهل البدع .

قال ابن عبد البر : ومعنى قول الله عز وجل: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة. معناه الأبكار دون من قد أحصن، وأما المحصن فحده الرجم إلا عند الخوارج، ولا يعدهم العلماء خلافا لجهلهم، وخروجهم عن جماعة المسلمين. وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصنين، فممن رجم ماعز الأسلمي، والغامدية، والجهنية، والتي بعث إليها أنيسا. ورجم عمر بن الخطاب سخيلة بالمدينة، ورجم بالشام. وقصة الحبلى التي أراد رجمها فقال له معاذ بن جبل: ليس لك ذلك، للذي في بطنها، فإنه ليس لك عليه سبيل. وعرض مثل ذلك لعثمان بن عفان مع علي في المجنونة الحبلى. ورجم علي شراحة الهمدانية. ورجم أيضا في مسيره إلى صفين رجلا أتاه مقرا بالزنا. وهذا كله مشهور عند العلماء .اهـ.

وقال: وأما أهل البدع من الخوارج والمعتزلة فلا يرون الرجم على أحد من الزناة ثيبا كان أو غير ثيب، وإنما حد الزناة عندهم الجلد، الثيب وغير الثيب سواء عندهم. وقولهم في ذلك خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلاف سبيل المؤمنين فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء بعده، وعلماء المسلمين في أقطار الأرض متفقون على ذلك من أهل الرأي، والحديث. وهم أهل الحق .اهـ.

فهذا القول بإنكار الرجم ليس قولا عصريا، والقائل به له سلف، لكنهم بئس السلف هم.

وليعلم أن هذا الرجل وأضرابه من أهل الأهواء يلبسون شبهاتهم الواهية لبوس العقل والاستنارة، لتروج على الدهماء والجهلة، وإلا فإن استدلالاته أبعد ما تكون عن العقل، وهي إلى السفسطة أقرب.

وينبغي أن يعلم أن الدليل العقلي القطعي هو ما يدرك ببداهة العقول، وما يجمع عليه العقلاء، كمثل أن الكل أكبر من الجزء، وأن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، وهكذا. وأما ما تختلف فيه العقول، وما يعرض لبعضها من آراء، فلا يصح وصفه بأنه حكم عقلي قطعي.

وليعلم أنه ليس كل ما لا يستوعبه العقل يقتضي أن العقل يحيله وينفيه.

قال ابن تيمية: يجب الفرق بين ما يقصر العقل عن دركه، وما يعلم العقل استحالته، بين ما لا يعلم العقل ثبوته، وبين ما يعلم العقل انتفاءه، بين محارات العقول ومحالات العقول، فإن الرسل صلوات الله عليهم وسلامه قد يخبرون بمحارات العقول وهو ما تعجز العقول عن معرفته، ولا يخبرون بمحالات العقول وهو ما يعلم العقل استحالته.اهـ.

وهذان الأمران من مثارات الغلط الشائعة في الكلام عن الأدلة العقلية.

وإلا فأي عقل يحيل شرعية حد الرجم ؟ أم أي عقل يحيل أن تنسخ تلاوة آية الرجم ويبقى حكمها ؟!.

وأما المغزى من ذلك فيقول فيه ابن عثيمين: وحكمة نسخ اللفظ دون الحكم: اختبار الأمة في العمل بما لا يجدون لفظه في القرآن، وتحقيق إيمانهم بما أنزل الله تعالى، عكس حال اليهود الذين حاولوا كتم نص الرجم في التوراة. اهـ.

وأما قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ {النور:2}. فإما أن يكون عمومه مخصصا بآية الرجم وبالسنة، أو يكون العموم منسوخا بهما كذلك، وعند بعض العلماء أن الآية محكمة في حق المحصن، وأن ما جاء في آية الرجم وفي السنة هو زيادة على ما في هذه الآية، فيجمع للمحصن بين الجلد والرجم.

وفي التفاسير - لا سيما المعنية بالأحكام - كلام مستفيض عن العلاقة بين هذه الآية وبين رجم المحصن، يحسن بك الرجوع إليه وتأمله بتجرد، لا سيما ما رقمه الشنقيطي في كتاب أضواء البيان في الكلام على هذه الآية، ولم ننقل كلامه لطوله، وليسر الوقوف عليه.

ومن المضحك في كلام هذا المدعو عن الرجم، أنه يقر ببعض الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم، لكنه يقول أنها كانت قبل نزول سورة النور، فيقال له: وهل كان النبي يفعل فعلا متوحشا لا رحمة فيه، ويصد عن الإسلام قبل نزول سورة النور ؟! . سبحان واهب العقول.

وأيضا: فالقرآن الكريم فيه عقوبات بقطع الأيدي، والأرجل، والصلب . فأي فرق بينها وبين الرجم ؟! ، فكلها من بوابة واحدة، قد يراها سقيم العقل عقوبات وحشية لا رحمة فيها، فهذه الشبهة السخيفة تَرِدُ على هذه الحدود كلها.

ومن خذلان الله لهذا الرجل أنه يكذب بما أجمعت الأمة على صحته من الأحاديث، ثم ينقر عن الروايات المكذوبة والقصص المختلقة ليطعن بها في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولتهدى إلى الحق أيها الأخ الحبيب، عليك أن تجأر إلى الله بالدعاء أن ينير بصيرتك، وأن يصرف عن قلبك الشبهات المضلة. وعليك أن تلزم غرز العلماء الربانيين من الصحابة ومن بعدهم، ولتسأل نفسك: هل كانت الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى عصرنا هذا على ضلال، حتى يجيء رجل في دبر الزمان، فيكشف له الحق دون أولئك الأخيار . ولتستشعر الوعيد المرتب على مخالفة سبيل المؤمنين، قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا {النساء:115}.

وقد أتت النصوص بأن العبد يسأل عن اتباع الرسل: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ {القصص:65}. فليت شعري كيف يجيب عن هذا السؤال من رد أحاديث خير المرسلين في حد الرجم ؟!

ولم يأت في النصوص أن العبد سيسأل لم لم تصدق ما رآه عقلك كما ذكر السائل.

وعلى عظم بائقة إنكار حد الرجم، فما سيترتب على هذا الإنكار هو أدهى وأنكى، فمن أنكر الرجم يلزمه ألا يأخذ بشيء من السنة أبدا؛ لأن من لم يثبت أحاديث حد الرجم فلن تثبت عنده أي سنة. فأحاديث الرجم رواها ثلاثة عشر صحابيا في الصحيحن فحسب، دون ما سواهما من كتب السنة. وكذلك يلزمه ألا يأخذ بإجماع الأمة في أي مسألة، فمن لم يثبت عنده الإجماع في هذه المسألة فأي إجماع سيثبت عنده ؟! ، وفي هذا هدم للدين كله.

والكلام في هذه المسألة طويل جدا يحتمل مصنفا مفردا .

نسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، وأن يعصمنا من مضلات الفتن والأهواء، إنه سميع مجيب.

والله أعلم.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:41 PM
تفكيك التشكيك

الخميس, 22 شوال 1434

عبدالله بن عيسى الفيفي


الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أمّا بعد؛

فإنّ من مبادئ المدارس العقلانية والمذاهب الفلسفية الإيمانُ بوجوب الشكّ قبل اليقين، وسأقدّم في هذه الأسطر "نقدا تفكيكيا" لهذا الطرح في بضع نقاط وفقاً لما أراه لدى تلك التيارات من تطبيقات، وخصوصا ما يدور بينهم من حوار وجدل في شبكات التواصل، وبالله التوفيق.



أولا: مقولة ( الشك قبل اليقين ) ليس لها وجود في واقع تلك التيارات، فغاية أمرهم الانتقال من شكّ إلى شكّ، ولو أمهلتَ أحدهم العمر كلّه ليصل إلى اليقين الذي يزعم بأنّه ما شكّ إلا من أجله لما وصل! وكذلك زعمهم البحث عن الحقيقة، فإنك لو دققت في أحوالهم تجد أحدهم يمضي عمره كله باحثاً عن الحقيقة، ويموت وهو لم يجد تلك الحقيقة، فهو كالمنبتّ الذي لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع؛ فإذا تبيّن لك أنّ "اليقين" ليس له وجود حقيقي عندهم وكذلك "الحقيقة"؛ فالوصف الدقيق لحالهم هو ( البحث عن الشكّ )، فالواحد منهم يتنقل في طبقات الشك، ويتقلب فيها عمره كله زاعما أنّه يريد الوصول إلى اليقين، ولكن لا يصل، بل إنّ دعوى البحث عن الحقيقة غير صحيحة كما سأبين فيما يأتي، لأنّ أحوالهم تظهر رضاً بالشك وقراراً عليه؛ فانظر كيف أنّ الشيطان أوقعهم في مصائد دقيقة؛ فالتبست عليهم الحقائق، واشتبهت عليهم الطّرق.

ثانيا: دعوى انفكاكهم عن اليقين لا حقيقة لها، وإنما هو مكرٌ من إبليس لم يتفطنوا له، فالفرق بينهم وبين أهل الإيمان هو موضع اليقين فقط! فأهل الإيمان وضعوا يقينهم في دين الله، وأولئك وضعوا يقينهم في الشّك، ولا يوجد أحدٌ يدعو إلى فِكر أو مذهب أو رأي إلا وقد آمن به ووضع يقينه فيه، فما يأخذونه على أهل الإيمان هم واقعون فيه بلا شعور.

ثالثا: الزعم بأنّ اليقين ليس سوى موروثات رسخت في العقل "الجمعي" فصَعُب على "القطيع" - كما يصفون - التخلص منها أمرٌ في غاية التهافت من وجوه:

الوجه الأول: مبدأ الشك الذي يدندنون حوله ليس وليد اللحظة؛ بل هم بأنفسهم ينقلونه عن فلاسفة اليونان، فهو – إذن –موروث تاريخي كما هو الحال بالنسبة إلى اليقين، وقد أعماهم إبليس عن رؤية هذه الحقيقة الناصعة.

الوجه الثاني: ما أكثر ما نشاهد على مر التاريخ من نشأ على مبادئ تلك المدارس، ونهل من معينها ورسخ فيها، ثم تبين له – بتوفيق الله - بعد بحث وتدقيق متجرّد أين يكمن اليقين؟ وخير مثال أحيل عليه هو البروفسور الامريكي المسلم Jerald F. Dirks صاحب هذا الموقع (http://www.welcome-back.org/profile/dirks1.shtml) فقصة إسلامه من أعجب القصص التي وقفتُ عليها، لأنّ فيها تجرّداً كبيرا قلّ له نظير، كما أنّ الرجل عنده جرأة وشجاعة في اعتناق الحقّ بعد ما تبيّن له، فليس من المعقول أن يُقال بأنّه وأمثاله ضحايا للموروث التاريخي.

رابعا: المُتأمل لحالهم يرى بأنّهم قد جعلوا الشك هو الوضع الصحي الذي يجب أن يكون عليه الأفراد والجماعات، وتراهم يدعون الناس إلى ذلك ويشنّعون على ذوي اليقين ويصفونهم بالسذاجة والتبعيّة، وهذا لعمري اختلال في المفاهيم وانتكاسٌ في الفِطَر، فلا يرتاب الأسوياء أنّ اليقين هو الحال الصحي للعقل والقلب والجسد، وأنّ الشكّ مرضٌ يجب علاجه ودفعه والتخلّص منه.

خامساً: تجد القوم مشتغلين بتوضيح الواضحات وتفصيل البدَهيّات، ولديهم ضمور معرفي ورتابة فكرية تجلب الملل والسآمة، ولا ينخدع بهم إلا أولو العقول البسيطة والأفهام السقيمة وهم كُثُر، والدافع لهم الخروج عن المألوف، والتميّز عن الآخرين، ودعوى نبذ التقليد التي كشفتُ زيفها في النقطة الثالثة.

سادسا: لا يُنكر أهل الإيمان أنّه لا بدّ من التثبت والتحقق والتبين قبل الاعتقاد، ولكنهم قد تجاوزوا هذه المرحلة منذ زمن الرسالة على صاحبها صلوات الله وسلامه، وقد استبانت لهم الأمور واتضحت الحقائق وبردت قلوبهم باليقين، وأمّا أهل الشكّ فما زالوا ولن يزالوا منذ عهد اليونان بعقلهم "الجمعي" و "الفردي" يتخبطون في ظلمات الشك، والسبب كما أسلفتُ أنّ أهل الإيمان يبحثون عن اليقين، وأهل الشكّ يبحثون عن الشكّ.

سابعاً: القوانين المنطقية والمعادلات العقلية خلقٌ من خلق الله، فهو الذي أوجدها وفهمنا إياها وليست لازمة عليه ولو شاء نقضها، قال تعالى: { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا }، فالشجر الأخضر من الماء، والماء بارد رطب ضد النار، وهما لا يجتمعان، فأخرج الله منه النار، فكيف – إذن - تُحاكم شرائع الله إلى العقول التي هي صنيعته!؟ ولو ذهب رجلٌ ليختبر رجلاً في آلة هو الذي صنعها وأوجدها لكان في عداد السفهاء؛ فأيّ وقاحة أعظم من أن يتعالى المرء على الله بعقله.

أحسبُ أنّ هذه الوقفات السريعة كفيلة بإبطال هذه السفاهة إن شاء الله.

المقال ألاتى بعنوان :هل نسبية الحقيقة حقيقة مطلقة ؟

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:43 PM
وهل «نسبيّة الحقيقة» حقيقةٌ مُطلقة !؟

الخميس, 09 ذو الحجة 1433

عبدالله بن عيسى الفيفي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد؛

فإنّ من الركائز الأساسية للمدارس العقلانية قديما وحديثاً الاعتقادُ بنسبيّة الحقيقة، ويقصدون بذلك أنْ لا أحد يمتلك الحقّ المطلق، وعليه فلا يجوز لأحدٍ أن يدّعي امتلاك الحقيقة الكاملة؛ ولذلك تراهم ينبزون بعض الفئات بكونها "تتكلّم باسم الرّب" ونحو ذلك، وذلك لأنّها تُقدّم خِطاباً تزعم بأنّه الحقّ المُطلق، ويقصدون بهم أهلَ السُنّة الذي يجزمون بأنّ الحقّيقة المُطلقة كامنةٌ في الكتاب السُنّة.

ثم يأتون بمهزلة اسمها ( نسبيّة الحقيقة )، ويعاملونها على أنّها حقيقةٌ مُطلقة ونصّ مُقدّس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويُحاكمون كلَّ شيء إلى هذه المهزلة. وواقعُ الأمر أنْ سُلِبت الحقيقة المُطلقة من الكتاب والسُنّة، ووضعت في هذه العقيدة الفاسدة المُسمّاة ( نسبيّة الحقيقة ).

وأصلُ هذا الاعتقاد وحيٌ من إبليس، نَفَثَ به في صدور بعض مُتفلسفة اليونان، ليصدّهم عن التماس الحقّ. لأنّه إن لم يكُن ثمّة حقيقةٌ مُطلقة، وكلّ شخصٍ يمتلك جزء من الحقيقة؛ فلينكفئ كلّ أحدٍ على ما لديه من الحقّ وكفى. وهكذا تبِعهم من يلوكُ هذه العبارة من بني جِلدتنا، فهي مُبرّر لهم في عدم التزام الحقّ، ولو كانوا يعُون فإنّ لهذه الفِكرة مُقتضيات كُفرية ولوازم إلحادية.

اللطيف في الأمر؛ أنّ ضحايا ( نسبيّة الحقيقة ) لا يُدركون بأنّهم قد جعلوا فيها الحقّ المُطلق، إمّا لِقصور عقولهم، وإما أن يكون بفِعل التّخدير الفِكري لهذه العبارة. فهم لمّا رأوا عنوانها نسبية الحقيقة؛ استسلموا لظاهرها ولم يبحثوا في حقيقتها.

وكما تخدّروا بهذه العبارة، فهم كذلك يُخدّرون الجماهير. فعندما يسمع البُسطاء شخصاً يدعو إلى العقل والفِكر والنّقد والتحرّر؛ تجدهم يأخذون ما يخرج من فمِه على أنّه قد خضع بالفعل إلى نقد وفِكر وعقل.

وأمّا الحقيقة المُطلقة فهي بلا ريبٍ في الكتاب والسُنّة، ولا يتردد في هذا إلا جاهلٌ أو مُعاند، وحقّ الجاهل أن يتعلم، ومن علم حُجةٌ على من لم يعلم، وأمّا المُعاند فأمره إلى الله تعالى.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ؛؛؛

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 08:59 PM
من تناقضات عدنان إبراهيم في استدلاله بحديث ( أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين )

الكاتب :الشيخ عبدالله الخليفى .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فلا يكاد المرء يستمع لعدنان إبراهيم حتى يفجع بكم هائل من التناقضات والتدليسات العلمية فمن ذلك احتجاجه بحديث ( أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ) ثم نزله تنزيلاً فاجراً على طلحة والزبير


وقد ادعى تصحيح ابن حجر للحديث في التلخيص الحبير ومن تأمل احتجاجه بهذا الخبر علم جهله وفجوره وذلك من وجوه


أولها : أن عامة المنتسبين للعلم قد أنكروا هذا الحديث وضعفوه فليس من الأمانة أن تكتم كلامهم


وسأكتفي بنقل تخريج المعلقين على المطالب العالية مع ما فيه مما لا أرتضيه من تعظيم الجهمية ولكنه تخريج من الناحية الحديثية جيد طبعة دار العاصمة


قال المعلقون على المطالب :" أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 397: 519)، والبزار في البحر الزخار (3/ 26: 774)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 51)، والطبراني في الأوسط كما في المجمع (7/ 238) كلهم من طريق الربيع بن سهل، به، بنحوه.
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه، طرقًا أخرى متعددة لحديث علي رضي الله عنه ومنها:
الطريق الأولى: أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 367) من طريق أبي عوانة، عن أبي الجارود، عن زيد بن علي بن الحسين، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
قلت: هو موضوع بهذا الإِسناد، فيه أبو الجارود زياد بن المنذر الأعمى، رافضي، كذّبه يحيى بن معين وأبو داود، وقال ابن حبّان: كان رافضيًا يضع الحديث في مناقب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. (انظر: التهذيب 3/ 386، التقريب ص 221).
الطريق الثانية: أخرجه ابن عساكر في المصدر المذكور من طريق هارون بن إسحاق، عن أبي غسان، عن جعفر، أحسبه الأحمر، عن عبد الجبار الهمداني، عن أنس بن عمرو، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه بنحوه.
قلت: فيه أنس بن عمرو، قال الحافظ عبد الرحمن بن خراش: مجهول، وذكره ابن حبّان دي الثقات. (انظر: الميزان 1/ 77، اللسان 1/ 469).
وفيه جعفر بن زياد الأحمر، وهو صدوق، يتشيع. (انظر: التقريب ص 145: الطريق الثالثة: أخرجه ابن عساكر (12/ 368) من طريق عبد الله بن عدي، عن أحمد بن جعفر البغدادي، عن سليمان بن سيف، عن عبيد الله بن موسى، عن مطر، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم بن علقة، عن علي رضي الله عنه بنحوه.
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه حكيم بن جبير الأسدي، قال أحمد: ضعيف، منكر الحديث.
قال البخاري: كان شعبة يتكلم فيه، وقال الدارقطني: متروك، ولهذا قال الحافظ ابن حجر: ضعيف ورمي بالتشيع. (انظر: الميزان 1/ 583، التهذيب 2/ 445، التقريب (ص 176: 1468).
= الطريق الرابعة: أخرجه ابن عساكر (12/ 368) من طريق أبي بكر الخطيب البغدادي، عن الأزهري، عن محمَّد بن المظفر، عن محمَّد بن أحمد بن ثابت، قال: وجدت في كتاب جدي محمَّد بن ثابت، عن أشعث بن الحسن السلمي، عن جعفر الأحمر، عن يونس بن أرقم، عن أبان عن خليد القصري، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ يوم النهروان، فذكره، بنحوه.
وجملة القول: إن الحديث روى من طرق متعددة عن علي رضي الله عنه بعضها ضعيفة وبعضها موضوعة.
وللحديث شواهد من حديث عمار بن ياسر، وأبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.
1 - حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 194: 1623) عن الصلت بن مسعود الجحدري، عن جعفر بن سليمان، عن الْخَلِيلُ بْنُ مُرَّةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ: أُمِرْتُ بِقَتْلِ النَّاكِثِينَ وَالْقَاسِطِينَ، والمارقين.
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه الخليل بن مرة، وهو ضعيف، وفيه الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال العقيلي: لا يصح حديثه، وفيه جعفر بن سليمان الضبعي، وهو صدوق، لكنه كان يتشيع، والحديث يؤيد بدعته. وذكره الحافظ في المطالب العالية. (انظر التفصيل في الحكم عليه في الحديث القادم).
2 - حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 112) عن الهيثم بن خالد الدوري، عن محمَّد بن عبيد المحاربي، عن الوليد بن حماد، عن أبي عبد الرحمن الحارثي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: أمر علي بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
قلت: فيه أبو عبد الرحمن الحارثي ولم أقف له على ترجمة، والوليد بن حماد، لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبّان في الثقات، وأورده الحافظ في = اللسان. (انظر: الثقات 9/ 226، اللسان 6/ 221).
وقال الهيثمي في المجمع (6/ 235): "رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 368)، والبغوي في شرح السنَّة (10/ 234) من طريق الحاكم عن الإِمام أبي بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، عن الحسن بن علي، عن زكريا بن يحيى الحرار المقرئ، عن إسماعيل بن عباد المقرئي، عن شريك، عن منصور، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: فأتى منزل أم سلمة فجاء علي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا أم سلمة هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين بعدي".
قلت: إسناده ضعيف فيه شريك بن عبد الله النخعي، وهو صدوق يخطئ كثيرًا
وتغير حفظه في آخر عمره. (انظر: التهذيب 4/ 194، التقريب ص 266: 2787).
3 - حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: وله عن أبي أيوب طرق متعددة:
الأولى: أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 206: 4049)، حدَّثنا الحسين بن إسحاق السدي، ثنا محمد بن الصباح الجرجراني، ثنا محمد بن كثير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن محنف بن سليم، عن أبي أيوب الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أمرني بقتال ثلاثة: "الناكثين، والقاسطين، والمارقين". وزاد قصة في آخره.
قال الهيثمي في المجمع (6/ 235): "رواه الطبراني وفيه محمَّد بن كثير الكوفي وهو ضعيف".
قلت: وفيه أيضًا الحارث بن حصيرة، وهو ضعيف، غال في التشيع، وقال ابن عدي: هو أحد من المحترقين بالكوفة في التشيع، وعلى ضعفه يكتب حديثه. اهـ.
(انظر: الكامل 2/ 606، التهذيب 2/ 140، التقريب ص 145: 1018).
الثانية: أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 139) عن أبي سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، ثنا محمد بن حميد، ثنا سلمة بن الفضل، حدَّثني أبو زيد الأحول، عن عتاب بن ثعلبة، حدَّثني أبو أيوب الأنصاري، به، بنحوه.
قلت: في إسناده عتاب بن ثعلبة، وسلمة بن الفضل، ومحمد بن حميد الرازي، أما عتاب بن ثعلبة: فذكره الذهبي في الميزان (3/ 27)، وقال: "عداده من التابعين روى عنه أبو زيد الأحول حديث قتال الناكثين، والإِسناد مظلم، والمتن منكر، وأقرّه الحافظ ابن حجر في اللسان (4/ 127).
وأما سلمة بن الفضل الأبرش: فإنه صدوق إلَّا أنه كثير الخطأ، فقد وثقه ابن معين، وابن سعد، وأبو داود، وقال أبو حاتم: صالح، محله الصدق، في حديثه إنكار، ليس بالقوي، لا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال البخاري: عنده مناكير، وهّنه علي، وضعّفه إسحاق والنسائي.
وقال ابن عدي: عنده غرائب وأفراد، ولم أجد في حديثه حديثًا قد جاوز الحد في الإِنكار وأحاديثه متقاربة محتملة. (انظر: الجرح والتعديل 4/ 168، التهذيب 4/ 153، التقريب ص 248: 2505).
وأما محمَّد بن حميد الرازي: فقد رماه غير واحد بالكذب، منهم أبو زرعة، وأبو حاتم والنسائي، وابن خراش، وصالح بن محمَّد الأسدي، وأثنى عليه الإِمام أحمد، ووثقه ابن معين، وقال الحافظ ابن حجر: حافظ، ضعيف، وكان ابن معين حسن الرأي فيه. (انظر: الجرح والتعديل 7/ 232، التهذيب 9/ 127، التقريب ص 485: 5834).
الثالثة: أخرجه الحاكم (3/ 139) من طريق محمَّد بن يونس القرشي، عن عبد العزيز بن الخطاب، عن علي بن غراب بن أبي فاطمة، عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، به قلت: في إسناده أصبغ بن نباته، متروك، رمي بالرفض. (التقريب ص 113: 537).
وفي إسناده أيضًا محمَّد بن يونس بن موسى بن سليمان الكديمي، وهو متهم بوضع الحديث، فقد كذّبه أبو داود، والقاسم بن مطرز، وقال ابن حبّان: كان يضع الحديث. ولعله قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث، وقال ابن عدي: قد اتهم بالوضع، وادعى الرواية عمن لم يرهم، ترك عامة مشايخنا الرواية عنه، ومن حدَّث عنه نسبه إلى جده لئلا يعرف. (انظر: الكامل لابن عدي 6/ 2294، الميزان 4/ 74، التهذيب 9/ 539، التقريب ص 515: 6419).
ولهذا قال الذهبي في تلخيص المستدرك عقب هذين الطريقين: لم يصح، وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين".
الرابعة: أخرجه الخطيب في تاريخه (13/ 186 - 187)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/ 369) من طريق أحمد بن عبد الله المؤدب، عن المعلي بن عبد الرحمن، عن شريك عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين: فقلنا له: يا أبا أيوب، إن الله أكرمك بنزول محمَّد -صلى الله عليه وسلم- وبمجيء ناقته تفضلًا من الله، وإكرامًا لك حتى أناخت ببابك دون الناس، ثم جئت بسيفك على عاتقك، تضرب به أهل لا إله إلَّا الله؟! فقال: يا هذا، إن الرائد لا يكذب أهله، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرنا بقتال ثلاثة مع علي: بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، فأما الناكثون فقد قابلناهم: أهل الجمل، طلحة والزبير، وأما القاسطون، فهذا منصرفنا من عندهم يعني معاوية وعمروًا، وأما المارقون فهم أهل الطرقات وأهل السعيفات، وأهل النخيلات، وأهل النهروانات، والله ما أدري أين هم، ولكن لا بد من قتالهم، إن شاء الله.
قلت: في إسناده المعلي بن عبد الرحمن الواسطي، وهو متهم بالوضع، ورمي بالرفض، سئل عنه ابن معين فقال: أحسن أحواله عندي أنه قيل له عند موته: ألا تستغفر الله تعالى؟ فقال: ألا أرجو أن يغفر لي، وقد وضعتُ في فضل علي سبعين حديثًا؟ وذهب ابن المديني إلى أنه كان يكذب، ويضع الحديث، وقال الدارقطني، ضعيف كذاب، وقال أبو حاتم: متروك الحديث. (انظر: الجرح والعديل 8/ 334، التهذيب 10/ 238، التقريب ص 541: 6805).
والراوي عن معلى هذا هو أحمد بن عبد الله المؤدب، نسب إلى وضع الحديث. قال ابن عدي: كان يضع الحديث، وقال ابن حبّان: يروى عن عبد الرزاق والثقات الأوابد والطامات، وقال الدارقطني: يحدَّث عن عبد الرزاق وغيره بالمناكير، يترك حديثه، وقال الخطيب: في بعض أحاديثه نكرة. (انظر: المجروحين 1/ 152، الكامل 1/ 195، تاريخ بغداد 4/ 218، الميزان 1/ 109، اللسان 1/ 197 - 198).
وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/ 12، وقال: "هذا حديث موضوع بلا شك".
الخامسة: أخرجه ابن حبّان في المجروحين (1/ 174) ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 12)، ثنا محمَّد بن المسيب، ثنا علي بن المثني الطهوي، ثنا يعقوب بن خليفة، عن صالح بن أبي الأسود، عن علي بن الحزور، عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه بنحو لفظ الباب.
قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، قال يحيى: الأصبغ، لا يساوي فلسًا، وقال ابن حبّان: متروك، وأما علي بن الحزور فذاهب، وقال البخاري: عنده عجائب".
وقال ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 387) بعد ذكر الحديث: "وتعقب بأن له طرقًا أخرى غير هذه، أخرجه الحاكم في الأربعين من طريقين، وأخرجه من حديث علي بلفظ: أمرت بقتال ثلاثة، فذكره، وأخرجه من حديث أبي سعيد الخدري بسند ضعيف، ومن حديث ابن مسعود، وكذا الطبراني من طريقين، أخرجه أبو يعلى، والخطيب، والحافظ عبد الغني في إيضاح الإِشكال من حديث علي". اهـ.
قلت: سبق الكلام على معظم هذه الطرق وتبين أنها ضعيفة، وأما حديث أبي سعيد الخدري فهو كالآتي:
4 - حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أخرجه الحاكم في الأربعين، كما في تنزيه الشريعة (1/ 387)، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 368) عن أبي جعفر محمَّد بن دحيم الشيباني، عن الحسن بن الحكم الحيري، عن إسماعيل بن أبان عن إسحاق بن إبراهِم الأزدي، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، فقلنا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من؟ قال: "مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر".
قلت: في إسناده أبو هارون العبدي: وهو عمارة بن جُوَيْن البصري، ضعّفه أبو زرعة، وأبو حاتم، وشعبة، وابن سعد، وتركه يحيى القطان، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وكذّبه ابن معين، وعثمان بن أبي شيبة، وعليه فهو متروك الحديث، ورمي بالتشيع. (انظر: الجرح والتعديل 6/ 363، المجروحين 2/ 177، الميزان 3/ 173، التهذيب 7/ 412، التقريب ص 408: 4840).
وجملة القول: إن الحديث روي من حديث جملة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وله طرق متعددة من حديث علي رضي الله عنه، وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، ولكن لا يخلو طريق منها عن ضعف، بل أكثرها ضعيفة جدًا، وسبب ضعفه في الغالب أن أحد رواة الإِسناد شيعي والحديث في فضل علي رضي الله عنه، لذا لا يقبل حديثه في بدعته عند علماء هذا الشأن، وقد أطلق بعض العلماء القول بوضعه مثل شيخ الإِسلام ابن تيمية كما سيأتي قريبًا، ولكن يستثنى من ذلك الجزء الأخير وهو قوله: (المارقين) لأنه ورد من طرق أخرى قتال علي رضي الله عنه الخوارج كما سيأتي بعد قليل.
أقوال العلماء في الحديث:
أطلق مجموعة من العلماء القول بعدم صحته، ومنهم من حكم عليه بالضعف
وآخرون قالوا بأنه موضوع.
1 - أبو جعفر العقيلي رحمه الله:
أخرج الحديث في الضعفاء (2/ 51)، من طريق الربيع بن سهل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الوالبي، عن علي رضي الله عنه، به، ثم قال: "الأسانيد في هذا الحديث عن علي ليّنة الطرق، والرواية عنه في الحرورية صحيحة".
وأخرجه أيضًا (3/ 480) من طريق الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال: سمعت عمار بن ياسر يقول، فذكره بنحوه، ثم قال: "ولا يثبت في هذا الباب شيء".
2 - ابن حبّان رحمه الله:
ذكر الحديث في كتابه المجروحين (1/ 174)، وقد تقدم الكلام عليه آنفًا.
3 - ابن الجوزي رحمه الله:
أما ابن الجوزي رحمه الله فقد حكم عليه بالوضع، وذكره في الموضوعات (2/ 12 - 13)، وقال: هذا حديث موضوع بلا شك ... وقال أيضًا: هذا حديث لا يصح.
4 - الذهبي رحمه الله:
قال في تلخيص المستدرك (3/ 140) عن هذا الحديث كما سبق: "لم يصح، وساقه الحاكم بإسنادين مختلفين إلى أبي أيوب ضعيفين".
5 - الحافظ ابن كثير رحمه الله:
قال في البداية والنهاية (7/ 316) بعد أن أورد الحديث: فإنه حديث غريب ومنكر، على أنه قد روي من طرق عن علي، وعن غيره، ولا تخلو واحدة منها عن ضعف".
6 - أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله:
أما شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله فقال في منهاج السنَّة (6/ 111 - 112): لم يرو علي رضي الله عنه في قتال الجمل وصفين شيئًا، كما رواه في قتال الخوارج، بل روى الأحاديث الصحيحة، هو وغيره من الصحابة في قتال الخوارج المارقين، وأما قتال الجمل وصفين، فلم يرو أحد منهم إلَّا القاعدون، فإنهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة، وأما الحديث الذي يروي أنه أمر بقتل الناكثين والقاسطين، والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي -صلى الله عليه وسلم-".
وقال أيضًا في المنهاج (5/ 50) ردًا على حديث عامر بن واثلة وفيه: قال علي: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم-: تقاتل الناكثين والفاسقين والمارقين، على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- غيري؟ قالوا: لا ... الحديث.
قال شيخ الإِسلام: "هذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث".


أقول : أضف إلى هؤلاء الجوزقاني الذي جعل هذا الحديث معارضاً لأحاديث فضل طلحة والزبير


قال الجوزقاني في الأباطيل والمناكير :" بَابٌ: فِي فَضَائِلِ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعَمْرٍو
174 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْبَغْدَادِيُّ، فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَطِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَدِّبُ، بِسُرَّ مَنْ رَأَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: أَتَيْنَا أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ صِفَّيْنَ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْرَمَكَ بِنُزُولِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَجِيءِ نَاقَتِهِ تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ، وَإِكْرَامًا لَكَ، حَتَّى أَنَاخَتْ بِبَابِكَ دُونَ النَّاسِ، ثُمَّ جِئْتَ بِسَيْفِكَ عَلَى عَاتِقِكَ، تَضْرِبُ بِهِ أَهْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! فَقَالَ: يَا هَذَا، إِنَّ الرَّائِدَ لَا يَكْذِبُ أَهْلَهُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِقِتَالِ ثَالِثَةٍ مَعَ عَلِيٍّ: بِقِتَالِ النَّاكِثِينَ، وَالْقَاسِطِينَ، وَالْمَارِقِينَ، فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْنَاهُمْ: أَهْلُ الْجَمَلِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ.
وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ: فَهَذَا مُنْصَرَفُنَا مِنْ عِنْدَهُمْ، يَعْنِي مُعَاوِيَةَ وَعَمْرًا.
وَأَمَّا الْمَارِقُونَ: فَهُمْ أَهْلُ الطَّرْفَاوَاتِ، وَأَهْلُ السُّعَيْفَاتِ، وَأَهْلُ النُّخَيْلَاتِ، وَأَهْلُ النَّهْرَوَانَاتِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيْنَ هُمْ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قِتَالِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لِعَمَّارٍ: «يَا عَمَّارُ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، وَأَنْتَ إِذْ ذَاكَ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَكَ، يَا عَمَّارُ بْنَ يَاسِرٍ، إِنْ رَأَيْتَ عَلِيًّا قَدْ سَلَكَ وَادِيًا، وَسَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا غَيْرَهُ، فَاسْلُكْ مَعَ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ لَنْ يَدُلَّكَ فِي رَدِيٍّ، وَلَنْ يُخْرِجَكَ مِنْ هُدًى، يَا عَمَّارُ، مَنْ تَقَلَّدَ سَيْفًا أَعَانَ بِهِ عَلِيًّا عَلَى عَدُوِّهِ قَلَّدَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وُشَاحَيْنِ مِنْ دُرٍّ، وَمَنْ تَقَلَّدَ سَيْفًا أَعَانَ بِهِ عَدُوَّ عَلِيٍّ عَلَيْهِ، قَلَّدَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وُشَاحَيْنِ مِنْ نَارٍ» ، قُلْنَا: يَا هَذَا، حَسْبُكَ رَحِمَكَ اللَّهُ، حَسْبُكَ رَحِمَكَ اللَّهُ.
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ لَا شَكَّ فِيهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو: قُلْتُ لِأَبِي زُرْعَةَ: مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ ، فَقَالَ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْمَالِينِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْحَافِظَ، يَقُولُ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَدِّبُ، كَانَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى، يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُؤَدِّبُ يُعْرَفُ بِالْهُشَيْمِيُّ، يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ بِالْمَنَاكِيرِ، يُتْرَكُ حَدِيثُهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ هَذَا، تَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَوَارِسِ فِي رِوَايَتِهِ، عَنِ
الْمَطِيرِيِّ، فَطَعَنَ عَلَيْهِ، وَقَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِلْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ: شَهِدَ أَبُو أَيُّوبَ مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ شَهِدَ مَعَهُ قِتَالَ أَهْلِ النَّهْرِ
فِي خِلَافِ ذَلِكَ
175 - أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ جَمَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَيْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الزَّاهِدُ الخَفَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى صَخْرَةٍ بِحِرَاءَ، هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اهْدَئِي، فَمَا عَلَيْكِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْشَهِيدٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتْيَبَةَ
176 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ أَبُو بَكْرٍ السِّجِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَبُو مُوسَى زُغْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: «مَنْ رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ بَنِي قُرْيَظَةَ؟» , قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسِهِ، فَجَاءَ بِخَبَرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: فَذَهَبَ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، فَذَهَبَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
177 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْمَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي يَوْمَ الْأَحْزَابِ: قَدْ رَأَيْتُكَ يَا أَبَهْ، وَأَنْتَ تَحْمِلُ عَلَى فَرَسٍ لَكَ أَشْقَرَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ وَرَأَيْتَنِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ، فَجَمَعَ لِي أَبَوَيَّ، يَقُولُ: «فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْخَلِيلِ، وَسُوَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، وَعَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ
178 - أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ جَمَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيْدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الزَّاهِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " عَشْرَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْجَنَّةِ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ ".
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، رَوَاهُ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ
179 - أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ جِمَّانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الْخَفَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، قَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، اذْهَبْ إِلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ، فَقُلْ: يُقْرِأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ، ثُمَّ سَلْهَا أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ؟ قَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ، قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: " مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا الْمَضْجَعِ، فَإِذَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ: يَسْتأَذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي، فَادْفِنُونِي، وَإِلَّا فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا بَعْدِي، فَهُوَ الْخَلِيفَةُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَسَمَّى: عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ قُتَيْبَةَ"


ثم ذكر أحاديث فضل معاوية وعمرو


ومن تناقض عدنان إبراهيم تكذيبه بالأحاديث التي اتفق أهل العلم على تصحيحها في فضل طلحة والزبير ثم تصديقه بهذا الخبر الواهي الذي اتفقوا على تضعيفه وإنما صححه الحاكم المعروف بالتساهل ولو تابعه ابن حجر فهذا ذم في ابن حجر إذ قلد الحاكم على سقطته وقد خرج الحاكم حديث الطير وهو أشد نكارة منه وفي المستدرك بواطيل


فالأمر عند عدنا محض تشهي


ومما يدل على كذب هذا الحديث ما صح عن علي رضوان الله عليه بأنه لم ليس عنده شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتال أهل صفين


قال عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند [1271]:
حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ:
قُلْتُ لِعَلِيٍّ: أَرَأَيْتَ مَسِيرَكَ هَذَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتَهُ؟
قَالَ: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قُلْتُ: دِينَنَا دِينَنَا.
قَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنْ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ.
أقول: هذا قاله علي في حربه مع معاوية، أما حربه مع الخوارج مع تقدم اغتباطه بذلك وذكره للأحاديث في فضل قتالهم، وخبر ذي الثدية معروف مشهور.


وكان قد ندم في قتال أهل الجمل


قال ابن أبي شيبة في المصنف [38990]:
حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ أبي عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ الْخُزَاعِيُّ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ:
أَعْذِرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ يَوْمِ الْجَمَلِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ: لَقَدْ رَأَيْته حِينَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ يَلُوذُ بِي وَيَقُولُ: يَا حَسَنُ، لَوَدِدْت أَنِّي مِتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِينَ حِجَّةً.
أبو الضحى أدرك سليمان فإن كان حمل الخبر , فالخبر متصل.
* وكذا جاء في مسند الحارث كما في بغية الباحث [757]:
حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ , ثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: جِئْتُ إِلَى الْحَسَنِ فَقُلْتُ:


اعْذُرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حِينَ لَمْ أَحْضُرِ الْوَقْعَةَ , فَقَالَ الْحَسَنُ: مَا تَصْنَعُ بِهَذَا لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَهُوَ يَلُوذُ بِي وَيَقُولُ: يَا حَسَنُ لَيْتَنِي مُتُّ قَبْلَ هَذَا بِعِشْرِينَ سَنَةً.
* وقال عبد الله بن أحمد في السنة [1212]:
حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي، نا حماد بن زيد، نا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد، قال: قال علي رضي الله عنه يوم الجمل: وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
* وقال أيضاً [1181]:
حدثني إسماعيل أبو معمر، نا ابن نمير، عن شريك، عن العلاء بن عبد الكريم، عن تميم بن سلمة، قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنه يوم الجمل أو يوم صفين شيئا فقال له علي رضي الله عنه:
وددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
تميم لا أدري إن كان سمع الحسن، ولكنه سمع ابن صرد


قال ابن أبي شيبة في المصنف [39035]:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ قَتْلَى يَوْمِ صِفِّينَ، فَقَالَ: قَتْلاَنَا وَقَتْلاَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَيَصِيرُ الأَمْرُ إلَيَّ وَإِلَى مُعَاوِيَةَ.

أقول: نص الذهبي على إدراك يزيد لعلي، ولكن قال روايته عن علي وردت من وجهٍ ضعيف، ولعله يعني المرفوع، فإن السند هنا قوي إلى يزيد.
وجعفر بن برقان نص الإمام أحمد على أنه ثبت في حديث الأصم.


فهذه الآثار مع ما ذكره الجوزقاني يقضي بنكارة هذا الخبر


الوجه الثاني : عدنان إبراهيم ينكر أحاديث الرجم وهي أصح من الأحاديث السابقة وأكثر طرقاً ، وينكر أحاديث الدجال والمسيح وعذاب القبر وكلها أصح من هذا


بل اتفق أهل السنة والزيدية والرافضة على رواية الرجم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه الله


الوجه الثالث : إذا كان عدنان سعيداً بالاقتتال الذي حصل بين الصحابة ويرى أن علياً أمره النبي بذلك فعلى ماذا يدعو للتقريب فقد تكون إحدى الجماعات المختلفة هي الجماعة الحقة كما كان علي بن أبي طالب ، ولها أن تقاتل أن تضلل الفرق الأخرى


والذين قاتلهم علي في الجمل وصفين يشاركونه في العقيدة بكل تفاصيلها بخلاف الحاصل بين الفرق اليوم


بل الخوارج الذين قاتلهم علي كانوا يوافقونه في مسائل الصفات والقدر وتوحيد الألوهية


وهذا ينقض دعاوى عدنا إبراهيم وحسن المالكي والسقاف وغيرهم للتقريب فدعواهم للتقريب تقتضي تغليط علي في صنيعه في قتال المنتسبين للملة


بل كلهم ينكرون على محمد بن عبد الوهاب قتاله لأناس كانوا يتركون الصلاة والزكاة وعامة الشرائع مع أن هذا هو إجماع المذاهب الفقهية المتبوعة


جاء في الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب ص98 :" نقاتل عبّاد الأوثان كما قاتلهم صلى الله عليه وسلم، ونقاتلهم على ترك الصلاة، وعلى منع الزكاة، كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ ولكن ما هو إلا كما قال ورقة بن نوفل: ما أتى أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي وأوذي وأُخرج. وما قل وكفى خير مما كثر وألهى"


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:02 PM
تعليق مختصر على حماقة عدنان إبراهيم في مسألة الحرية ...
الكاتب :الشيخ عبدالله الخليفى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فقد بلغني أن عدنان إبراهيم يقول ( أنا أحترم هذا الرب الذي جعل لي الحرية ( فمن فليؤمن ومن شاء فليكفر )


وأقول تعليقاً على قوله


قد أبان هو وغيره من الاستدلال بهذه الآية حماقة عظيمة فللآية تتمة ( إنا أعتدنا للظالمين ناراً )


ولو سألت أي عاقل من قال لك ( إن شئت فعلت كذا وعاقبك ، وإن شئت فعلت كذا وأثبتك )


هل هذا تخيير أم تهديد ؟


لقال لك ببداهة العقل تهديد


فإن أصروا هو وأضرابه من الجهلة المستدلين بهذه الآية كأمثال طارق السويدان


قيل لهم : فحد الردة حرية أيضاً فنحن نقول للمرتد ( إن شئت بقيت على دينك وعصمت دمك ، وإن شئت ارددت فقتلناك )


ما الفرق بين هذه وما دلت عليه الشريعة من أن المرء إن شاء آمن فدل الجنة وإن شاء كفر فدخل النار ؟


الحقيقة لا فرق !


فإن أصررت أن ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) فيها الحرية فقل بأن حد الردة أيضاً حرية وكل من خيرك بين أمرين ورتب على أحدهما ثواباً وعلى الآخر عقاباً مهما كان الثواب ومهما كان العقاب فهو قد ترك لك الحرية التامة على هذا المنطق العجيب


قال الدارمي في مسنده 214 - أخبرنا محمد بن عيينة انا علي هو بن مسهر عن أبي إسحاق عن الشعبي عن زياد بن حدير قال قال لي عمر : هل تعرف ما يهدم الإسلام قال قلت لا قال يهدمه زلة العالم وجدال المنافق بالكتاب وحكم الأئمة المضلين.


وجدال المنافقين بالكتاب هو من جنس هذا الاستدلال والذي بنوا عليه أن الحرية مقدمة على الشريعة وغيرها من ألوان الكفر البواح
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:06 PM
الرد على عدنان إبراهيم في قصة إكراه الأوزاعي على سب علي

الكاتب :الشيخ عبدالله الخليفى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال الذهبي في السير (6/556) :" أَبُو فَرْوَةَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّهَاوِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لِعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: الأَوْزَاعِيُّ أَوْ سُفْيَانُ? فَقَالَ: وَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ سُفْيَانَ? قُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو: ذَهَبَتْ بِكَ العِرَاقِيَّةُ الأَوْزَاعِيُّ فِقْهُهُ، وَفَضْلُه، وَعِلْمُه فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَتُرَانِي أُؤثِرُ عَلَى الحَقِّ شَيْئاً. سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: مَا أَخَذْنَا العَطَاءَ حَتَّى شَهِدْنَا عَلَى عَلِيٍّ بِالنِّفَاقِ، وَتَبَرَّأْنَا مِنْهُ، وَأُخِذَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ الطَّلاَقُ، وَالعِتَاقُ، وَأَيْمَانُ البَيْعَةِ قَالَ: فَلَمَّا عَقَلْتُ أَمرِي سَأَلْتُ مَكْحُوْلاً، وَيَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ إِنَّمَا أَنْتَ مُكْرَهٌ فَلَمْ تَقَرَّ عَيْنِي حَتَّى فَارَقْتُ نِسَائِي، وَأَعتَقْتُ رَقِيْقِي، وَخَرَجْتُ مِنْ مَالِي، وَكَفَّرْتُ أَيْمَانِي. فَأَخْبِرْنِي: سُفْيَانُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ?"


هذا الخبر رأيت عدنان إبراهيم يستدل به في سياق يثلب فيه معاوية !


ولا علاقة لمعاوية بالأمر فإنه كان بعده بكثير فالأوزاعي متأخر عن زمن الصحابة


وهذا الخبر يرويه الرهاوي المتروك ولم أجده في غير السير وتاريخ الإسلام وما وجدت له إسناداً للرهاوي قط


وعدنان إبراهيم وأضرابه يخدعون الجهلة من العامة فإنك تجده ينكر الأحاديث المتواترة الصحيحة كأحاديث الدجال وأحاديث نزول عيسى ابن مريم وأحاديث عذاب القبر وأخبار الناسخ والمنسوخ وأحاديث الشهادة لأهل بدر بالجنة والتي اتفق أهل العلم في كل مصر على تخريجها واعتقاد ما فيها


ثم إذا تعلق الأمر بثلب صحابي أو علم من الأعلام صار يقبل الروايات المعضلة والمكذوبة !


فمعيار القبول عنده والرد هواه فقط !


ويمسك بيده كتاباً ويقول ( هذا كتاب الحافظ فلان بن فلان ) فيوهم العامة أنه كتاب كل ما فيه صحيح ومعتبر ، وهو نفسه يرد عشرات الأخبار في هذا الكتاب


فهذا دجل ما بعده دجل


ويكفي في نقض الصورة التي يريد أن يصورها للعامة عن زمن بني أمية مطلقاً أن أهل الكوفة كانوا أهل تشيع في زمن بني أمية وكانوا من أروى الناس لفضائل علي بن أبي طالب ولم يحصل أن تم استئصالهم أو منعهم من العطاء لذلك مع ميل بعض خلفاء بني أمية للنصب


بل الزهري مع مكانته عندهم كان يروي عن علي بن الحسين وكان للفقهاء في كل الأمصار عناية بفقه علي بن أبي طالب


ومن دجل عدنان إبراهيم تصديقه هذه الرواية


قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: كانت بنو أُمَّية إذا سمعوا بمولودٍ اسمه عليّ قتلوه، فبلغ ذَلِكَ رباحًا، فَقَالَ: هُوَ عُلَيّ.


وهذه ذكرها ابن عساكر في تاريخ دمشق بسند فيه جهالة وقد نقد الذهبي متنها بما يبين بطلانها


قال الذهبي في تاريخ الإسلام :" قُلْتُ: قوله مولود لا يستقيم، لأنّ عَلِيًّا هذا وُلد فِي أول خلافة عثمان، أو قبل ذَلِكَ بقليل، وكان فِي خلافة بني أمية رجلا لا مولودًا"


ومما يبطل هذه الرواية أن علي بن أبي طلحة وكان من مشاهير الرواة وهو من أهل حمص اسمه علي وقد كان في زمن بني أمية وعلى الأرجح ولد في زمنهم


ويا ليت شعري إذا كان الأمر كذلك فأين ذهب علي بن الحسين زين العابدين لماذا لم يقتلوه


وأشد زمان كان على أهل البيت ومن يظهر محبة علي زمن الحجاج بن يوسف وكان شديداً على أهل الإسلام جميعاً والله المستعان


فتأمل كيف أنه يقبل هذه الرواية المشكلة والتي بيسير نقد يتم إبطالها ، ثم هو يتعنت في عشرات الأحاديث الصحيحة التي ينكرها وهذا يدل على غياب المنهجية والعقل والتقوى
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:09 PM
الرد على عدنان إبراهيم في قصة إكراه الأوزاعي على سب علي

الكاتب :الشيخ عبدالله الخليفى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


قال الذهبي في السير (6/556) :" أَبُو فَرْوَةَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّهَاوِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لِعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: الأَوْزَاعِيُّ أَوْ سُفْيَانُ? فَقَالَ: وَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ سُفْيَانَ? قُلْتُ: يَا أَبَا عَمْرٍو: ذَهَبَتْ بِكَ العِرَاقِيَّةُ الأَوْزَاعِيُّ فِقْهُهُ، وَفَضْلُه، وَعِلْمُه فَغَضِبَ، وَقَالَ: أَتُرَانِي أُؤثِرُ عَلَى الحَقِّ شَيْئاً. سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: مَا أَخَذْنَا العَطَاءَ حَتَّى شَهِدْنَا عَلَى عَلِيٍّ بِالنِّفَاقِ، وَتَبَرَّأْنَا مِنْهُ، وَأُخِذَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ الطَّلاَقُ، وَالعِتَاقُ، وَأَيْمَانُ البَيْعَةِ قَالَ: فَلَمَّا عَقَلْتُ أَمرِي سَأَلْتُ مَكْحُوْلاً، وَيَحْيَى بنَ أَبِي كَثِيْرٍ، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ إِنَّمَا أَنْتَ مُكْرَهٌ فَلَمْ تَقَرَّ عَيْنِي حَتَّى فَارَقْتُ نِسَائِي، وَأَعتَقْتُ رَقِيْقِي، وَخَرَجْتُ مِنْ مَالِي، وَكَفَّرْتُ أَيْمَانِي. فَأَخْبِرْنِي: سُفْيَانُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ?"


هذا الخبر رأيت عدنان إبراهيم يستدل به في سياق يثلب فيه معاوية !


ولا علاقة لمعاوية بالأمر فإنه كان بعده بكثير فالأوزاعي متأخر عن زمن الصحابة


وهذا الخبر يرويه الرهاوي المتروك ولم أجده في غير السير وتاريخ الإسلام وما وجدت له إسناداً للرهاوي قط


وعدنان إبراهيم وأضرابه يخدعون الجهلة من العامة فإنك تجده ينكر الأحاديث المتواترة الصحيحة كأحاديث الدجال وأحاديث نزول عيسى ابن مريم وأحاديث عذاب القبر وأخبار الناسخ والمنسوخ وأحاديث الشهادة لأهل بدر بالجنة والتي اتفق أهل العلم في كل مصر على تخريجها واعتقاد ما فيها


ثم إذا تعلق الأمر بثلب صحابي أو علم من الأعلام صار يقبل الروايات المعضلة والمكذوبة !


فمعيار القبول عنده والرد هواه فقط !


ويمسك بيده كتاباً ويقول ( هذا كتاب الحافظ فلان بن فلان ) فيوهم العامة أنه كتاب كل ما فيه صحيح ومعتبر ، وهو نفسه يرد عشرات الأخبار في هذا الكتاب


فهذا دجل ما بعده دجل


ويكفي في نقض الصورة التي يريد أن يصورها للعامة عن زمن بني أمية مطلقاً أن أهل الكوفة كانوا أهل تشيع في زمن بني أمية وكانوا من أروى الناس لفضائل علي بن أبي طالب ولم يحصل أن تم استئصالهم أو منعهم من العطاء لذلك مع ميل بعض خلفاء بني أمية للنصب


بل الزهري مع مكانته عندهم كان يروي عن علي بن الحسين وكان للفقهاء في كل الأمصار عناية بفقه علي بن أبي طالب


ومن دجل عدنان إبراهيم تصديقه هذه الرواية


قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ: كانت بنو أُمَّية إذا سمعوا بمولودٍ اسمه عليّ قتلوه، فبلغ ذَلِكَ رباحًا، فَقَالَ: هُوَ عُلَيّ.


وهذه ذكرها ابن عساكر في تاريخ دمشق بسند فيه جهالة وقد نقد الذهبي متنها بما يبين بطلانها


قال الذهبي في تاريخ الإسلام :" قُلْتُ: قوله مولود لا يستقيم، لأنّ عَلِيًّا هذا وُلد فِي أول خلافة عثمان، أو قبل ذَلِكَ بقليل، وكان فِي خلافة بني أمية رجلا لا مولودًا"


ومما يبطل هذه الرواية أن علي بن أبي طلحة وكان من مشاهير الرواة وهو من أهل حمص اسمه علي وقد كان في زمن بني أمية وعلى الأرجح ولد في زمنهم


ويا ليت شعري إذا كان الأمر كذلك فأين ذهب علي بن الحسين زين العابدين لماذا لم يقتلوه


وأشد زمان كان على أهل البيت ومن يظهر محبة علي زمن الحجاج بن يوسف وكان شديداً على أهل الإسلام جميعاً والله المستعان


فتأمل كيف أنه يقبل هذه الرواية المشكلة والتي بيسير نقد يتم إبطالها ، ثم هو يتعنت في عشرات الأحاديث الصحيحة التي ينكرها وهذا يدل على غياب المنهجية والعقل والتقوى
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:11 PM
افتراضي الرد على عدنان إبراهيم في قوله أن الصحابة منعوا علياً الخلافة عصبية

الكاتب:الشيخ عبدالله الخليفى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فينتشر مقطع لعدنان إبراهيم يزعم فيه أبا بكر وفي رواية _ عمر _ قال لعلي بن أبي طالب :" والله ما أخرتكم قريش عن هذا الأمر أن تتولاها وأن تأخذها إلا أن نفسوا على بني هاشم أن تكون فيهم النبوة والخلافة معاً "


وهذه رواية لا وجود لها بهذا اللفظ وإنما هي رواية ضعيفة في تاريخ الطبري بمتن منكر إليك نصه مع بتر عدنان فيه


قال الطبري في تاريخه (2/577) : حدثني عمر قال حدثنا علي قال حدثنا أبو الوليد المكي عن رجل من ولد طلحة عن ابن عباس قال خرجت مع عمر في بعض أسفاره فإنا لنسير ليلة وقد دنوت منه إذ ضرب مقدم رحله بسوطه وقال ... كذبتم وبيت الله يقتل أحمد ... ولما نطاعن دونه ونناضل ... ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل ...
ثم قال أستغفر الله ثم سار فلم يتكلم قليلا ثم قال
... وما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبر وأوفى ذمة من محمد ... وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله ... وأعطى لرأس السابق المتجرد ...
ثم قال أستغفر الله يابن عباس ما منع عليا من الخروج معنا قلت لا أدري قال يا بن عباس أبوك عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنت ابن عمه فما منع قومكم منكم قلت لا أدري قال لكني أدري يكرهون ولايتكم لهم قلت لم ونحن لهم كالخير قال اللهم غفرا يكرهون أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة فيكون بجحا بجحا لعلكم تقولون إن أبا بكر فعل ذلك لا والله ولكن أبا بكر أتى أحزم ما حضره ولو جعلها لكم ما نفعكم مع قربكم أنشدني لشاعر الشعراء زهير قوله
... إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية ... من المجد من يسبق إليها يسود ...
فأنشدته وطلع الفجر فقال اقرأ الواقعة فقرأتها ثم نزل فصلى وقرأ بالواقعة .


علي بن عاصم ضعيف وقد يكون غيره وأبو الوليد المكي لا يعرف والرجل من ولد طلحة مبهم


وقد بتر منها قول عمر (ولو جعلها لكم ما نفعكم مع قربكم)


فالحوار ليس عن الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما عن الخلافة بعد الصديق ، وعمر في هذه الرواية يبين لابن عباس لماذا قريش لم تطالب لعلي بن أبي طالب


ومعلوم أن الرواية لو صحت فإنما يعني بها فئة معينة من قريش وليس كلهم فإن الذين بايعوا الصديق في السقيفة كانوا المهاجرين والأنصار ، والمهاجرون أبعد الناس عن العصبية والأنصار ليسوا من قريش أصلاً


ونكارة الرواية تكمن في كثرة ذكر عمر للشعر فإن من المعلوم من سيرة عمر أنه قليل الاستشهاد بالشعر جداً ، حتى أنه لم يدرك الهجاء في شعر الحطيئة حتى أخبره حسان بالأمر فكيف يقول عن زهير ( أشعر الشعراء )


والعجيب من عدنان إبراهيم أنه يكذب الأحاديث الصحيحة في نزول عيسى ابن مريم والدجال وعشرات الأخبار الثابتة ثم يحتج بهذه الرواية الواهية التي وافقت هواه


ولا غرو أن يصف ياسر الحبيب عدنان إبراهيم وحسن المالكي بالمجددين لما يظهرانه من التحامل على الصحابة الكرام والأطروحات العجيبة


بل العجيب أنه يصدق بنظرية دارون بنسبة ( 99بالمائة ) كما يقول مع تكذيبه لعشرات الأحاديث الصحيحة


وهذه النظرية محض فرضية خيالية لم يقم عليها أي برهان علمي وإنما هو محض ربط غريب بين بعض الظواهر ، يقابل بفرضيات أخرى


والملاحدة هؤلاء يؤمنون يغيبياتهم الخاصة كنظريتهم في ( أصل الكون ) قبل بلايين السنين وعملية الانتخاب الطبيعي وآلاف الأكوان ودوران الأرض حول الشمس وهذه كلها لم يروها بأعينهم ومع ذلك يؤمنون بها !


فروا من الإيمان بما دلت عليه النصوص فاتخذوا لأنفسهم أنبياء جدد _ كدارون _ وعقائد جديدة يؤمنون بها وهذا الأمر الذي زعموا أنهم فروا منه


نعم لا يسمونهم أنبياء بل يقولون ( عباقرة ) ولا يسمونها ( عقائد ) بل يقولون ( نظريات ) ولكن حقيقة الأمر ما أخبرتك ، والفرق أنهم لا يربطون الأمر بالوحي


وكثير ممن يؤمن بهذه الخرافات يؤمن بها على جهة العناد لأهل التدين ، أو إظهار التفتح الفكري لا عن قناعة تامة وإلا إعمال العقل قليلاً يكفي في إيراد إيرادات قوية جداً على أي نظرية من هذا النوع ، هي أمثل بكثير من السفسطة التي يوردونها على النصوص الشرعية


وأما عدنان إبراهيم وأمثاله فلهم شهوة أخرى وهي تسفيه من يسمونهم من ( العلماء التقليديين ) بأي طريقة لكي يظهروا بصورة المجددين والمنقذين والجامعين بين علم القرآن والعلم الحديث


لذا يتورطون بتصديق نظريات غريبة أثبت العلم نفسه بطلانها كنظرية دوران الأرض حول الشمس


والذي يتأمل في أطوار العلوم التجريبية يجد أنها لم يمكن الوثوق بها بشكل مطلق ، وذلك أنه يظهر لعلماء علم معين بعض الحقيقة فيبنون على ذلك قصوراً وعوالي ثم بعد ذلك يظهر بعض آخر للحقيقة ربما يكون ذلك بعد مائة سنة أو مائتين فتنسف النظرية الأولى التي كان يعتقدها معظم العلماء!


ولا أدل على ذلك من من المقطع الذي انتشر بعنوان ( سقطت نظرية دارون ) حيث اكتشف أقدم هيكل عظمي لإنسان _ في زعمهم _ وكان على هيئة إنسان ولم يمت للقرد بصلة ، وهذا الهيكل الذي اسمه آردي أقدم من هيكل لوسي الذي اعتمده دارون بمليون سنة


وقد أغنانا الله عز وجل بما في النصوص عن هذا فقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، ومن عقيدة أهل السنة أن الله خلق آدم على صورته ، وإنما أردت أن أبين للمخدوعين خطورة معارضة الحقائق العلمية الشرعية بأنصاف الحقيقة ( إن صح التعبير وكانت حقيقة حقاً )

ومثل عدنان إبراهيم محمد رشيد رضا الذي صدق بنظرية دارون مع إنكاره لعشرات الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها وهكذا كذبوا بالصدق فابتلوا بتصديق الباطل يطعن في كعب الأحبار ويثني على دارون

الحمد لله الذي عافانا
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:13 PM
نقض طعون عدنان إبراهيم في الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله

الكاتب : عبدالله الخليفى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فذكر بعض الرادين على عدنان إبراهيم أنه ادعى أن طلحة كان مؤلباً على عثمان اعتماداً على رواية في تاريخ الطبري


قال الطبري في تاريخه (3/411) : (قال محمد) وحدثني ابراهيم بن سالم عن أبيه عن بشر بن سعيد قال وحدثني عبدالله بن عباس بن أبي ربيعة قال دخلت على عثمان رضى الله عنه فتحدثت عنده ساعة فقال يا ابن عباس تعال فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على باب عثمان فسمعنا كلاما منهم من يقول ما تنتظرون به ومنهم من يقول انظروا عسى أن يراجع فبينا أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبيدالله فوقف فقال أين ابن عديس فقيل هاهو ذا قال فجاءه ابن عديس فناجاه بشئ ثم رجع ابن عديس فقال لاصحابه لا تتركوا أحدا يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده قال فقال لي عثمان هذا ما أمر به طلحة بن عبيدالله ثم قال عثمان اللهم اكفني طلحة بن عبيدالله فانه حمل على هؤلاء وألبهم والله إني لارجو ا أن يكون منها صفرا وأن يسفك دمه انه انتهك مني ما لا يحل له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم الا في احدى ثلاث رجل كفر بعد اسلامه فيقتل أو رجل زنى بعد احصانه فيرجم أو رجل قتل نفسا بغير نفس ففيم أقتل قال ثم رجع عثمان


وعدنان نفسه يقول في مقاطع أخرى أن الطبري روايته للخبر لا يعني تصحيحه للخبر وأنه يروي من طريق الكذابين


وهذا الخبر من جنس تلك الأخبار


ف( محمد ) الذي في بداية السند هو محمد بن عمر الواقدي وهو كذاب !


قال البخارى : الواقدى مدينى سكن بغداد ، متروك الحديث ، تركه أحمد ، و ابن نمير ، و ابن المبارك ، و إسماعيل بن زكريا .
و قال فى موضع آخر : كذبه أحمد .
و قال معاوية بن صالح : قال لى أحمد بن حنبل : هو كذاب .
و قال معاوية أيضا عن يحيى بن معين : ضعيف .
و قال فى موضع آخر : ليس بشىء .
و قال فى موضع آخر : قلت ليحيى : لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك ؟ قال : أستحى من ابنه ، و هو لى صديق . قلت : فماذا تقول فيه ؟ قال : كان يقلب حديث يونس يغيرها عن معمر ، ليس بثقة .
و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء .
و قال عبد الوهاب بن الفرات الهمدانى : سألت يحيى بن معين عن الواقدى ، فقال : ليس بثقة .
و قال المغيرة بن محمد المهلبى : سمعت على ابن المدينى يقول : الهيثم بن عدى أوثق عندى من الواقدى ، و لا أرضاه فى الحديث و لا فى الأنساب و لا فى شىء .
و قال أبو داود : أخبرنى من سمع على ابن المدينى يقول : روى الواقدى ثلاثين ألف حديث غريب .
و قال مسلم : متروك الحديث .
و قال النسائى : ليس بثقة .
و قال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث


هذا نقله المزي في تهذيب الكمال


وزاد ابن حجر في التهذيب :" قال الشافعى فيما أسنده البيهقى : كتب الواقدى كلها كذب .
و قال النسائى فى " الضعفاء " : الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أربعة : الواقدى بالمدينة ، و مقاتل بخراسان ، و محمد
ابن سعيد المصلوب بالشام . و ذكر الرابع .
و قال ابن عدى : أحاديثه غير محفوظة و البلاء منه .
و قال ابن المدينى : عنده عشرون ألف حديث ـ يعنى ما لها أصل .
و قال فى موضع آخر : ليس هو بموضع للرواية ، و إبراهيم بن أبى يحيى كذاب ، و هو
عندى أحسن حالا من الواقدى .
و قال أبو داود : لا أكتب حديثه و لا أحدث عنه ; ما أشك أنه كان يفتعل الحديث ،
ليس ننظر للواقدى فى كتاب إلا تبين أمره ، و روى فى فتح اليمن و خبر العنسى أحاديث عن الزهرى ليست من حديث الزهرى .
و قال بندار : ما رأيت أكذب منه .
و قال إسحاق بن راهويه : هو عندى ممن يضع .
و حكى أبو العرب عن الشافعى قال : كان بالمدينة ( سبعة ) رجال يضعون الأسانيد . أحدهم الواقدى .
و قال أبو زرعة الرازى ، و أبو بشر الدولابى ، و العقيلى : متروك الحديث"


فانظر رحمني الله وإياك إلى هذا الشقي عدنان إبراهيم الذي يكذب الأحاديث الصحيحة المتواترة كأحاديث نزول المسيح ابن مريم وأحاديث الدجال ، ثم يتورط في الولوغ في عرض أحد العشرة المبشرين بالجنة برواية رجل كذاب


ولو ولد الرجل أخرس لكان خيرا له من أن يتورط بهذه الورطة العظيمة


وهذا المقطع الذي ينشر فيه عدنان إبراهيم هذا الكذب سمعه الآلاف فأي وزر يحمل هذا الرجل ؟


وما سيكون جوابه عند الله عز وجل ؟


ولم يكتف بنشر هذه الأكذوبة حتى ادعى أن طلحة كان يريد الخلافة لنفسه !


قال اللالكائي في السنة 2119 - أنا علي بن عمر ، أنا مكرم ، قال : نا عبد الكريم ، قال : نا محمد ، قال : نا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سليم بن جابر ، قال : قال طلحة يوم الجمل : « اللهم إنا كنا قد داهنا في أمر عثمان ، وأنا . . . بدا من المبالغة ، اللهم فخذ لعثمان مني حتى ترضاه »


وقال الحاكم في المستدرك 4527- حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَنْصُورِ ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ يَزِيدَ الرِّيَاحِيُّ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ ، وَأَنْكَرَتْ نَفْسِي وجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَ أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلاً قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلاَ أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَإِنِّي لاَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أُبَايِعَ وَعُثْمَانُ قَتِيلٌ عَلَى الأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ ، فَانْصَرَفُوا ، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ فَسَأَلُونِي الْبَيْعَةَ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِمَّا أَقْدَمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزِيمَةٌ فَبَايَعْتُ فَلَقَدْ قَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي ، وَقُلْتُ : اللَّهُمَّ خُذْ مِنِّي لِعُثْمَانَ حَتَّى تَرْضَى.






وقال أبو نعيم الأصبهاني في تثبيت الإمامة رداً على هذه الفرية :" 149 - حدثنا أبو بكر ومحمد بن أحمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا المسعودي ، ثنا أبو نعيم ، عن الأعمش ، عن ثابت بن عبيد ، عن أبي جعفر ، قال : لما قتل عثمان قال علي : « » ما صنع بالرجل ؟ « » قالوا : قتل . قال : « » تبا لهم آخر الدهر « » فأما ادعاؤهم على طلحة أنه كان فيمن حصره . قيل : كيف يقبل هذا على طلحة وهو الذي يلعن قتلة عثمان مع عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، ومن معها صباحا مساء ، ومع ذلك هو الذي يقول : اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى "


والحمد لله معز الإسلام بنصره
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:16 PM
بإذن الله ساجمع هنا كل الشبه التى طرحها عدنان ابراهيم .
وكذلك المقالات النقدية لمنهجه وعقيدته.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:28 PM
نقض طعن عدنان إبراهيم في عثمان بن أبي شيبة والإمام البخاري


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فقد أرسل بعض الأخوة مقطعاً لعدنان إبراهيم يتكلم فيه عن عثمان بن أبي شيبة وأنه شيخ البخاري وأنه كان يصحف في القرآن على جهة المزح فيتلاعب بالقرآن وأن البخاري كيف يخرج لرجل كهذا


والواقع أن هذه شبهة سطحية تشبه شبهة بعض المستشرقين على إسماعيل بن أبي أويس شيخ البخاري الذي لم يخرج من طريقه إلا أحاديث الموطأ المعروفة المنتشرة بين المحدثين


وسواءً كان عثمان بن أبي شيبة ثقة أو كذاباً أو مجروحاً فإن ذلك لا يضر كتاب البخاري في شيء


فإن قيل : كيف هذا ؟


قلت لك : أن عثمان بن أبي شيبة لم ينفرد بشيء من أحاديث الصحيح بل هو طبقة يصعب فيها الانفراد بأي خبر ، فكل الأحاديث التي في صحيح البخاري من طريق عثمان بن أبي شيبة قد توبع عليها وهي لا تبلغ السبعين حديثاً


وما لا يعلمه كثير من الجهلة أمثال عدنان إبراهيم أن مسألة عامة الأحاديث الصحيحة محسومة من قبل أن يولد البخاري بين أهل الحديث


قال ابن تيمية في منهاج السنة :" ولا يعلمون أن قولنا رواه البخاري ومسلم علامة لنا على ثبوت صحته لا أنه كان صحيحا بمجرد رواية البخاري ومسلم بل أحاديث البخاري ومسلم رواها غيرهما من العلماء والمحدثين من لا يحصي عدده إلا الله ولم ينفرد واحد منهما بحديث بل ما من حديث إلا وقد رواه قبل زمانه وفي زمانه وبعد زمانه طوائف ولو لم يخلق البخاري ومسلم لم ينقص من الدين شيء وكانت تلك الأحاديث موجوده بأسانيد يحصل بها المقصود وفوق المقصود وأنما قولنا رواه البخاري ومسلم كقولنا قراه القراء السبعة والقرآن منقول بالتواتر لم يختص هؤلاء السبعة بنقل شيء منه وكذلك التصحيح لم يقلد أئمة الحديث فيه البخاري ومسلما بل جمهور ما صححاه كان قبلهما عند أئمة الحديث صحيحا متلقى بالقبول "


وما ذكره ابن تيمية حقيقة يعلمها المتخصص إذ أن هناك سلاسل إسنادية اتفق المحدثون على تصحيح ما روي بها لما علموه من وثاقة رواتها وضبطهم


كروايات منصور عن أبي وائل عن ابن مسعود


وروايات الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود


وروايات هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة


وروايات حماد عن ثابت عن أنس


وروايات الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة


وغيرها كثير من السلاسل المعروفة ، وحتى بعض السلاسل غير المشتهرة التي صححها الأئمة


وعامة ما خرجه البخاري في صحيحه من طريق عثمان بن أبي شيبة ، هو من حديث منصور والأعمش وهشام بن عروة وحديث هؤلاء الثلاثة معروف منتشر بين الناس حتى أنك تجد عامة هذه الأحاديث في صحيح البخاري نفسه من طريق غير طريق عثمان وفي صحيح مسلم كذلك وتجدها في مسند أحمد وفي مصنف أبي بكر بن أبي شيبة ( شقيق عثمان ) وغيرها من المصنفات


ولولا خشية الإطالة لذكرت روايات البخاري عن عثمان بن أبي شيبة رواية رواية وبينت من تابعه من الأئمة الأعلام غير أنني أكتفي بالتحدي بأن يأتي برواية واحدة انفرد بها عثمان فيكون لم يخرج له إلا ما أصاب به


ولا بد أن ننصف عثمان بن أبي شيبة وننظر هل كان يتعمد العبث بكتاب الله


الذي ذكره الخطيب والعسكري أنه كان يصحف والتصحيف إنما يكون بغير قصد لعدم حفظه القرآن


ولكن السؤال : هل صح عنه هذا التصحيف ؟


كان يجب على رجل يشكك بكل ما رواه الثقات في نزول المسيح وفي الدجال وفي النسخ وغيرها ، أن يتوقف عن رمي مسلم شهد له المحدثون في وقته بالاستقامة بتحريف القرآن قبل النظر في أسانيد الروايات التي تنسب له فقط التصحيف دون التعمد


قال الخطيب في الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع 642 - ما أنا محمد بن الحسن الأهوازي ، أنا أبو أحمد العسكري ، أنا أبو العباس بن عمار ، أنا ابن أبي سعد ، حدثني محمد بن يوسف ، قال : حدثني إسماعيل بن محمد السبري ، قال : سمعت عثمان بن أبي شيبة ، يقرأ : « فإن لم يصبها وابل فظل » ، قال : وقرأ : مرة « الخوارج مكلبين »


أبو العباس ابن عمار رجل شيعي محترق لم يوثقه أحد وهو من مؤرخيهم


• قال الدَّارَقُطْنِيّ: أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار، الكاتب، يروي عن عثمان بن أبي شيبة، وسليمان بن أبي شيخ، وغيرهما، وكان يعرف بحمار العزير، وكان شيعيًا، وله مصنفات في «مقاتل الطالبيين» ، وغير ذلك. «المؤتلف والمختلف» صفحة 1752.


فلا يستبعد والحال هذه أن يضع رواية على بعض محدثي أهل السنة لداعي الخصومة العقدية ، ولا أدري أين ذهب عقل عدنان إبراهيم غير أنني أعلم جيداً أنه شبه أمي في أمر الإسناد


وقال الخطيب في الجامع 643 - أنا أبو حامد الدلوي ، أنا علي بن عمر الحافظ ، نا القاضي أحمد بن كامل ، نا أبو شيخ الأصبهاني محمد بن الحسن ، قال : « قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير : » وإذا بطاسيم بطاسيم خبازين ، يريد قوله تعالى : ( وإذا بطشتم بطشتم جبارين ) «


أحمد بن كامل القاضي لينه الدارقطني وزعم أنه يحدث من حفظه بما ليس في كتبه ، وهل يمكن الاعتماد على مثل هذا في الطعن في ثقة أثنى عليه أحمد وابن معين


على أن الخبر لو صح يحمل على التصحيف غير المتعمد


وقال الخطيب في الجامع 644 - وقال ابن كامل : نا أحمد بن علي الخلال ، قال : سمعت محمد بن عبيد الله المنادي ، يقول : « كنا في دهليز عثمان بن أبي شيبة ، فخرج إلينا فقال : ( ن والقلم ) في أي سورة هو »


وهذا فيه ابن كامل أيضاً وليس فيه ذكر أي تصحيف وسورة ن يعرفها الصغير والكبير فيستغرب من مثل هذا الرجل عدم حفظ اسم السورة ، ولعل هذه جرت منه على جهة الدعابة وليس فيها أي تصحيف في القرآن


وقال الخطيب في الجامع 646 - أنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا أبو القاسم علي بن محمد بن كاس النخعي القاضي ، نا إبراهيم بن عبد الله الخصاف ، قال : قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير : « فلما جهزهم بجهازهم جعل السفينة في رجل أخيه » ، فقيل له : إنما ( جعل السقاية في رحل أخيه ) ، فقال : أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم «


الحصاف ما عرفته وابن كادش متهم بالكذب


وقال الخطيب أيضاً 647 - أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : سمعت عبد الله بن يحيى الطلحي ، يقول : سمعت محمد بن عبد الله الحضرمي ، يقول : قرأ عثمان بن أبي شيبة : فضرب بينهم بسنور له ناب ، فقال له بعض أصحابه : إنما هو ( بسور له باب ) فقال : « أنا لا أقرأ قراءة حمزة ، قراءة حمزة عندنا بدعة »


وشيخ أبي نعيم ما عرفته وهذا إن صح يحمل على تصحيف غير متعمد وخصوصاً وأن ظروف الكتابة في ذلك العصر مختلفة فالقراءة صعبة جداً والحروف يدخل بعضها على بعض وحصل من المحدثين تصحيف كثير بسبب ذلك يعرف بمقارنة الروايات ، والتصحيف في القرآن أقل بل شبه معدوم لأن القرآن يحفظه العام والخاص


وهذه التصحيفات فسرها الذهبي تفسيراً عجيباً اعتمده عدنان حيث قال :" فكأنه كان صاحب دعابة.
ولعله تاب وأناب"


فحذف عدنان ( كأنه ) لأنها تمريض وجزم أن عثمان بن أبي شيبة يفعل ذلك دعابة وتعمداً مع أن الذهبي لم يسبق إلى هذا التفسير ، بل كل من سبقه حمل الأمر على التصحيف غير المتعمد لكون الرجل لا يحفظ القرآن


فكيف يجوز له أن يتهم مسلماً بتعمد تحريف القرآن بلا أدنى بينة ، بل يعتمد على كلمة للذهبي حذف منها (كأنه )


والعجيب أنه يحيل على كتاب التصحيفات للدارقطني وهو كتاب مفقود !


وهذا من خنفشارياته وكذبه الفج


على أنه لا فضل له بهذه الشبهة وإنما سرقها من بعض الرافضة الذين أخذوها من المستشرقين
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:29 PM
نقض طعون عدنان إبراهيم في الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله

الكاتب : عبدالله الخليفى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :


فذكر بعض الرادين على عدنان إبراهيم أنه ادعى أن طلحة كان مؤلباً على عثمان اعتماداً على رواية في تاريخ الطبري


قال الطبري في تاريخه (3/411) : (قال محمد) وحدثني ابراهيم بن سالم عن أبيه عن بشر بن سعيد قال وحدثني عبدالله بن عباس بن أبي ربيعة قال دخلت على عثمان رضى الله عنه فتحدثت عنده ساعة فقال يا ابن عباس تعال فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على باب عثمان فسمعنا كلاما منهم من يقول ما تنتظرون به ومنهم من يقول انظروا عسى أن يراجع فبينا أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبيدالله فوقف فقال أين ابن عديس فقيل هاهو ذا قال فجاءه ابن عديس فناجاه بشئ ثم رجع ابن عديس فقال لاصحابه لا تتركوا أحدا يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده قال فقال لي عثمان هذا ما أمر به طلحة بن عبيدالله ثم قال عثمان اللهم اكفني طلحة بن عبيدالله فانه حمل على هؤلاء وألبهم والله إني لارجو ا أن يكون منها صفرا وأن يسفك دمه انه انتهك مني ما لا يحل له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم الا في احدى ثلاث رجل كفر بعد اسلامه فيقتل أو رجل زنى بعد احصانه فيرجم أو رجل قتل نفسا بغير نفس ففيم أقتل قال ثم رجع عثمان


وعدنان نفسه يقول في مقاطع أخرى أن الطبري روايته للخبر لا يعني تصحيحه للخبر وأنه يروي من طريق الكذابين


وهذا الخبر من جنس تلك الأخبار


ف( محمد ) الذي في بداية السند هو محمد بن عمر الواقدي وهو كذاب !


قال البخارى : الواقدى مدينى سكن بغداد ، متروك الحديث ، تركه أحمد ، و ابن نمير ، و ابن المبارك ، و إسماعيل بن زكريا .
و قال فى موضع آخر : كذبه أحمد .
و قال معاوية بن صالح : قال لى أحمد بن حنبل : هو كذاب .
و قال معاوية أيضا عن يحيى بن معين : ضعيف .
و قال فى موضع آخر : ليس بشىء .
و قال فى موضع آخر : قلت ليحيى : لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك ؟ قال : أستحى من ابنه ، و هو لى صديق . قلت : فماذا تقول فيه ؟ قال : كان يقلب حديث يونس يغيرها عن معمر ، ليس بثقة .
و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء .
و قال عبد الوهاب بن الفرات الهمدانى : سألت يحيى بن معين عن الواقدى ، فقال : ليس بثقة .
و قال المغيرة بن محمد المهلبى : سمعت على ابن المدينى يقول : الهيثم بن عدى أوثق عندى من الواقدى ، و لا أرضاه فى الحديث و لا فى الأنساب و لا فى شىء .
و قال أبو داود : أخبرنى من سمع على ابن المدينى يقول : روى الواقدى ثلاثين ألف حديث غريب .
و قال مسلم : متروك الحديث .
و قال النسائى : ليس بثقة .
و قال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث


هذا نقله المزي في تهذيب الكمال


وزاد ابن حجر في التهذيب :" قال الشافعى فيما أسنده البيهقى : كتب الواقدى كلها كذب .
و قال النسائى فى " الضعفاء " : الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أربعة : الواقدى بالمدينة ، و مقاتل بخراسان ، و محمد
ابن سعيد المصلوب بالشام . و ذكر الرابع .
و قال ابن عدى : أحاديثه غير محفوظة و البلاء منه .
و قال ابن المدينى : عنده عشرون ألف حديث ـ يعنى ما لها أصل .
و قال فى موضع آخر : ليس هو بموضع للرواية ، و إبراهيم بن أبى يحيى كذاب ، و هو
عندى أحسن حالا من الواقدى .
و قال أبو داود : لا أكتب حديثه و لا أحدث عنه ; ما أشك أنه كان يفتعل الحديث ،
ليس ننظر للواقدى فى كتاب إلا تبين أمره ، و روى فى فتح اليمن و خبر العنسى أحاديث عن الزهرى ليست من حديث الزهرى .
و قال بندار : ما رأيت أكذب منه .
و قال إسحاق بن راهويه : هو عندى ممن يضع .
و حكى أبو العرب عن الشافعى قال : كان بالمدينة ( سبعة ) رجال يضعون الأسانيد . أحدهم الواقدى .
و قال أبو زرعة الرازى ، و أبو بشر الدولابى ، و العقيلى : متروك الحديث"


فانظر رحمني الله وإياك إلى هذا الشقي عدنان إبراهيم الذي يكذب الأحاديث الصحيحة المتواترة كأحاديث نزول المسيح ابن مريم وأحاديث الدجال ، ثم يتورط في الولوغ في عرض أحد العشرة المبشرين بالجنة برواية رجل كذاب


ولو ولد الرجل أخرس لكان خيرا له من أن يتورط بهذه الورطة العظيمة


وهذا المقطع الذي ينشر فيه عدنان إبراهيم هذا الكذب سمعه الآلاف فأي وزر يحمل هذا الرجل ؟


وما سيكون جوابه عند الله عز وجل ؟


ولم يكتف بنشر هذه الأكذوبة حتى ادعى أن طلحة كان يريد الخلافة لنفسه !


قال اللالكائي في السنة 2119 - أنا علي بن عمر ، أنا مكرم ، قال : نا عبد الكريم ، قال : نا محمد ، قال : نا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سليم بن جابر ، قال : قال طلحة يوم الجمل : « اللهم إنا كنا قد داهنا في أمر عثمان ، وأنا . . . بدا من المبالغة ، اللهم فخذ لعثمان مني حتى ترضاه »


وقال الحاكم في المستدرك 4527- حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَنْصُورِ ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ يَزِيدَ الرِّيَاحِيُّ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ ، وَأَنْكَرَتْ نَفْسِي وجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَ أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلاً قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلاَ أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَإِنِّي لاَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أُبَايِعَ وَعُثْمَانُ قَتِيلٌ عَلَى الأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ ، فَانْصَرَفُوا ، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ فَسَأَلُونِي الْبَيْعَةَ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِمَّا أَقْدَمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزِيمَةٌ فَبَايَعْتُ فَلَقَدْ قَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي ، وَقُلْتُ : اللَّهُمَّ خُذْ مِنِّي لِعُثْمَانَ حَتَّى تَرْضَى.






وقال أبو نعيم الأصبهاني في تثبيت الإمامة رداً على هذه الفرية :" 149 - حدثنا أبو بكر ومحمد بن أحمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا المسعودي ، ثنا أبو نعيم ، عن الأعمش ، عن ثابت بن عبيد ، عن أبي جعفر ، قال : لما قتل عثمان قال علي : « » ما صنع بالرجل ؟ « » قالوا : قتل . قال : « » تبا لهم آخر الدهر « » فأما ادعاؤهم على طلحة أنه كان فيمن حصره . قيل : كيف يقبل هذا على طلحة وهو الذي يلعن قتلة عثمان مع عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، ومن معها صباحا مساء ، ومع ذلك هو الذي يقول : اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى "


والحمد لله معز الإسلام بنصره

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:32 PM
نقض طعون عدنان إبراهيم في الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله

الكاتب : عبدالله الخليفى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه


أما بعد :

فذكر بعض الرادين على عدنان إبراهيم أنه ادعى أن طلحة كان مؤلباً على عثمان اعتماداً على رواية في تاريخ الطبري

قال الطبري في تاريخه (3/411) : (قال محمد) وحدثني ابراهيم بن سالم عن أبيه عن بشر بن سعيد قال وحدثني عبدالله بن عباس بن أبي ربيعة قال دخلت على عثمان رضى الله عنه فتحدثت عنده ساعة فقال يا ابن عباس تعال فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على باب عثمان فسمعنا كلاما منهم من يقول ما تنتظرون به ومنهم من يقول انظروا عسى أن يراجع فبينا أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبيدالله فوقف فقال أين ابن عديس فقيل هاهو ذا قال فجاءه ابن عديس فناجاه بشئ ثم رجع ابن عديس فقال لاصحابه لا تتركوا أحدا يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده قال فقال لي عثمان هذا ما أمر به طلحة بن عبيدالله ثم قال عثمان اللهم اكفني طلحة بن عبيدالله فانه حمل على هؤلاء وألبهم والله إني لارجو ا أن يكون منها صفرا وأن يسفك دمه انه انتهك مني ما لا يحل له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم الا في احدى ثلاث رجل كفر بعد اسلامه فيقتل أو رجل زنى بعد احصانه فيرجم أو رجل قتل نفسا بغير نفس ففيم أقتل قال ثم رجع عثمان


وعدنان نفسه يقول في مقاطع أخرى أن الطبري روايته للخبر لا يعني تصحيحه للخبر وأنه يروي من طريق الكذابين


وهذا الخبر من جنس تلك الأخبار


ف( محمد ) الذي في بداية السند هو محمد بن عمر الواقدي وهو كذاب !


قال البخارى : الواقدى مدينى سكن بغداد ، متروك الحديث ، تركه أحمد ، و ابن نمير ، و ابن المبارك ، و إسماعيل بن زكريا .
و قال فى موضع آخر : كذبه أحمد .
و قال معاوية بن صالح : قال لى أحمد بن حنبل : هو كذاب .
و قال معاوية أيضا عن يحيى بن معين : ضعيف .
و قال فى موضع آخر : ليس بشىء .
و قال فى موضع آخر : قلت ليحيى : لم لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك ؟ قال : أستحى من ابنه ، و هو لى صديق . قلت : فماذا تقول فيه ؟ قال : كان يقلب حديث يونس يغيرها عن معمر ، ليس بثقة .
و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء .
و قال عبد الوهاب بن الفرات الهمدانى : سألت يحيى بن معين عن الواقدى ، فقال : ليس بثقة .
و قال المغيرة بن محمد المهلبى : سمعت على ابن المدينى يقول : الهيثم بن عدى أوثق عندى من الواقدى ، و لا أرضاه فى الحديث و لا فى الأنساب و لا فى شىء .
و قال أبو داود : أخبرنى من سمع على ابن المدينى يقول : روى الواقدى ثلاثين ألف حديث غريب .
و قال مسلم : متروك الحديث .
و قال النسائى : ليس بثقة .
و قال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث


هذا نقله المزي في تهذيب الكمال


وزاد ابن حجر في التهذيب :" قال الشافعى فيما أسنده البيهقى : كتب الواقدى كلها كذب .
و قال النسائى فى " الضعفاء " : الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أربعة : الواقدى بالمدينة ، و مقاتل بخراسان ، و محمد
ابن سعيد المصلوب بالشام . و ذكر الرابع .
و قال ابن عدى : أحاديثه غير محفوظة و البلاء منه .
و قال ابن المدينى : عنده عشرون ألف حديث ـ يعنى ما لها أصل .
و قال فى موضع آخر : ليس هو بموضع للرواية ، و إبراهيم بن أبى يحيى كذاب ، و هو
عندى أحسن حالا من الواقدى .
و قال أبو داود : لا أكتب حديثه و لا أحدث عنه ; ما أشك أنه كان يفتعل الحديث ،
ليس ننظر للواقدى فى كتاب إلا تبين أمره ، و روى فى فتح اليمن و خبر العنسى أحاديث عن الزهرى ليست من حديث الزهرى .
و قال بندار : ما رأيت أكذب منه .
و قال إسحاق بن راهويه : هو عندى ممن يضع .
و حكى أبو العرب عن الشافعى قال : كان بالمدينة ( سبعة ) رجال يضعون الأسانيد . أحدهم الواقدى .
و قال أبو زرعة الرازى ، و أبو بشر الدولابى ، و العقيلى : متروك الحديث"


فانظر رحمني الله وإياك إلى هذا الشقي عدنان إبراهيم الذي يكذب الأحاديث الصحيحة المتواترة كأحاديث نزول المسيح ابن مريم وأحاديث الدجال ، ثم يتورط في الولوغ في عرض أحد العشرة المبشرين بالجنة برواية رجل كذاب


ولو ولد الرجل أخرس لكان خيرا له من أن يتورط بهذه الورطة العظيمة


وهذا المقطع الذي ينشر فيه عدنان إبراهيم هذا الكذب سمعه الآلاف فأي وزر يحمل هذا الرجل ؟


وما سيكون جوابه عند الله عز وجل ؟


ولم يكتف بنشر هذه الأكذوبة حتى ادعى أن طلحة كان يريد الخلافة لنفسه !


قال اللالكائي في السنة 2119 - أنا علي بن عمر ، أنا مكرم ، قال : نا عبد الكريم ، قال : نا محمد ، قال : نا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سليم بن جابر ، قال : قال طلحة يوم الجمل : « اللهم إنا كنا قد داهنا في أمر عثمان ، وأنا . . . بدا من المبالغة ، اللهم فخذ لعثمان مني حتى ترضاه »


وقال الحاكم في المستدرك 4527- حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَنْصُورِ ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ يَزِيدَ الرِّيَاحِيُّ ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَمَلِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ ، وَلَقَدْ طَاشَ عَقْلِي يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَانُ ، وَأَنْكَرَتْ نَفْسِي وجَاءُونِي لِلْبَيْعَةِ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَ أَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أُبَايِعَ قَوْمًا قَتَلُوا رَجُلاً قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلاَ أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَإِنِّي لاَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ أَنْ أُبَايِعَ وَعُثْمَانُ قَتِيلٌ عَلَى الأَرْضِ لَمْ يُدْفَنْ بَعْدُ ، فَانْصَرَفُوا ، فَلَمَّا دُفِنَ رَجَعَ النَّاسُ فَسَأَلُونِي الْبَيْعَةَ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنِّي مُشْفِقٌ مِمَّا أَقْدَمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَاءَتْ عَزِيمَةٌ فَبَايَعْتُ فَلَقَدْ قَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي ، وَقُلْتُ : اللَّهُمَّ خُذْ مِنِّي لِعُثْمَانَ حَتَّى تَرْضَى.






وقال أبو نعيم الأصبهاني في تثبيت الإمامة رداً على هذه الفرية :" 149 - حدثنا أبو بكر ومحمد بن أحمد ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا المسعودي ، ثنا أبو نعيم ، عن الأعمش ، عن ثابت بن عبيد ، عن أبي جعفر ، قال : لما قتل عثمان قال علي : « » ما صنع بالرجل ؟ « » قالوا : قتل . قال : « » تبا لهم آخر الدهر « » فأما ادعاؤهم على طلحة أنه كان فيمن حصره . قيل : كيف يقبل هذا على طلحة وهو الذي يلعن قتلة عثمان مع عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، ومن معها صباحا مساء ، ومع ذلك هو الذي يقول : اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى "
والحمد لله معز الإسلام بنصره

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:39 PM
قناة مكافح الشبهات وفيها مقاطع قيمة للرد على خنفشاريات عدنان ابراهيم فى محاظراته وخطبه ودروسه .

http://antishubohat.com/watch/category/adnan-ibrahim

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:41 PM
ردي على الدكتور عدنان إبراهيم ورجم الزاني المحصن
السلام عليكم ورحمة الله ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

هذا ردي على من ينكر عقوبة رجم الزاني المحصن...وأخص بالذكر الدكتور عدنان إبراهيم...

قال د. عدنان إبراهيم وهو يتناول شرح الآية رقم 25 من سورة النساء:
"وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ....الآية"
أن تفسير كلمة المحصنات الوارد هنا تعني الحرائر العفيفات المؤمنات غير المتزوجات. ولا خلاف في هذا التفسير.
عندما وصل إلى آخر نفس الآية وهو قوله تعالى " فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ"
قال أن معنى المحصنات هنا نفس المعنى الذي في بداية الآية وقال هنّ الحرائر المتزوجات....يعني تغير كلامه...وبناء على كلامه تصبح الآية: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المتزوجات!!!
طبعا وهذا الكلام مردود عليه وعلى كل من يؤيد هذا الكلام وذلك لما يلي:
كلمة المحصنات الواردة في هذه الآية (وردت مرتين "المحصنات" ومرة "محصنات") تعني حرائر المؤمنات غير المتزوجات وهذا بدليل المقابلة أي أن الله عز وجل بعدما ذكر لفظ المحصنات "بالمعنى الذي ذكرناه آنفا" ثنّى بذكر ملك اليمين (الإماء) أيضا غير المتزوجات.
لم نحن نصر على أن المعنى هو لغير المتزوجات؟؟
أولا: لأن الله عز وجل قد حرم الزواج من المتزوجات في الآيتين الاتي يسبقن هذه الآية (أي الآية 23 و 24 من نفس السورة ...سورة النساء)
قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ...الآية 23.....، ثم
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء...الآية 24...طبعا هذه الآية معطوفة على التي قبلها.
ثانيا: الذي يُــثبت أن المراد بلفظ المحصنات الذي ورد في هذه الآية هو (غير المتزوجات)، أنه لو عدنا لعلم القراءات نجد أن القارئ علي الكسائي (القارئ السابع من القراء العشرة) في قرائته السبعية المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام عن رب العزة جل جلاه يقرأ كلمة المحصنات في هذه الآية بكسر الصاد (المحصِنات...محصنِات).
و المحصِنة بكسر الصاد: هي المرأة التي أحصنت نفسها بنفسها كالعفيفة والمحتشمة والملتزمة ..
المحصَنة بفتح الصاد: هي المرأة التي أحصنت من الخارج .. كالمتزوجة .. أحصنها زوجها ..
بينما لو نظرنا إلى إلى الآية التي تسبقها (آية 24)...نجد أنه حتى القارئ الكسائي لا يقرأ المحصنات فيها بكسر الصاد...لأنه لو قرأها بكسر الصاد لكان الزواج من الحرائر غير المتزوجات محرما أيضا...
لكنه يوافق باقي القراء العشرة في هذا الموضع ويقرأها بفتح الصاد وبالتالي تكون المحرمة على الرجل هي المرأة المتزوجة (المحصَنة: بفتح الصاد أي التي أحصنها زوجها).
يقول قائل بالإعتماد على القراء الذين يقرؤون المحصنة بفتح الصاد في هذا الموضع...هل نقول أن المراد منها المتزوجة كما في التعريف؟؟؟
نقول لا..و للسبب الذي ذكرناه وهو أنه من غير الممكن ان تكون الآية "ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المتزوجات"
لأنه أصلا محرم الزواج من المتزوجات...وتأتي قراءة الكسائي تؤيد هذا بأنهن غير المتزوجات.
نجد هذا التوافق في موضع سورة المائدة، الآية 5:
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ
فالكسائي هنا يقرأها أيضا بكسر الصاد...
فنستنتج أن الموضع الذي يقصد فيه الخالق جل في علاه من لم يسبق لها الزواج يكون للكسائي فيها القراءة بكسر الصاد...أما المواضع التي يقصد فيها الخالق المتزوجة فقط فنجد أن الكسائي يوافق باقي القراء.
وهذا هو المأخوذ به شرعا إذ أن الأمة إذا زنت وهي محصنه تجلد 50 جلدة (نصف حد المؤمنة الحرة التي لم يسبق لها الزواج). وإن زنت الأمة وهي غير متزوجة فيعزرها ويؤدبها سيدها.
.................................................. .................................................. ..........
يقول د. عدنان أن آية جلد الزاني المحصن نسخت أحاديث الرجم...
سؤال هل عندما قال عمر بن الخطاب الحديث التالي ألم يكن قد نزل القرآن كاملا؟؟ وماذا نفعل بهذا الجديث وهو من صحيح البخاري؟؟
قال عمر :عُمَرُ: لقَد خَشيتُ أنْ يَطولَ بالناسِ زَمانٌ، حتى يقولَ قائِلٌ: لا نَجِدُ الرَّجمَ في كِتابِ اللهِ، فيَضِلُّوا بتَركِ فريضَةٍ أنْزَلَها اللهُ، ألا وإنَّ الرَّجمَ حَقٌّ علَى مَن زَنَى وقدْ أحصَنَ، إذا قامَتِ البَيِّنَةُ، أو كان الحَبَلُ أوِ اِلاعْتِرافُ - قال سُفيانُ: كذا حَفِظتُ - ألاَ وقد رَجَمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَجَمْنا بعدَهُ .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6829
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

طبعا لا خلاف أن عمر قال هذه المقولة والقرآن كان قد نزل كاملا...
ولو لم يكن القرآن قد نزل كاملا...يعنى الرسول مازال حيا... فلم عمر هو الذي يخبر الناس ويحذرهم؟؟ أليس من الأولى أن يوضح ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم؟
.................................................. .................................................. ..........



" فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ"
يقول د. عدنان أنه عندما ذكر الله عز وجل كلمة العذاب نفى أن يكون العذاب هو الرجم وبالتالي الموت؟؟
أقول:
إذا الرجم لا يصح أن يكنى عنه بالعذاب...فمالذي يصح إذا؟؟ والله إنه للعذاب بعينه...من منا يطيق النظر إلى من يرجم؟

أيضا ماذا قال عز وجل في الآية 50 من سورة الأنفال:
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ
ألم يكنى هنا عن الموت بالعذاب؟؟؟
وفي الآية الأولى من سورة النازعات:" وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا"
قال ابن مسعود وابن عباس ومسروق وسعيد بن جبير وأبو صالح وأبو الضحى والسدي "والنازعات غرقا" الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم فمنهم من تأخذ روحه بعسر...
وماذا نفعل بالحديث التالي:
......ثم يأتيه ملك الموت، فيجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط الله وغضبه، قال: فتفرق في جسده فينتزعها، ومعها العصب والعروق كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها،....
ألا يعتبر هذا الموت عذاب؟؟ اللهم إنا نسألك ميتة سوية ومردا غير مخز ولا فاضح.
.................................................. .................................................. ..........
طبعا استدل د. عدنان بالآية رقم 36 من سورة فاطر " وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ"
أقول صحيح أن الواو في اللغة العربية تقتضي المغايرة بمعنى أن العذاب غير الموت لكن استدلالك بهذه الآية بالذات ليس في محله، وذلك لما يلي:
أولا: أن العذاب الأخروي ليس كالعذاب الدنيوي...فبالتالي يكون الموت أرحم لهؤلاء الكفار من عذاب جهنم والعياذ بالله، ولا يعني أن الموت ليس بعذاب في حد ذاته كما تقول..
وأصلا مالذي جعلهم يتمنون الموت إلا أنهم قد جربوا عذابه وأيقنوا أنه لا يكاد يذكر مع عذاب الآخرة؟؟
قال تعالى: وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ...وقال أيضا: وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ
أم تريد أن تقول أن أرواحهم خرجت بيُسر وراحة ورحمة كما هو الحال في أرواح المسلمين...مستحيل بدلالة الآيات والأحاديث السابقة.
ألم تر أيضا أن هؤلاء الكفار يتمنون الموت لمّا عاينوا شدة العذاب؟؟
قال الله على لسانهم في الآية 27 من سورة الحاقة
" يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ"......قال قتادة: يتمنى الموت ولم يكن عنده في الدنيا شيء أكره من الموت.
ثانيا: إنما ذكر الموت هنا لبيان خلود الكفار في النار وليس للتفريق بينه وبين العذاب، وذلك بقوله تعالى: لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا.
أخيرا..أنت تقول أن هناك من دس هذا الحد..ممكن أن تقول لي من الذي دس هذه الدسيسة؟؟ أو على الأقل ما مصلحته؟؟

هذا والله أعلم وصل الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عثمان المسيمي
musamiau@gmail.com

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 09:52 PM
إذا جاز تحكيم العقل في فروع الدين جاز في أصوله.. ردّ على عدنان إبراهيم

الثلاثاء, 05 رمضان 1433

عبدالله بن عيسى الفيفي
@alfaifawi_a


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد؛



فإنّ الله تعالى يقول: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }، وفي هذه الآية أمرٌ صريح بوجوب الانصياع والانقياد والاستسلام لحُكم النبيّ – صلى الله عليه وسلم – الذي هو فرعٌ عن حكم الله – تعالى - أيّا كان نوعه، وأيّا كانت صفته، وأيّا كان شكله، استسلاماً يتضمّن دعامتين عظيمتين، هما: الإقرار والإمرار؛ وذلك يعني الإذعان للحُكم بالمعنى الظّاهر، حتّى يأتي دليلٌ يصرفه عن ظاهره.

وهاتان الدِّعامتان من أجلّ ما يتّصف به أهل السنّة، وهما اللتان حفظتا لمذهبهم اطّراده واتّساقه وسلامته من التناقض والتعارض، وكَفَتاه شرّ تسلّط الفلاسفة والمُتكلّمين وغيرهم، وقد أمر بهما النبيّ - صلى الله عليه وسلّم – أصحابه عندما نزل الوحي بتكليفهم ما لا يُطيقون مما تُخفيه الأنفس { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ اللَّه } حيث شَكوا مشقّة ذلك عليهم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم –، فردّ عليهم: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا"، وفي هذا من عظيم الأدب وحُسنُ الخُلُق مع الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم - ما فيه، والقصّة أوردها القُرطبيّ في تفسير الآية.

ومن هاتين القاعدتين الجليلتين انبثق جواب الإمام مالك الشهير، للسائل عن كيفيّة الاستواء، حين قال له: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة والايمان به واجب"، فرضي الله عن الإمام مالك، ما علِم أنه قد غرس بهذا الجواب الوافي شوكة في حلوق أهل الفلسفة والكلام، وأسّسَ منهجاً تسير عليه أمّة محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى يوم الدّين.

وأمّا المتكلّمون – على شاكلة عدنان إبراهيم – فقد ابتدعوا شرطاً لقبول الأخبار، وهو موافقتها لعقولهم، ونحن وإن كنّا نجزم يقيناً بأنّ كلّ نقلٍ صحيح لا يُمكن بحال أن يُعارض العقل السّليم، إلا أنّنا لا نشترط إدراك كلّ أحدٍ لوجه تلك الموافقة العقليّة، بل يكفي ثبوت صحّة الخبر سندا ومتنا وِفقَ قواعد المُحدّثين، ثم إن بدا وجه الموافقة فبها ونِعمت، وإلا سلّمنا ورضينا، وأيقنّا بوجود حِكمة بالغة وعِلّة باهِرة ولكنّ عقولنا عجزت عن الإدراك.

ومن سَفَه المُتكلّمين أنّهم يظنّون بأنّ أهل الحديث عاجزون عن الخوض في العقليّات، وأنّهم لم يختاروا طريق الإقرار والإمرار إلا لقصور الفِكر، وضعْف النّظر، وضيق الأُفُق، والحقّ أنّ عُلماء أهل الحديث من أحدّ النّاس ذكاء، وأشدّهم نباهة، وما أعرضوا عن العقليّات "في أمور الشّرع" إلا لما اقتضته عقولُهم الرشيدة، وفِطرُهم السويّة، ولو جالوا مع أهل الكلام في العقليّات لأوردوهم لُجج البِحار، وهذا كتاب شيخ الإسلام ( درء تعارض العقل والنقل ) قد أبان فيه عن معرفةٍ بمخارج أهل الكلام ومداخلهم، حتّى أقرّ المُنصف بأنّه قد سبَر دلائل قواعدهم ومُقتضيات أصولهم وخبرها أكثر منهم.

يقول الإمام ابنُ القيم في ( طريق الهجرتين ): " كتاب شيخنا وهو بيان موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح، فإنه كتاب لم يطرق العالم له نظير في بابه، فإنه هدم فيه قواعد أهل الباطل من أسها فخرت عليهم سقوفه من فوقهم، وشيّد فيه قواعد أهل السنة والحديث وأحكمها ورفع أعلامها وقررها بمجامع الطرق التي تقرر بها الحق من العقل والنقل والفطرة والاعتبار، فجاء كتابا لا يستغني عنه من نصح نفسه من أهل العلم، فجزاه الله عن أهل العلم والإيمان أفضل الجزاء وجزى العلم والإيمان عنه".

وممَا يجدر التنبيه عليه أنّ الإيمان ببعض ما لا يدركه العقل مقصدٌ عظيم للشّارع الحكيم، وهو سِمةٌ للمُتقين، وبه يمتازون عن الكافرين والمنافقين، يقول تعالى في أوائل البَقَرة: { الم، ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ }، والغيب أمرٌ خارج عند إدراك العقل، ولا يُمكن بحالٍ أن يُحيط به، وبهذا يتحصّل أنّ العقْل تبَعٌ للإيمان ومحكومٌ به، وليس للعقل على الإيمان سُلطان أبدا، لأن الدين والإيمان طريقهما النقل الصّحيح فحسب، وأمّا العقل فمجاله المادّة لا غير، وما يتعلق بالإيمان من عقليّات فتأتي تبعاً على ما تُقرره قواعد الإيمان وتفرضه.

وفي هذا المسلك الرّشيد إشارة "عقليّة" بديعة لم يتفطّن لها أهل العقلنة من الفلاسفة والمُتكلّمين، وهي إدراك عجْز عقل الإنسان ومحدوديّة تصوّره، وكفى بهذا عِلماً وعقلا وفِطنة، وكفى بمن لا يدركها جهلاً وبلاهةً وفِتنة، ولله درّ من قال: "والعجْزعن دَرَكِ الإدارك إدراكُ"، وأعظم الجهل أن تجهل بأنك تجهل، فعقْل الانسان الذي يعجز عن معرفة كُنه الروح التي بين جنبيه، أعجز – من باب أولى – عن معرفة حقائق الغيب التي دلّت عليها النّصوص، وقد سُدّت جميع الطّرق للتعاطي مع تلك النصوص عدا طريقُ الإقرار والإمرار على ما ظهر من معانيها التي فيها كِفاية التّكليف.

لقد أطلق عدنان إبراهيم لعقله العنان؛ ليُحاكم أحاديث النبيّ - صلى الله عليه وسلّم - الصحيحة الثابتة، ويردّها وِفق مقاييس عقله ومعايير فِكره، مُحتذياً بشيخ الطائفة "إبليس" عندما ردّ حُكم الله تعالى بالقِياس { خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ }، وقديماً قيل: أوّل من قاس إبليس وما عُبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس، ورحم الله عُمر الفاروق – رضي الله عنه – عندما بزغ نجم هذه الطائفة في أمّة محمد – صلى الله عليه وسلم – على يد صبيغ بن عسل العراقي، فما كان منه إلا أن أطفا فتنته بجريد النخل وعراجينه.

وإن كان عدنان إبراهيم ومن لفّ لفّه قد فتحوا باب العقل على مصراعيه بالكيفيّة التي نراها في محاضراتهم وخُطَبِهم، ألا فليخبرونا ما الفرق بينهم وبين مسلك الملاحدة؟ وما الذي يميّز بينهم؟ بل إنّه يصْدُقُ على المُتكلّمين أمثاله، أنْ يكونوا فلاسفة أصحابُ هوى وتشهّي، يؤمنون ببعض الفلسفة ويكفرون ببعض.

فإذا كُنتَ يا عدنان تردّ النصوص الصّحيحة الصريحة الثابتة في البخاري ومُسلم لأنّ عقلك لم يقبلها، فلا تثريب على المُلحد أن يجحد الله ويكفر بالقرآن ويسخر بالرُّسُل ويُنكر البعث والنشور لأنّ عقله لا يقبلها، فالباب واحد، وما سوّغته لنفسك يسوّغه المُلحد لنفسه بالطريقة ذاتها، بل ويستطيل عليك بأن يُلزمك بما يجعلك بين خيارين لا ثالث لهما: إما الإلحاد، أو الإيمان على طريقة أهل السنّة المُهتدين، القائم على رُكني الإقرار والإمرار كما تقدّم.

والعجيب أنّ الدكتور - هداه الله - يجعل منهج أهل الحديث سببًا في ظهور الإلحاد، لأنّهم ليسوا أصحاب "كيف، ولماذا، وما العلّة، وما المغزى" وهذا بحسَب تصوّره القاصر إلغاءٌ للعقل، وما عرف أنّ أهل الحديث قد قدَرُوا العقْل حقّ قدْرِه وأنزلوه في محلّه اللائق به، ومَثَلُ أهل الحديث وأهل الكلام، كرجُلَين لدى كلّ واحدٍ منهما سيارة، فأمّا الأوّل فهو يعلم بأنّ السيارة إنّما يؤتى بها من الطّرق البرّيّة السالكة المُعبّدة ولا يستخدمها إلا في مثل هذا، وأمّا الآخر فيظنّ بأنّ السيّارة بما فيها من قوّة محرّك، ومواصفات سلامة وأمان، تستطيع خوض البحر والجري فيه، فلمّا ركبها وخاض بها عرض البحر جعلت تطفو فوقه قليلا حتى توسّطته، ثُمّ دخل الماء إلى جوفها فغرقت وغرق معها.

وأمّا سبب ظهور الإلحاد فهو بلا ريب منهج عدنان إبراهيم وأمثاله، ووالله لا يُنكر هذه الحقيقة الناصعة الظاهرة إلا أجهل الجاهلين، لأن المُتكلّمين ينطلقون من نفس مبادئ الفلاسفة المُلحدين، وهم فرعٌ عنهم إلا أنّهم أصحاب هوى كما أسلفتُ، يؤمنون ببعض العقل ويكفرون ببعض، فهم يُحكّمون العقل في فروع الدّين ولا يُحكّمونه في اًصوله، وإذا جاز تحكيم العقل على فروع الدّين فبأيّ حقّ ودليل وبُرهان يُمنع من الأصول..!!

وبهذا يُعلم أنّ المُلحد لا يُمكن أن يستطيل على السُنّي بحال، لأن السُنّي يكفيه صحّة الخبر، وأمّا المُتكلّم فما أسهل إلزامه بلوازم أهل الفلسفة والإلحاد، وإن لم يلتزمها بطلت دعاويه الفارغة، وأصبح بين الإلحاد أو الإيمان على طريقة أهل السُنّة، وعليه فإنّ تحصين الشباب من فِتَن الإلحاد كما يُدندن الدّكتور حول ذلك كثيرا، إنّما يكون بتعليمهم الإيمان وغرس جذوره في قلوبهم، وأمّا تعليمهم المنطق والفلسفة، وتعويدهم على عرض النّصوص على العقول قبل الإيمان بها، بغضّ النظر عن صحّتها وثبوتها, فإنّ هذا أخذُ بأيديهم إلى ساحات الإلحاد ودفعٌ لهم إلى متاهاته، لأن الشّاب في المرّة الأولى سيعرض حديثاً على عقله، وفي المرّة الثانية آيةً قُرآنية، ثُمّ يخوض في أمور القدر، ثم في أمور الغيب، ثمّ الوجود والكون، وينتهي إلى ربّ العالمين سُبحانه وتعالى، ولا يحقّ لك منطقا وعقلا أن تُبيح له الخطوة الأولى وتمنعه من الثانية والثالثة، وليس هناك حل إلا أن يوصد باب العقل، ويُفتح باب الإيمان الذي لا يُزيح العقل مُطلقا ولكن يضعه في موضعه السليم، المُناسب لوظيفته وقُدُراته.

وممّا يَشْغبُ به الدكتور كثيرا، قضيّة الكُفر والتكفير، حتى يكاد يُلغي الكُفر والتكفير من الوجود، وهذا دليلٌ على جهله بالعقليّات التي يُجعجع بها، لأنّ الكُفر والإيمان نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فإمّا كُفرٌ وإمّا إيمان { هو الذي خلقكم فمنكم كافرٌ ومنكم مؤمن }، وإذا ظهر الكُفر البواح وتوفّرت الشروط وانتفت الموانع، ما المانع من التّكفير! فأهل السُنّة وسطُ بين الخوارج والمُرجئة، فكما أنّهم يتورّعون في الإقدام على التكفير ويحتاطون لذلك أشدّ الاحتياط، فمن ورَعِهم وديانتهم واحتياطهم أنّهم يُكفّرون من ظهر منه الكُفر البواح بعد توفّر الشروط وانتفاء الموانع؛ لأنّه يترتّب على ذلك عقائد وأحكام وحدود هي من شريعة الله، ويجب مُراعاتها والقيام بأمرها.

والرّجل يتهكّم كثيراً بأهل السُنّة، ويصمهم بالتشنّج والتشدّد والجفاء، وهو أحقّ بهذه الأوصاف منهم، خصوصا مع الأحاديث والآيات، فهو صاحب تشنّج وجفاء وغِلظة وقلّة حياء مع أحاديث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فلا أسهل عليه من ردّ الحديث الثابت الصحيح الذي تلقّته الأُمّة بالقبول، حتى أشياخه من أهل الكلام المُتقدّمين لم يتجرءواعلى ردّها، ومن عجائبه أنّه يستشهد بالحديث إذا راقَ له ولو كان يُناقض طريقته العقلانية في قبول النص، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، استشهاده بما ذكره الثعالبي وابن عبد البر في التمهيد عن ابن عمر، قال: "خرجتُ مرة فمررت بقبور من قبور الجاهلية، فإذا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارًا في عنقه سلسلة ومعي إداوة من ماء، فلما رآني قال: يا عبد الله اسقني. قال: قلت: عرفني فدعاني باسمي، أو كلمة تقولها العرب: يا عبد الله، إذ خرج على إثره رجل من القبر فقال: يا عبد الله: لا تسقه، فإنه كافر، ثم أخذ السلسلة فاجتذبه فأدخله القبر. قال: فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته، فنهى أن يسافر الرجل وحده"، فهذا الأثر رغم أنّه ضعيف، ليس خُرافيا عند عدنان إبراهيم، وصالحٌ للاستشهاد به، بينما الأحاديث الصحيحة الصريحة في المسيح الدجّال ونزول عيسى عليه السلام وظهور المهدي، فهي أحاديث خُرافة لا يقبلها العقل..!! والرّجلُ أصلاً حاطبُ ليلٍ في الحديث، وأظنّه لا يعرف من الحديث إلا اسمه، فهو ينسب أحاديث ضعيفة إلى البخاري والبخاري منها براء كما فعل مع أثر ابن عُمر المُتقدّم.

ثُمّ إن مشايخ أهل السُنّة الذين يتهكّم بهم، لم نسمع واحداً منهم في يوم من الأيام يمدح نفسه، أو يذكر الكرامات التي منحها الله إيّاه بسبب ما عنده من تقوى وإيمان، كما يفعل عدنان إبراهيم الذي سمعتُه يحكي عن نفسه بأنّه يستطيع تأليف كتاب في ليلة واحدة، وأنّه قد ناظر أحد الأشخاص حتى اضطرّه إلى الهروب من مجلس المناظرة فَزِعاً، وأنّ الله قد أكرمه الله بكشف الحجاب عن الجنّ فصار يتحدّث معهم كِفاحاً، حتى إنهم قالوا له: يا مولانا ادعُ الله لنا، ولعل أولئك الجِنّ روافض قد أعجبهم نيله من معاوية - رضي الله عنه -، ومن أعجب الكرامات التي اختصّه الله بها أنّه في إحدى المرّات استطاع إضاءة نور الكهرباء بلا واسطة كما قال عن نفسه، بالرّغم من أنّه يُنكر ويستنكر أن يتحدّث الوليّ بكرامات الله عليه كما في بعض خُطبَه، ولكنّ الرّجل لديه جُملة تناقضات، وهذه واحدة منها، ولو تتبعناها لطال بنا المقام، وقد وثّق بعض الإخوة مقاطع في "اليوتيوب" تكشف عددا من التناقضات الصارخة لدى الدّكتور.

وقد لاحظتُ أنّ كثيراً من أتباعه يرمون غيرهم بما هم أحقّ به، من التعصّب والتّقليد الأعمى وإهمال العقل وعدم الاستماع إلى الطرف الآخر والإقصاء وغير ذلك من التّهم الفارغة، التي حفظوها من كثرة ما كرّرها الدكتور في خُطبه ومحاضراته، ثُمّ إنّك تكتشف بعد النّقاش معهم أنّهم لم يقرءوا الرّدود على شيخهم، ولا يعرفون طريقة أهل السنّة في التعامل مع النّصوص، ولا يعرفون ما هي مصادرهم في تلقّي العقيدة، ولم يبحثوا في صحّة ما ينقله شيخهم من الكُتُب وخصوصا الأحاديث، وإنما يكتفون بمعرفة كلّ ذلك من خلال شيخهم الذي يعوزه كثيرٌ من الدقّة والأمانة فضلا عن الاعتقاد السليم والمنهج الواضح المُستقيم، ومن يدخل في حوارٍ معهم يرى بأنّهم في الجُملة عوامّ، وبعضهم قد كرع من كُتُب الفلسفة حتى ارتوى، وبعضهم لديه موقفٌ سابق مع أهل السُنّة، وإذا سألته عن كتب العقائد لعلماء أهل السُنّة، تجده لا يعرفها ولم يسمع بها، ومتى يصل أمثال هؤلاء إلى الحقّ؟ ولو كانوا صادقين لقرؤوا في كُتُب الطّرفين ونظَروا في كلا المذهبين، ثُم احتكموا إلى الكتاب والسنّة، ولكنّ الهوى يُعمي ويُصِمّ.

ومن إنصاف أهل السُنّة أنّك تجد أكثر كُتُب العقائد عندهم قائمةٌ على إيراد الشّبه والردّ عليها، فهم قد حفظوا حقوق خصومهم قبل الرّد عليهم بأن أوردوا أقوالهم كاملة، وجاءوا بها كما هي على مُرادهم، ثُمّ بيّنوا وجه الصّواب والخطأ منها، وقلّما تجد هذا الإنصاف والأمانة والدقّة عند خصومهم، فهم إن أوردوا أقوال أهل السُنّة جاءوا بها مُحرّفة تشويهاً لها وتنفيراً منها قبل الرد عليها، ومن ذلك على سبيل المثال ما شا هدته في إحدى خُطب عدنان إبراهيم، حيث ذكر بأنّه شاهد مقطعا في اليوتيوب لأحد المشايخ الكبار في جماعته يُكفّر القرضاوي في غمضة عين، ثم أخذ يُهاجم هذا الشّيخ والمنهج الذي ينتمي إليه، وحقيقة ما شاهده هو مقطعٌ للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله –سُئل فيه عن كلمة قالها القرضاوي بحق الله تعالى، حيث قال: إنّ الله لو عرض نفسه على العباد لما حصل على نسبة 99% كما يحصل الحُكّام، فأجاب الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – بأنّ هذا كُفرٌ بالله تعالى ويجب على قائلها التوبة أو فإنّ على الحاكم ضرب عنقه.

فانظر كيف أنّ عدنان إبراهيم اختزل القصّة في مسألة التكفير، وعرضها بشكل يوحي للسامع بأنّ حقيتها تكفيرٌ مُجرّد غير مبني على أسباب وأدلّة وبراهين، فأين العدل وأين الإنصاف وأين الأمانة، وقبل ذلك أين مخافة الله تعالى ومُراقبته..!؟


نسال الله أن يعصمنا من الزّلل ويحفظنا من الزيع وأن يهدي ضالّ المُسلمين إلى سواء الصّراط.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:06 PM
البرهان في ضلالات عدنان
بسم الله .. والحمدلله .. والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ،،،

هذا جمع متواضع لبعض طوام وكفريات ودجل "عدنان إبراهيم"

أسميتها :

"بسط البرهان في ضلالات عدنان"



وهي بسط لأكثر من ستين تغريدة، جمعت فيها القليل من طوام وكفريات وتدليسات عدنان إبراهيم وخرافاته وتكذيبه لكتاب الله من مقاطعه بالصوت والصورة، وأحيانا بالصوت .. وقد كتبت التغريدات في وسم #حقيقة_عدنان ، والشكر لله ثم لمن أعد هذه المقاطع ورد عليه فيها.. وكالعادة .. سيَتهمنا بعض إخواننا ممن انخدع بعدنان إبراهيم هداهم الله بالبتر من مقاطعه بما يخل بالمعنى.. وأقول: من كان لديه دليلاً على ذلك فليأتنا به..


وأدعو الذين غرر بهم عدنان إبراهيم أن يتقوا الله ويتعصبوا للحق فقط، فإن الكثير منهم بات يقدم كلامه على كلام الله ولسان مقالهم: "يقصد كذا وكذا"، حتى وإن كان تكذيبا صريحا لكلام الله، والكثير من أتباعه بات يبغض معاوية خال المؤمنين وكاتب الوحي، وأبوهريرة وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وسمعنا أن هناك من تشيع منهم وسيتشيع آخرون إن لم ينتبهوا لأنفسهم ويسارعوا بالخروج من هذا النفق المظلم الذي دخلوه مع هذا الرجل ..


وكالعادة أيضا .. سيتهموننا بالتركيز على أخطائه وترك حسناته ! .. وأقول: عدنان أتى بالطوام وطعن بالصحابة، بل بات يروّج للإلحاد ويلبس لبوس السنة ! فعن أي حسنات تتحدثون وقد غرقت في بحر طوامه العظيمة ..


***


عدنان معلقًا على حديث (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)،

يقول عدنان إبراهيم: الحديث صحيح، ويُفترض أن يبدأ بالقلب ثم اللسان ثم اليد !

نعوذ بالله .. هل يريد هذا الجاهل أن يعلّم محمدا ﷺ !

http://youtu.be/QGJ9XQ3D9C0

***


عدنان إبراهيم يقول:


السعودية كان فيها صحوة إسلامية متزمتة، أما الآن ماشاءالله فيها دعوات تحررية وعلمانية ويُقال فيها حتى دعوات إلحادية !

ياعدنان..هل يفرح مسلم بانتشار الإلحاد والعلمانية !!

http://youtu.be/cTXLM9xWB6w


***


يقول عدنان إبراهيم:


الحق موزّع بين الأديان، فالإسلام فيه حق وباطل كحال بقية الأديان !

http://youtu.be/CTcTeb3P6S4


نعوذ بالله من الكفر .. والله لو لم يكن لديه سوى هذه الطامة لكفى بأن يتبرأ منه كل عاقل.

***



غلو حد الزندقة..

الله تعالى يقول: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سيُجزونَ ما كانوا يَعْمَلون}..

وعدنان يزعم أن اسم الله الأعظم هو:

“محمد بن عبدالله”

ويزعم أنه أعظم من “الرحمن الرحيم”

بناءً على هذا الكلام سيكون أفضل صيغة استغاثة لله تعالى قول:

"يا محمد بن عبد الله أغثني" !!

نعوذ بالله .. أليست هذه دعوة صريحة للشرك بالله !!

http://youtu.be/ZU5DNDJ8zaY


***



الله تعالى يقول في حق محمدﷺ:

(علّمهُ شَديدُ القُوى)..

وعدنان إبراهيم يقول:

محمد لم يفهم كل القرآن !!

http://youtu.be/BfnYEpIE1SE


نعوذ بالله من هذا الجنون ..

***



الله تعالى يقول :{إنّا كلَّ شيءٍ خلقناهُ بقدر}

ويقول :{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ}

وعدنان إبراهيم يزعم أن خلق الإنسان به عيوب وأشياء غير صحيحة وأشياء ناقصة !

http://youtu.be/epJ8aqn_y-s


***


الله تعالى يقول:

(أفي اللهِ شكٌّ فاطرُ السماواتِ والأرض)


وعدنان إبراهيم يقول: يجب أن تشك بالله والإسلام كل حين كي لاتُصدم إذا وجدت دينك باطل

http://youtu.be/zCiYRXfLIao


***



الله تعالى يقول: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ}

وعدنان يدافع عن النظرية التي تقول:

“أصل الإنسان قرد” ويقول:

على الأقل القرد أفضل من التراب

http://cdn.top4top.net/d_00b556952c0.mov


نعوذ بالله من هذا الجهل العميق

***


الله تعالى يقول:


{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} .

وعدنان يزعم أن الله أعطى الناس حرية اختيار دينهم

http://youtu.be/VJW6gAR13Yo


***



الله تعالى قال عن الملائكة حملة العرش:

{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}

والجاهل عدنان إبراهيم يقول: اكتشفت قبل أسابيع أو أشهر أنه لا توجد آية تثبت أن الملائكة تؤمن بالله، هي مسلمة وليست مؤمنة !

يقول: قبل أسابيع أو أشهر !! هذه طلاسم الكذبة ..

ياعدنان .. هل اكتشفت شيئا لم تكتشفه الأمة قاطبة !!

هل يعقل أن العلماء منذ ١٤ قرنا لم يذكروا هذه المعلومة !!

نعم لم يذكروها لأنهم قرأوا في كتاب الله أن الملائكة مؤمنة ..

لكن .. يأبى الله إلا أن يُظهر جهلك وجرأتك على الباطل من القرآن

http://youtu.be/ZR77t18t71I


***



عدنان إبراهيم يقول:

قلبي وضميري يحبان أوباما

طبعا .. لأنه مكّن لحبيبتك إيران من قتل إخواننا في العراق وسوريا واليمن

http://youtu.be/B861vzVwjW0


***


الله تعالى يقول حاسما مسألة الغيب:

{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}

والدجّال عدنان إبراهيم: قارئ الفنجان يطّلع على الغيب، وعمّتي كانت تقرأ الفنجان وتُحدِّث عن المستقبل!

http://youtu.be/PW4aeYXDvE4


***



الزنديق عدنان إبراهيم:

أقترح تغيير قسمة الميراث التي وردت في القرآن، لأنها لم تعد تناسب عصرنا، لأن النساء اليوم كثير منهن من تساهم في النفقة !! ..

نعوذ بالله من هذه الزندقة .. هل نسي أو تناسى هذا الجاهل أن النفقة على الرجل واجبة إن استطاع ولو كان من أفقر خلق الله، ولا تجب على المرأة ولو كانت أغنى خلق الله.. وما تشارك به المرأة فهو من قبيل الإحسان وليس واجبا عليها، ثم هل يريد هذا الجاهل أن نضع لكل بيت قسمة خاصة للميراث حسب ظروفهم ومساهمتهم بالنفقة !!

***



الله تعالى يقول:

{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحساب}

وعدنان إبراهيم يقول:

يكفي أهل الكتاب (اليهود والنصارى) أن يؤمنوا بنبوّة محمد وليسوا مطالبين بأن يسلموا، ولهم أن يقيموا شرعهم !!

ويستشهد هذا الدجّال بآيات نزلت لدعوة أهل الكتاب للإسلام تارة، وتارة أخرى يأتي بآيات نزلت في حق أهل الكتاب الذين آمنوا بأنبياءهم واستقاموا معهم في زمان سريان شرائعهم ويُنزلها على اليهود والنصارى اليوم !!

***



عدنان إبراهيم يقول عمّن أفتى بحرمة الغناء:

حرمتوا علينا عيشتنا وحياتنا ..

ثم يقول هذا الكذّاب : عشرات الأئمة ومنهم الشافعي ومالك وأحمد بل ومشايخهم الكبار بل وحتى بعض الصحابة كانوا من المغنين ومن أهل الطرب، ويضربون على العود، وبروايات لا تقبل التشكيك !!

والله لم تر عيني دجالا مثلك ..



عندك عشرات الروايات وعجزت أن تأتي بواحدة !!

أنت حتى الروايات الضعيفة في معاوية استهلكتها بغضا في معاوية، أيعقل أن يكون عندك روايات صحيحة لاتقبل التشكيك في ماذكرت في أن الأئمة كانوا من أهل الغناء ولا تذكرها !!

أما تعلم أيها الدجّال أن المغنين أنفسهم يعلمون أنه حرام !!

http://youtu.be/rddAKVhId5Q


***


هل هذا سني !


عدنان بالملابس السواد بيوم عاشوراء:

الذين يُحييون ذكرى عاشوراء لولاهم لطُمس ذكر آل البيت !

http://youtu.be/_Vzsza2UZsQ


ياعدنان .. ألم تملأ عينيك روايات فضائل أهل البيت في كتب الحديث التي حفظها أهل السنّة وعلى رأسها البخاري ومسلم التي لا تؤمن بها !!

ثم هل هذا هو إحياء ذكر آل البيت ياعدنان !! (المقطع التالي)

http://youtu.be/sYj4uujDb_k

وماذا رأيت يا عدنان في هذا اليوم غير الزحف والتطبير وسب الصحابة !!

***


هل هذا سني !

عدنان يدافع عن علاّمة الشيعة النوري الطبرسي الذي ألّف أشهر كتبه لإثبات أن القرآن محرف !!

http://youtu.be/SE5964ZnOpI

***


هل هذا سني !


عدنان يثني على محمد باقر الصدر،

أكبر معمم في عصره !

ياليته عامل معاوية كمعاملته للمعممين

http://youtu.be/O4wjLDA2y8Q


***


هل هذا سني !


عدنان إبراهيم:

أبوهريرة ماعندوش عزة نفس !

(لاحظوا الأسماء التي يلمزها دائما، لتعلموا حقيقة مذهبه)

http://safeshare.tv/w/SgVaaAoUAq


***



هل هذا سني!

يقول: النواصب يتهمون الشيعة بذبح الحسين (قال الشيعة وأشّر على نفسه..!!)

ثم يقول: نعم الشيعة خذلوه لكنّهم كفّروا عن خطئهم بثورات أسقطت دول وعلى رأسها دولة بني أميّة الملعونة !!

http://youtu.be/0yBDDbnetNw


***



هل هذا سني !

يتهم السنة بكره علي !

http://youtu.be/kS9jd8SZ84s



لاحظوا في المقطع يتهم أهل السنة زورا ويسميهم نواصب يقول:

يعترضون في قلوبهم على الخُطب التي فيها ذكر علي !!

تعرفون لماذا قال في قلوبهم؟

لأنه لم ولن يجد سني على وجه الأرض يعترض على ذكر علي رضي الله عنه، فلجأ الدجّال لاتهام قلوب أهل السنّة !!

أشققت عن قلوبهم ياعدنان !؟

وللعلم .. مرويات علي في كتب السنة أكثر من مروياته في كتب الشيعة، بل إن مروياته في كتبنا أكثر من مجموع مرويات أبي بكر وعمر، رضي الله عنهم جميعا

***




هل هو سني !!

عدنان إبراهيم: الشيعة عندهم ١٢معصوما بينما السنة عندهم آلاف المعصومون

(من زعم عصمة الصحابة يامدلس) !

http://youtu.be/Re9_YyDozbw


***



هل هذا سني !

عدنان يصرخ ويتألم بسبب وصال وصفا واللتان تحاربان دجل المعممين

(ويسمي المعممين بالموحدين) !

http://youtu.be/ytUq374slGs


***


هل هذا سني !!

عدنان إبراهيم: نظام بشار ممانع ولا تستمعوا للإسلاميين

http://youtu.be/x6mnQD5IxHE

***


هل هذا سني !!


حتى الغرب أنصف الفتوحات الإسلامية..

ويأتي عدنان لينتقدها، وما انتقدها قبله إلا أصحاب العمائم

http://youtu.be/xICRTPa-ClI


***


يا من خُدعت بهذا المدلّس .. شاهد بنفسك كيف يدلّس ويكذب على رسولﷺ بغضا في معاوية ..

http://youtu.be/ssOv4sgJIIE

***


عدنان إبراهيم يطعن بروايات البخاري ومسلم،،،

ثم ينشر الروايات الضعيفة لينتصر لقلبه المريض ..


ويستمر تدليسه بحق معاوية رضي الله عنه ..

http://youtu.be/TkAGky7FZRU


***


ما أعظم تدليسه .. ينقل من كتاب “الضعفاء الكبير” !


ما هذا الجهل ياعدنان .. بنفسك ذكرت عنوان الكتاب، وهو كتاب "الضعفاء الكبير" أي أن رواته كلهم ضعفاء !

http://youtu.be/k3n5WKDv7ec


لأجل الطعن بمعاوية رضي الله عنه سيروي حتى عن إبليس ..

لا مشكلة

***



يا من فُتنتم به ..

شاهدوا صاحبكم ينقل من روايات رواها شيعة ليطعن بمعاوية .. في الوقت الذي يطعن بروايات البخاري ومسلم التي اتفقت عليها الأمة !

http://youtu.be/hPpPK4TTgNk


***


يا من فُتنتم به ..

والله أنه يسوقكم للضلال ..

حتى أصبح بعضكم يحقد على كاتب الوحي معاوية ..


شاهدوا منهجه في التدليس

http://youtu.be/v1Hf1vcDwKo


اعتماده على الروايات الضعيفة دليل أنه لم يجد ما يسعفه ضد معاوية من الروايات الصحيحة ..

***


حتى البخاري ومسلم لم يسلما من تدليسه ..

وهكذا حال كل من أراد هدم السنة..


شاهدوا كيف يكذب على البخاري ومسلم

http://youtu.be/pdfCR2Gx1nI


***



قال عليه الصلاة والسلام:

“وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا“ ..

تدليس عدنان لا ينتهي

http://youtu.be/SEcqCe4b-08


***



يدلّس على عثمان رضي الله عنه !

http://youtu.be/pRdBwBODmtg

***


عدنان إبراهيم ينسب أحاديث كذبا للبخاري !!


شيّد بناءه من الكذب والتدليس والتزوير

http://youtu.be/KD2odNod-PQ


***


ولازال يدلّس على البخاري رحمه الله

http://youtu.be/WZEROThkrZg

من كذب مرة يكذب الف مرة

***



السنة يقولون: علي رضي الله عنه

والشيعة يقولون: علي عليه السلام

وماذا عنك ياعدنان !؟

http://youtu.be/kUX5GIEERag


لماذا لا تسلّم أيضا على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما !!

***



الكذّاب يقول:

أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه يعترف أن عليا أحق منه بالخلافة !

يسبقها بالترضّي ليُقبل قوله ويُغرر بالناس، ثم يأتي بروايات شيعية

http://youtu.be/9SD3GSQRTLE


***



عدنان يدافع عن نووي إيران، ويصفها بأنها تحترم الأقليات اليهودية والنصرانية ، وأنها لم تعتد على أحد منذ ١٥٠ سنة ويصف الخميني بالإمام !

سبحان الله .. وماذا عن أهل السنة في إيران !

لم تنسَ اليهود والنصارى ونسيت أهل السنّة .. ثم تزعم أنك سنّي !!

ثم كيف تزعم أن إيران لم تعتد على أحد منذ ١٥٠ عام !!

من يقتل إخواننا في سوريا والعراق واليمن !!

من دمّر مساجدهم وبيوتهم !!

من حرق رجالهم وذبح أولادهم بالسكاكين !!

http://youtu.be/NLu59cU17TY


***


وما يلي .. عدنان ينسب الكرامات والخرافات لنفسه

الدجّال عدنان إبراهيم: جنيّة متمكيجة تغازلني، والجن يسألونني الدعاء لهم !!

http://youtu.be/LPV0XhmdY8A

***


الدجال عدنان إبراهيم عن نفسه:

كأني أقرأ من صفحة الغيب

http://youtu.be/xuCH9qKflMM

***



المشعوذ عدنان إبراهيم:

ألّفتُ كتابا يصلح أن يكون رسالة ماجستير عن المرأة وعمري ١٣ سنة !!

http://youtu.be/BevSGD-LF8Y


***



الدجّال عدنان إبراهيم: كان عمري ١١ عاما وأكتب دراسات وبحوث وتُنشر في المجلات، والشيوعيون خططوا لقتلي لذكائي وعمري ١١ عاما!

http://youtu.be/6Jhe7XfdF-g


هل يستطيع ذكر المجلات والعدد لنرجع إليها .. !؟

***



المخرّف عدنان إبراهيم :

الله كان يُيَسّر لي المعجزات والخوارقيات !!

http://youtu.be/Ti_IdFfhBgY


***



الدجّال عدنان يزعم أنه يشعل اللمبة بلا كهرباء ويقول:

هذه كرامة لعباد الله الصالحين (يقصد نفسه) !!

http://youtu.be/Pgpo6F0Xaf0


يادجال .. أنكرت نزول عيسى بن مريم وأنكرت معراج النبي صلى الله عليه وسلم وأنكرت المهدي وكل هذه الأحداث اتّفق عليها المسلمون .. وأنت تنكرها لأنها لم تتماشَ مع عقلك السقيم، فكيف تروِّج بعدها لهذه الخرافات !

***


الدجال عدنان إبراهيم:

الله يسخر لي ملكا يساعدني بالنقاش

http://youtu.be/OGbYBxrzK7Y


***


قلمه الذي انكسر وكتب ٨٠ صفحة !

http://youtu.be/9Yo-a_fPHlA

***



الدجال عدنان إبراهيم:

تنبأت بالاسم الكامل لزوجة صاحبي !!

ومالهدف من إخبار الناس؟

تريدهم يقدّسوك !

http://youtu.be/6lbWw12UUU4


***


كراماته عندما يريد شراء الكتب !!

http://youtu.be/94PaQK6N_rQ

***


الدجال عدنان إبراهيم: ألّفت عدة كتب في ليلة واحدة

http://youtu.be/bTepJFlDogM

***



الدجال عدنان إبراهيم: الله أنطق ملكا على لساني

http://youtu.be/2OcxN1hCwqE



بقي أن تدّعي النبوّة يادجّال

***




المشعوذ عدنان إبراهيم: كنت أتحكم بالمراقب بالامتحانات فيغششني من خلال تحكمي به بالإيحاء بالنظر!

http://safeshare.tv/w/PCHUGJgsUb



هل تستغل قدراتك الخوارقية كما تقول وتنجح بالغش !!

قال عليه الصلاة والسلام:(من غشّنا فليس منا).

***




المشعوذ تأتيه رسالة جوال sms من خط خارج الخدمة (مقطوع) ومكتوب فيها : مالك كله حلال


ماذا تركت للفالي

http://youtu.be/eY40p8ONZoU

***



عدنان إبراهيم:

سأُسخّر الطبيعة وسأصل لمعجزات الأنبياء

http://youtu.be/I4qGR5wl5r0


***


وأخيرا .. هذه نبذة بسيطة من طوامه، وأسأل الله أن ينفع بها، وأوصي كل من قرأها أن يقوم بنشرها في مواقع التواصل والواتساب، فإن هذا الدجّال قد لبّس على الكثير من إخواننا الذين يجهلون حقيقته ولا يعلمون شيئا عن تدليسه ودجله ..

وأقول لأخواني وأحبابي الذين فُتنوا به .. هل رأيتم كيف أضحى عدنان من أكذب خلق الله ... وكيف يزعم هذا الحداثي أن الجنيّة تغازله وأنّ عمّته تقرأ الفنجان وتعلم الغيب وأنه يشعل اللمبة بلا كهرباء !! فهل لازلتم تدافعون عنه؟

وأوصيكم وأوصي الجميع بمتابعة الصفحات التالية على يوتيوب لتعلموا مدى كذبه وتدليسه:


- مكافح الشبهات

- قرار إزالة

- درع الصحابة وأمهات المؤمنين




والحمدلله أولا وآخرا

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:10 PM
سلسلة الردود على د. عدنان إبراهيم : مبحث إنكار النسخ في القرآن الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإخوة الكرام ، قد قررت مؤخرا أن أتخصص في الدفاع عن الشبهات التي يثيرها أعداء الأمة من مستشرقين وأذنابهم من علمانيين وغيرهم وأقتصر فقط على مواقع الإجماع من ثوابت الأمة وقطعيات الشريعة الإسلامية، لكن كنت كلما أردت التطرق إلى مسألة استقر عليها رأيي بالبحث إلا وأجد د. عدنان إبراهيم تولى كبرها بالتضليل، فتناولته بالاسم رغم أني لا أحبذ ذلك ولكنها حيلة المضطر ...

كي لا أطيل عليكم ، مؤخرا أنصت إلى أحد فيديوهاته قد تناول فيها إنكار النسخ في القرآن الكريم، فراعني الكم الهائل من التلبيس والتدليس وتمطيط القواعد الأصولية وتكسيرها ليثبت أوهامه ...

لذلك هذا الشريط للرد على الشبهة الأولى وستتبعها بإذن الله تعالى مناقشات أخرى، وأسأل الله أن ينفع به وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل :


تناولت في هذا الفيديو مناقشة أول شبهة ابتدأ بها شريطه، وهي أن أدلة إثبات وجود النسخ في القرآن الكريم ماهي إلا ظواهر تحتمل التأويل !!!


https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=xh_OW-F0ydo

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:21 PM
رسالة إلى المعجبين بـ (عدنان إبراهيم) للشيخ حمود العمري
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
عدنان إبراهيم شخص كذاب مدلِّس، وقد تأثر به بعض من لا علم عنده ولا فهم وسموه عالما ومجدداً، والحقيقة أن وصفهم له بالعالم صحيح فهو عالم متفنن في الكذب والتدليس، وهو مجدد للشبه والافتراءات التي كانت موجودة عند سلفه من الدجاجلة المشككين، فقد نبشها من الكتب وأعاد صياغتها لتناسب العصر وليغر بها الجهلة ويهدم ثوابتهم ويقضِ على مسلماتهم ...
بعض من أكاذيب وأباطيل المدعو عدنان إبراهيم (يوتيوب)

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=4Y3DLjolOb0


https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=lrRvinkATK8


https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=K-F2iiXnm70



الذين تأثروا به قد تأثروا به لثلاثة أمور:
الأول:
فلأنهم يجهلون غالبية العلوم التي يخوض فيها ، لذلك يقتنعون بأي معلومة منه لأنهم لا يعرفون غيرها ويجهلون حقيقتها.
الثاني:
فلأنهم سماعيون ، لا يصبرون على القراءة فيسهل الكذب عليهم لأنهم لن يبحثوا عن المعلومة ليتأكدوا منها
من أجل ذلك تجد كثيراً من المعجبين به قد سمعو له عشرات بل مئات الدروس والخطب والمحاضرا ، ومع ذلك يعجزون عن قراءة عشر ذلك، حتى أصبحت تسجيلاته هي المصدر الأوحد تقريباً لمعلوماتهم، فهو الخصم والحكم على تلك المسائل التي يتبجحون بها على الناس.
الثالث:
فلأن عدنان يتكلم في كل علم من علوم الدين والدنيا، وهو لا يحسن علماً واحداً منها ولكنه يذكر معلومات كثيرة مختلفة ومتنوعة وفي وقت واحد وهذا الأسلوب يسمونه “الصدمة المعرفية للأتباع”
لأنهم ينصدمون به حينما يتكلم في أشياء كثيرة ولو فحصوا كلامه وميزوا لوجوده معلومات ملفقة لا تساوي شيئا عند أهل الاختصاص في كل علم، فحينما يسمعه متخصص في علم معين كالجزية مثلا يعلم أنه جاهل ولكنه يكثر من المعلومات فقط!
ولأن الكلام بلا بينة لا ينبغي، ولأن كثير من أتباعه قد طلبوا إثبات كذبه ، فهذه بعض الكذبات له جمعتها على عجل ولو أردت لجمعت مئات الصفحات لكذبه وتدليسه..
ونصيحتي لمن اغتر به أن ينظر فيما سأعرض من كذبه وتدليسه ثم ليراجع نفسه كيف أثق بواحد يتفنن في الكذب والتدليس تفناً، وأمانته العلمية مضروبة؟

وأذكر الآن على عجل بعض كذبه وتدليسه:
١- يزعم عدنان إبراهيم أن الملائكة ليسوا بمؤمنين، وأن هذا من إكتشافاته!
وهذا كفرٌ محض! فقد قال ﷻ: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به}
فما رأي متابعيه؟
٢- يقول عدنان إبراهيم: “مسلم بن عقبة صحابي ،وهو الذي قتل أهل المدينة في الحرة”
وقد كذب ودلَّس في هذا؛ فمسلم بن عقبة ليس صحابيا.
٣- يقول عدنان إبراهيم: “لمسلم بن عقبة أحاديث ولو حذفت جميع أحاديثه لم ينقص الدين”
وقد كذب ودلَّس هنا أيضا؛ فليس له حديث واحد أصلا.
٤- يقول عدنان إبراهيم :ى“عبيد بن حنين ليس له في كتب السنة إلا حديث الذباب”
وكعادته فقد كذب هنا، فعبيد بن حنين له عدة أحاديث.
٥- يقول عدنان إبراهيم: “حديث الذباب حديث فرد لم يروه عن أبي هريرة إلا ابن حنين”
وقد كذب فقد رواه خمسة رواة عن أبي هريرة، وهم: عبيد بن حنين ، وسعيد بن أبي سعيد ، وثمامة بن عبدالله ، محمد بن سيرين ، وأبو صالح السمان.
٦- يقول عدنان إبراهيم : “يوسف ابن عمر الذي قتل خالد القسري هو أبو الحجاج”
هههه هذا والله من المضحكات التي تُبيِّن حجم جهل هذا الرجل وكذبه فالحجاج مات قبله بـ 30 سنة!
لكن هذا من أساليب الصدمة المعرفية، خصوصاً بعد أن ضمن أن أتباعه لا تقرأ.
٧- يقول عدنان إبراهيم: “أي واحد من أهل السنة يحب علي يعذب حتى قتل بنوا أمية كل من اسمه علي”
وهذا والله من الكذب الصراح! الذي لا يمكنه إثباته،
ولكن أتباعه لا يفقهون.. هداهم الله..
٨- يقول عدنان إبراهيم: “لم يتهم الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكذب ابداً”.
ويقول الله تعالى : {وقال الكافرون هذا ساحر كذاب}
فما رأي متابعيه..؟
٩- يقول عدنان إبراهيم : “تعريف الشيعي عند أهل السنة هو من يتولى علي بن أبي طالب”
وهذا والله من الكذب والبهتان وأتحداه أن يثبت كلامه! بل أهل السنة يتولّون علياً – رضي الله عنه – ويحبونه ويجلّونه ويترضَّون عنه.
١٠- يقول عدنان إبراهيم : “البخاري فيه خرافات؛ مثل حديث هذا أوان انقطاع أبهري”
وهذا كذب فهو لا يوجد إلا معلقاً في البخاري ولم يوصل في الكتب السنة.
١١- يقول عدنان إبراهيم : “أرد أحاديث البخاري التي تعارض القرآن لأحمي قرآني”
وهذا من الكذب الذي يمرر به كلامه على الجهلة ليصدقوه، وقد تطاول هو على أحكام “المواريث” وهي أحكام قرآنية، ورفض تفضيل إرث الذكر على الأنثى وهو من مسلمات القرآن
فأي قرآن يريد أن يحميه !؟
١٢- يقول عدنان : “أن حديث زر غباً تزدد حباً؛ سببه كثرة زيارات أبي هريرة”
وقد كذب كعادته وأتحداه أن يثبت كلامه ولو بسند ضعيف! ولكنه يريد التلبيس على أتباعه بالطعن بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأكثرهم رواية لأن الطعن فيهم يعني الطعن في مروياتهم = تعطيل أحكام الشرع.
١٣- يقول عدنان : “أحرجتونا بأحاديث خرافية في البخاري، أحرجتونا أمام العالم”
ثم يذكر من كراماته ما يحرج كبار الخرافيين، مثل المصباح الكهرباء وقيمة الكتاب والقلم الذي عاد بعد أن فني وغيرها من الخرافات التي أصحابه أعرف بها.
فأين تشغيل عقله الذين يطالب به دائماً لرد الأحاديث؟ ولكنه الكذب والهوى، فهل يعي ذلك متابعيه؟
١٤- يقول عدنان : “حديث الذباب ضعيف؛ فإنه لا يوجد بحث طبي يؤيد ذلك إلا أبحاثا عربية”
فهو يريدنا أن ننكر صحيح السنة إذا لم يوجد بحثي طبي يؤيدها وهذا البحث لابد من أن يكون غير “عربي” طبعا لأن “الغرب” أسياده..
تخيل لو طبقنا نظريته فجعلنا إيماننا بالسنة متوقف على أبحاث الغرب !!!؟
١٥- يقول عدنان : “الرسول ﷺ كان يشك، وكان يتوقع أن الوحي حالة نفسية و إفرازات داخلية، وأتاه اليقين من سؤاله أهل الكتاب”.
ما أكذب هذا الدجال المتزندق، الرسول ﷺ كان يشك، وكفرة أهل الكتاب هم من أخبروه بأنه رسول وأن الذي ينزل عليه وحي..!
ما أجرأه على الكذب وما أتفه من يصدقه
١٦- يقول عدنان : “ابن تيمية ينقل عن الغزالي عشرات الصفحات في عشرات المواضع بلا عزو”
لا أريد منه إثبات عشرات الصفحات أريد صفحة واحدة فقط ! ولكنه لن يستطيع لأنه كذاب !
١٧- يقول عدنان : “يجب أن تؤمن وتكفر وتؤمن وتكفر، وتشك في كل شيء”
والله ﷻ يقول : {ذلك الكتاب لا ريب فيه} ، ويقول : (فاستمسك بالذي أوحي إليك)
فهل بعد هذا الكلام كفرٌ وزندقة..؟
١٨- يقول عدنان دائماً: “هذا ثابت بالعقل، أو هذا مخالف للعقل”
فسألت أكثر من واحد من أتباعه ما هو دليل العقل عنده؟ فماعرفوا وهذه يثبت وصفنا لهم بالـ(تبعية) وأنهم لا يبحثون أو يفكرون في كلامه لأنه يكذب عليهم ويدلس بهذه الشعارات، فقد هز ثقتهم بعشرات المسائل بدعوة العقلية.
فلا أقل من أن يبين لهم حقيقة هذا الدليل العلقلي الذي قدمه على النصوص والثوابت.
وهاهنا أسئلة ورسائل موجهة لعدنان إبراهيم ومن اغتر به:
١- ماهي المنهجية العلمية التي يتبعها عدنان إبراهيم التصحيح والتضعيف؟
الجواب: لا شيء.
والدليل: لو طلبت من متابعيه أن يستخرجوا له قاعدة واحدة لما استطاعوا.
٢- يقول عدنان: “فاطمة بضعة رسول الله، وعائشة بضعة أبي بكر، لا يمكن أن أسوي بينهما”
طيب، خديجة – رضي الله عنها – بضعة كافر هل يلحقها نقص.. !؟
مع أن خديجة داخلة في التفضيل عند السنة والشيعة !؟
٣- يقول عدنان: “أنه يستطيع أن يؤلف كتاباً في ليلة”
لكنا لم نجد له مؤلفاً واحداً ، وإنما نهمه في هذه الخطب والدروس ، فيستخدم أسلوبه في الصدمة المعرفية وفي التدليس والكذب لأنه يعلم أن أتباعه لا يقرأون ولأن الكتابة ستفضح كذبه وفقده للأمانة العلمية ، لأن جمهور القراءة غير جمهور السماع.
٤- يقول عدنان -قبحه الله- : “أحد المنافقين يأكل ويحلّق بيده في الصحن يبحث عن اللحم؛ حتى يمس يد عائشة ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس!”
يقولها بتهكم وهمز ولمز
تخيل هذا الكلام عن أمك..!؟
هل ستتقبله؟ وتُجل صاحبه؟
هاهو لم يحترم أم المؤمنين -رضي الله عنها- وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وانتقص ضمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
٥- يقول عدنان: “أخبار الآحاد ظنية لا تفيد اليقين ولو كانت في الصحيحين”
ثم يستشهد بعشرات الأحاديث الضعيفة والمكذوبة وأحياناًً لا أصل لها، ويعتمد على رسالة جوال مجهولة المصدر بأن ماله كله حلال !”
أين عقله لم يشتغل هنا؟
ونقده للخرافات؟
ورده للظنيات؟
طبعا نسيها، لأنه يستخدمها كشعارات ليهدم بها الدين ولكن بطريقة ملتوية ظاهرها التحرر والبحث وباطنها الكذب والتدليس والزندقة!
٦- يشكك عدنان إبراهيم في البخاري؛ لكنه يعتمد في النيل من معاوية -رضي الله عنه- على مرويات تاريخية بلا إسناد أصلا!
أين تحرره وتحريه وعقله وبحثه؟
٧- يقول عدنان عن ياسر الحبيب الذي قذف أم المؤمنين جهاراً: “لا تلعنوه، الله يهديه”
ويقول: “والصحابة فيهم ملاعين والدين”
وهذا يبين أن تورعه للرافضة والكفرة فقط ووجهه الحقيقي يظهر عندما يكون الأمر متعلق بالصحابة والعلماء
٨- يدندن بعضهم بنقاشه للملاحدة، وهو إنما نقلهم من زاوية في الكفر الى زاوية أخرى، ثم أين قوافل الملحدين الذين تابوا على دروسه..؟
ختاما أقول: والله لم أسمع له مقطعاً او درساً او خطبة بلا كذب، حتى على القرآن كما ذكرتُ سابقاً،
ثم يقول قائل: حاوروه!
وقد سمعت حلقاته عن الفلسفة فلم يحرر مسألة فلسفية واحدة، وإنما أغلب ما فيها؛ “عجيب عجيب عجيب، رهيب رهيب رهيب”
ولا توجد خطبة له ليس فيها هذه المصطلحات: “كلام سخيف، كلام فارغ، كذب، كلام فاضي، أنا،أنا،أنا ، وضاعة،لا يفهمون، حماقة، رقاعة”
وهي متمثلة فيه حقيقة!
من أساليبه الماكرة أنه يثني على ابن تيمية مثلاً؛ ثم بعد قليل يرميه بالنصب والتجسيم والتكفير.. إلخ، فتنطلي على متابعيه لأنهم يظنونه منصفا وهو إنما تظاهر به ليُوصل ما يريده من كذب وافتراء عليه فيقتنعوا به.
فهل من يزكيه مرت عليه هذه الكوارث له أم أنه مجرد مقلد أم أنها موضة العصر وهي معاكسة التيار.. !؟

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:24 PM
أرجوا من كل الاخوة من كان له مادة معينة للرد على شبهة من شبه عدنان ابراهيم ان يضعها هنا .

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:34 PM
كتاب: الشيخ خالد بن مفلح الحامد .
عنوانه:التوضيح المبين لأصول الدكتور عدنان إبراهيم دراسة تأصيلية .

عدد الصفحات 43 صفحة

رابط التحميل :

http://islamancient.com/ressources/docs/657.pdf

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:36 PM
ابن تيمية ودماء المبتدعة من المسلمين !

السبت, 13 جمادى الآخر 1433

الكاتب :الدكتور سلطان العميري

استمعت إلى مقطع صوتي لبعض المعاصرين – عدنان إبراهيم- وهو يصف ابن تيمية بأن لديه تساهلا في دماء المبتدعة من المسلمين ؛ لأنه يستبيحها بمجرد الوقوع في البدعة , وصور للمستمعين له بأن ابن تيمية يُجوّز قتل المبتدع لأجل بدعته! ثم أخذ يهوّل الأمر فقال :إن فكر ابن تيمية خطير على الأمة ؛لأنه على طريقة ابن تيمية يجب علينا أن نقتل علماء المسلمين من الفقهاء والمفسرين والمحدثين ؛ لأنهم كلهم واقعون في البدعة , ويجب علينا قتل علماء الأزهر الشريف وغيرهم من المعاصرين ؛ لأنهم مبتدعة واقعون فيما يوجب استباحة الدم .
وأكد للمستمعين بأن أتباع ابن تيمية إذا كانت لهم السلطة سيقتلون علماء المسلمين الأفاضل وسيستبيحون دماءهم لأنهم مبتدعة عندهم .
وقبل أن نحكم على هذا القول دعونا أولا نقوم بدراسة هادئة ومتعقلة لتقريرات ابن تيمية في هذه القضية قضية " قتل المبتدع " , ولتقريرات الفقهاء فيها ؛ لنتحقق من صحة ما نُسب إليه , ولنتعرف على المنهجية العلمية التي اعتمدها الفقهاء في دراستها وأخلاقيات البحث التي سلكوها .
وإذا رجعنا إلى مقالات ابن تيمية العلمية وتطبيقاته العلمية ومواقفه الحياتية من العلماء الذين وقعوا فيما هو بدعة عنده نجد تنظيره الفقهي وتطبيقه العلمي مناقضا ما نُسب إليه من القول باستباحة دماء المسلمين .
-1-
أما تنظريه الفقهي فقد تحدث ابن تيمية عن هذه القضية في مواطن عديدة من كتبه وتناولها بالبحث والنظر في أماكن شتى من نتاجه المعرفي , وهو في كل تلك المواطن لم يعلق استباحة الدم بالبدعة , ولم يجعل مجرد الوقوع في البدعة هو المناط المؤثر في استحقاق القتل , كما نسبه إليه عدنان إبراهيم .
والذي يدل عليه مجموع كلامه أن المناط المؤثر عنده في قضية قتل المبتدع مركب من ثلاثة أمور , وهي : 1- أن تكون البدعة مغلظة ,فإن كانت غير ذلك فلا يستباح دمه 2- وأن يكون المبتدع داعية إلى بدعته ويسعى في نشرها , فإن كان غير داعية فإنه لا يقتل , 3- وألا يمكن دفع ضرره عن المسلمين إلا بالقتل فقط , فإن أمكن بغيره فإنه لا يستباح دمه .
وهذه شروط شديدة جدا لا تكاد تتحقق في الواقع إلا في حالات نادرة .
ومن مقالاته التي قرر فيها موقفه من تلك القضية قوله :": ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل قتل، مثل المفرق لجماعة المسلمين والداعي إلى البدع في الدين"[1].
ويقول في موطن آخر :" وأما قتل الداعية إلى البدع فقد يقتل لكف ضرره عن الناس، كما يقتل المحارب، وإن لم يكن في نفس الأمر كافرا، فليس كل من أمر بقتله يكون قتله لردته، وعلى هذا قتل غيلان القدري وغيره قد يكون على هذا الوجه"[2].
ومن أجمع تقريرات ابن تيمية في هذه القضية قوله:" فأما قتل الواحد المقدور عليه من الخوارج ؛ كالحرورية والرافضة ونحوهم: فهذا فيه قولان للفقهاء، هما روايتان عن الإمام أحمد. والصحيح أنه يجوز قتل الواحد منهم ؛ كالداعية إلى مذهبه ونحو ذلك ممن فيه فساد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { أينما لقيتموهم فاقتلوهم } وقال: { لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد } وقال عمر لصبيغ بن عسل: لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك. ولأن علي بن أبي طالب طلب أن يقتل عبد الله بن سبأ أول الرافضة حتى هرب منه. ولأن هؤلاء من أعظم المفسدين في الأرض. فإذا لم يندفع فسادهم إلا بالقتل قتلوا ولا يجب قتل كل واحد منهم إذا لم يظهر هذا القول أو كان في قتله مفسدة راجحة. ولهذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتل ذلك الخارجي ابتداء لئلا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " ولم يكن إذ ذاك فيه فساد عام ؛ ولهذا ترك علي قتلهم أول ما ظهروا لأنهم كانوا خلقا كثيرا وكانوا داخلين في الطاعة والجماعة ظاهرا لم يحاربوا أهل الجماعة ولم يكن يتبين له أنهم هم "[3].
ويلاحظ القارئ هنا أن ابن تيمية لم يعلق القول باستباحة الدم على مجرد البدعة فقط ولم يجعل ذلك مناطا مؤثرا في مذهبه , ويدل كلامه أيضا على أنه لا يتشوف إلى القتل ولا يجعل له الأولوية في الحل , وإنما يجعله حلا استثنائيا بعد فقدان كل السبل التي تدفع الضرر عن دين المسلمين .
ويلاحظ القارئ أيضا أنه بنى قوله على أدلة شرعية وانطلق فيها من أصول كلية , مثله مثل الفقهاء الموافقين له في الرأي , ولم يعتمد على العبارات العاطفية ولم يؤسس موقفه على الألفاظ المتشنجة ليؤثر في الجمهور , وإنما كان يقرر قولا فقهيا ويبنيه على ما يراه دليلا شرعيا له .
ولا بد من التأكيد على أن هذا الموقف ليس خاصا بابن تيمية فقط , وإنما ذهب إليه عدد من الفقهاء من الحنفية والمالكية وغيرهم , وفي هذا يقول ابن عابدين من الحنفية:" والمبتدع لو له دلالة ودعوة للناس إلى بدعته ويتوهم منه أن ينشر البدعة وإن لم يحكم بكفره جاز للسلطان قتله سياسة وزجرا لأن فساده أعلى وأعم حيث يؤثر في الدين"[4].
ويقول ابن فرحون من المالكية:" وأما الداعية إلى البدعة المفرق لجماعة المسلمين فإنه يستتاب،فإن تاب وإلا قتل"[5].

-2-
وأما تطبيقه العملي فهو لم يختلف عن تنظيره الفقهي , فقد كانت لابن تيمية مواقف عادلة مع من يرى أنهم واقعون في البدعة في زمنه , فلو كان يرى أن مجرد وقوع العالم من المسلمين في البدعة يبيح الدم فلماذا لم يحكم بذلك على من كان يراهم واقعين في البدعة؟! ولماذا لم يعلن ذلك في مؤلفاته؟!
وقد حكم عدد من العلماء الواقعين في البدعة عند ابن تيمية بكفره واستباحة دمه , فلم يحكم عليهم بالقتل , ومن هؤلاء : ابن مخلوف , فإنه كتب إلى السلطان قائلا عن ابن تيمية :"يجب التضييق عليه إن لم يقتل , وإلا فقد ثبت كفره "[6] , وطالب عدد من العلماء في عصره بقتله[7].
ومع ذلك كله لم يحكم ابن تيمية باستباحة دمائهم , بل قال عن ابن مخلوف :" وأنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها وإقامة كل خير ، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه ولا أعين عليه عدوه قط . ولا حول ولا قوة إلا بالله . هذه نيتي وعزمي ، مع علمي بجميع الأمور . فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين "[8] .
بل إنه حين طلب منه الوالي أن يفتيه بقتل من آذاه من العلماء الواقعين في البدعة في زمنه أنكر عليه ذلك , وسجل موقفا من أرقى المواقف وأجملها , فقد أراد السلطان ابن قلوون من ابن تيمية أن يُصدر فتوى يحكم فيها بحل دم الفقهاء الذين آذوه وأفتوا بقتله , فأنكر ابن تيمية ذلك أشد الإنكار , وقال للسلطان :"إنك إن قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم من العلماء "[9].
والعجيب أن بعض خصوم ابن تيمية من المبتدعة أقر له بعدله ونزاهته وحرصه على حقن دماء المسلمين , فها هو ابن مخلوف يقول :"ما رأينا مثل ابن تيمية , حرضنا عليه فلم نقدر عليه , وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا"[10].
وعندما غضب السلطان على الشيخ البكري المالكي فأراد الانتقام منه وقتله , توسط له ابن تيمية وسعى إلى تخليصه من المحنة التي وقع فيها مع أنه كان من أشد الناس الساعين إلى قتل ابن تيمية , ومن أشد من تبنى القول بجواز الاستغاثة بالأموات[11].
فهل هذه المواقف العلمية والعملية تتوافق مع القول بأن ابن تيمية يستبيح دماء المسلمين بمجرد الوقوع في البدعة ؟!وهل يقوم بهذه المواقف رجل يرى استباحة دماء علماء المسلمين بمجرد الوقوع في البدعة؟! .
وبهذا ينكشف لنا مقدار التحريف والتضليل الذي مارسه عدنان إبراهيم في تصوير موقف ابن تيمية وآرائه من علماء المسلمين , وندرك بأنه قام بتشويهها وإخراجها عن صورتها التي كانت عليها بصورة كبيرة جدا .
-3-
وإذا انتقلنا إلى مواقف الفقهاء من المختلفين معهم في هذه القضية , لا نجدهم يعتمدون على العبارات العاطفية ولا على الألفاظ المتشنجة , فلم يصف الفقهاء الذين يرون عدم قتل المسلمين الداعية إلى بدعته عن أصحاب القول الآخر بأنهم خطر على المسلمين ولا بأنهم مستبيحون للدماء المحرمة ولا أنهم مستخفون بها , وإنما كانوا يردون على أدلتهم ويناقشونهم بعلم وعدل وهدوء ؛ لأنهم يدركون أن ما هم فيه قضية شرعية اجتهادية , وأن من خالفهم عالم شرعي له قوله المعتبر الذي أقامه على ما يراه أدلة شرعية معتبرة .
وهذه المواقف العلمية المعتدلة لا يجدها القارئ في اللغة التي اعتمدها عدنان إبراهيم في بيانه لرأي ابن تيمية , فإنه لم يبين حقيقة قوله كما هي وإنما صورها تصويرا مشوها لها , وفضلا عن ذلك فإنه لم يناقش أدلته ولم يرد على المنطلقات الشرعية التي اعتمد عليها ابن تيمية ومن معه من الفقهاء في بناء قولهم الفقهي , ولو أنه فعل ذلك لكان الخطب سهلا ولكان جاريا على الطريقة الصحيحة بغض النظر عن الموقف الفقهي الذي يختاره.
ولكنه لم يفعل شيئا من ذلك وإنما أخذ يعتمد على مخاطبة عواطف المستمعين ومشاعرهم النفسية , وهذه الطريقة أجنبية عن البحث العلمي ومخالفة للعقلانية وبعيدة عن التحرير الفقهي , ولا تزيد الفكر إلا تسطيحا وبعدا عن الصلابة والعمق .



[1] مجموع الفتاوى (28/108) .
[2] مجموع الفتاوى (23/351) .
[3] مجموع الفتاوى (28/499) .
[4] حاشية ابن عابدين (4/243) .
[5] تبصرة الحكام (2/297) .
[6] العقود الدرية (26) .
[7] انظر : الجامع لسيرة ابن تيمية ( 675) .
[8] مجموع الفتاوى (3/271) .
[9] انظر خبر هذه القصة في : البداية والنهاية (14/61) .
[10] البداية والنهاية (14/61) .
[11] انظر قصة الخبر في : الجامع لسيرة ابن تيمية (479) .

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:38 PM
هذا هو عدنان ابراهيم يا سلمان العودة باختصار
الجمعة, 22 رمضان 1433
الشيخ عبدالرحمن دمشقية
صعقت بالأمس لما وجدت ثناء سلمان العودة على عدنان إبراهيم لما سأله أحدهم عن موقفه منه وهل ينصحه بمتابعته وتلقي علومه فقال:

" عدنان ابراهيم رجل موسوعي ومتحدث، وله مواد مفيدة في تعزيز الإيمان، ولديه مواد وموضوعات لم يحالفه فيها التوفيق".

أولا عدنان ابراهيم رافضي طعان مستهزئ بالصحابة صار معروفا بذلك. ومثل هذا لا يكتفى يأن يقال: لم يحالفه التوفيق. بل يقال رافضي كما وصفه بذلك الشيخ عثمان الخميس لكثرة ما وقف على طعونه في الصحابة، فجزاه الله خيرا.

وهدى الله سلمان العودة على عدم نصحه وموقفه المتميع ممن صار رمزا وعلما في الزيغ والعداء لأهل الحق.

ثانيا: أنا لا أدري كيف يصف سلمان العودة عدنان ابراهيم بأن كلامه يعزز الإيمان وأتساءل: هل خفي عليه انه يدعو الى منهج الشك. ويقول هذا منهجي الأصل أن أشك. وهو في ذلك على مذهب الغزالي.

ثالثا: عدنان ابراهيم دارويني يوافق مذهب داروين في أصل الانسان بانه قرد. ديكارتي: يوافق مذهب التشكيك في المسلمات. داعية الى البدعة عدو للسنة مشكك في مصادرنا. طاعن في البخاري ومسلم. وهذه التزكية من سلمان تصحيح لمساره ولا ينفع معها أن يقول: لم يحالفه التوفيق.

ومن صار رمزا في الباطل والبدع والطعن في الصحابة ومنهجهم لا يجوز تزكيته ولا الثناء عليه ولا الحث على طلب علم منه، فإن في هذا أعظم التلبيس على الناس لأنهم لا يميزون بين ما عنده من صحيح مختلط بباطل.

وقد قال أهل العلم: من وقر صاحب بدعة فقد اعان على هدم الاسلام.

وما عند عدنان إبراهيم من حق وصواب فإنه لا يطلب منه، بل يؤخذ من غيره.

صحيح أن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث.

لكن يصح أن نقول: إذا بلغ الخبث قلتين لا تؤخذ منه قطرة ماء. وما عند عدنان إبراهيم خبث كثير.

وإليكم باختصار أهم ضلالات عدنان إبراهيم

عدنان ابراهيم معظم للبوطي داعية الى منهجه متخرج من مدرسته.

طعان في الصحابة يرفض القول بعدالتهم.

يصف أبا هريرة بأنه قليل الذوق يلتصق ببيت النبي والنبي يلمح له أن يذهب فلا يفعل.

يصرح بأن هناك من الصحابة من هو صحابي لكنه حقير وملعون الوالدين.

يدعي أن بعض الصحابة كان يضع يده في الطعام ليتلمس أيادي نساء النبي صلى الله عليه وسلم.

يطعن في عائشة ويصفها بأنها رجلة يعني مسترجلة وانها جاهلة ولا يجزم إن كانت في الجنة أو في النار.

طعان في عثمان بن عفان: زعم انه غير جدير بالخلافة وأنه كان مبذرا لخزينة بيت مال المسلمين متساهلا.

يسب معاوية ويصفه بالقزم التاريخي. ويزعم أنه كان يستهزئ بعمر بل وبالرسول.

زعم أن من أصحاب الشجرة من ربما دخلوا النار. وأن معنى قول النبي أنهم في الجنة لا يعني بالضرورة أنهم لن يمروا على النار قبل ذلك.

بل زعم أن العشرة المبشرين بالجنة لا ضمان من أن يدخلوا النار قبل ذلك.

متعصب للغزالي حتى الجنون مع ان الغزالي يدعو الى وحدة الوجود.

مدافع عن قوله: ليس في إمكان الله أن يخلق أفضل عالما من هذا العالم.

متعصب للكوثري عدو السنة وعن مصطفى صبري. بل وعن السقاف.

بذيء سفيه وقح متطاول على الدعوة السلفية ومشايخها يشبههم بقساوسة النصارى ويقول لهم: قد ولى عهد الاكليروس قد ولى عهد الكهنوت. يشبههم بالكهنوتيين مع تعظيمه لمشايخ الرافضة كمحمد باقر الصدر.

جهمي يدافع عن الجعد بن درهم ويثني عليه ويطعن في خالد بن عبد الله القسري الذي قتله وضحى به لأنه جهمي.

طعان في البخاري ومسلم يزعم أنها مملوءان بالخرافات والأكاذيب. ولا يزال يأتي بالشبهات في خطبه ليثبت ذلك.

بل يتلاعب بنصوص البخاري تدليسا ومراوغة ليثبت انحراف البخاري.

يزعم أن أيادي اليهودي تلاعبت بصحيح البخاري ومسلم. ودست فيها الأكاذيب. ولا ادري كيف غفل كل علماء الأمة كابن الصلاح وابن حجر حين حكيا اتفاق الأمة على تلقي الصحيحين بالقبول والتسليم. حتى جاءنا هذا الزائغ من النمسا ليحذرنا منهما!!

معظم لنظرية داروين في التطور يزعم أنها يوافقه 99% ويا ليته وافق البخاري مثل نسبة موافقته لداروين.

طعان في ابن تيمية ويصف منهجه بالمنهج الكارثة أشبه بالخوارج. ويطعن في تقسيمه للتوحيد. وأن سلفه مجرمون وزنادقة.

يغازل الرافضة ويثني على مشايخهم ويزعم أن أمثاله يتعرضون للاضطهاد والبلاء إذا أعلن محبة أهل البيت. كما صرح بذلك للرافضة في غرفة الغدير.

وهذا تعريض بمذهب أهل السنة قاطبة واتهام له بالنصب. فليترك هذا الزنديق هذا المذهب وليذهب للرافضة.

ويقول للرافضة في اتصال جرى بينه وبينهم ومسجل عندي: كل من أحب أهل البيت فليستعد للبلاء.

يعظم محمد باقر الصدر ويقول من لم يعرفه فهي كارثة.

ينكر نزول المسيح مع ان الخبر فيه قد تواتر.

داعية إلى تعلم الفلسفة والمنطق وعلم الكلام ويسميه بعلم التوحيد

ويدعو عليهم في كثير من مجالسه قائلا: الله يخلص الأمة منكم.

صرح بأن اليهودي والنصراني إذا آمنا بمحمد فلا يلزمهما اتباعه ويجوز بقائهما على دين اليهودية والنصرانية. مكذبا قول الله: ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه.

يصرح بعجز الجناب الإلهي وأنه ليس في إمكان الله أن يخلق عالما أفضل مما خلق. ويلزم من خالفه بأنه يعتقد أن الله بخيل. فإما ان يقبل بعجز الله او ببخل الله.


وبعد هذا يقول سلمان العودة: بأنه شخصية موسوعية وكلامه يعزز الايمان. وله أمور لم يحالفه فيها التوفيق؟!.

يعظم نظرية دارون التي لا يزال الملحدون يستغلونها لتقرير إنكار الذات الالهية: ثم تكتفي يا سلمان بالقول: بأنه لا يحالفه التوفيق؟ أي تساهل في الدين بلغت اليه بسبب حزبيتك؟

أقول: من عرف عنه الترفض والطعن في الصحابة لا يكتفى بأن يقال إنه لم يحالفه التوفيق. بل يقال رافضي. وإلا لزم ان نقول: أن الرافضة لم يحالفهم التوفيق.

فقد سئل الإمام احمد سئل عمن يطعن في أحد من أصحاب النبي فقال: لا أراه على الاسلام.

وأبو زرعة حكم على من يطعن في واحد من أصحاب النبي بأنه زنديق.

بل صح عن النبي انه قال: من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين.

فكيف إذا اجتمعت في عدنان إيراهيم هذه المصائب: أيكفي ان يقال: لم يحالفه التوفيق؟

فإتق الله يا سلمان العودة وكف عن توصياتك بمن وافقك في حزبيتك.

فالانتصار للطائفة المنصورة أولى من الانتصار لطائفة الاخوان المخذولة.

وثناؤك على عدو السنة وذنب الرافضة عدنان إبراهيم سوف تسئل عنه يوم القيامة.

اللهم نعوذ بك من الفتنة في الدين.

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:41 PM
للتحميل :
كشف تلبيس الأباليس على عدنان إبراهيم - عمر خطّاب

https://ia801901.us.archive.org/17/items/Aldajjal/Aldajjal.pdf

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:42 PM
في دراسة جديدة بعنوان: مستقر الشمس وسجودها: رجحان التفسير، والرد على المنكرين
أُفند رد عدنان إبراهيم لحديث سجود الشمس، وأطرح تأويلاً جديداً يزيل الإشكالات التي علقت بالحديث.

عزالدين كزابر


مقدمة:
ذكرنا في الجزء الأول من هذه الدراسة "مستقر الشمس: التهافت الإعجازي أن الشمس لا يمكن أن تسقط في موضع بعينه، كأن يكون جِرم من الأجرام، فيكون لها مستقرا. والسبب كما أوضحنا، أن شرط الاستقرار أن تحافظ على كيانها، فلا تنعدم. وهذا هو الشرط الذاتي بالشمس عينها. وهو شرط غير ممكن التحقق مع سقوط الشمس في أي جرم أعظم منها، لأن انهيارها وتفككها وزوالها داخله سيكون أمراً حتمياً إذا هوت فيه، فأين ذلك من معنى المستقر؟! والمستقر – كما هو معلوم - هو محل الاستقرار أو الدوام أو الحياة كما في قوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ"(الأنعام:98)، وقوله سبحانه "وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ"(البقرة:36). ومما يدعم ذلك أيضاً قول الله تعالى لموسى عليه السلام: "انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا"(الأعراف:143) أي أن الاستقرار يتنافى مع الاندكاك، وأن المُنْدكَ لا يوصف بالاستقرار. وكذلك الشمس إذا هوت في شيء آخر – كالثقوب السوداء مثلاً – لا يكون ذلك لها استقرارا. أما أن تقف الشمس ساكنة بلا حراك، فهذا خرق لناموسها الذي خلقها الله تعالى عليه بلا موجب له، ولا يستقيم مع دوام طلوعها على الناس لا يستنكرون منها شيء، بعد عودتها مراراً من ذلك المستقر، على نحو ما سنرى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد رأينا في تلك الدراسة الأولى كيف أن تعيين موضع بعينه – كما فُهم خطاً من معنى أوج حركة الشمس Solar Apex الذي هو اتجاه وليس موضع، لا يمكن – بالتحليل اللُّغوي والفلكي- أن يكون هو مستقر الشمس الذي قال الله تعالى في شأنه "والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ"(يس:38)، وذلك حسبما زعم معظم من قرأنا له من المعاصرين المشتغلين بالإعجاز العلمي في القرآن، وتناول المسألة بالدعاية الحماسية، المفتقرة إلى التحقيق العلمي الجاد.
وبخلاف تهافت الزعم بأن أوج الشمس هو التفسير العلمي لمستقر الشمس، وعدم مناعته ضد سريع النقد الذي تناولناه به، فنجد أن هذا التفسير قد تم في إعراضِ تام عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم المشهور بحديث سجود الشمس وطلوعها من مغربها، وذلك فيما تناوله الحديث من علاقة المستقر بالاستئذان الدائم، وانتقال الشمس بين حالين؛ طلوعها من المشرق ثم طلوعها في النهاية من المغرب. والنتيجة أن هذا الإعراض عن الحديث النبوي يخدم غرض المنكرين للحديث وضرورته لتفسير قول الله تعالى "والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ"(يس:38)، ومن ثم يخدش هذا التفسير - الذي دحضناه - صحة عدد كبير من روايات هذا الحديث، المشهود له بالصحة، والتواتر، وقوة التآلف مع آي من القرآن المجيد. ثم أن حديث "سجود /مستقر الشمس" يرتبط روايةً وتعليلاً بـ "طلوع الشمس من مغربها"، وقد أتى بصددها عدد آخر من روايات الحديث. ويطالها الخدش أيضا.
حديث سجود الشمس وطلوعها من مغربها:
إذا استقرأنا أقوال المفسرين بالمأثور، نجدهم يستشهدون لـتفسير "مستقر الشمس" في قوله تعالى "والشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ"(يس:38) بالحديث المروي في الصحيحين. والذي جاءت رواياته في صحيح البخاري كالآتي:
1- "قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس: [أتدري أين تذهب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم }]"
2- "عن أبي ذر قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فلما غربت الشمس "قال: يا أبا ذر هل تدري أين تذهب هذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب تستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ ذلك مستقر لها ".
3- "عن أبي ذر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس [فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم }]"
وجاءت روايات نفس الحديث في صحيح مسلم كما يلي:
1- "عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم [قال يوما: أتدرون أين تذهب هذه الشمس قالوا الله ورسوله أعلم، قال: إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون متى ذاكم ذاك حين { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا }] ".
2- "عن أبي ذر قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فلما غابت الشمس، [قال: يا أبا ذر هل تدري أين تذهب هذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب فتستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها] قال: ثم قرأ - في قراءة عبد الله - : وذلك مستقر لها]".
هذا ... وقد وجدنا جدالاً واسعاً عند المفسرين المعاصرين حول صحة حديث "سجود الشمس"، ومن بين ما وقفنا عليه في ذلك، وجاء في مجلة المنار:(1):
[قد استشكله العلماء (يقصد حديث أبي ذر السابق) من الجهتين اللتين تقدم ذكرهما (يقصد في المقال الثامن من نفس المجلد) وكان استشكالهم مخالفته لما تقرر في علم الهيئة أقوى وأجوبتهم عنها أضعف. وقد كان جماهير علماء المسلمين حتى غير الناظرين في علم الهيئة الفلكية يعلمون أن نور القمر مستمد من نور الشمس، وعلماء المنطق منهم يمثلون بهذا للحدس المنطقي الذي هو أحد اليقينيات الستة، وكانوا يعلمون أيضًا أن سبب خسوفه حيلولة الأرض بينه و بين الشمس، ويمثلون بذلك للقضية الوقتية في المنطق أيضًا. وقال الغزالي: إن من أدلة كروية الأرض ظهور ظلها في القمر عند خسوفه مستديرًا، وإن هذا من القطعيات. فرؤية القمر بعد غروب الشمس دليل حسي على وجود الشمس وراء الأفق التي تتوارى عنه مقابلة للقمر تلقى نورها عليه. ولم يكن علم الهيئة وصل في عهدهم إلى ما وصل إليه الآن، ولا علم الجغرافية أيضًا. ولا كان الناس في عصرهم يطوفون حول الأرض بطيارتهم وغيرها، فيرون بأعينهم مصداق أدلة ثبات الشمس في فلكها. أفليس من الجناية على الإسلام أن تحكم مجلة الأزهر على من يقول أن مضمون الحديث مخالف للحس، بأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ؟!]
ويتضح من هذه العبارة أن صاحبها يدين اعتراض الأزهر على إبطال الحديث، ويستقوي بأن أدلة الحس يقينية، وتقطع بما ذهب إليه.
وقد استشكل شهاب الدين الألوسي(2) على الحديث في محاولة فهمه وقال: [الأمر في ذلك مشكل إذا كان السجود والاستقرار كل ليلة تحت العرش، سواء قيل أنها تطلع من سماء إلى سماء حتى تصل إليه فتسجد، أم قيل أنها تستقر وتسجد تحته من غير طلوع. فقد صرح إمام الحرمين – يقصد أبو المعالي الجويني، شيخ أبو حامد الغزالي- وغيره، بأنه لا خلاف في أنها تغرب عند قوم وتطلع على آخرين، وبين الليل والنهار اختلاف ما في الطول والقصر ما عدا عند خط الاستواء. وفي بلاد بلغار قد يطلع الفجر قبل أن يغيب شفق الغروب. وفي عرض تسعين لا تزال طالعة ما دامت في البروج الشمالية وغاربة ما دامت في البروج الجنوبية، فالسنة نصفها ليل ونصفها نهار، على ما فصل في موضعه . والأدلة قائمة على أنها لا تسكن عند غروبها ، وإلا لكانت ساكنة عند طلوعها ، بناء على أن غروبها في أفق طلوع في غيره. وأيضًا هي قائمة على أنها لا تفارق فلكها فكيف تطلع من سماء إلى سماء حتى تصل إلى العرش؟! بل كون الأمر ليس كذلك أظهر من الشمس لا يحتاج إلى بيان أصلاً . وكذا كونها تحت العرش دائمًا، بمعنى احتوائه عليها وكونها في جوفه، كسائر الأفلاك التي فوق فلكها والتي تحته. وقد سَألت كثيرًا من أجِلّه المعاصرين عن التوفيق بين ما سمعت من الأخبار الصحيحة وبين ما يقتضي خلافها من العيان والبرهان ، فلم اُوَفّق لأن أفوز منهم بما يروي الغليل ويشفي العليل.]
وانتقد "محمد رشيد رضا" الألوسي بشدة على ما ذهب إليه وقال في شأنه أنه(3): [استنبط له حلاًّ غريبًا بعد مقدمات مؤلفة من خرافات كثيرة أغرب منه ، خلاصته أن الشمس لها نفس عاقلة مدركة كروح الإنسان ، وأن هذه النفس هي التي تصعد فتسجد تحت العرش، ويبقى جسم الشمس المضيء على ما يراه الناس . ولم أره تجرد من عقله واستقلاله العلمي وأثبت عدة خرافات خلط فيها بين تخيلات الفلاسفة والصوفية والمبتدعة كما فعل في هذه المسألة.]
نقول:
إن أي حديث يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استصوب علماء الحديث الثقات صحة سنده، لا بد وأن يُقدَّم فيه صحة الحديث على ضعفه، ما أمكن ذلك، وذلك إذا استشكل المسلم فَهْمَ متنه. وعلى المسلم عدم رد الحديث والقطع ببطلانه لمحض الاستشكال، ولكن يكتفي بعدم القدرة على إدراجه ضمن معقول المتن في إطار ثقافته. إذ ربما يأتي في المتن غرابة بسبب من عدم تمام العلم بالمسألة، أو لغلبة الأُلفة الثقافية للمفسر والمغايرة لمقصود الحديث إذا كان صحيحاً. ولو رفض الإنسان معقولية كل شيءٍ لاستشكال في فهمه، ما علم الإنسان شيئاً، ولأغلق طريق العلم منذ أن وطأت قدماه الأرض. ويستوي في ذلك ما خلق الله تعالى من شيء، وما أنزله تعالى وأوحي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم به. فمعلومٌ أن الظواهر الطبيعية المُسَمّاة بالكمومية Quantum Phenomena من أشكل ما تحير فيه الفيزيائيون لأكثر من مئة عام حتى الآن، حتى عدُّوا من لم ينبهر بإشكالاتها بأنه لم يفهمها! فهل أدّى ذلك إلى نبذ هذه الظواهر من الوجود؟! .. أو من العلم المُدوَّن؟
وإشكال الإشكال أن النابذين لبعض الأحاديث التي قد تصح، يَخلطون بين عدم الفهم الناتج عن عدم العلم، وبين كون الحديث مُفترى، فيحكمون على الأول بحكم الثاني رغم عدم اكتمال نصاب أدلة النفي! وهم في ذلك يُضمرون في أنفسهم – من حيث لا يصرحون- "تمام العلم"، وهذا ما لا يدعيه عالم.
هذا، ومن أحدث ما سمعنا في رد هذا الحديث، رغم قوة سنده وتواتره، وتآلفه في آي القرآن المجيد في معنى "مستقر الشمس"، وفي بيان آية من آيات الله تعالى التي أشار إليها القرآن من بين العلامات العشر الكبرى لقيام الساعة، ونقصد: طلوع الشمس من مغربها، كان عدنان إبراهيم، وذلك عندما قال:





عدنان إبراهيم ورده لحديث سجود الشمس

وباستصحاب هذا التحليل المبدئي، فسنرى أن حديث الشمس الذي نحن بصدده يمثل حالة نموذجية لإشكال جلي من هذا النوع الأول، أي: الناتج عن عدم الإحاطة، وقد تحكّم مَنْ نبذه بأنه من النوع الثاني، ويستوي في ذلك زعمه أو تصريحه أو تعريضه بالحديث، حيث مآلها جميعاً إلى قصده بأن الحديث مُفترى. وهو ما قد يُدخل صاحبها – بدرجة ما- في قول الله تعالى "بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ"(يونس:39).
ويجب الاعتراف بأن في الفهم السريع للحديث إشكالاً؛ موجزه: تعارض ذهاب الشمس بجِرمها للسجود تحت العرش مع كونها "دائبة"، وذلك "نقلاً" كما في قوله تعالى "وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ"(إبراهيم:33)، ومضيئة شطر الأرض على الدوام "حساً"؛ بما نعلمه الآن من تعلق الكواكب – ومنهم الأرض- بها، وطوافانهم حولها. ثم ما نعلمه من حتمية اختلال النظام الشمسي إذا ذهبت عنه الشمس بجرمها العظيم ولو لبرهة من الزمن، أو ما كان يعلمه السابقون من القرون المتأخرة في الإسلام من دوام طلوع الشمس على بلدان متتابعة مع غروبها على بعضهم في ذات الوقت.
الرد على المتعجلين برد الحديث واستنكاره(4):
لنخرج عن حبكات الفكر إلى سبحات الخيال الأدبي، رغم أنهما غير منفصلان في تَمَثُّل الحقيقة إذا كان مصدرهما صادق، ولنقرأ هذه القصة معاً:

قصة الغلام وأمه وأبيه الصياد
ربتت يدُ الأم الحنون على طفلها، ... غير أنه شارد عنها، ... عيناه تلاحقان أباه، ... الذي ما أن يتشقق الليل عن نهار، ... حتى يقوم متأهباً، .... ويفعل أشياءاً، ... ثم يخرج من بابٍ، ... ويغيب طويلاً، ... وفي الغد، وغد الغد، مثل ذلك، ... فما هذا الذي يحدث، وأين يغيب هذا الرجل المُجِدْ؟! ... يتساءل الطفل في نفسه.
انتبهت الأم لذهول طفلها أمام هذا المشهد المتتابع يوماً بعد يوم، ... فقالت له ذات يوم بعد أن تنسمت فيه أمارات الفهم: ... أتدري أين يذهب أبوك؟ ... فحملق في وجهها يستنطقها! ... قالت: إنه يذهب يسأل الله رزقنا، ويعود بالسمك الذي تحبه، ويذهب ثانية وثالثة، وسيظل يذهب حتى يأتي اليوم الذي يعود لنا بحوت كبير، نبيعه ونغتني كثيراً، وعندها، سننتقل من هذا الكوخ، ونسكن في قصر كبير. .... تنهد الطفل عميقاً وهو في حجر أمه، وكأنّ الكوخ قد أضاء غبشَه نورٌ ... كالذي خارجه، .... ما أجمل أن يفهم الإنسان، .... طفلاً كان أو شيخاً بلا أسنان.
فلما شب الطفل يخطو ويمشي، ... راقب أباه كعادته كل صباح، ... وأتبعه البصر من باب الكوخ، وخرج وراءه بخطوات قليلة ... يمط رقبته من خلف الجدار، .... فرأى ما لم يحتسبه، .... رأى أباه يجلس بعيداً في كوخ آخر ومعه رجال، ... وفي أيدهم أشياء لا يعلم ما هي!
اندهش الطفل .... وظن أن أباه سيرحل بعيداً ليأتي بالسمك كما أخبرته أمه ... !!... ولكنه لم يبرح ذلك المكان، ... وعاود الطفل النظر يراقب أباه حتى آخر النهار .. فلم يجده يبرحه، ... وتكرر ذلك فيما وراءه من أيام.
ذهل الطفل، ودارت عيناه مع الأفكار! هل كانت أمه تكذب عليّ، ألم تقل له إن أباك يذهب يسأل ربه الرزق، فيعطيه السمك الذي نأكله، إن أباه لم يبرح المكان، إنه خلف الكوخ، ويتساءل الطفل في نفسه: لماذا لم تقل أمي الحقيقة. هل كانت تسرد لي الحواديت؟! هل كانت تضحك عليّ؟!
دارت الأيام والطفل يرمق أمَّه بنظرات غريبات، ... لا يفهم لماذا يحدث ما يحدث؟ ... ولماذا قالت أمه ما قالت؟ ... وماذا يفعل أبوه؟ ... وأشياءَ أخرى كثيرة؟
وشب الطفل وصار غلاماً، ولم تزل طلاسم الأفكار تزاحم هوى اللعب مع الأنداد. وذات صباح ناداه أبوه، ... أن قم يا بُني... قم لتصحبني، .... أين يا أبي؟ ..... ستعلم يا بني.
تداخلت المشاعر، .. من ارتباك وسعادة، .. واستغراب ودهشة، .. وتردد ونشوة، .. وسار الغلام وراء أبيه، .... حتى دخلا الكوخ الآخر، الذي يعلم الغلام شأنه، .. وكان به رجال من اصحاب أبيه. فإذ بأبيه والرجال جميعاً يحملون لفائف كبيرة من حبالٍ يشدُّ بعضها بعضا، .. ثم مشوا بها مسيرة طويلة، .. حتى وصلا إلى شاطئ البحر. .. فإذا بكوخ آخر يعلو المياه، سمّاه أبوه سفينة، ... فقال لابنه: .. اركب معنا ولا تفارقني!
ما هذا؟! - إن السفينة تجري في المياه، .. والأسماك تتقاذفها الأمواج، .. والرجال ينشرون ويجمعون الشباك، .. وأبو الغلام معهم تعلوه الهمة والجد والنشاط، .. والشباك تمتلئ، .. ثم تنهمر منها الأسماك، .. تتراقص هنا وهناك، .. يا لها من مشهدٍ خلاب، .. أجمل من اللعب مع الأصحاب.
وفي نهاية الرحلة، وقف الغلام ينظر إلى الشمس تعانق البحر، وقد انسدل حاجباه يحدث نفسه: هذا هو إذاً. .. هذا ما قالته لي أمي منذ زمن. .. إنه المكان الذي يذهب إليه أبي ليأتي بالرزق من الله، .. إنه البحر. نعم، إن السمك فيه كثير، .. هذا هو إذاً ما يحدث .. وقد أتعبني جهلي به، .. قاتل الله الجهل ... يعاتب الغلام نفسه، ثم يقول: "يالغبائي، يالحماقتي"، .. كذبَّت نفسي الجاهلة كلام أمي الحنون، .. أرادت أن تُفهمني، .. فكنت قاصراً! .. الآن فهمت؛ كان أبي يخرج كل يوم يُجَهِّز الشباك مع أصحابه الصيادين، .. ثم يأتون البحر حيث يأتي السمك في مواقيت بعينها، .. فيسألون الله الرزق منها، .. فيغرقهم به، ... صدقت أمي .. صدقت. ....وسبق جهلي علمي، .. وحماقتي حلمي، .. أللهم اغفر لي .. ولكن .... بقى شيء!!! ... إنها السمكة الكبيرة جداً التي سمَّتها أمي الحوت، .... تُرى هل سيصطادها أبي وننتقل إلى قصر كبير. .... ؟!
....
هكذا إذاً لم يكن يفهم الطفل حديث أمه أوّل الأمر في شأن ذهاب أبيه للصيد، مثلما لم نكن نفهم نحن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذهاب الشمس إلى مستقرها!! ... وكنا نظن أن الشمس تغرب لمستقرها مع كل غروب لها، كما ظن الطفل أن أباه يذهب للصيد كل يوم. فأخطأنا كما أخطأ، وربما أننا فهمنا كما فهم. أما من كذَّب حديث النبي، فمثل ظنونه ظنون الغلام، وشكه في حديث أمه. غير أنه ندم عليه، وسيفعلون.
...
ويحدُث أن يسبق نقصان الفهم صوابه، وهوى النتائج أسبابَها. فهذا عمر بن الخطاب يقول للنبي صلى الله عليه وسلم، ورَضِي عن صحابته جميعا، يقول عمر يوم صلح الحديبية، يوم اصطلح المسلمون مع مشركي مكة على الرجوع للمدينة بلا طواف بالبيت في ذلك العام: [ألست نبي الله حقا، قال صلى الله عليه وسلم: بلى. قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قال عمر: فلم نعط الدنية في ديننا إذن؟ قال: إني رسول الله ولست اعصيه وهو ناصري. قال عمر: او لست كنت تحدثنا انا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، (ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمر) فأخبرتك انا نأتيه العام؟ قال عمر: لا. قال صلى الله عليه وسلم: فإنك آتيه ومطوف به.] ... ومثل ذلك في حديث الشمس، فقوله صلى الله عليه وسلم (أتدرون أين تذهب الشمس) لا يلزم عنه بالضرورة عين الغروب، مثلما أن قوله للمسلمين (أنهم سيأتون البين ويطوفون به) لم يلزم عنه أن ذلك في نفس العام ، بل عام آخر. فكذلك ذهاب الشمس، لا يلزم عن ذهابها الذي أخبر عنه أنه الغروب اليومي، فقد يكون ذهاباً آخر. وهذا ما رمزنا إليه في قصة الغلام في قول أمه له: أتدري أين يذهب أبوك؟ - وما كان لها أن تحكي له عن ذهاب أبيه، وأبوه جالس بالبيت. فاقتضت الحكم أن تقول له ذلك في غياب أبيه. وما كان الطفل مميز بين ذهاب وذهاب. ثم أن طلوع الشمس من مغربها لا يلزم عنه أن عودتها من المستقر ستكون صباح تلك الليلة التي ظُن أنها ذاهبة فيها. فكلها موافقات ظنها السامعون لعدم علمهم الفرق بين غروب الشمس الذي يماثل ذهاب الأب يصنع شبكته خلف الدار، وذهاب الشمس إلى المستقر الذي يماثل ذهاب الصياد إلى البحر. وهذا الذهاب البعيد للشمس هو ما نعمد في هذه الدراسة إلى فهمه ليكون المقصود في الحديث، مثلما كان الذهاب إلى البحر هو المقصود في حديث أم الغلام.
يتبع =====

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:49 PM
مقاربات لتجلية فهم حديث سجود الشمس:
1- لا ينبغي معالجة الحديث على انفراد، بل يجب ربطه بما جاء في كتاب الله تعالى أولاً، ثم ما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثانياً، وعن كل المتعلقات المرتبطة.
2- الانتباه إلى أن تضعيف الحديث لعلة ما، تضعيف عام لتلك العلة حيثما ترد، في القرأن أو السُنّة.
3- مراعاة جواز صحة أصل الحديث، وأن روايته قد تكون بلغة الراوي، على ما قد يكون اعتراه تبديل بعض الألفاظ، أو إسقاطها أو إضافتها بغرض التفسير، والتي إن حدثت، فغالباً ما تكون حسب فهم الراوي، والمرتبط بالثقافة الشائعة في عصره.
4- مراعاة التمييز بين الجري الحقيقي للشمس بجِرمها، والحركة الظاهرة لها في السماء، والناتجة عن دوران الأرض حول محورها. وهل قصد الحديث جرياً حقيقيا، وذلك ما تمليه اللغة والسياق، أم محض ظهور الشمس في السماء كما هي مرئية على الأرض كما يمليه الفهم السريع، وهذا يتضح أكثر وأكثر بجعل القرآن مرجع الفهم أولاً، ثم الوقائع المادية الكاشفة لمزيد من التفصيلات العينية لموضوع الدراسة؛ أي "الشمس" في مسألتنا هنا، ثانياً. ومن ثم:
5- مراعاة عدم إهمال الظواهر الطبيعية المحققة في موضوع الحديث. فما كان من حديث عن الشمس، وجب استحضار ما علمه الإنسان عنها علماً جازما أو راجحاً، كلٌّ بقدره.
نقول: إذا راعينا الاعتبارات السابقة، فلا بد أن نصل إلى أنه:
1- إذا تم رد الحديث لما ورد فيه من أن الشمس تسجد، سواء لاستنكار مبدأ السجود بسبب عدم تصوره، أو لعدم القدرة على الجمع بين سجود الشمس ودوام حركتها، فسيكون رفضاً ضمنياً، أو تشكيكاً، لكل خبر ورد فيه ذكر سجود للشمس أو ما يُلحَق بها من جنسها، على ما تيقّن للإنسان من علم لاحق؛ أي: "النجوم"، أو حتى عموم الأجرام. ومن ذلك قول الله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَ.."(الحج:18)، وقوله تعالى "وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ"(الرحمن:6)، ويلحق به قوله تعالى "وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ..."(الإسراء:44)، وقوله تعالى "كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ"(النور:41). هذا بالرغم من أن الله تعالى قد يسر علينا قبول هذه الحقائق، الغائب عنّا كثير من أسرارها، بقوله تعالى "وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ"(النور:41).ويُعد الرفض مشكلة كبرى في حق الرافض! لأن تكذيبه أو تشكيكه سيطال أثره هذه الآيات الصادقات من حيث ينتبه أو لا ينتبه!
2- إذا تم رد الحديث لما يتبادر إلى الذهن أو الوهم من انتقال حقيقي للشمس من موضعها في قلب مجرة درب التبانة - التي هي عليه الآن - إلى مسامتة العرش والسجود (الشبيه أو غير الشبيه بالسجود الإنساني) تحته مباشرة، فهو رفض الأصل لوجه تأويلي واحد - شديد الضعف - وكان يناسب ثقافة قديمة، وقد قيد به صاحبه معنى الحديث من عند نفسه. هذا رغم أن الوجوه التفسيرية منفتحة بقدر ما ينفتح من العلم الصحيح أبواب بالمسألة، تعمل على مزيد من الإحاطة بها.
3- إذا تم رد الحديث لتصور تعارض بين سجود مؤقت للشمس عقب غروبها، باعتبار أنه وقت لا يزول لدوام غروب وطلوع الشمس بلا انقطاع عن مواقع متتابعة على الأرض، فهو رفض ينال قول الله تعالى "كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ"(الرحمن:29) بشكل من الأشكال، باعتبار أن اليوم – والذي علامته طلوع الشمس- ظاهرة مستمرة لا تنقطع عن الأرض. ولما كان المعنى الراجح لهذه الآية الكريمة أنَّ شأن الله تعالى لا ينتهي مثلما لا ينتهي دوام الأيام واتصال بقائها، والتي تتوالي مع كل أنة من أنات الزمان، فكذلك سجود الشمس عند غروبها، هذا إن كان ذلك هو المعنى الفريد للحديث! غير أنه ربما لا يكون الأمر كذلك بالضرورة على سجود الشمس في مستقرها على ما سيتبين! رغم أن الشمس قد تكون مُسبحة دوماً تسبيحاً عاماً، إضافة إلى سجود خاص في المستقر، مثلما أن المسلم مكلف بسجود عام متجدد خمس مرات كل يوم إضافة إلى سجودات خاصة بالجُمَع والأعياد والحج والعمرة.
4- إذا تم رد الحديث لاستعصاء تصور مدلول الحديث – من ذهاب للسجود تحت العرش - في إطار طلوع الشمس وغروبها اليومي على الأرض، فليس هناك ما يمنع من أن الحديث لا يعالج الحركة الظاهرة للشمس كما أملتها الثقافة القديمة والبسيطة، بل يعالج ذهاباً حقيقياً، وجرياً موضوعياً للشمس بعيداً عن تبعات دوران الأرض حول نفسها، وأن سياق الحديث قد اشتبك مع الغروب عَرَضَاً، لعلة مخصوصة تناسب إطار الدرس التعليمي للنبي صلى الله عليه وسلم للأمة – وكما أوردناه في قصة الغلام وأمه وأبيه الصياد أعلى - بحيث لا يستنكره ناقل الحديث، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن تمييز الناس إلى ثلاث فئات: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير (وهذه هي الفئة الأولى)، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا (وهذه هي الفئة الثانية التي حفظت لنا علماً ننتفع به الآن وإن لم تنتفع هي به لاستعصائه عليها)، وأصابت منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ (وهذه هي الفئة الثالثة التي لم تنتفع بالعلم، ولم تحفظ العلم لغيرها، بل أنكرته أو أضاعته)، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم (أي: الفئتان الأولى والثانية)، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (الفئة الثالثة)"(رواه البخاري). ومثال لهذا الذي استعصى على الفئة الأولى، لعدم اكتمال نصابه بعد، وأنكرته الفئة الثالثة لظنها بكمال العلم في نفسها بما يمكنها به نبذ ما لا تستسيغه - هو مسألة سجود الشمس - والتي يمكن فهمها على النحو التالي:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن ذهاب حقيقي للشمس للسجود الخاص بها ("صلاتها وتسبيحها")، وهذا يناسبه أن تكون الشمس غير مرئية، إذ لا مفر من أن يستنكر السامع حكاية النبي عن ذهاب الشمس في وقت تكون الشمس أمام عينيه، لذا ناسب الحكمة أن يتوحد ذهابها الظاهر مع ذهابها الحقيقي. ويكون البعيد هو المقصود، وإن لم يعيه السامع والراوي وظل عليه مشتبهاً، ومن ماثله في الثقافة (وهذه هي الفئة الأولى في الحديث السابق)، لأن رسالة الحديث على تفصيلها ستُفهم لاحقاً (من الفئة الثانية)، وإن كان مضمونها يشمل الجميع، وهذا هو الحال الذي نُرجِّحه مع الآيات المتشابهات، وخاصة ما كان منها يتعلق بالأمور الكونية، والتي أُمر المؤمنون باعتقادها رغم اشتباهها عليهم.
5- أن عبارة " فقال يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس" هي لفظ الراوي (أبو نعيم)، وأن صحيحها "أين تذهب الشمس" كما نقلتها رواية محمد بن يوسف. ومما يؤكد ذلك أنها وردت في الروايات الخمس التي استقصيناها من الصحيحين على الصورة "أين تذهب"، وفي رواية واحدة فقط وردت "أين تغرب". وربما أن الرواي قد أتى بلفظ "أين تغرب" وهو يقصد الذهاب حسبما فهم هو من الحديث، وأنه أتى بلفظه هو دون ما كان عليه النص الأصلى لكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وربما أن "تغرب" كانت عند الراوي بنفس معنى "تذهب"، لذا لم يجد غرابة في ترادفهما، كما تقول العرب (غرب الجبل وغاب، إذا ما أبعدوا عنهم حتى اختفى عنهم)، وكما جاء في لسان العرب: (الغَرْبُ الذهابُ والتَّنَحِّي).
6- إذا تم رد الحديث لتصور أن "تحت العرش" لا تعني إلاً فوق السموات السبع وتحت العرش مباشرة كما ذكر ذلك الألوسي – في روح المعاني- حين قال: [المراد من تحت العرش مكانا مخصوصا مُسَامِتاً لبعض أجزاء العرش] فهذا تحكُّم ممن يرفض الحديث، لقيام رفضه على تخصيص معنى بما لا مخصص له في أصل النص. وقريباً منه من يفهم من قول الله تعالى (على لسان إبراهيم عليه السلام): "وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ"(الصافات:99) بأنه ذاهب إلى لقاء ربه لقاءاً عيانياً!. وإذا كان الخبر يتكلم عن ذهاب الشمس، فلا بد أن يذكر لها موضعاً تذهب إليه، وإذا كان تصور الموضع العيني للسامع القريب مُشكل، عُمم له الكلام، ليستسيغه، وسيفهمه مَنْ وراءه - إذا جاء أجل ظهور المعنى - بما يكشفه الله تعالى له من قرائن. ومن المواطن الشبيهة التي نتعرض لها أن يسأل بدوي عن موضع جبال الجليد – ولا خبرة له بالجغرافيا – فنُجيبه بأنها وراء البحر المحيط. أو يسأل طالب صغير عن موضع الإلكترونات، فنجيبه بأنها تحت السطح المرئي للمادة، والمعنى الفريد في كلا هذين السؤالين أخص من التعميم الوارد في إجاباتها. وكذلك هنا في حالة الشمس. إذ أن "تحت العرش" عام – الكون بأكمله - أريد منه خاص. ولن يُعْلَم هذا الخاص إلا بالقرائن. وقد ناسب ذكر هذا العام "تحت العرش" غرض الذهاب، أي السجود. فكان تعميماً يُسَوّغ المعنى للسامع، ويناسب غرض الذهاب، ويُعلًّق فيه خاص المعنى على ما يظهر لاحقاً من قرائن.
7- إذا كان رد الحديث بسبب ما جاء في فهم المفسرين من ثقافة قديمة، علمنا لاحقاً أنها تبدلت بما كشفه الله تعالى من معارف جديدة، فالسالك هذا المسلك – إن كان على منهج علمي مُطَّرِد - عليه أن يرد أيضاً الآيات التي فُهمت بثقافة قديمة لم يعد لها من العلم المعتبر نصيب، وهو منهج معهود لغير المؤمنين بالقرآن، لأنهم يتعللون بما يوافق أغراضهم، حتى وهم يعلمون أن هذه العلل المفهومية من أخطاء البشر، ولا علاقة لمعاني القرآن بها. وأمثلة ذلك ما قيل(5) في معنى قول الله تعالى "وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ"(الانفطار:2): من أنها (تساقطت على وجه الأرض). وهذا التفسير مردود بكل المعايير. ولو أراد أحدٌ ممن ينكر القرآن ويبحث عن ذريعة يُبرِّر به جُرأته، لكفاه هذا التفسير لرد الآية، ولارتكس من حيث زعم أن مراده الحق. وأمثلة هذه التفسيرات المردودة الآن من الكثرة البالغة، مما لو اعتمدها أحدٌ على أنها المرادة من عين ما تفسره، لنفض يده من الدين، كل الدين. بل الحق أن الدين هو النافض يده من تكلُّس قد استحكم على بعض الأفهام. لا تستفهم إلا في إطار ثقافتها، فإن امتنع عندها الفهم، قدمت الإنكار أو التعطيل!

مقاربات في الفروق اللغوية:
1- بين يقِر ويستقِر، ومن ثم؛ بين القرار والمستَقر:
2- بين الفلك والمستَقر:
3- بين السباحة والجريان:
4- بين يجري إلى، ويجري لـ :
نعمد الآن إلى تفصيل هذه الفروق:
1- بين يقِر ويستقِر، ومن ثم؛ بين القرار والمستَقر:
يقر: يسكن في قرار، فلا ينزاح عنه، كالماء يسكن في وعائه. و"القار": لا يعهد له بقاء إلا في محل قراره، بمعنى التحيُّزْ الدائم في مقره، كالماء الساكن في قعر القارورة، ومنه جاء اسمها. ومنه سُمِّيت اليابسة المتصلة على الأرض "القارة" continent لجمودها المعهود على مدار الزمان كما يراه الإنسان. كما سُمّيَ "القرار" decision الذي يقرّه أصحابه لنيتهم في عدم الرجوع عنه. وسُمِّي المَقَرْ headquarter كمركز رئيسي لحكومة أو شركة لكونه الأصل لها، الذي لا أصل أرسخ منه، وهكذا.
أما (استقر)، فهو مَزِيد عن (قرّ) بالـ (أ، س، ت)، ومعهودها في لغة العرب (طلب حصول الشيء) أي طلب حصول القرار، ولأنه قد ينزاح عنه سُمِّي مستقرا. فيكون الاستقرار طلب المستقر، والمستقر مطلوب غير مأمون، وإلا كان قراراً. وعلى ذلك يكون:
الاستقرار هو: [طلب (القرار) مع دوام وجود عوارض تحول دون تمام الخلوص إليه على مدار الزمن].
ويكون المستَقر هو: [(القرار) المطلوب الخلوص إليه، مع وجود عوارض تحول دون تمام ذلك].
ونسبة المستقِر إلى المستَقر، كنسبة القار إلى القرار.
ويمكن النظر للفرق بين القار والمستقِر (ومثلهما: القرار والمستَقر) من وجهتين، كلاهما صحيح، كما أن مجموعهما صحيح.
الأول (وجود العوارض ولو لحظياً): أن القار لا يبرح قراره (الذي هو قار فيه) لانعدام الدافع لذلك. أما المستَقر فالدافع قائم لكنه يغالبه بالتمسك بالمُستَقر، وإلا تركه لمستقر غيره.
الثاني (المُكث الزمني): أن القار لا يبرح قراره لزمن ممتد، فيَقِر فيه لأمد. أما المستقِر فلا يلبث أن يتزحزح أو يتقلب فيه مع الزمن، حتى وإن قرّ فيه لبرهة عابرة أو فترة زمنية قصيرة غير مأمونة. أي أنه يتعمد المكث فيه لفترة غير محددة، وإلا لم يعد له مستَقَرّا فضلاً عن أن يكون قراراً.
وبناء على هذا التحليل يمكن فهم الفرق بين كون الأرض قرارا للإنسان في قول الله تعالى "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا"(غافر:64)، وبين أن فيها مستقراً للإنسان في قول الله تعالى "وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ"(البقرة:36). فالأرض بجملتها قرار للإنسان، بمعنى أنه لن يتركها ويبقى له دوام وجود في غيرها، وفي هذا تعريج سلبي على طموحات انتقال الإنسان إلى كواكب أخرى صالحة للحياة، إلا إذا كنا مخطئين في تحليلنا، أو أن يعم لفظ الأرض كل كوكب ثابت تحت أقدام الإنسان ويجد فيه أسباب البقاء. أما نواحي الأرض المختلفة، ففيها مستقر للإنسان حيثما يتيسر له من أسباب الحياة، ولهذا يتنقل الإنسان بين هذه المستقرات بلا قطع لأسباب البقاء مثلما ينقطع عنه في حال تركه للأرض الثابتة.
ويفيدنا هذا التحليل أيضاً في فهم أن صفة القرار للأرض متعلقة بالإنسان، ومثله الأحياء والجمادات وكل ما يطلب قراراً له بحكم خلقته التي خلق عليها، وليست متعلقة بذات الجرم من حيث السكون والحركة. ولو كان ذلك هو المقصود لجاء وصف الأرض بأنها "قارة" وليست قرارا. فالقار هو القار بذاته نسبة إلى محيطه وحامله كالقارات على الأرض، وكالجنين في بطن أمه كما قال تعالى "ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ"(المؤمنون:13)، وكالماء في القارورة. أما القرار فهو بالنسبة لما يحمله هو كالأرض لكل ما عليها، وكرحم الأم لجنينها، وكالقارورة لما تحمله من مائع. ومن ثم لا يمتنع أن يكون الشيء قرارا ويتحرك بنفسه لأسباب خاصة به؛ كالأم تحمل الجنين في بطنها، والقارورة وفيها الماء، والأرض تحمل أثقالها. وعلى ذلك يكون من تعلل بقول الله تعالى "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا"(غافر:64) على أنه دليل على سكون الأرض قد أخطأ في الاستدلال.
والخلاصة: أن المستقًر يمكن لساكنه أن يذهب عنه ويعود إليه، ويكون ذهابه هو الأقل، ومكثه فيه هو الغالب والأصل. أو ينتقل لمستقر آخر، كالإنسان على الأرض يتنقل، بلا انعدام لوجوده، بخلاف القرار، حيث لا انتقال منه. وعلى ذلك، فمَنْ فهِم أن "مستقر الشمس" موضع تذهب إليه الشمس دون نزوع عنه فيما بعد، فقد جعل هذا الموضع لها قراراً، ولأن الله تعالى سماه مستقراً وليس قراراً فيكون هذا الفهم غير صحيح. ويكون المستقر الذي تجري الشمس له يشبه مستقرات الإنسان الفرد على الأرض؛ وهو يتنقل من أحدها إلى الآخر. ولهذا جاء نكرة، ولم يضف إلى الشمس؛ أي لم تأتِ الآية على الصورة "والشمس تجري لمستقرها"، لأنه عندئذ يتعين وينفرد. ولأنه نكرة يصبح غير متعين، أي متعدد، غير أن تلك المستقرات يجمعها فضيلة واحدة وهي أنها مواضع تحقق طلب الشمس الاستقرار فيها دون سواها من مواضع.
2- الفلك والمستَقر:
الفلك: معلوم أن معاني الألفاظ تتبدل مع تغير الثقافات، وأن اللفظ الواحد يكون له من المعني في أصل اللغة ما يتم تجاوزه في العلوم المختلفة لمعاني خاصة. وقد يشتهر المعنى الخاص أكثر من أصل المعنى حتى يسود عليه، وينسى الناس الأصل ويلتصقوا بما تبدل به، أو خص له من معنى. وهذا التباس عظيم في التفسير لمن ينكص عن اقتفاء أصول المعاني، ولا يقف على حدودها.
والأمثلة على هذا المسلك الخطر كثيرة، وسبق أن استعرضنا منها ما جاء في تفسير ("أقطار") في قوله تعالى "إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا"(الرحمن:33)، وعرضنا لمن قال في معناها أنها الأقطار الهندسية، وقد بنى على ذلك أخطاء علمية شنيعة، وفنَّدنا هذا المعنى في دراسة "خطيئة لُغوية وانتكاسة علمية".
وهنا ..، وفي محاولة التقصي عن معنى "فلك"، وجدنا أن نفس الإشكال يتكرر، وإن كان بصورة خفية، لا يرى فيها المتسرع من إشكال، غير أن الإشكال يتفاقم وينتج عنه تشويشٌ، يضيع معه رهافة الفرق بين معنى السباحة في الفلك ومعنى الجريان! وهذا ما حدا بالمفسرين أن يجعلوهما من المترادفات.

وما نقصده بالخطأ الذي شاع للفظ "الفلك"، على خلاف معناه الأصلي، أن المعنى الأصلي للفلك في قوله تعالى "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"(الأنبياء:33) هو المجرَى المستدير الذي يسبح فيه السابح، أي النطاق المنغلق على نفسه كما هي فلكة المغزل، شكل (1)، وكما هو فلكة عمود الخيمة. وفي المعاجم والتفاسير القديمة نجدهم يشبهون هذا الفلك بالطوق، فنجد في لسان العرب: [والمنجمون يقولون سبعة أَطْواقٍ دون السماء قد رُكِّبَت فيها النجوم السبعة (يقصد الكواكب)، في كل طَوْقٍ منها نجم، (ونقل عن الزجاج قوله:) كلٌّ في فلكٍ يَسْبحون؛ لكل واحد، وترتفع (أي تظهر هذه الأفلك) عما حولها. وقال أبو هلال العسكري في الفروق: "الفلك: مدار النجوم"، (يقصد: حيث تدور النجوم)]

يتبع ======

خطاب أسد الدين
09-30-2015, 10:51 PM
مقاربات في الفروق اللغوية:
1- بين يقِر ويستقِر، ومن ثم؛ بين القرار والمستَقر:
2- بين الفلك والمستَقر:
3- بين السباحة والجريان:
4- بين يجري إلى، ويجري لـ :
نعمد الآن إلى تفصيل هذه الفروق:
1- بين يقِر ويستقِر، ومن ثم؛ بين القرار والمستَقر:
يقر: يسكن في قرار، فلا ينزاح عنه، كالماء يسكن في وعائه. و"القار": لا يعهد له بقاء إلا في محل قراره، بمعنى التحيُّزْ الدائم في مقره، كالماء الساكن في قعر القارورة، ومنه جاء اسمها. ومنه سُمِّيت اليابسة المتصلة على الأرض "القارة" continent لجمودها المعهود على مدار الزمان كما يراه الإنسان. كما سُمّيَ "القرار" decision الذي يقرّه أصحابه لنيتهم في عدم الرجوع عنه. وسُمِّي المَقَرْ headquarter كمركز رئيسي لحكومة أو شركة لكونه الأصل لها، الذي لا أصل أرسخ منه، وهكذا.
أما (استقر)، فهو مَزِيد عن (قرّ) بالـ (أ، س، ت)، ومعهودها في لغة العرب (طلب حصول الشيء) أي طلب حصول القرار، ولأنه قد ينزاح عنه سُمِّي مستقرا. فيكون الاستقرار طلب المستقر، والمستقر مطلوب غير مأمون، وإلا كان قراراً. وعلى ذلك يكون:
الاستقرار هو: [طلب (القرار) مع دوام وجود عوارض تحول دون تمام الخلوص إليه على مدار الزمن].
ويكون المستَقر هو: [(القرار) المطلوب الخلوص إليه، مع وجود عوارض تحول دون تمام ذلك].
ونسبة المستقِر إلى المستَقر، كنسبة القار إلى القرار.
ويمكن النظر للفرق بين القار والمستقِر (ومثلهما: القرار والمستَقر) من وجهتين، كلاهما صحيح، كما أن مجموعهما صحيح.
الأول (وجود العوارض ولو لحظياً): أن القار لا يبرح قراره (الذي هو قار فيه) لانعدام الدافع لذلك. أما المستَقر فالدافع قائم لكنه يغالبه بالتمسك بالمُستَقر، وإلا تركه لمستقر غيره.
الثاني (المُكث الزمني): أن القار لا يبرح قراره لزمن ممتد، فيَقِر فيه لأمد. أما المستقِر فلا يلبث أن يتزحزح أو يتقلب فيه مع الزمن، حتى وإن قرّ فيه لبرهة عابرة أو فترة زمنية قصيرة غير مأمونة. أي أنه يتعمد المكث فيه لفترة غير محددة، وإلا لم يعد له مستَقَرّا فضلاً عن أن يكون قراراً.
وبناء على هذا التحليل يمكن فهم الفرق بين كون الأرض قرارا للإنسان في قول الله تعالى "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا"(غافر:64)، وبين أن فيها مستقراً للإنسان في قول الله تعالى "وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ"(البقرة:36). فالأرض بجملتها قرار للإنسان، بمعنى أنه لن يتركها ويبقى له دوام وجود في غيرها، وفي هذا تعريج سلبي على طموحات انتقال الإنسان إلى كواكب أخرى صالحة للحياة، إلا إذا كنا مخطئين في تحليلنا، أو أن يعم لفظ الأرض كل كوكب ثابت تحت أقدام الإنسان ويجد فيه أسباب البقاء. أما نواحي الأرض المختلفة، ففيها مستقر للإنسان حيثما يتيسر له من أسباب الحياة، ولهذا يتنقل الإنسان بين هذه المستقرات بلا قطع لأسباب البقاء مثلما ينقطع عنه في حال تركه للأرض الثابتة.
ويفيدنا هذا التحليل أيضاً في فهم أن صفة القرار للأرض متعلقة بالإنسان، ومثله الأحياء والجمادات وكل ما يطلب قراراً له بحكم خلقته التي خلق عليها، وليست متعلقة بذات الجرم من حيث السكون والحركة. ولو كان ذلك هو المقصود لجاء وصف الأرض بأنها "قارة" وليست قرارا. فالقار هو القار بذاته نسبة إلى محيطه وحامله كالقارات على الأرض، وكالجنين في بطن أمه كما قال تعالى "ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ"(المؤمنون:13)، وكالماء في القارورة. أما القرار فهو بالنسبة لما يحمله هو كالأرض لكل ما عليها، وكرحم الأم لجنينها، وكالقارورة لما تحمله من مائع. ومن ثم لا يمتنع أن يكون الشيء قرارا ويتحرك بنفسه لأسباب خاصة به؛ كالأم تحمل الجنين في بطنها، والقارورة وفيها الماء، والأرض تحمل أثقالها. وعلى ذلك يكون من تعلل بقول الله تعالى "اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا"(غافر:64) على أنه دليل على سكون الأرض قد أخطأ في الاستدلال.
والخلاصة: أن المستقًر يمكن لساكنه أن يذهب عنه ويعود إليه، ويكون ذهابه هو الأقل، ومكثه فيه هو الغالب والأصل. أو ينتقل لمستقر آخر، كالإنسان على الأرض يتنقل، بلا انعدام لوجوده، بخلاف القرار، حيث لا انتقال منه. وعلى ذلك، فمَنْ فهِم أن "مستقر الشمس" موضع تذهب إليه الشمس دون نزوع عنه فيما بعد، فقد جعل هذا الموضع لها قراراً، ولأن الله تعالى سماه مستقراً وليس قراراً فيكون هذا الفهم غير صحيح. ويكون المستقر الذي تجري الشمس له يشبه مستقرات الإنسان الفرد على الأرض؛ وهو يتنقل من أحدها إلى الآخر. ولهذا جاء نكرة، ولم يضف إلى الشمس؛ أي لم تأتِ الآية على الصورة "والشمس تجري لمستقرها"، لأنه عندئذ يتعين وينفرد. ولأنه نكرة يصبح غير متعين، أي متعدد، غير أن تلك المستقرات يجمعها فضيلة واحدة وهي أنها مواضع تحقق طلب الشمس الاستقرار فيها دون سواها من مواضع.
2- الفلك والمستَقر:
الفلك: معلوم أن معاني الألفاظ تتبدل مع تغير الثقافات، وأن اللفظ الواحد يكون له من المعني في أصل اللغة ما يتم تجاوزه في العلوم المختلفة لمعاني خاصة. وقد يشتهر المعنى الخاص أكثر من أصل المعنى حتى يسود عليه، وينسى الناس الأصل ويلتصقوا بما تبدل به، أو خص له من معنى. وهذا التباس عظيم في التفسير لمن ينكص عن اقتفاء أصول المعاني، ولا يقف على حدودها.
والأمثلة على هذا المسلك الخطر كثيرة، وسبق أن استعرضنا منها ما جاء في تفسير ("أقطار") في قوله تعالى "إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا"(الرحمن:33)، وعرضنا لمن قال في معناها أنها الأقطار الهندسية، وقد بنى على ذلك أخطاء علمية شنيعة، وفنَّدنا هذا المعنى في دراسة "خطيئة لُغوية وانتكاسة علمية".
وهنا ..، وفي محاولة التقصي عن معنى "فلك"، وجدنا أن نفس الإشكال يتكرر، وإن كان بصورة خفية، لا يرى فيها المتسرع من إشكال، غير أن الإشكال يتفاقم وينتج عنه تشويشٌ، يضيع معه رهافة الفرق بين معنى السباحة في الفلك ومعنى الجريان! وهذا ما حدا بالمفسرين أن يجعلوهما من المترادفات.

وما نقصده بالخطأ الذي شاع للفظ "الفلك"، على خلاف معناه الأصلي، أن المعنى الأصلي للفلك في قوله تعالى "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"(الأنبياء:33) هو المجرَى المستدير الذي يسبح فيه السابح، أي النطاق المنغلق على نفسه كما هي فلكة المغزل، شكل (1)، وكما هو فلكة عمود الخيمة. وفي المعاجم والتفاسير القديمة نجدهم يشبهون هذا الفلك بالطوق، فنجد في لسان العرب: [والمنجمون يقولون سبعة أَطْواقٍ دون السماء قد رُكِّبَت فيها النجوم السبعة (يقصد الكواكب)، في كل طَوْقٍ منها نجم، (ونقل عن الزجاج قوله:) كلٌّ في فلكٍ يَسْبحون؛ لكل واحد، وترتفع (أي تظهر هذه الأفلك) عما حولها. وقال أبو هلال العسكري في الفروق: "الفلك: مدار النجوم"، (يقصد: حيث تدور النجوم)]
يتبع =============

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:26 AM
شكل (1)
وهنا وقع للمترجمين المحدثين بعد عصر النهضة الأوربية أن أخذوا لفظي (فلك) و (مدار) وطابقوهما بمعنى orbit، والذي يجيء معناه عند أصحابه على أنه المسار الخطي المستدير وإن كان إهليجي الشكل، ويتتابع عليه المركز الهندسي للجرم السماوي، سواء كان قمر (أي: تابع) أو أرض (أي: كوكب) أو شمس (أي نجم).
فأصبح معنى (فلك) و(مدار) هو: المسار الهندسي الذي يختط الجرم عليه مسار لمركزه. وهذا التخصيص للمعنى خطأٌ كبير، ونت عنه أن جعل سباحة الجرم في فلكه معنى غير متصور على ما تحتمله اللغة، بل أصبح الجرم على مساره كحبة الخرز على سلكه الذي يسلكه. وهذا التصور الأخير يفارق معنى السباحة، التي عمادها انغمار جرم السابح في المسبوح فيه، أو احتوائه بجملته في جوفه. ومما يدعم هذا الاحتواء؛ الحرف (في)، في قوله تعالى "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"، مما لا يحتمل معناه أن يكون الفلك هو عين المسار الخطي المجرد، الذي وضعه الفلكيون لغرض التجريد الحسابي.

شكل (2)
في شكل (2) يدور القمر حول الأرض، وبالأحرى، حول مركز ثقله مع الأرض Barycenter. ويقترب القمر من الأرض حتى يكون على مسافة 356 ألف كيلومتر، ويبتعد حتى يصل إلى 406 ألف كيلومتر. ومساره هذا – والذي يسمى مساراً إهليجيا elliptic، غير ثابت ثبوتاً مطلقاً، بل يدور أيضاً دوراناً بطيئاً، ليتم دورة كل 18.6 سنة. كما أن مستوى دوران القمر يميل على مستوى دوران الأرض حول الشمس بحوالي 5 درجات. والخلاصة أن المسار الخطي لدوران القمر حول الأرض Orbit ليس مؤهلاً ليكون هو ما أشار إليه القرآن على أنه فلك القمر، في قوله تعالى "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"(الأنبياء:33)، وما نقترحه لمعنى "الفلك" هو أنه منطقة الدوران بكاملها، وهي التي يمثلها المنطقة الفارغة المستديرة حول الأرض بهذا الشكل، والمحدودة من جهة الأرض بذلك التل العالي، ومن الخارج بمحيط مانع للقمر من الانفلات والخروج من الفلك. ويمثل التل الداخلي ما يواجهه القمر من ممانعة من الاقتراب من الأرض، وذلك أنه في الميل إلى ذلك بفعل الجاذبية، يزداد في سرعته الدوارة، فينشأ عن تلك الزيادة قوة طرد ترده عن الأرض، ويمثلها جدار التل، وإذا تباعد القمر كثيراً يتباطأ فتنتصر الجاذبية وتعمل على منعه من الهروب وتعيد جذبه إلى الداخل، ويمثل ذلك الجدار الخارجي بالشكل. وهكذا يظل القمر في تلك المنطقة البينية، وهي التي نتعرف عليها على أنها "الفلك" الذي تكلم عنه القرآن، وأنه هو الذي يسبح فيه القمر اقتراباً وابتعاداً وميلاً وتأرجحا.

ويمكن تصور الفلك باعتباره مجرى وعائي (سفح مجالي) لما يجري فيه، وهذا ما نراه في الفيديو الآتي:




ومن أدلتنا على أن الفلك في القرآن ليس هو عين المسار orbit الذي يجرده أهل الفلك الرياضي تجريداً هندسياً، أنه لو كان هو هو، لوجب أن يكون الجرم الذي يسبح في ذلك المسار، لا ينزع عنه ولا ينفلت منه، وإلا فقد أتى عليه من الوقت ما يكون قد فارق فيه السباحة في الفلك! ولكناا نعلم أن مسارات الأجرام ليست منغلقة على الحقيقة إلا ما ندر، بمعنى أن المسار أو المدار الهندسي الخطي الشكل، مساراً غير منغلق بالضرورة، ولو كان هو هو الفلك المقصود في القرآن لوجب أن يقتفي الجرم أثر ذلك المدار أبداً، إذا أن سباحة الجرم في الفلك تعني أنه لن يتركه، ولأنه يترك ذلك المدار orbit بإزاحات متتالية تجعله ينحرف بدوران المدار نفسُه حول نفسِه، فوجب أن معنى الفلك ليس المسار الخطي. وإذا بطل هذا، فلم يبقَ لنا إلا البديل الثاني والأخير الذي قدمناه أعلى، ونقصد أن الفلك هو كامل نطاق الدوران، وبما يشمل ويحتوي كل المسارات الممكنة للجرم الدوار والتي تتعدل مع الزمن، ولكنها تظل في جوف الفلك. ومن هنا كان الجرم يسبح في الفلك، ولا يخرج عنه.

وما قيل عن القمر في فلكه حول الأرض، يقال مثله على فلك الأرض حول الشمس، ويقال مثله على فلك شمس حول مركز المجرة. ومن ثم يكون الفلك نطاق الدوران حتى ولو كان ثلاثي الأبعاد، كالإسورة الشفافة كما بالشكل (-أ)، وبداخلها حبة من الماس، تسبح في جوفها، دائبة في دورانها، لا تنفلت منها. ولا يزيد هذا الفلك المجسم عن كونه مجالاً فراغياً غير حاد، بل متصل في قيمه، ويتعين في الفراغ برياضيات الميكانيكا الفلكية، وربما يتمثل أفضل ما يكون بدالة فراغ احتمالية كتلك التي تصف منازل الإلكترونات حول الذرة المادية (شكل - ب)(أحد مدارات ذرة الهيدروجين(6)). وهو الأمر الذي ربما يدفعنا لتعريف مدارت الإلكترونات orbitals في الذرات المادية على أنها تأتي في صورة أفلاك أيضاً بالمعنى القرآني.

يتبع========

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:27 AM
شكل (3)

ولقائل أن يقول: إن القرآن لم يتكلم عن سباحة للأرض في فلك! فأنَّى لك تدَّعي ذلك؟!

نقول: نعم، لم نقرأ في القرآن صراحة أن الأرض تسبح في فلك، ولكن هناك تضمينات تدل على ذلك، وهي:

1- تحليل قول الله تعالى "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"(الأنبياء:33)، نجد أن لفظ " خَلَقَ " يعم ما جاء قبلها من ليل ونهار وشمس وقمر، وهذا لا خلاف عليه بالطبع، ولكن، هل تعم العبارة "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" ما قبلها بما يشمل " اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ "؟

وإن كانت تعمها جميعاً، وهذا هو البَيِّن، فلنا أن نسأل: هل " كُلٌّ " تؤول إلى كل مذكور سبقها على انفراد، فيكون الليل يسبح في فلك، والنهار يسبح في فلك؟! أم أن الليل والنهار باعتبارهما لباسان – كما في قوله تعالى "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا"(النبأ:10)، وإن أتت بمعنى سترا - يشيران إلى لابسهما – أي الأرض - في كونها المدرجة في "كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ "؟!

نقول: من غير المألوف أن تأتي السباحة من غير ذي جِرم كالليل والنهار، في عدم استقلالهما كظواهر عن الأرض، وأن تأتي فقط من مثل الشمس والقمر، وإن كنا لا نقطع بامتناعه لأن الله تعالى يصف ما شاء بما شاء، لأنه سبحانه أعلم بما خلق، مثلما وصف الليل بملاحقة النهار في قوله تعالى "يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا "(الأعراف:54)، ومعلوم أنّ اللاحق والمُلاحَق يغلب عليهما أن يكون متجرِّمين، إلا أن سباحة الليل والنهار وهما ملبوسان للأرض أقرب في دلالتها على سباحة ذات الأرض، مثلما أن يرى أحدُنا - عن بُعد - قميصاً يسبح في الماء سباحة الإنسان، فلا بد وأن يستدل على أن إنساناً هو الذي يسبح ويلبس هذا القميص.

ثم أن قبول هذا المعنى لسباحة الأرض وما عليها من ليل ونهار في فلك، يدعم كون الفلك هو الوعاء المستدير الممهد والحاوي للأرض وما عليها – من ليل ونهار- في سباحتها. وذلك ما لا يتحقق لمسار خطي وهمي يشير فقط إلى اتجاه حركة الأرض في فلكها.

ولكي نقف على وصف سباحة الأرض حول الشمس، ومسارها غير الثابت ولا المنغلق، والمُحْتَوى - من ثمَّ - في نطاق فراغي رحب، نطلع على الفيديو الآتي:




وهكذا إذاً، يترجح عندنا أن "فلك" الأرض – بالمعنى القرآني - ليس هو مسارها الخطي (المدار orbit) كما هو شائع، والمنزاح على الدوام كما رأينا أعلى في هذا الفيديو إزاحات متتابعة، بل هو الوعاء المستدير الذي يمكن للأرض أن تسبح فيه اقتراباً وابتعاداً عن الشمس، بقدر ما قدّره الله تعالى لها – ولغيرها من أجرام - من سنن الميكانيكا التي علَّم الإنسان شيئاً منها. وتكون سباحة الأرض في فلكها، كما القمر، هو انسياب حركة الأرض في مجراها ذلك، مثلما تسبح الأسماك في جداول مخصوصة لا تستطيع مغادرتها، أو تجاوزها، رغم أنها تتنقل يمنة ويسرة داخل تلك الجداول. ومثلما أن لفظ الجدول لا يتطابق لُغةً مع مسارها داخله، فكذلك "الفلك" – بالمعنى القرآني – لا يطابق المدار orbit، وإنما يحتويه كما يحتوي الجدول مسارات الأسماك.

ويقال نفس الشيء على كل فلك، فيكون فلك الشمس هو نطاق دورانها (لأن الفلك "مستدير" لغةً) والتي هي فيه دائبة السباحة، ولا تستطيع مغادرته.

المستقر: إذا كان الفلك هو نطاق ممتد منغلق دائرياً على نفسه، ولا يغادره السابح فيه، بحكم دؤوب السباحة، " وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ "(إبراهيم:33) فلا بد أن مواقع ذلك السابح (هنا نقصد الشمس) في فلكه (ذو السَّمْك وليس المسار الخطي) ليست على نفس المستوى من صلاحيتها للاستقرار، مثلما أن الأرض نطاق وجود الإنسان (قرار) ولكن له فيها مواقع يستقر فيها دون كل الأرض، فيكون الفلك بجملته للسابح فيه (قرار)، وللسابح داخل الفلك مستقرات ينحو إليها بطبعه (خلقته) كما ينحو الإنسان لما يحقق له الاستقرار من مواضع في الأرض، والتي هي بجملتها قرار.

والسؤال هو: كيف يمكن تمييز هذه المستقرات داخل الفلك بالنسبة لسابح في الفلك؟!

لا يبدو أن تكون الإجابة لغوية فقط! ومثلما أن معرفتنا بمستقرات الإنسان على الأرض تأتي من تجربة حياة الإنسان على الأرض بمعرفته دواعي استقراره وما ينتقصها أو ينفيها، كذلك مستقرات الشمس (وأي سابح) في فلكه، لا تأتي إلا من معرفة تفصيلية بسلوك الشمس في فلكها. وهذا ما سنراه لاحقاً على التفصيل في المعلومات الفلكية.


3- بين السباحة والجريان:
الجامع بين السباحة والجريان هو الانتقال المتتابع. فكل سابح وكل جاري أو حتى ماشي ينتقل على نحوٍ مطَّرد في جهة ما. ولكن السابح يتميز بأنه مغمور في ما يسبح فيه بخلاف الماشي، أما الجاري فيتميز باندفاع وتعجل في انتقاله لجهة بعينها.

والسباحة تناسب أن يكون المسبوح فيه غمرٌ يتفيأ السابح غِماره، لذلك كانت السباحة في فلك، والذي هو – كما سبق أن بينَّا- نطاق ممتد، وإن كان مستديرا، ومنتهي من جهاته وإن كان فسيحا. وقد يكون السابح بطيئاً أو سريعاً، وقد يكون في مسار ما من الفلك أو أن مساره ينزاح مع الوقت قريباً أو بعيداً عما كان عليه، بما لا يُخرجه عن نطاقه الفلكي. ولا يجرح سباحته أي من هذه الأحوال. فكلٌّها جائز ولا تخرج عن مضمون السباحة.

أما الجاري، فيتميز عن الماشي وإن كان كلاهما سابح، فإن الجاري عادةً يكون جريه لهدف معين، وهذا غير ضروري في الماشي أو السابح على العموم. ولأن الجاري لهدف يتطلب قوة اندفاع توجهه لهذا الهدف فيكون أكثر خصوصية من أي جاري آخر لجهة ما غير مستهدفة، أو أن تكون مستهدفات الجري متعددة أو متعاقبة.

وعلى ذلك يكون الجاري لمستقر سابح مقيد (أي: متميز) بثلاث قيود (أي: صفات): تسارع، وقوة موجهة، وموضع مستهدف (أو مواضع متتابعة لأننا وجدنا أنه غير متعين بانفراد).

أما الموضع المستهدف فهو "المُسْتَقَر"، وأما "القوة الموجهة" و"التسارع" فغير معلومَيْن من اللغة وحدها، وعلينا أن نلجأ إلى علم الميكانيكا الفلكية!

وهنا نصل إلى أقصى ما يمكن للغة أن تفيدنا به، ويتطلب الأمر دراسة عيانية لموضوعها، أي جرم الشمس وميكانيكية حركتها في السماء.
4- الفرق بين يجري إلى، ويجري لـ :

غلب عند المفسرين معنى مستقر الشمس باعتباره موضعاً بعينه تذهب الشمس إليه وتنتهي عنده، حتى وإن عادت أدراجها منه، فهو لها كالغاية والنهاية. والسبب في هذا التصور المكافأة بين "تجري إلى" و "تجري لـ". والحقيقة أنهما غير متكافئان.

ونورد هنا الآيات التي أتت بمثل هذين التركيبين، أي؛ "إلى أجَل" و "لأجَل"، والأجل هو الزمن المضروب لحدث ما، أي الموعد:

إلى أجَل:

1- "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ"(البقرة:282)

2- "وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا"(الحج:5)

3- "لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ"(الحج:33)

4- "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"(لقمان:29).

5-"فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ"(الأعراف:135)

6-"وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ"(النساء:77) [ذهب الطبري والرازي والشعراوي ... إلى أن أجل هنا هو الموت، ولا نراه كذلك، بل الأقرب أنهم يقصدون إلى وقت تالي – أي مزيد من الإمهال في عدم القتال- مثلما تأجل من وقت طلبهم إياه في مكة إلى بعد الهجرة في المدينة. وقولهم "قريب" ينم عن أن إمهال زمني سيكون محبب إلى أنفسهم ولو كان قليلاً، خشية من الموت. وقد رأينا لاحقاً أن سيد قطب ذهب في الظلال إلى ما ذهبنا إليه حين قال: (لو أن الله أمهلهم إلى أجل ، ولم يكتب عليهم القتال الآن!) ونقل تفسير المنار قول من قال: (الْمُرَادُ بِالْأَجَلِ الْقَرِيبِ الزَّمَنُ الَّذِي يَقْوَوْنَ فِيهِ وَيَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ بِمِثْلِ مَا عِنْدَ أَعْدَائِهِمْ)]

7-15 ... مزيد من الآيات ورد فيها "إلى أجل" بمعنى أجل الموت. ونضم إلى ذلك آية (لقمان:29) في شأن الشمس والقمر، باعتبار أن جملة - كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى – اعتراضية يخبر الله تعالى بها نبيه والناس خبر الشمس والقمر وأن أجلهما مسمى، فيكون " إِلَى أَجَلٍ " بمعنى نهاية أجل دورانهما، فلا يدوران بعدها.

يتبع=========

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:29 AM
والخلاصة من ذلك أن "إلى أجل" تستهدف موعداً غائياً يمكن أن يُلتهى عنه إلى حينه، أي لا ضرورة في الالتصاق بِتَرَقّبه.

لـ أجَل :

1- " ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ، وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ"(هود:103-104): نلاحظ هنا أن أجَل القيامة في هذه الآية لا التهاء عنه، بل متابعة وترصُّد، بدليل وصفه تعالى له بأن أجله "معدود".

2- "وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ"(الرعد:2)

3- "يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى "(فاطر:13)
4- "يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى"(الزمر:5)
وفي هذه الآيات الثلاث، لا نرى أن المقصود من الأجل هنا هو أجل نهاية جريان الشمس والقمر، بل الأقرب (بسبب ارتباط حرف الجر لـ بالأجل وليس ورودها (إلى أجل)) هو آجال جريانهما في الدنيا، فالقمر له آجال قدر الله تعالى على الإنسان أن يتابعها بغرض اتخاذها مواقيت، وهي منازل القمر، وخاصة الهلال، وذلك كما في قوله تعالى "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ"(البقرة:189). كما أن الشمس لها آجال، منها منافع الناس من مواسم الزرع والحصاد، والصيف والشتاء، ومنها (المستقرات) وهذه التي جاء قول الله تعالى "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا"(يس:38) لبيانها.
والخلاصة: أن "تجري لـ" تختلف عن "تجري إلى". فالثانية غائية لموعد منفرد يمكن الالتهاء عنه إلى حينه، أما إنْ تَتَالَى ذلك الموعد، وكانت متابعته ضرورية على الدوام، أتى الجريان له (أي تبعاً أو طلباً له) وليس جرياً إليه. وذلك كسائق السيارة يقودها لـ نهر الطريق، وإلا انحرفت، مع أنه يقودها في نفس الوقت إلى غايته!
مقاربات فيزيائية وفلكية:
معنى الاستقرار:
مقارنة بين معنى الاستقرار في عالم الأحياء وعالم الجمادات


شكل (5): في عالم الأحياء: العامل الفاعل هو وفرة أسباب الحياة، وحيثما توجد يتجه الإنسان، وحيثما تنعدم يهرب الإنسان، وحيثما تتعادل يتنقل الإنسان. وهذا هو القانون الطبيعي للتنقل الحضري. وفي عالم الجمادات: العامل الفاعل هو السكون (انخفاض الطاقة)، وحيثما يستشعره الجسم على أي من نواحيه أو أطرافه يتجه ناحيته بقوة طبيعية. فيتجه إلى ما يحرره من الطاقة، ويهرب مما يشحنه بها، ويتنقل بحياد إذا تعادلت الطاقة من حوله. وهذا هو القانون الطبيعي لحركة الجمادات.
والآن، إذا كانت الشمس ساكنة لا تتنقل، ومستقرة في موضع دون سواه (أي: في مستقر)، فلا بد أن يكون وضعها كما بالشكل (5-ج) أعلى، ونقوم بإعادة رسمه في شكل (6) الآتي:.

شكل (6)

فإذا أزحنا الجسم (الشمس) عن مستقره، فسوف يعود إليه كما يتضح من الشكل، وذلك لوجود قوة جاذبة إلى المستقر (السهم الأحمر بالشكل -ج)، وإلا لما اتصف المستقر بهذه الصفة. وفي الشكل (-ب) استبدلنا شكل الإناء بسلك تعليق افتراضي، فحصلنا على البندول المألوف. ولم يتغير شيء في الآليات الميكانيكية، ومعادلات الحركة، إلا أننا تخلصنا من توهم وجود احتكاك يعوق حركة الجسم، ومن ثم أصبحت طاقة الجسم محفوظة، وضَمَنَّا مواصلة الجسم في حركته بلا توقف.

والآن إذا كان هذا الجسم هو الشمس، وكان ساكنا في البداية – أي مستقراً - قبل أن نؤثر عليه بزحزحته عن ذلك المستقر، وظل يتحرك محاولاً العودة إلى مستقره، وفي كل مرة يصل إليه، يكون قد تسارع وزادت سرعته إلى قيمة عظمى (السهم الأزرق بالشكل -ج)، فكيف نصف حركة الشمس في سعيها ذلك. نقول: لا نرى غرابة في أن الشمس تجري (أي تندفع تحت تأثير قوة) لـ مستقرها (لأنها ليس لها سوى هذا المستقر الذي كانت ساكنة فيه في البداية، وكان يحقق لها أدنى طاقة في محيطها)، ولننتبه في أننا قلنا مستقرها ولم نقل مستقر لها. ويشبه هذا أن سيارة ما يخرج بها صاحبها ثم يعود دوماً ليركنها كل يوم في كراج بيته، فهذا هو (مستقرها)، ولكن نفس السيارة على الطريق السريع وأثناء سفر متواصل، سيلجأ بها صاحبها إلى استراحات على الطريق، وعندئذ ستوصف هذه الاستراحات على أنها (مستقرات لـ )السيارة، وهذا هو الفرق بين (مستقرها) ، و(مستقرٍ لها).

ويبدو أننا اقتربنا من تأليف سياق حركي للشمس يقارب هدفنا من فهم قول الله تعالى "والشمس تجري لمستقر لها".

ولنلاحظ، أن الجسم (البندولي) في ذهابه وإيابه المبين، يمر بالمستقر ثم يتركه ويرحل، وهذا يوافق ما وصلنا اإليه من قبل في معاني المستقر، وما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم من أن الشمس تذهب للمستقر وتعود تطلع من مشرقها لا يستنكر الناس منها شي، وأن هذا سيظل منوال لها وحتى ذهابها الأخير في الحديث الذي ستعود منه لتطلع من مغربها.

ولكن، ماذا لو لم تكن الشمس ساكنة في البداية كما افترضنا – وهذا هو الصواب - وكانت تتحرك في اتجاه مثل (أب) في شكل (7) الآتي؟

إذا كان الخط (أب) هو ما كانت تسكنه الشمس وتستقر فيه، وهي متحركة أبداً، قبل أن تتعرض للاعتراض من القوة (القوى) التي أخرجتها عنه، فهذا الخط (أب) هو مستقرها الدائم. ولكنها أخرجت من! وبحكم أنه كان مساراً مستقراً (مقيداً لها في مسار بقوة جذب مركزية بعيدة كمركز المجرة) فإنها ستعود إليه كما يعود البندول الساكن إلى مستقره في شكل (6) أعلى. وبعودة الشمس إليه، فإنها تعود لتلتقي به ثم تتجاوزه كما كان يتجاوزه البندول الساكن بسبب أنها تصبح سريعة الحركة ولا يمكنها التوقف عنده. أنظر شكل (7)

يتبع==================

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:31 AM
شكل (7)
وتكون نتيجة هذه الحركة المركبة أن تعود الشمس إلى مستقرها في المواضع المبينة باللون الأصفر، وهي الموضع التي تتقاطع فيها الشمس العائدة مع مسارها الأول.
وهذا التفسير يستوفي – على الراجح – المعاني التي فهمناها من قول الله تعالى "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا"(يس:38).
غير أن هناك مزيداً من التفصيل. فللشمس في الحقيقة أكثر من مستوى من المواضع المستقرة، بعضها محتوى في بعض وليس واحدا فقط بالضرورة. وذلك مثلما أن للأرض مستقرات زمنية يومية محتواة في مستقرات زمنية سنوية، ... وهكذا.
مسارات الشمس ومستقراتها:
تسمى المجرة التي نرى أثرها بوسط السماء – وخاصة إذا كان موقعنا في استطلاعها في النصف الجنوبي من كرة الأرض – مجرة درب التبانة The Milky Way. وتتحرك مجرتنا بالفعل في جهةٍ ما، ولكننا لن نستقصيها لأن العلم بهذه الحركة قد لا يفيدنا في دراستنا هذه. وتدور شمسنا في هذه المجرة على نحو معلوم بشكل جيد. وسنوجزه في الآتي:

1- تدور الشمس في مسار (شبه) دائري، دورة واحدة كل حوالي 250 مليون سنة أو أقل. وذلك بين حشود النجوم الدوارة حول مركز مجرة درب التبانة. وهذا هو المسار الذي نراه من (داخل المجرة) بتتبع العلاقة النسبية بين موقع شمسنا من جهة وقلب المجرة ومواقع وسرعات النجوم فيها من جهة ثانية، وذلك باعتبار باقي المجرات البعيدة خلفية ثابتة. ويمثل الخط (أب)، في شكل (7) المبين أعلى، جزء من هذا المسار الكلي لشمسنا حول المجرة لو كان مستقيما.

ويأخذ مسار الشمس في مجرتنا الشكل الآتي:


شكل (8)
وهذا الشكل صحيح، ومطابق للمعلوم من مسير الشمس، إلا أن تأرج الشمس حول مستوى المجرة مبالغ في قدر ارتفاعه وهبوطه لإظهاره بوضوح. كما وأن التأرجحات عددها 4، وقد يكون الأمر مختلفاً عن ذلك قليلاً، ولا يكون المسار منطبق على نفسه تماما الإنطباق. وتتطلب أرجحة الشمس صعوداً وهبوطاً حوالي 64 مليون سنة! والقوة التي تعيدها دائماً إلى مستوى المجرة هي الجاذبية الكبيرة لما في قرص المجرة من أجرام نجمية، فترتد الشمس عائدة وتسرع، إلا أنها تتجاوز القرص وتخرج منه إلى الجهة الأخرى، وتبتعد حتى تتباطأ وتعود مرتدة، وهكذا كما شرحناه أعلى على نمط البندول. ويكون بذلك مواضع مرور الشمس في قرص المجرة مستقرات للشمس تجري لها، وكلما أتتها تجاوزتها وواصلت مسيرها.
ويظهر في الفيديو التالي نمذجة رائعة لحركة الشمس وهي تحمل الكواكب، ومنها الأرض، غير أن هذه النمذجة خاطئة في عدد مما تسوقه لنا من معلومات، يمكن للقارئ أن يتنبأ بها إذا قارن بين شكل (8) أعلى وما في الفيديو(1) من مشاهد. وقد علقنا على الفيديو سريعاً بما رأيناه من تلك الأخطاء.




وعند هذا الحد، علينا أن نسأل: هل مستقرات الشمس المقصودة في قول الله تعالى "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا"(يس:38) هي تلك المواضع التي تلاقي فيها الشمس قرص المجرة كما تنبأنا أعلى في تحليلاتنا؟
نقول: يظهر من التحليل الذي أسلفناه بأن الإجابة ينبغي أن تكون: نعم.
ولكن، هناك إشكال كبير، وهو أن بين كل التقائين بين الشمس وقرص المجرة (أي بين كل مستقرين متتاليين) زمن طويل يصل إلى طول محيط دوران الشمس حول المجرة مقسوماً على 8 كما يظهر في شكل (8) أعلى (أي عدد الانتقالات من اللون الأبيض إلى الأسود على المسار المبين). وحيث أن زمن الدورة المجرية = (224-240) مليون سنة، فيكون الزمن المنقضي بين كل مستقرين هو (224-240) / 8 = (28-30) مليون سنة تقريباً!
ولكن، هذا لا يستقيم مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم، والذي فيه أن الشمس تذهب إلى مستقرها وتعود مراراً لا يستنكر الناس منها شيئاً. أي أن هذه الظاهرة لا بد أن تحدث في عمر البشرية مرات عديدة، أي أن دورة استقرارها قصيرة العمر بما لا يزيد عن آلاف السنين على أقصى تقدير، دون وجود قيد عن ما هو دون ذلك (وربما إلى آحاد السنوات). أما أن يصل عمر الدورة إلى 28 مليون سنة، فهذا غير مقبول. والسبب أن عمر البشرية كما قدرناه سابقاً (أنظر دراسة: عُمْر البشرية، ومنحنى نقصان عُمْر الإنسان لن يزيد عن 3 مليون سنة بأي حال من الأحوال، وذلك إذا جنحنا إلى نهاية الدالة التي استنبطناها هناك. لذلك، نضع هذه النتيجة جانباً الآن لأنها لا تحقق المقصود، وإن كانت مفيدة في علاقتها بها على نحو ما سنرى.
2- قلنا أن المستَقَر للمتحرك (أي: الشمس) هو المسار الذي يحقق له أدنى طاقة (مجالية، كالبندول). فإذا ما أخرج عنه بقوة عارضة فإنه سرعان ما يجنح إلى العودة إليه، وتكون نتيجة ذلك أن يتأرجح الجرم المتحرك حوله، كلما فاته عاد ورجع إليه. وقد كان المسار الراسخ للشمس الذي يحقق ذلك هو مستوى قرص المجرة، ولما أزيحت عنه الشمس - بفعل تفاعلها التجاذبي مع غيرها من سدم وأجرام نجمية في لحظات نشأتها- حاولت العودة إليه، فكان التقائها به 8 مرات في كل دورة كاملة حول المجرة على نحو ما تم استنباطه من الأرصاد.

والآن، أصبح هذا المسار المبين في شكل (8) ذو الثماني عقدات (مواضع الاستقرار) هو المسار المستقر الذي أصبح لزاماً على الشمس أن تتمسك بالبقاء فيه. ويأتينا السؤال التالي رغم أنفنا: ماذا لو اعترض الشمس قوة تخرجها عن هذا المسار المِجَرِّي؟

للإجابة عن هذا السؤال نتفحص حالة الشمس جميعاً، فنجد أنها تسير وسط حشد من النجوم، ويدورون جميعاً حول مركز المجرة في اتجاه واحد مع عقارب الساعة، وذلك باعتبار أن اتجاه الشمال المجري (الاصطلاحي) إلى أعلى. وتقدر سرعة دورانهم حوالي 220 كم/ث. غير أن سرعاتهم البينية متفاوتة مثلما تتفاوت سرعة السيارات التي تجري على طريق سريع واحد. وتجاوز الشمس جيرانها من النجوم بفارق سرعة تم حسابة بـحوالي 19.6 كم/ث.

ونورد في جدول (1) قائمة بأقرب خمسة نجوم من الشمس، والقائمة طويلة لمن أراد المزيد(7)(8). غير أننا معنيون بما يحقق منها التأثير الأكبر على الشمس، وهذا سيتحقق فقط لدى النجوم الأكبر كتلة، والأقرب مسافة. لذا يكفينا ما هذا الجدول، وخاصة نجمي رجل القنطور، والشعرى اليمانية.


جدول (1)

والآن، تجري خطتنا لاختبار تأثير هذه النجوم (الأكبر كتلة) على الشمس، ولنقارنها بتأثير كواكب المجموعة الشمسية على الشمس، وخاصة أكبرها حجماً، أي كوكب المشتري.

ولما فعلنا ذلك(9)، وجدنا أن تأثير نجم رجل القنطور أكبر من تأثير الشعرى اليمانية، ثم وجدنا أن تأثير رجل القنطور على الشمس أضعف من تأثير كوكب المشتري بنسبة جزء من مليون جزء.

والنتيجة أن تشويش أكبر الكواكب العملاقة في المجموعة الشمسية (أي المشتري) على مسار الشمس في مجرة درب التبانة أشد مليون مرة من تشويش النجوم القريبة ممثلة في أكبرها كتلة (رجل القنطور).

والخلاصة في ذلك إهمال تأثير النجوم القريبة على مسار الشمس مقارنة بكواكب المجموعة الشمسية. ومن ثم، نتوجه الآن لنرى كيف تتأثر الشمس بالكواكب التي منها الأرض في مسارها المستقر حول المجرة. (ولنتذكر أن هذا هو المستوى الثانية من الاستقرار، حيث أن الأول هو مستوى قرص المجرة الذي تذهب إليه الشمس مرة واحدة كل 28 مليون سنة تقريبا)
تأثير الكواكب على مسار الشمس:
إذا افترضنا أن الشمس ساكنة، ولا تتحرك على مسارها المجرِّي (المبين في شكل (8))، وإذا افترضنا أن كوكب المشترى وحده يدور حول الشمس، فماذا نتوقع له من تأثير عليها؟

تقول الميكانيكا الفلكية أن تأثير كوكب المشترى وحده يشبه ما نراه في الشكل الآتي (أنقر الصورة):

يتبع=======================

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:32 AM
شكل (9)

ويُعد فهم هذه الحركة الميكانيكية يسيراً للغاية، إذ أنه ليس إلا اتزان كتلتي الشمس والمشترى حول مركز ثقلهما المشترك، تماماً كالميزان القبان الذي كان يستخدمه أجدادنا، والذي به ذراعان أحدهما طويل والآخر قصير كما بالشكل (10).


شكل (10)

ومعلوم أن الاتزان يحدث عندما توضع الكتلة الكبيرة على الذراع القصير، والكتلة الصغيرة على الذراع الطويل، وتكون نسبة الذراع الطويل إلى القصير كنسبة الكتلة الكبيرة إلى الصغيرة. وفائدة ذلك معلومة، وهي أن الميزان يستخدم في قياس كتل كبيرة جداً، دون الحاجة إلى وضع صنجات مكافئة كالميزان المتساوي الأذرع. حيث كان يقاس به أحمال المحاصيل الزراعية، وحالياً تقاس به أوزان السيارات وخاصة سيارات النقل لمعرفة حمولاتها الكبيرة.

والفرق بين النظام الشمسي وهذا الميزان هو في مسألة الدوران، حيث أنه لو أدير الميزان المعروف حول عمود التعليق (أي مركز الثقل) لما اختلف في شيء عن النظام الشمسي ودوران الكواكب وحتى الشمس نفسها حول مركز الاتزان.

ونقول لإخواننا الذين ما زالوا يُصرون على أن الشمس هي التي تدور حول الأرض: إصراركم هذا يماثل إصرار من يجبر الميزان القبان على أن يتزن بوضع الكتلة الصغيرة على الذراع القصيرة والكتلة الكبيرة على الذراع الطويلة. وهذا ما لا يمكن أن يحدث. ويبدو لنا أن تفسيرنا هذا - في اتزان الأجرام السماوية - هو مراد الله تعالى في قوله سبحانه "وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ"(الرحمن:7).


والآن، ماذا يحدث لو أضفنا باقي الكواكب تباعاً لنزنها قبالة الشمس كما فعلنا مع كوكب المشترى؟!

الحاصل أن كل كوكب سيؤثر على الشمس كما لو كان هو وحده المنفرد بالتأثير عليها، وعندها تعاني الشمس من مجموع هذه التأثيرات جميعاً، والتي تدفعها في جهات عديدة لاختلاف أوضاع الكواكب، وستأخذ الشمس الوضع المُحَصِّل لكل هذه التأثيرات، والنتيجة، هي ما نراه في الفيديو التالي:



وإذا ما رسمنا موقع الشمس بالنسبة لمركز اتزان المجموعة الشمسية لحصلنا على الشكل الآتي(9):


شكل (11)

ويقول هذا الشكل أن الدائرة الصفراء الكبرى تمثل الشمس حجماً وموقعاً. ولا تقع الشمس في مركز الاتزان تماماً إلا إذا توازنت تأثيرات الكواكب عليها وألغي بعضها بعضا، وعندئذ ينطبق مركز الشمس مع النقطة السوداء التي تمثل مركز الاتزان. وهذا لا يحدث إلا في أزمان مخصوصة، وقد وصلت الشمس أقرب ما يكون من هذا الوضع المتزن - أي المستقر - (لو لاحظ القارئ من الشكل خلال الفترة المبينة) حوالي شهر مايو عام 1951، وحوالي شهر إبريل من عام 1991. وفي غير هذه الأزمان المخصوصة - تبتعد الشمس وتقترب حتى يكون بينها وبين مركز الاتزان كما بينها في الصورة وبين النقاط السوداء في الشكل من مسافات (حسب الأزمان المدونة).

ويمكن أن نطالع نمذجة حقيقية (10). لحركة الشمس حول مستقرها عبر فترة محدودة، ومعها مواقع الكواكب، عبر التسجيل الآتي:



مواضع اتزان - مستقرات - الشمس عبر التاريخ (منذ 3000 ق. م. - وحتى 3000 ميلادية إذا شاء الله تعالى):
يظهر في الشكل الآتي حساب العزم الزاوي للشمس حول مركز اتزان المجموعة الشمسية عبر 6000 سنة شمسية(11).
يتبع=============

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:34 AM
شكل (12)

ويلاحَظ أن المحور الصفري (باللون الأحمر) قد وصل إليه العزم الزاوي للشمس في المواضع المؤشر عليها (بالأسهم والنقاط الملونة). ويعني وصول العزم الزاوي الشمسي للصفر أن الشمس قد وقعت في مركز ثقل المجموعة الشمسية تماماً. هذا وقد ميزنا بين نوعين من الوصول للصفر الزاوي، الأول (باللون الأصفر) وهو وصول للصفر دون تجاوزه، وهذا هو السلوك الطبيعي، أما الثاني (باللون الأحمر) فهو تجوز العزم الزاوي للشمس للصفر الزاوي، ودخوله في عزم زاوي سالب القيمة، ويسمى هذا السلوك دوران عكسي للشمس حول مركز الاتزان (لفترة زمنية قصيرة لا تتخطى أيام)، وهذا السلوك مثير للغاية لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيه ارتباط بين ذهاب الشمس للمستقر، وانعكاس طلوعها على الأرض. وهنا نتكلم عن مستقر المجموعة الشمسية وحركة زاوية عكسية للشمس. ونعلم أن هواة الإعجاز العلمي لن يتركوا فرصة مثل هذه إلا ويقتنصوها (لو علموها). ولكننا لن نفعل ذلك، بل لا نرى ارتباطاً حقيقياً بتفسير الحديث، لأن هذه الحركة العكسية للشمس لن تعكس حركة الأرض اليومية للشمس بالنسبة للأرض - والتي تنتج عن دوران الأرض حول نفسها - وهذا هو بيت القصيد في حديث النبي والذي ينتج عنه أن تطلع الشمس من مغربها، أما هنا في حالة العزم الزاوي السلبي للشمس، فالأمر يرتبط بثورة داخلية في جوف الشمس نتيجة وقوعها في المستقر، والذي فيه يكون التنازع بين الكواكب على أشده عليها؛ كلٌّ يجذبها إلى ناحيته، وخاصة الكواكب العملاقة (المشتري وزحل، وبدرجة أقل نبتون وأورانوس). لذا، نرجح أن هذا الهياج الداخلي للشمس - والذي ربطه البعض بالبقع الشمسية، سيعدل مركز الشمس نفسها في غير مركز الدائرة الهندسي البسيط. وذلك مثلما يحدث عند قذف بالونة مملوءة بالماء، أن تتحرك أجزاؤها الداخلية بالنسبة لبعضها، مما يجعلها غير متجانسة، ولا يكون مركز ثقل البالونة هو مركزها الهندسي. لذلك، فالعزم الزاوي السلبي للشمس له تفسير طبيعي لا علاقة له بطلوع الشمس من مغربها على نحو ما قد يظن بها المتهافت على الإعجاز.

ويلاحظ أننا وضعنا أربعة أسهم على الشكل (12) أعلى، وذلك على أربع التقاءات للشمس بمركز اتزان المجموعة الشمسية (المستقرات)، ونعيد في الشكل التالي(12) بسط هذه المنطقة الزمنية لمزيد من الوضوح والتحليل:


شكل (13)
ولنا هنا ملاحظات:

1- أن الأربع مواقيت (أي: مواقيت المستقرت، وهي السنوات: 1632، و 1811، و 1990، و2169) تحصر بينها ثلاث فترات زمنية، وأن هذه الفترات الزمنية تكاد تتساوى، وتم تقديرها - إذا أخذنا القياسات بمزيد من الدقة - بالقيمة: 178.8 سنة تقريبا.

2- أن نمط تغيُّر العزم الزاوي للشمس، أي: تقاربها وتباعدها عن المستقر في هذه الفترات الزمنية الثلاث يكاد يتطابق في الفترات الزمنية المتساوية القيمة، وهذا هو السبب في وضع هذه الفترات أسفل بعضها لملاحظة هذا التطابق. (فلينتبه القارئ ويرى كم هو التطابق رائع، رغم وجود بعض الاختلافات الطفيفة). ويكمن أهمية هذا التطابق لنا في موضوعنا في إبراز دورية واضحة لحركة الشمس، حتى وإن كانت هذه الحركة الدورية مرتبكة، وذلك في سعي الشمس، بما يؤثر عليها من قوى، في الوصول إلى عزم زاوي صفرى، وهو الأمر الذي يعيدها إلى مستقرها بين الكواكب، والذي يقع بالتمام على مسارها حول المجرة. والذي لو انعدمت تأثيرات الكواكب عليها لكان مستقرها القريب دائماً، ولم يتبقى لها إلا المستقر البعيد.

نتيجة الدراسة
ويلخص الشكل الآتي نتائج هذه الدراسة، من بيان لمواقع مستقرات الشمس البعيدة، والقريبة. وهذه المستقرات القريبة والتي تتكرر كل 170-180 سنة في القرون الأخيرة هي التي نرشحها بأنها المرادة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال: أتدرون أين تذهب الشمس .... الحديث، هذا والله تعالى أعلم.
يتبع==============

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:36 AM
شكل (14)
الخلاصة:
1- تجري الشمس في مسار لها حول المجرة (درب التبانة) وتتناوب بين الصعود والهبوط كالبندول بالنسبة لمستوى قرص المجرة أربع مرات تقريباً في كل دورة كبرى كاملة حول المجرة، تقطعها في 240 مليون سنة، وبما يجعل لها ثماني التقاءات - أو عُقد - بمستوى المجرة. ونسمي هذه المواقع الثمانية للشمس المستقرات الكبرى. ويمر بين كل مستقرين متتاليين فترة زمنية طويلة تصل إلى حوالي 28-30 مليون سنة.

2- وعبر هذا المسار البندولي للشمس تتعرض الشمس لتشويش الكواكب لحركتها، بما يشبه الجنوح عن المسار يمنة ويسرة، وبما يحرفها عن ذلك المسار لمسافات كبيرة في نفس مستوى الكواكب السيارة حولها، وتقدر في أقصاها بحوالي 1.4 مليون كيلومتر. ولكن الشمس لا تلبث أن تعود لتتزن بين الكواكب في ذلك المسار الأول عينه، وقد علمنا مواعيد تلك العودة للمسار المستقر للشمس على مدار 6000 آلاف سنة، وكان الموعد الفائت سنة 1990-1991 ونعلم أن الموعد التالي للتطابق التام مع المستقر هو سنة 2169، غير أنها ستقترب من المستقر كثيراً على فترات أقرب، منها سنة 2030 لحدٍّ ما، وسنة 2130 لحدٍّ كبير (أنظر شكل (13) أعلى).

3- وعلى ذلك نسمي هذه المواضع التي تعود فيها الشمس لتتزن بين الكواكب عبر مسارها في المجرة، وأزمانها المشار إليها، بالمستقرات القريبة للشمس. ولا يمتنع أن يكون للشمس مستقرات قريبة ومستقرات بعيدة. ولتقريب هذا المعنى نُذّكِّر القارئ بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ربط بين مستقر الشمس وسجودها، وأنها مواضع وأزمان مخصوصة تسجد (أي تُسَبِّح) الشمس فيها لخالقها. وكما جعل الله تعالى للمؤمنين على سبيل المثال سجدات يومية (الصلوات الخمس) قريبة من بعضها، وسجدات أسبوعية (الجمع) متباعدة قليلاً، وسجدات سنوية (عيدي الفطر والأضحى) أكثر تباعداً، وسجدات أكثر بعداً (العمرة والحج)، فليس غريباً ولا ينبغي أن يُستنكر أن تتعدد مستقرات الشمس التي تسجد فيها لله تعالى. وربما يكون للشمس مستقرات أعلى من المستويين اللذين تعرفنا عليهما، وذلك مع حركة مجرة درب التبانة بين حشود المجرات، والتي أهملناها في هذه الدراسة.

4- أزلنا بهذا التفسير الارتباط الموهوم بين غروب الشمس اليومي وذهابها المقصود للسجود. وأتينا بقصة رمزية أوضحت الصورة لمن تبصّر بها.

5- لم يعد غريباً بعد هذا التفصيل أن توصف تلك المستقرات التي تمر بها الشمس كل 178 سنة (أي القريبة) وتلك التي تمر بها الشمس كل 28 مليون سنة (البعيدة)بأنها تحت عرش الرحمن! حيث أن أجرام السماء ومجراتها إذا غادرنا الأرض ورحلنا مع الشمس في رحلتها، ليست إلا تحت عرش الرحمن؟! جل شأنه وتعالى فوق في عرشه العظيم. ولا ينبغي أن يخدعنا النهار بأن الشمس على بهرجها الذي نراه لها، إنما ذلكم قول الله تعالى "والنهار إذا جلاها"، فما الشمس في الكون إلا نجم متواضح يسبح كما تسبح المليارات من حبات الرمال في بحر السماء.

6- تبقى لنا أن نتدبر رحلة الشمس الأخيرة - بالنسبة لنا - إلى تلك المستقرات، والتي لن تطلع بعدها على الأرض من مشرقها، بل ستطلع من مغربها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في نهاية حديثه الشريف الذي نحن بصدده. ونجعل لهذا الغرض موعد تالي بإذن الله تعالى.

7- استدراك هام للغاية أضيف لاحقاً (11 مايو 2013):
معنى جديد للسجود في جرم الشمس: رأينا أن الشمس في المستقرات القريبة التي تعرفنا عليها تقع تحت تأثير الكواكب موزعة عليها من جميع الجهات بحيث تتزن الشمس بينهم جميعاً. ونتيجة لجذب الكواكب العملاقة على الخصوص، والتي ينبغي أن تكون على جهات متقابلة، يمتط جرم الشمس المائع-الغازي المتأين في بنيته، وذلك مثلما يمتط مياه المحيطات والبحار على الأرض جهة القمر فيرتفع عن مستواه العادي ونتعرف عليه بإسم المد حيث يغمر الشواطيء، وفي المقابل ينحسر عن الشواطئ التي على جوانب الأرض بعيداً عن القمر، وهو ما نتعرف عليه بإسم الجذر. فكذلك تمتط الشمس في جهات الكواكب العملاقة المتقابلة، فينتج عنه هيئة مميزة للشمس وكأنها قد امتدت وانبطحت فكانت دائرة استوائها في مستوى الكواكب أكبر ما تكون عليه سعةً، وينتقص ذلك من قطرها الرأسي. وهذا الوصف أشبه ما يكون بحالة التطامن والامتطاط الحاصل في سجود الساجدين. ويحضرنا هنا ارتباط وصفي مع امتداد ظلال الأشياء، والتي يمكن أن نُقرنها بقول الله تعالى "وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ"(الرعد:15). ومعلوم أن هذه الهيئة من التمطي للأجسام أو الأشياء، والتي تعبر أيضاً عن أقصى درجات الضعف أو الخضوع أو التبعية أو الاستسلام أو التسليم - أو الإسلام إن شئت - أو جملة من ذلك كله، تسمى سجوداً كما في سجود إخوة يوسف له. !!! .........

ملاحظة: انتبهت لهذا المعنى من مقارنة هيئة الشمس في مستقرها بين الكواكب حين الاتزان، ومحاولة ترجمة كلمة تسجد، فوجدت أنها بالإنجليزية prostrate وهي تعني بالعربية الامتطاط والتمدد مع إنهاك في القوى وذل وانكسار، ومن ثم تصف حالة الساجد. وهي حالة تنطبق على حالة الشمس تتنازعها الكواكب في حالة الاتزان، كلٌّ يجذبها نحوه. هذا والله تعالى أعلم.

----------------------------------------------------------------------------------

الهوامش والمراجع:

--------------------------
[1] مجلة المنار، مجلد 32/ العدد 785 – المقال التاسع.
وأيضاً: "مشكلات الأحاديث النبوية" – عبدالله القصيمي، المجلس العلمي السلفي، شيش محل رود، لاهور، باكستان، ص 110-114. و "ضلالات منكري السنة" - طه حبيشي، ص 433.
http://www.bayanelislam.net/Suspicio...5&value=&type=
[2] تفسير "روح المعاني"، شهاب الدين الألوسي،
[3] المنار، 32/المقال التاسع ص785.
[4] سنهمل الرد على الحمقى والجهلاء الذين يهاجمون الإسلام بسوء طويتهم، أو بسبب من أخطاء التفسير المنتشرة على الإنترنت التي يعمدون إلى تصيدها للطعن في الإسلام، ومن أمثالهم في المسألة التي ندرسها من يتعالم على الشيخ محمد حسان على الرابط التالي
[5] تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ)، دار الكتب العلمية – لبنان.
[6] https://commons.wikimedia.org/wiki/F..._n3_l1_m-1.png
[7] http://nexusilluminati.blogspot.com/...s-and-new.html
[8] http://www.chara.gsu.edu/RECONS/TOP100.posted.htm
http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_nearest_stars
[9] تم اكتشاف نجم مزدوج سنة 2013 حمل اسم WISE 1049-5319 ويبعد عن الشمس مسافة 6.6 سنة ضوئية، وهذا يضعه في الترتيب الثالث في الجدول (1)، ولأنه من نوع النجوم الأقزام البنية Brown Dwarf، فكتلته صغيرة للغاية، ولن يغير من نتائجنا الحسابية في شيء، وذلك لأن الأقوى في التأثير هما نجمي رجل القنطور، والشعرى اليمانية، والمؤشر عليهما بالجدول.
http://en.wikipedia.org/wiki/Brown_dwarf
[9] http://en.wikipedia.org/wiki/Sun#Mot...hin_the_galaxy
[10] باستخدام برنامج Solar Orbit Simulator 2.
ويمكن تنزيله من الرابط http://arnholm.org/astro/sun/sc24/sim2/index.html
[10] http://landscheidt.wordpress.com/6000-year-ephemeris/
[11] http://landscheidt.wordpress.com/200...24-prediction/
انتهى .

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:38 AM
تعليق على كلام الدكتور عدنان إبراهيم حول حد الردة

الدكتور عبدالله بن سعيد الشّهري

هذا تعليق متوسط على كلام الدكتور عدنان إبراهيم حول حد الردة وقد حرصت أن آتي فيه على أبرز القضايا التي أثارها وسيجد القارئ أني حرصت على بساطة اللغة والأسلوب كي يتمكن الجميع من فهم ما كتبته قدر الإمكان، وخشية أن يمل بعض القراء. فإليكم ما خطر ببالي من تعليقات وتعقيبات على جهة الاعتدال والله الموفق.

من أبرز الأدلة التي يتكئ عليها عدنان إبراهيم في إنكار حد الردة قوله تعالى (لا إكراه في الدين). ولا نحتاج إلى تطويل في التعليق على هذه الجزئية لأني من خلال استماعي لمحاضرة الدكتور وجدت أنه غير منكر للسنة فهو يحتج بها في مواضع كثيرة، وأبعد من هذا أنه يحتج بعمل بعض الصحابة وهذا يختصر علينا الكلام جداً لأن السنة وعمل الصحابة هما السياق الأبرز في فهم المراد من آيات القرآن. والمتأمل للسنة يجد عدداً من الأدلة الصحيحة الثابتة على أن قتل الردة كان معروفاً ومعمولاً به أيام النبي صلى الله عليه وسلم وكذا في عهد الصحابة من بعده، الأمر الذي يوجب فهم الآية أعلاه في ضوء ما كان يحصل فعلاً لا في ضوء ما نعتقده نحن. وهكذا يورد الدكتور مجموعة من الآيات يقول أنها تدور في فلك إقرار حرية اختيار المعتقد وعدم الإكراه منها قوله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقوله تعالى (لست عليهم بمسيطر) وقوله تعالى (إن عليك إلا البلاغ) وقوله تعالى (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، وفي كل هذه الآيات لا دليل على نفي قتل الردة ما دمنا سنفهم المراد منها في ضوء تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وسوف نرى ما هي الحرية المأذون للناس بها في هذه الآيات وكيف ينبغي تُفهم في السياقات المختلفة.

بدايةً يحسن بنا أن نتعرف على موقف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المرتد، وما الذي كان يحدث بالفعل على أرض الواقع في عصر النبوة وعهد الصحابة، فإن مجموع السنة الصحيحة وأفعال الصحابة الثابتة هو السياق الأمثل لتوجيه دلالات القرآن والكشف عن معانيها في مثل هذه المسائل المهمة. كما يعلم الكثير، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن علي بن أبي طالب حرّق غلاة المرتدين وأنكر عليه ابن عباس ذلك ووجهه إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم )من بدّل دينه فاقتلوه) فلم يُنكر عليه القتل وإنما أنكر عليه التحريق لأنه كما جاء في الروايات (لا يعذب بالنار إلا رب النار)، مما يدل على أن ابن عباس – وهو ترجمان القرآن وحبر الأمة – لم يكن يرى تعارضاً بين فعل علي وقوله تعالى (لا إكراه في الدين) ومما يدل أيضاً على أن قتل المرتد أمر معروف متفق عليه بينهم، كما سيتبين من خلال مزيد من الأدلة لاحقاً.

كذلك من أصرح الأدلة على شيوع عقوبة قتل المرتد بين الصحابة وأنهم كانوا يطبقونها بقضاء الله ورسوله ما أخرجه البخاري أن معاذاً – أعلم الناس بالحلال والحرام بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم - لما ذهب إلى اليمن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وجد عند أبي موسى رضي الله عنه رجلاً قد ارتد بعد إسلامه وتحول لليهودية فقال معاذ:" لا أجلس حتى أقتله قضاء الله ورسوله". ومن المهم في هذا السياق التفطن لقول معاذ "قضاء الله ورسوله" – وفي رواية في الصحيح أنه كررها ثلاثاً - إذ يستحيل أن يكون هذا كلاماً اختلقه معاذ من تلقاء نفسه. وهكذا لم ينكر أبو موسى على معاذ حكمه، والأهم أنه حصل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُنقل أنه أنكر النبي على معاذ، ومن المعلوم في أصول الفقه أن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع وممنوع، ومعنى "ممتنع" أي أنه لا يمكن أن يصدر ذلك من النبي ومعنى قولي "ممنوع" أنه لا يجوز للنبي أن يؤخر البيان عن وقت الحاجة، مثلما أنه ليس بشاعر ولا كاهن وأنه لا ينبغي له يكون كذلك. ومن المعلوم أيضاً أن ما حدث في حياته ولم ينزل فيه قرآن يمنعه وسكت عليه بأبي هو وأمي فهو تشريع بقضاء الله.

ومن الأدلة أيضاً ما ثبت في الصحيح من قصة عمر رضي الله عنه مع المنافق بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها قولة عمر الشهيرة: "دعني أضرب عنق هذا المنافق"، فلم يُنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم إرادته القتل من حيث هو حكم للمرتد لا تصريحاً ولا تلميحاً وكل ما قاله صلى الله عليه وسلم هو:"دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه"، أو كما قال، فلم يُعلل منعه من قتل المنافق بأنه (لا إكراه في الدين) ولم يعلله بأن الناس أحرار فيما يعتقدون ولا أي شيء من هذا القبيل، وإنما علله بعلّة تقتضيها مصلحة خاصة في التعامل مع المنافقين، لا سيما الذين يظهر منهم ملازمة كثيرة للنبي الأمر الذي يجعل الأمر يلتبس على الناس ويجعلهم ينفرون من دعوة النبي، كيف لا وهو يقتل أقرب الناس إليه وأكثرهم ملازمة له دون سبب واضح أو عذر وجيه فيما يبدو للناس.

والغريب أن الدكتور احتج بهذه القصة على رأيه بعدم ثبوت قتل المرتد ولاشك أنه فهم هذه القصة خطأ لأنه فهم الآيات مجردة عن أي سياق ثم رجع على السنة يريد أن يؤولها في ضوء ما فهمه من الآيات من وجهة نظره. ومنهج التفسير بمجرد اللغة وإن كان اختار جوازه بعض العلماء إلا أن له قيود تعين على الفهم الأمثل للنص، وهي ليست قيود اعتباطية وإنما قيود منهجية لا تفرض رأياً محدداً.

من المهم التنبيه أيضاً على أن عدنان تجاهل قصة معاذ بن جبل رضي الله عنه ولم يوردها على مستمعيه في محاضرته مع أهميتها، ولكن يبدو لي أن قصة معاذ هي نص حاسم في محل النزاع – على فرض أن هناك نزاع وهو غير صحيح لأن إجماع الصحابة والعلماء من بعدهم منعقد على أن المرتد الذي تحققت ردته يُقتل إذا لم يرجع عن ردته – ولذلك ترك قصة معاذ، ويحتمل أنه كان يجهلها وهذا لإحسان الظن به فقط.

وأما قصة الأعرابي الذي قدم المدينة يبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام فهي ثابتة في الصحيح، وقد احتج بها عدنان لرأيه والغريب أنه لم يفهم المراد من القصة وهي أيضاً حجة عليه لا له. ذلك أن الأعرابي المذكور أراد أن يتراجع عن بيعته لما وعك – أي مرض في المدينة - فطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيله ومازال يطلب منه ذلك حتى أقاله، ولكن هل أقاله بمعنى أنه أذن له في الردة عن الإسلام أم ماذا؟ هذا ما أراد عدنان إبراهيم أن يوهم الناس به، أراد أن يوهمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم شخصية "متسامحة جداً" مع الردة و تؤمن بالاختيار الحر أياً كان وبالتالي أذن للإعرابي أن يرتد، والصحيح أن الرسول لم يُقله بيعته على الإسلام من حيث هو اعتقاد ودين وإنما أقاله بيعته على الهجرة والبقاء في المدينة، لأن الهجرة كانت واجبة في أول الإسلام، وكانت من ضمن البيعة على الإسلام بحيث لا تتم ولاية المؤمن إلا بها، كما في قوله تعالى (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا)، قال الإمام ابن التين رحمه الله: "إنما امتنع النبي صلى عليه وسلم من إقالته لأنه لا يعين على معصية، لأن البيعة في أول الأمر كانت على أن لا يخرج من المدينة إلا بإذن فخروجه عصيان، وكانت الهجرة إلى المدينة فرضا قبل فتح مكة على كل من أسلم ومن لم يهاجر لم يكن بينه وبين المؤمنين موالاة".



نستطيع أن نقول إذاً أن قتل المرتد أمر متفق عليه بين الصحابة، بل قبل أن يكون أمراً مجمعاً عليه بين الصحابة هو حكم أقرّه الشارع بدليل حديث معاذ بن جبل وهذا في حكم المرفوع قطعاً، لا مجال للشك في ذلك، إلا أن يكون الحديث مع شخص يُنكر السنة النبوية فهذا له تعامل آخر ووضع مختلف. ومن المعلوم أن إجماع الصحابة بالذات من أعلى أنواع الإجماع وهي بمثابة الدليل القطعي لأن الصحابة لا يمكن أن يسكتوا على خطأ أو يجتمعوا على ضلالة، والإجماع من الصحابة منعقد في هذه المسألة لا ريب فيه ولايوجد من خالف. أما ما أورده عدنان إبراهيم من قصة عمر التي فيها أن قوماً من بكر بن وائل ارتدوا عن الاسلام ولحقوا بالمشركين فقتلهم المسلمون في القتال، فلما علم عمر بذلك قال: لأن أكون كنت اخذتهم سلما احب الي مما طلعت عليه الشمس من صفراء وبيضاء، ثم قال:كنت أعرض عليهم أن يدخلوا في الباب الذي خرجوا منه فان قبلوا قبلت منهم وإلا استودعتهم السجن.

فأقول: هذه القصة ذكرها ابن عبدالبر في الاستذكار وأخرجها بعض أصحاب السنن، والغريب أنه لا دليل فيها على نفي ولا إنكار قتل المرتد، بل فيها دليل على أن قتل المرتد هو الأمر المعروف بين الصحابة بدليل أن أنس بن مالك راوي القصة قال لعمر: وهل كان سبيلهم إلا القتل قوم ارتدوا عن الإسلام؟، أي: لم يكن لنا خيار إلا قتلهم لأنهم ارتدوا عن الإسلام، وفي هذا دليل على أن القتل هو الحكم المعروف في حق المرتد عندهم، وعمر لم يُنكر كلام أنس ولم يتعرض لحكم قتل المرتد بمناقشة من قريب أو بعيد، غاية ما هنالك أنه أراد محاولة تأليف قلوب أولئك القوم لعلهم يرجعون إلى دين الله، ولا شك أن عمر كان سيستتيبهم في السجن لا أنه سيودعهم السجن أبد الدهر ويتركهم على كفرهم، لأن عمر كان يرى قتل المرتد بدليل قوله في القصة التي في الصحيح :"دعني أضرب عنق هذا المنافق". وعلى فرض – وهو فرض خيالي بعيد – أن عمر كان سيبقيهم في السجن بسبب ردتهم، أليس هذا حجة على عدنان لأن هذا التصرّف تقييد لحرياتهم ومحاسبة لهم على اختيار المعتقد الذي أرادوه، والدكتور عدنان قد صرّح في أكثر من موضع أن الردة عن الإسلام اختيار لا ينبغي التعرض له بأي صورة من صور الإكراه والأذى، فماذا نسمي إيداع عمر لهؤلاء السجن لو تم؟ أنسميه نزهة في منتجع أو نقاهة في فندق؟

ولذلك قال الإمام الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله تعليقاً على قول عمر رضي الله عنه (فان قبلوا قبلت منهم وإلا استودعتهم السجن)، قال: "يعني استودعتهم السجن حتى يتوبوا فإن لم يتوبوا قتلوا هذا لا يجوز غيره لقول رسول الله ( من بدل دينه فاضربوا عنقه)". انتهى كلام الحافظ. وبهذا تجتمع الأقوال وتتلاءم الأدلة على أحسن ما يكون، وفوق هذا يتم للصحابة إجماعهم على أن الحكم في المرتد هو قتله إذا لم يرجع عن ردته.

والآن نعود إلى الآيات التي احتج بها عدنان على حرية الاعتقاد وهو يقصد بحرية الاعتقاد هنا حرية الارتداد عن الإسلام، دون مساس بهولاء. طبعاً لم يعد هناك من شك في أن السنة وعمل الصحابة قد دلاّ على أن قتل المرتد هو أمر ليس بخرافة ولا وهم وإنما هو قد وقع فعلاً وثبت عنهم وأنه حدث بأمر النبي تارة (من بدل دينه فاقتلوه) كما في البخاري وغيره، وبإقراره تارة دون أدنى نكير، بدليل قصة معاذ مع المرتد عن الإسلام إلى اليهودية وقصة عمر مع المنافق، وقصة أنس مع عمر، فلا مجال لإنكار هذا فإنه ظاهر وإجماع الصحابة عليه محقق لا مطعن فيه.



احتج عدنان بقوله تعالى (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا)، ووجه الاستدلال من هذه الآية عند عدنان أن هؤلاء قوم استعلنوا بالكفر عدة مرات ولم يذكر القرآن فيهم عقوبة بالقتل. فأقول: مما يثير الاستياء أن عدنان لا يقدّم الحقيقة كاملة لمستمعيه لأنه لا يوجد جهر ولا استعلان بالكفر هنا لأن الآية عن المنافقين ومن المعلوم أن المنافقين لا يُعلنون كفرهم، والدليل أن الآية عن المنافقين هو الآية التي بعدها مباشرة ولكن عدنان أهملها ولم يعرّج عليها بالكلام. قال تعالى بعد الآية السابقة مباشرة (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما * الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا)، فسياق الآيات عن المنافقين الذين من شأنهم أن يبطنوا الكفر ويُظهروا الإيمان وهؤلاء قد عاملهم الرسول صلى الله عليه وسلم معاملة خاصة كما سبق ذكره، ولعل هذه المعاملة الخاصة التي جنبتهم القتل وحفظت عليهم حياتهم في الدنيا هي من أسباب مضاعفة العذاب لهم يوم القيامة، حيث قال تعالى (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار)، إذ جعل الله هذا العذاب الشديد في الآخرة مقابلاً للإبقاء على تمتعهم بردتهم وكفرهم في الحياة الدنيا. وقد أخبرنا الله تعالى أن المنافقين من أخلاقهم المخادعة فلا يستطيع عامة الناس في الجملة الحكم على أعيانهم بالردة في الدنيا، وفي ذلك يقول الله تعالى (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم). إضافة إلى أن الحكم على إنسان بعينه بالردة هو أمر يحتاج إلى يقين لأن من دخل الإسلام بيقين لم يخرج منه بمجرّد الظن والتخمين. إذاً، خلاصة الكلام أن الآية السابقة لا جهر فيها ولا إعلان للكفر والارتداد لأنها جاءت في سياق الإخبار عن حال المنافقين.

ومما احتج به عدنان قوله تعالى (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين)، ووجه استدلاله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم عن هؤلاء أنهم مرتدون ومع ذلك لم يقتلهم وإنما عزلهم، أو كما يقول عدنان بعبارته:"...عزل سياسي، لستم من الجماعة، سنعزلكم، هذا هو عقابكم، هذه هي عقوبتكم، أن تعزلوا". انتهى كلامه.
يتبع==============

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:39 AM
طبعاً، من اليسير معرفة أن سياق الآيات عن المنافقين الذين يُظهرون الصحبة والملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم ويُبطنون الكفر، وقد سبق الكلام عن المعاملة التي أولاها الرسول هذه الطائفة. والدليل أنهم محسوبون على المسلمين في الظاهر ويشاركونهم في ظاهر إسلامهم مذكور في الآية نفسها فإن مفهوم الآية أنهم كانوا يخرجون مع النبي وأصحابه في غزواتهم وأسفارهم ولما كان شأنهم غامضاً بالنسبة لعامة الناس تكفل الله بعقابهم في الآخرة العقاب الذي يلائم حالهم. فلا حجة في هذه الآية على نفي قتل المرتد الذي أعلن ردته وظهر كفره فكيف إذا ضممنا إلى هذا ما سبق من السنة وما ثبت من فعل الصحابة؟

احتج عدنان أيضاً بقوله تعالى (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم). وحجته أن هذه لم يرد فيها حكم بقتلهم رغم ردتهم. فأقول: الكلام في هذه الآية كالكلام في سابقتها، فهي في سياق الإخبار عن المنافقين، والقرينة الدالة على ذلك قوله تعالى (والله يعلم إسرارهم) وهو قول ابن عباس رضي الله عنه وجماعة وهو الصحيح بأدنى تأمل للقرينة والسياق السابق واللاحق، فلا حجة في هذه الآية لمن يُنكر قتل المرتد المعلن لكفره.

أخيراً، حاول عدنان الطعن في إجماع الأمة على قتل المرتد المعلن لكفره، وكان من جملة ما طعن به أن هاجم مسألة الإجماع من أصلها فقال:"هذا الإجماع يدّعى في كل شيء ولا إجماع"، وأقول: هل هذا كلام علمي ؟ من قال: أن الإجماع يدّعى في "كل شيء" ؟ حتى يُقال أنه لا يوجد إجماع؟ من الواضح أن هذا كلام نظري مرسل لا دليل عليه، إلا أن يكون على سبيل المبالغة، فحتى هنا من الصعب التماس العذر له لأن المبالغات محلها كتب الأدب والبلاغة والشعر، لا الكلام العلمي الدقيق. ومما حاول عدنان الطعن به في الإجماع قوله أن إبراهيم النخعي وسفيان الثوري ممن قالوا بعدم قتل المرتد، والصحيح أنهما لم ينفيا قتل المرتد وإنما اختلفا في مدة أو عدد مرات الاستتابة، بل إن الإمام عبدالرزاق قد روى في المصنف عن سفيان الثوري أنه قال: من قُتِل مرتداً قبل أن يرفع إلى السلطان فليس على قاتله شيء، مما يدل على أن الثوري لا ينفي قتل المرتد، وكما قال الشيخ فهد العجلان وفقه الله في بحث مختصر له:"... وعلى التسليم بأن النخعي والثوري ينكران حدَّ الرِّدة؛ فإنهما يطالِبان بالاستتابة الدائمة، وليس بالحرية الدينية للمرتد؛ وبناءً على ذلك فالإشكال الذي يلاحق حدَّ الرِّدة سيأتي هنا، فإذا كان القتل مرفوضاً في الحرية الدينية المعاصرة، فالملاحقة والاستتابة والسجن مرفوضة كذلك". انتهى.

وأزيد على ما سبق أنه حتى لو تخيلنا مخالفة هذين الإمامين فإنه لا يعارض إجماع الصحابة، فهما محجوجان بفعل الصحابة وإجماعهم على قتل المرتد من غير خلاف، وأصول الاستدلال كما هو معلوم تقتضي تقديم الإجماع السابق على رأيهم، لا سيما وهو إجماع الصحابة، وهو حجة قاطعة لأن إجماع الصحابة الثابت أقوى أنواع الإجماعات.

أخيراً احتج عدنان بأدلة يريد أن يخبرنا بواسطتها أن قتل المرتد لا يجوز إلا في حالة واحدة وهي إذا كان المرتد قد جمع إلى ردته الخروج على المسلمين ومحاربتهم، واستدل بحديث ابن مسعود في الصحيح (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، ووجه الاستدلال عنده كامن في قوله (التارك لدينه المفارق للجماعة) إذ يرى عدنان أن قوله (المفارق للجماعة) وصفاً مؤسساً ولا يره وصفاً كاشفاً، ومعنى الوصف الكاشف هو أنه مجرد تفسير وبيان للمراد من قوله (التارك لدينه) وعليه فعند من يراه كاشفاً من ترك الدين فقد فارق الجماعة تلقائياً، وهذا هو الصحيح ولكن عدنان يأبى هذا ويرى أنه لا يجوز قتل المرتد إلا في حالة اجتماع هذين الوصفين بصفتهما مستقلين ألا وهما (ترك الدين ومفارقة الجماعة) ولكن ماذا تعني مفارقة الجماعة عند عدنان؟ مفارقة الجماعة، كما يقول هو، تعني الخروج عليهم بالقتل والمحاربة ، وعليه فشرط قتل المرتد عند عدنان شرط مركّب: أن ينضم إلى ردته مفارقة الجماعة بمحاربتهم والبغي عليهم.

فأقول: لا عبرة بهذا الشرط لأنه قد تقدم معنا حكم معاذ بقتل المرتد مع أنه لم يخرج على المسلمين لا بسلاح ولا كلمة ومن أراد أن يثبت خلاف هذا فعليه الدليل، وكذلك حرّق علي بن أبي طالب المرتدين بالغلو فيه مع أنهم كانوا في غاية الوداعة والمسكنة واللطف بسبب غلوهم فيه، ولذلك قال الحافظ ابن عبدالبر عند قصة علي هذه:"... وفقه هذ الحديث، أن من ارتد عن دينه حل دمه، وضربت عنقه، والأمة مجتمعة على ذلك، وإنما اختلفوا في استتابته". وكذلك قول عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق، مع أنه لم يخرج هذا المرتد على المسلمين بحرابة أو قتل أو بغي، غاية ما يمكن أن يقال في هذه المسألة أن المرتد إذا جمع إلى ردته البغي على المسلمين ومحاربتهم فإن عقوبته تكون أفظع وأشنع من مجرد ضرب عنقه بالسيف، وهذا كما حصل في قصة العرنيين الذين جمعوا بين الردة والسعي في الأرض فسادا، وأسوقها إليكم: ففي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه: "أن ناسا من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فصحوا ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في أثرهم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا".



وهنا اختم بتناقض واضح وقع فيه الدكتور عدنان، فقد سبق أن أوردت رأيه في تفسير قوله تعالى (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين) حيث استنبط الدكتور منها أن عقوبة المرتدين أن يعزلوا ويُتركوا، ونص كلامه مرة أخرى من المادة المسموعة:" :"...عزل سياسي، لستم من الجماعة، سنعزلكم، هذا هو عقابكم، هذه هي عقوبتكم، أن تعزلوا". انتهى كلامه. إذاً هو يقول بالحرف الواحد عن هؤلاء:"لستم من الجماعة" ، وعملياً هذا الكلام يعني أنهم جمعوا مع ردتهم "مفارقة الجماعة" مع أنهم لم يحصل منهم خروج على المسلمين بسيف ولا سلاح ولا حرابة، ولكن في نفس الوقت يحتج الدكتور بهذه الآية على أن من هذه حاله لا يجوز قتله .



نقاط ختامية سريعة:

* لو أردنا حقاً أن نحمل قوله تعالى (لا إكراه في الدين) على ظاهره فنمنح الناس حرية الاعتقاد بناء على هذه الآية لكان لنا أن نتساءل: لماذا إذاً يوجب القرآن فرض الجزية على الكفار؟ هل كانت ستفرض عليهم الجزية لو كانوا مسلمين؟ لماذا يأمر القرآن بمجاهدة الكفار وقتالهم وملاحقتهم ومحاصرتهم في عشرات المواضع؟ هل هذه هي الحرية التي تنسجم مع آية (لا إكراه في الدين) والتي تنفي في ظاهرها كل صور الإكراه؟ إذاً لا مناص من القول بأن قوله تعالى (لا إكراه في الدين) ليس على إطلاقه وأنه يُفهم في ضوء أدلة أخرى من القرآن والسنة وفعل الصحابة، فمعنى (لا إكراه في الدين) أي لا يُجبر أحد على الدخول في دين الإسلام، وحتى لو ارتد وحكم عليه بالقتل فإن القتل ليس المراد منه إكراهه على اعتقاد أن الإسلام حق وإنما الهدف منه في حال إصراره على الكفر القضاء على الفتنة ، مثله مثل حد السرقة ليس الهدف منه إكراه القاتل على اعتقاد حرمة السرقة وإنما القضاء على العضو الذي ألحق الضرر بالمجتمع وسد باب السرقة بأن يكون عبرة لغيره. ومن المعلوم أن الفتنة في الدين أكبر من الفتنة الحاصلة بالقتل والتخريب إذ قال الله تعالى (والفتنة أكبر من القتل)، وقال في موضع آخر (قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله) أي حتى لا يعم الافتتان بسبب الكفر فإن الناس عرضة للفتنة في معتقداتهم بسبب الكفر والكفرة، وهل يتصور وجود كفر بلا كفار ؟ ثم إنه يُناقض مقصد الشارع أن يُفتح الباب للناس بأن يرتدوا والله تعالى يقول (ويكون الدين كله لله) فأمر المسلمين أن يقاتلوا الكفار حتى يكون الدين المهيمن كله لله، فكيف يستقيم هذا مع تكثير سواد الكفار بترك أبواب الردة مشرعة إلى يوم القيامة؟ هذا عبث تنزه عن آيات القرآن.



* في آخر المادة المسموعة: يقول الدكتور عدنان إبراهيم أنه يفتح هذا الملف – ملف قتل المرتد – وهو محرج. ولكن محرج مِن مَن ؟ ليس الحرج من الله ولا رسوله وإنما هو مُحرج من الغرب، لا سيما وهو مقيم هناك منذ زمن بعيد، الذي اندمج معه وتلاقحت مشاعره وأفكاره مع أفراده وثقافته، فأصبح يُشفق على الحضارة التي أنتجت ستيفن هوكنج، وروجر بنروز، وبراين جرين، وجون بارو، وفرانك تبلر، وستيفن وينبرج، وغيرهم في الحاضر والقديم...يشفق على حضارة كهذه من أن يمسّها سيف الردّة لو دخلت في الإسلام يوماً من الأيام. أنا معجب جداً بهذا الحس الراقي وقد شعرتُ به في يوم من الأيام عندما كنت في الغرب، ولكن شرع الله لا يُعاد تشكيله بالمشاعر الشخصية والتجارب الخاصة للإنسان (اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه) ولو كره الكافرون.



*مما يؤسف له أن الدكتور سخي جداً في إطلاق عبارات من مثل "هذا كلامٌ فارغ" و "كلام فارغ لا وزن له" عندما يتعرض لمناقشة آراء أئمة وعلماء من سلف هذه الأئمة لهم الفضل عليه في الكثير من العلم الذي يغترف منه اليوم، ناهيك أيها القاريء أن هذا الأسلوب لا يحمل في داخله قيمة علمية ولكنه مفيد في التأثير على عقلية العوام.



* من المؤسف ايضاً أن الدكتور يطلق الكلام على عواهنه، ويرسل الكلام بطريقة انفعالية، فهو يقول مثلاً:"رحم الله سادتنا الأحناف غمزوا ومازالوا بالزندقة والكفر لأن لهم عقلاً يفهمون بها شرع الله". فليأذن لي القاريء أن أحلل كلامه - بحكم تخصصي – في ضوء علم اللغة النفسي. أولاً: يقع الدكتور في مشكلة التعميم generalization فيقول "سادتنا الأحناف، أيقصدهم كلهم ؟ يقع الدكتور في مشكلة "الحذف" أو deletion فهو يقول:"غمزوا !" والسؤال: من هؤلاء الغمازون بالتحديد وكيف؟، وهو يقع في مسشكلة التحريف distortion فهو يقول:"لأن لهم عقولاً يفهمون بها شرع الله"، وهذا هو الربط الفاسد بين السبب والمسبب، وهذا الكلام يعني ما يلي: سبب كون السادة الأحناف محل اتهام بالزندقة – وهو كلام فضفاض في ضوء الاعتبارات السابقة – هو أنهم يتمتعون بعقول يفهمون بها شرع الله" !.



* هذه هي المرة الأولى التي اقتطعت فيها وقتاً لأسمع مادة سمعية كاملة للدكتور عدنان إبراهيم، وقد شكلت رأياً مبدئياً عنه أسرده على شكل عبارات قصيرة: الرجل واسع الإطلاع ولكن لديه أخطاء جسيمة، الرجل عنده غيرة واضحة على الإسلام ولكن ليت هذا يكفي كمعيار للصواب، الرجل لديه لغة جسد فاعلة وكاريزما جاذبة ولكن التأصيل العلمي أقل بكثير من مستوى جاذبيته، أشعر بأني سوف استمتع بالنقاش معه في مباحث العلم الطبيعي وفلسفة العلم والأخلاق لأن لدي اهتمام قديم بها ويعجبني أنه مُلم بكثير من النقاط التي أجيدها، اعتقد أن هذا الرجل مكسب للإسلام في الغرب لو اشتغل على تصحيح بعض الأخطاء المنهجية لديه وعالج كثير من الفجوات المعرفية في تناوله لقضايا الدين والوجود. هدانا الله وإياه للحق والخير أينما كان.

صلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
انتهى.

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:41 AM
سلسلة بيان حال خطيب النمسا
الشيخ طارق الحمودي

كسر السهام الطائشة بالذب عن طلحة وعائشة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد:
فقد كان بلغ مسامعي خبر رجل يتحدث في كثير من الصحابة رضي الله عنهم، ويتكلم في أحداث ضيقة المسالك من تاريخ الإسلام، يقيم في النمسا كثر استهزاؤه وسخريته بغيره،يزعم التحقيق والبحث العلمي !!!! فرأيت أن أنظر في كلام الرجل بمنظار العلم والتحقيق راجيا من الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وسأجعل مبدأ ذلك مع قصة تعلق طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بعائشة رضي الله عنها وإرادته الزواج منها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان أن رمى هذا الأستاذ طلحة بسهام اتهام وشبهة طاشت في الهواء، وكان أقربها إلى هدفه ثلاثة جمعتها فكسرتها بإذن الله تعالى .
السهم الطائش الأول:
روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن رجلا قال : لو قبض النبي صلى الله عليه وسلم ، لتزوجت فلانة يعني عائشة : فأنزل الله تعالى : ( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا .
قال معمر : سمعت أن هذا الرجل طلحة بن عبيد الله
قلت : قتادة تابعي لم يحضر نزول الآية ولا القصة، فروايته مرسلة، وليس فيها تسمية الرجل بطلحة، وما فعل ذلك إلا معمر قائلا: (سمعت..!) فلم يذكر واسطته في ذلك، فروايته معضلة ضعيفة.
السهم الطائش الثاني
روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن السدي، رضي الله عنه قال: (بلغنا أن طلحة بن عبيد الله، قال:"أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا من بعدنا؟ لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده، فنزلت هذه الآية"
قلت: هكذا رواها السدي بلاغا وبينه وبين زمن القصة مفاوز، فهي على هذا مرسلة أيضا، فإنه لم يذكر من أخبره بذلك، هذا إن صح ذلك عنه وإلا فليس ثَمَّ ذكر لإسناد ابن أبي حاتم إلى السدي كما في طبعة أسعد محمد الطيب، وهذا موجب للتوقف في روايته، والتوقف موجب حكمي للرد، فلا عبرة بهذه الرواية مطلقا.
السهم الطائش الثالث
روى ابن سعد في الطبقات: أخبرنا محمد بن عمر،حدثني عبد الله بن جعفر عن بن أبي عون عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا قال نزلت في طلحة بن عبيد الله لأنه قال: إذا توفي رسول اللهتزوجت عائشة.
قلت: محمد بن عمر هو الواقدي وهو متروك الحديث، لا يحتج به ولا يعتبر، ورواية أبي بكر بن حزم معضلة فإنه كان في زمن عمر بن عبد العزيز وتوفي عام 120 للهجرة !!! والقصة وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أين له ذلك إن صح عنه !؟ فالرواية ساقطة.
وعبد الله بن جعفر هو المخرمي وابن أبي عون هو عبد الواحد الدوسي
هذا مبلغ الرجل من المعلومات..!! أما التحقيق فلا ...ويظهر لي أن آفات الرجل في هذا كثيرة غفر الله لنا وله !
فهل مثل هذا يوثق فيه بعد هذا؟!
وقد أنكر العلماء هذا الذي نسب إلى طلحة رضي الله عنه فقال ابن عطية في (المحرر الوجيز4/396): (وهذا عندي لا يصح على طلحة،الله عاصمه منه).وقال القرطبي(14/229/دار الكتب المصرية) : (قال شيخنا الإمام أبو العباس: وقد حُكي هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة وحاشاهم عن مثله، وإنما الكذب في نقله، وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الجهال).





جني أطايب الثمر بحقيقة قول ابن المسيب في ابن عمر

بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
فمما أثاره خطيب النمسا أيضا في بعض مجالسه أن سعيد ابن المسيب رحمه الله تعالى لا يشهد لأحد بالجنة ولو كانوا من العشرة المبشرين , وأنه إن كان لابد فاعلا لكانت شهادته في حق ابن عمر....! وأخشى أن يكون قصده معارضة حديث البشرى للجنة للعشرة ..وفيهم الخلفاء الأربعة..نسأل الله العافية من ذلك!!!
فقد زعم الأستاذ أن ابن المسيب إنما قال ما قال لأنه لا يستطيع أن يحكم على معين بذلك, بل في الجملة ,وكل هذا كلام خطأ سأبين وجه الخطأ فيه إن شاء الله.
ومشكلة الأستاذ أنه لم ينتبه إلى روايات هذا الأثر وإلا لكان فهم إن أراد أن يفهم...!!
ففي الأثر نفسه ما يفسد على الأستاذ فهمه... فقد روى الإمام أحمد في فضائل الصحابة(2/895) عن قتادة قال :قال سعيد بن المسيب : لو كنت شاهدا لأحد حي إنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر
فلاحظ أيها المنصف تقييد ابن المسيب لكلامه بقوله (حي) لأنه لا يدري ما يحدث للحي وبم يختم له فلا يشهد له .ولتعلم أنه لا يقصد نفي ذلك عن الأموات ممن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة كالعشرة !
وقد انتبه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لذلك فاستحسن التقييد, فروى الخلال (492) عن حنبل قال: فرأيت أبا عبد الله يستحسنه قال: (لأحد حي).. (لأحد حي) يردد الكلام ويعجبه ذلك!!!
وقال كما عند ابن هانئ في مسائله (2/158/المكتب الإسلامي): (فما قال أبن المسيب أحد حي إلا ويعلمك أن من مات قد شهد له بالجنة) ويقصد بذلك من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
وبهذا تكتمل الصورة, ويظهر الخطأ الفادح القادح الذي وقع فيه الأستاذ الذي يكثر من الحديث عن التحقيق..فرب قيد يلزم من إهماله فساد الفهم ..كما وقع لخطيب النمسا...فليتق الله تعالى, وليدع عنه دعوى التحقيق, وليكن كإخوانه يجتهدون ولا يدعون تحقيقا, فإذا أصابوا فنعما ذلك وإن أخطؤوا عذروا...!!فأين ذكاء خطيب النمسا؟ وأين تحقيقه ؟؟؟؟!!!!





بَلُّ الجِمار بنفي وصف ابن عباس لمعاوية بـ( الحمار)

بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
فمرة أخرى مع صاحبنا النمساوي وهذه المرة مع قصة وصف ابن عباس لمعاوية بـ(الحمار) وحجته في هذا ما رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/289/العلمية)أن أبا غسان مالك بن يحيى الهمداني حدثه قال ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أنا عمران بن حدير عن عكرمة أنه قال كنت مع بن عباس عند معاوية نتحدث حتى ذهب هزيع من الليل فقام معاوية فركع ركعة واحدة فقال بن عباس من أين ترى أخذها الحمار
هذا إسناد فيه ضعف, فعبد الوهاب بن عطاء قال فيه ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (2/ص158): (عبد الوهاب بن عطاء أبو نصر الخفاف العجلي يروي عن خالد الحذاء وابن عون قال أحمد: ضعيف الحديث مضطرب. وقال الرازي: ليس بقوي الحديث, وقال النسائي: ليس بالقوي)
قلت فأبو حاتم يضعفه كما هو معروف من عبارته,وكذلك النسائي فقد قال الذهبي في الموقضة82: ليس بجرح مفسد أي أنه تضعيف خفيف ولذلك أورد ابن الجوزي كلمتهما عنده . وذكره البخاري في الضعفاء وقال: ليس بالقوي عندهم, وذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء.وقال ابن معين : ليس به بأس, أي أنه يوثقه ولذلك قال الحافظ : صدوق ربما أخطأ,جمعا بين الأقوال وهذا منه تليين لحفظه والله أعلم.
وأبو غسان مالك بن يحيى هو السوسي قال فيه ابن حبان : مستقيم الحديث وسماه بدر الدين العيني في مغاني الأخيار في شرح أسامي رجال معاني الآثار (3/10) : (مالك بن يحيى بن مالك بن كثير بن راشد وقال: ذكره ابن يونس في تاريخ الغرباء الذين دخلوا مصر.)
وقد خولف فرواه عبد الرزاق في مصنفه (3/ص21) قال: أخبرني عتبة بن محمد بن الحارث(مقبول إذا توبع) أن عكرمة مولى بن عباس أخبره قال وفد بن عباس على معاوية بالشام فكانا يسمران حتى شطر الليل فأكثر قال فشهد بن عباس مع معاوية العشاء الآخرة ذات ليلة في المقصورة فلما فرغ معاوية ركع ركعة واحدة ثم لم يزد عليها وأنا أنظر إليه قال فجئت بن عباس فقلت له ألا أضحك من معاوية صلى العشاء ثم أوتر بركعة لم يزد عليها قال أصاب.
وعتبة مقبول الحديث إذا توبع وكذلك هو , فقد رواه البخاري عن عثمان بن الأسود ونافع بن عمر كلاهما عن ابن أبي مليكة وابن أبي شيبة ج2/ص88في المصنف عن عطاء
ورواه عبد الرزاق (3/ص24) عن ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال رأيت معاوية صلى العشاء ثم أوتر بعدها بركعة فذكرت ذلك لابن عباس فقال أصاب .
فظاهر جدا أن عبد الوهاب بن عطاء أخطا في روايته لكلمة (حمار) بدليل أنه زميله عثمان بن عمر رواه ولم يذكرها فقال الطحاوي: حدثنا أبو بكرة قال ثنا عثمان بن عمر قال ثنا عمران فذكر : بإسناده مثله إلا أنه لم يقل الحمار .
قلت: وعثمان بن عمر هذا هو ابن فارس العبدي ثقة.
وقد أراد الطحاوي الجمع بين الموافقة والمخالفة من ابن عباس لفعل معاوية فقال:قد يجوز أن يكون قول بن عباس أصاب معاوية على التقية له أي أصاب في شيء آخر لأنه كان في زمنه ولا يجوز عليه عندنا أن يكون ما خالف فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي قد علمه عنه صوابا وقد روى عن بن عباس في الوتر أنه ثلاث .
ورد هذا البيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ص315و316) فقال : (ولا يحل لأحد أن يحمل قول ابن عباس على التقية منه, فابن عباس كان أبعد الناس من أن يخاف معاوية في سكوته عن فعل أخطأ فيه وكان أعلم وأورع من أن يقول لأصحابه في دين الله تعالى ما يعتقد خلافه.... فكيف يظن بابن عباس أن يقول لأصحابه فيما بينهم أصاب معاوية في شيء ينكره بقلبه)
وخلاصة الأمر أن رواية عبد الوهاب خطأ والراجح روايات غيره وهم كثر وبعضها في البخاري .
فلا أدري لماذا يصر الأستاذ النمساوي على غض الطرف عن هذا كله ويقبض على كلمة (حمار) بنشوة المنتصر ..أخاف أن يكون الهوى والعياذ بالله ..فنسأل الله تعالى أن يعصمنا وإياه ذلك.!





إعادة الكرَّة على المستهزئ بأبي هرَّة

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد

فمرة أخرى أزن كلام الأستاذ, وهذه المرة في كلمة قالها في أبي هريرة رضي الله عنه, زعم فيها أن أبا هريرة كان يثقل على النبي صلى الله عليه وسلم, يأتيه مرة بعد مرة ليطلب منه الطعام وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم زجره في لطف بقوله له: (زر غبا تزدد حبا)
ويقصد الأستاذ ما روي عن أبي هريرة أنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة ، فتبعته ، ثم خرج من بيت أم سلمة ، فتبعته ، فالتفت إليَّ ، ثم قال : ( يا أبا هريرة زر غبا تزدد حبا) فهذا أصرح لفظ في الموضوع!!! فإن الحديث مروي من حديث جمع من الصحابة وقد ضعفها جميعا ثلة من العلماء ومنهم ابن حجر في الفتح وقواها بمجموع طرها الأباني رحمه الله ..واللفظ الذي ذكرته هو المطابق لدعواه ..لكن....!!
الحديث رواه ابن عدي في (الكامل في الضعفاء) عن محمد بن الحسين بن علي الطبري عن يوسف بن أحمد بن إبراهيم الصنعاني عن عبد الله بن مطاع عن عبد الملك الذماري عن زهير الخراساني عن إسماعيل بن وردان عن أبي هريرة به !
إسماعيل بن وردان لا يعرف ! وزهير الخراساني هو ابن محمد وأحاديث الشاميين عنه غير مستقيمة كما في تقريب التهذيب .
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/742) : (زهير الخراساني ضعفه يحيى ,وفيه الذماري قال أبو زرعة :هو منكر الحديث)
قلت: وقال أبو حاتم : ليس بقوي كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم, والذماري هذا هو عبد الملك بن محمد أبو هشام.
وأما إسماعيل بن وردان وعبد الله بن مطاع فلا ترجمة لهما !!!
فهل الأستاذ ..محقق كما يزعم...! غفر الله لنا وله!!
يتبع============

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:43 AM
ملامح التوفيق في الذب عن عائشة بنت الصديق

بسم الله الرحمن الرحم
أما بعد
فمن المسائل التي أثارها خطيب النمسا أن عائشة رضي الله عنها كانت أول أمرها مع النبي صلى الله عليه وسلم جاهلة بالله تعالى!!! لا تعرف أن الله يعلم السر وأخفى,محتجا بما روي عن عائشة في دعاء البقيع وفيه : (قالت : مهما يكتم الناس يعلمه الله قال نعم فإن جبريل عليه السلام) على أنها سألته عن ذلك ولو تكن تعرفه فأجابها عليه الصلاة والسلام : نعم..! وقد زاد هو من عنده : يا عائشة !!!واحتج به على أنها كانت جاهلة بالله تعالى.
ولسنا ننكر عليه فهمه, إنما ننكر عليه إثارة هذه المسألة لغير غرض شرعي, فقد ذهب ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أنها سألت واحتج به للعذر بالجهل..ولكنني لم أر صاحبنا احتج به لأمر شرعي في سياق مقبول!!!
والجواب على هذا من أوجه:
أولها أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت ليخفى عليها ذلك وقد قرأت قوله تعالى ولابد في سورة طه (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) وسورة طه مكية !!!!
ثانيا: الرواية التي احتج بها رواية الإمام أحمد(25731/دار الحديث) وفيها تقديم (قال) على (نعم) وفهم من قولها: (مهما يكتم الناس يعلمه الله) أنها سألته عن ذلك, أي أن ثم علامة استفهام (يعلمه الله ؟) والظاهر خلاف هذا, ففي روايتين أخرى عند النسائي رحمه الله في المجتبى عن يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي عن حجاج(2037) وعن سليمان بن داود عن ابن وهب (3963)كلاهما عن ابن جريج به: (مهما يكتم الناس فقد علمه الله عز وجل) قال: نعم. وهو دال على أنها لم تسأل, بل أخبرت بذلك لعلمها به, وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : نعم!
ثالثا : أنه صح الحديث بتقديم (نعم) على (قال), فيكون قول (نعم) من قول عائشة ,وكأنها تقرر وتجيب على سؤال سابق للنبي صلى الله عليه وسلم وهو (أظننت ...) والرواية عند الإمام مسلم في صحيحه (2301)عن عن حجاج بلفظ : (أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله ؟. قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله.. نعم. قال : فإن جبريل...)
قال النووي: قوله ( قالت: مهما يكتم الناس يعلمه الله نعم ) هكذا هو في الأصول, وهو صحيح, وكأنها لما قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله صدقت نفسها فقالت: نعم.
وقال العلامة فركوس الجزائري في الفتوى رقم: 917 في هذا الحديث : (ليس فيه شكّ في علمِ الله تعالى، بل بالعكس فيه تقرير للعلم، ويدلُّ على ذلك تصديق نفسها حيث أكدَّت مقالتها بالإثبات).ثم ذكر قول النووي
وعلى هذا فسواء بطريق الجمع بين الروايات بحمل الألفاظ بعضها على بعض, أو بطريق ترجيح رواية مسلم على رواية أحمد لأنه قد أجمعت الأمة على تلقي كتابه بالقبول فإن عائشة لم تسأل عن ذلك, وكل هذا الاختلاف بسبب الرواية بالمعنى, وإلا فإن الذي قاله عليه الصلاة والسلام شيء واحد والله تعالى أعلم.
وأعود لأقول: ما فائدة إثارة المسألة بغير غرض شرعي واضح !!!؟؟
وأذكر الأستاذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تؤذيني في عائشة ؛ فإنه لم ينزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة إلا في لحاف عائشة). وأخيرا أرجو من الله تعالى أن يشفع في نبيه عليه الصلاة والسلام إذ دافعت عن زوجه رضي الله عنها.





تنبيه الإخوان إلى أن ابن سلول لم يبايع تحت شجرة الرضوان

زعم الأستاذ عدنان إبراهيم أن عبد الله بن سلول المنافق شهد بيعة الرضوان ليبين أن اصحاب الشجرة ليس كلهم ممن رضي الله عنهم كما في قوله تعالى (رضي الله عنهم ورضوا عنه) .
وشهود ابن سلول لبيعة الرضوان لا يثبت، ووجوده أصلا مع المسلمين فيالحديبية يعتمد من يثبته على رواية تالفة الإسناد رواها الواقدي في مغازيه،قال: حدثنا ابن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله عن أبي سلمة الحضرمي قال: (سمعت أبا قتادة يقول: سمعت ابن أبي يقول ـ ونحن بالحديبية ومطرنا بها ـفقال ابن أبي: هذا نوء الخريف مطرنا بالشَّعْرَى. اهـ.


قال الدكتور حافظ بن محمد عبد الله الحكمي في رسالته: مرويات غزوةالحديبية جمع وتخريج ودراسة: هذا الحديث ضعيف جداً، فيه الواقدي، وفيه شيخهسبرة، يقول ابن حجر:رموه بالوضع





تأكيد الإصابة بنفي كون رأس الخوارج من الصحابة

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد فمرة أخرى يثير خطيب النمسا ما لا فائدة فيه إلا القيل والقال وغرضا في نفس الطاعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم... فزعم أن رأس الخوارج صحابي ..! ثم لَعَنه..منبها بذلك على أنه ليس كل الصحابة عدولا..ليوجد لنفسه العذر والمسوغ للوقوع في غيره..من الصحابة !!
تعريف الصحابي
عرف أهل العلم الصحابي بأنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك.ومقتضاه أن من لم يمت على الإيمان به فلا يكون صحابيا .بله أن يكفر به في حياته ..!
ذو الخويصرة التميمي ...هل كان صحابيا؟
صح في الحديث قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال : معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية
هذا ما حصل لذي الخويصرة .فلازم قوله للنبي عليه الصلاة والسلام (اعدل) أنه يتهمه بالظلم, وهذا كفر بين لا شك فيه..فكيف يبقى له إيمان بعد ذلك!! والحديث رواه البخاري من حديثأبي سعيد قال: بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقسم ذات يوم قسما فقال ذو الخويصرة رجل من بني تميم يا رسول الله اعدل فقال : ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل..!
وذكر ابن الأثير له في الصحابة فيه نظر كما هو مذهب ابن حجر في الإصابة فإنه قال : (وعندي في ذكره في الصحابة وقفة)
وسبب ذلك والله أعلم قوله (اعدل) كما قلته سابقا.
وقد يقول قائل : أليس ذكر ابن حجر له في الإصابة دليلا على صحبته؟ والجواب أن الحافظ يذكر في الإصابة من كان صحابيا ومن زعموا أنه صحابي ليميز الصواب من الخطأ ولذلك سمى كتابه : (الإصابة في تمييز الصحابة) ولذلك تجده أحيانا يتعقب ويتوقف ويعارض.
ذو الخويصرة منافق
صح كما في الحديث قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال : معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية).
فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بالمنافق, بل استنكر قتله دفعا لمفسدة استغلال المخالفين لظاهر صحبته لإشاعة تهمة النبي صلى الله عليه وسلم بقتل أصحابه .
ومثله من قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة خصومة بينه وبين الزبير بن العوام : (أن كان ابن عمتك!)
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (15/107) : (قال العلماء ولو صدر مثل هذا الكلام الذي تكلم به الأنصاري اليوم من إنسان من نسبته e إلى هوى كان كفرا)
حرقوص بن زهير السعدي رأس الخوارج
ذكر الطبري في (تاريخ الأمم والملوك /2/496) أن عتبة بن غزوان كتب إلى عمر يستمده فأمده بحرقوص بن زهير وكانت له صحبة وأمره على القتال على ما غلب عليه ففتح سوق الأهواز
قال ابن حجر في الإصابة(2/49) : (ذكر الهيثم بن عدي أن الخوارج تزعم أن حرقوص بن زهير كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قتل معهم يوم النهروان قال: فسألت عن ذلك فلم أجد أحدا يعرفه)
قلت: الهيثم بن عدي هو الطائي أخباري كذاب كما قال البخاري وأبو داود وغيرهما !!
هل حرقوص هو ذو الخويصرة؟
ذكر بعض العلماء أن ذا الخويصرة هو حرقوص وقيل المقداد وقيل غير ذلك وقد اعتمد على الأول ابن الأثير فجعله في عداد الصحابة ,لكن صح عند البخاري في (باب من ترك قتال الخوارج) تسميته (عبد الله بن ذي الخويصرة).
وأرجو أن يكون هذا كافيا لبيان الحق دون إطالة وإطناب
الخلاصة
وخلاصة هذا أنه لا يصح كون ذي الخويصرة صحابيا ولا حرقوص بن زهير..فلا وجود لصحابي رأسا للخوارج !!!فأين التحقيق العلمي الذي يدعيه الخطيب النمساوي.....
يتبع==================

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:45 AM
إحكام الرتاج بحقيقة سن عائشة عند الزواج
-----------------------
من المعروف عند أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهي بنت ست أو سبع ودخل بها وهي بنت التاسعة
وقد طعن بعض الناس في نبينا وديننا بهذا زاعمين أن هذا اغتصاب لطفلة
ورد بعض المسلمين هذا بتضعيف الحديث الوارد في ذلك والانتصار لكونها تزوجت في سن أكبر من ذلك , وليس الأستاذ عدنان إبراهيم بالبدع في هذا فقد سبقه وغيره العقاد , وأخص عدنان بالرد هنا فإنه أورد على الحديث جملة من الإيرادات - زاعما أنها كالقنبلة – وسأنتقي منها فقط ما يستحق المناقشة وإلا فالباقي أقوال في المواليد والوفيات لا قيمة لها أمام صحة حديث عائشة..خصوصا وأنه قد تضاربت فيها الأقوال لا كما أوهم الأستاذ فمنها:
أولا :
إن الحديث ضعيف لا يصح, لأنه تفرد به هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كما في الصحيح, زاعما أن في رواية العراقيين عنه ضعف...ونقل عن الأئمة في ذلك ..وأطال ..وقد أصاب ..فيما يخص هشاما..!
لكنه أخطأ حين زعم أنه لم يرو الحديث إلا هشام عن عروة, فقد رواه الزهري عن عروة عنها.!
بل لم يتفرد به عروة ! فقد رواه عن عائشة الأسود رحمه الله..وغيره ...و هي روايات للحديث في صحيح مسلم..تحت رقم (1422).!!...فيظهر أن الأستاذ إبراهيم عدنان لم يرجع إلى المصادر وإلا لكان رأى هذه الروايات..وهذا من مشاكل الأستاذ عدنان..والغريب أنه دائما يدعي المنهجية العلمية والتحقيق!!!
فالحديث صحيح مائة في المائة...وقد أخطأ الأستاذ عدنان إبراهيم خطأ كبيرا!!وصدق الحافظ ابن حجر حين قال : من تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب! وهذه وحدها قاصمة فاضحة.

ثانيا:

إن عائشة شهدت نزول قوله تعالى من سورة القمر: (سيغلب الجمع ويولون الدبر)وذلك لما في البخاري عن يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين قالت لقد أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بمكة وإني لجارية ألعب {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} فهذا يعني أن الآية نزلت في مكة
ثم ذكر أن الإمام مسلما وغيره رووا عن عكرة عن ابن عباس عن عمر أنه لما نزل قوله تعالى (سيهزم الجمع ويولون الدبر) قال: أي جمع يهزم ؟ .فلما كان يوم بدر وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم عرف من هو الذي انهزم. ثم نبه إلى أن عمر أسلم في السنة السادسة أو السابعة قبل البعثة...
وقد أخطأ الأستاذ هنا خطأ مركبا من أربعة أخطاء..:
أولها: إن قصة عمر مع الآية لم يرد ذكرها في صحيح مسلم
ثانيها:حديث مسلم هذا من رواية سماك الحنفي – لا عكرمة- عن ابن عباس عن عمر
ثالثها:رواية عكرمة في صحيح البخاري لا في صحيح مسلم وهي عن ابن عباس مرسلا ..وليس فيها ذكر عمر ...! إلا أن يقال إن ابن عباس أخذها عن عمر.لكنه ينبغي احترام صورة الرواية حين ذكرها من باب التحقيق العلمي .
رابعا : إن قصة عمر مع الآية ضعيفة وهي عند ابن أبي حاتم – وقد أشار الأستاذ إليها - في التفسير وعبد الرزاق في التفسير عن أيوب عن عكرمة قال: لما نزلت (سيهزم الجمع ويولون الدبر) قال عمر: أي جمع يهزم؟ أي جمع يغلب؟ قال عمر فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) فعرفت تأويلها يومئذ.
وعكرمة لم يلق عمر فروايته منقطعة ضعيفة, وروي أيضا من حديث قتادة وهي منقطعة أيضا كما في المطالب العالية (15/290)
ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة .وفيه عبد العزيز بن عمران المعروف بابن أبي ثابت وهو متروك الحديث.
ورواه أيضا من حديث أنس عن عمر وفيه محمد بن إسماعيل بن علي وهو مجهول العين ساقط روايته
وهذه الروايات لا يقوي بعضها بعضا فالأخيرتان شديدتا الضعف والأوليان مرسلتان ولا يتحقق فيهما اختلاف المخرج على طريقة الإمام الشافعي رحمه الله
ففي جملة واحدة ...يرتكب الأستاذ أربعة أخطاء قاتلة...!
ثم استنتج الأستاذ أن هذا يعني أن الآية نزلت في السنة السابعة أو السابعة قبل البعثة, وبما أن عائشة حضرت نزولها وكانت جارية بنت ست أو قريب من ذلك قبل البعثة لا قبل الهجرة...!! فإنها تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم وعمرها أكثر من ست سنوات
وهذا في منتهى التدليس ...أو الغباء...فإنه على فرض صحة القصة, وقد تبين لك ضعفها, لا يلزم من كون عمر أسلم في السنة السادسة أو قريب منها قبل الهجرة أن تكون الآية نزلت أيضا في تلك السنة..فلم لا تكون نزلت في السنة الأولى قبل الهجرة..ليس هناك أي مانع على الإطلاق..بل هو المتعين, جمعا بينه وبين قول عائشة أنها عقد عليها وهي بنت ست أو سبع.فصاحبة ست سنوات أو سبع جارية !!! فجهاز التلازم المنطقي عند الأستاذ فاسد.
فانظر كيف يعارض الأستاذ عدنان حديثا صحيحا بفهم غريب جدا جدا..بناء على قصة ضعيفة ..ويرد المحكم بالمتشابه ...فيظهر أن الأستاذ إما مدلس يحسن التلاعب بالمغالطات المنطقية وإما أنه لم ينتبه ..وهذا أرجح عندي .من باب الاعتذار له!!!
ويخلص الأستاذ إلى أن كل العلماء إلى اليوم أخطؤوا ..فجعلوا عوض كلمة (بعثة) (هجرة) ...فقط..!
ما شاء الله..لا قوة إلا بالله...أخطؤوا كلهم..واكتشف ذلك عدنان إبراهيم...؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا تجتمع أمتي على خطأ)..وعدنان يقول: اجتمعوا كلهم على الخطأ في هذا!! فأيهما تصدق أخي الحبيب..أختي الفاضلة؟
قاصمة
أريد هنا أن أورد بعض الأدلة الموافقة لحديث عائشة رضي الله عنها في بيان سنها مع استحضار أن الجارية عند الأستاذ عدنان هي بنت 12 أو 13 أو قريب من هذا ....كما قال ...!
منها: ما رواه البخاري ومسلم عنها أنها قالت : (والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ورسول الله صلى الله عليه و سلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين أذنيه وعينيه ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو )
ومثل هذا ما رواه البخاري في الأدب المفرد عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يسرب إيى صواحبي يلعبن باللعب البنات الصغار .
وفي صحيح البخاري في قصة الإفك قالت عائشة: فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج فاحتملوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش.
ومثلها قول بريرة في نفس القصة لما سئلت عنها : (والذي بعثك بالحق ،إن رأيت عليها قط أمرا أغمصه عليها ،أكثر من كونها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها ،فتأتي الداجن فتأكله).
وهذا كان بعد الهجرة قطعا..أما قصة الإفك فكانت في السنة الخامسة من الهجرة.وأما لعب الحبشة فكان بعد السنة الخامسة وقيل الثالثة .
فجريا على تعريف الأستاذ للجارية يكون سنها عند الهجرة ....سبع سنوات أو قريبا منه!!!! وقد قال القسطلاني : لم تبلغ حينئذٍ خمس عشرة سنة
فخلاف ما قاله الأستاذ فالجارية أيضا تطلق على من كان سنها أقل من خمسة عشر ..فصاحبة السبع أيضا جارية.وطبق هذا على كل مرة تجد فيها كلمة جارية في هذا البحث.
وأما حضور عائشة في بدر وأحد فليس فيه شيء على الإطلاق... فقد حضر أنس أحدا وعمره عشر سنوات... والجارية العربية لا يجوز قياسها على جارية من زماننا ..لا يستوين مثلا.! فلا يجوز التشغيب بهذا !
وقد ركزت على ما يبدو أن يكون دليلا ..أما المتهافت فلا عبرة به.
فأين أنت أخي الكريم وأختي الكريمة من عدنان الآن ؟ حسبي بهذا ..فلا يحتمل الموضوع تطويلا للبيب الفطن.
يتبع===================

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:46 AM
الإذاعة لمعنى حديث (لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة)

بسم الله الرحمن الرحيم
مما يحتج به الأستاذ عدنان إبراهيم على أن في الصحيحين..أحاديث مكذوبة..ما رواه الإمام مسلم في صحيحه (2953 ) عن أنس أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تقوم الساعة وعنده غلام من الأنصار يقال له محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يعش هذا الغلام فعسى أن لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة

فزعم أن هذا باطل لأن ذاك الغلام مات قطعا ومع ذلك لم تقم الساعة !!!
معنى كلمة (الساعة)
فات الأستاذ أن في الحديث الذي قبله ..برقم واحد (2952) عند مسلم عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة متى الساعة فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال إن يعش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم
- قال الحافظ في فتح الباري (10/ص557): (قال عياض وتبعه القرطبي: هذه رواية واضحة تفسر كل ما ورد من الألفاظ المشكلة في غيرها)
وقال ابن حزم رحمه الله في الفصل في الملل (2/ص24): (رواه الثقاة أيضا عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه ثابت عن أنس وقال أنه عليه السلام قال إن هذا لا يستوفي عمره حتى تقوم ساعتكم يعني وفاة أولئك المخاطبين له وهذا هو الحق الذي لا شك فيه)
ومن الطريف أن هشام بن عروة راوي الحديث فسرها كذلك فعند البخاري ( 6146) بإسناده عن هشام عن أبيه عن عائشة بعد أن أورد نفس الحديث بلفظ (ساعتكم) قال: قال هشام): يعني موتهم. وهذا بنفس الإسناد أيضا..وراجح فتح الباري.





لماذا أخطأ عدنان؟
لو كان انتبه لهذا لقال: لعل النبي صلى الله عليه وسلم يقصد بقوله(الساعة) في حديث أنس (ساعتكم) في حديث عائشة..ولو انتبه إلى أن حديث أنس حادثة عين وأن حديث عائشة حكاية عن طريقة مستمرة للنبي صلى الله عليه وسلم مع الوفود من الأعراب في تلك المسألة فإنها قالت: (كان الأعراب ...)
لكن الأستاذ لم ينتبه أو أنه انتبه وأراد التدليس وإن كنت أستبعد الثانية تحسينا للظن به.
ولعل الأستاذ لا يعرف أن القيامة قيامتان..والقيامة هي الساعة نفسها بدليل أنه يقول: (قامت..الساعة) فالقيامة الأولى والصغرى هي الموت والقيامة الكبرى قيامة البعث..والمقصود بالساعة والقيامة هنا قيامة أولئك وساعتهم أي موتهم ..ومعنى الحديث أن أولئك سيموتون كلهم قبل أن يدرك الهرم ذلك الصبي وهذا معقول جدا.
القيامة قيامتان
قد يقول قائل: من أين لك هذا التقسيم؟
والجواب أخي الفاضل وأختي الفاضلة أن هذا التقسيم كان معروفا في زمن السلف رحمهم الله فقد روى الطبري في التفسير (29/ص174)عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة أنه قال: (يقولون القيامة القيامة.. وإنما قيامة أحدهم موته)
وروى الطبري في تهذيب الآثار مسند علي (2/ص548) والتفسير(29/174) من طرق عن سفيان عن أبي قيس قال رأيت علقمة في جنازة فلم يزل قائما حتى دفن فقال أما هذا فقد قامت قيامته
وقد روى البغوي حديث عائشة (قامت عليكم ساعتكم) تحت باب : (باب قرب الساعة وإن من مات فقد قامت قيامته) وإلى هذا نبه ابن تيمية رحمه الله في كتابه (الاستقامة 1/67/ت محمد رشاد سالم)
فنصيحتي لمن يثق في عدنان إبراهيم أن لا يندفع مطلقا في تصديق كل ما يقوله ..أو تصحيح كل ما يذكره ..وليحتط لنفسه ..وليتأنى بالبحث والمراجعة ..فإن الأمر دين ..فانظروا عمن تأخذون دينكم!
يتبع==================

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:48 AM
عدنان إبراهيم..والدجال!(1)

أين هو الدجال؟

بسم الله الرحمن الرحيم


مما حاول به الأستاذ عدنان إبطال قصة الدجال زعمه وقوع اضطراب من النبي صلى الله عليه وسلم وفق الحديث في تعيين مكان خروج الدجال..وقصده ما رواه مسلم (2835) مرفوعا: (ألا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو, من قبل المشرق ما هو, من قبل المشرق ما هو... وأومأ بيده إلى المشرق) وصار يسخر من ذلك ويقرا الحديث هكذا: (ما هو من قبل المشرق) على أن النبي صلى الله عليه وسلم ينفي أن يكون من المشرق مقدما (ما هو) على (من المشرق) وهذا خطأ ..والصحيح أن (من المشرق) سابقة بـ (ما هو) فليست (ما) نافية كما ظن..ويكفي لبيان ذلك نظرة سريعة في متن الحديث لتجد أن آخر كلمة منه كانت (ما هو). وهذا دليل على أن جهل عدنان من الدرجة الأولى ..وهي حالة مزمنة تصيب بعض المغرورين ..فاللهم أذهب الباس !!

قال القاضي عياض في إكمال المعلم : (ليس (ما) هنا للنفي لأنه إنما يريد إثبات كونه من جهة المشرق ، و(ما) هنا زائدة لصلة الكلام). أي (من قبل المشرق هو).وكذلك قال أبو العباس القرطبي في المفهم . وقال أبو عبد القرطبي في التذكرة (2629/مكتبة الصفا): (شك أو ظن منه عليه الصلاة والسلام,أو قصد الإبهام على السامع,ثم نفى ذلك وأضرب عنه بالتحقيق فقال: لا بل من قبل المشرق,ثم أكد ذلك بـ(ما) الزائدة , وبالتكرار اللفظي, فـ(ما) زائدة لا نافية فاعلم ذلك)

وأما في خصوص تردده الذي زعم الأستاذ أنه دال على أن النبي صلى الله عليه وسلم كاهن وأن هذا لا يجوز في حقه عليه الصلاة والسلام وبالتالي فالحديث مكذوب, فإن الرد عليه سهل جدا..فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف مكانه ولم يذكر له تميم الداري الشامي في أي البحور كان سفره وبما أن جزيرة العرب محاطة بثلاثة أبحر ..بحر الشام وبحر اليمن وهو البحر الأحمر وبحر خليج العرب أو فارس فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الاحتمالات الثلاثة ورجح الأخيرة بالوحي.ومما جعله يضع الخليج العربي في الاحتمال كون تميم خرج مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام... ولخم في أقصى شمال خليج العرب ...ففي الحديث: (...ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخمٍ وجذام فلعب بهم الموج شهراً في البحر)فلعلهم بعد أن لعب بهم البحر شهرا دخلوا خليج العرب..ورست بهم السفينة على شواطئ فارس ..أو في بعض جزر الخليج وهذا هو الظاهر لأنهم لم يتعرفوا على المكان .....وكونه من المشرق موافق لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يخرج من المشرق في أحاديث أخرى, منها ما رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الشيخ الألباني عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدجال يخرج من أرض بالمشرق..يقال لها خراسان) وخراسان وسط فارس. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يخرج الدجال من يهودية أصفهان)..

وتخمين النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لاضطراب في الوحي عنده بل لأنه اعتمد على القرائن الواردة في قصة تميم ..فتميم كما قلت شامي والركب معه كانوا من لخم وجذام..واللخميون بعضهم في المشرق والجذاميون وبعض اللخميين في اليمن... والوحي يشير إلى المشرق..ومما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معتمد حين تردده على الوحي ..بل على القرائن..أنه قال في رواية جابر لحديث الجساسة عند أبي يعلى في مسنده (2164): (إني لم أقم فيكم لخبر جاءني من السماء) ورجاله ثقات إلا الوليد بن عبد الله بن جميع فإن فيه كلاما من جهة حفظه لكنه لا ينزل عن مستوى حسن الحديث ولذلك يحسن له العلامة الألباني رحمه الله تعالى ..بل حسن حديثه هذا في (قصة الدجال) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (رواه أبو يعلى بإسنادين رجال أحدهما رجال (الصحيح))

فلم ينتبه عدنان لهذه القرائن التي ينتبه لها عادة والأذكياء..!

وقفة مع الشيخ رشيد رضا

لم يكن عدنان إبراهيم بدعا من الناس في إنكار قصة الدجال وإن كان أول من رأيته يسخر ويستهزئ بمثبته بهذه الطريقة .. وقد حاول الشيخ رشيد رضا أن يورد على حديث الجساسة ما يشكك في صحته وخرافية قصة الدجال

ومن ذلك احتجاجه بأن العلماء اليوم قد مسحوا شواطئ البحار مسحا فلم يقفوا على جزيرة فيها شيء مما ذكر في حديث الجساسة , وقد وافقه عدنان في شيء من هذا, وقد تورطا معا في موقف حرج جدا..فإنه على هذه القاعدة .. لا يوجد سد ليأجوج ومأجوج كما ذكره ..القرآن الكريم...مع أن الأقمار الصناعية العسكرية والعلمية قد مسحت سطح الأرض مسحا..فهل هذا دليل على عدم الوجود..والقاعدة تقول عندنا أن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود..فالحمد لله على الإيمان بالغيب..وأخشى ما أخشاه من عدنان أن تجده يوما ما يشكك في القرآن ..أو بعض آياته بمثل هذه القواعد الأرضية...مع أنك تسمعه دائما يتغنى بأن المرجع عنده في رد الأحاديث هو القرآن الكريم.

يتبع===========

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:49 AM
عدنان ..والدجال!(2)
إشارة القرآن الكريم إلى الدجال
بسم الله الرحمن الرحيم

زعم عدنان أن القرآن لم يتكلم عن فتنة الدجال وتكلم عن فتنة المال والأهل والولد مع أنه أعظم فتنة منها جميعا
وقد أخطأ الأستاذ هنا خطأين:أولها أنه لا يلزم الله شيء ..وليس هذا القياس بلازم لله تعالى عن إلزام أحد علوا كبيرا..و عدم التنصيص عليه في القرآن له لابد أنه لحكمة إلاهية بالغة..علمها من علمها وجهلها من جهل!!ثانيا: أن الله تعالى قد أومأ إلى فتنته فقال تعالى : ((هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ ، يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءَايَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ )) وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم . فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض ).


فتح القسطنطينية وخروج الدجال..

بسم الله الرحمن الرحيم


استغرب الأستاذ عدنان ما صح في الأحاديث أن يكون ظهور الدجال مع فتح القسطنطينية محتجا بكون القسطنطينية فتحت زمن الأتراك ..على يد محمد الفاتح ومع ذلك لم يظهر الدجال

وأصرح حديث في الباب ما رواه مسلم (2897) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق, فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ, فإذا تصافوا قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا, ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ,ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا, فيفتتحون قسطنطينية .فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم .فيخرجون وذلك باطل, فإذا جاؤوا الشام خرج. فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة .فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم , فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء, فلو تركه لانذاب حتى يهلك, ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته)
ومثله ما رواه مسلم (2920) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر ,وجانب منها في البحر؟ فقالوا :نعم يا رسول الله. قال: لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحق حتى إذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم فيقولون لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها ثم يقولون الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر ثم يقولون الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلونها فيغنمون فبينما هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ أن الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون)
فإن كان الأستاذ قد وقعت عيناه على هذا الحديث الثاني, فإما أن يكون رأى قوله عليه الصلاة والسلام (فلم يقاتلوا بسلاح) وإلا أن لا يكون فعل..وأحلاهما مر...كطعم العلقم!!
ففتح الترك كان بالمدفعية الثقيلة..وهذا الفتح فتح ثان ..مختلف تماما..فإنه لا يكون بسلاح ..وما المانع من وقوع القسطنطينية مرة أخرى في يد الروم أو غيرهم..؟!
فلا قيمة لاستنكاره..واحتجاجه بوقوع فتح القسطنطينية ساقط البتة...! فالفتح الأول مختلف عن الفتح الأخير!
ولذلك قال أنس رضي الله عنه : (فتح القسطنطينية مع قام الساعة). رواه الترمذي عنه (2239) وصحح إسناده العلامة الألباني في صحيح الترمذي.ومثل هذا لا يكون إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم .

ولا يستطيع عدنان أن يجزم أنه لن يكون هناك فتح للقسطنطينية مرة أخرى, والذي يعني أنها سترجع إلى يد المشركين..فإن الأيام دول..ولا يعلم الغيب إلا الله!



يتبع=================

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 01:52 AM
عدنان ..والدجال!(4)
الكذب على ابن حجر العسقلاني

كتبه طارق الحمودي
بسم الله الرحمن الرحيم

من نتائج اعتماد الأستاذ على حفظه أو التدليس ربما... أنه نسب إلى ابن حجر رحمه الله أنه ينجو من فتنة الدجال سبعة آلاف... وقد أخطأ الأستاذ هنا خطأين..كعادته مع الأخطاء المركبة.
الأول أن ذلك لم يكن من قول ابن حجر بل من قول حسان بن عطية أحد كبار التابعين
الثاني: أن العدد أكبر من ذلك . ونص ما في فتح الباري(14/603/الفكر): : (أخرج أبو نعيم في ترجمة حسان بن عطية أحد ثقات التابعين من الحلية بسند حسن صحيح إليه قال لا ينجو من فتنة الدجال إلا اثنا عشر ألف رجل وسبعة آلاف امرأة وهذا لا يقال من قبل الرأي فيحتمل أن يكون مرفوعا أرسله ويحتمل أن يكون أخذه عن بعض أهل الكتاب) فليس هذا إذن من كلام ابن حجر ولا يظهر أنه اختياره!
والأثر رواه أبو نعيم في الحلية (6/77) عن سليمان بن أحمد عن محمد عن الأوزاعي عن عطية.
فسبعة آلاف ..امرأة فقط...ومعهن اثنا عشر ألف رجل...فماذا بعد هذا إلا تدليس الأستاذ أو تسرعه واعتماده المفرط على حفظه ! ومع ذلك يستهزئ!!!! وإذا لم تستح فاصنع ما شئت!
فالمرجو التثبت دائما مما ينقله عدنان إبراهيم عن الأئمة وقد سبق كذبه على ابن تيمية





عدنان ..والدجال!(5)
حسم النزال بطبيعة عيني الدجال
كتبه طارق الحمودي

ومما حاول به الأستاذ عدنان إبراهيم الطعن في حقيقة شخصية الدجال والطعن في أحاديث الصحيحين زعمه وجود تناقض في الروايات بخصوص طبيعة حال عينيه الواردة في كتب السنة.
فإنه زعم أن رواية مسلم فيها أن عينه اليسرى عوراء معيبة , وفي البخاري أن اليمنى هي العوراء المعيبة !!وأوهم وجود اضطراب في وصف العين بين المسح والنتوء كالعنبة ..!
فقد روى البخاري (3256)مسلم (169)عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال وقال : (..و إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة)
وروى مسلم (2934)عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الدجال أعور العين اليسرى.)
وزعم أن هذا تعارض يشكك في صحة الحديثين معا!!!
وقد أخطأ الأستاذ عدنان خطأ سببه الأساس التسرع والثقة الفاسدة بالنفس وعدم الرجوع إلى ما قاله العقلاء والمحققون....فليس ثم تعارض فكلا العينين معيبة بعيب يختلف عن عيب الأخرى.
فاليمنى طافية كالعنبة كما في حديث ابن عمر . واليسرى عليها جلدة غليظة , ففي رواية أخرى عند مسلم عن حذيفة : (وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظ) .ومما يدل على أن اليسرى هي الممسوحة ما رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وغيرهما عن أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أنذركم الدجال ، أنذركم الدجال ، أنذركم الدجال ، فإنه لم يكن نبي إلا و قد أنذره أمته ، و إنه فيكم أيتها الأمة و إنه جعد آدم ، ممسوح العين اليسرى) .)وصححها الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيح رقم (2934).





عدنان ..والدجال!(6)
تصفيف الأثاث
بكشف الإشكال عن الآيات الثلاث
كتبه طارق الحمودي
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
مما حاول به عدنان إبراهيم الدلالة على وجود الموضوع والمكذوب والمتناقض في حديث الصحيحين زعمه وجود تعارض بين قول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : )ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض) وبين كون الإيمان ينفع عند نزول عيسى عليه السلام وانتشار الإسلام واندثار فاسد الأديان حين ( يهلك الله الملل كلها إلا ملة الإسلام).

وقد أتي عدنان مرة أخرى للأسف من التسرع والاغترار بعقله المتواضع جدا ..!
فحديث مسلم يدل على أن انغلاق باب التوبة والإيمان يكون بعد ظهور تلك الثلاثة ..كلها..لا بعضها.
وقد ورد في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أنه قال : (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مَغْرِبها، فإذا رآها الناس آمن من عليها. فذلك حين { لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ } .
وفي حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد وغيره بلفظ: ({ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا } قال: طلوع الشمس من مغربها .) وهذا دال على أن طلوع الشمس من مغربها مانع مستقل من قبول التوبة والإيمان .فيتعين أنها آخر الثلاثة.
وهو ظاهر اختيار ابن كثير في النهاية في الفتن والملاحم .ولا يعكر صفو هذا ما صح عند مسلم من أن (أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها) فإنه قد ورد أيضا أن الدجال أول الآيات والجمع بينهما أن أولوية الدجال أرضية وأولوية طلوع الشمس من مغربها سماوية..وهذا جمع حسن جدا.
فقد اختاره ابن حجر رحمه الله فقال في الفتح (11/353/دار المعرفة): (الذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض وينتهي ذلك بموت عيسى عليه السلام وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي وينتهي ذلك بقيام الساعة)
غريبة:
هاتفني بعض الإخوان مرة فأخبرني أنه دار بينه وبين بعض الشباب حوار حول الدجال..فقلت له..لعله متأثر برجل اسمه عدنان إبراهيم..فكان ما ظننت..وكلمني ذاك الشاب ..وعرض علي هذه المسألة نفسها وكان مما ألزمني كتابة هذا المقال ولله الحمد.

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:00 AM
حقيقة تكفير ابن تيمية من يصر على الجهر بالنية

كتبه: طارق الحمودي
بسم الله الرحمن الرحيم
من غرائب الأستاذ عدنان الدالة على تسرعه في الأحكام أو كذبه أنه اتهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأنه من المتساهلين في التكفير خلاف ما يعتقده الناس فيه واستدل لذلك بكون ابن تيمية يكفر المصر على الجهر بالنية في الصلاة ونقل عنه أنه قال في مجموع الفتاوي: (يستتاب وإلا قتل) واستدل بذلك على أن ابن تيمية إنما قال ذلك لأنه يكفره!!!
قلت: وهذا ظلم شنيع وكذب صارخ على ابن تيمية ..فكتبه موجودة مطبوعة..ولا عذر للأستاذ في هذا ..ولا يقال أخطأ ..لأن مثل هذه الأمور تحتاج إلى تبين قبل البث فيها
والصحيح أن ابن تيمية لم يقل هذا أبدا ..إنما قال في مجموع الفتاوى (22/232): (ينبغي له أن يؤدب تأديبا يمنعه عن ذلك التعبد بالبدع وإيذاء الناس برفع صوته ؛ لأنه قد جاء الحديث : { أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهرن بعضكم على بعض بالقراءة } فكيف حال من يشوش على الناس بكلامه بغير قراءة ؟ بل يقول : نويت أصلي فريضة كذا وكذا في وقت كذا وكذا من الأفعال التي لم يشرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم .)
وقال أيضا في الفتاوى (22/233):
(الحمد للّه، الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة، ليس من البدع الحسنة، وهذا متفق عليه بين المسلمين، لم يقل أحد منهم : إن الجهر بالنية مستحب، ولا هو بدعة حسنة، فمن قال ذلك، فقد خالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأئمة الأربعة، وغيرهم . وقائل هذا يستتاب، فإن تاب، وإلا عوقب بما يستحقه)
وقال في مختصرالفتاوى المصرية (ص10): (فإن أصر على الجهر بالنية عزر )
فلاحظ قوله : (عزر) وقوله : (عوقب بما يستحقه) ..ولم يقل يقتل..ففاعل ذلك لا يستحق القتل..وإنما استحق العقوبة والتعزير والتأديب لأنه كما قال ابن تيمية يؤذي الناس زيادة على تعبده بالبدع...ويظهر أن ابن تيمية يتحدث عن من يفعل ذلك في مساجد الجماعة ويظهر تلك البدعة.
وبهذا تعرف أن الأستاذ عدنان هدانا الله وإياه كذب على ابن تيمية رحمه الله تعالى وهذا خلاف المنهجية العلمية والأمانة الأدبية والله المستعان..فهل لا تزال مطمئنا إلى خطابات الأستاذ أخي الفاضل وأختي الفاضلة..أتعقد أنه آن الأوان لمراجعة موقفك منه .
ومن أخطاء الأستاذ هدانا الله وإياه إن لم يكن ذلك تدليسا أنه زعم بناء على ما مر وأنه كان متساهلا في التكفير أنه تراجع عن ذلك في آخر حياته!!! لما نضج!!! ناقلا عن الذهبي أنه سمع ابن تيمية أشهد على أني لا أكفر أحدا منأهل القبلة ..والأستاذ يشير إلى ما ذكره الذهبي في المجلد الخامس عشر في الصفحة 88...!
وقد أخطأ الأستاذ مرة أخرى هنا...خطأين اثنين
أولهما ..أن قول ابن تيمية ذلك في آخر حياته لا يعني أنه لم يعتقدها قبل ذلك..وإلا ....
فقد افتتح الذهبي نقله عن ابن تيمية بنقل مثله عن الإمام أبي الحسن الأشعري ونص كلام الذهبي في السير (15/88):
(رأيت للأشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي، سمعت أبا حازم العبدوي، سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: أشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة، لان الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات.
قلت: وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر أحدا من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم.)
فهل كلام الأشعري يعني أنه كان يكفر قبل ذلك..وأنه ما قالها إلا بعد ما نضج...وتراجع!
ثانيها: ما نقله الأستاذ عن ابن تيمية ليس من كلام ابن تيمية بل هو من كلام الأشعري وأما ما قاله ابن تيمية فهو: (أنا لا أكفر أحدا من الأمة).. هذا فقط من باب بيان الأخطاء المنهجية عند النقل ..وإلا فالكلامان متقاربان إنصافا.
ومن الأدلة على أن كلام ابن تيمية لا يدل على أنه قاله تراجعا عن الغلو في التكفير أن كتبه طافحة ببيان المسلك الشرعي في تكفير من يجب تكفيره بالأدلة والبراهين ببيان شروطه وموانعه مما جعل الأستاذ يجمع ذلك في كتاب سماه (منهج ابن تيمية في مسألة التكفير) فهل كل ما كتبه ابن تيمية من كتبه المشهورة كان تراجعا..!؟
قاصمة:
قد يقول قائل هذا لا يدل على شيء مما قلته..فأقول فهاك ما يقطع النَفَس في صدر كل ظالم ويثلج صدر كل منصف ..وهو كلام قاله ابن تيمية سنة 706 هـ أي قبل موته بـ 22 سنة !!!! في رسالته التي كتبها وهو في سجن الجب في القاهرة والذي استمر فيه نحو العام والنصف!!!وقد ذكرها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية في حوادث عام 705...(الجزء الرابع عشر/344/دار صبح)!!
ونص كلام ابن تيمية المشار إليه في مجموع الفتاوى( 3/229) (3/147/دار الوفاء): (هذا مع أني دائماومن جالسني يعلم ذلك مني : أني من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلىتكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي منخالفها كان كافرا تارة، وفاسقا أخرى، وعاصيا أخرى، وإني أقرر: أن الله قدغفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية،والمسائل العملية، وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهدأحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية).فهل يا عدنان إبراهيم .. 22 سنة قبل وفاته هي أيضا ..من أواخر حياته!!!!
فارجع إلى الكتاب المذكور آنفا مشكورا لتعرف أن التكفير المنضبط بقواعده بعيدا عن الشطط والغلو والإفراط كان منهجا لابن تيمية لا استثناءا!!!
تنبيه:
قد يشاغب البعض بأنه أفتى بالقتل والجواب أنه قال ذبك فيمن زعم أن الجهر بالنية من دين الله وأنها واجبة كما ورد في السؤال ..وليس هذا محل البحث ...وليس هذا محل البحث..لأن الذي ذكره عدنان هم الجهر بها والإصرار على الفعل...ولم يذكر عدنان مسألة القول بأنها من دين الله تعالى وأصر على هذا القول...فالثانية كذب على الله ..ومن أصر على الكذب على الله بعد قيام الحجة خلاف من يفعل ويصر على الفعل جهلا.

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:02 AM
بعد أن رددت اتهام عدنان ابن تيمية بكونه يرى قتل من يجهر بالنية ويصر على ذلك, وبينت أن هذا كذب على ابن تيمية, وجدت بعض أتباعه يورد نصا عن ابن تيمية يؤكد أنه يرى قتله لا تعزيره فقط...

وعجبت من تسرع الأتباع تبعا للمتبوع ...

والذي أريد بيانه أننا نؤاخذ الناس من أفواههم ..فعدنان إبراهيم زعم أن ابن تيمية يرى قتل من (يفعل) ويصر على (الفعل)... والذي عند ابن تيمية في القتل هو فيمن (يقول) ويصر على (القول)...وبينهما اختلاف كبير.
وأنا أبين قصدي من هذا.
إن الذي يستمع إلى عدنان وهو ينقل ذلك عن ابن تيمية سيجده يتحدث عن كون ابن تيمية يرى قتل المخالف في الفروع وهو أمر مستنكر باتفاق ..وليس هنا المشكلة ..المشكلة أن عدنان خلط خلطا فأتى بنقل مشوه ...
واستمع إلى عدنان ....


http://www.4shared.com/mp3/od1QuZsC/___2.html

فالذي نص ابن تيمية على قتله بعد الاستتابة هو من زعم أن الجهر بالنية من دين الله تعالى وشرعه وأنه واجب كما ورد في السؤال الذي ألقي عليه كما في مجموع الفتاوى.

ومثل هذا لا يصنف أنه في الفروع ..فذاك القائل يكذب على الله تعالى ..ومثله مثل من قال الله تعالى فيهم: (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله)
ومثل هذا فيه جرأة على رب العالمين وقائله يستتاب ويبين له, فإن أصر علمنا أنه معاند لله ولدينه, وله قصد سوء وخبيئة فاسدة, فيقتل ذرءا لشره وفتنته على أديان الناس, وقد قال تعالى : (فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه ) وقال (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) وقال : (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) وقال تعالى : (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).
فالإصرار على نسبة ما ليس من دين الله إليه من مسائل الأصول لا الفروع .وليس ابن تيمية بدعا في هذا على الإطلاق وإن حاول إبراهيم على اعوجاج في نقله أن يوهم المستمع خلافه.
فمرة أخرى نقول لأتباع عدنان..فكروا ..قبل أن تكتبوا!
فلا نطلب منكم سوى إعمال عقولكم ..وقصد الإنصاف.!

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:04 AM
رد على مقطع على تطوان بريس
لعدنان إبراهيم عن معاوية...
مرة أخرى.
كتبه طارق الحمودي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله أما بعد

فقد اطلعت في موقع تطوان بريس على مقطع مرئي للأستاذ عدنان إبراهيم ,وقد أغراني المقطع بحوار هادئ معه في ما ذكره في كلمته...فإني رأيت أنه أخطا في كثير من الأمور ...وقد كنت نسيت عدنان ...إلى أن تذكرته مرة أخرى بتنبيه من بعض إخواننا...وما سأكتبه رأيي وقد يخالفني فيه غيري فلا ألزم به أحدا...وهذا ما كتبته:


دندن الأستاذ عدنان إبراهيم طوال المقطع المرئي حول حديث: (ويح عمار تقتلك (تقتله) الفئة الباغية..محتجا به على أن فئة معاوية كانت على خطأ وهذا لن ينازعه فيه منصف عاقل

وكون فئة معاوية باغية لا يعني أن معاوية كان يقصد البغي ولا يستطيع أستاذ عدنان ولا يحق له ولا لغيره أن يجزم بأن ذاك البغي كان مقصودا فدون ذلك إيلاج الجمل في سم الخياط
ألم يقرأ قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9))
ولعله يعلم جيدا أن الحسن بن علي رضي الله عنه كان الخليفة الخامس ..وبه اكتملت الخلافة ..فكانت ثلاثين كاملة...ومع ذلك فهو الذي تنازل لمعاوية عن الخلافة لملكه.
فإما أن الحسن أخطأ بتنازله ذلك ومبايعته له بالسمع والطاعة.... ويكون عام الجماعة ذاك عام اجتماع على الخطأ وإما أنه أصاب في ذلك...وهذا هو المتعين...فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن ابني هذا سيد...وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين)...فهذه شهادة نبوية خاصة بعد الشهادة القرآنية العامة, لكون ما فعله الحسن هو عين الصلاح ومقتضى السيادة ...ولعله يقول إنه فعل ذلك من باب دفع المفسدة الكبرى بالصغرى..فأنبهه إلى أنه سيلزمه في قتال علي لمعاوية ما لا يعجبه..ولا يعجبنا..وإلا فسيتكلف كما يتهم غيره بالتكلف والسماجة في التأويلات.
فكيف رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن سيكون هناك صلح في الخير بين الحسن و معاوية..أكيد أنه من ستر رقيق كما يقول عدنان.
فمن بعد هذا يستطيع أن يقول إنه لم يكن في انفراد معاوية صلاح للأمة!!!؟؟
قال البغوي في شرح السنة : (فيه دليل على أن واحدا من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلكالفتنة من قول أو فعل عن ملة الإسلام ، لأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) جعلهم كلهم مسلمين مع كون إحدى الطائفتين مصيبة ، والأخرى مخطئة. وهكذا سبيل كل متأول فيما يتعاطاه من رأي ومذهب إذا كان له فيما يتأوله شبهة وإن كان مخطئا في ذلك)
وقد استغربت مرارا من اندفاع الأستاذ عدنان في كثير من محاضراته..ومن ذلك مغامرته في ادعاء أن معاوية كان يعرف أن عمارا تقتله الفئة الباغية..وأنا أسأل الأستاذ ...هل هذا منك اعتمادا على الروايات ..أم أنه اجتهاد منك وقراءة لما بين السطور ..فإن كانت الثانية فلا عبرة بها هنا ..إلا أن تستدل بدليل عقلي معتبر باللوازم والأقيسة الصحيحة وإلا فحسبك الكف عن مثل ذلك.
ولعله لو قال إن معاوية قرأ قوله تعالى : (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) فغلب على ظنه أن الحق والسلطان معه...فبها بدأ خطبته لأهل الشام حين قام فيهم يستنفرهم...كما يقول ابن مزاحم الشيعي - والله أعلم بصحة الخبر -...لقارب الحق..!
ويبدو أنه قد ظهر له أن البغي لا يكون من جهة المنصور بل من جهة من خذله عن أخذ الحق في دم عثمان...ولسنا ندافع عن فهمه إنما نحاول أن لا نظلم كما ظلم الأستاذ عدنان...
وسيلاحظ المشاهدون للمقطع أنه كان يقرأ من كتاب للمودودي ..وهو كتاب (الخلافة والملك) وحسبه هذا..فإن كتاب المودودي رحمه الله مبني على أخبار لم يتعن نقدها ..سوى بالنسخ واللصق وعرضها في سياق تاريخي مخل تماما بالحقائق والثوابت التاريخية والشرعية..فإنك تراه يردك إلى تاريخ الطبري وغيره بالجزء والصفحة...ثم يسلمك بعد ذلك لخيالك ...فتصور الوقائع والأحداث بإخراج مشوق بناءا على سيناريو لم يصح عن صاحبه.
إن العارف بمنهج الطبري في تاريخ الملوك والأمم يعرف جيدا أن كثيرا جدا من الأخبار المتعلقة بهذه الفترة من رواية أبي مخنف لوط بن يحى وسيف بن عمر والواقدي وكلهم متروكون ..خصوصا الواقدي في مسائل السنة والمثالب والمناقب..ونظرة سريعة إلى مصادر المودودي كافية لأزالة الران عن حقيقة منهجه.
فإياك أخي والإخراجَ السيء لأمثال عدنان إبراهيم للسيناريو المشكوك في صحته ..وعليك بما ثبت ..فمعاوية لم يكن طالبا للخلافة ..إنما كان يطلب دم عثمان كما طلبت عائشة ومعها طلحة بن عبيد الله والزبير...وقد روى يحيى بن سليمان في كتاب (صفين) أنه قيل لمعاوية : (أنت تنازع عليا في الخلافة أو أنت مثله؟ فقال: لا..وإني أعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر..ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما وأنا ابن عمه ووليه بدمه؟! فأتوا عليا فقولوا له يدفع لنا قتلة عثمان, فأتوا فكلموه, فقال: يدخل في البيعة ويحاكمهم إلي, فامتنع معاوية) ذكره ابن حجر في فتح الباري وجود إسناده..ومثله ما رواه ابن مزاحم الشيعي!! في وقعة صفين..(ص97/تحقيق عبد السلام هارون).فهذا الذي حصل..وهذا سبب كل شيء لمن أراد اختصار الأخبار...وسلوك طريقة الأخيار! وهذا الذي قرره كبار العلماء المحققين المتأخرين من المتكلمين كالجويني والسلفيين كابن تيمية
ولعل عدنان إبراهيم ينتقد هذا بما ذكره في بعض خطبه من أن عمارا هو من شكك في قصد معاوية وفضح سوء الطوية ونقل كلامه هناك...وهو أمر لا يليق بمنصف أن يفعله..خصوصا وأن الأستاذ عدنان له حساسية من الأحاديث الموضوعة..فكيف يحكي هذا الذي حكاه رافعا صوته كهيئة المنتصر...ثم زعم أن عمارا بهذا يكذب دعوى معاوية كون سبب القتال الثأر لعثمان...وتشكيك عمار في قصد معاوية رواه الطبري في تاريخ الأمم والملوك... عن أبي مخنف لوط بن يحيى التالف..متروك الحديث..!.ولفظه: (يبغون دم ابن عفان ويزعمون أنه قتل مظلوما والله ما طلبتهم بدمه ولكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبوها واستمرؤوها)
إي والله ..أخطأ عدنان .....غفر الله لنا وله..أفلا تحقق ..ودقق...قبل أن يتحذلق!
لقد رأيت عدنان يتكئ على قول النبي صلى الله عليه وسلم : (يدعوهم إلى الجنة ويدعوهم إلى النار) في محاولة للدلالة على شيء أظن أنه لا يقدر على البوح به ...وقد أخطأ مرة أخرى ...فلو كان الأمر كما يريد عدنان أن يوهم مشاهديه... ما حكم عليهم علي وعمار بالإسلام...ومعنى دعوته لهم إلى الجنة دعوتهم إلى طاعة علي رضي الله عنه والبيعة له. ودعوتهم له إلى النار دعوتهم له إلى مخالفة علي ..فلم نعلم عن معاوية أنه كان يدعو إلى النار ...بل كان يدعو إلى أسبابها متأولا......لا قاصدا ..فهذا هو الأصل ...لا كما يحاول عدنان أن يقنع الناس...فإن ذلك من الشق على القلوب.
ولم يفتأ عدنان يغمز ملك معاوية بن أبي سفيان ...وهو كغيره لا يعرفون...أن ملكه قد يكون ملك رحمة...إي نعم...ولن يكون كخلافة أبي بكر وعمر ...فقد روى الطبراني في المعجم الكبير - وقال الإمام الحافظ المحدث الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد: (رجاله ثقات) – عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أول هذا الأمر نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم يكون ملكا ورحمة ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر فعليكم بالجهاد وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان ) والحديث صححه الألباني في الصحيحة (رقم : 3270).وفي الباب عن أبي ثعلبة وغيره... فما قول عدنان..لعله سيقول..هذا معارض لما أعرفه...فيكون مكذوبا..على طريقته دائما في محاكمة الصحيح من الأخبار بعقله هو ...لا بالعقل المتفق عليه.فلماذا في نظرك أخي وأختي تنازل الحسن لمعاوية!!؟؟
وقوله : (ملك ورحمة) موافقة لما حصل من الاجتماع على معاوية ...فكان عام الجماعة..وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الجماعة رحمة) ...فلأجل ذلك كان ملك معاوية ملكا.... ورحمة!!!
وقد حاول عدنان مرارا أن يصور معاوية في صورة المعاند لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ..فذكر مثلا حديث..الخلافة ثلاثون عاما ..ثم تكون ملكا...وأن معاوية قال: رضينا بالملك...والمستهجن في هذا أن معاوية قال ما قاله حين سمع حديث أبي بكرة ...فزاد الأستاذ عدنان بعد قوله (ثم يكون ملكا) كلمة (عضوضا) وهي في حديث آخر...ليوهم أن معاوية رضي بالملك...العضوض!!ما شاء الله عليك يا عدنان ما شاء الله عليك!!
فإن كان عدنان لا يهمه التحقيق في أسانيد الأخبار فهلا قبل منا ما رواه ابن أبي شيبة وغيره عن يزيد بن هارون عن الحسن بن الحكم عن زياد بن الحارث أن عمار بن ياسر لما سمع رجلا يكفر أهل الشام قال: (نبينا ونبيهم واحد ، وقبلتنا وقبلتهم واحدة ، ولكنهم قوم مفتونون جاروا عن الحق ، فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا إليه.)..!
وهذا الخبر ...حسن الإسناد...ففيه الحسن بن الحكم قال فيه أبو حاتم: صالح الحديث ووثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين والحاكم. لكن قال فيه ابن حبان : (يخطىء كثيرا ويهم شديدا لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد).ولأجل كلام ابن حبان قال ابن حجر في التقريب: (صدوق يخطئ)...وكثير من هؤلاء يحسن الحافظ حديثهم مراعاة لتضعيف ابن حبان الذي لا يقارن بتوثيق الكبار!!!
وخلاصة الحكم فيه جريا على قواعد الجرح والتعديل أنه حسن الحديث محتمل في مثل هذه الأخبار...بل إن الشيخ الألباني يوثقه كما في السلسلة الصحيحة.
أفلا يسع عدنان إبراهيم ما وسع عمار بن ياسر رضي الله عنه؟!!فإن كلامه لم يخرج عن الإنصاف..والأدب..والقرآن.. قيد أنملة ! ونحن بما قال عمار مؤمنون مكتفون...يسعنا ما وسعه...!
ومن الغرائب أيضا طريقة المودودي في سرده للوقائع..فإنه لما وقف على مشارف حادثة المصالحة بين معاوية والحسن انصرف عن الخوض فيها ...لاستشراف معالمها بالنظر في تفاصيلها واستنباط الأحكام منها بالتدقيق في ملابساتها ومقاصدها ...سالكا طريق الاختصار المخل..المفسد لتسلسل الأحداث ..فقال مرة (ص92): (وصالح الحسن معاوية فخلا الجو لمعاوية تماما) ومرة قال (ص94)وهذه المدة – أي الخلافة - حين تنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية).
وأقول لعدنان إبراهيم...تخطئ خطأ كبيرا حين تزج أنصارك ومحبيك في مغامرات تنتج الظلم والإثم بغير الحق
دع عنك يا عدنان ما وقع بين علي ومعاوية.. فالله يفصل بينهما يوم القيامة... فتلك دماء طهر الله منها ايدينا فلنطهر منها ألسنتنا ...وعليك بطريقة العقلاء من العلماء ..وهي الكف عن ذلك لمن لا يؤتمن أو لا يأمن على نفسه...فإن لم يكفك هذا فحسبك ما رواه الحافظ ابن ديزيل في جزء له في وقعة صفين ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (1/343 ) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : (الحساب علي وعلى معاوية)...تنبيها منه ألا يدخل في هذا أحد ..خصوصا من لا يعرف ضبط الروايات والتفرقة بين الغث والسمين ...ولا يجمع الحطب إلا ليلا... فيوشك أن يضع ثعبانا في حزمته!!!
والخبر حسن الإسناد كما قال الأستاذ أكرم ضياء العمري في عصر الخلافة الراشدة (ص452) وقد ذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة..
فكف بارك الله فيك عن معاوية ومن كان معه وتخلق بخلق فئة علي فإنهم كما قال أبو أمامة الباهلي كانوا : (لا يجهزون على جريح ولا يقتلون موليا ولا يسلبون قتيلا) فاجعل معاوية في أيها شئت...اجعله جريحا لبغيه فلا تجهز عليه بحد لسانك... أو قتيلا للمخالفة فلا تسلبه محاسنه..!
ومن أخطاء الأستاذ عدنان إبراهيم خطأ شائع يكون غالبا نتيجة التعصب والتسرع...فبغض الشيء يعمي ويصم..فقد أشار إلى أن معاوية كان فيه كبر وتكبر ...ويقصد ما ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام (4/ص315) ..- وقد ذكره الأستاذ في موضع آخر كاملا - وأصله عند ابن عساكر في تاريخ دمشق عن مالك قال: (إن معاوية كان يخرج إلى الصلاة ورداؤه يحمل فإذا دخل مصلاه جعل عليه وذلك من الكبر)...!!
ومشكلة الأستاذ أنه قرأها: (الكِبْرِ) ولم ينتبه إلى أنها يمكن أن تقرأ (الكِبَرِ) أي من كبر سنه...والسياق دال على ذلك..والعجيب أنه صور هذا الخبر كعادته في الإخراج السيء كما لو أن معاوية كان يجر رداءه وهم يحملون طرفه المتدلي على الأرض خلفه كما يفعل بالعروس في الغرب...وحينها يقال له..فما معنى قوله: (جعل عليه) هل يجعل ذلك الطرف الخلفي على كتفيه...أم ماذا ...إي والله أخطأت يا عدنان !!
وعلى فرض صحة قراءة عدنان...فبين مالك ومعاوية انقطاع في السند...!!!
وجريا على طريقة عدنان حين يشتهي عدم الانتباه إلى ضعف أسانيد الأخبار فإني أقول له...المعروف عن معاوية تواضعه, ففي البداية والنهاية (11/436) أنه خطب مرة فقال: (أيها الناس ما أنا بخيركم وإن منكم لمن هو خير مني) , بل في كتاب الزهد للإمام أحمد من زوائد ابنه عبد الله (ص172)قال : حدثنا أبو شبل محمد بن هارون حدثنا حسن بن واقع حدثنا ضمرة (بن ربيعة)عن علي بن أبي حملة عن أبيه قال : (رأيت معاوية على المنبر بدمشق يخطب الناس وعليه قميص مرقوع)...وهذا إسناد صالح..والله أعلم!!
لقد أخطأ عدنان العدل والإنصاف والقسط في حمله على معاوية ومن معه بهذه الطريقة المبالغ فيها وكان حسبه قوله تعالى : (فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)..وقد علم أنه وقع الصلح وانتهى الأمر ...فليقسط ..إن الله يحب المقسطين.

ولي مع الأستاذ عدنان إبراهيم وقفات كثيرة من شاء الاطلاع عليها فلينظر في هذا الرابط
http://tetouanhadit.com/showthread.php?t=12758

وأخيرا أقول للأستاذ عدنان إبراهيم وأنصاره كما بدأت أولا أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:06 AM
عدنان إبراهيم...وقصة وصية عمر في معاوية
كتبه طارق الحمودي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أما بعد:

فمرة أخرى يخرج علينا الأستاذ عدنان إبراهيم بغرائب جديدة تؤكد تخبطه هدانا الله وإياه في مسائل لا يعرفها

فإنه زعم أن عمر بن الخطاب أوصى بأن لا يلي معاوية شيئا من أمور الخلافة واحتج بما ذكره ابن الأثير في أسد الغابة عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمر أنه قال : هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد ثم في كذا وكذا وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء. قال ابن الأثير: أخرجه الثلاثة
وأعاد عدنان ذكر هذا: أخرجه الثلاثة ثم أشار إلى أنه اصطلاحه...وأريد فقط التنبيه إلى أن قوله : أخرجه الثلاثة لا يعني به أنهم أخرجوا الخبر الذي ذكره بل قصده أن هذه الترجمة مذكورة عندهم!!!! وأستنكر من عدنان أنه لم يبين ذلك لمتابعيه!!
أما الخبر فرواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ص342) عن حسين بن عمران عن شيخ عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمر قال: ( هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد وفي كذا وكذا وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شيء) وفيه شيخ مبهم لا يعرف من هو وحسين بنعمران مختلف فيه .
ورواه البلاذري في أنساب الأشراف (10/434/دار الفكر) من طريق عن الواقدي عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه: إن هذا الأمر لا يصلح للطلقاء ولا لأبناء الطلقاء. ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما طمع يزيد بن أبي سفيان ومعاوية أن أستعملهما على الشام.) والواقدي متروك الحديث...والمطلب بن عبد الله بن حنطب لم يدرك عمر..وكثير بن زيد الأسلمي قال فيه ابن حجر: صدوق يخطئ !!!
وذكر خبرا عن الأأسود بن يزيد فيه إشارة إلى مقصد معاوية من قتال علي رواه ابن عساكر بإسناده عن أبى داود الطيالسي ثنا أيوب بن جابر عن أبى إسحاق عن الأسود بن يزيد قال قلت لعائشة ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخلافة قال الأسود بن يزيد لعائشة: ألا تعجبين من رجل طليق ينازع أصحاب محمد الخلافة)
وأيوب بن جابر اليمامي ضعيف الحديث,ومثله لا يحتمل التفرد في مثل هذا, وأبو إسحاق السبيعي اختلط بأخرة... !




- ومن المسائل التي أثارها الأستاذ عدنان موقف معاوية من قتلة عثمان...فقد ذكرت الروايات أن معاوية لم يقتلهم ..وقول العلماء أنه اكتشف أن طلبهم سينتج مفاسد أعظم من مصلحة إقامة الحد عليهم ..وهذا دليل آخر على أن معاوية كان على خطئ ...
وأما عدنان فزعم أنه لم يكن ابتداء يطالب بدمه ولأجل ذلك ترك المطالبة بدمهم
واحتج بما ذكره ابن تيمية في مناج السنة (4/ص408) فإنه قال: (ومع هذا فلم يقتل قتلة عثمان الذين كانوا قد بقوا بل روى عنه أنه لما قدم المدينة حاجا فسمع الصوت في دار عثمان يا أمير المؤمنيناه يا أمير المؤمنيناه فقال ما هذا قالوا بنت عثمان تندب عثمان فصرف الناس ثم ذهب إليهم فقال يا ابنة عم إن الناس قد بذلوا لنا الطاعة على كره وبذلنا لهم حلما على غيظ فإن رددنا حلمنا ردوا طاعتهم ولأن تكوني بنت أمير المؤمنين خير من أن تكوني واحدة من عرض الناس فلا أسمعنك بعد اليوم ذكرت عثمان)
وأعجبه كلام ابن تيمية جدا وأظهر فرحه به...وعرضه في سياق بيان قصد معاوية الحقيقي من قتال علي وأنه كان طلبا للخلافة لا طلبا لدم عثمان......فاستدل بترك معاوية قتل قتلة عثمان على أنه لم يقصد ذلك ابتداء ولذلك أمر بنت عثمان أن تكف عن ذكر عثمان...!
لكنه ارتكب خطأ ..أو دلس... لست أدري... فإنه لو كان استمر في حكاية كلام ابن تيمية لوجد التالي في الصفحة (409): (وإن كان معاوية معذورا في كونه لم يقتل قتلة عثمان إما لعجزه عن ذلك أو لما يفضى إليه ذلك من الفتنة وتفريق الكلمة وضعف سلطانه فعلى أولى أن يكون معذورا أكثر من معاوية إذ كانت الفتنة وتفريق الكلمة وضعف سلطانه بقتل القتلة لو سعى في ذلك أشد)
فلم يذكر ابن تيمية احتمال أن يكون سبب تركه المطالبة بدم عثمان عدم قصد المطالبة به أصلا...!
وأما ما ذكره ابن تيمية واتكل عليه عدنان فرواه العقيلي في........الضعفاء الكبير(3/ص421)... قال: حدثنا يحيى بن عثمان حدثنا أبو صالح حدثني الليث حدثني علوان بن صالح عن صالح بن كيسان أن معاوية بن أبي سفيان...!
وعلوان بن داود- وقيل بن صالح - منكر الحديث كما البخاري وغيره ....!ولذلك قال العقيلي عقب روايته للخبر: (ولا يعرف علوان إلا بهذا مع اضطراب الإسناد ولا يتابع عليه)..ومعنى قول العقيلي: لا يتابع عليه..أي أن الرواية ضعيفة جدا جدا!!
فليتق الأستاذ عدنان إبراهيم الله جل وعلا...وليكف عن الناس أساليبه هذه..وليكتف بالرد على الملاحدة وغيرهم..فقد كنا في غنى عن الرد عليه ومناقشته ولكن الله قدر...ولعل في هذا خير بالتأكيد.







بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أما بعد
فمما أثاره الأستاذ عدنان إبراهيم كعادته في تقصد إثارة واستثارة المواضيع المثيرة ...حديث الذباب المشهور المروي في صحيح البخاري من حديث عبيد بن حنين عن أبي هريرة رضي الله عنه
وقد زعم الأستاذ أن عبيد بن حنين تفرد بهذا الحديث عن أبي هريرة, فوصفه بكونه حديثا فردا غريبا جدا, وأنه ليس لعبيد بن حنين إلا هذا الحديث..!وقد أخطأ الأستاذ خطأ مركبا من خطأين,
الخطأ الأول:زعمه أن الحديث فرد...فإن كان يقصد أنه فرد نسبي غريب فمحتمل ..وأما إن كان يقصد الفرد المطلق فقد جانب الصواب, فالحديث ثابت من رواية أبي سعيد الخدري وأنس رضي الله عنه كما في السلسلة الصحيح للشيخ الألباني رحمه الله رقم (38)...ومع هذا فإطلاقه لفظ التفرد موهم ..والمشهور في إطلاقه إرادة الفرد المطلق كما قال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر...وعلى هذا فزعمه أن الحديث أقرب إلى الضعف بسبب التفرد ليس له محل ...فقد علمت أنه من حديث ثلاثة من الصحابة ..والله الموفق
الخطأ الثاني :زعمه أنه ليس لعبيد بن حنين إلا هذا الحديث, وهذه مغامرة علمية بامتياز...ومن تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب...فقد روى له البخاري في الصحيح عن بسر ين سعيد عن أبي سعيد الخدري حديث: (إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده)وعن ابن عباس عن عمر نحو ثلاثة أحاديث أشهرها قوله لعمريا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا )الحديث...وله غيرهما في غيرهما فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وأماالجانب الإعجازي الذي غمزه ونبزه الأستاذ عدنان إبراهيم, فقد تولى بيانه الدكتور صبري الدمرداش أستاذ علوم الطبيعة بالكويت وهذا رابط المقطع المرئي له

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:09 AM
كشف المتواري
من ظلم عدنان إبراهيم لصحيح البخاري
01
ظلم عدنان لهمام ووهب ابني منبه
كتبه طارق الحمودي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله أما بعد فمن الظلم الذي وقع فيه الأستاذ عدنان إبراهيم زعمه أن وهب بن منبه وأخاه همام بن منبه كان يهوديين وأسلما وهي مجازفة غير محمودة ..لكن عدنان ابتلي بها فما نعمل...فهمام وأخوه من رواة الصحيحين. أما وهب بن منبه فقد سُبق عدنان إلى اتهامه بذلك ... وممن وصفه بأنه من مسلمة أهل الكتاب ابن خلدون في (ديوان المبتدأ والخبر/1/412/دار الفكر/المقدمة) وابن النديم في الفهرست (1/24) وأحمد أمين في فجر الإسلام (ص160) ولعل رشيد رضا يعتقد ذلك وإن لم يصرح, فإنه اتهمه بالتآمر مع قومه على الإسلام ... وليس لواحد منهم مستند علمي في ذلك...وقد استغرب المستشرق الفرنسي (HuartMarie.clement-1926م) من هذا فقال كما في(journal asiatique/عدد شتنبر-أكتوبر 1904-المجلد الرابع-المجموعة الثانية-ص331- مقال بعنوان:Wahb Ben Monabbih et la tradition Judei-chretienne au Yemen ): (لقد اعتقد ابن خلدون خطأ أن وهب بن منبه كان يهوديا مع العلم أن والده أسلم, وتعتبره الفهرست واحدا من أهل الكتاب الذين أسلموا,وهذا قد يقال في والده, ومع ذلك فلا يمكن تحديد ديانته بدقة).فالصواب أنه ولد في الإسلام هو وأخوه .. قال ياقوت الحموي في (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب [معجم الأدباء] /ص2802): (صاحب القصص, كان من خيار التابعين ثقة, صدوقا كثير النقل من الكتب القديمة المعروفة بالإسرائيليات...مات وهو على قضاء صنعاء سنة أربع عشرة ومائة وقيل سنة عشر والأول أصح) . وقال ذهبي عصره العلامة المعلمي رحمه الله في الأنوار الكاشفة (ص97/عالم الكتب) ملخصا ما ذكره العلماء فيه : (أما وهب بن منبه فولد في الإسلام سنة 34 هـ وأدرك بعض الصحابة, ولم يعرف أن أحدا منهم سمع منه أو حكى عنه, وإنما يحكي عنه من بعدهم) وقد ذكر أيضا أنه كان قائما على بيت المال في اليمن لعمر بن عبد العزيز, فقد روى ابن الجوزي في سيرة عمر بن عبد العزيز (ص104و105/دار الكتب العلمية) وابن عساكر في تاريخ دمشق (63/380) عن يحيى بن حسان عن نعيم بن ميسرة النحوي عن عيينة بن غصن قال: كان وهب بن منبه على بيت مال اليمن, قال : فكتب إلى عمر بن عبد العزيز إني فقدت من بيت مال المسلمين دينارا فكتب إليه :إني لا أتهم دينك ولا أمانتك ولكن أتهم تضييعك وتفريطك. ومما يشهد ببطلان الزعم بكونه يهوديا أسلم أن والده منبه بن كامل هو من أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصحب معاذ بن جبل ...ووهب ولد في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين!! فهل مع هذا يقال إنه ولد يهوديا أو تهود ثم أسلم....؟؟!!عجيييييييب! وقد وضعت في وهب بن منبه وروايته عن كتب أهل الكتاب أوضاع ورسائل ومقالات منها : *1- مرويات وهب بن منبه في تفسير الطبري دراسة نقدية – إرشاد الحق بن الحاج عبد الله – جامعة العلوم الإسلامية الماليزية * 2- مرويات وهب بن منبه ودوره في الإسرائيليات - علوي بن شهاب الدين * 3- مرويات وهب بن منبه في الكتب الخمسة ومسندي أحمد والدارمي - جمع وتخريج ودراسة - علوي حامد محمد بن شهاب - ماجستير - جامعة آل البيت –الأردن * 4- وهب بن منبه ومروياته في التفسير, جمع ودراسة وتحليل- علي شوقي حسن –ماجيستير-جامعة صدام للعلوم الإسلامية *5- مقال في مجلة كلية الآداب العدد 96للدكتور طه جميل أحمد- جامعة بغداد- كلية الآداب - قسم التاريخ – بعنوان: (وهب بن منبه وأثره في التدوين التاريخي) وكلها فيها ما يؤخذ ويرد لكن لي وقفتان مع ما سميت: الأولى: قال أحمد أمين في فجر الإسلام (ص161): (وقد لاحظ بعض الباحثين أن بعض الثقات كابن قتيبة والنووي لا يروي عنه أبدا) وهذا مجازفة... فنظرة سريعة إلى عيون الأخبار وتأويل مختلف الحديث تفصح عن العكس فقد روى عنه من طريق عبد الرحمن بن عبد المنعم عن أبيه عنه ومن طريق أبي الحَكَم مَرْوان بن عبد الواحد عن موسى بن أبي درهمِ عنه محمد بن عُبَيد قال: حدّثنا خَلَف بن تَميم عن أبي عِصْمة الشاميّ عن ابن أخت وهب بن منبه..ويكفي هذا لبيان أنه ينبغي التثبت في إطلاقات من ليس من أهل الشأن!! الثانية: استنكر الدكتور طه جميل أحمد محاولة الأستاذ علي شوقي إبطال كون أصل وهب يهوديا فقال: (وعلى الرغم من تلكم النصوص فإن الأستاذ علي شوقي يحاول في رسالته إثبات عدم يهودية عائلة وهب بن منبه وكأن اليهودية عار على من كان أو لا يزال يعتنقها أو أنها مرض عضال يخشى على الناس منها ). ويقصد بالنصوص ما ذكرته عن ابن خلدون والنديم في فهرسته...واستنكاره ذلك ليس في محله...فالقوم ومنهم الأستاذ عدنان إبراهيم ...يقصدون وصفه بأنه من مسلمة اليهود أن يصلوا إلى التشكيك في رواياتهم للحديث النبوي كما فعل رشيد رضا...وقد صرح باتهامه بالتلفيق والكذب طائفة منهم الدكتور عبد العزيز الدوري في (بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب ص31/مركز زايد للتراث والتاريخ) والدكتور جواد علي في (مجلة المجمع العلمي العراقي/1/143) كما في (الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير/ص187) . واتهاماتهم مبنية على سوء الظن وعدم التحقيق ..وأحيانا عن سوء نية وقصد...فكثير من المستنكر من رواياته يكون البلاء من رواة الخبر عنه..وربما كان في الإسناد إليه مجاهيل وكذابون... قال العلامة أحمد شاكر : (وبعض أهل عصرنا تكلم فيه عن جهل,ينكرون أنه يروي الغرائب عن الكتب القديمة وما في هذا بأس,إذ لم يكن دينا, ثم أنى لنا أن نوقن بصحة ما روي عنه من ذلك, وأنه هو الذي رواه وحدث به) , نقلا عن (الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير/ ص192) والأقبح الذي صدر من عدنان أنه تجاوز وهب بن منبه إلى أخيه همام ...فإنه زعم أنه يهودي أسلم أيضا...ثم انسل إلى التشكيك في روايته لحديث الصورة..لأنه يرويه عن أبي هريرة وهو في الصحيحين,فقال: (نحننرجح (على صورته) على صورة آدم يعني، يعني آدم لم يترقّ ولم يتطوّر فيالخلقة، وإلا فإنّ الشبهة قائمة, بما أنّ همّام بن منبّه أصله يهودي -أيهاالإخوة- وأسلم، الشبهة قائمة... يعني قد يحتمل أنه أراد على صورة الرحمن؛لأنّ هذا مكتوب في التوراة (نخلق بشراً على صورتنا).!!!!
فإذا سمعه مجالسوه أو مناصره شكوت بعدُ في كل حديث يرويه وما هكذا يا سعد تورد الإبل!!! وبيان الخطأ في هذا أن هماما لم يكن يهوديا فأسلم جزما , بل ولد في الإسلام مثل أخيه وهب...فإنني لم أجد أحدا وصفه بذلك..! ثانيا: لم ينفرد همام برواية لفظ (صورته) عن أبي هريرة, بل تابعه عليه غيره, ولم ينفرد أبو هريرة أيضا باللفظ, بل له شواهد.. ذكر منها عدنان حديث أبي مسعود الأنصاري...! فلماذا التشكيك في نوايا همام بناء على تهمة فاسدة جائرة...فليتق الله عدنان...وليحذر المعجبون به ..فإن لنا موقفا بين يدي الله تعالى..! وحسبي هذا.. فيظهر أنني أطلت كثيرا ..والله أعلا وأعلم.
__________________________________________________ ________________________________________
كشف المتواري
من ظلم عدنان إبراهيم لصحيح البخاري
(02)
وقفة مع انتقاد عدنان إبراهيم لصحيح البخاري

ب_سم الله الرحمن الرحيم من المعلوم عند أئمة الإسلام أن للصحيحين مكانة لم يدانيهما فيها كتاب بشري من حيث أصحية أحاديثه ...وذلك لما يعرف لصاحبيهما من التقدم في هذا العلم وتخصصهما في تمييز المقبول من المردود من الأحاديث ..وقد تميز كتاباهما قتلقي العلماء المتخصصين لهما بالقبول والمواقفة على ما فيهما جملة سوى أحاديث انتقدها بعض المؤهلين من الأئمة الكبار كالدارقطني الذي انتقد في البخاري خاصة نحو 110 أحاديث . وقد تولى الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أحد المحققين في علوم الحديث الدفاع عن البخاري في خصوص روايته لها في صحيحه. وزعم عدنان إبراهيم أن الحافظ تولى الإجابة عن 110 فقط مما انتقد على البخاري وكأنه ثم أحاديث أخرى انتقدت أو تستحق الانتقاد ..وهذا تدليس قبيح فالمائة والعشرة هي مجموع ما انتقد على البخاري لا بعضه ...قال الحافظ في هدي الساري (وعدة ما اجتمع لنا من ذلك مما في كتاب البخاري وإن شاركه مسلم في بعضه مائة وعشرة أحاديث ) وأحمد الله تعالى أنني دارست شيخنا المحدث الأصولي محمد محفوظ البحراوي حفظه الله تعالى الثلاثة والأربعين حديثا الأولى التي انتقدها الدارقطني مع إجابات الحافظ ابن حجر..قديما ...وبان لي حقيقة أمرها ..وظهر لي قصد المنتقد والمجيب من مباحثتها..وقست الباقي عليها...والحمد لله على التوفيق. وأنا أدعو من كان له علم وصبر أن يقرأ ما أجاب به الحافظ عن الأحاديث المائة وعشرة فإنه الأسد!! وزعم عدنان أن كثيرا من أهل العلماء انتقد ما فيهما أو ما في أحدهما سوى الدارقطني وسمى ابن عمار الشهيد...والجياني وذكر أن السبكي انتقد بعض ما في صحيح البخاري في آخر طبقات الشافعية وجملة ذلك في (10/120/الطناحي) ...ومن يراجع إحالته سيجد أن ما انتقده السبكي إنما هي لبعض الأسماء والنسب وذكر لبعض السقط لا غير ..ولم يتعرض السبكي لأي متن أو إسناد بتضعيف أو طعن..!! فأي تدليس هذا يا عدنان. وليس خلافنا مع عدنان إبراهيم في جواز انتقاد ما في الصحيحين...! بل خلافنا معه في عدم الانتباه لقيد مهم في هذا..وهو أن يكون من أهل الشأن والتخصص...في نقد الأسانيد..ونقد المتون...فليس لكل أحد الحق في ذلك..ولو كان أستاذا أو بروفيسورا في الفلسفة!!! . ولقد كنت أشرت إلى أن أهل الحديث أئمة متخصصون في نقد المتون دون النظر في الأسانيد...فهم أعلم الناس به..وأحرصهم على سلامة المتون من النكارة والاستحالة...خلاف ما يصفهم به سلف عدنان...وعدنان...تدليسا وتزويرا ...وقد كنت أشرت إلى كتاب ابن القيم رحمه الله (المنار المنيف) أو (نقد المنقول) وفيه يقول : () وقد جعل الخطيب البغدادي في كتابه الكفاية (2/550/دار الهدى) بابا سماه: (باب في وجوب اطراح المنكر والمستحيل من الأحاديث) وروى تحته أحاديث منها : (إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له اشعاركم وأبشاركم وترون انه منكم قريب فأنا أولاكم به, وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون انه منكم بعيد فانا أبعدكم منه).وقد صحح ابن كثير إسناده تارة وجوده تارة في التفسير, وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (732) . وقد ذهب الشافعية إلى أن كل حديث أوهم باطلا ولم يقبل التأويل فمكذوب عليه لعصمته أو نقص منه من جهة رواية ما يزيل الوهم الحاصل بالنقص منه...فاشترطوا شرطين...الأول أن يوهم الحديث باطلا..ويحتاج ذلك إلى إقامة الدليل وذكر المعارض..والثاني عدم وجود تأويل سائغ يخرجه من دائرة الاستنكار... وهذا بحر يتفاوت الناس فيه عوما وغوصا!!ومن تجاوز الجمع والتأويل إلى الترجيح لا يكون أبدا حجة على من وفق للجمع بالتأويل ولله الحمد...وانظر ما ذكره العلامة المناوي في فيض القدير (1/382) في شرح هذا الحديث. فليكف عنا هؤلاء رمينا بإغفال جانب نقد المتون...!
فتلك شكاة ظاهر عنك عارها.
ومن المخجل جدا أن تجد عدنان يعتذر لنفسه ويجتهد في التنقيب عن المسوغات..كنقله عن أحمد ابن الصديق الغماري - الذي يصفه بالحافظ ...ويطريه أيما إطراء ..- قوله في (المغير ص138): (الشهرة بالعدالة لا تفيد القطع في الواقع, ومنها أحاديث الصحيحين, فإن فيها ما هو مقطوع ببطلانه, فلا تغتر بذلك. ولا تتهيب الحكم عليه بالوضع لما يذكرونه من الإجماع على صحة ما فيهما, فإنها دعوى فارغة,(ركز عليها عدنان)لا تثبت عند البحث والتمحيص,فإن الإجماع على صحة جميع أحاديث الصحيحين غير معقول ولا واقع,ولتقرير ذلك موضع آخر). وقد انصاع عدنان لنصيحة الغماري بعدم التهيب من تضعيف بعض ما في الصحيحين بأريحية وغفلة ..ولم ينتبه إلى أن كلام الغماري لم يكن موجها لأمثاله...فالغماري يخاطب المشتغلين بعلوم الحديث..! ومثله نقله عن الشيخ الألباني في آداب الزفاف. ومع هذا ...فدعوى الغماري وجود الموضوع في صحيح البخاري دعوى متهافتة ...!! و لقد حاول عدنان أن يوهم الناس أنه إن كان العلماء قد انتقدوا جملة لا بأس بها من أحاديث الصحيحين فيجوز له أيضا ولمن يتابع دروسه وخطبه أن ينتقدوا..وهو قياس مع فارق حارق...وهو أن الذين انتقدوا يقال في أحدهم: (الحافظ) وفي بعضهم(الإمام) ..أما عدنان ..فلم أر أحدا وصفه بذلك!!! وما وقع فيه عدنان في هذا الموضع وغيره ...مِنْ نطحٍ للجبل ولمَّا يُقْرِن...يذكرني بما قاله ابن حجر العسقلاني في الفتح معقبا على خطأ وقع من الكرماني رحمه الله حين زعم في موصول للزهري بأنه مرسل : (من تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب)...فكيف لو رأى الحافظ أمثال عدنان الذي يزعم - استقلالا أو تبعا – في بعض المتفق عليه أنه مردود. ومن سذاجة منهج الأستاذ عدنان ..أو تمويهه المزين ..المائل المميل... أنه قعد لطريقته في نقد الأحاديث بمعارضتها للقرآن ..أو العقل وتأسيس مذهب الجرأة على الصحيح ..تحت مسمى الاستشكال...!!.. بما صح عن عائشة رضي الله عنها أنها استشكلت قول النبي صلى الله عليه وسلم (من نوقش الحساب عذب) وعرضا عليه قوله تعالى : (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا) قال الحافظ: (في الحديث ما كان عند عائشة من الحرص على تفهم معاني الحديث ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتضجر من المراجعة في العلم . وفيه جواز المناظرة ، ومقابلة السنة بالكتاب ، وتفاوت الناس في الحساب) قال طارق الحمودي: لاحظ قول الحافظ: (الحرص على تفهم معاني الحديث) لا الحرص على معارضة الحديث ومناقضته ولاحظ أيضا قوله : (ومقابلة السنة بالكتاب) لا معارضة السنة بالكتاب...فالمقابلة أعم من التعارض والتناقض..فالرجل يقابل المرأة..والجمع بينهما..واجب !!!!والمقصود من المقابلة هنا طلب بيان وجه الجمع بينهما ..لأنها تسمع من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة..فلا يمكن أن يكون خطر ببالها حينها ...أن الحديث موضوع مردود!!!!!!!!!!!! ومع هذا تجده يزعم أنه على طريقة عائشة...عجيييييييييب!! والطريف أن البخاري أورده أول مرة في صحيحه في ( باب من سمع شيئا فلم يفهمه فراجع فيه حتى يعرفه)..لا باب من سمع شيئا فاستنكره فرده...ووجه مطابقة الحديث للترجمة أن الحديث ثَمَّ كان فيه: (كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه)...فلاحظ أنها لم تجعل استشكالها موجبا لرد الحديث..بل ردت ذلك إلى سيد العلماء..وكذلك كان ينبغي أن يفعل عدنان ..وإلا سكت ...فلعل غيره حصَّل الجواب ...وذلك فضل الله يوتيه من يشاء..ومن علم حجة على من لا يعلم...فقاتل الله عدم الإنصاف! فينبغي الانتباه إلى أن استشكال النص لا يعني بطلانه كما قال المعلمي في الأنوار (223).وأما مشاغبة الأستاذ عدنان بكون البخاري ليس معصوما فدندنة تعرف من أخزم...فليس ثم أحد يقول ذلك..غاية ما في الأمر أن بعض العلماء زعم اتفاق العلماء على تلقي كتابيهما بالقبول..والقبول أعم من أن يكون بالتصحيح ..فلقد يكون أقل من ذلك فوق الضعيف..وهو المصطلح عليه بالحسن..وقد سلط عدنان جملة من خطبته على رد دعوى الإجماع...وذاك من باب لازم الفائدة..كقولنا : السماء فوقنا...فإن العلماء لم يدعوا الاتفاق على أن كل ما فيهما قد وصل من الصحة إلى منتهاها ..فقد خلف في ذلك ثلة من المتخصصين كما مر..ولذلك قال الحافظ ابن حجر في النزهة: (إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين, وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه مما في الكتابين حيث لا ترجيح). ومن شاء معرفة طبيعة نقد العلماء لبعض ما في الصحيحين فليراجع بنفسه – إن كان مؤهلا - هدي الساري فإنه لخص أنواع ما انتقد في أجناس سبعة . ومن طريف مشاغبات الأستاذ عدنان أنه زعم بطلان الإجماع المدعى بون إخوانه الزيدية والإباضية والإمامية والمعتزلة أسلافه لم يفعلوا ...وهذا من المضحك المبكي..فمتى كان الزيدية والإباضية على معرفة بالصناعة الحديثية...اللهم إلا الهوى والتشهي! وذكر ايضا الجويني والباقلاني والغزالي...وهكذا تكو المشاغبة ..وإلا فلا...ومثله كمثل من يرد على دعوى إجماع الأطباء أن البعوض ناقل للمرض بمخالفة الفلكيين لهم في ذلك...!!! وأما احتجاجه بانتقاد الأئمة المتخصصين فهو حجة عليه لو تأمل...وتدبر...! فإنهم أولا ينتقدون بطريق الصناعة الحديثية...وثانيا : ما لم ينتقدوه....تجاوز القنطرة...! وعدنان ينتقد كثيرا مما أقروا بصحته...بغير طريقتهم! وتعجبني بالمناسبة كلمة رائعة للأستاذ الفيلسوف محمد أسد(ليوبولد فايس اليهودي النمساوي سابقا) في هذا يقول فيها: (إن المسارعة برد كل حديث يشكل علينا فهمه – إن كان صحيحا ثابتا- مجازفة لا يجترئ عليها الراسخون في العلم, إنهم يحسنون الظن بسلف الأمة,فإذا ثبت أنهم تلقوا حديثا بالقبول, ولم ينكره إمام معتبر, فلا بد أنهم لم يروا فيه مطعنا من شذوذ أو علة قادحة) وهذه كلمة رصينة ثمينة ينبغي موافقتها حرصا على السلامة...فإن الأمر دين. ومن عجائب عدنان في خطبته أنه زعم أنه ليس في الصحيحين ما هو أساس في ديننا..بحيث يلزم من ضعفه نقص فيه...فإن كان يقصد (في دينه هو) فلا يهمنا.أما إن كان يقصد الإطلاق فقد أساء وظلم...فهو يعرف أن ما في الصحيحين موجود خارجهما عند المصنفين في السنة من أصحاب الأربعة والمسانيد وغيرها ...! ومنها أحاديث في المعتقد في كتاب الإيمان وبدء الوحي والأنبياء والتوحيد وغيرها من الكتب ...رواها مسلم أيضا وأئمة السنن والمسانيد...وفيها من أبواب الأحكام الفقهية الشيء الكثير مما وافقه على تخريجها الأئمة الحفاظ الأجلة...فتنبه! أما الحديث الوحيد الذي انتقد الدارقطني متنه في صحيح البخاري - وقد وافقه عليه مسلم - حديث من طريق شعبة قال: أخبرنا عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: ( إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين) وقد تصدى الحافظ بيان الصواب فيه في الهدي تحت رقم (15) وأنا ألخص ما أورده وأزيد عليه إن شاء الله تعالى انتقد الدارقطني شذوذ شعبة عن جماعة رووه عن عمرو عن جابر على حكاية قصة ولفظه : (دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: أصليت؟. قال: لا. قال: قم فصل ركعتين) خلاف ما رواه شعبة باللفظ المذكور آنفا والحديث على حكاية القصة عند البخاري ومسلم أيضا!! والرد على الدارقطني أن شعبة توبع على ذكر اللفظ العام ووجه الجمع بين الروايتين سهل جدا..بأن يقال: كلاهما صح عن جابر بن عبد الله وأن عمرا سمع اللفظ العام من جابر ورواه عنه شعبة أما دليل رواية جابر للفظ العام فإن مسلما رحمه الله رواه عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فقال له يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما. وقد توبع شعبة في ذلك عن عمرو عن جابر فرواه الدارقطني نفسه في سننه (2/15) عن سفيان بن عيينة وروح بن القاسم عن عمرو عن جابر بمثل رواية أبي سفيان عن جابر..بلفظ: (ثم أقبل على الناس بوجهه فقال فاصلا بين القصة وبين اللفظ العام فبان أن الحديث واحد..قطعه الرواة..والحمد لله على كل حال...وأن جابرا روى الجزأين... وكذلك عمرو عنه!!! والجميل في هذا أن الإمام مسلما رواه أولا بلفظ: (دخل رجل ..),ثم رواه من طريق شعبة باللفظ العام: (( إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين), ثم رواه بلفظ القصة لكن هذه المرة سمى الرجل سليكا الغطفاني ,ثم رواه بالجمع بين الروايات كلها ...القصة واللفظ العام...مع تسمية الرجل في ترتيب عجيب لطيف فلله دره ما أحسن تريتيبه ...! تكملة: زعم بعض الرافضة الشيعة الإمامية أنه لا يوثق بالبخاري لأنه خطاء في أسماء الرجال...واستدل على ذلك بأن أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين انتقداه في أكثر من سبعمائة موضع من التاريخ الكبير في ما ألفه ابن أبي حاتم الرازي (بيان خطأ محمد بن إسماعيل البخاري في التاريخ الكبير)وهذه محاولة ناجحة لتعريف الناس بتراث البخاري رحمه الله خصوصا كتابه القيم (التاريخ الكبير) ..ومحاولة فاشلة للتشكيك في حذقه وإتقانه وتقدمه في علوم الحديث رواية ودراية. ولن أطيل بالرد على هذا إنما أحيل على مقدمة العلامة المعلمي على كتاب ابن أبي حاتم فهو من حققه , وهي مقدمة عجيبة قوية..ومن أحيل على مليء فليحل..لكنني سأحاول تلخيص جملة ما فيها باختصار شديد: جملة ما تعقبه الرازيان على البخاري: 1- ما الخطأ فيه من الناسخ في النسخة التي اعتمداها فقد راجع البخاري تاريخه مرتين بعد كتابته و نبه أبو حاتم نفسه على هذا في مواضع كثيرة يقول فيها: (هو غلط من الكاتب) ونبه الخطيب البغدادي على هذا فقال في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/8) : (وقد حكي عنه في ذلك الكتاب أشياء هي مدونة في تاريخه على الصواب بخلاف الحكاية عنه) 2- ما هو من قبيل نسبة الراوي إلى جده وهو أمر شائع عند المحدثين 3- ما وجد في نسخ أخرى للتاريخ على الصواب. 4- ما كان فيه الخطأ ممن نقل البخاري عنه ..وفي الموضح للخطيب(1/15/تحقيق المعلمي) أنه قيل للبخاري (أنت تنظر في كتب الناس فإذا مر بك اسم لا تعرفه أخذته, والخطأ فيه من غيرك) 5- ما الصواب فيه مع البخاري وقد أجمل الخطيب غالب هذا - حين ذكر كتاب ابن أبي حاتم - في قوله كما في الموضح (1/8): (ونظرت فيه فوجدت كثيرا منها لا تلزمه)..وعلق العلامة المعلمي على هذا في الهامش بقوله: (وكثير مما أخذتَه أنت لا يلزم البخاري كما سأبينه إن شاء الله تعالى.) بل قال في مقدمته على الكتاب: (على أن كثيرا من القضايا التي ذكر الخطيب أن البخاري وهم فيها إنما جاء الوهم من نسخة الخطيب أو من غفلته عن اصطلاح البخاري أو إشارته) وراجع لزاما قصد الإنصاف المقدمة في فصل عنون له المعلمي بقوله : (مع الخطيب). والكلام في صحيح البخاري خاصة طويل الذيل...يكفيني منه ما ذكرته والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
يتبع================

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:11 AM
كشف المتواري

من تعدي عدنان إبراهيم على صحيح البخاري
03
(حديث لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم)

كتبه طارق الحمودي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أما بعد
فمما انتقده الأستاذ عدنان إبراهيم من أحاديث البخاري حديث: (لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم) وزعم أن هذا مخالف للحقائق العلمية...فاللحم كان يخنز دائما بسبب الميكروبات ...لا بسبب بني إسرائيل...ورد الحديث!
قلت:
كان الأولى في حق الأستاذ أن يجد له تأويلا حسنا عوض أن يسارعه إلى رده ...اغترارا بفهمه هذا...فقد حاول العلماء أن يفسروه. فقال الحافظ العراقي في طرح التثريب في شرح التقريب (ج7/ص63): (يحتمل أن التغير كان قديما قبل وجود بني إسرائيل, سببه ما علمه الله مما يحدث من بني إسرائيل بعد ذلك والله أعلم)
وظهر لي معنى آخر ,وهو أن تكون الألف واللام في اللحم للعهد الذهني, أي أن اللحم المذكور في الحديث هو لحم السلوى التي أنزلها عليهم, فلولا أنه وقع منهم ما يستوجب الغضب لبقي لحمها عندهم لا يخنز آية من آياته كما في قصة عزير: (وانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه)...أي أنه ينبغي النظر إلى الحديث من زاوية أخرى..وهي أن الحديث لا يدل على أن اللحم لم يكن يخنز قبل ..بل فيه الإشارة إلى أنه كان كذلك..وكان الله تعالى سيكرم بني إسرائيل بأن لا يخنز لحمهم وهو لحم السلوى..وهو لحم سماوي ...لكنهم وقعوا في شيء نهوا عنه أو تركوا فعل أمر طلب منهم فعاقبهم الله تعالى بحرمانهم من تلك الكرامة ولعلها قوله تعالى : (وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) ..والله أعلم.
قلت: ظهر لي ذلك عندما قرأت قول ابن القيم رحمه الله في حادي الأرواح( ص31): (ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم] أي لم يتغير ولم ينتن, وقد أبقى سبحانه وتعالى في هذا العالم طعام العزير وشرابه مائة سنة لم يتغير )ولعله ثم توجيه أقوى والله أعلم..ولذلك لا يجوز المغامرة بتضعيف الحديث مع وجوده في البخاري قبل استيفاء الجهد في توجيهه التوجيه المناسب, فلعله يخفى المعنى فيتسرع أحدنا فيرده, ويكون توجيهه وراء ذلك ..فالله المستعان.
وليس قصدي من هذا الإقناع بتوجيه ما, إنما مرادي التأكيد على عدم الانتقال إلى الرد قبل إعطاء العقل حقه في محاولة توجيه الحديث...لأن المبادرة بالرد فيه نوع إساءة ظن بقوانين الرواية ...وليس فيه دليل على احترام العقل كما يحاول عدنان أن يوهمه الناس..فاحترام العقل يعني الثقة بالقوانين التي وضعها العلماء للرواية ..وهي قوانين أنتجها العقل مع الشرع...والثقة بالعقل في القدرة على فهم الحديث المشكل فهما مناسبا وهذا الذي يتبارى فيه العلماء العقلاء...!

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:13 AM
العلاقة النبوية ببني أمية.. رد على صاحب مقال إسلام بلا إسلامويّة

عبدالرحمن دمشقيّة

وقفت على مقال بعنوان (اسلام بلا اسلاموية) يسعى صاحبه لزخرفة مقاله بهذا النوان الغير موفق، والنيل من بني امية وتشبيههم بالأصنام. ولا ادرى هل جهل المنتمي الى عصابة (إنما نحن مصلحون) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص على الدين منه ومع ذلك تزوج من بني أمية (رملة بنت أبي سفيان) وزوج ابنتيه الى عثمان بن عفان الأموي؟!
بل قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان " يا عثمان إن الله مقمصك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه " (صححه الالباني في صحيح الجامع ح1179).
أليس هذا تثبيتا من النبي لحكم بني امية؟ وهل كان فعل النبي الكريم بداية التاريخ الصنمي عند صاحب المقال؟
وتأثر أبو بكر وعمر وعثمان بهذه الصنمية فعينوا معاوية على ولاية الشام وكان جديرا بالأمانة، ونرجو ان لا يطلع علينا محشي العواميد بمقالة ينتقد فيها رسول الله والخفاء الراشدين على هذا الميل الصنمي نحو بني أمية.
ولئن كان الجواب أنهم ولوه على الشام قبل أن يظهر منه ما ظهر. فماذا نقول في ثناء العباس عليه قائلا لمن اعترض على معاوية: "إنه فقيه" (البخاري3765). فهل أخطأ حبر الأمة ومفسرها الذي دعا له رسول الله أن يفقهه الله في الدين ويعلمه التأويل حين شهد لمعاوية بانه فقيه؟
هل يتوافق قول العباس مع قول عدنان وصاحب المقال؟ هل هو وصاحبه عدنان ابراهيم أفضل من العباس؟
الشافعي متأثر بأصنام الاستبداد والطغيان عند شلة المالكي
بل كان الشافعي يحتج على مخالفيه بأفعال معاوية ورواياته كما في كتاب (الأم2/68 و6/170) وانظر (المهذب1/70 و216 و2/70). كما احتج الشافعي بمعاوية في مسألة ترديد قول المؤذن. (الأم1/88).
كما يروي الشافعي عن ابن عباس قوله عن معاوية « يا بني ليس أحد منا اعلم من معاوية» (الأم1/290).
ولما قيل للشافعي « لا نحب لأحد أن يوتر بأقل من ثلاث» رد عليهم بعد رواية هذا الحديث عن معاوية فقال « إني لا أعرف لما تقولون وجها» (الأم1/140).
فهل نتمسك بعدنان ابراهيم وعصابته التي ظهرت في ظل تمكن الرفض والتشيع بشهادة الشافعي الذي كان يترضى عن معاوية ويحتج بفقهه في جميع كتبه.
البخاري والنووي متأثران بالأصنام عند شلة المالكي
بل كان البخاري دائم الترضي عن معاوية. فقد قال في التاريخ الكبير (5/149 و6/6) عن عبيد بن وردان التجيبي «أدرك معاوية رضي الله عنه».
وكذلك كان النووي يقول: «وأما معاوية رضي الله عنه فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه» (شرح صحيح مسلم حديث رقم2381). ولم يكن النووي معاصرا لدولة بني امية حتى يضطر للثناء على معاوية.
وعندي مئات إن لم يكن الآلاف من النصوص التي يثني فيها كبار أهل العلم على معاوية رضي الله عنه.
فهل نترك هؤلاء العلماء الذين تسالمت الأمة على توقيرهم واحترام نتاج علومهم الجمة والاعتراف بفضلهم من اجل ناعق ظهر صوته من النمسا، او من اجل صحفي مسؤول عن عامود في جريدة؟
تفكيك التاريخ وإعادة تركيبه
يزعم صاحب المقال أنه لا بد للأمة أن تتعرف على تاريخها لكي تعيش. ولا بد ان تنقد تاريخها وتعمل له عملية تفكيك ثم إعادة هيكلة. وكأنه يتكلم عن تفكيك سيارة وإعادة تركيبها.
أما كلامه عن فلترة التاريخ ونفضه.
فليتفضل مشكورا وليشمر عن ساعديه ويدخل في الفلترة. ولا يكون عمله مقتصرا على الإرجاف وملء ما هب ودب من الكلام: المهم أن يتم ملء زاوية في صفحة.
فليتفضل ويعرض لنا منهجا مناسبا في الفلترة يشرف عليه هو شخصيا. هل سوف يفلتر التاريخ على منهجية المالكي المتناقض مدعي إنقاذ تاريخ الأمة والذي تارة يقبل الموضوع وتارة يطعن في الصحيح؟!
غير أن جل ما نرى من جهوده العظيمة مقال صغير في عمود من أعمدة جريدة من وقت لآخر. ليته يترك هذا العمود ويدخل في فلترة التاريخ. كما أرجو ان لا يتعدى كلامه ملء عمود من صفحة.
إن أكثر التاريخ كتبه رافضة كذبوا على معاوية وبني أمية، واحتسى سمه مغرورون أمثال عدنان ابراهيم. فأي تاريخ تتحدث عنه. ومع هذا يتناقض عدنان ابراهيم وشيخه حسن المالكي فيتخيرون لأنفسهم من التاريخ ما يؤيد طعنهم في معاوية .
فحسن المالكي مثلا يكرر في كل جلساته ولقاءاته ان عائشة هي التي امرت بقتل عثمان قائلة:"أقتلوا نعثلا فقد كفر". وهذه الرواية من طريق سيف بن عمر الضبي التميمي الذي ينتقده المالكي عادة ويصفه بالكذاب ومع ذلك فهو يتناقض ويروي عنه هذه الأكذوبة. وكذلك يحتج ببعض مرويات لوط بن يحي أبي مخنف صاحب اكثر سيناريوهات الكذب على الصحابة.
هكذا يتلاعب عدنان وشيخه المالكي بالتاريخ باسم وبدعوى إنقاذ التاريخ.
عدنان إبراهيم يصف النبي بأنه نزق
اما عدنان فقد تعدى حدود الكلام عن التاريخ إلى الطعن في مصادر السنة. فهو لا يزال يطعن في صحيح البخاري. ويأتي بنماذج تؤكد عنده على تدخل الرواة اليهود فيه.
بل تعدى كل الحدود حتى وصف النبي بأنه نزق. قالها هذا الضال عندما كان يستهزئ ويتهكم بصحيح مسلم. قبحه الله. يتناول روايات البخاري ومسلم بكل سخرية وتطاول ثم تأتي يا صاحب المقال وتؤيده على تطاوله، لو كان في قلبك ذرة من غيرة على الدين لما أيدته ولكن زين لك الشيطان عملك. فأيدت من يطعن في دين الله وتطعن فيمن يدافعون عن دين الله.
فأنت مذهبك أقرب الى الأتاتركية لا إلى السنية. وسود وجهك يوم تسود الوجوه.
تفضل الرابط يا مؤيد الزنادقة:
http://www.youtube.com/watch?v=o6N7nA10C7Q&feature=youtu.be
منهج متناقض في إنقاذ التاريخ
بل هو طعان في الصحابة أشد الطعن. وهو في ذلك عالة على شيخه المالكي. هذا المتناقض الذي زعم أن أبا بكر ندم على هجومه على بيت فاطمة مع ان الرواية باطلة فيها داود بن علوان البجلي. في حين يشدد على عدم قبول خبر الواحد ويؤكد على وجوب قبول الخبر المتواتر ومع ذلك يروي المكذوب والموضوع لما يتناسب مع طرحه الذي هو تمهيد وإغراء بالتشيع بعدما تلقى التشيع ضربة قاصمة وصار مرفوضا من قبل أهل السنة.
وهذا خرق لإجماع الأمة على تلقي كتابي البخاري ومسلم بالقبول والتسليم. ولا ادري كيف جهل أن السنة من وحي الله تكفل الله بحفظها لأنها من جملة الذكر الذين امرنا الله باتباعه.
ثم كيف تنطلي حيلة الروايات الباطلة في صحيح البخاري ثم يقيد الله لهذه الأمة من يجدد امر دينها من النمسا ويكون هذا المجدد لدين الأمة صنيعة من صنائع الرافضة يتواعد معهم بكل وقاحة ويفخمهم ويدعو الله ان يوفقهم ثم نجد لسانه السليط على السنة ومشايخها حتى طعن في ابن تيمية ووصف منهجه بالكارثة وأثنى على السقاف والكوثري المتميزين بالعداء الشديد لأهل السنة. لا سيما السقاف الذي أثنى على المعتزلة – أكثر الفرق ضلالا – ويصفهم بأنهم أئمة هدى بل ويثني على معممي الشيعة ويقول لهم بالحرف الواحد انا لا أساوي شيئا امام علم جنابكم.
وياتي عدنان ابراهيم ليثني عليه وعلى علومه. ما الذي يجري يا صاحب المقالة.
وأين حماة العقيدة ليقفوا وقفة تأديبية لهذا المتمرد على أصول هذه العقيدة الصافية المتمسكة بنهج السلف الصالح؟
وقد ضبطت عدنان إبراهيم وهو يتواعد مع الرافضة لإلقاء محاضرات عندهم. ويتصل بهم ويتصلون به. ويزعم أمامهم أن كل من يعلن محبة أهل البيت فإنه يتعرض للبلاء والمحن. وكانه قد نشأ في مجتمع الخوارج الحرورية. تبا لهذه الأكذوبة وقبح الله هذا التجمل والتزين والتمالؤ مع الرافضة.
كان على صاحب المقالة ان يذكر روايات مسندة بأسانيد صحيحة يصدق ما يدعيه. لكن كلامه جاء عاما مجملا يحمل الطعن على عقيدة أهل السنة ويتهمهم بالتقليديين الانغلاقيين.
واما السكوت عما جرى بين الصحابة فليس ضغوطا وديكتاتورية بقدر ما هو أمر رباني وردت فيه آيات قرآنية (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان).
واما زعمه أن السكوت عن الاستبداد والظلم قديما – يريد به معاوية - يعتبر إقرارا بالظلم والاستبداد المعاصر. فهو ليس بكلام علمي بل حشو زاوية في عامود.
هات يا منفتح الروايات مسندة تؤكد هذا الاستبداد والطغيان. واعرض علينا منهجا لا يكون متناقضا كمنهج المالكي المتهافت. الذي ينهى عن تصديق خبر الواحد مع أن أكثر البخاري ومسلم خبر واحد. ثم نجده يتعلق بالضعيف بل وبالموضوع بل وبما لا سند له.
وعلى كل فقد حضر الحسن بن علي رضي الله عنه الى معاوية وتنازل على الخلافة وقدمها على طبق من ورد الى معاوية. وقد أثنى النبي على الحسن لما سوف يكون منه من حصول اجتماع الأمة على يده.
وهذه نقطة تضاف الى النقاط الاولى من حصول وشيجة النسب بين النبي وبين بني امية.
وأتساءل أثناء كلامك عن التاريخ لماذا لا تستحضر تاريخ قتل الرافضة لأهل السنة بالملايين وتمكينهم على مر التاريخ أعداء المسلمين من النيل من بلاد المسلمين؟ هذا التاريخ ربما لا يتناسب وعمود جريدة الرياض يا حضرة صاحب المقال.
لماذا السكوت عن تاريخ تواطؤ نصير الدين الطوسي مع هولاكو الذي تعاون منه للهجوم على بغداد وقتل مليوني مسلم هناك.
أليس هذا جزءا من التاريخ؟
أما قولك بأن التاريخ عندنا محصن ضد النقد. فهذا باطل. فإننا ننهى عن الروايات الضعيفة والموضوعة حتى في كتب التاريخ، وندعو إلى التثبت من كل ما يروى. ولكن ما ننهى عنه هو التعرض لجناب الصحابة بذريعة نقد التاريخ.
ونقد التاريخ عند المالكي وتلميذه عدنان ابراهيم لا يعتمد طريقة الروائيين في الجرح والتعديل والنظر في حال رواة السند وإنما يعتمد على العقل المجرد. فهو لا يكلف نفسه عناء النظر الى السند. بل عنده حاشة شم رافضية تجعله يحكم على الرواية بالصحة إن كانت ملائمة لتوجهه الرافضي او الضعف إذا كانت لا تتلاءم مع توجهه.
ولهذا لا يصلح أن يشرف على تصحيح التاريخ كذابون مثل حسن المالكي الذي يفتري الكذب على الصحابة فيزعم أن عمر أمر بقتل سعد وأن معاوية وعبيد الله بن عمر هم وراء اغتيال عمر. وأن عائشة امرت بقتل عثمان.
ولا يصلح ان نأتمن عدنان إبراهيم على صحيح البخاري وهو دائم الطعن فيه، ويزعم ان فيه وفي صحيح مسلم خرافات وأكاذيب وشيء من روايات اليهود المدسوسة.
وأمثال هؤلاء مرجفون ضد السنة فقط، زعموا بعد مرور ألف وخمسمئة سنة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أن أصح مصادر السنة بعد القرآن يتخللها الكذب والخرافة. وهذا يعني أن الأمة بقيت ضالة تائهة لا تعلم ان نصوص السنة عندها محرفة متلاعب فيها طيلة هذه القرون حتى جاء منقذ الأمة حسن المالكي بصوره التذكارية مع معممي القطيف وقرر التعاون مع قناة الكوثر الرافضية وجاء تلميذه البار عدنان ابراهيم صاحب الصورة التذكارية المشهورة له وهو يحمل كتاب نهج البلاغة وقرر التعاون مع غرفة الغدير الرافضية.
وبدا كل واحد منهما العمل مع الرافضة لتصحيح أخطاء كتب السنة.
عدنان ابراهيم يقول: مشكلتي مع البخاري
وقد ألقى محاضرة بعنوان مشكلتي مع البخاري. وزعم أنه يمكن ان يكون الصحابي كافرا ومنافقا وحقيرا.
وهو شخص قليل الحياء: زعم ان من الصحابة من هو ملعون الوالدين.
هكذا حاله دائما، دائم التعريض بالصحابة والطعن بهم.
فقد عرض بأبي هريرة وزعم انه كان ثقيل الدم يلتصق بمنزل النبي حتى قال له زر غبا تزدد حبا.
ويتلاعب بنصوص روايات البخاري ومسلم ليتمكن من خداع الناس وتشكيكهم بمصادر السنة.
وهذا العمل صار معروفا من قبل هذه الشبكة السقافية الاعتزالية المتولية للرافضة.
ونسأل حضرة صاحب المقال:
كيف أقحمت نفسك وتصديت للدفاع عمن يعتقد مثل هذه الاعتقادات. هل توافقه على ما يلي:
أن عائشة تأمر بقتل عثمان،
وأن البخاري ومسلم فيهما خرافات أكاذيب؟
وان من الصحابة من هو حقير بل ومنهم من هو ملعون الوالدين.
ثم ينتقل ليتهم المتصدين لعدنان ابراهيم بانهم أصحاب الهجوم البذيء الأرعن (الشتائمي ) على المُخالف في كل وسائل الإعلام ، بوصف هذا الهجوم الأرعن وسيلة من وسائل الإرهاب.
الرد:
لعلك لم تر الهجوم الأرعن لعدنان ابراهيم حين وصف عائشة بانها جاهلة. وان من الصحابة من هو ملعون الوالدين بل ومن هو حقير.
أليس هذا يا استاذ هجوما أرعن على الصحابة؟
أليس هجومه على السنة والطعن في مصادرها الصحيحة هجوما أرعن؟
فلهذا اطلب من كل غيور على السنة والعقيدة في المملكة العربية السعودية وسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ووزير الشئون الإسلامية أن يهبوا للمطالبة بمحاسبة هذا الصوت النشاز المنبعث من جريدة الرياض ومن عمق دولة التوحيد والسنة ومساءلته عن هذا الخرق والتعريض بمعاوية الصحابي الجليل رضي الله عنه.

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:16 AM
تفاصيل هروب عدنان إبراهيم من مناظرة اهل السنة

http://sunnahway.net/youtube/watch_video.php?v=UW3U7KNDRMDS

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 02:20 AM
أصل الانحراف عند العقلانيين وأهل الكلام - الشيخ عبدالعزيز آل عبداللطيف

http://sunnahway.net/youtube/watch_video.php?v=41ORGSRAMRDA

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:47 AM
موقع بيان الإسلام

مضمون الشبهة:
يزعم بعض المتوهمين أن في صحيح البخاري أحاديث معلة، ويستدلون على ذلك بأن هناك من علماء الحديث - كالدارقطني مثلا - من أعل بعض الأحاديث فيه بعلل خفية، وكذلك بما جاء في صحيح البخاري من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة من غير أمره، فإنه يؤدى إليه شطره»، وموضع شاهد الباب قوله: "ولا تأذن في بيته إلا بإذنه"، وهم يزعمون أن البخاري ما أورده إلا ليبين علته، وأن الصواب في هذا قد جاء في حديث أبي الزناد؛ حيث ذكر الصوم فقط، وبهذا فالزيادة على الصوم في حديث البخاري ليست محفوظة، والبخاري بذلك يحتج في صحيحه بالأحاديث المعلولة.

وهم يهدفون من وراء ذلك إلى زعزعة ثقة الأمة الإسلامية في صحيح البخاري، وإسقاط الاحتجاج به؛ تمهيدا لإسقاط الاحتجاج بالسنة النبوية عموما.
وجها إبطال الشبهة:
1) إن انتقاد الدارقطني لبعض أحاديث صحيح البخاري مبني على قواعد لبعض المحدثين غير متفق عليها، وقد فند الحافظ ابن حجر - رحمه الله - تلك الانتقادات في مقدمته لشرح صحيح البخاري المسماة(هدي الساري مقدمة فتح الباري)، وبين أن الحق فيها مع البخاري.
2) إن الإمام الحافظ ابن حجر قد تتبع في مقدمته المواضع المنتقدة على البخاري تفصيلا، ولكنه لم يورد ذلك الحديث المستشهد به كدليل على أن صحيح البخاري فيه أحاديث معلة؛ مما يدل على أنه رأى أن هذا الخلاف لا يؤثر على صحة الحديث، فقد رأى البخاري أن الحديث محفوظ بالإسنادين معا، وهو ما قرره الترمذي حين أشار إلى صحة الإسنادين أيضا.
التفصيل:
أولا. انتقاد الدارقطني لبعض أحاديث صحيح البخاري مبني على قواعد لبعض المحدثين غير متفق عليها:
لا شك أن صحيح البخاري قد أجمع على صحة كل ما جاء فيه من أحاديث جل العلماء من السلف والخلف، ومن ثم فإن أي انتقاد له يعد شذوذا ولا يلتفت إليه، قال ابن حجر: "استدرك الدارقطني على البخاري ومسلم أحاديث، وذلك الطعن مبني على قواعد لبعض المحدثين ضعيفة جدا، مخالفة لما عليه الجمهور من أهل الفقه والأصول وغيرهم، فلا تغتر بذلك"([1])، وأجاب عن هذا ابن حجر، فقال: "لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما، ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعل، فإنهم لا يختلفون أن علي بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث، وعنه أخذ البخاري ذلك، حتى كان يقول: "ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني"، ومع ذلك فكان علي بن المديني إذا بلغه ذلك عن البخاري يقول: "دعوا قوله فإنه ما رأى مثل نفسه"، وكان محمد بن يحيى الذهلي أعلم أهل عصره بعلل حديث الزهري، وقد استفاد منه ذلك الشيخان جميعا، وروى الفربري عن البخاري أنه قال: "ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته"، وقال مكي بن عبدالله: سمعت مسلم بن حجاج يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أنه له علة تركته، وقد تقرر أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضا لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة"([2]).
ويقول ابن تيمية: والبخاري من أعرف خلق الله بالحديث وعلله، مع فقهه فيه، وقد ذكر الترمذي أنه لم ير أحدا أعلم بالعلل منه، ولهذا كان من عادة البخاري إذا روى حديثا اختلف في إسناده، أو في بعض ألفاظه أن يذكر الاختلاف في ذلك لئلا يغتر بذكره له بأنه إنما ذكره مقرونا بالاختلاف فيه، ولهذا كان جمهور ما أنكر على البخاري مما صححه، يكون قوله فيه راجحا على قول من نازعه"([3]).
"إن هذا الفن وهو فن الحديث المعل من أدق فنون الحديث وأعوصها، بل هو رأس علومه وأشرفها، ولا يتمكن منه إلا أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل، كابن المديني وأحمد والبخاري وغيرهم"([4])، وإن لم يتقن هذا الفن الإمام العظيم البخاري أستاذ الأساتذة في الحديث فمن يتقنه؟!
هذا وقد قسم الحافظ ابن حجر العسقلاني الأحاديث التي انتقدت على البخاري إلى عدة أقسام مبينا أن الحق فيها مع البخاري:
· القسم الأول منها: ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد، فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة، وعلله الناقد بالطريقة الناقصة فهو تعليل مردود، كما صرح به الدارقطني؛ لأن الراوي إن كان سمعه، فالزيادة لا تضر؛ لأنه قد يكون سمعه بواسطة عن شيخه، ثم لقيه فسمعه منه، وإن كان لم يسمعه في الطريق الناقصة، فهو منقطع، والمنقطع من قسم الضعيف، والضعيف لا يعل الصحيح... وإن أخرج صاحب الصحيح الطريق الناقصة، وعلله الناقد بالطريق المزيدة، تضمن اعتراضه دعوى انقطاع فيما صححه المصنف، فينظر إن كان ذلك الراوي صحابيا أو ثقة غير مدلس قد أدرك من روى عنه إدراكا بينا، أو صرح بالسماع إن كان مدلسا من طريق أخرى، فإن وجد ذلك اندفع الاعتراض بذلك، وإن لم يوجد، وكان الانقطاع فيه ظاهرا، فمحصل الجواب عن صاحب الصحيح أنه إنما أخرج مثل ذلك في باب ماله متابع وعاضد، أو ما حفته قرينة في الجملة تقويه، ويكون التصحيح قد وقع من حيث المجموع...
وربما علل بعض النقاد أحاديث ادعى فيها الانقطاع لكونها غير مسموعة، كما في الأحاديث المروية بالمكاتبة والإجازة، وهذا لا يلزم منه الانقطاع عند من يسوغ الرواية بالإجازة، بل في تخريج صاحب الصحيح لمثل ذلك دليل على صحة الرواية بالإجازة عنه.
· القسم الثاني منها: ما تختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإسناد، فالجواب عنه: إن أمكن الجمع بأن يكون الحديث عند ذلك الراوي على الوجهين جميعا، فأخرجهما المصنف ولم يقتصر على أحدهما؛ حيث يكون المختلفون في ذلك متعادلين في الحفظ والعدد... وإن امتنع بأن يكون المختلفون غير متعادلين بل متقاربين في الحفظ والعدد، فيخرج المصنف الطريق الراجحة ويعرض عن الطريق المرجوحة أو يشير إليها... فالتعليل بجميع ذلك من أجل مجرد الاختلاف غير قادح؛ إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراب يوجب الضعف فينبغي الإعراض أيضا عما هذا سبيله.
· القسم الثالث منها: ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها، فهذا لا يؤثر التعليل به، إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع، أما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها، بحيث تكون كالحديث المستقل فلا، اللهم إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته، فما كان من هذا القسم فهو مؤثر.
· القسم الرابع منها: ما تفرد به بعض الرواة ممن ضعف من الرواة، وليس في هذا الصحيح من هذا القبيل غير حديثين... كما سيأتي الكلام عليهما وتبيين أن كلا منهما قد توبع.
· القسم الخامس منها: ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله، فمنه ما يؤثر ذلك الوهم قدحا، ومنه ما لا يؤثر.
· القسم السادس منها: ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن، فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح؛ لإمكان الجمع في المختلف من ذلك، أو الترجيح على أن الدارقطني وغيره من أئمة النقد لم يتعرضوا لاستيفاء ذلك من الكتابين كما تعرضوا لذلك في الإسناد، فما لم يتعرضوا له من ذلك حديث جابر في قصة الجمل، وحديثه في وفاء دين أبيه، وحديث رافع بن خديج في المخابرة، وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، وحديث سهل بن سعد في قصة الواهبة نفسها، وحديث أنس في افتتاح القراءة بالحمد لله رب العالمين، وحديث ابن عباس في قصة السائلة عن نذر أمها وأختها وغير ذلك..."([5]).
ثم يقول الحافظ ابن حجر بعد ذكره الأقسام الستة السابقة: "فهذه جملة أقسام ما انتقده الأئمة على الصحيح، وقد حررتها وحققتها وقسمتها، وفصلتها، لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلا النادر"([6]).
ثم شرع رحمه الله في بيان هذه الأحاديث على حسب ورودها في "الصحيح"، ثم قال رحمه الله: "هذا جميع ما تعقبه الحفاظ النقاد العارفون بعلل الأسانيد، المطلعون على خفايا الطرق... وليست كلها قادحة بل أكثرها الجواب عنه ظاهر، والقدح فيه مندفع... كما شرحته مجملا في أول الفصل وأوضحته مبينا أثر كل حديث منها، فإذا تأمل المصنف ما حررته من ذلك عظم مقدار هذا المصنف في نفسه، وجل تصنيفه في عينه، وعذر الأئمة من أهل العلم في تلقيه بالقبول والتسليم، وتقديمهم له على كل مصنف في الحديث والقديم، وليسا سواء من يدفع بالصدر فلا يأمن دعوى العصبية، ومن يدفع بيد الإنصاف على القواعد المرضية والضوابط المرعية، فلله الحمد الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله"([7]).
وبعد أن ظهر أن الخطأ في الصحيح نادر جدا، فليس في المتون إلا أحرف يسيرة الغالب فيها الوهم، وأكثر الأسانيد التي تكلم فيها لا يضر ذلك شيئا من متونها؛ لأن لها أسانيد أخرى صحيحة سالمة من العلل([8]).
قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله: "الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر، أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منها في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها فلا يهولنك إرجاف المرجفين وزعم الزاعمين أن في "الصحيحين" أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها، وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم، واحكم على بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل"([9]).
ولايقول عالم كبير في الحديث - مثل أحمد شاكرـ هذا الكلام إلا إذا كان على يقين تام من صحة كل ما في صحيح البخاري ومسلم.
وما الإشكال في ذلك؟ وهذا الطعن الذي وجه إلى الصحيحين لم يكن من قبل الطعن فيها بالضعف وعدم الصحة، وإنما كان من قبل أنها لم تبلغ الدرجة العليا التي اشترطها صاحبا الصحيحين والتزمها كل واحد منهما في كتابه، كما يقول الإمام النووي رحمه الله: "قد استدرك جماعة على البخاري ومسلم أحاديث أخلا بشرطهما فيها ونزلت عن درجة ما التزماه"([10]).
وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيه، ومرد ذلك إلى اختلاف وجهات النظر في التوثيق والتجريح، شأنها شأن المسائل الاجتهادية الأخرى.
ويتبين لنا بعد كل ذلك أن كل من راجع هذه الأحاديث التي انتقدت على البخاري، وطالع النقد الذي وجه إليها، وجد أن هذا النقد لا يمس جوهر الصحيح، وإنما هو نقد شكلي ناشئ عن شدة حذر العلماء ويقظتهم، كاعتراضهم على حديث بأنه مرسل؛ لأن صورته صورة المرسل، أما في الواقع فهو موصول معروف الوصل عند المحدثين، مثل حديث يرويه بعض الرواة مرسلا وهو من رواية أقرانه متصل، إلا أن البخاري يذكر الروايتين معا؛ لدفع ما توهم في الرواية الأولى، وإشعارا بأن هذه العلة غير قادحة.
وعليه، فهذه أمثلة من النقد الذي وجه إلى أحاديث الصحيح، وقد بسط القول فيها ابن حجر في مقدمته، وبين أن الحق فيها مع البخاري. ومما يدلك على أن هذا النقد - سواء للرجال أو للأحاديث - لم يؤثر في قيمة صحيح البخاري العلمية، ولا في إجماع العلماء على تلقيه بالقبول، واتفاق جمهورهم على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى([11]). وبذلك يتبين لنا بطلان ادعائهم أن هناك أحاديث معلة في صحيح البخاري.
ثانيا. الحديث - موضوع الشبهة - محفوظ بالإسنادين معا, ولا مرية فيه:
إن الإمام الحافظ ابن حجر قد تتبع المواضع المنتقدة على صحيح البخاري تفصيلا، ولكنه لم يورد ذلك الحديث الذي استشهدوا به مع الأحاديث التي تكلم فيها في المقدمة؛ مما يدل على أنه رأى أن هذا الخلاف لا يؤثر على صحة الحديث، مع العلم أنه قد أجاد في مقدمته هذه "هدي الساري مقدمة فتح الباري"؛ حتى كان العلماء يقولون في شأنها: إنها لو كتبت بماء الذهب ما استوفيت حقها؛ ذلك لأن فيها مجموعة من الفصول المهمة التي تتعلق بدارسة الصحيح، وصاحبه، وتراجمه، ومناسباته، وغير ذلك من المباحث المهمة المتعلقة بالصحيح، فضلا عن الرد على الطعون التي وجهت إلى صحيح البخاري، وقد مكث ابن حجر في كتابتها أربع سنوات تقريبا، فهدى بها فعلا كل من يريد أن يدرس صحيح الإمام البخاري، ويعرف مكانته بين كتب السنة؛ حيث أثبت أن منزلة صحيح البخاري إلى جانب دواوين السنة هي منزلة الرأس من الجسد.
والإمام ابن حجر في هدي الساري لم يدافع عن صحيح الإمام البخاري فقط، وإنما دافع عن الصحيحين معا.
فقد بين أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عندهما، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضا لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة"([12]).
وقد أوجز ابن حجر أهم شروط الصحة عند البخاري، فقال إنها "الاتصال وإتقان الرجال وعدم العلل"([13]). وقال ابن حجر: إن مالكا لا يرى الانقطاع في الإسناد قادحا؛ فلذلك يخرج المراسيل والمنقطعات والبلاغات في أصل موضوع كتابه، والبخاري يرى أن الانقطاع علة؛ فلا يخرج ما هذا سبيله إلا في غير أصل موضوع كتابه، كالتعليقات والتراجم([14]). وقال أيضا: إن البخاري لم يخرج في الأصول إلا من هو ثقة متصف بالعدالة، فأما من خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق، فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره، مع حصول اسم الصدق لهم([15]).
وعلى الرغم من تشدد البخاري في شروط صحة الحديث، فإن النقاد من أهل السنة لم يتركوا مروياته من غير نقد وتمحيص؛ بل نقدوا بعض مروياته من حيث موافقتها لمقررات الشريعة، ولكن هذه الروايات التي نقدت قليلة جدا بالنسبة لغيره، حتى ابن حجر الذي يعد من أشد المدافعين عن صحيح البخاري لم يجد غضاضة في تقرير أن فيه بعض الروايات التي تتسم بالمخالفة؛ أي: مخالفتها روايات أخرى أوثق منها، وقد ينشأ عن المخالفة شذوذ، ولكنه يقرر أن تلك الروايات ليس في الصحيح منها إلا نذر يسير([16]).
وعلى الرغم من انتقاد بعض روايات البخاري كما ذكرنا، لكن أحدا لم يقل قط إنه قبل "موضوعات" أو أحاديث غير صحيحة.
ورغم شهادات كبار العلماء والمحدثين للبخاري وكتابه، إلا أن بعض المخالفين قد زعموا أن البخاري يحتج بالأحاديث المعلولة، مستدلين على ذلك بهذا الحديث: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه؛ وما أنفقت من نفقة من غير أمره، فإنه يؤدى إليه شطره»([17]) وموضوع الشاهد للباب قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تأذن في بيته إلا بإذنه"، فزعموا أن البخاري ما أورده إلا ليبين علته، وأن الصواب في هذا - من وجهة نظرهم - قد جاء في حديث أبي الزناد؛ حيث ذكر الصوم فقط، و بهذا فالزيادة على الصوم في حديث البخاري ليست محفوظة، وبذلك انتهوا إلى أن البخاري يحتج في صحيحه بالأحاديث المعلولة غير المحفوظة.
وهذا الحديث رواه البخاري برقم (5195) كما سبق، والطبراني في "الشاميين" والبغوي في "شرح السنة" برقم (1689) من طريق شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بالحديث كاملا، ورواه النسائي في "السنن الكبرى" برقم (2920)، وأحمد (2/444، 464، 476، 500)، وغيرهما من طريق سفيان الثوري عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بذكر الصيام فقط.
وأما سفيان بن عيينة فرواه بالإسنادين جميعا، وإن كان متثبتا أكثر من الطريق الثاني، إلا أن البخاري رحمه الله رأى أن الحديث محفوظ بالإسنادين جميعا، فأما رواية شعيب فبالحديث كاملا، وأما رواية السفيانين فبجزء الصيام فقط، وهذا معنى قول البخاري: ورواه أبو الزناد أيضا عن موسى عن أبيه عن أبي هريرة في الصوم، وقد أشار إلى صحة الإسنادين أيضا الترمذي في جامعه الصحيح برقم (782)، وهذا هو الذي فهمه الحافظ ابن حجر أيضا من قول البخاري حيث قال: "يشير إلى أن رواية شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج اشتملت على ثلاثة أحكام، وأن لأبي الزناد في أحد الثلاثة، وهو صيام المرأة إسنادا آخر"([18]).
ومن ثم، فإن الحافظ ابن حجر لم يورد هذا الحديث في الأحاديث التي تكلم فيها على صحيح البخاري في المقدمة، مما يدل على أنه رأى أن هذا الخلاف لا يؤثر على صحة الحديث.
أما ما ذكره الحافظ ابن حجر من قوله: "قال أبو عوانة في رواية علي بن المديني: حدثنا به سفيان بعد ذلك عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان فراجعته فيه، فثبت على موسى، ورجع عن الأعرج"([19]) فليس معناه أنه لم يكن عنده الحديث من طريق أبي الزناد عن الأعرج؛ فإنه ثابت من طريق شعيب كما سبق، وإنما يعني أنه كان أحفظ لطريق موسى من طريق الأعرج، فرد هذه الطريق سندا أو متنا، والحكم على سفيان بن عيينة بالخطأ في السند والمتن، فيه من الجرأة الكثير على تخطئة الثقات، وقد رواه عنه بزيادة(من غير رمضان) جمع منهم:
الإمام أحمد في "مسنده" برقم (7338)، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف عند الدارمي برقم (1761)، وقتيبة بن سعيد ونصر بن علي عند الترمذي برقم (782)، والبغوي برقم (1765)، وقتيبة عند النسائي في السنن الكبرى برقم (3288)، والحسين بن حريث عند ابن خزيمة برقم (2168)، وزهير بن حرب عند أبي يعلي برقم (6273) وكلهم كالآتي (أحمد بن حنبل، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، وقتيبة بن سعيد، ونصربن علي، والحسين بن حريث، وزهير بن حرب) ستتهم عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بزيادة«من غير رمضان»، والحديث ثابت من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا بزيادة«من غير رمضان»، ومن ثم، فالحكم بالخطأ على سفيان في إثبات هذه اللفظة في الحديث غير مقبول، خاصة وأنها ثابتة من وجه آخر، فقد وردت عند عبد الرزاق برقم (7886)، وأخرجه أبو داود في سننه برقم (2458) عن الحسن بن علي عنه، وهذه الزيادة ثابتة في طريق موسى بن أبي عثمان، وموسى وأبوه، قال في كل منهما الحافظ ابن حجر في "التقريب": مقبول.
وقد أورد له الشيخ شاهدا صحيحا من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه أبو داود برقم (2459) وأحمد (11776)، وسياقه دال على أن النهي في التطوع، وله شاهد أخرجه الطيالسي برقم (1951) من حديث ابن عمر، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات.
قال ابن خزيمة رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: «من غير شهر رمضان» من الجنس الذي نقول: إن الأمر إذا كان لعلة فمتى كانت العلة قائمة والأمر قائما، فالأمر قائم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أباح للمرأة صوم شهر رمضان بغير إذن زوجها؛ إذ صوم رمضان واجب عليها، كان كل صوم صوم واجب مثله جائز لها أن تصومه بغير إذن زوجها"([20])، ويعني رحمه الله بقوله: صوم صوم واجب: صيام ما كان واجبا صومه([21]).
وعليه فإن الحافظ ابن حجر لم يورد ذلك الحديث في الأحاديث التي تكلم فيها في المقدمة، فدل ذلك علي أنه رأى أن هذا الخلاف لا يؤثر على صحة الحديث، فإذا كان الحديث الذي يستدلون به - على زعمهم هذا - حديثا صحيحا، فأين إذن هذه الأحاديث المعلة في صحيح البخاري التي يزعمون وجودها فيه؟!
وإن ثمة ملاحظات تجدر الإشارة إليها في سياق تفنيد ما نحن بصدده من ادعاء أن في صحيح البخاري أحاديث معلة، وهاك بيان تلك الملاحظات:
1. إن حركة النقد التي دارت حول ما في صحيحي البخاري ومسلم من أحاديث، أسفرت عن ملاحظات شملت مائتين وعشرة أحاديث من أكثر من أربعة آلاف حديث اتفقا عليها، تفصيلها الآتي:
o ثمانية وسبعون حديثا في صحيح البخاري.
o مائة واثنان وثلاثون حديثا في صحيح مسلم.
وهذه الأحاديث التي انتقدت على الصحيحين لم يكن نقدها موضع إجماع عند المحدثين، وليس فيها أحاديث موضوعة، وقد أعلن بعض النقاد من علماء الحديث أن هذا النقد بني على قواعد أو علل ضعيفة غير قادحة في سلامة الحديث، كما أن الأحاديث التي انتقدت على صحيح البخاري ليس لها مساس بأصل الكتاب؛ بل هي من الأحاديث التي ذكرها البخاري على سبيل الاستئناس([22])، ومهما كان من شيء فإن نقد علماء الحديث لبعض ما في صحيحي البخاري ومسلم ليس فيه لمنكري السنة حجة، بل هو حجة عليهم؛ إذ لم ينظر المحدثون إلى هذين الإمامين الجليلين نظرة تقديس ترفعهما إلى درجة العصمة من الخطأ والسهو، وإنما كملوا بنقدهم لبعض ما في الصحيحين الإتقان الذي يبث في النفوس الاطمئنان إلى سلامة السنة - المعتمدة لدى الأمة - من التزوير والخلل، وهذا ما يريد منكرو السنة هدمه بشغبهم وصياحهم الآن.
2. إن بعض هذه الأحاديث التي انتقدت على البخاري ومسلم كان مرجع النقد فيها إلى عدم التزامها بشروطهما التي التزماها في الرواية، وهذا لايعني أن هذه الأحاديث ضعيفة أو مكذوبة، فلم يقل بذلك أحد من علماء الحديث الخبراء بأصول الرواية متنا وسندا، بل قال بعض هؤلاء النقاد: إن ما أخذ على الإمامين معتمد عند الحفاظ، ووارد من جهات أخرى.
3. إننا نحيل هؤلاء ليعرفوا لأنفسهم قدرها في مجال الحديث وعلومه، إلى الفصل الضافي الذي عقده ابن حجر العسقلاني، في دراسة عشرة أحاديث ومائة من الأحاديث التي انتقدت على البخاري، وشاركه مسلم في تخريج اثنين وثلاثين حديثا منها، ناقشها ودرسها حديثا حديثا مستعملا في دراسته إياها قواعد نقد الحديث التي لا يعرف منكرو السنة عنها شيئا.
إننا ندعوهم إلى الاطلاع على هذا الفصل ليبين لهم أنهم محرومون تماما من أدوات السير في هذا الطريق، وإلا فعليهم أن يقدموا للأمة نقدا علميا دقيقا لما يرونه موضعا للغربلة عند الإمامين البخاري ومسلم، أما هذا الغثاء الذي دأبوا على نشره فهو بضاعة المهزومين.
وعليه، فإن صحيحي البخاري ومسلم قد كتب الله لهما الذيوع، وقد تلقتهما الأمة بالرضا والقبول، وأجمعت على اعتمادهما بعد كتاب الله في العمل للدنيا والآخرة، والأمة لا تجتمع على ضلالة([23]).
الخلاصة:
· إن انتقاد الدارقطني لبعض أحاديث البخاري مبني على قواعد ضعيفة تخالف ما عليه جمهور أهل الصناعة الحديثية.
· إن جملة ما انتقدته الأئمة والنقاد على الصحيح لا يظهر منه ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب.
· ليس في متون الصحيح إلا أحرف يسيرة الغالب فيها الوهم، وأكثر الأسانيد التي تكلم فيها لا يضر ذلك شيئا من متونها؛ لأن لها أسانيد أخرى صحيحة سالمة من العلل.
· لم يورد الإمام ابن حجر العسقلاني الحديث الذي احتج به المخالفون في مقدمته، على الرغم من احتوائها جميع المطاعن التي تعرض لها صحيح البخاري، مما يؤكد أنه رأى أن الخلاف في هذا الحديث لا يؤثر على صحته.
· إن الحديث - موضوع الشبهة - محفوظ بالإسنادين معا، وهو ما رآه البخاري، وقرره الترمذي حين أشار إلى صحة الإسنادين أيضا.
· بين الإمام ابن حجر أن الإمام البخاري لا يخرج من الحديث إلا ما لا علة له، أو له علة إلا أنها غير مؤثرة عنده، فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليه يكون قوله معارضا لتصحيحه، ولا ريب في تقديم البخاري على غيره، فيندفع الاعتراض.
· كان الإمام البخاري من أعرف خلق الله بالحديث وعلله، مع فقهه فيه، كما شهد له بذلك أقرانه، ومن جاء بعدهم من العلماء المحققين.


(*) تحرير علوم الحديث، عبد الله يوسف الجديع، مؤسسة الريان، بيروت، ط3، 1428هـ2007م. إتحاف النفوس المطمئنة بالذب عن السنة، أبو عبد الله أحمد إبراهيم، مكتبة ابن العباس، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م.
[1]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 364.
1. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 364، 365.
.2 مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (1/ 256).
[4]. الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط3، 1399هـ/ 1979م، ص54 بتصرف.
[5]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 365، 366.
[6]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 366.
[7]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 402.
[8]. الإمام البخاري وصحيحه الجامع، أحمد فريد، دار العقيدة، القاهرة، ط1، 1426هـ/ 2006م، ص 157، 158.
[9]. الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط3، 1399هـ/ 1979م، ص 29.
[10]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 133).
[11]. انظر: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، د. مصطفى السباعي، دار السلام، القاهرة، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص 400.
[12]. انظر: هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 365.
[13]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 13.
[14]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 12 بتصرف.
[15]. هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 403 بتصرف.
[16]. كيف ولماذا التشكيك في السنة، د. أحمد عبد الرحمن، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص 64.
[17]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: النكاح، باب: لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه، (9/ 206)، رقم (5195).
[18]. فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (9/ 208).
[19]. فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (9/ 208، 209).
[20]. صحيح ابن خزيمة، محمد بن إسحاق بن خزيمة، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1390هـ/ 1970م، (3/ 319).
[21]. إتحاف النفوس المطمئنة بالذب عن السنة، أبو عبد الله أحمد إبراهيم، مكتبة ابن العباس، مصر، ط1، 1424هـ/ 2003م، ص 153، 156 بتصرف.
[22]. انظر: هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، ص 364.
[23]. الشبهات الثلاثون، د. عبد العظيم المطعنى، مكتبة وهبة، القاهرة، ط1، 1420هـ/ 1999م، ص 74،: 76 بتصرف.

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:49 AM
ملاحظات على كلام د.عدنان إبراهيم على أقسام التوحيد عند ابن تيمية
الخميس, 18 جمادى الآخر 1433


بسم الله الرحمن الرحيم




وبعد

فقد استمعت قبل أسبوعين إلى محاضرة في اليوتيوب للدكتور عدنان إبراهيم عنوانها(ابن تيمية وتقسيم التوحيد)، ثم كتبت ملاحظاتي ،ولما أردت تنزيلها تباعا في خانة التعليقات=تبين أنهم يمنعون التعليقات[حاشا تعليقات التأييد] ، فراسلت المشرفين على التعليقات ، ثم راسلت الدكتور نفسه، ولكن لم يرد علي أحد منهم بشيء إلى اليوم،فرأيت نشر هذه التعليقات هنا على نفس شكلها الذي كان معدا للمساحة الضيقة في خانة التعليقات، مع زيادة توثيق نقول وإضافات.







-وهذا هو الرد مقسما على فقرات=





(استمعت إلى هذه المحاضرة على عجل، وسأحاول ذكر بعض الملاحظات المختصرة[لضيق مقام التعليقات هنا عن بعض المسائل الكلية والنقاشات المفصلة] ،مع الإعراض عن مبالغات الدكتور وانفعالاته وتهكماته هداه الله[فإنها وإن أثرت على بعض العامة،فليست حجة أو حتى شبهة ليرد عليها]:









1-بداءة: سأذكر تعريف العلماء لتوحيد الألوهية والربوبية.



0توحيد الربوبية هو إفراد الله بما يختص به من الخلق والرزق والتدبير وغيرها.

0وتوحيد الألوهية هو إفراد الله بالعبادات؛أي: لايعبد غيره، ولا يصرف لغيره شيء من العبادات.







2-ربط الدكتور هذا التقسيم بقضية التساهل في التكفير ، ولا علاقة للتقسيم المذكور بذلك البتة، بل ربطه بالذين لا يرون هذا التقسيم=أولى ، كما ستأتي الإشارة إلى شيء من ذلك.



0ولست أدري لماذا يحاول الدكتور هنا أن يتغافل عن حقيقة كثير من عباد القبور في زماننا وما قبله[وأكثر شيوخهم من أتباع المدارس الكلامية] ، وأنهم ينسبون لمن يدعونهم ويتقربون إليهم بعض صفات الربوبية؛من التصرف في الكون وعلم الغيب و غير ذلك مما هو ظاهر مشاهد ،فلا يجدر بالدكتور أن يتصامم عنه بمجرد الدفع بالصدر.

0 خاصة أن الدكتور نفسه يقول في آخر المحاضرة: (الإنسان إذا توجه إلى أي جهة كانت من حجر أو شجر أو بشر ، وطلب منها = مباشرة هذا يكون علامة على اعتقاده فيها الاستقلال بالنفع والضر،وهذا نقض لتوحيد الربوبية).

-وكلامه هذا إن لم يكن مآله إلى قول من يرد عليهم=فإنه أشد منه(لأنهم يقولون بأن أصل شرك المستغيثين بالمقبورين وغيرهم في الألوهية[وإن كانوا في حقيقة الأمر لاينكرون خلل إثباتهم للربوبية أيضا] ، وهو يقول بأنهم مشركون بهما جميعا) ، مع أن أصل تشنيعه على ابن تيمية دعوى المبالغة في التكفير!

[وقد استمعت في اليوتيوب إلى مقطع مسجل له[عنوانه=رسالة د. عدنان ابراهيم للصوفية والشيعة] يصرح فيه بأن ما يفعله بعض المشركين من الاستغاثة بالأموات باسم التصوف والتشيع =هو(وثنية) و(ردة)، وأنه بفعلهم ذلك (ذهب التوحيد).]





-ثم إن الدكتور ادعى معرض كلامه عن ابن تيمية أنه يقول بأن علماء الكلام أسوأ حالا من مشركي العرب ؛لأنهم مشركون في الربوبية.



0وهذا غلط ظاهر على ابن تيمية ، فإنه يجزم في عدة مواضع من كتبه بأن المتكلمين في الأصل مقرون بالربوبية ،وإن وقع من بعضهم خلل في بعض تفاصيل توحيد الربوبية[كالمعتزلة في قولهم بخلق أفعال العباد].

0بل إنه إنما أنكر عليهم حصرهم تعريف التوحيد في الربوبية،وعدم ذكر الألوهية فيه.

-والذين ذكر ابن تيمية أن كفرهم شر من كفر مشركي العرب= هم الفلاسفة الدهريون[ذكر هذا في عدة مواضع من كتبه/وانظر-مثلا-:<الجواب الصحيح1/206>-].



-وأما بعض المنتسبين إلى الإسلام الذين يذكر بعض أهل العلم أن شركهم أسوأ من شرك بعض مشركي العرب=فهم بعض غلاة المتصوفة=

أ/الذين ينسبون لأوليائهم بعض صفات الربوبية التي لم يدعها مشركوا العرب لأصنامهم ؛ كتدبير الكون،وعلم الغيوب،والرزق...

ب/والذين يدعون غير الله في الرخاء والشدة[بينما يفرده المشركون الذين ذكرهم الله في كتابه بالدعاء حال الشدة وغشيان الموج].

فهم من هذه الوجوه وغيرها أسوأ من بعض مشركي العرب. والله أعلم











3-ذكر الدكتور مرارا أن ابن تيمية لم يسبق إلى تقسيم التوحيد ، وأن هذا التقسيم إنما يقوله(من لف لف ابن تيمية)و(أتباع ابن تيمية) ، وهذا من قصور اطلاع الدكتور ؛ فإنه قد سبق ابن تيمية إلى أصل هذا التقسيم جماعة من الأئمة كإمام المفسرين ابن جرير الطبري[توفي310] في مواضع من تفسيره و العلامة ابن بطة[توفي387] في الإبانة وغيرهما.



0بل أصل تقسيم التوحيد مبثوث في كثير من الكتب التي تقرر المذهب الأشعري أو الماتريدي ونحوهما من المذاهب الكلامية[وإن كان في تقسيم كثير منهم وشرحهم للأقسام أخطاء ظاهرة]، حتى قبل ابن تيمية، كأبي منصور الماتريدي[إمام الماتريدية،توفي سنة333] في<كتاب التوحيد>ص119 ، والشهرستاني-وهو من أئمة متكلمي الأشاعرة-[توفي548/أي:قبل ولادة ابن تيمية بأكثر من مائة سنة] في أول كتابه<الملل والنحل1/55>[وقد نقله عن جميع أصحابه الأشاعرة وكذا الماتريدية وغيرهم]، وصالح بن الحسين الهاشمي-وهو أشعري- في كتابه<تخجيل من حرف التوراة والإنجيل2/503>[صرح بالنوعين؛توحيد الله وإفراده بالربوبية،وتوحيد الله وإفراده بالألوهية] ، والبيضاوي في تفسيره3/27.



0وبعد ابن تيمية قاله من الأشاعرة= البقاعي في<نظم الدرر9/113>[وهذا نصه عند تفسير قوله تعالى{...فسيقولون الله، فقل أفلا تتقون} قال: (أي:تجعلون وقاية بينكم وبين عقابه على اعترافكم بتوحده في ربوبيته، وإشراككم غيره في إلهيته)] ، وابن أبي شريف<المسامرة> في التوحيد ص47.



0كذا تجد تقسيم التوحيد عند كثير من متأخريهم كعمدة متأخري الأشاعرة البيجوري في رسالته في التوحيد، وخاتمة محققي الحنفية الملا علي القاري-وهو ماتريدي- في<ضوء المعالي>ص54[ونصه: (قد جعلت كلمة التوحيد مفيدة لنفي ما سواه في الألوهية وعدم غيره استحقاق العبودية،مع اعتراف جميع الكفار بتوحيد الربوبية حيث قال تعالى{ولئن سألتهم...})] ، وعبد الغني الغنيمي-وهو ماتريدي- في شرحه الطحاوية ص40.



0وكذلك عند طائفة من المعاصرين كالمراغي في تفسيره وأبو زهرة في تفسيره والزحيلي في تفسيره وغيرهم.

وأما عمليا[وهو الأهم] فقد اعتمد أصل التقسيم من لا يحصون من السلف والعلماء[وسيأتي نقل كلام بعضهم إن شاء الله].





-ثم نقول: ما جواب الدكتور عن أصحابه المتكلمين والصوفية في تقسيماتهم الأخرى للتوحيد والتي هي مبثوثة في كتبهم ؟

[شوقي:أحرام على بلابله النو * ح حلال للطير من كل جنس]

يتبع ==

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:51 AM
4-ابن تيمية وغيره من العلماء لا يعتقدون بأن هذا التقسيم اصطلاحي[كما ينقل عنهم الدكتور وغيره؛موهمين أن لا دليل لهم إلا المواضعة فيما بينهم] ، بل هو تقسيم استقرائي من الكتاب والسنة ، كتقسيم الفقهاء للواجب والمستحب والمكروه ، وكترتيبهم شروط الوضوء. [فإنه لا يمكن أن ينكر على فقيه مثل هذا، ويحتج عليه بعدم ورود هذا التقسيم أو الترتيب في القرآن أو السنة!]







5-يظهر من كلام الدكتور أن أصل إشكاله في المسألة = هو أنه لا يمكن أن يقال بأن فلانا((موحد)) في الربوبية دون الألوهية.



0وهذا من تعجل الدكتور في التخطئة ؛ فإنه تصور أنه يلزم من كلام ابن تيمية ومن وافقه أن يعتد بإقرار مشركي العرب بتوحيد الربوبية ولكنه توحيد ناقص ! وهم لا يقولون بهذا البتة ، بل من يقر بتوحيد الربوبية دون الألوهية هو عندهم وفي جميع كتبهم مشرك لاينفعه إقراره بالربوبية بلاشك. فكأن استشكال الدكتور صار شبه لفظي.

[فإن كانت المناقشة في التعريف ، وكان قصد الدكتور=أن المتكلمين وإن لم ينصوا-عند تعريفهم التوحيد- على الألوهية فإنه مراد عندهم ، مستغنا عن ذكره بذكر الربوبية = فهذه الطريقة-على قصورها- تكاد تتفق في مآلها مع حقيقة تعريف ابن تيمية وغيره للتوحيد وأقسامه(وإن اختلفا في أيهما الأولى بالمناقشة والتقرير والدعوة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم).

وكم كنا نتمنى التزام المتكلمين لمثل ذلك ، ولكن نقول-آسفين-: إن عامة المتكلمين لا يركزون-نظريا- في كتبهم الكلامية-استدلالا ومناقشة- إلا على الربوبية مع شبه إغفال للألوهية ، بل إن الخلل في توحيد الألوهية ظاهر نظريا وعمليا في تطبيقات كثير من المتكلمين-خاصة المتصوفة منهم-.]









0بل إن استشكال الدكتور اللفظي هو أيضا غريب ؛ فإن نصوص الكتاب والسنة مليئة بوصف الرجل الذي لم يستوف شرط الوصف بنفس ذلك الوصف مع التنبيه على عدم أخذه الحكم الحقيقي لذلك الوصف؛لعدم استيفائه شرطه.



-فمن ذلك وصف الله بعض المشركين بأنهم مؤمنون وبأنهم مشركون{وما((يؤمن)) أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}. وإيمانهم هذا المدخول بالشرك لايقبل منهم بالإجماع، ومع ذلك وصفهم الله بالإيمان،ولكنه نبه على أنه لم يوجد شرطه(وهو البراءة من الشرك) ، فقصوره عن تحصيل الشرط=صيره كعدمه حكما ،لا صورة[أي:يثبت له صورة أنه مؤمن بكذا،ولكن لا ينفعه ذلك فحكمه حكم غير المؤمن مطلقا/ والدكتور لايفرق بينهما،ولذلك تجده يقول في بعض المواضع بأن من يكون موحدا في الربوبية فهو في الواقع موحد في الألوهية! بل يقول بأنه(لا يتصور) وجود مؤمن بالربوبية مشرك في الإلهية!].



-ومن ذلك أيضا قوله تعالى{((أفتؤمنون)) ببعض الكتاب وتكفرون ببعض}.

[مع أنه لا ينفعهم هذا الإيمان بالإجماع].



-وقوله تعالى{فلولا كانت قرية((آمنت)) فنفعها إيمانها إلا قوم يونس...}.

[فهو لا حكم له ؛لأنه فقد شرطه-وهو عدم مضي الوقت الذي يقبل فيه الإيمان-]



-وحديث(من ((صلى)) صلاة لايقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج[أي:ناقصة])رواه مسلم في صحيحه [وصلاة من لم يقرأ بأم القرآن باطلة لا حكم لها عند عامة العلماء].



-وحديث(لا يقبل الله ((صلاة أحدكم)) إذا أحدث حتى يتوضأ). متفق عليه.



0فيجب التفريق بين الحكم والصورة ، ولذلك كلنا يعرف أن اليهود والنصارى يصدقون بالله واليوم الآخر [صورة] ، ومع ذلك ذكر الله في كتابه أنهم{((لايؤمنون)) بالله ولا باليوم الآخر} [أي:ليس لهم حكم الإيمان] ، وفي الصحيحين في الرجل الذي صلى صلاة أساء فيها: (ارجع فصل،فإنك ((لم تصل))).



-ولذلك فإن بعض العلماء وإن صرحوا بأن مشركي العرب كانوا مقرين بالربوبية دون الألوهية، فإنهم يبينون أن نفس إقرارهم بالربوبية منقوض بشركهم في الألوهية.



0وممن أشار إلى ذلك من أئمة المتكلمين أبومنصور الماتريدي في<كتاب التوحيد>ص119 ، حيث قال: (أعطي جميع البشر ممن له نظر = التوحيد في الجملة ، ثم نقض كل فريق منهم ما أعطي في الجملة بالتفسير).

[يعني:في الظاهر هم مقرون بذاك التوحيد،ولكن عند شرح حقيقة أمرهم وتحرير حكم توحيدهم=يتبين أنه توحيد منقوض؛لاحكم له في الحقيقة. والله أعلم]


يتبع==

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:52 AM
وممن أشار إلى ذلك من الذين ينعتهم الدكتور ب(أتباع ابن تيمية) العلامة حافظ حكمي في كتابه<معارج القبول>، حيث يقول: (أكثر شرك الأمم التي بعث الله إليها رسله وأنزل كتبه غالبهم إنما أشرك في الإلهية ولم يذكر جحود الصانع إلا عن الدهرية والثنوية وأما غيرهم ممن جحدها عنادا كفرعون ونمرود وأضرابهم فهم مقرون بالربوبية باطنا كما قدمنا وقال الله عز و جل عنهم{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا} ، وبقية المشركين يقرون بالربوبية باطنا وظاهرا كما صرح بذلك القرآن فيما قدمنا من الآيات وغيرها مع أن الشرك في الربوبية لازم لهم من جهة إشراكهم في الإلهية وكذا في الأسماء والصفات إذ أنواع التوحيد متلازمة لا ينفك نوع منها عن الآخر وهكذا أضدادها فمن ضاد نوعا من أنواع التوحيد بشيء من الشرك فقد أشرك في الباقي مثال ذلك في هذا الزمن عباد القبور إذا قال أحدهم يا شيخ فلان لذلك المقبور أغثني أو افعل لي كذا ونحو ذلك يناديه من مسافة بعيدة وهو مع ذلك تحت التراب وقد صار ترابا فدعاؤه إياه عبادة صرفها له من دون الله لأن الدعاء مخ العبادة فهذا شرك في الإلهية وسؤاله إياه تلك الحاجة من جلب خير أو دفع ضر أو رد غائب أو شفاء مريض أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله معتقدا أنه قادر على ذلك هذا شرك في الربوبية حيث اعتقد أنه متصرف مع الله تعالى في ملكوته ثم إنه لم يدعه هذا الدعاء إلا مع اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب في أي وقت كان وفي أي مكان ويصرحون بذلك وهذا شرك في الأسماء والصفات حيث أثبت له سمعا محيطا بجميع المسموعات لا يحجبه قرب ولا بعد فاستلزم هذا الشرك في الإلهية الشرك في الربوبية والأسماء والصفات).





-بل ذكر إمام متكلمي الأشاعرة في عصره ومقدمهم في الأصلين سيف الدين الآمدي[وقد توفي قبل ولادة ابن تيمية بعشرات السنين] في كتابه<أبكار الأفكار2/92> ما هو أبلغ من ذلك ، حيث صحح إطلاق التوحيد على مجرد(الإخبار عن التوحيد ، وإن جهل اعتقاد المخبر به)، أي:ولو لم يدع أن ما أخبر به هو ما يعتقده ، ولو لم ندر حاله ؛ أمسلم هو أو ملحد !





-تنبيه: يكرر كثير ممن انتقدوا ابن تيمية في هذه القضية،ممن اعتمد الدكتور على بعض كلامهم في هذه المحاضرة[كالدجوي وغيره] أن ابن تيمية ينص على أنهم موحدون في الربوبية[بل يزعم بعضهم أن ابن تيمية يسميهم(موحدين)-كذا بإطلاق-!] ، وعبارات ابن تيمية المبثوثة في كتبه[وكذا عبارات بعض تلاميذه كابن القيم وابن كثير] تدور على النص على ما ذكر القرآن إقرارهم به[كأن ينص على أن مشركي العرب يقرون بخلق الله لهم وبخلقه السماوات والأرض...] ، أو يقول بأنهم يقرون بالربوبية[أي: أصل الربوبية-كما سيأتي بعض كلامه في هذا-]، أو يقول بأنهم يقرون بتوحيد الربوبية.

فأنت تراه في هذه العبارات وما شابهها يتحفظ من القول بأنه موحدون في الربوبية ، فضلا عن نعتهم ب(الموحدين)-كذا بإطلاق-!











6-عرف الدكتور العبادة بأنها(أقصى الذل والخضوع قلبا وقالبا). وعزاه إلى الجمهور[!] وقال بأنه لابد من هذين القيدين ، وهذا التعريف مع كونه لا يشفع لما أراد الدكتور معارضة ابن تيمية وغيره به ، فإن عليه مؤاخذات ، ومن أقرب هذه المؤاخذات: أنه يلزم من هذا التعريف أن لا تكون أعمال القلوب كالحب والبغض في الله ، وخوف الله ورجائه... = عبادة ؛ لأنه لم يتوفر فيها القيد الثاني(قالبا) !







7-قوله بأن السجود للصنم ليس كفرا بذاته ما لم يعتقد بقلبه؛لأنه لو أكره على السجود وقلبه مطمئن بالإيمان لم يكفر.



0وهذا استدلال غريب ، ومن أسهل ما يرد به عليه=أن ساب الله ورسوله يحكم بكفره بإجماع العلماء ولم يقل أحد بأن الحكم بتكفيره يتوقف على سؤاله:ماذا يعتقد قلبك في الله ورسوله ! ومع ذلك فإن المكره على السب لا يكفر بإجماع العلماء؛لصريح الآية{إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.









8-يرد الدكتور على ابن تيمية وغيره بصور تدل على أن المشركين كانوا يعتقدون النفع والضر في من يعبدونه.



0فيقال: إنهم لا ينازعونك في هذا، والمشركون في زمان ابن تيمية وغيره يعتقدون ذلك ، وإلا فلماذا دعوهم ؟! [وأنت نفسك أقررت بذلك في كلامك الذي نقلته عنك قبل قليل]











8-يكرر أن ابن تيمية يخالف جمهور علماء الكلام ، وأنه يكفرهم.



0وأحسب أن هذا الفهم هو الذي جعل حكمه في المسألة مشوشا ؛ وهذه جادة الأحكام التي تكون نتاجا نفسيا ، لا علميا.



-ثم إن ابن تيمية لم ينفرد بكلامه في أهل الكلام ، بل قد تكلم فيهم أئمة من المذاهب الثلاثة-الحنفية والمالكية والشافعية-[لا كما يطلق الدكتور أن هذه المذاهب الثلاثة مذهبها مذهب أهل الكلام] وغيرها ، فلو أخذنا المذهب الشافعي مثلا[لأنه المذهب الذي يقول الدكتور بأنه يتمذهب به] لوجدنا النقل عن رأس المذهب الإمام الشافعي في ذمهم كالمتواتر[كما أشار لذلك الحافظ الذهبي-وهو شافعي- في سير أعلام النبلاء10/29] ، ومن ذلك قول الإمام الشافعي: (لقد اطلعت من أصحاب الكلام على شيء ما ظننت مسلما يقول ذلك). رواه ابن أبي حاتم في<آداب الشافعي ومناقبه>ص182 وغيره بسند صحيح جدا ، بل حكى الفقيه الحافظ أبومحمد البغوي-وهو شافعي- في كتابه[شرح السنة1/216] الاتفاق على ذلك.



-ثم لوسلمنا جدلا بأن ابن تيمية كفر أعيان علماء الكلام[وهذا الإطلاق لايشك من قرأ كتب ابن تيمية في غلط نسبة مثله إليه]= فإن كتب المتكلمين طافحة بتكفير ابن تيمية ، بل تكفير من سبقه من أئمة السنة والحديث ووصمهم بالتشبيه ، بل أفتى بعضهم بأن من يطلق على ابن تيمية لقب(شيخ الإسلام)=فهو أيضا كافر !! ثم إنه لا يخفى عليك أنه بفتوى بعض أهل الكلام سجن ابن تيمية وأصحابه مرارا ، حتى كان موته رحمه الله مسجونا. [وبعد هذا كله=من تظنه الأولى بدعوى المظلومية ؟!]



- وكتب المتكلمين مليئة بتكفير من لايجوز تكفيرهم ، لاينكر ذلك إلا مكابر أو من لم يطالعها ، فهذا أبومنصور البغدادي-مثلا-[وهو من كبار أئمة متكلمي الأشاعرة،توفي سنة429،وعلى كتبه معول كثير ممن بعده من أئمة الأشاعرة] يقول في خاتمة كتابه<أصول الإيمان269>-حاكيا قول أصحابه الأشاعرة- : (وأما الشاك في كفر أهل الأهواء، فإن شك في أن قولهم هل هو فاسد أم لا ؟ =فهو كافر. وإن علم أن قولهم بدعة وضلالة،وشك في كونه كفرا = فبين أصحابنا في تكفير هذا الشاك خلاف، وقد قال أكثر المعتزلة بتكفير الشاك في كفر مخالفيهم، ونحن بتكفير الشاك في كفرهم أولى)!

-وأما التكفير في كتب الماتريدية فأكثر من أن يحصر حتى في كتبهم الفقهية-فضلا عن كتبهم الكلامية- ، فهم يكفرون بأدنى شيء ؛ فبعضهم-مثلا- يكفرونك بقولك: (مسيجد)! بل بعضهم يكفرون من يثبت ما نص القرآن عليه ،كحكمهم بارتداد من يقول بزيادة الإيمان[مع كثرة وشهرة وصراحة الآيات التي تنص على زيادة الإيمان].



-ثم إن الدكتور نفسه يقرر ضمنا خطأ بعض علماء الكلام ؛لأنه أقر في أول المحاضرة أنه لايجوز دعاء غير الله فيما لايقدر عليه إلا الله .[ وهل كان إنكار ابن تيمية عليهم إلا لأجل هذا الفعل-الذي أنكرته أنت نفسك- وأمثاله]







9-يقرر الدكتور في مقام الرد على ابن تيمية ومن وافقه =أن توحيد الألوهية متضمن توحيد الربوبية ، وأنه لا يوحد أحد توحيد الألوهية إلا وقد أقر الربوبية.



0وهذا في غاية العجب؛ فإن ابن تيمية و من وافقه لم يخالفوا في هذا ،بل تقرير هذا في كتبهم كثير جدا.







10-ادعى الدكتور التقدير في نحو قوله تعالى{ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله}لقمان25 ، وأنه المفروض عليهم ، لا حقيقة اعتقادهم ! [ثم زاد الدكتور ضغثا على إبالة=فنسب هذا القول إلى(العلماء) كذا بإطلاق!]

0وهذا غريب منه ؛فالآيات صريحة في أنهم يعتقدون ذلك ابتداء ، بل لو كانت هذه الآيات ليست نصوصا صريحة في ذلك=لما قبل من الدكتور هذا التقدير ؛ لعدم الدليل ،ولأن الآيات في ذلك كثيرة ولم يأت التقدير في أي موضع منها ولا في السنة ، وهذا عند العلماء يصير الظاهر نصا ؛ لأن ادعاء التقدير في مثل ذلك=حكم بأن القرآن غير مبين ، وأن الله-سبحانه- يخفي التقدير في كل هذه المواضع ! وهذا لا يكون إلا ممن يريد التعمية على المخاطب وإخفاء الحقيقة عنه أو تشويهها وإلباسها عليه ، تعالى الله عن مثل ذلك. {بلسان عربي مبين} {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} {وأنزلنا إليكم نورا مبينا}.



-ثم إن الدكتور لم يسم أحدا من العلماء إلا ابن عاشور[كرر ذكره] ، وأنا أستغرب من الدكتور كيف يحتج على ابن تيمية[في مقام اعتراضه عليه بأنه لم يسبق من متقدم] بكلام عالم معاصر ، ولو كان تفسير عالم حجة على غيره-وحاشا لله أن نقول ذلك- =لكان ابن تيمية-فضلا عن غيره- أولى من ابن عاشور ؛ لكونه أعلم منه وأسبق وأقرب إلى زمان التنزيل والسلف باتفاق أهل المعرفة.



0فكيف إذا عرفت بعد هذا أن نسبة الدكتور ذلك القول إلى ابن عاشور من أصلها نسبة غير صحيحة ، وكلام ابن عاشور يخالف صراحة ما نسبه إليه في نفس ذلك الموضع المشار إليه-آية لقمان25- ، وفي غيرها أيضا من آيات هذا الباب[في تفسيره آيات يونس والمؤمنون والعنكبوت والزمر والزخرف وغيرها].



0فإن ابن عاشور رحمه الله نص في عدة مواضع من تفسيره[=<التحرير والتنوير>11/155 ، 18/109 ، 25/271] على أن الاستفهام(استفهام تقريري).



-وقال عند آية يونس(11/157) : (وإنما أخبر الله عنهم بأنهم سيعترفون بأن الرازق والخالق والمدبر هو الله؛ لأنهم لم يكونوا يعتقدون غير ذلك).



-وقال عند نفس آية لقمان (21/179) : (...عقولهم التي تجمع بين الإقرار لله بالخلق،وبين اعتقاد إلهية غيره).

-وقال عند آية الزمر{ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} (24/17) : (هو تمهيد لما يأتي بعده من قوله:{قل أرأيتم ما تدعون من دون الله} ؛ لأنه قصد به التوطئة إليه بما لا نزاع فيه ؛ لأنهم يعترفون بأن الله هو المتصرف في عظائم الأمور).



-وقال عند آية الزخرف الأولى9 (25/168) : (هم يقولون:خلقهن الله...، وذلك هو المستقرى من كلامهم؛نثرا وشعرا في الجاهلية).







- وأما قول الدكتور بأنه تعليق لم يثبت حصوله ، ثم كلامه على أداة الشرط(إن).



0فأقول:كيف غفل عن كون الله يعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون ؟!



0ثم كيف غفل عن وجود آيات أخرى في الباب ليس فيها أداة الشرط هذه، بل تبتدئ بالأمر={قل:...}، ثم يخبرنا سبحانه بردهم={سيقولون:...}.



-ثم تأمل خاتمة مثل هذه الآيات[مثلا في سورة المؤمنون(84-)] بعد جوابهم ، واستعن بكتب التفسير-وخاصة التفاسير العالية المتقدمة كالطبري وابن أبي حاتم-=ليزداد لك الأمر وضوحا ، فإن كنت مستعجلا فلا أقل من أن تتأمل قوله تعالى في آية الزمر38 :{ولئن سألتهم من<خلق> السماوات والأرض ليقولن الله ، قل أفرأيتم ما<تدعون> من دون الله...}



0ثم إن في بعض هذه الآيات ترتيب أمر آخر على جوابهم ، فإذا سمع ردهم قال لهم قولا آخر كما في نحو قوله تعالى{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ} ثم سيجيبونك: {فَسَيَقُولُونَ اللّه}ُ ، فإذا أجابوك={فقل أفلا تتقون}.





0ثم ماذا تفعل بنحو قوله تعالى:{فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين,فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} ؟

هل ما زلت تشك في أن هؤلاء المشركين كانوا يؤمنون بأن الله هو الرب المدبر ، وأن بقية آلهتهم إنما هي وسائط وشفعاء{ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} ، وأنهم يخلصون حال الشدة في دعاء الله[والدعاء من توحيد الألوهية] ، ثم إذا نجاهم أشركوا فيه-أي:الدعاء- ؟!



-وقد روى الطبري1/393 و ابن أبي حاتم وغيرهما[بإسناد يثبته ابن حجر في الفتح والسيوطي في الإتقان وغيرهما] عن حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال-عند قوله تعالى:{فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}- : (أي: لاتشركوا بالله غيره من الأنداد...،وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره===). [وسيأتي إن شاء الله نقل مثل هذا عن جماعة من التابعين]
يتبع===

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:54 AM
ثم إن هذا شيء لم يتفرد به ابن تيمية-كما أوهم الدكتور سامعيه- ، بل هو مشهور متداول في كتب العلماء[وستأتي بعد قليل بعض النقول الثابتة عن بعض السلف في تفسير الطبري وغيره]، وانظر-مثلا- إلى قول المؤرخ الأندلسي صاعد بن أحمد[توفي عام462(أي:قبل ولادة ابن تيمية بنحو200 عام)] في كتابه النفيس[طبقات الأمم]ص44 : (جميع عبدة الأوثان من العرب موحدة لله تعالى[أي:مقرة بأصل الربوبية لله]،وإنما كانت عبادتهم لها[أي:الأوثان]ضربا من التدين بدين الصابئة في تعظيم الكواكب والأصنام الممثلة بها في الهياكل،لا على ما يعتقده الجهال بديانات الأمم وآراء الفرق أن عبدة الأوثان ترى أن الأوثان هي الآلهة الخالقة للعالم! ولم يعتقد قط هذا الرأي صاحب فكرة ولا واربه صاحب العقل. دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى:{مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}). انتهى [وقد أشار إمام الماتريدية أبومنصور الماتريدي إلى نحو هذا ،وقد سبق شيء من كلامه]











11-استدل الدكتور مرارا بقوله تعالى{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} على كذب المشركين في دعواهم.



0وهذا استدلال غريب ؛ فإن الآية حجة عليه-كما سبق- ، وإنما يصح فهمه= لو قيل: (إلا وهم كاذبون)! ، كما قال الله تعالى في شهادة المنافقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم:{إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون}.



0وإمام المفسرين ابن جرير قد أشار في تفسيره(13/372) إلى اتفاق المفسرين على أنه إقرار منهم-وليس كذبا- ، ثم روى عدة آثار ؛ عن ابن عباس وعن بعض تلاميذه وعن غيرهم ، وكلها متفقة على إقرارهم بأصل الربوبية ، وشركهم في العبادة والتأله.



-ومن ذلك ما رواه بإسناد جيد عن قتادة أنه قال: (إنك لست تلقى أحدا منهم إلا أنبأك أن الله ربه وهو الذي خلقه ورزقه ، و هو مشرك في عبادته). [وروى نحوه عن عكرمة ومجاهد والشعبي]

-وروى الطبري أيضا-بإسناد صحيح- وابن أبي حاتم وغيرهما عن ابن زيد أنه قال: (ليس أحد يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله ويعرف أن الله ربه وأن الله خالقه ورازقه ، وهو يشرك به ، ألا ترى كيف قال إبراهيم{قال أرءيتم ما كنتم تعبدون*أنتم وآباؤكم الأقدمون*فإنهم عدو لي إلا رب العالمين}. قد عرف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون،قال: فليس أحد يشرك به إلا وهو يؤمن به ، ألا ترى كيف كانت العرب تلبي تقول: لبيك اللهم لبيك،لبيك لا شريك لك، إلا شريك هو لك،تملكه وما ملك ؟!).











12-قوله بأن الله وملائكته ورسوله اكتفوا منهم بإثبات الربوبية في نحو قوله تعالى في آية الميثاق:{ألست بربكم قالوا بلى} ، ولم يسألوهم إثبات الألوهية.



0وهذا أيضا من الفهم الخاطئ لأًقوال خصومه ، ولأصل المسألة ؛ لأن ابن تيمية وغيره يقولون بأن توحيد الربوبية مستلزم توحيد الألوهية[أي:يلزم كل من أقر بربوبية الله أن يوحده في الألوهية، وإلا عد ذلك طعنا في نفس إقراره بالربوبية-كما سبق في كلام أبي منصور الماتريدي وحافظ الحكمي- ،واعتبر متناقضا مدخولا في عقله{أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون}] ،

ولأنهم يقولون بأن الربوبية أو الألوهية إذا أطلق أحدهما في النصوص الشرعية دون الآخر تضمن معنى الآخر[إذا اجتمعا(سياقا) افترقا(معنى)،وإذا افترقا اجتمعا] ، وذلك مثل قوله تعالى{إنما الصدقات للفقراء والمساكين...} فهنا فرق العلماء بين معنيي الفقير والمسكين ، ولكن لم يقل أحد منهم بأنه في نحو قوله تعالى: {إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} يقتصر على إيتاء الفقير دون المسكين ! بل يقولون هنا بأن المسكين يدخل في حكم الفقير ولاشك.



-وتوجيه الاكتفاء بتوحيد الربوبية ليس منحصرا فيما ذكر،بل هناك أجوبة أخرى.



0وقد ذكر العلامة السهسواني في كتابه<صيانة الإنسان>ص472 عند كلامه على آية الميثاق بعض الأجوبة ، فقال: (



-(الأول)[وقد أشرنا إليه قبل قليل] أن الإقرار بتوحيد الربوبية مع لحاظ قضية بديهية وهي أن غير الرب لا يستحق العبادة =يقتضي الإقرار بتوحيد الألوهية عند من له عقل سليم وفهم مستقيم، فيكون الإقرار المذكور حجة عليهم كما احتج الله تعالى على المشركين بتوحيد الرازق، ومالك السمع والأبصار، والمحي والمميت، ومدبر الأمر، ومن له الأرض ومن فيها، ورب السموات السبع ورب العرش العظيم، ومن بيده ملكوت كل شيء، ومن خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر، ومن نزل من السماء ماء، ومن خلقهم...على وحدانية الألوهية...



-و(الاحتمال الثاني): أن في الآية اختصاراً، والمقصود: ألست بربكم وإلهكم؟ يدل عليه أثر ابن عباس: (إن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً...) ، وأثر أبي بن كعب: (...قال: فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ولا تشركوا بي شيئاً...).

[وهذا كما في نصوص نجاة وفلاح المؤمن بالله،فإنه لا ينازع أحد في اشتراط الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم أيضا وإن اقتصرت هذه النصوص على الأول؛ اختصارا ، أو لأن الأول متضمن الثاني-كما سبق-]



-و(الاحتمال الثالث): أن المراد بالرب المعبود، قال القرطبي: والرب المعبود، وعن عكرمة في تفسير قوله تعالى: {ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله} قال: يسجد بعضنا لبعض...

وقال الله تعالى في سورة التوبة: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}. فالمراد بالأرباب في تلك الآية هم المعبودون، بدليل قوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون}. وكذلك فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه وقرره النبي صلى الله عليه وسلم عليه؛ روى الإمام أحمد والترمذي...عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه...دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم...وهو يقرأ هذه الآية: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله}. قال: فقلت: إنهم لم يعبدوهم! فقال: بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم). انتهى كلام السهسواني رحمه الله [وما بين المركنين مني]





-فطريقة الدكتور التي شغل بها أكثر وقت المحاضرة ، قريبة من طريقة من يستدل على أن الإسلام ليس هو الأعمال الظاهرة[كما في حديث سؤال جبريل وغيره] بنحو قوله تعالى في سورة يونس84: {وقال موسى يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين}. لأن التوكل عمل قلبي !





-ثم إن الأسماء والأوصاف المختلفة قد تطلق على ذات واحدة ، فهي في حقيقتها أسماء و أوصاف مختلفة،ولكن الذات واحدة مهما تعددت أسماؤها و أوصافها.



0وتأمل هذه المغايرة في الأوصاف مع اتفاق الذات في نحو قوله تعالى:{قل أعوذ<برب>الناس*ملك الناس*<إله>الناس...}.



-ثم إنه لا يخفى على أدنى مطالع لكلام العرب و لمعجمات أئمة اللغة اختلاف معنيي الرب والإله من حيث اللغة العربية ، وأن الرب عندهم=هو المالك المتصرف ، والإله عندهم=هو المعبود أو المستحق للعبادة.

يتبع====

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:56 AM
13-بعد أن استهزأ الدكتور بخصومه ، رد احتجاجهم بقوله تعالى{ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} بالتفريق بين{ليقربونا} و(لتقربنا) ؛فالضمير في الآية للمعبودين ، وليس لنفس الأعمال !



0وهذا التفريق الذي تبناه الدكتور-على التسليم به جدلا- = لا تأثير له في مسألتنا البتة.



0ثم إنه هل يقول عاقل بأنهم أرادوا من آلهتهم التقريب دون تقرب إليها بقربة تكون سببا للقرب إلى الله ؟! وهل يتصور أن أحدا يعبد من لا يظن نفعه أو ضره بذاته أو بوساطته ؟!



0ثم إن تفسير العلماء المتداول في عامة كتب التفسير هو أن معنى الآية= إلا ليشفعوا لنا إلى الله. [ حتى أن بعض كتب التفسير التي تعنى باستيعاب أقوال المفسرين ،وتتكلف تفريع الأقوال وتوليدها-كتفسير(زاد المسير)- لم يذكروا قولا آخر] ، وقد قال الشهاب الخفاجي في حاشيته على تفسير البيضاوي: (قالوا: مانعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، فهو[=الله] المعبود الحقيقي عندهم. فتأمل). انتهى









14-تكلم في مسألة اللازم والملزوم ،مبينا لخصومه الصواب فيها ،وأن ما ذكره هو من أوليات العلم...



0وأقول: لم يخالفه أحد فيما ذكر، فلا داعي إلى مناقشة خطأ لا وجود له.



-واحتجاجه للازم والملزوم بقوله تعالى{إنما يخشى الله من عباده العلماء} لايصلح مثالا هنا، لأنه من باب الحصر ؛ أي:إنما توجد الخشية في العلماء، لا من باب لزوم الخشية للعالم. [وإنما يصلح مثالا للازم والملزوم لو قيل: العالم يخشى الله].









15-احتجاجه بقوله تعالى {وفي الأرض إله}. احتجاج غريب ، وأغرب منه استدلاله بحديث (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله)، وأنه يدل على أنه إله في الأرض في ذلك الوقت وإن لم يكن في الأرض من يوحده من البشر !



0وهذا خطأ من عدة وجوه ، ومن أسهل هذه الوجوه أن يقال: لماذا تحصر التأله ببني آدم فقط ؟! فقد يفنون ويبقى غيرهم من الخلق. {ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة} ،{سبح لله ما في السماوات وما في الأرض} ،{وإن من شيء إلا يسبح بحمده}.



0 ثم لماذا لم تقدر هنا كما قدرت في نحو قوله تعالى{ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} ، وتقول بأن ألوهيته في السماء والأرض في ذلك الوقت أمر يضطر إليه وأنه مستحق لله ؟!

[فالتقدير هنا أولى بلا شك؛لأنها آية واحدة لا آيات كثيرة ، ولأن سياقها يقبل التقدير خلافا لآيات سؤال المشركين]









16-يحتج على خصومه بأمثلة من كفر بالربوبية ، وخصومه لم يدعوا بأنه لم يكفر أحد بالربوبية أو أن إقرار من أقر بالربوبية إقرار تام.



-ولذلك يشير ابن تيمية في عدة مواضع[عند حديثه عمن أقر بأصل الربوبية] إلى عدم تمام إقرارهم بالربوبية[فضلا عن الاعتداد به حكما وشرعا].



0قال في<در التعارض9/345>-بعدما ذكر إقرار مشركي العرب والمتكلمين بالربوبية- : (ولكن كثير من الطوائف قصر فيه، مع إثباته<لأصله> ، كالقدرية الذين يخرجون أفعال الحيوان عن قدرة الله ومشيئته وخلقه).



0وقال في<التدمرية>3/98: (ليس في العالم من ينازع في <أصل>هذا الشرك[=الربوبية] ، ولكن غاية ما يقال: إن من الناس من جعل بعض الموجودات خلقا لغير الله، كالقدرية وغيرهم،لكن هؤلاء يقرون بأن الله خالق العباد وخالق قدرتهم،وإن قالوا: إنهم خالقوا أفعالهم).



0وقال أيضا<مجموع الفتاوى2/38> : (توحيد الربوبية...لم ينازع في<أصله> أحد من بني آدم[يعني:المتعبدين] ، وإنما نازعوا في <بعض تفاصيله>).



0وقال في<درء التعارض9/347>: (والمقصود أن كثيرا من أهل الشرك والضلال يضيف وجود بعض الممكنات أو حدوث بعض الحوادث إلى غير الله...،وهم مع شركهم وما يلزمهم من<نوع تعطيل> في الربوبية لايثبتون مع الله شريكا مساويا...).



0ولذلك تجد ابن تيمية في كثير من المواضع يكتفي بذكر أعيان ما نص القرآن على إقرار المشركين به.[كأن يقول بأن المشركين يقرون بخلق الله لهم أو أن المشركين يقرون بخلق الله السماوات والأرض ونحو ذلك من أهم حقوق الرب التي نص عليها القرآن]



-والدكتور ومن وافقه يلزمهم تجاه بعض من يدافعون عنهم من المتكلمين مثل ما ألزموا به ابن تيمية ؛ فإنهم يصرحون بأن المعتزلة مقرون بالربوبية ، ومع ذلك فإن المعتزلة عندنا وعند الأشاعرة[والدكتور يقول بأنه منهم] لا يقرون ببعض تفاصيل الربوبية؛ وهو الإقرار بخلق الله أفعال العباد. فليس لهم إذاً مندوحة عن القول بأن إقرار المعتزلة بالربوبية إنما هو إقرار بأصلها لا بجميع تفاصيلها. والله أعلم







-ثم إن بعض مظاهر الشرك التي يعترضون بمثلها على ابن تيمية إنما هي من باب الشرك في الأسماء والصفات ، ومن يقسم التوحيد ثلاثة أقسام[ألوهية،وربوبية،وأسماء وصفات] لا يلزم بمثل هذه الأمثلة ، وإنما يسوغ الاعتراض بمثلها[على فرض صحة الاعتراض من أصله] على من يقسم التوحيد قسمين[ألوهية وربوبية] ؛ لأن الأسماء والصفات على هذا التقسيم الثنائي ليس قسما مستقلا ،وإنما هو داخل في القسم الثاني-الربوبية-[فهو على هذا قسم من توحيد الربوبية وليس قسيما له]. والله أعلم









17-كرر الدكتور ذكر الأدلة على إنكار بعض العرب البعث ، ثم ادعى أن ابن تيمية ومن تابعه لم ينتبهوا لذلك!



0وهذا كلام غريب جدا ؛



-أولا: لأنه لا تعارض بين إقرار بعض المشركين بالربوبية ،وإنكار البعث.[فالجهة منفكة]

0وقد جاء في بعض أشعارهم ما يدل على هذا الانفصام ، كما في قول لبيد بن ربيعة: ألا كل شيء ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل.

[وراجع تفسير أبي جعفر الطبري19/487 عند قوله تعالى:{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه،قال من يحيي العظام وهي رميم} ، فقد روى أبوجعفر-وكذا ابن أبي حاتم وغيرهما- أقوالا تدور على أسماء رجال من متعبدي العرب-المشركين-(ولم يذكر الماوردي في تفسيره الجامع<النكت والعيون> غير هذه الأقوال) ، وأكثر الأقوال على أنه أبي بن خلف-وهو من متعبدي العرب بلا شك،بل في مستدرك الحاكم وصححه أنه حلف بالله وحده(والذي نفسي بيده).]



-والداعي إلى أي عبادة-صحيحة كانت أم فاسدة- ليس محصورا في طلب الثواب الأخروي، بل هناك أسباب أخرى؛ كطلب الثواب الدنيوي أو كشف الضر الدنيوي ، أو مجرد الحب ، أو شكرا على جلب النعم ودفع النقم ، أو تقليدا للآباء ونحو ذلك.





-وثانيا: لأن ابن تيمية نفسه جزم في الفتاوي المصرية والفتوى الحموية بأن مشركي العرب كانوا لا يؤمنون بمعاد الأبدان ولا الأرواح.

[بل إن الشوكاني(وهو من موافقي ابن تيمية على أن شرك المشركين الذين ذكرهم الله في كتابه كان في الألوهية،كما في عدة مواضع من كتبه،وراجع-مثلا- المجلد الأول من مجموع رسائله-الفتح الرباني-ص147 و ص338) قد حكى في كتابه<فتح القدير5/481> الاتفاق على إنكارهم البعث.

وفي هذا نظر ؛ فإن في بعض أشعار بعض مشركي العرب تصريح بالإقرار بالبعث، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى في معلقته: يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر*ليوم الحساب أو يعجل فينقم / وبمثل هذا(أي:وجود من يثبت البعث من مشركي العرب) يجاب عن استشكال ذكر إخراج الحي من الميت في آيات سؤال المشركين في سورة يونس{قل من يرزقكم...} ، وهناك جواب آخر أقوى من هذا؛ وهو أن ظاهر الآية أنه الإحياء الأول-الخلق- لا إحياء البعث،ولذلك قدم في الآية على إخراج الميت من الحي. والله أعلم]





-وثالثا: لأن أصل نقاشنا في المتعبدين من العرب[المشركين] ، لا في غير المتعبدين[الملاحدة،منكري وجود الله]، ولذلك قال ابن تيمية في<التدمرية>3/99 عند تقريره مسألة إقرار مشركي العرب بأصل الربوبية: (...فأما من أنكر الصانع،فذلك جاحد معطل للصانع كالقول الذي أظهره فرعون، والكلام الآن مع المشركين بالله المقرين بوجوده).

0وكذا نبه على هذا في<نقض التأسيس2/454>،وتأمل قوله فيه: (...بخلاف توحيد الربوبية فإنه قد أقر به عامة <المشركين في توحيد الإلهية>).

فهو ليس كلاما عاما في جميع أصناف الكفار ، بل هو خاص بنوع من أنواع الكفار[المتعبدين المشركين] ، وهم المعنيون في الآيات المشار إليها.



-وانظر كلامه على منكري ربوبية الله ووجوده في<منهاج السنة3/292>[تنبيه: جاءت عبارته في هذا الموضع في المتن هكذا(أصل الشرك...) ،والصواب ما في نسخ الكتاب الأخرى-كما في الحاشية4- (أصل الكفر...).]









18-لم يفهم الدكتور بعض كلام ابن تيمية في وصف المشركين ، وظن أن ابن تيمية ينكر وجود جاحدي وجود الله مطلقا أو ينكر وجود من يجحد بعض تفاصيل الربوبية، وعزى هذا إلى قصور قراءة ابن تيمية في تاريخ عقائد العرب! [وهذا الكلام الأخير لا يحتاج إلى تعليق ، ولا أراني محتاجا إلى نقل ثناء المؤرخين وغيرهم عليه في هذا الباب-كإمام المؤرخين الذهبي- ، بل نكتفي بتوجيهكم إلى سؤال بعض المستشرقين عن ذلك].



0وقد سبق نقل كلام ابن تيمية وغيره في إثبات وجود هذين الصنفين ، وسأنقل هنا كلاما يصرح فيه بمطالعته كلام المؤرخين في هذا ، ويوضح إشكالا في أحد أنواع المشركين-المتعبدين-.



-قال في<التدمرية>3/96: (قد ذكر أرباب المقالات ما جمعوا من مقالات الأولين والآخرين في الملل والنحل والآراء والديانات ، فلم ينقلوا عن أحد إثبات شريك مشارك له في خلق جميع المخلوقات،ولا مماثل له في جميع الصفات).



-وقال أيضا<مجموع الفتاوى11/51> : (فإن جميع هؤلاء - وإن كانوا كفارا مشركين متنوعين في الشرك - فهم مقرون بالرب الحق الذي ليس له مثل في ذاته وصفاته وجميع أفعاله ؛ ولكنهم مع هذا مشركون به في ألوهيته بأن يعبدوا معه آلهة أخرى يتخذونها شفعاء أو شركاء ؛ أو في ربوبيته بأن يجعلوا غيره رب بعض الكائنات دونه مع اعترافهم بأنه رب ذلك الرب وخالق ذلك الخلق).

-وقد كرر ابن تيمية نحو هذا الكلام عدة مواضع[انظر-مثل-:<درء التعارض9/344،347>،<مجموع الفتاوى7/75>]





-وقال في<منهاج السنة3/330>: (والمشركون كانوا يقرون بهذا التوحيد الذي هو نفي خالقين ، لم يكن مشركو العرب تنازع فيه ولهذا قال الله لهم:{أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون}. فكانوا يعترفون بأن آلهتهم لا تخلق

ولهذا ذكر الله تعالى هذا التقرير بعد قوله:{قل لمن الأرض ومن فيها...}...، فالذين أثبتوا فاعلا مستقلا غير الله كالفلك والآدميين وجعلوا هذه الحركات الحادثة ليست مخلوقة لله فيهم من الشرك والتعطيل ما ليس في مشركي العرب فإن مشركي العرب كانوا يقرون بالقدر وأن الله وحده خالق كل شيء.

ولهذا قال في الآية الأخرى:{قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا}). انتهى كلامه رحمه الله [وقد أقره المؤرخ شمس الدين الذهبي على أصل كلامه هذا في<المنتقى> ص158]





-وقد سبق نقل كلام المؤرخ صاعد بن أحمد الأندلسي في تقرير هذا الأصل ،وتصريحه بأن القول بخلافه هو من اعتقاد(الجهال بديانات الأمم وآراء الفرق)!





-وتأمل احتجاج الله عليهم بنحو قوله تعالى:{أفمن يخلق كمن لايخلق}.



-وكذلك تأمل حديث ابن عباس في صحيح مسلم(118) قال رضي الله عنه : (كان المشركون يقولون لبيك لا شريك لك.

قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: ويلكم قد قد! [أي:قفوا عند هذا]

فيقولون: إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك).







-والدكتور نفسه لم يذكر أي مثال واقعي على أن شرك العرب الذين خاطبهم القرآن كان شركا بأصل الربوبية[كالخالقية] ، سوى ما ذكره من أن بعض العرب كانوا يقولون بأن الإناث من خلق غير الله. وهذا يجاب عنه بما يلي:



1/أن هذه مجرد دعوى وهو قول مرسل يحتاج إلى إثبات صحته بالطرق العلمية ، خاصة في مثل هذه القضايا الكبيرة.



2/أن هذا القول يقابله قول من ذكرنا من المؤرخين وغيرهم بمنعهم مثل ذلك. [والمانع المطالب مقدم]



3/أن هذا مخالف لظاهر القرآن ؛ فإن الله قد نص في كتابه على أنهم{جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا}. ، وظاهر القرآن يدل على أنهم مقرون بأن الملائكة[التي يجعلونها إناثا] مخلوقة ، في نحو قوله تعالى:{أم اتخذ مما يخلق بنات} ، وقوله تعالى:{وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ، أشهدوا خلقهم} ، وقوله تعالى:{أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون}.





4/لو سلمنا بوجود هذا الجنس في مشركي العرب، وسلمنا بأن دعواهم تلك حقيقية[وليست كذبا وجحودا كحال فرعون حين جحد ربوبية الله للعالم ظاهرا لا باطنا] فأين الدليل على مجادلة القرآن لهذه الفئة القليلة ؟ [خاصة إذا استحضرنا إقرار مشركي العرب بأن الله{بيده ملكوت <كل شيء>}-كمافي آية المؤمنون- ، وأن الله{يدبر الأمر}-كمافي آية يونس-(أي:كل الأمور)].

0وهذا الجواب قد يؤخذ من قول ابن تيمية نفسه في كتابه<الرد على المنطقيين>ص142 : (...فإن مشركي العرب وغيرهم<ممن يقر> بأن الرب فاعل بمشيئة وقدرة،وأنه خالق كل شيء...،كانوا يعبدون غير الله ليقربوهم إلى الله زلفى...، و<هؤلاء> المشركون الذين بين<القرآن> كفرهم).







5/ولو سلمنا جدلا بأن القرآن تكلم عن هذه الفئة القليلة ، فهل يقبل من أحد أن يدعي أن جميع هذه الآيات الكثيرة في مجادلة المشركين إنما كانت تخاطب هؤلاء ال(بعض) ، مع تنكب الكلام-ولو في آية واحدة- عن النوع الآخر من مشركي العرب الذين كانوا يثبتون أصل ربوبيته ولكنهم يشركون به في عبادته ؟! [مدعي مثل هذا كمنكر الشمس في رابعة النهار]















19-جزم الدكتور بأن رسول الله يقول: (والله ما الشرك أخشى عليكم من بعدي)!





0والدكتور هنا ينسب إلى رسول الله ما لا يعرف صحته ؛ لمجرد موافقته رأيه ! [ثم هو-هداه الله- مع ذلك يتهم ابن تيمية بعدم التحقيق ، وتحريف النصوص لتوافق هواه!]



0فكيف إذا عرفنا أيضا أن الدكتور قد غير لفظ الحديث المروي-إن صح- وعكس معناه !! [فالحديث في مستدرك الحاكم والطبراني وغيرهما هكذا=(أمران أتخوفهما على أمتي من بعدي؛ الشرك والشهوة الخفية)].



0ثم إن وقوع الشرك في أمته من بعده = صحت فيه أحاديث صريحة ، كما في الصحيحين: (لاتقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة) ، وفي صحيح مسلم : (لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى).



-والدكتور له منهج غريب في الاحتجاج ؛ فتراه يحتج بالضعيف بل الموضوع ويلزم به=إذا وافق رأيه ، وينكر الصحيح بل المتواتر أو يتأوله بأضعف التأويلات=إذا خالف رأيه !











20-ختم الدكتور محاضرته[التي نعت فيها ابن تيمية بالهوى وعدم اتباع الأدلة الواضحة ،وموافقيه بالتقليد الأعمى والكسل الفكري] بقوله : (من ارتاب= فعودوا إلى الأزهر الشريف) !



)















-انتهى أصل الرد مع الإضافات ، وقد قصدت الاختصار قدر المستطاع، وقد بقيت لدي ملاحظات أخرى ومناقشات منهجية للدكتور سأضيفها لاحقا متى تيسر ، أو أقحمها في بعض الردود التي كتبتها على محاضرات أخرى للدكتور.

-وقد أعرضت عن مناقشة تهويلات الدكتور المحضة واكتفائه برد أدلة مخالفيه في قضايا كبرى بنحو قوله: هذا بعيد ، أو لا شك أنه خطأ ، أو:الأمور واضحة تماما ، أو: ماتقدرش تدافع،ماينفعش تدافع! أو قوله بأن الأدلة القرآنية التي يستدل بها على ابن تيمية(تملأ مجلدات)! أو رفع الصوت وتشديد مخارج الحروف وتقطيب الوجه ، أو تكرار الاستعاذة[مع أنني استمعت إلى محاضرة اشترط فيها أن لا يستعيذ عندما يذكر أقوال الملاحدة،وعلل ذلك بقوله:حتى لا يقال بأننا نصادر على المطلوب ونخاطب الناس بالعاطفة.(وقد التزم ذلك في المحاضرة إلا عندما ذكر قولا نسبه للسلفيين!) ، فهل أقوال الملاحدة أولى بترك الاستعاذة بل تكرارها وقرن ذلك برفع الصوت وعبوس الوجه، بله عبارات التجريح والاتهام ؟!] ، أو تكراره نسبة بعض الأقوال-التي لا يكاد يعرف لها في المتقدمين قائل- إلى(الجمهور)! ترهيبا من الأخذ بقول ابن تيمية المخالف لقول هؤلاء(الجمهور)-حسب دعواه- ! [مع أنني عهدت الدكتور يخالف الإجماع-بله قول الجمهور- في عدة مسائل ، بل يصرح أحيانا بالمخالفة كنحو قوله في بعض محاضراته في اليوتيوب: أعتبر نفسي أخالف إجماع المسلمين...!]













والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.







/عايد بن محمد

/abosulaiman728@hotmail.com

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:57 AM
سأستكمل جمع الردود

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 07:59 AM
مشكلة عدنان ابراهيم مع صحيح البخاري .. رؤية نقدية
السبت, 09 ذو القعدة 1434
أحمد بن يوسف السيد

شاهدتُ عبر الشبكة خطبةً للدكتور عدنان إبراهيم قدَّمَها تحت عنوان " مشكلتي مع البخاري" وبعد مقارنتها بسائر خطبه الأخرى





ترسّخ لديّ بأن مشكلة عدنان إبراهيم ليست خاصة بصحيح البخاري؛ بل هي مع سائر كتب السنة، وهي مع الأقل صحة من (البخاري) أكبر وأشد؛ لأن صحيح البخاري يجمع أصح ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ و ليست هناك أي خصوصية سلبية تجعل الإشكالية خاصة بالبخاري وصحيحه , فالأمر متعلق بمشكلة حقيقية لدى الدكتور عدنان إبراهيم مع السنة وروايتها بشكل عام كما سيظهر للقارئ الكريم في تفاصيل هذه الأسطر بإذن الله .

أدوات عدنان إبراهيم في تبرير مشكلته مع البخاري

يُفاجأ المشاهد بأن من أول ما يذكره عدنان إبراهيم في خطبته هو الموقف السيء لذاك الرجل المثقف الذي لم يكن مختصا في العلوم الشرعية، ويتمثل الموقف -باختصار- في أن هذا الرجل تهاون في الخطأ في القرآن وحين نوقش في ذلك دافع عن نفسه قائلا (هو إيه؟ أنا غلطت في البخاري؟!(.

وعلى قَدر الغرابة في هذا الموقف، فإن تعليق عدنان إبراهيم عليه أشد غرابة، حيث قال ما نصه عند الدقيقة 8:18 "وفي الحقيقة فهذا منطق سائد وشائع"ولا تستحق دعوى شيوع هذا المنطق أن يُرَد عليها بِقَدرِ ما ينبعث التعجب والتساؤل: لماذا يدّعي عدنان إبراهيم شيوع هذا المنطق غير الشائع؟ هل المراد بث الاستنكار والاستبشاع في أذهان المستمعين بحيث يربطون بين قول المُخالف لعدنان في موقفه من البخاري والأحاديث وبين هذه المواقف (الشائعة السائدة) ؟

لم ينته تعليق الدكتور على الموقف، حيث واصل ذاكراً "أن المثقف غير الشرعي طوال حياته إذا سمع ذِكر البخاري سمع بسماعه ألفاظَ العصمة والقداسة والتمام، وأنه يرى الهجوم على من تسول له نفسه التشكيك أو الترديد في حرفٍ من صحيح البخاري فضلاً عن التشكيك بجملة منه! " ربما يكون هذا الفهمُ شائعا بين فئامٍ من العوام وصغار الطلبة وربما بين عدد قليل ممن لهم دراية بالعلم والحديث، غير أن هؤلاء ليسوا وحدهم المخالفين للدكتور في قضية أحاديث البخاري؛ فإن أكثر من يخالفه في هذه القضية مِن حَمَلة العلم والمختصين في علم الحديث -إن لم يكن جميعهم إلا من شذ- يعلمون أن البخاري انتُقِد في مواضع، وأنها انتقادات معتبرة وليس بشرط أن تكون راجحة، ومع ذلك يُخالفون الدكتور في موقفه من صحيح البخاري والذي يختلف عن سائر هذه الانتقادات المعتبرة.

والمراد من الانتقاد في هذه الجزئية أن هذا القول الذي انطلق عدنان إبراهيم منه في خطبته بعد أن أوصل إلى النفوس بشاعته ليس هو الرأي الذي يمثل الثِقَل الحقيقي للمخالفين له في الموقف من البخاري ومن الأحاديث بشكلٍ عام! ولا عَجَبَ بعد ذلك أن تجد كثيراً ممن يطعن في البخاري وصحيحه وفي السنة وأحاديثها -من المثقفين والشباب- يقولون: "رواة الأحاديث بشرٌ يصيبون ويخطئون! والبخاري ليس معصوماً، وكل عمل بشري لا بد أن يعتريه نقص" سبحان الله! هل هذا قول مخالفيكم؟ إن كنتم سمعتموه من أحدهم مرة، فإن سائرهم لا يؤمن بهذا أبداً!

ينتقل عدنان إبراهيم بعد ذلك إلى أداة أخرى لتبرير مشكلته مع البخاري: وهي وجود من انتقد صحيح البخاري من كبار الحفاظ، مع أن انتقاداتهم على الصحيح تختلف تماماً عن انتقاداته، وتختلف عن النتيجة التي وصل إليها في الموقف من صحيح البخاري.

فالمتابع لما يطرحه عدنان يعلم أنه يرد عددا كبيراً من أحاديث الصحيحين ناسباً إياها إلى الكذب أو الدجل دون سير على قواعد علم الحديث المعتبرة - مع العلم بأن هذه القواعد ليست مقتصرة على النظر في الأسانيد كما قد يظنه البعض، بل تهتم بالمتون- وهذا هو الحد الفاصل بين الانتقاد المقبول والمردود لأحاديث الصحيحين، وهذا إجمال سيأتي تفصيله في باقي أسطر المقال إن شاء الله.

ومن العجيب أن الدكتور في سياق ذكره للأئمة الذين انتقدوا صحيح البخاري خَلَطَ بين من يُعتبر قوله في نقد صحيح البخاري وبين من لا يُعتبر قوله في ذلك.

فقد ذكر أن الأمة لم تُجمِع على صحة كل ما في البخاري، قال: لأن الأمة ليست فقط أهل السنة، بل فيهم الشيعة الزيدية، والشيعة الإمامية، والمعتزلة، والإباضية، وهؤلاء لا يلتزمون بصحة كل ما في البخاري!

إن من هؤلاء الذين ذكر عدنان من يُكفر الصحابة فهل ننتظر منهم أن يأخذوا بروايات مَن دونهم مِن التابعين وتابعيهم فضلا عن أن يعترفوا بالبخاري وشيوخه؟!

مثال آخر: ساق ابراهيم كلام الأئمة الذين انتقدوا البخاري بناء على الموازين المعتبرة في النقد والتي سيأتي ذكرها، ولكنه ذكر معهم من قام بانتقاد صحيح البخاري بناء على اختلاف التصورات العقدية وليس على الموازين المعتبرة, كالشيخ محمد زاهد الكوثري حيث ذكر عنه أنه حكم بتزييف أربعة عشر حديثاً من أحاديث الصحيحين أو أحدهما؛ لأن ظاهر هذه الأحاديث التجسيم في حق الله تعالى -على حد فهمهما لها -!

وبما أن المعروف عن تصور الشيخ الكوثري لمسائل الأسماء والصفات أنه على خلاف اعتقاد السلف الصالح من القرون المُفضّلة؛ فمن غير المستغرَب أن يستنكر هذه الأحاديث التي كان الأخذ بها وقت السلف ميزاناً لتمييز أهل السنة عن غيرهم.

فالمعيار الذي نقله عن الكوثري إنما هو الحكم على الأحاديث بناء على ما يعتقده المرء ولو كان باطلا! وبناء على ذلك يحق للشيعي الرافضي أن ينكر ما يراه مخالفا لمعتقده في صحيح البخاري،كالأحاديث المعتلقة بعدالة الصحابة وفضائلهم، وللناصبي أن يقول عن حديث أبي سعيد في أن عماراً تقتله الفئة الباغية: إنه موضوع مكذوب، ويصح للجهمي أن يُكذب الأحاديث التي تخالف قوله في الصفات، وهلم جرّاً فيصبح حديث رسول الله ألعوبة بين الناس!!

حقيقة مشكلة عدنان إبراهيم مع صحيح البخاري :

من متابعتي لكثير من طرح الدكتور عدنان ترسخ عندي أنه يحكم بالوضع والكذب على أحاديث كثيرة في البخاري دون أي اعتبار لموازين علم الحديث، ويرمي بالأحكام تعميماً ومجازفة وبكل جُرأة واستعجال!

فالمسألة التي يُقررها ينسف كلَّ ما خالفها من الأحاديث دون تردد أو تأخر أو تلطف في العبارة! كما أشرنا في الجزء الثاني من الانتقادات عليه في موضوع النسخ، وذلك أنه حين قرر نفي النسخ في القران بدأ يتخلص من لوازم هذا التقرير من الأحاديث المثبتة له

فقال عن حديث عائشة في صحيح مسلم "كان فيما أنزل التحريم بعشر رضعات.. " إنه موضوع! وقال بجريء العبارة في مثال من أمثلة النسخ "قصص يؤلفونها"! هكذا بالجملة دون تفصيل متعلق بقدر هذه القصص وأسانيدها وفقهها، مع أن من ضمن هذه التي سماها "القصص المؤلفة" حديثاً في البخاري!

هذا مع أن النسخ يؤمن به كافة علماء الأمة قديما وحديثاً إلا قولاً شاذاً مخالفاً لإطباقهم، فالعبرة عند الدكتور في الرد ما خالف فهمه -هو- للشريعة، ثم بعد ذلك لا معنى لورود هذا الحديث الذي يعارض فهمه من إسناد واحد أو من عشرين إسنادا فالقضية لا معنى لها عنده.

ولا معنى عنده لإيمان آلاف العلماء على مر القرون بهذه الأحاديث وتنزيههم إياها عن مخالفة الشريعة، فهي بكل سهولة: كذب ودجل ودسائس!! وهذا كما تقدم هو جوهر الفرق بين انتقاداته لأحاديث الصحيحين وبين انتقادات الدارقطني وأمثاله ممن انتقادهم معتبرة.

وأضرب مثالين على إثبات ذلك من خطبتين من خُطَبِه:

المثال الأول: تكذيبه أحاديث خروج المسيح الدجال. المثال الثاني: تكذيبه أحاديث نزول نبي الله عيسى عليه السلام (وسأشير إلى شيء من التفصيل في هذا المثال عند عنوان "عدنان إبراهيم والإحالة إلى الأشباح")

أحاديث خروج الدجال رويت في الصحيحين من رواية عشرين صحابياً، وبعض هؤلاء الصحابة روي الحديث عنهم من أكثر من وجه وطريق.

والنقطة المهمة هنا أن نعلم أنه قلَّ أن يوجد حديث روي في الصحيحين بهذا الكم الكبير من الأسانيد الصحاح، فمِثل هذا الحديث يُعّدُّ من أصح ما في الصحيحين، وبما أن الصحيحين هما أصحّ الكتب بعد القران، فالنتيجة أن هذا الحديث هو من أصح ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم على الإطلاق.

فإذا كان مثل هذا الحديث بهذه الدرجة من الصحة يقول عنه د.عدنان بلا تردد (إنه كذب) فهل يمكن الاعتماد بعد ذلك على شيء من السنة ؟ الجواب: لا بالتأكيد.

اضطراب الموازين عند عدنان إبراهيم :

بعض الموازين والمعايير التي يستعملها عدنان إبراهيم تكون معتبرة عنده في بعض المواضيع ثم تختفي فجأة في البعض الآخر!

فعلم الحديث وموازينه يكون حجة في أمور، وصِفراً في أمور أُخَر ! ومعارضة الحديث بما هو أصح منه تُستعمل مرةً وتُهمَل أخرى!

وهكذا في خطبتنا هذه حكّم ميزاناً كان يُهمله ويناقضه دائماً ! فالمتابع لخُطَب د. عدنان إبراهيم يرى بجلاء استسهاله تجهيلَ مئات العلماء من الفقهاء والمحدثين والمفسرين بعبارات شديدة جدا، وكثيرا ما يمارس هذا التجهيل بشكل تعميمي مُزعِج يُشعرك أنه هو وحده الذي أدرك المسألة التي يتحدث عنها!

إلا أنه -وللمفارقة العجيبة- في خطبته هذه يعكس القضية بشكل غريب حيث قال ما نصه عند الدقيقة 34:46 "من قال بأن من رد حديثاً في البخاري أو مسلم فقد رد على رسول الله، ...، أقول : فهذا جاهل جهالة غليظة لأنه جهّل معظم من سنذكر، بل كل من سنذكر من العلماء الرادين لأحاديث في الصحيحين، وغير الصحيحين مما صح وهم بالعشرات" عجباً تقول عنه جاهل جهالة غليظة لأن قوله يؤدي إلى تجهيل عشرات العلماء ممن انتقدوا أحاديث في الصحيحين! إذن بماذا تصف من يقول عن معظم أهل السنة والجماعة بأنهم يدّعون التحريف في كتاب الله كما ذكرتَ ذلك في خطبة "لا نسخ في القران" ؟

وبماذا تصف من يقول كَذَبنا على أنفسنا أربعة عشر قرناً ؟!

الانفصال بين الألباني وعدنان إبراهيم في الموقف من البُخاري!

أشار عدنان إبراهيم في هذه الخطبة إلى أن الألباني وافق على كلام الغماري الذي ذكر فيه "أن من أحاديث الصحيحين ما يُقطع ببطلانه" وأنه دعى إلى "عدم التهيب من الحكم عليها بالوضع".

وعند التحقيق فليس كلامُ الألبانيِّ صريحاً في موافقة الغماري على كلمة (الوضع) بعينها، فإن الغماري ذكر في سياق كلامه أكثر من جملة، منها: أن الإجماع لم يقع على صحة كل ما في الصحيحين، وعبارة الألباني جاءت في ختام هذه الجُمَل، وهي تنطبق على الجملة المتعلقة بالإجماع ؛ فإن نص كلام الألباني في الموافقة هو : "وهذا مما لا يشك فيه كل باحث متمرس في هذا العلم، وقد كنتُ ذكرتُ نحوه في مقدمة شرح الطحاوية "انتهى.

والذي يدل على أن موافقة الألباني لكلام الغماري ليست فيما يتعلق بالموضوعات ما يلي :

1- قوله : وهذا لايشك فيه (كل) باحث متمرس في هذا العلم. وهذه العبارة لا يمكن أبداً أن تنطبق على ادعاء وجود موضوعات في البخاري، ودونك أيها القارئ الكريم أيَّ باحثٍ متمرس في هذا العلم - الذي هو بالطبع علم الحديث- فسَلْه: هل يخفى عليك وجود موضوعات في صحيح البخاري؟ ثم لتنظر: هل عبارة الألباني تنطبق على الإجابة بـ"نعم" عن هذا السؤال كما فهمها عدنان إبراهيم؟ أم على عدم ثبوت الإجماع على صحة (كل) حديث في الصحيحين؟ فإن كل باحث متمرس في علم الحديث لا يخفى عليه وجود بعض الأحاديث اليسيرة المنتقدة فيهما وأنها مستثناة من الإجماع المنقول على صحة ما في الصحيحين.

2- الألباني رحمه الله ضعّف أحاديث في الصحيحين، وقد تُتُبِّعَت هذه الأحاديث وجُمعت، ووقفتُ على رسالة مُصنّفة في جمع هذه الأحاديث وكلام الألباني عليها، وليس فيها شيء حكم عليه بالوضع وإنما بالضعف، ولن يترك رحمه الله الأحاديث الموضوعة دون بيان ليتجه إلى بيان الأحاديث الضعيفة!

3- أن الألبانيّ أحال في الكلام السابق في تعليقه على الغماري إلى مقدمة الطحاوية وعند مراجعة المقدمة لم أجد فيها أي إشارة لقضية الموضوعات في البخاري.

4- دائما تجد لُغة الألباني في نقد البخاري خفيفة ومشيرة إلى محدودية وخفة الانتقادات عليه، انظر مثلاً قوله "واعلم أن صحيح البخاري مع جلالته وتلقي العلماء له بالقبول كما سبق ذِكره في المقدمة فإنه لم يسلم من النقد من بعض العلماء وإن كان غالبه -أي غالب هذا النقد- مجانبا للصواب" مقدمة مختصر البخاري للألباني جزء2 ص4.

وقال : "أعود إلى أحاديث هذا الصحيح (يقصد البخاري) فأقول،...، الباحث الفقيه لا يسعه إلا أن يعترف بحقيقة علمية عبر عنها الإمام الشافعي رحمه الله فيما روي عنه من قوله "أبى الله إلا أن يتم كتابه" ولذلك أنكر العلماء (بعض الكلمات) وقعت (خطأ) من أحد الرواة في (بعض) الأحاديث الصحيحة" مختصر البخاري 2/6 وكما أن الدكتور نَقَل موافقَة الألباني للغماري؛ فمن اللطيف أن يُعلَم أن الألباني رحمه الله انتقد الغماري على تضعيفه لأحاديث صحيحة، فقال في مقدمته لمختصر البخاري 9/2 "وقريب من هؤلاء بعض المشتغلين بهذا العلم، إلا أنهم لغَلَبَة التعصب المذهبي عليهم، وتمكن الأهواء منهم فإنهم في كثير من الأحيان يُضعفون الأحاديث الصحيحة، كالشيخ الكوثري، وعبدالله الغُماري، وأخيه الشيخ أحمد" وهاهنا تنبيه مهم من الألباني يوضح الفرق بين انتقاداته على الصحيح وبين انتقادات عدنان إبراهيم، وهو تنبيه في غاية الأهمية ، وفي نظري أن جزءا كبيرا من هذا الكلام ينطبق على د.عدنان إبراهيم تماماً!

قال الألباني "وفي مقابل هؤلاء بعض الناس ممن لهم مشاركة في بعض العلوم، أو في الدعوة إلى الإسلام – ولو بمفهومهم الخاص – يتجرؤون على رد ما لا يعجبهم من الأحاديث الصحيحة وتضعيفها ولو كانت مما تلقته الأمة بالقبول، لا اعتماداً منهم على أصول هذا العلم الشريف وقواعده المعروفة عند المحدثين، أو لشبهة عرضت لهم في بعض رواتها، فإنهم لا علم لهم بذلك، ولا يقيمون لأهل المعرفة به والاختصاص وزنا، وإنما ينطلقون في ذلك من أهوائهم، أو من ثقافاتهم البعيدة عن الإيمان الصحيح القائم على الكتاب والسنة الصحيحة، تقليدا منهم للمستشرقين أعداء الدين، ومن تشبه بهم في ذلك من المستغربين أمثال أبي رية المصري ، وعز الدين بليق اللبناني .." مقدمة مختصر صحيح البخاري2/8

الفرق بين نقد أئمة الحديث لبعض أحاديث البخاري وبين نقد عدنان إبراهيم :

وإذا أردتُ أن أُجمل ذِكر الفروق بين انتقادات الدكتور عدنان إبراهيم وبين انتقادات المحدثين على البخاري، فسأذكرها في ثلاث نقاط: 1- هم ينطلقون من قواعد علم الحديث في انتقاداتهم وهو لا ينطلق منها. (مع التأكيد المتكرر على أن قواعد علم الحديث لا تقتصر على النظر في الإسناد) 2- هم لا يقللون من قدر صحيح البخاري لا تصريحا ولا تلميحاً، وهو يقلل من قدره في مواضع من خُطبه وذلك بأسلوبه وعباراته المصاحبة لردِّهِ لبعض أحاديثهما مع أنه يُصرح بمدح الصحيحين في بعض المواضع وبأن البخاري أًصح كتاب بعد كتاب الله. 3- هم لم يحكموا على أي حديث في صحيح البخاري بالوضع وهو حكم بذلك في أحاديث كثيرة (وبينّا المُجمل في كلام الألباني) عدنان إبراهيم والإحالة إلى الأشباح : من الإشكالات الواضحة لدى الدكتور عدنان عندما يحكم على حديث بالوضع والكذب: أنه لا يذكر لنا كيف أُدخَل هذا الحديث في صحيح البخاري؟ من الذي وضعه؟ فقد ذكر في خطبته هذه تبرئة البخاري ومسلم من وضع الأحاديث ، قال: وهي مِن وَضْعِ مَن وَضَعَها ! عجَباً! نحن نريد هذا الذي وضعها. ألا يستطيع الدكتور إظهاره؟ أم استطاع هؤلاء الوضاعون تجاوز كل أسوار النُقاد والمحدثين وقواعدهم وتدقيقاتهم حتى أدخلوا أحاديث غير قليلة في أصح الكتب دون علم من أحد منهم! بل صدقوها وآمنوا بها عن غفلة وتلقت الأمة هذه الكذبة بالقبول؟ هنا أستعير عبارة الدكتور لأقول : إن القائل بهذا القول جاهل جهالة غليظة لأنه جهّل عشرات بل آلاف العلماء الذين تلقوا صحيح البخاري بالقبول وصدقوا هذه الأحاديث وشرحوها واستدلوا بها! ولولا خشية الإطالة لذكرتُ بالتفصيل التام مثالاً تطبيقيا على هذه النقطة، غير أني سأذكره على سبيل الإجمال، وهو حديث في البخاري (حديث أبي هريرة مرفوعاً في نزول عيسى عليه السلام) قال عنه الدكتور إنه (فِرية)! وحين نبحث عمّن افترى هذه الفرية فلن نجده أبداً؛ وذلك أن البخاري روى هذه الحديث عن ثلاثة من شيوخه، وروى مسلم نفس الحديث عن اثني عشر من شيوخه، ويرويه الإمام أحمد عن اثنين من شيوخه أو أكثر، ويرويه الترمذي عن شيخه وهو أحد شيوخ البخاري ومسلم في هذا الحديث بعينه، ورواه ابن ماجه عن شيخٍ لمسلم أيضاً، وكل هذه الأسانيد مُثبتة في كتبهم، ثم بعد ذلك روى جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم نفس موضوع الحديث منهم في صحيح مسلم -فقط- أربعة؛ فكيف؟ ومتى؟ تم وضع هذا الحديث في البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وابن ماجه؟ ومن الذي قام بإدخاله في كتبهم على اختلاف بلدانهم؟ وكيف لم ينتبهوا لذلك وهم أئمة النقاد؟ كم هو سهل أن يرمي المرء الكلام جزافا، ولكنه لا يتمشى مع التدقيق العلمي. لِفَهم منهجية علماء الحديث في انتقاد صحيح البخاري : أختم أسطري هذه بأهم ما فيها، وهو ما تمت الإشارة إليه سابقاً من أن انتقادات المُحدّثين المعتبرين لصحيح البخاري تُفهَم تحت المنهجية التالية :

1- أن الأصل في كل حديث في البخاري الصحة، وأنه يكفي المعرفة بأن الحديث أخرجه البخاري ليُعمَل به. وبما أن الدكتور عدنان استدل بالألباني في خطبته على شيء من مراده فإني أبتدئ بكلامٍ للألباني تحت هذه النقطة، حيث قال مانصه : " حتى صار عرفاً عاما أن الحديث إذا أخرجه الشيخان أو أحدهما فقد جاوز القنطرة ودخل في طريق الصحة والسلامة، ولا ريب في ذلك وأنه الأصل عندنا" مقدمة الطحاوية ص 22 وقال الجُويني : " لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته = من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق، ولا حنثته ، لإجماع علماء المسلمين على صحتهما " تدريب الراوي 1/142 ط. طيبة وقال النووي رحمه الله : " أجمعت الأمة على صحة هذين الكتابين ووجوب العمل بأحاديثهما " تهذيب الأسماء واللغات .

2- أن هذه المكانة لصحيح البخاري ليست لمجرد كون جامع هذا الكتاب مِن أعلم مَن خَلَقَ اللهُ تعالى بالحديث وعِلله وفقهه، ولكن لأن الأئمةَ من أهلِ الاختصاص بالحديث وغيرهم من الفقهاء والمفسرين تلقوا كتابه هذا بالقبول لما فيه.

3- أن انتقاد شيء من الصحيح لا بد ألاّ يكون معارضا لقواعد علم الحديث التي هي المعيار في معرفة الصحيح من الضعيف، وليس خفياً على أهل الاختصاص -كما تقدم- أن علم الحديث يهتم بنقد المتن كما يهتم بنقد السند.

4- أن الأحاديث التي انتُقدت على صحيح البخاري عددها قليل جداً بالنسبة لأحاديث الكتاب.

5- ليس في صحيح البخاري - جزْماً وقطعاً- أيَ حديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

6- أن من استبان له من أهل العلم ضعفَ إسناد أو رواية معينة أو متنٍ أو زيادةِ كلمةٍ فيها حُكمٌ أو نحو ذلك من صحيح البخاري، وكان حكمه مبنياً على علم ودراية وعقيدةٍ صحيحة غيرَ ضاربٍ بقواعد علم الحديث عرض الحائط = فإنَّ عدَمَ أخْذِه بما استبان له ضعفه لا يكون مِن باب رد سنة النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من باب الخلاف المُعتبَر.

7- أن العلماء الذين نُقِل عنهم أنهم انتقدوا شيئا من صحيح البخاري ليس كل انتقادهم منصبا على المتون أو يعود عليها بالضعف، فإن بعض الانتقادات موجه إلى إسناد معين من أسانيد حديثٍ له أكثر من إسناد بعضها صحيح وبعضها فيه كلام. وبعضُ الأحيان يكون الانتقاد موجها على جزء من الحديث وليس على أصله.

8- ليس بالضرورة أن يكون كلام من انتقد شيئا من الصحيح صحيحاً، وكما أنه يوجد من أهل العلم من انتقد البخاري، فإن من أهل العلم من أجاب عن هذه الانتقادات وبين أن الصواب في جمهورها مع البخاري، قال ابن تيمية في الفتاوى "ولهذا كان جمهور ما أُنكر على البخاري مما صحّحه، يكون قوله فيه راجحاً على قول من نازعه "مجموع الفتاوى" (1/256).

9- لا يجوز أن يكون التضعيف لأحاديث البخاري مبنيا على اعتقاد يخالف اعتقاد أهل السنة والجماعة من سلف هذه الأمة، كمن رد أحاديث الرؤية أو الشفاعة أو الصفات بناء على اعتقادات باطلة تتعارض مع هذه الأحاديث، كما أنه لا يجوز أن يكون مُنطَلَق التضعيف والرد لشيء من البخاري مجرد مقاومة هجوم تشكيكي من أعداء الإسلام تعود على خبر ثابت عن النبي بالإبطال. كما حصل مِن رد حديث زواج النبي من عائشة وهي ابنة تسع.

10- استشكال المرء حديثاً لا يكفي للمبادرة بردّه، بل لا بد من النظر في موقف أهل العلم من هذا الحديث وتعاملهم معه، فإن كثيرا من هذه الاستشكالات ليست تخفى عليهم، وأجابوا عنها، ثم إن هناك قبل الرد التوقف، وإرجاء القطع بشيء في الحديث حتى يعيد العالِم المستتشكلُ النظرَ فيما استشكل ويزيد، فإن للصحيح هيبة كما قال الذهبي رحمه الله في ترجمة خالد بن مخلد القطواني في ميزان الاعتدال (1/592) بعد أن ذكر حديثاً رواه خالد هذا في صحيح البخاري :"هذا حديث غريب جداً، لولا هيبة الجامع الصحيح لعدُّوه في منكرات خالد بن مخلد، وذلك لغرابة لفظه، ولأنه مما ينفرد به شريك وليس بالحافظ، ولم يرو هذا المتن إلا بهذا الإسناد" ط.الرسالة وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 5/326: " فإن تخطئة الإمام البخاري أو أحد رواته الثقات ليس بالأمر الهيّن" وبقي في الخطبة مواضع التي تستحق الإلتفات، لعل ما ذُكر هنا يكون دليلاً على ما غاب ذكره، والحمد لله رب العالمين .

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 08:01 AM
تحذير الأنام من تطاول الأقزام على ثوابت الإسلام
الاثنين, 26 شعبان 1433
الحمد لله القائل : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }الجاثية23
لقد كثر الحديث عن المدعو (عدنان ابراهيم ) وخاصة بعد إثارته لعدد من القضايا في وسائل العلام كصفحات الإنترنيت والقنوات الفضائية , والحق يقال : لقد كثر في عصرنا المبتدعون والعلمانيون والمعتزلة وغيرهم من أصحاب العقائد الفاسدة من مستشرقين ومستغربين , الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون , وأخطرهم وأعظمهم جرما من جمع خليطا من هذه العقائد الفاسدة والافكار المنحرفة , لا سيما الطعن في الصحابة الكرام , والقدح في أهل السنة وفي كتبهم , والدفاع عن أهل الضلال وعلى رأس هؤلاء اليوم (عدنان ابراهيم ) الذي قد تمخضت إنحرافاته , وتعاظم شره , وهذه مجموعة من أقواله في بعض القضايا :
1-الطعن في الصحابة وتقسيمهم – والعياذ بالله – الى : (حقير! – ومنافق ! – ومريض قلب ! – وملعون والدين !)
والتشكيك في عدالتهم !!..
2-الطعن في غيرة النبي صلى الله عليه وسلم وعفة أزواجه – رضي الله عنهن –
3-إنكار جملة من علامات الساعة الثابتة بالنصوص الصحيحة , كنزول عيسى , وظهور المهدي , وخروج الدجال !
4- رد الأحاديث الصحيحة الثابتة حتى ولو كانت في البخاري ومسلم – علما أنه يشكك في صحتهما !- إذا خالفت هواه في حين أنه يصحح روايات هالكة , أصحابها يجمع على كذبهم إذا كانت تطعن بالصحابة , من ذلك : رد حديث سم النبي صلى الله عليه وسلم , وحديث سحره ! , في حين أثبت الخرافة القائلة مات معاوية رضي الله عنه على غير ملة الاسلام !.
5- الطعن – خصوصا – بالصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه وكذا رمي زوجته بالزنا !, والحكم الضمني بكفره !!.
6- التكفير الصريح للصحابي الجليل أبي سفيان رضي الله عنه .
7- رمي أبي هريرة – رضي الله عنه – بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يروي اسرائيليات ينسبها الى النبي صلى الله عله وسلم .
8- القول بأن عائشة – رضي الله عنها – عقلية بدائية جاهلة !, وأنها رجلة من النساء ولا يدري إن كانت من أهل الجنة أم لا ؟!.
9- القول بحرية الأعتقاد وإنكار حد الردة , حيث قال عن نفسة على المنبر (في الحقيقة إذا أردت تصنفني فأنا سني , شيعي , ماركيسي, ملحد, فيلسوف, كافر" كلوا مع بعضو " هكذا ستراني هكذا ).
10- الشتم واللعن لعلماء أهل السنة في القديم والحديث فيقول عنهم مثلا : (حمير, هبل , وحمقى , وأذناب للحكام )
11- الدفاع عن الرافضي الطبرسي مؤلف كتاب : " فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الارباب " وكذلك عن المجرم ياسر الحبيب !.
12- إنكار الإحتجاج بخبر الآحاد في مسائل العقيدة , وهي مسألة خالفت فيها المعتزلة أهل السنة والجماعة وغير ذلك مما يطول عده من الأقوال التي خالفت أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة .
وإن من هذه الأقوال ما يوصل صاحبها الى الكفر علاوة عن البدعة والزندقة , لمخالفتها للقران الكريم , والسنة المطهرة , وإجماع الامة , وما هو معلوم من الدين بالضرورة .
وعن هذا الرجل لم يات بجديد فكل مما أثاره من شبه , فقد سبقه اليها أهل الضلال قبل مئات السنين ورد عليها العلماء ردودا شافية كافية .
لكن الجديد في الأمر أن يجرأ فلسطيني على أولياء الله من الصحابة فمن بعدهم , ونحن أهل فلسطين ما أحوجنا لنصرة الله – سبحانه وتعالى - , لا لحربه وهو القائل في الحديث القدسي : "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب "
وعلى هذا فإننا نبرأ الى الله – تعالى – مما يقول (عدنان ابراهيم ) ونسأله – سبحانه – أن يرده الى جادة الحق وصراطه المستقيم .
كذلك نحذر أهلنا من الإنسياق وراء شبهه التي يثيرها أو الغترار بها فإن هذا الرجل يكذب جهارا نهارا فيصدق عليه ما وراءه الإمام إحمد في المسند عن عمر بن الخطاب , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال :" إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان "
وفي صحيح ابن حبان عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخوف ما أخاف عليكم جدال المنافق عليم اللسان " .
نسأل الله سبحانه أن يحفظ لهذه الأمة دينها , ولبلاد الرباط أمنها وسلامتها , وأن يوفق المسلمين في كل مكان للتمسك بشريعة ربهم والسير على منهج نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم إنه ولي ذلك والقادر عليه , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

صدرت عن الإدارة العلمية العامة بجمعية – دار الكتاب والسنة , خان يونس – فلسطين

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 08:02 AM
معاوية رضي الله عنه
الأربعاء, 02 رجب 1433

د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه

بسم الله الرحمن الرحيم

في هذه الآونة هجوم غير مسبوق على معاوية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول ملوك الإسلام، والانتقاص منه رضي الله عنه بقدم تاريخ الخلاف بين المسلمين.

كان المحبون لعلي رضي الله عنه المشايعون له يتبرءون من معاوية، والمحبون لمعاوية المشايعون له يتبرءون من علي، كما هو عادة العامة، الذين يغلب عليهم الإفراط في الحب والبغض.

ومن بين هؤلاء ظهر قوم قصدوا إسقاط عدالة الصحابة؛ بطعنهم في واحد منهم يفتح الباب للطعن في جميعهم، وهؤلاء هم الشيعة الاثنا عشرية الإمامية، وكلامهم في الصحابة مشهور معروف، لا يتقون فيه ويعلنونه، ليس في بعضهم بل كلهم وكبارهم.

نحن أهل السنة، عدالة الصحابة عندنا من المبادئ التي لا نتنازع عليها، فجميع من ثبتت له الصحبة، هم عدول بلا خلاف.

هذا المبدأ الأصل يدركه الجميع، لكن معناه قد يغيب عن بعضنا..

ما معنى عدالة الصحابة ؟.

معناه أمران: عدالة في الرواية، والقدوة.

فالصحابي عدل؛ أي ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح، فهو لا يكذب عليه.

وهو عدل؛ أي أفعاله وأقواله يصح أن تكون معاني يقتدى بها، جلها وليس كلها، فإن الصحابي لا يخلو من الخطأ والذنب، لكن أكثر أحواله خير وبر، فهو قدوة في ذلك.

وعند هذا المعنى نقف قليلا..

الذين يطعنون في الصحابة، وقد نبت في السنة اليوم من يفعل ذلك، يفرضون خلو الصحابة من الزلل والخطأ، فإذا ما وجدوا خطأ منهم، رأوا أن هذا مسقطا لعدالتهم.

هذا ميزان خاطئ، فليس من شرط العدالة: العصمة من الذنوب. وإلا لم تجد أحدا من البشر عدلا على مر التاريخ إلا النبيين، والأنبياء أيضا في قول من يجيز عليهم بعض الصغائر.

شرط العدالة:

أولا: التزكية من الله تعالى لهم، وهذا ما كان في حق الصحابة، لقد زكاهم كلهم، فقال تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}.

فالله زكاهم، وهو يعلم أن منهم من يذنب ويخطئ ويزل، فلم يمنع ذلك من تزكيته لهم، فهذا دليل على أن هناتهم لا تضر في عدالتهم.

ثانيا: أن تغلب الحسنات السيئات، وهذا حال الصحابة، فإنهم هم من أقام الإسلام في الأرض، هم الأول والمقدمة، فحسناتهم عظيمة ولو قلت، وكل من بعدهم في حسناتهم، فلولاهم لما كان في الأرض إسلام وإيمان، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم لا نصيفه).

كلا شرطي العدالة متوافر في الصحابة؛ لأجله هم عدول باتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم المتبعون سنته، بخلاف الشيعة الإمامية، الذين لم يطعنوا في الصحابة فحسب، بل القرآن أيضا تكلموا فيه التحريف والنقص.

مع هذه العدالة، فليس كلهم على مرتبة واحدة سواء، بل بينهم تفاوت، بحسب سابقتهم وحسناتهم، وقد قسمهم العلماء إلى عشر طبقات:

في الأولى منها: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم.

ثم في الخامسة منها: بقية العشرة المبشرين بالجنة، وبنات وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم السادسة فيها: أهل بدر. وفي السابعة: أهل بيعة الرضوان عام الحديبية.

ثم الثامنة وفيها: من أسلم قبل فتح مكة. وفي التاسعة: الطلقاء الذين أسلموا عام الفتح.

والعاشرة: من أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومعاوية رضي الله عنه أسلم في عمرة القضاء، قبل فتح مكة، فهو في الطبقة الثامنة، أسلم وكتم إسلامه، حتى أعلنه لما فتحت مكة، ولذا بعضهم يجعله في التاسعة.

فمن قبله لا شك أعلى منه درجة وفضلا، لكن ذلك لا يلغي فضله؛ أن تأخرت مرتبته، فإن الله تعالى يقول: { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [الحديد : 10].

ففرق بين السابقين ومن لحقهم في الدرجة، وحفظ لهم جميعا فضلهم ووعدهم الحسنى، فمعاوية رضي الله عنه ممن وعده الله بالحسنى بنص هذه الآية، فهذه آية تزكية له.

وقد وردت في فضله أحاديث، ضعفها بعض أئمة الحديث، كما وضعت أحاديث في ذمه، كذبها أهل العلم بالآثار، ويكفي في فضله، أن صحبته ثابتة، امتدت إلى أربع سنين؛ منذ السنة السابعة عام عمرة القضاء حتى وفاته صلى الله عليه وسلم السنة الحادية عشرة.

لقد قرر أهل العلم بالصحبة: أن الصحبة تثبت لمن لقي النبي مؤمنا به، ولو للحظة. فكيف بمن لقيه وهو مؤمنا مدة ثلاث سنوات، وكان كاتبه يكتب له رسائله إلى الملوك والأمم؟.

إن شرف الجلوس إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يدانيه شيء، وإن من لقيه وهو مؤمن يناله من البركة والإيمان لجلوسه إلى النبي صلى الله عليه، ما لا يناله من يمكث طول عمره ساجدا قائما مصليا مجاهدا متصدقا.

فإن مجالسة الأنبياء ولقياهم تطهر القلوب، وتغسل ما بها من عيوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (طوبى لمن رآني، ورأى من رآني، ورأى من رأى من رآني).

فبركته تنتقل منه إلى الصحابة، ومنهم إلى التابعين، ومنهم إلى تابع التابعي، فمن رأى التابعين ناله شيء من بركة النبي صلى الله عليه، فكيف بمن رآه كفاحا بلا حجاب؟.

معاوية رآه ثلاث سنين، وكتب له، ومات وهو راض عنه، وما ورد من أحاديث عنه صلى الله عليه في ذمه، فمقام النبوة يترفع أن يصدر عنه مثل تلك الكلمات، ففيها تخصيص أحد أصحابه باللعن أو نحوه، ولم يكن هذا من هديه ولا من جنس حديثه.

وما أفقه من قال: "غبار في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، خير من عمل عمر بن عبد العزيز عمره كله".

فإنه نظر إلى أثر الصحبة على الصاحب، وهو سر ارتفاع مقام الصحابة على غيرهم، مع أن في غيرهم من عبادته أكثر، وصدقته أعظم، وجهاده في كل مكان.

{محمد رسول الله والذين مع أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلط فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}.

إن مما يثبت الشرف والعدالة لمعاوية رضي الله عنه، شهادة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالخير، وهم أصدق الناس، وليس فيهم من يحابي، أو ينافق، أو يكذب، وقد عارضوه في تولية يزيد ابنه، وأعلنوا ذلك صراحة.

فأول من حكم بعدالته، عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين ولاه الشام، وما كان عمر ليختار إلا صالحا، وقد عرف عنه الشدة في الحق، ثم تلاه عثمان فأقره على إمرته، فهذان خليفتان راشدان رضيا به، يقول الذهبي:

"حسبك بمن يؤمره عمر، ثم عثمان على إقليم، وهو ثغر، فيضبطه، ويقوم به أتم قيام، ويرضي الناس بسخائه وحلمه، وإن كان بعضهم تألم مرة منه، وكذلك فليكن الملك، وإن كان غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا منه بكثير وأفضل وأصلح، فهذا الرجل ساد، وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه ورأيه، وله هنات وأمور، والله الموعد". السير 3/133

أبو الدرداء يقول: "ما رأيت أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من أميركم هذا. يعني معاوية". السير 3/135

يقول جابر: "صحبت معاوية، فما رأيت رجلا أثقل حلما، ولا أبطأ جهلا، ولا أبعد أناة منه".

قال ابن عباس: "علمت بما كان معاوية يغلب الناس، كان إذا طاروا وقع، وإذا وقعوا طار".

يقول أيضا: "ما رأيت رجلا كان أخلق للملك من معاوية". 3/153

عن علاقته بعلي رضي الله فقد دخلها الخلاف، وكان الحق من نصيب علي، وعلي خير منه وأعلى مقاما باتفاق أهل السنة، ومعاوية لم يكن يرى لنفسه فضلا عليه، جاءه أبو مسلم الخولاني، فقال: "أنت تنازع عليا أم أنت مثله؟.

فقال: لا والله، إني لأعلم أنه أفضل مني، وأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، والطالب بدمه، فائتوه، فقولوا له، فليدفع إلي قتلة عثمان، وأسلم له، فأتوا عليا، فكلموه، فلم يدفعهم إليه". السير 3/140

وقد عدل الحسن البصري حين سئل عن علي وعثمان، فقال: "كانت لهذا سابقة، ولهذا سابقة، ولهذا قرابة، ولهذا قرابة، وابتلي هذا، وعوفي هذا. فسأله عن علي ومعاوية، فقال: كان لهذا قرابة، ولهذا قرابة. ولهذا سابقة، وليس لهذا سابقة. وابتليا جميعا". 3/142

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 08:04 AM
نبذة عن مكانة الصحيحين ومنزلتهما
الاثنين, 24 رجب 1434
د. خالد الردادي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده...وبعد:

فمن المسلَّمات عند المسلمين؛ أن للصحيحين منزلة سامية عظيمة، وأنهما أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل-، وقد تكاثرت وتضافرت نصوص العلماء في بيان هذا المعنى وتقريره.
قال ابن الصلاح -رحمه الله-: "جميع ما حكم مسلم بصحته من هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر، وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه؛ وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يُعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع، والذي نختاره أن تلقي الأمة للخبر المنحط عن درجة التواتر بالقبول يوجب العلم النظري بصدقه، خلافًا لبعض محققي الأصوليين حيث نفى ذلك؛ بِناء على أنه لا يفيد في حق كل واحد منهم إلا الظن، وإنما قَبِله لأنه يجب عليه العمل بالظن، والظن قد يخطىء. وهذا مندفع؛ لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ"(1).
وقال النووي -رحمه الله-:
"اتفق العلماء -رحمهم الله- على أنّ أصح الكتب بعد القرآن"الصحيحان" البخاري ومسلم،وتلقتهما الأمة بالقبول"(2).
وقال ابن تيمية-رحمه الله-:
" وَأَمَّا كُتُبُ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةُ : مِثْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ،فَلَيْسَ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ كِتَابٌ أَصَحُّ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ بَعْدَ الْقُرْآن "(3).
وقال أيضاً:" وَالْبُخَارِيُّ أَحْذَقُ وَأَخْبَرُ بِهَذَا الْفَنِّ مِنْ مُسْلِمٍ ; وَلِهَذَا لَا يَتَّفِقَانِ عَلَى حَدِيثٍ إلَّا يَكُونُ صَحِيحًا لَا رَيْبَ فِيهِ قَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهِ ،ثُمَّ يَنْفَرِدُ مُسْلِمٌ فِيهِ بِأَلْفَاظِ يُعْرِضُ عَنْهَا الْبُخَارِيُّ ،وَيَقُولُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ :إنَّهَا ضَعِيفَةٌ ثُمَّ قَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ مَعَ مَنْ ضَعَّفَهَا : كَمِثْلِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعٍ وَقَدْ يَكُونُ الصَّوَابُ مَعَ مُسْلِمٍ وَهَذَا أَكْثَرُ.."(4).
وقال العيني: "اتفق علماء الشرق والغرب، على أنه ليس بعد كتاب الله تعالى أصح من صحيحي البخاري ومسلم"(5).
وقال الدهلوي -رحمه الله-:" أما الصحيحان: فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع غير سبيل المؤمنين "(6).
وقال الشوكاني -رحمه الله-:" واعلم أن ما كان من الأحاديث في الصحيحين أو أحدهما جاز الاحتجاج به من دون بحث لأنهما التزما الصحة وتلقت ما فيهما الأمة بالقبول "(7).
وقال الشيخ أحمد شاكر-رحمه الله-:
" الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين،وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمور:أن أحاديث"الصحيحين"صحيحة كلها،ليس في واحد منها مطعن أو ضعف . وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث ،على معنى أن ما نتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه .وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها,فلا يهولنك إرجاف المرجفين، وزعم الزاعمين أن في"الصحيحين"أحاديث غير صحيحة، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها،وانتقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم،واحكم عن بينة، والله الهادي إلى سواء السبيل "(8).
ومما يدل على قدر "صحيح الإمام البخاري" ومكانته قوله هو نفسه :" صنَّفت كتابي الصحاح لست عشرة سنة ، خرَّجته من ستمائة ألف حديث ، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى "(9).
وروى الفَرْبَرِي عن البُخَارِيّ قال : " ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى وتيقنت صحته "(10).
وأما عن الدقة فقد روى الإسماعيلي عن البُخَارِيّ قوله :" لم أخرِّج في هذا الكتاب إلا صحيحا وتركت من الصحيح أكثر "(11).
وقال محمد بن يوسف نبأنا محمد بن أبي حاتم قال : سئل محمد بن إسماعيل عن خبر حديث فقال :" يا أبا فلان تراني أدلِّس ؟ تركت أنا عشرة آلاف حديث لرجل لي فيه نظر ، وتركت مثله أو أكثر منه لغيري له فيه نظر "(12).
وعن إبراهيم بن معقل النسفي أنه قال : سمعت محمد بن إسماعيل يقول :" ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول "(13).
وقال الذهبي -رحمه الله-:"وأمّا جامعه الصحيح فأجل كُتب الْإِسلَام وأفضلها بعد كتاب اللَّه تعالى"(14).
وقال ابن الأهدل، والحافظ أبو نصر الوائلي السُّجزي، وإمام الحرمين الجويني بألفاظ متقاربة :
"أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في صحيح البُخَارِيّ مما رُوِيَ عن رسول الله قد صح عنه وأن رسول الله قاله لا شك فيه ، أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حِبالته لذا فإن صحيح البُخَارِيّ كان عند الناس - من المحققين العلماء - كالذهب الإبريز في نقاء أحاديثه متنا وسندا ، فعرف العلماء المحققون من علماء الحديث الشريف له ولمؤلفه مكانته ، إلى حَدِّ أن الحديث لو أورده البُخَارِيّ من غير سند كان محل قبول"(15).
وقال الإمام مسلم -رحمه الله- في مقدمة "صحيحه":
" وَاعْلَمْ وَفَّقَكَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ عَرَفَ التَّمْيِيزَ بَيْنَ صَحِيحِ الرِّوَايَاتِ وَسَقِيمِهَا وَثِقَاتِ النَّاقِلِينَ لَهَا مِنْ الْمُتَّهَمِينَ ؛أَنْ لَا يَرْوِيَ مِنْهَا إِلَّا مَا عَرَفَ صِحَّةَ مَخَارِجِهِ وَالسِّتَارَةَ فِي نَاقِلِيهِ، وَأَنْ يَتَّقِيَ مِنْهَا مَا كَانَ مِنْهَا عَنْ أَهْلِ التُّهَمِ وَالْمُعَانِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ "(16).
فهذه الحقيقة التي أثبتها الإمام مسلم في "مقدمة صحيحه" وأرشد إليها هي المنهج الذي سلكه في تأليف "صحيحه"، فقد بذل وسعه وشغل وقته في جمعه وترتيبه،وإليك البيان:
قال محمد الماسرجسي: سمعت مسلم بن الحجاج يقول:
" صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة "(17).
وقال ابن الشرقي سمعت مسلماً يقول:
" ما وضعت في كتابي هذا المسند إلا بحجة ،وما أسقطت منه شيئا إلا بحجة "(18).
وقد مكث في تأليف هذا الكتاب المبارك خمسة عشرة سنة قضاها في التحري والتثبت والعناية التامة بهذا المصدر الأساس لمعرفة الحديث الصحيح، جمعاً وترتيباً ،وساعده في كتابته بعض تلاميذه طوال هذه المدة.
قال أحمد بن سلمة -تلميذ الإمام مسلم-:
" كتبت مع مسلم -رحمه الله- في صحيحه خمس عشرة سنة وهو اثنا عشر ألف حديث "(19).
ولم يكتف الإمام مسلم -رحمه الله- بما بذله من جهود عظيمة في تأليفه بل أخذ في عرضه على جهابذة المحدثين واستشارتهم فيه:
فعن مكي بن عبدان- أحد حفاظ نيسابور- قال:
سمعت مسلما يقول: " عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي ،فكل ما أشار أن له علّة تركته ، وكل ما قال إنه صحيح وليس له علّة خرجته "(20).
وهذا منه -رحمه الله- غاية في الاحتياط والتثبت من جهة،وفي التواضع وقصد الصواب من جهة أخرى، ونتيجة لهذه العناية التامة التي تجلَّت في تلك الأدلة انشرح صدر الإمام مسلم لهذا النتاج القيم وارتاحت نفسه لذلك فأخذ يرغب الناس فيه ويؤكد أنّ كتابه عمدة يعوَّل عليه في معرفة الصحيح :
فعن مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول:
" لو أنّ أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند" - يعني صحيحه- "( 21).

واعلم -وفقك الله- أنه لم يقدم على نقد أحاديث الصحيحين أو أحدها سوى أئمة نقّاد حفاظ جبال في علم العلل وسبر الروايات والرواة، مع شهادة القاصي والداني لهم بالإمامة في هذا الشأن ، ومع براعتهم في النقد ودقتهم لم يتحصل لهم سوى أحاديث معللة يسيرة في الصحيحين ، ومع هذا لم يسلّم جماعة من أئمة هذا الشأن لهم ذلك وقالوا بأنّ أكثر الانتقادات فيها ماهو غير مسلم والإيراد عليه غير وارد، وما لا جواب عنه منها نزر يسير لا يعد شيئاً في جنب الآلاف من الأحاديث الصحيحة التي اشتمل عليها "الصحيحان".

وبعد :
فهذا نزر يسير وباقة عاطرة من أقوال الأئمة الأعلام في شأن الصحيحين، بما يُفيد الإجماع على مكانتهما عند الأمة، وجلالة قدرهما عند العلماء كافة، وعند أهل الحديث خاصة، بحيث أصبحا هما الفيصل عندهم في بيان حجة الرواية وقُوَّتِها، فإذا ذُكِرَ الحديث في كليهما أو أحدهما، أخذوه بالقبول؛ لذا جعلوا شرط البُخَارِيّ أو شرط البُخَارِيّ ومُسْلِم حجة للروايات في غيرهما، بِها ترفع مكانتها، وينفى الشك عنها، فكان مجرد شرطهما أو شرط أحدهما، شهادة إثبات وتشريف، وإعلاء مكانة ومَنْزِلَةٍ.
وقد تبيّنَ لكل ذي عالم متبحر ، أو متسلِّق متسوِّر ، وزنَهما بين أمة الإسلام ، ومقامهما بين الأئمة الأعلام ، وأظن بعد هذا كله ، والاستفاضة بالبيان ، لا يعترض معترض إلا لحاجة في نفسه ، وغرض مبطَّن في قلبه، ولا يُقبل أن يأتي أحد في هذا الزمن المتأخر، فينتهك مكانة الصحيحين المتفق عليها بين المسلمين جيلًا بعد جيل ؛ والله حسبنا ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين.

--------------

(1) "صيانة صحيح مسلم"(ص 85-86).
(2) مقدمة"شرح مسلم"(1/14)، وينظر:"تهذيب الأسماء"(1/91).
(3) "مجموع الفتاوى"(18/75).
(4) "مجموع الفتاوى"(18/20).
(5) "عمدة القاري"(1/5).
(6) "حجة الله البالغة"(1/232).
(7) "نيل الأوطار"(1/22).
(8) "الباعث الحثيث"(ص37).
(9) "تاريخ بغداد" (2/14).
(10) "هدي الساري"(ص347).
(11) "هدي الساري"(ص7).
(12) "تاريخ بغداد" (2/25)، و"تاريخ دمشق"(52/77).
(13) "سير أعلام النبلاء"(12/415)، و"فتح المغيث" للسخاوي (1/45).
(14) "تاريخ الإسلام"(6/140).
(15) ينظر:"علوم الحديث" لابن الصلاح(ص26)، و"صيانة صحيح مسلم"(ص 85-86).
(16) "مقدمة مسلم"(1/8).
(17) "تاريخ بغداد"(13/101)، "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (1/194).
(18) "صيانة صحيح مسلم"لابن الصلاح(ص98)،"تذكرة الحفاظ"(2/590)،"سير أعلام النبلاء"(12/580).
(19) "طبقات علماء الحديث"(2/288)،"تذكرة الحفاظ"(2/589)،"سير أعلام النبلاء"(12/566).
(20) "تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم"للحاكم(281)،"صيانة صحيح مسلم"(ص68،98)،"شرح النووي على صحيح مسلم"(1/15،26)،"سير أعلام النبلاء"(12/568).
(21) "صيانة صحيح مسلم"(ص68)،"شرح النووي على صحيح مسلم"(1/15)،"سير أعلام النبلاء"(12/568،579).

خطاب أسد الدين
10-01-2015, 08:06 AM
لماذا لا يضعف عدنان إبراهيم فضائل علي بن أبي طالب ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فهنا لفتة لطيفة في بيان تناقض بعض منكري الأحاديث الصحيحة والمتواترة كأحاديث الدجال وعذاب القبر ويأجوج ومأجوج وغيرها

ثم يصدقون بما هو دونها ويبنون عليها الأحكام الكبيرة والمواقف من الأشخاص

ولكنني هنا أختار طريقة أخرى لبيان جهلهم وتطاولهم على أخيار هذه الأمة من أهل الحديث

وهي أن يقال : فضائل عثمان هل رواها النواصب ؟ وفضائل علي هل رواها الشيعة ؟

فإن قلت : ما الغرض من السؤال ؟

فيقال : إذا جعلنا الرواة تحت مطرقة الاتهام لتوجهاتهم العقدية كان المقتضي لذلك أن نرد مرويات الشيعة في فضل علي ، كما نرد روايات النواصب في فضل عثمان ومعاوية

فإذا كانت عامة فضائل عثمان لم يروها النواصب ، وإنما رواها المعتدلون وبعضها رواه الشيعة كما سيأتي ، وفضائل علي عامتها يرويها الشيعة ، كان ذلك دالاً على إنصاف أهل الحديث ، وعلى أن ابن عقيل ومقلديه ما صنعوا شيئاً سوى أنهم حفروا قبورهم بأيديهم

قال البخاري في صحيحه 3655- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

هذا إسناد مدني ليس فيه متهم بالنصب بل ولا شامي حتى

وقال البخاري في صحيحه 3674 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ أَبُو الْحَسَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَقُلْتُ لَأَلْزَمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَأَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِي هَذَا قَالَ فَجَاءَ الْمَسْجِدَ فَسَأَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا خَرَجَ وَوَجَّهَ هَا هُنَا فَخَرَجْتُ عَلَى إِثْرِهِ أَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِيسٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ وَبَابُهَا مِنْ جَرِيدٍ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ فَتَوَضَّأَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى بِئْرِ أَرِيسٍ وَتَوَسَّطَ قُفَّهَا وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ فَقُلْتُ لَأَكُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَوْمَ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَأَقْبَلْتُ حَتَّى قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ ادْخُلْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُكَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي الْقُفِّ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِي يَتَوَضَّأُ وَيَلْحَقُنِي فَقُلْتُ إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يُرِيدُ أَخَاهُ يَأْتِ بِهِ فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَجِئْتُ فَقُلْتُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُفِّ عَنْ يَسَارِهِ وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلْتُ إِنْ يُرِدْ اللَّهُ بِفُلَانٍ خَيْرًا يَأْتِ بِهِ فَجَاءَ إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ الْبَابَ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقُلْتُ عَلَى رِسْلِكَ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَجِئْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ادْخُلْ وَبَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُكَ فَدَخَلَ فَوَجَدَ الْقُفَّ قَدْ مُلِئَ فَجَلَسَ وِجَاهَهُ مِنْ الشَّقِّ الْآخَرِ قَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ

وهذا إسناد مدني

وقال البخاري في صحيحه 3675 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ

وهذا إسناد بصري وليس فيه متهم بالنصب

وقال البخاري في صحيحه 3698 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فَقَالُوا هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ قَالَ فَمَنْ الشَّيْخُ فِيهِمْ قَالُوا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مَرِيضَةً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ

وليس في هذا السند متهم بالنصب ولا شامي

فإن قيل : لعلهم نواصب ولم يبينوا أمرهم !

فيقال : إذن يجوز لخصمك أن يقول في رواة فضائل علي لعلهم روافض ولم يبينوا أمرهم ، وقد بينوا أمر الكثير من النواصب فيستحيل أن يخفى أمر كل هؤلاء ثم إن من هؤلاء الكثير ممن روى فضائل لعلي وأهل البيت

وقال الخلال في السنة 542- وقَرَأْتُ عَلَيْهِ : يَحْيَى , وَوَكِيعٌ , عَنْ مِسْعَرٍ , قَالَ وَكِيعٌ : عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ , عَنِ النَّزَّالِ , قَالَ وَكِيعٌ : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ , قَالَ : أَمَّرْنَا خَيْرَ مَنْ بَقِيَ وَلَمْ نَأْلُ.

وهذا إسناد كوفي صحيح ووكيع شيعي ، وقد روى هذا الخبر الأعمش أيضاً وهو شيعي ، وحديث تبشير العشرة بالجنة أشهر مخارجه كوفي

وقال ابن أبي شيبة في المصنف 32715- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ , قَالَ : حدَّثَنَا شُعْبَةُ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إيَاسٍ , عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا يَخْطُبُ يَقُولُ : {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} قَالَ عُثْمَان مِنْهُمْ.

وهذا إسناد كوفي حيث لا نواصب

والآن إلى فضائل علي بن أبي طالب

قال الإمام مسلم في صحيحه 152- [131-78] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ (ح) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ زِرٍّ ، قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ : أَنْ لاَ يُحِبَّنِي إِلاَّ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يُبْغِضَنِي إِلاَّ مُنَافِقٌ.

هذا الحديث اجتنبه البخاري في سنده الأعمش شيعي ، وفي سنده عدي بن ثابت قاص الشيعة في مسجدهم بل قال الدارقطني ( رافضي غال ) وانتقد الإمام مسلماً على تخريجه لهذا الحديث وقد روي من طريقه بلفظ ( آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار )

قال الإمام مسلم في صحيحه 149- [129-75] وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ (ح) وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ ، وَاللَّفْظُ لَهُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الأَنْصَارِ : لاَ يُحِبُّهُمْ إِلاَّ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إِلاَّ مُنَافِقٌ ، مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ.

قَالَ شُعْبَةُ : قُلْتُ لِعَدِيٍّ : سَمِعْتَهُ مِنَ الْبَرَاءِ ؟ قَالَ : إِيَّايَ حَدَّثَ.

فلو كنا لا نحترم صحيح مسلم كهؤلاء لقلنا الأعمش مدلس شيعي ورواية شعبة أرجح من روايته ، ولكننا نصحح الوجهين ولا نتكلم في حديث خرجه مسلم ، ولكننا هنا نلزمهم فهذا أقوى حديث في فضل علي إنما خرج من طريق الشيعة ( وليس الروافض )

ويا ليت شعري رجل ينكر أحاديث نزول المسيح وأحاديث الرجم كعدنان إبراهيم على كثرتها وتواترها أنى له أن يؤمن بحديث كهذا فرد

وحديث ( أشقى الآخرين قاتل علي ) روي من طرق عامتها ضعيفة بل ضعيفة جداً ولا يخلو منها متشيع ومع ذلك يصدق بها

وحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة لم يرو إلا من طريق أهل الكوفة ، وأحد طرقه تفرد به شيعي وهو إسرائيل بن يونس انفراداً غريباً ، بل النسائي الذي ذكر عنه التشيع خرج الحديث في سننه الكبرى ولما صنف المجبتى السنن الصغرى حذفه فكأنه لم يره مناسباً لذكره في كتاب منقح

وليعلم أننا إذا قلنا ( شيعي ) فنحن نعني رجلاً يفضل علياً على عثمان أو يفضل علياً على الشيخين وبعضهم يتعدى للطعن في عثمان أو معاوية فهذا يسمى رافضي ، وأما من يكفر الصحابة ويطعن في أمهات المؤمنين فهذا القول حادث والقائل به لا يصلح أن يعد مع البشر فضلاً عن المسلمين

هذا مع التصديق بأخبار تاريخية مكذوبة خصوصاً إذا تعلقت بثلب معاوية فمعيار القبول والرد عند عدنان وأضرابه موافقة هوى النفس

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:13 AM
الدفاع عن معاوية ( رضي الله عنه ) والرّد على عدنان إبراهيم
السبت, 13 جمادى الآخر 1433
وليد المصباحي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
اما بعد
فقد ارسل إلي الدكتور الفاضل علاء سعيد نزال وفقه الله بريدا إلكترونيا فيه مقطع يوتيوب للدكتور عدنان إبراهيم يتحدث فيه عن معاوية رضي الله عنه ,بكلام لايقوله إلا رافضي علما بأني لا اعرف الدكتور عدنان -أصلا-ولا يهمنا ذلك بل المعرفة الحقيقية تكون بما يقوله الرجل ويكتبه وكما قيل (المرء مخبوء تحت لسانه فمتى تكلم عرف)فهاأنذا أعرفه بعد ان قال محاضرته الرافضية تلك ,وأسأل الله له الهداية .

فأقول مستعينا بالله تعالى :
هذا رد على رافضي يقال له الدكتور عدنان إبراهيم ,أذب فيه عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ,وأسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب وأن يوفقنا للحق والسداد فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام (يا علي سل الله الهدى والسداد واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد تسديدك السهم)رواه مسلم في صحيحه.
أولا:مقدمة منهجية تبين جهل الرجل وضلاله بكيفية الاستدلال واخذ الاعتقاد الصحيح :
1-القاعدة الأولى (العقائد والأحكام لاتؤخذ من كتب التاريخ والتراجم والأخبار وإنما تؤخذ من الكلام المعصوم المنقول بالأسانيد الصحيحة اللامعة من القرآن والحديث).
فلو أتيت لنا بالف خبر على ان معاوية رضي الله عنه فعل وفعل وقتل سبعين الفا او سبعمئة الف فإن ذلك لايسوى شيئا أمام هذه النصوص:
1-قوله تعالى (لايستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلاو وعد الله الحسنى )
وقد أسلم معاوية عام القضية اي السنة السادسة للهجرة لما صد الرسول عليه الصلاة والسلام عن البيت حيث قال (اسلمت عام القضية)راجع هذا الخبر في البداية والنهاية لابن كثير (8\21)تاريخ الطبري (5\328)فمعاوية ممن وعدهم الله بالحسنى ,وكلام الله ثابت لايتغير ولا يتبدل .
قال ابونعيم الاصبهاني في معرفة الصحابة (5\2496):كان من الكتبة الحسبة الفصحة اسلم عام القضية وهو ابن 18سنة وقد عده ابن عباس من الفقهاء.
ومرد اختلاف المصادر في وقت اسلامه انه كان يخفي اسلامه ولم يظهره الا عام الفتح وقد جزم بذلك ابن سعد في الطبقات (1\131)والذهبي في تاريخ الاسلام (308).


ولو سلمنا أنه من مسلمة الفتح فإن ذلك لايقلل من شأنه لقوله تعالى (وكلا وعد الله الحسنى).
2-وقد روى الترمذي في فضائل معاوية أنه لما تولى امر الناس كانت نفوسهم مشتعلة عليه فقالوا :كيف يتولى معاوية وفي الناس من هو خير مثل الحسن والحسين رضي الله عنهما ,فقال عمير وهو احد الصحابة :لاتذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به) زاد الإمام الآجري في الشريعة (ولا تعذبه)وهذا في مسند الإمام أحمد أيضا (4\216)قال الألباني في الصحيحة (رجاله كلهم ثقات رجال مسلم فكان حقه أن يصحح).(4\615).
قال ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي (هذا الحديث من غرر فضائل معاوية وأظهرها ومن جمع الله له هاتين المرتبتين كيف يتخيل فيه ما تقوله المبطلون ووصمه به المعاندون)تطهير اللسان ص14

3-عن العرباض بن سارية سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان : هلم إلى الغداء المبارك ثم سمعته يقول : اللهم علم معاوية الكتاب ، والحساب ، وقه العذاب.قال الذهبي للحديث شاهد قوي .سير اعلام النبلاء(3\124).وحسنه الألباني في الصحيحة برقم 3227.فماذا تريد يا دكتور عدنان من رجل علمه الله الكتاب والحساب ووقاه العذاب بل وقبل ذلك كله جعله الله هاديا مهديا .فأنصحك أن تأخذ عقيدتك من القرآن والسنة ولا تأخذها من كتب الف ليلة وليلة !!.


4-قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب . قال فجاء فحطأني حطأة . وقال " اذهب وادع لي معاوية " قال فجئت فقلت : هو يأكل . قال ثم قال لي " اذهب فادع لي معاوية " قال فجئت فقلت : هو يأكل . فقال " لا أشبع الله بطنه " . وفي رواية : كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختبأت منه . فذكر بمثله .رواه مسلم في صحيحه في باب فضائل معاوية رضي الله عنه .
قال الإمام النووي في شرح مسلم :قد فهم مسلم من هذا الحديث ان معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه فلهذا ادخله في هذا الباب وجعله من مناقب معاوية لإنه في الحقيقة يصير دعاء له (16\156).
وهذا الحديث اخرجه مسلم ايضا تحت الأحاديث التي تندرج ان من سبه او دعا عليه وليس هو بأهل لذلك ان يكون له زكاة ورحمة واجرا ونص الحديث هو ( أيما رجل من أمتي سببته سبة ، أو لعنته لعنة في غضبي ، فإنما أنا من ولد آدم ، أغضب كما تغضبون ، و إنما بعثني الله رحمة للعالمين ، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة )صححه الألباني وغيره وهو مشهور .فماذا يريد الدكتور عدنان من رجل حلت عليه الصلاة والرحمة والزكاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
5-- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء ، يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه ، وكانت تحت عبادة بن الصامت ، فدخل يوما فأطعمته ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استيقظ يضحك ، قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ فقال : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ، ملوكا على الأسرة ، أو قال : مثل الملوك على الأسرة ) . يشك إسحق . فقلت : ادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا ، ثم وضع رأسه فنام ، ثم استيقظ يضحك ، فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ، قال : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ، ملوكا على الأسرة ، أو : مثل الملوك على الأسرة ) . فقلت : ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : ( أنت من الأولين ) . فركبت البحر في زمان معاوية ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر ، فهلكت .رواه البخاري .
قال الحافظ ابن حجر :وفيه ان ضحك النبي كان إعجابابهم وفرحا لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة.
وكان معاوية رضي الله عنه قائد الجيش ,وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لمعاوية وهي أنه اول من غزا في البحر .
واستمع واقرأ هذا الحديث وهو متعلق بنفس الحديث السابق:
6- أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا . قالت أم حرام : قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصرمغفور لهم . فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا.رواه البخاري.
فمالك ولمعاوية وقد اوجب الله له الجنة بالنص حيث قال (قد اوجبوا).رقم الحديث 2924.
7-قال الخلال :اخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال :قلت لأحمد بن حنبل رحمه الله :أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم (كل صهر ونسب ينقطع الا صهري ونسبي)قال :بلى .قلت :وهذه لمعاوية ؟قال نعم له صهر ونسب قال وسمعت احمد بن حنبل يقول :مالهم ولمعاوية نسال الله العافية .السنة للخلال ص654وإسناده حسن .
8-ولقد فاز معاوية رضي الله عنه بمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى بها منقبة وشرفا فاستحق بذلك أن يكون خال المؤمنين كعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ,وقد قيل للإمام أحمد رحمه الله :إن ناسا يقولون :إن معاوية ليس خالا للمؤمنين :فقال الإمام أحمد :يجفون حتى يتوبوا .
مخرج في كتاب السنة للخلال .فيا دكتور عدنان تب الى الله تعالى ,وإلا فإن هذه الأمة بأسرها سوف تجفوك -والعياذ بالله تعالى -.
فأم حبيبة بنت ابي سفيان هي زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ام المؤمنين
- فعن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه قال كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث خلال أعطنيهن قال نعم قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها قال نعم قال ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك قال نعم قال وتؤمرني أن أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قال نعم قال أبو زميل ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ما أعطاه ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يسئل شيئا إلا قال نعم.رواه مسلم .
قال ابوهريرة رضي الله عنه :ما رأيت احدا أجمل من عائشة بنت طلحة ,ومن معاوية بن ابي سفيان على منبر رسول الله صلى الله عليه سلم.رواه المعافري في أخبار النساء .تحقيق الدكتورة عائدة الطيبي.
فهل ترضى يا دكتور عدنان أن يطعن احد في صهرك ,!!فكيف تطعن في صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد جمعت بين ثلاث أذيات ,آذيت الله وآذيت رسول الله وآذيت المؤمنين وقد قال تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ).
9-ولقد اتفق ابو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين رضي الله عنهم على تأمير معاوية على الشام وهم اهل الرأي والسداد والورع والتقوى فابو بكر من اورع الناس في تأمير الأمراء وعمر هو المحدث الملهم وعثمان صاحب الرأي الرشيد فيالها من فضيلة أن يثق بالشخص ثلاثة من اعظم رجال التاريخ البشري على الإطلاق ,وأنت يا دكتور عدنان لن تجد من يثق بك إلا زنديق أو رافضي بل وحتى الزنادقة لن يثقوا بك لأنك انقلبت على عقبيك فلا يأمنون أن تنقلب عليهم أيضا .
10-وكان كاتبا للوحي اي كاتبا للقرآن الكريم فهل تتوقع أن يستأمن رسول الله على الكتابة شخص غير موثوق فيه .
11-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنتم شهداء الله في أرضه )فلننظر بماذا شهد الصحابة رضي الله عنهم لمعاوية رضي الله عنه.
1-قال عمر رضي الله عنه (لاتذكروا معاوية إلا بخير)البداية والنهاية لابن كثير (8\125).
2-قال علي رضي الله عنه بعد رجوعه من صفين :أيها الناس لاتكرهوا إمارة معاوية فإنكم لو فقدتموها رأيتم الرؤوس تندر من كواهلها كأنها الحنظل.نس المصدر السابق .ص134.
3-قال ابن عباس ما رأيت رجلا كان أخلق أي اجدر للملك من معاويةكان الناس يردون منه على ارجاء واد رحب ولم يكن بالضيق الحصر المتغضب العصعص.رواه عبد الرزاق بسند صحيح 20985برقم.
وقد امتدحه ابن عباس بالفقه وكذاابن عمر وابن الزبير .
2-القاعدة الثانية(ان الخلاف الذي جرى بين الصحابة اقسام :1-خلاف فقهي 2-خلاف سياسي ,ولا يوجد خلاف عقدي بينهم إطلاقا والخلافات الفقهية والسياسية لاتوجب مذمة لأحد ولا نقيصة من أحد وهو امر مشهور بين اصحاب المذهب الواحد ).
لذا فإن الدكتور عدنان قد وقع ضحية للزنادقة الذن يريدون إفساد الاسلام بأن غلفوا الخلافات الفقهية والسياسية بغلاف عقائدي والبسوها لباسا طائفيا وهي ليست كذلك ,وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين هم اصحاب الشأن لم يدعوا غير ذلك ولم يقولوا ان لمعاوية دينا او مذهبا آخر .
وقد قال الله تعالى (ومن قتل مظلوما -يعني مثل عثمان-فقد جعلنا لوليه -كمعاوية-سلطانا-قدري أو شرعي-فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا)ومن هنا كان النصر لمعاوية رضي الله عنه.
3-القاعدة الثالثة (أن الله تعالى يختبرنا هل نطيعه أم ننساق إلى أهوائنا )فإن الله تعالى طلب منا أن نبجل اصحاب نبيه وان نكف السنتنا عنهم وان نترضى عليهم جميعا ,وحتى يعلم الله علما يترتب عليه الثواب او العقاب ولكي يكشف إيمان المؤمن ونفاق المنافق وغرض المغرض يقدر تعالى بين هؤلاء الأولياء من المشاكل والنزاعات ما يكشف الله به للناس من هو المؤمن الذي يصبر ويمتثل امر ألله وامر رسوله ومن هو المنافق الذي يتربص الدوائر بالاسلام وأهله ,فمن المعلوم أن عدوك يترصد لك كل شاردة وواردة للإيقاع بك ولكن الله تعالى أوقعهم من حيث هم يريدون الوقيعة بالإسلام وأهله (الا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) ودليل ذلك أن عمار بن ياسر رضي الله عنه خطب في الناس فقال -ايام الجمل-(والله إني لأعلم أنها -يريد عائشة رضي الله عنها-لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولكن الله يريد أن يبتليكم لتطيعوه أو إياها )وهذا الأمر ينسحب على جميع الأحداث التي وقعت في زمن الرعيل الأول سلام الله عليهم أجمعين .
4-القاعدة الرابعة (أن محاكمة معاوية أو علي أو اي صاحب من اصحاب رسول الله وذكر المثالب لا معنى له بعد أن أصدر الله تعالى حكمه وهو الحكم العدل اللطيف الخبير حيث قال (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصارالذين اتبعوه في ساعة العسرة )الآيات .)فهب ان معاوية فعل وفعل فماذا ينفعك هراؤك بعد ان رضي الله عنه وتاب عليه واناخ مطيته في جنة عرضها السموات والأرض ,وما دخلك أنت أيها القزم المتقرمط
بين علي ومعاوية وطلحة وعائشة وقد قال الله تعالى فيهم (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وماهم منها بمخرجين )فإن كان علي مظلوما فإن الله تعالى سينصفه وإن كان معاوية ظالما فإن الله سيعفو عنه ويغفر له (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون).
5-القاعدة الخامسة (أن الزنادقة يركزون جهدهم على معاوية لأن معاوية باب حصين إذا كسر هذا الباب استطاع الزنادقة من خلاله أن يطعنوا في سيدنا عمر رضي الله عنه لإنه هو الذي ولاه على الشام فالذب عن معاوية أولى من الذب عن اي صحابي آخر من حيث أنه الباب الذي يدخل منه الروافض والزنادقة للطعن في اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ).
ولذا فإن الطعن في معاوية رضي الله عنه ماهو إلا وسيلة من وسائل القوم للنيل من الصحابة وبالتالي النيل من الإسلام وأهله فالله الله ان يؤتى الاسلام من باب معاوية رضي الله عنه .
6-القاعدة السادسة (أن دين الله محفوظ كتابا وسنة عقيدة وشريعة بحفظ الله له فلا يضرنا بعد ذلك صراع فلان مع فلان بل ان الله امرنا في كتابه المحفوظ وسنته المحفوظة باتباع سبيل المؤمنين قال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)وسبيل المؤمنين بالإجماع هو الكف عما شجر بين اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فمن خالف هذا السبيل فهو من جثا جهنم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم .
قال تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم).
هذه القواعد الشرعية تنسف فكرة الدكتور عدنان من أساسها وجذورها (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من حيث لايشعرون).وقال (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا)
يتبع=============

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:16 AM
ثانيا :ذكر شبه تعلق بها الدكتور تبين ان اتباع الهوى يودي ب الانسان الى الضلال :
1-اكذوبة تولي عمر والتبري من معاوية !!
هل تعلم أيها الضال ان عمر المحدث الملهم هوالذي ولى معاوية على الشام وكان عمر لايولي إلا من يتيقن فيه الورع والقوة والأمانة ,هل تعلم أنك الآن تطعن في عمر رضي الله عنه وتصفه بأنه لايحسن الاختيار ,هل انت اعلم وافقه من الصحابة الذين اقروا عمر على تولية معاوية ولم يعترضوا عليه ,فإما أن تكون جاهلا بهذه اللوازم وإما أن تكون ممن تعلمت التقية على مذهب الصفويين .
2-تريد أن تأخذ راحتك في الطعن على معاوية ولكن الوقت لايسعفك فتكتفي بأشارات واقول لك اقصر يا باغي الشر فلا حاجة لنا إلا كلامك بعد ان أذن له رسول الله في كتابة الوحي وبعد ان شهد له بالهداية .
3-واما احتجاجك بحديث (تقتل عمارا الفئة الباغية )فإن الذي قتل عمارا هم الخوارج الذين الهبوا نار الصراع بين الفريقين حتى ظهروا فيما بعد في حروراء فالأصابع التي دبرت مقتل عثمان رضي الله عنه هي نفسها الأصابع الت نسجت الخلاف بين الصحابة والهبت القتال ومعاوية لم يرض بقتل عمار بل كره ذلك كرها شديدا ولكن ليقضي الله امرا كان مفعولا ,ومما يدل على ان الخوارج هم الذين قتلوه قوله عليه السلام ي رواية اخرى (يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار)ودعاة النار هم الخوارج بل هم كلاب النار كما في حديث صحيح فعمار يدعوهم الى الكف عن القتال ولزوم الجماعة وهم يريدون القتال والفوضى لإن هذه الفوضى هي التي سوف تخلصهم من الملاحقة والمحاكمة كما يفعل الآن بعض رؤساء العرب حيث يريد ان يدخل الناس في اتون الصراعات حتى لايحاكم وينجو بنفسه من جرائمه التي اقترفها .
وإلا فإن الخلاف بين علي ومعاوية هو خلاف لايستلزم معاركا بل هو خلاف اولويات -لاغير-.
فعلينا ان نستفيد من الأخطاء التي وقع فيها علي ومعاوية فلا نقع فيها فالتاريخ دائما يعيد نفسه فلله الحمد .
3-وانظر كيف يغالط عندما يقول ان عليا رضي الله عنه دان له العالم باسره إلا اهل الشام ,فنقول له انت عن ماذا تتحدث ؟
هل تتحدث عن افضلية علي واستحقاقه للخلافة؟
فنقول لاتتعب نفسك فالعالم الاسلامي كله اجمع في عصره أن عليا هو خير من في الأرض في زمن علي وانه الخليفة بلا منازع واهل الشام في هذا كغيرهم .
ام هل تتحدث عن مسألة قتلة عثمان والمطالبة بدمه؟
فإنها جعلت المسلمين المقرين بأفضلية علي واستحقاقه يفترقون الى فرقتين عظيمتين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (تمرق مارقة -يعني الخوارج-على حين فرقة من المسلمين يقتلهم اقرب الطائفتين الى الحق )يعني ان عليا كان اقرب الى الحق من معاويةوكان لمعاوية شئ من الحق ,وهذا واضح .
4-وانظروا الى المغالطة والخربطة عندما يقول ان عائشة وطلحة والزبير اجتهدوا ومعاوية تعمد الإساءة فأقول :
لو جاءك طفل من اطفال الروافض لألزمك بقوله ان عائشة والزبير وطلحة لم يجتهدوا فما وجه التفريق بينهم وبين معاوية وانت تستدل بحديث امرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين
وتعني باالناكثين عائشة وطلحة والزبير وبالقاسطين معاوية وابي موسى وعمرو بن العاص والمارقين الخوارج .؟
فإنه سيحار جوابا .
وعلى كل حال فالحديث كذب وملفق في اسناده حكيم بن جبير كذاب .راجع ميزان الاعتدال للذهبي 2215
وكأني بالدكتور عدنان يريد بطريقة ذكية تمرير الطعن في عائشة وطلحة والزبير بأسلوب ماكر جدا .
ومعاوية رضي الله عنه كغيره من الحكام واهل السياسة تحصل منهم اخطاء ومن المعلوم ان اخطاء الحكام ليست كأخطاء الآباء والأمهات من حيث وزنها وثقلها إلا أنها على نفس المبدأ فالسياسة بشرية وتخضع لظروف صعبة تجعلك تتخذ قرارا صعبا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية وتنازل عن اشياء حتى ان بعض الصحابة هم ان يرد على رسول الله رأيه .
5-وماهذه الورطة العظيمة !!
كيف تجعل معاوية من مصاديق قوله عليه السلام (من اتاكم وامركم جميع يريد ان يشق عصاكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان)ان الدكتور بكلامه هذا يحكم على معاوية بأنه مستحق للقتل !!
إذن ما الفرق بينك وبين الخوارج !!
فمبروك عليك أيها الدكتور جمعك بين النقيضين مذهب الخوارج ومذهب الروافض.
ولا تنس ان معاوية كان مستصحبا لولاية عثمان بن عفان رضي الله عنه ,وكان معاوية مقرا بالخلافة لعلي إلا أنهما اختلفا في موضوع قتلة عثمان فكان ما يخشاه معاوية هو هروب قتلة عثمان وضياع دمه .
6-واما قول علي :عليه السلام فلا بأس من الإتيان بها احيانا واما ان تجعلها ديدنا فهذا من شعائر الروافض يريدون بذلك التفضيل واتحدى الدكتور أن يقول (طلحة والزبير وابي موسى وعمرو بن العاص صلوات الله وسلامه عليهم)آمين.
لا يستطيع ذلك والسبب ان الزنادقة استطاعوا ان يوثقوه وان يجعلوه مكبلا بأساطير التاريخ وخرافات لوط بن يحي والواقدي
واني لأعجب من حماسته وتمعر وجهه ولا أظن وجهه يتمعر لمجازر الصفويين في العراق وبلاد فارس وسورية وما يفعله يهود بفلسطين وخصوصا غزة ارض العزة .
7-واما حديث (يا علي لايحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق).
فنقول لك ايها الدكتور المعتوه :
أن المحبة هنا هي المحبة التي تكون بدافع عقائدي فنحن نجزم ان معاوية كان يحب عليا ,وقد تكون المحبة بدافع انساني كما تحب زوجتك لو كانت يهودية او نصرانية ,وكذلك البغض
فقد يكون البغض عقائديا وهذا هو بغض المنافقين ولو حصل بين معاوية وبين علي بغض فهو بغض سياسي فيتحصل من ذلك
ان معاوية يحب عليا من وجه وهو الوجه العقائدي الذي يكون معاوية به مؤمنا ,ويبغضه -تنزلا-من وجه آخر وهو ما يحصل من التباغض بين مختلفي الرأي ,وهذا معلوم فإنك قد تحب الشخص لإيمانه وصلاحه وتبغضه لأنه يختلف عنك في توجهه السياسي مثلا وقد مدح عمرو بن العاص رضي الله عنه عليا بحضرة معاوية فبكى معاوية وقال :والله ما أخطأت شيئا مما قلت .او كلمة نحوها .
والخلاصة ان طريقة الدكتور هي طريقة اللعب بالعبارات حيث أنه يأتي الى عبارة مشتركة لمعان عديدة ويحملها على معنى يتبادر الى ذهن المستمع ليلبس عليه ويضله .
7-واما ان معاوية امر بسب علي فهذا كذب على معاوية وهذا فعل يترفع عنه معاوية والسب ليس من طريقة واخلاق معاوية بل هو من اخلاق عدنان ابراهيم ومن على شاكلته .
واما حديث مسلم ان معاوية قال لسعد ما منعك ان تسب اباتراب ؟فقال سعد :اما والله في ثلاث سمعتهن من رسول الله فلن أسبه وذكر سعد مناقب علي رضي الله عنه ,فأقره معاوية ولم يتعرض له بسوء .
وعلى كل فالنزاع كان بين شيعة علي وشيعة معاوية نزاع سياسي لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد والجميع يعرف نواتج الصراعات الحزبية فالأخوان المسلمون يحصل بنهم نزاعات والشيعة كذلك والتيارت السنية يحصل بينهم من التلاسن ما الله به عليم وما فتح وحماس عنا ببعيد حتى الفصائل الاسلامية متناحرة فيما بينها فهذا له إطاره السياسي والإداري
8-واما قصة معاوية مع ابي ذر رضي الله عنهما فابو ذر معلوم مذهبه في تحريم الادخار وانه يجب عليك ان تنفق كل مالك ولا تبقي شئ وقد خالفه جماهير الصحابة في ذلك ومعاوية منهم .
والدكتور عدنان لايطيق مذهب ابي ذر .
9-واما القول بان معاوية يستحل الربا فهذا كذب صراح وتكفير لمعاوية رضي الله عنه .وربا الفضل حصل فيه نزاع وقد روي الرخصة فيه عن ابن عباس واستدل بحديث انماالربا في النسيئة .ثم رجع عن هذا القول ابن عباس ,فلعل معاوية لو صح الخبر تأول ما تأول ابن عباس .
10-واما ان ابالدرداء خرج من الشام لإن معاوية استحل الربا
فهذا كذب .وهذه من ترهات الشيعة .
أخرج البخاري : عن ابن أبي مُليكة قال : أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال دعه فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
فنقول للدكتور :
(دع معاوية فإنه صحب رسول الله).-
11- دية المعاهد نصف دية الحر.وهذا الحديث صحيح حسنه الحافظ ابن حجر والسيوطي وابوداود والخطابي وهو مذهب الأئمة وجماهير الأمة ,وأما ما ينقل ان ابابكر وعمر جعلا دية المعاهد كدية المسلم فهذا لايصح بحال والحديث فيه اضطراب واستنكره ابن عبد البر بل انه قال في الاستذكار :لاحجة فيه.
ولو فرضنا جدلا بأن معاوية جعل دية المعاهد نصف دية المسلم فسيكون هذا من مناقبه لا من مثالبه وذلك لأنه جعل للمسلم قيمة وتميزا عن اصحاب الأديان الأخرى ,وقد جلد النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر اربعين وجلد ابو بكر اربعين وجلد عمر ثمانين .فهل يا ترى خالف عمر السنة !!
بل نقول وافق السنة والمصلحة فعن حصين الرقاشي :
شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد بن عقبة ، فشهد عليه حمران ورجل آخر ، فشهد أحدهما : أنه رآه شربها – يعني الخمر – وشهد الآخر : أنه رآه يتقيأها . فقال عثمان : إنه لم يتقيأها حتى شربها ، فقال لعلي : أقم عليه الحد ، فقال علي للحسن : أقم عليه الحد ، فقال الحسن : ول حارها من تولى قارها . فقال علي لعبد الله بن جعفر : أقم عليه الحد ، قال : فأخذ السوط فجلده ، وعلي يعد ، فلما بلغ أربعين قال : حسبك ، جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين . أحسبه قال : وجلد أبو بكر أربعين ، وعمر ثمانين ، وكل سنة ، وهذا أحب إلي رواه ابو داود وهو صحيح.
12-انت يا دكتور تدعي على معاوية أنه سرق اموال الشعب وان لديه الملايين فهل ستتحمل امام الله تعالى مسؤولية هذه الدعوى وانت لم تر ولم تشهد فإن كنت رأيت فقد رأيت معاوية يسرق اموال المسلمين بعيون الرافضة وسمعت ذلك بآذانهم اخرج ابو يعلى الموصلي في مسنده ان معاوية خطب الناس يوم الجمعة فكان فيما قال :المال مالنا والفي فيئنا فلم يرد عليه أحد وقالها في الجمعة المقبلة فلم يرد عليه أحد فلما كان في الجمعة الثالثة قام إليه رجل فقال :بل المال مالنا والفئ فيئنا فإن نازعتنا فيه قاتلناك بأسيافنا فقال معاوية:احياك الله كما احييتني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (
ستكون أئمة من بعدي ، يقولون ، فلا يرد عليهم قولهم ، يتقاحمون في النار كما تقاحم القردة)صححه الألباني .
وفي لفظ (سيكون بعدي امراء فلا يرد عليهم قولهم يتهافتون في النار يتبع بعضهم بعضا)فأدخل معاوية الرجل واكرمه .
فانظر رحمك الله الى حرص معاوية الا يدخل ضمن هؤلاء الأمراء وهذا يذكرنا بقول عمر لحذيفة :انشدك الله هل عدني رسول الله من المنافقين.!!!وهو ابعد الناس عن النفاق رضي الله عنه.
13-وانظر الى الكذب عندما يقول ان معاوية انكر حديث عبادة فهل انكر عمر حديث ابي موسى في الاستئذان حتى شهد له ابو سعيد ,وكان علي رضي الله عنه يقول :كان الرجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا حدثني عن رسول الله استحلفته وحدثني ابو بكر وصدق ابو بكر .
وعندما حدثت المبتوتة عمر عن حكم رسول الله في من طلقت ثلاثا انه لانفقة لها ولا سكنى:لاندع كتاب ربنا لأجل حديث امرأة لاندري انسيت أم حفظت.
فالمسألة مبنية على الاستيثاق والاطمئنان للرواية فهذا باب واما الانكار فلا يكون الا بعد التأكد والاستيثاق والاطمئنان.
فلماذا يا دكتور تفتري على سيدك معاوية رضي الله عنه بكل هذه الحماسة والجرأة وكأني بك مشحون شحنا غريبا تبدو عليه بصمات الصفويين وطريقتهم في الكلام والمغالطة .
ولننظر الى هذا الموقف العظيم لمعاوية الذي اطلع عليه الدكتور ولكنه يخفيه لما فيه من نسف لقضية ولع معاوية بالمال وهذه قصة عظيمة بل موقف اغرب من الخيال (كان لعبد الله بن الزبير ارض مجاورة لارض معاوية بن ابى سفيان رضى الله عن الجميع وكان فيهما عبيد لعمارة كل ارض فدخل عبيد معاوية ارض عبد الله بن الزبير واغتصبوا منها قطعة فكتب عبد الله بن الزبير الى معاوية :
أما بعد ,, يا معاوية فان عندك عبيدا قد اغتصبوا ارضى , فمرهم بالكف عنها الا وكان لى ولكم شأن فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله بن الزبير دفعه الى ولده يزيد فلما رآه وقرأه
قال : ما تقول يا يزيد ؟
قال : أرى ان تبعث اليه جيشا يكون اوله عنده واخره عندنا يأتيك برأسه وتستريح منه
قال : عندى خير من ذلك !
قال : ما هو يا أبت ؟
قال : علىً بدواة وقرطاس [ثم كتب اليه فيه : وقفت على كتاب ابن اخى وقد ساءنى والله ما ساءه والدنيا وما فيها هينة فى جنب رضاك وقد كتبت على نفسى مسطورا أشهدت فيه الله وجماعة من المسلمين ان الارض وما فيها والعبيد الذين بها ملكك فضمها الى ارضك والعبيد الى عبيدك , والسلام
فلما وقف عبد الله بن الزبير على كتابه , كتب له جوابا فيه : وقفت على كتاب امير المؤمنين لا اعدمنى الله بقاءه ولا اعدمه هذا الرأى الذى أحله هذا المحل , والسلام
فلما وقف معاوية على الكتاب أعطاه لولده يزيد فلما قرأه تهلل وجهه فرحا
فقال له : يا بنى اذا بُليت بشىء من هذا الداء داوه بمثل هذا الدواء ,
وإنا لقوم لم نر فى الحِلم الا خيرا.
13-وأما القول بأن معاوية استلحق زياد ونسبه لأبي سفيان فهذا كذب وافتراء على معاوية فإن زيادا هو الذي نسب نفسه الى ابي سفيان لا معاوية وإليكم البيان والتبيين : .
وزياد هو ؛ هو زياد بن سمية ، وهي أمه كانت أمة للحارث بن كلدة ، زوجها لمولاه عبيد ، فأتت بزياد على فراشه وهم بالطائف قبل أن يسلم أهل الطائف . انظر ترجمته في الإصابة ] ، والاستيعاب ترجمة رقم ] وغيرها .
إن قضية نسب زياد بن أبيه تعد من القضايا الشائكة في التاريخ الإسلامي ؛ لأنها تثير عدداً من الأسئلة يصعب الإجابة عليها ، مثل :-
1- لماذا لم تثر هذه القضية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، مثلما أثيرت قضايا مشابهة لها عند فتح مكة ؟
مثل قضية : نسب ابن أمة زمعة بن قيس الذي ادعاه عتبة بن أبي وقاص ، انظر القصة في صحيح البخاري مع الفتح [/ماذا لم تثر هذه القضية في حياة أبي سفيان رضي الله عنه ؟
3- لماذا لم تثر هذه القضية في أثناء خلافة علي رضي الله عنه ، خاصة عندما كان زياد من ولاة علي ؛ لأن في إثارتها في تلك الفترة مكسباً سياسياً لمعاوية رضي الله عنه ؛ إذ قد يترتب على ذلك انتقال زياد من معسكر علي إلى معسكر معاوية ؟
4 – لماذا أثيرت هذه القضية في سنة وبعد أن آلت الخلافة إلى معاوية رضي الله عنه ؟
ومهما يكن من أمر فإن قضية نسب زياد تعد من متعلقات أنكحة الجاهلية ، ومن أنواع تلك الأنكحة ما أخرجه البخاي في صحيحه من طريق عائشة رضي الله عنها: إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء – بمعنى : أنواع - : فنكاح منها نكاح الناس اليوم ، يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها – أي يعين صداقها – ثم ينكحها .
ونكاح آخر ، كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها – حيضها - : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه – أي اطلبي منه الجماع – ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه ، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب ، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد – النجيب : الكريم الحسب - ، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع .
ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها ، فإذا حملت ووضعت ومر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم ، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها ، تقول لهم : قد عرفتم الذي كان من أمركم ، وقد ولدت ، فهو ابنك يا فلان ، فتسمي من أحبت باسمه ، فيلحق به ولدها ولا يستطيع أن يمتنع به الرجل .
والنكاح الرابع : يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها ، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علماً ، فمن أردهن دخل عليهن ، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها ، جمعوا لها و دعوا لها القافة – جمع قائف ، وهو الذي يعرف شبه الولد بالوالد بالآثار الخفية – ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون ، فالتاطه به – أي استلحقه به – ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك .
فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بالحق ، هدم نكاح الجاهلية كله ، إلا نكاح الناس اليوم . الفتح مع الصحيح [] .
وقد أقر الإسلام ما نتج عن تلك الأنكحة من أنساب ، وفي ذلك يقول ابن الأثير : فلما جاء الإسلام .. أقر كل ولد ينسب إلى أب من أي نكاح من أنكحتهم على نسبه ، ولم يفرق بين شيء منها . الكامل في التاريخ ] 3/ 445 ] .
وأما الذراري الذين جاء الإسلام وهم غير منسوبين إلى آبائهم – كأولاد الزنى – فقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود بإسناده قال : قام رجل فقال : يا رسول الله إن فلاناً ابني ، عاهرت – أي زنيت – بأمه في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ] لا دعوة في الإسلام ، ذهب أمر الجاهلية ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر . صحيح سنن أبي داود ] .
أما القول إن سبب سكوت أبي سفيان رضي الله عنه من ادعاء زياد هو خوفه من شماتة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن هذا القول مردود بما يلي:
1– إن قضية نسب ولد الزنا قد ورد فيها نص شرعي ولم تترك لاجتهادات البشر .
2 – إن الإسلام يجب ما قبله .
3 – إن عمر رضي الله عنه توفي قبل أبي سفيان رضي الله عنه ، فلماذا لم يدّع أبو سفيان زياداً بعد وفاة عمر ؟ .
4 – إن في إسناد هذا الخبر محمد بن السائب الكلبي ، وقد قال عنه ابن حجر : ] متهم بالكذب ورمي بالرفض /] التقريب ] .
وأما اتهام معاوية رضي الله عنه باستلحاق نسب زياد فإني لم أقف على رواية صحيحة صريحة العبارة تؤكد ذلك ، هذا فضلاً عن أن صحبة معاوية رضي الله عنه وعدالته ودينه وفقهه تمنعه من أن يرد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لاسيما وأن معاوية أحد رواة حديث /] الولد للفراش وللعاهر الحجر الفتح g] .

قال النووي رحمه الله معلقاً على هذا الخبر : .. فمعنى هذا الكلام الإنكار على أبي بكرة ، وذلك أن زياداً هذا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان ، ويقال فيه : زياد بن أبيه ، ويقال : زياد بن أمه ، وهو أخو أبي بكرة لأمه .. فلهذا قال أبو عثمان لأبي بكرة : ماهذا الذي صنعتم ؟
وكان أبو بكرة رضي الله عنه ممن أنكر ذلك وهجر بسببه زياداً وحلف أن لا يكلمه أبداً ، ولعل أبا عثمان لم يبلغه إنكار أبي بكرة حين قال له هذا الكلام ، أو يكون مراده بقوله : ما هذا الذي صنعتم ؟ أي ما هذا الذي جرى من أخيك ما أقبحه وأعظم عقوبته ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على فاعله الجنة .] .
وقال أيضاً : قوله : ادُّعِي ضبطناه بضم الدال وكسر العين مبني لما لم يسم فاعله ، أي ادعاه معاوية ، ووجد بخط الحافظ أبي عامر العبدري – وهو إمام من أعيان الحفاظ من فقهاء الظاهرية ] ت 524هـ ، انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ للذهبي [] 4 / 1272 ادَّعَى بفتح الدال والعين ، على أن زياداً هو الفاعل ، وهذا له وجه من حيث إن معاوية ادعاه ، وصدقه زياد فصار زياد مدعياً أنه ابن أبي سفيان ، والله أعلم . شرح مسلم [] 2 / 52 –
. انظر القصة في الاستيعاب لابن عبد
فنقول للدكتور الآن قد تبينت لكل عاقل براءة معاوية رضي الله عنه من هذه التهمة وقد تبينت براءة معاوية رضي الله عنه من هذه التهمة فيما تقدم من القول ، وبذلك ينتفي الوجه الذي ذهب إليه النووي في كلامه عن ضبط الحافظ أبي عامر العبدري لكلمة ادَّعَى .
ويزيد هذا الأمر تأكيداً ما أورده الحافظ أبو نعيم في ترجمة زياد بن أبيه حيث قال : ] زياد بن سمية : ادَّعَى أبا سفيان فنسب إليه /] معرفة الصحابة ] .
وبذلك يكون زياد هو المدعي ، ولذلك هجره أخوه أبو بكرة رضي الله عنه . والله تعالى أعلم . مقتبس من كتاب : مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري للدكتور خالد الغيث ] .
وقد أجاب الإمام ابن العربي رحمه الله عن هذه الشبهة بجواب آخر له وجه من الصحة أيضاً ، فقال فيما معناه : أما ادعاؤه زياداً فهو بخلاف حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال لعبد بن زمعة : ] هو لك الولد للفراش وللعاهر الحجر /] باعتبار أنه قضى بكونه للفراش وبإثبات النسب فباطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت النسب ، لأن عبداً ادعى سببين ، أحدهما : الأخوة ، والثاني : ولادة الفراش ، فلو قال النبي صلى الله عليه وسلم هو أخوك ، الولد للفراش لكان إثبابتاً للحكم وذكراً للعلة ، بيد أن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن الأخوة ولم يتعرض لها وأعرض عن النسب ولم يصرح به ، وإنما هو في الصحيح في لفظ /] هو أخوك [/] وفي آخر هو لك ] معناه أنت أعلم به بخلاف زياد ، فإن الحارث بن كلدة الذي ولد زياد على فراشه ، لم يدعيه لنفسه ولا كان ينسب إليه ، فكل من ادعاه فهو له ، إلا أن يعارضه من هو أولى به منه ، فلم يكن على معاوية في ذلك مغمز بل فعل فيه الحق على مذهب الإمام مالك . انظر تفصيل ذلك في كتاب العواصم من القواصم ] بتخريج محمود مهدي الاستانبولي و تعليق الشيخ محب الدين الخطيب وهو من منشورات مكتبة السنة بالقاهرة .
يتبع=========

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:17 AM
14-واما القول بأن معاوية قتل حجر بن عدي فيا ويلا له من حجر وأصحاب حجر فالرد على هذه الفرية من وجوه :
اولا:تحدثت معظم المصادر التاريخية عن مقتل حجر بن عدي رضي الله عنه بين مختصر في هذا الأمر ومطول كل بحسب ميله ، وكان للروايات الشيعية النصيب الأوفر في تضخيم هذا الحدث ووضع الروايات في ذلك ؛ وكأنه ليس في أحداث التاريخ الإسلامي حدث غير قصة مقتل حجر بن عدي .. هذا ونظراً لقلة الروايات الصحيحة عن حركة حجر بن عدي ، ولكون هذه الروايات لا تقدم صورة متكاملة عن هذه القضية .. لذا فلن أتطرق للحديث عنها بقدر ما سيكون الحديث منصباً على السبب الذي جعل معاوية رضي الله عنه يقدم على قتل حجر بن عدي والدوافع التي حملته على ذلك ..
كان حجر بن عدي من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وممن شهد الجمل وصفين معه . وحجر هذا مختلف في صحبته ، وأكثر العلماء على أنه تابعي ، وإلى هذا ذهب كل من البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط وابن حبان وغيرهم ، ذكروه في التابعين وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة . انظر ترجمته في الإصابة 31- 34 ]
ثانيا:. كر ابن العربي في العواصم بأن الأصل في قتل الإمام ، أنه قَتْلٌ بالحق فمن ادعى أنه بالظلم فعليه الدليل ، و لكن حجراً فيما يقال : رأى من زياد أموراً منكرة ، حيث أن زياد بن أبيه كان في خلافة علي والياً من ولاته ، و كان حجر بن عدي من أولياء زياد و أنصاره ، و لم يكن ينكر عليه شيئاً ، فلما صار من ولاة معاوية صار ينكر عليه مدفوعاً بعاطفة التح** و التشيع ، و كان حجر يفعل مثل ذلك مع من تولى الكوفة لمعاوية قبل زياد ، فقام حجر و حصب زياد و هو يخطب على المنبر ، حيث أن زياد قد أطال في الخطبة فقام حجر و نادى : الصلاة ! فمضى زياد في خطبته فحصبه حجر و حصبه آخرون معه و أراد أن يقيم الخلق للفتنة ، فكتب زياد إلى معاوية يشكو بغي حجر على أميره في بيت الله ، وعدّ ذلك من الفساد في الأرض ، فلمعاوية العذر ، و قد كلمته عائشة في أمره حين حج ، فقال لها : دعيني و حجراً حتى نلتقي عند الله ، و أنتم معشر المسلمين أولى أن تدعوهما حتى يقفا بين يدي الله مع صاحبهما العدل الأمين المصطفى المكين . انظر هذا الخبر بالتفصيل في العواصم من القواصم لابن العربي ]ص 219-220] بتحقيق محب الدين الخطيب و تخريج محمود الإستانبولي مع توثيق مركز السنة .
وأما قضاء معاوية رضي الله عنه في حجر رضي الله عنه وأصحابه ، فإنه لم يقتلهم على الفور ، ولم يطلب منهم البراءة من علي رضي الله عنه كما تزعم بعض الروايات الشيعية ، انظر : تاريخ الطبري ] . بل استخار الله سبحانه وتعالى فيهم ، واستشار أهل مشورته ، ثم كان حكمه فيهم ..
والحجة في ذلك ما يرويه صالح بن أحمد بن حنبل بإسناد حسن ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا أبو المغيرة – ثقة – قال : حدثنا ابن عياش – صدوق – قال : حدثني شرحبيل بن مسلم – صدوق – قال : لما بُعِث بحجر بن عدي بن الأدبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان ، استشار الناس في قتلهم ، فمنهم المشير ، ومنهم الساكت ، فدخل معاوية منزله ، فلما صلى الظهر قام في الناس خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ، ثم جلس على منبره ، فقام المنادي فنادى : أين عمرو بن الأسود العنسي ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألا إنا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه ، وقولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية ، ألا وأنت أعلمنا بدائهم ، وأقدرنا على دوائهم ، وإنما علينا أن نقول : { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير }[ البقرة /285] .
فقال معاوية : أما عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم ، ورمى بها ما بين عيني معاوية . ثم قام المنادي فنادى : أين أبومسلم الخولاني ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فلا والله ما أبغضناك منذ أحببناك ، ولا عصيناك منذ أطعناك ، ولا فارقناك منذ جامعناك ، ولا نكثنا بيعتنا منذ بايعناك ، سيوفنا على عواتقنا ، إن أمرتنا أطعناك ، وإن دعوتنا أجبناك وإن سبقناك نظرناك ، ثم جلس .
ثم قام المنادي فقال : أين عبد الله بن مِخْمَر الشرعبي ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق ، إن تعاقبهم فقد أصبت ، وإن تعفو فقد أحسنت .
فقام المنادي فنادى : أين عبد الله بن أسد القسري ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أمير المؤمنين ، رعيتك وولايتك وأهل طاعتك ، إن تعاقبهم فقد جنوا أنفسهم العقوبة ، وإن تعفوا فإن العفو أقرب للتقوى ، يا أمير المؤمنين لا تطع فينا من كان غشوماً ظلوماً بالليل نؤوماً ، عن عمل الآخرة سؤوماً . يا أمير المؤمنين إن الدنيا قد انخشعت أوتارها ، ومالت بها عمادها وأحبها أصحابها ، واقترب منها ميعادها ثم جلس . فقلت – القائل هو : اسماعيل بن عياش – لشرحبيل : فكيف صنع ؟ قال : قتل بعضاً واستحيى بعضاً ، وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر . انظر الرواية في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح ] .
ومما يجدر التذكير به في هذا المقام أن معاوية رضي الله عنه لم يكن ليقضي بقتل حجر بن عدي رضي الله عنه لو أن حجراً اقتصر في معارضته على الأقوال فقط ولم ينتقل إلى الأفعال .. حيث أنه ألّب على عامله بالعراق ، وحصبه وهو على المنبر ، وخلع البيعة لمعاوية وهو آنذاك أمير المؤمنين .. ولكن حجراً رضي الله عنه زين له شيعة الكوفة هذه المعارضة ، فأوردوه حياض الموت بخذلانهم إيام .. ولا ننسى موقف شيعة الكوفة مع الحسين رضي الله عنه ، حين زينوا له الخروج ثم خذلوه كما خذلوا حجراً من قبله ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ..
وقد اعتمد معاوية رضي الله عنه في قضائه هذا بقتل حجر بن عدي ، على قوله صلى الله عليه وسلم : ] من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ] . صحيح مسلم بشرح النووي []12 / 242 .
وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم : ] أنه ستكون هنات – أي فتن – وهنات ، فمن أراد أن يفرق أمره هذه الأمة وهي جميع ، فاضربوا بالسيف كائناً من كان ] . صحيح مسلم بشرح النووي [] 12 / 241 ] .
ولو سلمنا أن معاوية أخطأ في قتل حجر ؛ فإن هذا لا مطعن فيه عليه ، كيف وقد سبق هذا الخطأ في القتل من اثنين من خيار الصحابة ؛ هما : خالد بن الوليد وأسامة بن زيد رضي الله عنهما .
أما قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع بني جذيمة ، وقولهم صبأنا بدلاً من أسلمنا ، فرواها البخاري في صحيحه برقم 4339 ] من حديث عبد الله بن عمر .. وقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ..
قال الحافظ ابن حجر في الفتح ] : وقال الخطابي : الحكمة من تَبرُّئه صلى الله عليه وسلم من فعل خالد مع كونه لم يعاقبه على ذلك لكونه مجتهداً ، أن يعرف أنه لم يأذن له في ذلك خشية أن يعتقد أحد أنه كان بإذنه ، ولينزجر غير خالد بعد ذلك عن مثل فعله .. ثم قال : والذي يظهر أن التبرأ من الفعل لا يستلزم إثم فاعله ولا إلزامه الغرامه ، فإن إثم المخطئ مرفوع وإن كان فعله ليس بمحمود .
وقصة أسامة بن زيد رضي الله عنه مع الرجل الذي نطق بالشهادتين ، وقتل أسامه له بعد نطقها ، في الصحيحين البخاري برقم [] .. وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ] يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ ] .. الحديث .
وكل ما جرى من أسامة وخالد ناتج عن اجتهاد لا عن هوى وعصبية وظلم .
وقبل أن ننتقل إلى شبهة أخرى من شبهات حول معاوية رضي الله عنه ، أذكر موقف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من مقتل حجر رضي الله عنه ..
أخرج ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى ابن أبي مليكة قال : إن معاوية جاء يستأذن على عائشة ، فأبت أن تأذن له ، فخرج غلام لها يقال له ذكوان قال : ويحك أدخلني على عائشة فإنها قد غضبت علي ، فلم يزل بها غلامها حتى أذنت له ، وكان أطوع مني عندها ، فلما دخل عليها قال : أمتاه فيما وجدت عليّ يرحمك الله ؟ قالت : .. وجدت عليك في شأن حجر وأصحابه أنك قتلتهم . فقال لها : .. وأما حجر وأصحابه فإني تخوفت أمراً وخشيت فتنة تكون ، تهراق فيها الدماء ، وتستحل فيها المحارم ، وأنت تخافيني ، دعيني والله يفعل بي ما يشاء . قالت : تركتك والله ، تركتك والله ، تركتك والله .
وبالإسناد نفسه أخرج ابن عساكر في تاريخيه ] : لما قدم معاوية دخل على عائشة ، فقالت : أقتلت حجراً ؟ قال : يا أم المؤمنين ، إني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خير من استحيائه في فسادهم .
15-وأما شبهة الدكتور في قميص عثمان ولماذا لم يقتص معاوية من قتلة عثمان فإليكم البيان:
قبل الإجابة على على هذه الشبهة .. ليسأل أحدنا نفسه هذه الأسئلة :-

• لماذا أبقى علي رضي الله عنه على أهل الفتنة في جيشه أثناء حرب الجمل ؟
• ولِمَ لَمْ يخرجهم من جيشه أثناء توجهه إلى الشام ؟
• لما انتصر علي رضي الله عنه على أهل الجمل ، لماذا لم يوقع القصاص على هؤلاء القتلة ؟!
• وأيضاً لماذا لم يوقع القصاص عليهم بعد ذلك ، خاصة بعد أن انتهى الخلاف بينه وبين معاوية بعد حرب صفين ؟!
• لماذا لم يقم الحسن بن علي رضي الله عنه بإيقاع القصاص على قتلة عثمان بعد أن تولى الخلافة من بعد أبيه ؟!
إلى غيرها من الأسئلة الكثيرة التي تدور في خلد الواحد منا .. لماذا تناسينا هذه الأسئلة والإجابة عليها ، وتمسكنا فقط بشبهة مطالبة معاوية رضي الله عنه بالخلافة مقابل استغنائه عن المطالبة بقتلة عثمان ؟!! مع أنه لم يرد إلينا رواية واحدة لا صحيحة ولا ضعيفة تفيد استغناء معاوية عن المطالبة بقتلة عثمان مقابل توليه الخلافة ..
ولنا أن نقول : إن السبب في إبقاء علي على أهل الفتنة في جيشه وعدم إقامة الحد عليهم ؛ أنهم – أي أهل الفتنة - كانوا سادات في أقوامهم ، فكان علي يرى أن يصبر عليهم إلى أن تستقر الأمور .. فقد كان رضي الله عنه ينظر إلى القضية نظرة مصلحة ومفسدة ، فرأى أن المصلحة تقتضي تأخير القصاص لا تركه ، فأخر القصاص من أجل هذا ..
وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة .. ففي حادثة الإفك تَكَلم في الطاهرة المطهرة عائشة رضي الله عنها بعض الناس ، وكان الذي تولى كبر هذا الأمر عبد الله بن أبي بن سلول ، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم : من يعذرني في رجل وصل أذاه إلى أهلي ؟ قام سعد بن معاذ وقال : أنا أعذرك منه يارسول الله ، إن كان منّا معشر الأوس قتلناه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا بقتله ، فقام سعد بن عبادة فرد على سعد بن معاذ ، وقام أسيد بن حضير فرد على سعد بن عبادة ، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت . انظر الخبر بتمامه في البخاري حديث رقم [ 4141 ] .
ولنسأل أنفسنا : لماذا لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم حد القصاص على ابن سلول ؟
الجواب : لاشك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اغتم بهذه الإشاعة وأعلن على الملأ وفي المسجد ثقته بزوجته وبصاحبه ابن المعطل ، ولكن حسن تصرف النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة ، أوقف فتنة كادت أن تقع بين الحيين ، وقد دلت هذه المعالجة من الرسول صلى الله عليه وسلم للمشكلة التي حاول ابن سلول استغلالها على حسن سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في تدبير الأمور وتجنب المشاكل وتفويت الفرص على المغرضين المندسين بين صفوف المؤمنين ، وكان نتيجة ذلك أن جافى ابن سلول قومه ، فكانوا هم الذين يعنفونه ويفضحون دسائسه ..
وقد أجاب عدد من العلماء عن الحكمة التي من أجلها ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على ابن سلول .. من مثل القرطبي رحمه الله في تفسيره [i 12 / 201 – 202 بقوله : وإنما لم يحد عبد الله بن أبي لأن الله قد أعد له في الآخرة عذاباً عظيماً ، فلو حد في الدنيا لكان ذلك نقصاً من عذابه في الآخرة وتخفيفاً عنه ، مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضي الله وبكذب كل من رماها ، فقد حصلت فائدة الحد إذ المقصود إظهار القاذف وبراءة المقذوف ..
وقال أيضاً : ويحتمل أن يقال إنما ترك حد ابن أبي استئلافاً لقومه واحتراماً لابنه ، واطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك ، وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه .
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد [] : وقيل الحد لا يثبت إلا ببينة أو إقرار – كما هو الحال بالنسبة لقتلة عثمان ، فإنهم أعلاج من قبائل شتى - ، وهو لم يقر بالقذف ولا شهد به عليه أحد ، فإنه كان يذكره بين أصحابه ، ولم يشهدوا عليه ، ولم يكن يذكره بين المؤمنين ..
وقال أيضاً : وقيل بل ترك حده لمصلحة هي أعظم من إقامته عليه ، كما ترك قتله مع ظهور نفاقه وتكلمه بما يوجب قتله مراراً ، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام ، فإنه كان مطاعاً فيهم ، رئيساً عليهم – كذلك الحال بالنسبة لقتلة عثمان رضي الله عنه - ، فلم يؤمن إثارة الفتنة في حده ..
قلت : وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم عظم مكانة ابن سلول في قومه .. فإنه وقبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الأوس والخزرج قد اتفقوا على أن يجعلوا عبد الله بن أبي ملكاً عليهم ، فهو له عندهم منزلة عظيمة ، ولا ننسى موقفه في غزوة أحد حين رجع بثلث الجيش .. لهذا السبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد عليه للمصلحة التي ينشدها ، وتجنباً للمفسدة التي ستترتب على إقامة الحد عليه ، إذ رأى أن جلده أعظم مفسدة من تركه ..
وهكذا كان موقف علي رضي الله عنه من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، رأى تأخير القصاص أقل مفسدة من تعجيله ، لأن علياً رضي الله عنه لايستطيع أن يقتل قتلة عثمان أصلاً ، والسبب في ذلك أن لهم قبائل تنتصر لهم وتدافع عنهم ، والأمن غير مستتب ، ومازالت الفتنة مستمرة ، ولا أدل على ذلك من قيام هؤلاء الخوارج من قتل علي رضي الله عنه بعد أن حاربهم في النهروان ، وكذلك المحاولة التي تعرض لها كل من معاوية وعمرو رضي الله عنهما .. ولا ننسى محاولات القتل التي تعرض لها الحسن بن علي رضي الله عنهما على يد هؤلاء الخوارج ..
وقد أجاب الإمام الطحاوي رحمه الله عن سبب تأخر علي رضي الله عنه في إقامة الحد على قتلة عثمان رضي الله عنه بقوله : و كان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان ، من لم يُعرف بعينه و من تنتصر له قبيلته ، و من لم تقم عليه حجة بما فعله ، و من قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله .شرح الطحاوية ] .
و على كل حال فإن علي رضي الله عنه ، كان موقفه ، موقف المحتاط منهم ، المتبرئ من فعلهم .
وهو و إن كان لم يخرجهم من عسكره فقد كان يعاملهم بحذر و ينظر إليهم بشزر ، حتى قال الإمام
الطبري : بأنه لم يول أحد منهم أثناء استعداده للمسير إلى الشام ، حيث دعا ولده محمد بن الحنفية و سلمه اللواء ، و جعل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قائد الميمنة ، و عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه على الميسرة ، و جعل على مقدمة الجيش أبا ليلى بن عمر بن الجراح ، و استخلف على المدينة قثم بن العباس رضي الله عنهم . تاريخ الطبري ] .
و هذه بادرة منه رضي الله عنه ليعلن تبرؤه من أولئك المارقين ، و يثبت قدرته على السيطرة على أمر المسلمين من غير عون منهم ، فقد كان له في المسلمين الموالين له و المؤيدين لخلافته ما يغنيه عن الاستعانة بهم و التودد إليهم ..
و هذا أقصى ما يمكنه فعله بتلك الطائفة إذ ذاك ، و هو كافٍ في عذره ، لأنهم مئات و لهم قرابة وعشائر في جيشه ، فما يأمن لو عاملهم بأكثر من هذا من الشدة أن يمتد حبل الفتنة في الأمة ، كما حصل ذلك لطلحة و ال***ر و عائشة بالبصرة حين قتلوا بعضاً منهم ، فغضب لهم قبائلهم و اعتزلوهم . إفادة الأخيار للتباني ] .
و يناقش الإمام الباقلاني هذا الموضوع فيقول : و على أنه إذا ثبت أن علياً ممن يرى قتل الجماعة بالواحد فلم يجز أن يقتل جميع قتلة عثمان إلا بأن تقوم البينة على القتلة بأعيانهم ، و بأن يحضر أولياء الدم مجلسه ، و يطلبون بدم أبيهم و وليهم .. و إن قتل قتلة عثمان ، لا يؤدي إلى هرج عظيم و فساد شديد ، قد يكون فيه مثل قتل عثمان أو أعظم منه ، و إنّ تأخير إقامة الحد إلى وقت إمكانه و تقصّي الحق فيه أولى و أصلح للأمة و ألمّ لشعثهم و أنفى للفساد و التهمة عنهم . التمهيد في الرد على الملحدة ] .
و إن السياسة الحكيمة تقتضي ما كان ينادي به أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من التريث و الأناة وعدم الاستعجال ؛ إذ إن الأمر يحتاج إلى وحدة الصف و الكلمة لإيجاد موقف موحد ، و مواجهة ذلك التحدي الذي يهدد مركز الخلافة ، بيد أن الخلاف في الرأي أضعف مركز الخلافة الجديد ، و قضى بالتالي على كل الآمال في نيل ثأر الخليفة المقتول .
ولذلك لما وصلت الخلافة إلى معاوية لم يقتل قتلة عثمان أيضاً ؟ والسبب : لأنه صار يرى ما كان يراه علي رضي الله عنه من قبل ، فعلي رضي الله عنه كان يرى قضية إيقاع القصاص على قتلة عثمان واقعاً ، في حين كان معاوية رضي الله عنه يراه نظرياً ، فلما آلت الخلافة إليه ، رآه واقعاً ..
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بل لم يكن عليّ مع تفرق الناس عليه متمكناً من قتل قتلة عثمان إلا بفتنة تزيد الأمر شراً وبلاء ، ودفع أفسد الفاسدين بالتزام أدناهما أولى من العكس ، لأنهم كانوا عسكراً ، وكان لهم قبائل تغضب لهم .
وقال أيضاً : ولما سار طلحة والزبير رضي الله عنهما إلى البصرة ليقتلوا قتلة عثمان ، قام بسبب ذلك حرب قتل فيها خلق ، ومما يبين ذلك أن معاوية قد أجمع الناس عليه بعد موت علي ، وصار أميراً على جميع المسلمين ، ومع هذا فلم يقتل قتلة عثمان الذين كانوا قد بقوا .. إلى أن قال : وذلك أن الفتن إنما يعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت ، فأما إذا أقبلت فإنها تزين ، ويظن أن فيها خيراً ، فإذا ذاق الناس ما فيها من الشر والمرارة والبلاء ، صار ذلك مبيناً لهم مضرتها ، وواعظاً لهم أن يعودوا في مثلها .. والذين دخلوا في الفتنة من الطائفتين لم يعرفوا ما في القتال من الشر ، ولا عرفوا مرارة الفتنة حتى وقعت ، وصارت عبرة لهم ولغيرهم ، ومن استقرأ أحوال الفتن التي جرت بين المسلمين ، تبين له أنه ما دخل فيها أحد فحمد عاقبة دخوله .. انظر : أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ].
ولاشك أن الحالة التي يعيشها الخليفة الراشد علي رضي الله عنه ، والوضع الذي أدركه حينذاك ، خلاف ما يظنه المطالبون بدم عثمان رضي الله عنه من أهل الشام وغيرهم ، وذلك يكمن في أمور جِد خطيرة لها اعتبارها وملابساتها مما نحسبه قد خفي عليهم ، منها :-
1- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة كثيرون جداً ، فكان من الصعب مطالبتهم ، في حين نرى الفتنة تزداد يوماً إثر يوم .
2- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة هم في جيش علي رضي الله عنه ، ومن قبائل كثيرة مختلفة ، يعسر مطالبتهم والبحث عنهم ، والأمر بعد لم يستتب لخليفة المسلمين ، وقد تقرر عند فقهاء المسلمين أن الحدود قد تُأخر – لاتترك بالكلية – عن أصحابها حالة الجهاد والفتن ، كما هو متروك للمصلحة العامة التي يراها ولي أمر المسلمين إذا خاف كبير مفسدة ؛ بل نجد قاعدة : [] درء المفاسد مقدم على جلب المصالح [i من القواعد المعتبرة التي هي من مقاصد الشريعة الإسلامية .
3- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة لا يزالون في تمكين واستيلاء على بعض الأمور ، وكذلك لهم عدد وأعوان ، حينذاك يخشى من مطالبتهم ، في وقت يرى فيه علي رضي الله عنه أن تجتمع الكلمة ، وتأتلف القلوب ، ويسود الأمن وتنظم الأمور ، ومن ثم تتبين وتنكشف الغمة ويتعرّ القتلة من أعوانهم وعددهم ، وتقام الحدود الشرعية فيهم وفي غيرهم . انظر : تسديد الإصابة في شجر بين الصحابة ، لذياب بن سعد الغامدي ] ص 55 – 56 ] .
يقول القاضي أبو يعلى الفراء رحمه الله في كتابه القيم : تنزيه خال المؤمنين معاوية : ووجه اجتهاد علي رضي الله عنه في الامتناع أشياء :-
أحدها : أنه لم يعرفهم بأعيانهم ولا أقامت شهادة عليهم بقتلهم ، وقد كان كثيراً ما يقول : من قتل عثمان فليقم ، فيقوم أربعة آلاف مقنع – أي ملبس بالحديد – وقيل أكثر .
الثاني : لو عرفهم بأعيانهم وخاف قتل نفسه ، وفتنة في الأمة تؤول إلى إضعاف الدين وتعطيل الحدود ،فكان الكف عن ذلك إلى وقت انحسام الفتنة وزوال الخوف ، وهذا حال علي في أتباعه . – وكذا أدرك معاوية رضي الله عنه ما نظن أنه كان خافياً عليه بعد أن آلت إليه الخلافة - .
وخلاصة الأمر : فإن علياً ومعاوية رضي الله عنهما ما كانا يستطيعان إقامة القصاص على قتلة عثمان ، لا عجزاً .. بل خوفاً من الفتنة وافتراق الأمة .. والله أعلم ..
16-واما دعوى هذا الأفاك ان ابا الغادية هو قاتل عمار وهو صحابي فسأنقل لكم بحث للشيخ حمد السريح للإجابة على هذه الشبهة :
هل حديث: (( قاتل عمار وسالبه في النار ))صحيح بالاتفاق.ثم هل ثبت بدليل صحيح يجب أن يصار إليه أن قاتله، وهو أبو الغادية الجهني، صحابي، وإن كان صحابياً، فهل هو ممن بايع تحت الشجرة ؟ ثم هل ثبت بالدليل الصحيح أن أبا الغادية هو قاتل عمار، رضي الله عنه ؟

أما عن صحة الحديث : فهذا مما اختلف العلماء فيه، قال الألباني في السلسلة الصحيحة ( 5/18 ): رواه أبو محمد المخلدي في ثلاثة مجالس من الأمالي (75/1-2) عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً. قلت: وهذا إسناد ضعيف، ليث – هو ابن أبي سليم، كان اختلط، لكن لم ينفرد به، فقال عبد الرحمن بن المبارك: حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن مجاهد به. أخرجه الحاكم ( 3/387 ) وقال: تفرد به عبد الرحمن بن المبارك وهو ثقة مأمون، فإذا كان محفوظاً، فإنه صحيح على شرط الشيخين. قلت: له طريق أخرى، فقال الإمام أحمد ( 4/198 ) وابن سعد في الطبقات ( 3/260-261 ) والسياق له: أخبرنا عثمان بن مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا أبو حفص وكلثوم بن جبير عن أبي غادية قال: سمعت عمار بن ياسر يقع في عثمان يشتمه بالمدينة، قال: فتوعدته بالقتل، قلت: لئن أمكنني الله منك لأفعلن، فلما كان يوم صفين جعل عمار يحمل على الناس، فقيل: هذا عمار، فرأيت فرجة بين الرئتين وبين الساقين، قال: فحملت عليه فطعنته في ركبته، قال: فوقع فقتلته، فقيل: قتلت عمار بن ياسر ؟! وأخبر عمرو بن العاص، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، فقيل لعمرو بن العاص: هو ذا أنت تقاتله ؟ فقال: إنما قال: (( قاتله وسالبه )). قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، وأبو الغادية هو الجهني، وهو صحابي كما أثبت ذلك جمع. ا هـ . قلت: هذا الإسناد في مسند الإمام أحمد وابن سعد في الطبقات صحيح إلى أبي الغادية، إلا أن قوله: وأخبر عمرو بن العاص – هل يرويه أبو الغادية عن عمرو ؟ أو هو من رواية كلثوم بن جبر عن عمرو بن العاص ؟ فإن كان الأول فهو صحيح كما تقدم، وإن كان الثاني وهو الأقرب لأن فيه: وأخبر عمرو، وفيه: فقيل لعمرو: فإنك هو ذا تقاتله. فكأن هذا يفيد أن أبا الغادية لا يرويه عن عمرو، ولذلك قال الذهبي في السير ( 2/544 ): إسناده فيه انقطاع. ولعله يقصد بالانقطاع هو أن كلثوم بن جبر لا يعرف له سماع من عمرو، ولذلك فإن زيادة قتل أبي الغادية لعمار أعرض عنها الإمام أحمد، وإعراضه عنها يدل على إنكاره لها، لاسيما أن أول إسناده عند أحمد وابن سعد متفق بينهما، وإنما المخالفة وقعت في المتن. وأما رواية ابن أبي حاتم في العلل ( 2/421 ) وابن عدي في الكامل ( 2/714 ) قال: أنا القاسم بن الليث الرسعني وعبد الرحمن بن عبد الله الدمشقي قال: ثنا هشام بن عمار ثنا سعيد بن يحيى حدثنا الحسن بن دينار عن كلثوم بن جبر المرادي عن أبي الغادية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره، وهذا الحديث من هذا الطريق لا يعرف إلا بالحسن بن دينار، قال ابن حبان عنه: تركه وكيع وابن المبارك، فأما أحمد ويحيىفكانا يكذبانه. لسان الميزان ( 2/256 ) وقال أبو حاتم، متروك الحديث كذاب. وقال ابن عدي: وقد أجمع من تكلم في الرجال على تضعيفه. وقال أبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بشيء ولا يكتب حديثه. لسان الميزان ( 2/257 ). وقال الألباني في الصحيحة ( 5/18 ): وهذا من تخاليط الحسن بن دينار، فإن الحديث ليس من رواية أبي الغادية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينهما عمرو بن كما في الرواية السابقة. يعني رواية أحمد وابن عدي.
وأما من حيث المتن فقد رويت هذه القصة من طرق أخرى عن عبد الله بن عمرو من روايته هو ومن رواية أبيه، وليس فيهما: قاتل عمار وسالبه في النار. فقد أخرج أحمد ( 2/164/206 ) قال: ثنا يزيد أنا العوام ثني أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد العنبري قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول كل منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتله الفئة الباغية " وأخرجه ابن سعد (3/253 )، والبخاري في التاريخ (3/39 ) والنسائي في الخصائص ( 164 ) كلهم من طريق جعفر عن يزيد به، قال الذهبي في المعجم المختص بالمحدثين من شيوخه بعد أن رواه ص 96: إسناده جيد، فإن الأسود هذا وثقه ابن معين. فهذه الطرق ليس فيها ما جاء في رواية كلثوم بن جبر، إلا في رواية عند الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن عمرو، إلا أن فيها مسلم الملائي وهو ضعيف، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (9/197 ).

لكن قد أخرج ابن سعد في الطبقات ( 3/251 ) من طريق إسحاق بن الأزرق أخبرنا عوف بن الأعرابي عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تقتل عماراً الفئة الباغية " قال عوف: ولا أحسبه إلا قال: وقاتله في النار. إلا أن هذه الزيادة منكرة، لأمرين: أحدهما: أن هذا الحديث جاء من طرق كثيرة من غير طريق عوف الأعرابي من حديث الحسن عن أمه عن أم سلمة عند مسلم وأحمد والطيالسي وابن سعد والبيهقي في السنن والطبراني في الكبير وأبو يعلى وابن حبان وغيرهم وليست فيه هذه الزيادة. بل أخرج الطبراني ( 23/363 ) في المعجم الكبير من حديث عثمان بن الهيثم وهوذة بن خليفة كلاهما عن عوف به وليس فيه هذه الزيادة. الثاني: أن عوفاً قال: ولا أحسبه إلا قال. وهذا شك منه، فهو مما يبين نكارتهما.

ثم إن سياق القصة لا يخلو من نكارة، إذ كيف يشتم عمار بن ياسر رضي الله عنه عثمان رضي الله عنه وهو في المدينة تحت إمرته وسطوته، وهل هذا إلا منافٍ للرشاد، وعمار رضي الله عنه قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: " ما خيِّر عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما " رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد في المسند، وهو صحيح.

وخلاصة الكلام أن في ثبوت الحديث نظراً، لاسيما وأن الأصل المتيقن عدالة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قيل: إن أبا الغادية صحابي، ويأتي بحثه، فلا يعدل عن هذا الأصل بأثر مشكوك في صحته، بل كيف يعدل وظاهر الحديث الضعف والنكارة.

وأما هل ثبت أن أبا الغادية صحابي ؟ قال ابن حجر في الإصابة لما ذكر ترجمته: اسمه: يسار، - بتحتانية -، ومهملة خفيفة – ابن سبع – بفتح المهملة وضم الموحدة. وذكر عن ابن معين: أبو الغادية الجهني قاتل عمار له صحبة، وقال البغوي: أبو غادية الجهني يقال: اسمه يسار، سكن الشام، وقال البخاري: الجهني له صحبة، وزاد: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وتبعه أبو حاتم، وقال ابن سميع: يقال له صحبة، وقال مسلم في الكنى: أبو الغادية يسار بن سبع قاتل عمار له صحبة، وقال البخاري وأبو زرعة الدمشقي جميعاً، عن دُحيم: اسم أبي الغادية الجهني يسار بن سبع، ونسبوه كلهم جهنياً، وكذا الدارقطني، والعسكري، وابن مآكولا . ا هـ .
وقال الذهبي في السير (2/544 ): من وجوه العرب وفرسان أهل الشام، يقال: شهد الحديبية وله أحاديث مسندة.
وقد قسم الحافظ بن حجر رحمه الله طرق إثبات الصحابة إلى خمسة كما في الإصابة (1/8 )، نزهة النظر ص 101-102، أحدها: التواتر: وهو إما بنص من القرآن كقوله تعالى: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا } حيث انعقد إجماع الأمة أن هذا في أبي بكر رضي الله عنه، كما ذكر ذلك جمع من المفسرين، كالرازي، في التفسير : ( 16/65 ) أو أن يكون التواتر من السنة، كما في الأحاديث المتواترة التي تشهد للعشرة بالبشارة بالجنة.
الطريق الثاني: الشهرة والاستفاضة التي لم تبلغ حد التواتر، وهذا كما في صحبة أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم، فهم مما لا يشك أحدٌ في ثبوت صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
الطريق الثالث: أن يقول صحابي معروف الصحبة بصحبة آخر: ويكون ذلك بطريق التصريح: كأن يقول الصحابي: إن فلاناً صحابي، أو من الأصحاب، أو ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم. أو أن يكون بطريق اللزوم: كان يقول: كنت أنا وفلان عند النبي، أو سمع معي أن حديث فلان من النبي، أو دخلت أنا وفلان على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه يشترط في طريق اللزوم أن يعرض إسلام المذكور في تلك الحالة كما ذكره السخاوي في فتح المغيث ( 3/96 ).
الطريق الرابع: قول أحد التابعين الموثوقين بالصحبة لفلان، فإذا أخبر أحد التابعين الموثوقين بأن فلاناً صحابي، فهذا يعتبر أحد طرق إثبات الصحابة، وهو منبنٍ على قبول التزكية من واحد، وهو قول ابن حجر والسخاوي، وأما من قال باشتراط التعدد في المزكين، فذهب إلى أنه لا يثبت بقول التابعي الثقة الصحبة، والأول أصح، والراجح قبولها ولو من مزكٍ واحدٍ إذا كان ثقةً.
الطريق الخامس: أن يدعي معلوم العدالة في الزمن الممكن للصحبة، وعليه فيصح قول فلان في نفسه أنه صحابي بشرطين، أحدهما: أن يكون ذلك بعد ثبوت عدالته. الثاني: أن يكون بعد ثبوت معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذا قول جمهور علماء الأصول والحديث.
وعلى هذا، فأين الدليل على إثبات أن أبا الغادية له صحبة، إذ لم يتواتر في إثباتها نص من الكتاب أو السنة، وأين الاستفاضة والشهرة في إثبات صحبته، ثم أين قول صحابي فيه بالصحبة لا بالتصريح ولا باللزوم، وأين قول التابعي الموثوق فيه، وأما قول الأئمة فيه بالصحبة، فهذا منبنٍ – والله أعلم – على الأخبار المتقدمة في قصة قتله، ولهذا تجدهم يخبرون بعد ذكر صحبته بأنه قاتل عمار، وكأنه إشارة إلى الخبر المروي في ذلك، وقد تقدم الكلام عليه، ثم إنه لم يعلم له دعوى الصحبة، والأخبار المروية في تصريحه بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم في ثبوتها نظر، كما تقدم الكلام عليها، فالذي يظهر من ذلك أنه لم يثبت بدليل صحيح يجب أن يصار إليه أن لأبي الغادية صحبة.
وعلى هذا فدعوى أنه من أهل البيعة فيها نظر ظاهر، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة ( 6/205 ): والذي قتل عمار بن ياسر أبو الغادية، وقد قيل: إنه من أهل بيعة الرضوان ذكر ذلك ابن حزم. وقال: ( 6/333 ): وقيل: كان مع معاوية بعض السابقين الأولين، وإن قاتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية وكان ممن بايع تحت الشجرة وهم السابقون الأولون ذكر ذلك ابن حزم وغيره. وقال (7/55): وقد قيل: إن بعض السابقين الأولين قاتلوه، وذكر ابن حزم أن عمار بن ياسر قتله أبو الغادية، وأن أبا الغادية هذا أحد السابقين ممن بايع تحت الشجرة. وقد تقدم قول الذهبي في السير حين ترجمته لأبي الغادية: يُقال شهد الحديبية.
فشيخ الإسلام ابن تيمية حكى ذلك عن ابن حزم رحمه الله، فأين الدليل الذي استشهد عليه ابن حزم في ذلك، ولذلك فإن شيخ الإسلام يحكي ذلك بصيغة التمريض، فيقول: قيل، ويقول: إن كان من أهل بيعة الرضوان، ومثل هذا يحتاج إلى دليل صحيح مسند، وهو ما ذكره شيخ الإسلام في منهاج السنة ( 8/110 ) بقوله:لا بد من ذكر الإسناد أولاً، فلو أراد إنسان أن يحتج بنقل لا يعرف إسناده في جزرة بقل لم يقبل منه، فكيف يحتج به في مسائل الأصول . ا هـ . وهذا الخبر من ابن حزم رحمه الله يناقض أصلاً أصيلاً في مطلق فضل الصحابة وعدالتهم، وفي خصوص أهل البيعة من رضا الله عنهم وبكونهم لن يدخل النار أحدٌ منهم، كما في صحيح مسلم. والإسناد من الدين، كما قال عبد الله بن المبارك: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن، إذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل. وقال ابن سيرين، ويروى عن الحسن: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وحتى في قول الذهبي عبر بصيغة التمريض: يقال، ولم نجد إسناد يثبت ذلك، والله الموفق.
وأما هل ثبت بالدليل الصحيح أن قاتل عمار هو أبو الغادية ؟ فقد روى عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ( 4/76 ) قال حدثني أبو موسى العنزيمحمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن كلثوم بن جبر قال: كنا بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال: فإذا عنده رجل يقال له: أبو الغادية، استسقى ماء فأتي بإناء مفضض فأبى أن يشرب، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم...، فذكر الحديث: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإذا رجل سب فلاناً، فقلت: والله لئن أمكنني الله منه في كتيبة، فلما كان يوم صفين إذا أنا به وعليه درع قال: ففطنت إلى الفرجة في جربان الدرع، فطعنته فقتلته فإذا هو عمار بن ياسر، قال: قلت: وأي يد كفتاه يكره أن يشرب في إناء مفضض ، وقد قتل عمار بن ياسر.
وأخرجه البخاري في الأوسط ( 1/189 ) من طريق ابن عون به، وأخرجه ابن سعد في الطبقات ( 3/260 ) قال: أخبرنا عفان بن مسلم أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو حفص وكلثوم بن جبر عن أبي الغادية فذكره، وأخرجه الطبراني في الكبير ( 22/363 ) ثنا علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكشي قال: ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا ربيعة بن كلثوم ثنا أبي قال: كنت بواسط القصب، فذكر قصة قتله لعمار، وأخرجه أيضاً في الكبير ( 22/364 ) ثنا أحمد بن داود المكي ثنا يحيى بن عمر الليثي ثنا عبد الله بن كلثوم بن جبر قال: سمعت أبي فذكر القصة بنحو ما تقدم.
فهذه القصة الإسناد فيها إلى كلثوم بن جبر صحيح، فقد وثقه الجمهور، وقال النسائي عنه: ليس بالقوي. إلا أن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر مسكوت عنه، فقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ( 6/276 ) ولم يذكر في جرحاً ولا تعديلاً، وذكره البخاري في التاريخ الكبير ( 6/71 ترجمة 1742 ) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأما قول ابن حجر عنه في التقريب: مقبول. فلو لم يكن في حديثه نكارة لتوجه الأخذ به، إلا أن سكوت البخاري وابن أبي حاتم عنه، وإتيانه بحديث فيه نكارة لا يقبل، لاسيما عند القول بأن أبا الغادية صحابي، فهو يعارض مطلق عدالة الصحابة، إذ لا يجوز دفع اليقين المقطوع به من ذلك بمثل هذه الآثار المشكوك في صحتها، والنكارة في المتن بينة، إذ كيف يروي أبو الغادية حديث " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " ثم هو يقتل عمار !؟ ولذلك قال عبد الأعلى راوي الحديث بعد أن ساق الرواية: فلم أر رجلاً أبين ضلالة عندي منه، إنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع ثم قتل عماراً. ولهذا فإن الإمام أحمد أعرض في روايته عن زيادة قتل أبي الغادية لعمار، وهذا يدل على أنها منكرة عنده ولا تصح. وأما ذكر ابن معين والحاكم وأبو؟؟ ومسلم بأنه قاتل عمار، فلم نجد رواية ثابتة جاءت من طريق صحيح تدل على قتل أبي الغادية لعمار رضي الله عنه، والذي يتحرر من ذلك أن في ثبوت حديث: " قاتل عمار وسالبه في النار " نظراً، وعليه فلا يحتاج إلى أن يتناول له، وأن يبحث له عن وجه يدفع به التعارض بينه وبين مطلق عدالة الصحابة رضي الله عنهم، ولذلك فإن من تكلف له جواباً جاء بما لا يسلم من معارض، قال ابن حجر في آخر ترجمته لأبي الغادية من الإصابة: والظن بالصحابة في تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأولين، وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس فثبوته للصحابة بالطريق الأولى. قال الألباني في الصحيحة ( 5/18 ): وأقول: هذا حق، لكن تطبيقه على كل فرد من أفرادهم مشكل، لأنه يلزم تناقض القاعدة المذكورة يمثل حديث الترجمة، إذ لا يمكن القول بأن أبا الغادية القاتل لعمار مأجور لأنه قتله مجتهداً، ورسول الله صلى الله عليه سلم يقول: " قاتل عمار وسالبه في النار "، فالصواب أن يقال: إن القاعدة صحيحة إلا ما دل الدليل القاطع على خلافها، فيستثنى ذلك منها كما هو الشأن هنا، وهذا خير من ضرب الحديث الصحيح بها. والله أعلم. ا هـ . وما أجاب به الألباني رحمه الله غير مسلم، وذلك لأنه يناقض قوله عليه الصلاة والسلام: " لن يدخل النار أحدٌ بايع تحت الشجرة " ثم إنه رحمه الله استثنى من القاعدة ما دل الدليل القاطع على خلافها، والحديث الدال على أن قاتل عمار في النار غير متفق على ثبوته، فلا قطعية فيه موجبة للعدول عن اطراد القاعدة. ولو قيل: إن قوله: " قاتل عمار وسالبه في النار " يعني في الفئة التي تدعوه إلى النار، لكان قريباً لما رواه البخاري : (447 ) من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ويح عمار تقتله الفئة الباغية " يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " قال: الحافظ ابن حجر في الفتح : ( 2/701 ): فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك، وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل ظهر لهم، فلو كان خبر " قاتل عمار في النار " صحيحاً لحمل على أن قاتله كان في الفئة التي تدعوا إلى النار، ودعاؤهم إليها كما بينه الحافظ دعاءٌ إلى سببها، وإن لم يكن مقصوداً منهم رضي الله عنهم، إذ ذاك في تصورهم أنهم فاعلون للصواب وإن لم يكن في نفس الأمر كذلك، وهذا كله لو صح الخبر، لكنه كما تقدم الكلام عليه في ثبوته نظر بين والله أعلم.
وإن قيل: إن أبا الغادية صحابي، وهو قاتل عمار، مع كونه لم يثبت دليل يجب أن يصار إليه في ذلك، فإن أحداً لم يقل: إن هذا ليس ذنباً عظيماً، ولكن لم يقل أحدٌ إن الصحابة لا يذنبون ولا يقعون في الكبائر، فنحن لا نشهد أن الواحد منهم يذنب، بل الذي نقوله ونشهد به أن الواحد منهم إذا أذنب فإن الله لا يعذبه في الآخرة ولا يدخله النار، بل يدخله الجنة بلا ريب، وعقوبة الآخرة تزول عنه إما بتوبة ماحية منه، وإما بحسناته الكثيرة، وإما بمصائبه المكفرة، وإما بغير ذلك، فإن الذنوب مطلقاً من جميع المؤمنين هي سبب العذاب لكن العقوبة بها في الآخرة في جهنم تندفع بنحو عشرة أسباب، قد بسطت في كتب العقيدة والسلوك، وقد ذكرها شيخ الإسلام في مواضع كثيرة، كما في منهاج السنة ( 6/205 )، وكما في الإيمان الأوسط ( 33 )، وغيرها من مصنفاته رحمه الله.
ثم إن الصحابة رضي الله عنهم لهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهم إن صدر، قال تعالى: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَات} فلهم من الصحابة والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يغمر ما كان من الجزئيات والخطايا، فهم رضي الله عنهم تضاعف لهم الحسنات أكثر من غيرهم، ولا يساويهم أحد في الفضل،وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة أنهم خير القرون، وأن المد من أحدهم لو تصدق به أفضل من أحد ذهباً لو تصدق به غيرهم،رضي الله عنهم.
ومذهب أهل السنة والجماعة وجوب الإمساك عما وقع بين الصحابة، والسكوت عنه، والإضراب عن أخبار المؤرخين وجهلة الرواة، وضلال الشيعة الحاقدين، ويقولون ما قاله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله عندما سئل عما شجر بينهم قال: تلك دماءٌ طهر الله يديّ منها، أفلا أطهر منها لساني ؟ مثل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل العيون ودواء العيون ترك مسها . وأنهم معذورون فيم وقع منهم، لأنهم إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، فهم في دائرة الأجر بعد الاجتهاد، وفي الصحيحين من حديث عمرو بن العاص وأبي هريرة رضي الله عنهما عنه صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكم فاجتهد، ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
ومن أصول أهل السنة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفهم الله بذلك: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }. قال عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلمقام أحدهم ساعة، يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم، يوهن عمل أحدكم أربعين سنة. رواه أحمد وابن ماجة، ولهذا اتفق العلماء على أن من سب الصحابة آثمٌ مجرم، يجب تأديبه وتعزيره، وإنما جرى الخلاف بينهم في كفره على قولين، أحدهما: أنه يكفر، وهو أحد قولي مالك، وقول أبي زرعة الرازي، وذهب إليه السرخسي، وهو ظاهر كلام الطحاوي في عقيدته، وغيرهم من الأئمة، قال الإمام مالك عند آية الفتح: { وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ } قال: ومن غاظه الصحابة فهو كافر لهذه الآية، وقال أبو زرعة: إذا رأيت أحداً ينتقص امرأً من الصحابة فاعلم أنه زنديق، وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وما جاء به حق، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة، فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به أليق والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق.
الثاني: أنه لا يكفر، بل يفسق ويضلل، وهو القول الثاني عن مالك وهو المشهور من مذهبه، وذهب إليه ابن عابدين في رسالة تنبيه الولاة والحكام، وملا علي القاري، واختاره القسطلاني في إرشاد الساري، والنووي في شرح مسلم، وغيرهم من الأئمة.
وهذا الخلاف جارٍ فيما إذا لم يستحلَّ السب، أما إن استحله فلا خلاف في كفره، قال العلامة ابن حمدان في نهاية المبتدئين: من سبَّ أحداً من الصحابة مستحلاً كفر، وإن لم يستحل فسق، وعنه يكفر مطلقاً، ومن فسقهم أو طعن في دينهم أو كفرهم كفر.
. ا هـ . ذكره في شرح عقيدة السفارييني ( 2/388-389 ).
فأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يمسكون بالكتاب والسنة، وأن يعيذنا من شر الهوى والبدعة، وأن يوفقنا للسداد في القول والعمل، ويقينا موارد الخطأ والزلل، وأن يحشرنا مع الأحبة، محمدٍ وصحبه، إنه ولي ذلك، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
17-وأما كلام هذا المأفون عن الحجاج فإن نعل الحجاج خير منه على ما في الحجاج من ظلم سببه شدة ولائه لعبد الملك بن مروان .
قال تعالى (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا)يعني لاياتونك بشبهة إلآ وقد رددنا عليهم بأوضح بيان وأفهمه وأبلجه .
والآن :ماهو موقف السلف الصالح من معاوية رضي الله عنه ؟
لنأخذ نماذج فقط :
الأول:قال عبد الله بن المبارك (معاوية عندنا محنة فمن رأيناه ينظر إليه شزرا اتهمناه على القوم-يعني انه يريد الطعن في اصحاب رسول الله-).
الثاني:قال امير المؤمنين عمر رضي الله عنه (هذا كسرى العرب وكان يفخر به).
الثالث:قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (والله لا أعرف اخلق للملك والإمارة في عهد معاوية من معاوية ).
الرابع:قال مجاهد (لو رأيتم معاوية لقلتم هذا هو المهدي).
الخامس:قال قتادة (لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال اكثركم هذا هو المهدي).
السادس:قال الربيع بن نافع الحلبي (معاوية ستر لأصحاب محمد فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ماوراءه).
السابع :قال امير المؤمنين علي رضي الله عنه (أيها الناس لاتكرهوا إمارة معاوية فإنكم لو فقدتموها لرأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل )البداية والنهاية(8\134).
الثامن:قال الفضل بن زياد:سمعت أحمد بن حنبل وقد سئل عن رجل يتنقص معاوية-مثل الدكتور عدنان-أيقال له رافضي ؟
فقال:إنه لم يجترئ عليها إلا وله خبيئة سوء ما انتقص احد احدا من الصحابة إلا وله داخلة سوء.ا.ه
إخواني :هل تعلمون لماذا هذا الحنق على معاوية والدولة الأموية ؟!!
لإن الإسلام لم ينتشر في مغارب الأرض ومشارقها وينتصر المسلمون نصرا عظيما مؤزرا إلا في عهد تلك الدولة الظافرة ففي اقل من قرن انتشر الاسلام في عهد الأمويين الى ثلاث قارات من حدود الصين شرقا الى الأندلس غربا وهذا امر معلوم بداهة ,وقد كانت الدولة الأموية دولة سنية فحقد عليها المعتزلة وارباب الكلام ممن يرون القدر واتهموا الأمويين بإشاعة الفكر الجبري حتى الرافضة اتهمو ا الأمويين بأنهم نواصب وهكذا اجتمع اعداء الإسلام لتشويه تلك الدولة التي فتحت العالم ونشرت انوار الإسلام المحمدي الأصيل إلى ارجاء المعمورة ,ودولة بهذا القدر لا بد وان يحصل فيها تجاوزات داخلية من هنا وهنالك .
فنصيحتي للدكتور عدنان ان يقرأ التاريخ جيدا ويذكر المسلمين بجرائم الدولة الصفوية
فهو خير له ,من هذا الشؤم والحرمان الذي وقع فيه ,واقول له ايضا ,إن هذه الألاعيب لم تعد تنطلي على المسلمين بعد ان فضحكم وكشف عواركم خمسة من سيوف الحق :
الأول :سيف المشرق عثمان الخميس.
الثاني:سيف الشام عدنان العرعور.
الثالث:سيف اليمن:خالد الوصابي.
الرابع:سيف المغرب محمد الحامدي الهاشمي.
الخامس:سيف العراق نبيل الحيدري .
وإنما مثلي ومثلهم كقول من قال :
وابن اللبون إذا مالز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس.
فاللهم انت عضدنا وانت نصيرنا بك نصول وبك نجول وبك نحاول وبك نقاتل.والله الموفق للصواب
انتهى.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:21 AM
كشف تلبيس الأباليس على عدنان إبراهيم - عمر خطّاب

https://ia801901.us.archive.org/17/items/Aldajjal/Aldajjal.pdf

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:22 AM
حقيقة الدكتور عدنان إبراهيم المتشيع
الثلاثاء, 09 جمادى الآخر 1433
داود العتيبي: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فما تزال الأيام حبلى بالظالمين والمُفسدين، ولا يفتأ أعداء الإسلام من الكيد له والطعن فيه، وفي كل حين نسمع فتنتة مُضلة يذهب ضحيتها من لم يسلح نفسه بسلاح العلم والعقيدة وإنا لله وإنا إليه راجعون، وفتنتة هذه الأيام الدكتور عدنان إبراهيم..
هذا الرجل من مواليد غزة لكنه مقيم في النمسا وله مركز إسلامي ومسجد جعله كمسجد ضرار للتفريق بين المؤمنين.
لقد ابتدأ منهجه ودينه بالطعن في معاوية رضي الله عنه ثم هبط ليطعن في أزواج النبي ثم في أبي هريرة ثم أنس بن مالك ثم طلحة بن عبيد الله ثم المغيرة ثم أبي بكر وعمر ثم جملة الصحابة ثم العلماء فلم يدع منهم أحدا ولم يذر.
ثم في بني أمية والعباسين أجمعين إلى ءاخر طعوناته.
ثم مدح الشيعة الإمامية وأثنى على علمائها كالصدر وعلي شريعتي وياسر الحبيب الطاعن في أم المؤمنين.
ثم يعترض على أهل السنة عموما ويصفهم بأوصاف التضليل والتجهيل والنقص.
ثم يعترض على الدين ويشطح شطحات عجيبة في الفقه ويعترض على الدين بأقل شيء لأنه لا يوافق عقله، لا يعجبه عجب ولا صيام في رجب وكأنه لم يفهم الدين أحد إلا هو.
هذا الرجل له ذكاء وخبث ودهاء متكلم لَسِن له إحاطة بعلوم عصرية وإطلاع كبير على الفلسفة القديمة والحديثة وحافظة فلا عجب أن يجذب بهذه الأوصاف قلوب الضعفاء والمساكين.
ولا يغرنكم مدحه أحيانا للصحابة ولبوس أهل السنة والجماعة فما هو إلا اصطياد!

ولقد أتي عدنان إبراهيم من عدة أشياء ضل فيها وأضل:

أولا: ليس له شيخ ولا عالم ثنى ركبته عنده ودرس عليه، بل شيخه كتابه، وكما قال العلماء من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه، وهذا الصفة كفيلة بأن يترك المؤمن سماع كلامه خاصة في باب العقيدة.
لذلك هو حاطب ليل وجمَّاع ضلالات.

ثانيا: يعتمد على المصادر الشيعية في التاريخ والصحابة ويقدمها على مصادر أهل السنة بل يصف مصادرنا بالتزوير والكذب والبهتان.

ثالثا: اغراقه في الفلسفة ويبدو أنه بلع بعضها وما استطاع تقيأها.

رابعا: تحكيمه للعقل القاصر على الشريعة.

خامسا: مزاجه النكِد ولسانه السليط والشتام، فإذا ما غضِب أغمض عينيه وحرك يديه وجسده وأطلق لسانه منفلتا لا يلوي على شيء.

لذلك اختلفت أوصاف الفضلاء فيه فمنهم من قال شيعي متستر ومنهم من قال زيدي ومنهم من قال صاحب فتنتة.

وأرى والله أعلم أن كل هذه الأوصاف تُعبر عن شيء من دينه وعقيدته فهو كما سبق حاطب ليل، إلا أن الأظهر والأقوى أنه شيعي متستر يستخدم التقية ويتزيا بثوب أهل السنة ليطعن في الدين من داخله على طريقة عبد الله بن سبأ مع المسلمين وبولس مع النصارى وهو شبيه بحسن السقاف ومحمد التيجاني التونسي صاحب كتاب " ثم اهتديت "، بل ضل.

والخلاصة: أن المسلم لا يتورع عن انتزاعه من أهل السنة والجماعة.

ولئن تورع بعضهم من وصفه بالشيعي في عموم أحواله فقد يكون معه جانب حق لأن عدنان إبراهيم لا يقول بالإمامة وهي ركن من أركان الإسلام لدى الشيعة ويخالفهم في بعض الأمور.
إلا أنه لا يستبعد أن يفعل هذا تقية ليلعب على سذج المسلمين ويستدرجهم إلى فخاخه الملغومة.
خاصة وأنه المغرم والعاشق لدين الرافضة ومنهجم.
وقد يكون مفكرا حرا لا ينتمي إلى مذهب إلا أنه تم استدراجه من الشيعة واستغلاله فهو مطرق الرأس غامض العين لدى ذكرهم.
وتابعت بعض جمهوره فرأيت كثيرا منهم شيعة رافضة يُطبِّلون ويزمرون حوله ولا عجب فهو داعية إلى دينهم باحتراف ولن تسمع ردا منه عليهم إلا شذرات صغيرة..
فإذا كان ثلثي متابعيه رافضة والثلث الآخر منقسم بين أناس "تنويريين" يقدمون عقولهم القاصرة على الشريعة ومساكين من أهل السنة يسمعون كلمة أو كلمتين وفلسفة أو فلسفتين فيقولوا هذا إمامه عصره وفريد دهره، فيكفيك أن تحكم على دينه بالخلل.
ولذلك تراه يلبس السواد في ذكرى كربلاء ويتكلم بلسان لا تفرق بينه وبين الرافضة ويطعن في الصحابة وفي أهل السنة ويقول عنهم إنهم لا يحترمون آل البيت ولا يقدرونهم قدرهم!!
وبعد هذا أتريدون منا أن نقول من أهل السنة؟ كلا والله، بل هو شيعي متستر خبيث على الصحابة وعلى أهل السنة ماكر خداع.
ولئن لم يكن شيعيا فهو قطعا ليس بسني بل صاحب دين جديد، يريد تفريق الصف فيجعله ثلاثة صفوف بدل أن يكون اثنين.
هذا مجمل حاله! ومن أراد التفصيل فليكمل قراءة هذا المقال، ولم آت بشيء من عندي بل هذه مختارات من كلامه في خطبه وفتاويه في موقعه لتكونوا على بينة من أمر هذا الشيعي.
وكل مسلم يعلم زورها وبهتانها لأن القول بها يخالف دينه وإسلامه.

وإذا ذكرت مسألة لم يقلها في خطبه فليراجعني المُراجع، فهذه نقولات من خطبه: عدالة الصحابة، عائشة في النار؟!، و بين يزيد والحسين، وسلسلته عن معاوية، وسلسلته في الفلسفة وغيرها.

أولا: طعنه في معاوية رضي الله عنه:

وجعلته أولا لأنه بوابة الرفض وبوابة الطعن في سائر الصحابة. فيقول عنه: دعِي بن دعِي، ويصف ابنه يزيد بأنه ابن حرام ويصف ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة معاوية أنها كانت تهوى سرجون خادم معاوية ويلعن معاوية لعنا قبيحا.
ويصفه بأنه دجال عظيم، وعنده عقدة جنسية، وغير ذلك كثير من التهم والنقائص.
نقول: معاوية رضي الله عنه صحابي مشهود له بالجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا". قالت أم حرام: قلت يا رسول الله! أنا فيهم؟ قال: " أنت فيهم". ثم قال النبي: "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم". فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: "لا". أخرجه البخاري
ومعلوم أن أول جيش غزا البحر هو جيش معاوية، وثبت أن النبي صلى الله وسلم قال فيه: "اللهم اجعله هادياً مهدياً واهده واهد به" أخرجه أحمد وغيره.
و سئل الإمام أحمد عن رجل يشتم معاوية أيصلى خلفه؟ قال لا ولا كرامة.
سئل أحمد عن من ينتقص في معاوية وعمر بن العاص أيقال له رافضي: قال إنه لم يجترأ عليهما وإلا وله خبيئة سوء.
بل قال عبد الله بن المبارك: تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز.
وأنا أقول تراب في أنف فرس معاوية خير من ملئ الأرض مثلك يا عدنان إبراهيم.
وقد نص على فضله وإمامته علماء الأمة وأعلامها وقد روى عنه كثير من الصحابة أحاديث عدة وهذا فضل عظيم له، وصرح بفضله غيرهم من التابعين والعلماء كسعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل وابن المبارك والمعافى بن عمران والميموني وسائر أعلامنا كالبخاري وابن الجوزي وابن كثير والطبري وابن عبد البر وابن حجر العسقلاني وغيرهم كثير نصوا على فضله وصحابيته وأن الطاعن فيه خبيث الطوية.
وقد مدح عدنان قديما بعض الذين لا يوثق بقولهم كالبوطي، والعجيب أن البوطي نفسه ترضى عن معاوية وعن الصحابة أجمعين وقال هم صحابة رسول الله، فإلى من ينتمي عدنان وإلى أي شريعة نحاكمه؟

ثانيا: طعنه في عائشة رضي الله عنها:
يقول عائشة بِدائية جاهلة وذلك لأنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ ويقول إنها رجلة، تركب الفرس، ومعنى رجلة أنها تتشبه بأفعال الرجال.
وهذا لعن منه لها!! لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجلة من النساء.
ثم يتورع من أن يقول: عائشة في الجنة فيقول الله اعلم بحالها!!
ثم يحرك أصابعه محاكاة لسير عائشة، وتشير الأصابع إلى السخرية والاستهزاء كأنه يصفها بأنها طفيلية لأنها تبِعت النبي صلى الله عليه وسلم ليلا.
ويقول: عائشة مبطلة وعلى باطل، وهي ضرس بِتَخوِّف ولذلك اشتراها معاوية بالمال حتى تسكت. ويقول حديث "من أحب الناس قال عائشة" أنا لا أقبل هذا الحديث.
قلت: فلا أدري كيف يليق هذا الوصف بأفقه نساء العالمين وأم المؤمنين! ليس إلا الرفض.
وقد قال الله في أزواج النبي " وأزواجه أمهاتهم "، وقد اخترن الله ورسوله والدار الآخرة فأعد الله لهن أجرا عظيما.

ويقول: كان بينها وبين طلحة بن عبيد الله حب.
قلت: هذا كذب وزور وقاتله الله وقطع لسانه يطعن في الشريفة ابنة الشريف ويتهم أحد العشرة المبشرين بالجنة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ".
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قِيلَ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا.
والذين ندين الله به أنها زوجته في الجنة، وقد أقرأها جبريل السلام، وقد مات النبي في حجرها وكان يسأل أين أنا أين أنا رجاء ليلتها.

فليخسأ عدنان وليمت بغيظه.

ثالثا طعنه في أبي هريرة:

يقول أبو هريرة أسلم من أجل بطنه، أسلم من أجل الخِرفان، حتى ضجِر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: زر غبا تزدد حبا.
ويتهمه بأن بني أمية أعطوه الأموال ليروي الأحاديث لهم.
قلت: هذا كذب وزور، والطعن في أبي هريرة طعن في الدين كله.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله "اللهم حبب عُبَيْدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني " رواه مسلم.
اللهم فإنا نشهدك على حبه وعلى بغض عدنان.

رابعا: طعنه في أبي بكر:

يذكر حادثة مكذوبة مدسوسة لا أصل لها ولا سند.
وهي أن أبا بكر خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد، وقال اشهد لنا يا رسول الله، فقال يا أبا بكر: لا أدري ماذا تحدثون بعدي، شهداء أحد ختم لهم بخير، وأنا أشهد لهم، أما أنتم فما زلتم أحياء، لا أدري ما تحدثون بعدي، هل تكونون على الدرب ولّا بِتْغَيروا وبِتبَدْلوا.
هكذا يقول بطريقته الاستهزائية.
قلت: يكفيه شرفا أنه ثاني اثنين في الغار وصحبته لرسول الله وشهادته له بالجنة، وقتاله المرتدين، بل إن عدنان إبراهيم صرح بلسانه قائلا: لولا أبو بكر ما كان الإسلام، ولكنه اضطرب واختلط وتشيع وضل.
يتبع======

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:24 AM
خامسا طعنه في عمر:

يقول: عمر لا يمثل الإسلام دائما ولا أبدا، في جوابه على سؤال طرح عليه.
ويصف عمر رضي الله عنه لأنه اجتهد في قسمة الغنيمة " هذه مشكلة توجب الردة والزندقة.
قلت: ويكفي شرفا لعمر أنه ثاني خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم وأن القرءان وافقه في كثير من مسائل الدين ولا يطعن فيه إلا خبيث.

سادسا: طعنه في عدة من الصحابة:
يقول عن أنس بن مالك: أكثر ما يروي أحاديث جنسية.
ويقول عمر بن الخطاب كان يعرف أن ابنه عبد الله بن عمر نسونجي لا يصلح للخلافة.
يقول: عثمان لما حكم أطلق يد معاوية ورخص له كل شيء لأنه ابن عمته وأطلق العنان لبني أمية في أموال المسلمين وأعراضهم.
يقول عن الحكم بن العاص: حقير لعين لعنه الله.
وينتقص انتقاصا ظاهرا من الصحابة الذين طعموا مع النبي صلى الله عليه وسلم ويقول عنهم طفيليين وأصحاب سوالف وكلام فاضي والنبي مش فاضي لهم.
ويقول: جالسين في بيت النبي وحجرة واحدة زينب وجهها للحيط وظهرها لهم.. هدول جالسين شوف الأدب في ناس ثقلاء حتى من الصحابة، ويصفهم بأنهم طلبوا من النبي متكأ حابين يناموا.. عاملين فيها قصص وأحاديث مقهى أبو العبد.. طرفة ونكتة هو فاضي النبي؟
ويقول: بعض الصحابة كان لا يستحي أن يأكل مع النبي وزوجة النبي قبل نزول الحجاب.
وقال الخبيث: أحيانا تجول يده في الإناء فتلمس يده يد زوجة النبي، فيلاحظ النبي ولا يعجبه، بعض الصحابة بحب يلمس يد زوجة النبي.
قلت: وهذا اتهام لعرض النبي صلى الله عليه وسلم بل هو اتهام لخاتم الأنبياء بالدياثة.
ويقول: النبي يعرف الصحابة فيهم الفاجر وفيهم المنافق وفيهم لعن الله والديه.
وأحيانا يستخدم التقية فيقول: علي أبو بكر عمر عثمان نحبهم والباقي ما لنا دخل فيهم.
قلت: كلامه هذا كله مليء بالزور والبهتان والضلالة على أصحاب رسول الله والطعن فيهم.
قال تعالى مبينا فضلهم: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ".
وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"

سابعا: طعنه في جملة الصحابة:

يؤكد عدنان إبراهيم دائما على أن الصحابة ليسوا مقدسين ويهتك هذا الحجاب ويقول انتقدوهم لا تسكتوا عليهم، ومعلوم أن منهج أهل السنة والجماعة هو الكف عما شجر بينهم، وأن الصحابة دائرون بين الأجر والأجرين، فمن اجتهد وأخطأ له أجر ومن اصاب فله أجران.

قال الحافظ ابن حجر: اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة عَلَى وُجُوب مَنْع الطَّعْن عَلَى أَحَد مِنْ الصَّحَابَة بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقّ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوب إِلَّا عَنْ اِجْتِهَاد، وَقَدْ عَفَا اللَّه تَعَالَى عَنْ الْمُخْطِئ فِي الِاجْتِهَاد , بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَر أَجْرًا وَاحِدًا وَأَنَّ الْمُصِيب يُؤْجَر أَجْرَيْنِ.

وقد نص على ذلك غير واحد كالقرطبي وابن أبي زيد القيرواني وابن بطة وأبو زرعة الرازي وغيرهم كثير.

فمن عدنان إبراهيم أمام ابن حجر وأحمد بن حنبل وسائر العلماء؟ لا شيء خردلة!
وقال الميموني: قال لي أحمد بن حنبل: يا أبا الحسن، إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام.
وإنا نتهمك على الإسلام يا عدنان إبراهيم.
وقال أبو زرعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة.
ويقول إن من أسلم بعد صلح الحديبية ليس صحابيا، فعنده خالد بن الوليد وأبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغيرهم كثير ليسوا صحابة أبدا.
ويقول ليس كل الرضوانيين والبدريين في الجنة لأنه بعضهم نكص على عقبيه.
وإن نبرأ إلى الله من عدنان إبراهيم لأنه خالف أهل السنة قال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا"
وقال ابن حزم - يرحمه الله- في الملل والنحل: فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما فى قلوبهم ورضى الله عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف فى أمرهم ولا الشك فيهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة، أخرجه الترمذي.
والنبي صلى الله عليه وسلم أصدق من عدنان.
وأهل بدر مغفور لهم، وذلك أن عمر بن الخطاب استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليقطع عنق حاطب بن أبي بلتعة فقال النبي: " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفر لكم" فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.
فنزول الدمع من عيني عمر فهم لذلك، وإن الترجي في كلام الله وكلام رسول الله للوقوع كما قال ابن حجر.
إلى غير ذلك.

ثامنا: طعنه في علماء الإسلام:

يقول ابن تميمية ناصبي عاشق لبني أمية، والذهبي ناصبي هواه أموي، ابن حزم ناصبي، ابن كثير وابن عساكر يؤرخان لبني أمية، الهيتمي هواه أموي، ثم ينتقص الطبري وينقد أسلوبه في التاريخ وطريقته مفضلا غيره ممن لا يعرف نسبه ولا دينه من الغربيين.

يقول عن كتاب العواصم من القواصم لمؤلفه ابن العربي المالكي رحمه الله، كتاب تضليل وتزوير وبهتان فيقول: عواصم ابن العربي قواصم النصب والبغض لا أهل البيت والكذب على الله والرسول والأئمة والتواريخ وعلى العقل والشواهد والحس والضرورات.

قلت: ولعل حقده على هذا الكتاب دليل ظاهر وحجة دامغة على أنه شيعي مقيت فهذا الكتاب قاصم ظهر الرافضة.
وينتقص من أحمد بن حنبل وكذلك الذهبي لأنهما نقدا أحاديث لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ويقول: مشايخ اليوم أستحي ان أقول عنهم نساء ولا صبيان ولا حقراء بل هم ذباب وصراصير وفئران وأرانب.
يقول: هذه الأمة حُكمت بالطواغيت ألف وأربعمئة سنة من هؤلاء الطغاة الفقهاء وقال: علماؤنا ضللونا فكر متخلف ومنحط.
ويقصد علماء أهل السنة.
قلت: فمن بقي؟ لم يبق إلا أن تكون شيعيا رافضيا سبئيا.

تاسعا: طعنه في البخاري ومسلم وفي المحدثين:

يقول إذا جاء الحديث وأثبتت التجربة أنه مخالف لها فرده ولو كان متصل السند في البخاري وإلا كنت أهبلا، وإذا أثبت التاريخ ما يخالف البخاري ومسلم فردههما وعليك أن تقول هذا كذب وغلط.

ويقول يجب أن نعيد النظر في مئات من الأحاديث في البخاري ومسلم.
ويقول: المحدثون هم الجهاز الإعلامي لبني أمية.
قلت: وكانت كلمة أهل السنة والجماعة أن البخاري وسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله، وأجمع جهابذة الحديث على توثيق البخاري وأمانته ولم يخالف في ذلك إلا أهل الضلالة من الرافضة وغيرهم.

عاشرا لمزه وغمزه بأهل السنة:

يقول أهل السنة مقصرون في محبة آل البيت ويقارنهم كثيرا بالرافضة ليفضل الرافضة عليهم، ويقول مشايخ اليوم حمير وضلال لا تقوى ولا ورع ولا إنصاف ويكذبون علينا.
ويقصد بالكذب المعهود لدى الرافضة.
ويقول: أهل السنة لم يحفظوا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك لا يحزنون لمصابهم ولا يدافعون عنهم.
ويقول: بنو أمية والعباسيون دجالون كذابون أكثر من آذى النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وكلنا يعلم ما فعلت دولة بني أمية كيف نشرت الإسلام والعلم، ولا يعني هذا خلوهم من الزلل، إلا أنهم داخلون في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".
وكانوا حماة الإسلام وفتحوا البلاد ونشروا الدين في الأصقاع، ولهف نفسي ما فعل الرافضة أحباب عدنان في الأمة الإسلامية؟

الحادي عشر ثنائه على الشيعة:

هو كثير التبجيل والتعظيم لهم، ويثني على علمائهم كمحمد باقر الصدر، والمدعو علي شريعتي، وياسر الحبيب، وما أدراك ما ياسر يقول عنه: هو ليس كاذبا بل لا إنصاف عنده، وينكر على أحدهم حين لعنه، وقال: أنا أدعو لياسر حبيب بالهداية من كل قلبي.

ويقول: مذهب الشيعة الإمامية في الصحابة أقل خطرا على العقول والنفوس من مذهب أهل السنة والجماعة.
يقول: الشيعة إخواننا، وهو مذهب أنت مخير أن تكون حنبليا أو شافعيا أو إماميا.
ويمدح الطبرسي الرافضي اللعين صاحب كتاب: فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب "
ويمدح مسجدا شيعيا حين دخله وقال شيء جميل بوحدوا الله.
وقال: خل الشيعة يعبدوا عليا ويألهوه ما دام يقفون في وجه الظالم.
يقول: موازين أهل السنة غلط وموازين أهل الشيعة أصح.
قلت: ولا أظن لبيبا يشك في تشيعه بعد ذلك.

متفرقات وضلالات وكفريات:

-الرجل إمام في التناقض وله ضلالات كثيرة منها:

يقول إن القسمة للذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث هذا كان صالحا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أما الآن فيجب أن تكون القسمة سواء، لأن مسألة الميراث مسألة اقتصادية.
وهذا اتهام لله ولدينه ولنبيه، قال الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: تركتكم على المحجة البيضاء..
فالدين كامل ومن زعم نقصانه فقد ضل سواء السبيل وهو صالح لكل زمان ومكان، وقد تولى الله تعالى قسمة الميراث بنفسه.

-لا يعتد بإجماع بل ينكره ويخالفه بجراءة ويقول لا تقل لي إجماع المهم أنا أقتنع.

قلت: وقد كفر بعض العلماء من أنكر الإجماع القطعي الذي أجمع عليه الصحابة ومن بعدهم إذا كان معلوما من الدين بالضرورة.

ومن الكفريات قوله:

لا يوجد مسلم يبرهن بشكل قاطع أنه على حق، ويقول أعرف سيكفرونني بهذه الكلمة.
ويقول: لا تظن أن فكرك الإسلامي صحيح، قد يكون الحق بجانب عدوك.
ويقول: الله لم يقل نحن المسلمون على حق مطلق، والله قرر أن أهل الكتاب عندهم كثير من الحق ولم يقل هم على باطل.
بل يقول إن اليهودي والنصراني الذي لا يقول بالتثليث إذا كان مؤمنا بالله واليوم الآخر يدخل الجنة وهو على خير.
ويقول: أعتبر نفسي أخالف إجماع الإسلام الذي يقول بأن من لم يسلم فإنه في نار جهنم، وأعرف بأنهم سيتكلمون علي وهذا لا يهمني.
يقول: اليهودي والنصراني إذا لم يتبع محمد ولكن ءامن بمحمد نظريا من غير متابعه فله كفل من رحمة الله وإن اتبع له كفلان.
ويقول: لا يستطيع أحد أن يتدخل في أفكاري بل أفكاري حرة الوحيد الذي يستطيع أن يعبث في أفكاري هو الله!!
قلت: وهل يعبث الله؟ قال تعالى " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا "

وينقل كلاما لأحد الغربيين فيقول هذا الغربي: أنا استهدف النفاذ إلى عقل الخالق.
فيقول عدنان: اللغة تخرِّجه من كلامه، يا اخي لا تكن سلفيا خذ المعنى الله يخليك المعنى صحيح.
وينقل كلاما لأحدهم: الرب مختلط بالإنسان والإنسان متمثل بالإله.
فيعتذر له ويتسمح.
قلت: وهذا منه عجيب حين يعتذر للملاحدة الكفرة ولا يعتذر لأصحاب رسول الله بل يفتش عنهم وينقب.
وقد خالف الله وخالف رسول الله في كلامه.
فقد أجمع العلماء على أن من لم يكفر النصار كافر، وأنه لا يقبل دين غير الإسلام.
قال تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.

-وصف النبي صلى الله مرة بأنه كان "نزقا " والنزق سوء في الخلق وخفة في العقل.

ويقول عنه: باعتقادي أن الرسول كان يتعرض للشك وهذا ليس عيب وهو القائل "نحن أحق بالشك من إبراهيم"، ويقول إن كلام العلماء فارغ بأن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لو شك شككت أنا وأنه من قبيل التواضع.

ويقول عدنان: كأن الشك نقيصة عندكم؟ في الأدبيات: اليقين لا يكمن إلا في الشك.
ونقول: قال تعالى " أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم.. "
فمجرد الشك كفر والعياذ بالله.
وأما معنى الحديث فكلام العلماء هو صواب وكلام عدنان هو الفارغ والمردود على وجهه:
قال السيوطي في شرح صحيح مسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم معناه أن الشك يستحيل في حق إبراهيم فإن الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقاً إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أن إبراهيم لم يشك.
وإنما خص إبراهيم لكون الآية قد يسبق منها إلى بعض الأذهان الفاسدة احتمال الشك، وإنما رجح إبراهيم على نفسه تواضعاً وأدباً أو قبل أن يعلم أنه خير ولد آدم.
فهل الدين ناقص وغير مفهوم حتى جاء عدنان فكمّلَه وفهمه؟

-يقول: كلام علي فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق.

قلت: وهذا غلو فيه فأبو بكر وعمر أفضل منه، وما صدرت إلا من الشيعة ومن والاهم.

- يخص الحسن والحسين وأحفادهم بقوله عليهم السلام، وكان الأليق به استخدام هذا السلام على جميع آل البيت آل عقيل وآل العباس وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

-يرى أن الصحابي لا يكون صحابيا إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين.

نقول: قال النووي رحمه الله: فأما الصحابي فكل مسلم رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ولو لحظة هذا هو الصحيح في حده وهو مذهب أحمد بن حنبل وأبي عبد الله البخاري في صحيحه والمحدثين كافة.

وهم أعلم وافهم وأجل من عدنان إبراهيم.

ومن تناقضاته: وتستطيع القول بأنها تقية فيظهر السنية ويخفي التشيع:

فمرة يقول لا دين إلا الإسلام ومرة يدخل اليهودية والنصرانية الجنة.
ومرة ينكر النسخ ثم يثبته في الآية التي أمرت بالصدقة قبل النجوى.
ينكر حد الردة ثم يثبت أن الخلفاء الراشدين فعلوه جميعا ويرد على العلمانيين في إنكارهم.
ومرة يثبت أن أزواج النبي من آل البيت وأنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ومرة يخرجهن.

آخر شيء المضحكات فمنها:
يروي رواية مضحكة كعادة الرافضة فيقول: جاءت امرأة إلى علي بن أبي طالب فقالت له: إني أبغضك.
قال: أنت سلقلق، قالت وما سلقلق؟
قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تبغضك امرأة إلا وهي سلقلق.فقلت يا رسول الله وما السلقلق؟
قال المرأة التي تحيض من دبرها.
فقالت صدق رسول الله وأنا أحيض كذلك ولم أخبر أهلي.
وفي تفسير التين والزيتون: يقول التين إشارة إلى إلاه بوذا ويذكر قصة خرافية ليستنتج أن الأديان أربعة: إسلام يهودية نصرانية بوذية.
ويقول معنى إنا أعطيناك الكوثر، يقول هو نسل محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا تفسير الرافضة لهذه الآية.
ومن المضحكات أيضا أن يقول عن نفسه بعد كل هذا إنه شافعي أشعري! فأي أمة يخادعها هذا المسكين؟

ختاما:

نسأل الله العفو والعافية من الضلال بعد العلم والزيغ بعد الهدى، كما رأيتم أحبتي ضلال هذا الرجل وتشيعه وخروجه عن منهج أهل السنة والجماعة لذلك وجب التحذير منه وحرمة السماع له، والسعي لإصدار فتاوي العلماء في حقه حتى يُقطع دابره.

وقد بذل الشيخ عثمان الخميس والشيخ محمد الداهوم جهودا مشكورة في الذب عن الصحابة وفي بيان ضلالات هذا الرجل، خاصة الشيخ محمد الداهوم فقد أفرد له أربعة دروس تقصى فيها كثيرا من ضلالاته وبين منهج أهل السنة.

وقد رأيت من عدنان ابراهيم امتعاضا شديدا نتيجة كلام الأسد الهصور الشيخ عثمان الخميس ولكن هذا لا يكفي لرد شبهه وضلالاته، وأرجو أن يكون ما كتبت بداية وليس نهاية وأن تكون إثارة لغبار هذا الرجل حتى يجتهد أحفاد الصحابة رضي الله عنهم وحفيدات عائشة رضي الله عنها للانتصار والله أعلم.


داود العتيبي
ashafi3i@hotmail.com
انتهى.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:25 AM
القول القويم فى نقد منهج عدنان ابراهيم

1_http://sunnahway.net/books/Adnan1.pdf

2_http://sunnahway.net/books/Adnan2.pdf

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:29 AM
مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر
الأربعاء, 20 جمادى الآخر 1434
ساعد عمر غازي

تناول الدكتور عدنان إبراهيم الصحابي الجليل عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - بالطعن واللمز من حيث أنه لا يصلح للخلافة، وأنه لا يصلح إلا للنساء، وأن ذلك هو رأي أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - في ابنه عبد الله - رضي الله عنه -، مستشهدا ببعض المرويات؛ يقول عدنان إبراهيم: "أبوه غضب جدًا لمجرد أن رجل رشحه لأبيه وهو مطعون رضوان الله عليه وهو يجود بأخر أنفاسه للخلافة غضب جدًا جدًا وقال: ثكلتك أمك والله ما أردت بها الله. وفي رواية أخرى قال: عبد الله ابني: لا يصلح إلا للنساء". ثم لما أنكر الشيخ عثمان الخميس وفقه الله على عدنان إبراهيم ما قاله في حق عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -، لم يرجع بل تمادي وعمل محاضرة خصصها للرد على استنكار الشيخ عثمان وغيره، يثبت فيها بالأدلة حسب زعمه بأن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - لا يصلح إلا للنساء، فأتى بكتاب أنساب الأشراف للبلاذري، ومصنف عبد الرزاق، وسيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي ليستخرج منهم أدلته على ما أراد أن يرمي به ابن عمر - رضي الله عنه -، فقال عدنان إبراهيم في محاضرته هذه: "موقف ابن عمر مع النساء إيش قصة ابن عمر مع النساء، في "أنساب الأشراف" عن الأعمش عن إبراهيم -النخعي- قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه: لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيًا لاستخلفته، فقال رجل: يا أمير المؤمنين فأين أنت من عبد الله بن عمر؟ فقال عمر: قاتلك الله، والله ما الله أردت بهذا القول، أستخلف رجلًا لم يحسن أن يطلق امرأته؟ ورواه هكذا ابن سعد في الطبقات". انتهى كلام عدنان.

وهذا الأثر الذي استشهد به ضعيف؛ فإبراهيم النخعي لم يسمع من عمر - رضي الله عنه - فروايته عنه منقطعة، قال أبو حاتم: لم يلق أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عائشة ولم يسمع منها شيئًا فإنه دخل عليها وهو صغير وأدرك أنسًا ولم يسمع منه. وقال أيضًا: إبراهيم النخعي عن عمر مرسل. هذا من حيث سند الرواية.

ونزيد عدنان أن البلاذري في "أنساب الأشراف" أخرج من طريق علي بن زيد عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب كان مسندًا إلى ابن عباس، وكان عنده ابن عمر وسعيد بن زيد، فقال: اعلموا أني لم أقل في الكلالة شيئًا، ولم أستخلف بعدي أحدًا، وأنه من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر من مال الله،... فقال له رجل: يا أمير المؤمنين فأين أنت عن عبد الله بن عمر؟ فقال له: قاتلك الله. والله ما أردت الله بها. أستخلف رجلًا لم يحسن يطلق امرأته؟". وهذا سند ضعيف، وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، ضعفه غير واحد، قال سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد: حدثنا على بن زيد، و كان يقلب الأحاديث. وفي رواية: كان على بن زيد يحدثنا اليوم بالحديث ثم يحدثنا غدًا، فكأنه ليس ذاك. وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه. وقال ابن حبان: يهم و يخطئ، فكثر ذلك منه فاستحق الترك. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "ضعيف".

ولكن عدنان في هذه المحاضرة لم يذكر الرواية الأخرى التي ذكرها في قول الأول وهي: "عبد الله ابني: لا يصلح إلا للنساء"، وهي تخالف من حيث المعنى رواية: "لم يحسن يطلق امرأته"، كما هو ظاهر، ونحن نطالبه بأن يذكر أين هذه الرواية؟ ثم نطالبه بصحتها إن وجدها!!، وهذه الرواية لو كانت عنده في كتاب لسارع في إخراجه وقرأ الرواية منه، كما صنع في بقية ما ذكره من روايات، أو على الأقل أعادها مرة أخرى؛ إنما هي من بنات أفكاره، أراد أن يرمي بها ابن عمر - رضي الله عنه -، وعدنان إبراهيم، كما ظهر لكل من يستمع له من العلماء وطلبة العلم بعناية وتتبع أنه يكذب فيما ينقله ويعزوه من أحاديث وروايات، كما أنه لا يحسن ألفاظ كثير منها، ويصحح الضعيف ويضعف الصحيح وقد جمعنا في ذلك مسائل سيأتي ذكرها إن شاء الله.

ولم يكتف عدنان إبراهيم بذكر هذه الرواية الضعيفة عن عمر - رضي الله عنه -، بل ذهب إلى تقرير هذا على سبيل القدح في ابن عمر - رضي الله عنه - فقال: "هذا لا يصلح، حتى لتطليق نسائه يعني ضعيف في النواحي هذه، هذا اعتقادي في هذا الرجل".

وقال أيضًا: "لكنه شخصية ضعيفة مترددة، هذا لا يضيره ولا يشينه يا جماعة". وقال أيضًا: "لكن ستدرك أيضًا أنه لا يصلح أن يكون قيادة سياسية لا ينفع يا جماعة". نقول لعدنان وغيره، على فرض تقوية قول عمر: "لم يحسن يطلق امرأته"، بمجموع الطريقين فكل ما في هذه الرواية أن عمر - رضي الله عنه - أراد أن يبعد ابنه عبد الله عن أمر الخلافة، إما من باب الورع، أو من باب شفقة الأب على ابنه، أو من باب نظرة الأب لابنه الذي قد لا يعجبه في ابنه أشياء قد لا تلفت نظر الناس ولا يعتبرونها تضر أو تقدح، ولعل كان قول عمر - رضي الله عنه - إن صح في الجملة من باب قفل الباب أمام الناس، فذكر ما يظن أنه يكفي ليكون عذرًا عند الناس، وهو في حقيقة الأمر لا يقدح مطلقًا في شخصية عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -، ولعل اختيار عمر - رضي الله عنه - لأمر تطليق النساء كان له قصة تخص عمر - رضي الله عنه - مع ابنه عبد الله - رضي الله عنه -، فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: "كانت تحتي امرأة أحبها وكان عمر يكرهها، فقال عمر: طلقها فأبيت، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أطع أباك وطلقها". أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والطحاوي في "المشكل"، و الحاكم، وأحمد. وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وحسنه الألباني في "الصحيحة". ثم إن قصة تطليق ابن عمر لامرأته في الحيض مشهور وهي في الصحيحين نذكر منها عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، - رضي الله عنهما - أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا...". الحديث. إلى غير ذلك من روايات هذا الحديث، والذي يعنيننا هنا هو أن عمر - رضي الله عنه - أمر عبد الله - رضي الله عنه - بتطليق امرأته، وباشر أيضًا سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما طلق عبد الله - رضي الله عنه - امرأته في الحيض، فلعل هذا الأمر ظل عالقًا في ذهن أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - فأخذه على أبنه عبد الله - رضي الله عنه -، إما لعدم سماع كلامه في بداية الأمر عندما أمره بتطليق زوجته، أو لأنه طلقها وهي حائض، مما جعل عمر - رضي الله عنه - يقول قوله هذا، قال ابن حجر في "فتح الباري" وهو يتكلم على تطليق ابن عمر - رضي الله عنه - امرأته وهي حائض: "فقد يحتمل أن لا تكون عن شقاق بل عن سبب آخر وقد روى أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال كان تحتي امرأة أحبها وكان عمر يكرهها فقال طلقها فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أطع أباك. فيحتمل أن تكون هي هذه ولعل عمر لما أمره بطلاقها وشاور النبي - صلى الله عليه وسلم - فامتثل أمره اتفق أن الطلاق وقع وهي في الحيض فعلم عمر بذلك فكان ذلك هو السر في توليه السؤال عن ذلك لكونه وقع من قبله". ويحسن بنا في هذا المقام أن نذكر ما وقع في كلام بعضهم من لمز ابن عمر - رضي الله عنه -، وبيان حقيقته، حتى لا ندع لعدنان إبراهيم مجالًا للتعقيب على طريقته، في التعالي والتعالم وعدم الدقة في التحقيق، فقد جاء في كلام علي بن الجعد بن عبيد أبو الحسن البغدادي، الجوهري، مولى بني هاشم الحافظ، الحجة، مسند بغداد، المتوفي سنة 230هـ: قال يحيى بن معين: ثقة صدوق.

وقال أيضًا: علي بن الجعد أثبت البغداديين في شعبة. وقال فيه مسلم: هو ثقة لكنه جهمي. وقال أبو حاتم: كان متقنًا صدوقًا. وقال أبو زرعة: كان صدوقًا في الحديث. وقال النسائي: صدوق. لكن جاء عنه أنه يطعن على بعض الصحابة - رضي الله عنه -، فأخرج العقيلي في "الضعفاء" (3/225)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (/)، من طريق أبي غسان الدوري -وفي بعض النسخ المروزي- يقول كنت عند علي بن الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر كنا نفاضل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنقول خير هذه الأمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر وعمر وعثمان فيبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكره فقال علي: "انظروا إلى هذا الصبي هو لم يحسن يطلق امرأته يقول كنا نفاضل". وقال أبو غسان: كنت عند علِي بن الجعد فذكروا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للحسن إن ابني هذا سيد فقال من جعله سيدًا، وأخرج العقيلي والخطيب من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: قلتُ لعلي بن الجعد بلغني أنك قلت ابن عمر ذاك الصبي، قال: "لم أقل ذلك ولكن معاوية ما أكره أن يعذبه الله". فنفى الوقيعة في ابن عمر - رضي الله عنه - وأثبتها في معاوية - رضي الله عنه -!! إلا أن أبا داود قال كما نقل عنه الآجري: "علي بن الجعد وسم بميسم سوء، قال: ما يسوؤني أن يعذب الله معاوية وقال ابن عمر ذاك الصبي".

ونقل عنه أيضًا أنه وقع في أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه -، فأخرج الخطيب في "تاريخ بغداد: قال هارون بن سفيان المستملي المعروف بالديك قال: كنت عند علي بن الجعد فذكر عثمان بن عفان فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حق، فقلت: لا والله ما أخذها ولئن كان أخذها ما أخذها إلا بحق، قال، لا والله ما أخذها إلا بغير حق، قلت: لا والله ما أخذها إلا بحق. قال الألباني في "الضعيفة" (14/935): "وهارون بن سفيان - هو: ابن بشير أبو سفيان مستملي يزيد بن هارون يعرف بـ(الديك )-: له ترجمة في "تاريخ بغداد" (14/25) برواية جمع أخر عنه، مات سنة (251)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا".

ولما نقل عنه من وقوعه في الصحابة - رضي الله عنه -، جعل الإمام أحمد لا يحدث عنه وينهى أبنه عبد الله من الذهاب إليه فقال العقيلي قلت لعبد الله بن أحمد بن حنبل: لم تكتب عن علي بن الجعد؟ فقال: نهاني أبي أن أذهب إليه فكان يبلغه عنه أنه تناول أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال زياد بن أيوب سأل رجل أحمد بن حنبل، عن علي بن الجعد، فقال الهيثم: ومثله يسأل عنه؟ فقال أحمد: أمسك أبا عبد الله فذكره رجل بشيء، فقال أحمد: ويقع في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال أبو زرعة الرازي: "كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد، ولا سعيد بن سليمان، ورأيت في كتابه مضروبًا عليهما". فالقول الذي نسب لعلي بن الجعد في ابن عمر - رضي الله عنه -، باطل لا يقبل، سواء رجع عنه أم لم يرجع، وكذلك قوله في غيره من الصحابة - رضي الله عنه -، فلا يفرح عدنان إبراهيم وأمثاله بتلك الزلات!!

وأعود فأقول: إن في النفس شيء من تقوية قول عمر - رضي الله عنه - : "لم يحسن يطلق امرأته"، فقد جاء ما يخالفه عن عمر - رضي الله عنه -، فنقول لعدنان إبراهيم إن السبب الذي من أجله لم يذكر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ابنه عبد الله في أهل الشورى هو؛ لأن عمر - رضي الله عنه - جنب ابنه أمر الولاية من بعده، لا لأنه لا يصلح لها، أو لأنه لا يصلح إلا للنساء؛ أو لأنه شخصية ضعيفة مترددة، كما كذب وافترى عدنان، إنما لأمر آخر، وهو أن عمر - رضي الله عنه - أراد أن يجنب قرابته أمر الاستخلاف، وهذا من ورع عمر - رضي الله عنه - وقد فعل هذا أيضًا مع سعيد بن زيد ابن عمه أحد العشرة الذين بشرهم رسول الله بالجنة وسعيد بن زيد هو راوي حديث العشرة، لذلك قال ابن حجر في "فتح الباري": "واقتصار عمر على الستة من العشرة لا إشكال فيه؛ لأنه منهم وكذلك أبو بكر ومنهم أبو عبيدة وقد مات قبل ذلك وأما سعيد بن زيد فهو ابن عم عمر فلم يسمه عمر فيهم مبالغة في التبري من الأمر وقد صرح في رواية المدائني بأسانيده أن عمر عد سعيد بن زيد فيمن توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض إلا انه استثناه من أهل الشورى لقرابته منه وقد صرح بذلك المدائني بأسانيده قال فقال عمر: لا أرب لي في أموركم فأرغب فيها لأحد من أهلي". وفي صحيح البخاري في حديث البيعة بعد عمر قال عمر: "يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ -كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ -". قال ابن حجر: "قوله: "كهيئة التعزية له": أي لابن عمر لأنه لما أخرجه من أهل الشورى في الخلافة أراد جبر خاطره بأن جعله من أهل المشاورة في ذلك".

فعمر - رضي الله عنه - يجعل عبد الله - رضي الله عنه - في أهل المشاورة في أمر الخلافة، مما يدل على أن عمر - رضي الله عنه - يعرف مدى رجاحة عقل ابنه عبد الله - رضي الله عنه -، إنما أراد تجنب ترشيحه لأمر الخلافة لقرابته منه، لا كما ذهب عدنان إبراهيم، ثم نذكر هذا الحديث لكي نرى رجاحة فهم ابن عمر من صغره، وفرح عمر - رضي الله عنه - بذلك، فقد أخرج البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَاسْتَحْيَيْتُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنَا بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا". وفي رواية: "قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: هِيَ النَّخْلَةُ فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ قَالَ لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، أَوْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ عُمَرُ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا". قال ابن حجر: "ووجه تمنى عمر - رضي الله عنه - طبع الإنسان عليه من محبة الخير لنفسه ولولده ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره وليزداد من النبي - صلى الله عليه وسلم - حظوة ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم". وقال النووي: "وفيه سرور الإنسان بنجابة ولده وحسن فهمه وقول عمر - رضي الله عنه - لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلى أراد بذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو لابنه ويعلم حسن فهمه ونجابته". ثم أن ابن عمر - رضي الله عنه - عند علماء الأمة من علماء الصحابة ومن فقهاء الأمة، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: "الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ"، وقال ابن حجر: "وهو أحد العبادلة وفقهاء الصحابة والمكثرين منهم"، ثم إن ابن عمر - رضي الله عنه - عند المسلمين في عصره كان مما يصلح للخلافة ومن أهلها، وأن الناس كانوا يطلبون منه ذلك ولكنه كان زاهدًا في ذلك الأمر مخافة إراقة الدماء والانخراط في أمر الدنيا، فقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد لا بأس به عن خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: لَوْ أَقَمْتَ لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ رَضُوْا بِكَ كُلُّهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ بِالْمَشْرِقِ؟ قَالُوا: إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ قُتِلَ، وَمَا قَتْلُ رَجُلٍ فِي صَلاَحِ الْأُمَّةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ لَوْ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْ بِقَائِمَةِ رُمْحٍ وَأَخَذْتُ بِزُجِّهٍ ، فَقُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. خالد بن سمير هو السدوسي البصري. روى له: البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. قال ابن حجر: "صدوق يهم قليلًا". وأخرج بإسناد حسن عن نَافِعٌ أَنَّهُ دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: فَسَجَدَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَوْلاَ مَخَافَتُكَ لَزَاحَمْنَا قَوْمَنَا قُرَيْشًا فِي أَمْرِ هَذِهِ الدُّنْيَا". وبإسناد صحيح عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ قَال: كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاضِعِينَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يَقُولُونَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَعْطِ بِيَدِكَ. وأبو العالية البراء البصري، اسمه زياد بن فيروز و قيل زياد بن أذينة وقيل كلثوم وقيل أذينة وقيل لقبه أذينة، مولى قريش. روى له: البخاري، ومسلم، والنسائي. وقال ابن حجر: "ثقة". وهذه شهادة أسلم مولى عمر في ابن عمر - رضي الله عنه - فأخرج ابن سعد بإسناد صحيح عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْفَ تَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَوْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا؟ فَقَالَ: أَسْلَمُ: مَا رَجُلٌ قَاصِدٌ لِبَابِ الْمَسْجِدِ دَاخِلٌ أَوْ خَارِجٌ بِأَقْصَدَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ لِعَمَلِ أَبِيهِ. وأخرج ابن سعد في "الطبقات"، وأحمد في "فضائل الصحابة" بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إِنَّكَ سَيِّدُ النَّاسِ وَابْنُ سَيِّد ، فَاخْرُجْ نُبَايِعْ لَكَ النَّاسَ، قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لاَ يُهَرَاقُ فِي سَبَبِي مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ، فَقَالُوا: لَتَخْرُجَنَّ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ عَلَى فِرَاشِكَ، فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الأَوَّلِ، قَالَ الْحَسَنُ: فَأَطْمَعُوهُ وَخَوَّفُوهُ ، فَمَا اسْتَقْبَلُوا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. ولذا قال ابن الأثير في "أسد الغابة": "وكان ابن عمر شديد الاحتياط والتوقي لدينه في الفتوى، وكل ما تأخذ به نفسه، حتى إنه ترك المنازعة في الخلافة مع كثرة ميل أهل الشام إليه ومحبتهم له". وقال أيضًا الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "قلت -أي الذهبي: كاد أن تنعقد البيعة له يومئذ، مع وجود مثل الإمام علي وسعد بن أبي وقاص، ولو بويع، لما اختلف عليه اثنان، ولكن الله حماه وخار له". فماذا بعد هذه الشهادات في بيان أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان ممن علم الناس أنه يصلح لسياسة الناس وللقيادة السياسية، وإنما تركها مخافة إراقة الدماء وخوفًا على نفسه من تنافس الدنيا، فهل نترك هذا لسخافات هذا التائه الضال عدنان إبراهيم، عامله الله بما يستحق.

ثم ابن عمر - رضي الله عنه - كان متأنيًا فيما يقول ويفتي به، فأخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد حسن عن نَافِعٌ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ مَسْأَلَةٍ ، فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَسْأَلَتَهُ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَمَا سَمِعْتَ مَسْأَلَتِي؟ قَالَ: "بَلَى وَلَكِنَّكُمْ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِسَائِلِنَا عَمَّا تَسْأَلُونَنَا عَنْهُ، اتْرُكْنَا يَرْحَمْكَ اللَّهُ حَتَّى نَتَفَهَّمَ فِي مَسْأَلَتِكَ ، فَإِنْ كَانَ لَهَا جَوَابٌ عِنْدَنَا، وَإِلاَّ أَعْلَمْنَاكَ أَنَّهُ لاَ عَلِمَ لَنَا بِه"ِ. ولذا قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": "وكان - رضي الله عنه - شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه، وكل ما يأخذ به نفسه". فما هو بضعيف متردد يا عدنان!!

ثم يحاول عدنان إبراهيم أن يخدع الناس فيظهر الثناء على ابن عمر - رضي الله عنه - فيقول: "سيدنا عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - رجل صالح صالح، ومتسنن وعابد وتقي". انظر كيف يتفضل عدنان فيصف عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - بأنه رجل صالح، فنقول له لا ننتظر منك يا عدنان أن تثني على ابن عمر - رضي الله عنه - وتصفه بالصلاح، فقد شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فأخرج البخاري وغيره، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ لاَ أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ بِي إِلَيْهِ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". وفي رواية: "فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ". قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ". وقال كذلك كل من روى الحديث عن ابن عمر، فقَالَ سَالِمٌ بن عبد الله: "فَكَانَ عَبْدُ اللهِ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلا". وقال نَافِعٌ: "لَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ". أخرج كل هذه الروايات البخاري في "صحيحه". وقد بوب البخاري على هذا الحديث: "باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنهما - "، وبوب الترمذي عليه في جامعه: " باب: مناقب عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -"، وذكره ابن حبان في صحيحه تحت: "ذكر شهادة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمر بالصلاح". وبوب عليه البغوي في "شرح السنة": "باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب أبي عبد الرحمن القرشي العدوي - رضي الله عنه - ". وقال العيني في "عمدة القاري" معقبًا على إخراج البخاري لهذا الحديث في باب مناقب ابن عمر - رضي الله عنه -: "مطابقته للترجمة ظاهرة؛ لأن قول النبي إن عبد الله رجل صالح منقبة عظيمة له".

وقال أبو نعيم في "معرفة الصحابة": "وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصالحين". ثم نمضي في ذكر ما أتصف به ابن عمر - رضي الله عنه -ن فضائل الأخلاق ومحاسنه ثناء أهل عصره عليه ومعرفتهم لقدره ومنزلته، فأخرج ابن سعد في "الطبقات"، وأحمد في "فضاءل الصحابة" بإسناد صحيح عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -ابن مسعود-: إِنَّ أَمْلَكَ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا ابْنُ عُمَرَ.

وقال ابن حجر في "الإصابة": "وأخرج أبو سعيد بن الأعرابي بسند صحيح وهو في الغيلانيات والمحامليات عن سالم بن أبي الجعد عن جابر: "ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها غير عبد الله بن عمر". وأخر أيضًا أحمد في فضائل الصحابة وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة". وفي رواية عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة": عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَمَرَّ بِنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَطُوفُ، فَقَالَ جَابِرٌ: "إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا، وَلَمْ يُبَدِّلُوا فَانْظُرُوا إِلَيْهِ، مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا غَيَّرَ".

وقال ابن حجر في "الإصابة": "وفي تاريخ أبي العباس السراج بسند حسن عن السدي رأيت نفرًا من الصحابة كانوا يرون أنه ليس أحد فيهم على الحالة التي فارق عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ابن عمر". ولذا قال أبو نعيم: "مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها حق اليقين، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه، كان من البكائين الخاشعين".

وقال ابن حجر في "الإصابة": " وفي معجم البغوي بسند حسن عن سعيد بن المسيب لو شهدت لأحد من أهل الجنة لشهدت لابن عمر. ومن وجه صحيح، كان ابن عمر حين مات خير من بقي".

ونذكر هنا أيضًا محبة الناس لابن عمر - رضي الله عنه -، دون أن يكون بينه وبينهم منفعة دنيوية من إمارة أو أموال ونحو ذلك فأخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد صحيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَابَّتِهِ ، فَقَالَ لِيَ ابْنُ عُمَرَ: "يَا مُجَاهِدُ إِنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَنِي حُبًّا لَوْ كُنْتُ أُعْطِيهُمُ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ مَا زِدْتُ".

ثم بماذا ترجموا له العلماء في كتبهم: قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة": "عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدَوِيُّ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا، أُمُّهُ وَأُمُّ أُخْتِهِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، هَاجَرَ مَعَ أَبِيهِ عُمَرَ - رضي الله عنهما -، كَانَ آدَمَ طُوَالًا لَهُ جُمَّةٌ مَفْرُوقَةٌ تَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ، يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيُشَمِّرُ إِزَارَهُ، يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، أُعْطِيَ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ، وَفِي الْبِضَاعِ، كَانَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّبِيلِ الْمُبِينِ، وَأُعْطِيَ الْمَعْرِفَةَ بِالْآخِرَةِ، وَالْإِيثَارَ لَهَا حَقَّ الْيَقِينِ، لَمْ تَغَيِّرْهِ الدُّنْيَا، وَلَمْ تَفْتِنْهُ، كَانَ مِنَ الْبَكَّائِينَ الْخَاشِعِينَ، وَعَدَّهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الصَّالِحِينَ، اسْتَصْغَرَهُ عَنْ بَدْرٍ فَغَلَبَهُ الْحُزْنُ وَالْبُكَاءُ، وَأَجَازَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَذْهَلَهُ عَنِ الْأَمْنِ وَالتُّكَى، نَقْشُ خَاتَمِهِ عَبْدُ اللهِ لِلَّهِ، أَصَابَ رِجْلَهُ زُجُّ رُمْحٍ فَوَرِمَتْ رِجْلَاهُ، فَتُوُفِّيَ مِنْهَا بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَدُفِنَ بِالْمُحَصَّبِ، وَقِيلَ: بِذِي طُوًى، وَقِيلَ: بِسَرِفَ، مَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ". وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "الإمام القدوة شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن القرشي العدوي المكي، ثم المدني.

أسلم وهو صغير، ثم هاجر مع أبيه لم يحتلم، واستصغر يوم أحد، فأول غزواته الخندق، وهو ممن بايع تحت الشجرة، وأمه أم، أم المؤمنين حفصة: زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون الجمحي. روى علمًا كثيرًا نافعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن أبيه، وأبي بكر، وعثمان، وعلي، وبلال، وصهيب، وعامر بن ربيعة، وزيد بن ثابت، وزيد عمه، وسعد، وابن مسعود، وعثمان بن طلحة، وأسلم، وحفصة أخته، وعائشة. وغيرهم".

هذا ظننا في هذا الصحابي الجليل - رضي الله عنه -.

ولكن تدني عدنان وأصر على ووصف ابن عمر - رضي الله عنه - بأنه كان همه كله في النساء بشهادة والده أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -، فقال: "ابن عمر يحب النساء وأستاذ فيها معروف"، ويقول أيضًا: "عنده تعلق بالنساء هو طبيعته هيك". ويقول أيضًا: "عنده طاقة جنسية جبارة"، وقال أيضًا: "هنا في مصنف عبد الرزاق وقعت له على شيء عجيب كان خريتًا وخبيرًا بهذه الأشياء يعرفها ويستشار فيها معروف". ثم أخذ في سرد روايات عن ابن عمر - رضي الله عنه - لكي يؤكد ذلك ثم يعلق عليها باستهزاء، وهذه الروايات التي أخرجها عبد الرزاق في "مصنفه" تحت: "باب الرجل يكشف الأمة حين يشتريها"، فذكر الأثر الأول: عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: قلت له: الرجل يشتري الأمة أينظر إلى ساقيها وقد حاضت، أو إلى بطنها؟ قال: نعم، قال عطاء: كان ابن عمر يضع يده بين ثدييها وينظر إلى بطنها وينظر إلى ساقيها أو يأمر به. علق عدنان إبراهيم بقوله: "قلت لكم أستاذ معروف قدوة". ثم قال: "هذا الباب كله عن ابن عمر أفهم له دلالة علمية". ثم ذكر الرواية رقم (13202): "قال معمر وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع بن عمر يده بين ثدييها ثم هزها".

