زيد الجزائري الجزائر
01-02-2016, 03:44 PM
هذا مبحث رائع ماتع للدكتور:" مصطفى السباعي" رحمه الله: يكشف فيه وسائل المستشرقين وأهدافهم من دراساتهم المتعلقة بتراث الإسلام ديننا العظيم الخالد – رغم أنف وخيشوم الحاقدين-، وإلى المقال:
تنقسم أهداف المستشرقين في جملتهم من الدراسات الاستشراقية إلى ثلاثة أقسام:
أ – هدف علمي مشبوه، ويهدف إلى:
التشكيك بصحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ومصدرها الإلهي، فجمهورهم: ينكر أن يكون الرسول نبينا موحى إليه من عند الله جل شأنه، ويتخبطون في تفسير مظاهر الوحي التي كان يراها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً، وبخاصة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فمن المستشرقين: من يرجع ذلك إلى ((صرع!!؟)) كان ينتاب النبي صلى الله عليه وسلم حيناً بعد حين، ومنهم: من يرجعه إلى تخيلات كانت تملأ ذهن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم: من يفسرها بمرض نفسي، وهكذا، كأن الله لم يرسل نبياً قبله حتى يصعب عليهم تفسير ظاهرة الوحي، ولما كانوا كلهم ما بين يهود ومسيحيين: يعترفون بأنبياء التوراة، وهم كانوا أقل شأناً من محمد صلى الله عليه وسلم في التاريخ والتأثير والمبادئ التي نادى بها، كان إنكارهم لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم: تعنتاً مبعثه التعصب الديني الذي يملأ نفوس أكثرهم كرهبان وقسس ومبشرين.
ويتبع ذلك: إنكارهم أن يكون القرآن كتاباً منزلاً عليه من عند الله عزوجل، وحين يفحمهم ما ورد فيه من حقائق تاريخية عن الأمم الماضية: مما يستحيل صدوره عن أمي مثل: محمد صلى الله عليه وسلم، يزعمون ما زعمه المشركون الجاهليون في عهد الرسول من: أنه استمد هذه المعلومات من أناس كانوا يخبرونه بها، ويتخبطون في ذلك تخبطاً عجيباً!!؟.
وحين يفحمهم ما جاء في القرآن من حقائق علمية: لم تعرف وتكتشف إلا في هذا العصر: يرجعون ذلك إلى ذكاء النبي صلى الله عليه وسلم، فيقعون في تخبط أشد غرابة من سابقه، وسنناقش آراءهم في هذا الموضوع في أبحاثنا المقبلة إن شاء الله.
1 – ويتبع إنكارهم لنبوة الرسول وسماوية القرآن: إنكارهم أن يكون الإسلام ديناً من عند الله، وإنما هو ملفق – عندهم – من الديانتين اليهودية والمسيحية، وليس لهم في ذلك مستند يؤيده البحث العلمي، وإنما هي: ادعاءات تستند على بعض نقاط الالتقاء بين الإسلام والدينين السابقين.
ويلاحظ أن المستشرقين اليهود – أمثال: جولدزيهر وشاخت – هم: أشد حرصاً على ادعاء استمداد الإسلام من اليهودية وتأثيرها فيه، أما المستشرقون المسيحيون، فيجرون وراءهم في هذه الدعوى، إذ ليس في المسيحية تشريع: يستطيعون أن يزعموا تأثر الإسلام به وأخذه منه، وإنما فيه مبادئ أخلاقية زعموا أنها أثرت في الإسلام، ودخلت عليه منها، كأن المفروض في الديانات الإلهية: أن تتعارض مبادؤها الأخلاقية!!؟، وكأن الذي أوحى بدين هو: غير الذي أوحى بدين آخر!!؟، فتعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.
2 – التشكيك في صحة الحديث النبوي الذي اعتمده علماؤنا المحققون، ويتذرع هؤلاء المستشرقون بما دخل على الحديث النبوي من وضع ودس: متجاهلين تلك الجهود التي بذلها علماؤنا لتنقية الحديث الصحيح من غيره، مستندين إلى قواعد بالغة الدقة في التثبت والتحري، مما لم يعهد عندهم في ديانتيهم عشر معشاره في التأكد من صحة الكتب المقدسة عندهم، وقد ناقشتهم في ذلك نقاشاً علمياً في كتابي: ((السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي)).
