المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما معنى الترجيح .. وماقيمته



محمد احمد السلامى
03-03-2016, 02:04 PM
الترجيح مبدأ معرفي مهم جدا .. ولقد استخدمه المفكرين القدامى والحديثين كثيراً من أجل الوصول لقناعات ترضي العقل والروح أو كليهما معاً.
ومعنا الترجيح يأتي من الفعل رجح وهو زاد وقوى وجاوز ... وغالباً ما يأتي الى الذهن صورة الميزان عندما نفكر فيه .. ورجحان كفة عن كفة أخرى .
فكما في مثال الميزان الكفة التي ترجح لا تكون أمام كفة اخرى فارغة ولكن الموضوع هو زيادة قوة قيمة عن قيمة أخرى بشكل كبير او شكل طفيف.
وبمأ ان القطعيات في عالم المعرفة كله قليله جدا ( حسب زعمي الشخصي ) فكان لابد للمفكرين والبشر بشكل عام من استخدام مبدأ الترجيح .. لانه ليس من المعقول انتظار القطعيات في كل شيء للعمل بها لانه لو سار الامر هكذا لما توصل الانسان لشيء ولجلس في مكانه طوال الوقت في انتظار القطعيات اليقينية.
الان أعطي مثال للترجيح وأوضح معناه من وجه النظر الايمانية وماهي قيمته بعد الاستعراض :

http://www.themediaink.com/wp-content/uploads/2015/11/Usain_Bolt.jpg

يظهر في الصورة عداء من عدائين المئة متر . وبغض النظر عن شهرة هذا العداء او عدم شهرته دعونا نناقش فرضية خاصه به على أعتبار اننا لا نعرف عنه الكثير سوى مظهره ووظيفته والرياضة التي يمارسها : اذن المعطيات ستكون كالتالي :
1) شخص طويل القامة
2) جسم رياضي قليل الدهون وكثير العضلات البارزة .
3) يظهر انه عداء يمارس رياضة العدو بشكل مستمر .
4) لا تظهر عليه اعراض غير صحية كثيرا.
الان لنبحث فرضية مثلاَ وهي أن يكون هذا الشخص غير مريض بالسرطان .
لنضع اسباب او قرائن قد تدفعنا للقول بأن الشخص سليم معافى ولا يعاني من هذا المرض ستكون على الشكل الاتي قد يضيف لها القارىء وقد يسحب منها:
1) ممارسته لرياضة العدو دليل مبدأي على عافيته فكيف لشخص مريض ان يمارس رياضة مثل تلك.
2) الشخص لا يظهر عليه اعراض مرضية معينة والوجه مشرق كذلك الشكل العام له لايوحي بأمراض ظاهرة.
3) الرياضة في العموم تقي من السرطان حيث تقلل الدهون وتقلل من عملية الاكسدة المسؤولة بشكل كبير عن المرض لذلك هو ليس مريض.
الان دعونا نضع أسباب للقول بأنه مريض بالسرطان :
1) السرطان مرض منتشر ويهاجم مختلف أنواع البشر ولذلك هذا الشخص مصاب بالمرض ( السبب هنا هو انتشار المرض في كافة الشرائح ).
الان : نحن والمخالف نتفق على ما جرى توضيحه بالاعلى والاسباب المعطاه لكل ترجيح وللفرضتين . ونحن ايضا نتفق ان فرضية صحه الشخص وعافيته أكبر رجحاناً من فرضيته مرضه ( على الاقل نظريا ) ولاننا لا نملك دليل قطعي على خلو جسده من المرض ( كشف طبي كامل على الجسد مثلا ) لا نمتلك فرصة للحكم الا باستخدام اسلوب الترجيح . فنحن نستخدم الترجيح في حياتنا اكثر بكثير من القطعيات . وذلك فى العلاقات الاجتماعية والسياسية والمالية والعلمية حتى . فاذا كان هنالك نظريتان كلاهما يحمل اسباب صحه ولكن احدهما يمتلك اسباب أكثر من الاخرى فالاسلم والالامن للبشر هو اتباع النظرية صاحبه الاسباب الاكثر والقرائن الاكثر .. والا فالبديل هو الابحار في محيطات التشكك الدائم والاحباط المعرفي المستمر .
بسحب الكلام السابق كله على قضية الايمان والكفر . اترك للقارىء مقارنة سريعة وبسيطه يستطيع اجرائها في عقله عن عدد الاسباب التي تدعم الايمان . وعدد الاسباب التي تدعم الكفر .. وأيهما سوف تطب كفته على الاخرى في ميزان الحسم والاحتياج المعرفي .

أبو عمر النفيس
03-07-2016, 03:22 PM
موضوع جميل و طرح رائع ،،،
و الجدير بالذكر أنّه في عمليّة " الترجيح " قد يغفل الإنسان أو يتغافل عن مجموعة مؤيّدات تؤيّد الاحتمال الأوّل ؛ لكونه يميل إلى الاحتمال الثّاني . لذا نجده في آخر المطاف يقول بأنّ مسوّغات ترجيح الاحتمال الثاني أكثر و أكبر من مسوّغات ترجيح الاحتمال الأوّل ! فيزعم بأنّ الاحتمال الثاني أرجح ، في حين أنّ الاحتمال الأول واقعا هو الأرجح لو كانت مقارنته منصفة و خاليا من الدوافع المسبقة و الميول الشخصي.
فعلى سبيل المثال ، قد يأتي أحدهم و يقول :
1- هذا العدّاء من افريقيا ، و افريقيا مشهورة بانتشار مرض السرطان فيها.
2- هذا العدّاء يبدو أنّه من عائلة فقيرة ، و الفقراء ليست لديهم المال لتطعيم أنفسهم بما يقيهم من الأمراض الخطيرة.
3- السرطان لا تظهر أعراضها بشكل مباشر ، بل تأخذ وقتا.
4- هذا العدّاء شعره قصير ، و قد يكون ذلك بسبب إصابته للسرطان ، حيث أنّ مرضى السرطان يتمّ حلق شعرهم أو يتساقط الشعر منهم.
و بهذا و بجمع هذه الاحتمالات مع المذكورة أعلاه ، سيجد الإنسان أنّ احتمالات إصابة هذا العدّاء بالسرطان أكبر ...
و هذا النوع من خداع النفس و مغالطة الواقع ، يقوم به الكثير من الملاحدة . فعندما نقول لهم تأمّلوا الكون وصفوه لنا !
يأتينا الملحد قائلا :
1- الكون مليئ بالحوادث الكونيّة من تصادم المجرّات مع بعضها و تصادم النجوم و تصادم الكواكب و انهيار الأجرام السماويّة !
2- هناك نيازك تقع على الأرض باستمرار و تهدّد بإنهاء الحياة على الأرض !
3- هناك زلازل و براكين و فياضانات و كوارث طبيعيّة تؤدي إلى قتل الملايين من البشر و الحيوانات و هدم للأشجار و النباتات !
4- هناك الكثير من الأطفال الذين يولدون مشوّهين برأسين أو بقلبين أو بجسمين ملتصقين أو بدون أطراف !
و حيث أنّ الكون بهذه الصورة ، فالراجح هو أنّ الكون ليس له إله يدبّره ، لذلك يتخبّط الكون و تحدث فيه الكوارث و الأخطاء الخلقيّة !!!!!

من هنا حقّ للمؤمن أن يتعجّب من هذا الترجيح الزائف من الملحد ، و يسأله قائلا :
1- لماذا أيّها الملحد نظرت إلى تصادم النجوم و الأجرام ، و لم تنظر إلى مليارات المجرات التي تحوي على مليارات النجوم التي تدور حولها مليارات الكواكب في مدارات دقيقة و بسرعات محدّدة و بشكل منسّق بديع ، و بثابت كوني مذهل ، و بين تلك الأجرام تجاذب كتلي بعامل تجاذب ثابت ؟؟؟!!!!
2- لماذا أيها الملحد حين نظرت إلى الأرض ، لم تنظر إلى أنّه برغم تعرّض الأرض للكثير من النيازك إلا أنّ الحياة مازالت مستمرّة في هذا الكوكب ، في دلالة واضحة أنّ هناك من يحفظ هذه الأرض و لا يريد أن تنتهي الحياة فيها إلا في الوقت الذي يحدّده ؟؟؟!!!!
3- لماذا أيها الملحد حين نظرت إلى الزلازل و البراكين و الفياضانات ، لم تنظر إلى كيفية عودة الحياة إلى تلك الأرض المنكوبة ، حيث نرى النباتات تنبت من جديد و تحمل الرياح البذور و تنثرها في مكان آخر ثم تقوم الشمس بتسخين مياه البحر لتتبخر إلى غيوم فتسقي تلك البذور ، لتعود تلك الأرض إلى بستان ترفرف فيها الطيور و تسرح فيها الحيوانات. فلماذا لم تتساءل عمن أعاد الحياة إلى تلك الأرض المنكوبة ؟؟!!!
4- لماذا أيها الملحد حين نظرت إلى الأطفال ، لم تنظر إلى هؤلاء الأطفال الجميلين الذين يملكون عيونا فاتنة فبعضهم عيون عسليّة ، و آخرين عيون زرقاء و آخرين خضراء ، و جميعهم لهم جهاز عصبي يعمل بتناغم مع الجهاز الهضمي و الجهاز العضلي و قلب يضخّ الدم إلى كل تلك الأجهزة و أعضائها ، في مصنع لا يمكن أن تعمل آلات المصنع بدون تنسيق و ضبط و برمجة من مبرمج ؟؟!!!

من هنا يظهر جليّا أنّ الترجيح لا يمكن أن يوصل الإنسان إلى الحقيقة ، إلّا إذا امتلك الإنسان " المصداقيّة " و " الحياديّة " في الترجيح بين الخيارات. حينها سيجد أن الترجيح المبني على المصداقية و الحيادية سيقوده دائما أبدا إلى الحقيقة و الصواب.