قال عدنان معلقًا: "ليشوف قوة تحمها وجستها كلها على بعضها أحرقوه عبد الرزاق أحرقوا المصنف لم نؤلف من دارنا". إلا أن عدنان إبراهيم كان غير أمين في نقله كعادته فعندما ذكر الأثر رقم (13203) ذكره هكذا عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن مجاهد قال كنت مع ابن عمر في السوق فأبصر بجارية تباع فكشف عن ساقها وصك في صدرها، وقال: "اشتروا".

ولم يكمل عدنان إبراهيم بقية الأثر لغرض في نفسه وهو قول مجاهد: "يُريهم أنه لا بأس بذلك". فعدنان إبراهيم وقف عند قول ابن عمر: "وقال: اشتروا"، وحذف قول مجاهد: "يريهم أنه لا بأس بذلك"؛ لأنها تعكر عليه استدلاله. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (20610): حَدَّثَنَا جَرِير، عَنْ مَنْصُور، عَنْ مُجَاهِد، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ أَمْشِي فِي السُّوقِ فَإِذَا نَحْنُ بِنَاسٍ مِنَ النَّخَّاسِينَ قَدَ اجْتَمَعُوا عَلَى جَارِيَةٍ يُقَلِّبُونَهَا، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَنَحَّوْا وَقَالُوا: ابْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، فَدَنَا مِنْهَا ابْنُ عُمَرَ فَلَمَسَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا، وَقَالَ: أَيْنَ أَصْحَابُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ؟ فَإنَّمَا هِيَ سِلْعَةٌ. فأكدت هذه الرواية أن ابن عمر فعل ذلك ليبين للناس جواز ذلك لما رأى منهم تحرجًا، فابن عمر - رضي الله عنه - صاحب علم وفتوى، وليس فعله هذا لشهوة كما هو ظاهر!! ونقول: نعم هذه الروايات التي في مصنف عبد الرزاق صحيحة عن ابن عمر - رضي الله عنه -، ولم يتفرد بروايتها، فقد أخرجها أيضًا ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وأهل السنة والجماعة بحق لا يحرقون أمهات مصنفاتهم؛ إنما يفهمون ما فيها فهمًا صحيحًا، ويميزون بين صحيحها وضعيفها، ولا يخفون شيئًا منها، قال الإمام وكيع بن الجراح -رحمه الله-: "أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم". أخرجه الدارقطني في "سننه".

وإنما أفتى من أفتى من العلماء بحرق كتب السحر والزندقة والملاحدة ونحو ذلك. ولكن ما دلالة هذه الآثار المروية عن ابن عمر - رضي الله عنه -؟ هل تدل على ما ذهب عدنان إليه من ابن عمر كان خبرًا بالنساء ونحو ذلك مما قاله؟ نقول بالتأكيد لا، لكنها تدل على أن فعل ابن عمر - رضي الله عنه - إنما كان لبيان جواز هذا الفعل، ولتأكيد ذلك دلهم عليه بفعله، فهو صاحب علم وفتوى، وليس فعله هذا لشهوة. نقول أن هذه الروايات التي ذكرها عدنان إبراهيم ليس فيها ما يدعيه على ابن عمر - رضي الله عنه - بأنه كان خبيرًا بالنساء أو (نسونجي)؛ لأن هذه الروايات متعلقة بمسألة وهي: هل يجوز لمن يريد شراء الأمة أن ينظر إلى بدنها؟ وفعل ابن عمر - رضي الله عنه - متعلق بهذه المسألة، ثم إن ابن عمر - رضي الله عنه - لم يتفرد بهذا الحكم فقد قال به غير واحد من التابعين ومن بعدهم، وإليك بيان ذلك: ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه باب: " الرّجل يرِيد أن يشترِي الجارِية فيمسُّها" ثم أخرج أثار عن ابن عمر - رضي الله عنه - بنحو ما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"، ولكنه زاد عليه ما أخرجه. مصنف ابن أبي شيبة (20613): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَاوَمَ بِجَارِيَةٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى ثَدْيَيْهَا وَصَدْرِهَا.

وعبد الله بن حبيب هو ابن أبى ثابت، و اسمه قيس بن دينار الأسدي، مولاهم الكوفي.

قال المزي في "تهذيب الكمال": قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة.

وكذلك قال أبو القاسم الطبراني. وقال النسائي: ليس به بأس.

وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".

روى له مسلم حديثًا، والنسائي في "خصائص على "حديثًا".

وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب": وقال الدارقطني: عبد الله و عبيد الله و عبد السلام بنو حبيب بن أبى ثابت، وكلهم ثقات. وقال ابن خلفون: وثقه ابن نمير". ولذا قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة". وأبو جعفر هو محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمي المدني، أبو جعفر الباقر. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي وابن ماجه.

قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة".

وقد ذكر المزي في ترجمة عبد الله بن حبيب أنه روى عن: أبى جعفر محمد بن على بن الحسين. وهذا إسناد صحيح وأبو جعفر الباقر من أهل البيت، فماذا سيصنع عدنان إبراهيم؟! فالباقر رحمه الله ورضي عنه فعل مثل فعل ابن عمر - رضي الله عنه -، فهل الباقر كان خبيرًا بالنساء؟! وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (20615): حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: "كَانَ مُحَمَّدٌ إذَا بُعِثَ إلَيْهِ بِالْجَارِيَةِ يَنْظُرُ إلَيْهَا كَشَفَ بَيْنَ سَاقَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا".

وأزهر السمان هو أزهر بن سعد السمان، أبو بكر الباهلي مولاهم البصري

روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة".

وقال الذهبي في "الكاشف": "حجة".

وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان المزني، أبو عون البصري

روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة ثبت فاضل من أقران أيوب في العلم و العمل و السن.

وقال الذهبي في "الكاشف": "أحد الأعلام، قال هشام بن حسان: لم تر عيناي مثله. و قال الأوزاعي: إذا مات ابن عون وسفيان استوى الناس".

قال المزي في "تهذيب الكمال: روى عن: محمد بن سيرين.

وروى عنه: أزهر بن سعد السمان.

فتبين أن محمدًا المذكور في الإسناد هو التابعي محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة ثبت كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى".

وقال الذهبي في "الكاشف": "ثقة حجة، أحد الأعلام، كبير العلم". فهذا إسناد غاية في الصحة، فماذا سيصنع عدنان إبراهيم؟! فابن سيرين رحمه الله فعل مثل فعل ابن عمر - رضي الله عنه -، فهل ابن سيرين كان خبيرًا بالنساء؟!

كما أن عدنان إبراهيم لم يذكر أن عبد الرزاق في "مصنفه" بعد أن روى ما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنه -، ذكر رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بنحو ما روي عن ابن عمر - رضي الله عنه -، ففي "مصنف عبد الرزاق" (7/287) رقم (13208): عن ابن جريج قال أكل في... أصدق [وقع سقط في المطبوعة، ولذا قال الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تحقيقه على المصنف: هنا كلمة غير مستبينة وما قبلها كما أثبت، والصواب عندي "قال: أخبرني من أصدق] عمن سمع عليًا يسأل عن الأمة تباع أَينظر إلى ساقها وعجزها وإلى بطنها؟ قال: لا بأس بذلك لا حرمة لها إنما وقفت لنساومها. ولكن عدنان كتمه ولم يذكره، وإن كان في إسناده سقط كما أشار الأعظمي، وفيه أيضًا عنعنة ابن جريج، وراو مبهم وهو قوله: "عمن سمع عليًا"، ولكن كان على عدنان إبراهيم من الأمانة العلمية أن يذكر ذلك ثم يبين ضعف الإسناد عن علي - رضي الله عنه -، ولكنه أراد أن يظهر ابن عمر بأنه متفرد بهذا الصنيع، حتى يظهره بهذا المظهر!!

وقال الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ":(مَسْأَلَةٌ): وَأَمَّا الرَّجُلُ يُرِيدُ شِرَاءَ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى بَدَنِهَا؟ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَاقَيْهَا وَعَجُزِهَا وَبَطْنِهَا، وَقَالَ: لَا حُرْمَةَ لَهَا، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ يَنْظُرُ إِلَى جَمِيعِهَا إِلَّا الْفَرْجَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ".

وقال ابن مفلح الحنبلي في "الفروع": "وَيَنْظُرُ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ رَأْسًا وَسَاقًا، وَعَنْهُ -الإمام أحمد-: سِوَى عَوْرَةِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: كَمَخْطُوبَةٍ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ، مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا.

قَالَ الْقَاضِي: جَازَ تَقْلِيبُ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ بِمَعْنَى لَمْسِهِ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهَا". وهو عند البيهقي في "السنن الكبرى" (5/329) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً كَشَفَ عَنْ سَاقِهَا، وَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا". وَكَأَنَّهُ كَانَ يَضَعُهَا عَلَيْهَا مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. قال الألباني في "إرواء الغليل": "والسند صحيح".

وفي "شرح منتهى الإرادات": (وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ) أَيْ مُعَرَّضَةٍ لِلْبَيْعِ يُرِيدُ شِرَاءَهَا كَمَا لَوْ أَرَادَ خِطْبَتَهَا بَلْ الْمُسْتَامَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ نَقَلَ حَنْبَلٌ، لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا.

وَرَوَى أَبُو حَفْصَة أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقَيْهَا".

وقال ابن ضويان في "منار السبيل":
"وكذا أمة مستامة، لما روى أبو حفص بإسناده: أن ابن عمر كان يضع يده بين ثدييها، وعلى عجزها من فوق الثياب، ويكشف عن ساقها ذكره في الفروع". قصدنا هو بيان أن من العلماء من قال بنحو قول ابن عمر - رضي الله عنه -، فنقول لعدنان إبراهيم فهل كل هؤلاء العلماء الذين وافقوا ابن عمر - رضي الله عنه - كانوا خبراء بالنساء؟!، ولكن لا يستبعد على عدنان إبراهيم أن يقول: نعم كانوا خبراء!! ونحن ليس بصدد بحث هذه المسألة، ولكن هدفنا هو ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة من أقوال لهم أيضًا ما في مصنف ابن أبي شيبة (20614):حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنِ الأَوْزَاعِي، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً وَسُئِلَ عَنِ الْجَوَارِي اللاَتِي تُبَعْنَ بِمَكَّةَ ، فَكَرِهَ النَّظَرَ إلَيْهِنَّ إلاَّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ. وهذا إسناد صحيح. ونقل عن أبي موسى التشديد في ذلك فأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (20617)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/411) من طريق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمٍ الأَثْرَمِ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ خَطَبَهُمْ فَقَالَ: "لاَ أَعْلَمُ رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً فَنَظَرَ إلَى مَا دُونَ الْحَاوِيَة وَإِلَى مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ إلاَّ عَاقَبْته". ولفظ الطحاوي: "لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا نَظَرَ مِنْ جَارِيَةٍ إلَّا إلَى مَا فَوْقَ سُرَّتِهَا وَأَسْفَلَ مِنْ رُكْبَتَيْهَا لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ إلَّا عَاقَبْتُهُ". وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير حكيم الأثرم فقال النسائي: "ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الآجري عن أبى داود: "ثقة". وقال ابن أبى شيبة: سألت عنه ابن المديني فقال: "ثقة عندنا". وفي "التقريب": "فيه لين". فهل بعد هذا العرض لأقوال أهل العلم يبقى لعدنان إبراهيم متعلق فيما ذهب إليه!! ثم يمضي عدنان إبراهيم في مشواره الذي يريد به إثبات أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان خبيرًا بالنساء، فيذكر قول ابن عمر: "لقد أعطيت من الجماع شيئًا ما أعلم أحدًا أعطيه إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". ويعلق عدنان بقوله: "كان عنده طاقة في هذا الشيء شيء فظيع مش طبيعي رجل جبار في هذا الشيء الله يهنيه، واضح أنه متميز هذا أيش نعمل له نعمة من الله الذي أنعم عليه". نقول لعدنان إبراهيم: ماذا لو أعطى الرجل قوة في الجماع؟! هل معنى هذا أنه لا يصلح إلا لذلك؟، أو ينبغي أن يعير بذلك ويشنع عليه؟! ويكون ذلك سببًا في أن يقال: إنه لا يصلح إلا لذلك؛ والجواب: لا ينبغي ذلك؛ لأنه من الممكن أن يجمع الرجل بين قوة الجماع، وغيره من الأمور كالحزم والأناة، والثبات، وقوة الجأش ونحو ذلك!! سبحانك هذا بهتان عظيم.

ثم انظر إلى علماء الأمة ماذا قالوا عن قوة ابن عمر في الجماع، عدوا ذلك من كمالاته، فقال أبو نعيم في "معرفة الصحابة": "أُعْطِيَ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ، وَفِي الْبِضَاعِ". ثم إن نبينا - صلى الله عليه وسلم - قد أعطي قوة ثلاثين رجلًا في الجماع، كما قال أنس - رضي الله عنه - : "كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاَثِينَ". قال ابن حجر في "فتح الباري": "في هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم ما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - من القوة على الجماع وهو دليل على كمال البنية وصحة الذكورية". ومع ذلك لم يكن هذا الأمر يتعارض مع مهام النبوة وبقية شئونه. ولكنها الأهواء!!

ثم يذكر عدنان إبراهيم ما أخرجه الطبراني وغيره عن محمد بن سيرين قال: "ربما أفطر ابن عمر على الجماع". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" إسناده حسن". وقال العيني في "عمدة القاري": "وإسناده حسن". علق عدنان إبراهيم بقوله: "يفطر على امرأته هناه الله مش قادر يتحمل عنده طاقة جبارة رضوان الله عليه". نقول لعدنان إن العلماء يستدلون بفعل ابن عمر هذا على جواز أن يفطر الرجل على جماع زوجته، فلا مانع من أن يطأ الرجل الصائم زوجته بعد غروب الشمس قبل أن يأكل أو يشرب شيئًا، وصومه صحيح ولا يلزمه شيء؛ لأنه بمجرد غروب الشمس فقد حل للصائم ما كان محرمًا عليه من الأكل والشرب والوطء، فله أن يفعل من ذلك ما يشاء. قال العيني في "عمدة القاري": "وروينا عن ابن عمر أنه كان ربما أفطر على الجماع رواه الطبراني من رواية محمد ابن سيرين عنه وإسناده حسن، وذلك يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون ذلك لغلبة الشهوة وإن كان الصوم يكسر الشهوة.

والثاني: أن يكون لتحقق الحل من أهله، وربما يتردد في بعض المأكولات".

ولعل ابن عمر - رضي الله عنه - فعل ذلك لبيان عدم التحرج من هذا الفعل.

ثم يمضي عدنان إبراهيم في محاولة فجة ليثبت أن ابن عمر كان همه النساء، وذلك بذكر أن عمر - رضي الله عنه - كان يخاف على ابنه عبد الله من الوقوع في الزنا، قد يقال: إنك تبالغ في ذلك إن عدنان إبراهيم لم يقصد ذلك، وحتى نقطع هذا كله نذكر كلام عدنان إبراهيم في ذلك فقال ما نصه: "في مناقب عمر لابن الجوزي في صفحة (150) عن ابن عمر قال استأذنت عمر في الجهاد، فقال: أي بني إني أخاف عليك الزنى –قال عدنان معلقًا: يعرف إنه عنده طاقة جبارة، جبارة ممكن لا يتحمل وبعدين يأخذ له جارية!!- فقلت: أو على مثلي تتخوف ذلك؟ قال: تلقون العدو فيمنحكم الله أكنافهم فتقتلون المقاتلة وتسبون الذرية وتجمعون المتاع فتقام جارية في المغنم فينادى عليها فتسوم بها فينكل الناس عنك ويقولون: ابن أمير المؤمنين ولله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فيها حق فتقع عليها فإذا أنت زان، أجلس". قال عدنان: "في سؤال هنا كان يقول لأبيه نبهتني لم أفعل هذا، لا أبوه يعرف أنه ربما لا يستطيع أن يقاوم عنده طاقة جنسية جبارة".
يتبع========

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:30 AM
نقول لعدنان إبراهيم:
أولًا: أن هذه الرواية التي ذكرتها من كتاب ابن الجوزي لا إسناد لها، فلا حجة فيها.

ثانيًا: أنه على فرض صحتها لا دلالة فيها على ما ادعاه عدنان إبراهيم من أن عمر - رضي الله عنه - كان يعرف عدم قدرة أبنه عبد الله - رضي الله عنه - على تحمل أمر النساء، فكل ما في هذه القصة، شدة ورع عمر - رضي الله عنه - وخوفه من مجاملة الناس لأبنه في أمر الجواري فخشي عليه أن يقع على جارية لا تحل له، فهذا الأمر الذي خاف منه عمر - رضي الله عنه - أن يقع من الناس قد يخفى على ابن عمر - رضي الله عنه - ولا يظهر، ولهذا لا حاجة لابن عمر - رضي الله عنه - لمراجعة أبيه في هذا الأمر، بل كان عليه طاعة أمير المؤمنين في ذلك. وقد ذكرها ابن الجوزي في "سير عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " تحت: "الباب التاسع والأربعون: في ذكر ورعه".

ثالثًا: أن ابن عمر - رضي الله عنه - شهد معركة اليرموك وفي "أسد الغابة": "وكانت اليرموك بالشام لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة في خلافة عمر". فهذا مما يدل على وهاء هذه القصة، ثم إن ابن عمر من المجاهدين في سبيل الله وقد شهد المعارك الكثيرة مع المسلمين قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق": "شهد مع رسول الله الخندق وما بعدها من المشاهد، وشهد غزوة مؤتة مع زيد وجعفر، وشهد يوم اليرموك". وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب": "وكان لا يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "قدم الشام والعراق والبصرة وفارس غازيًا".

رابعًا: إذا نظرنا إلى هذه قول عدنان إبراهيم تعليقًا على قول عمر - رضي الله عنه - : "أي بني إني أخاف عليك الزنى". قال عدنان: "يعرف إنه عنده طاقة جبارة، جبارة ممكن لا يتحمل وبعدين يأخذ له جارية". أهكذا يا عدنان يأخذ ابن عمر - رضي الله عنه - جارية لا تحل له، أهكذا يتهم ابن عمر - رضي الله عنه - بالفاحشة!! هذا الذي يتبادر من قولك هذا يا عدنان!! وإذا نظرنا أيضًا إلى قول عدنان: "في سؤال هنا كان يقول لأبيه نبهتني لم أفعل هذا، لا، أبوه يعرف أنه ربما لا يستطيع أن يقاوم عنده طاقة جنسية جبارة". ما هذا يا عدنان! تريد أن تفهمنا أن عمر - رضي الله عنه - خاف على ابن عمر - رضي الله عنه - الزنى لأنه يعلم عدم قدرة أبنه على أن لا يملك نفسه عن الحرام!! ما هذا التردي في الفهم والمعتقد!!

وأزيد هنا أن ابن عمر - رضي الله عنه - مع ما يتمتع به من قوة الجماع كان عازفًا عن الزواج مما يدل على قدرة على صيانة نفسه، وأن أمر النساء في حياته ليس كما صوره عدنان إبراهيم للناس، فأخرجه الشافعي في "المسند" وابن سعد في "الطبقات الكبرى"، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَلاَّ يَتَزَوَّجَ ، فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ: تَزَوَّجْ ، فَإِنْ مَاتُوا أُجِرْتَ فِيهِمْ ، وَإِنْ بَقُوا دَعَوُا اللَّهَ لَكَ. وهذا إسناد صحيح.

ثم ذكر عدنان إبراهيم قصة الجارية مع ابن عمر - رضي الله عنه -، فما هي قصة الجارية؟ فقد أخرج ابن سعد في الطبقات وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" عن مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَلَمَّا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا ، وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ نَافِعٌ، فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، قَالَ نَافِعٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: وَاهًا لِرِيحِ فُلاَنَةَ يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أَعْتَقَ.

ماذا قال عدنان إبراهيم عن هذه القصة وماذا أخذ منها؟ قال عدنان إبراهيم: "مش كان عنده جارية وكان يحبها كثيرًا، وبعدين نزل عنها؛ لأنه ما شاء الله إنسان تقي، ابن عمر تقي جدًا كان يحب أن ينفق أحسن مما عنده، شعاره آية: ﴿ لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وأكثر شيء يحبه هذه الجارية حب لذيذ جميل، أنت حرة لوجه الله، خذها يا نافع، خذها نافع مولاه أخدها نكحها خلف ولد كان دائمًا يحن لها ابن عمر فإذا أخذ ابنها ضمه يقول: واهًا لريح فلانة آه، عنده تعلق بالنساء هو طبعته هيك واهًا لريح فلانة هذه قصة مشهورة عنه". انظروا: عدنان إبراهيم يصور ابن عمر - رضي الله عنه - أنه عاشق ولهان، لا يستطيع التخلص من حبه القديم، ويفسر أن قول ابن عمر - رضي الله عنه - "واهًا لريح فلانة"، كان بسبب أنه يحن إلى هذه الجارية!!

والجواب عن هذا: أن هذا الأثر إسناده حسن، وأن: "وَاهًا": كلمة توضع موضع الإعجاب بالشيء، فهي كلمة تعجب من طيب كل شي. كما في "المعجم الوسيط"، قال الجوهري: "إذا تعجبت من طيب شيء، قلت: واهًا له ما أَطيبه". ولعل المعنى الذي أراده ابن عمر - رضي الله عنه - هو أنه لما رأى الغلام ابن الجارية، أعجبه فوقع في نفسه أنه حقًا ابن هذه الجارية، لما يعرفه عنها، وليس هو لهفة على الجارية لتعلقه بالنساء كما صور عدنان، فليس في صنيع ابن عمر - رضي الله عنه - ما ينتقص به منه. هذا حسن ظننا بابن عمر - رضي الله عنه - وليس فيه ادعاء عصمة له، ولا هو فيه تكلف في فهم المراد من قوله. والله أعلم.

وفي نهاية المحاضرة أراد عدنان إبراهيم أن يضفي على ما قاله صفة العلم والتحقيق فقال: "لا أتكلم عن عبط عن جهل أنا أكون صورة علمية ليش ابن عمر يحب النساء، العيب أنك لا تفهم ما فهمه أبوه الفاروق وتقل بالساهل يصير خليفة ما ينفعش لا يصلح للخلافة مش علشان موضوع النساء وأنه يحب النساء كثير كده لا، لا طبيعة الشخصية".

والحقيقة بعد ما أتينا على شبه عدنان الواحدة تلو الأخرى تبين أن عدنان إبراهيم يتكلم عن عمد للوقيعة في عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - ولا يمنع أن يكون في كلامه عبط وجهل. فعدنان إبراهيم أراد بهذا كله طعناً مبطناً في الصحابة - رضي الله عنه -، لكي يقول لا تفرحوا بهم، هكذا كانت همومهم!! فهذا ابن عمر - رضي الله عنه - كان كل همه النساء، لا غير!.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:32 AM
الرد على شبهات عدنان إبراهيم في نفي صحبة معاوية وخالد بن الوليد
الاثنين, 19 رجب 1435
مركز الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فصحبة خالد بن الوليد، ومعاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهم ـ ثابتة لا خلاف فيها، والمدعو عدنان إبراهيم لا يطعن فقط في صحبة هذين الصحابيين، بل يزعم أن كل من أسلم بعد صلح الحديبية فليس صحابيًا، وهذا يجري على أبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، وأمثالهما، فضلًا عمّن تأخر إسلامه للعام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كجرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - ولا يتوقف أمر هذا الشخص عند هذا الحد، فإنه يصرح بأن أهل بدر، وأهل بيعة الرضوان ليسوا كلهم في الجنة؛ لأن بعضهم نكص على عقبيه!
وأما موقفه من معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ فلا يقف عند حد نفي الصحبة عنه، بل إنه يسبه، ويطعن فيه، ويلعنه، ويصل القبح إلى مداه، فيقول عنه: دعِي بن دعِي، ويصف ابنه يزيد بأنه ابن حرام، ويصف ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة معاوية أنها كانت تهوى سرجون خادم معاوية، ويلعن معاوية لعنًا قبيحًا، ويصفه بأنه دجال عظيم، وعنده عقدة جنسية!
ومعاوية - رضي الله عنه - مشهود له بالجنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا، قالت أم حرام: قلت - يا رسول الله -: أنا فيهم؟ قال: أنت فيهم. ثم قال النبي: أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. فقلت: أنا فيهم - يا رسول الله -؟ قال: لا. أخرجه البخاري. ومعلوم أن أول جيش غزا البحر هو جيش معاوية.

وثبت أن النبي صلى الله وسلم قال فيه: اللهم اجعله هادياً، مهدياً، واهده، واهد به. أخرجه أحمد وغيره.

وسئل الإمام أحمد عن رجل يشتم معاوية أيصلى خلفه؟ قال: لا، ولا كرامة.

وسئل أحمد عمّن ينتقص في معاوية، وعمرو بن العاص، أيقال له: رافضي؟ قال: "إنه لم يجترأ عليهما، وإلا وله خبيئة سوء"

وبالجملة فقد نص على فضل معاوية - رضي الله تعالى عنه - وإمامته علماء الأمة وأعلامها، وروى عنه كثير من الصحابة أحاديث عدة، وهذا فضل عظيم له، وصرح بفضله غيرهم من التابعين والعلماء، كسعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل، وابن المبارك، والمعافى بن عمران، والميموني، وسائر أعلام الأمة وأئمتها، كالبخاري، وابن الجوزي، وابن كثير، والطبري، وابن عبد البر، وابن حجر العسقلاني، وغيرهم كثير، نصوا على فضله، وصحبته، وأن الطاعن فيه خبيث الطوية، وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 34898، 52235.
وأما خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ففضائله ومناقبه ومآثره ومكانته وقدمه في الإسلام لا تخفى على ذي بصيرة، وراجع في بيان بعض ذلك الفتويين: 25798، 111004، وراجع في الدفاع عنه الفتويين: 105602، 199591.

وأما الاستشهاد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: دعوا لي أصحابي. على نفي صحبة خالد وأمثاله ممن تأخر إسلامه، فلا يصح بحال، وإنما يصح الاستدلال به على تفاوت مراتب الصحابة، وأفضلية السابق منهم، وسياق الحديث يدل عليه، فعن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها! فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: دعوا لي أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد، أو مثل الجبال، ذهبًا ما بلغتم أعمالهم. رواه أحمد.

قال المناوي في فيض القدير: قوله: "أصحابي" مفرد مضاف، فيعم كل صاحب له، لكنه عموم مراد به الخصوص؛ لأن السبب الآتي يدل على أن الخطاب لخالد، وأمثاله ممن تأخر إسلامه، وأن المراد هنا متقدمو الإسلام منهم، الذي كانت له الآثار الجميلة، والمناقب الجليلة في نصرة الدين": من الإنفاق في سبيل الله، واحتمال الأذى في سبيل الله، ومجاهدة أعدائه، ويصح أن يكون من بعد الصحابة مخاطبًا بذلك حكمًا: إما بالقياس، أو بالتبعية. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: المراد بقوله: "أصحابي" أصحاب مخصوصون، وإلا فالخطاب كان للصحابة، وقد قال: "لو أن أحدكم أنفق .. " وهذا كقوله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} الآية. ومع ذلك فنهي بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه بذلك عن سب من سبقه يقتضي زجر من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى. اهـ.
وبهذا يتضح أن مدعي هذه الدعوى ممن ينتقص من مقام الصحبة، هو من أولى الناس بهذا التحذير النبوي الشريف.

وأما الاستشهاد بتخوف عمر من أن يكون من المنافقين، وسؤاله حذيفة عن ذلك، فجوابه: أن هذا جار على دأب السابقين بالخيرات من الأتقياء والصلحاء كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون: 60] وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 74064، 170249، 68464. كما سبق لنا الرد على شبهة احتمال كون بعض الصحابة من المنافقين، وذلك في الفتوى رقم: 217708.
وللاطلاع على المزيد في بيان حال هذا الشخص المذكور يمكن مراجعة مقال: (حقيقة الدكتور عدنان إبراهيم المتشيع) وتجده على هذا الرابط: http://www.saaid.net/bahoth/171.htm

كما تجد جامعا للردود عليه، وبيان حقيقة حاله من خلال هذا الرابط: http://sunnahway.net/node/1127

والله أعلم.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:34 AM
إقامة البرهان في الرد على من أنكر خروج المهدي والدجال ونزول المسيح في آخر الزمان - للشيخ حمود التويجري
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، وبعد:

فقد رأيتُ في المجلَّة المسمَّاة "المسلمون" مقالاً لعبدالكريم الخطيب، أنْكَرَ فيه ما أخبر به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من ظهور المهديِّ في آخِر الزمان، وما أخبر به مِن خروج الدجَّال، ونزول عيسى ابنِ مريم - عليهما الصلاة والسلام - وهذه جَراءة عظيمة وخطيرة جدًّا؛ لأنَّ إنكارَ الأحاديث الثابتة عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومقابلتَها بالردِّ والاطِّراح يدلُّ على الاستخفاف بأقوال رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويستلزم مشاقَّتَه واتباع غير سبيل المؤمنين، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115]، وقال تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: 39]، وليس إنكارُ الأحاديث الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالأمـر الهيِّن؛ لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الحشر: 7].

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أُمِرتُ أن أُقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئتُ به، فإذا فعلوا ذلك عصموا منِّي دماءَهم وأموالهم، إلاَّ بحقِّها، وحسابهم على الله)).

وهذا يدلُّ على وجوب الإيمان بكلِّ ما أخبر به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ممَّا كان في الماضي، وما يكون في المستقبل، ويدلُّ أيضًا على أنَّ عصمة الدمِ والمال إنما تكون لِمَن آمن بالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبكلِّ ما جاء به، ومَن لم يؤمن به وبما جاء به، فليس بمعصوم الدَّمِ والمال، وفي هذا أبلغُ تشديد على مَن يردُّ الأحاديث الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويعارِضها برأيه، أو برأي غيره.

وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -: مَن ردَّ حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو على شفَا هَلَكة، وقال إسحاق بن راهَوَيْه: مَن بلغه عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - خبرٌ يقرُّ بصحته، ثم ردَّه بغير تَقِية، فهو كافِر.

وقال أبو محمد البربهاري في "شرح السُّنة": إذا سمعتَ الرجل يطعن على الآثار ولا يَقبَلها، أو ينكر شيئًا من أخبار رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فاتَّهمه على الإسلام، فإنَّه رجل رديء المذهب والقول، وإنَّما يَطعن على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى أصحابه.

وقال أيضًا: لا يَخرج أحدٌ من أهل القبلة عن الإسلام حتى يَرُدَّ آيةً من كتاب الله - عز وجل - أو يردَّ شيئًا من آثار رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو يصلِّي لغير الله، أو يذبح لغير الله، فقد وجب عليك أن تُخرِجه من الإسلام.

وقال أيضًا: مَن ردَّ آية من كتاب الله، فقد ردَّ الكتاب كلَّه، ومن ردَّ حديثًا عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد ردَّ الأثر كلَّه، وهو كافِر بالله العظيم.

وقال إبراهيم بن أحمد بن شاقلا: مَن خالف الأخبار التي نقلها العدلُ عن العدل موصولة بلا قطْع في سندها، ولا جرْح في ناقليها، وتجرَّأ على ردِّها - فقد تهجَّم على ردِّ الإسلام.

وقال ابن حزم في "كتاب الأحكام": جاء النصُّ، ثم لم يختلف فيه مسلِمان في أنَّ ما صحَّ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قاله ففرْض اتباعه، وأنَّه تفسير لمراد الله في القرآن، وبيان مجمله؛ انتهى.

وإذا عُلِم ما ذكرتُه من الآيات والحديث وأقوال أهل العِلم في التشديد على الذين يردُّون الأحاديثَ الثابتة عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فليُعلم أيضًا أنَّه قد ثبت في ظهور المهدي في آخِر الزمان عشرة أحاديث، وقد ذكرتُهـا وذكرتُ كـلام العلماء في تصحيحها في أول كتاب "الاحتجاج بالأثر على مَن أنكر المهدي المنتظر"، فلتراجع هناك.

وأمَّا خروج الدجَّال، فقد جاء فيه أكثرُ مِن مائة وتسعين حديثًا من الصِّحاح والحِسان، وقد ذكرتُها في الجزء الثاني من "إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة"، فلتراجع هناك.

وقد تواترتِ الأحاديثُ في خروج الدجَّال من وجوه متعدِّدة، ذكرتُها في "إتحاف الجماعة"، ولو لم يكن منها سوى الأمر بالاستعاذة مِن فتنة الدجَّال في كلِّ صلاة، لكان ذلك كافيًا في إثبات خروجه، والردِّ على مَن أنكر ذلك، وقد روى عبدالرزاق بإسناد حسن، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: إنَّه سيخرج بعدَكم قوم يكذِّبون بالرجم، ويكذِّبون بالدجَّال، ويكذِّبون بالحوض، ويكذِّبون بعذاب القبر، ويكذِّبون بقوم يخرجون من النار.

وهذا الأثر له حُكم المرفوع؛ لأنَّ فيه إخبارًا عن أمرٍ غَيْبيّ، وذلك لا يُقال مِن قِبَل الرأي، وإنَّما يقال عن توقيف.

وقد ظهر مِصداقُ ما جاء فيه من التكذيب بالدجَّال وغيره، فأنكرتْ طوائفُ كثيرة من الخوارج والجهمية، وبعضِ المعتزلة خروجَ الدجَّال بالكلية، وردُّوا الأحاديث الواردة فيه، ذكر ذلك ابن كثير في "النهاية" قال: وخرجوا بذلك عن حيِّز العلماء لردِّهم ما تواترتْ به الأخبارُ الصحيحة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وذكر النوويُّ في "شرح مسلم": أنَّ مذهبَ أهل السُّنة وجميع المحدِّثين والفقهاء والنظَّار إثباتُ خـروج الدجال، خلافًا لِمَن أنكره من الخوارج والجهمية، وبعض المعتزلة؛ انتهى.

وقد تبع الخوارجَ والجهميَّةَ والمعتزلة على إنكار خروج الدجَّال كثيرٌ مِن المنتسبين إلى العِلم في زماننا وقبلَه بزمان، وأنكر بعضُهم كثيرًا من أشراط الساعة، ممَّا هو ثابت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبعضُهم يتأوَّلها على ما يوافق عقليتَه الفاسدة، وقد ذكرتُ بعض أقوالهم في "إتحاف الجماعة"، فلتراجع هناك.

ولو كان الذين أشرْنا إليهم أهلَ علم على الحقيقة، لَمَا ردُّوا شيئًا من الأحاديث الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولكانوا يقابلونها بالرِّضا والقبول والتسليم.

وأمَّا نزول عيسى ابن مريم - عليهما الصلاة والسلام - في آخِر الزمان، فقد جاء فيه آياتٌ من القرآن، وتواترتِ الأحاديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالإخبار بنزوله، وأنَّه يَقتل الدجَّالَ، ويكون في هذه الأمَّة حَكَمًا عدلاً، وإمامًا مُقسِطًا، وجاء في ذلك آثار كثيرة عن الصحابة والتابعين، وذكَر بعضُهم الإجماعَ على نزوله، وأنه لم يخالِفْ فيه أحدٌ من أهل الشريعة، وإنَّما أنكره الفلاسفة والملاحدة، ممَّن لا يُعتد بخلافهم، وقد ذكرتُ ذلك مستوفًى في "إتحاف الجماعة"، فليراجع هناك.

وأما ما جاء في العنوان الأوَّل عن نزول عيسى في آخر الزمان، فهل هو حقيقة يؤكِّدها القرآن، أم مسألة تتنافَى مع الإسلام؟

فجوابه أن يُقال: بل نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - في آخِرِ الزمان حقيقةٌ يؤكِّدها القرآن، قال الله تعالى في صِفة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3 - 4]، وقد تَواتَر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه أخبر بنزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - في آخِر الزمـان، فيجب الإيمانُ بذلك؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]، وقد جاء في ذلك آيتانِ من القرآن:

إحداهما: قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ [النساء: 159]، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "قبل موتِ عيسى ابن مريم"؛ رواه ابن جرير بإسناد صحيح.

وروى الحاكم في مستدركه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية قال: "خروج عيسى ابن مريم"، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في تلخيصه.

وروى أبو بكر الآجُرِّيُّ في كتاب "الشريعة" عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية قال: يعني: أنَّه سيدركه أناسٌ من أهل الكتاب حين يُبعث عيسى فيؤمنون به، وروى ابن مردويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّه قال في هذه الآية نحو قول ابن عباس - رضي الله عنهما.

وهذا القول هو الصحيحُ في تفسير الآية، وقد اختاره ابن جرير وابن كثير، وبه يقول أبو مالك والحسن وقتادة، وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم، وغيرهم، قال الحسن: والله إنَّه لحيٌّ الآن عند الله، ولكن إذا نَزَل آمنوا به أجمعون؛ رواه ابن جرير.

وأمَّا قول مَن قال من المفسِّرين: إنَّ الضمير في قوله: ﴿قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ يعود إلى الكتابيّ، فليس فيه معارضة لِمَا تقدَّم، فقد يؤمن كلُّ كتابي عند احتضاره بأنَّ عيسى عبدُ الله ورسوله، ولكن لا ينفعه إيمانُه في هذه الحالة، وأمَّا الذين يؤمنون به بعد نزوله في آخِرِ الزمان، فإنَّ إيمانهم به ينفعهم، والله أعلم[1].

الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ [الزخرف: 61]، وقرأ ابن عبَّاس وأبو هريرة وقتادة والأعمش: ﴿وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ بفتح العين واللام؛ أي: أمارةٌ وعلامة على اقتراب الساعة، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ قال: هو خروج عيسى بن مريم يوم القيامة؛ رواه الإمام أحمد وسعيد بن منصور وعبدُ بن حميد، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم في مستدركه، وصحَّحـه هو والذهبي، وقد رواه ابن حبَّان في صحيحه، والحاكم، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النـبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ قـال: "نزول عيسى بن مريم قبل يوم القيامة"؛ صححه الحاكم والذهبي.

وقد رُوي عن أبي هريرة ومجاهد، والحسن وقتادة، وأبي العالية وأبي مالك، وعكرمة والضحَّاك نحوُ قول ابن عباس - رضي الله عنهما.

وممَّا جاء في الآيتَين والأحاديث الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - في آخِر الزمان، وما قاله ابن عباس وأبو هريرة وغيرهما من السَّلف في تفسير الآيتين من سورة النساء وسورة الزخرف - يُعلم أنَّ نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - حقّ، والحقُّ لا يَتنافى مع الإسلام، ومَن زعم أنَّ نزوله يتنافى مع الإسلام، فهو ممَّن يشكُّ في إسلامه؛ لأنَّه لم يحقِّق الشهادة بأنَّ محمدًا رسـول الله؛ إذ لا بدَّ في تحقيقها من التصديق بكلِّ ما أخبر به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أمور الغيْب، ممَّا كان فيما مضَى، وما سيكون في المستقبل.

وأمَّا قول بعض المتخرِّصين: إنَّ الأحاديث الواردة في نزول عيسى كلَّها مزيَّفة لا يقبلها العقل.

فجوابه أن يُقال: هذه مكابرة لا تصدُر من رجل له أدْنَى مُسْكة من عقل ودِين، وإذا كان عقل المرء فاسدًا، فلا شكَّ أنه يتصوَّر الحق في صورة الباطل، وقد جاء في نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - أكثرُ من خمسين حديثًا مرفوعًا، أكثرُها من الصحاح، والباقي غالبُه من الحسان، فمَن زَعَم أنَّها كلها مزيَّفة فلا شكَّ أنَّه فاسد العقل والدِّين.

وأمَّا قول المتخرِّص: إنَّ نزول المسيح لا يُقرُّه المنطق.

فجوابه أن يقال: أمَّا المنطق المستقيم، والعقل السَّليم الذي يدور مع الحقِّ حيثما دار، فإنَّه لا يتوقف عن قَبول ما جاء في كتاب الله تعالى، وما تواتَر عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في نزول المسيح في آخِر الزمان، وأمَّا المنطق المنحرِف، والعقل الفاسِد، فإنَّه لا يتوقَّف عن ردِّ الحق وعدم قَبوله، ولا عِبرةَ بالعقول الفاسدة، ولا بأهلها.

وأما قوله: وهو مستحيل؛ لأنَّ محمدًا هو آخِرُ الأنبياء بنصِّ القرآن.

فجوابه أن يُقال: إنَّ عيسى - عليه الصلاة والسلام - إذا نزل في آخِر الزمان لا يأتي بشَرْع جديد، ولا يحكم بالإنجيل، وإنما يحكم بكتاب الله تعالى، وسُنَّة رسوله محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويكون واحدًا من هذه الأمَّة، وقد روى الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كيف أنتم إذا نَزَل عيسى ابنُ مريم فيكم، وإمامُكم مِنكم))،وفي رواية لمسلم: ((كيف أنتم إذا نَزَل فيكم ابنُ مريم فأمَّكم منكم))، قال الوليد بن مسلم: فقلت: لابن أبي ذئب: إنَّ الأوزاعي حدَّثَنا عن الزهري عن نافع عن أبي هريرة: ((فأمَّكم منكم)) قال ابن أبي ذئب: تدري ما أمَّكم منكم؟ قلت: تخبرني، قال: فأمَّكم بكتاب ربِّكم تبارك وتعالى، وسُنَّة نبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وقال أبو ذرٍّ الهروي: حدَّثَنا الجوزقي عن بعض المتقدِّمين قال: معنى ((إمامُكم منكم)): أنَّه يحكم بالقرآن لا بالإنجيل، وقال ابن التِّين: معنى قوله ((وإمامُكم منكم)): أنَّ الشريعة المحمديَّة متصلة إلى يوم القيامة، وأنَّ في كل قرن طائفةً من أهل العلم.

وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح على شرْط الشيخَين، عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه -: أنَّ نبي الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يقول: ((إنَّ الدجَّال خارج - فذكر الحديث وفيه -: ثم يجيء عيسى ابن مريم - عليهما السلام - مصدِّقًا بمحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى مِلَّته، فيقتل الدجال، ثم إنَّما هو قيام الساعة))؛ وقد رواه الطبراني، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.

وروى الطبراني أيضًا في الكبير والأوسط، عن عبدالله بن المغفل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما أهبطَ الله تعالى إلى الأرض منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فِتنةً أعظمَ من فتنة الدجال - فذكر الحديث وفيه -: ثم ينزل عيسى ابن مريم مصدِّقًا بمحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلى ملَّته إمامًا مهديًّا، وحَكمًا عدلاً، فيقتل الدجَّـال))، قال الهيثمي: رجالـه ثقات، وفي بعضهم ضعْف لا يضر. اهـ.

قلت: والحديثُ قبله يشهد له ويقوِّيه.

وأما قوله في أحد العناوين: لو كان من أصول الإيمان الاعتقادُ برجعة المسيح، أو ظهور الدجَّال أو المهدي، لجاءَ ذلك في القرآن صريحًا مُحْكمًا.

فجوابه أن يُقال: كلُّ ما ثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه أخبر بوقوعه، فالإيمان به واجب، وذلك من تحقيق الشهادة بأنَّ محمدًا رسول الله، وتحقيقها من أصول الإيمان، ولا يكون المرء مؤمنًا معصومَ الدم والمال، حتى يحقِّق الشهادة بالرسالة؛ لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أمرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاَّ الله، ويؤمنوا بي، وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا منِّي دماءهم وأموالهم، إلاَّ بحقِّها وحسابهم على الله))؛ متفق عليه.

وقد ثَبَت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه أخبر بظهور المهدي في آخِر الزمـان، وبخروج الدجَّال، ونزول عيسى ابن مريم - عليهما الصلاة والسلام - فوجَبَ الإيمان بذلك؛ تصديقًا لقول الله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3 - 4]، وعملاً بقول الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]، وبما جاء في آياتٍ كثيرة من الأمر بالإيمان بالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والإيمان به لا يتمُّ إلاَّ بامتثال أمره واجتناب نهيه، وتصديق أخباره والتمسُّك بسنته، وعملاً أيضًا بما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي تقدَّم ذِكْره.

وأما قوله: ثم كيف يملأ المسيح الدنيا عدلاً بعد أن ملئت جورًا؟ وهل هذا من سُنَّة الله تعالى في الحياة الإنسانية؟ وكيف يفيض المال عند رجعة المسيح؟! فلا يقبله أحد.

فجوابه أن يُقال: مَن علم أنَّ الله على كلِّ شيء قدير، وأنَّه ما شاء كان، وعلم أيضًا أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يقول إلاَّ الحق، ولا يخبر إلاَّ بالصدق - لم يشكَّ في شيء ممَّا أخبر به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيجب على المسلِم أن يؤمن بكلِّ ما جاء عن الله تعالى، وما جاء عن رسـول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا يَعترِض على أخبار الصادق المصدوق بـ"كيف ولِمَ"، وغير ذلك من أنواع الاستفهام الذي يدلُّ على الشكِّ فيما أخبر به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعدم الإيمان به، وقد قال الله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].

وأمَّا قوله: وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((والذي نفسي بيدِه ليوشكنَّ أن ينزلَ عيسى ابن مريم، فيكسِر الصليب، ويقتل الخِنزير، ويضع الحرْب)).

فجوابه أن يُقال: إنَّ الكاتب قد صحَّف في لفظ الحديث، حيث قال فيه: ((ويضع الحـرب))، والذي في الحديث: ((ويَضَع الجِزية))، ومن تعمَّد التصحيف في أقوال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو داخلٌ في عداد الكاذبين على رسـول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقد تواتر عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((مَن كذَب عليَّ متعمدًا فليتبوأْ مقعدَه من النار))، ولعلَّ الكاتب لم يتعمَّد التصحيف، وإنَّما وقع منه سهوًا، أو وجدَه في بعض الكتب التي لم تُصحَّح من الأخطاء المطبعيَّة.

وأما قوله: وبعد، فإنَّ هذه المرويات من الأحاديث والأخبار، في شأن رجعة المسيح - عليه السلام - أو في شأن ظهور الدجال أو المهدي لا متعلَّق لها بالعقيدة، سواء أصحَّتْ أو لم تصحّ، وأنَّ العقيدة الإسلامية قائمة على الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخِر، والحساب والجزاء والجنة والنار.

فجوابه من وجهَين:

أحدهما أن يُقال: كلُّ ما أخبر به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فالإيمان به متعلِّق بالعقيدة؛ لأنَّه لا يتم الإيمان بالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلاَّ بالإيمان بأخباره، ومَن لم يؤمنْ بأخباره، فهو فاسدُ العقيدة، وقد تقدَّم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه أنَّ عصمة الدم والمال إنَّما تكون لِمَن آمن بما جاء به الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.

الوجه الثاني أن يقال: إنَّ أهل السُّنة والجماعة قد تلقَّوا ما جاء عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في ظهور المهدي، وخروج الدجَّال، ونزول عيسى ابن مريم - عليهما الصلاة والسلام - بالقَبول، ودوَّنوا ذلك في كتب الصِّحاح والسُّنن والمسانيد، وذكروا مضمونَه في كتب العقائد، قال إمام أهل السُّنة أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - في عقيدة أهل السُّنة والجماعة التي رواها عنه عبدوس بن مالك العطار: والإيمانُ أنَّ المسيح الدجَّال خارج، مكتوب بين عينيه كافر، والأحاديث التي جاءتْ فيه، والإيمان بأنَّ ذلك كله كائنٌ، وأن عيسى ابن مريم ينزل فيقتله بباب لدّ"؛ انتهى.

وقال أبو محمد البربهاري - رحمه الله تعالى - في "شرح السنة": والإيمان بنزول عيسى ابن مريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - ينزل فيَقتل الدجَّال، ويتزوَّج، ويصلِّي خلف القائم مِن آل محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويموت ويدفنه المسلمون؛ انتهى.

والقائم من آل محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو المهدي؛ كما جاء في حديث جابر - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرُهم المهدي: تعالَ صلِّ بنا فيقول: لا، إنَّ بعضهم أميرٌ بعض تكرمة الله لهذه الأمة))؛ رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بإسناد جيِّد، وقد ذكره ابن القيم في الكتاب "المنار المنيف"، وقال: إسناده جيد.

وقال الطحاوي - رحمه الله تعالى - في العقيدة المشهورة: "ونؤمن بأشراط الساعة، من خروج الدجَّال، ونزول عيسى ابن مريم - عليه السلام - من السماء"؛ انتهى.

وقال أبو الحسن الأشعري في كتابه "مقالات الإسلاميين": جملة ما عليه أهل الحديث والسُّنة الإقرارُ بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، وما جاء مِن عند الله، وما رواه الثِّقاتُ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يردُّون من ذلك شيئًا... إلى أن قال: ويصدِّقون بخروج الدجـَّال، وأنَّ عيسى ابن مريم يقتله؛ انتهى.

وهذا حكاية إجماع من أهل الحديث والسُّنة على التصديق بخروج الدجَّال، ونزول عيسى ابن مريم - عليهما الصلاة والسلام - وقتْله الدجَّال، والعِبرة بأهل الحديث والسُّنة، ولا عِبرة بمَن خالفهم من أهل البِدع والضلالة والجهالة.

وقال أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيروانيُّ المالكيُّ - رحمه الله تعالى - في رسالته المشهورة: والإيمان بما ثَبَت من خروج الدجَّال ونزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - حَكَمًا عدلاً يقتُل الدجَّال؛ انتهى.

وقال أبو أحمد ابن الحسين الشافعي المعروف بابن الحدَّاد في عقيدة له: وأنَّ الآيات التي تظهر عند قُرْب الساعة من الدجال، ونزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - والدُّخَان والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وغيرها من الآيات التي وردتْ بها الأخبار الصِّحاح - حقّ؛ انتهى.

وقال الموفَّق أبو محمد عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي في عقيدته المشهورة: ويجب الإيمان بكلِّ ما أخبر به النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصحَّ به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنَّا، نعلم أنَّه صدق وحقٌّ..... إلى أن قال: ومِن ذلك أشراط الساعة؛ مثل خروج الدجَّال، ونزول عيسى ابن مريم - عليه السلام - فيقتله، وخروج يأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، وأشباه ذلك مما صحَّ به النقل؛ انتهى.

وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: مسألة: عيسى ابن مريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيٌّ رفعه الله تعالى إليه برُوحه وبدنه، وقوله تعالى: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾ [آل عمران: 55]؛ أي: قابضك، وكذلك ثبت أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيقتل الدجَّال، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجِزية، حَكمًا عدلاً مقسطًا، ويُراد بالتوفِّي الاستيفاء، ويراد به الموت، ويُراد به النوم، ويدلُّ على كل واحد القرينةُ التي معه؛ انتهى.

وقال القاضي عياض في "شرح مسلم": نزول عيسى - عليه السلام - وقتله الدجَّال حقٌّ صحيح عند أهل السُّنة؛ للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشَّرْع ما يبطله، فوجب إثباتُه، وأنكر ذلك بعضُ المعتزلة والجهمية ومَن وافقهم، وزعموا أنَّ هذه الأحـاديث مردودة بقوله تعالى: ﴿وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: 40]، وبقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا نبيَّ بعدي))، وبإجماع المسلمين أنَّه لا نبي بعد نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنَّ شريعته مؤبَّدة إلى يوم القيامة لا تنسخ.

وهذا استدلالٌ فاسد؛ لأنَّه ليس المراد بنزول عيسى - عليه السلام - أنَّه ينزل نبيًّا بشرع يَنسخ شرعَنا، ولا في الأحاديث شيءٌ من هذا، بل صحَّت الأحاديث أنَّه ينزل حكمًا مقسطًا، يحكم بشرعنا، ويُحيي من أمور شرعنا ما هجَرَه الناس؛ انتهى كلامه، وقد نقله النووي في "شرح مسلم"، وأقرَّه.

وقال المناوي في "شرح الجامع الصغير": "أجمعوا على نزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - نبيًّا، لكنَّه بشريعة نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم".

وقال المناوي أيضًا: "حكى في المطامح إجماعَ الأمة على نزوله، ولم يخالِف أحدٌ من أهل الشريعة في ذلك، وإنَّما أنكره الفلاسفة والملاحدة"؛ انتهى.

وقال السفاريني في شرح عقيدته: "نزول المسيح عيسى ابن مريم ثابتٌ بالكتاب والسُّنة وإجماع الأمَّة، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنَّما أنكر ذلك الفلاسفةُ والملاحدة، ممَّن لا يُعتد بخلافه، وقد انعقد الإجماعُ على أنَّه ينزل ويحكم بهـذه الشريعة المحمدية"؛ انتهى.

هذا ما ذكره علماءُ المسلمين في خروج الدجَّال، ونزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - في آخِرِ الزمان، وفيه أبلغُ ردٍّ على قول الخطيب: أنَّ المرويات من الأحاديث والأخبار في شأن رجعة المسيح، أو في شأن ظهور الدجَّال - لا متعلَّق لها بالعقيدة.

ومما ذكرتُه عن أهل العلم يتضِح أنَّ الخطيب قد خالَف عقيدة أهل السُّنة والجماعة، وإجماعَهم على خروج الدجَّال ونزول عيسى - عليه الصلاة والسلام - ووافق أعداءَ الإسلام والمسلمين من الفلاسفة والملاحدة، الذين أنكروا خروجَ الدجال، ونزولَ عيسى - عليه الصلاة والسلام.

وأما قوله: ولو كان من أصول الإيمان - الإيمان برجعة عيسى أو ظهور الدجال أو المهدي - لجـاء ذلك في القرآن الكريم صريحًا محكمًا.

فجوابه أن يقال: كلُّ ما أخبر به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من المغيَّبات مما كان فيما مضى، وما سيكون في المستقبل، فالإيمانُ به داخل في ضِمن الإيمان بالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وذلك مِن أعظم أصول الإيمان، وقد جاء الأمرُ بالإيمان بالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في آياتٍ كثيرة من القرآن، وكلهُّا محكمات، والإيمان بأخبار الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - داخلٌ أيضًا في ضِمن قول الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: 7]، وداخلٌ أيضًا في ضمن قوله تعالى: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65]، وداخـلٌ أيضًا في ضمن قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، وهذه الآيات كلها مُحْكمات، وكلها تدلُّ على أنَّ تصديق أخبار النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن أعظم أصول الإيمان.

وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - في قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63] قال: أتدري ما الفِتنة؟ الفتنة: الشرك، لعلَّه إذا ردَّ بعض قوله أن يقع في قلبه شيءٌ من الزيغ فيهلِك، ثم جعل يتلو هذه الآية: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].

وأما قوله: إنَّ مثل هذه الأخبار تَفتح على الناس أبوابًا من الفِتن، حيث تتطلع نفوس كثيرة إلى ادِّعائها، كما حَدَث من ادِّعاء كثيرين لأنفسهم بأنَّهم المهدي المنتظر، فأوقعوا الفُرقة والقتالَ بين المسلمين، وأنَّه ليس ببعيد أن يقومَ في الناس يومًا من يدَّعي أنَّه المسيح المنتظر، فكيف تكون الحال حينئذٍ؟!

فجوابه أن يقال: إنَّ الأخبار الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا تُردُّ بمثل هذه الاحتمالات والتعليلات الخاطئة، بل تُصدَّق وتُقابل بالقَبول والتسليم، ولو افتتن بمضمونها مَن افتتن من الناس، وقد قال الله تعالى آمرًا رسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يقول للناس: ﴿وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ [النمل: 92].

وهكذا يُقال في الأخبار الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّها تُقابَل بالقَبول والتصديق، ولا يُلتفت إلى ما يكون مِن أهل الفِتن الذين يتأوَّلون الأحاديث على غير تأويلها، ويُطبقونها على مـا لا تنطبق عليه.

ويقال أيضًا: إنَّ المهديَّ المنتظر إنَّما يخرج في آخِر الزمان قُرْبَ خروجِ الدجال، وعند انتشار الفوْضى والفتن، ثم ينزل عيسى - عليه الصلاة والسلام - فيصلِّي خلفَ المهدي أول ما ينزل - كما جاء ذلك في حديث جابر الذي تقدَّم ذكْرُه - ثم يذهب إلى الدجال فيقتله، وحينئذ يكون قيام الساعة قريبًا جدًّا، وعلى هذا فمَن ادَّعى من المفتونين أنه المهدي المنتظر، ولم يخرج الدجَّال في زمانه، فإنَّه دجَّال كاذب[2]، وكذلك من ادَّعى أنه المسيح ابن مريم، ولم يكن الدجَّال قد خرج قبلَه، فإنَّه دجَّال كاذب.

وللمسيح ابن مريم علامتان لا تكونان لغَيرِه من الناس:

إحداهما: أنَّه يَقتل الدجَّال، كما تواترتْ بذلك الأحاديث.

والثانية: أنَّه لا يحلُّ لكافر يجد ريح نَفَسِه إلاَّ مات، ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طَرْفُه؛ كما جـاء ذلك في حديث النواس بن سِمعان، الذي رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: غريب حسن صحيح، وفي هاتين العلامتَين قطع لأطماع كلِّ دجال يدَّعي أنَّه المسيح ابن مريم.

وقبل الخِتام أُحبُّ أن أنبَّه عبدالكريم الخطيب على خطورة الأمر في ردِّ الأحاديث الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - سواء كانت من أحاديث أشراط الساعة، مثل ظهور المهدي، وخروج الدجَّال، ونزول عيسى ابن مريم - عليهما الصلاة والسلام - وغير ذلك مِن أشراط الساعة، أم كانتْ من غيرها، فإنَّ الذي يردُّ الأحاديث الثابتة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إنَّما هو في الحقيقة يردُّ على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا ينسَ الخطيبُ قولَه تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، وقولَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئتُ به، فإذا فعلوا ذلك عَصمُوا منِّي دماءَهم وأموالهم، إلاَّ بحقِّها، وحسابهم على الله)).

ولعلَّ الخطيب يُراجع الحق، فإنَّ الحق ضالَّة المؤمن، والرجوع إلى الحق واجب، كما أنَّ التمادي في الباطل نقصٌ ورذيلة.

والله يَهدي مَن يشاء إلى صراط مستقيم، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وأصحابه، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

حرر في 16 /11/1402 هـ

حمود بن عبدالله التويجري


[1] هذا فيه نظر، وقد عارض هذا القول المهدي في ردِّه على سلمان العودة، فليراجع مـا ذكـر (ص: 75) من كتاب "كشف اللثام عن جهل سلمان العودة على أمر مهدي الإسلام".

[2] هذا اللازم يُعد لغوًا من الكلام لا حاجة له في تقرير صحة اعتقاد المهدي عن نفسه أنه المهدي، أو تصديق الآخرين له أنَّه المهدي المبشَّر به؛ وذلك لكون صِدق تحقق أنه المهدي قد ثبت يقينًا للبراهين السابقة على خروج الدجال،والتي على وَفقِها آمن المؤمنون به، ولزمهم بها نصرتُه والقتال معه؛ لفتح القسطنطينية وروما، وسائر البلدان، وكل ذلك يقينًا ممَّا يسبق خروج الدجال.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:39 AM
مرتبط هذا المقال بطرح عدنان ابراهيم

------------------------------
مناقشة التوظيف التنويري لقول أبي حنيفة بقتل المسلم بالذمي

الاثنين, 04 ربيع الأول 1435

محمد براء ياسين: التعاقد والتحالف أساس كل مجتمع من المجتمعات ، إذ لا يمكن لبني آدم أن يعيشوا بدون اتفاق على ما يشتركون فيه من جلب المنافع والمحبوبات ودفع المضار والمكروهات ، ولازم ذلك وجود الموالي والمعادي لكل طائفة تعاقدت على مشترك من المشتركات ، فالموالي هو من يشاركهم في ما تعاقدوا عليه واتفقوا ، والمعادي هو من يخالفهم في ذلك، والتعاقد الذي يتأسس عليه المجتمع الإسلامي هو التعاقد على جلب المنافع والمحبوبات التي يحبها الله تعالى ويرضاها ، ودفع المضار والمكروهات التي يكرهها الله تعالى.
فهو تعاقد مُتَّجِه نحو الغاية التي أرادها الله تعالى من خلقه الخلق وهي إفراده بالعبادة التي هي كمال المحبة مع كمال الخضوع ، وإذا كان هذا التعاقد متجهًا نحو هذه الغاية ، فإن الولاية والعداوة لدى المجتمع الإسلامي متجهةٌ نحو هذه الغاية تبعًا ، فأولياء الله تعالى هم أولياء المؤمنين وأعداؤه هم أعداؤهم .
ولذا وجدنا مبنى شريعةِ محمد صلى الله عليه وسلم - التي تبين ما يحبه الله تعالى وما يكرهه من الأفعال والأقوال أتم البيان – على التفريق بين أولياء الله تعالى وأعدائه في الأحكام ، وعلى هذا تجد كتب الفقه التي دونها علماء المسلمين لحفظ الشريعة وفهمها .
وإذ ضعفت المعرفة بالله تعالى وسيطرت المفاهيم الغربية الليبرالية الإلحادية التي لا تُقرُّ بخالق آمرٍ ناهٍ حكيم ؛ انحرفت تبعًا لذلك المعرفة بالغاية التي يتجه نحوها المجتمع الإسلامي في تعاقده الذي به يكون مُجتمعًا ، وهي تحقيق عبودية الله تعالى ، واتجهت نحو الغايات واللذائذ المادية التي يُوجِّه الفكر الليبرالي الناس إليها ، وهذا الانحراف ظاهر جلي لدى التيارات العلمانية ، وأقل منه ظهورًا لدى التيار التنويري الإسلامي ، إلا أن الخطورة بالنسبة للتيار الأخير أنه ينسب هذا الانحراف إلى الشريعة بدعوى تجديدها .
ولما أراد التنويريون أن ينتصروا للدولة المدنية الحديثة التي يكون الأساس في تعامل الناس فيها المواطنة لا الدين ، موَّهوا بأنهم في ذلك يتبعون إمامًا جليلًا من أئمة المسلمين وهو أبو حنيفة النعمان رحمه الله تعالى ، فقال قائلهم : إن أبا حنيفة يقتل المسلم بالذمي ، وهذا يدل على أن الأساس لديه في التعامل بين رعايا الدولة المواطنة لا الدين .
فما هي حقيقة قول أبي حنيفة هذا ؟ وما أصله ؟
إن الناظر في فقه الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجده كسائر فقهاء المسلمين يقسم الديار إلى دار حرب ودار إسلام ، ويقسم الناس في التعامل معهم إلى مسلمين وكفار ، والكفار إلى حربيين وذميين ومستأمنين ومعاهدين ، إلا أنه امتاز عنهم بكثرة تعليقه أحكام الدماء والأموال بالدار ، ومن تطبيقات ذلك لديه :
في أحكام الأموال :
1 - رجلٌ حربيٌّ دخل دار الإسلام بأمان ، ثم أسلم في دار الإسلام ، وله في دار الحرب ذرية وزوجة وأموال ، ثم ظهر المسلمون على دار الحرب التي هو من أهلها ، كان ماله وأهله وأولاده الصغار والكبار فيئًا أجمعين .
[«الجامع الصغير» لمحمد بن الحسن الشيباني (ص317) ، و«مختصر الطحاوي» (ص290) ]
ففي هذه المسألة حكم على مال المسلم بحكم الدار التي هو فيها ، فلما كانت الدار دار حرب ، وما فيها من النفوس والأموال مباح ، استباح المال ولو كان في أصله مالاً لمسلم ، إذ إن يدَه زالت عنه باختلاف الدار .
2- ومنها : رجلٌ حربيٌّ أسلم في دار الحرب ثم دخل دار الإسلام ، وله في دار الحرب ذرية وزوجة وأموال ، ثم ظهر المسلمون على دار الحرب التي هو من أهلها ، كان ماله وأهله فيئاً أجمعين ، إلا أولاده الصغار ، فإنهم يكونون أحراراً مسلمين .
[ «الجامع الصغير» لمحمد بن الحسن الشيباني (ص317) ، و«مختصر الطحاوي» (ص290) ] .

وهذه مثل المسألة السابقة ، إلا أنه لم يحكم باسترقاق الأولاد الصغار لأنه يحكم لهم بحكم أبيهم ، قال الجصَّاص : " وهم صاروا مسلمين بإسلام أبيهم هناك ، ثم خروج أبيهم إلى دار الإسلام لا ينقلهم إلى حكم الكفر ، فبقوا على حكم الإسلام إلى أن ظهر المسلمون على الدار ، فلا يجوز استرقاقهم بعد الإسلام " . [«شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (7/175) ] .
وهذا التعليل شاهد آخر على الأصل الذي تقدَّم ، إذ لم يحكُم بإسلام الأولاد الصغار في الصورة الأولى لاختلاف الدار ، وحكم هنا بإسلامهم لأن أباهم أسلم في نفس الدار التي هم فيها .
3- ومنها : رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارًا أو أرضًا أو رقيقًا أو ثيابًا ، فظهر المسلمُون على دار الحرب ، فأما الدور والأرضون فهي فيء للمسلمين ، وأما الرقيق والمتاع فهو للرَّجُل الذي اشتراه [«الرد على سير الأوزاعي» لأبي يوسف (ص107) ] .
ففي هذه المسألة حَكَم على العقارات التي كانت للمسلم التي في دار الحرب بحكم عقارات أهل الحرب ، وهو أن تكون فيئًا للمسلمين ، أما ما يحوزه المسلم من متاع ورقيق فلا تعلُّق لحكمه بالدار لأنه ليس مِنها ، قال أبو يوسف رحمه الله في بيان وجه التفريق : " لأن الدُّور والأرضين لا تحول ولا يحرزها المسلم ، والمتاع والثياب تُحرز وتحول " .
[«الرد على سير الأوزاعي» لأبي يوسف (ص110) ] .
4- ومنها : مسلمٌ ارتدَّ ثم لحق بدار الحرب ، فإن لحاقه بدار الحرب ينزَّل منزلة موته ، ويحكم على أمواله التي تركها في دار الإسلام بما يحكم على أموال الناس في دار الإسلام ، فيُقضى بعتق أمهات أولاده ، ويعتَق مدبروه من الثلث ، ويحل ما عليه من الدين ويقضى عنه ويقسم ماله بين ورثته .
[«الجامع الصغير» لمحمد بن الحسن (ص304-305) ] .
أما في أحكام الدماء :
1- حربيٌّ أسلم في دار الحرب ، وأقام بها ولم يهاجر إلى دار الإسلام ، فقتله مسلم مستأمن في دار الحرب ، لا يجب عليه القصاص ولا الدية ، وتجب عليه الكفارة في القتل الخطأ .
[«أحكام القرآن» للجصاص (3/216) ] .
فلم يجعل هنا دين المقتول مناط الحكم ، وإنما وقوع الجناية في غير دار الإسلام .
2- ومنها مسألتنا هذه التي يتعلق بها التنويريون :
مسلمٌ قتل ذمِّيَّاً ، فيُقتَل المسلم بالذمي ، [انظر : «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (5/350) ] لأن الدماء في دار الإسلام معصومة ، والحكم في من انتهك حرمة دم معصوم القصاص ، فلم يجعل دين المقتول مناط الحكم ، وإنما وقوع الجناية في دار الإسلام .
فتبين بعد هذا أن هذه المسألة تطبيق لنظرية مُطّردة مبنية على تعليق الحقوق بالدار .
ثم إن قسمة الديار لدى أبي حنيفة قسمة دينية ، إذ العبرة بدار الحرب لديه جريان أحكام الكفر فيها ،[ انظر : «مختصر الطحاوي» (ص294) ، و«شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (7/215-218) ]، وإذا ثبت أن قسمة الديار هي قسمة دينية تابعة للأحكام المعمول بها في تلك الدار :
1- تبين أنها قسمة متسقة مع الغاية التي أرادها الله تعالى من خلق الخلق وهي تحقيق عبوديته ، مخالفة للغايات الليبرالية المادية التي تقررها نظرياتهم الاجتماعية والسياسية .
2- تبين الفرق بين قول الإمام أبي حنيفة وبين قول التنويريين ، إذ إنهم ينكرون هذه القسمة للديار أصلًا ، ويُشنِّعون على القائل بها !
وهذا التناقض يعكس ظاهرة جلية في الطريقة التنويرية في تقرير المقالات : وهي اجتزاء مسألة من نظرية فقهية إسلامية ، لتمرير نظرية غربية ، دون اكتراث بأصل تلك المسألة المجتَزَأة .
وأختم بذكر قولٍ لباحث نصراني في توصيف حال النصارى في ظل السلطنة العثمانية - التي كانت تأخذ بمذهب أبي حنيفة - كشاهد تطبيقي تاريخي : " لم يكن المسيحيون يتمتعون بالمساواة التامة مع رعايا الدولة المسلمين ، إلا إنهم تمتعوا ببعض الحريات الدينية في ممارسة شعائرهم ، وتكلفت الدولة بمسؤولية حماية أرواحهم وممتلكاتهم ، وذلك في ظل نظام الملل الذي كان يصنف رعايا الدولة على أساس المذهب الديني وليس على أساس القومية أو اللغة ، وكان لكل ملة مسيحية رئيسها الديني وهو البطريرك .
يتعارض نظام الملل مع فكرة الدولة الحديثة التي تنظر إلى رعاياها على أساس المواطنة القائمة على المساواة في الحقوق والواجبات ، ولكن مفهوم المواطنة هو حديث ، نشأ في أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر ، ولم يكن سائدًا في بداية العهد العثماني " .
[ المسيحيون وهاجس الحرية في العصر العثماني لجوزيف أبو نهرا ، مركز الشرق المسيحي للبحوث والمنشورات ] .

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:41 AM
وهذا كذلك :

من معالم الانحراف الأصولي
الأحد, 27 رجب 1433

مشاري الشثري
ثمَّة إشارات مبكرة تستشرف وجود انحرافٍ في التعامل مع الملف الأصولي، من ذلك ما جاء في سنن أبي داود من حديث أبي رافعٍ - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لاَ أُلفِيَنَّ أَحَدَكُم مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأتِيهِ الأَمرُ مِن أَمرِي مِمَّا أَمَرتُ بِهِ أَو نَهَيتُ عَنهُ فَيَقُولُ لاَ نَدرِي مَا وَجَدنَا فِى كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعنَاهُ ).
هذا التوجيه النبوي المبكر يقضي بصيانة مصدرٍ من مصادر الاستدلال من أي محاولة تحجِّر من وظيفته، وعلى ذلك - أعني صيانة مصادر الاستدلال - درج أهل العلم، فأقاموا علم ( أصول الفقه ) وجدُّوا في إحكامِ فصوله ومسائله، وسأسعى هنا - بإيجاز - في تقييد بعض معالم الانحراف الأصولي .
علم أصول الفقه من أجلِّ علوم الشريعة، إذ به يُتوصَّل إلى معرفة أدلة الشريعة وكيفية استثمارها لكشف الأحكام الشرعية وتوليدها، ولولاه ( لم يثبت من الشريعة قليل ولا كثير، فإن كل حكم شرعي لا بُدَّ له من سبب موضوع ودليلٍ يدل عليه وعلى سببه، فإذا ألغينا أصول الفقه ألغينا الأدلة، فلا يبقى لنا حكمٌ ولا سبب، فإن إثبات الشرع بغيرِ أدلته وقواعدِها بمجرد الهوى خلافُ الإجماع )[1] ، ومن هنا تبرز ضرورة صيانة هذا العلم من كل دخيل، فإنه بمنزلة المقدمات لبيان مراد الله ورسوله، وإذا فسدت المقدمات اعوجَّت النتائج .. وللخلل إلى هذا العلم مداخل، من أخصِّها :
1- إقامة أدلةٍ محدثةٍ لم يرد في الوحي ما يدل على اعتبارها .
2- توظيف الأدلة المعتبرة توظيفًا فاسدًا .
3- تضييق العمل بالأدلة المعتبرة وإبطالها .
وبين هذه الثلاثة قدرٌ من التداخل، فمن الأول جَعلُ الخلاف دليلاً على الإباحة، وعدُّ الإلهام والمنامات من أدلة الأحكام، ومن الثاني إسراف بعض أهل الرأي في استعمال دليل القياس، ومبالغة بعض الـمُحدَثين في إعمال المقاصد حتى أفضى بهم الحال إلى إبطال جملةٍ من الأحكام المنصوصة، ومن الثالث حسرُ النصِّ بمسلك التأويل، وإبطال القياس والإجماع .. ولدفع غائلة هذه المداخل عُني أهل العلم ببيان ما كان معتبراً من الأدلة، وأقاموا شروط إعمالها؛ ليستقيم بناء الحكم الشرعي عليها، كما أوضحوا مراتب الأدلة وخطوا سبيل النظر حال تعارضها، وفصَّلوا القول فيمن يسوغ له التكلم في دين الله، ورسموا حدود الاجتهاد وبينوا المشروع منه والممنوع .

ينبوع الانحراف الأصولي :
الجهلُ بالأدلة المعتبرة ومراتبها - وأسُّها : الكتاب والسنة والإجماع والقياس - ينبوع الانحراف الأصولي، فمهما قصَّر الناظر في دراية واحدٍ منها فقد اقتبس شعبة من الانحراف، واضطرَّه الحال إلى سوء استثمارها، أو اجترار ما ليس معتبراً، وفي المقابل فإن من استحوذ عليها أغناه ذلك عن غيرها، ووُقي زلَّةَ النظر، فـ ( مَن كان متبحراً في الأدلة الشرعية أمكنه أن يستدل على غالب الأحكام بالنصوص والأقيسة )[2] ، ولم يحتج معها إلى تكلُّفٍ في الرأي أو استحداثِ أدلةٍ لم يعتبرها الشارع .. وهذا المعنى طاف حوله الإمام الشافعي - رحمه الله - في صدر رسالته حين قال : ( فليست تنزل بأحدٍ من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها ) ، وليس يعني - رحمه الله - دلالةَ النص القرآني على عين النازلة، ولكنه يشير إلى مركزية القرآن الكريم في تقرير الأحكام، وذلك أن المسألة تكتسب حكمها من كتاب الله بتنصيصه على خصوصها، أو بإلحاقها بما كان منصوصاً، أو باندراجها في مدلول نصٍّ عام، أو من خلال دليل آخر دلَّ الكتاب الحكيم على اعتباره .
والمراد أن العلم بدلائل الوحي يعصم من الزيغ، والجهل بها جسر موصل إلى سلسلة انحرافات يتفاوت خطرها بقدر بعدها عن رحاه، فكلما ابتعد المرء عن دائرة الوحي سارت به أهواؤه، ليبني أحكامه على أنقاض النصوص، وهكذا ترى العلاقة بين الحق والباطل علاقةَ مدافعة ومغالبة، وليس للحق الخالص قَرارٌ بجوار الباطل الخالص، فكما أن ضمور السنن قاضٍ بظهور البدع، فكذا الأدلة الصحيحة إذا انطمرت صالت الأدلة الفـــاسدة وراجت سوقها .. قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: ( لو جاز تعطيل القياس جاز لأهل العقول من غير أهل العلم أن يقولوا فيما ليس فيه خبرٌ بما يحضرهم من الاستحسان )[3]. والاستحسان - في اصطلاح الشافعي - من القول بالباطل، إذ هو تشريع من قائله، ولما قصرت طوائف من أهل السلوك عن درك بعض دلائل الوحي نزع أصحابها إلى الاعتماد على الأذواق والمواجيد والمنامات، ولما بعدت الشقة بين أهل الكلام والسنن المروية كان من سمت مقالاتهم الشطط عن نهج السابقين الأولين .

من النص إلى المقاصد :
وثمة إشكالية أخرى تتعلق بسوء التوظيف الدلالي، تتولَّد من إجراء الدليل المعتبر في غير سياقه - وفي ضمن ذلك إبطالٌ لأدلة معتبرة أخرى - ولفقه ذلك يحسن التنبيه على مقدمةٍ ضرورية، وهي أن الدليل الشرعي إنما يؤتي ثمرته بإعماله في موقعه، وإلا كان أرضاً خصبة لأحكام باطلة، فدراية مراتب الأدلة من أجلِّ مقامات الناظر في مسائل الشريعة، وذلك لئلا تضطرب آراؤه ويضرب بعضها بعضاً، فالوحي من كتابٍ وسنةٍ أساس الأدلة، وبه تُعلم أحكام المسائل، والإجماع متكئ على أحدهما فلا استقلال له، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: « فلا يوجد قط مسألة مجمعٌ عليها إلا وفيها بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد استقرأنا موارد الإجماع فوجدناها كلَّها منصوصة »[4].
ثم إن عُدِم النصُّ الدال على حكم عين المسألة نُظر في شمول مدلول النصوص للمسألةِ محلِّ البحث، فإن لم يلح للفقيه هذا الشمول بحث لها عن حكم منصوص يضارعها في مناط الحكم حتى تمدَّ حبالها إليه، وذلك القياس، فالقياس إنما يستقيم تركيبه بعد انتفاء النص المعين، ولذا قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: « ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالماً بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب »[5] ، ثم هو مفتقر بعد ذلك إلى فهم مخارج كلام الشارع، وقابليته لاستخراج العلل من عدمه، ثم في إمكان تعديتها أو يُصار إلى قصرها على محلها [6] .
فإن لم يك للمسألة أصلٌ تشاركه العلة الجزئية انتُقِل بها إلى إطار أوسع، وهو ما كان من المسائل مشاركاً لها في جنس المعنى، وذلك ما يدعونه بالمصلحة المرسلة، فالمصالح معتبرةٌ فيما لا يزاحم النص، إذ إنه ينطوي ضرورةً على المصلحة المعتبرة المقصودة، فإعمال النظر لتلمس حكمٍ مبني على مصلحةٍ ما؛ مع وجود النص ضربٌ من العبث، ولتقرير ذلك يقول الطوفي الحنبلي في نصٍّ عزيزٍ مخبوء : « ولا شك أننا وغيرنا من المذاهب وإن قلنا باعتبار المصالح والمناسبات لكنها مناسبات شهد لها الشرع ودلَّ عليها الدليل، فأما مجاوزة الحد في اعتبار المناسبات إلى أن يعتبر منها ما لاشاهد له أو لا دليل عليه بل قد يخالف النصوص، فليس ذلك من اعتبار المصالح »[7].
فإن تعذَّر قياس الجنس نُظر في المعاني الكلِّية المحصَّلة من مجموع نصوص الشريعة، فيسعى المجتهد في ردِّ تلك المسألة إلى أقرب معنى كلِّيٍّ يطوِّقها، وتلكم المعاني هي مقاصد الشريعة .. فإعمالُ المقاصد مقيَّدٌ بشروط ثقال، من تَخلُّفِ النص - جزئياً كان أو عاماً - وتعذر القياسِ على المنصوص، وقياسِ الجنس ( المصلحة المرسلة ) ، فتُدفع المسألة بعد انعدام هذه الأُطُر لتُطوى في ظرفِ مقاصد الشريعة، وكلما تأخرت مرتبة الدليل كان إعماله أكثر عُرضة للخطأ، ولذا قال ابن عاشور : « حقُّ العاميِّ أن يتلقَّى الشريعة بدون معرفة المقصد؛ لأنه لا يُحسِن ضبطه ولا تنزيلَه، ثم يُتوسَّع للناس في تعريفهم المقاصدَ بمقدار ازدياد حظهم من العلوم الشرعية، لئلا يضعوا ما يُلقَّنون من المقاصد في غير مواضعه فيعود بعكس المراد »[8].
هذه المقامات لا بدَّ من حذقها؛ لينضبط للفقيه ردُّ المسألة إلى الظرف اللائقِ بها، والمدلولُ يأخذ في الضعف بقدر بُعد المسألة عن دائرة الدليل الخاص، فكلَّما انزاحت المسألة عن دليل الكتاب والسنة تراها تسعى في التشبث بأقرب دلالة تحكمها .. إذا تقرَّر هذا فمن أعظم الخلل تقديم الدليل الإلحاقي ( القياس - المصلحة - المقاصد ) على الدليل النصِّي، وما دامت المسألة قد ظفرت بدليل خاصٍّ فلا مناصَ من لزومه، ولا بدَّ من ضمور العملية الاجتهادية بقدر ظهور دلالة نصوص الوحي على حكم أعيان المسائل، ومن هنا افترع العلماء قاعدةً ضابطة لذلك، وهي : ( لا اجتهاد في مورد النص ).. وهذا مفرَّعٌ عن حقيقة التسليم لحكم الله ورسوله، فما دام النص جاء بالبيان، فلا داعي لإطلاق العقل في ميدان الاجتهاد، إذ الغاية من الاجتهاد : الوصول إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فإذ قد لاح الحكم قريبًا فمن العبث إعمال المطي للوصول إليه !
وتبرز في هذا السياق إشكالية العلاقة بين الكليات والجزئيات وأيهما المقدم، وهي من أبرز الإشكاليات حضوراً في السجال الفكري المعاصر، ومصدر الخلل في التعاطي مع هذه القضية كامنٌ في عدم فهم طبيعة العلاقة بين الكلي والجزئي، فطائفة من المعاصرين ترى أن الكلي مقدم على الجزئي، وجعلت من ذلك مطيةً لإهدار شريحة عريضة من الجزئيات المنصوصة بحجة رعاية الكليات ! وهذا من قلة الفقه في شريعة الله، فإن الكليَّ محصَّلٌ من الجزئيات المنصوصة، فهو يستمد قوته واعتباره منها، وبالتالي فخَرْمُ الجزئي خرمٌ للكلي بداهةً، ( وبيان ذلك : أن تلقِّي العلم بالكلي إنما هو من عَرْض الجزئيات واستقرائها، وإلا فالكلي من حيث هو كليٌّ غيرُ معلومٍ لنا قبل العلم بالجزئيات، ولأنه ليس بموجودٍ في الخارج، وإنما هو مضمَّنٌ في الجزئيات حسبما تقرر في المعقولات، فإذًا : الوقوف مع الكلي مع الإعراض عن الجزئي وقوفٌ مع شيء لم يتقرر العلم به بعدُ دون العلم بالجزئي، والجزئيُّ هو مظهر العلم به، وأيضاً فإن الجزئي لم يوضع جزئيًّا إلا لكون الكلي فيه على التمام وبه قوامه، فالإعراض عن الجزئي من حيث هو جزئي إعراض عن الكلي نفسه في الحقيقة، وذلك تناقض )[9].

أصول الفقه .. ومآرب أخرى :
المسلك الأصولي مسلكٌ دقيقٌ يحتاج فقهُه إلى نظرٍ فاحص، وليس لأحدٍ من الناس أن يسعى في بناء الأحكام إلا بعد استيفاء الشروط المؤهلة للاجتهاد، ورأسُها الاطِّلاع على الكتاب والسنة وتراث السلف؛ لتتحقق الملكة المحصَّلة من الدربة والممارسة، وفي هذا من العنت ما حدا بطائفة من المفكرين المعاصرين إلى المناداة باستئناف العملية الأصولية، وعزَّز ذلك أن الوضع الأصولي لا يُسعف بتحقيق مآربهم .. فصار من المطلوب عند هؤلاء ( إعادة بناء منهجية التفكير في الشريعة انطلاقاً من مقدمات جديدة ومقاصد معاصرة، وبعبارة أخرى : إن المطلوب اليوم هو تجديدٌ ينطلق لا من مجرد استئناف الاجتهاد في الفروع، بل من إعادة تأصيل الأصول، من إعادة بنائها )[10] ، بل بلغ ببعضهم أن صار يتعامل مع النص كما لو كان صائلاً يُتدرَّج في دفعه، فإن لم يستقم مراده إلا بإبطاله فليكن، وعليه ( فإذا قررنا مثلاً إلغاء الملكية الفردية لوسائل الإنتاج علينا تأويل الأحكام التي يناقض ظاهرها هذا الاختيار، وإذا استحال التأويل وجب تعطيل هذه الأحكام، وذلك لأن الاختيارات الكبرى هي التي تحدد طبيعة القوانين لا العكس )[11]! ولهذه النكسة الأصولية شواهد كثيرة في كتب العصرانيين، والشأن عندهم ليس في انضباط منهج البناء الأصولي بقدر ما هو تحقيق لمرادات النفوس، وقد تسرب ذلك إلى الداخل الإسلامي، فصرت ترى من يدعو إلى ( اعتماد الفهم المقاصدي للإسلام بدل الفهم النصي، فالنصوص يجب أن تُفهم وتؤوَّل على ضوء المقاصد « العدل - التوحيد - الحرية - الإنسانية » ونصوص الحديث يُحكم على صحتها أو ضعفها لا بحسب منهج المحدثين في تحقيق الروايات، وإنما بحسب موافقتها أو مخالفتها للمقاصد )[12] ، وحسبك من شرٍّ سماعُه، وإن ترد المزيد من أمثال هذه الانحرافات فلن تخطئها عينُك في حديثهم عن قضايا العقل والنقل، والظن واليقين، وفهم السلف، واعتبار المصالح والمقاصد، وتحكيم الواقع .. ومن مائها نبت إبطال حد الردة، وحُرِّفت أحكام أهل الذمة، وغُيِّبت شريعة الولاء والبراء، ووجدت المرأة طريقها إلى الولايات العامة، وجُعلِت الأهواء أمارة على حكم الله من بين الأقوال المنثورة .

الهوامش:
[1] نفائس الأصول في شرح المحصول للقرافي (1: 100).
[2] مجموع الفتاوى لابن تيمية (19: 289)
[3] الرسالة : 505.
[4] مجموع الفتاوى (19: 195-196).
[5] الرسالة : 510.
[6] انظر : الواضح في أصول الفقه لابن عقيل (1: 49-53).
[7] درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح : 123.
[8] مقاصد الشريعة : 51.
[9] الموافقات للشاطبي (3: 174-175).
[10] وجهة نظر للجابري : 59.
[11] ظاهرة اليسار الإسلامي لحسن حنفي : 36-37.
[12] من بحثٍ لـ د . راشد الغنوشي بعنوان : ( تحليل للعناصر المكونة للظاهرة الإسلامية بتونس ).

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:43 AM
أنا اهنا سأجمع ايضا كل ما يتعلق بمنهج عدنان من مقالات قد لا تفند شبهة او ردود .

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:53 AM
رد رائع جدا للعالم الطريفي على الدرويش عدنان ابراهيم


https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=eqzpE9gEIo4

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:55 AM
افتراضي مشكلة عدنان إبراهيم مع صحيح البخاري (عرض ونقد)


https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=yjlKcC7nZFw

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:57 AM
كشف أكاذيب عدنان إبراهيم وتناقضاته

http://sunnahway.net/youtube/view_channel.php?user=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%AC%D9% 80%D8%A7%D9%84%20%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7%D9%86%20 %D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 04:58 AM
تفاصيل هروب عدنان إبراهيم من مناظرة اهل السنة

http://sunnahway.net/youtube/watch_video.php?v=UW3U7KNDRMDS

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 05:00 AM
مناظرة الشيخ الالبانى رحمه الله مع المعتزلة .

http://sunnahway.net/youtube/user_videos.php?user=%D9%81%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%A F

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 05:02 AM
افتراضي هل شرب معاوية بن أبي سفيان الخمر ؟ ردا على عدنان إبراهيم


https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=F_fYZmiuHJg

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 05:04 AM
علاقة المقال بما اضع من مقالات انه كثيرا ما يكذب عدنان ابراهيم على شيخ الاسلام بن تيمية رحمه وذلك لخلل بحثى عنده فى كتب شيخ الاسلام
--------------------------------------
مهارات بحثية من التراث التيمي
الخميس, 06 شوال 1436

د.عبدالعزيز آل عبداللطيف

لا شك أن لعلماء الإسلام والسنة من المزايا والخصائص ما ليس لغيرهم في تحرير الدلائل وتحقيق المسائل وإحكام التأليف وبراعة التصنيف.
والناظر في جملة من الكتب المصنفة في كيفية إعداد البحوث والرسائل العلمية يلحظ عليها غلبة الاهتمام بالجوانب الشكلية والإغراق في النواحي الفنية.
وانعكس الانهماك بتلك الرسوم والمظاهر على الباحثين ورسائلهم، بل تجاوزهم إلى الأساتذة المناقشين والمحكّمين فاستحوذ على طائفة منهم الحديث والنقاش عن علامات الترقيم والأخطاء الطباعية وأشباهها!
أما مهارات البحث الحقيقية، ووسائلها العملية، فقد لحقها الضمور والخفاء، مثل: تقوية أسلوب الباحث وسبل إثراء لغته، وطرائق تحسين أسلوبه وصياغته وسبك معلوماته، ومهارات فهم المادة العلمية للبحث وقضاياه، وكيفية تقوية محتوى البحث وتعميقه، والطرائق العملية الناجعة والمجربات الناجحة في جمع مادة البحث واستيعابها وتتبعها في مظانها وغير مظانها.
وأحسب أن مطالعة كتب السابقين، والتأمل في مسالكهم في البحث والتحقيق، والجمع والتحليل، تقدم جوانب عملية وطرائق فعلية لما قد غاب ذكره من مهارات البحث، وفات تدريسه في مقرر البحث.

وسأورد طرفًا من مهارات بحثية مستفادة من مؤلفات ابن تيمية:
- طالما صُرِفت الأوقات والجهود في مناحٍ شكلية صورية في البحث، لكن أبا العباس لا يلتفت إلى التقاسيم الاصطلاحية ولا يعول عليها، فضلًا عن الاحتفاء بمجرد ألفاظ وتشقيقات لا حقيقة لها.
ولذا قال: «الاصطلاحات اللفظية ليست دليلًا على نفي الحقائق العقلية»[1].
وقال في موطن آخر: «المعاني العقلية لا يعتبر فيها بمجرد الاصطلاحات[2]».
وقد رد أبو العباس المعاني الفاسدة المبتدعة، وبين ما فيها من شطح وضلال وشك وانحراف، وقرر أن الرد ليس لمجرد أنها اصطلاحات ألفاظ حادثة[3].
- يعاني البحث الحاضر من فقر في العبارات، وهزال في الصياغة والأسلوب، وشح في الكلمات والتعبيرات، فترى الباحث أسير كلمات مكرورة، وحبيس جمل راتبة مملولة.
وإذا كانت مطالعة كتب التراث عمومًا، وكتب اللغة والأدب خصوصًا تمنح الباحث ثروة في الكلمات والعبارات، وجزالة في التعبير وسبك المعلومات، إلا أن أبا العباس يلفت إلى معنى بديع، وملمح عميق، وهو أن سعة العقول ورحابة الفهوم تستلزم إثراءً في لغة الباحث، ووفرة العبارات، فقال رحمه الله: «إذا اتسعت العقول وتصوراتها اتسعت عباراتها، وإذا ضاقت العقول والتصورات بقي صاحبها كأنه محبوس العقل واللسان»[4].
وقد وُصف ابن تيمية بحدة الذكاء، وقوة النبوغ فقالوا عنه: كأن عينيه لسانان ناطقان، فإذا أخذ يتكلم ازدحمت العبارة في فمه[5].
ويحلو لبعض الباحثين أن يستكثر - في أسلوب بحثه - من تراكيب المصطلحات العويصة من وحشي اللغات، وغريب العبارات، فيوهم الغِرَّ بعمق بحثه! ويهوِّل على المبتدي بتلك العبارات الشائكة، وهي في الواقع وكما قال ابن تيمية: «إنما هي من باب القعقعة بالشِّنان لمن يفزعه ذلك من الصبيان، ومن هو شبيه بالصبيان»[6].
- ونتجاوز جزالة العبارات بلا تعقيد، ورحابة الكلمات بلا تكلف عند ابن تيمية، إلى ما هو أشرف وأجل، وهو رحابة مصادر المعرفة، وسعة موارد التلقي، فإن أبا العباس استوعب في تحريراته جميع مصادر المعرفة الإنسانية (الوحي، والعقل، والفطرة)، فتارةً يقرر النص الشرعي بكل تسليم وقبول، وتارة يفتق الأذهان والعقول، وتارة يحرك وجدان الفطرة، ويستثير ضرورات الحس.
قال رحمه الله: «قد جمع الله للمسلمين جميع طرق المعارف الإنسانية وأنواعها، والعلم يُنال بالحسّ والعقل، وبوحي الله إلى أنبيائه، والمسلمون حصل لهم من العلوم النبوية والعقلية ما كان للأمم قبلهم، وامتازوا عنهم بما لا تعرفه الأمم»[7].
- موضوعية ابن تيمية في مؤلفاته العلمية ومواقفه العملية أشهرُ من أن تذكر، فكان في غاية العدل والإنصاف والاعتذار لمخالفيه وخصومه فضلًا عن غيرهم، حتى قال بعض أصحابه الأكابر: «وددتُ أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه»[8].
وتأمّل هذا النقل البديع والتقرير الرفيع الذي يجلي تمام العدل، وتحري الإنصاف، مع دراية دقيقة بآفات النفوس وطبائعها.
فقال: «نحن في جميع ما نورده نحكي ألفاظ المحتجين بعينها، فإن التصرف في ذلك قد يدخله خروج عن الصدق والعدل، إما عمدًا وإما خطأ، فإن الإنسان إن لم يتعمد أن يلوي لسانه بالكذب أو يكتم بعض ما يقوله غيره، لكن المذهب الذي يقصد الإنسان إفساده لا يكون في قلبه من المحبة له ما يدعو إلى صوغ أدلته على الوجه الأحسن...»[9].
فوازن بين ذاك العدل الفريد مع الخصوم، والفقه العميق لأدواء النفوس، وبين بعض البحوث العلمية المعاصرة التي تعمد إلى اختزال مخل لقول المخالف وحججه، والتصرف بمقالاته والإحالة بـ«انظر» ونحوها، والتلفع بأن هذا فحوى مقالاته وخلاصتها!
- تقسيم البحث العلمي الحاضر إلى أبواب وفصول ومباحث.. قد يحقق تقريبًا للمعلومة، وترتيبًا لمادة البحث، وعرضًا حسنًا لمحتوى الرسالة العلمية، لكن الإيغال في هذه التقاسيم قد يفوّت الوحدة الموضوعية للمسائل والدلائل الواردة في تلك القضية، ويشتت هيئتها الاجتماعية وما يلحق بها من علائق مهمة ولوازم متصلة، فهذا التفتيت والتفريق يفوّت معانٍ عميقة، ونكتًا جليلة، وتلك القضايا العلمية لا يظهر رونقها ولا تبدو قيمتها إلا بعرض مترابط يلمّ أطرافها في سياق واحد، إضافة إلى أن الإغراق في التخصص الدقيق يوجب حذف علائق نفيسة ومسائل فريدة بدعوى أن ذلك خارج التخصص!
والناظر في التراث التيمي تلحقه الدهشة والانبهار في هذا الباب، فإن أبا العباس إذا قرر - على سبيل المثال - مسألة في الصفات الإلهية كالكلام الإلهي، فقرر وقعّد، وناقش المخالف ونقد، وحشد الأدلة والبراهين في ذلك، ساق علائق نفيسة ولوازم جليلة تتصل بهذه الصفة الإلهية من مسائل في القدر والنبوات وسائر أصول الدين.
- يُلحظ أن بعض الدارسين إذا بحثوا عن أسباب ظاهرة سلوكية وعوامل ظهورها فإنهم لا يستوعبون أهم أسبابها، ولربما غلّبوا الحديث عن أسباب ثانوية، وغفلوا عن أسباب رئيسة، وإذا كانت الظاهرة مترامية الأطراف، متشعبة الجوانب فإنه يتعسر على باحث ناشئ أن يستوفي أسبابها، أو يستوعب أهم عواملها.
وفي التراث التيمي ما يسهم في معالجة ذلك، فإن أبا العباس - وكأن العلوم بين عينيه - ينطلق من قواعد علمية أصيلة، ودراية متينة بالواقع وظواهره وأحواله، فتراه يشخّص الداء وأسبابه، ويحدد الدواء وطرائقه، كما في تقريراته بأن الدين: تصديق الخبر وطاعة الأمر، فالانحراف إما شهوات أو شبهات، فهو فساد للقوة العملية أو القوة العلمية، كما في شكوك المتكلمة أو شطحات الصوفية، أو قياس فلسفي أو خيال صوفي.
إن سعة النظر، ورحابة الأفق عند التأمل في تلك الظواهر وأسبابها يفتح للباحث قدرات في دقة التوصيف والتسبيب لتلك النوازل. وبالله التوفيق.

:: مجلة البيان العدد 338 شـوال 1436هـ، يوليو - أغسطس 2015م.
[1] التدمرية لابن تيمية ص130.
[2] الدرء 2/222.
[3] ينظر: الدرء 1/232 ، والفتاوى3/307.
[4] الرد على المنطقيين ص166.
[5] الدرء 4/ 183، وينظر: الدرء 1/ 295.
[6] ينظر: الجامع لسيرة ابن تيمية ص: ش، ط.
[7] الجواب الصحيح 2/ 4.
[8] مدارج السالكين 2/ 345.
[9] بيان تلبيس الجهمية 4/ 307.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 05:05 AM
المشايخ العلمانيون
الأحد, 23 شوال 1436

د. أحمد بن فارس السلوم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قد يكون من نافلة القول أن نذكِّر بنشأة العلمانية في القرون الوسطى المظلمة في أوروبا، ردةَ فعلٍ على الجَور الذي كانت تُعانيه من رجالات الكنسية المتحالفين مع سلاطين السوء؛ فقد أدى هذا الطغيان إلى النفور من الدين المحرف أصلًا، وإلى الانحراف عن الله عز وجل؛ إذ إن هؤلاء الطواغيت كانوا يوقعون باسمه، ويمنحون الخلق نيابة عنه الجنة، ويعاقبونهم بالنار، فنشأت فكرة العلمانية على أنها المخلص من الظلم والطغيان الذي كانت تعيشه القارة الأوربية.

وتمخضت الصراعات الأوربية الطاحنة بين الحاكم والمحكوم عن هذا النظام القائم على قصر الدين على العلاقة بين المرء وربه فيما بينه وبين نفسه، دون أن يكون للتعاليم الدينية أي دور في توجيه أنظمة الحياة المختلفة؛ فالعلمانية: هي فصل الدين عن الحياة.

لقد كانت النصرانية ورجالاتها السبب الرئيس لثورة الأوربيين على نظام الحكم الديني النصراني، ولا غرابة في ذلك؛ لأن النصرانية الحاكمة آنذاك لم تكن دينًا سماويًّا صحيحًا، ولا الإنجيل المعتمد عليه بكتاب سماوي صحيح، بمعنى أنه لم يكن على هيئته يوم نزل من السماء؛ فإن الأهواء البشرية عَبِثت به، واجتالته شياطين الإنس ذات اليمين وذات الشمال.

لقد كان فساد رجال الدين وتسلطهم على كتابهم تحريفًا وتغييرًا أمرًا قديمًا جدًّا؛ لأنه بدأ بُعَيد رفع المسيح عليه السلام بقليل، وقد قص الله عز وجل علينا في كتابه طرفًا من أحوالهم فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 34].

وقال عن الطغيان الديني الذي جرهم إلى استعباد الناس: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ﴾ [التوبة: 31].

ولذلك لم يكن مستغربًا أن يثور الناس على هكذا نظام يحكم، يسترقُّ البشر للبشر، ويستعبد الناس لبعض الأجناس؛ فإن الله عز وجل غرز في طبائع البشر حب الحرية، وجعل ذلك هو الأصل، وفطر خلقه على أن يتوجهوا بالعبادة إليه وحده.

بقي العالم الإسلامي بعيدًا عن تجاذبات العلمانية، وعن إفسادها للفطرة؛ لأن الداعي لظهورها في أوربا لا يوجد مثله بين المسلمين.

ولم يعرف العالم الإسلامي العلمانية طيلة قرون العزة والمجد، ولا ما بعدها، ولا حتى في زمن الدولة العثمانية التي ضعف في آخرها الدين، وكثر فيها الوهن، حتى كان منذ قرن تقريبًا، بدأت العلمانية تتردد في شوارع المسلمين على أيدي المحتل الأوربي، الذي سمى نفسه زورًا وبهتانًا بـ: المستعمر، وتلقَّيْنا منه هذه التسمية.

خرج هذا المستعمر المزعوم مهزومًا عسكريًّا على أيدي مَن جاهد لإعلاء كلمة الله، ولرفع راية الدين، ولكن الغاية مِن جهاد هؤلاء لم تتحقق؛ إذ لم تعد الأمة الإسلامية بعد خروج المستعمر إلى ما كانت عليه قبل دخوله؛ فقد استبدلت بنظام الحياة فيها نظامَ الأوربيين، القائم على العلمانية، ووجد هذا الأمر من النخبة المصنوعة من المستعمر استحسانًا وتزويرًا، مررت به ما تريد على الدَّهماء، ودخلت بذلك العلمانية - من غير سيف أو دم مهراق - إلى العالم الإسلامي.

وما هو إلا قليل حتى ذهبت الغمرة، وجاءت الفكرة، فعلم الناس ومَن بذل وجاهد، ومَن علم وتعلم، أنهم على شفا جرف هارٍ، وأن جهادهم منقوص، وتحررهم مشوه؛ فتنحية حكم الله عز وجل من الأرض طامة لم تعشها الأمة الإسلامية مِن قبل، وهذا النظام البديل فاسد سيهلك الحرث والنسل.

لم يكن الذين مكنوا للعلمانية عقلاء ولا مفكرين، ولا أئمة مبرزين، ولم يقدموا مبررات أكثر من أن الغرب أخذ بها، وحسبك أن تأخذ أوربا بأمرٍ كي يكون صحيحًا.

لقد كانت تنحية شريعة الله عز وجل عن الأرض المسلمة عودة إلى الجاهلية، وانتكاسة في الضلالة، ولكن الأمة لم تشعر بذلك في حينها؛ فقد كانت الفرحة بطرد المحتل الأوربي طاغية، والرغبة بالعصرنة والتجديد جامحة؛ فقاوم هذا المدَّ الجارف ثلةٌ من العلماء الربانيين، وبينوا خطر ذلك، وما فيه من المهالك؛ فديننا ليس بدين مستبد، ولا يرعى الاستبداد، وليس هو بدين كهنوتي يعطي رجاله هالة من القدسية، ومنزلة من التعظيم، بل هو دين شرائعي؛ أي: إنه يمتلك نظامًا ساميًا، ودستورًا سامقًا، يغطي جوانب الحياة كلها، ولا سيما الأنظمة الثلاثة التي يدور عليها صلاح الأمم والشعوب، ويكثر فيها كلام المفكرين والفلاسفة: النظام السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي.

إلا أن صوتهم لم يُسمع، لا سيما مع تسلط الحكام الذين خلفهم المحتل الأوربي بعده، وملَّكهم على رقاب المسلمين.

وانقسمت الأمة الإسلامية إزاء هذا الواقع إلى أقسام:
1 - قسم يؤمن بالعلمانية ويدعو لها، ويعلق عليها آمال التقدم والرقي، ويعلل الهزيمة والتخلف بالتمسك بالدين، وعامة الطبقة الحاكمة كانت من هؤلاء؛ فإن المحتل ما خرج حتى رباهم على عينه، واصطنعهم بأدواته.

2 - وقسم لا يدري ما الأمر، إلا أنه رأى في العلمانية تفلتًا من التكاليف الشرعية، وهذا أمر تتوق له النفوس الشهوانية، والطباع البطالة، ولكنه - على ذلك - لو ذُكر تذكر، ولو وُعظ انتبه.

3 - وقسم أدرك هذا الخطر، وهم الطائفة المنصورة - كما سماهم النبي صلى الله عليه وسلم - لم تختلف عليهم الحقائق، ولم تبهرجهم المسميات؛ فأنكروا، وأمروا بالمعروف، ونهَوا عن المنكر، وحاربوا فحُوربوا، وقاوموا فقُمعوا؛ فكانت السجون منازل خير الناس.

ومن هذا الصراع بين أهل الحق والعلم وبين النخبة العلمانية الحاكمة، ومع هذا التفلت من التكاليف الشرعية التي كانت تعيشه العامة، نشأ واقع للأمة الإسلامية لم أرَ له نظيرًا في تاريخ المسلمين، ونشأ كذلك نوع من المشايخ لم يكن معروفًا من قبل: إنهم المشايخ العلمانيون، وهم القسم الرابع.

طبيعة العلمانية تتصادم مع الإسلام؛ لأنها تلغي هيمنة القرآن، ومصدريته في التشريع، وتجعل الحُكم حقًّا للخلق دون الخالق.

فالله عز وجل يقول: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [المائدة: 48].

وقال: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ [المائدة: 49].

والعلمانية تفتن الناس عن كل ما أنزل الله، وليس عن بعضه.

فإذا كانت العلمانية بهذه الصورة، فكيف يمكن أن يكون هناك علماء ومشايخ علمانيون؟ وكيف يجتمع الضدان؟

ثمت أمور كثيرة دعت لظهور مثل هذا التيار المشيخي، المهادن للعلمانية، المعادي للطائفة المنصورة، ولكن قبل أن أذكر هذه الأسباب والجذور الفكرية لهذا التيار من المشايخ؛ (العلماشيخي)، لا بد أن أقول: إن هذا التيار يلتئم تحته صنفان من الناس متضادان مختلفان، أحدهما ينتسب إلى من مضى من السلف، والآخر يدعي التنوير والتجديد، وسأعرِّف بهؤلاء وهؤلاء من خلال سيماهم ولحنهم في القول.

أما الأولون فيعرفون بما يلي:
أولًا - يُكثر هؤلاء المشايخ من الخطاب التبريري للهيمنة العلمانية، ومن الدعوة لإحسان الظن بأقطابها الدعاة إليها، والتماس الأعذار لهم.

فهم رحماء على أهل العلمانية، غلاظ على من خالفهم من أهل العلم.

ثانيًا - مِن ديدنهم التخذيلُ عن نصرة المسلمين هنا أو هناك، وَلَيُّ النص الشرعي لتبرير هذا التخاذل.

ثالثًا - التجافي عن الحديث السياسي، والبعد عنه، فتجد منهم من يستعيذ من السياسة، وتجد منهم من يطعن في أهل العلم إذا تكلم في مسألة من السياسة، مما تهم أمر العامة، ولسان حاله يقول: دع السياسة لأهلها، وليت شعري ماذا ترك بعد هذه القالة للعلمانيين!

رابعًا - إضفاء الصفة الشرعية على بعض مخلفات المحتل الأوربي.

مِن ذلك: استحداث أوثان يجمعون الأمة عليها، ومِن ثَم تقديس هذه الأوثان، وإظهارها وكأنها مِن مسلمات الدين، ثم تأتي المرحلة الأخطر، وهي الاستعاضة بهذه الأوثان عن حقائق الإسلام، واستبدال السنة بالبدعة والهدى بالضلالة.

كالدعوة إلى رابطة الولاء على الوطن، أو الجنسية، أو الإقليم، وتكييف الدين على قوالب الحدود الوهمية التي صنعها المحتل، واشتهرت باسم حدود سايس بيكو.

كان بعض المؤرخين من المستشرقين يقول: إن أوروبا كانت تخشى من الرجل المريض - يريد الدولة العثمانية رغم ضعفها - لأن وراءها ثلاثمائة مليون مسلم، وهذا ما يبرر لك حرصهم على تفتيت الأمة الإسلامية، ثم رعاية هذا التفتيت عبر المشايخ العلمانيين.

فأصبحت الحدود الداخلية مسألة ولاء وبراء لدى هذا التيار (العلماشيخي).

خامسًا - محاربة أي جماعة تدعو إلى تطبيق حكم الله في أي مصرٍ من أمصار المسلمين، وانتقاده، والطعن فيه، ليس لأجل إصلاحه، بل للإيقاع به.

فإذا اتفق أن حُورب هذا البلد مِن قِبل الصليبين يصب هؤلاء جام غضبهم ومكتل لومهم على المسلمين، ويعتذرون عن الصليبين، ويوجدون لهم المبررات.

وهذا نَفَسهم دائمًا، وتلك هِجِّيراهم، والشنشنة العظمى التي بها يعرفون.

سادسًا - موالاة المستعمر السابق لبلاد المسلمين، موالاة باطنة، وإن كان ظاهر خطابهم النهي عن موالاة الكافرين، إلا أن من صفات هذا التيار (العلماشيخي) المخالفة بين القول والعمل.

وفي تبريرهم لهذا الأمر ينيطون الحكم بالتعقل والعقلانية والحكمة؛ فالعقل والحكمة يقتضيان مهادنة المستعمر وعدم استعدائه؛ ولذلك تجد بينهم وبين الجهاد عداوة لا صلح بعدها.
يتبع ======

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 05:07 AM
سابعًا - الشدة والغلظة على المؤمنين، وعلى الدعاة والعلماء خاصة، وعلى القائمين منهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد دون غيرهم.

فقد تخلَّق أهل هذا التيار بنقيض ما أمر الله به المؤمن من التعامل مع الكافرين والمؤمنين؛ حيث أمر الله عز وجل بلين الجانب، وخفض الجناح للمؤمنين، والشدة والغلظة على الكافرين؛ كما قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29].

وليس لأحد أن يحمل كلامي هذا على التحامل أو القياس البعيد؛ فإن الله عز وجل قد حذر من هذا الأمر - أعني قلب المفاهيم - وأخبر أنه حين تنقلب المفاهيم في التعامل بين المسلمين إلى ما ذكرنا، فإن أوان الاستبدال قد حان، ووقت التغيير قد وجب؛ فإن الله عز وجل قد خاطب المؤمنين بأكثرَ من ذلك فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [المائدة: 54].

وليس الارتداد المعنيُّ في هذا الآية الردةَ إلى الكفر فحسب، بل ما دون ذلك من الارتداد عن الحق مطلقًا.

فقد روى ابن جرير بإسناده عن محمد بن كعب: أن عمر بن عبدالعزيز أرسل إليه يومًا، وعمر أمير المدينة يومئذ، فقال: يا أبا حمزة، آية أسهرتني البارحة! قال محمدٌ: وما هي أيها الأمير؟ قال: قول الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ﴾ [المائدة: 54] حتى بلغ: ﴿ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [المائدة: 54]،فقال محمد: أيها الأمير، إنما عنى الله بالذين آمنوا الولاةَ من قريش، من يرتد عن الحق.

قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرًا عن قدرته العظيمة: إن من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته، فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه، وأشد منعة، وأقوم سبيلًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ﴾ [النساء: 133]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [إبراهيم: 19، 20]؛ أي: بممتنع ولا صعب.

وقال تعالى ها هنا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ ﴾ [المائدة: 54]؛ أي: يرجع عن الحق إلى الباطل...

وقوله تعالى: ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54] هذه صفات المؤمنين الكُمَّلِ، أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه، متعززًا على خَصمه وعدوه؛ كما قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه: "الضَّحُوك القَتَّال"؛ فهو ضحوكٌ لأوليائه، قَتَّال لأعدائه.

وقوله: ﴿ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [المائدة: 54]؛ أي: لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله، وقتال أعدائه، وإقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لا يردهم عن ذلك رادٌّ، ولا يصدهم عنه صادٌّ، ولا يحيك فيهم لوم لائم، ولا عذل عاذل...؛ اهـ.

ثامنًا - احتكار الحق ومنهج السلف في عباءة شيخ، أو ثنايا مسألة، أو موالاة حاكم، يمتحنون الناس في ذلك؛ فمن وافقهم على ما عندهم فهو على الحق، ومن خالفهم نبزوه بأسوأ الأوصاف؛ فلا يتورعون أن يصفوهم بالخوارج، أو الباطنية، أو التكفير، أو ما شاؤوا من أوصاف وألقاب.

وهذا الداء قديم، قد اشتكاه الأئمة قبلنا، واكتوَوْا بناره، لكنه لم يثبط عزائمهم، ولم يَحُلْ بينهم وبين القيام بأمر الله.

ولعل الإمام الشاطبي يتحدث على لسان الجميع - في مقولته المشهورة - حين قال: فتردد النظر بين أن أتبع السنة على شرط مخالفة ما اعتاد الناس، فلا بد من حصول نحو مما حصل لمخالفي العوائد، لا سيما إذا ادعى أهلها أن ما هم عليه هو السنة لا سواها، إلا أن في ذلك العبء الثقيل ما فيه من الأجر الجزيل، وبين أن أتبعهم على شرط مخالفة السنة والسلف الصالح، فأدخل تحت ترجمة الضلال، عائذًا بالله من ذلك، إلا أني أوافق المعتاد وأُعد من المؤالفين، لا من المخالفين، فرأيت أن الهلاك في اتباع السنة هو النجاة، وأن الناس لن يغنوا عني من الله شيئًا، فأخذت في ذلك على حكم التدريج في بعض الأمور؛ فقامت عليَّ القيامة، وتواترت عليَّ الملامة، وفَوَّق إليَّ العتابُ سهامَه، ونُسبت إلى البدعة والضلالة، وأنزلت منزلة أهل الغباوة والجهالة، وإني لو التمست لتلك المحدثات مخرجًا، لوجدت، غير أن ضِيق العَطَن، والبُعد عن أهل الفطن، رقى بي مرتقى صعبًا، وضيق عليًّ مجالًا رحبًا، وهو كلام يشير بظاهره إلى أن اتباع المتشابهات لموافقات العادات أولى من اتباع الواضحات، وإن خالفت السلف الأول، وربما ألموا في تقبيح ما وجهت إليه وجهتي بما تشمئز منه القلوب، أو خرَّجوا بالنسبة إلى بعض الفرق الخارجة عن السنة شهادةً ستكتب ويسألون عنها يوم القيامة.

فتارة نُسبت إلى القول بأن الدعاء لا ينفع ولا فائدة فيه، كما يعزي إليَّ بعض الناس؛ بسبب أني لم ألتزم الدعاء بهيئة الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة، وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة وللسلف الصالح والعلماء.

وتارة نُسبت إلى الرفض وبُغض الصحابة رضي الله عنهم؛ بسبب أني لم ألتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم - في الخطبة على الخصوص؛ إذ لم يكن ذلك من شأن السلف في خطبهم، ولا ذكره أحد من العلماء المعتبرين في أجزاء الخطب.

وتارة أُضيفَ إليَّ القولُ بجواز القيام على الأئمة، وما أضافوه إلا من عدم ذكري لهم في الخطبة، وذكرهم فيها محدَثٌ، لم يكن عليه من تقدَّم.

وتارة نُسبت إلى معاداة أولياء الله؛ وسبب ذلك أني عاديت بعض الفقراء المبتدعين المخالفين للسنة، المنتصبين بزعمهم لهداية الخلق.

وتارة نُسبت إلى مخالفة السنة والجماعة، بناءً منهم على أن الجماعة التي أُمِر باتباعها، وهي الناجية، ما عليه العموم، ولم يعلموا أن الجماعة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والتابعون لهم بإحسان.

فكنت على حالة تشبه حالة الإمام الشهير عبدالرحمن بن بطة الحافظ مع أهل زمانه؛ إذ حكى عن نفسه فقال: عجبتُ من حالي في سفري وحضري مع الأقربين مني والأبعدين، والعارفين والمنكرين؛ فإني وجدت بمكة وخراسان وغيرهما من الأماكن أكثر من لقيت بها موافقًا أو مخالفًا دعاني إلى متابعته على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له، فإن كنت صدقته فيما يقول وأجزت له ذلك، كما يفعله أهل هذا الزمان، سماني موافقًا، وإن وقفت في حرف من قوله، أو في شيء من فعله، سماني مخالفًا، وإن ذكرت في واحد منها أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك واردٌ، سماني خارجيًّا، وإن قرأت عليه حديثًا في التوحيد، سماني مشبِّهًا، وإن كان في الرؤية، سماني سالميًّا، وإن كان في الإيمان، سماني مرجئيًّا، وإن كان في الأعمال، سماني قدريًّا، وإن كان في المعرفة، سماني كرَّاميًّا، وإن كان في فضائل أبي بكر وعمر، سماني ناصبيًّا، وإن كان في فضائل أهل البيت، سماني رافضيًّا، وإن سكتُّ عن تفسير آية أو حديث فلم أجب فيهما إلا بهما، سماني ظاهريًّا، وإن أجبت بغيرهما، سماني باطنيًّا، وإن أجبت بتأويل، سماني أشعريًّا، وإن جحدتهما، سماني معتزليًّا، وإن كان في السنن، مثل القراءة، سماني شفعويًّا، وإن كان في القنوت، سماني حنفيًّا، وإن كان في القرآن، سماني حنبليًّا، وإن ذكرت رجحان ما ذهب كل واحد إليه من الأخبار؛ إذ ليس في الحكم والحديث محاباة، قالوا: طعن في تزكيتهم، ثم أعجب من ذلك أنهم يسمونني فيما يقرؤون عليَّ من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشتهون من هذه الأسامي، ومهما وافقت بعضهم، عاداني غيره، وإن داهنت جماعتهم، أسخطتُ اللهَ تبارك وتعالى، ولن يغنوا عني من الله شيئًا، وإني مستمسك بالكتاب والسنة، وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو، وهو الغفور الرحيم.

هذا تمام الحكاية، فكأنه - رحمه الله - تكلم على لسان الجميع.

فقلما تجد عالِمًا مشهورًا، أو فاضلًا مذكورًا إلا وقد نُبِزَ بهذه الأمور أو بعضها؛ لأن الهوى قد يداخل المخالف، بل سبب الخروج عن السنة الجهل بها، والهوى المتبع الغالب على أهل الخلاف، فإذا كان كذلك، حُمِل على صاحب السنة أنه غير صاحبها، ورُجِع بالتشنيع عليه، والتقبيح لقوله وفعله، حتى ينسب هذه المناسب.

وقد نُقل عن سيد العباد بعد الصحابة أويس القرني: أنه قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدَعَا للمؤمن صديقًا، نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك أعوانًا من الفاسقين، حتى والله لقد رمَوْني بالعظائم، وايم الله لا أدع أن أقوم فيهم بحقه.

فمن هذا الباب يرجع الإسلام غريبًا كما بدأ؛ لأن المؤالف فيه على وصفه الأول قليل، فصار المخالف هو الكثير؛ فاندرَسْت رسومُ السنَّة، حتى مدت البدع أعناقها، فأشكل مرماها على الجمهور؛ فظهر مصداقُ الحديث الصحيح.. اهـ.

وأما الفريق الآخر من المشايخ العلمانيين، فإنهم يشتركون مع الأولين في بعض المقالات، من حيث نتائجها، لا من حيث ألفاظها، ولهم مقالات يختصون بها، منها:
أولًا - يدَّعون أنهم يتحررون من القيود، ويطلقون زمام العقل، ويحاولون الدفاع عن الإسلام.

ثانيًا - يطعنون في مسلمات الأمة، وثوابتها، من باب الحرص عليها، والشفقة على عقيدتها، بزعمهم، ويستدلون على ذلك بأفعال بعض العلماء الكبار، فتراهم مثلًا يطعنون في أحاديثَ من صحيح البخاري، بدعوى أنها لا تلائم العصر، ويستدلون بنقد بعض الأئمة للبخاري ومسلم وغيرهما.

ثالثًا - دعواهم الكبرى هي التجديد، تجديد علوم الدين المختلفة، ويهوِّلون عليك بألفاظ ينتقونها، وجُمَل يزيِّنونها، ولهم في ذلك كتب ورسائل، عناوينها ضخمة ترهب القارئ، وتربك المتعلم، ولكنها دعاوى جوفاء، لا ينطلي بَهْرَجُها إلا على من لم يباشر العلم ولم يخالط العلماء.

رابعًا - تحالفهم مع القوى المخالفة للإسلام، ونفورهم من القوى المسلمة الداعية لتحكيم شرع الله عز وجل في الأرض.

فيتحالفون مع التيارات العلمانية، وينفِّرون من إخوانهم في الدين والعقيدة، حجتهم التألُّف، والوسطية، والنفور من التشدد؛ ولذلك تراهم في المؤتمرات جنبًا إلى جنب مع العلمانيين والعلمانيات.

هذا، ويمكن أن ألخص أسباب نشوء هذا التيار (العلماشيخي) من هذين الفريقين في عدة أسباب:
أولها - الواقع المعاصر؛ فإن واقع الأمة المنهزم عسكريًّا وثقافيًّا، ثم نشأة هؤلاء في هذا الواقع دهرًا من الزمن حتى أَلِفوه، وسكنت نفوسهم إليه، واطمأنت أحوالهم معه - جعلتهم يطأطئون رؤوسهم، ويسيرون وهم كذلك مطأطئون.

ولذلك تجد في كلامهم الاستسلام لهذا الواقع، بل والدعاء بألا يتغير عليهم ما هم فيه، وكأنهم يعيشون في عصر الخلافة الراشدة!

ثانيًا - الهزيمة النفسية، وهذا مترتب على ما قبله.

ثالثًا - دخول الوهن إلى قلوب هؤلاء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلةُ إلى قصعتها))، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا، وكراهية الموت)).

هذه الأسباب وغيرها لا تعدو أن تكون ثانوية، ولكن كان لها تأثير قوي على سلوكيات هؤلاء الدعوية، ومواقفهم العلمية، وما هذا إلا لأنها تتوافق مع أصل فكري مكين لديهم، هذا الأصل هو الموجِّهُ لهم.

أما الفريق الأول: فالباعث على ما ترى من أحوالهم: الفكر الإرجائي.
وأما الفريق الثاني: فقد أُتِيَ من قِبَل ضعف العقيدة، ولا سيما عقيدة الولاء والبراء.

الإرجاء بدعة ظهرت في فكر الأمة الإسلامية، تتلخص بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر معصية.

وإنما سمَّوْه إرجاءً؛ لأنه يؤخر العمل، ويخرجه من تعريف الإيمان.

لا يقول هؤلاء المشايخ في خطابهم الديني: إن العمل ليس ركنًا في الإيمان، بل هم يأنفون من ذلك، ويحاربونه في دروسهم وأقوالهم، ولكنهم يقررون ذلك بأفعالهم وأعمالهم؛ فأصبحت العقيدة عندهم لا تعدو أن تكون أقوالًا ومسائل يحفظونها، ولا تمتُّ إلى واقعهم بصلة.

الفكر الإرجائي يوجِدُ المبرر الذي يفزع إليه علماء هذا التيار؛ للتخلص من ثقل التكاليف الشرعية الثقيلة؛ كما وصفها الله عز وجل في قوله: ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾ [المزمل: 5]، الثقل إنما هو بالعمل به.

قال الحسن البصري: العمل به، إن الرجل لَيَهُذُّ السورة، ولكن العمل به ثقيل، وقال قتادة: ثقيل والله فرائضُه وحدودُه؛ أخرجه ابن جرير.

في الفكر الإرجائي الراحة من هذا الثقل، والمبرر للتخلي عن القيام بالقسط، الذي هو الحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب؛ كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25].

قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ [الحديد: 25]؛ أي: بالمعجزات، والحجج الباهرات، والدلائل القاطعات، ﴿ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ ﴾ [الحديد: 25]، وهو: النقل المصدق، ﴿ وَالْمِيزَانَ ﴾ [الحديد: 25] وهو: العدل، وهو الحق الذي تشهد به العقول الصحيحة المستقيمة، المخالفة للآراء السقيمة...

ولهذا قال في هذه الآية: ﴿ لِيَقُومَ النَّاسُ ﴾ [الحديد: 25]؛ أي: بالحقِّ والعدل، وهو: اتباع الرسل فيما أخبروا به، وطاعتُهم فيما أمروا به؛ فإن الذي جاؤوا به هو الحق الذي ليس وراءه حق؛ كما قال: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ﴾ [الأنعام: 115]؛ أي: صدقًا في الإخبار، وعدلًا في الأوامر والنواهي..

وقوله: ﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ [الحديد: 25]؛ أي: وجعلنا الحديد رادعًا لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه؛ ولهذا أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحى إليه السورُ المكية، وكلها جدال مع المشركين، وبيان وإيضاح للتوحيد، وتبيان ودلائل، فلما قامت الحجة على مَن خالف، شرع الله الهجرة، وأمرهم بالقتال بالسيوف، وضربِ الرقاب والهامِ لمن خالف القرآن، وكذب به وعانده.

وقد روى الإمام أحمد وأبو داود، من حديث عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن حسان بن عطية، عن أبي المنيب الجرشي الشامي، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثت بالسيف بين يدي الساعة؛ حتى يُعبَدَ اللهُ وحده لا شريك له، وجُعِل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعِل الذِّلة والصَّغار على مَن خالف أمري، ومَن تشبَّه بقوم فهو منهم)).

ولهذا قال تعالى: ﴿ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ [الحديد: 25] يعني: السلاح؛ كالسيوف، والحِراب، والسنان، والنصال، والدروع، ونحوها، ﴿ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [الحديد: 25]؛ أي: في معايشهم.

وقوله: ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ﴾ [الحديد: 25]؛ أي: مَن نيَّتُه في حمل السلاح نصرةُ الله ورسله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25]؛ أي: هو قوي عزيز، ينصر مَن نصره، مِن غير احتياج منه إلى الناس، وإنما شرع الجهاد؛ ليبلوَ بعضكم ببعض؛ اهـ.

فهذه الآية العظيمة لخصت الحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب، وبينت مراد الله عز وجل من خلقه؛ فأهل الحق والعلم يأخذون بطرفي الآية.

يأخذون بالقسط وبيان الحق؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يأخذون بالحديد والبأس الشديد؛ كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، لمن عصى واستكبر، وفي هذا المنهج امتثال للآية الكريم، واقتداء بالمصطفى الهادي صلى الله عليه وسلم.

وأما أصحاب هذا التيار (العلماشيخي)، فإنهم أعداء الشق الثاني من الآية، ولا يكادون يذكرونه إلا انتقاصًا وامتعاضًا واشمئزازًا.

والسبب أن العمل يكمُنُ في الشق الثاني؛ فالشق الثاني أشق، وهم في الأصل استقر الإرجاءُ في بواطنهم وبواعثهم.

أما الصنف الثاني: فإن انفتاحهم على أهل البدع والعلمانيين هوَّن عليهم أمر العقيدة، وهذا تيار في الأمة قوي ترعاه بعض المؤسسات الدينية؛ فالعقيدة عندهم ثانوية؛ ولذلك يَهْوُون في هذه المزالق.

مكث النبي صلى الله عليه وسلم جل حياته وهو يقرر العقيدة الإسلامية في مكة المكرمة، ويؤكد على ثوابتها، ويخوض الابتلاءات من أجلها، ثم لما هاجر إلى المدينة، كانت حقائق هذه العقيدة بارزة في التشريعات والقوانين التي يسُوس بها أمته.

وهؤلاء المعاصرون من المشايخ العلمانيين لا ثوابت لديهم، بل كل شيء قابل للتفاوض والتقارب، حتى مع اليهود والنصارى، لا سيما في الولاء والبراء، والحُكم بغير ما أنزل الله.

يقول الله عز وجل:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة: 51].

الموالاة تعني التبعية؛ فمن والى قومًا فهو منهم.

قال القرطبي رحمه الله تعالى: قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 51]؛ أي: يعضدهم على المسلمين، ﴿ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51]، بيَّن تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابنُ أُبَيٍّ، ثم هذا الحكم باقٍ إلى يوم القيامة في قطع الموالاة، وقد قال تعالى: ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾ [هود: 113]، وقال تعالى في "آل عمران": ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 28]، وقال تعالى: ﴿ لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ ﴾ [آل عمران: 118].

وقيل: إن معنى ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [المائدة: 51]؛ أي: في النصرة.

﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51] شرطٌ وجوابه؛ أي: لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم؛ أي: من أصحابهم؛ اهـ.

وقال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28]: نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفار فيتخذوهم أولياء؛ اهـ.

وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [آل عمران: 118].

أكد الله تعالى الزجر عن الركون إلى الكفار..وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره...نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء، يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم أمورهم.

ويقال: كل من كان على خلاف مذهبك ودينك، فلا ينبغي لك أن تحادثه، ثم بيَّن تعالى المعنى الذي لأجله نهى عن المواصلة؛ فقال: ﴿ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ﴾ [آل عمران: 118]، يقول: فسادًا.

يعني: لا يتركون الجهد في فسادكم، يعني: أنهم وإن لم يقاتلوكم في الظاهر، فإنهم لا يتركون الجهد في المكر والخديعة، على ما يأتي بيانه...

وروي أن أبا موسى الأشعري استكتب ذميًّا، فكتب إليه عمر يُعنِّفُه، وتلا عليه هذه الآية.

وقدم أبو موسى الأشعري على عمر رضي الله عنهما بحساب، فرفعه إلى عمر فأعجبه، وجاء عمر كتاب فقال لأبي موسى: أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس؟ فقال: إنه لا يدخل المسجد، فقال: لِمَ؟ أجُنُبٌ هو؟ قال: إنه نصراني، فانتهره، وقال: لا تُدْنِهم وقد أقصاهم الله، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله، ولا تأمنهم وقد خوَّنهم الله..

وقيل لعمر رضي الله عنه: إن ها هنا رجلًا من نصارى الحيرة، لا أحد أكتب منه، ولا أخط بقلم، أفلا يكتب عنك؟ فقال: لا آخذ بطانة من دون المؤمنين.

فلا يجوز استكتاب أهل الذمة، ولا غير ذلك من تصرفاتهم في البيع والشراء والاستنابة إليهم.

قلت: وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان، باتخاذ أهل الكتاب كتبة وأمناء، وتسوَّدوا بذلك عند الجهلة الأغبياء من الولاة والأمراء؛ انتهى كلامه رحمه الله، فكيف لو رأى ما أحدث أهل زماننا من موالاة من لا يؤمن بشريعة الله ورسوله.

إن هذا التيار (العلماشيخي) من أسباب تخلُّف النهوض الفكري في الأمة الإسلامية، ومن عوامل خِذلانها، ولن تستطيع الأمة النهوض بدينها والقيام بالقسط ما دام هذا التيار ظاهرًا، يضرب بأطنابه، ويصد الناس عن العمل، وعن الجهاد، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويُهوِّن عليها أمرَ عقيدتها.

إن واجب العلماء الربانيين في التصدي لهذا التيار كبير؛ فقد أظهرت ثورة الشام - وما قبلها - خطر الدور الذي يقوم به هؤلاء على الأمة، وعظيم إرجافهم الذي لا ينتهي، حتى إنهم كانوا كما قال أبو الفضل الهَمْداني: مبتدعة الإسلام والكذابون والواضعون للحديث أشد من الملحدين، قصدوا إفساد الدين من خارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل؛ فهم كأهل بلد سعَوْا في فساد أحواله، والملحدون كالمحاصرين من خارج؛ فالدخلاء يفتحون الحصن؛ فهم شر على الإسلام من غير الملابسين له؛ اهـ.

وقانا الله شرهم، وكف عن المسلمين عبثهم، وردهم إلى دينه ردًّا جميلًا.

فيا لله كم لقي منهم المخلصون! وكم آذَوْا من عبادٍ لله مقربين! والواجب على أهل الحق المضي قُدمًا في دعوتهم، وعدم الالتفات إلى ما يقول هؤلاء، وهجرهم هجرًا جميلًا، ولو أن كل واحد من هؤلاء ترك الحق لمحاباته، أو لاتقاء لسانه، لما بقي للدين قائم، ولكن الله عز وجل خاذل هؤلاء ولا ريب، وناصر دينه وعباده الصالحين.

إلا أن التحذير من هؤلاء واجب شرعي؛ حتى تُتقى شرورهم، ويدفع عن المسلمين ضررهم، والله الموفق. انتهى

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 06:52 AM
الرد على عدنان إبراهيم لطعنه في معاوية رضي الله عنه
رد علمي مقنع على طريقة التنزل مع الخصم

الحمد لله الذي عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة، ويسر لها في كل زمان مَن ينفي عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة الذي أرسله الله رحمة للعالمين، ما ترك من خير إلا دل الأمة عليه، ولا ترك من شر إلا حذر الأمة منه، فتركنا على مثل البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، ورضي الله عن جميع أصحابه السابقين واللاحقين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد سمعت مقطعًا لعدنان إبراهيم خصصه للطعن في معاوية رضي الله عنه، وكان يسلقه بلسان حادٍّ لم نسمعه يقول مثله في النصارى الضالين، بل قد سمعت عدنان في مقطع آخر لا يُكفِّر اليهودي والنصراني الذي لا يقول بالتثليث إذا كان مؤمنًا بالله واليوم الآخر، فواعجبًا من شحه بالخير على معاوية وهو من أهل الإسلام، ودفاعه عن أهل الكتاب الكفار!

وقد رد كثير من العلماء على ضلالات عدنان إبراهيم، وأردت أن أشاركهم في الأجر؛ نصحًا للمسلمين، وبحمد الله لي عدة ردود عليه منشورة، وهي:
1- القواعد السبع الكافية في الرد على عدنان إبراهيم في منهجه التشكيكي للسنة النبوية.
2- إثبات أن حد رجم الزاني ثابت في القرآن، وأن إنكاره من سنن اليهود.
3- عدد أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه (تحقيق واستقراء).
4- سيرة أبي هريرة رضي الله عنه.

وأنا - بحمد الله - أحرص في ردودي أن تكون بأسلوب جديد؛ حتى لا يكون الرد مجرد تكرار أو تلخيص لما كتبه أهل العلم في الرد على عدنان، وهذا هو الرد الخامس، كتبته نصحًا للأمة، وضمنته فوائد لا يجدها الناظر في غيره، وجعلته بأسلوب جديد يقلع - بإذن الله - شبهات عدنان إبراهيم من الجذور في مسألة طعنه في معاوية رضي الله عنه، فبعض من يحسن الظن بعدنان قد لا ينتفع بالردود العلمية المعتادة؛ لأن كثيرًا من العلماء الذين ردوا على طعن عدنان في معاوية يذكرون ضعفَ الكثير من الروايات التي يذكرها عدنان، ويبينون بالتفصيل أنها من رواية المتروكين؛ كأبي مخنف لوط بن يحيى الإخباري، وهو تالفٌ لا يوثق به؛ قال الحافظ ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 241): حدَّث بأخبار من تقدم من السلف الصالحين، ولا يبعد منه أن يتناولهم، وهو شيعي محترق صاحب أخبارهم"، ونصر بن مزاحم صاحب كتاب صِفِّين، وهو رافضي متروك الحديث، كما في ميزان الاعتدال للمؤرخ الحافظ الذهبي (4/ 253)، ومحمد بن السائب الكلبي المفسر الإخباري، وهو متروك الحديث، كما في كتاب التهذيب للحافظ المزي (3/ 569) والميزان (3/ 556)، ومحمد بن عمر الواقدي، وهو متروك؛ قال البخاري: الواقدي مدنيٌّ سكن بغداد، متروك الحديث، تركه أحمد، وابن المبارك، وابن نمير، وإسماعيل بن زكريا، وقال أبو زرعةَ الرازي وأبو بِشر الدولابي والعقيلي: متروك الحديث، وقال الذهبي في الميزان (3/ 666): استقر الإجماع على وهنِ الواقدي.

فأنا لن أبين في ردي هذا عدم صحة الكثير من الروايات الضعيفة، بل سأتكلم على فرض أنها ثابتة!

وبعض العلماء في ردهم على عدنان في طعنه في معاوية يذكرون ما ثبت في فضل معاوية من آثار، مثل ما في صحيح البخاري (3765) أنه قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية؛ فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: أصاب، إنه فقيه.

وروى أبو نعيم في حلية الأولياء (8/ 275) من طريق سعيد بن عبدالعزيز عن إسماعيل بن عبدالله عن قيس بن الحارث عن الصنابحي عن أبي الدرداء قال: ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله من أميركم هذا - يعني معاوية - قيل لقيس: أين صلاتُه من صلاة عمر؟ قال: لا إخالها إلا مثلها.

وروى الخلاَّل في كتاب السنة (2/ 442)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 173) من طريق جبلة بن سحيم، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه قال: ما رأيتُ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسودَ مِن معاوية، فقيل: ولا أبوك؟ قال: أبي عمرُ - رحمه الله - خيرٌ مِن معاوية، وكان معاوية أسودَ منه.

وروى الخلاَّل في كتاب السنة (2/ 440)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 175) من طريق وهب بن منبه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما رأيت رجلًا كان أخلقَ للمُلك من معاوية، كان الناس يرِدون منه على أرجاء وادٍ رحب، ولم يكن بالضيِّق الحصِر العُصعُص المتغضب.

وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 185) عن هشام بن عروة قال: صلى بنا عبدالله بن الزبير يومًا من الأيام، فوجم بعد الصلاة ساعة، فقال الناس: لقد حدث نفسه، ثم التفت إلينا فقال: لا يبعدنَّ ابن هند، إن كانت فيه لمخارج لا نجدها في أحد بعده أبدًا! والله إن كنا لنفرقه وما الليث على براثنه بأجرأَ منه فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه فيتخادع لنا، والله لوددتُ أنَّا مُتِّعنا به ما دام في هذا الجبل حجر - وأشار إلى جبل أبي قبيس - لا يتحول له عقل، ولا ينقص له قوة.

وروى الآجري في الشريعة (5/ 2465)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (59/ 172) عن التابعي الجليل مجاهد بن جبر قال: لو رأيتم معاويةَ لقلتم: هذا المَهديُّ!

وروى اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (8/ 1532) عن الميموني قال: قلت لأحمد بن حنبل: أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ صِهر ونسَبٍ ينقطع إلا صِهري ونسَبي))؟ قال: بلى، قلت: وهذه لمعاوية؟ قال: نعم، له صهر ونسب، قال: وسمعت ابن حنبل يقول: ما لهم ولمعاوية؟! نسأل الله العافية! وقصد الإمام أحمد بن حنبل أن معاوية صهرُ النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أخته أمَّ حبيبة بنت أبي سفيان هي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذا سماه بعض العلماء خالَ المؤمنين؛ لأن أخته هي أم المؤمنين رضي الله عنهما؛ فهو صهرُ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أيضًا من أقارب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن جدهما واحد، وهو عبدمناف بن قصي، فله صهر ونسب مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى الخلاَّل في السنة (2/ 438) من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق السَّبيعي الهَمْداني، وهو معدود من شيعة الكوفة الثقات، قال: ما رأيت بعده مثله، يعني معاوية.

فهذه الروايات كلها بأسانيد صحيحة، ويوجد غيرها أيضًا، ولكني لن أقف عندها لأثبت للمخالف صحتها، ولكن سأتكلم في ردي هذا على فرض أن هذه الروايات - وغيرها - الواردة في فضل معاوية ومناقبه كلها روايات ضعيفة غير ثابتة!

إذًا سيكون ردي بأسلوب جديد من باب التسليم للخصم بأن كل ما قيل في معاوية من مثالب صحيحٌ ثابت، وأن كل ما ورد فيه من مناقب لا يصح منه شيء!

فهل يمكننا أن نواجه معاوية ونعد عليه كل سيئاته ونتركه ليدافع عن نفسه بنفسه؟!
قد كفانا هذا صحابي جليل؛ فروى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1/ 208)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (58/ 168) من طريق ابن شهاب قال: حدثني عروة بن الزبير أن المِسورَ بن مخرمة رضي الله عنه قدم وافدًا إلى معاوية بن أبي سفيان، فقضى حاجته، ثم دعاه فأخلاه، فقال: يا مسورُ، ما فعل طعنك على الأئمة؟! قال المسور: دعنا من هذا، وأحسِنْ فيما قدمنا له، فقال معاوية: لا والله لتكلمن بذات نفسك والذي نقمت علي، قال المسور: فلم أترك شيئًا أعيبه عليه إلا بيَّنته له، فقال معاوية: لا أبرأُ من ذنب! فهل تعد لنا يا مسور مما نلي من الإصلاح في أمر العامة؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، أم تعد الذنوب؟! فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنباه، فهل لك يا مسورُ ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلِك إن لم يعفُ الله لك؟! فقال المسور: نعم، فقال معاوية: فما جعلك برجاء المغفرة أحق مني؟! فوالله لَمَا آلِي من الإصلاح أكثرُ مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين أمرٍ لله وغيره إلا اخترت أمر الله على ما سواه، وإني لعلى دين يُقبل فيه العمل، ويُجزى فيه بالحسنات والذنوب إلا أن يعفو الله عنها، فإني أحسب كل حسنة عملتها بأضعافها من الأجر، وألي أمورًا عظامًا لا أحصيها ولا يحصيها من عمل بها لله في إقامة الصلوات للمسلمين، والجهاد في سبيل الله، والحكم بما أنزل الله، والأمور التي لست أحصيها وإن عددتها فتكفي في ذلك، قال مِسور: فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر ما ذكر، قال عروة بن الزبير: فلم أسمع المسور بعدُ يذكر معاوية إلا صلى عليه!

فهذه القصة صحيحة ثابتة، وقد رواها أيضًا عبدالرزاق الصنعاني في مصنفه (7/ 207) عن شيخه معمَرٍ، عن الزهري، عن حميد بن عبدالرحمن، عن المسور، وهذا إسنادٌ صحيح، رجاله من رجال البخاري ومسلم.

قال ابن عبدالبر في الاستيعاب (3/ 1422): "وهذا الخبرُ مِن أصح ما يُروى من حديث ابن شهاب، رواه عنه معمر وجماعة من أصحابه".

ورواه بنحوه البلاذري في أنساب الأشراف (5/ 53) من طريق عبدالحميد بن جعفر، عن عبدالرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبيه.

فهذا الصحابيُّ الجليل المِسور بن مخرمة صارَح معاوية بكل سيئاته، حتى قال: لم أترك شيئًا أعيبه عليه إلا بينته له، وأقر بها معاوية وقال: لا أبرأ من ذنب! وأخبر أنه يرجو رحمة الله كما يرجوها كل مسلم، وأنكر معاوية على المسور أنه ذكر سيئاته ولم يذكر حسناته، وقال له: إنا نعترف لله بكل ذنب أذنباه، فهل لك ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلك إن لم يعفُ الله لك؟! فما جعلك برجاء المغفرة أحق مني؟! فخصمه معاوية، فلم يعد يذكره المِسور إلا بخير، وصار يدعو له بعد أن كان يطعن فيه!

فهل في هذه القصة كفاية لكل ذي عقل؟!
هذا على فرض أن معاوية لم يكن صحابيًّا، ولم يصلِّ خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ممن كتب بين يديه، وعلى فرض أنه لم يصح الحديث الذي رواه الترمذي (3842) عن عبدالرحمن بن أبي عميرة، وكان مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية: ((اللهم اجعَلْه هاديًا مَهديًّا، واهدِ به))، وقد صحح هذا الحديث جماعة من المحدثين، منهم الألباني، ولكن لنفرض تنزلاً للخصم أنه لم يصح هذا الحديث، ولنفرض أن معاوية لم يكن ممن جاهَد في سبيل الله في الشام، ولم يكن أول من أسس أول أسطول بحري وجاهَد الروم في البحار، ولم يكن هو الذي فتح قبرص وقيسارية، ولم يكن صاحب أول جيش غزا القسطنطينية، ولم يكن يغزو في خلافته كل سنة مرتين، مرة في الصيف، ومرة في الشتاء، ولم يكن في خلافته حليمًا مقيمًا للعدل، فكيف إذا كانت له هذه الفضائل والمناقب وغيرها كما هو معروف في كتب التاريخ؟! فهل في تلك القصة كفاية لكل منصف؟!

ألا يستحق مَن كانت له هذه الفضائل أن نقول عنه: رضي الله عنه؟! فإن لم تكن له هذه الفضائل، ألا يجوز أن نقول لأي مسلم: رضي الله عنه من باب الدعاء لا الإخبار؟!