والذي حملهم على ركوب متن الشطط في دعواهم هذه، ما رأوه في الحديث النبوي الذي اعتمده علماؤنا من ثروة فكرية وتشريعية مدهشة، وهم لا يعتقدون بنبوة الرسول، فادعوا: أن هذا لا يعقل أن يصدر كله عن محمد الأمي، بل هو: عمل المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى، فالعقدة النفسية عندهم هي: عدم تصديقهم بنبوة الرسول، ومنها ينبعث كل تخبطاتهم وأوهامهم.
3 – التشكيك بقيمة الفقه الإسلامي الذاتية، ذلك التشريع الهائل الذي لم يجتمع مثله لجميع الأمم في جميع العصور.
لقد سقط في أيديهم حين إطلاعهم على عظمته، وهم: لا يؤمنون بنبوة الرسول، فلم يجدوا بداً من الزعم: بأن هذا الفقه العظيم: مستمد من الفقه الروماني!!؟، أي أنه: مستمد منهم – الغربيين!!؟ –، وقد بين علماؤنا الباحثون تهافت هذه الدعوى، وفي البحث الممتع الذي نشرناه للدكتور:" معروف الدواليبي" حول هذا الموضوع في أعداد المجلة للسنة الأولى: ما يكشف تهافت تلك الدعوى، وفيما قرره:" مؤتمر القانون المقارن المنعقد بلاهاي" من أن:{ الفقه الإسلامي فقه مستقل بذاته، وليس مستمداً من أي فقه آخر}: مما أفحم المتعنتين منهم، وأقنع المنصفين الذين لا يبغون غير الحق سبيلا.
4 – التشكيك في قدرة اللغة العربية على مسايرة التطور العلمي، لنظل عالة على مصطلحاتهم التي تشعرنا بفضلهم وسلطانهم الأدبي علينا، وتشكيكهم في غنى الأدب العربي، وإظهاره: مجدباً فقيراً لنتجه إلى آدابهم، وذلك هو: الاستعمار الأدبي الذي يبغونه مع الاستعمار العسكري الذي يرتكبونه.
تلك هي الأهداف العلمية التي يعمل لها أكثرهم أو جمهرتهم الساحقة.
ب – الأهداف الدينية والسياسية، وتتلخص فيما يلي:
1 - تشكيك المسلمين بنبيهم وقرآنهم وشريعتهم وفقههم، ففي ذلك هدفان ديني واستعماري.
2 - تشكيك المسلمين بقيمة تراثهم الحضاري، فيدعون بأن الحضارة الإسلامية منقولة عن حضارة الرومان، ولم يكن العرب والمسلمون إلا نقلة لفلسفة تلك الحضارة وآثارها، ولم يكن لهم إبداع فكري ولا ابتكار حضاري، وكان في حضارتهم كل النقائص، وإذا تحدثوا بشيء عن حسناتها – وقليلاً ما يفعلون – يذكرونها على مضض مع انتقاص كبير.
3 - إضعاف ثقة المسلمين بتراثهم، وبث روح الشك في كل ما بين أيديهم من قيم وعقيدة ومثل عليا، ليسهل على الاستعمار تشديد وطأته عليهم، ونشر ثقافته الحضارية فيما بينهم، فيكونوا عبيداً لها: يجرهم حبها إلى حبهم، أو إضعاف روح المقاومة في نفوسهم.
4 - إضعاف روح الإخاء الإسلامي بين المسلمين في مختلف أقطارهم عن طريق إحياء القوميات التي كانت لهم قبل الإسلام، وإثارة الخلافات والنعرات بين شعوبهم، وكذلك يفعلون في البلاد المسلمة، فيجتهدون لمنع اجتماع شملها، ووحدة كلمتها بكل ما في أذهانهم من قدرة على تحريف الحقائق، وتصيد الحوادث الفردية في التاريخ، ليصنعوا منها تاريخاً جديداً يدعو إلى ما يريدون من منع الوحدة بين البلاد المسلمة والتفاهم على الحق والخير بين جماهيرها.
جـ – أهداف علمية خالصة لا يقصد منها إلا البحث والتمحيص، ودراسة التراث العربي والإسلامي دراسة: تجلو لهم بعض الحقائق الخافية عنهم، وهذا الصنف قليل عدده جداً، وهم: مع إخلاصهم في البحث والدراسة: لا يسلمون من الأخطاء والاستنتاجات البعيدة عن الحق، إما: لجهلهم بأساليب اللغة العربية، وإما: لجهلهم بالأجواء الإسلامية التاريخية على حقيقتها، فيحبون أن يتصوروها كما يتصورون مجتمعاتهم: ناسين الفروق الطبيعية والنفسية والزمنية التي تفرق بين الأجواء التاريخية التي يدرسونها، وبين الأجواء الحاضرة التي يعيشونها.
وهذه الفئة: أسلم الفئات الثلاثة في أهدافها، وأقلها خطراً، إذ سرعان ما يرجعون إلى الحق حيث يتبين لهم، ومنهم من يعيش بقلبه وفكره في جو البيئة التي يدرسها، فيأتي بنتائج تنطبق مع الحق والصدق والواقع، ولكنهم يلقون عنتاً من أصحاب الهدفين السابقين، إذ سرعان ما يتهمونهم ب:( الانحراف عن النهج العلمي، أو الانسياق وراء العاطفة، أو الرغبة في مجاملة المسلمين والتقرب إليهم!!؟)، كما فعلوا مع:" توماس أرنولد" حين أنصف المسلمين في كتابه العظيم:" الدعوة إلى الإسلام"، فقد برهن على تسامح المسلمين في جميع العصور مع مخالفيهم في الدين، على عكس مخالفيهم معهم، هذا:" الكتاب": الذي يعتبر من أدق وأوثق المراجع في تاريخ التسامح الديني في الإسلام، يطعن فيه المستشرقون المتعصبون وخاصة المبشرين منهم بأن مؤلفه: كان مندفعاً بعاطفة قوية من الحب والعطف على المسلمين، مع أنه لم يذكر فيه حادثة إلا أرجعها إلى مصدرها.
ومن هؤلاء: من يؤدي بهم البحث الخالص لوجه الحق إلى اعتناق الإسلام، والدفاع عنه في أوساط أقوامهم الغربيين، كما فعل:" ليوبو لدفايس" المستشرق اليهودي النمساوي: الذي أعلن اعتناقه للإسلام، وكتب فيه كتابه المعروف:" الإسلام على مفترق الطرق"، وتسمى باسم:" محمد أسد".
وكما فعل المستشرق الفرنسي الفنان:" دينيه" الذي عاش في الجزائر فأعجب بالإسلام، وأعلن إسلامه، وتسمى باسم:" ناصر الدين دينيه"، وألف مع عالم جزائري كتاباً عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وله كتاب:" أشعة خاصة بنور الإسلام" بين فيه تحامل قومه على الإسلام ورسوله، وقد توفي هذا المستشرق المسلم في الجزائر، ونقل جثمانه إلى فرنسا، ودفن فيها.
تنقسم أهداف المستشرقين في جملتهم من الدراسات الاستشراقية إلى ثلاثة أقسام:
أ – هدف علمي مشبوه، ويهدف إلى:
التشكيك بصحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ومصدرها الإلهي، فجمهورهم: ينكر أن يكون الرسول نبينا موحى إليه من عند الله جل شأنه، ويتخبطون في تفسير مظاهر الوحي التي كان يراها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً، وبخاصة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فمن المستشرقين: من يرجع ذلك إلى ((صرع!!؟)) كان ينتاب النبي صلى الله عليه وسلم حيناً بعد حين، ومنهم: من يرجعه إلى تخيلات كانت تملأ ذهن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم: من يفسرها بمرض نفسي، وهكذا، كأن الله لم يرسل نبياً قبله حتى يصعب عليهم تفسير ظاهرة الوحي، ولما كانوا كلهم ما بين يهود ومسيحيين: يعترفون بأنبياء التوراة، وهم كانوا أقل شأناً من محمد صلى الله عليه وسلم في التاريخ والتأثير والمبادئ التي نادى بها، كان إنكارهم لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم: تعنتاً مبعثه التعصب الديني الذي يملأ نفوس أكثرهم كرهبان وقسس ومبشرين.
ويتبع ذلك: إنكارهم أن يكون القرآن كتاباً منزلاً عليه من عند الله عزوجل، وحين يفحمهم ما ورد فيه من حقائق تاريخية عن الأمم الماضية: مما يستحيل صدوره عن أمي مثل: محمد صلى الله عليه وسلم، يزعمون ما زعمه المشركون الجاهليون في عهد الرسول من: أنه استمد هذه المعلومات من أناس كانوا يخبرونه بها، ويتخبطون في ذلك تخبطاً عجيباً!!؟.
وحين يفحمهم ما جاء في القرآن من حقائق علمية: لم تعرف وتكتشف إلا في هذا العصر: يرجعون ذلك إلى ذكاء النبي صلى الله عليه وسلم، فيقعون في تخبط أشد غرابة من سابقه، وسنناقش آراءهم في هذا الموضوع في أبحاثنا المقبلة إن شاء الله.
1 – ويتبع إنكارهم لنبوة الرسول وسماوية القرآن: إنكارهم أن يكون الإسلام ديناً من عند الله، وإنما هو ملفق – عندهم – من الديانتين اليهودية والمسيحية، وليس لهم في ذلك مستند يؤيده البحث العلمي، وإنما هي: ادعاءات تستند على بعض نقاط الالتقاء بين الإسلام والدينين السابقين.
ويلاحظ أن المستشرقين اليهود – أمثال: جولدزيهر وشاخت – هم: أشد حرصاً على ادعاء استمداد الإسلام من اليهودية وتأثيرها فيه، أما المستشرقون المسيحيون، فيجرون وراءهم في هذه الدعوى، إذ ليس في المسيحية تشريع: يستطيعون أن يزعموا تأثر الإسلام به وأخذه منه، وإنما فيه مبادئ أخلاقية زعموا أنها أثرت في الإسلام، ودخلت عليه منها، كأن المفروض في الديانات الإلهية: أن تتعارض مبادؤها الأخلاقية!!؟، وكأن الذي أوحى بدين هو: غير الذي أوحى بدين آخر!!؟، فتعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.
2 – التشكيك في صحة الحديث النبوي الذي اعتمده علماؤنا المحققون، ويتذرع هؤلاء المستشرقون بما دخل على الحديث النبوي من وضع ودس: متجاهلين تلك الجهود التي بذلها علماؤنا لتنقية الحديث الصحيح من غيره، مستندين إلى قواعد بالغة الدقة في التثبت والتحري، مما لم يعهد عندهم في ديانتيهم عشر معشاره في التأكد من صحة الكتب المقدسة عندهم، وقد ناقشتهم في ذلك نقاشاً علمياً في كتابي: ((السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي)).
والذي حملهم على ركوب متن الشطط في دعواهم هذه، ما رأوه في الحديث النبوي الذي اعتمده علماؤنا من ثروة فكرية وتشريعية مدهشة، وهم لا يعتقدون بنبوة الرسول، فادعوا: أن هذا لا يعقل أن يصدر كله عن محمد الأمي، بل هو: عمل المسلمين خلال القرون الثلاثة الأولى، فالعقدة النفسية عندهم هي: عدم تصديقهم بنبوة الرسول، ومنها ينبعث كل تخبطاتهم وأوهامهم.
3 – التشكيك بقيمة الفقه الإسلامي الذاتية، ذلك التشريع الهائل الذي لم يجتمع مثله لجميع الأمم في جميع العصور.
لقد سقط في أيديهم حين إطلاعهم على عظمته، وهم: لا يؤمنون بنبوة الرسول، فلم يجدوا بداً من الزعم: بأن هذا الفقه العظيم: مستمد من الفقه الروماني!!؟، أي أنه: مستمد منهم – الغربيين!!؟ –، وقد بين علماؤنا الباحثون تهافت هذه الدعوى، وفي البحث الممتع الذي نشرناه للدكتور:" معروف الدواليبي" حول هذا الموضوع في أعداد المجلة للسنة الأولى: ما يكشف تهافت تلك الدعوى، وفيما قرره:" مؤتمر القانون المقارن المنعقد بلاهاي" من أن:{ الفقه الإسلامي فقه مستقل بذاته، وليس مستمداً من أي فقه آخر}: مما أفحم المتعنتين منهم، وأقنع المنصفين الذين لا يبغون غير الحق سبيلا.
4 – التشكيك في قدرة اللغة العربية على مسايرة التطور العلمي، لنظل عالة على مصطلحاتهم التي تشعرنا بفضلهم وسلطانهم الأدبي علينا، وتشكيكهم في غنى الأدب العربي، وإظهاره: مجدباً فقيراً لنتجه إلى آدابهم، وذلك هو: الاستعمار الأدبي الذي يبغونه مع الاستعمار العسكري الذي يرتكبونه.
تلك هي الأهداف العلمية التي يعمل لها أكثرهم أو جمهرتهم الساحقة.
ب – الأهداف الدينية والسياسية، وتتلخص فيما يلي:
1 - تشكيك المسلمين بنبيهم وقرآنهم وشريعتهم وفقههم، ففي ذلك هدفان ديني واستعماري.
2 - تشكيك المسلمين بقيمة تراثهم الحضاري، فيدعون بأن الحضارة الإسلامية منقولة عن حضارة الرومان، ولم يكن العرب والمسلمون إلا نقلة لفلسفة تلك الحضارة وآثارها، ولم يكن لهم إبداع فكري ولا ابتكار حضاري، وكان في حضارتهم كل النقائص، وإذا تحدثوا بشيء عن حسناتها – وقليلاً ما يفعلون – يذكرونها على مضض مع انتقاص كبير.
3 - إضعاف ثقة المسلمين بتراثهم، وبث روح الشك في كل ما بين أيديهم من قيم وعقيدة ومثل عليا، ليسهل على الاستعمار تشديد وطأته عليهم، ونشر ثقافته الحضارية فيما بينهم، فيكونوا عبيداً لها: يجرهم حبها إلى حبهم، أو إضعاف روح المقاومة في نفوسهم.
4 - إضعاف روح الإخاء الإسلامي بين المسلمين في مختلف أقطارهم عن طريق إحياء القوميات التي كانت لهم قبل الإسلام، وإثارة الخلافات والنعرات بين شعوبهم، وكذلك يفعلون في البلاد المسلمة، فيجتهدون لمنع اجتماع شملها، ووحدة كلمتها بكل ما في أذهانهم من قدرة على تحريف الحقائق، وتصيد الحوادث الفردية في التاريخ، ليصنعوا منها تاريخاً جديداً يدعو إلى ما يريدون من منع الوحدة بين البلاد المسلمة والتفاهم على الحق والخير بين جماهيرها.
جـ – أهداف علمية خالصة لا يقصد منها إلا البحث والتمحيص، ودراسة التراث العربي والإسلامي دراسة: تجلو لهم بعض الحقائق الخافية عنهم، وهذا الصنف قليل عدده جداً، وهم: مع إخلاصهم في البحث والدراسة: لا يسلمون من الأخطاء والاستنتاجات البعيدة عن الحق، إما: لجهلهم بأساليب اللغة العربية، وإما: لجهلهم بالأجواء الإسلامية التاريخية على حقيقتها، فيحبون أن يتصوروها كما يتصورون مجتمعاتهم: ناسين الفروق الطبيعية والنفسية والزمنية التي تفرق بين الأجواء التاريخية التي يدرسونها، وبين الأجواء الحاضرة التي يعيشونها.
وهذه الفئة: أسلم الفئات الثلاثة في أهدافها، وأقلها خطراً، إذ سرعان ما يرجعون إلى الحق حيث يتبين لهم، ومنهم من يعيش بقلبه وفكره في جو البيئة التي يدرسها، فيأتي بنتائج تنطبق مع الحق والصدق والواقع، ولكنهم يلقون عنتاً من أصحاب الهدفين السابقين، إذ سرعان ما يتهمونهم ب:( الانحراف عن النهج العلمي، أو الانسياق وراء العاطفة، أو الرغبة في مجاملة المسلمين والتقرب إليهم!!؟)، كما فعلوا مع:" توماس أرنولد" حين أنصف المسلمين في كتابه العظيم:" الدعوة إلى الإسلام"، فقد برهن على تسامح المسلمين في جميع العصور مع مخالفيهم في الدين، على عكس مخالفيهم معهم، هذا:" الكتاب": الذي يعتبر من أدق وأوثق المراجع في تاريخ التسامح الديني في الإسلام، يطعن فيه المستشرقون المتعصبون وخاصة المبشرين منهم بأن مؤلفه: كان مندفعاً بعاطفة قوية من الحب والعطف على المسلمين، مع أنه لم يذكر فيه حادثة إلا أرجعها إلى مصدرها.
ومن هؤلاء: من يؤدي بهم البحث الخالص لوجه الحق إلى اعتناق الإسلام، والدفاع عنه في أوساط أقوامهم الغربيين، كما فعل:" ليوبو لدفايس" المستشرق اليهودي النمساوي: الذي أعلن اعتناقه للإسلام، وكتب فيه كتابه المعروف:" الإسلام على مفترق الطرق"، وتسمى باسم:" محمد أسد".
وكما فعل المستشرق الفرنسي الفنان:" دينيه" الذي عاش في الجزائر فأعجب بالإسلام، وأعلن إسلامه، وتسمى باسم:" ناصر الدين دينيه"، وألف مع عالم جزائري كتاباً عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وله كتاب:" أشعة خاصة بنور الإسلام" بين فيه تحامل قومه على الإسلام ورسوله، وقد توفي هذا المستشرق المسلم في الجزائر، ونقل جثمانه إلى فرنسا، ودفن فيها.