ابن سلامة القادري
07-12-2016, 01:11 PM
المختصر في التعامل مع الأصول و الواقع
(1)
كيف أتعلم العلم و ما مصادره المعتمدة
أهم شيء في حياة الأفراد و المجتمعات و الدول هو العلم. لا يمكن أن يستقيم شيء بدونه فهو أساس الإيمان و التدين الصحيح و منطلق الأخلاق و المعاملة السوية و ركيزة الحضارة و المجد و كذا سلامة العقول و عافية الأبدان و رفاهية الناس عموما.
و العلم نقصد به كل شيء ينفع الناس معرفته و يجلب لهم الخير و يحقق لهم السعادة و يبصّرهم بالآفات و أسباب الشرور و البليات.
و لأن الناس ليسوا على درجة سواء في معرفة مقدار العلم و أهميته و لأن من بينهم الجاهل المتعلم و الجاهل غير المتعلم و المتعلم بنية حسنة و المتعلم بنية سيئة فقد وجب التحري في العلم بأخذه من مصادره و مظانه فلا يؤخذ عن جاهل و لا عن متعلم سيء القصد بل يؤخذ عن الثقات من الناس و من لهم سند في علومهم و يشهد لهم الناس بذلك. ذلك أن من الناس علماء و متعلمين عدولا شهد الناس بعدالتهم و رفعة أخلاقهم و شرف مقاصدهم و صدق التزامهم و وفائهم و منهم دون ذلك ممن لا يعول عليه كالمتزلفين للسلطان الذين لا يأمرون بمعروف و لا ينهون عن منكر .. و من الناس ضابطون لأصول العلم منضبطون بها يعرفون الصحيح من السقيم و يميزون الفاضل من المفضول و يسعون في الكمال باستقصاء الأدلة و لا يتعصبون أو يفرحون بما عندهم من العلم و منهم من قصرت همته عن ذلك و اكتفى بما عنده لا يتحرى الصدق و لا يبتغي الصحيح السليم من الأدلة و الآراء و لا يميز بينها و يقع في التخليط و يخلط على الناس و يلبس عليهم دينهم.
فوجب التنبه و الحذر.
(2)
العلم الشرعي على رأس العلوم و المعارف
العلم الشرعي هو علم الكتاب و السنة المبينة له و هو أصدق العلوم و أصلها و منبتها و أصل أصولها و قواعدها و هو أنفعها للناس في العاجل و الآجل .. ذلك أن العلم بالكتاب و السنة هو العلم بالوحي الذي أنزل الله على رسوله صلى الله عليه و سلم أي هو العلم بالعلوم الربانية التي أحاطت بالنفس البشرية من كل جهة فهو الهادي سواء السبيل في كل سبيل و النور في كل ظلمة لمن اعتصم به على وجهه و أخلص لله في ذلك و من استمسك به وجد الأمن و اليقين و الإطمئنان و السلامة.
و أما العلوم البشرية التي لا تستنير بهذا النور و لا تهتدي به فأساسها الظن و الاحتمال خيرها قليل و ضررها أكبر من نفعها لأنها علوم شخصية ذاتية ظرفية مرتبط بالضعف البشري و متفرعة عن النقائص الإنسانية متأثرة بالمظاهر الثقافية الخاصة و لذلك تجد الناس مختلفين عليها متفرقين متناوئين إلى حد التناحر أحيانا لأنها قصرت بهم عن بلوغ سقف التفاهم و التراضي و الاجتماع و الألفة.
و لن تجد فتنة قائمة حتى في تاريخ الإسلام إلا و مصدرها المذهبية الخاصة و الانتماء لفكر زيد أو عمرو و اتباع السبل بصفة عامة و عدم الاحتكام إلى الكتاب و السنة احتكاما مطلقا.
(3)
دليلك إلى العلم الشرعي -1-
العلم الشرعي علم الكتاب و السنة يشمل جميع مناحي الفكر و السلوك بل و قواعد التفكير و السلوك أيضا و عليه ينبغي البدء درجة درجة و أن يهتم المرء بالأولى فالأولى فلا يقدم منها الفروع على الأصول و المفضول على الفاضل و المستحب على الواجب ..
لقد جاء الإسلام و ليس في العرب و العجم شيء يُحمد إلا ما كان من شيء يسير من مكارم الأخلاق من صدق و أمانة و وفاء و صلة أرحام و نصرة مظلوم و إقامة عدل و كان ذلك مقتصرا أيضاً على القبيلة الواحدة و الشعب الواحد و أهل الديانة الموروثة الواحدة دون ما سائر القبائل و الشعوب و أهل الأديان الأخرى و ذلك بسبب العقائد الزائفة التي كانت سائدة أنذاك و انبنت عليها أواصر باطلة بحيث أن لكل صنف أو مجتمع بشري كان لهم إله يعبدونه و يوالون عليه و يعادون و يتقربون إليه بأقوال و أفعال ما أنزل الله بها من سلطان، إلى أن جاء الإسلام الحنيف فجمع الناس على كلمة سواء بعقيدة التوحيد توحيد الله الخالق المنسجم مع الفطرة و على مقاصده الكبرى و أحكامه العليا التي تسود جميع البشر بشتى أجناسهم و ألوانهم و لغاتهم فجمعهم أول شيء على عبادة الإله الواحد الذي لا إله غيره هذه العبادة التي تناسب جميع العقول و الفطر و تتفق مع فلسفة الوجود الإنساني و مع الكون ككل و عليها تآلف المسلمون و توحدوا و ضربوا أروع الأمثلة في الأخلاق و بناء الحضارة الإنسانية بل الأرضية و كانوا أعظم و أكرم و أرحم فاتحين عرفهم التاريخ.
الشاهد أن على المرء أن يتعلم أولا و قبل كل شيء عقيدة التوحيد التي يصح بها اعتقاده و ينعقد عليها قلبه و عزمه و يجتمع بها شتات فكره و يتوحد هدفه مع أقرانه و زملائه و إخوانه المسلمين و تأتلف قلوبهم و مقاصدهم و أهدافهم كما ألّف الله تعالى بين الرعيل الأول.
فيبحث المسلم عن كل شيء له علاقة بالتوحيد من الكتاب و السنة بدءا بمعرفة الله تعالى و دلائل وجوده و توحيده و معرفة رسوله الكريم و دلائل نبوته و مرورا بما يجب على المسلم من أعمال القلب في مقتضى التوحيد من محبة لله و خشيته و رجاءه و إخلاص له و خضوع لأمره و انتهاء بمعرفة قصص الموحدين من الأنبياء و قصص الصالحين أهل التوحيد في كل زمان.
ثم بعد ذلك يأتي العمل بمقتضى التوحيد قولا و فعلا فيبحث المتعلم في مبادئ الإلتزام بطاعة الله و رسوله صلى الله عليه و سلم و امتثال لتعاليمه و أول ذلك الإعتصام بالكتاب و السنة و التزام الفرائض التي افترضها الله تعالى قدر المستطاع و تجنب كبائر الذنوب التي نهى عنها و إصلاح النفس بما يصلحه و يصلح الأمة من الولاء لله و لرسوله و للمؤمنين و التزام جماعتهم و البعد عما يفسده من اتباع الرأي و الشذوذ و الفرقة و التحزب و التعصب و الطائفية و اتباع أئمة الضلالة كما سيأتي بيانه بإذن الله في حلقات قادمة.
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ )) [ رواه مسلم ]
(1)
كيف أتعلم العلم و ما مصادره المعتمدة
أهم شيء في حياة الأفراد و المجتمعات و الدول هو العلم. لا يمكن أن يستقيم شيء بدونه فهو أساس الإيمان و التدين الصحيح و منطلق الأخلاق و المعاملة السوية و ركيزة الحضارة و المجد و كذا سلامة العقول و عافية الأبدان و رفاهية الناس عموما.
و العلم نقصد به كل شيء ينفع الناس معرفته و يجلب لهم الخير و يحقق لهم السعادة و يبصّرهم بالآفات و أسباب الشرور و البليات.
و لأن الناس ليسوا على درجة سواء في معرفة مقدار العلم و أهميته و لأن من بينهم الجاهل المتعلم و الجاهل غير المتعلم و المتعلم بنية حسنة و المتعلم بنية سيئة فقد وجب التحري في العلم بأخذه من مصادره و مظانه فلا يؤخذ عن جاهل و لا عن متعلم سيء القصد بل يؤخذ عن الثقات من الناس و من لهم سند في علومهم و يشهد لهم الناس بذلك. ذلك أن من الناس علماء و متعلمين عدولا شهد الناس بعدالتهم و رفعة أخلاقهم و شرف مقاصدهم و صدق التزامهم و وفائهم و منهم دون ذلك ممن لا يعول عليه كالمتزلفين للسلطان الذين لا يأمرون بمعروف و لا ينهون عن منكر .. و من الناس ضابطون لأصول العلم منضبطون بها يعرفون الصحيح من السقيم و يميزون الفاضل من المفضول و يسعون في الكمال باستقصاء الأدلة و لا يتعصبون أو يفرحون بما عندهم من العلم و منهم من قصرت همته عن ذلك و اكتفى بما عنده لا يتحرى الصدق و لا يبتغي الصحيح السليم من الأدلة و الآراء و لا يميز بينها و يقع في التخليط و يخلط على الناس و يلبس عليهم دينهم.
فوجب التنبه و الحذر.
(2)
العلم الشرعي على رأس العلوم و المعارف
العلم الشرعي هو علم الكتاب و السنة المبينة له و هو أصدق العلوم و أصلها و منبتها و أصل أصولها و قواعدها و هو أنفعها للناس في العاجل و الآجل .. ذلك أن العلم بالكتاب و السنة هو العلم بالوحي الذي أنزل الله على رسوله صلى الله عليه و سلم أي هو العلم بالعلوم الربانية التي أحاطت بالنفس البشرية من كل جهة فهو الهادي سواء السبيل في كل سبيل و النور في كل ظلمة لمن اعتصم به على وجهه و أخلص لله في ذلك و من استمسك به وجد الأمن و اليقين و الإطمئنان و السلامة.
و أما العلوم البشرية التي لا تستنير بهذا النور و لا تهتدي به فأساسها الظن و الاحتمال خيرها قليل و ضررها أكبر من نفعها لأنها علوم شخصية ذاتية ظرفية مرتبط بالضعف البشري و متفرعة عن النقائص الإنسانية متأثرة بالمظاهر الثقافية الخاصة و لذلك تجد الناس مختلفين عليها متفرقين متناوئين إلى حد التناحر أحيانا لأنها قصرت بهم عن بلوغ سقف التفاهم و التراضي و الاجتماع و الألفة.
و لن تجد فتنة قائمة حتى في تاريخ الإسلام إلا و مصدرها المذهبية الخاصة و الانتماء لفكر زيد أو عمرو و اتباع السبل بصفة عامة و عدم الاحتكام إلى الكتاب و السنة احتكاما مطلقا.
(3)
دليلك إلى العلم الشرعي -1-
العلم الشرعي علم الكتاب و السنة يشمل جميع مناحي الفكر و السلوك بل و قواعد التفكير و السلوك أيضا و عليه ينبغي البدء درجة درجة و أن يهتم المرء بالأولى فالأولى فلا يقدم منها الفروع على الأصول و المفضول على الفاضل و المستحب على الواجب ..
لقد جاء الإسلام و ليس في العرب و العجم شيء يُحمد إلا ما كان من شيء يسير من مكارم الأخلاق من صدق و أمانة و وفاء و صلة أرحام و نصرة مظلوم و إقامة عدل و كان ذلك مقتصرا أيضاً على القبيلة الواحدة و الشعب الواحد و أهل الديانة الموروثة الواحدة دون ما سائر القبائل و الشعوب و أهل الأديان الأخرى و ذلك بسبب العقائد الزائفة التي كانت سائدة أنذاك و انبنت عليها أواصر باطلة بحيث أن لكل صنف أو مجتمع بشري كان لهم إله يعبدونه و يوالون عليه و يعادون و يتقربون إليه بأقوال و أفعال ما أنزل الله بها من سلطان، إلى أن جاء الإسلام الحنيف فجمع الناس على كلمة سواء بعقيدة التوحيد توحيد الله الخالق المنسجم مع الفطرة و على مقاصده الكبرى و أحكامه العليا التي تسود جميع البشر بشتى أجناسهم و ألوانهم و لغاتهم فجمعهم أول شيء على عبادة الإله الواحد الذي لا إله غيره هذه العبادة التي تناسب جميع العقول و الفطر و تتفق مع فلسفة الوجود الإنساني و مع الكون ككل و عليها تآلف المسلمون و توحدوا و ضربوا أروع الأمثلة في الأخلاق و بناء الحضارة الإنسانية بل الأرضية و كانوا أعظم و أكرم و أرحم فاتحين عرفهم التاريخ.
الشاهد أن على المرء أن يتعلم أولا و قبل كل شيء عقيدة التوحيد التي يصح بها اعتقاده و ينعقد عليها قلبه و عزمه و يجتمع بها شتات فكره و يتوحد هدفه مع أقرانه و زملائه و إخوانه المسلمين و تأتلف قلوبهم و مقاصدهم و أهدافهم كما ألّف الله تعالى بين الرعيل الأول.
فيبحث المسلم عن كل شيء له علاقة بالتوحيد من الكتاب و السنة بدءا بمعرفة الله تعالى و دلائل وجوده و توحيده و معرفة رسوله الكريم و دلائل نبوته و مرورا بما يجب على المسلم من أعمال القلب في مقتضى التوحيد من محبة لله و خشيته و رجاءه و إخلاص له و خضوع لأمره و انتهاء بمعرفة قصص الموحدين من الأنبياء و قصص الصالحين أهل التوحيد في كل زمان.
ثم بعد ذلك يأتي العمل بمقتضى التوحيد قولا و فعلا فيبحث المتعلم في مبادئ الإلتزام بطاعة الله و رسوله صلى الله عليه و سلم و امتثال لتعاليمه و أول ذلك الإعتصام بالكتاب و السنة و التزام الفرائض التي افترضها الله تعالى قدر المستطاع و تجنب كبائر الذنوب التي نهى عنها و إصلاح النفس بما يصلحه و يصلح الأمة من الولاء لله و لرسوله و للمؤمنين و التزام جماعتهم و البعد عما يفسده من اتباع الرأي و الشذوذ و الفرقة و التحزب و التعصب و الطائفية و اتباع أئمة الضلالة كما سيأتي بيانه بإذن الله في حلقات قادمة.
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ )) [ رواه مسلم ]