ألا يجوز أن ندعو لأي مسلم عاصٍ بالرحمة والرضوان وإن كان عاصيًا؟! بلى يجوز أن ندعو له ولو ثبت أنه يُعذَّب ما دام أنه مسلم، فمثلاً روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ففتح الله علينا، فلم نغنَمْ ذهبًا ولا وَرِقًا، غنِمْنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له، وهبه له رجل من جذام يدعى رفاعة بن زيد من بني الضبيب، فلما نزلنا الوادي، قام عبدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحله، فرُمي بسهم، فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئًا له الشهادة يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلا، والذي نفس محمد بيده، إن الشَّملة لتلتهب عليه نارًا، أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم))، فهذا العبد الغالُّ صحابيٌّ مسلم، ألا يجوز أن ندعو له بالرحمة ونترضى عنه ولو ثبت أنه يُعذَّب في قبره بسبب معصيته؟! فغُلوله ليس كفرًا، بل كبيرة من الكبائر، وإن عذَّب الله صاحب الكبيرة فإنه لا يخلده في النار؛ قال الله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، وأحاديث الشفاعة وخروج عصاة الموحِّدين من النار متواترة، لا يُنكرها إلا أهلُ البدع والضلالة، والصحابة أَوْلى الناس بالشفاعة، ومعلوم أن الصحابي قد يقع في كبيرة؛ فهم غير معصومين، وقد ثبَت أن أحد الصحابة قتل نفسه؛ كما في صحيح مسلم (978)، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (أُتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقصَ، فلم يصلِّ عليه)، قال النووي في شرح صحيح مسلم (7/ 47): "المشاقِصُ سِهامٌ عراض، وفي هذا الحديث دليل لمن يقول: لا يصلَّى على قاتل نفسه لعصيانه، وهذا مذهب عمر بن عبدالعزيز والأوزاعي، وقال الحسن والنخَعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء: يصلى عليه، وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ عليه بنفسه؛ زجرًا للناس عن مِثلِ فعله، وصلت عليه الصحابة، وهذا كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في أول الأمر على مَن عليه دَينٌ؛ زجرًا لهم عن التساهل في الاستدانة، وعن إهمال وفائه، وأمر أصحابه بالصلاة عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((صلُّوا على صاحبكم))، قال القاضي عياض: مذهب العلماء كافة الصلاة على كل مسلم، ومحدود، ومرجوم، وقاتل نفسه، وولد الزنا، وعن مالك وغيره: أن الإمام يجتنب الصلاة على مقتول في حد، وأن أهل الفضل لا يصلون على الفسَّاق؛ زجرًا لهم"؛ انتهى المراد منه، فهذا صحابي ارتكب كبيرة وقتل نفسه، ولم يصلِّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ زجرًا للناس عن فعله، ولم يَنْهَ أصحابه عن الصلاة عليه، ولا نهاهم عن الدعاء له، ويجوز أن نقول عن هذا الصحابي الذي قتل نفسه: رحمه الله، وأن نقول: رضي الله عنه، ودعاؤنا له بالرحمة والرضوان هو من باب الدعاء، لا من باب الإخبار؛ فإنَّا لا ندري هل يغفر الله له أو يعذبه، ولكن إن عذبه فإنه لا يخلده في نار جهنم، وإنما يخلد الله في جهنم الكفار، وقد روى مسلم في صحيحه (116) عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: هاجر الطفيل بن عمرو الدوسي وهاجر معه رجل من قومه، فاجتوَوُا المدينة، فمرض، فجزع، فأخذ مشاقصَ له، فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيًا يديه، فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لي أراك مغطيًا يديك؟! قال: قيل لي: لن نُصلحَ منك ما أفسدتَ، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم وَلِيَدَيْهِ فاغفِرْ))، والظاهر أن هذا الصحابي رضي الله عنه هو نفس الصحابي الذي قتل نفسه ولم يصلِّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا دعا له نبي الرحمة بالمغفرة، فنحن ندعو لكل مسلم بالمغفرة والرحمة وإن كان عاصيًا، وإن كان فاسقًا، وإن ارتكب كبيرة، ما دام أنه مسلم، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الصحابي، ونقول عنه: رضي الله عنه دعاءً لا خبرًا.

وهذه مسألة مهمة جدًّا، فنحن عندما نترضى على المبشرين بالجنة - كالخلفاء الراشدين، وبقية العشَرة، وأصحاب بدر والحديبية - فهذا من باب الإخبار والدعاء، أما عندما نترضى عن غيرهم ممن لم يثبت بالنص كونُهم من أهل الجنة فهذا من باب الدعاء لا الإخبار، وبهذا يزول كثير من الإشكال.

فليس ترضِّينا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، كترضِّينا عن صحابي قتَل نفسه، أو ظلَم نفسه بالغُلول أو غير ذلك، فترضِّينا عن الأولين إخبارٌ ودعاءٌ، وترضِّينا عن الآخرين دعاءٌ لا إخبارٌ.

ثم ها هنا مسألة مهمة أيضًا، وهي هل كل من ثبت له شرف الصحبة أفضل مِن كل من ليس من الصحابة؟
هذه المسألة فيها قولان مشهوران لأهل العلم؛ فجمهور العلماء أن كل مَن ثبت له شرف الصحبة أفضل من كل من جاء بعد الصحابة، حتى وإن كان ذلك الصحابي ممن ظلم نفسه بكبيرة من الكبائر؛ كقاتل نفسه، أو الغالِّ، أو كان من الأعراب الذين قالوا: آمنا، فقال الله: قل: لم تؤمنوا ولكن قولوا: أسلمنا، فعند جماهير العلماء أن كل من ثبت له لقيا النبي صلى الله عليه وسلم وآمَن به أنه أفضل مِن كل من جاء بعده، ولو كان من أكابر علماء الأمة، أو مجاهديها، أو زهَّادها، وقالوا: شرف الصحبة لا يعدله شيء، والقول الثاني: أنه يمكن لبعض من جاء بعد الصحابة أن يكون أفضل من بعض الصحابة.

قال الحافظ العلائي في كتابه تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة ص 74: "ذهب بعضهم إلى أنه لا يلزم من تفضيل مجموع القرن الأول على من بعده تفضيل كل فرد فرد من القرن الأول، على كل فرد فرد ممن بعدهم، ورأوا أن في آخر الزمان من يكون أفضل من بعض آحاد الصحابة رضي الله عنهم، وهذا اختيار ابن عبدالبر والقرطبي؛ للجمع بين جميع الأحاديث، واستثنى ابن عبدالبر أهل بدر والحديبية؛ للتنصيصِ على فضلهم على كل هذه الأمة".

والذي يظهر لي أن القول الثاني أصح، وقد وجدت دليلاً عليه من القرآن لم أجد أحدًا نبه عليه، فإن كان الاستدلال صحيحًا فهذا من فضل الله، وإن كان خطأ فهو من نفسي والشيطان، وتبقى المسألة اجتهادية يُتكلم فيها بالحجج العلمية، ولا يُضلل المخالف، والدليل هو قوله تعالى في سورة الواقعة: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 10 - 14]، ثم قال سبحانه عن أصحاب اليمين: ﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 39، 40]، رجح ابن كثير في تفسيره (7/ 518): أن المراد بقوله: ﴿ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الواقعة: 39]؛ أي: من صدر هذه الأمة، ﴿ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ﴾ [الواقعة: 14] أي: من هذه الأمة، ونقل هذا عن الحسن البصري وابن سيرين، فهذه الآيات واضحة الدلالة على أن بعض آخر هذه الأمة أفضل من أولها، فإن الله أخبر أن السابقين المقربين - وهم قطعًا أفضل الناس - هم جماعة كثيرة من الأولين، وجماعة قليلة من الآخرين، وأخبر الله أن أصحاب اليمين - وهم دون المقربين في الفضل - جماعة كثيرة من الأولين، وجماعة كثيرة من الآخرين، فدلَّ هذا بوضوح على أن مِن الآخِرين مَن هم من المقربين، وأن من الأولين من هم من أصحاب اليمين، وهذا دليل واضح جدًّا على أن بعض الآخرين يكونون أفضل من الأولين؛ لأن الآيات تنص على أن بعض الآخرين هم من المقربين السابقين، وأن بعض الأولين هم من أصحاب اليمين، وهذا الدليل نص في هذه المسألة، ويؤيد هذا دليلٌ آخر من القرآن لم أجد أيضًا مَن نبه عليه مع وضوحه، وهو قوله تعالى: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 14]، فهؤلاء الأعراب رضي الله عنهم لهم شرف الصحبة، ومع هذا أخبر الله أنهم لم يصِلوا إلى مرتبة الإيمان التي أنكر عليهم ادعاءَها، ولا شك أن كثيرًا من الذين جاؤوا بعد الصحابة وصلوا إلى مرتبة الإيمان؛ فهم أفضل من كثير من هؤلاء الأعراب رضي الله عنهم، ويدل على هذا أيضا أحاديث صحيحة، منها:
ما رواه أحمد في مسنده (16976) عن ابن محيريز قال: قلت لأبي جمعة: حدثنا حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: نعم، أحدثك حديثًا جيدًا، تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال: يا رسول الله، هل أحدٌ خيرٌ منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك، قال: ((نعم، قومٌ مِن بعدكم يؤمنون بي ولم يرَوْني))، وهذا الحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3310)، والأرناؤوط في تحقيق المسند (28/ 182).

والظاهر أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث تفضيل بعض آخر هذه الأمة على بعض أصحابه مِن غير أهل بدر والحديبية؛ لأن أهل بدر والحديبية قد فضَّلهم الله على كل من جاء بعدهم، فقال سبحانه: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 10]، وأبو عبيدةَ بنُ الجراح رضي الله عنه ممن أنفَق مِن قبلِ الفتح وقاتَل؛ فهو أفضل من كل من جاء بعده، ولكن يحمل الحديث على ما ذكرته؛ جمعًا بين الآية والحديث، وقد يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة ويريد بعضهم؛ كما في حديث أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبُّوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مِثل أُحد ذهبًا، ما بلغ مُدَّ أحدهم، ولا نَصِيفه))؛ متفق عليه.

ومما يدل على تفضيل بعض صالحي المتأخرين على بعض مَن كان من جملة الصحابة ما رواه مسلم (249) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة، فقال: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددتُ أنَّا قد رأينا إخواننا))، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: ((أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لم يأتوا بعدُ))، فقالوا: كيف تعرف مَن لم يأتِ بعدُ من أمتك يا رسول الله؟ فقال: ((أرأيت لو أن رجلاً له خيل غُرٌّ محجلة بين ظَهْرَيْ خيل دُهْمٍ بُهْمٍ، ألا يعرف خيله؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنهم يأتون غُرًّا محجَّلين من الوضوء، وأنا فرَطُهم على الحوض، ألا لَيُذادنَّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلمَّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا)).

قال القاضي عياض اليحصبي - رحمه الله - تعليقًا على هذا الحديث في كتابه إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 49): "ذهب أبو عمر بن عبدالبر في هذا الحديث وغيره من الأحاديث في فضل مَن يأتي آخر الزمان إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من هو أفضل ممن كان من جملة الصحابة، وأن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((خيركم قرني)) على الخصوص، معناه: خير الناس قرني؛ أي: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، ومن سلك مسلكهم، فهؤلاء أفضل الأمة، وهم المرادون بالحديث، وأما من خلط في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم وإن رآه وصحبه ولم يكن له سابقة ولا أثر في الدين، فقد يكون في القرون التي تأتي بعد القرن الأول مَن يفضلهم، على ما دلت عليه الآثار، وذهب إلى هذا غيره من المتكلمين على المعاني، وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا، وأن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم مرة من عمره، وحصلت له مزية الصحبة: أفضل من كل من يأتي بعده، وأن فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل، قالوا: وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهبًا، ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصِيفه))، وحجة الآخر عن هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبعضهم عن بعض، فدل أن ذلك للخصوص لا للعموم"، والظاهر من كلام القاضي عياض أنه يتابع ابن عبدالبر في القول بأنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من هو أفضل ممن كان من جملة الصحابة.

ومما يدل على تفضيل بعض صالحي المتأخرين على بعض من كان من جملة الصحابة: الحديث الذي رواه ابن نصر في كتاب السنة مرفوعًا: ((إن مِن ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهنَّ يومئذ بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم))، قالوا: يا نبي الله، أو منهم؟ قال: ((بل منكم))، صححه الألباني، وذكر شواهده في سلسلة الأحاديث الصحيحة (494).

وروى أحمد (22138) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرار))، وحسنه الأرناؤوط، وصححه الألباني.

ومما يدل على فضل من يأتي في آخر الزمان: ما رواه مسلم في صحيحه (2897) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تقوم الساعة حتى ينزل الرومُ بالأعماق أو بدابَق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافُّوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سَبَوْا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدًا، ويقتل ثلثهم، أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يفتنون أبدًا، فيفتتحون قسطنطينية)).

ويكفي في الدلالة على تفضيل بعض آخر هذه الأمة: ما رواه الترمذي (2869) عن أنس رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مثَل أمتي مثَل المطر، لا يُدرى أوله خير أم آخره))، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 355)، وذكر أنه جاء من حديث أنس، وعمار بن ياسر، وعبدالله بن عمر، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن عمرو رضي الله عنهم.

وختامًا أنبه على أن الله أمرنا أن نستغفر لمن سبقونا بالإيمان، وهذا يدل بوضوح على أنهم غير معصومين، فطوبى لمن أحسن الظن بإخوانه المسلمين، لا سيما إن كان من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ودعا لهم جميعًا بالمغفرة كما أمره الله في كتابه، ولم يجعل في قلبه غلاًّ للذين آمنوا، واجتنب كثيرًا مِن الظن الذي يجعله يسيء إلى السابقين له بالإيمان بما لا يعلم وقوعه منهم، ولو أُوقف لِيحلف بالله إن ذلك وقع منهم، لَمَا تجرأ على الحلف إن كان ذا تقوى؛ لأنه لم يرَ ولم يسمع، فكيف يصيب قومًا بجهالة بسبب أخبار باطلة، أو أخبار صحيحة لكن قد زِيد فيها ونقص، وما آفة الأخبار إلا رواتها، أو أخبار لا يعلم وجهها، ولا يعلم حقيقتها، أو أخبار قد تاب أصحابها، أو أخبار لأصحابها من الحسنات ما يكفر الله بها سيئاتهم؟! ولم لا يدعو المسلم لهم وإن أخطؤوا، ويترضى عنهم بدلاً من سبِّهم ولعنهم وسوء الظن بهم؟! حتى وإن عذَّب الله من يشاء من هذه الأمة ببعض ذنوبهم فلن يخلدهم الرحمن في النار؛ لأنهم مسلمون موحدون، فلم لا نسأل الله أن يغفر لهم، والله أرحم الراحمين؟!

فيا أخي المسلم، احذر من الذين يريدون أن يوغروا صدرك على المؤمنين السابقين، واعلم أن الصحابة بشر غير معصومين، فهل ستكون من أهل هذه الآية الكريمة العاملين بها: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]؟!

اللهم اغفِرْ لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/84553/#ixzz3nQFz5Azy

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 06:54 AM
القواعد السبع الكافية
في الرد على عدنان إبراهيم في منهجه التشكيكي للسنة النبوية

الحمد لله الذي حفظ سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأهل الحديث، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، أما بعد:
فهذه سبع قواعد مهمة تبين منهج العلماء في التعامل مع السنة النبوية، وتبين بُعد عدنان إبراهيم عن المنهج العلمي للعلماء في دراسة السنة المطهرة، وفيها كفاية في الرد على منهجه التشكيكي للسنة الصحيحة، حيث يرد منها ما يشاء، ويقبل منها ما يشاء، ويحسب أنه يحسن بذلك صنعا!!

وهذه هي القواعد:
القاعدة الأولى: الجزم في مقام الاحتمال القوي معيب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" شرح صحيح البخاري (1/ 204): "طريقة البخاري في الأحكام التي يقع فيها الاختلاف أن لا يجزم فيها بشيء بل يوردها على الاحتمال"، وهذه طريقة المنصفين من العلماء كما قال الشافعي رحمه الله: "قولي صواب يحتمل الخطأ وقولك خطأ يحتمل الصواب"، وقد عاب العلماء على الحافظ ابن حبان والعلامة الكرماني رحمهما الله الجزم في مقام الاحتمال، قال ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 122): "أبداه عياض والقرطبي احتمالا، وقال النووي: إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان كعادته "، وقال أيضا في "فتح الباري" (7/ 67): "لم أعرف من أين تهيأ للكرماني الجزم بذلك مع الاحتمال؟!!"، وما أكثر ما يجزم عدنان إبراهيم مع وجود الاحتمال القوي مثل جزمه بأن أحاديث رجم الزاني المحصن منسوخة، ولم يأت بدليل مقبول على جزمه هذا، مع أن احتمال كونه غير منسوخ هو الظاهر وهو الأصل وهو اليقين والإجماع!!

والمراد بالاحتمال في هذه القاعدة ما كان احتمالاً قوياً له وجه شرعي يسنده، وقرائن احتفت به تقويه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى الكبرى (1/ 224): "كل احتمال لا يُسند إلى أمارة شرعية لم يُلتفت إليه". فإذا كان الاحتمال بعيدا فلا بأس بالجزم، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 461): "الشك لا يؤثر في الجزم".

القاعدة الثانية: تكذيب الخبر مع احتمال صدقه ضلال مبين.
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 52]، والحديث الصحيح وحي من الله، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، وروى أحمد في مسنده (22215) وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2178) عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما أَقُولُ مَا أُقَوَّلُ "، أي أقول لكم ما أوحاه الله إلي، وروى أحمد في مسنده (17174) وأبو داود في سننه (4604) بسند صحيح عن المقدام بن معدي كرب الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه".

قال ابن القيم رحمه الله في حاشيته على سنن أبي داود (7/ 348): "وأما رد الحديث بالقياس فلو لم يكن فيه إلا أنه قياس فاسد مصادم للنص لكفى ذلك في رد القياس، ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس، وبالله التوفيق".

وما أكثر ما يرد عدنان إبراهيم كثيرا من الأحاديث الصحاح لأدنى شبهة تعرض له مثل أحاديث نزول عيسى بن مريم آخر الزمان، وأحاديث الشفاعة وخروج الموحدين من النار برحمة الله الواسعة، فهو يُكذِّبها ويكفر بها ويجحدها مع أنه لو أنصف لوجد أن احتمال صدقها قوي جدا والشبهة في ردها ضعيفة جدا!!

فطريقة العلماء ليست التكذيب والإنكار بما لم يحط الإنسان بعلمه ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 39]، ولا الجزم في مقام الاحتمال المعتبر، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء: 36] أي لا تقل ما لا تعلم، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية (5/ 75): " نهى الله تعالى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال، كما قال تعالى: ﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، وفي الحديث: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث"".

وقد بحثت في المكتبة الشاملة في كتب التفسير وعلوم القرآن والفقه وشروح الحديث والفتاوى وكتب ابن تيمية وابن القيم عن كلمة: (يحتمل) وما تصرف منها فوجدتها 68300 (قريب من سبعين ألفا في 1100 كتاب)!!

فانظروا إلى منهج العلماء رحمهم الله، لا كالمتعالمين الذين يجزمون في مقام الاحتمال، ولا كأهل البدع والضلال الذين يُكذِّبون بعض أحاديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم وينكرونها ويجحدونها بدعوى أنها لم تدخل عقل الواحد منهم!!

وقد قرن الله من يُكذِّب بالصدق بمن كذَب على الله، وحكم عليهما جميعا بأنهما ظالمين فقال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 32، 33].

القاعدة الثالثة: اليقين لا يزول بالشك، وخبر المتخصصين في علمٍ ما لا يصح أن يرده الجاهلون بذلك العلم بالظن.
فمثلا قواعد أهل الطب لا يُقبل ردها من الجاهلين بالطب، وقواعد النحاة لا يردها الجاهل بالنحو، وهكذا ما صححه المحدثون من الأحاديث لا يُقبل ردها بالظن، فإن الظن لا يغني من الحق شيئا، ونقول لمن أراد أن يشكك في حديث في الصحيحين أو في غيرهما مما صححه أهل الحديث: لن يُقبل ذلك منك إلا إذا أتيت بحجة بينة بحسب القواعد التي وضعها أهل الحديث رحمهم الله، فإنهم لا يضعفون الحديث إلا لطعن في أحد الرواة أو لسقط في الإسناد، فأثبت لنا أن أحد رواة الحديث غير ثقة أو أنه أخطأ في روايته، أو أثبت لنا أن هناك سقطا في الإسناد وانقطاعا، وإلا فاسكت خيرا لك.

فطريقة أهل الحديث أنهم يجمعون طرق الحديث فيتبين لهم الصواب من الخطأ، وبجمعهم للروايات يتبين لهم حال الرواة في الحفظ والإتقان، فمن وافق من الرواة أصحابه الذين يشاركونه في الرواية عن شيخهم تبين لهم ضبطه وإتقانه، فإن خالفهم بالزيادة والنقصان والخطأ تبين لهم ضعف حفظه، فإن أضاف إلى ذلك تفرده بروايات عن شيخهم الواحد ولم يذكرها غيره من طلاب ذلك الشيخ تبين لأهل الحديث كذب ذلك الراوي أو اتهموه بالكذب بحسب إكثاره من التفرد وبحسب مروياته ومخالفته لأقرانه الذين يروون عن شيخ واحد.

قال الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه (1/ 7): "وعلامة المنكر في حديث المحدث، إذا ما عُرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا، خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث، غير مقبوله".

وقال ابن أبي حاتم رحمه الله في مقدمة كتابه الجرح والتعديل (1/ 5 -7 ): " وجب أن نميز بين عدول الرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة. ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حُق علينا معرفتهم، ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم، علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل، لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات. وأن يُعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم، وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو والاشتباه، ليُعرف به أدلة هذا الدين.

وليُعرف أهل الكذب تخرصا، وأهل الكذب وهما، وأهل الغفلة والنسيان والغلط ورداءة الحفظ، فيُكشف عن حالهم، فيسقط حديث من وجب منهم أن يسقط حديثه ولا يُعبأ به ولا يُعمل عليه، ويُكتب حديث من وجب كتب حديثه منهم على معنى الاعتبار.

ثم احتيج إلى تبيين طبقاتهم ومقادير حالاتهم وتباين درجاتهم؛ ليُعرف من كان منهم في منزلة الانتقاد والبحث عن الرجال والمعرفة بهم، وهؤلاء هم أهل التزكية والتعديل والجرح. ويُعرف من كان منهم عدلا في نفسه من أهل الثبت في الحديث والحفظ له والإتقان فيه. ومنهم من قد ألصق نفسه بهم ودلسها بينهم ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منهم الكذب، فهذا يُترك حديثه ويطرح روايته ويُسقط ولا يُشتغل به" انتهى بتصرف واختصار.

القاعدة الرابعة: إذا تعارض نصان ثابتان يُجمع بينهما ولا يُكذَّب أحدهما.
إذا تعارض نصان ثابتان سواء كانا آيتين أو آية وحديثا، أو حديثين، فإن العلماء يقولون: يُجمع بينهما فإن لم يمكن يُنظر الناسخ من المنسوخ، فإن لم يُعرف المتقدم من المتأخر يُرجح بينهما، والمرجحات عند العلماء أكثر من 100 مرجح لا يعلم منها المشككون في السنة إلا أن يُقدم القرآن على السنة أو المتواتر على الآحاد!! ثم إن لم يمكن الترجيح يقولون: نتوقف وفوق كل ذي علم عليم.

انظر في بيان هذا كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر ص 97، وانظر كتاب التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للحافظ العراقي رحمه الله ص 286 وما بعدها فقد ذكر مائة وعشرة من المرجحات!!

فهذه طريقة أهل العلم قديما وحديثا، أما طريقة أهل الأهواء فالتكذيب والرد لما يظنونه لا يدخل عقولهم!!

وطريقتهم هذه مبتدعة ومتناقضة، وقد توصلهم إلى الكفر إن أعملوها في نصوص القرآن الكريم، وهم إن لم يعملوها في القرآن وأعملوها في السنة فقد تناقضوا؛ فإن القرآن والسنة الصحيحة كلاهما وحي وكلاهما حق، وإن صدَّقوا ببعض الآيات القرآنية وإن لم تدخل عقولهم فلماذا لا يقبلون بعض ما في السنة مما لم يدخل عقولهم؟!!

وهذا التناقض الواضح يكفي في بيان بطلان منهجهم، فإن في القرآن العظيم أشياء تحير العقل ويجب الإيمان بها وإن لم تدخل عقولنا، وسأذكر ثلاثة أمثلة من سورة واحدة وهي سورة الكهف:
1- قصة أصحاب الكهف العجيبة وفيها قال تعالى: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ [الكهف: 25]، وهذا شيء عجيب جدا قد لا يدخل عقول الكفرة، ولكننا نؤمن به ولا نشك فيه لقول الله، ولو جاءت هذه القصة في حديث صحيح لما شككنا فيه أيضاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

2- قصة موسى مع الخضر عليهما الصلاة والسلام فيها عجائب كثيرة منها قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ [الكهف: 61] أي أحياه الله بعد موته واتخذ طريقاً في البحر، حيث حبس الله جرية الماء فصار هناك نفقاً في مكان دخول الحوت البحر!! وهذا شيء عجيب جدا كما قال فتى موسى: ﴿ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾ [الكهف: 63]، فهل يدخل هذا العقل؟! نعم يدخل عقول المؤمنين، ومن كذَّب بهذا كفر، ولو كان هذا في حديث صحيح لآمنا به، ولم نقل: هذا من الإسرائيليات كما هو منهج المهندس عدنان إبراهيم!!

3- قصة ذي القرنين وبنائه الردم، قال تعالى حاكيا عنه: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾ [الكهف: 96، 97]، وهذا أمر عجيب جدا يحير العقول ولكن ليس محالا، فالله آتى ذا القرنين من كل شيء سببا، ونحن نؤمن بهذه القصة التي أخبرنا الله عنها ولا نشك فيها، ومن شك فيها وقال: هذا من أساطير الأولين فقد كفر، ولو كانت هذه القصة في حديث صحيح ولو كان في صحيحي البخاري ومسلم لسمعنا عدنان إبراهيم يسارع بقوله: هذا من خرافات الأولين!! ولسمعنا أتباعه يرددون قوله كالببغاوات ويقولون: هذا لا يدخل العقل ولا يمكن أن نصدقه أبداً!!

وكأني بالإمام أبي محمد بن قتيبة رحمه الله المتوفى سنة 276هـ يرد على عدنان إبراهيم وأشباهه في كتابه تأويل مختلف الحديث ص 61: "قال أبو محمد: وقد تدبرت -رحمك الله- كلام العايبين فوجدتهم يقولون على الله ما لا يعلمون، ويعيبون الناس بما يأتون، ويبصرون القذى في عيون الناس، وعيونهم تطرف على الأجذاع، ويتهمون غيرهم في النقل، ولا يتهمون آراءهم في التأويل. ومعاني الكتاب والحديث، وما أودعاه من لطائف الحكمة وغرائب اللغة، لا يدرك بالطفرة والكيفية والكمية والأينية، ولو ردوا المشكل منهما إلى أهل العلم بهما، وضح لهم المنهج، واتسع لهم المخرج" انتهى كلامه رحمه الله.

ومدرسة عدنان إبراهيم العقلية ليست جديدة، بل هي قديمة جداً من قبل عهد ابن قتيبة رحمه الله لكنها تتكرر في كل عصر، وما أكثر ضحايا هذه المدرسة التشكيكية، قال الله سبحانه: ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ [يونس: 36]، وقال تعالى: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 147]، فكونوا يا عباد الله من الصدِّيقين ولا تكونوا من المرتابين!!

القاعدة الخامسة: باجتماعِ النقلِ الصحيح والعقلِ الصريح تُدْرَكُ الحقائق الشرعيَّةُ.
باجتماعِ النقلِ الصحيح والعقلِ الصريح تُدْرَكُ الحقائق الشرعيَّةُ؛ فلا النقلُ وحده يُفِيدُ فاقدَ العَقْلِ، ولا العقلُ وحده يُفِيدُ فاقدَ النَّقْل، فلا بد من اجتماعهما، وبنقصِ واحدٍ منهما تَنْقُصُ المعرفةُ بالحَقّ.

وليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح من القرآن والسنة ما يوجب مخالفة الشرع أصلاً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموعة الرسائل والمسائل (3 /64-65): "كل ما يدل عليه الكتاب والسنة فإنه موافق لصريح المعقول، والعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، ولكن كثيراً من الناس يغلطون إما في هذا وإما في هذا، فمن عرف قول الرسول ومراده به كان عارفاً بالأدلة الشرعية وليس في المعقول ما يخالف المنقول، ولهذا كان أئمة السنة على ما قاله أحمد بن حنبل: معرفة الحديث والفقه فيه أحب إلي من حفظه، أي معرفته بالتمييز بين صحيحه وسقيمه، والفقه فيه معرفة مراد الرسول وتنزيله على المسائل الأصولية والفروعية أحب إلي من أن تحفظ من غير معرفة وفقه، وهكذا قال علي بن المديني وغيره من العلماء فإنه من احتج بلفظ ليس بثابت عن الرسول أو بلفظ ثابت عن الرسول وحمله على ما لم يدل عليه فإنما أتي من نفسه. وكذلك العقليات الصريحة إذا كانت مقدماتها وترتيبها صحيحاً لم تكن إلا حقاً لا تناقض شيئاً مما قاله الرسول، والقرآن قد دل على الأدلة العقلية التي بها لم تكن إلا حقاً وتوحيده وصفاته وصدق رسله وبها يعرف إمكان المعاد، ففي القرآن من بيان أصول الدين التي تعلم مقدماتها بالعقل الصريح ما لا يوجد مثله في كلام أحد من الناس " انتهى مختصرا.

القاعدة السادسة: إن تعارض النقل والعقل في الظاهِرِ قُدِّمَ النَّقْلُ على العقلِ.
إن تعارض النقل والعقل في الظاهِرِ قُدِّمَ النَّقْلُ على العقلِ؛ لأنَّ النَّقْلَ عِلْمُ الخالِقِ الكامِلِ، والعَقْلَ عِلْمُ المخلوقِ القاصِر، وهذا التعارض يكون بحسب الظاهر لا في حقيقة الأمر؛ فإنه لا يمكن أبداً حصول تعارض بين النقل الصحيح والعقل الصريح، وإذا وجد تعارض فإما أن يكون النقل غير صحيح أو العقل غير صريح . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرسالة العرشية ص35: " ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كله حق يصدق بعضه بعضا، وهو موافق لفطرة الخلائق، وما جعل فيهم من العقول الصريحة، والقصود الصحيحة، لا يخالف العقل الصريح، ولا القصد الصحيح، ولا الفطرة المستقيمة، ولا النقل الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنما يظن تعارضها: من صدَّق بباطل من النقول، أو فهم منه ما لم يدل عليه، أو اعتقد شيئا ظنه من العقليات وهو من الجهليات، أو من الكشوفات وهو من الكسوفات إن كان ذلك معارضا لمنقول صحيح وإلا عارض بالعقل الصريح، أو الكشف الصحيح، ما يظنه منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون كذبا عليه، أو ما يظنه لفظا دالا على شيء ولا يكون دالا عليه ".

والعقل كالبَصَر، والنقل كالنُّور؛ لا يَنتفِعُ المُبْصِرُ بعينِهِ في ظلامٍ دامِس، ولا يَنتفِعُ العاقلُ بعقلِهِ بلا وَحْي، وبِقَدْرِ النورِ تَهْتَدِي العَيْن، وبقدرِ الوحيِ يَهتَدِي العَقْل، وبكمالِ العقلِ والنقلِ تَكتمِلُ الهدايةُ والبصيرة؛ كما تَكتمِلُ الرؤيةُ حِينَ الظَّهِيرَة، فالمؤمنون أبصر الناس بالحقائق الشرعية لجمعهم بين النقل الصحيح والعقل الصريح قال تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122]، وقال سبحانه: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 14].

القاعدة السابعة: يجب اتباع الوحي وعدم الاستغناء عنه بالعقل وحده.
يجب اتباع الوحي وعدم الاستغناء عنه بالعقل وحده، ومَنْ قالَ: إِنَّهُ يَهتَدِي إلى اللهِ بعقلِهِ المُجرَّدِ بلا وحيٍ، فهو كمَنْ قالَ: إنَّهُ يَهْتَدِي إلى طريقِهِ بعينِهِ المُجرَّدَةِ بلا ضياءٍ، وكُلٌّ منهما جاحدٌ لقطعيٍّ ضروريٍّ، والأوَّلُ بلا دِين، والثاني بلا دُنْيَا. والأول بلا بصيرة، والثاني بلا بصر، قال تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].

والوحي هو الذي يَهْدِي الأنبياءَ، ويَهْدِي أَتْبَاعَهُمْ، ويدل على هذا قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾ [سبأ: 50]، وقوله سبحانه: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54]، فلا هداية إلا لمن اتبع الوحي ومن لم يتبعه فقد ضل ضلالا مبينا قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء:136]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

وقد ضل مَنْ يقول: لا أُصدِّق بأي حديث إلَّا إذا أدرَكَهُ عقلي، وما لا يُدْرِكُهُ لا أُؤمِنُ به، فإن هذا قَدَّمَ العقلَ القاصر الناقص الذي يجهل أكثر مما يعلم على الحديث الصحيح الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالمؤمن العاقل يقدم الحديث الصحيح على كل عقل، فما لا يُدرِكُهُ العقلُ لا يَعْنِي عدَمَ وجودِهِ، ولكنَّهُ هو غيرُ مُدْرِكٍ له، فللعقلِ حَدٌّ يَنتهِي إليه، كما أنَّ لِلْبَصَرِ حَدًّا ينتهِي إليه لا ينتهي الكونُ والوجودُ بنهايتِهِ، وللسمعِ حَدٌّ لا تنتهِي الأصواتُ بنهايتِهِ؛ فللنَّمْلَةِ صوتٌ لا يُسْمَع، وفي الكونِ فَضَاءٌ وكواكبُ ونجومٌ لا تُرَى.

ومعلوم أن النصوص الشرعية منها ما يفهمه غالب الناس، ومنها مما لا يفهمه إلا العلماء، ومنها ما لا يفهمه ويعرف دلالته إلا الراسخون من أهل العلم، فيكون موقفنا هو العمل بالمحكم والوقوف عند المتشابه. والمتشابه: هو ما لا يعلمه إلا الراسخون من أهل العلم، وأما جعل هذا المتشابه أصلا، أو التشكيك في المحكمات بضربها بالمتشابهات فهذا سبيل أهل الغي، يقول الله سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].

والعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح بحال، ومتى توهم متوهم أن نصا من النصوص الشرعية الثابتة مخالف للعقل فليتهم عقله هو، والشريعة الإسلامية - بحمد الله- تأتي بما تحار فيه العقول ولا تأتي أبدأ بما تحيله العقول كما قرر ذلك المحققون من العلماء، بمعنى أن الشريعة لا تأتي بما تعده العقول السليمة أمرا مستحيلا.

ويجب التسليم للنقل الصحيح أخبارا وأحكاما سواء عَرَفْنا العِلَّةَ أو لم نَعْرِفْها، قال الزهري رحمه الله: "من الله الرسالة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ، وعلينا التسليم ".

فبعض القضايا العقلية الثابتة بالأدلة القطعية لا تدركها بعض العقول لعدم فهمها لها، فكيف بالقضايا التي لا تحيط بها العقول وهي كثيرة جدا مما نراه ونشاهده؟! ومن أقربها سبب تثاؤب بعض الناس عند تثاؤب شخص آخر في المكان الذي هو فيه!! فلا تعرف العقول سبب ذلك، ومن تكلم في سبب ذلك بالظن لا يمكنه أن يطلب من جميع الناس أن يسلموا بتفسيره، ومثل ذلك الروح لا تحيط العقول بحقيقتها قال الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85] قال الشوكاني رحمه الله في تفسيره فتح القدير (3 /302): " أي: هو من جنس ما استأثر الله بعلمه من الأشياء التي لم يعلم بها عباده، ثم ختم سبحانه هذه الآية بقوله سبحانه: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85] أي: أن علمكم الذي علمكم الله، ليس إلا المقدار القليل بالنسبة إلى علم الخالق سبحانه، وإن أوتي حظا من العلم وافرا، بل علم الأنبياء عليهم السلام ليس هو بالنسبة إلى علم الله سبحانه إلا كما يأخذ الطائر في منقاره من البحر، كما في حديث موسى والخضر عليهما السلام" انتهى.

وبالجملة يجب على المسلم أن يقدم قول الله ورسوله على كل قول وعلى كل قياس وعلى كل ذوق وعلى كل استحسان، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1] قال ابن كثير في تفسيره: " أي: لا تسرعوا في الأشياء بين يديه، أي: قبله، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، وعن ابن عباس قال: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، وقال الضحاك: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله من شرائع دينكم. وقال سفيان الثوري: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1] بقول ولا فعل " انتهى.

ومن أشكل عليه حديثاً صحيحاً فلا يبادر إلى إنكاره وتكذيبه ورده، بل يرجع إلى كلام أهل العلم في شرحه وتوجيهه، روى ابن ماجه (20) بسند صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، فظنوا به الذي هو أهناه، وأهداه، وأتقاه»، وقد ألف العلماء كثيرا من الكتب في بيان مشكل الحديث وتكلموا في توجيه ما يشكل منها أو ما يخالف بعضها بعض في الظاهر، كما تكلموا في توجيه الآيات القرآنية المتعارضة في الظاهر، وألفوا كتبا كثيرة في ذلك من أجمعها كتاب العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" وأكتفي هنا بذكر مثالين يبينان توجيه العلماء للآيات المتعارضة في الظاهر:
المثال الأول: قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ [البقرة: 29] هذه الآية تعارض في الظاهر آيات سورة النازعات ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾ [النازعات: 27 - 31]، حيث تدل آية سورة البقرة على أن خلق الأرض قبل خلق السماء بدليل لفظة: «ثم»، ومثلها آيات سورة فصلت: ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ [فصلت: 9 - 12] بينما آيات سورة النازعات تدل على أن خلق الأرض بعد خلق السماء!!

وقد سُئل عن هذا الإشكال حبر القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولاً قبل السماء غير مدحوة، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعا في يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي والأنهار وغير ذلك، فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها ونحو ذلك بعد خلق السماء، ويدل لهذا أنه قال: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ [النازعات: 30] ولم يقل: خلقها، ثم فسر دحوه إياها بقوله: ﴿ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾ [النازعات: 31]، وجمع بعض العلماء بجمع آخر وجيه وهو أن معنى قوله: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ [النازعات: 30] أي مع ذلك، فلفظة «بعد» بمعنى مع، ونظيره قوله تعالى: ﴿ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ﴾ [القلم: 13]، فهذان وجهان صحيحان للجمع بين الآيتين، ولو كانت آية سورة النازعات واردة في حديث صحيح لسارع المبطلين أمثال عدنان إبراهيم بالتكذيب به بدعوى التعارض بين القرآن والحديث!!

المثال الثاني: قوله تعالى في سورة المرسلات: ﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ [المرسلات: 35، 36] هذه الآية الكريمة تدل على أن أهل النار لا ينطقون ولا يعتذرون، وقد جاءت آيات أخرى تدل على أنهم ينطقون ويعتذرون، كقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾، وقوله: ﴿ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ ﴾ [غافر: 71 - 74]، فهذه الآيات تعارض في الظاهر آية سورة المرسلات، ولو كانت آية سورة المرسلات حديثاً صحيحاً لسارع المبطلين إلى رده بدعوى مخالفته للقرآن، مع أن الجمع ممكن فقد قال أهل العلم: القيامة مواطن كثيرة، ففي بعضها ينطقون وفي بعضها لا ينطقون، وبهذا نصدق بجميع النصوص، وكلها حق، ولا تُرد بعض النصوص ببعض بدعوى التعارض كما هو منهج عدنان إبراهيم، فهذا جهل عظيم بمنهج العلماء فإنهم لا يقولون بالتعارض إلا إذا لم يمكن الجمع كما تقدم تقريره، ولكن زيِّن له سوء صنعه ويحسب أنه يحسن صنعاً، وقد حذرنا الله من مخالفة منهج الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين بأنه يعاقب من فعل ذلك بأن يوله ما تولى أي يُزيِّن له الباطل في عينيه، قال الله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115].

فأنصح لوجه الله كل من اغتر بالدكتور عدنان إبراهيم أن يحذره فإنه صاحب ضلالة، ولا تغتروا بذكائه وفصاحته وثقافته، فليس بأذكى من الفيلسوف ابن سيناء صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق الذي كفَّره العلامة أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابيه "تهافت الفلاسفة" و"المنقذ من الضلال" لكونه ينكر علم الله بالجزئيات وينكر البعث بعد الموت، وليس عدنان إبراهيم بأفصح ولا أوسع علماً وفنوناً من فخر الدين الرازي صاحب التفسير الكبير في 32 مجلداً ومع هذا ضلله أهل العلم بسبب عقائده الباطلة وآرائه المحدثة التي أضل بها كثيرا من الخلق، وقد قال عنه الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" (21/ 500): "العلامة الكبير، ذو الفنون، فخر الدين، محمد بن عمر بن الحسين القرشي، البكري، الطبرستاني، الأصولي، المفسر، كبير الأذكياء والحكماء والمصنفين، انتشرت تواليفه في البلاد شرقاً وغرباً، وكان يتوقد ذكاء، وقد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم وسحر وانحرافات عن السنة، والله يعفو عنه، فإنه توفي على طريقة حميدة، والله يتولى السرائر، وقد اعترف في آخر عمره حيث يقول: لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن" انتهى المراد منه مختصرا.

وما أحسن ما قاله الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (14/ 62):" لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى".

فليست العبرة بالتوسع في جمع المعلومات أو الثقافة الواسعة أو الفصاحة الزائدة، العبرة في البحث العلمي بالنقول الصحيحة، والتمسك بالقرآن والسنة واتباع سبيل المؤمنين، ولا يشك منصف أن عدنان إبراهيم غير متبع لسبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين ومن اتبعهم بإحسان، وقد روى أبو داود والترمذي وصححه الألباني عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من كان مستنًا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا خير هذه الأمة، وأبرها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم، وطرائقهم، فهم كانوا على الهدي المستقيم".

وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول"، وقال أيضًا: "اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا: وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم".

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع".

وما أحسن ما قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني:
تمسك بحبل الله واتبع الهدى
ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي
أتت عن رسول الله تنجو وتربح
ودع عنك آراء الرجال وقولهم
فقول رسول الله أزكى وأشرح
ولا تك من قوم تلهو بدينهم
فتطعن في أهل الحديث وتقدح

وما أكثر طعن عدنان إبراهيم لأهل الحديث وقدحه في صحاح الأحاديث، ولا ينطلي كلامه إلا على غير المتخصصين في الحديث، وإني لأتعجب من إخفائه لبعض الحقائق في بعض الأحاديث النبوية التي ينكرها!! فإما أنه لم يبحث الحديث بتوسع أو علم ما يرد كلامه فأخفاه على أتباعه تدليسا، والله حسيبه.

مثال ذلك: سمعته يرد حديث أبي هريرة رضي الله عنه: " خلق الله آدم على صورته"، قال عدنان إبراهيم: رواه همام عن أبي هريرة وكان همام يهوديا!! ولم يذكر أنه رواه أبو أيوب بشير بن كعب عن أبي هريرة كما في صحيح مسلم (2612)، فقد توبع همام، وهذا على فرض أن هماماً غير ثقة!! مع أن همام بن منبه ثقة ثبت متقن عند أهل الحديث، وهم المتخصصون الذي يرجع إليهم في معرفة حال الرواة.

والعجيب أن عدنان لم يذكر تتمة الحديث من صحيح البخاري؛ لأن تتمته ترد عليه ما شنع به!! قال البخاري في صحيحه (6227): حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا"!!

ولم يذكر عدنان إبراهيم كلام شراح الحديث ومن ذلك ما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري " (5/ 183): "واختلف في الضمير على من يعود، فالأكثر على أنه يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه، ولولا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها، وقال القرطبي: أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن" قال: وكأن من رواه أورده بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في ذلك، وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة ثم قال: وعلى تقدير صحتها فيحمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى".

وقال الألباني رحمه الله في شرح هذا الحديث في "صحيح الأدب المفرد" ص 86: "أي: على صورة آدم عليه السلام، وقد جاء ذلك صراحة في حديث آخر لأبي هريرة بلفظ: " خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا" متفق عليه، فإذا شتم المسلم أخاه وقال له: " قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك" شمل الشتم آدم أيضا؛ فإن وجه المشتوم يشبه وجه آدم، والله خلق آدم على هذه الصورة التي نشاهدها في ذريته، إلا أن الفرق أن آدم خلقه الله بيده، ولم يمر بالأدوار والأطوار التي يمر بها بنوه، وإنما خلقه من تراب. قال تعالى في أول سورة المؤمنون: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14]" انتهى كلام الألباني الذي لم يطلع عليه عدنان أو عرفه وأخفاه؛ لأنه يريد أن يطعن في السنة ويشكك الناس بها!!

ولم يذكر عدنان أيضا أن حديث الصورة رواه ابن عمر مع أبي هريرة رضي الله عنهم؛ لأن هذا سيبطل كلامه من أصله، فقد رواه الطبراني في المعجم الكبير (13580) عن ابن عمر، وهذا لا يعجب عدنان إبراهيم؛ لأنه يتجرأ على أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه أكثر من غيره!!

ودعواه أن هذا الحديث مذكور في التوراة لا يُرد به الحديث، فما أكثر ما في التوراة مما في القرآن والسنة!! فالتوراة أصلها من عند الله، فإذا وجدنا فيها ما يوافق القرآن أو السنة صدقنا به، ولعله مما سلم من التحريف، لا أن نرد ما في السنة مما وافق التوراة بدعوى أنها إسرائيليات، فأفٍ لهذا المنهج الضال الذي يشكك الناس في سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.

مثال آخر: سمعت خطبة جمعة ألقاها عدنان إبراهيم في النمسا، وكل الخطبة في إنكار أحاديث رجم المحصن الزاني، فتعجبت من جرأته على رد السنة بالعقل والهوى بلا بحث علمي ولا حجة مقبولة، ودعاويه كثيرة وكبيرة مثل قوله: أحاديث الرجم من دسائس مسيلمة الكذاب أو ابن المقفع!!!

هل لهم يا قوم في بعدتهم من فقيه أو إمام يتبع؟!!
أين الأدلة على دعاويه، لا شك أنه ضال مضل نعيذ المسلمين بالله من شره وضلالاته.

وأحب في آخر البحث أن أسأل عدنان إبراهيم وأتباعه: هل تؤمنون بهذا الحديث الذي في الصحيحين [رواه البخاري رقم (3471) ومسلم رقم (2388) ] من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بينما رجل يسوق بقرة له، قد حمل عليها، التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أُخلق لهذا، ولكني إنما خُلقت للحرث " فقال الناس: سبحان الله بقرة تكلَّم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أومن به وأبو بكر، وعمر». ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا راعٍ في غنمه، عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب فقال له: من لها يوم السَّبُعِ، يوم ليس لها راعٍ غيري؟ " فقال الناس: سبحان الله!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أومن بذلك، أنا وأبو بكر وعمر»؟!

فهل تصدقون بهذا يا أيها المرتابون في السنة النبوية؟!
لعل بعضكم ينكره، وبعضكم يشك فيه، وبعضكم يصدق به، أما نحن أهل السنة فنقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أومن بذلك، أنا وأبو بكر وعمر»، ونحن نصدق بما هو أعجب منه في القرآن الكريم كقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 82]، وقال تعالى عن النبي سليمان عليه الصلاة والسلام: ﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 38 - 40]، ولو كانت قصة سليمان عليه السلام وإتيان العرش له من أرض سبأ إلى بلاد الشام قبل أن يرتد إليه طرفه في أحاديث صحيحة لردها عدنان إبراهيم بكل جرأة، لكونها أحاديث آحاد، وأنكروا على من يصدق بها، وقالوا عنهم: هؤلاء خرافيون، وقالوا: أنؤمن بهذا كما آمن السفهاء؟! لا يمكن أن نصدق ما يخالف العقل!! ولو كان الراوي لهذه القصة أبا هريرة رضي الله عنه لازداد تجرؤهم في رد هذه القصة، ولو كانت مذكورة في التوراة لجزموا بأنها من الإسرائيليات!!

لكن هاهم يصدقون بها مع أنها لم تدخل عقولهم فلِمَ لا يُصدِّقون الأحاديث الصحاح التي يزعمون أنها لا تدخل عقولهم وكلها وحي من الله أو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!

وختاما: الإيمان مبني على التصديق بخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي أول المصحف الكريم في بيان صفات المتقين: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [البقرة: 2، 3]، أي يصدِّقون بالغيب، والغيب هو خبر الله وخبر رسوله، فلا يُكذَّب خبر الله وخبر رسوله لشبهة، ولا يُعارض أمر الله وأمر رسوله لشهوة، وهذا خلاصة الدين الإسلامي:
التصديق بالأخبار، والعمل بالأحكام، قال الله تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 115 - 117]، وبالله التوفيق.

هذا بحمد الله ما يسر الله لي إيراده باختصار، نصحا للمسلمين، ودفاعا عن سنة خاتم المرسلين.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/78091/#ixzz3nQGKcxV3

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 06:57 AM
القواعد السبع الكافية في الرد على عدنان إبراهيم في منهجه التشكيكي للسنة النبوية

الحمد لله الذي حفظ سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأهل الحديث، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، أما بعد:
فهذه سبع قواعد مهمة تبين منهج العلماء في التعامل مع السنة النبوية، وتبين بُعد عدنان إبراهيم عن المنهج العلمي للعلماء في دراسة السنة المطهرة، وفيها كفاية في الرد على منهجه التشكيكي للسنة الصحيحة، حيث يرد منها ما يشاء، ويقبل منها ما يشاء، ويحسب أنه يحسن بذلك صنعا!!

وهذه هي القواعد:
القاعدة الأولى: الجزم في مقام الاحتمال القوي معيب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" شرح صحيح البخاري (1/ 204): "طريقة البخاري في الأحكام التي يقع فيها الاختلاف أن لا يجزم فيها بشيء بل يوردها على الاحتمال"، وهذه طريقة المنصفين من العلماء كما قال الشافعي رحمه الله: "قولي صواب يحتمل الخطأ وقولك خطأ يحتمل الصواب"، وقد عاب العلماء على الحافظ ابن حبان والعلامة الكرماني رحمهما الله الجزم في مقام الاحتمال، قال ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 122): "أبداه عياض والقرطبي احتمالا، وقال النووي: إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان كعادته "، وقال أيضا في "فتح الباري" (7/ 67): "لم أعرف من أين تهيأ للكرماني الجزم بذلك مع الاحتمال؟!!"، وما أكثر ما يجزم عدنان إبراهيم مع وجود الاحتمال القوي مثل جزمه بأن أحاديث رجم الزاني المحصن منسوخة، ولم يأت بدليل مقبول على جزمه هذا، مع أن احتمال كونه غير منسوخ هو الظاهر وهو الأصل وهو اليقين والإجماع!!

والمراد بالاحتمال في هذه القاعدة ما كان احتمالاً قوياً له وجه شرعي يسنده، وقرائن احتفت به تقويه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى الكبرى (1/ 224): "كل احتمال لا يُسند إلى أمارة شرعية لم يُلتفت إليه". فإذا كان الاحتمال بعيدا فلا بأس بالجزم، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 461): "الشك لا يؤثر في الجزم".

القاعدة الثانية: تكذيب الخبر مع احتمال صدقه ضلال مبين.
قال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 52]، والحديث الصحيح وحي من الله، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، وروى أحمد في مسنده (22215) وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (2178) عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما أَقُولُ مَا أُقَوَّلُ "، أي أقول لكم ما أوحاه الله إلي، وروى أحمد في مسنده (17174) وأبو داود في سننه (4604) بسند صحيح عن المقدام بن معدي كرب الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه".

قال ابن القيم رحمه الله في حاشيته على سنن أبي داود (7/ 348): "وأما رد الحديث بالقياس فلو لم يكن فيه إلا أنه قياس فاسد مصادم للنص لكفى ذلك في رد القياس، ومعلوم أن رد القياس بصريح السنة أولى من رد السنة بالقياس، وبالله التوفيق".

وما أكثر ما يرد عدنان إبراهيم كثيرا من الأحاديث الصحاح لأدنى شبهة تعرض له مثل أحاديث نزول عيسى بن مريم آخر الزمان، وأحاديث الشفاعة وخروج الموحدين من النار برحمة الله الواسعة، فهو يُكذِّبها ويكفر بها ويجحدها مع أنه لو أنصف لوجد أن احتمال صدقها قوي جدا والشبهة في ردها ضعيفة جدا!!

فطريقة العلماء ليست التكذيب والإنكار بما لم يحط الإنسان بعلمه ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 39]، ولا الجزم في مقام الاحتمال المعتبر، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء: 36] أي لا تقل ما لا تعلم، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية (5/ 75): " نهى الله تعالى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال، كما قال تعالى: ﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، وفي الحديث: "إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث"".

وقد بحثت في المكتبة الشاملة في كتب التفسير وعلوم القرآن والفقه وشروح الحديث والفتاوى وكتب ابن تيمية وابن القيم عن كلمة: (يحتمل) وما تصرف منها فوجدتها 68300 (قريب من سبعين ألفا في 1100 كتاب)!!

فانظروا إلى منهج العلماء رحمهم الله، لا كالمتعالمين الذين يجزمون في مقام الاحتمال، ولا كأهل البدع والضلال الذين يُكذِّبون بعض أحاديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم وينكرونها ويجحدونها بدعوى أنها لم تدخل عقل الواحد منهم!!

وقد قرن الله من يُكذِّب بالصدق بمن كذَب على الله، وحكم عليهما جميعا بأنهما ظالمين فقال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ * وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 32، 33].

القاعدة الثالثة: اليقين لا يزول بالشك، وخبر المتخصصين في علمٍ ما لا يصح أن يرده الجاهلون بذلك العلم بالظن.
فمثلا قواعد أهل الطب لا يُقبل ردها من الجاهلين بالطب، وقواعد النحاة لا يردها الجاهل بالنحو، وهكذا ما صححه المحدثون من الأحاديث لا يُقبل ردها بالظن، فإن الظن لا يغني من الحق شيئا، ونقول لمن أراد أن يشكك في حديث في الصحيحين أو في غيرهما مما صححه أهل الحديث: لن يُقبل ذلك منك إلا إذا أتيت بحجة بينة بحسب القواعد التي وضعها أهل الحديث رحمهم الله، فإنهم لا يضعفون الحديث إلا لطعن في أحد الرواة أو لسقط في الإسناد، فأثبت لنا أن أحد رواة الحديث غير ثقة أو أنه أخطأ في روايته، أو أثبت لنا أن هناك سقطا في الإسناد وانقطاعا، وإلا فاسكت خيرا لك.

فطريقة أهل الحديث أنهم يجمعون طرق الحديث فيتبين لهم الصواب من الخطأ، وبجمعهم للروايات يتبين لهم حال الرواة في الحفظ والإتقان، فمن وافق من الرواة أصحابه الذين يشاركونه في الرواية عن شيخهم تبين لهم ضبطه وإتقانه، فإن خالفهم بالزيادة والنقصان والخطأ تبين لهم ضعف حفظه، فإن أضاف إلى ذلك تفرده بروايات عن شيخهم الواحد ولم يذكرها غيره من طلاب ذلك الشيخ تبين لأهل الحديث كذب ذلك الراوي أو اتهموه بالكذب بحسب إكثاره من التفرد وبحسب مروياته ومخالفته لأقرانه الذين يروون عن شيخ واحد.

قال الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه (1/ 7): "وعلامة المنكر في حديث المحدث، إذا ما عُرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا، خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث، غير مقبوله".

وقال ابن أبي حاتم رحمه الله في مقدمة كتابه الجرح والتعديل (1/ 5 -7 ): " وجب أن نميز بين عدول الرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة. ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حُق علينا معرفتهم، ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم، علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل، لا يشوبهم كثير من الغفلات، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات. وأن يُعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم، وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو والاشتباه، ليُعرف به أدلة هذا الدين.

وليُعرف أهل الكذب تخرصا، وأهل الكذب وهما، وأهل الغفلة والنسيان والغلط ورداءة الحفظ، فيُكشف عن حالهم، فيسقط حديث من وجب منهم أن يسقط حديثه ولا يُعبأ به ولا يُعمل عليه، ويُكتب حديث من وجب كتب حديثه منهم على معنى الاعتبار.

ثم احتيج إلى تبيين طبقاتهم ومقادير حالاتهم وتباين درجاتهم؛ ليُعرف من كان منهم في منزلة الانتقاد والبحث عن الرجال والمعرفة بهم، وهؤلاء هم أهل التزكية والتعديل والجرح. ويُعرف من كان منهم عدلا في نفسه من أهل الثبت في الحديث والحفظ له والإتقان فيه. ومنهم من قد ألصق نفسه بهم ودلسها بينهم ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منهم الكذب، فهذا يُترك حديثه ويطرح روايته ويُسقط ولا يُشتغل به" انتهى بتصرف واختصار.

القاعدة الرابعة: إذا تعارض نصان ثابتان يُجمع بينهما ولا يُكذَّب أحدهما.
إذا تعارض نصان ثابتان سواء كانا آيتين أو آية وحديثا، أو حديثين، فإن العلماء يقولون: يُجمع بينهما فإن لم يمكن يُنظر الناسخ من المنسوخ، فإن لم يُعرف المتقدم من المتأخر يُرجح بينهما، والمرجحات عند العلماء أكثر من 100 مرجح لا يعلم منها المشككون في السنة إلا أن يُقدم القرآن على السنة أو المتواتر على الآحاد!! ثم إن لم يمكن الترجيح يقولون: نتوقف وفوق كل ذي علم عليم.

انظر في بيان هذا كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر ص 97، وانظر كتاب التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للحافظ العراقي رحمه الله ص 286 وما بعدها فقد ذكر مائة وعشرة من المرجحات!!

فهذه طريقة أهل العلم قديما وحديثا، أما طريقة أهل الأهواء فالتكذيب والرد لما يظنونه لا يدخل عقولهم!!

وطريقتهم هذه مبتدعة ومتناقضة، وقد توصلهم إلى الكفر إن أعملوها في نصوص القرآن الكريم، وهم إن لم يعملوها في القرآن وأعملوها في السنة فقد تناقضوا؛ فإن القرآن والسنة الصحيحة كلاهما وحي وكلاهما حق، وإن صدَّقوا ببعض الآيات القرآنية وإن لم تدخل عقولهم فلماذا لا يقبلون بعض ما في السنة مما لم يدخل عقولهم؟!!

وهذا التناقض الواضح يكفي في بيان بطلان منهجهم، فإن في القرآن العظيم أشياء تحير العقل ويجب الإيمان بها وإن لم تدخل عقولنا، وسأذكر ثلاثة أمثلة من سورة واحدة وهي سورة الكهف:
1- قصة أصحاب الكهف العجيبة وفيها قال تعالى: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ [الكهف: 25]، وهذا شيء عجيب جدا قد لا يدخل عقول الكفرة، ولكننا نؤمن به ولا نشك فيه لقول الله، ولو جاءت هذه القصة في حديث صحيح لما شككنا فيه أيضاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.

2- قصة موسى مع الخضر عليهما الصلاة والسلام فيها عجائب كثيرة منها قوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ [الكهف: 61] أي أحياه الله بعد موته واتخذ طريقاً في البحر، حيث حبس الله جرية الماء فصار هناك نفقاً في مكان دخول الحوت البحر!! وهذا شيء عجيب جدا كما قال فتى موسى: ﴿ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴾ [الكهف: 63]، فهل يدخل هذا العقل؟! نعم يدخل عقول المؤمنين، ومن كذَّب بهذا كفر، ولو كان هذا في حديث صحيح لآمنا به، ولم نقل: هذا من الإسرائيليات كما هو منهج المهندس عدنان إبراهيم!!

3- قصة ذي القرنين وبنائه الردم، قال تعالى حاكيا عنه: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾ [الكهف: 96، 97]، وهذا أمر عجيب جدا يحير العقول ولكن ليس محالا، فالله آتى ذا القرنين من كل شيء سببا، ونحن نؤمن بهذه القصة التي أخبرنا الله عنها ولا نشك فيها، ومن شك فيها وقال: هذا من أساطير الأولين فقد كفر، ولو كانت هذه القصة في حديث صحيح ولو كان في صحيحي البخاري ومسلم لسمعنا عدنان إبراهيم يسارع بقوله: هذا من خرافات الأولين!! ولسمعنا أتباعه يرددون قوله كالببغاوات ويقولون: هذا لا يدخل العقل ولا يمكن أن نصدقه أبداً!!

وكأني بالإمام أبي محمد بن قتيبة رحمه الله المتوفى سنة 276هـ يرد على عدنان إبراهيم وأشباهه في كتابه تأويل مختلف الحديث ص 61: "قال أبو محمد: وقد تدبرت -رحمك الله- كلام العايبين فوجدتهم يقولون على الله ما لا يعلمون، ويعيبون الناس بما يأتون، ويبصرون القذى في عيون الناس، وعيونهم تطرف على الأجذاع، ويتهمون غيرهم في النقل، ولا يتهمون آراءهم في التأويل. ومعاني الكتاب والحديث، وما أودعاه من لطائف الحكمة وغرائب اللغة، لا يدرك بالطفرة والكيفية والكمية والأينية، ولو ردوا المشكل منهما إلى أهل العلم بهما، وضح لهم المنهج، واتسع لهم المخرج" انتهى كلامه رحمه الله.

ومدرسة عدنان إبراهيم العقلية ليست جديدة، بل هي قديمة جداً من قبل عهد ابن قتيبة رحمه الله لكنها تتكرر في كل عصر، وما أكثر ضحايا هذه المدرسة التشكيكية، قال الله سبحانه: ﴿ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ [يونس: 36]، وقال تعالى: ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 147]، فكونوا يا عباد الله من الصدِّيقين ولا تكونوا من المرتابين!!

القاعدة الخامسة: باجتماعِ النقلِ الصحيح والعقلِ الصريح تُدْرَكُ الحقائق الشرعيَّةُ.
باجتماعِ النقلِ الصحيح والعقلِ الصريح تُدْرَكُ الحقائق الشرعيَّةُ؛ فلا النقلُ وحده يُفِيدُ فاقدَ العَقْلِ، ولا العقلُ وحده يُفِيدُ فاقدَ النَّقْل، فلا بد من اجتماعهما، وبنقصِ واحدٍ منهما تَنْقُصُ المعرفةُ بالحَقّ.

وليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح من القرآن والسنة ما يوجب مخالفة الشرع أصلاً، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموعة الرسائل والمسائل (3 /64-65): "كل ما يدل عليه الكتاب والسنة فإنه موافق لصريح المعقول، والعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، ولكن كثيراً من الناس يغلطون إما في هذا وإما في هذا، فمن عرف قول الرسول ومراده به كان عارفاً بالأدلة الشرعية وليس في المعقول ما يخالف المنقول، ولهذا كان أئمة السنة على ما قاله أحمد بن حنبل: معرفة الحديث والفقه فيه أحب إلي من حفظه، أي معرفته بالتمييز بين صحيحه وسقيمه، والفقه فيه معرفة مراد الرسول وتنزيله على المسائل الأصولية والفروعية أحب إلي من أن تحفظ من غير معرفة وفقه، وهكذا قال علي بن المديني وغيره من العلماء فإنه من احتج بلفظ ليس بثابت عن الرسول أو بلفظ ثابت عن الرسول وحمله على ما لم يدل عليه فإنما أتي من نفسه. وكذلك العقليات الصريحة إذا كانت مقدماتها وترتيبها صحيحاً لم تكن إلا حقاً لا تناقض شيئاً مما قاله الرسول، والقرآن قد دل على الأدلة العقلية التي بها لم تكن إلا حقاً وتوحيده وصفاته وصدق رسله وبها يعرف إمكان المعاد، ففي القرآن من بيان أصول الدين التي تعلم مقدماتها بالعقل الصريح ما لا يوجد مثله في كلام أحد من الناس " انتهى مختصرا.

القاعدة السادسة: إن تعارض النقل والعقل في الظاهِرِ قُدِّمَ النَّقْلُ على العقلِ.
إن تعارض النقل والعقل في الظاهِرِ قُدِّمَ النَّقْلُ على العقلِ؛ لأنَّ النَّقْلَ عِلْمُ الخالِقِ الكامِلِ، والعَقْلَ عِلْمُ المخلوقِ القاصِر، وهذا التعارض يكون بحسب الظاهر لا في حقيقة الأمر؛ فإنه لا يمكن أبداً حصول تعارض بين النقل الصحيح والعقل الصريح، وإذا وجد تعارض فإما أن يكون النقل غير صحيح أو العقل غير صريح . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرسالة العرشية ص35: " ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم كله حق يصدق بعضه بعضا، وهو موافق لفطرة الخلائق، وما جعل فيهم من العقول الصريحة، والقصود الصحيحة، لا يخالف العقل الصريح، ولا القصد الصحيح، ولا الفطرة المستقيمة، ولا النقل الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنما يظن تعارضها: من صدَّق بباطل من النقول، أو فهم منه ما لم يدل عليه، أو اعتقد شيئا ظنه من العقليات وهو من الجهليات، أو من الكشوفات وهو من الكسوفات إن كان ذلك معارضا لمنقول صحيح وإلا عارض بالعقل الصريح، أو الكشف الصحيح، ما يظنه منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون كذبا عليه، أو ما يظنه لفظا دالا على شيء ولا يكون دالا عليه ".

والعقل كالبَصَر، والنقل كالنُّور؛ لا يَنتفِعُ المُبْصِرُ بعينِهِ في ظلامٍ دامِس، ولا يَنتفِعُ العاقلُ بعقلِهِ بلا وَحْي، وبِقَدْرِ النورِ تَهْتَدِي العَيْن، وبقدرِ الوحيِ يَهتَدِي العَقْل، وبكمالِ العقلِ والنقلِ تَكتمِلُ الهدايةُ والبصيرة؛ كما تَكتمِلُ الرؤيةُ حِينَ الظَّهِيرَة، فالمؤمنون أبصر الناس بالحقائق الشرعية لجمعهم بين النقل الصحيح والعقل الصريح قال تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122]، وقال سبحانه: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 14].
يتبع=============

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 06:59 AM
القاعدة السابعة: يجب اتباع الوحي وعدم الاستغناء عنه بالعقل وحده.
يجب اتباع الوحي وعدم الاستغناء عنه بالعقل وحده، ومَنْ قالَ: إِنَّهُ يَهتَدِي إلى اللهِ بعقلِهِ المُجرَّدِ بلا وحيٍ، فهو كمَنْ قالَ: إنَّهُ يَهْتَدِي إلى طريقِهِ بعينِهِ المُجرَّدَةِ بلا ضياءٍ، وكُلٌّ منهما جاحدٌ لقطعيٍّ ضروريٍّ، والأوَّلُ بلا دِين، والثاني بلا دُنْيَا. والأول بلا بصيرة، والثاني بلا بصر، قال تعالى: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].

والوحي هو الذي يَهْدِي الأنبياءَ، ويَهْدِي أَتْبَاعَهُمْ، ويدل على هذا قول الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ﴾ [سبأ: 50]، وقوله سبحانه: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54]، فلا هداية إلا لمن اتبع الوحي ومن لم يتبعه فقد ضل ضلالا مبينا قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء:136]، وقال سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

وقد ضل مَنْ يقول: لا أُصدِّق بأي حديث إلَّا إذا أدرَكَهُ عقلي، وما لا يُدْرِكُهُ لا أُؤمِنُ به، فإن هذا قَدَّمَ العقلَ القاصر الناقص الذي يجهل أكثر مما يعلم على الحديث الصحيح الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالمؤمن العاقل يقدم الحديث الصحيح على كل عقل، فما لا يُدرِكُهُ العقلُ لا يَعْنِي عدَمَ وجودِهِ، ولكنَّهُ هو غيرُ مُدْرِكٍ له، فللعقلِ حَدٌّ يَنتهِي إليه، كما أنَّ لِلْبَصَرِ حَدًّا ينتهِي إليه لا ينتهي الكونُ والوجودُ بنهايتِهِ، وللسمعِ حَدٌّ لا تنتهِي الأصواتُ بنهايتِهِ؛ فللنَّمْلَةِ صوتٌ لا يُسْمَع، وفي الكونِ فَضَاءٌ وكواكبُ ونجومٌ لا تُرَى.

ومعلوم أن النصوص الشرعية منها ما يفهمه غالب الناس، ومنها مما لا يفهمه إلا العلماء، ومنها ما لا يفهمه ويعرف دلالته إلا الراسخون من أهل العلم، فيكون موقفنا هو العمل بالمحكم والوقوف عند المتشابه. والمتشابه: هو ما لا يعلمه إلا الراسخون من أهل العلم، وأما جعل هذا المتشابه أصلا، أو التشكيك في المحكمات بضربها بالمتشابهات فهذا سبيل أهل الغي، يقول الله سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].

والعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح بحال، ومتى توهم متوهم أن نصا من النصوص الشرعية الثابتة مخالف للعقل فليتهم عقله هو، والشريعة الإسلامية - بحمد الله- تأتي بما تحار فيه العقول ولا تأتي أبدأ بما تحيله العقول كما قرر ذلك المحققون من العلماء، بمعنى أن الشريعة لا تأتي بما تعده العقول السليمة أمرا مستحيلا.

ويجب التسليم للنقل الصحيح أخبارا وأحكاما سواء عَرَفْنا العِلَّةَ أو لم نَعْرِفْها، قال الزهري رحمه الله: "من الله الرسالة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاغ، وعلينا التسليم ".

فبعض القضايا العقلية الثابتة بالأدلة القطعية لا تدركها بعض العقول لعدم فهمها لها، فكيف بالقضايا التي لا تحيط بها العقول وهي كثيرة جدا مما نراه ونشاهده؟! ومن أقربها سبب تثاؤب بعض الناس عند تثاؤب شخص آخر في المكان الذي هو فيه!! فلا تعرف العقول سبب ذلك، ومن تكلم في سبب ذلك بالظن لا يمكنه أن يطلب من جميع الناس أن يسلموا بتفسيره، ومثل ذلك الروح لا تحيط العقول بحقيقتها قال الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85] قال الشوكاني رحمه الله في تفسيره فتح القدير (3 /302): " أي: هو من جنس ما استأثر الله بعلمه من الأشياء التي لم يعلم بها عباده، ثم ختم سبحانه هذه الآية بقوله سبحانه: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85] أي: أن علمكم الذي علمكم الله، ليس إلا المقدار القليل بالنسبة إلى علم الخالق سبحانه، وإن أوتي حظا من العلم وافرا، بل علم الأنبياء عليهم السلام ليس هو بالنسبة إلى علم الله سبحانه إلا كما يأخذ الطائر في منقاره من البحر، كما في حديث موسى والخضر عليهما السلام" انتهى.

وبالجملة يجب على المسلم أن يقدم قول الله ورسوله على كل قول وعلى كل قياس وعلى كل ذوق وعلى كل استحسان، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1] قال ابن كثير في تفسيره: " أي: لا تسرعوا في الأشياء بين يديه، أي: قبله، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، وعن ابن عباس قال: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة، وقال الضحاك: لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله من شرائع دينكم. وقال سفيان الثوري: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1] بقول ولا فعل " انتهى.

ومن أشكل عليه حديثاً صحيحاً فلا يبادر إلى إنكاره وتكذيبه ورده، بل يرجع إلى كلام أهل العلم في شرحه وتوجيهه، روى ابن ماجه (20) بسند صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، فظنوا به الذي هو أهناه، وأهداه، وأتقاه»، وقد ألف العلماء كثيرا من الكتب في بيان مشكل الحديث وتكلموا في توجيه ما يشكل منها أو ما يخالف بعضها بعض في الظاهر، كما تكلموا في توجيه الآيات القرآنية المتعارضة في الظاهر، وألفوا كتبا كثيرة في ذلك من أجمعها كتاب العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" وأكتفي هنا بذكر مثالين يبينان توجيه العلماء للآيات المتعارضة في الظاهر:
المثال الأول: قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ [البقرة: 29] هذه الآية تعارض في الظاهر آيات سورة النازعات ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾ [النازعات: 27 - 31]، حيث تدل آية سورة البقرة على أن خلق الأرض قبل خلق السماء بدليل لفظة: «ثم»، ومثلها آيات سورة فصلت: ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ ﴾ [فصلت: 9 - 12] بينما آيات سورة النازعات تدل على أن خلق الأرض بعد خلق السماء!!

وقد سُئل عن هذا الإشكال حبر القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فأجاب بأن الله تعالى خلق الأرض أولاً قبل السماء غير مدحوة، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعا في يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي والأنهار وغير ذلك، فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها ونحو ذلك بعد خلق السماء، ويدل لهذا أنه قال: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ [النازعات: 30] ولم يقل: خلقها، ثم فسر دحوه إياها بقوله: ﴿ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ﴾ [النازعات: 31]، وجمع بعض العلماء بجمع آخر وجيه وهو أن معنى قوله: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ﴾ [النازعات: 30] أي مع ذلك، فلفظة «بعد» بمعنى مع، ونظيره قوله تعالى: ﴿ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ﴾ [القلم: 13]، فهذان وجهان صحيحان للجمع بين الآيتين، ولو كانت آية سورة النازعات واردة في حديث صحيح لسارع المبطلين أمثال عدنان إبراهيم بالتكذيب به بدعوى التعارض بين القرآن والحديث!!

المثال الثاني: قوله تعالى في سورة المرسلات: ﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ [المرسلات: 35، 36] هذه الآية الكريمة تدل على أن أهل النار لا ينطقون ولا يعتذرون، وقد جاءت آيات أخرى تدل على أنهم ينطقون ويعتذرون، كقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾، وقوله: ﴿ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ ﴾ [غافر: 71 - 74]، فهذه الآيات تعارض في الظاهر آية سورة المرسلات، ولو كانت آية سورة المرسلات حديثاً صحيحاً لسارع المبطلين إلى رده بدعوى مخالفته للقرآن، مع أن الجمع ممكن فقد قال أهل العلم: القيامة مواطن كثيرة، ففي بعضها ينطقون وفي بعضها لا ينطقون، وبهذا نصدق بجميع النصوص، وكلها حق، ولا تُرد بعض النصوص ببعض بدعوى التعارض كما هو منهج عدنان إبراهيم، فهذا جهل عظيم بمنهج العلماء فإنهم لا يقولون بالتعارض إلا إذا لم يمكن الجمع كما تقدم تقريره، ولكن زيِّن له سوء صنعه ويحسب أنه يحسن صنعاً، وقد حذرنا الله من مخالفة منهج الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين بأنه يعاقب من فعل ذلك بأن يوله ما تولى أي يُزيِّن له الباطل في عينيه، قال الله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115].

فأنصح لوجه الله كل من اغتر بالدكتور عدنان إبراهيم أن يحذره فإنه صاحب ضلالة، ولا تغتروا بذكائه وفصاحته وثقافته، فليس بأذكى من الفيلسوف ابن سيناء صاحب التصانيف في الطب والفلسفة والمنطق الذي كفَّره العلامة أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابيه "تهافت الفلاسفة" و"المنقذ من الضلال" لكونه ينكر علم الله بالجزئيات وينكر البعث بعد الموت، وليس عدنان إبراهيم بأفصح ولا أوسع علماً وفنوناً من فخر الدين الرازي صاحب التفسير الكبير في 32 مجلداً ومع هذا ضلله أهل العلم بسبب عقائده الباطلة وآرائه المحدثة التي أضل بها كثيرا من الخلق، وقد قال عنه الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء" (21/ 500): "العلامة الكبير، ذو الفنون، فخر الدين، محمد بن عمر بن الحسين القرشي، البكري، الطبرستاني، الأصولي، المفسر، كبير الأذكياء والحكماء والمصنفين، انتشرت تواليفه في البلاد شرقاً وغرباً، وكان يتوقد ذكاء، وقد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم وسحر وانحرافات عن السنة، والله يعفو عنه، فإنه توفي على طريقة حميدة، والله يتولى السرائر، وقد اعترف في آخر عمره حيث يقول: لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن" انتهى المراد منه مختصرا.

وما أحسن ما قاله الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (14/ 62):" لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى".

فليست العبرة بالتوسع في جمع المعلومات أو الثقافة الواسعة أو الفصاحة الزائدة، العبرة في البحث العلمي بالنقول الصحيحة، والتمسك بالقرآن والسنة واتباع سبيل المؤمنين، ولا يشك منصف أن عدنان إبراهيم غير متبع لسبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين ومن اتبعهم بإحسان، وقد روى أبو داود والترمذي وصححه الألباني عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من كان مستنًا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا خير هذه الأمة، وأبرها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم، وطرائقهم، فهم كانوا على الهدي المستقيم".

وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول"، وقال أيضًا: "اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا: وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم".

وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع".

وما أحسن ما قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني:
تمسك بحبل الله واتبع الهدى
ولا تك بدعيا لعلك تفلح
ودن بكتاب الله والسنن التي
أتت عن رسول الله تنجو وتربح
ودع عنك آراء الرجال وقولهم
فقول رسول الله أزكى وأشرح
ولا تك من قوم تلهو بدينهم
فتطعن في أهل الحديث وتقدح

وما أكثر طعن عدنان إبراهيم لأهل الحديث وقدحه في صحاح الأحاديث، ولا ينطلي كلامه إلا على غير المتخصصين في الحديث، وإني لأتعجب من إخفائه لبعض الحقائق في بعض الأحاديث النبوية التي ينكرها!! فإما أنه لم يبحث الحديث بتوسع أو علم ما يرد كلامه فأخفاه على أتباعه تدليسا، والله حسيبه.

مثال ذلك: سمعته يرد حديث أبي هريرة رضي الله عنه: " خلق الله آدم على صورته"، قال عدنان إبراهيم: رواه همام عن أبي هريرة وكان همام يهوديا!! ولم يذكر أنه رواه أبو أيوب بشير بن كعب عن أبي هريرة كما في صحيح مسلم (2612)، فقد توبع همام، وهذا على فرض أن هماماً غير ثقة!! مع أن همام بن منبه ثقة ثبت متقن عند أهل الحديث، وهم المتخصصون الذي يرجع إليهم في معرفة حال الرواة.

والعجيب أن عدنان لم يذكر تتمة الحديث من صحيح البخاري؛ لأن تتمته ترد عليه ما شنع به!! قال البخاري في صحيحه (6227): حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا"!!

ولم يذكر عدنان إبراهيم كلام شراح الحديث ومن ذلك ما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري " (5/ 183): "واختلف في الضمير على من يعود، فالأكثر على أنه يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه، ولولا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها، وقال القرطبي: أعاد بعضهم الضمير على الله متمسكا بما ورد في بعض طرقه: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن" قال: وكأن من رواه أورده بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في ذلك، وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة ثم قال: وعلى تقدير صحتها فيحمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى".

وقال الألباني رحمه الله في شرح هذا الحديث في "صحيح الأدب المفرد" ص 86: "أي: على صورة آدم عليه السلام، وقد جاء ذلك صراحة في حديث آخر لأبي هريرة بلفظ: " خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعا" متفق عليه، فإذا شتم المسلم أخاه وقال له: " قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك" شمل الشتم آدم أيضا؛ فإن وجه المشتوم يشبه وجه آدم، والله خلق آدم على هذه الصورة التي نشاهدها في ذريته، إلا أن الفرق أن آدم خلقه الله بيده، ولم يمر بالأدوار والأطوار التي يمر بها بنوه، وإنما خلقه من تراب. قال تعالى في أول سورة المؤمنون: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14]" انتهى كلام الألباني الذي لم يطلع عليه عدنان أو عرفه وأخفاه؛ لأنه يريد أن يطعن في السنة ويشكك الناس بها!!

ولم يذكر عدنان أيضا أن حديث الصورة رواه ابن عمر مع أبي هريرة رضي الله عنهم؛ لأن هذا سيبطل كلامه من أصله، فقد رواه الطبراني في المعجم الكبير (13580) عن ابن عمر، وهذا لا يعجب عدنان إبراهيم؛ لأنه يتجرأ على أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه أكثر من غيره!!

ودعواه أن هذا الحديث مذكور في التوراة لا يُرد به الحديث، فما أكثر ما في التوراة مما في القرآن والسنة!! فالتوراة أصلها من عند الله، فإذا وجدنا فيها ما يوافق القرآن أو السنة صدقنا به، ولعله مما سلم من التحريف، لا أن نرد ما في السنة مما وافق التوراة بدعوى أنها إسرائيليات، فأفٍ لهذا المنهج الضال الذي يشكك الناس في سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.

مثال آخر: سمعت خطبة جمعة ألقاها عدنان إبراهيم في النمسا، وكل الخطبة في إنكار أحاديث رجم المحصن الزاني، فتعجبت من جرأته على رد السنة بالعقل والهوى بلا بحث علمي ولا حجة مقبولة، ودعاويه كثيرة وكبيرة مثل قوله: أحاديث الرجم من دسائس مسيلمة الكذاب أو ابن المقفع!!!

هل لهم يا قوم في بعدتهم من فقيه أو إمام يتبع؟!!
أين الأدلة على دعاويه، لا شك أنه ضال مضل نعيذ المسلمين بالله من شره وضلالاته.

وأحب في آخر البحث أن أسأل عدنان إبراهيم وأتباعه: هل تؤمنون بهذا الحديث الذي في الصحيحين [رواه البخاري رقم (3471) ومسلم رقم (2388) ] من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بينما رجل يسوق بقرة له، قد حمل عليها، التفتت إليه البقرة فقالت: إني لم أُخلق لهذا، ولكني إنما خُلقت للحرث " فقال الناس: سبحان الله بقرة تكلَّم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أومن به وأبو بكر، وعمر». ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا راعٍ في غنمه، عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي حتى استنقذها منه، فالتفت إليه الذئب فقال له: من لها يوم السَّبُعِ، يوم ليس لها راعٍ غيري؟ " فقال الناس: سبحان الله!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أومن بذلك، أنا وأبو بكر وعمر»؟!

فهل تصدقون بهذا يا أيها المرتابون في السنة النبوية؟!
لعل بعضكم ينكره، وبعضكم يشك فيه، وبعضكم يصدق به، أما نحن أهل السنة فنقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإني أومن بذلك، أنا وأبو بكر وعمر»، ونحن نصدق بما هو أعجب منه في القرآن الكريم كقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ ﴾ [النمل: 82]، وقال تعالى عن النبي سليمان عليه الصلاة والسلام: ﴿ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 38 - 40]، ولو كانت قصة سليمان عليه السلام وإتيان العرش له من أرض سبأ إلى بلاد الشام قبل أن يرتد إليه طرفه في أحاديث صحيحة لردها عدنان إبراهيم بكل جرأة، لكونها أحاديث آحاد، وأنكروا على من يصدق بها، وقالوا عنهم: هؤلاء خرافيون، وقالوا: أنؤمن بهذا كما آمن السفهاء؟! لا يمكن أن نصدق ما يخالف العقل!! ولو كان الراوي لهذه القصة أبا هريرة رضي الله عنه لازداد تجرؤهم في رد هذه القصة، ولو كانت مذكورة في التوراة لجزموا بأنها من الإسرائيليات!!

لكن هاهم يصدقون بها مع أنها لم تدخل عقولهم فلِمَ لا يُصدِّقون الأحاديث الصحاح التي يزعمون أنها لا تدخل عقولهم وكلها وحي من الله أو رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!

وختاما: الإيمان مبني على التصديق بخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي أول المصحف الكريم في بيان صفات المتقين: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ [البقرة: 2، 3]، أي يصدِّقون بالغيب، والغيب هو خبر الله وخبر رسوله، فلا يُكذَّب خبر الله وخبر رسوله لشبهة، ولا يُعارض أمر الله وأمر رسوله لشهوة، وهذا خلاصة الدين الإسلامي:
التصديق بالأخبار، والعمل بالأحكام، قال الله تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 115 - 117]، وبالله التوفيق.

هذا بحمد الله ما يسر الله لي إيراده باختصار، نصحا للمسلمين، ودفاعا عن سنة خاتم المرسلين.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:01 AM
الرد على المخالف عقدياً
رد ابن تيمية على أبي حامد الغزالي رحمهما الله أنموذجاً
لا زالت قضية النقد تثير أشجاناً عريضة في قلوب المسلمين، بل وعبر تاريخهم ومواقف علمائهم، يتعدى ذلك إلى واقعهم وماضيهم العلمي والعملي، والحضاري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.

وينال النقد العلمي من ذلك المحل الأعلى، ويتبوأ منه مكان الرأس من الجسد، وهو يقوم على أسس دينية عقدية منهجية مدارها على اتباع الحق لا الهوى، والعدل والإنصاف لا الظلم والإجحاف، والتدليل والتعليل الصحيح لا الرمي بالتخرص والظنون، والتجرد لا التعصب، والعلم لا الجهل....

كما قال العلامة ابن القيم في نونيته:
وتعرَّ من ثوبين من يلبسهما
يَلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه
ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحلُّ بالإنصاف أفخر حُلةٍ
زينت بها الأعطاف والكتفان

ثم يأتي النقد العقدي المنهجي في عين النقد العلمي، وهو الذي وافق الغيرة على العقيدة والإيمان، وباعثه النصح لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولكتابه وللمؤمنين، ومستمده الكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة، وما درج عليه سلف الأمة وعلماء الإسلام في مأثورهم وسطورهم ومنقول أحوالهم.

فإذا جنح عن هذا المنهج بتعصب، أو اتباع هوى، أو محض تقليد بغير هدي، أو تحزّب وتصنيف مذمومين... الخ. ظل داعيته وزلَّ في نفسه وفي قوله وظلَّل من يتبعه في قوله ومسلكه، وإن ظنَّ جهلاً أو تعالما أن يسير على نهج أهل السنة والجماعة بدعواه وادعائه.

لأجل هذا كله ولغيره تداعت البواعث، وتحققت الحاجات إلى ترسّم منهج أهل السنة والجماعة في النقد العقدي خصوصاً فضلا عن النقد العلمي من حيث العموم.

ولا أحسن في تطبيق هذا المنهج من استمداده من الوحي الشريف في الكتاب والسنة والله عز وجل يقول في آية المائدة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].

ومن خلال الأنموذج العملي نحتاج تتبع طرائق راسخي العلم من محققي العلماء في تأصيل ذلك، ومن ثم في إعماله وتطبيقه.

وهذا شيخ الإسلام يرسم شأن النقد ومنهج أهل السنة فيه إجمالاً بقوله: ((...وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَظِيمَ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ، قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ نَوْعٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ مَقْرُونًا بِالظَّنِّ، وَنَوْعٌ مِنَ الْهَوَى الْخَفِيِّ، فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا لَا يَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ.

وَمِثْلُ هَذَا إِذَا وَقَعَ يَصِيرُ فِتْنَةً لِطَائِفَتَيْنِ: طَائِفَةٌ تُعَظِّمُهُ فَتُرِيدُ تَصْوِيبَ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَاتِّبَاعَهُ عَلَيْهِ، وَطَائِفَةٌ تَذُمُّهُ فَتَجْعَلُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي وِلَايَتِهِ وَتَقْوَاهُ، بَلْ فِي بِرِّهِ وَكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، بَلْ فِي إِيمَانِهِ حَتَّى تُخْرِجَهُ عَنِ الْإِيمَانِ. وَكِلَا هَذَيْنِ الطَّرَفَيْنِ فَاسِدٌ.

وَالْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ ذَوِي الْأَهْوَاءِ دَخَلَ عَلَيْهِمُ الدَّاخِلُ مِنْ هَذَا. وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الِاعْتِدَالِ عَظَّمَ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ، وَأَحَبَّهُ وَوَالَاهُ، وَأَعْطَى الْحَقَّ حَقَّهُ، فَيُعَظِّمُ الْحَقَّ، وَيَرْحَمُ الْخَلْقَ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ تَكُونُ لَهُ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، فَيُحْمَدُ وَيُذَمُّ، وَيُثَابُ وَيُعَاقَبُ، وَيُحَبُّ مِنْ وَجْهٍ وَيُبْغَضُ مِنْ وَجْهٍ. هَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، خِلَافًا لِلْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ. وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ)) "منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية": (4/543)).

إذا تقرر هذا فإنه من المعلوم عند علماء أهل السنة والجماعة تميز شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الصدد وهو المنهج النقدي العلمي علمياً وعقدياً، وتأصيلاً وتفريعاً..

لأجل هذا فقد تأملت في تاريخ المسلمين العلمي، وفي شواهده النقدية، فرأيت شيخ الإسلام تناول علمين بارزين بالنقد العلمي العقدي كثيراً، وأطراهما عديداً، ونوعَّ الكلام فيهما بسطاً عظيماً، وهما:
1- الإمام أبو حامد الغزالي.
2- والشيخ أبو عبد الله الفخر الرازي.

وكلامه ومناقشاته وردوده على الثاني أكثر منه على الأول، فاخترت مدارسة كلامه ونقده للشيخ أبي حامد محمد بن محمد بن الغزالي ليكون عنواناً لمنهج حريٍّ بالبحث والدرس من مناهج أهل السنة والجماعة في نقد المخالف، بعيداً عن الظلم والتعَّسف، والحيف والتخلُّف... فجاء هذا البحث منتظماً بهذه المقدمة.

• تعريف موجز لشيخ الإسلام ابن تيمية من ترجمة تلميذه الحافظ الذهبي.

• ثم تعريف موجز بالإمام الغزالي.

• ثم تمهيد مرحلي تاريخي عقدي: في دخول المذهب الأشعري على الصوفية.

• ثم جاءت المعالم العامة في نقد شيخ الإسلام للإمام أبي حامد الغزالي مبثوثة من خلال سبعة مباحث:
1- المبحث الأول: مذهب الغزالي في الاعتقاد ومنهجه فيه.
2- المبحث الثاني: المراحل التي مرَّ بها أبو حامد الغزالي.
3- المبحث الثالث: المصادر التي أثرت جلياً على أبي حامد الغزالي.
4- المبحث الرابع: تعريف شيخ الإسلام لبعض ما في كتب أبي حامد الغزالي.
5- المبحث الخامس: نقد كتاب "إحياء علوم الدين".
6- المبحث السادس: نقد العلماء لكتاب "إحياء علوم الدين".
7- المبحث السابع: اعتذار شيخ الإسلام لأبي حامد الغزالي وتحسين بعض أجوبته.

ثم جاءت خاتمة البحث.
للتحميل للمطوية:

http://www.alukah.net/library/0/78048/#ixzz3nQGyeb15

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:03 AM
مجموع الردود على العقلاني المعتزلي «عدنان إبراهيم»

الرد الأول: على العقلاني عدنان إبراهيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

أرسل لي بعض المشايخ الفضلاء مقطعاً صوتياً للعقلاني عدنان إبراهيم ، ذكر في مقطعه أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وعمرها إحدى وعشرين سنة لا تسع سنين ، واستدل بأدلة أوهى من بيت العنكبوت ، هي:

قوله: بأن زواج النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة وهي بنت تسع هذا يخالف العقل.اهـ

يجاب عنه: أن هذا هو قول عامة أهل الزيغ والضلال يقدمون العقل على النقل ، وهذا من اتباع الهوى.
قال تعالى (أفرءيت من اتخذ إلـٰهه هوىٰه وأضله الله على علمـ وختمـ على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشـٰوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون) فهؤلاء أهل كلام يقدمون أهوائهم على النصوص.
وقوله هذا مخالف لإجماع الأئمة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين.
قال الإمام ابن عبدالبر في الاستيعاب(4/356): تزوج النبي عليه الصلاة والسلام عائشة وبنى بها وهي بنت تسع لا أعلم مختلف في ذلك.اهـ

قوله: رواية عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام تزوجها وهي بنت تسع سنين ، لم يروها أحد من أهل المدينة من تلاميذ هشام بن عروة وإنما رواها أهل العراق فأين تلاميذ هشام منها؟اهـ

يجاب عنه: بأن الراوي قد يحدث في موضع دون موضع ، وقد يحفظ حديثه بعض طلابه دون بعض.
وهذا ليس بغريب، فكم من حديث لشيخ مكثر لم يروه عنه إلا شخص واحد وكم من شيخ حدث أمام الملأ ولم يحفظ حديثه سوى واحد ،
كحديث عمر رضي الله عنه(إنما الأعمال بالنيات)
قاله على المنبر ولم يروه عنه سوى علقمة بن وقاص الليثي.
وهذا ليس بمستغرب وهو كثير في كتب الحديث ،
يتفرد راوٍ عن راوٍ ويتفرد أهل بلد عن راوٍ ، فتجد المدني يتفرد بالرواية عن شيخ مصري وتجد أهل الشام يتفردون بالرواية عن شيخ مكي ، وهكذا ، ولم َيرد الأئمة هذه التفردات بل قبلوها.

قوله: بأن حديث هشام رواه عنه العراقيون فقط ورواية العراقيين عنه لا تثبت.اهـ

يجاب عنه: بأن رواية العراقيين عن هشام مخرجه في الصحيحين ، وهما أصح كتب الحديث بلا خلاف ، وقد أنعقد الإجماع على صحة كل ما فيهما.

- تخرج حديث هشام وذكر متابعاته وشواهده:
حديث هشام:
رواه البخاري(3896) ومسلم(1422)عن أبي أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت(بنى بها النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين)
ورواه البخاري (3894) من طريق علي بن مسهر عن هشام.
ورواه أيضاً(5133) من طريق سفيان عن هشام.
ورواه أيضاً(5134)من طريق وهيب عن هشام
ورواه مسلم(1422)من طريق عبده بن سليمان عن هشام.
ورواه أبو داود(2121) من طريق حماد بن زيد عن هشام.
ورواه النسائي(3255)من طريق أبي معاوية عن هشام.

- متابعة الزهري لهشام روى مسلم (1422) عن عبدالرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة (أنها زفت للنبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت تسع سنين) وهذه متابعة تامة.

- متابعة إبراهيم النخعي لهشام رواه مسلم (1422) والنسائي (3258) عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: (تزوجها رسول الله عليه الصلاة والسلام وهي بنت ست وبنى بها وهي بنت تسع)، وهذه متابعة قاصرة.

- وله شاهد عن ابن مسعود رضي الله عنه.
رواه ابن ماجه (1877) عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه قال(تزوج النبي عليه الصلاة والسلام وهي بنت سبع وبنى بها وهي بنت تسع)، وهذا رجاله ثقات وفيه انقطاع بين أبي عبيده وأبيه لكنه معتضد بما قبله ، بل وهناك من الحفاظ من قبل رواية أبي عبيدة عن أبيه ، وقالوا بأن أبا عبيدة يروي عن أهل بيته عن أبيه ، وأهل بيت ابن مسعود كلهم ثقات ، فإذا عُلمت الواسطة وكان ثقة قُبل الحديث.

قوله: إن حفظ هشام تغير ، ثم طعن في رواية العراقيين عنه.

يجاب عنه: بأنه قال في أول كلامه(هشام إمام حافظ كبير) ثم بعد ذلك تناقض وطعن في حفظه.
وهذا يدل على أنه يقول ما لا يعلم ويدعي أنه يعلم.
قال ابن حجر في هدي الساري(471):
هشام بن عروة من صغار التابعين مجمع على تثبته ، إلا أنه في كبره تغير حفظه ، فتغير حديث من سمع منه في قدمته الثالثة إلى العراق ، قال يعقوب بن شيبة: هشام ثبت ثقة لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية عن أبيه فأنكر ذلك عليه أهل بلده. والذي نراه أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمع منه فكان تساهله أنه أرسل عن أبيه ما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه. قلت: هذا هو التدليس ، وأما قول ابن خراش كان مالك لا يرضاه ، فقد حكى عن مالك فيه شيء أشد من هذا وهو محمول على ما قال يعقوب ، وقد احتج بهشام جميع الأئمة.اهـ

قوله: (الجارية في اللغة هي من عمرها 11 سنة)، يجاب عنه: أن الجارية في اللغة هي الفتية من النساء.
قاله ابن منظور في اللسان (3/135) والفيزوز آبادي في القاموس (275) وغيرهما والفتية من النساء تشمل من بلغت سن السابعة والثامنة والتاسعة وغير ذلك.

- قوله: (ولدت عائشة قبل البعثة بأربع سنين)

يجاب عنه: أن هذا خلاف ما عليه أهل العلم ، والمعروف أنها ولدت بعد البعثة لا قبلها ولا يعلم أن أحداً من أهل العلم قال بقوله.
قال ابن حجر في الإصابة(4/359): ولدت عائشة رضي الله عنها بعد المبعث بأربع أو خمس سنين.اهـ
قلت وهذا هو المعروف في كتب التراجم.

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:04 AM
الرد الثاني / على المعتزلي عدنان إبراهيم
الرد الثاني: طعن عدنان إبراهيم بالصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

قال عدنان إبراهيم قبحه الله ساخراً في مقطع صوته له في موقعه: معاوية لا أشبع الله بطنه هذه دعوة النبي عليه الصلاة والسلام عليه وأصابته الدعوة ، فهو ليس له إلا الأكل.اهـ

يجاب على قوله من عدة أوجه:
أولاً: أن السخرية بالآخرين محرمة.
قال تعالى: (يـٰٓأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهمـ) الآية.
والسخرية هي الاستهزاء ، يقال هزئ به واستهزأ.

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (1747): نهى تعالى عن السخرية بالناس ، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم ، والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم وهذا حرام فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له.اهـ

ولاشك أن معاوية رضي الله عنه أعظم قدراً من هذا المستهزيء.

ثانياً: أن السخرية بالآخرين من فعل الجهال.
قال تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركمـ أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجـٰهلين)
فعد السخرين من فعل الجاهلين.

قال العلامة السعدي في تفسيره (46): الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه وهو الذي يستهزئ بالناس ، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمن هو آدمي مثله.

ثالثاً: أن السخرية بالصالحين من فعل أهل النفاق:
قال تعالى: ( وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شيـٰطينهمـ قالوا إنا معكمـ إنما نحن مستهزءون)
قال الإمام القرطبي في تفسيره(1/150): أنزلت هذه الآية في ذكر المنافقين.اهـ

رابعاً: أن السخرية بالصحابة أذية لهم ، وأذية الصحابة مما يؤذي النبي عليه الصلاة والسلام، قال عبد الله بن المغفل رضي الله عنه: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الله الله في أصحابي لا تتخذوا أصحابي غرضاً من أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله)رواه الترمذي(3871)وقال:حديث حسن غريب ، وصححه ابن حبان (7212).
وآذية الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام من كبائر الذنوب ، قال تعالى: ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً).
قال الحافظ ابن كثير في تفسيرة(1525): والآية عامة في كل من آذاه بشيء فقد آذى الله.اهـ

خامساً: حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له (اذهب وادع لي معاوية) قال: فجئت فقلت: هو يأكل فقال (لا أشبع الله بطنه) رواه مسلم (2604)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم (1552): دعاؤه على معاوية: أن لا يشبع حين تأخر ففيه جوابان:
أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد.
والثاني: أنه عقوبة له لتأخره.اهـ.

قلت: والقول الأول أرجح ، وأن هذا الكلام يجري على اللسان ولا يراد منه وقوعه ، ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ (ثكلتك أمك يا معاذ)، رواه الترمذي (2616) وقال حديث حسن صحيح.

قال الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي (7/28): قوله (ثكلتك) بكسر الكاف أي فقدتك، وهو دعاء عليه بالموت على ظاهره ، ولا يراد وقوعه ، بل هو تأديب وتنبيه من الغفلة.اهـ.

ونظيره أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام لصفية رضي الله عنها لما حاضت (عَقرى حَلقى) رواه البخاري (1762)، قال الحافظ ابن حجر في الفتح(3/668):
قوله (عقرى حلقى) معناه الدعاء بالعقر والحلق ، ثم معنى عقرى عقرها الله أي جرحها وقيل جعلها عاقراً لا تلد وقيل عقر قومها ، ومعنى حلقى حلق شعرها وهو زينة المرأة أو أصابها وجع في حلقها.

وحكى القرطبي أنها كلمة تقولها اليهود للحائض ، فهذا أصل هاتين الكلمتين ، ثم اتسع العرب في قولهما بغير إرادة حقيقتهما كما قالوا: قاتله الله ، وتربت يداه ، ونحو ذلك.اهـ
كتبه
بدر محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:06 AM
الرد الثالث: طعن المعتزلي عدنان إبراهيم في الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
- قال عدنان إبراهيم في تسجيل صوتي له في موقعه وهو يسخر: من عقيدة أهل السنة عدم شتم معاوية ، فهل عدم سب معاوية أصبح من العقيدة.اهـ

يجاب عن قوله السيء بما يلي:
أولاً: أنه قد استفاض عن النبي عليه الصلاة والسلام نهيه عن سب صحابته ، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على حُرمة سبهم ، وأن سبهم من علامات المبتدعة كالخوارج والنواصب والروافض وغيرهم.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام:( لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)رواه البخاري (3673) ومسلم (2541).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الإسماعيلي كما في صحيح الجامع (6285).

قال ابن عمر رضي الله عنهما: (لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة) رواه أحمد في فضائل الصحابة (1/57) وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما، رواه عنه ابن بطة بإسناد صحيح كما في شرح الطحاوية لابن أبي العز (669).

قال الإمام مالك: ( الذي يشتم أصحاب النبي ﷺ ليس لهم إسم أو قال نصيب في اﻷسلام ) السنة للخلال-2/557.

ثانياً: أن عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم: حبهم والترضي عليهم والذب عنهم ، والكف عما شجر بينهم ، ولا يذكرون إلا بجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ، وهم الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه فنعم الصحب لنبيهم عليه الصلاة والسلام قال ابن مسعود رضي الله عنه( نظر الله في قلوب العباد بعد قلب محمد عليه الصلاة والسلام فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه) رواه أحمد وحسنه الألباني كما في الطحاوية(672) ، وهم خير الناس بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لحديث عمران رضي الله عنه في الصحيحين (خير الناس قرني).

قال تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبناً غلاً للذين ءامنوا)، قال الإمام الطحاوي في الطحاوية(467): ونحب أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ولا نذكرهم إلا بخير وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان… ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق.اهـ

قال العلامة ابن أبي العز في شرح الطحاوية (490): قوله (فقد برئ من النفاق) لأن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق قصده إبطال دين الإسلام والقدح في الرسول عليه الصلاة والسلام.اهـ

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة(134): وإذا رأيت الرجل يطعن على أحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام فاعلم أنه صاحب قول سوء وهوى لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام(إذا ذكر أصحابي فأمسكوا) قد علم النبي عليه الصلاة والسلام ما يكون منهم من الزلل بعد موته فلم يقل فيهم إلا خيراً ، وقال (ذروا أصحابي لا تفولوا فيهم إلا خيراً.اهـ.

ثالثاً: أن الطعن في معاوية رضي الله عنه طعن في سائر الصحابة رضي الله عنهم.
قال الميموني:( سمعت الإمام أحمد يقول: ما لهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية ، وقال لي: يا أبا الحسن إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بسوء فاتهمه على الإسلام).
رواه ابن بطة في الشرح والإبانة (231) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2359)، وقال المزي في تهذيب الكمال(1/339): سُئل أبو عبدالرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: إنما الإسلام كدار لها باب ، فباب الإسلام الصحابة ، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام كمن نقر الباب يريد دخول الدار ، قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة.اهـ

ختاماً:
قال إبراهيم بن ميسرة: (ما رأيت عمر بن عبدالعزيز ضرب إنساناً قط إلا إنساناً شم معاوية فضربه أسواطاً)، رواه اللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (2385).

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:07 AM
الرد الرابع: إنكار المعتزلي عدنان إبراهيم نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان.

أنكر عدنان إبراهيم في تسجيل صوتي له نزول عيسى عليه السلام ، وقال إنه لا يؤمن بهذا ، وإن الإيمان به هو عقيدة اليهود والنصارى.

يجاب على قوله السيء بما يلي:

أولاً: أن عيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه الله حياً إليه إلى السماء.
قال تعالى: ( بل رفعه الله إليه)، وقال تعالى: ( وقولهم إنا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)، وقال تعالى: ( إذ قال الله يـٰعسى إني متوفيك ورافعك إلى)، والنوم يسمى وفاة ، قال تعالى: ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها)، وقال تعالى: (وهو الذي يتوفىـٰكم باليل ويعلم ما جرحتمـ بالنهار).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (2/419): وأجمعت الأمة على أن الله عزوجل رفع عيسى إليه إلى السماء.اهـ

ثانياً: تواتر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان ، حكماً عدلاً ويكسر الصليب ويقتل الدجال والخنزير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير) رواه البخاري (3448) ومسلم (155).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ...وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم وإنه نازل... ويلبث بالأرض أربعين سنة ثم يتوفى) رواه أحمد (2/406) والآجري في الشريعة (888) وصححه ابن حجر في الفتح (6/555) والألباني في الصحيحة (2182).

قال الحافظ ابن كثير في النهاية(1/142): ثم ينزل عيسى من السماء قبل يوم القيامة كما دلت عليه الأحاديث المتواترة.

قال المحدث العظيم آبادي في عون المعبود(11/457): تواتر الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء بجسده إلى الأرض عند قرب الساعة وهذا هو مذهب أهل السنة.اهـ

قال المحدث الألباني في في الطحاوية (501): اعلم أن أحاديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام متواتر.اهـ

وإنكار نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان تكذيب لخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، الذي أقسم عليه بقوله: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم)، وهذا الأفاك المعتزلي يكذب ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه ، قال تعالى عن نبيه عليه الصلاة والسلام(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى)، قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، وهذا وعيد شديد لمن يشاقق الرسول.

ثالثاً: أجمع أهل السنة والجماعة على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان.
قال الإمام أحمد كما في الطبقات (1/344): والدجال خارج في هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى بن مريم عليه السلام ويقتله بباب لد.اهـ
قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني في المجحة(2/463): وأهل السنة يؤمنون بنزول عيسى عليه السلام.اهـ

قال القاضي عياض في شرح مسلم(8/492): ونزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة لصحيح الآثار الواردة في ذلك ولأنه لم يرد ما يبطله ويضعفه خلافاً لبعض المعتزلة والجهمية ومن رأى رأيهم في إنكار ذلك.اهـ

قال العلامة المناوي في فيض القدير(394): وأجمعوا على نزول عيسى عليه السلام نبياً لكنه بشريعة نبيناً محمد عليه الصلاة والسلام.اهـ

وإنكار نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان إنكار لإجماع الأمة على نزوله.
وهذا الأفاك المعتزلي ممن يرد إجماع هذه الأمة ولا يقبله.
قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)، قال العلامة القرطبي في تفسيره(3/248): هذه الآية فيها دليل على صحة القول بالإجماع.اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره(533): والذي عول عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الآية الكريمة.اهـ

وأمة النبي عليه الصلاة والسلام لا تجتمع على ضلالة تشريفاً لهم.

قال كعب الأشعري أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول( إن الله قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة)، رواه ابن أبي عاصم في السنة (79) وحسنه بطرقه الألباني في الصحيحة (1331)، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (533): وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ ، وقد ذكرنا منها طرفاً صالحاً في كتاب(أحاديث الأصول) ومن العلماء من ادعى تواتر معناها.اهـ

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:09 AM
الرد الخامس: على المعتزلي عدنان إبراهيم بقوله بأن أبا هريرة كان مولعاً برواية الاسرائليات.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأن أبا هريرة كان مولعاً برواية الاسرائليات ، وكان كثيراً ما يحدث عن كعب الأحبار.

يجاب عن قوله بما يلي:
أولاً: هل قال أحد من أئمة الحديث المعتبرين بأن أبا هريرة رضي الله عنه كان مولعاً برواية الاسرائليات؟
الجواب: لم يقل أحد بهذا القول فيما أعلم ، وإنما هي فرية جاء بها أبو رية ومن هو على شاكلته من
من أهل الدجل والافتراء أهل الزيغ والأهواء ، للطعن في السنة النبوية ، وتبعهم على هذه الفرية عدنان إبراهيم.

وأما ما ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ(1/36): قال أبو داود الطيالسي أخبرنا عمران القطان عن بكر بن عبدالله عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه لقي كعباً فجعل يحدثه ويسأله ، فقال كعب:ما رأيت أحداً لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة.اهـ

- عمران القطان وهو ابن داور ، لين الحديث ، وله تفردات لا يتابع عليها.
وقد ذكره ابن عدي في الضعفاء (5/87)
وذكره العقيلي في الضعفاء (3/1014)
وقال الذهبي في الميزان (3/236): عمران القطان ضعفه النسائي وأبو داود وابن معين وقال أحمد:أرجو أن يكون صالح الحديث
وقال يزيد بن زريع:كان حرورياً يرى السيف.اهـ
وذكر ابن حجر في التهذيب (4/381)الخلاف فيه.

- فلا تصح هذه القصة ، وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها بأن أبا هريرة رضي الله عنه كان مولعاً برواية الاسرائليات ، وإنما هي في بيان معرفة أبي هريرة لما في التوراة ، لا إنه حدث عما في التوراة ، وفرق بين الرواية والعلم فتأمل.

ثانياً: أن الهدف من هذه الفرية التي جاء بها عدنان وغيره ، هي التشكيك في كل روايات أبي هريرة رضي الله عنه ، فأرادوا بفريتهم التشكيك في الحديث المرفوع الصريح ،
لكي يقال: هل هو قول النبي عليه الصلاة والسلام أم هو من الاسرائليات التي حدث بها أبو هريرة ولم يفصح.
وأرادوا أيضاً بهذه الفرية رد الحديث المرفوع حكماً بحجت أنه من الاسرائليات وليس له حكم الرفع.
هذا هو قصدهم من هذه الفرية ، أرادوا رد كل روايات أبي هريرة رضي الله عنه لأنه راوية الإسلام وأكثر الصحابة رضي الله عنهم رواية للحديث.
قال الذهبي في تذكرة الحفاظ(1/36): قال ابن عمر رضي الله عنهما لأبي هريرة رضي الله عنه :(يا أبا هريرة إنك كنت لألزمنا لرسول الله عليه الصلاة والسلام وأعلمنا بحديثه).

ثالثاً: الكلام عن رواية أبي هريرة عن التابعي كعب الأحبار رحمه الله.
اعلم أن رواية الصحابة رضي الله عنهم عن التابعين نادرة جداً ، كما قال ذلك الذهبي في السير(3/490) ، وهي من رواية الأكابر عن الأصغار ، ولم يرو الصحابة عن التابعين مما قيل عنه إنه من الاسرائليات شيء في الحلال لا والحرام ولا العقائد ونحوها ، وإنما رووا بعض ما جاء عن بني إسرائيل مما لم يخالف شرعنا ، وإذا روى الصحابي عن تابعي فإنه يبين ذلك ولا ينسبه للنبي عليه الصلاة والسلام فقط ، ما لم يكن وهماً وقع لأحد رواة الحديث.

مثال ما وقع فيه وهم من أحد الرواة:
ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (1729)
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن أبي عمار عن عبدالله بن فروخ عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة)
قال أبوبكر ابن خزيمة: قد اختلفوا في هذه اللفظة في قوله(فيه خلق آدم) إلى قوله(وفيه تقوم الساعة) أهو عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام أو عن أبي هريرة عن كعب الأحبار؟
والقلب إلى رواية من جعل هذا الكلام عن أبي هريرة عن كعب أميل ، لأن محمد بن المثنى حدثنا قال أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أسكن الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم الساعة)قال:قلت له:أشيء سمعته من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قال بل شيء حدثناه كعب.
وهكذا رواه أبان بن يزيد العطار وشيبان بن عبدالرحمن عن يحيى بن أبي كثير.
قال أبو بكر: وأما قوله(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة) فهو عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام لاشك ولا مرية فيه ، والزيادة بعدها(فيه خلق آدم) إلى آخره ، هذا الذي اختلفوا فيه ، فقال بعضهم: عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال بعضهم: عن كعب.اهـ

كتبه:
بدر محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:11 AM
الرد السادس: على المعتزلي عدنان إبراهيم في رده خبر الآحاد.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بعدم العمل بخبر الآحاد لأن دلالته ظنية لا قطعية.
ويجاب عليه بما يلي:
أولاً: أن قوله هذا فيه مخالفة لقول الله تعالى
قال تعالى: ( وما ءاتىٰكم الرسول فخذوه وما نهىٰكم عنه فانتهوا) وهذا لفظ عام يشمل كل ما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام سواء كان متواتراً أو غير متواتر.

ثانياً: أن قوله هذا مخالف لقول النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)، رواه مسلم (1337) عن أبي هريرة.
وهذا لفظ عام يشمل كل ما صح عنه عليه الصلاة والسلام سواء كان متواتراً أو غير متواتر.

ثالثاً: أن قوله هذا مخالف لإجماع أهل العلم.
فإن الذي عليه أهل العلم أن الحديث إذا صح فقد أفاد العلم والعمل ما لم يكن منسوخاً.
قال الإمام ابن عبدالبر المالكي في التمهيد(1/4): أجمع أهل العلم على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع وعلى هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع شذرمة لا تعد خلاف.اهـ

وقال الخطيب في الكفاية(31): وعلى العمل بخبر الواحد كان عامة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار ذلك.اهـ
وقال الإمام ابن القيم في مختصر الصواعق(1/332): ومعلوم ومشهور استدلال أهل السنة بأحاديث الآحاد فهذا إجماع منهم على قبول أحاديث الآحاد.اهـ
وقال الحافظ بدرالدين العيني الحنفي في نخب الأفكار (7/68): مذهب فقهاء الأمصار أن خبر الواحد تقوم به الحجة ويجب به العمل في أمور الدين.اهـ

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:13 AM
الرد السابع: على المعتزلي عدنان إبراهيم في إنكاره أحاديث الدجال.

قال المعتزلي عدنان إبراهيم في مقطع صوتي له: بأن أحاديث الدجال مكذوبة وهي أقاويل اليهود موجودة في كتبهم.

يجاب عليه بما يلي:

أولاً: التعريف بالدجال:
الدجال من الدجل وهو التغطية وسمي الكذاب دجالاً لأنه يغطي الحق بباطله.
وسمي الدجال بالمسيح : لمسح إحدى عينيه.
كما جاء في صحيح مسلم(2933) عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً: (الدجال ممسوح العين مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرؤه كل مسلم)

والدجال رجل يدعي الربوبية ، ويعطيه الله تعالى من الآيات كما جاء في الأحاديث ما يكون سبباً للفتنة وما من نبي من الأنبياء إلا وحذر أمته من فتنة الدجال ، قال أنس رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام(ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب) رواه البخاري (7131) ومسلم (2933).

وخروجه من علامات الساعة الكبرى.
قال حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات...) وذكر (الدجال) رواه مسلم (2901).

ويمكث الدجال في الأرض أربعين يوماً اليوم الأول بمقدار سنة والثاني بمقدار شهر والثالث بمقدار أسبوع وبقية الأيام كأيامنا.
قال النواس بن سمعان رضي الله عنه ذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام الدجال ذات غداة قال:(يخرج ما بين الشام والعراق فعاث يميناً وشمالاً )
قلنا:يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: (أربعين يوماً ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم)، رواه مسلم (2937) وأبوداود (4321) والترمذي (2390).

ثم ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء ويقتل الدجال بباب لد.
قال مجمِّع الأنصاري رضي الله عنه سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول(يقتل ابن مريم الدجال بباب لُد) رواه الترمذي (2394) وقال: حديث صحيح ؛ وفي الباب عن عمران بن حصين ونافع بن عتبة وأبي برزة وحذيفة بن أسيد وأبي هريرة وكيسان وعثمان بن أبي العاص وسمرة بن جندب والنواس بن سمعان وعمرو بن عوف وحذيفة بن اليمان.اهـ

ثانياً: تواتر أحاديث الدجال:
- قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث(3/411): ومن التواتر المعنوي أخبار الدجال.اهـ
- وقال العلامة الكتاني في نظم المتواتر(290): أحاديث خروج المسيح الدجال. ذكر غير واحد أنها واردة من طرق كثيرة صحيحة عن جماعة من الصحابة ، وفي التوضيح للشوكاني منها مائة حديث وهي في الصحاح والمعاجم والمسانيد ، والتواتر يحصل بدونها فكيف بمجموعها ، وقال بعضهم أحاديث الدجال تحتمل مجلدات وقد أفردها غير واحد من الأئمة بالتأليف.اهـ
- وقال المحدث الألباني في قصة الدجال(13): أحاديث الدجال متواترة.اهـ
- وجاء في فتاوى هيئة كبار العلماء(3/105): أحاديث ظهور الدجال صحيحة صريحة متواترة.اهـ

ثالثاً: إجماع أهل السنة والجماعة على الإيمان بخروج الدجال في آخر الزمان.

قال الإمام أحمد كما في الطبقات(1/344): والدجال خارج في هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام ويقتله بباب لد.اهـ

وقال الإمام البربهاري في شرح السنة(184): والإيمان بالمسيح الدجال وبنزول عيسى ابن مريم ينزل فيقتل الدجال.اهـ

وقال الحافظ النووي في شرح مسلم(2932): قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من أحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له ، وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ، ويقتله عيسى عليه السلام
هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة.اهـ

ونقل العلامة حمود التويجري في إتحاف الجماعة (3/90): إجماع أهل السنة والجماعة على الإيمان بخروج الدجال.

رابعاً: من أنكر خروج الدجال:
لم ينكر خروج الدجال سوى طوائف من أهل البدع من المعتزلة والخوارج والفلاسفة وقالوا بأن أحاديث الدجال خيالات لا حقيقة لها ، وكذا قال الكذاب الدجال ميرزا غلام أحمد القادياني الهندي مدعي النبوة وأصحابه ، وتابعهم على هذه العقيدة الفاسدة عدنان إبراهيم المعتزلي فأنكر نزول عيسى عليه السلام وأنكر خروج الدجال.

وخالفوا بعقولهم الضالة المنحرفة ، ما تواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام وما أجمعت عليه الأئمة بخروج الدجال في آخر الزمان.
قال الله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً)
وهذه الآية في بيان خطر مخالفة ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام وخطر مخالفة إجماع الأمة.

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:14 AM
الرد الثامن: على المعتزلي عدنان إبراهيم

في إنكاره النسخ في القرآن.



قال المعتزلي عدنان إبراهيم: النسخ لا يكون في القرآن.



يجاب عليه بما يلي:



أولاً: معنى النسخ:

النسخ لغة: الرفع والإزالة والنقل.

وشرعاً: هو رفع حكم شرعي متقدم بحكم شرعي متأخر.



ثانياً: الإجماع على وقوع النسخ:

أجمع أهل الإسلام على وقوع النسخ في القرآن والسنة.

قال تعالى( ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير)



قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه(ما ننسخ من ءاية) ما نبدل من آية.

وابن جريج عن مجاهد:( ما ننسخ من ءاية) أي: ما نمح من آية.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد(ما ننسخ من ءاية)قال: نثبت خطها ونبدل حكمها.حدّث به عن أصحاب عبدالله بن مسعود.

(ذكره ابن كثير في تفسيره-181)



قال الإمام الزركشي في البرهان(2/32): لا خلاف في جواز نسخ الكتاب بالكتاب.اهـ



قال العلامة المرداوي في التحرير(261): أهل الشرائع على جوازه عقلاً ووقوعه شرعاً وخالف أكثر اليهود في الجواز وأبو مسلم في الوقوع.اهـ



قال الحافظ السيوطي في الإتقان في علوم القرآن(2/89): النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير ، وقد أجمع المسلمون على جوازه ، وأنكره اليهود ظناً منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له. وهو باطل ؛ لأنه بيان مدة الحكم ، كالإحياء بعد الإماتة وعكسه ، والمرض بعد الصحة وعكسه ، والفقر بعد الغنى وعكسه ، وذلك لا يكون بداء ، فكذا الأمر والنهي.اهـ



ثالثاً: من أنكر النسخ:

لم ينكر النسخ سوى اليهود وتابعهم أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني المعتزلي وتابعه عدنان إبراهيم المعتزلي

وكلهم محجوج ، فاليهود محجوجون بما جاء في التوارة من النسخ والأصفهاني وعدنان محجوجون بالإجماع على جواز النسخ.



قال الإمام القرطبي في تفسيره(2/45): أنكرت طوائف من المنتمين للإسلام المتأخير جواز النسخ وهم محجوجون بإجماع السلف السابق على وقوعه في الشريعة ، وأنكرته أيضاً طوائف من اليهود وهم محجوجون بما جاء في توراتهم بزعمهم أن الله تعالى قال لنوح عليه السلام عند خروجه من السفينة: إني قد جعلت كل دابة مأكلاً لك ولذريتك وأطلقت ذلك لكم كنبات العشب ما خلا الدم فلا تأكلوه ، ثم قد حرّم على موسى عليه السلام وعلى بني إسرائيل كثيراً من الحيوانات ، وبما كان آدم عليه السلام يزوج الأخ من الأخت وقد حرم الله ذلك على موسى عليه السلام وعلى غيره ، وبأن إبراهيم الخليل عليه السلام أمر بذبح ابنه ثم قال له:لا تذبحه.اهـ



رابعاً: يكون النسخ إلى بدل ، وإلى غير بدل:

النسخ يكون إلى بدل ويكون إلى غير بدل.

-مثال النسخ إلى بدل:

نسخ استقبال بيت المقدس إلى مكة في الصلاة ، قال تعالى(قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضىـٰها فول وجهك شطر المسجد الحرامـ وحيث ما كنتمـ فولوا وجوهكم شطره)



-مثال النسخ إلى غير بدل:

نسخ تقديم الصدقة بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام لمن أراد أن يناجيه أي يحدثه سراً ، قال تعالى( يـٰأيها الذين ءامنوا إذا نـٰجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجوىـٰكم صدقة) نسخت بقوله تعالى( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدى نجوىـٰكم صدقـٰت فإذ لمـ تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلوٰة وءاتوا الزكوٰة)



خامساً: أقسام النسخ في كتاب الله:

ينقسم النسخ في كتاب الله إلى ثلاثة أقسام:

الأول: ما نسخ حكمه وبقي لفظه.

مثاله ( إن يكن منكم عشرون صـٰبرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهمـ قوم لا يفقهون)

نسخها قوله تعالى( الئـٰن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين)

الثاني: ما نسخ لفظه وبقي حكمه.

مثاله: آية الرجم ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: ما أجد الرجم في كتاب الله ، وقد قرأتها : (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله) رواه ابن ماجه(2553) وصححه الألباني.

الثالث: ما نسخ لفظه وحكمه.

مثاله: قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن) رواه مسلم(1452)

كتبه:
بدر محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:16 AM
الرد التاسع: على عدنان إبراهيم بقوله إن الصحيحين فيهما أحاديث ضعيفة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

قال عدنان إبراهيم :(بأن الصحيحين فيهما أحاديث ضعيفة وليس كل ما في الصحيحين صحيح).اهـ

من المعلوم أن أول من صنف في الصحيح المجرد هو الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري
وتبعه صاحبه وتلميذه مسلم بن الحسين النيسابوري.
قال العلامة شمس الدين التبريزي في فن أصول المصطلح(58): أول من صنف في الصحيح المجرد العاري عن الحسن والضعيف ، هو الإمام البخاري ثم الإمام مسلم.اهـ
وصحيح البخاري وصحيح مسلم ، أصح كتب الحديث على الاطلاق.
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(29):
وكتابهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز.اهـ

وقد أجمع أهل العلم على صحة كل ما في الصحيحين ، وقد نقل الإجماع غير واحد من الأئمة النقاد.

قال الحافظ الزركشي في النكت على المقدمة(59): وكتاباهما - أي كتاب البخاري ومسلم - أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز ، قال النووي: باتفاق العلماء.اهـ

وقال العلامة الزرقاني في شرح البيقونية(17):
اتفقوا على أن أصح الحديث ما اتفق على اخراجه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم.اهـ

وأجمع أهل العلم أيضاً على تلقي ما في الصحيحين بالقبول.
قال الحافظ ابن حجر في النزهة(86): اتفق العلماء على تلقي كتابيهما- أي كتاب البخاري وكتاب مسلم- بالقبول.اهـ

وقال أيضاً في هدي الساري(501): ادعى الإمام أبو عمرو بن الصلاح وغيره الاجماع على تلقي هذا الكتاب - أي صحيح البخاري - بالقبول والتسليم لجميع ما فيه.اهـ

وقال العلامة الصنعاني في إسبال المطر(65): اتفق العلماء بعدهما - أي بعد البخاري ومسلم - على تلقي كتابيهما بالقبول ، واختلاف بعضهم في أيهما أرجح ، فما اتفقا عليه أرجح من هذه الحيثية مما لم يتفقا عليه.اهـ


- وقال عدنان أيضاً : ( بأن بعض العلماء ضعفوا أحاديث في الصحيحين)

يجاب على قوله:

بأن ما أخرجه البخاري في صحيحه ومسلم في صحيحيه لا يخلو من حالتين:
أولاهما: ما أخرجاه في الشواهد والمتابعات أو ذكراه معلقاً ، فهذا ليس من شرط الصحيح عندهما ، وغالب الأحاديث التي انتقدت عليهما من هذا الصنف.

قال شيخ الإسلام في الرد على الأخنائي(141):
مسلم قد يروي عن الرجل في المتابعات ما لا يرويه فيما انفرد به، ولهذا كان كثير من أهل العلم يمتنعون أن يقولوا في مثل ذلك هو على شرط مسلم أو البخاري.اهـ

ثانيهما: ما أخرجاه في أصول الصحيحين.
وهذا الانتقاد عليه قليل جداً ، فقد يرى الناقد أن هذا الحديث معلول أو فيه زيادة شاذة أو قصّر فيه راويه ، ويرى الشيخان خلاف ذلك ، وغالباً ما يكون القول فيه هو قول البخاري ومسلم
كما هو معروف ، لإمامتهما وسعة علمهما وأنهما من أئمة العلل النقاد ، ويروى أن البخاري عرض كتابه على كبار الأئمة في ذلك الزمان وهم أحمد وابن المديني وابن معين وأقروه سوى أربعة أحاديث انتقدوها عليه ورجح العقيلي أن الصواب مع البخاري ، وأن مسلماً عرض كتابه على أبي زرعة فكل ما قاله عنه أبو زرعه صحيح أخرجه وما قال عنه سوى ذلك لم يخرجه.

قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري(7): قال العقيلي:لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم
فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا أربعة أحاديث ، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري وهي صحيحة.

وقال الحافظ ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم(10): بلغنا عن مكي بن عبدان قال سمعت مسلماً يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي ، فكل ما أشار أن له علة تركته ، وكل ما قال أنه صحيح وليس له علة أخرجته.اهـ

كتبه:
بدر محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:18 AM
الرد العاشر: على المعتزلي عدنان إبراهيم بطعنه في التابعي همام بن منبه وصحيفته

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

قال المعتزلي عدنان إبراهيم:( همام بن منبه يهودي روى عن أبي هريرة أحاديث إسرائلية رواها البخاري وغيره منها حديث( خلق الله آدم على صورته)

يجاب عن فريته بما يلي:

أولاً: من هو همام بن منبه:
هو أبو عقبة همام بن منبه بن كامل اليماني الصنعاني.
تابعي من أوسط التابعين ، وثقه ابن معين وغيره.
روى عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم
وروى عنه أخوه وهب ومعمر بن راشد وغيرهما.
أخرج له الجماعة.
توفي (131 هـ)

ثانياً: صحيفة همام:
صحيفة همام سمعها من أبي هريرة رضي الله عنه ، ورواها عنه معمر بن راشد الأزدي
ورواه عن معمر:عبدالرزاق الصنعاني ، ورواها الأئمة عن عبدالرزاق.

قال الحافظ ابن حجر في التهذيب(11/59):قال الميموني عن أحمد: كان همام يغزو وكان يشتري الكتب لأخيه وهب فجالس أبا هريرة فسمع منه أحاديث وهي نحو من أربعين ومائة حديث بإسناد واحد، وأدركه معمر وقد كبر وسقط حاجباه على عينيه فقرأ عليه همام حتى إذا مل أخذ معمر فقرأ الباقي.اهـ

وهذه الصحيفة تعتبر من أوائل ما كتب من الحديث النبوي.
قال المحدث أحمد شاكر في حاشيته على المسند(8/181):هذه الصحيفة من أوائل ما كتب من الحديث النبوي وهي تعتبر تأليفاً مستقلاً بكتابة همام إياها والظاهر من الروايات أنه كتبها عن أبي هريرة مباشرة أعني أنه كتبها في حياته.اهٓ

ثالثاً: درجة صحيفة همام.
هي صحيفة صحيحة وسندها من أصح أسانيد اليمانيين ، وتلقاه الأئمة بالقبول.
قال الحافظ الذهبي في السير(5/312):
همام صاحب تلك الصحيفة الصحيحة التي كتبها عن أبي هريرة وهي نحو من مائة وأربعين حديثاً حدث بها عنه معمر.اهـ
وعد الذهبي في الموقظة(10) من مراتب الصحيح: رواية معمر عن همام عن أبي هريرة.

واتفق الشيخان على رواية جملة من أحاديث صحيفة همام ، وانفرد البخاري منها بعدة أحاديث ، وانفرد مسلم بعدة منها.

رابعاً: متابعة الأعرج لهمام.
روى عبدالرحمن بن هرمز الأعرج التابعي الثقة
هذه الصحيفة عن أبي هريرة.
- قال المحدث أحمد شاكر في حاشيته على المسند (8/185) الأحاديث التي رواها همام عن أبي هريرة، رواها أيضاً الأعرج عن أبي هريرة
وهذا يدل على أن هماماً والأعرج كلاهما قد كتب الصحيفة عن أبي هريرة وسمعها منه، فتكون الصحيفة مروية عن أبي هريرة بإسنادين من وجهين متباعدين.
وقد وصلت صحيفة همام عن أبي هريرة إلى البخاري كما وصلت إليه أيضاً صحيفة الأعرج عن أبي هريرة.اهـ

ومتابعة الأعرج لهمام تعد صفعة في وجه هذا المعتزلي ، وترد على دعواه أن هماماً انفرد بالصحيفة ، وهذا دليل واضح في بيان جهل عدنان إبراهيم وعدم معرفته لعلم الحديث ، وإنما هو رجل يقول ما لا يعلم ويدعي أنه يعلم.

ختاماً: سؤال لهذا المعتزلي:
مَن مِن الأئمة الحفاظ طعن في صحيفة همام ، أو ضعف همام أو قال إن صحيفته روى فيها جملة من الاسرائليات؟
الجواب: لن يجد أحداً يطعن فيها أبداً ، أو يطعن في همام أو قال إن فيها جملة من الاسرائليات
، وإنما أراد هذا المعتزلي التشكيك في السنة النبوية الصحيحة كعادته ،قال تعالى (كبرت كلمة تخرج من أفوٰههمـ إن يقولون إلا كذبًا)

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:22 AM
الرد الحادي عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم في قوله: إن عدم جواز الطعن بالصحابة هي فكرة أموية جاؤا بها لكي لا يسب معاوية.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

قال المعتزلي عدنان إبراهيم: ( إن عدم جواز الطعن بالصحابة هي فكرة أموية جاؤا بها لكي لا يسب معاوية )

يجاب عليه :

أولاً: سب الصحابة رضي الله عنهم ، علامة من علامات أهل البدع كالروافض والخوارج والنواصب وأصحابه المعتزلة ومن سلك مسلكهم من أهل الزيغ والضلال.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(4/365):
قال ابن السمعاني: التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله بل هو بدعة وضلالة.اهـ

وقال العلامة الشوكاني في نثر الجوهر(107): فإنه لم يعادهم - أي الصحابة - ويتعرض لأعراضهم المصونة إلا أخبث الطوائف المنتسبة إلى الإسلام ، وشر من على وجه الأرض من أهل هذه الملة ، وأقل أهلها عقولاً ، وأحقر أهل الإسلام علوماً ، وأضعفهم حلوماً ، بل أصل دعوتهم لمكيدة الدين ، ومخالفة شريعة المسلمين ، يعرف ذلك من يعرفه ويجهله من يجهله.اهـ

ثانياً: حب الصحابة والترضي عنهم وذكرهم بالجميل والكف عما شجر بينهم ، أصل من أصول الإعتقاد عند أهل السنة والجماعة وهو مما أمر الله به وأمر به رسوله عليه الصلاة والسلام.
قال تعالى: ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبناً غلاً للذين ءامنوا)

وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام:
(الله الله في أصحابي لا تتخذوا أصحابي غرضاً من أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله)رواه الترمذي(3871) عن عبدالله بن المغفل ، وقال:حديث حسن غريب ، وصححه ابن حبان(7212)

ثالثاً: النهي عن سب الصحابة ليس بدعة أموية كما قال عدنان إبراهيم ، بل هو مما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد استفاضة الأحاديث في النهي عن سبهم رضي الله عنهم.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( لا تسبوا أصحابي
فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولو نصيفه )
رواه البخاري(3673) ومسلم(2540)

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( آية النفاق بغض الأنصار وآية الإيمان حب الأنصار ) رواه مسلم(128)

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ) رواه مسلم(130)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الطبراني (3/174)
وحسنه السيوطي والألباني في الجامع(6285)

وعن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( أحسنوا إلى أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
رواه أحمد في المسند(1/98) وصححه أحمد شاكر.

وقال ابن عمر رضي الله عنهما:( لا تسبوا أصحاب محمد فلمقام أحدهم ساعة خير من عبادة أحدكم أربعين سنة)
رواه أحمد في فضائل الصحابة(1/57) وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ، رواه عنه ابن بطة بإسناد صحيح كما في شرح الطحاوية لابن أبي العز(669)

- وقد صنف الإمام الحافظ ضياء الدين المقدسي كتاباً في النهي عن سب الصحابة سماه :
( النهي عن سب الأصحاب وما فيه من الإثم والعقاب ) جمع فيه النصوص وأقوال السلف في النهي عن سبهم رضي الله عنهم.

فمن سب الصحابة رضي الله عنهم أو لعنهم أو انتقص قدرهم قد عصا النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (لا تسبوا أصحابي) وهذا نهي ، والنهي للتحريم ، فمن سبهم فقد خالف نهيه عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) الضمير في قوله : (عن أمره)
راجع إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وقيل إلى الله عزوجل ، والمعنى واحد ، لأن الأمر من الله عزوجل ، والنبي عليه الصلاة والسلام مبلغ عن الله. قال الإمام الزهري:( من الله الرسالة على رسول الله البلاغ وعلينا التسليم)
علقه البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته).

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى(6/500): قال الإمام أحمد: إذا لم نُقر بما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ودفعناه رددنا على الله أمره ،
قال الله:( وما ءاتىٰكم الرسول فخذوه وما نهىٰكم عنه فانتهوا)

رابعاً: حكم سب الصحابة.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح لمعة الإعتقاد(94): سب الصحابة على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يسبهم بما يقتضي كفر أكثرهم أو أن عامتهم فسقوا ، فهذا كفر ، لأنه تكذيب لله ورسوله بالثناء عليهم والترضي عنهم ، بل من شك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين ، لأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار فساق.

الثاني: أن يسبهم باللعن والتقبيح ، ففي كفره قولان لأهل العلم ، وعلى القول بأنه لا يكفر يجب أن يجلد ويحبس حتى يموت أو يرجع عما قال.

الثالث: أن يسبهم بما لا يقدح في دينهم كالجبن والبخل ، فلا يكفر ، ولكن يعزر بما يردعه عن ذلك.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:24 AM
الرد الثاني عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم في إنكاره خروج المهدي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأن خروج المهدي في آخر الزمان خرافة من الخرافات وأن الأحاديث التي جاءت بذكر المهدي كلها كذب.

- يجاب عليه بما يلي:

أولاً: اعلم أن أهل الإسلام يعتقدون في المهدي أنه : رجل من ولد فاطمة ، اسمه محمد بن عبدالله ، كما جاء في الأحاديث الثابتة ، وهو من ولد الحسن بن علي.
قال الإمام ابن القيم في المنار المنيف(139): وفي كون المهدي من ولد الحسن سر لطيف ، وهو أن الحسن رضي الله عنه ترك الخلافة لله ، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة ، وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك لأجله شيئاً أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه.اهـ

وأنه يخرج في آخر الزمان ، وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلاً ، وقيل خروجه قبل نزول عيسى عليه السلام.

قال ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي)
رواه الترمذي(2235) وقال: هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة.

وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه(6/247): المهدي وردت الأحاديث المستفيضة بذكر المهدي وأنه يكون في آخر الزمان.اهـ

وذكر الخلوتي في كتابه : سواء السراط لشأن الأشراط(2/5) أن خروج المهدي من أشراط الساعة.اهـ

وقال الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي(6/92): اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي.اهـ

ولم ينكر خروج المهدي سوى ميرزا أحمد غلام القادياني مدعي النبوة ، وتابعه المعتزلي عدنان إبراهيم ، وهذا ليس بغريب منه فإنه يأخذ بقول كل من يوافق هواه ، ليطعن في الدين الإسلامي ويشكك فيه ويلبس على المسلمين.


توضيح:
المهدي عند أهل الإسلام ليس هو المهدي المنتظر الذي تنتظر خروجه الرافضة من سرداب في سامراء كما يزعمون.
قال الحافظ ابن كثير في النهاية(1/40):
المهدي هو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين وليس بالمنتظر الذي تزعم الروافض وترتجي ظهوره من سرداب في سامراء فإن ذاك ما لا حقيقة له ولا عين ولا أثر.اهـ

ثانياً: اعلم أن أحاديث خروج المهدي من الأحاديث المتواترة.
قال الحافظ أبو العلا المباركفوري في التحفة(6/93): قال الشوكاني في الفتح الرباني: الذي أمكن الوقوف عليه من الأحاديث الواردة في المهدي خمسون حديثاً وثمانية وعشرون آثراً ؛ ثم سردها مع الكلام عليها ، ثم قال: وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر.اهـ

وقال العلامة الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر(289): خروج المهدي الموعود ، وقد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة، والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث ، ونقله عن أبي الحسن الأبري وقد تقدم نصه أول هذه الرسالة ، وفي تأليف لأبي العلاء إدريس محمد العراقي في المهدي: هذا أن أحاديثه متواترة أو كادت ، قال: وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد.اهـ

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة(3/101): الأحاديث التي دلت على خروج المهدي كثيرة وردت من طرق متعددة ورواها عدد من أئمة الحديث وذكر جماعة من أهل العلم أنها متواترة معنوياً منهم أبو الحسن الآبري من علماء المائة الرابعة والعلامة السفاريني في كتابة لوامع الأنوار البهية والعلامة الشوكاني في رسالة سماها( التوضيح في تواتر أحاديث المهدي والدجال والمسيح)اهـ

وقد جمع الإمام أبو نعيم أحاديث المهدي في كتاب ولخصه السيوطي وحذف إسانيده في جزء سماه( العرف الوردي في أخبار المهدي) ضمنه في كتابه الحاوي(2/57)

- وقال عدنان إبراهيم: ( وضعف أحاديث خروج المهدي كلها الجورقاني وابن الجوزي وابن خلدون وابن بدران وقالوا لا يصح في المهدي حديث)

يجاب عنه:
أولاً: كتاب الأباطيل للجورقاني عليه بعض الانتقادات من أهل العلم.
قال الكتاني في الرسالة المستطرفة(148): كتاب الموضوعات ويقال له كتاب الأباطيل لأبي عبدالله الحسين بن إبراهيم بن حسين الجورقاني ، قال الذهبي:وهو محتو على أحاديث موضوعة وواهية طالعته واستفدت منه مع أوهام فيه وقد بين بطلان أحاديث واهية بمعارضة أحاديث صحاح لها، وقال غيره: أكثر فيه من الحكم بالوضع بمجرد مخالفة السنة الصحيحة، وقال الحافظ ابن حجر: وهو خطاء إلا أن تعذر الجمع.اهـ

ثانياً: ابن الجوزي لم يضعف كل أحاديث المهدي كما ادعى عدنان بل ضعف بعضاً منها وأثبت بعضها.
قال ابن الجوزي في العلل(2/855):
حديث في خروج المهدي ، فيه عن عثمان وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر وابن عباس وحذيفة وأبي سعيد وأبي هريرة وثوبان وأم سلمة.
ثم قال: وهذه الأحاديث معلولة ، إلا أن فيها ما لا بأس به.اهـ
ومن المعلوم عند المحققين من أهل العلم : أن ابن الجوزي منتقد في حكمه على الأحاديث كما نص على ذلك غير واحد منهم الحافظ أبو العلا المباركفوري في مقدمة التحفة(200)

ثالثاً: ابن خلدون لم يضعف كل أحاديث المهدي
كما ادعى عدنان إبراهيم ، وإنما ضعف بعضاً منها وأثبت بعضا ، كما في كتابه التاريخ(1/313).
وابن خلدون كما هو معروف عند المحدثين ليس من أئمة الحديث المعتبرين الذين تؤخذ أقوالهم في التصحيح والتضعيف.
وقد خطأه الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي (6/93)

رابعاً: العلامة ابن بدران الحنبلي من فقهاء الحنابلة المتأخرين وليس هو من أهل الحديث المعتبرين الذين تؤخذ أقوالهم في التصحيح والتضعيف ، بل ولم أقف على قول ابن بدران في تضعيفه لأحاديث المهدي.


وقال عدنان إبراهيم أيضاً: ( بأن البخاري ومسلم لم يخرجا أحاديث المهدي لأنها معلولة عندهم)

يجاب عليه من وجهين:
الأول: أين أعل البخاري ومسلم أحاديث خروج المهدي؟ ومن سبقك إلى هذه المقولة؟

الثاني: من المعلوم عند المحدثين أن البخاري ومسلم لم يستوعبا الأحاديث الصحيحة في صحيحيهما بل تركا أحاديث كثيرة صحيحة على شرطهما لم يخرجها خشية الإطالة وبغيت الاختصار.
قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(61): لم يستوعبا البخاري ومسلم الصحيح في صحيحيهما ولا التزاما ذلك ، فقد روينا عن البخاري أنه قال:ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول ، وروينا عن مسلم أنه قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا -يعني في كتاب الصحيح- وإنما وضعت ما ههنا ما أجمعوا عليه.اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث(23): البخاري ومسلم لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده بل في السنن وغيرها.اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في هدي الساري(7): روى الإسماعيلي عن البخاري قال: لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحاً وما تركت من الصحيح أكثر.

وبهذا يتضح لكل عاقل ، جهل المدعو عدنان إبراهيم الذي يرد ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ولا يقبله ، حاله حال غيره من أهل الزيغ والضلال ، الذين يشككون في الدين لهوى في أنفسهم.

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:25 AM
الرد الثالث عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم بطعنه في صحة حديث ( خلق الله آدم على صورته )



قال المعتزلي عدنان إبراهيم: حديث( إن الله خلق آدم على صورته ) هذا من الإسرائليات التي جاء بها همام بن منبه ، وفي رواية( على صورة الرحمن) كيف يقال خلقه على صورته.





يجاب على هذا المعتزلي بما يلي:



حديث( خلق الله آدم على صورته ) ليس هو من الاسرائليات كما يدعي عدنان ، بل هو من أحاديث الصفات الثابتة في السنة المطهرة.



وحديث همام

رواه أحمد في مسنده(8156)والبخاري في صحيحه(3326)

ومسلم في صحيحه(2841)وابن حبان في صحيحه(6129)

واللالكائي في شرح أصول إعتقاد أهل السنة(712)

عن عبدالرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام( خلق الله آدم على صورته…)



وقد توبع همام على رواية هذا الحديث ، فقد تابعه جملة من الرواة عن أبي هريرة منهم:



1- تابعه الأعرج.

رواه عبدالله بن أحمد في السنة(1100)وابن حبان في صحيحه(5605)والآجري في الشريعة(721)

عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به.



2- وتابعه أبي عثمان التبان.

رواه عبد بن حميد في مسنده(1427)

وابن خزيمة في التوحيد (43)

عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة به.



3- وتابعه أبي أيوب المراغي.

رواه ابن خزيمة في التوحيد(40)

واللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة(713)

عن قتادة عن أبي أيوب عبدالملك بن مالك المراغي عن أبي هريرة مرفوعاً( إذا قاتل أحدكم فيجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته)



4- وتابعه سعيد المقبري.

رواه أحمد في مسنده (7414)ابن أبي عاصم في السنة(519) وابن خزيمة في التوحيد(35)والآجري في الشريعة(723) واللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة(715)

عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا( لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ولا وجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته)

صححه ابن مندة في التوحيد(91).

وقال أحمد شاكر في تحقيق(7414)إسناده صحيح.





وله شاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما

رواه ابن أبي عاصم في السنة(518) وعبدالله بن أحمد في السنة(150) والآجري في الشريعة(725) واللالكائي في شرح أصول أهل السنة(716)

عن جرير عن الأعمش عن حبيب عن عطاء عن ابن عمر مرفوعا( لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته)

ورجاله ثقات سوى عطاء بن السائب اختلط بأخره ولا يدرى متى روى عنه حبيب بن أبي ثابت قبل اختلاطه أم بعده ، وصححه بعض الحفاظ رواية حبيب عن عطاء.



وله شاهد مرسل سنده صحيح رواه عبدالله أحمد في السنة(1122) عن أبيه عن عبدالرزاق عن معمر عن قتادة يبلغ به النبي عليه الصلاة والسلام( خلق الله آدم على صورته)



فالحديث لم يتفرد به همام بن منبه كما هو واضح ، بل رواه طائفة عن أبي هريرة رضي الله عنه غير همام ، وله شواهد.



قال الحافظ ابن مندة في التوحيد(90): روى هذا الحديث عن أبي هريرة جماعة غير همام منهم:الأعرج وسعيد المقبري وأبو عثمان التبان وأبو سلمة بن عبدالرحمن وأبو أيوب العتكي وأبو رافع الصائغ وأبو صالح وأبو يونس سليم بن جبير ، وروي عن عبدالله بن عمر وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبدالله وغيرهم.اهـ



وهذا دليل على عدم معرفة هذا المعتزلي بعلم الحديث الشريف وجهله به ، بدعوى تفرد همام بالحديث عن أبي هريرة ، وإن كان تفرد مثله لا يضر لأنه ثقة حافظ ، ولكن قصد عدنان إبراهيم من طعنه في هذا الحديث وغيره من الأحاديث ، هو رد السنة الصحيحة الصريحة في إثبات صفات الله تعالى ومنها صفة الصورة، وهذا هو مذهب أهل التعطيل من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة ومن نحا نحوهم من أهل الزيغ والضلال.



- والضمير في قوله( على صورته) أي على صورة الله سبحانه وتعالى.

لما رواه ابن أبي عاصم في السنة(517) وابن خزيمة في التوحيد(41) والبيهقي في الأسماء والصفات(291)

عن جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر مرفوعاً( لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن)

قال الحاكم(3243) : حديث صحيح على شرط الشيخين.

وقال الهيثمي في المجمع(3/417): حديث ابن عمر رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة وفيه ضعف.اهـ



ورواه الدارقطني في الصفات(46)

عن زيد بن أبي الزرقا عن ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً : ( إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه فإن الإنسان على صورة الرحمن)

وابن لهيعة فيه ضعف.



ورواه ابن بطة في الإبانة الكبرى(2575)

عن أبي الأسود عن ابن لهيعة عن أبي يونس عن أبي هريرة مرفوعاً : ( إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإنما صورة الإنسان على صورة الرحمن)

وابن لهيعة في ضعف.



قال القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات(1/81): وقد روى ابن مندة بإسناده عن إسحاق بن راهوية قال: قد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال إن آدم خلق على صورة الرحمن.اهـ



وقال القاضي أيضاً في إبطال التأويلات(1/88)

: قال أحمد كما في رواية أبي طالب: من قال: إن الله خلق آدم على صورته – يعني صورة آدم – فهو جهمي ، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه.

قال أبو يعلى: وهذا من أحمد دليل على صحته.



قال الحافظ الذهبي في الميزان(2/420): حديث صحيح وصححه إسحاق بن راهوية وأحمد بن حنبل.اهـ



وقال الحافظ ابن حجر في الفتح(5/183): رجاله ثقات.اهـ



وصنف العلامة المحدث حماد الأنصاري كتاباً صحح فيه حديث الصورة سماه ( تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن )



وقد أجمع السلف على أن الضمير في قوله( خلق الله آدم على صورته) عائد إلى الله.

قال شيخ الإسلام: هذا الحديث لم يكن بين السلف نزاع في أن الضمير عائد إلى الله فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك.

( عقيدة أهل الإيمان للتويجري-54)



قال الإمام الآجري في الشريعة-53- باب الإيمان بأن الله عز وجل خلق آدم على صورته بلا كيف.اهـ



وقال الإمام ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث(221):

والذي عندي والله أعلم بأن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلفُ لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت بالقرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد.اهـ



وقال الحافظ الذهبي في الميزان(2/420):

أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله ونسكت كما سكت السلف مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء.اهـ



وقال العلامة عبدالله أبا بطين كما في الدرر السنية(3/260) : قال بعض أهل التأويل : الضمير في قوله(صورته) راجع إلى آدم ، وقال بعضهم : الضمير راجع على صورة الرجل المضروب ، ورد هذا التأويل بأنه: إذا كان الضمير عائداً على آدم فلا فائدة في ذلك إذ ليس يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته ، وأنه خلق الأنعام والسباع على صورها فأي فائدة في الحمل على ذلك؟

ورد تأويله: بأن الضمير عائد على ابن آدم المضروب بأنه لا فائدة فيه إذ الخلق : عالمون بأن آدم خلق على خلق ولده وأن وجهه كوجوههم

فيرد هذا التأويل كله ، بالرواية المشهورة ( لا تقبحوا الوجه فإن آدم خلق على صورة الرحمن)

وقد نص الإمام أحمد على صحة الحديث وإبطال هذه التأويلات ؛ فقال في رواية إسحاق بن منصور(لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته) صحيح .

واللفظ الذي فيه (على صورة الرحمن) رواه الدارقطني والطبراني وغيرهما بإسناد رواته ثقات قاله ابن حجر عن ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام ، وأخرجها ابن أبي عاصم عن أبي هريرة مرفوعاً، وصححه إسحاق ابن راهوية اللفظ فيه (على صورة الرحمن)وأما أحمد فذكر أن بعض الرواة وقفه على ابن عمر وكلاهما حجة.

قال القاضي أبو يعلى: والوجه فيه: أنه ليس في حمله على ظاهره ما يزيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه ، لأننا نطلق الصورة كما أطلقلنا تسمية ذات ونفس لا كالذوات والأنفس ، وقد نص أحمد في رواية يعقوب بن بختان قال(خلق آدم على صورته) لا نفسره ، كما جاء الحديث ، وقال الحميدي لما حدث بحديث (إن الله خلق آدم على صورته) قال: لا نقول غير هذا ، على التسليم والرضى بما جاء به القرآن والحديث ، ولا نستوحش أن كما قال القرآن والحديث.

ثم قال أبابطين: وقد ثبت في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام قال( فأتيهم الله في صورة غير الصورة التي يعرفون ، فيقول أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون)

وفي لفظ آخر( صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون: أنت ربنا فيعرفونه) الحديث ؛ فالذي ينبغي في هذا ونحوه إمرار الحديث كما جاء ، على الرضى والتسليم مع اعتقاد أنه:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).اهـ



وصنف العلامة المحدث حمود التويجري كتاباً في بيان إيمان السلف الصالح بحديث الصورة سماه (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن)



كتبه:

بدر محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:27 AM
الرد الرابع عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم بنفيه صفات الله تعالى بدعوى التشبيه.



- قال المعتزلي عدنان إبراهيم عن حديث الصورة

( هذا تشبيه هذا ليس بحديث )



يجاب على تعطيله بما يلي:



أولاً: يقال لهذا المعتزلي: هل أنت أعلم بصفات الله من الله؟

فإن قال إنه أعلم بالله من الله ! فهذا هو الضلال المبين ، وإذا قال إنه ليس بأعلم بالله من الله ،

نقول له: إذا كنت تقر أن الله تعالى أعلم منك فلماذا تنفي ما أثبته لنفسه من صفات. والله سبحانه وتعالى يقول(أأنتم أعلم أم الله)





ثانياً: يقال لهذا المعتزلي: هل أنت أعلم بصفات الله من رسول الله عليه الصلاة والسلام ؟

فإن قال إنه أعلم بالله من رسول الله عليه الصلاة والسلام فهذا هو الضلال المبين ، وإذا قال إن رسول الله عليه الصلاة والسلام أعلم منه بالله، فنقول له: إذا كنت تقر أن رسول الله عليه الصلاة والسلام أعلم منك بالله ، فلماذا تنفي ما أثبته لربه وهو أعلم منك بربه. وقد قال سبحانه تعالى عن رسوله عليه الصلاة والسلام(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)





ثالثاً: الواجب على المسلم أن يثبت ما أثبته الله تعالى لنفسه من الصفات وما أثبته له نبيه عليه الصلاة والسلام من الصفات ، من غير تشبيه ولا تمثيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، قال تعالى( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وقال تعالى(ولم يكن له كفؤا أحد)

وها هم الصحابة رضي الله عنهم كان يسمعون من النبي عليه الصلاة والسلام النصوص الواردة في الصفات ولا ينكرونها وهذا إجماع سكوتي منهم.

قال العلامة عبدالله بن الإمام محمد بن عبدالوهاب

كما في الدرر السنية(3/31): الذي عليه أكثر الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة أن الأمر إذا اشتهر بين الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكره منهم أحد كان إجماعاً.اهـ

فهل أنت أيها المعتزلي أعلم من الصحابة رضي الله عنهم.



قال الآجري في الشريعة(2/297):

حديث ابن عمر( خلق الله ابن آدم صورة الرحمن)

هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها كيف ولما بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر كما من تقدم من أئمة المسلمين.اهـ



وإثبات صفات ربنا سبحانه وتعالى مما أجمع عليه السلف.

قال الإمام الأوزاعي( كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى ذكره فوق سماواته ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته)

رواه البيهقي في الأسماء والصفات(515) وصححه شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية(2/37)



وقال الإمام ابن عبدالبر في التمهيد(7/145):

أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز.اهـ





رابعاً: قولكم في إثبات الصفات: (هذا تشبيه)

يجاب عنه:

أ- أن هذا جناية على النصوص الشرعية ، حيث جعلها هذا المعطل دالة على معنى باطل لا يليق بالله سبحانه وتعالى.



ب- أن هذا قول على الله بغير علم.

قال تعالى( ولا تقف ما ليس لك به علم)

وقال ( أأنتم أعلم أم الله)



ج- أن هذا صرف لكلام الله تعالى عن ظاهره وصرف لكلام رسول الله عليه الصلاة والسلام عن ظاهره.



د- أن التشبيه هو أن تقول: يد الله كيدي وسمع الله كسمعي وبصر الله كبصري وهكذا.

أما إذا قلت: إن الله له يد تليق به وسمع يليق به وبصر يليق به وهكذا في سائر الصفات ، فهذا يسمى إثباتاً لا تشبيهاً.

قال الترمذي في سننه(662): قال إسحاق بن راهوية: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يدٍ أو سمع كسمع أو مثل سمع ، وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر ، ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيهاً وهو كما قال الله تعالى في كتابه( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).اهـ



كتبه:

بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:29 AM
الرد الخامس عشر: على المعتزلي عدنان إبراهيم في قوله بنظرية داروين في تطور الإنسان من قرد إلى إنسان.

قال المعتزلي عدنان إبراهيم وهو يقرر نظرية داورين: لا ينكر نظرية التطور الإنساني إلا جاهل لا يعرف التطور.

يجاب عليه بما يلي:

أولاً: هذا القول معارض لما جاء في كتاب الله
قال تعالى( ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)
قال ابن عباس رضي الله عنه: ( في أحسن تقريم) في أعدل خلق.
وقال إبراهيم وأبو العالية ومجاهد وقتادة: (في أحسن تقويم)في أحسن صورة.
وقال مجاهد أيضاً: في أحسن خلق.
رواه عنهم الطبري في تفسيره(12/636)
فبيّن سبحانه وتعالى بأنه خلق الإنسان في أحسن صورة وأجمل خلق ، ولم يخلقه قرداً كما ادعى هذا المعتزلي مقرراً لنظرية داروين.

ثانياً: يقال لهذا المعتزلي: كيف عرفت أن أصل الإنسان قرد ، فإن قال إنه شاهد أول الخلق فهذا تكذب لقوله تعالى ( ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) ، وادعى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله قال تعالى: (قل لا يعلم من في السمـٰوات والأرض الغيب إلا الله) ، فإن قال إنه لم يشاهد أول الخلق يقال له: فمن أين أتيت بهذا القول الذي لم تشاهده أنت ولا غيرك من الخلق؟

ثالثاً: يقال لهذا المعتزلي: إن نظرية داروين التي تقول بها ، لم يقل بها أحد من أهل الملة قط ، فإقرارك بهذه النظرية مخالف للكتاب والسنة وما عليه أهل الملة.

وقد سئلت اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز
السؤال التالي رقم(5167): س: هناك من يقول إن الإنسان منذ زمن بعيد كان قرداً وتطور فهل هذا صحيح وهل من دليل؟
الجواب: هذا القول ليس بصحيح ، والدليل على ذلك أن الله بيّن في القرآن خلق آدم فقال تعالى(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) ثم إن هذا التراب بُل حتى صار طيناً لازباً يعلق بالأيدي ، فقال تعالى( ولقد خلقنا الإنسـٰن من سلـٰلة من طين) وقال تعالى(إنا خلقنـهم من طين لازب) ثم صار حمأ مسنوناً ، قال تعالى(ولقد خلقنا الإنسـٰن من صلصـٰل من حمإ مسنون)
ثم لما يبس صار صلصالاً كالفخار ، قال تعالى(خلق الإنسـٰن من صلصـٰل كالفخار)
وصوره الله على الصورة التي أرادها ونفخ فيه من روحه ، قال تعالى(فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له سـٰجدين)
هذه هي الأطوار التي مرت على خلق آدم من جهة القرآن ، وأما الأطوار التي مرت على خلق ذريتة آدم فقال تعالى( ولقد خلقنا الإنسـٰن من سلـٰلة من طين ثم جعلنـٰه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظـٰما فكسونا العظـٰمـ لحماً ثم أنشأنـٰه خلقاً
ءاخر فتبارك الله أحسن الخـٰلقين)
وأما زوجة آدم ( حواء ) فقد بيّن الله تعالى أنه خلقها منه فقال تعالى( يـٰأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكمـ من نفس وٰحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء) وبالله التوفيق.اهـ

ختاماً: أثبت الطب الوراثي الحديث ، خلاف نظرية التطور التي جاء بها داروين ، وصنفت مجموعة من الأبحاث والرسائل لعدة من الأطباء في نقض هذه النظرية ، وبيان كذب من قال بها.

كتبه
بدر محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:30 AM
ستتواصل سلسلة النقد لعدنان ابراهيم .

وتحديدا سلسلة رد محمد البدر العنزى.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:32 AM
الكلب الحقير عدنان ابراهيم يصف سيدنا معاوية رضى الله عنه بالحقير وكذلك يشير الى بعض الصحابة .
فلعنة الله عليه والملائكة والناس اجمعين .

http://qmusica.info/IQXQ1PzLDO8/2/

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:34 AM
سلسلة فضح الرافضي عدنان ابراهيم
https://archive.org/details/rad-adnan-dahoom

او بروابط مباشرة
https://archive.org/download/rad-adnan-dahoom/01.mp3
https://archive.org/download/rad-adnan-dahoom/02.mp3
https://archive.org/download/rad-adnan-dahoom/03.mp3
https://archive.org/download/rad-adnan-dahoom/04.mp3
__________________

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:36 AM
حرس الحدود فى الذب عن البخارى للشيخ الحوينى .


https://www.youtube.com/playlist?list=PLshZpktVavcXKc7kE67gI_uYA8ROdKO5A

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:38 AM
الشيخ عثمان الخميس يرد على الزنديق عدنان

https://www.youtube.com/watch?v=LhhZR-tKXQI

https://www.youtube.com/watch?v=MIMyl_ZWQAU

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:39 AM
الرد على افتراءات الرافضي عدنان ابراهيم لمجموعة علماء هنا
https://archive.org/details/rad-adnan-other

وهي كالتالي:
000 رد العلامة الحويني حفظه الله - فهل يرد عليه د. عدنان إبراهيم؟ وهي قد رفعت هنا
https://archive.org/download/rad-adnan-other/000.mp3
تنبيه: هذا الشريط جاري رفعه

001 الشيخ محمد حسان حفظه الله يلجم عدنان ابراهيم ويلقمه الحجر
https://archive.org/download/rad-adnan-other/001.mp3

002 الشيعة وفرقهم - قناة الرسالة - الشيخ عثمان الخميس حفظه الله
https://archive.org/download/rad-adnan-other/002--.mp3

003 جلسة حوارية للرد على عدنان ابراهيم - الشيخ عثمان الخميس حفظه الله وهي قد رفعت هنا
https://archive.org/download/rad-adnan-other/003-.mp3

004 سُئل الشيخ الطريفي حفظه الله عن عدنان إبراهيم فأجاب وأجاد بدون تحضير لذلك
https://archive.org/download/rad-adnan-other/004.mp3

005 الرد على عدنان ابراهيم - الشيخ عبدالرحمن الدمشقية حفظه الله
https://archive.org/download/rad-adnan-other/005-.mp3

006 أصل الانحراف عند العقلانيين وأهل الكلام - العلامة العبداللطيف حفظه الله
https://archive.org/download/rad-adnan-other/006-.mp3


ضلالات حسن فرحان المالكي وتلميذه عدنان ابراهيم

http://safeshare.tv/w/cwzRmCswiZ

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:41 AM
ستتواصل سلسلة النقد لعدنان ابراهيم .

وتحديدا سلسلة رد محمد البدر العنزى.

.

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:44 AM
الرد على الكلب الحقير عدنان ابراهيم يقول، أبوهريرة حقير وملعون الوالدين.

http://www.islamino.net/play-Amazigh-53186.html

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 07:47 AM
الشيخ محمد الحسن ولد الددو يرد على الكلب الحقير الرافضى المرتد عدنان الزنديق.

http://www.tubearabi.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%91%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%AF%D9%88-%D9%8A%D9%8F%D8%AF%D9%85%D8%B1-%D8%B9%D8%AF_f66d846d2.html

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:22 PM
الرد السادس عشر: على المعتزلي عدنان إبراهيم بنفيه علو الله تعالى.


قال المعتزلي عدنان إبراهيم: إن الله ليس في العلو وأما قوله تعالى( يخافون ربهم من فوقهم)
وقوله( وهو الذي في السماء) وغيرها من الآيات هذه آيات مشابهة.


يجاب عليه :

بأن علو الله سبحانه وتعالى من الصفات الذاتية التي دل عليها الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطر السليمة.
قال شيخ الإسلام كما في النقض(1/368): قد ثبت بالفطرة التي اتفق عليها أهل الفطر السليمة وبالنقول المتواترة عن المرسلين من الأخبار وما نطقت به كتب الله واتفق عليه المؤمنون بالرسل قبل حدوث البدع : أن الله تعالى فوق العالم ، وثبت أيضاً بالكتاب والسنة والإجماع أنه استوى على العرش ، فالعلو على العالم معروف بالفطرة والمعقول وبالشرع والمنقول.اهـ

وأما قوله: (بأن الله ليس في العلو)

فهذا قول باطل فاسد مخالف للكتاب والسنة المتواترة والإجماع والعقل والفطر السليمة.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى(6/355)في رده على من قال إن الله ليس في العلو : هذا معلوم الفساد بالضرورة الفطرية والعقلية وبالأدلة النظرية وبالضرورة الإيمانية السمعية الشرعية وبالنقول المتواترة المعنوية عن خير البرية وبدلالة القرآن على ذلك في آيات تبلغ مئين وبالأحاديث المتلقاة بالقبول من علماء الأمة في جميع القرون وبما اتفق عليه سلف الأمة وأهل الهدى من أئمتها وبما اتفق عليه الأمم بجبلتها وفطرتها.اهـ


الأدلة الواردة في علو الله تعالى:

1- الكتاب:
قال تعالى( يخافون ربهم من فوقهم)
وقال تعالى( وهو العلي العظيم)
وقال تعالى( سبح اسم ربك الأعلى)
وقال تعالى( إليه يصعد الكلم الطيب)
الصعود إلى أعلى لأنه سبحانه وتعالى عالٍ على خلقه.
وقال تعالى( وهو القاهر فوق عباده)
وقال تعالى( تعرج الملائكة والروح إليه)
والعروج يكون إلى فوق لأنه سبحانه عالٍ على خلقه.
وقال تعالى( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض)

2- السنة:
تواترت الأحاديث في إثبات علو الله تعالى فوق خلقه وممن حكى تواترها الذهبي في العلو(1/249) وابن القيم في اجتماع الجيوش(98)

ومن هذه الأحاديث:

روى البخاري(7422) ومسلم(2751) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء)

وروى مسلم(773) عن حذيفة رضي الله عنه أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول إذا سجد(سبحان ربي الأعلى)

وروى مسلم(537) عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال للجارية
( أين الله؟ فقال: في السماء. فقال:اعتقها فإنها مؤمنة)


3- الإجماع:
قال الأوزاعي رحمه الله: ( كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله تعالى ذكره فوق عرشه ونؤمن بما جاءت به السنة من الصفات )
رواه البيهقي في الأسماء والصفات(408)
وصححه شيخ الإسلام في الفتوى الحموية(43)
وابن القيم في اجتماع الجيوش(43) وقال الألباني في مختصر العلو(183):رواته أئمة ثقات.

وقال الدارمي: ثم إجماع من الأولين والآخرين العالمين منهم والجاهلين أن كل واحد
ممن مضى وممن غبر إذا استغاث بالله تعالى أو دعاه أو سأله يمد يديه وبصره إلى السماء يدعوه منها ، ولم يكونوا يدعوه من أسفل منهم من تحت الأرض ولا من أمامهم ولا من خلفهم ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم إلا من فوق السماء لمعرفتهم أنه فوقهم ، حتى اجتمعت الكلمة من المصلين في سجودهم (سبحان ربي الأعلى) لا ترى أحداً يقول( سبحان ربي الأسفل).اهـ
( الرد على الجهمية-35)


قال الدارمي أيضاً: وقد اتفقت الكلمة من المسلمين والكافرين أن الله في السماء إلا المريسي الضال وأصحابه ، حتى الصبيان الذين لم يبلغوا الحنث قد عرفوه بذلك إذا حزب الصبي شيء يرفع يديه إلى ربه يدعوه في السماء دون ما سواه.اهـ ( نقض الدارمي على المريسي-1/228)


وقال أبو الحسن الأشعري في كتابه الإبانة(116) يقول: ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عزوجل مستوٍ على العرش الذي هو فوق السموات فلو لا أن الله عزوجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض.اهـ


4- العقل:
دل العقل على وجوب صفة الكمال لله تعالى وتنزيهه عن النقص ، والعلو صفة كمال ، والسفل صفة نقص ، فوجب لله تعالى صفة العلو وتنزيهه عن ضده.


5- الفطر السليمة:
دلت الفطر السليمة على علو الله تعالى ، فإذا دعا داعٍ رفع يديه إلى السماء واتجه إلى العلو
فلا تجد أحداً إذا دعا يلتفت يميناً وشمالاً وتحت وفوق ولا يلوح بيده في كل جهه ، هذا لا يفعله أحد قط.


- وقول عدنان ( بأن آيات الواردة في علو الله تعالى من المتشابه)

فهذا قول من لا يعرف المحكم من المتشابه
الآيات الوادرة في علو الله تعالى محكمة قطعية الدلالة ، ليست من المتشابه في شيء.
فقوله تعالى(سبح اسم ربك الأعلى) هذا نص محكم في علو الله ، وقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) وهذا نص محكم في علو الله ، فأين المتشابه في هذه الآيات.

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:24 PM
-الرد السابع عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم في زعمه أن الصحيحين فيها اسرائليات.


قال المعتزلي عدنان إبراهيم: ( والصحيحان فيهما أحاديث اسرائلية )

يجاب على فريته بما يلي:

أولاً : ما هي الاسرائليات:
الاسرائليات لغة : جمع إسرائيلية ، نسبة إلى إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام.
وقيل إن النسبة فيها إلى بني إسرائيل وهم أبناء يعقوب.

واصطلاحاً: هي الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل من اليهود النصارى.

قولنا: (الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل)
أي أن الاسرائليات هي ما نقل عن كتب بني إسرائيل ، وخرج بهذا ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام عن بني إسرائيل عن طريق الوحي فهذا لا يسمى اسرائليات ، وإنما هو إخبار عن الأمم السابقة تلقاه النبي عليه الصلاة والسلام عن طريق الوحي كحديث (دخلت النار امرآة في هرة) وحديث ( المرأة البغي التي سقت كلباً فغفر الله لها) وغيرها من الأحاديث المخرجة في الصحيحين ، فهذه ليست من الاسرائليات ، لأن الاسرائليات هي ما نُقل عن كتب بني إسرائيل ، وأما ما حدث به النبي عليه الصلاة والسلام عن الأمم السابقة فهذا لا يسمى اسرائليات ، هذا إخبار عن بني إسرائيل تلقاه عن طريق الوحي.

والواجب على كل مسلم أن يصدق بما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام لأنه حق فهو الصادق المصدوق ، وتصديقه فيما أخبر داخل في معنى شهادة(أن محمداً رسول الله)
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب في الأصول الثلاثة(78): ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.اهـ


- ثانياً: يقال لعدنان إبراهيم: ما هي الأحاديث الإسرائليلة التي في الصحيحين ؟ ومَن سبقك بهذا القول؟ وكيف عرفت إنها من الاسرائليات؟

فإن أراد بالاسرائليات ما حدث به النبي عليه الصلاة والسلام عن الأمم السابقة ، فليزم من قوله أن القرآن فيه إسرائليات ، لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عن الأمم السابقة في القرآن.
وهذا قول باطل وهو ضلال مبين والعياذ بالله.

فإن قال: بأنه لا يعني ما حدث به النبي عليه الصلاة والسلام عن الأمم السابقة.
يقال له : ما هي الاسرائليات التي تقول بأنها في الصحيحين ؟ وكيف عرفت إنها اسرائليات؟

ومما لاشك فيه أن صحيح البخاري وصحيح مسلم هما أصح كتب الحديث المصنفة على الإطلاق ، ونقل غير واحد من الأئمة الإجماع على صحة كل ما فيهما ، وتلقي العلماء لهما بالقبول.
ولم يقل إمام من الأئمة أن الصحيحين فيهما أحاديث اسرائيلية.
وإنما هذه فرية جاء بها عدنان إبراهيم لأمرين:
الأمر الأول: ليطعن في الأئمة النقاد أهل الحديث والآثر بأنه لم يميزوا حديث النبي عليه الصلاة والسلام من حديث غيره ، وهذا باطل مردود عليه، ومن نظر في كتب العلل عرف قدر أهل الحديث ، وأنهم هم أعلم الناس بحديث النبي عليه الصلاة والسلام.

والأمر الثاني: ليطعن في الصحيحين ،
لكي يقال : بأن الصحيحين أُدخل فيها ما ليس من كلام النبي عليه الصلاة والسلام ، ليشكك الناس في دينهم ويلبس عليهم ، وهذا هو مراد الفلاسفة التشكيك في الدين والتلبيس على المسلمين.


ثالثاً: أقسام الاسرائيليات:
تنقسم الاسرائليات إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما أقره الإسلام وشهد بصدقه فهذا حق صحيح.
مثاله ما رواه البخاري(4811) ومسلم(2786)عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال:يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول: أنا الملك ، فضحك النبي عليه الصلاة والسلام تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله عليه الصلاة والسلام(وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيـٰمة والسمـٰوٰت مطويـٰت بيمينه سبحـٰنه وتعـٰلى عما يشركون)

الثاني: ما أنكره الإسلام وشهد بكذبه فهو باطل ويجب علينا أن نكذبه.
مثاله: ما رواه البخاري(4528) ومسلم(1435)
عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها -جاء الولد أحول ، فنزلت(نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم)
يعني كانوا يقولون: إذا جامع الرجل امرأته في قبلها من الخلف ولد الولد أحول.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الإقتضاء(481):
وفي هذه الإسرائليات ما هو كذب على الأنبياء أو ما هو منسوخ في شريعتنا ما لا يعلمه إلا الله.اهـ



الثالث: ما لم يقره الإسلام ولم ينكره ، فيجب التوقف فيه.
مثاله: ما رواه البخاري(4485) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا(ءامنا بالله وما أنزل)الآيه.


وقال شيخ الإسلام في الإستقامة(1/201)
الإسرائليات التي لم يُعرف أنها حق أو باطل لم يُصدق بها ولم يكذب ومثل هذه لا يعتمد عليها في الدين بحال.اهـ

وقال الحافظ ابن كثير في مقدمة تفسيره(11): تجوز حكاية - الاسرائليات المسكوت عنها -وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.اهـ

قال العلامة ابن عثيمين في شرح أصول التفسير(208):
التحديث بهذا النوع من الاسرائليات مما لم يقره الإسلام ولم ينكره جائز إذا لم يخش محذور لقول النبي عليه الصلاة والسلام( بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)رواه البخاري ، وغالب ما يروى عنهم من ذلك ليس بذي فائدة في الدين كتعيين لون كلب أصحاب الكهف ونحوه ، وأما سؤال أهل الكتاب عن شيء من أمور الدين فإنه حرام .اهـ

وهذا النوع الثالث - أعني ما لم يقره الإسلام ولم ينكره - إذا حدث فيه الأئمة فإنهم يبينون أنه من الاسرائيليات ، أو ينص إمام من الأئمة النقاد أنه من الاسرائليات وهذه الاسرائيليات تذكر في التفاسير والزهد والمواعظ والترغيب والترهيب ، ومضان ما حدث به الأئمة عن بني إسرائيل ، كتب ابن أبي الدنيا وكتاب الزهد لأحمد وكتاب الزهد لأبي داود
وغيرها من المصنفات التي جمعت بين المرفوع والموقوف والمقطوع والصحيح والحسن والضعيف والموضوع وما لا أصل له والاسرائليات.


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:25 PM
الرد الثامن عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم
بقوله إنه يعشق الفلسفة

قال عدنان إبراهيم: (بأنه يعشق علم الفلسفة كثيراً).


لا شك أنه لا يعتنق الفلسفة ، ويعظمها ، إلا من لم يعرف العقيدة الصحيحة ، فمن رزقه الله تعالى العقيدة الصحيحة المبنية على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، عَرف فساد الفلسفة وضلال أهلها.
وسوف أُبين بإذن الله تعالى في ردي عليه عدة أمور.
أولاها:ما هي الفلسفة
ثانيها: مراحل الفلسفة اليونانية
ثالثها: مدارس الفلاسفة
رابعها: بيان بعض عقائد الفلاسفة
وخامسها: ذكر أسماء بعض مَن تأثر بالفلسفة.

نقول وبالله التوفيق:

أولاً: ما هي الفلسفة:
الفلسفة : كلمة يونانية مركبة من كلمتين
(فيلا) ومعناها الإيثار.
و(سوفيا) ومعناها الحكمة.
والفيلسوف مشتق من الفلسفة بمعنى(مؤثر الحكمة)
والفلسفة عند الفلاسفة هي: (النظر العقلي المتحرر من كل قيد وسلطة تفرض عليه من الخارج)
وقال أرسطو: الفلسفة هي البحث عن علل الأشياء ومبدائها الأول.


ثانياً: مراحل الفلسفة اليونانية:
مرت الفلسفة اليونانية بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مرحلة البحث في عالم الطبيعة لمعرفة الأساس الذي عليه يطرأ تغير الأشياء إلى أضدادها.
وأشهر الفلاسفة في هذه المرحلة:
طاليس ، وانكسيمندريس ، وهرقليطس.

المرحلة الثانية: مرحلة اهتمت بالنظر والتأمل في جانبي التفكير والإدارة في الإنسان ، مما سبب ظهور القضايا الأخلاقية والمنطقية والنفسية.
وأشهر الفلاسفة في هذه المرحلة:
سقراط.

المرحلة الثالثة: مرحلة جمعت بين المرحلة الأولى والثانية.
وأشهر الفلاسفة فيها:
أفلاطون ، وأرسطو.


ثالثاً: مدارس الفلاسفة:
للفلاسفة ثلاث مدارس:
المدرسة الأولى: الطبيعيون: وهم الذين أكثروا البحث في عالم الطبيعة.
وهؤلاء ينكرون الحشر واليوم الآخر من جنة ونار وغيرها.

الثانية: الدهرية: وهم الذين جحدوا الخالق والعياذ بالله.

الثالثة: الإلهيون: وهؤلاء وثنيون.


رابعاً: نبذة عن عقيدة الفلاسفة:

1- من عقائد الفلاسفة: عدم إيمانهم بأركان الإيمان.
فالفلاسفة لا يؤمنون بأركان الإيمان التي جاءت في حديث ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه مسلم(1)

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/58):
وذهب الفلاسفة أهل المنطق إلى جهالات قولهم: إن الملائكة هي العقول العشرة ، وأنها قديمة أزلية ، وإن العقل رب ما سواه ، وهذا شيء لم يقل مثله أحد من اليهود والنصاري ومشركي العرب ، ولم يقل أحد إن ملكاً من الملائكة رب العالم كله.
ويقولون إن العقل الفعال مبدع كل ما تحت فلك القمر ، وهذا أيضاً كفر لم يصل إليه أحد من كفار أهل الكتاب ومشركي العرب ، ويقولون إن الرب لا يفعل بمشيئته وقدرته وليس عالماً بالجزئيات ، ولا يقدر أن يغير العالم ، بل العالم فيض فاض عنه بغير مشيئته وقدرته وعلمه ، وأنه إذا توجه المستشفع إلى من يعظمه من الجواهر العالية كالعقول والنفوس والكواكب والشمس والقمر فإنه يتصل بذلك المعظم المستشفع به فإذا فاض على ذلك ما يفيض من جهة الرب فاض على هذا من جهة شفيعه.اهـ

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية(297):
وأعظم الناس إنكاراً للملائكة هم الفلاسفة المسمون عند من يعظمهم بالحكماء ، فإن من علم حقيقة قولهم علم أنهم لم يؤمنوا بالله ولا رسله ولا كتبه ولا ملائكته ولا باليوم الآخر.
فإن مذهبهم أن الله موجود لا ماهية له ولا حقيقة فلا يعلم الجزئيات بأعيان ، وكل موجود في الخارج فهو جزئي ، ولا يفعل عندهم بقدرته ومشيئته وإنما العلم عندهم لازم له أزلاً وأبداً
وإن سموه مفعولاً له فمصانعة ومصالحة للمسلمين في اللفظ وليس عندهم بمفعول ولا مخلوق ولا مقدور عليه وينفون عنه سمعه وبصره وسائر صفاته ! فهذا إيمانهم بالله.
وأما كتبه عندهم ، فإنهم لا يصفونه بالكلام فلا يكلم ولا يتكلم ولا قال ولا يقول ، والقرآن عندهم فيض فاض من العقل الفعال على قلب بشر زاكي النفس طاهر متميز عن النوع الإنساني بثلاث خصائص: قوة الإدراك وسرعته لينال من العلم أعظم ما يناله غيره وقوة النفس ليؤثر بها في هيولى العالم يقلب صورة إلى صورة ! وقوة التخييل ليخيل بها القوى العقلية في أشكال محسوسة وهي الملائكة عندهم! وليس في الخارج ذات منفصلة تصعد وتنزل وتذهب وتجيء وترى وتخاطب الرسول ، وإنما ذلك عندهم أمور ذهنية لا وجودية.
وأما اليوم الآخر ، فهم أشد الناس تكذيباً وإنكاراً له في الأعيان وعندهم أن هذا العالم لا يخرب ولا تنشق السموات ولا تنفطر ولا تنكدر النجوم ولا تكور الشمس والقمر ولا يقوم الناس من قبورهم ويبعثون إلى جنة ونار ، كل هذا عندهم أمثال مضروبة لتفهم العوام ، لا حقيقة لها في الخارج كما يفهم منها أتباع الرسل.
فهذا إيمان هذه الطائفة- الذليلة الحقيرة- بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.اهـ

2- ومن عقائدهم: نفي صفات الله.
الفلاسفة الإلهيين أمثال أرسطو ليس من أصلهم وصف الله بصفات الإثبات بل إنما يصفونه بالنفي أو الإضافات كقولهم: إن الله مبدأ الكائنات وعلة الموجودات.
وكذا قال الشيعة الباطنية أمثال الفيلسوف ابن سيناء والصوفية الباطنية أمثال ابن عربي.

3- ومن عقائدهم: تسمية الرب سبحانه وتعالى
(عقلاً وجوهراً) وهو عندهم لا يعلم شيئاً سوى نفسه
ولا يريد شيئاً ولا يفعل شيئاً، ويسمونه( المبدأ)
و( العلة الأولى)
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام -9/148)

4- ومن عقائدهم: أن كلام الله مخلوق.
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام-9/149)

5- ومن عقائدهم: في الروح أنها لا حقيقة لها.
فيقولون في الروح: أنها ليست داخل البدن ولا خارجة ولا مباينة ولا مداخلة ولا متحركة ولا ساكنة ولا تصعد ولا تهبط ولا هي جسم ولا عرض.

6- ومن عقائدهم: نفي معجزات الأنبياء.
ينكر الفلاسفة معجزات الأنبياء بحجة أنها غير معلومة لهم.
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام-9/58)


7- ومن عقائدهم: إنكارهم بما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن أمور معينة مما كان وسيكون.
وليس في ذلك يمكن معرفته بقياسهم لا البرهاني ولا غيره ، فإن أقيستهم لا تفيد إلا أموراً كلية وهذه أمور خاصة.
(ينظر فتاوى شيخ الإسلام -9/134)

8- ومن عقائدهم: أن الفلاسفة أفضل من الأنبياء.
قال أرسطو اليوناني الذي يسميه الفلاسفة:
(المعلم الأول) : الفيلسوف أعلى درجة من النبي لأن النبي يدرك عن طريق المخيلة بينما الفيلسوف يدرك عن طريق العقل والتأمل.
والمخيلة عند الفلاسفة درجة أدنى من التأمل ، وتابع الفارابي أرسطو في جعل الفيلسوف فوق النبي.
وقولهم هذا مثل قول الصوفية: إن الأولياء أفضل من الأنبياء.

قال شيخ الإسلام في النبوات(280): فهؤلاء المتفلسفة ما قدروا النبوة حق قدرها.اهـ

9- ومن عقائدهم: مخالفة الكتاب والسنة والعقل.
قال شيخ الإسلام في النبوات(93):
والمتفلسفة أشد مخالفة للعقل والسمع.اهـ

10- ومن عقائدهم: أن النبوة لا تنقطع بل يبعث الله بعد كل نبي نبياً دائماً ، وأن محمداً عليه الصلاة والسلام ليس خاتم الأنبياء.
قال شيخ الإسلام في الصفدية(52):
وهؤلاء الملاحدة من المتفلسفة والقرامطة ومن وافقهم يقولون: إن النبوة لها ثلاث خصائص مَن قامت به فهو نبي ، والنبوة عندهم لا تنقطع بل يبعث الله بعد كل نبي نبياً دائماً ، وكثير منهم يقول إنها مكتسبة ، وكان السهروردي المقتول منهم يطلب أن يصير نبياً ، وكذلك ابن سبعين كان يطلب أن يصير نبياً وكانوا يَعْلمون من السحر والسِّيماء ما يُضلون به من يُلبسون عليه.اهـ
(السيماء) نوع من أنواع السحر ، وهو: إحداث خيالات لا وجود لها في الحس وهو علم أسرار الحروف. قاله ابن خلدون في مقدمته(4/1271)


11- ومن عقائدهم: نفي الجن.
الفلاسفة ينفون الجن ويقولون إن الجن قوى نفسية.
( ينظر الصفدية لشيخ الإسلام-184)


خامساً: ذكر بعض مَن تأثر بالفلسفة ممن يُطلق عليهم (بالفلاسفة الإسلاميين):

تأثر بالفلسفة كثير من أهل الإسلام ، أمثال: الكندي والفارابي وابن الهيثم والسهروردي
وابن رشد والغزالي والرازي وابن سينا وغيرهم
وتعلقوا بالفلسفة تعلقاً شديداً وتكلم بعضهم بأمور فلسفية لم يتكلم بها فلاسفة اليونان.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/73) عن ابن سينا: وابن سينا تكلم في إشياء من الإلهيات والنبوات والشرائع لم يتكلم فيها سلفه ولا وصلت إليها عقولهم ولا بلغتنا علومهم فإنه استفادها من المسلمين وإن كان إنما أخذ عن الملاحدة المنتسبين إلى الإسلام كالإسماعيلية ، وكان هو وأهل بيته وأتباعهم معروفين عند المسلمين بالإلحاد.اهـ


- ولم يستفد الفلاسفة من الفلسفة إلا الحيرة والضياع والتشكيك في الدين ، وكان هذا سبب لتراجع كثير من الفلاسفة عما كانوا عليه.

قال الرازي في آخر مصنفاته: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن ، اقرأ في الإثبات( إليه يصعد الكلم الطيب)
(الرحمن على العرش استوى)
واقرأ في النفي( ليس كمثله شيء)
(ولا يحيطون به علماً)
قال: ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي.
(ذكره شيخ الإسلام في النبوات-98)

وينقل عن أبي حامد الغزالي الذي تعمق في علم الفلسفة وذمه العلماء على ذلك ذماً شديداً
ثم تراجع عن الفلسفة في آخر حياته وندم
وألف كتاباً في ذم الفلاسفة سماه(تهافت الفلاسفة) كشف فيه عوار الفلاسفة ، ووافقهم في بعض المواضع ظناً منه أن ذلك حق أو موافق للملة.

- وهنا خطأ شائع يخطأ به البعض وهو قولهم:(الفلسفة الإسلامية) وهذا خطأ ، لأن الإسلام ليس فيه فلسفة.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/101):
ليس الفلاسفة من المسلمين ، كما قالوا لبعض أعيان القضاة الذين كانوا في زماننا: ابن سينا من فلاسفة الإسلام؟ فقال: ليس للإسلام فلاسفة.


ختاماً: هذه هي الفلسفة التي يعشقها عدنان إبراهيم كما يقول ، علم لا يعرف إلا العقل ، والعقل عندهم مقدم على النقل ، فهم يقدمون عقولهم السقيمة على الكتاب والسنة
فعارضوا بعقولهم الفاسدة ما جاء به الأنبياء.

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:27 PM
الرد التاسع عشر : على المعتزلي عدنان إبراهيم
بطعنه في النصوص الشرعية بحجة مخالفتها للعقل.


يستعمل عدنان إبراهيم دائماً في خطبه ومحاضراته قول: ( العقل لا يصدق هذا) وقول:
( العقل لا يقبل هذا) وقول : (عقلاً ليس كذا)
وقول: (فكروا بعقولكم هل هذا يعقل) وغير ذلك من العبارات
إذا كان الدليل الشرعي لا يوافق معتقدة الباطل فيرد النصوص الشرعية
بدعوى أن العقل لا يستطيع تصديق هذه الأحاديث.

وتقديم العقل على النقل أصل من أصول أهل الكلام ورثوه من فلاسفة اليونان.

ويستدل أهل الكلام في تقديم العقل على كل شيء ، بحديث باطل وهو حديث
(أول ما خلق الله العقل قال له: أقبل ،
فأقبل ، فقال له: أدبر ، فأدبر ، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرم عليّ منك ، فبك آخذ وبك أعطي وبك الثواب وبك العقاب)
الحديث:
رواه ابن عدي في الكامل(2/390)
والطبراني في الأوسط(1845)
والبيهقي في شعب الإيمان(4633)
عن أبي هريرة مرفوعاً.
وهو حديث موضوع ، كما نص على ذلك
ابن الجوزي في الموضوعات(366)
وقال شيخ الإسلام في الصفدية(241):
هذا الحديث موضوع وكذب عند أهل العلم بالحديث كما ذكر أبو حاتم البستي وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهما.اهـ

وقال الشوكاني في الموضوعات(498): قال ابن عدي: باطل منكر آفته ، محمد بن وهب الدمشقي
وقال في الميزان: صدق ابن عدي في أن الحديث باطل.اهـ

وله شاهد من حديث أبي أمامة
رواه العقيلي في الضعفاء(1169)
وذكره ابن الجوزي في الموضوعات(368)

وشاهد آخر عن عائشة
رواه أبو نعيم في الحلية(7/318)
ولا يصح.

وله شاهد مرسل عن الحسن البصري.
رواه البيهقي في الشعب(4632) وقال: هذا من قول الحسن ، وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد غير قوي.اهـ

والأحاديث الواردة في فضل العقل لا يصح منها شيء.
قال الإمام ابن القيم في المنار المنيف(64):
أحاديث العقل كلها كذب ، قال أبو الفتح الأزدي: لا يصح في العقل حديث ، وقاله العقيلي وأبو حاتم بن حبان.اهـ

ونص على وضعها طائفة من الحفاظ منهم:
ابن الجوزي في كتابه الموضوعات (1/274) والهيثمي في اللآلي المصنوعة (1/129)
وابن عراق تنزيه الشريعة (131)
والشوكاني في الموضوعات (498)
وعلي القاري في الموضوعات (48)


- حقيقة العقل:

لفظ العقل في لغة المسلمين ليس هو لفظ العقل في لغة فلاسفة اليونان ومن سلك مسلكهم.
فالعقل صفة للشخص العاقل ، يقال(فلان عاقل) أي له عقل يعقل به فهو صفة للشخص ، وليس هو عيناً قائمة بنفسها كما يقوله الفلاسفة.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(9/145):
العقل في كتاب الله وسنة رسوله وكلام الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين هو أمر يقوم بالعاقل ، سواء سمي عرضاً أو صفة ، وليس هو عيناً قائمة بنفسها سواء سمي جوهراً أو جسماً أو غير ذلك ، وإنما يوجد التعبير باسم(العقل) عند الذات العاقلة التي هي جوهر قائم بنفسه في كلام طائفة من المتفلسفة الذين يتكلمون في العقل والنفس ويدعون ثبوت عقول عشرة كما يذكر ذلك من يذكره من أتباع أرسطو أو غيره من المتفلسفة المشائين ، ومن تلقى ذلك عنهم من المنتسبين إلى الملل.اهـ

وقال أيضاً(9/153):
اسم العقل عند المسلمين وجمهور العقلاء إنما هو صفة ، وهو الذي يسمى عرضاً قائماً بالعاقل
وعلى هذا دل القرآن في قوله تعالى( لعلكم تعقلون) وقوله( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها)
وقوله( قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)
ونحو ذلك مما يدل على أن العقل مصدر عقل يعقل عقلا ، وإذا كان كذلك فالعقل لا يسمى به مجرد العلم الذي لم يعمل به صاحبه ولا العمل بلا علم ، بل إنما يسمى به العلم الذي يعمل به والعمل بالعلم ولهذا قال أهل النار ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)
وقال تعالى( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها).اهـ


- مذهب العقلانية:
العقلانية مذهب فكري فلسفي جاء به فلاسفة اليونان ، كسقراط وأرسطو
ويزعم العقلانيون أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى دليل من كتاب أو سنة.

وتأثر المعتزلة بالمذهب الفلسفي العقلاني ، حيث اعتمدوا على عقولهم وجعلوها أساس تفكيرهم ، وهي المرجع عندهم في إثبات العقيدة ، وقالوا: إن
ما اقتضى العقل إثباته من صفات الله فهو ثابت وما لم يقتضِ العقل إثباته من صفات الله فإنه لا يثبت ، ويسلكون في ذلك إحدى طريقين:
الأول: إن كان يمكنهم الطعن في الدليل أي في ثبوت هذا الدليل طعنوا فيه وقالوا لا يصح.

الطريق الثاني: إذا صح الدليل ولم يمكنهم الطعن في صحته أولوه بتأويلاتهم الباطلة.

لذا تجد المعتزلة يطعنون في النصوص الشرعية التي تخالف عقولهم الفاسدة يأولونها تارة ويضعفونها تارة أخرى ، بحجة أن العقل لا يصدق ذلك
فجعلوا العقل هو المرجع الوحيد في معرفة الحسن والقبيح ، وهو المرجع الوحيد إلى طريق الاستدلال بدون الرجوع إلى الكتاب والسنة.

وأخذ المعتزلي عدنان إبراهيم من العقل مطعناً في الأحاديث الصحاح المخرجة في الصحيحين بحجة مخالفتها للعقل وأن العقل لا يصدق ذلك
فقال عن حديث (خلق الله آدم على صورته) وهو مخرج في الصحيحين
قال عدنان :( كيف يقال خلقه على صورته هذا لا يعقل هذا تشبيه...)
فرد الحديث بحجة أنه لا يعقل.
ورد حديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام بنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين.
والحديث مخرج في الصحيحين.
قال عدنان إبراهيم عنه: (هذا لا يصح كيف يتزوجها وهي بنت تسع بل تزوجها وهي بنت إحدى وعشرين سنة)
وهكذا يفعل بالنصوص الشرعية
بحجة أنها لا تصدق وأنها تخالف عقله السقيم ، فسلك فيها مسلك أصحابه المعتزلة فروخ الجهمية ، وهو الطعن في النصوص الشرعية المخالفة لعقولهم الفاسدة.
وهذا دليل على جهلهم وعدم علمهم.

قال الحافظ الذهبي في السير(21/129):
إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث وهات العقل فاعلم أنه جاهل.اهـ



كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:28 PM
الرد العشرون : على المعتزلي عدنان إبراهيم في ثناءه على علم الكلام.

علم الكلام من العلوم التي يثني عليها عدنان إبراهيم ويثني على أهل هذا العلم ويحث على تعلمه وتعليمه.
وعلم الكلام هو علم الفلسفة ، وهو من العلوم المذمومة التي ذمها السلف وعابوها وليس هو من العلوم الممدوحة الذي يمدح متعلمها.
وأهل الكلام قوم سوء ، يتكلمون في الغيبيات فعطلوا أسماء الله تعالى وصفاته ، كما حصل لأهل الكلام من الجهمية والمعتزلة والروافض وغيرهم ممن تمسك بفلسفة اليونان وأعرض عن الكتاب والسنة ، ولهذا نهى علماء السلف عن علم الكلام وعن مجالسة أهله.

وقال عمر رضي الله عنه: ( اتقوا الرأي في دينكم)
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٣٩)بسند صحيح


قال الإمام الشافعي:( لأن ألقى الله بكل ذنب ما عدا الشرك أحب إلي من أن ألقاه بعلم الكلام)
رواه البيهقي في السنن الكبرى(١٠/٢٠٦)

قال الإمام البربهاري في شرح السنة(١١٦): وإياك والنظر في الكلام ، والجلوس إلى أصحاب الكلام ، وعليك بالآثار وأهل الآثار وإياهم فاسأل ومعهم فاجلس ومنهم فاقتبس.اهـ

وعلم الكلام مما يفسد القلوب الصحيحة ويفسد الفطر السلمية ويفسد العقول الرشيدة ، لأنه علم مبني على اتباع الهوى والإعراض عن الأدلة الشرعية.

قال تعالى( أفريت من اتخذ إلهه هوىـٰه وأضله الله على علمـ وختمـ على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشـٰوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)

قال الإمام الشافعي:( مثل الذي ينظر في الرأي ثم يتوب منه مثل المجنون الذي عولج ثم برئ فأعقل ما يكون قد هاج به)
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٥٨) صحيح

وقال الإمام أحمد:( لا تكاد ترى أحداً نظر في هذا الرأي إلا وفي قلبه دغل) يعني:فساد.
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٥٩)صحيح


فينبغي للمسلم أن يعرض عن العلم المذموم
وهو علم الكلام الذي يجلب عليه الوسوسة والتشكيك في الدين كما حصل لطائفة من المتفلسفين
ويقبل على العلم الممدوح وهو العلم الشرعي ، علم الكتاب والسنة

قال مالك بن مغول: قال لي الشعبي:( ما حدثوك هؤلاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فخذ به ، وما قالوه برأيهم فألقه في الحش)
رواه الدارمي في مسنده(٢٠٦) ورجاله ثقات.

وقال الشعبي رحمه الله: ( إنما هلك من كان قبلكم حين تشعبت بهم السبل وحادوا عن الطريق فتركوا الآثار وقالوا في الدين برأيهم فضلوا وأضلوا)
رواه ابن عبدالبر في الجامع(١٤٥١) وسنده صحيح.


قال الإمام ابن مفلح في الآداب الشرعية(٢/٦٢):
وقال سفيان الثوري: إنما العلم كله بالآثار.
وقال الأوزاعي: عليك بالأثر وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن الأمر ينجلي وأنت فيه على طريق مستقيم.
وقال الأوزاعي أيضاً: إذا بلغك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام حديث فإياك أن تأخذ بغيره فإنه كان مبلغاً عن الله عزوجل.اهـ

قال الإمام ابن مفلح أيضاً في الآداب الشرعية(٢/٤٠):
قال أحمد في رواية المروذي: ليس قوم عندي خيراً من أهل الحديث ليس يعرفون إلا الحديث.
وقال أحمد في رواية أبي الحارث: أهل الحديث أفضل من تكلم في العلم.اهـ


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:30 PM
الرد الحادي والعشرون : على المعتزلي عدنان إبراهيم في دعوى كراماته


قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأنه حصلت له كرامات كثيرة جداً منها سماعه لكلام الجن وطلبهم منه أن يدعو لهم ، ووضع يده على سلك فاشتغل الكهرباء ، ويقول بأن زوجته تبكي من كثر كراماته !!
وقال: ومن كراماتي أن أحد الأصدقاء ضاعت له ورقة ، قلت له إن الورقة تجدها في تفسير ابن كثير الجزء كذا في صفحة كذا ، فوجد الورقة.
وقال: ومن كراماتي أنه جاءتني رسالة باللغة الألمانية لا أعلم هل هي من الله أو من غيره مكتوب فيها ( مال عدنان حلال)
وقال أيضاً: الناس ينكرون كرامات عدنان إبراهيم ولا ينكرون كرامات ابن تيمية).


ولا يشك عاقل ما في كلام هذا الرجل من مفاخرة وعُجب وغلو ودجل وتلبيس.

ويجاب على خرافاته بما يلي:

أولاً: ما هي الكرامات:
الكرامات لغة: جمع كرامة ، وهي النعمة الخاصة
قال تعالى( فأما الإنسـٰن إذا ما ابتلىـٰه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن)
واصطلاحاً: هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد ولي من أوليائه.

والولي: هو المؤمن التقي
قال تعالى( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهمـ ولا هم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتقون)

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(٢/٢٢٤): من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً.اهـ

والكرامة ليست ميزان الولاية ، بل الميزان أن تكون الكرامة جرت على يد مؤمن تقي.
ولهذا قال بعض السلف: (لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي أو حتى يعرضوا أمره على الكتاب والسنة).

والولاية تكون بالإيمان والتقوى.
قال العلامة ابن عثيمين في شرح الواسطية(٤٩٠): ليست الولاية بالدعوى والتمني ، الولاية إنما هي بالإيمان والتقوى ، فلو رأينا رجلاً يقول: إنه ولي ، ولكنه غير متقٍ لله تعالى فقوله مردود عليه.اهـ
وقال أيضاً(٤٩١): وقد كثرت هذه الكرامات التي تُدعى أنها كرامات في هؤلاء المشعوذين الذين يصدون عن سبيل الحق فالواجب الحذر منهم ومن تلاعبهم بعقول الناس وأفكارهم.اهـ



فأهل الكرامة هم أهل الاستقامة الذين فعلوا المأمور وتركوا المحظور وصبروا على المقدور ، ومن لم يكن من أهل الاستقامة فليس له كرامة إنما هي من الأمور الشيطانية ، فليست الكرامة لمن يرد النصوص الشرعية ويقدم عقله على النقل ويرد اجماع الأمة وينكر نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وينكر خروج المهدي وينكر خروج الدجال في آخر الزمان ويسب الصحابة ويطعن فيهم وغير ذلك من الطوام ، التي لا تصدر من أولياء الله تعالى.

قال العلامة ابن باز في شرح الواسطية(١٢١):
والمقصود أن الشيء الخارق للعادة ، إن كان صاحبه متقياً لله معروفاً بالخير فهي كرامة وهم يتبعون في هذا الكتاب والسنة ، وإن كان بخلاف ذلك فهي من مخاريق السحرة والشياطين.اهـ

وقال العلامة الفوزان في شرح الطحاوية(٤٩٤):
ضابط الكرامة ننظر إلى عمله ، فإن كان موافقاً للإسلام ، فما يجري على يده كرامة ، وإلا فهو من خدمة الشيطان ، والفرق بين الكرامة والعمل الشيطاني هو الإيمان والعمل الصالح.اهـ


- علامات أولياء الله وأولياء الشيطان:

قال شيخ الإسلام في كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (٩):
أولياء الله هم: الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض ورضوا بما يرضى وسخطوا بما يسخط وأمروا بما يأمر ونهوا عما ينهى وأعطوا لمن يُحب أن يعطى ومنعوا من يُحب أن يمنع.
وقال أيضاً (٦٢):
أولياء الشيطان هم: الذي باشروا النجاسات والخبائث التي يُحبها الشيطان أو يأوى إلى الحمامات والحشوش التي تحضرها الشياطين أو يأكل الحيات والعقارب أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يُحبها الشيطان أو يدعو غير الله فيستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها أو يسجد إلى ناحية شيخه ولا يخلص الدين لرب العالمين أويلابس الكلاب أو النيران أو يكره سماع القرآن وينفر عنه ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار ويؤثر سماع مزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن ، فهذه علامات أولياء الشيطان لا علامات أولياء الرحمن.اهـ


وهنا تنبيه:
الكرامة لا تدل على مزية من ظهرت له على غيره
لأنه قد يُعطاها ضعيف الإيمان.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى(١١/٢٨٣):
ومما ينبغي أن يُعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل فإذا احتاج إليها ضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه ويسد حاجته ، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنياً عن ذلك ، فلا يأتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها لا لنقص ولايته ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة.اهـ

وقال العلامة ابن أبي العز في شرح الطحاوية(٤٩٧): فاعلم أن عدم الخوارق علماً وقدرة لا تضر المسلم في دينه فمن لم ينكشف له من المغيبات ولم يسخر له شيئاً من الكونيات لا ينقص ذلك في مرتبته عند الله ، بل قد يكون عدم ذلك أنفع له.اهـ

وقال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في شرح الواسطية(٢٢٨): وأهل السنة أثبتوها - أي الكرامة- وصدقوا بأن ما جرى لهم من ذلك فهو كرامة وقالوا: إن من صدرت عنه فليس له مزية على غيره وفضيلة ، فليست الكرامة هي الميزان في علو الدرجة في الولاية وأن من ظهرت له كرامة أنه أفضل ممن لم تظهر له كرامة ، بل من ليس له كرامة أفضل بكثير ممن له كرامة ، بل هي من نوع الحظ والبخت يعطيها الله من يشاء.
ثم هي قد تكون لمن جرت له فتنة وشر وتنقص في دينه وقد تكون خيراً.اهـ


ثانياً: أقسام كرامات الأولياء:
قسّم شيخ الإسلام الكرامات في الواسطية(١١٩) إلى قسمين:
الأول: كرامات من باب العلم والكشف.
وهو ما يحصل للإنسان من العلوم أو يظهر له من الأشياء ما لا يحصل لغيره.

مثاله: قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه
حينما نظر في بطن امرأته وهي حامل فقال:
(أراها جارية) فلما ولدت بعد مدة كانت جارية.
رواه مالك في الموطأ(١٤٣٨) وعبدالرزاق في مصنفه(٩/١٠١)

ومثله: قول عمر رضي الله عنه (يا سارية الجبل) وكان عمر يخطب في المدينة وسارية في العراق.
(ذكره شيخ الإسلام في الفرقان بين الحق والباطل-٥٨)

والثاني: كرامات من باب القدرة والتأثير.
وهو ما يحصل للإنسان من قدرة وتأثير لا يحصل لغيره.
مثاله:
ما حصل لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
حيث يبس الماء ومر عليه الجيش.
ذكره الطبري في تاريخه(٢/٤٦٠)


ثالثاً: أقسام الناس في كرامات الأولياء:
انقسم الناس في كرامات الأولياء إلى ثلاث أقسام.

القسم الأول: قوم يؤمنون بكرامات الأولياء ويثبتونها على مقتضى ما جاء في الكتاب والسنة وهم أهل السنة والجماعة.

القسم الثاني: قوم ينفون كرامات الأولياء وهم الفلاسفة والجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة
وشبهتهم: دعوى الالتباس بين الكرامة والمعجزة!
ويجاب عليهم: بأن الكرامة لا تقترن بدعوى الرسالة بخلاف المعجزة فإنها مقترنة بدعوى الرسالة ، والكرامة تكون على يد ولي ، والولي لا يمكن أن يدعي النبوة ولو ادعاها لم يكن ولياً.

القسم الثالث: قوم يغلون في إثبات الكرامات.
وهم الصوفية والرافضة.

رابعاً: الفرق بين الكرامات والمعجزات
المعجزة مقرونة بدعوى الرسالة.
والكرامة مقرونة بالولاية.

خامساً: الفرق بين الكرامات والأحوال الشيطانية
الكرامة مقرونة بالإيمان والتقوى
والأحوال الشيطانية مقرون بفعل الفواحش وعدم التقوى
قال شيخ الإسلام في الفرقان بين أولياء الله وأولياء الشيطان(١٢٥): كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى ، والأحوال الشيطانية يكون سببها ما نهى الله عنه ورسوله ويستعان بها على ما نهى الله عنه ورسوله.اهـ

سادساً: الفرق بين الكرامة والفراسة:
الكرامة تعطى لأهل الإيمان والتقوى.
والفراسة تعطى لأهل الإيمان والتقوى ، وتعطى لأهل الخبرة في معرفة الأمور.
(ينظر شرح الطحاوية لابن أبي العز-٤٩٨)

ختاماً:
يتضح مما سبق أن:
ما يجري من الخوارق على أيدي الأنبياء فهذه آيات وبراهين وتسمى معجزات
وما يجري من الخوارق على أيدي الأولياء فهذه كرامات
وما يجري من الخوارق على أيدي العصاة والمبتدعة فهذه أمور شيطانية.

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:32 PM
الرد الثاني والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم في ترحمه على أهل الكفر.

قال عدنان:(ليو تولستوي ، رحمه الله بل رضوان الله عليه هذا الفيلسوف الآديب...)

ليو تولستوي فيلسوف نصراني روسي
كفرته الكنيسة بسبب أفكاره المنحرفة ، وعدنان إبراهيم يترحم ويترضى عليه في إحدى خطبه ، ولا يترضى على الصحابة ولا يترحم على علماء الأمة ،
ولاشك أن ترحمه على الكافر مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.

فقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على عدم مشروعية الترحم على أهل الكفر وعدم طلب المغفرة لهم ، فإن الترحم عليهم وطلب المغفرة لهم من الاعتداء في الدعاء ، والإعتداء في الدعاء منهي عنه.

قال تعالى: (ما كان للنبي والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحـٰب الجحيم)

قال الإمام الطبري في تفسيره(١١/٥٠):
يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي محمد عليه الصلاة والسلام والذين آمنوا به (أن يستغفروا) يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أولي قربى ذوي قرابة لهم ، (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان تبين لهم أنهم من أهل النار لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله.
فإن قالوا: فإن إبراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك فلم يكن استغفار إبراهيم لأبيه إلا لموعدة وعدها إياه ، ( فلما تبين له ) وعلم أنه لله عدو خلاه وتركه ترك الاستغفار له ، وآثره الله وأمره عليه فتبرأ منه حين تبين له أمره.اهـ

وقال الإمام القرطبي في تفسيره(٨/٢٠٥):
فيه ثلاث مسائل في الآية:
الأولى: الآية ناسخة لاستغفار النبي عليه الصلاة والسلام لعمه.
الثانية: هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار حيهم وميتهم ، فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين ، فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز.
الثالثة: قال أهل المعاني(ما كان) في القرآن على وجهين: على النفي نحو قوله( ما كان لكمـ أن تنبتوا شجرها) ، والآخر بمعنى النهي كقوله(وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله).اهـ

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:( استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي )رواه مسلم(٩٧٦)

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(٩٧٦): فيه النهي عن الاستغفار للكفار.اهـ

قال شيخ الإسلام في قاعدة جليلة(٢٦):
فالشفاعة للكفار بالنجاة من النار والاستغفار لهم مع موتهم على الكفر لا تنفعهم ، ولو كان الشفيع أعظم الشفعاء جاهاً.اهـ

قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد(٢٢٠):
أهل الكفر ليسوا أهلاً للمغفرة بأي حال ولا يجاب لنا فيهم ، ولا يحل الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة ، وإنما يدعى لهم بالهداية وهم أحياء.اهـ

- ودلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على خلود أهل الكفر في نار جهنم.

قال تعالى:( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً)

وقال تعالى:( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أبداً أولئك هم شر البرية )

وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو؟ قال:(في النار)
فكأن الأعرابي وجد من ذلك فقال:يا رسول الله فأين أبوك؟ قال:( فذكره) ، قال : فأسلم الأعرابي بعد ، فقال: لقد كلفني رسول الله عليه الصلاة والسلام تعباً:( ما مررت بقبر كافر إلا بشرتُه بالنار ). رواه الطبراني(١/١٩) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة(١٨).

فالكفار أهل الخلود في نار جهنم ، ولا تنفعهم شفاعة الشافعين ،
قال تعالى( ما سلككمـ في سقر قالوا لمـ نك من المصلين ولمـ نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتـىـٰنا اليقين فما تنفعهمـ شفـٰعة الشـٰفعين)
فكيف يترحم عليهم وهم الذين كفروا بالله ورسوله ، وكذبوا بما جاءت به الرسل.
والعجيب أن عدنان إبراهيم لا يترضى على الصحابة بل يذمهم ويلعنهم ، ويترضى على أهل الكفر والإلحاد مخالفاً الكتاب والسنة والإجماع.

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:33 PM
الرد الثالث والعشرون: على عدنان إبراهيم (في اعتراضه على القدر ، وقوله إن الإيمان بالقدر فرق الأمة)


يجاب عليه:

أن الإيمان بالقدر واجب على كل مسلم ، وهو ركن من أركان الإيمان الستة التي لا يصح إيمان عبد إلا بها ، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً أن جبريل عليه السلام سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإيمان فقال: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) رواه مسلم(١)
وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه:( يا بني إنك لن تطعم طعم الإيمان ولن تبلغ حق حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ... يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار) رواه أحمد(٢٢١٩٧) وصححه الألباني في السنة لابن أبي عاصم(١١١)

ودل على وجوب الإيمان بالقدر الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى( وخلق كل شيء فقدره تقديراً)
وقال تعالى( إنا كل شيء خلقنـٰه بقدر)
وقال تعالى( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتـٰب من قبل أن نبرأها)

-السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنه في حديث جبريل المشهور(الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) رواه مسلم(١)

وعن جابر رضي الله عنه مرفوعاً(لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)
رواه الترمذي(٢١٤٤) وصححه الألباني.

-الإجماع:
نقل الإجماع غير واحد من الأئمة:
قال أحمد بن يحيى ثعلب: ما في العرب إلا مثبت للقدر خيره وشره ، أهل الجاهلية والإسلام ، ذلك في أشعارهم وكلامهم كثير.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة-٣/٥٨٣)

وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً من مذهبهم: ...والإيمان بالقدر خيره وشره من الله عزوجل.
(عقيدة الرازيين-٢٥)

وقال أبو القاسم اللالكائي: وهو مذهب أهل السنة والجماعة يتوارثونه خلفاً عن سلف من لدن رسول الله بلا شك ولا ريب.
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة-٣/٥٩٤)

- مراتب القدر:
للقدر أربعة مراتب يجب الإيمان بها:
المرتبة الأولى: العلم. أي الإيمان بأن الله علم ما كان وما يكون أزلاً وأبداً - يعني علمه بالماضي والمستقبل- علم كل شيء من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال وغيرها. قال تعالى( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير)

الثانية: الكتابة. أي الإيمان بأن الله كتب مقادير الخلق في اللوح المحفوظ. فكل ما يحدث في الكون علمه الله وكتبه قبل حدوثه. قال تعالى( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتـٰب من قبل أن نبرأها)
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعاً(أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب ، قال وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كان وما هو كائن إلى الأبد)رواه أبو داود(٤٧٠٠) والترمذي(٢١٥٥) صححه الحاكم(٢/٤٩٨) والألباني. وله شاهد عن عبدالله بن عمرو بلفظ( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة) رواه مسلم(٢٦٥٣)

الثالثة: المشيئة. أي الإيمان بأن الله شاء كل شيء وأراده مما قضاه وقدره في اللوح المحفوظ . قال تعالى( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين)

الرابعة: الخلق. أي الإيمان بأن كل ما يقع في هذا الكون هو من خلق الله. قال تعالى( والله خلقكمـ وما تعملون) وقال تعالى( الله خـٰلق كل شيء)

فوائد الإيمان بالقدر:
الإيمان بالقدر له عدة فوائد منها:
أولاً: أنه من تمام بالإيمان بالله.
ثانياً: أنه يكسب العبد طمأنينة واستقرار ويصبر على ما أصابه ويحتسب الأجر من الله.
ثالثاً: أن الإنسان لا يعجب بنفسه إذا حصل له مكروه.
رابعاً: أن الإنسان إذا أمن بالقدر لا يأسف على ما فاته ، ولا يلوم نفسه بقوله لو فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان.

أقسام الناس في القدر:
القسم الأول: قوم آمنوا بالقدر خيره وشره ، وقالوا إن العبد يفعل الفعل باختياره وإرادته ولكنه لا يخرج على قضاء الله وقدره.
وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة.

القسم الثاني: قوم لم يؤمنوا بالقدر ، وقالوا إن الإنسان حر حرية كاملة في تصرفاته وهو الذي يخلق فعله ولم يخلقه الله وليس لله سبحانه وتعالى تدخل في أفعال العباد. وهؤلاء هم القدرية ، نفاة القدر ، مجوس هذه الأمة عن ابن عمر مرفوعاً(القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم) رواه أبو داود(٤٦٩١) بسند منقطع
وله شاهد عن حذيفة بن اليمان رواه أبو داود(٤٦٩٢) وفي سنده ضعف. وله شاهد آخر عن جابر بن عبدالله رواه ابن ماجه(٩٢) وفيه ضعف.
قال الحافظ العلائي كما في اللآلي المصنوعة(١/٢٥٩): ينتهي بمجموع طرقه إلى درجة الحسن الجيد المحتج به إن شاء الله.اهـ
وحسن الألباني حديث ابن عمر بمجموع طرقه في صحيح الجامع(٤٤٤٢)
وسموا القدرية مجوس هذه الأمة لقولهم إن العبد يخلق فعله ، والمجوس قالوا إن الشر له خالق والخير له خالق ، فكلاهما جعلوا خالقاً مع الله.
قال العلامة صالح الفوزان في شرح الطحاوية(٢٧٢): الإيمان بالقضاء والقدر يدخل في توحيد الربوبية ، لأنه من أفعال الله عز وجل فمن جحد القضاء والقدر لم يكن مؤمناً بتوحيد الربوبية.اهـ

القسم الثالث: قوم قالوا إن العبد مجبور على فعله ، وهو كالآلة أو كالريشة يحركها الهواء أي أن العبد ليس له فعل حقيقة بل هو يتحرك بدون إرادته . وهؤلاء هم الجبرية.
قال العلامة هراس في شرح الواسطية(٢٣٠):
الجبرية غلوا في إثبات القدر حتى أنكروا أن يكون للعبد فعل حقيقة بل هو في زعمهم لا حرية له ولا اختيار ولا فعل كالريشة في مهب الريح وإنما تسند الإفعال إليه مجازاً ، فاتهموا ربهم بالظلم وتكليف العباد بما لا قدرة لهم عليه ومجازاتهم على ما ليس من فعلهم واتهموه بالعبث في تكليف العباد وأبطلوا الحكمة في الأمر والنهي ، ألا ساء ما يحكمون.اهـ

وقول عدنان إبراهيم( إن الإيمان بالقدر فرق الأمة)
هذا قول باطل ، أين الأمة التي تفرقت بالقدر ، بل الأمة مجمعة على الإيمان بالقدر خيره وشره وقد نقل الإجماع غير واحد من الأئمة كما مر ، ولا يعتد بمخالفة أهل الأهواء والبدع من القدرية النفاة والجبرية الغلاة فهؤلاء لا عبرة بخلافهم ، ولا ينقض قولهم الإجماع ، بل نتبرئ منهم ومن أقوالهم الضالة المخالفة للكتاب والسنة والإجماع.
قال يحيى بن يعمر لعبدالله بن عمر: يا أبا عبدالرحمن إنه ظهر قِبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أُنف!
قال ابن عمر:( فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني ، والذي يحلف به عبدالله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر) رواه مسلم(١)
وينبغي تبين حالهم للناس لكي لا يغتر بهم أحد فيضل كما ضلوا.
قال أحمد حدثنا أبو جعفر الحذاء قال: قلت لسفيان بن عيينة: إن هذا يتكلم في القدر أعني إبراهيم بن أبي يحيى ، قال: عرفوا الناس بدعته وسلوا ربكم العافية.
(العلل ومعرفة الرجال لأحمد-١/٢٩٧)

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:35 PM
الرد الرابع والعشرون: على عدنان إبراهيم في إنكاره عذاب القبر وأنه ليس حقيقياً.

ينكر عدنان إبراهيم عذاب القبر ، ويدعي أنه ليس حقيقياً والعذاب الحقيقي عذاب يوم القيامة فقط.

يجاب عليه:

أن عذاب القبر حق دل عليه الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى( النار يعرضون عليها غدواً وعشياً)
يعني في قبورهم ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب)

وقال تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً) قيل في قبره ( ونحشره يوم القيـٰمة أعمى)

وقال تعالى ( سنعذبهم مرتين) يعني في قبورهم
(ثم يردون إلى عذاب عظيم) يعني يوم القيامة.

- السنة:
الأحاديث الواردة في عذاب القبر كثيرة جداً بلغت حد التواتر منها في الصحاح ومنها في السنن والمسانيد والمعاجم.

قال الإمام ابن القيم في الروح(٥٢): أحاديث عذاب القبر ومسألة منكر ونكير كثيرة متواترة.اهـ

قال العلامة الحكمي في معارج القبول(٢/٨٨١): وأما نصوص السنة في إثبات عذاب القبر فقد بلغت الأحاديث في ذلك مبلغ التواتر إذ رواها أئمة وحملة الحديث ونقاده عن الجم الغفير والجمع الكثير من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام منهم: أنس وابن عباس والبراء وعمر وابن عمر وعائشة وأسماء وأبوأيوب الأنصاري وأم خالد وأبوهريرة وأبوسعيد الخدري وسمرة بن جندب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عمرو ، وعمرو بن العاص وأم مبشر وأبو قتادة وابن مسعود وأبو طلحة وعبدالرحمن بن حسنة وتميم الداري وحذيفة وأبو موسى الأشعري والنعمان بن بشير وعوف بن مالك.اهـ

-الإجماع:
نقل الإجماع في إثبات عذاب القبر غير واحد
من الأئمة.

قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث(١٤):
أصحاب الحديث كلهم مجمعون على الإيمان بعذاب القبر.اهـ

وقال الحافظ ابن أبي حاتم الرازي في عقيدة الرازيين(١٢١): سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك
فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويماناً فكان من مذهبهم:
وعذاب القبر حق ومنكر ونكير حق.اهـ

وقال الإمام ابن زمنين في أصول السنة(١٥٤):
وأهل السنة يؤمنون بعذاب القبر قال عزوجل(فإن له معيشة ضنكاً) وقال( سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم).اهـ

قال العلامة ابن القيم في الروح(٥٧) عن عذاب القبر: هذا متفق عليه بين أهل السنة.اهـ

ولا ينكر عذاب القبر إلا ضال مضل ، أضل نفسه ويسعى لإضلال غيره ، (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها).

قال المروذي قال الإمام أحمد: عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل.( الروح لابن القيم-٨٠)

وقال الإمام الآجري في الشريعة(٣٨٠) بعد أن ذكر أحاديث عذاب القبر ، قال: ما أسوأ حال من كذب بهذه الأحاديث لقد ضل ضلالاً بعيداً وخسر خسراناً مبيناً.اهـ

وأنكر جماعة من المعتزلة أمثال ضرار بن عمرو ويحيى بن كامل عذاب القبر وهو قول بشر المريسي رأس المعتزلة ، وأعرض هؤلاء عن الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة ، وهذا شأن أهل الأهواء والبدع ومن هو على شاكلتهم ، يردون الأدلة الشرعية يكذبونها تارة ويأولونها تارة ولا يقبلونها إذا كانت لا توافق مذاهبهم الباطلة.

وأنكر الملاحدة والزنادقة عذاب القبر وقالوا:
لو نبشنا القبر لم نر العذاب وهذا يدل على عدم وجود عذاب القبر.
ويجاب عليهم بأمرين:
الأول: أن ما أخبرت به الرسل حق لا ريب فيه.
الثاني: أن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا ، فليس عذاب القبر ونعيمه مثل العذاب والنعيم الدنيوي المحسوس.

وقول عدنان إبراهيم(عذاب القبر ليس حقيقياً)

هذا قول جماعة من المعتزلة ويجاب عليه:
بأن عذاب القبر عذاب حقيقي يحصل لروح الميت وبدنه كما دل على ذلك الدليل الشرعي والإجماع.

قال ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام مر بقبرين فقال( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) رواه البخاري(٢١٦) ومسلم(٢٩٢)

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال خرج رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد وجبت الشمس فسمع صوتاً فقال( يهود تعذب في قبورها) رواه البخاري(١٣٧٥) ومسلم(٢٨٦٧)

وعن علي رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام يوم الأحزاب(ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس) رواه البخاري(٦٣٦٦) ومسلم(٥٨٦)

وعن جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي قتادة لما وفّى دين المدين( الآن بردت عليه جلده) رواه أحمد(٣/٣٣٠) قال الهيثمى فى المجمع (٣/٣٩)رواه أحمد والبزار وإسناده حسن.

قال شيخ الإسلام (٤/٢٨٢): العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعاً باتفاق أهل السنة والجماعة.اهـ

- ضمة القبر:
ضمة القبر حق وليست من عذاب القبر.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال : (إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيًا منها نجا منها سعد بن معاذ)
رواه أحمد(٦/٥٥)
وقال العراقي في تخريج الإحياء(٥/٢٥٩): إسناده جيد ، وقال الذهبي في السير(١/٢٩١): إسناده قوي وقال الألباني في الصحيحة(١٦٩٥)
الحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح.

قال الحافظ الذهبي في السير(١/٢٩٠): هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء بل هي أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقده ولده وحميمه في الدنيا.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي
١٤٣٦/٦/٢٥هـ

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:36 PM
الرد الخامس والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم بطعنه في علماء السلف.

اعتاد عدنان إبراهيم في محاضراته وخطبه الطعن والتجريح في أئمة السلف أهل الحديث والأثر أهل الفقه والنظر.

ولا شك أن العلماء هم ورثة الأنبياء ، ورثوا العلم وعملوا به علموه ، والطعن بهم طعن بالعلم الذي حملوه.
وهم أولياء الله ، ومَن حاربهم فقد حارب الله
كما جاء في الحديث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( إن الله قال: من عادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب) رواه البخاري(٦٥٠٢)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١١/٤٣٠):
قوله( من عادي لي ولياً) المراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته ، وقد استشكل وجود أحد يعاديه لأن المعاداة إنما تقع من الجانبين ومن شأن الولي الحلم والصفح عمن يجهل عليه ، وأُجيب بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلاً بل قد تقع بغض ينشأ عن التعصب كالرافضي في بغضه لأبي بكر ، والمبتدع في بغضه للسني فتقع المعاداة من الجانين.اهـ

- بغض العلماء علامة أهل البدع:
من المعلوم أن الطعن بعلماء السلف ، علامة من علامات أهل الزيغ والأهواء ، الذين أعرضوا عن السنن وطعنوا بأهلها وتمسكوا بالبدع وأثنوا على أهلها.

قال أبو إسماعيل الترمذي: سمعت أحمد وقال له رجل: إن رجلاً قال: إن أصحاب الحديث قوم سوء ، فقال أحمد: هذا زنديق.
(الآداب الشرعية لابن مفلح-٢/٤٠)

وقال الإمام أبو حاتم الرازي: علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر.
(شرح أصول الاعتقاد للاكائي-٢/١٧٩)

وقال الإمام أبو عثمان النيسابوري في عقيدة السلف(٢٩٩): وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي عليه الصلاة والسلام واحتقارهم لهم وتسميتهم إياهم: حشوية وجهلة وظاهرية ومشبهة ، اعتقاداً منهم في أخبار رسول الله عليه الصلاة والسلام أنها بمعزل عن العلم وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم ، من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة وهواجس قلوبهم الخالية من الخير العاطلة وحججهم بل شبههم الداحضة الباطلة.اهـ

- حب العلماء علامة أهل السنة:
علامة أهل السنة حبهم لعلماء أهل السنة والترحم عليهم وتوقيرهم ، والاعتراف بفضلهم ، ومعرفة قدرهم ، والاعتذار لهم إذا وقع منهم خطأ أو زلل.

عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر ويعرف لعالمنا حقه)
رواه أحمد(١/٢٥٧) والترمذي(١٩٨٦) وصححه ابن حبان(١٩١٣)
وله شاهد عن عبدالله بن عمرو ، رواه أحمد(٢/٢٠٧) والترمذي(١٩٨٥)وصححه
وله شاهد آخر عن عبادة بن الصامت ، رواه أحمد(٥/٣٢٣) والحاكم(١/١٢٢)

قال طاوس رحمه الله( من السنة أن يوقر أربعة: العالم وذو الشيبة والسلطان والوالد )
ذكره البغوي في شرح السنة(١٣/٤٣)

وقال الإمام أبو عثمان النيسابوري في عقيدة السلف(٣٠٧): وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأوليائها.اهـ

- لا كرامة لمن يطعن بالسلف:
من ثبت عنه السب واللعن والطعن في علماء أهل السنة ، يهجر ولا يجالس ولا يؤخذ عنه علم ولا يسمع لكلامه ولا كرامة له.

قال الإمام عبدالله بن المبارك: لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت فإنه يسب السلف.
رواه أحمد في العلل ومعرفة الرجال(٢/٢٧٨)

كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:39 PM
الرد السادس والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم في طعنه بالصحابة


عدنان إبراهيم معروف بطعنه وسبه للصحابة الكرام فتجده تارة يطعن في عمر رضي الله عنه وتارة في أبي هريرة رضي الله عنه وتارة في عثمان رضي الله عنه وتارة في معاوية رضي الله عنه وتارة في عائشة رضي الله عنها وتارة في غيرهم من الصحابة رضي الله عنه ، وهذا شأن أهل الأهواء الطعن والسب في الصحابة الكرام رضي الله عنهم.

ولا شك أن الصحابة رضي الله عنهم ، خير الناس بعد الأنبياء والرسل لقوله عليه الصلاة والسلام:(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)
رواه البخاري(٢٥٠٩)

وقد دل على فضلهم علو مكانتهم وعظم قدرهم الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى( والسـٰبقون الأولون من المهـٰجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسـٰن رضي الله عنهم ورضوا عنه )

وقال تعالى( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثـٰبهم فتحاً قريباً)

وقال تعالى( لا يستوي منكمـ من أنفق من قبل الفتح وقـٰتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقـٰتلو وكلا وعد الله الحسنى)

- السنة:
عن جابر رضي الله عوه قال أخبرتني أم مبشر رضي الله عنها أنها سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول عند حفصة
(لايدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها)
رواه مسلم(٤/١٩٤٣)

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام(لايدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة)
رواه أبو داود(٤٦٥٣) والترمذي(٤١٣٣) وصححه.

وعن علي رضي الله عنه مرفوعاً( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) رواه مسلم (٢٤٩٤)

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعاً( خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)
رواه البخاري(٣/١٥١) ومسلم(٤/١٩٦٤)

-الإجماع:
قال شيخ الإسلام في الفتاوى العراقية(١/١١١):
وقد اتفق المسلمون على أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام خير طبقات الأمة.اهـ

- الصحابة رضي الله عنهم حملة القرآن والسنة ، والطعن بهم طعن في القرآن والسنة.

قال الإمام أبو زرعة الرازي: فإذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله ﷺ فأعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول ﷺ عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله ﷺ، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة.
(الكفاية للخطيب-٩٨)

قال الإمام النسائي: فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام.
(تهذيب الكمال للمزي-١/٣٣٩)

قال شيخ الإسلام في الفتاوى العراقية(١/١٣٩):
وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون فالقدح فيهم قدح في القرآن والسنة.اهـ

- والطعن بالصحابة رضي الله عنهم طعن في الله ، لأنه عزوجل اختار لنبيه عليه الصلاة والسلام صحبة غير صالحة ، والطعن بالصحابة رضي الله عنهم طعن بالنبي عليه الصلاة والسلام لأنه صاحب صحبة غير صالحة.

قال الإمام مالك - عن هؤلاء الذين يسبون الصحابة - قال: إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي ﷺ، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه، حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحون.
(الصارم المسلول-٥٨٠)

- ومن يطعن بالصحابة فإنه امرؤ سوء لا خير فيه ويتهم على الإسلام.

قال الإمام مالك: الذي يشتم أصحاب النبي ﷺ ليس لهم إسم أو قال نصيب في اﻷسلام.
( السنة للخلال-٢/٥٥٧)

وقال الإمام أحمد: إذا رأيت رجلًا يذكر أحدًا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام.
(البداية والنهاية لابن كثير-٨/١٤٢)

وقال ابن الجنيد: سمعت يحيى بن معين يقول: وسئل عن يونس بن خباب؟ فقال: ليس بثقة ، كان يشتم أصحاب النبي ، ومن يشتم أصحاب النبي فليس بثقة.
(سؤالات ابن الجنيد لابن معين-١١٤)


كتبه:
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:42 PM
الرد السابع والعشرون: على المعتزلي عدنان إبراهيم في إنكاره حد الردة.
قال عدنان إبراهيم: لم يرد بكتاب الله حد الردة ، ولا يجوز لنا قتل الناس بغير دليل من كتاب الله والله يقول ( لا إكراه بالدين ) ويقول (لكم دينكم ولي دين)

ويجاب عليه :

بأن حد الردة حكم شرعي دل عليه النصوص الشرعية والإجماع.
والردة هي الرجوع عن دين الإسلام إلى الكفر.
فمن ارتد عن الإسلام وهو بالغ عاقل مختار من الرجال أو النساء يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وقد دل على قتل المرتد النص والإجماع.

- النص:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه - قال في رجل أسلم ثم تهود - لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فأُمر به فقتل)
رواه البخاري(٦٩٢٣) ومسلم(١٧٣٣)
وفي رواية لأبي داود(٤٣٥٥) (وكان قد استتيب قبل ذلك)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( من بدل دينه فاقتلوه)
رواه البخاري(٦٩٢٢)

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري(٦٤٨٤)ومسلم(١٦٧٦)

وعن سعيد بن عبدالعزيز ( أن أبا بكر رضي الله عنه قتل أم قرفة الفزارية في ردتها) رواه الدارقطني(٣١٧٧) وقال الصنعاني في السبل(٣/٤١٧): حديث حسن.

وعن علي رضي الله عنه قال(كل مرتد عن الإسلام مقتول إذا لم يرجع ذكراً أو أنثى) رواه الدارقطني(٣١٩٥) بسند حسن.

- الإجماع:

قال الإمام ابن قدامة في المغني(٨/٨٧):
أجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد ، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد وغيرهم ولم ينكر ذلك فكان إجماعاً.اهـ

ونقل الإجماع أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية في المنهاج(١/٣٠٧)

- وقتل المرتد إلى الإمام - أي ولي أمر المسلمين - لا لغيره من عامة الناس ، فإن الإمام هو الذي يقيم الحدود.

- وأما قوله تعالى( لا إكراه بالدين )
معناه: لا نكره أحداً من الكفار على الإسلام.
قال الإمام ابن كثير في تفسيره(١/٦٨٢): قوله( لا إكراه بالدين ) أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه.اهـ

وأما من أسلم ثم ارتد عن الإسلام فإنه يستاب وإلا قتل ، كما دلت عليه النصوص الشرعية ، والآية في الكافر الأصلي لا المرتد.

- وقوله تعالى(لكم دينكم ولي دين)
معناه: لكم دينكم الكفري الذي أصررتم على اتباعه ولي ديني ، وهذا تهديد لهم وليس اقراراً لهم على دينهم الكفري.


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:44 PM
الرد الثامن والعشرون: على عدنان إبراهيم بإنكاره حد الرجم.

قال عدنان إبراهيم: لم يرد بكتاب الله الرجم للزاني المحصن ، والعبرة بالقرآن فقط.

وافق عدنان إبراهيم ، الخوارج في عدم رجم الزاني المحصن.
ووافق القرآنيين ، بعدم الاحتجاج بالسنة.
وقوله مخالف للنصوص الشرعية والإجماع.

ويرد عليه بما يلي:

الزنى هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر.
وهو من كبائر الذنوب.
والزنى على نوعين:
الأول: الزاني المحصن.
المحصن: هو من وطيء زوجته في قبلها بنكاح صحيح.

وحد المحصن إذا زنى الرجم إذا كان مكلفاً مختاراً ، دل عليه النص والإجماع.

- النص:
أحاديث رجم الزاني المحصن كثيرة جداً تكاد تبلغ التواتر إن لم تكن متواترة منها:

عن علي رضي الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة قال( قد رجمتها بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام) رواه البخاري(٦٨١٢)

وعن الشيباني قال سألت عبدالله بن أبي أوفى هل رجم رسول الله عليه الصلاة والسلام؟
قال( نعم) رواه البخاري(٦٨١٣)

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه (أن رجلاً من أسلم أتى رسول الله عليه الصلاة والسلام فحدثه أنه قد زنى فشهد على نفسه أربع شهادات فأمر به رسول الله عليه الصلاة والسلام فرجم وكان قد أحصن) رواه البخاري(٦٨١٤)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال( أتى رجل رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إني زنيت ، فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فقال: أبك جنون قال: لا ، قال: فهل أحصنت ، قال: نعم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: اذهبوا به فارجموه) رواه البخاري(٦٨١٥) ومسلم(١٦٩١)

وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال( أتي رسول الله عليه الصلاة والسلام بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعاً فأمر بهما رسول الله عليه الصلاة والسلام فرجما) رواه البخاري(٦٨١٩) ومسلم(١٦٩٩)

وعن البراء بن عازب رضي الله قال(مر على النبي عليه الصلاة والسلام بيهودي محمماً مجلوداً فدعاهم عليه الصلاة والسلام ...فأمر به فرجم)
رواه مسلم(١٧٠٠)

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال(لما أتى ماعز بن مالك النبي عليه الصلاة والسلام قال له:لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ، قال لا يا رسول الله ، قال: أنكتها؟ قال فعند ذلك أمر برجمه) رواه البخاري(٦٨٢٤)

وعن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قالا(كنا عند النبي عليه الصلاة والسلام فقام رجل فقال:
أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله ، فقام خصمه فقال: اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي ، فقال( قل ) قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته..) فقال النبي عليه الصلاة والسلام(والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله على ابنك جلد مائة وتغريب عام ، واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)
رواه البخاري(٦٨٢٧)

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري(٦٤٨٤)ومسلم(١٦٧٦)
قال العلامة الحصني في كفاية الأخيار(٢/٥٦٧): أجمعوا على أن المراد بالثيوبة هنا هو الوطء في النكاح الصحيح.اهـ

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:(رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي عليه الصلاة والسلام فرجمه) رواه مسلم(١٦٩٢)

وعن عمر رضي الله عنه قال(إن الله تعالى بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله عليه الصلاة والسلام ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله
حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف) رواه البخاري(٦٨٢٩) ومسلم(١٦٩١) زاد أبو داود(٤٤١٨) (وايم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله ، لكتبتها)

وعن أبي سعيد رضي الله عنه ( أن رجلاً من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال:إني أصبت فاحشة... فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن نرجمه) رواه مسلم(١٦٩٤)

وعن سلمان بن بريدة عن أبيه ( جاء ماعز بن مالك إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله طهرني... فأمر به فرجم... ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت يا رسول الله طهرني ...فرجمها ) رواه مسلم(١٦٩٥)

وعن عمران بن حصين رضي الله عنه (أن امرأة من جهينة أتت النبي عليه الصلاة والسلام وهي حبلى من الزنى ، فقالت:يا نبي الله أصبت حداً فأقمه علي ، فدعا وليها فقال:أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ، ففعل فأمر بها نبي الله عليه الصلاة والسلام فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت) رواه مسلم(١٦٩٦)

-الإجماع:

قال الإمام ابن قدامة في المغني(٨/١١٠):
في وجوب الرجم على الزاني المحصن رجلاً كان أو امرأة قول عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأمصار في جميع الأعصار.اهـ

ونقل الإجماع أيضاً الحافظ النووي في شرح مسلم(١٠٨٥)
وشيخ الإسلام ابن تيمية في المنهاج(٤/٥٨٧)
والعلامة الحصني الشافعي في كفاية الأخيار(٢/٥٦٦)
والإمام الصنعاني في السبل(٣/٤١٦)

- ويثبت حد الزنى بشهادة أربعة شهداء
أو الاعتراف أو قرينة حمل ، عند عامة العلماء.

- ومن زنا فيما دون الفرج عزر ولا يحد.
لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال(كنت عند النبي عليه الصلاة والسلام فجاءه رجل فقال يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه علي ، قال ولم يسأل عنه ، قال:وحضرت الصلاة فصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام فلما قضى النبي عليه الصلاة والسلام قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقم فيّ كتاب الله قال:أليس قد صليت معنا؟ قال:نعم ، قال:فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك) رواه البخاري(٦٨٢٣)

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال(لما أتى ماعز بن مالك النبي عليه الصلاة والسلام قال له:لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت) رواه البخاري(٦٨٢٤)

والثاني: الزاني غير المحصن.
وحده مائة جلدة وتغريب عام. دل عليه الكتاب والسنة والإجماع.

قال تعالى( الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)

قال زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام (يأمر فيمن زنى ولم يحصن: جلد مئة وتغريب عام) رواه البخاري(٦٨٣١) وفي الباب عن أبي هريرة رواه البخاري(٦٨٣٣)

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال رسول الله عليه الصلاة والسلام( البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ) رواه مسلم (١٦٩٠)

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى(٤/٣٠٧):
ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف أن الزاني غير المحصن يجلد ولا يقتل.اهـ

ومن زنى ببهيمة عزر ولا يحد في أصح قولي العلماء ، وكذا إذا فعلت المرأة السحاق عزرت.
ومن فعل اللواط يحد على الصحيح من أقوال العلماء.


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:46 PM
الرد التاسع والعشرون:على عدنان إبراهيم بعدم الاحتجاج بالسنة.

قال عدنان إبراهيم:( العبرة بالقرآن فقط وأما السنة فلا...)

يجاب عليه:

السنة لغة الطريقة والسيرة ، قال لبيد في معلقته: ((من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها)). أي طريقة يسيرون عليها.

واصطلاحاً: ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.

فكل ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية
يسمى سنة عند المحدثين.

والسنة النبوية هي الأصل الثاني من أصول الشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم وهي وحي أوحى الله عزوجل به إلى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.

قال الله تعالى عن نبيه محمد عليه الصلاة والسلام (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(٧/٤٤٣):
قوله(وما ينطق عن الهوى) أي ما يقول قولاً عن هوى وغرض (إن هو إلا وحي يوحى) أي إنما يقول ما أُمر به يبلغه إلى الناس كاملاً موفراً من غير زيادة ولا نقصان.اهـ

وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان(٧/٤٦٢): قوله(إن هوى إلا وحي يوحى) معناه أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يبلغ عن الله إلا شيئاً أوحى الله إليه أن يبلغه فمن يقول إنه شعر أو سحر أو كهانة أو أساطير الأولين هو أكذب خلق الله وأكفرهم ، ولا ينافي ذلك أنه أذن للمختلفين عن غزوة تبوك وأسر الأسارى يوم بدر واستغفر لعمه أبي طالب من غير أن ينزل عليه وحي خاص في ذلك ، وقد أوضحنا هذا في غير هذا الموضع.اهـ

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال(لا أقول إلا حقاً)
رواه أحمد(٢/٣٤٠) والترمذي(١٩٩٠) وصححه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً:كتاب الله وسنتي)
رواه مالك بلاغاً(٢/٨٩٩) وقال ابن عبدالبر في التمهيد(٢٤/٣٣١): هذا محفوظ معروف مشهور عن النبي عليه الصلاة والسلام عند أهل العلم شهرة يكاد يستغنى بها عن الإسناد.اهـ
ورواه الحاكم في المستدرك(١/٩٣) متصلاً وصححه الألباني في صحيح الجامع(٢٩٣٧)

وقال الخطيب في الكفاية(٨): باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام في وجوب العمل ولزوم التكليف.
وساق بسنده (٥) عن المقدام بن معديكرب رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا وإن ما حرم رسول الله عليه الصلاة والسلام مثل ما حرم الله عزوجل).اهـ

الحديث رواه الترمذي(٢٦٦٤) وحسنه ورواه ابن ماجه(١٢) وصححه الألباني.

وعن أبي رافع رضي الله عنه مرفوعاً( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول:لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه) رواه الترمذي(٢٦٦٨) وقال:حديث حسن صحيح. وصححه الألباني.

وفي الحديث دلالة واضحة في ذم من أعرض عن السنة واكتفى بالقرآن كالقرآنيين والخوارج ومن سلك مسلكهم.

قال الحافظ أبو العلا المباركفوري في تحفة الأحوذي(٧/٧٦): وهذا الحديث من دلائل النبوة وعلامة من علاماتها فقد وقع ما أخبر به فإن رجلاً قد خرج من البنجاب من إقليم الهند وسمى نفسه بأهل القرآن ، وشتان بينه وبين أهل القرآن ، بل هو من أهل الإلحاد وكان قبل ذلك من الصالحين فأضله الشيطان وأغواه وأبعده عن الصراط المستقيم فتفوه بما لا يتكلم به أهل الإسلام فأطال لسانه في رد الأحاديث النبوية بأسرها.اهـ

وقال العلامة الفوزان في شرح أصول الإيمان(٣٦٧): وهذا الحديث من معجزاته عليه الصلاة والسلام حيث أخبر عن شيء سيحصل وحصل كما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام أنه يأتي أناس مترفون على أرائكهم لا يجدون في طلب العلم وإذا ذكر لهم حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأنه لا يعمل إلا بما في القرآن الكريم فما كان فيه من حلال أو حرام أخذ به ، وأما أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام فهي محل شك عندهم من حيث أسانيدها ورواتها ومتونها فهؤلاء لا يقبلون إلا ما جاء في القرآن الكريم بحجة أنه متواتر وأما السنة فأكثرها آحاد وليست متواترة فيتركونها فهؤلاء ونحوهم يسمون بالقرآنيين الذين يدعون العمل بالقرآن فقط وهي فرقة معروفة في الهند وفي غيرها ، ومثلهم الخوارج الذين ينكرون السنة ويدعون بأنهم لا يعملون إلا بما جاء في القرآن الكريم ، لأنهم جهال بالسنة ولهذا يشككون في أسانيد الأحاديث المتضمنة للسنة فيطعنون في رواتها وحفاظها.اهـ

والذي عليه أهل السنة والجماعة: أن الحديث إذا صح أفاد العلم والعمل ما لم يكن منسوخاً ، سواء كان متواتراً أو آحاداً ، لأنه وحي من الله عزوجل

قال حسان بن عطية (كان جبريل عليه السلام ينزل على النبي عليه الصلاة والسلام بالسنة كما ينزل بالقرآن) رواه أبو داود في المراسيل(٣٦١) والدارمي في مسنده(٦٠٨) وابن بطة في الإبانة(٢١٩)

وروى مسلم في صحيحه(٢٤٠٨) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعاً( وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا كتاب الله وتمسكوا به)

قال العلامة الفوزان في شرح أصول الإيمان(٣٠٩): قوله(وأولهما كتاب الله فيه الهدى والنور) وتدخل فيه السنة فهي من كتاب الله عزوجل وهي الوحي الثاني ، فالوصية بكتاب الله وصية بالسنة أيضاً لأن الله تعالى يقول(وما ءاتـٰكم الرسول فخذوه وما نهـٰكم عنه فانتهوا) فالسنة من عند الله عزوجل وهي وحي أوحاه الله إلى رسوله عليه الصلاة والسلام.اهـ

-السنة النبوية تفسر القرآن وتبينه:

السنة النبوية تبين ما أُجمل من القرآن وتفسره
وقد ، بوب الإمام الدارمي في مسنده - باب السنة قاضية على كتاب الله تعالى.
وساق بسنده(٦٠٧) عن يحيى بن أبي كثير قال(السنة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة)

وروى ابن عبدالبر في الجامع(١٧٠١) عن مكحول قال: (القرآن أحوج إلى السنة من القرآن إلى السنة).
يعني أن السنة النبوية تفسر القرآن وتبينه
مثاله قوله تعالى( أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)
بيين لنا النبي عليه الصلاة والسلام صفة الصلاة وشروطها وبيين لنا نصاب الزكاة والأصناف الزكوية وغير ذلك مما لم يذكر في القرآن الكريم.

قال الإمام ابن عبدالبر في الجامع(٥١٦): والبيان منه عليه الصلاة والسلام على ضربين:
- بيان المجمل في الكتاب: كبيانه للصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها وكبيانه لمقدار الزكاة ووقتها وما الذي يؤخذ منه من الأموال وبيانه لمناسك الحج ، لأن القرآن إنما ورد بجملة فرض الصلاة والزكاة والحج والجهاد دون تفصيل ذلك.
- وبيان آخر: وهو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وكتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع ، إلى أشياء يطول ذكرها.اهـ

قال الإمام الشاطبي في الاعتصام(١/١٠٧):
فإن السنة جاءت مفسرة للكتاب فمن أخذ بالكتاب من غير معرفة بالسنة زل عن الكتاب كما زل عن السنة.اهـ

- خطر من رد السنة:

قال سعيد بن جبير قال ابن عباس رضي الله عنهما ( تمتع النبي عليه الصلاة والسلام - أي متعة الحج - فقال عروة بن الزبير: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ،
فقال ابن عباس: ما يقول عُرية؟ قال:يقول:نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال ابن عباس: أُراهم سيهلكون أقول قال النبي عليه الصلاة والسلام ويقولون نهى أبو بكر وعمر)
رواه أحمد(٣١٢١) وصححه أحمد شاكر.

قال الإمام أبو داود في مسائله(٢٧٦) : قال الإمام أحمد( من رد حديث النبي عليه الصلاة والسلام فهو على شفا هلكة )


كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:48 PM
الرد الثلاثون: على عدنان إبراهيم في انكاره الصراط.

قال عدنان إبراهيم: ( ذكر الصراط لم يأت في القرآن الكريم وإنما ورد في آحاديث آحاد وأحاديث الآحاد لا تؤخذ منها عقيدة )

يجاب عليه:
بأن الصراط حق لا ريب فيه.
وهو بكسر الصاد لغة : الطريق الواضح.
وشرعاً: جسر منصوب على متن جهنم يمر عليه الناس على قدر أعمالهم.

وجاء في وصف الصراط أنه : أحدّ من السيف ، وأدق من الشعر ، دحض مزلة ، يمر عليه الناس على قدر أعمالهم ، منهم من يمر كلمح البصر ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كالفرس الجواد ومنهم من يمر كركاب الإبل ومنهم من يعدوا عدواً ومنهم من يمشي مشياً ومنهم من يزحف زحفاً وعلى حافتي الصراط كلاليب تخطف الناس.

ودل على وجوب الإيمان بالصراط الكتاب والسنة والإجماع.

- الكتاب:
قال تعالى ( وإن منكمـ إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظـٰلمين فيها جثياً )
قال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله(وإن منكم إلا واردها) قال: الصراط على جهنم مثل حد السيف) رواه ابن جرير في تفسيره(١٦/١١٠)

- السنة:
أحاديث الصراط كثيرة رواها جمع من الصحابة منهم أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وأنس وابن مسعود وأبي بن كعب وثوبان وعائشة رضي الله عنهم ، وأحاديثهم مخرجه في الصحاح والسنن والمسانيد.

ونص شيخ الإسلام في الفتاوى(١٦/٤٦٣) على تواتر أحاديث الصراط.

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم ، قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟
قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب فناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم). رواه البخاري(٧٤٣٩) ومسلم(١٨٣)

-الإجماع:
أجمع أهل السنة والجماعة على وجوب الإيمان بالصراط وأنه حق لا ريب فيه.
ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم منهم
ابن أبي حاتم في عقيدة الرازيين(١٠)

وقال أبو الحسن الأشعري في رسالة إلى أهل الثغر(٢٨٦): وأجمعوا على أن الصراط جسر ممدود على جهنم يجوز عليه العباد بقدر أعمالهم.اهـ

وقال ابن بطة العكبري في الشرح والإبانة(٢٠١): ونحن الآن ذاكرون شرح السنة ... مما أجمع على شرحنا له أهل الإسلام وسائر الأمة...ثم الإيمان بالبعث والصراط.اهـ

وقال السفاريني في اللوامع(١/١٩٠): اتفقت الكلمة على إثبات الصراط في الجملة.اهـ

- وأول من يعبر الصراط من الأمم أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، وأما الكفار فإنهم لا يعبرون عليه بل يساقون إلى جهنم.

قال الحافظ ابن رجب في التخويف من النار(١٧١): المشركون لا يمرون على الصراط وإنما يقعون في النار قبل وضع الصراط ، ويدل على ذلك ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام
قال( يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه فيتبع الشمس من يعبدها ويتبع القمر من يعبد القمر ويتبع الطواغيت من يعبد الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها)فذكر الحديث إلى أن قال(ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيزه).اهـ

وقال العلامة ابن باز في شرح الواسطية(٩١):
المؤمنون يردون الصراط وينجون وغير المؤمن لا يرده أصلاً ولا يمر عليه بل يساق إلى جهنم.اهـ

وقال العلامة ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب(١/٢٦٨): وأما الكافرون فإنهم لا يعبرون على هذا الصراط بل يحشرون إلى جهنم ورداً.اهـ

وقال لي العلامة الفوزان: الصراط يمر عليه المسلمون وأما الكفار فلا يمرون عليه.اهـ

- إنكار الصراط:
وأنكر الصراط المعتزلة والجهمية وغيرهم من أهل الزيغ والضلال ممن يرد النصوص الشرعية والإجماع ولا يحتج بها.
قال السفاريني في اللوامع(١/١٩٠): وأنكر الصراط القاضي عبدالجبار المعتزلي وكثير من أتباعه.اهـ

- حكم من أنكر الصراط:
قال العلامة ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب(١/٢٦٨): حكم من أنكر وجود الصراط إن كان جاهلاً فإنه يعلم حتى يتبين له ، فإذا بلغ بالأحاديث الواردة في ذلك فإنه يجب عليه أن يعتقده فإن أنكره مع علمه أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر به كان مرتداً كافراً لتكذيبه رسول الله عليه الصلاة والسلام.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر العنزي

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:51 PM
رد الشيخ محمد بن هادي المدخلي على المدعو عدنان إبراهيم

http://safeshare.tv/w/eubLauLcpT

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:52 PM
بيان حال عدنان إبراهيم للعلامة محمد بن هادي المدخلي
وفي المقطع بعض ضلالات عدنان إبراهيم بصوته.

من هنا��ا
http://www.safeshare.tv/w/PAQCXdRlKO

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:54 PM
هناك شخص يطعن في معاوية رضي الله عنه
جواب الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله.


http://www.safeshare.tv/w/AiMqwbVXhg

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:55 PM
انكار عدنان إبراهيم لنزول عيسى عليه السلام وبيان حكم من أنكر ذلك للعلامة الفوزان حفظه الله.

http://www.safeshare.tv/w/XAUgHJgigr

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:57 PM
طعن وإستهزاء الخبيث عدنان إبراهيم في الصحابي معاوية رضي الله عنه ،
وطعنه في الإمام ابن كثير رحمه الله.

http://www.safeshare.tv/w/rKjFXleSwF

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 08:58 PM
الخبيث عدنان إبراهيم يقول أن العقيدة السنية أخطر من الشيعية
وأن معاوية ( دجال ) عياذاً بالله

http://www.safeshare.tv/w/ToyMemLLXY

ا

عدنان إبراهيم يقول عدم جوازالطعن في الصحابة فكرة أموية
من هناا

http://www.safeshare.tv/w/AmEPgwpOtU

اا

طعن الخبيث عدنان إبراهيم في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه
، وطعنه في الصحابة رضي الله عنهم وأنهم خذلوا عثمان رضي الله عنه.

من هناا
http://www.safeshare.tv/w/RqbdDBKiZv

اا

الخبيث عدنان إبراهيم ينكر خروج المسيح الدجال
وينكر ويكذب كل أحاديث الدجال
ويقول عن أحاديث الدجال كذب وكلام فارغ
ويطعن في العقيدة
وينكر صفات الله عز وجل

ويستدل بالمودودي ! .

من هناا
http://www.safeshare.tv/w/SPBgYCUqnh

اا

شهادة الدكتوراه : عدنان ابراهيم يشتاط غضبا ويخرج عن حدود الأدب لأن الدكتور محمد الداهوم شكك فيها
ولكن لا مانع تشكك بالله.

من هناا
http://www.safeshare.tv/w/dgrubekTYF


طعونات الضال عدنان إبراهيم بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وإنكار بعض المسائل الشركية التي حذر منها شيخ الإسلام رحمه الله.

من هناا
http://www.safeshare.tv/w/EquTQwjYvp

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:00 PM
نصيحة و رد من الشيخ الفاضل علي الرملي حفظه الله على عدنان إبراهيم.

احذر ! أنت تسمع لمن يدعوك إلى الخلود في جهنم باسم الإسلام !!

قال النبي صلى الله عليه وسلم : "دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»
قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: «هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا» متفق عليه
وقال " " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالما، اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا، وأضلوا " أخرجه البخاري .

من هذين الحديث نعلم أن بيننا أناسا يدعوننا إلى النار باسم الإسلام وهم إما جهال أو لهم غاية إفساد عقائد المسلمين ودينهم .

لذلك قال محمد بن سيرين : «إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم»

فالمدسوسون بينكم كثير وخصوصا في هذا الزمن الذي كثر فيه من يبيع دينه بقليل من المال .

ونحن كلما جاءنا شخص حلو اللسان بهلوان في حركاته على المنبر أقبلنا عليه وسمعنا له وضيعنا ديننا .
إخواني المسألة إما جنة أو نار وأنت اختر لنفسك .
أنا أنصحك أن لا تأخذ دينك إلا عن موثوق وأن لا تثق إلا بمن اشتهر بالخير والصلاح والنصح لدين الله وللمسلمين وأثنى عليه العلماء الثقات ويفتي بكتاب الله وسنة رسوله ولا يبالي بما يرضي الناس أو غيرهم .

من الدعاة إلى جهنم في زمننا وهم كثير لا كثرهم الله :
طارق السويدان الذي يجوز الاعتراض على الله وعلى الإسلام وهذا كفر بواح عند علماء الإسلام وله ضلالات كثيرة جدا .

ومنهم عدنان إبراهيم الذي يجوز لليهود والنصارى أن يبقوا على دينهم إذا اعترفوا بمحمد نبيا وهذا كفر بالاتفاق مكذب بقول الله تبارك وتعالى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

قال النووي في روضة الطالبين نقلا عن القاضي : وأن من لم يكفر من دان بغير الإسلام كالنصارى، أو شك في تكفيرهم، أو صحح مذهبهم، فهو كافر، وإن أظهر مع ذلك الإسلام واعتقده .

ولعدنان إبراهيم طعون شديدة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . والله المستعان .

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:03 PM
ستتواصل السلسلة النقدية لمنهج و عقيدة ألا عدنان ابراهيم .

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:09 PM
الدكتور عبدالرحمن الدمشقية يرد على عدنان ابراهيم فى عدة قضايا

https://www.youtube.com/watch?v=3KOy_fUTp34

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:10 PM
الشيخ عبدالرحمن الدمشقية يفضح الدجال عدنان إبراهيم


https://youtu.be/6a-dgCfys48

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:12 PM
الدكتور عبدالرحمن الدمشقية (عدنان إبراهيم أم عدمان المفاهيم)

وصدق الدمشقية فهو عدمان للمفاهيم

https://www.youtube.com/watch?v=VpdTRVjM-9U

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:16 PM
رد الشيخ عبدالرحمن دمشقيه على تدليس عدنان ابراهيم


https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=dJeDU4J_qd0

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:17 PM
الرد على عدنان ابراهيم - الشيخ عبدالرحمن الدمشقية


https://youtu.be/3KOy_fUTp34

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:19 PM
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=3KOy_fUTp34

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:20 PM
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=WZEROThkrZg

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:22 PM
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=jYh7z5NexmM

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:25 PM
https://youtu.be/zort2tbm24k

خطاب أسد الدين
10-02-2015, 09:26 PM
http://www.youtube.com/watch?v=5oIrp1loES8

http://www.youtube.com/watch?v=KiZEHS66_Fo

http://www.youtube.com/watch?v=VNewMscalQE
_

خطاب أسد الدين
10-03-2015, 03:26 AM
سأستكمل جمع الردود ,حتى يكون الموضوع ارشيف للردود ,و كذا للتيسير للباحث والقارىء عن اى شبهة .

العصفور الطائر
10-03-2015, 06:08 AM
بارك الله فيكم في كشف اباطيل هدا الدجال دجال النمسا العظيم

خطاب أسد الدين
10-05-2015, 09:48 PM
بارك الله فيكم في كشف اباطيل هدا الدجال دجال النمسا العظيم

وفيك بارك الله ,,,,

فهذا الدجال ما هو إلا صنم قد آن لنا ان نحطمه ,فقد مر بفترة انبهارية للناس ,والانبهار يفقد ملكة النقد والتمييز لدى الانسان ,فأستطاع ان يمرر باطله.

خطاب أسد الدين
10-07-2015, 11:27 PM
فى سلسلة الفلسفة الاسلامية فى الدرس الثالت فى الدقيقة 18 الى 20 يقول عدنان ابراهيم ان علماء المسلمين فى الماضى كانو منفتحين وليسوا كهؤلاء قال الله قال الرسول لا فى فكر ولا ادب ..

لاحول ولا قوة الا بالله.

وهل الادب ان ننسلخ ان نتزندق وهل الفكر فى نظرك كفر ؟
ومن قال اننا ضد العلم والتقدم العلمى والانفتاح ,وانما نحن نغربل الوارد ,فعندما اخدنا من الحضارة اليونانية فى الطب والرياضيات والفلك لم نأخذ منها تعدد الالهه والوثنيات ,والانحلال الاخلاقى .

خطاب أسد الدين
10-14-2015, 05:48 AM
https://youtu.be/N-oKMOV27aM

خطاب أسد الدين
10-14-2015, 05:52 AM
حقيقة الدكتور عدنان إبراهيم المتشيع
داود العتيبي

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فما تزال الأيام حبلى بالظالمين والمُفسدين، ولا يفتأ أعداء الإسلام من الكيد له والطعن فيه، وفي كل حين نسمع فتنتة مُضلة يذهب ضحيتها من لم يسلح نفسه بسلاح العلم والعقيدة وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وفتنتة هذه الأيام الدكتور عدنان إبراهيم..
هذا الرجل من مواليد غزة لكنه مقيم في النمسا وله مركز إسلامي ومسجد جعله كمسجد ضرار للتفريق بين المؤمنين.
لقد ابتدأ منهجه ودينه بالطعن في معاوية رضي الله عنه ثم هبط ليطعن في أزواج النبي ثم في أبي هريرة ثم أنس بن مالك ثم طلحة بن عبيد الله ثم المغيرة ثم أبي بكر وعمر ثم جملة الصحابة ثم العلماء فلم يدع منهم أحدا ولم يذر.
ثم في بني أمية والعباسين أجمعين إلى ءاخر طعوناته.
ثم مدح الشيعة الإمامية وأثنى على علمائها كالصدر وعلي شريعتي وياسر الحبيب الطاعن في أم المؤمنين.
ثم يعترض على أهل السنة عموما ويصفهم بأوصاف التضليل والتجهيل والنقص.
ثم يعترض على الدين ويشطح شطحات عجيبة في الفقه ويعترض على الدين بأقل شيء لأنه لا يوافق عقله، لا يعجبه عجب ولا صيام في رجب وكأنه لم يفهم الدين أحد إلا هو.
هذا الرجل له ذكاء وخبث ودهاء متكلم لَسِن له إحاطة بعلوم عصرية وإطلاع كبير على الفلسفة القديمة والحديثة وحافظة فلا عجب أن يجذب بهذه الأوصاف قلوب الضعفاء والمساكين.
ولا يغرنكم مدحه أحيانا للصحابة ولبوس أهل السنة والجماعة فما هو إلا اصطياد!

ولقد أتي عدنان إبراهيم من عدة أشياء ضل فيها وأضل:

أولا: ليس له شيخ ولا عالم ثنى ركبته عنده ودرس عليه، بل شيخه كتابه، وكما قال العلماء من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه، وهذا الصفة كفيلة بأن يترك المؤمن سماع كلامه خاصة في باب العقيدة.
لذلك هو حاطب ليل وجمَّاع ضلالات.

ثانيا: يعتمد على المصادر الشيعية في التاريخ والصحابة ويقدمها على مصادر أهل السنة بل يصف مصادرنا بالتزوير والكذب والبهتان.

ثالثا: اغراقه في الفلسفة ويبدو أنه بلع بعضها وما استطاع تقيأها.

رابعا: تحكيمه للعقل القاصر على الشريعة.

خامسا: مزاجه النكِد ولسانه السليط والشتام، فإذا ما غضِب أغمض عينيه وحرك يديه وجسده وأطلق لسانه منفلتا لا يلوي على شيء.

لذلك اختلفت أوصاف الفضلاء فيه فمنهم من قال شيعي متستر ومنهم من قال زيدي ومنهم من قال صاحب فتنتة.

وأرى والله أعلم أن كل هذه الأوصاف تُعبر عن شيء من دينه وعقيدته فهو كما سبق حاطب ليل، إلا أن الأظهر والأقوى أنه شيعي متستر يستخدم التقية ويتزيا بثوب أهل السنة ليطعن في الدين من داخله على طريقة عبد الله بن سبأ مع المسلمين وبولس مع النصارى وهو شبيه بحسن السقاف ومحمد التيجاني التونسي صاحب كتاب " ثم اهتديت "، بل ضل.

والخلاصة: أن المسلم لا يتورع عن انتزاعه من أهل السنة والجماعة.

ولئن تورع بعضهم من وصفه بالشيعي في عموم أحواله فقد يكون معه جانب حق لأن عدنان إبراهيم لا يقول بالإمامة وهي ركن من أركان الإسلام لدى الشيعة ويخالفهم في بعض الأمور.
إلا أنه لا يستبعد أن يفعل هذا تقية ليلعب على سذج المسلمين ويستدرجهم إلى فخاخه الملغومة.
خاصة وأنه المغرم والعاشق لدين الرافضة ومنهجم.
وقد يكون مفكرا حرا لا ينتمي إلى مذهب إلا أنه تم استدراجه من الشيعة واستغلاله فهو مطرق الرأس غامض العين لدى ذكرهم.
وتابعت بعض جمهوره فرأيت كثيرا منهم شيعة رافضة يُطبِّلون ويزمرون حوله ولا عجب فهو داعية إلى دينهم باحتراف ولن تسمع ردا منه عليهم إلا شذرات صغيرة..
فإذا كان ثلثي متابعيه رافضة والثلث الآخر منقسم بين أناس "تنويريين" يقدمون عقولهم القاصرة على الشريعة ومساكين من أهل السنة يسمعون كلمة أو كلمتين وفلسفة أو فلسفتين فيقولوا هذا إمامه عصره وفريد دهره، فيكفيك أن تحكم على دينه بالخلل.
ولذلك تراه يلبس السواد في ذكرى كربلاء ويتكلم بلسان لا تفرق بينه وبين الرافضة ويطعن في الصحابة وفي أهل السنة ويقول عنهم إنهم لا يحترمون آل البيت ولا يقدرونهم قدرهم!!
وبعد هذا أتريدون منا أن نقول من أهل السنة؟ كلا والله، بل هو شيعي متستر خبيث على الصحابة وعلى أهل السنة ماكر خداع.
ولئن لم يكن شيعيا فهو قطعا ليس بسني بل صاحب دين جديد، يريد تفريق الصف فيجعله ثلاثة صفوف بدل أن يكون اثنين.
هذا مجمل حاله! ومن أراد التفصيل فليكمل قراءة هذا المقال، ولم آت بشيء من عندي بل هذه مختارات من كلامه في خطبه وفتاويه في موقعه لتكونوا على بينة من أمر هذا الشيعي.
وكل مسلم يعلم زورها وبهتانها لأن القول بها يخالف دينه وإسلامه.

وإذا ذكرت مسألة لم يقلها في خطبه فليراجعني المُراجع، فهذه نقولات من خطبه: عدالة الصحابة، عائشة في النار؟!، و بين يزيد والحسين، وسلسلته عن معاوية، وسلسلته في الفلسفة وغيرها.

أولا: طعنه في معاوية رضي الله عنه:

وجعلته أولا لأنه بوابة الرفض وبوابة الطعن في سائر الصحابة. فيقول عنه: دعِي بن دعِي، ويصف ابنه يزيد بأنه ابن حرام ويصف ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة معاوية أنها كانت تهوى سرجون خادم معاوية ويلعن معاوية لعنا قبيحا.
ويصفه بأنه دجال عظيم، وعنده عقدة جنسية، وغير ذلك كثير من التهم والنقائص.
نقول: معاوية رضي الله عنه صحابي مشهود له بالجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا". قالت أم حرام: قلت يا رسول الله! أنا فيهم؟ قال: " أنت فيهم". ثم قال النبي: "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم". فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: "لا". أخرجه البخاري
ومعلوم أن أول جيش غزا البحر هو جيش معاوية، وثبت أن النبي صلى الله وسلم قال فيه: "اللهم اجعله هادياً مهدياً واهده واهد به" أخرجه أحمد وغيره.
و سئل الإمام أحمد عن رجل يشتم معاوية أيصلى خلفه؟ قال لا ولا كرامة.
سئل أحمد عن من ينتقص في معاوية وعمر بن العاص أيقال له رافضي: قال إنه لم يجترأ عليهما وإلا وله خبيئة سوء.
بل قال عبد الله بن المبارك: تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز.
وأنا أقول تراب في أنف فرس معاوية خير من ملئ الأرض مثلك يا عدنان إبراهيم.
وقد نص على فضله وإمامته علماء الأمة وأعلامها وقد روى عنه كثير من الصحابة أحاديث عدة وهذا فضل عظيم له، وصرح بفضله غيرهم من التابعين والعلماء كسعيد بن المسيب، وأحمد بن حنبل وابن المبارك والمعافى بن عمران والميموني وسائر أعلامنا كالبخاري وابن الجوزي وابن كثير والطبري وابن عبد البر وابن حجر العسقلاني وغيرهم كثير نصوا على فضله وصحابيته وأن الطاعن فيه خبيث الطوية.
وقد مدح عدنان قديما بعض الذين لا يوثق بقولهم كالبوطي، والعجيب أن البوطي نفسه ترضى عن معاوية وعن الصحابة أجمعين وقال هم صحابة رسول الله، فإلى من ينتمي عدنان وإلى أي شريعة نحاكمه؟

ثانيا: طعنه في عائشة رضي الله عنها:
يقول عائشة بِدائية جاهلة وذلك لأنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم مهما يكتم الناس يعلمه الله؟ ويقول إنها رجلة، تركب الفرس، ومعنى رجلة أنها تتشبه بأفعال الرجال.
وهذا لعن منه لها!! لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجلة من النساء.
ثم يتورع من أن يقول: عائشة في الجنة فيقول الله اعلم بحالها!!
ثم يحرك أصابعه محاكاة لسير عائشة، وتشير الأصابع إلى السخرية والاستهزاء كأنه يصفها بأنها طفيلية لأنها تبِعت النبي صلى الله عليه وسلم ليلا.
ويقول: عائشة مبطلة وعلى باطل، وهي ضرس بِتَخوِّف ولذلك اشتراها معاوية بالمال حتى تسكت. ويقول حديث "من أحب الناس قال عائشة" أنا لا أقبل هذا الحديث.
قلت: فلا أدري كيف يليق هذا الوصف بأفقه نساء العالمين وأم المؤمنين! ليس إلا الرفض.
وقد قال الله في أزواج النبي " وأزواجه أمهاتهم "، وقد اخترن الله ورسوله والدار الآخرة فأعد الله لهن أجرا عظيما.

ويقول: كان بينها وبين طلحة بن عبيد الله حب.
قلت: هذا كذب وزور وقاتله الله وقطع لسانه يطعن في الشريفة ابنة الشريف ويتهم أحد العشرة المبشرين بالجنة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ".
قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قِيلَ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا.
والذين ندين الله به أنها زوجته في الجنة، وقد أقرأها جبريل السلام، وقد مات النبي في حجرها وكان يسأل أين أنا أين أنا رجاء ليلتها.

فليخسأ عدنان وليمت بغيظه.
===يتبع

خطاب أسد الدين
10-14-2015, 05:53 AM
ثالثا طعنه في أبي هريرة:

يقول أبو هريرة أسلم من أجل بطنه، أسلم من أجل الخِرفان، حتى ضجِر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: زر غبا تزدد حبا.
ويتهمه بأن بني أمية أعطوه الأموال ليروي الأحاديث لهم.
قلت: هذا كذب وزور، والطعن في أبي هريرة طعن في الدين كله.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله "اللهم حبب عُبَيْدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني " رواه مسلم.
اللهم فإنا نشهدك على حبه وعلى بغض عدنان.

رابعا: طعنه في أبي بكر:

يذكر حادثة مكذوبة مدسوسة لا أصل لها ولا سند.
وهي أن أبا بكر خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد، وقال اشهد لنا يا رسول الله، فقال يا أبا بكر: لا أدري ماذا تحدثون بعدي، شهداء أحد ختم لهم بخير، وأنا أشهد لهم، أما أنتم فما زلتم أحياء، لا أدري ما تحدثون بعدي، هل تكونون على الدرب ولّا بِتْغَيروا وبِتبَدْلوا.
هكذا يقول بطريقته الاستهزائية.
قلت: يكفيه شرفا أنه ثاني اثنين في الغار وصحبته لرسول الله وشهادته له بالجنة، وقتاله المرتدين، بل إن عدنان إبراهيم صرح بلسانه قائلا: لولا أبو بكر ما كان الإسلام، ولكنه اضطرب واختلط وتشيع وضل.

خامسا طعنه في عمر:

يقول: عمر لا يمثل الإسلام دائما ولا أبدا، في جوابه على سؤال طرح عليه.
ويصف عمر رضي الله عنه لأنه اجتهد في قسمة الغنيمة " هذه مشكلة توجب الردة والزندقة.
قلت: ويكفي شرفا لعمر أنه ثاني خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم وأن القرءان وافقه في كثير من مسائل الدين ولا يطعن فيه إلا خبيث.

سادسا: طعنه في عدة من الصحابة:
يقول عن أنس بن مالك: أكثر ما يروي أحاديث جنسية.
ويقول عمر بن الخطاب كان يعرف أن ابنه عبد الله بن عمر نسونجي لا يصلح للخلافة.
يقول: عثمان لما حكم أطلق يد معاوية ورخص له كل شيء لأنه ابن عمته وأطلق العنان لبني أمية في أموال المسلمين وأعراضهم.
يقول عن الحكم بن العاص: حقير لعين لعنه الله.
وينتقص انتقاصا ظاهرا من الصحابة الذين طعموا مع النبي صلى الله عليه وسلم ويقول عنهم طفيليين وأصحاب سوالف وكلام فاضي والنبي مش فاضي لهم.
ويقول: جالسين في بيت النبي وحجرة واحدة زينب وجهها للحيط وظهرها لهم.. هدول جالسين شوف الأدب في ناس ثقلاء حتى من الصحابة، ويصفهم بأنهم طلبوا من النبي متكأ حابين يناموا.. عاملين فيها قصص وأحاديث مقهى أبو العبد.. طرفة ونكتة هو فاضي النبي؟
ويقول: بعض الصحابة كان لا يستحي أن يأكل مع النبي وزوجة النبي قبل نزول الحجاب.
وقال الخبيث: أحيانا تجول يده في الإناء فتلمس يده يد زوجة النبي، فيلاحظ النبي ولا يعجبه، بعض الصحابة بحب يلمس يد زوجة النبي.
قلت: وهذا اتهام لعرض النبي صلى الله عليه وسلم بل هو اتهام لخاتم الأنبياء بالدياثة.
ويقول: النبي يعرف الصحابة فيهم الفاجر وفيهم المنافق وفيهم لعن الله والديه.
وأحيانا يستخدم التقية فيقول: علي أبو بكر عمر عثمان نحبهم والباقي ما لنا دخل فيهم.
قلت: كلامه هذا كله مليء بالزور والبهتان والضلالة على أصحاب رسول الله والطعن فيهم.
قال تعالى مبينا فضلهم: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ".
وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"

سابعا: طعنه في جملة الصحابة:

يؤكد عدنان إبراهيم دائما على أن الصحابة ليسوا مقدسين ويهتك هذا الحجاب ويقول انتقدوهم لا تسكتوا عليهم، ومعلوم أن منهج أهل السنة والجماعة هو الكف عما شجر بينهم، وأن الصحابة دائرون بين الأجر والأجرين، فمن اجتهد وأخطأ له أجر ومن اصاب فله أجران.

قال الحافظ ابن حجر: اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة عَلَى وُجُوب مَنْع الطَّعْن عَلَى أَحَد مِنْ الصَّحَابَة بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ عَرَفَ الْمُحِقّ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُقَاتِلُوا فِي تِلْكَ الْحُرُوب إِلَّا عَنْ اِجْتِهَاد، وَقَدْ عَفَا اللَّه تَعَالَى عَنْ الْمُخْطِئ فِي الِاجْتِهَاد , بَلْ ثَبَتَ أَنَّهُ يُؤْجَر أَجْرًا وَاحِدًا وَأَنَّ الْمُصِيب يُؤْجَر أَجْرَيْنِ.

وقد نص على ذلك غير واحد كالقرطبي وابن أبي زيد القيرواني وابن بطة وأبو زرعة الرازي وغيرهم كثير.

فمن عدنان إبراهيم أمام ابن حجر وأحمد بن حنبل وسائر العلماء؟ لا شيء خردلة!
وقال الميموني: قال لي أحمد بن حنبل: يا أبا الحسن، إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام.
وإنا نتهمك على الإسلام يا عدنان إبراهيم.
وقال أبو زرعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة.
ويقول إن من أسلم بعد صلح الحديبية ليس صحابيا، فعنده خالد بن الوليد وأبو هريرة وأبو موسى الأشعري وغيرهم كثير ليسوا صحابة أبدا.
ويقول ليس كل الرضوانيين والبدريين في الجنة لأنه بعضهم نكص على عقبيه.
وإن نبرأ إلى الله من عدنان إبراهيم لأنه خالف أهل السنة قال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا"
وقال ابن حزم - يرحمه الله- في الملل والنحل: فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما فى قلوبهم ورضى الله عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف فى أمرهم ولا الشك فيهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة، أخرجه الترمذي.
والنبي صلى الله عليه وسلم أصدق من عدنان.
وأهل بدر مغفور لهم، وذلك أن عمر بن الخطاب استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليقطع عنق حاطب بن أبي بلتعة فقال النبي: " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفر لكم" فدمعت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.
فنزول الدمع من عيني عمر فهم لذلك، وإن الترجي في كلام الله وكلام رسول الله للوقوع كما قال ابن حجر.
إلى غير ذلك.

ثامنا: طعنه في علماء الإسلام:

يقول ابن تميمية ناصبي عاشق لبني أمية، والذهبي ناصبي هواه أموي، ابن حزم ناصبي، ابن كثير وابن عساكر يؤرخان لبني أمية، الهيتمي هواه أموي، ثم ينتقص الطبري وينقد أسلوبه في التاريخ وطريقته مفضلا غيره ممن لا يعرف نسبه ولا دينه من الغربيين.

يقول عن كتاب العواصم من القواصم لمؤلفه ابن العربي المالكي رحمه الله، كتاب تضليل وتزوير وبهتان فيقول: عواصم ابن العربي قواصم النصب والبغض لا أهل البيت والكذب على الله والرسول والأئمة والتواريخ وعلى العقل والشواهد والحس والضرورات.

قلت: ولعل حقده على هذا الكتاب دليل ظاهر وحجة دامغة على أنه شيعي مقيت فهذا الكتاب قاصم ظهر الرافضة.
وينتقص من أحمد بن حنبل وكذلك الذهبي لأنهما نقدا أحاديث لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ويقول: مشايخ اليوم أستحي ان أقول عنهم نساء ولا صبيان ولا حقراء بل هم ذباب وصراصير وفئران وأرانب.
يقول: هذه الأمة حُكمت بالطواغيت ألف وأربعمئة سنة من هؤلاء الطغاة الفقهاء وقال: علماؤنا ضللونا فكر متخلف ومنحط.
ويقصد علماء أهل السنة.
قلت: فمن بقي؟ لم يبق إلا أن تكون شيعيا رافضيا سبئيا.
يتبع===

خطاب أسد الدين
10-14-2015, 05:55 AM
تاسعا: طعنه في البخاري ومسلم وفي المحدثين:

يقول إذا جاء الحديث وأثبتت التجربة أنه مخالف لها فرده ولو كان متصل السند في البخاري وإلا كنت أهبلا، وإذا أثبت التاريخ ما يخالف البخاري ومسلم فردههما وعليك أن تقول هذا كذب وغلط.

ويقول يجب أن نعيد النظر في مئات من الأحاديث في البخاري ومسلم.
ويقول: المحدثون هم الجهاز الإعلامي لبني أمية.
قلت: وكانت كلمة أهل السنة والجماعة أن البخاري وسلم هما أصح الكتب بعد كتاب الله، وأجمع جهابذة الحديث على توثيق البخاري وأمانته ولم يخالف في ذلك إلا أهل الضلالة من الرافضة وغيرهم.

عاشرا لمزه وغمزه بأهل السنة:

يقول أهل السنة مقصرون في محبة آل البيت ويقارنهم كثيرا بالرافضة ليفضل الرافضة عليهم، ويقول مشايخ اليوم حمير وضلال لا تقوى ولا ورع ولا إنصاف ويكذبون علينا.
ويقصد بالكذب المعهود لدى الرافضة.
ويقول: أهل السنة لم يحفظوا وصية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك لا يحزنون لمصابهم ولا يدافعون عنهم.
ويقول: بنو أمية والعباسيون دجالون كذابون أكثر من آذى النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وكلنا يعلم ما فعلت دولة بني أمية كيف نشرت الإسلام والعلم، ولا يعني هذا خلوهم من الزلل، إلا أنهم داخلون في حديث النبي صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ".
وكانوا حماة الإسلام وفتحوا البلاد ونشروا الدين في الأصقاع، ولهف نفسي ما فعل الرافضة أحباب عدنان في الأمة الإسلامية؟

الحادي عشر ثنائه على الشيعة:

هو كثير التبجيل والتعظيم لهم، ويثني على علمائهم كمحمد باقر الصدر، والمدعو علي شريعتي، وياسر الحبيب، وما أدراك ما ياسر يقول عنه: هو ليس كاذبا بل لا إنصاف عنده، وينكر على أحدهم حين لعنه، وقال: أنا أدعو لياسر حبيب بالهداية من كل قلبي.

ويقول: مذهب الشيعة الإمامية في الصحابة أقل خطرا على العقول والنفوس من مذهب أهل السنة والجماعة.
يقول: الشيعة إخواننا، وهو مذهب أنت مخير أن تكون حنبليا أو شافعيا أو إماميا.
ويمدح الطبرسي الرافضي اللعين صاحب كتاب: فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب "
ويمدح مسجدا شيعيا حين دخله وقال شيء جميل بوحدوا الله.
وقال: خل الشيعة يعبدوا عليا ويألهوه ما دام يقفون في وجه الظالم.
يقول: موازين أهل السنة غلط وموازين أهل الشيعة أصح.
قلت: ولا أظن لبيبا يشك في تشيعه بعد ذلك.

متفرقات وضلالات وكفريات:

-الرجل إمام في التناقض وله ضلالات كثيرة منها:

يقول إن القسمة للذكر مثل حظ الأنثيين في الميراث هذا كان صالحا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أما الآن فيجب أن تكون القسمة سواء، لأن مسألة الميراث مسألة اقتصادية.
وهذا اتهام لله ولدينه ولنبيه، قال الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: تركتكم على المحجة البيضاء..
فالدين كامل ومن زعم نقصانه فقد ضل سواء السبيل وهو صالح لكل زمان ومكان، وقد تولى الله تعالى قسمة الميراث بنفسه.

-لا يعتد بإجماع بل ينكره ويخالفه بجراءة ويقول لا تقل لي إجماع المهم أنا أقتنع.

قلت: وقد كفر بعض العلماء من أنكر الإجماع القطعي الذي أجمع عليه الصحابة ومن بعدهم إذا كان معلوما من الدين بالضرورة.

ومن الكفريات قوله:

لا يوجد مسلم يبرهن بشكل قاطع أنه على حق، ويقول أعرف سيكفرونني بهذه الكلمة.
ويقول: لا تظن أن فكرك الإسلامي صحيح، قد يكون الحق بجانب عدوك.
ويقول: الله لم يقل نحن المسلمون على حق مطلق، والله قرر أن أهل الكتاب عندهم كثير من الحق ولم يقل هم على باطل.
بل يقول إن اليهودي والنصراني الذي لا يقول بالتثليث إذا كان مؤمنا بالله واليوم الآخر يدخل الجنة وهو على خير.
ويقول: أعتبر نفسي أخالف إجماع الإسلام الذي يقول بأن من لم يسلم فإنه في نار جهنم، وأعرف بأنهم سيتكلمون علي وهذا لا يهمني.
يقول: اليهودي والنصراني إذا لم يتبع محمد ولكن ءامن بمحمد نظريا من غير متابعه فله كفل من رحمة الله وإن اتبع له كفلان.
ويقول: لا يستطيع أحد أن يتدخل في أفكاري بل أفكاري حرة الوحيد الذي يستطيع أن يعبث في أفكاري هو الله!!
قلت: وهل يعبث الله؟ قال تعالى " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا "

وينقل كلاما لأحد الغربيين فيقول هذا الغربي: أنا استهدف النفاذ إلى عقل الخالق.
فيقول عدنان: اللغة تخرِّجه من كلامه، يا اخي لا تكن سلفيا خذ المعنى الله يخليك المعنى صحيح.
وينقل كلاما لأحدهم: الرب مختلط بالإنسان والإنسان متمثل بالإله.
فيعتذر له ويتسمح.
قلت: وهذا منه عجيب حين يعتذر للملاحدة الكفرة ولا يعتذر لأصحاب رسول الله بل يفتش عنهم وينقب.
وقد خالف الله وخالف رسول الله في كلامه.
فقد أجمع العلماء على أن من لم يكفر النصار كافر، وأنه لا يقبل دين غير الإسلام.
قال تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.

-وصف النبي صلى الله مرة بأنه كان "نزقا " والنزق سوء في الخلق وخفة في العقل.

ويقول عنه: باعتقادي أن الرسول كان يتعرض للشك وهذا ليس عيب وهو القائل "نحن أحق بالشك من إبراهيم"، ويقول إن كلام العلماء فارغ بأن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم لو شك شككت أنا وأنه من قبيل التواضع.

ويقول عدنان: كأن الشك نقيصة عندكم؟ في الأدبيات: اليقين لا يكمن إلا في الشك.
ونقول: قال تعالى " أفي الله شك فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم.. "
فمجرد الشك كفر والعياذ بالله.
وأما معنى الحديث فكلام العلماء هو صواب وكلام عدنان هو الفارغ والمردود على وجهه:
قال السيوطي في شرح صحيح مسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم معناه أن الشك يستحيل في حق إبراهيم فإن الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقاً إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أن إبراهيم لم يشك.
وإنما خص إبراهيم لكون الآية قد يسبق منها إلى بعض الأذهان الفاسدة احتمال الشك، وإنما رجح إبراهيم على نفسه تواضعاً وأدباً أو قبل أن يعلم أنه خير ولد آدم.
فهل الدين ناقص وغير مفهوم حتى جاء عدنان فكمّلَه وفهمه؟

-يقول: كلام علي فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق.

قلت: وهذا غلو فيه فأبو بكر وعمر أفضل منه، وما صدرت إلا من الشيعة ومن والاهم.

- يخص الحسن والحسين وأحفادهم بقوله عليهم السلام، وكان الأليق به استخدام هذا السلام على جميع آل البيت آل عقيل وآل العباس وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم.

-يرى أن الصحابي لا يكون صحابيا إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين.

نقول: قال النووي رحمه الله: فأما الصحابي فكل مسلم رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ولو لحظة هذا هو الصحيح في حده وهو مذهب أحمد بن حنبل وأبي عبد الله البخاري في صحيحه والمحدثين كافة.

وهم أعلم وافهم وأجل من عدنان إبراهيم.

ومن تناقضاته: وتستطيع القول بأنها تقية فيظهر السنية ويخفي التشيع:

فمرة يقول لا دين إلا الإسلام ومرة يدخل اليهودية والنصرانية الجنة.
ومرة ينكر النسخ ثم يثبته في الآية التي أمرت بالصدقة قبل النجوى.
ينكر حد الردة ثم يثبت أن الخلفاء الراشدين فعلوه جميعا ويرد على العلمانيين في إنكارهم.
ومرة يثبت أن أزواج النبي من آل البيت وأنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ومرة يخرجهن.

آخر شيء المضحكات فمنها:
يروي رواية مضحكة كعادة الرافضة فيقول: جاءت امرأة إلى علي بن أبي طالب فقالت له: إني أبغضك.
قال: أنت سلقلق، قالت وما سلقلق؟
قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تبغضك امرأة إلا وهي سلقلق.فقلت يا رسول الله وما السلقلق؟
قال المرأة التي تحيض من دبرها.
فقالت صدق رسول الله وأنا أحيض كذلك ولم أخبر أهلي.
وفي تفسير التين والزيتون: يقول التين إشارة إلى إلاه بوذا ويذكر قصة خرافية ليستنتج أن الأديان أربعة: إسلام يهودية نصرانية بوذية.
ويقول معنى إنا أعطيناك الكوثر، يقول هو نسل محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا تفسير الرافضة لهذه الآية.
ومن المضحكات أيضا أن يقول عن نفسه بعد كل هذا إنه شافعي أشعري! فأي أمة يخادعها هذا المسكين؟

ختاما:

نسأل الله العفو والعافية من الضلال بعد العلم والزيغ بعد الهدى، كما رأيتم أحبتي ضلال هذا الرجل وتشيعه وخروجه عن منهج أهل السنة والجماعة لذلك وجب التحذير منه وحرمة السماع له، والسعي لإصدار فتاوي العلماء في حقه حتى يُقطع دابره.

وقد بذل الشيخ عثمان الخميس والشيخ محمد الداهوم جهودا مشكورة في الذب عن الصحابة وفي بيان ضلالات هذا الرجل، خاصة الشيخ محمد الداهوم فقد أفرد له أربعة دروس تقصى فيها كثيرا من ضلالاته وبين منهج أهل السنة.

وقد رأيت من عدنان ابراهيم امتعاضا شديدا نتيجة كلام الأسد الهصور الشيخ عثمان الخميس ولكن هذا لا يكفي لرد شبهه وضلالاته، وأرجو أن يكون ما كتبت بداية وليس نهاية وأن تكون إثارة لغبار هذا الرجل حتى يجتهد أحفاد الصحابة رضي الله عنهم وحفيدات عائشة رضي الله عنها للانتصار والله أعلم.


داود العتيبي
ashafi3i@hotmail.com