المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسيد بن حضير الصحابي الذي لم يأخذ حقه



حسين شوشة
02-17-2016, 12:26 AM
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أقول وبالله التوفيق
بأن الصحابي الجليل أسيد بن حضير ربما لا يعرفه الكثير من الناس مع أن الرجل رضي الله عنه وأرضاه من النقباء الاثنى عشر وهو من أحسن الناس قراءة للقرآن وأحسن الناس صوتا إذا قرأ القرآن
فبَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ، إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ، فَقَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الْفَرسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَانْصَرَفَ وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ، فَلَمَّا اجْتَرَّهُ، رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حتَّى مَا يَرَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ قَالَ فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا قَالَ: وَتَدْرِي مَا ذَاكَ قَالَ: لاَ؛ قَالَ: تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ أخرجه البخاري في: 66 كتاب فضائل القرآن: 15 باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن
رقم الجزء: 1 رقم الصفحة: 221

من هو أسيد بن حضير؟
هو أسيد بن حضير بن عبد الأشهل الأنصاري -رضي الله عنه-، فارس قومه ورئيسهم، فأبوه حضير الكتائب زعيم الأوس، وواحد من كبار أشراف العرب في الجاهلية. واشتهر أسيد بن حضير بأنه يكتب العربية ويحسن السباحة والرمي، وكانوا في الجاهلية يسمون من كانت فيه هذه الخصال بالكامل. كما يُعدّ أسيد من السابقين إلى الإسلام، وهو أحد النقباء ليلة العقبة، وكان إسلامه على يد مصعب بن عمير قبل سعد بن معاذ
كيف أسلم

لما انصرف الأنصار من البيعة مع رسول بعث معهم رسول الله مصعب بن عمير ، وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين، وكان مصعب يُسمَّى بالمدينة المقرئ، وكان منزله على أسعد بن زرارة ، ثم إن أسعد بن زرارة خرج بمصعب فدخل به حائطًا من حوائط بني ظفر، فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم، فقال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير: انطلق إلى هذيْن الرجلين اللذين قد أتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما؛ فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي، ولولا ذاك لكفيتكه. وكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدي قومهما من بني عبد الأشهل، وهما مشركان، فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إلى مصعب وأسعد وهما جالسان في الحائط، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب : هذا سيِّد قومه، قد جاءك فاصدق الله فيه. قال مصعب : إنْ يجلس أكلمه. قال: فوقف عليهما متشتمًا، فقال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟! اعتزلانا إن كانت لكما في أنفسكما حاجة. فقال له مصعب t: أوَ تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كُفَّ عنك ما تكره. قال: أنصفت. ثم رَكَز حربته وجلس إليهما، فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن، فقالا: والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم به في إشراقه وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي. فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين.
كان صوته جميلا حين يقرأ القرآن




عن أبي سعيد الخدري وابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أسيد بن حضير أن النبي قال له: "اقرأ يا أسيد، فقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود".
كان رضي الله عنه عطوفا

عن أنس قال: جاء أسيد بن حضير إلى النبي وقد كان قسم طعامًا، فذكر له أهل بيت من الأنصار من بني ظفر فيهم حاجة، وجُلّ أهل ذلك البيت نسوة، فقال له النبي: "تركتنا يا أسيد حتى ذهب ما في أيدينا، فإذا سمعت بشيء قد جاءنا فاذكر لي أهل ذلك البيت". فجاءه بعد ذلك طعام من خيبر شعير أو تمر، فقسّم رسول الله في الناس وقسم في الأنصار فأجزل، وقسم في أهل البيت فأجزل. فقال أسيد بن حضير متشكرًا: "جزاك الله أي نبي الله أطيب الجزاء". فقال النبي: "وأنتم معشر الأنصار، فجزاكم الله أطيب الجزاء؛ فإنكم ما علمت أعفة صُبُر، وسترون بعدي أثرة في الأمر والقسم، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
كان يحب المزاح دون كذب

عن أسيد بن حضير قال: بينما هو يحدّث القوم وكان فيه مزاح، بَيْنَا يضحكهم، فطعنه النبي في خاصرته بعود، فقال: أَصْبِرْنِي (أَقِدْني من نفسك). فقال: "اِصْطَبِرْ" (اسْتَقِدْ). قال: إن عليك قميصًا وليس عليَّ قميص. فرفع النبي عن قميصه، فاحتضنه وجعل يقبّل كشحه (الكشح هو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي)، قال: "إنما أردت هذا يا رسول الله"
تأثيره في الآخرين

في لحظات إسلامه الأولى أصبح داعية إلى الله تعالى؛ إذ بمجرد أن أسلم أسيد ، قال لسيدنا مصعب : إن ورائي رجلاً (أي سعد بن معاذ) إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن. فأرسله إليهما، فأسلم سعد بن معاذ ، ومن ثَمَّ أسلمت الأوس.
مناقب أسيد بن حضير:
في سنن الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل، كلهم من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر رضي الله عنهم جميعًا
موقفه تجاه عبدالله بن أبي بن سلول

في غزوة بني المصطلق تحركت مغايظ عبدالله بن أبيّ فقال لمن حوله من أهل المدينة: " لقد أحللتمومهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحوّلوا إلى غير دياركم ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل" سمع الصحابي الجليل زيد بن الأرقم هذه الكلمات ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتألم كثيراً ، فقابله أسيد بن حضير فقال له النبي عليه السلام: "أوما بلغك ما قال صاحبكم؟" قال أسيد : "وأيّ صاحب يا رسول الله ؟" قال الرسول : "عبدالله بن أبيّ" قال أسيد : "وماذا قال ؟" قال الرسول : "زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل" قال أسيد : :فأنت والله ، يا رسول الله ، تخرجه منها إن شاء الله ، هو والله الذليل ، وأنت العزيز ثم قال أسيد : " يا رسول الله ارفق به ، فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه على المدينة ملكا ، فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكاً"
ومن كراماته



أن عباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما نور مثل طرف السوط فلما افترقا افترق الضوء معهما. رواه البخاري وغيره
وفاته

عن عروة أن أسيد بن حضير مات وعليه دين أربعة آلاف درهم فبيعت أرضه، فقال عمر : لا أترك بني أخي عالة. فردَّ الأرض وباع ثمرها من الغُرماء أربع سنين بأربعة آلاف، كل سنة ألف درهم. وقد تُوُفِّي سنة 20 من الهجرة، ودُفن بالبقيع.
هؤلاء هم القدوة هؤلاء هم أصحاب رسول الله مصابيح الهدى

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم