المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ



حسين شوشة
10-22-2015, 01:28 PM
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
بأن الله تعالى رءوف رحيم, رحمته وسعت كل شيء ,وهو غني عن العالمين .وهو كذلك غفور رحيم .وهو كذلك عفو يعفو ويصفح
ولا يمكن أن يتصور انسان أن الله يحب الانتقام ,لأن الله لا ينتقم إلا ممن يستحق الانتقام منه
قال تعالى (مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا)
يقول بن كثير في تفسير هذه الآية
ثم قال مخبرا عن غناه عما سواه ، وأنه إنما يعذب العباد بذنوبهم ، فقال : ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ) أي : أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله ، ( وكان الله شاكرا عليما ) أي : من شكر شكر له ومن آمن قلبه به علمه ، وجازاه على ذلك أوفر الجزاء .
وجاء في تفسير الوسيط للطنطاوي
ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر رحمته بعباده، وفضله عليهم فقال - تعالى -: { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً }.
و { مَّا } استفهامية. المراد بالاستفهام هنا النفى والإِنكار على أبلغ وجه وآكده والجملة الكريمة استئنافية مسوقة لبيان أن مدار تعذيبهم وجودا وعدما إنما هو كفرهم ومعاصيهم لا لشئ آخر.
والمعنى: أى منفعة له - سبحانه - فى عذابكم وعقوبتكم إن شكرتم نعمه، وأديتم حقها، وآمنتم به حق الإِيمان؟ لا شك أنه - سبحانه - لا يفعل بكم شيئا من العذاب ما دام الشكر والإِيمان واقعين منكم؛ فقد اقتضت حكمته - سبحانه - أن لا يعذب إلا من يستحق العذاب، بل إنه - سبحانه - قد يتجاوز عن كثير من ذنوب عباده رحمة منه وفضلا.
وقد أشار صاحب الكشاف إلى هذا المعنى بقوله: قوله { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ } أيتشفى به من الغيظ؟ أم يدرك به الثأر؟ أم يستجلب به نفعا؟ أم يستدفع به ضرراً؟ كما هو شأن الملوك. وهو الغنى المتعالى الذى لا يجوز عليه شئ من ذلك. وإنما هو أمر اقتضته الحكمة أن يعاقب المسئ. فإن قمتم بشكر نعمته وآمنتم به فقد أبعدتم عن أنفسكم استحقاق العذاب.
و { مَّا } فى محصل نصب بـ { يَفْعَلُ } لأن الاستفهام له الصدارة. والباء فى قوله { بِعَذَابِكُمْ } سببية متعلقة بيفعل. والاستفهام هنا معناه النفى كما سبق أن أشرنا. وعبر عن النفى بالاستفهام للإِشارة إلى أنه - سبحانه - ربت الجزاء على العمل؛ وأنه يجب على كل عاقل أن يدرك أن عدالة الله قد اقتضت أنه - سبحانه - لا يضيع أجر من أحسن عملا، وأن لا يعذب إلا من يستحق العذاب، ويعفو عن كثير من السيئات بفضله ومنته.
وقوله: { إِن شَكَرْتُمْ } جوابه محذوف دل عليه ما تقدم. أى: إن شكرتم وآمنتم فما الذى يفعله بعذابكم؟
وقدم الشكر على الإِيمان، لأن الشكر سبب فى الإِيمان، إذ الإِنسان عندما يرى نعم الله، ويتفكر فيها ويقدرها حق قدرها، يسوقه ذلك إلى الإِيمان الحق، فالشكر يؤدى إلى الإِيمان والإِيمان متى رسخ واستقر فى القلب ارتفع بصاحبه إلى أسمى ألوان الشكر وأعظمها. فعطف الإِيمان على الشكر من باب عطف المسبب على السبب.
وقوله: { وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً } تذييل قصد به تأكيد ما سبق من الله - سبحانه - لا يعذب عباده الشاكرين المؤمنين.
أى: وكان الله شاكراً لعباده على طاعتهم.
أي مثيبهم ومجازيهم الجزاء الحسن على طاعتهم، عليما بجميع أقوالهم وأفعالهم، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه. فالمراد بالشكر منه - سبحانه - مجازاة عباده بالثواب الجزيل على طاعتهم له ووقوفهم عند أمره ونهيه.
وسمى - سبحانه - ثواب الطائعين شكراً منه، للتنويه بشأن الطاعة، وللتشريف للمطيع، ولتعليم عباده يشكروا للمحسنين إحسانهم. فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ورحم الله الإِمام ابن القيم حيث يقول:
وهو الشكور. فلن يضيع سعيهم لكن يضاعفه بلا حسبان
ما للعباد عليه حق واجب هو أوجب الأجر العظيم الشأن
كلا ولا عمل لديه بضائع إن كان بالإِخلاص والإِحسان
إن عذبوا فبعدله، أو نعموا فبفضله، والحمد للرحمن
فلا يمكن لعاقل أن يتصور أن الله يحب الانتقام ولا أن الله ينتقم لمجرد الانتقام بل انه إن انتقم فان ذلك يكون ممن يستحق هذا الانتقام
هذا والله أعلم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم