المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلا ليعبدون أم إلا لآمرهم أن يعبدون؟



zinder
09-02-2016, 09:43 PM
" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "

( سأقوم بترقيم استشكالاتي حتى يسهل عليكم تحديد النقاط التي أخطأت في استنباطها فتخبرونني بأرقامها)

1-استخدم الله أسلوب نفى واستثناء ليفيد القصر
2-إذن فالسبب " الأوحد " وراء خلق الله للجن والإنس هو أن يعبدوه
3- هناك من الإنس من هم كفار ولن يعبدوه
4- إذن خلق الله من لن يعبدوه وهذه حقيقة واقعة
5- هناك تعارض بين 4 و 2
6- إذن هناك خطأ في صياغة الآية لأنها تنفي وجود شيء هو بالفعل موجود أمام أعيننا

أما إن كان يقصد " إلا لآمرهم أن يعبدون "
7- فما الدليل على ذلك؟
8-أليست الآية بصيغة " لآمرهم " أفضل مما هي عليه الآن ؟
وشكرا مقدما على سعة صدوركم

مستفيد..
09-03-2016, 11:12 AM
"
أما إن كان يقصد " إلا لآمرهم أن يعبدون "
7- فما الدليل على ذلك؟
8-أليست الآية بصيغة " لآمرهم " أفضل مما هي عليه الآن ؟
وشكرا مقدما على سعة صدوركم
1- لماذا اخترتَ آمرهم ولم تختر أريدهم مع أن الثاني أولى ؟ ودليله تضمنته الآية: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون "
فالمعنى أني خلقتهم لأني أريدهم أن يعبدون لا أريد منهم رزق ولا أن يطعمون. وأن يكون هناك من لا يعبد الله فهذا لا ينفي معنى الآية وهو ما ذهب إليه بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير بقوله: (( واللام في " ليعبدون " لام العلة ، أي : ما خلقتهم لعلة إلا علة عبادتهم إياي . والتقدير : لإرادتي أن يعبدون ، ويدل على هذا التقدير قوله في جملة البيان ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون .
وهذا التقدير يلاحظ في كل لام ترد في القرآن تعليلا لفعل الله تعالى ، أي : ما أرضى لوجودهم إلا أن يعترفوا لي بالتفرد بالإلهية .
فمعنى الإرادة هنا : الرضا والمحبة ، وليس معناها الصفة الإلهية التي تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه على وفق العلم ، التي اشتق منه اسمه تعالى ( المريد ) ؛ لأن إطلاق الإرادة على ذلك إطلاق آخر ، فليس المراد هنا تعليل تصرفات الخلق الناشئة عن اكتسابهم على اصطلاح الأشاعرة ، أو عن قدرتهم على اصطلاح المعتزلة على تقارب ما بين الاصطلاحين لظهور أن تصرفات الخلق قد تكون مناقضة لإرادة الله منهم بمعنى الإرادة الصفة ، فالله تعالى خلق الناس [ ص: 26 ] على تركيب يقتضي النظر في وجود الإله ويسوق إلى توحيده ، ولكن كسب الناس يجرف أعمالهم عن المهيع الذي خلقوا لأجله ، وأسباب تمكنهم من الانحراف كثيرة راجعة إلى تشابك الدواعي والتصرفات والآلات والموانع .
وهذا يغني عن احتمالات في تأويل التعليل من قوله " ليعبدون " من جعل عموم الجن والإنس مخصوصا بالمؤمنين منهم ، أو تقدير محذوف في الكلام ، أي : إلا لآمرهم بعبادتي ، أو حمل العبادة بمعنى التذلل والتضرع الذي لا يخلو منه الجميع في أحوال الحاجة إلى التذلل والتضرع كالمرض والقحط وقد ذكرها ابن عطية .
ويرد على جميع تلك الاحتمالات أن كثيرا من الإنس غير عابد بدليل المشاهدة ، وأن الله حكى عن بعض الجن أنهم غير عابدين . )) انتهى كلام بن عاشور.

2- لا مانع أن يكون المعنى بالشكل الذي فهمته أنتَ..فالله سبحانه وتعالى لم يقل وما أنزلت الإنس والجن إلى الأرض إلا ليعبدون: لو كانت الآية بهذا الشكل لكان اعتراضك في محله.
ولكنه تعالى قال: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون..فالعبادة هنا لم يجعلها الله واجبة في الدنيا فهي لم تقرن بمكان أو زمان. وعليه فإن من كفر ولم يعبد الله طوعا في الدنيا لا نقول أن حاله مناقض لما جاء في الآية لأنه قد يعبد الله كرها في الآخرة فيتحقق فيه معنى الآية بدليل قوله تعالى في سورة مريم: ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ) أي وكما جاء في التفسير : (( إلا آتيه يوم القيامة ( عبدا ) ذليلا خاضعا يعني : أن الخلق كلهم عبيده )) وقوله تعالى (( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ )) داخرين أي صاغرين..وقوله تعالى (( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال )) وتفسير الطبري لهذه الآية: (( فإن امتنع هؤلاء الذين يدعون من دون الله الأوثان والأصنام لله شركاء من إفراد الطاعة والإخلاص بالعبادة له فلله يسجد من في السماوات من الملائكة الكرام ومن في الأرض من المؤمنين به طوعا ، فأما الكافرون به فإنهم يسجدون له كرها حين يكرهون على السجود ))..وقال سبحانه كذلك في وصف حال الكفار يوم القيامة (( يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا ))

إذن لا إشكال إن شاء الله في المعننين.

zinder
09-03-2016, 08:02 PM
لنبدأ بالردود التي استبعدتها قبل البدء بتلك التي رجحتها

{جعل عموم الجن والإنس مخصوصا بالمؤمنين منهم }

لا يوجد بالآية ما يدل على تخصيص ولو أراد التخصيص لاستثنى منهم الكفار


{ أو تقدير محذوف في الكلام ، أي : إلا لآمرهم بعبادتي }

هذا لا يختلف كثيرا عما رجحته أنت من تقدير محذوف في الكلام وسوف أرد عليه لاحقا


{أو حمل العبادة بمعنى التذلل والتضرع الذي لا يخلو منه الجميع في أحوال الحاجة إلى التذلل والتضرع كالمرض والقحط }

ولكن هناك من لا يلجأ للتذلل أو التضرع في القحط والمرض

أما ما رجحته أنت من تقدير محذوف علته كلمة " أريد " في الآية التالية
فهذا ما يحتاج دليلا
هل هناك قاعدة مثلا تقول إن لام التعليل تتبع بحذف يستدل عليه بما تلاها؟!
يعني لماذا تم الحذف ابتداء؟
وعلى أي أساس تم استنباط تقدير ما حذف من آية تالية؟
ماذا لو قررت أنا أن المحذوف " لأمنعهم أن يعبدون "؟
هل وجود كلمة أريد دليل كاف على وجود محذوف بنفس معناها؟
خلاصة القول أني أرى استناد المفسر إلى تقدير محذوف من الكلام ما هو إلا حيلة لتبرير تناقض واقع لم يجد له حلا سوى تقدير محذوف من الكلام
بل وزاد أنه أتى بدليل ضعيف على الكلمة المحذوفة وهو أن كلمة ذكرت في آية تلتها

أما عن حمل المعنى على المعنى الحقيقي الواضح دون تأويل أو تقدير محذوف

{فالعبادة هنا لم يجعلها الله واجبة في الدنيا فهي لم تقرن بمكان أو زمان}
{ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال}

فهذا يشبه تماما ردكم على كيفية استواء الرحمن على العرش وكيفية سجود الشمس تحت عرش الرحمن
" بكيفية لا نعلمها ولكننا نؤمن بها "
فأنت اعتبرت أنه حتى الكفار يعبدون الله بطريقة لا نعلمها في الدنيا ويسجدون له بطريقة لا نعلمها وليس عليها ثم دليل
وذلك لمجرد أنك تؤمن أن ذلك كلام الله ولا بد أن يكون كلام الله حقا حتى لو كان منافيا لما نراه نحن بأعيننا في الواقع


أما أن العبادة ربما تكون كرها في الآخرة
فهذا أيضا مما لم ترد عليه دليلا وأما آيات القيامة وأن الجميع صاغر وعبد وذليل فأين معنى " يعبدون" في ذلك أصلا؟
هل كون الإنسان عبدا لله يقتضي منه أنه فعلا يعبد الله؟!

{فأما الكافرون به فإنهم يسجدون له كرها حين يكرهون على السجود }

لم أفهم ما تقصده بأنهم يكرهون على السجود
فما أعلمه عن يوم القيامة أنهم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون


وفي النهاية
لو كان سبب خلق الله للجن والإنس الكافرين كما تدعي هو أنهم سيعبدونه ولو يوم القيامة فقط
وأضف على ذلك أنهم سيكونون مكرهين وهم يعبدونه
إذن فالسبب الوحيد لخلقهم في الدنيا بكل ما فيها من مرض وفقر وبؤس وحزن ثم تألمهم في سكرات موتهم ثم عذابهم في قبورهم في حفر النيران ثم معاناتهم و إذلالهم وصغارهم يوم القيامة ثم عذابهم في جهنم إلى أبد الآبدين
كل ذلك من أجل سبب وحيد وهو أن يجعلهم يعبدونه مرة واحدة يوم القيامة.... بل وهم مكرهون أيضا؟!
فقد حقق إذن مراده من خلقهم فلماذا يعذبهم ويجعلهم يعانون... ولماذا يكلفهم بعبادته في الدنيا أصلا... ولماذا... ولماذا...؟!
فهذا التبرير يثير تساؤلات أكثر مما يجيب

.

مستفيد..
09-04-2016, 12:03 PM
يبدو أنك من هواة الجدل ومن محبي اللت والعجن.
باختصااااااار
1- الجملة العربية تفهم بالسياق. وابن عاشور الذي جئتك بتفسيره هو عالم لغة عربية قبل أن يكون مفسر وقوله واضح: "ويدل على هذا التقدير قوله في جملة البيان ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون . " يعني لو قلتها لطفل صغير لقال: طالما أنه لا يريدنا أن نرزقه أو نطعمه فهو قطعا لا يريدنا إلا أن نعبده. انتهى
لو عندك دليل يناقض هذ السياق اللغوي: فأتنا به. غير ذلك: آرئك المخالفة للسياق والتي لا تنهض على دليل: لا تلزمنا في شيء

2- لم أستبعد أي تفسير كما زعمت. هذا افتراءٌ منك. وإنما على العكس سلمتُ لك بفهمك تسليما تاما في النقطة (2) من المداخلة السابقة. وتبين أنك تقصر العبادة على الحياة الدنيا. وهذا فهم مغلوط منك ولا يلزمنا. ولو بحثتَ قليلاً عن حال أهل الفترة وكيف انهم غير مأمورين في الدنيا وإنما عبادتهم وامتثلالهم لأمر الله يكون في الآخرة لعلمتَ أن العبادة أعم وأشمل من أن تقصرها على زمان أو مكان. وبإمكانك اعتبار دليل أهل الفترة دليل إضافي على إمكان وقوع العبادة في الآخرة لا في الدنيا وهذا ثابت بالنصوص عندنا.

3- تقول:

فهذا يشبه تماما ردكم على كيفية استواء الرحمن على العرش وكيفية سجود الشمس تحت عرش الرحمن
" بكيفية لا نعلمها ولكننا نؤمن بها "
فأنت اعتبرت أنه حتى الكفار يعبدون الله بطريقة لا نعلمها في الدنيا ويسجدون له بطريقة لا نعلمها وليس عليها ثم دليل
وذلك لمجرد أنك تؤمن أن ذلك كلام الله ولا بد أن يكون كلام الله حقا حتى لو كان منافيا لما نراه نحن بأعيننا في الواقع
أنتَ كاااااذب !..كااااااذب !..كااااذب !
هذا افتراء من عندك..لم أشر إلى شيء من هذا ولا حتى تلميحا !

4- باقي كلامك عن يوم القيامة -وأيضا باختصاااااااار-:
ما هو تعريف العبادة لغةً لديك ؟
العبادة لغةً هو الخضوع والتذلل..وهو تعريف لا يعترض عليه أشد أهل الأرض إلحادا..
فإن كانت لغة العرب تسعفك في إيجاد تعريفٍ غيره بل وتحصره في هذا التعريف فأنرنا.

واعتراضاتك الأخرى من قبيل لماذا مكرهون..أو لماذا يعذبهم بعد ذلك..فهذه قفزة لولبية منك..لا علاقة لها بالقرينين: آية الخلق والعبادة: موضوع هذا الشريط.
هذه الأسئلة لا تطرح إلا بعد التسليم بانتفاء التناقض الذي تزعمه انتَ. وطرحها قبل التسليم بانتفاء التناقض هو كمن يضع ساقٍ بمصرَ وساقٍ بالعراق.

ابن سلامة القادري
09-05-2016, 01:39 AM
أهلا بالزميل، ليس عندنا أدنى إشكال في الآية و إشكالك لم يُطرح أبدا حتى عند اجهل الناس باللغة .. أي لغة شئت !!

و هنا سأوجه إليك سؤالين في غاية البساطة و لعل بالإجابة عنهما ينحل إشكالك :

- السؤال الأول :
لنتفق على الأساس : إن لم يخلقنا الله للعبادة برأيك و هو حتما خلقنا لغاية إلا أن تنفي عنه الحكمة - و هذا مناف لكماله - فلماذا خلقنا إذن ؟ أريد منك جوابا واضحا محددا هذا إن كان لديك علم طبعا بسبب آخر لخلقنا ..
هل خلقنا الله تعالى لنكون حيوانات مثلا .. إذن ما لزوم هذا الوعي الذي خلقه فينا .. لماذا لم نكن غرائزيين كالحيوانات و عندها أيضا لا لزوم لمحاكمة بعضنا بعضا و لا لوضع قوانين أرضية فضلا عن الخضوع للقوانين الإلهية و لا لزوم لتحمل المسؤوليات و لا للإحساس بالذنب أو الرغبة في الإحسان.
أطرح هذا السؤال منفصلا تماما عن التطرق إلى طبيعة العبادة و هل هي جبرية أم اختيارية بحيث يُستثنى منها الكفار و تختص بالمؤمنين - السؤال واضح : لماذا خلقنا الله ؟

جوابك ...

- السؤال الثاني : على فرض أن جوابك صحيح مائة بالمائة و أن الآية متعلقة ببعض الخلق دون بعض و أنها فقط تفيد هذا المعنى '' الأمر بالعبادة '' ما الذي يجعلك تلزم الآية لغة بهذا المقصود : ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون جبرا و قسرا ؟

على فرض أن الأمر بالعبادة هو الغاية الكلية من خلق الجن و الإنس ما المانع لغة أن يكون التعبير عنها بالإقتضاء و اللزوم .. فبما أن الله خلقنا لغاية واحدة أن يأمرنا بعبادته فهو بالتالي خلقنا لما أمرنا به ، ما الذي أمرنا به ، عبادته ، إذن فقد خلقنا لعبادته ..
و إن كان التعبير القرآني لأشمل و أحكم من هذا الذي تدندن حوله : الأمر بالعبادة ، لأنه ذكر الفعل المنسوب إلى الخلق يقتضي الفعل المنسوب إلى الخالق لكن الفعل المنسوب للخالق قد لا يقتضي بالضرورة أو لا يتضمن إشارة إلى فعل الخلق ، بمعنى لا قيمة لفعل الخلق ما يهم أن آمرهم و هذا ينافي إكرام الله تعالى للخلق و لا يليق بصفة قربه و دنوه منهم و رحمته القريبة من محسنيهم .. فهو ذو الجلال و الإكرام يحب أن يذكر عباده بما فعلوه و يفعلونه لأجله و بما يريدهم أن يفعلوه لأجله و لا يذكر مراده منهم فحسب .. فتأمل.

أخيرا، و بالتركيز على هذه النقطة يبطل كل ما تدعيه حول الآية رأسا ، لو كان معنى الآية الذي تلزمها به فيما ترمي إليه من كلامك : خلقنا الله لنعبده قسرا بحيث لا يستقيم لفظها عندك دون تحديد المراد و أنها عبادة تخييرية تتأتى بالتكليف و يدور عليها الإختبار، لماذا يأمرنا الله بالعبادة بل لماذا يختبرنا أصلا، و بالعودة إلى غاية الغايات إن كان الأمر بالعبادة هو الغاية من خلق الخلق فما المانع من أن يقول : خلقنا لأجلها .. هل في الثاني ما ينقض الأول لغة بحيث لا يحتمله و لا يتسع له مفهوما و لا منطوقاً ؟ مثال جئت بك لآمرك بفعل كذا (غرض) = جئت بك من أجل كذا (نفس الغرض).

zinder
09-06-2016, 02:33 AM
الأخ مستفيد :

{ الجملة العربية تفهم بالسياق. وابن عاشور الذي جئتك بتفسيره هو عالم لغة عربية }

وسياق الآية الواضح بلا تأويل يقول إن الله خلق الجن والإنس لكي يعبدوه
أما ابن عاشور فيدعي أن سياقها لم يعن ذلك وعليه أن يأتي بأدلته على ادعائه
أما أن تعتبر أنت كلامه صوابا لأنه " عالم لغة " فهذا ليس بحجة


{ ويدل على هذا التقدير قوله في جملة البيان ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون }

هذا إذن دليل ابن عاشور
وهذا ما جعلني أتساءل علام استند ابن عاشور ف استنباط أن محذوفا قد حذف ودلت عليه كلمة " أريد "
هل بناء على قاعدة لغوية ؟ أم فقط جاء باستنتاجه لأنه رأي تناقضا بين الآية بصياغتها تلك وبين الواقع فاعتبر أنه لا بد وأن يكون هناك محذوف؟



{يعني لو قلتها لطفل صغير لقال: طالما أنه لا يريدنا أن نرزقه أو نطعمه فهو قطعا لا يريدنا إلا أن نعبده}

استنتاج أنه لا يريدنا أن نرزقه أو نطعمه واضح بنص الآية
أما استنتاج أنه لا " يريدنا " أن نعبده فهذا هو موضع التساؤل

{ لم أستبعد أي تفسير كما زعمت. هذا افتراءٌ منك }
هذا ما فهمته من كلام ابن عاشور عندما قال إن تفسيره يغنينا عن تفسيرات أخرى كتخصيص الكلام للمؤمنين


{ وتبين أنك تقصر العبادة على الحياة الدنيا. وهذا فهم مغلوط منك ولا يلزمنا}

نعم أنا أقصرها على الدنيا لأني لم أر دليلا على حدوثها في الآخرة
فائتني أنت بأدلتك على ذلك

{وبإمكانك اعتبار دليل أهل الفترة دليل إضافي على إمكان وقوع العبادة في الآخرة لا في الدنيا وهذا ثابت بالنصوص عندنا}

التساؤل هنا عن وضع الذين كفروا وليس عن وضع من لم تبلغه الرسالة


{هذا افتراء من عندك..لم أشر إلى شيء من هذا ولا حتى تلميحا !}

هذا ما اعتقدت أنك تشير إليه بذكرك لآية أن من في الأرض يسجدون طوعا وكرها



{ما هو تعريف العبادة لغةً لديك ؟}
أنت استدللت على أن الكفار يعبدون الله بآية إلا آتي الرحمن عبدا
فاعتبرت أن كلمة عبدا تعني انهم يعبدون الله وهذا ما أعترض أنا عليه
فكما أن العبد لا يعبد سيده الذي اشتراه من سوق النخاسة
فكذلك الكافر عبد لله وبالرغم من ذلك لا يعبده



{هذه الأسئلة لا تطرح إلا بعد التسليم بانتفاء التناقض الذي تزعمه انتَ. وطرحها قبل التسليم بانتفاء التناقض هو كمن يضع ساقٍ بمصرَ وساقٍ بالعراق}

هذه الأسئلة طرحت أصلا لأني لم أر انتفاء التناقض بعد تفسيرك للآية بأنهم يعبدون الله كرها في الآخرة



الأخ ابن سلامة :

{ لماذا خلقنا الله ؟ }

ربما تظن أني مسلم لذلك طرحت هذا السؤال ولكني لست كذلك
على كل حال لا تهم وجهة نظري أنا في تعليل الخلق
ولكن من وجهة نظر إسلامية فبحسب الآية قد خلق الله الجن والإنس ليعبدوه
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن خلق من لن يعبدوه؟!


جوابك ...

{ما الذي يجعلك تلزم الآية لغة بهذا المقصود : ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون جبرا و قسرا ؟}

أنا لم ألزمها بذلك المعنى بل على النقيض استنكرته
وكنت أرد على ما في رد الأخ مستفيد من قوله بأن الكفار سيعبدون الله كرها يوم القيامة


{ خلقنا لما أمرنا به ، ما الذي أمرنا به ، عبادته ، إذن فقد خلقنا لعبادته }

الفرق أنه لو خلقنا لكي يأمرنا بعبادته فهو بالفعل قد نفذ الغاية وهي " الأمر " بالعبادة
أما أن يكون خلقنا لنعبده فهنا لم تنفذ الغاية لأن كثيرا لم يعبده


{ و لا يذكر مراده منهم فحسب .. فتأمل}

لم أفهم ما ترمي إليه من تلك الفقرة


{فما المانع من أن يقول : خلقنا لأجلها .. هل في الثاني ما ينقض الأول لغة بحيث لا يحتمله و لا يتسع له مفهوما و لا منطوقاً ؟ مثال جئت بك لآمرك بفعل كذا (غرض) = جئت بك من أجل كذا (نفس الغرض)}

كما قلت لك
المانع أن الغاية تتحقق في حالة "لآمرك" ولكنها لا تتحقق في حالة" لتفعل"

مجرّد إنسان
09-06-2016, 09:16 AM
السلام عليكم ورحمة الله
ليس ثمة تعارض في الآية؛ إذا ليس المراد من قوله سبحانه: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} أنه سبحانه خلق الخلق عابدين له، بل المراد أنه سبحانه خلق الخلق على الفطرة، بمعنى الاستعداد لقبول الإيمان أو الكفر، كما قال تعالى: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا} (الإنسان:3) وقوله أيضاً: {وهديناه النجدين} (البلد:10) وقوله أيضاً: {فألهما فجورها وتقوها} (الشمس:8) وقوله سبحانه: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} (التغابن:2) والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالله سبحانه لم يخلق الخلق عابدين، ولو كان الأمر كذلك لانتفى معنى التكليف.
فالمراد من الآية بيان الغاية من الخلق وهو أن يكون عابدين له سبحانه، وليس المراد منها انه سبحانه خالقهم عابدين له. قال ابن كثير في المراد من الآية: "إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي" فمنهم من يستجيب لأمره فيكون من المفلحين، ومنهم من يعرض عن أمره فيكون من الخاسرين.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: {إلا ليعبدون} أي: إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً، وهذا اختيار ابن جرير الطبري.
وبما تقدم تعلم أن وجود كفار غير عابدين لا يتعارض مع ما قررته الآية؛ إذ الآية قررت الغاية التي يجب أن يتجه إليها الخلق من خلقهم، وهي عبادة الله دون سواه، وليست الآية إخباراً على أن الله خلق الخلق عابدين له. وبعبارة أخرى، فإن الآية إنشائية وليست إخبارية.

مجرّد إنسان
09-06-2016, 11:11 AM
وحتى لا نغرق للجاجة أسألك بشكل مباشر: قال الله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} (سورة طه 116).

هل تحقق هذا الأمر أم لا؟ (نعم-لا)

مجرّد إنسان
09-06-2016, 01:26 PM
دعني أقول أنني سعيد جداً بسؤالك...ولو مشيت معي خطوة خطوة سنصل إلى نتيجة بإذن الله لو كنت مريدا للحق....

ابن سلامة القادري
09-06-2016, 01:33 PM
الأخ ابن سلامة :

{ لماذا خلقنا الله ؟ }

ربما تظن أني مسلم لذلك طرحت هذا السؤال ولكني لست كذلك
على كل حال لا تهم وجهة نظري أنا في تعليل الخلق
ولكن من وجهة نظر إسلامية فبحسب الآية قد خلق الله الجن والإنس ليعبدوه
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن خلق من لن يعبدوه؟!



أهلا بك مجددا، أقول :
ليس هذا هو السؤال، السؤال هل أجبرهم على ذلك، فقد جئنا لهذه الحياة متساوين في القدرات كمكلفين أقول كمكلفين استثناء لمن استثناهم الله تعالى من التكليف و هم الأطفال و المجانين و أهل الفترة و أهل الخرف، فما عدا هذه الحالات لم يجبر الله أحدا على فعل الخير أو الشر خاصة بعد الحجة الرسالة التي ينقطع بها العذر.

أما أن الله تعالى خلق الكفر كما خلق الإيمان فهذا يدخل في المشيئة المطلقة و ليس في الإرادة الخاصة إرادة أن يعبدوه فهنا يكمن خلل الفهم عندك و الذي يوحي إليك بالتناقض و حين تفهم أن هناك فرقا بين المشيئتين حتما ستفهم الآية.

ثم إن الله تعالى لم يجبر أحدا لا على الإيمان و لا على الكفر لقد زوّد الكل بقدرات يعرفونه بها بالسمع و البصر و الفؤاد آليات العلم التي هي مناط التكليف و أرسل الرسل معهم البينات و الآيات المعجزات ليهدي الناس إليه هداية كاملة تامة و ليتحقق مراده من إيجادهم على الوجه الأكمل و أيضا لتقوم الحجة على من اختار الكفر عامدا و طبعا ليس على من أجبره الله على الكفر فقد أراده الله أن يؤمن و أن يعبده وحده لكنه استحب الكفر على الإيمان و على عبادة الله و مشيئة الله له بأن يختار ذلك لا تعني قط أنه صادم الإرادة الإلهية التي أتبعها سبحانه بالإختيار.
و لأقربك من الصورة أكثر هذه خلاصة الكلام :

الله تعالى خلق الجن و الإنس ليعبدوه و زود عمومهم بآليات العلم و قدرات الفهم و بعث إليهم الرسل ليحققوا هذه الغاية على أتم وجه .. فاختار بعضهم اتباع الأنبياء فاستحقوا رضى الله و الجنة و اختار بعضهم عصيانهم فاستحقوا سخط الله و النار.

هذا باختصار أما بالدخول في المشيئة و لماذا خلق الله الشر بما فيه الكفر هذا موضوع آخر لكنه لا يصادم معنى الآية بأي شكل من الأشكال، و عليه فحجتك هنا مشابهة لحجة الجبرية التي قال بها كفار قريش على عهد النبي صلى الله عليه و سلم كما حكى الله عنهم :
سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا ۗ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)

بمعنى أن الله تعالى لم يشأ أن يشرك بعضنا و لا شاء أن نهتدي أجمعين و لو أراد ذلك لفعل و لم يعجزه شيء لكنه جعل غاية لخلقنا لم يجبرنا عليها لأنه زودنا بالإختيار، و هذه النقطة التي لم نتفق عليها و باتفاقنا عليها سينتهي الموضوع، و جعل مدار التكليف على هذه الغاية و ترك لنا كل الإختيار لينظر في أعمالنا و ليجزينا بها كل بحسبه. (كما سيأتي من أقوال المفسرين للآية ما يبين ذلك)

و الدليل على ذلك أن الله تعالى لم يخلقنا لغاية أخرى كأن ننفعه بشيء و هذا واضح في سياق الآية. فالله مستغن عنا بل نحن الذين في حاجته لا نستغني عنه طرفة عين و لذلك توجب علينا منطقيا أن نعبده، و لأن بعضنا ظن أنه مستغن عن الله لم يفعل فانخذل عن هذا المقصد فخسر و هو لاقٍ وبال أمره في هذه الدنيا و الآخرة إلا أن يتوب طالما باب التوبة مفتوح ليتوب إلى الله و إلى ندائه الرسالي و القرآن المتكرر : أعبدوا الله ما لكم من إله غيره و الذي جائ على لسان كل الأنبياء.


{ما الذي يجعلك تلزم الآية لغة بهذا المقصود : ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون جبرا و قسرا ؟}

أنا لم ألزمها بذلك المعنى بل على النقيض استنكرته


كيف استنكرته إذن إن لم تكن ألزمتها به ؟؟؟؟؟ و هو ليس المعنى الصحيح الظاهر لها أصلا إنما هو المعنى الذي ترجح عندك دون قرينة صحيحة كما سنرى و هو ليس أولى الأقوال أو أغلبها عند المفسرين بما أنه أحد الأقوال الواردة و إن كان صحيحا بقرينته كما سنبين إن شاء الله.
فأنت هنا تقر على أنك تفهمها على هذا الوجه و هو باطل بتعطيلك للقرينة التي قال بها المفسرون و هي وجود عبودية كونية عامة تعم المؤمنين و الكافرين، و قد ترجح هذا المعنى بقرينته هذه عند بعض المفسرين لتقرير معنى الآية من خلال بعض ما يمكن أن يفهم منها لكنه ليس هو الفهم الكلي للآية ، فالمعنى الكلي و الظاهر للآية يتحدث عن العبادة بالمفهوم الإصطلاحي المشتهر عند عامة علماء الأمة بمن فيهم مفسروها أي المفهوم الذي عليه مدار كل أمر في القرآن بصيغة : اعبدوا ، و كما في أعظم سور القرآن سورة الفاتحة: إياك نعبد، و هو أي العبادة في مفهومها الشامل الذي هو حق الله على العباد و الحق لا يفرض فرضا خاصة إذا كان قلبيا و إنما يؤمر به أو يوصى أو ينصح :
عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟)) فقال معاذ: قلت الله ورسوله أعلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا)) رواه البخاي و مسلم

و تعريف هذا الحق تعريفا دقيقا كما في اصطلاح جمهور العلماء و الذي تضمنته الآية إجمالا فهو : أنها أي العبادة إسم جامع لكل ما يحبه الله من الأقوال و الأعمال الظاهرة و الباطنة.

و لا شيء من ذلك أجبر الله تعالى العباد عليه و إن جعله الغاية من خلقهم.

و العبادة بمعنى آخر : الإيمان و العمل الصالح وفق شريعة الله و هدي رسوله، و أنت تعلم أنه ليس كل الناس خُلقوا مؤمنين صالحين و لا كل الناس يفعلون ما يحبه الله من الأقوال أو الاعمال ظاهرا أو باطنا و عليه فهذا كاف ليشرح لك و يبين المقصود من الآية دونما حاجة إلى المفسرين و أن العبادة التي تحدثت عنها اختيارية لا إجبارية.

خاصة أن هناك عشرات الآيات يأمر الله فيها بعبادته و يوصي بذلك و يقيم الحجج و البراهين على ضرورة ذلك و وجود ما يدعو إليه و أنه الحق الذي قامت لأجله السموات و الأرض، و لو خلقنا الله عابدين لم يكن لهذا الأمر أو الوصية معنى و لما كفر أحد أو عصى.
و المعنى الذي دندن حوله بعض المفسرين و الذي قد يتصل في ذهنك بالجبر هو معنى جانبي ليس كليا و يمكن أن تفهم به الآية بقرينة صحيحة، فنحن بالفعل عابدون لله جميعا إذا كان المعنى هو العبودية الكونية أي الخضوع الكوني أو الإسلام الكوني أو القنوت الكوني كما ورد في آيات من القرآن الكريم، و إن كان المراد هذا المعنى فهو حق كما أن المعنى الآخر حق، لماذا لأنه لا شيء يخرج عن نطاق المشيئة الإلهية و الله يتحكم في القلوب و هو الذي قدّر كل شيء تقديراً كما قال تعالى : لمن شاء منكم أن يستقيم و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين. و هذا هو مفهوم العبودية الكونية ، فأنت و أنا عباد لله آمنا أم كفرنا إذا كان المراد هو الخضوع لمشيئة الله و سيطرته المطلقة على دواخلنا و جوارحنا و هو أحد وجوه اللغة في التفسير.

لكن المعنى الصحيح للآية ليس هو الثاني بل الأول كما ذهب عامة المفسرين :

قال الطبري : وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي ذكرنا عن ابن عباس، وهو: ما خلقت الجنّ والإنس إلا لعبادتنا، والتذلل لأمرنا.
وقال الزمخشري : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }
أي: وما خلقت الجن والإنس إلا لأجل العبادة، ولم أرد من جميعهم إلا إياها. فإن قلت: لو كان مريداً للعبادة منهم لكانوا كلهم عباداً؟ قلت: إنما أراد منهم أن يعبدوه مختارين للعبادة لا مضطرين إليها، لأنه خلقهم ممكنين، فاختار بعضهم ترك العبادة مع كونه مريداً لها، ولو أرادها على القسر والإلجاء لوجدت من جميعهم.
و الرازي ذكر ما يزيد الأمر بياناً من اختصاص الجن و الإنس بمعنى الآية دون من يعبد الله قسرا في الظاهر و هم الملائكة ، قال:
الملائكة أيضاً من أصناف المكلفين ولم يذكرهم الله مع أن المنفعة الكبرى في إيجاده لهم هي العبادة ولهذا قال:
{ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ }
[الأنبياء: 26] وقال تعالى:
{ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ }
[الأعراف: 206] فما الحكمة فيه؟ نقول: الجواب عنه من وجوه الأول: قد ذكرنا في بعض الوجوه أن تعلق الآية بما قبلها بيان قبح ما يفعله الكفرة من ترك ما خلقوا له ...
وقال القرطبي – و قد جمع بين المعنيين - : فمعنى «لِيَعْبُدُونِ» ليذِلّوا ويخضعوا ويعبدوا.
وقال في سياق العبودية الكونية التي قد تحتملها الآية :
فإن قيل: كيف كفروا وقد خلقهم للإقرار بربوبيته والتذلل لأمره ومشيئته؟ قيل: قد تذللوا لقضائه عليهم؛ لأن قضاءه جارٍ عليهم لا يقدرون على الامتناع منه، وإنما خالفهم من كفر في العمل بما أمره به، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه. وقيل: { إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أي إلا ليقروا لي بالعبادة طوعاً أو كرهاً؛
وقال ابن كثير : أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم.
و قول ابن كثير هذا هو الظاهر.
وقال البغوي مستحسنا قولا يشمل المؤمن و الكافر : وقال مجاهد: إلاّ ليعرفوني. وهذا أحسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرف وجوده وتوحيده، دليله: قوله تعالى:
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللهُ }
[الزخرف:87].

وقال مقاتل بن سليمان (توفي س 150 هـ) و هو من أقدم المفسرين و قد سبق الطبري :
فوعظ كفار مكة بوعيد القرآن، فقال: { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [آية: 56] يعني إلا ليوحدون، وقالوا: إلا ليعرفوا يعني ما أمرتهم إلا بالعبادة، ولو أنهم خلقوا للعبادة، ما عصوا طرفة عين.
حدثنا عبدالله، قال: حدثني أبي، عن أبي صالح، قال: إلا ليوحدون، قال أبو صالح: الأمر يعصى والخلق لا يعصى.

وقال جمال الدين القاسمي : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } أي: لهذه الحكمة، وهي عبادته تعالى بما أمر على لسان رسوله، إذ لا يتم صلاح، ولا تنال سعادة في الدارين، إلا بها.
وقال ابن عاشور : واللام في { ليعبدون } لام العلة، أي ما خلقتهم لعلة إلا علة عبادتهم إياي. والتقدير: لإِرادتي أن يعبدون، ويدل على هذا التقدير قوله في جملة البيان: { ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون }.
وهذا التقدير يلاحظ في كل لامٍ ترد في القرآن تعليلاً لفعلِ الله تعالى، أي ما أرضَى لوجودهم إلا أن يعترفوا لي بالتفرد بالإِلهية.

و نختم مع التأكيد على هذا المعنى الظاهر – كما باللون الأحمر و ما بعده- بما قاله الشنقيطي من أرسخ المفسرين المُحدثين علما بالقرآن و هو أيضا من المبرّزين من علماء التفسير في اللغة العربية و متخصص في تفسير القرآن بالقرآن و ألف فيه كتابه ؟أضواء البيان قال فيه :
{ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }

اختلف العلماء في معنى قوله { لِيَعْبُدُونِ } ، فقال بعضهم المعنى ما خلقتهم إلا ليعبدني السعداء منهم ويعصيني الأشقيا، فالحكمة المقصودة من إيجاد الخلق التي هي عبادة الله حاصلة بفعل السعداء منهم كما يدل عليه قوله تعالى:
{ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ }
[الأنعام: 89]، وهذا القول نقله ابن جرير عن زيد بن أسلم وسفيان.

وغاية ما يلزم على هذا القول أنه أطلق فيها المجموع وأراد بعضهم.

وأمثال ذلك كثيرة في القرآن، ومن أوضحها قراءة حمزة والكسائي، فإن قتلوكم فاقتلوهم، من القتل لا من القتال، وقد بينا هذا في مواضع متعددة، وذكرنا أن من شواهده العربية قول الشاعر:
فسيف بني عبس وقد ضربوا به نبا من يَدَيْ ورقاء عن رأس خالد
فتراه نسب الضرب لبني عبس مع تصريحه أن الضارب الذي نبا بيده السيف عن رأس خالد يعني ابن جعفر الكلابي، هو ورقاء يعني ابن زهير العبسي.

وقد قدمنا في الحجرات أن من ذلك قوله تعالى
{ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا }
[الحجرات: 14] الآية بدليل قوله:
{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِر }
[التوبة: 99] - إلى قوله -
{ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
[التوبة: 99].

وقال بعض العلماء: معنى قوله: { إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }: أي " إلا ليقروا لي بالعبودية طوعاً أو كرهاً " لأن المؤمن يطيع باختياره والكافر مذعن منقاد لقضاء ربه جبراً عليه، وهذا القول رواه ابن جرير عن ابن عباس واختاره، ويدل له قوله تعالى:
{ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً }
[الرعد: 15] الآية، والسجود والعبادة كلاهما خضوع وتذلل لله جل وعلا، وقد دلت الآية على أن بعضهم يفعل ذلك طوعاً وبعضهم يفعله كرهاً.

وعن مجاهد أنه قال: { إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }: أي إلا ليعرفوني. واستدل بعضهم لهذا القول بقوله:
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ }
[الزخرف: 87] ونحو ذلك من الآيات. وهو كثير في القرآن، وقد أوضحنا كثرته فيه في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:
{ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }
[الإسراء: 9].

وقال بعض أهل العلم: وهو مروي عن مجاهد أيضاً معنى قوله: { إلاَّ لِيَعْبُدُونِ }: أي إلا لآمرهم بعبادتي فيعبدني من وفقته منهم لعبادتي دون غيره، وعلى هذا القول: فإرادة عبادتهم المدلول عليهم باللام في قوله: { لِيَعْبُدُونِ } إرادة دينية شرعية وهي الملازمة للأمر، وهي عامة لجميع من أمرتهم الرسل لطاعة الله الا إرادة كونية قدرية، لأنها لو كانت كذلك لعبده جميع الإنس والجن، والواقع خلاف ذلك بدليل قوله تعالى
{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ }
[الكافرون: 1-3] إلى آخر السورة.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: التحقيق إن شاء الله في معنى هذه الآية الكريمة { إلاَّ لِيَعْبُدُونِ } في إلا لآمرهم بعبادتي وأبتليهم أي أختبرهم بالتكاليف ثم أجازيهم على أعمالهم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وإنما قلنا إن هذا هو التحقيق في معنى الآية، لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله، فقد صرح تعالى في آيات من كتابه أنه خلقهم ليبتليهم أيهم أحسن عملاً، وأنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم.
قال تعالى في أول سورة هود:
{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ }
[هود: 7]، ثم بين الحكمة في ذلك فقال:
{ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }
[هود: 7].

وقال تعالى في أول سورة الملك:
{ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }
[الملك: 2].

وقال تعالى في أول سورة الكهف:
{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً }
[الكهف: 7]الآية.

فتصريحه جل وعلا في هذه الآيات المذكورة بأن حكمة خلقه للخلق، هي ابتلاؤهم أيهم أحسن عملاً، يفسر قوله { لِيَعْبُدُونِ }. وخير ما يفسر به القرآن القرآن.

ومعلوم أن نتيجة العمل المقصود منه لا تتم إلا بجزاء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ولذا صرح تعالى بأن حكمة خلقهم أولاً وبعثهم ثانياً، هو جزاء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، وذلك في قوله تعالى في أول يونس:
{ إِنَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }
[يونس: 4]، وقوله في النجم:
{ وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى }
{ النجم: 31].

وقد أنكر تعالى على الإنسان حسبانه وظنه أنه يترك سدى، أي مهملاً، لم يؤمر ولم ينه، وبين أنه ما نقله من طور إلى طور حتى أوجده إلا ليبعثه بعد الموت أي ويجازيه على عمله، قال تعالى:
{ أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَىٰ }
[القيامة: 36-37] - إلى قوله -
{ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ }
[القيامة: 40].

والبراهين على البعث دالة على الجزاء، وقد نزه تعالى نفسه عن هذا الظن الذي ظنه الكفار به تعالى، وهو أنه لا يبعث الخلق ولا يجازيهم منكراً ذلك عليهم في قوله:
{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ }
[المؤمنون: 115-116].

وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في أول سورة الأحقاف في الكلام على قوله تعالى:
{ مَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًى }
[الأحقاف: 3].

تنبيه

اعلم أن الآيات الدالة على حكمة خلق الله للسماوات والأرض وأهلهما وما بينهما قد يظن غير المتأمل أن بينهما اختلافاً، والواقع خلاف ذلك. لأن كلام الله لا يخالف بعضه بعضاً، وإيضاح ذلك أن الله تبارك وتعالى ذكر في بعض الآيات أن حكمة خلقه للسماوات والأرض هي إعلام خلقه بأنه قادر على كل شيء، وأنه محيط بكل شيء علماً، وذلك في قوله تعالى في آخر الطلاق:
{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمَا }
[الطلاق: 12].

وذكر في مواضع كثيرة من كتابه أنه خلق الخلق ليبين للناس كونه هو المعبود وحده، كقوله تعالى
{ وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ }
[البقرة: 163]، ثم أقام البرهان على أنه إله واحد بقوله بعده
{ إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ }
[البقرة: 164] - إلى قوله -
{ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
[البقرة: 164] ولما قال:
{ يَاأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُم }
[البقرة: 21] بين أن خلقهم برهان على أنه المعبود وحده بقوله بعده
{ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ }
[البقرة: 21] الآية.

والاستدلال على أن المعبود واحد بكونه هو الخالق كثير جداً في القرآن، وقد أوضحنا الآيات الدالة عليه في أول سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى:
{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً }
[الفرقان: 2-3]الآية، وفي سورة الرعد في الكلام على قوله تعالى
{ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ ٱلْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ ٱللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ }
[الرعد: 16] الآية، وفي غير ذلك من المواضع.

وذكر في بعض الآيات أنه خلق السماوات والأرض ليبتلي الناس، وذلك في قوله:
{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }
[هود: 7].

وذكر في بعض الآيات أنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم وذلك في قوله:
{ إِنَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ }
[يونس: 4] الآية، وذكر في آية الذاريات هذه أنه ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه، فقد يظن غير العالم أن بين هذه الآيات اختلافاً مع أنها لا اختلاف بينها، لأن الحكم المذكور فيها كلها راجع إلى شيء واحد، وهو معرفة الله وطاعته ومعرفة وعده ووعيده، فقوله:
{ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
[الطلاق: 12] وقوله:
{ ٱعْبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم }
[البقرة: 21] راجع إلى شيء واحد هو العلم بالله، لأن من عرف الله أطاعه ووحده.

وهذا العلم يعلمهم الله إياه ويرسل لهم الرسل بمقتضاه ليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حيي عن بينه، فالتكليف بعد العلم، والجزاء بعد التكليف، فظهر بهذا اتفاق الآيات لأن الجزاء لا بد له من تكليف، وهو الابتلاء المذكور في الآيات والتكليف لا بد له من علم، ولذا دل بعض الآيات على أن حكمة الخلق للمخلوقات هي العلم بالخالق، ودل بعضها على أنها الابتلاء، ودل بعضها على أنها الجزاء، وكل ذلك حق لا اختلاف فيه، وبعضه مرتب على بعض.

وقد بينا معنى { إلاَّ لِيَعْبُدُونَ } في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب في سورة هود في الكلام على قوله تعالى:

{ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُم }
[هود: 119] وبينا هناك أن الإرادة المدلول عليها باللام في قوله { وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ } أي ولأجل الاختلاف إلى شقي وسعيد خلقهم، وفي قوله:
{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس }
[الأعراف: 179] إرادة كونية قدرية، وأن الإرادة المدلول عليها باللام في قوله: { إلاَّ لِيَعْبُدُونَ } ، إرادة دينية شرعية.

وبينا هناك أيضاً الأحاديث الدالة على أن الله خلق الخلق منقسماً إلى شقي وسعيد، وأنه كتب ذلك وقدره قبل أن يخلقهم. وقال تعالى:
{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ }
[التغابن: 2]: وقال:
{ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ }
[الشورى: 7].

والحاصل: أن الله دعا جميع الناس على ألسنة رسله إلى الإيمان به وعبادته وحده وأمرهم بذلك وأمره بذلك مستلزم للإرادة الدينية الشرعية، ثم إن الله جل وعلا يهدي من يشاء منهم ويضل من يشاء بإرادته الكونية القدرية، فيصيرون إلى ما سبق به العلم من شقاوة وسعادة، وبهذا تعلم وجه الجمع بين قوله:
{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس }
[الأعراف: 179]. وقوله:
{ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُم }
[هود: 119]، وبين قوله { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56]، وإنما ذكرنا أن الإرادة قد تكون دينية شرعية، وهي ملازمة للأمر والرضا، وقد تكون كونية قدرية وليست ملازمة لهما، لأن الله يأمر الجميع بالأفعال المرادة منهم ديناً، ويريد ذلك كوناً وقدراً من بعضهم دون بعض، كما قال تعالى:
{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ أِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ }
[النساء: 64]، فقوله: إلا ليطاع: أي فيما جاء به من عندنا، لأنه مطلوب مراد من المكلفين شرعاً وديناً، وقوله: بإذن الله يدل على أنه لا يقع من ذلك إلا ما أراده الله كوناً وقدراً، والله جل وعلا يقول:
{ وَٱللَّهُ يَدْعُوۤ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍِ }
انتهى[يونس: 25] والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " كلٌّ ميسر لما خلق له " والعلم عند الله تعالى.


تتمة الجواب في معنى العبودية الكونية الذي ذهب إليه بعض المفسرين من موقع ''الإسلام سؤال و جواب'' :

اعلم أرشدك الله لطاعته أن العبودية نوعان :عبودية خاصة ، وعبودية عامة .

فالعبودية الخاصة هي :

عبودية المحبة والانقياد والطاعة التي يشرف بها العبد ويعظم ،وهي التي وردت في مثل قول الله تعالى : ( الله لطيف بعباده ) الشورى/19 ، وقوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) الفرقان/63 ، وهذه العبودية خاصة بالمؤمنين الذين يطيعون الله تعالى ، لا يشاركهم فيها الكفار الذين خرجوا عن شرع الله تعالى وأمره ونهيه ، والناس يتفاوتون في هذه العبودية تفاوتاً عظيما ؛ فكلما كان العبد محباً لله متبعاً لأوامره منقاداً لشرعه كان أكثر عبودية . وأعظم الناس تحقيقاً لهذا المقام هم الأنبياء والرسل ، وأعظمهم على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يرد ذكر أحد بوصف بالعبودية المجردة في القرآن إلا هو عليه الصلاة والسلام فذكره الله بوصف العبودية في أشرف المقامات كمقام الوحي فقال سبحانه : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً ) الكهف/1 ، وفي مقام الإسراء فقال جل شأنه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) الإسراء/1 ، وفي مقام الدعوة فقال تعالى : ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً ) الجن/19 إلى غير ذلك من الآيات .

فالشرف كل الشرف في استكمال هذه العبودية وتحقيقها ولا يكون ذلك إلا بتمام الافتقار إلى الله تعالى ، وتمام الاستغناء عن الخلق ، وذلك لا يتأتى إلا بأن يجمع الإنسان بين محبة الله تعالى والخوف منه ورجاءِ فضله وثوابه .

وأما العبودية العامة :

فهذه لا يخرج عنها مخلوق وتسمى عبودية القهر فالخلق كلهم بهذا المعنى عبيد لله يجري فيهم حكمه ، و ينفذ فيهم قضاؤه ، لا يملك أحد لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا بإذن ربه ومالكه المتصرف فيه . وهذه العبودية هي التي جاءت في مثل قوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 ، وهذه العبودية لا تقتضي فضلاً ولا تشريفاًُ ، فمن أعرض عن العبودية الخاصة فهو مأسور مقهور بالعبودية العامة فلا يخرج عنها بحال من الأحوال . فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل والغلبة .

نسأل الله أن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب . والله أعلم وأحكم .

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 ) و ( العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ) .

مستفيد..
09-06-2016, 02:54 PM
أكثرت من الكلام ولم تضف شيئا للحوار..

{ لم أستبعد أي تفسير كما زعمت. هذا افتراءٌ منك }
هذا ما فهمته من كلام ابن عاشور عندما قال إن تفسيره يغنينا عن تفسيرات أخرى كتخصيص الكلام للمؤمنين
ومحدثك ليس بن عاشور وقد أشرت بقولي: " انتهى كلام بن عاشور"..ثم انتقلتُ إلى نقطة أخرى تتبنى قولك.
وكلام بن عاشور هو كلام سليم لغويا مائة بالمائة. وما تعترض عليه أنت من كلام بن عاشور يستطيع بن عاشور أن يعترض عليك بمثله ويطالبك بالدليل الذي جعلك تقدر محذوفا يحمل الآية على الجبر والقسر. فالآية لم تقل أن الله خلق الخلق ليعبدوه في الدنيا جبرا وقسرا. أنتَ من افترض كل ذلك الغير مصرح به في الآية. فما دليلك ؟ على الأقل بن عاشور استند لبيان تضمنته الآية على خلالفك تماما أتيتَ بتقدير من كيسك
أفهمتَ الآن ؟


{وبإمكانك اعتبار دليل أهل الفترة دليل إضافي على إمكان وقوع العبادة في الآخرة لا في الدنيا وهذا ثابت بالنصوص عندنا}
التساؤل هنا عن وضع الذين كفروا وليس عن وضع من لم تبلغه الرسالة
عدتَ للكذب مرة أخرى!
هل تقصد أن أهل الفترة عبدوا الله في الدنيا ؟
إن قلتَ نعم فقد كذبتَ
وإن قلتَ لا: تناقضوا مع الآية -بزعمك- لأنهم من ضمن الإنس الذين حكمت عليهم الآية بوجوب وقوع عبادتهم في الدنيا-وأنتَ الذي يقصر العبادة على الدنيا-
الآية كما تفهمها أنتَ أوجبت على جميع الإنس العبادة في الدنيا..وأهل الفترة يشملهم ما يشمل الكفار لاشتراك الفريقين في انتفاء العبادة عنهم-في الدنيا-. وبالتالي فإن قولك أنهم لم يكونوا كفارا للتملص هو قولٌ مضحك بكل ما تحمله كلمة مضحك من معنى!
أفهمتَ الآن ؟...لا مجال للتملص من هذا الدليل بجرة قلم.


{ما هو تعريف العبادة لغةً لديك ؟}
فكما أن العبد لا يعبد سيده الذي اشتراه من سوق النخاسة
فكذلك الكافر عبد لله وبالرغم من ذلك لا يعبده
هذا ليس تعريف للعبادة..هذه هرطقة من عندك.
بل إن الدليل الذي تستشهد به يدينك: فأنتَ بلسانك أسميته عبدا وكذلك يسميه أهل الأرض جميعا. لا لشيء إلا لأنه خضع لسيده الذي اشتراه: كَرْهًا.
إن لم يكن عندك تعريف لغوي موثق من لغة العرب يعارض التعريف الذي جئتك به ويعارض المثال الذي جئتنا به أنت وأدانك. فلا حاجة لنا بهذيانك.

zinder
09-09-2016, 05:02 PM
الأخ مجرد إنسان

{بل المراد أنه سبحانه خلق الخلق على الفطرة، بمعنى الاستعداد لقبول الإيمان أو الكفر}

ما أريده هو كيف استددلت من الآية نفسها على هذا المعنى؟ فنص الآية ذكر أن سبب خلق الله لأي أحد هو أن "يعبده" فهل كلمة يعبد تعني الاستعداد لقبول الإيمان كما تقول أم تعني فعل العبادة ذاته؟
باقي الآيات التي ذكرتها لن تغير معنى هذه الآية لأن المعلومة تامة في الآية أصلا



{فالمراد من الآية بيان الغاية من الخلق وهو أن يكون عابدين له سبحانه، وليس المراد منها انه سبحانه خالقهم عابدين له}

إذا كانت الغاية الوحيدة من خلق الكفار هي أن يكونوا عابدين له
فهذا معناه أن تلك الغاية لن تتحقق بخلقهم
فلماذا خلقهم وهو ذاته أقر بعدم وجود أسباب أخرى غير تلك الغاية؟



{قال ابن كثير في المراد من الآية: "إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي" }

من أين علم ابن كثير ما يقصده الله رغم أن نص الآية لم يشر إليه لا من قريب ولا من بعيد؟!
ما أظنه دفع ابن كثير لتفسيره هذا هو فقط أنه وجد تناقضا بين نص الآية وبين الواقع المشاهد
وإلا فعليه أن يشرح لنا كيف توصل لتفسيره هذا لغويا من نص الآية


{عن ابن عباس رضي الله عنهما: {إلا ليعبدون} أي: إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً}

اشرح لي معنى " كرها " لأني عندما فهمتها " جبرا " واعترضت عليها اعتبرتم أني أعرض شبهة الجبرية وهذا ما لم يحدث أصلا


{وبما تقدم تعلم أن وجود كفار غير عابدين لا يتعارض مع ما قررته الآية؛ إذ الآية قررت الغاية التي يجب أن يتجه إليها الخلق من خلقهم، وهي عبادة الله دون سواه}

" الغاية التي يجب أن يتجه إليها الخلق "!!
بل الغاية التي من أجلها خلق الله الخلق
بمعنى أن الله يعرض وجهة نظره هو - إن صح التعبير - في توضيح غايته هو من الخلق
ولم يقل هذه غايتكم انتم التي يجب أن تتجهوا لها
لا أعلم إن كنت تفهم مقصدي أم لا فهذا هو مربط الفرس في الموضوع أصلا



{ فإن الآية إنشائية وليست إخبارية}

فسر لي ما تقصده بالإنشائية وما الفرق بينها وبين الخبرية؟



{هل تحقق هذا الأمر أم لا؟}

سؤال آخر لا أفهم هدفه!
نعم تحقق الأمر وسجدت الملائكة
أما لو اعتبرت إبليس ملكا فتكون الإجابة لا لم يسجدو كلهم
ربما لو فهمت مقصدك لأجبتك بشكل أوضح

zinder
09-09-2016, 05:07 PM
الأخ ابن سلامة


{ لم يجبر الله أحدا على فعل الخير أو الشر خاصة بعد الحجة الرسالة التي ينقطع بها العذر}

هذه ليست شبهة موضوعي أصلا
فأنا لم أتطرق لكون الإنسان مجبرا وأعلم انكم تنفون أنه مجبر
وما تكلمت أنا عنه في تلك النقطة لم يكن سوى اعتراض على رد الأخ مستفيد بأن الكفار سيعبدون الله كرها يوم القيامة أو أنهم يسجدون لله كرها في الدنيا



{أما أن الله تعالى خلق الكفر كما خلق الإيمان فهذا يدخل في المشيئة المطلقة و ليس في الإرادة الخاصة إرادة أن يعبدوه فهنا يكمن خلل الفهم عندك و الذي يوحي إليك بالتناقض و حين تفهم أن هناك فرقا بين المشيئتين حتما ستفهم الآية}

أيضا موضوع المشيئة والإرادة الإلهية ليس موضوعي
وليس في الآية شيء عنه فهو لم يقل خلقتهم لأني شئت أن يعبدوني مثلا



{فحجتك هنا مشابهة لحجة الجبرية التي قال بها كفار قريش}

يبدو أن فكرة شبهتي لم تصل إليك
أنا أعترض على صياغة الآية التي بينت أن الله لم يخلق الجن والإنس إلا لسبب واحد وهو أن يعبدوه
وبما أن من الجن والإنس كفار لن يعبدوه فهذا يوحي بعبثية خلقهم أي أنهم خلقوا بلا سبب



{لكنه جعل غاية لخلقنا لم يجبرنا عليها لأنه زودنا بالإختيار، و هذه النقطة التي لم نتفق عليها و باتفاقنا عليها سينتهي الموضوع}

دعنا نتفق عليها جدلا لأنها ليست موضوعي هنا
ما الفارق إذن في معنى الآية؟! ما زال الله خلق بعض الخلق بلا سبب



{إنما هو المعنى الذي ترجح عندك دون قرينة صحيحة كما سنرى و هو ليس أولى الأقوال أو أغلبها عند المفسرين}

لم يترجح عندي أصلا وإنما كان ذلك المعنى الذي ادعاه أحد المفسرين واستدل به أحد الإخوة
أما عن شبهتي فلا تعنيني كيفية العبادة بالجبر أو الاختيار
وإنما ما يعنيني أن الله خلق خلقا بلا سبب


{لكنه ليس هو الفهم الكلي للآية ، فالمعنى الكلي و الظاهر للآية يتحدث عن العبادة بالمفهوم الإصطلاحي المشتهر عند عامة علماء الأمة}

إذن فنحن متفقان في هذه النقطة في معنى كلمة ليعبدون و أنك أيضا لم ترجح تفسير الآية بالعبادة العامة تلك



{ أنت تعلم أنه ليس كل الناس خُلقوا مؤمنين صالحين و لا كل الناس يفعلون ما يحبه الله من الأقوال أو الاعمال ظاهرا أو باطنا }

نقطة اتفاق أخرى

{عليه فهذا كاف ليشرح لك و يبين المقصود من الآية دونما حاجة إلى المفسرين و أن العبادة التي تحدثت عنها اختيارية لا إجبارية}

فقط للتأكيد.. هذا ليس موضوع شبهتي


{ فنحن بالفعل عابدون لله جميعا إذا كان المعنى هو العبودية الكونية}

لم أفهم موقفك من هذا التفسير بعد
هل ترجحه أنت وتقول به فنتحدث عنه أم أنه معنى جانبي ليس كليا فلا يلزمنا ؟!

{لكن المعنى الصحيح للآية ليس هو الثاني بل الأول كما ذهب عامة المفسرين}

جملة أخرى مربكة
أما عن التفسيرات التي طرحتها للمفسرين فهي لا ترد على موضوع الشبهة تحديدا ولكني سأرد على ما اقترب من مضمون شبهتي


{وقال ابن كثير : أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم}

من أين جاء ابن كثير بكلمة آمرهم تلك؟ هل يستدرك على الله مثلا؟!


{إلاّ ليعرفوني. وهذا أحسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرف وجوده وتوحيده}

أولا ما الدليل على أن يعبدون تعني يعرفونني؟
ثانيا هل كل الإنس والجن أصلا يعرفون وجوده وتوحيده؟



{ فقال بعضهم المعنى ما خلقتهم إلا ليعبدني السعداء منهم ويعصيني الأشقيا}

على أي أساس تم التخصيص رغم أن الآية لم تخصص؟
ثم هذا التفسير يترك التعميم في " الجن والإنس " ولكنه يخصصه في " ليعبدون " فيدعي أنه خص السعداء بالفعل دون الأشقياء
ولكن المعنى الواضح أن " يعبدون " عائدة على ما قبلها وهو الجن والإنس بلا تخصيص
يعني هذا معنى غير مستقيم في ذاته أصلا
أما نوع التخصيص الآخر بأنه أطلق لفظ " الجن والإنس " ولكنه أراد به " العابدين منهم " كما هو حال التخصيص في آيات كثيرة فسوف أرد عليه لاحقا

{فالحكمة المقصودة من إيجاد الخلق التي هي عبادة الله حاصلة بفعل السعداء منهم}

ولكنها غير حاصلة بكفر الأشقياء منهم
فما الغاية من خلق الأشقياء إذن؟

{وأمثال ذلك كثيرة في القرآن}

يعني أنه أطلق لفظ " الجن والإنس " وأراد منه " العابدين منهم "
فهذا يجعل الآية
" وما خلقت العابدين من الجن والإنس إلا ليعبدون "
فهل ترى ذلك متسقا أصلا؟!
وما الدليل على التخصيص في الآية أصلا؟



{أي " إلا ليقروا لي بالعبودية طوعاً أو كرهاً " لأن المؤمن يطيع باختياره والكافر مذعن منقاد لقضاء ربه جبراً عليه}

الكافر منقاد للقضاء لكنه لا يعبد الله
كيف يكون معنى " يعبد " هي يخضع للقضاء؟
ولماذا فسر كلمة يعبد بالنسبة للمؤمن أنه " يطيع باختياره " ولكنه فسرها بالنسبة للكافر أنه " منقاد للقضاء "؟! أيناقض نفسه؟!


{{ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً }
[الرعد: 15] الآية، والسجود والعبادة كلاهما خضوع وتذلل لله جل وعلا، وقد دلت الآية على أن بعضهم يفعل ذلك طوعاً وبعضهم يفعله كرهاً}

لا أفهم المقصود من هذه الآية بأن الكل يسجد لله ولا يهمني
حتى لا نحيد عن موضوع الشبهة ونعود إلى دائرة الجبر والاختيار


{ إلا لآمرهم بعبادتي وأبتليهم أي أختبرهم بالتكاليف ثم أجازيهم على أعمالهم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وإنما قلنا إن هذا هو التحقيق في معنى الآية، لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله}

هذا تفسير فضفاض لا يخص الآية وإنما هو استنتجه ربما من فهمه الكلي للقرآن
ولا تعنيني الآيات الأخرى التي استدل بها على فهمه


{فتصريحه جل وعلا في هذه الآيات المذكورة بأن حكمة خلقه للخلق، هي ابتلاؤهم أيهم أحسن عملاً، يفسر قوله { لِيَعْبُدُونِ }. وخير ما يفسر به القرآن القرآن}

الآية هنا استخدمت أسلوب نفي واستثناء لا يمكن معه إقحام غايات أخرى
بمعنى آخر فإن هذه الآية بصياغتها هي الملزمة لكل الآيات الأخرى وليس العكس



{ الإرادة قد تكون دينية شرعية، وهي ملازمة للأمر والرضا، وقد تكون كونية قدرية }

هذا بعيد عن موضوعنا تماما وعندي فيه استشكالات ولكن لنبق في إطار موضوعنا
أو إن أمكن ضع لي رابطا يبين "طريقة توصل الفقهاء " إلى أن لله نوعان من الإرادة



{فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل والغلبة }

أي أن من العباد من لا يعبد الله
وبالتالي هناك فرق بين أن تكون عبدا وبين أن تعبد
وبالتالي فلا يجوز حمل معنى " ليعبدون " على كونهم عباداً له

zinder
09-09-2016, 05:09 PM
السيد مستفيد
لا أعلم لماذا تصر على شخصنة الحوار رغم أني تغاضيت عن إسائتك لي في ردك السابق
ولكنك مصر.. فلا بأس إذن هيا بنا نشخصن حواري معك
وعذرا للإخوة الآخرين لأن ردودي مع مستفيد ستكون غالبا بعيدا عن مضمون الشبهة الأصلية فلا تتعبوا أنفسكم بقرائتها إن اردتم توفير وقتكم


{أكثرت من الكلام ولم تضف شيئا للحوار}

لو كنت أضفت أنت جديدا لكنت أضفت مثلك ولكنك لا تلبث تردد نفس كلامك فأعيد أنا شرح كلامي حتى تعيه


{ومحدثك ليس بن عاشور وقد أشرت بقولي: " انتهى كلام بن عاشور"..ثم انتقلتُ إلى نقطة أخرى تتبنى قولك}

ولكن محدثي هذا استشهد بكلام ابن عاشور
فلماذا تستشهد بما لا تتبناه في معتقدك أصلا
كان الأولى أن تقتبس من كلامه ما اقتنعت به فقط
وإلا فما حاجتي انا لتسوق لي كلاما تتبرأ منه أصلا

{وكلام بن عاشور هو كلام سليم لغويا مائة بالمائة}

من الذي لا يضيف جديدا الآن؟
نفس الكلام السابق فراجع نفس ردي عليه حتى لا تتهمني بالتكرار


{ وما تعترض عليه أنت من كلام بن عاشور يستطيع بن عاشور أن يعترض عليك بمثله}

البينة على من ادعى
هو اعتبر أن الآية مراد بها غير ما هو ظاهر من معناها
فعليه أن يأتي ببينة قوية توضح لنا :
أولا لماذا افترض أن محذوفا حذف
وثانيا ما هي القاعدة اللغوية والمنطقية التي اعتمد عليها ليستنبط أن المحذوف كان كلمة أريد وليس شيئا آخر
بعد ذلك أستطيع أنا أن أحتج عليه في هذه الآية أو أي آية أخرى وأقدر محذوفا فيها استنادا إلى نفس ما استند هو عليه في تلك الآية


{ ويطالبك بالدليل الذي جعلك تقدر محذوفا يحمل الآية على الجبر والقسر}

الآن من يكذب؟
أنا لم أقدر محذوفا في الآية أصلا فهذا كذب
ثم تعود لتقول إني قدرت أن المحذوف يحمل الآية على الجبر والقسر فهذا إمعان في الكذب


{فالآية لم تقل أن الله خلق الخلق ليعبدوه في الدنيا جبرا وقسرا. أنتَ من افترض كل ذلك الغير مصرح به في الآية}

وهذا تكرار للكذب


{ فما دليلك ؟ على الأقل بن عاشور استند لبيان تضمنته الآية}

وهذه كذبة أخرى لا أدري إن كانت مقصودة أم سهوا ولكني سأعتبرها كذبا حتى تقر أنت أنها كانت سهوا
لم يستند ابن عاشور لبيان في الآية أساسا " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "
أين البيان؟
ما استند إليه كان في آية أخرى " ما أريد منهم... "
وهذا بيان واه كما تقدم


{على خلالفك تماما أتيتَ بتقدير من كيسك
أفهمتَ الآن ؟}

أنا لم آت بتقدير أساسا فعن أي كيس تتحدث؟



{عدتَ للكذب مرة أخرى}

أنا لم اكذب مرة أولى حتى تخبرني أني عدت للكذب
وبما أني لم اكذب مرة أولى فأنت من يكذب الآن
وبقولك إني أكذب الآن فهذه كذبة أخرى وسأبين لك


نأتي لموضوع أهل الفترة الذي لا علاقة لموضوع شبهتي به أصلا لأني في رأس الموضوع تساءلت عن الكفار كما ترى
أنت قلت أن العبادة غير قاصرة على الدنيا وربما تحدث في الآخرة
قلت لك هات دليلك فإذا بك تحتج علي بأهل الفترة والذين هم أصلا ليسوا موضع التساؤل هذا أولا

ثانيا هل لو سلمنا بعبادة أهل الفترة في الآخرة فهذا يصبح دليلا أن الكفار يعبدونه في الآخرة؟
أم أنك تخترع حلا للشبهة بلا دليل عليه؟
والفرق واضح بين الفرقتين فهؤلاء أقيمت عليهم الحجة في الدنيا وكفروا أما أهل الفترة فلم تقم عليهم الحجة وقامت في الآخرة عليهم دون الكفار فكيف تقيس عليهم؟!
المطلوب منك أن تأتي بدليل على أن الكفار سيعبدون الله في الآخرة كما تدعي
وساعتها نستكمل الجدال حول ما غاية أن يعبدوه في الآخرة وما الغاية من خلقهم في الدنيا... وكل التساؤلات التي سوف تثيرها إجابتك تلك

ثالثا سأقلب حجتك عليك
أنت اعتبرت أن أهل الفترة " لو " أطاعوا الله في الآخرة ودخلوا النار لكانت بردا وسلاما عليهم
كما جاء في نص الحديث
إذن فلا بد من أن منهم من لم يطعه هنا أيضا وإلا لأصبح أهل الفترة كلهم في الجنة أصلا
المهم
فالسؤال هنا عن سبب خلق هؤلاء من أهل الفترة الذين لن يطيعوا الله ويعبدوه لا في الدنيا ولا في الآخرة
لماذا خلقهم؟
فهذا دليل يدينك




{فكذلك الكافر عبد لله وبالرغم من ذلك لا يعبده
هذا ليس تعريف للعبادة..هذه هرطقة من عندك}

انا قلت :
1 الكافر عبد لله
2 لكنه لا يعبده
حدد لي أي من رقم 1 أو رقم 2 اعتبرته هرطقة حتى أري من وافقت هرطقتي هرطقته من كبار علماء الإسلام


{بل إن الدليل الذي تستشهد به يدينك: فأنتَ بلسانك أسميته عبدا وكذلك يسميه أهل الأرض جميعا. لا لشيء إلا لأنه خضع لسيده الذي اشتراه: كَرْهًا}

أين الإدانة تحديدا؟
هو عبد يخضع لسيده ولكنه لا يعبد سيده
أم أنك تريد أن تقول إن كون الإنسان عبدا لأحد يلزم منه أنه يعبده؟!!

zinder
09-09-2016, 05:15 PM
بقى أن أنوه إلى نقطة وهي أني في رأس الموضوع قلت
أسلوب نفى واستثناء يفيد " القصر " وليس " القسر "
لا أعلم إن كان هذا هو سبب اعتقادكم أني فسرت الآية بالجبر والقسر أم هناك سبب آخر

مستفيد..
09-09-2016, 08:33 PM
- (وما خلقتُ الإنس والجن إلا ليعبدون ) هي من نفس تركيب آية ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله ) واللام أيضا هنا للتعليل أي لبيان علة إيقاع الفعل فيكون المعنى: وما أمروا إلا من أجل أن يعبدوا الله.
راجع كتاب "اللامات" لابن إسحاق النحوي (الزجاجي)..باب: "لام إيضاح المفعول من أجله"

- النفي والإستثناء لا يفيد دومًا القطع بالعموم خصوصًا عند ظهور علة التخصيص. كقوله تعالى عن ريح قوم عاد: "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم" ومعلوم أن الريح لا تبلي الجبال ولا البحار ولا الأودية وقد أتت عليها الريح ولم تجعلها رميما أو مساكنهم كقوله تعالى "فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم" فالعموم المقصود هنا هو: كل ما أمر الله بتدميره دون غيره.
وبخصوص الآية محل البحث هنا فالتخصيص حاصل بقوله تعالى ( منكم مؤمن ومنكم كافر). ولغة العرب تزخر بالأمثلة يكفي أن أطلب منك القيام بأعمال محددة. ثم لما تنهي تلك الأعمال تأتي فتقول: أنهيت كل الأعمال ولم أترك أي شيء أو لم أترك إلا شيئا واحدا. فهل تقصد هنا كل أعمال الدنيا ؟ قطعا لا فهذا العموم تم تخصيصه وتقييده بقرينة سابقة.
نفس الشيء (منكم كافر) تخرج الكفار من عموم العبادة.

-بخصوص تقديرك لمحذوف: الآية لم تقل بوجوب وقوع العبادة على هذه الأرض. أنت من قدّر هذا المعنى. الآية قالت: إلا ليعبدون ثم سكتت. أنتَ من زاد: إلا في الدنيا!

- زيادتك أن العبادة لا تكون إلا في الدنيا تجعل من حال أهل الفترة ملزمًا لك. فهم لم يعبدوا الله في الدنيا: المكان الذي تقصر عليه أنتَ العبادة.
وقولك لم يأتهم نذير. يؤكد فهمنا نحن للآية من أن العبادة غير قصورة على هذه الأرض.

- بخصوص عبادة الكفار في الآخرة: تحديتك أن تأتني بتعريف لغوي للعبادة يتناقض مع حال الكفار في الآخرة من خضوع وتذلل. فلم تأتني بهذه التعريف. فإن لم تأتني بهذا التعريف فلا كَيْلَ لك عندي عن هذه النقطة. -ولا أريد إلزامك بمثالك-

مجرّد إنسان
09-09-2016, 11:57 PM
من الصعوبة بمكان متابعة الحوار بالنسبة لي في هذه الأيام الفضيلة....أرجو من الزميل أن يعذرني ولعلي أستأنف يوم الأحد بعد القادم إن شاء الله

ابن سلامة القادري
09-10-2016, 12:51 AM
الأخ ابن سلامة
{ لم يجبر الله أحدا على فعل الخير أو الشر خاصة بعد الحجة الرسالية التي ينقطع بها العذر}
هذه ليست شبهة موضوعي أصلا
فأنا لم أتطرق لكون الإنسان مجبرا وأعلم انكم تنفون أنه مجبر
وما تكلمت أنا عنه في تلك النقطة لم يكن سوى اعتراض على رد الأخ مستفيد بأن الكفار سيعبدون الله كرها يوم القيامة أو أنهم يسجدون لله كرها في الدنيا
{أما أن الله تعالى خلق الكفر كما خلق الإيمان فهذا يدخل في المشيئة المطلقة و ليس في الإرادة الخاصة إرادة أن يعبدوه فهنا يكمن خلل الفهم عندك و الذي يوحي إليك بالتناقض و حين تفهم أن هناك فرقا بين المشيئتين حتما ستفهم الآية}
أيضا موضوع المشيئة والإرادة الإلهية ليس موضوعي
وليس في الآية شيء عنه فهو لم يقل خلقتهم لأني شئت أن يعبدوني مثلا
{فحجتك هنا مشابهة لحجة الجبرية التي قال بها كفار قريش}
يبدو أن فكرة شبهتي لم تصل إليك
أنا أعترض على صياغة الآية التي بينت أن الله لم يخلق الجن والإنس إلا لسبب واحد وهو أن يعبدوه
وبما أن من الجن والإنس كفار لن يعبدوه فهذا يوحي بعبثية خلقهم أي أنهم خلقوا بلا سبب



زميلي العزيز زيندر،
دعك من مسألة الجبر هذه، لقد سألتك سؤالا يحل إشكالك تماما لكنك التفتت حوله التفاتا عجيبا، فقذفت بنا بعيدا بحجة أنك لست مسلما و كأنك تريد أن أجيبك عن شبهتك حول معتقد في الإسلام من خارجه .. و إذا كنت ترفض أصول المعتقد الإسلامي جملة و تفصيلا لا أدري لماذا تناقش في فرعياته .. ثم كيف تسلم بالفرع و أنت لا تسلّم للأصل ؟

السؤال كان واضحا و معه حيثياته التي توضح لك أن المعتقد الإسلامي متكامل مع بعضه و مع الواقع الكوني .. لماذا خلق الله الخلق و كتكملة لهذا السؤال قلت لك : لماذا خلق الله الخلق و زودهم بمؤهلات و نعم لا تحصى و آيات يعرفونه بها ما بين رسالي و كوني ؟
قلت لي : أنا لست بمسلم و لا تتوقع مني أن أجيبك على هذا السؤال، لكن عندك استعداد لتسأل عن النتائج دون الخوض في الأسباب ..

لماذا وُجد كافرون في حين أن الله خلقنا لعبادته ؟

الجواب واضح : لأن الكافرين فشلوا في الإختبار.

ستقول : و لماذا يخلق الله من يفشل في الإختبار ؟

أجيبك : لأن هذا هو المسار الطبيعي للإختبار أن يكون هناك ناجحون و فاشلون ، مفلحون و آخرون خاسرون ..

ستقول : و ماذا سيستفيد الله من وجود خاسرين في الأرض أو في العالم الآخر ؟

أجيبك أن الله تعالى لا يستفيد و إنما مقتضى حكمته و كماله أن يخلق الأضداد لمعرفة كل شيء بضده و لأنه لا بد أن تظهر آثار صفاته كلها في الخلق بحسبهم فلا الخلق يتجاوزونه بفعل لا يتصف بما يقابله من صفات الكمال (الكفر تقابله صفات العزة و القهر و العدل ...) و لا هو يتصف بصفات لا معنى لها في الخارج و لا مبرر لها من الوجود الحق المطلق.
هذا جواب شرعي و فلسفي أتمنى أن تستوعبه و إلا فيمكنك أن تبحث عنه في تفصيلات الردود الفلسفية عند علماء الإسلام بخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية و ابن القيم.

و ما يهم في كل الأحوال و كتبسيط و تقريب للمعتقد الإسلامي أرجو أن لا تتجاهل ما ذكرته سلفا كجواب أيضا و للأسف لم تعره اهتماما أيضا من أن الجن و الإنس – في القرآن - خلقوا مبتلين بإرادتهم وقد زودهم الله بالإختيار إن خيرا فخير و إن شرا فشر، و هذه هي النقطة التي قلت لك بأنك لو استوعبتها حُلّ إشكالك لكنك لم تفعل.

وأزيدك توضيحا أن الكفر ليس اختيارا إلهيا و إنما هو اختيار بشري و كونه داخل في المشيئة اللإلهية الكونية المطلقة هو لا يدخل في المشيئة الإلهية الشرعية التي جعلت العبادة حرية شخصية اختيارية في مسرح الإبتلاء الذي هو الأرض بعد إنزال آدم إليها و بعدما سوى الله نفسه فألهمها الفجور و التقوى .. و بالتالي فوجود كفر لا يناقض الحكمة ، لأن العبادة غاية مطلوبة و مكتسبة و ليست جبلة أو خليقة مفترضة في الخلق في دروب الإمتحان و الاختبار.

و المفروض أن الناس يؤمنوا جميعا و يسلموا وجوههم لله و لرسالاته و لآيات البينات و يطيعوا رسله خاصة بعد قيام الحجة الكاملة عليهم و لأن الله لا يعذب أو يحاسب إلا بعد قيام الحجة ..
و كون الله تعالى يعذب من يكفر به هذا دليل آخر إضافي على أن الغاية التي خلق الله العبادة لأجلها هي غاية طبيعية لكن هناك من يأباها حسدا من عند نفسه أو كبرا و إلا هل تستطيع أن تفسر لي لماذا يرفض شخص قول لا إله إلا الله بعد أن ظهرت له آياته في الآفاق و الأنفس و شهد أن الرسول حق ؟

و عليه من المفترض بك هنا أن تناقش علة الكفر في الكافر نفسه و ليس علة خلق الكفر في نطاق المشيئة الكونية المطلقة و التي لا نفهم من حكمها إلا القليل القليل و من ضمن هذا القليل ما ذكرت لك و أيضا ما جاء في نصوص أخرى ، مثلا :
- لتظهر معادن الناس
- و ليبلو الله بعضنا ببعض
- و ليعلم المؤمنون فضل الله عليهم في هدايتهم و نجاتهم فيزداد شكرهم لله
- و ليخاف المؤمنون من عاقبة الكفر و الكافرين فيزدادوا خوفا و وجلا من الله و عملا للخير و الصالحات إذ لا يعلم أحد مصيره و بم يُختم له
- و ليزداد المؤمنون درجات بصبرهم على أذى الكافرين و الفاسقين لهم فمكانة المبتلين بالكافرين و الفاسقين و الصابرين و الثابتين على الحق بإزاء هذا الأذى حتما أعظم عند الله ممن لم يبتلى بهم فلم يكن منه صبر و لا ثبات و لا معاناة و لا مكابدة

و السؤال الآن الموجه إليك الآن : كيف تؤمن بالله أو بإله و تفترض أنه خلق خلقا بلا سبب ، أليس الإيمان بالله الخالق لكل شيء يقتضي الإيمان بحكمته المطلقة تبعا لعلمه المطلق بكل شيء تبعا لقدرته المطلقة على كل شيء ؟؟؟

عود على بدء :

لقد سألتك عن سبب وجود الخلق و حسبتك تتحدث عن الآية الواضحة في جوابها عن هذا السؤال و لم أفهم أنك تجعل من صياغة الآية نفسها محور إشكالك مع أن الآية تتحدث عن الغائية و ليس عن الحكمة و هذا موضوع آخر مستقل تماما عن الآية لأن سياقها – و هو بأسلوب لغوي واضح و مألوف – إنشائي و ليس إخباري، كما عبر أخونا الأستاذ مجرد إنسان .
و خطأك الذي هو أساس شبهتك في الإستدلال بالآية و الإعتراض عليها هو في اعتبار سياق الآية خبريا لا إنشائيا و لو كان الأمر كذلك لكن معك بعض الحق في اعتراضك لكن الأمر بخلاف ذلك.

و لو كانت الآية إخبارا لكان أسلوبها مختلفا و لكان في سياق عام مختلف أيضا إذ أن قبلها و بعدها خطاب موجه مباشرة لمن لا يعبد الله و هم كفار قريش ، قال الله تعالى :
كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)

و الأسلوب المختلف في سياق الآية ذاتها و الذي يمكن أن يبرر اعتراضك و صميم شبهتك هو على سبيل المثال : وما خلقت الجن و الإنس إلا عابدين، أو خلقتهم عابدين.

و ما يقطع عليك السبيل للإعتراض مطلقا كما ذكرنا و يثبت بما يقطع الشك أن الآية إنشائية هو تعلقها بآيات أخرى تفيد أن الله خلق الخلق مبتلين ، و الابتلاء هو الذي يفسر وجود الكفر و اللاعبودية و العبودية لغير الله تعالى.



{ فنحن بالفعل عابدون لله جميعا إذا كان المعنى هو العبودية الكونية}

لم أفهم موقفك من هذا التفسير بعد
هل ترجحه أنت وتقول به فنتحدث عنه أم أنه معنى جانبي ليس كليا فلا يلزمنا ؟


لنقل إني أومن بهذا الوجه من التفسير و لا أعترض عليه في سياقات أخرى، لكنني أرجح هنا ما رجحه المفسرون كابن كثير وابن عاشور و الشنقيطي لأنه الأظهر في الآية ارتباطا بآيات أخرى كقوله تعالى : و ما أمروا إلا ليعبدو الله. خاصة أن سياق الآيات قبل و بعد هذه الآية من سورة الذاريات يفيد ذلك و لا يفيد الحديث عن عبودية كونية و لا يستقيم السياق و الحال هذه.


{لكن المعنى الصحيح للآية ليس هو الثاني بل الأول كما ذهب عامة المفسرين}

جملة أخرى مربكة


و أعتقد أنها لم تعد كذلك ..



أما عن التفسيرات التي طرحتها للمفسرين فهي لا ترد على موضوع الشبهة تحديدا ولكني سأرد على ما اقترب من مضمون شبهتي



وهذا لأن صميم شبهتك لا علاقة له بالآية لا من قريب و لا من قريب ، و من تم فالتفسيرات وجدتها لا ترد ، فأنت في واد و الآية و تفسيراتها في واد آخر.


{وقال ابن كثير : أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم}

من أين جاء ابن كثير بكلمة آمرهم تلك؟ هل يستدرك على الله مثلا؟!


المستدرك على الله حقيقة هو أنت أما ابن كثير فلم يزد على أن أوضح مقصد الآية عبّر عنها بطريقة أخرى كما بيّنّا ففسر القرآن بسياق القرآن و بلغة العرب و المعهود من أساليبهم .. و حتى الآن أنت لم تقدم تفسيرا آخر للآية و إنما استدركت على معناها بالاعتراض على معنى جانبي لم تتطرق إليه الآية، فاستدركت في نفس الوقت على المعنى الذي أوضحه ابن كثير و لولا أنك أقررت هذا المعنى ما اعترضت و لا طرحت شبهتك أصلا ، فتأمل !!

إذن فمشكلتك كانت مع الآية نفسها و ليس مع تفسيرها على أي وجه كان التفسير .


{إلاّ ليعرفوني. وهذا أحسن لأنه لو لم يخلقهم لم يعرف وجوده وتوحيده}

أولا ما الدليل على أن يعبدون تعني يعرفونني؟
ثانيا هل كل الإنس والجن أصلا يعرفون وجوده وتوحيده؟



دليل هذا التأويل كما قال المفسرون هو قول الله تعالى: "ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله" [الزخرف: 87
و معرفة الله هي أساس عبادته و طرف فيها على الأقل بالإعتراف و الإجلال و الحب و بعض الخوف و التقوى لكن كثيرا من الناس قد يعرفون الله فيعبدونه قلبيا من بعض الأوجه ويشركون به من وجوه أخرى. و يبقى أن معرفة الله هي الأساس لعبادته وبالتالي فهي جزء منها وقد تحدث القرآن عن وجود هذا الأصل التعبدي في البشر ولدى كثير من المخالفين بل لدى أكثر البشر في آيات كثيرة و اعتبره حجة عليهم كقوله تعالى : ( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ) أي كما قال ابن كثير : يعرفون أن الله تعالى هو المسدي إليهم ذلك ، وهو المتفضل به عليهم ، ومع هذا ينكرون ذلك ، ويعبدون معه غيره ، ويسندون النصر والرزق إلى غيره.
وكقوله تعالى : [وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ] (يوسف:106)

هل كل الإنس و الجن يعرفون وجود الله و توحيده، الجواب :
هذا ليس في المطلق، لأنه داخل أيضا في المشيئة الإلهية فمن شاء الله هداه لمعرفته ، لكن وجود من لا يعرف الله أو يعرفه ثم ينكره كالملاحدة و من لا يوحده كالمشركين لا ينفي الغاية من وجودهم و التي قررتها الآية و كثير من الآيات و التي من أجلها أرسل الله الرسل و أنزل الكتب، و من أجلها أيضا جعل الله فطرة معرفته و الإيمان بوجوده الأسمى شيئا مركوزا في نفوس عامة البشر حتى و لو أشركوا به بعد فساد فطرهم. و نضيف إلى ذلك أن كثيرا من البشر و عقلائهم و فلاسفتهم يستدلون على وجود الله عقليا و فلسفيا بعيدا عن الأديان التي ربما لم تصلهم كأهل الفترة أو وصلتهم مشوشة و محرفة كنصارى الغرب اليوم.


{ فقال بعضهم المعنى ما خلقتهم إلا ليعبدني السعداء منهم ويعصيني الأشقيا}
على أي أساس تم التخصيص رغم أن الآية لم تخصص؟
ثم هذا التفسير يترك التعميم في " الجن والإنس " ولكنه يخصصه في " ليعبدون " فيدعي أنه خص السعداء بالفعل دون الأشقياء
ولكن المعنى الواضح أن " يعبدون " عائدة على ما قبلها وهو الجن والإنس بلا تخصيص
يعني هذا معنى غير مستقيم في ذاته أصلا
أما نوع التخصيص الآخر بأنه أطلق لفظ " الجن والإنس " ولكنه أراد به " العابدين منهم " كما هو حال التخصيص في آيات كثيرة فسوف أرد عليه لاحقا
{فالحكمة المقصودة من إيجاد الخلق التي هي عبادة الله حاصلة بفعل السعداء منهم}
ولكنها غير حاصلة بكفر الأشقياء منهم
فما الغاية من خلق الأشقياء إذن؟
{وأمثال ذلك كثيرة في القرآن}
يعني أنه أطلق لفظ " الجن والإنس " وأراد منه " العابدين منهم "
فهذا يجعل الآية
" وما خلقت العابدين من الجن والإنس إلا ليعبدون "
فهل ترى ذلك متسقا أصلا؟!
وما الدليل على التخصيص في الآية أصلا؟



سوف ترد عليه لاحقا ؟ ولماذا تكلف نفسك عناء الرد على نقطة لا تعنيني ولا تعني موضوع شبهتك؟
فما جئتَ به هنا – و أطنبت فيه إطنابا - هو نفس اعتراض من فسر الآية بالتفسير الذي ذهبت إليه !!
وأنت تعلم أني لم أقل بهذا التفسير حتى تجعله محل اعتراض، هو وجه من وجوه تفاسير الآية المرجوحة فحسب، فالتزم بما اتفقنا عليه حتى الآن و لا داعي لإطالة موضوع النقاش و إن تخلل تفسير لم أقل به بعض ما استدللت به من كتب التفسير فتجاوزه.



{أي " إلا ليقروا لي بالعبودية طوعاً أو كرهاً " لأن المؤمن يطيع باختياره والكافر مذعن منقاد لقضاء ربه جبراً عليه}

الكافر منقاد للقضاء لكنه لا يعبد الله
كيف يكون معنى " يعبد " هي يخضع للقضاء؟
ولماذا فسر كلمة يعبد بالنسبة للمؤمن أنه " يطيع باختياره " ولكنه فسرها بالنسبة للكافر أنه " منقاد للقضاء "؟! أيناقض نفسه؟!


هذه النقطة أعتقد أنها بينك و بين الأخ الفاضل مستفيد .. و أعتقد أنه استوفى بيانها إضافة إلى ما ذكرته لك و أرفقته من التفسيرات و من موقع ''الإسلام سؤال و جواب'' فراجعه


{{ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً }
[الرعد: 15] الآية، والسجود والعبادة كلاهما خضوع وتذلل لله جل وعلا، وقد دلت الآية على أن بعضهم يفعل ذلك طوعاً وبعضهم يفعله كرهاً}

لا أفهم المقصود من هذه الآية بأن الكل يسجد لله ولا يهمني


طبعا لن تفهم ما لم تحط به علما و لو من بعض الأوجه و لن تهتم له من باب أولى إذا كان فرعا و أنت لا تؤمن بأصله !


{ الإرادة قد تكون دينية شرعية، وهي ملازمة للأمر والرضا، وقد تكون كونية قدرية }

هذا بعيد عن موضوعنا تماما وعندي فيه استشكالات ولكن لنبق في إطار موضوعنا
أو إن أمكن ضع لي رابطا يبين "طريقة توصل الفقهاء " إلى أن لله نوعان من الإرادة


http://www.dorar.net/enc/aqadia/3065
http://investigate-islam.com/al5las/showthread.php?t=4793


{فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل والغلبة }

أي أن من العباد من لا يعبد الله
وبالتالي هناك فرق بين أن تكون عبدا وبين أن تعبد
وبالتالي فلا يجوز حمل معنى " ليعبدون " على كونهم عباداً له


سياق الآيات من سورة الذاريات يأباه نعم ، لأن المقصود هنا كما ذكرنا و كررنا ليس العبادة الكونية بمعنى الإستسلام المطلق لأمر الله فلا يكون من العبد إلا ما شاء الله مؤمنا أم كافرا.
فمعنى هذه كلمة ''ليعبدون'' من الآية الكريمة و بوضوح لا لبس فيه هو : ليعرفوني ، ليؤمنوا بي، ليوحدوني، ليقنتوا لي و يخضعوا خضوعا اختياريا بمحض مشيئتهم و رغبتهم التي خلقتها فيهم.

zinder
09-11-2016, 04:33 PM
الأخ مستفيد

{النفي والإستثناء لا يفيد دومًا القطع بالعموم خصوصًا عند ظهور علة التخصيص}
{وبخصوص الآية محل البحث هنا فالتخصيص حاصل بقوله تعالى ( منكم مؤمن ومنكم كافر)}
{نفس الشيء (منكم كافر) تخرج الكفار من عموم العبادة}

فمع أي قول أنت :
أن الكفار مستثنون من قوله " الجن والإنس "؟
أم
أن النفي والاستثناء في هذه الآية لا يفيد القصر وبالتالي فإن العبادة ليست الغاية الوحيدة من الخلق؟
إن كنت مع الأول فأرجو أن تذكر دليلا على استثناء الكفار من " الجن والإنس " في الآية
وإن كانت " فمنكم كافر ومنكم مؤمن " هي دليلك فعلى الأغلب لن نصل لجديد في الحوار
وكذلك الحال لو اعتبرت أن هناك غايات أخرى غير العبادة فلن نصل لجديد ولن تقنعني تلك الحجج



الأخ ابن سلامة

{السؤال الآن الموجه إليك الآن : كيف تؤمن بالله أو بإله و تفترض أنه خلق خلقا بلا سبب ، أليس الإيمان بالله الخالق لكل شيء يقتضي الإيمان بحكمته المطلقة تبعا لعلمه المطلق بكل شيء تبعا لقدرته المطلقة على كل شيء ؟؟؟}

لو كان كلامك صحيحاً لما استطعت انت كمسلم أن تعترض على أي دين آخر
لأنه بذلك المنطق فكل دين آخر يؤمن بإله خالق حكيم عليم قادر
وبالتالي أي تناقضات أو أخطاء في ذلك الدين هي نتيجة سوء فهم من أتباعه وفقط
ولها بالتأكيد مبررات ودواعي عند الله الحكيم العليم


{لأن سياقها – و هو بأسلوب لغوي واضح و مألوف – إنشائي و ليس إخباري}

هذا هو على الأغلب جواب شبهتي عندكم
فأرجو بعض الاستفاضة لأني بالفعل أرى الآية خبرية ولا أعلم كيف ترونها إنشائية وعلى أي أساس

مستفيد..
09-11-2016, 07:43 PM
وأخيرًا أشهرتَ إفلاسك يا زندر
هذه لك: :emrose:

ابن سلامة القادري
09-11-2016, 08:21 PM
الأخ ابن سلامة
{السؤال الآن الموجه إليك الآن : كيف تؤمن بالله أو بإله و تفترض أنه خلق خلقا بلا سبب ، أليس الإيمان بالله الخالق لكل شيء يقتضي الإيمان بحكمته المطلقة تبعا لعلمه المطلق بكل شيء تبعا لقدرته المطلقة على كل شيء ؟؟؟}

لو كان كلامك صحيحاً لما استطعت انت كمسلم أن تعترض على أي دين آخر
لأنه بذلك المنطق فكل دين آخر يؤمن بإله خالق حكيم عليم قادر
وبالتالي أي تناقضات أو أخطاء في ذلك الدين هي نتيجة سوء فهم من أتباعه وفقط
ولها بالتأكيد مبررات ودواعي عند الله الحكيم العليم



هذه مراوغة و ليست جواباً، فإما أن تؤمن بالله المتصف بالكمال و أن دينه كامل أو تنسب إلى الله أي صفة تروق لك عن جهل فتعتقد فيه ما شئت و تنسب إليه ما شئت من ضلالات البشر و جهالاتهم على أنها دينه حيث لا استقامة و لا منطق. فأساس معتقد الإسلام هو : هات برهانك إن كنت صادقاً. و أنت حتى الآن لم تعترض بشيء يطعن في صميم معتقدنا لأنك تفهم آية من آيات القرآن في هذا المقام على هواك وترفض التسليم بما يفسر الآية و يكمل معناها من عموم الأدلة و النصوص و أساليب اللغة التي اتضح أنك تجهلها و يا عجبي من جرأتك على الإعتراض.
و استئنافا للرد على جوابك أعلاه أقول : كيف يتأتى لمن يعتقد في إله ناقص أن يحتج على غيره ممن يشترط الكمال فيه من كل وجه ؟ و هنا يجدر بك أن تكون على فكرة على الأقل بحدود الكمال و النقص حتى نكمل معك.
وما قدمته لك هنا هو قاعدة ذهبية -لو فقهتها- و على أساس هذه القاعدة آمنا بالقرآن كتابا منزلا من عند الله و بمحمد نبيا مرسلا من عند الله ، فغيرنا يجوّز النقائص على الإله و على رسل الإله، هذا بالنسبة لأهل الكتاب أما من دونهم فهم وثنيون مشركون خرافيون و هم ليسوا موضوع نقاشنا لأن عقائدهم أحط المعتقدات.

ولو أنك درست موضوع الأسماء و الصفات في الكتاب و السنة مقارنة مع ما يصف الآخرون به ربهم ستعلم ما أقول لك و ستتبين الفرق حتما، فأنت حتى الآن لا تناقش العقيدة الإسلامية من منطلق معرفة شاملة و محيطة و دارسة و واعية ، فضلا عن أنك يجب أن تعتقد في ربك الكمال المطلق و هذا أول مستلزمات البديهة و نتائجها الفطرية و العقلية.
و لأنك لا تعرف العقيدة كما ينبغي و لم تدرسها كفاية فأنت لا يسعك استيعاب كمالها و لا إدراك النقص في غيرها.
هذا بالنسبة للعلم و من الناحية النظرية أما بالنسبة للواقع و التجربة فقد تحداك الإسلام بما لم تتحداك به الأديان الأخرى على أكثر من مستوى لتعلم أن الله الذي نؤمن به هو الحق و ليس الباطل، و أنه كما قال الله تعالى عن نفسه في الكتاب المبين : عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا. و أن له المثل الأعلى فلا يفعل إلا الحق و لم يخلق السموات و الأرض إلا بالحق و أن له الحجة البالغة على الخلق و لا حجة للخلق عليه و أنه لا يُسئل عما يفعل و هم يُسئلون.
إقرأ هذا الموضوع على سبيل المثال لتفهم بعض وجوه التحدي :
التحديات العظمى في آيات القرآن الكريم (http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?60978-%C7%E1%CA%CD%CF%ED%C7%CA-%C7%E1%DA%D9%E3%EC-%DD%ED-%C2%ED%C7%CA-%C7%E1%DE%D1%C2%E4-%C7%E1%DF%D1%ED%E3)

و نقطة أخرى نوضحها لكل من يريد محاورتنا في هذا المنتدى من الملاحدة و الربوبيين و أنت على الأغلب أحد هؤلاء أو متأرجح بين هذين المذهبين و لو وصفت نفسك باللاأدري، لا يفترض بك – أو بأي مخالف- أن تناقش فيما نعتقد فيه أصلا على أي صفة كان حتى تخبرنا بأصل اعتقادك و ما أساس مذهبك و ما هو الإله المفترض عندك و ما صفاته و ما دلائل ما تعتقد في هذه الامور الغيبية الكبرى في الوجود و الواقع هذا إن كان متماسكا.
أما و أنت لا تفقه في أصول ديننا و لم تدرسها دراسة كافية بالإطلاع على القرآن و السنة بفهم العلماء الراسخين، و لم تحط بخاصة بالدلائل الكثيرة و القطعية التي جعلتنا نصدق الرسول و نؤمن بنبوته و نقر بكل ما جائنا عنه مما نعتقد أو نعمل و ندين به بالخبر المتواتر أو الصادق المتوافق مع المسار العام للرسالة و عمومها و مقتضياتها و قواعد الفهم كاللغة التي نزل بها القرآن بحيث انتهى إليه تأصيل نظمها و جمالية أسلوبها و استقامة أدائها لفظا و معنى ولا نراك أهلا لمجاراة شيء من ذلك في كتاب الله فضلا عن الإستدراك عليه بفهم و لا من هو أعلم منك و عليك أن تقف منه وجوبا وقف السائل و المستفقهم لا المعترض و المستدرك على جهلك المدقع بالدين و اللغة و أقوال العلماء، فلا أرى داعيا لمناقشتنا في فروع ما نعتقده لأن هذا بحق سيتعبنا معك و الحال هذه إذ أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره و فهم تفاصيل العقيدة فرع عن فهم أصولها.

و النتيجة هي :


{لأن سياقها – و هو بأسلوب لغوي واضح و مألوف – إنشائي و ليس إخباري}
هذا هو على الأغلب جواب شبهتي عندكم
فأرجو بعض الاستفاضة لأني بالفعل أرى الآية خبرية ولا أعلم كيف ترونها إنشائية وعلى أي أساس



فنصيحة لك يا زميلنا زيندر أن تذهب و تخصص وقتا من حياتك لدراسة دين الإسلام بنية صادقة و أن لا تظن بنفسك أنك سابق عصرك و أوانك في فهم هذا الدين .. و إن كان لك ما تحتج به عليه بعد ذلك من المحكمات الواضحات أولا و قبل الشبهات التي يتبعها عادة أهل الزيغ و بعيدا عما تقول نفسك عنه أنه شبهة و يحتاج منك أكثر منا إلى التعمق و الدراسة و التدقيق و البحث ، فأت باحتجاجك و اجعله حجة علينا لا بل على الإسلام الذي ندين به كما يمكنك أن تحتج على النصارى بكثير من خروقاتهم و ضلالاتهم و تفاهاتهم و خرافاتهم.

و كل عام و المسلمون بخير، و السلام على من اتبع الهدى

zinder
09-11-2016, 10:00 PM
{وأخيرًا أشهرتَ إفلاسك يا زندر
هذه لك }
لو كنت أجبت عن السؤال لكان أفضل
ولكن شكرا على الوردة على كل حال

{أساليب اللغة التي اتضح أنك تجهلها}
وكان أحرى بك أن تشرح لي ما جهلته في الآية وينتهي الحوار فقد كان ليوفر عليك كثيرا مما كتبت

{حتى تخبرنا بأصل اعتقادك و ما أساس مذهبك و ما هو الإله المفترض عندك و ما صفاته و ما دلائل ما تعتقد في هذه الامور الغيبية الكبرى في الوجود و الواقع هذا إن كان متماسكا.}
جئت أناقش شبهاتكم أنتم لا لأناقش مذهبي أنا وأسباب اعتقادي فيه
وفكرة الجدال قائمة على أني جدلا مؤمن بما تؤمنون به من إله حكيم عليم فكيف إذن يقول شيئا يناقض العقل
فعليك أن تزيل لبس ما اعتقدت أنا انه يناقض العقل ولا تطلب مني أن نتجادل حول كوني ملحدا

بقية المشاركة مضمونها :
الكافر لا يمكنه انتقاد فروع الإسلام لأنه لا يؤمن بأصوله
والمسلم لا يمكنه انتقادها لأنه يؤمن بإله حكيم عليم قادر
أما الأديان الأخرى فكلها خرافات لا يعقلها عاقل

وأنا قطعا لن اقتنع بمثل هذه أفكار مزدوجة معاييرها
فرجاء لو نعود إلى موضوعنا الأصلي ونبين كيف أن الآية إنشائية وما الذي سيتغير حينها

ابن سلامة القادري
09-11-2016, 10:16 PM
حسنا زميلي ستعذرني في تأجيل المتابعة إلى ما بعد العيد بيوم أو يومين .. بالتوفيق و لا تنس نصيحتي (إبحث في المحكم قبل المتشابه)

مستفيد..
09-12-2016, 01:37 AM
لو كنت أجبت عن السؤال لكان أفضل

هذا فيما لو جئتني سائلاً مستفسرًا مستفهمًا مُقِرًّا بجهلك.
أما وقد أعليتَ لواء الجدال فلا تنازل عن كل إلزام من الإلزامات السابقة. غير ذلك: انتهى الحوار لإفلاس أحد الطرفين
وسؤالك؟ هو لا يوجد سؤال أصلاً: case closed ..هو فقط إشهار إفلاس لا أكثر ولكن على استحياء.

مجرّد إنسان
09-18-2016, 11:07 AM
أهلا وسهلا بالزميل زندار...سأضع مداخلتي القادمة بإذن الله محاولاً اختزالها حتى يصل المعنى بشكل مباشر

مجرّد إنسان
09-18-2016, 11:53 AM
زميلي زندار....أزعمُ أن الآية الكريمة: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} بما فيها من الاستثناء....والقصر...والتعليل...معناها وبشكلٍ مختصر ودقيق:

وما خلق الله الجن والإنس...إلا ليأمرهم -أو ليريد منهم بالإرادة الشرعية- العبادة -والعبادة هنا هي العبادة الشرعية التي هي مقتضى التكليف والتي توجه بها خطاب الشارع والحاكم سبحانه-...على جهة الابتلاء...فمن أطاعه استحق الثواب...ومن عصاه استحق العقاب...

وليس المراد من الآية وقوع الفعل...لأن الفعل المذكور في الآية {يعبدون} معبّرٌ به عن إرادة الفعل لا وقوعه....

وحتى أستدلّ على ما سبق وليتّضح لك مبرّر هذه القيود ...لابد من العروج على عدّة أمور...

أولاً: أن لغة العرب لا تُفهم إلا اللغويين أنفسهم...لأنهم الأعلم بمرادات ودلائل ومفاهيم الألفاظ والتراكيب...وحتى التعبير عن بلاغة عبارةٍ أو قصورها إنما هم الحكم في ذلك

ثانياً: العرب أنفسهم يقولون أن العرب يعبّرون عن الفعل بعدّة أمور...

1-وقوعه وهو الأصل...ومثالُه: ذهبتُ إلى الجامعةِ وشربتُ كأساً من الشاي....هنا كان الفعلُ واقعاً ولا شك
2-مشارفة وقوع الفعل...مثالُه قولُه تعالى:{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن} أي فشارفن انقضاء العدة...أو قولَه تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم} والذين يشارفون الموت
3- إرادة الفعل.. مثل: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} {إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن} {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}..إذا جعلتها وقوع الفعل ولم تجعلها إرادتُه اختلّ المعنى بالكليّة...ومثلها من كلام العرب:(فارقنا قبل أن نفارقه ... لما قضى من جماعنا وطرا)
أي أراد فراقنا
4-القدرة عليه نحو {وعدا علينا إنا كنا فاعلين} أي قادرين على الإعادة.

طبعاً هذه المعاني ليست من كيسي ولا تأملاتي...هذا هو نص كلام عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ابن هشام...

من ابن هشام؟ لو كان لك علاقةٌ بعلوم الآلة (اللغة والأصول والبلاغة وغيرهما...وألفية ابن مالك وشروحها) لعلمت من المقصود بابن هشام وما قيمته العلمية وهل كلامه حجة في اللغة أم لا....


والآن نعود إلى الآية....أي المعاني الأربعة مقصودٌ بها الآية؟ الجواب هو : الثالث...

لماذا؟

لدلالة السياق...فانظر إلى ما بعدها: {ما أريد منهم من رزقٍ وما أريد أن يطعمون} فقد علّق فعل الرزق والإطعام بالإرادة...وذلك يفسر المعبّر به بفعل {يعبدون} فيكون بمعناه: أريد منهم أن يعبدونِ ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون...

والآية لا تحتمل الوقوع...لأن أكثر الخلق لم تقع منهم عبادة الله...{وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}...والسورة كلّها تعريضٌ وتنديد بسلوك الكافرين حين خرجوا عن مقتضى العبودية...والقائل هو نفسه سبحانه...
وليس المعنى الثاني طبعا...ولا الرابع...لأن الله تعالى وإن كان قادراً على جعل الخلق كلهم عابدين له إلا أنه لم يشأ أن يهديهم أجمعين: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}

وانظر إلى قول الكفوي في الكليات: "وما وصف بكونه مرادا بلا وقوع له فليس المراد به إلا إرادة التكليف به فقط... وليس المراد بقوله تعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } وقوع العبادة بل الأمر بها" الكليات..ص:76.

وأما قولُك -ما معناه-: أليس الأفضل أن يُعبّر بقولِه: لآمرهم بعبادتي وليس ليعبدون؟ فجوابُه كجوابك على قول قائل: ألا ينبغي للشاعر أن يقول: فإنك مثل الشمس في الإشراق.. بدلا من: فإنك شمسٌ والملوك كواكبٌ...فلا أظن أنك بحاجةٍ إلى التنصيص على الجواب فأنت أذكى من أن تحتاج إلى وجه استشهادي بالمثال السابق...

بقي أن أقول: إن قول العلماء: إلا ليريد منهم العبادة...هو نفسه: إلا ليأمرهم بالعبادة....لأن العلماء يقصدون بالإرادة: الإرادة الشرعية التي هي وفق مقتضى محبة الله...والأمر الشرعي...هو التعبير عن هذه العبادة...ولو استعرضت قول القائل بالأمر لوجدت أنه يعبر عن الإرادة بترادفيّة تدلّ على ما ذكرتُ...طبعاً أنت تعلم أن الإرادة الكونية تختلف عن الشرعية وتدرك م بينهما من فرق....أليس كذلك؟؟؟

على أنه ينبغي التعليق على أمورٍ أخرى سأذكرها بإذن الله

مجرّد إنسان
09-18-2016, 12:18 PM
عن قولك:

وهذا ما جعلني أتساءل علام استند ابن عاشور ف استنباط أن محذوفا قد حذف ودلت عليه كلمة " أريد "
هل بناء على قاعدة لغوية ؟ أم فقط جاء باستنتاجه لأنه رأي تناقضا بين الآية بصياغتها تلك وبين الواقع فاعتبر أنه لا بد وأن يكون هناك محذوف؟

أظن أنك قد علمت الآن مستند قولِ ابن عاشور وغيره في ذلك


وعن قولك:
ولكن من وجهة نظر إسلامية فبحسب الآية قد خلق الله الجن والإنس ليعبدوه
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن خلق من لن يعبدوه؟!

هذا يقودنا إلى الكلام عن الإرادة الكونية القدرية...وهي الابتلاء والاختبار...

وهو يقودنا بالضرورة إلى التفريق بين الغاية المرادة من العباد ، وهي أن يعبدوا ربهم وحده .

وبين الغاية المرادة بهم : فهي الجزاء بالعدل ، والفضل ، والثواب ، والعقاب ، قال تعالى ( ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) النجم/ 31

الكلام عن هذا طويلٌ جدا ولا أظن أنك تريد تفصيله في هذا الموضع

...يتبع

مجرّد إنسان
09-18-2016, 12:29 PM
وعن قولك:

الآية هنا استخدمت أسلوب نفي واستثناء لا يمكن معه إقحام غايات أخرى
بمعنى آخر فإن هذه الآية بصياغتها هي الملزمة لكل الآيات الأخرى وليس العكس

ليس الكلام في ذلك دقيقاً...وأظن الأخوة بينوا لك طرفاً من ذلك....وأزيده توضيحا بمثال:

لو قلت لك: ما أمرتك بشرب الدواء إلا لتتحصّل لك العافية....

أقول: الغاية من الأمر بشرب الدواء هو تحصّل العافية....أإذا قلت: الغاية كذلك أن الطبيب هو من نصحك بذلك...ولكي ينتقل الدواء إلى الجسم ويتحلّل في الدم.... ولكي تتمكن من العودة إلى عملك

أتراني هنا أقحمت غاياتٍ أخرى؟؟؟ الجواب كلا...بغض النظر عن العلاقة الحاصلة بين الغايات سابقة الذكر

فالاستثناء الوارد في الآية هو من أسليب القصر...والقصرُ نوعان: حقيقي: وهو تخصيص شيء بشيء بالنسبة إلى جميع ما عداه...وإضافي: تخصيص شيء بشيء بالنسبة لبعض ما عداه...

والقصر في الآية إضافي...لأنها بالنسبة للمراد الشرعي فقط...لأن ثمة عللاً أخرى تتعلق بالمراد الكوني

ولأجل ذلك ترى أن في القرآن ذكراً لمرادات كونية نُسب لها عليّة الخلق وأضيف إليها...مثل قوله تعالى: {ولا يزالون مختلفين*إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} وقوله سبحانه: {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}

ولو لم تفهم هذا القصر الإضافي لاختل عليك فهم الآيات السابقة ولظننت أن في الأمر إقحامات لعلل أخرى

مجرّد إنسان
09-18-2016, 12:32 PM
وخير لك من هذا كلّه: أن تكون أكثر جدية في البحث عن لاأدريتك....فكم هي خسارتك -لو نظرت في أمرك- لو كان الإسلام هو الحق وفاتك الإيمان به

أنصحك بهذا:

http://ar.islamway.net/book/20212/%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86

ابن سلامة القادري
09-19-2016, 10:25 PM
ماذا عن الرابط يا زميل ؟ هل وجدت فيه ما يفيد :):

zinder
09-22-2016, 03:54 AM
الأخ مجرد إنسان
تقسيمات الفعل الاربعة التي قصرت عليها وقوع الفعل في اللغة العربية لابن هشام
( وأنا حقيقة لا أعرف عنه الكثير)
هي على ما يبدو قد استنتجها من فهمه وتفسيره للقرآن نفسه فلا يمكن الاعتماد عليها كحكم على القرآن إذن
لأنه بطبيعة الحال إذا وجد فعلا في القرآن لا ينتمي لأحد أقسام الفعل أو يتعارض مع الواقع فسوف يقوم بإضافة قسم جديد ليناسب ذلك الفعل فلا يوجد خلافا بين الواقع وبين ما قيل في القرآن
أي باختصار هذا يشبه تفسير مفسري قرآن أكثر مما يشبه قواعد نحوية
وحتى تصلك فكرتي أكثر فهذا اقتباس من قول أحدهم في نفس موضوع تقسيم الفعل الذي اعتبره ابن هشام كما تقول لا يخرج عن أربعة أقسام

{.أحياناً يأتي الفعل في القرآن الكريم مِن غير أنْ يقع، ولا شارفنا على وقوعه، ولا أردناه، ولا قدرنا عليه، ولا استمتعنا به، بمعنى آخر، الفعل لم يقع إطلاقاً، ولكنّه سيقع يوم القيامة،}

فهنا تجد أقساما جديدة جاءت لتناسب أفعالا أخرى في القرآن

إذن فلنعد إلى الموضوع مرة أخرى
ببساطة لو أخذنا مثالا للام التعليل مثل
ضربتك لتنتبه
لو سألت سؤالا هو لماذا ضربتني؟ فستكون الإجابة لتنتبه
أي أن الغاية من الضرب هي أن تنتبه
فهنا لا يهمني إن أضفت كلمة أريدك أو أتمنى أو أحب أو أطلب أو أسعى إلى أو أعوذ.... إلخ
فيمكن لأي أحد أن يضيف أي كلمة يريدها ويدعى أن المعنى الجديد هو المراد من الجملة
ولكن أصل الجملة فيه غاية هي أن تنتبه
فإذا حدث أنك لم تنتبه فهذا معناه أن الغاية لم تحدث
فما بالك لو قصرت الغاية على ذلك ونفيت الغايات الأخرى فهذا أجدر أن يوجب حدوث الغاية وإلا كان فعل الضرب محض عبث لا أكثر
هذا مع الأخذ في الاعتبار أني كبشر لست أعلم إن كانت غايتي ستتحقق من الضرب أم لا
ولكن في آية الذاريات الله حدد الغاية وهو يعلم أنها لن تحدث

أما عن قولك أن القصر ليس حقيقيا فهذا معناه أن هناك غايات أخرى تخالف تلك الغاية ولا تتفق معها في سلسلة الغايات التي يترتب بعضها على الآخر كما ذكرت أنت تقريبا قبل ذلك
فهل هذا حقا قصدك.. أن للخلق غايات أخرى مغايرة لما ذكر في الآية وأن القصر إضافي؟
فإن كان قصدك
فالسؤال هل هو غير حقيقي لأنه خالف الحقيقة فلا بد أن يكون إضافيا أم هناك اسباب أخرى؟

وشكرا لك على سعة صدرك


الأخ ابن سلامة
لقد اطلعت على رابطك كعناوين ومقتطفات مما تحتها ولم أقرأه بالكلية حتى أصدقك القول
ولكن لم أجد فيه جديدا عما أعلمه ولكل إعجاز ذكر فيه تحفظات عندي كثيرة

ابن سلامة القادري
09-22-2016, 04:11 AM
ما هو دليلك أنت على أن العبادة المقصودة في الآية كونية و ليست شرعية ؟ بمعنى خلقتهم ليكونوا عبادا لي جميعاً. و ليس خلقتهم ليعبدوني بمحض اختيارهم الذي وهبتهم إياه. إن لم يكن دليلا من الشرع لأنك لا تؤمن به فما هو دليلك من اللغة ؟

مجرّد إنسان
09-22-2016, 10:48 AM
تقسيمات الفعل الاربعة التي قصرت عليها وقوع الفعل في اللغة العربية لابن هشام
( وأنا حقيقة لا أعرف عنه الكثير)
هي على ما يبدو قد استنتجها من فهمه وتفسيره للقرآن نفسه فلا يمكن الاعتماد عليها كحكم على القرآن إذن
لأنه بطبيعة الحال إذا وجد فعلا في القرآن لا ينتمي لأحد أقسام الفعل أو يتعارض مع الواقع فسوف يقوم بإضافة قسم جديد ليناسب ذلك الفعل فلا يوجد خلافا بين الواقع وبين ما قيل في القرآن

هنا قد وقعنا في نظرية المؤامرة التي ينبغي أن تخجل من نفسك قبل كتابتها...لأن ابن هشام أصلاً ما درى بهذا المثل ولا فكّر فيه أصلاً -الآية التي تحدثنا حولها- حتى يستنهض همّته في تزييف العلم واستحداث أقسامٍ لا وجود لها في عالم العربية أصلاً...ثم أين هم النقاد حتى يكذبوا قول ابن هشام ويردوا على اختراعه واختلاقِه لما ليس في لغة العرب؟ علماً بأن اللغوين يتبادلون النقد والتعقيب فيما هو أهون من ذلك؟ ولو لديك أدنى أدنى -اطلاع الآجرومية فما فوقها- لأدركت ذلك دون مشقة

ثم إن ابن هشام أتى بشواهد لغوية على بعض الأقسام ومنها قسم إرادة الفعل -بالذات-...وهذا يدل على أنك تُنكر ما لا تعرف...وتنكر على من لا تعرف -أعني اللغوين وابن هشام حجة في هذا الباب-...

فهذا يوضح لنا بجلاء موضوعيتك وطريقة تعاطيك لمقتضيات الحوار

مجرّد إنسان
09-22-2016, 11:25 AM
ضربتك لتنتبه
لو سألت سؤالا هو لماذا ضربتني؟ فستكون الإجابة لتنتبه
أي أن الغاية من الضرب هي أن تنتبه
فهنا لا يهمني إن أضفت كلمة أريدك أو أتمنى أو أحب أو أطلب أو أسعى إلى أو أعوذ.... إلخ
فيمكن لأي أحد أن يضيف أي كلمة يريدها ويدعى أن المعنى الجديد هو المراد من الجملة
ولكن أصل الجملة فيه غاية هي أن تنتبه

يمكنني أن أقلب عليك المثال وأقول لك: الغاية من الضرب أن تنتبه...ولو تحقق منك مطلق الانتباه -المطلق يعني أدنى درجات الغاية- فإن الغاية تكون قد تحققت...وبالمثل: فالغاية من الخلق هي العبادة...والعبادة كمصدر تشمل أمرين:
-حدوث مطلق العبادة لا العبادة المطلقة...بمعنى أن حدوث أدنى امتثال للفعل ولو مرة واحدة فقد تحققت الغاية من حدوث الفعل...وله مثال سأذكره لاحقا
-إرادة الفعل الإرادة الشرعية...محبة صدور هذه العبادة...وهذه تحققت ولا تحتاج إلى شرح

فانتفى بذلك ادعاؤك عدم حدوث الغاية لأن مجرّد الامتثال الحاصل من البعض قد حقق وقوعه...وكذلك لتحقق الإرادة من الفعل
وأما المثل الذي قلت سأذكره لك..هو: ما بنيتُ نُزُل safai -ما يُسمى ببيوت الشباب أو البيوت غير المأهولة الموضوعة في الطرقات- إلا ليسكنه المسافرون
طبعا المسافرون لفظ عموم...لكن لو حدث هذا الفعل من شخص واحد فما فوقه لحدثت الغاية...ولا نقول أن الغاية لن تتحقق إلا بالحدوث الامتثال المطلق من جميع المسافرين

الله أراد -يعني أحب- العبادة من الجميع...الله قدّر حدوث العبادة من البعض لا الكل...لأنه هو هو -سبحانه وتعالى- قد أخبر أنه لن يمتثل الجميع...وأنه سبحانه لو شاء لآمن من في الأرض كلهم جميعا...
أأنت أعلم بمراد الله يعني؟

ابن سلامة القادري
09-22-2016, 02:53 PM
وسياق الآيات أليس فيه دلالة قطعية على ما قلناه و كرّرناه حتى التخمة أم أن القرآن و هو أم اللغة العربية يناقض نفسه و بشكل واضح فاضح يعني ؟

مستفيد..
09-22-2016, 03:25 PM
أن يكون القرآن مصدرا للغة العربية فهذا شيء طبيعي بحكم انتصاره على فصاحة العرب وعجزهم عن مجاراته بما في ذلك الشعر الجاهلي فخر العرب. مما جعل أهله ينجذبون لأساليب القرآن ويتبونه مصدرا للتشريع اللغوي حتى بلغت اللغة العربية بالقرآن مرتبة بين الأمم لم تبلغها من دونه. وهذا الواقع يصعّب من مهمة الزميل زندر عند انتقاده للقرآن: لغةً. بل ويجعلها مهمة مستحيلة. فجميع المعاجم التي لا يستيطع أن يخرج عن إطارها كمرجع لغوي نقدي جميعها تخضع لإرادة القرآن. وأي نقد خارج معاجم اللغة يجعل من الزميل زندر يتحدث بلغة غريبة لغة غير لغة العرب. -هذا هو الواقع -
وبعيدا عن كتابات المسلمين ونظرية المؤامرة فهذا اسرائيل ولفونسن وهو باحث ومؤرخ يهودي يشهد بهذه الشهادة ويقول في كتابه: "تاريخ اللغات السامية" الصفحة 215 : (( وأثَّر القرآن أثرا شديدا في جميع اللهجات العربية..في جميع أنحاء الجزيرة فقد بدأت تتبلبل وتضطرب وتنجذب بقوة إلى لغة القرآن حتى اندمجت كلها في لهجته التي هي لهجة الحجاز كما كان ينطقها خاصة أهل مكة..ولما كانت الجيوش الإسلامية تقوض الجيوش وتبيد الممالك وتقيم مكانها دولا إسلامية وطيدة الأركان كانت اللغة العربية تقوض أركان اللغات وتمحو أغلب آثارها من الوجود وتأخذ هي مكانها من الألسن حتى أصبحت بعد ذلك امما وشعوبا إسلامية خالصة..وقد ظل القرآن منذ ذلك الحين إلى الآن وهو الينبوع الفياض الذي يرتوي منه علماء الدين واللغة جميعا والمنار المضيء الذي يهتدون بنوره إلى محجة الصواب كلما اظلم عليهم الجو أو أشكل عليهم الأمر في أي فرع من هذين الفرعية..وقد كان القرن الأول للهجرة عظيما من كل وجه فقد ارتفع شأن اللغة العربية ارتفاعا لا نظير له ))

ويضيف:
((...على ان الطبقات العامية من الشعب العربي من البلدان التي افتتحوها كانت قد أخذت تلهج بلغة عربية ممزوجة بكثير من الكلمات الأعجمية وبدأت ألسنتهم تنحرف حتى في نطق الكلمات العربية ..فتنبه علماء المسلمين إلى هذا الخطر الذي يهدد اللغة العربية وأدركوا ان عدوى هذا الإنحراف ستصيب طبقات الشعراء والادباء والعلماء ورجال السياسة إن هم لم يعملوا على تلافي أسبابها فوضعوا القواعد النحوية والصرفية لتكون سياجا يحول دون تدهور اللغة العربية..وكان عرب البادية (طبعا إضافة إلى القرآن) هم المرجع في كل ما يتعلق بفصاحة الكلمة العربية وكان علماء البصرة والكوفة يستخلصون قواعدهم ومذاهبهم اللغوية بعد مباحثات طويلة بينهم وبين عرب البادية الذين كانوا يلتقون بهم حين يجيئون إلى المدن يحملون إليها متاجرهم على إبلهم او حين يذهب العلماء إلى البادية ليأخذوا اللغة عن أهلها ...وقد نجح علماء البصرة والكوفة نجاحا عظيما في جمع المادة اللغوية من أهل البادية فجمعت بذلك المعاجم والقواعد اللغوية وصارت من أعظم المراجع التي يعتمد عليها في البحث ))..

أي نقد لغوي من الزميل مخالف لما قرره القرآن..سنطالبه بالدليل من لغة العرب. -التي هيمن عليها القرآن.
ولا دليل. بشهادة اسرائيل ولفونسن.
هذه خلاصة هذا النقاش.

zinder
09-23-2016, 06:42 PM
الأخ ابن سلامة
إذا كنت تسأل عن كون العبودية مشيئة كونية لله وتكون بالتالي ملزمة و جبرية
أو عن كونها مشيئة شرعية وبالتالي تكون اختيارية
فحقيقة هذا لا يعنيني في موضوع شبهتي الحالي لأني لا أتحدث عن الجبر أو التخيير وكذا لا أتحدث عن الإرادة الكونية والإرادة الشرعية
ما أتحدث عنه هو تناقض الآية بصياغتها الحالية مع الواقع
فالأمر على السواء إذن لأن الغاية لم تحدث في كلتا الحالتين
بمعنى أنه لو كان المعنى
ليعبدوني بالجبر وتحقيق مشيئتي الكونية الملزمة لهم
فهذا لم يحدث لأن الكفار لم يعبدوه
وإن كانت مشيئة شرعية غير ملزمة وبالتالي يعبدونه باختيارهم فهذا أيضا لم يحدث لأن الكفار لم يعبدوه

أما إن كنت تسأل عن معنى كلمة " يعبدون " هل هي طاعة الله وعبادته أم هي بمعنى أن يكونوا عبيدا لي فهذا تحدثت فيه سابقا



الأخ مجرد إنسان
بالنسبة لموضوع ابن هشام
دعنا من نظرية المؤامرة وإن كنت أرى أنها مبررة بدليل ما ذكره الأخ مستفيد مثلا في مشاركته
ولكن دعنا من هذا فهو ليس موضوعنا
ما عنيته بردى أن الأقسام التي قصرت أنت أقسام الفعل عليها ليست ملزمة بدليل أن هناك أفعالا أخرى قد تخرج عنها كما في الاقتباس الذي ذكرته لك
كما يمكن لأي أحد أن يبتكر أقساما أخرى إن شاء
أي أن إرجاعك لفعل يعبدون إلى قسم إرادة الفعل هو كما قلت لك مثل أن تضيف كلمة أتمنى أو أطلب أو أسعى إلى.... كما تقدم
وبالتالي ينبغي علينا أن نرجع إلى الأصل الذي نتفق عليه وهو أن لام التعليل تبعها السبب
أي أن الفعل يعبدون هو سبب - ويمكن أن نبتكر قسما خاصا للسببية نضيفه إلى أقسام الفعل إن شئت- وإذا لم تحدث العبادة تجلت العبثية

بالنسبة لجزئية أن وقوع مطلق الفعل يعني حدوث الغاية واستدلالك بمثال النزل
ما بنيت النزل إلا ليسكنه المسافرون
هنا لو سكنه بعضهم فقد حدثت الغاية حقا كما تقول
ولكن الاختلاف بين مثالك وبين الآية هو أن النزل مفرد ولكي تصبح المقارنة صحيحة فينبغي أن يصبح المثال بالجمع كالتالي
" ما بنيت الأنزال إلا ليسكنها المسافرون "
هنا لو ثبت أن نزلا واحدا من تلك الأنزال لم يسكن فهذا معناه أنه لم يحقق غاية بنائه -بالرغم من أن غيره تمت سكناه بالمسافرين-
وبالتالي فبناء ذلك النزل تحديدا هو عبث


الأخ مستفيد
تطالبني بالدليل فاقرأ إذن رأس الموضوع الذي رقمته فهذا دليل شبهتي


بقي أن أطلب طلبا بعيدا عن موضوع شبهتي إن أمكن وضع رابط لموضوع يبين كيف استنتج الفقهاء وجود نوعين من الإرادة كونية وشرعية فالرابط السابق لم يشرح ذلك
أم أن الفقهاء اعتبروا أن الفعل إذا وقع فهو إرادة كونية وإذا لم يقع فهو إرادة شرعية؟
أعني أني أريد الدليل على وجود نوعين من الإرادة بالرغم من أن الله استخدم نفس اللفظ في كليهما ولم يستخدم لفظين مختلفين ليفرق بين النوعين

ابن سلامة القادري
09-23-2016, 06:48 PM
الأخ ابن سلامة
إذا كنت تسأل عن كون العبودية مشيئة كونية لله وتكون بالتالي ملزمة و جبرية
أو عن كونها مشيئة شرعية وبالتالي تكون اختيارية
فحقيقة هذا لا يعنيني في موضوع شبهتي الحالي لأني لا أتحدث عن الجبر و التخيير وكذا لا أتحدث عن الإرادة الكونية والإرادة الشرعية
ما أتحدث عنه هو تناقض الآية بصياغتها الحالية مع الواقع
فالأمر على السواء إذن لأن الغاية لم تحدث في كلتا الحالتين
بمعنى أنه لو كان المعنى
ليعبدوني بالجبر وتحقيق مشيئتي الكونية الملزمة لهم
فهذا لم يحدث لأن الكفار لم يعبدوه
وإن كانت مشيئة شرعية غير ملزمة وبالتالي يعبدونه باختيارهم فهذا أيضا لم يحدث لأن الكفار لم يعبدوه

أما إن كنت تسأل عن معنى كلمة " يعبدون " هل هي طاعة الله وعبادته أم هي بمعنى أن يكونوا عبيدا لي فهذا تحدثت فيه سابقا



هههه و طالما لم يتحقق مراد الله الشرعي من بعض العباد ما المشكلة يا زميلي زيندر ؟ طالما هناك حساب و ثواب و عقاب و فصل بين المؤمنين و الكافرين تستتبّ به الأمور و تبلغ به حجة الله على الخلق كمالها و حكمته فيهم غايتها ما المشكلة ؟ أصلا لقد أنزل الله آدم إلى هذه الأرض مبتلىً فقال له و لذريته : قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39) هذه واحدة .. ثانيا أنت تعلم أن الله لم يخلق عباده عبثا مع هذه العقول و النفوس التي سخرها لهم منطوية على الخير و الشر و القدرة على الوعي و الاختيار فلا بد إذن أنه خلقهم لشيء و لأجل تحقيق هذا الشيء زودهم بقدراته على فهمه نظريا و على تنفيذه عمليا ما المشكلة إذا لم يشأ البعض أن يفعل ما خلقه الله لأجله ؟ مثلا قلت لك :
ما دعوتك إلى هذا المنتدى إلا لتسأل عن شبهتك هذه فرحت تشغل نفسك بالشات ما شأني أنا إن خالفت حكمتي و مرادي منك هل ذلك يقدح في مرادي منك ؟؟؟؟

هل فهمت يا هداك الله ؟!!!!!!!!!!!!

قد أفهم أن مشكلتك هي في الخلط بين فعل الخلق الإلهي و بين الأمر و هو السبب الذي من أجله أوجد الله البشر و كأن كل شيء خلقه الله يلزم بالضرورة أن يكون متمايشا مع مراده الشرعي منه (و لاحظ أن هذا إلزام على الله الذي يفعل ما يشاء و يقدّر الأمور كما يشاء) .. حاول إذن أن لا تخلط بين هذا و ذاك و ستستوعب الفكرة جيدا ! فكّر في أن فعل الخلق في الآية مستقل و بدل الخلق ضع مثلا كلمة الإتيان : ما أتيت بهم إلا ليعبدون ، ذلك أن إيجاد الله تعالى الأشياء من عدم تبدو لك في تصورك عملية شاقة معجزة لكنها ليست كذلك على الله فإنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون. ثم ركز على الفعل الثاني و فيه الحكمة الإلهية من إيجاد الإنس و الجن خاصة دون الملائكة و الحيوانات و غيرها .. و فكر في أن الإنس و الجن حالة مخصوصة بالإبتلاء مع أن الأصل فيهم هو أنهم مهيئون لعبادة الله و لو أنهم مخيرون مختارون فالواجب بالضرورة أن يكونوا عبادا لله و هي الغاية التي خلقهم الله من أجلها لم يخلقهم ليقتلوا أنفسهم أو ليلعبوا كرة القدم على الشاطئ أو ليتعاطوا الحشيش أو ليمارسوا الجنس مثلا أو أي شيء يخطر لك على بال : خلقهم بما هم عليه من خصائص و ما هم مزودين به من قدرات على الإختيار خلقهم لعبادته لعبادته لعبادته و لإبلاغ الحجة و إحقاق الحق أخبرهم بذلك كله على التفصيل أخبرهم أنه خلقهم لهذه الغاية فانقطع بذلك عذر من أخبره منهم و من لم يصله الخبر فدوره يأتي يوم القيامة و هنا تبلغ حجة الله للكل و تقع على الكل !!
و يارب تكون فهمتني :):

مستفيد..
09-23-2016, 07:23 PM
مؤامرة مرت على فطاحلة اللغة من قريش . أخطاء لغوية لم ينتبه إليها أعراب قريش وانتبه إليها من لا نعرف أاسمه عربي أم أعجمي.
مؤامرة والقرآن تحدى فطاحلة اللغة أن يأتو بسورة من مثله. ولم يثبت ولو بأثر ضعيف أن منهم من قدح في قواعد اللغة واستعمالاتها في القرآن ولو في آية واحدة.
مؤرخ يهودي يقول أن المعاجم وقواعد اللغة جمعت من عرب البادية. وفلان لا من شاف ولا من سمع

جئناك بأقوال اللغويين في المسألة وجئتك بابن إسحاق النحوي الذي صنف في كتابه اللامات بابا أسماه "لام إيضاح المفعول من أجله" وهو شرح نحوي ودليل من لغة العرب يبين هذا النوع من الإستعمالات. وبن إسحاق النحوي أو الزجاجي لا يدري في ما نتحدث أصلا فكتابه فهرسة لاستعمالات حرف اللام في لغة العرب مخصصا لكل استعمال بابا مستشهدا في كل باب بأقوال العرب.
قلنا له آتنا بدليل يخالف أدلتنا.
آتنا بدليل من لغة العرب يثبت أن دليلنا في غير محله

ما من دليل
ما من دليل
ما من دليل

طيب
ماذا تريد ؟
نخترع لك دليلا يخالف ما درج عليه العرب ؟
نخترع لك دليلا ينسف أدلتنا من أقوال اللغويين والمعاجم وما درج عليه العرب ؟
نسلم لك بفكرة لا سند لها من لغة العرب ؟
ناخذ بخطرك ونقول انت صح ؟

أخبرنا ماذا تريد بالضبط ؟

مجرّد إنسان
09-23-2016, 10:23 PM
الأخ مجرد إنسان
بالنسبة لموضوع ابن هشام
دعنا من نظرية المؤامرة وإن كنت أرى أنها مبررة بدليل ما ذكره الأخ مستفيد مثلا في مشاركته
ولكن دعنا من هذا فهو ليس موضوعنا
ما عنيته بردى أن الأقسام التي قصرت أنت أقسام الفعل عليها ليست ملزمة بدليل أن هناك أفعالا أخرى قد تخرج عنها كما في الاقتباس الذي ذكرته لك
كما يمكن لأي أحد أن يبتكر أقساما أخرى إن شاء
أي أن إرجاعك لفعل يعبدون إلى قسم إرادة الفعل هو كما قلت لك مثل أن تضيف كلمة أتمنى أو أطلب أو أسعى إلى.... كما تقدم
وبالتالي ينبغي علينا أن نرجع إلى الأصل الذي نتفق عليه وهو أن لام التعليل تبعها السبب
أي أن الفعل يعبدون هو سبب - ويمكن أن نبتكر قسما خاصا للسببية نضيفه إلى أقسام الفعل إن شئت- وإذا لم تحدث العبادة تجلت العبثية

كلامك السابق كلّه فشنك....لا قيمة له أصلاً...كتل من ريش الحمام مرّ فوقه نسر...فلا ثبات له....

أتدري لماذا؟

لأن القسم له شاهد ودليل من كلام العرب...وقد سقتُه ولم تنتبه له:
فارقنا قبل أن نفارقه ... لما قضى من جماعنا وطرا (1)

وثانياً: وافقه اللغويون في أصل التقسيم ولم يعترض عليه أحد (2)

والمضحك أنك لم تكلف نفسك لمعرفة ابن هشام أو تقرأ كلامه؟؟؟فتتعامل مع كلامه كتعاملك مع عادل إمام أو البسطويسي

مجرّد إنسان
09-23-2016, 10:28 PM
بالنسبة لجزئية أن وقوع مطلق الفعل يعني حدوث الغاية واستدلالك بمثال النزل
ما بنيت النزل إلا ليسكنه المسافرون
هنا لو سكنه بعضهم فقد حدثت الغاية حقا كما تقول
ولكن الاختلاف بين مثالك وبين الآية هو أن النزل مفرد ولكي تصبح المقارنة صحيحة فينبغي أن يصبح المثال بالجمع كالتالي
" ما بنيت الأنزال إلا ليسكنها المسافرون "
هنا لو ثبت أن نزلا واحدا من تلك الأنزال لم يسكن فهذا معناه أنه لم يحقق غاية بنائه -بالرغم من أن غيره تمت سكناه بالمسافرين-
وبالتالي فبناء ذلك النزل تحديدا هو عبث
يا فالح...المعبود واحد...والمسكون واحد...فالمثال صحيح...وكلامك تغريد خارج السرب

يعني خايف من اسم الجنس (المسافرون) وخايف أنه لا يتسع لجميع مسافري الكرة الأرضية؟؟؟

بلاش المثل ده...خليه: ما حفرتُ البئر إلا ليشربه -أو يشرب منه- العاطشون في أفريقيا....لو شرب منه حتى واحد لتحققت الغاية

ابن سلامة القادري
09-24-2016, 05:32 PM
في سياق مداخلتي هناك نقاط لا بد من ذكرها و هي قد تلي تسائلا وجيها من قبيل : إذا كان الله تعالى خلق الخلق لعبادته و أوكل ذلك لمحض اختيارهم و هو لم يرد منهم غير ذلك لماذا جعل نقيض ذلك في نفوسهم فألهمها الفجور كما التقوى و سلّط عليها قريناً من الشيطان و الهوى و نواقض العبادة كالجهل المناقض للعلم و قوة الشهوة المناقضة للإمتثال و قوة الغضب أو حب الشرف المناقضة للخضوع و القنوت و ما من شأنه أن تتحقق به العبادة على وجهها المطلوب. بحيث أن هناك من يغلب جهله علمه أو تسيطر عليه شهوته أو غضبه أو حبه لذاته فيكفر أو يعصي !

و لعل فهم هذه النقاط قد يزيل كل إشكال لديك أيها الزميل بحيث تتقبل فكرة أن يوجد هناك كافرون أو عصاة متمردون في الإنس و الجن بالرغم من أن الله جعل الغاية من وجودهم جميعا هي الإيمان و العبادة.

فأجيب أولا بما أجبتك به سابقا و ذلك أن الله خلق الخلق لحكمة و لسبب مهما اقترن بهذا السبب من شيء فالأصل أن هناك سببا لخلقهم فلم يخلقهم عبثا و هذه الحكمة طبعا تتوافق مع كياناتهم كمخلوقات مفتقرة إلى الله من كل وجه و لهذا قال الله تعالى في سياق الآيات ما معناه أنه لم يخلق الجن و الإنس لحاجته.

ثانيا : نعم لقد خلق الله تعالى العباد مختلفين في مداركهم و علومهم و قدراتهم العقلية و النفسية و حتى مكاسبهم الروحية و طبائعهم لكن هذا الإختلاف يبقى هو المحك للعبادة و إن كان الأصل أيضا بل المفروض على العبد المخلوق لله أن يتماشى تلقائيا مع الحكمة من خلقه و المركوزة في فطرته منذ أشهد الله الخلق على أنفسهم في ظهر أبيهم آدم و هو أعلم بهم فيعرف العبد المكلف قدر نفسه و يبحث عن الحقيقة الكبرى وراء الوجود و هي الحقيقة التي ائتلفت عليها عقول العالمين فلاسفة و من دونهم أي وجود الله الذي لا يحتاج إلى دليل حتى دون إرسال رسل لكن حتى عندما أرسل الله رسله لم يتكلفوا عناء إقناع الناس بوجود خالق فإن عقول الناس و فطرهم لم تفسد و تتبنى الإلحاد إلاّ متأخرا بنسب متكاثرة بسبب طغيان المادة و الدكتاتوريات و تفشي الجهل بالدين الحق و بسبب تكاثر البشر بحيث أصبح الفكر الجمعي مستهترا ليس فقط بالعقائد بل بالوجود الإنساني ذاته. فالرسل إنما جهدوا في إقناع أقوامهم بأن يعبدوا إله واحدا و يطيعوه بدل أن يطيعوا بشرا أمثالهم حتى العبادة.

إذن فمن حيث المبدأ على البشر أن لا يترددوا في قبول دعوة الأنبياء إلى عبادة الخالق الواحد الذي ظهرت آياته في الآفاق و الأنفس خاصة بعدما ظهر صدقهم و تأييد الله لهم بالآيات البينات.

ثالثا : هناك حكمة الإبتلاء أيضا و تقتضي أن عبادة الله تعالى تشمل السراء و الضراء و مع قليل علم أو كثيره و في حالات الشهوة و الغضب و حب النفس بل لا تتم العبادة الحقة إلا بمغالبة أهواء النفس و تقوى الله في السراء و الضراء و في السر و العلن خاصة مع تحقق العلم و قيام الحجة و كثرة ما و من يذَكّر بالله و كثرة دواعي الإيمان و أسبابه و هنا يحاسب الإنسان بحسب ما أدركه من علم و هدى و بحسب ما يطيقه من الإستجابة لداعي الإيمان. و من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.

رابعا : وجود الكفر يعني عدم صلاحية المحل للإيمان شرعا و حتى قدراً، فالمحل الذي لا يقبل بالإيمان محل ميت لم تتحقق فيه الإستجابة لله و رسوله كما قال الله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24)
فالله تعالى المتحكم في دواخل النفوس و العليم بذات الصدور يعلم من سيستجيب ممن لن يستجيب فمن خيّره الله بين الإيمان و الكفر فاختار الكفر لا تظن أن الله سيهديه بل يمده في ضلاله و يتركه و هواه مع التذكير تلو التذكير و قيام الآيات و الحجج .. و يوم القيامة حين سحاسبه الله تعالى لن يحتج عليه كافر بقوله : يارب أنت خلقتني لعبادتك لكنك جعلتني كافرا أو تركتني اكفر ! فالحجة منقطعة بالعلم و بالقدرة على الإيمان التي فرّط فيها صاحبنا فاحذر أن تكون مثله.

ابن سلامة القادري
09-25-2016, 10:50 AM
و نقطة خامسة و هي في مقتضى قول الله تعالى : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (الملك- 2) و قوله : إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (الكهف-7) و هو فتح باب الإستحقاق لرضوان الله و محبته و قبوله و الجنة ، فالأصل أن على العباد أن يسلموا لربهم و يستجيبوا لداعيه ثم تظهر حكمته في من يثيبه الجنة بأن يرفعه فيها درجات عالية أو ينزله منها منازل دنيا أو متوسطة كما قال الله تعالى : لكلٍّ درجات مما عملوا. لا أن يكفر العبد رأساً فيختار سبيل الغي. فلو لم يختر فريق من الناس سبيل الغي و الكفر مع أنهم مستعدون للإيمان المطلوب منهم لعبد الناس ربهم جميعا و لدخلوا الجنة جميعا فينال كل منهم منزلته فيها بحسب عبادته و ما بذل فيها من إخلاص و جهد لكن كثيرا منهم اختار الكفر على الإيمان و الشكر و استحب العمى على الهدى و الخبيث على الطيب .. فهل ينقص ذلك من حكمة الرّب تعالى شيئا ، هل هناك أدنى قدح في خلقه خلقا متفاوتين بإرادتهم و قد سمح لهم جميعا في ساحة الإختبار أن يختاروا لأنفسهم بعد أن هداهم النجدين لكن المطلوب منهم جميعا و المراد بل المفروض أن يكونوا عبادا لله لينال كل منهم درجته التي يستحقها في الآخرة دار القرار التي هي مرد آدم و ذريته على ما اختصهم الله بهم من استعدادات و قابلية للإبتلاء ؟

مثال واضح أختم به : صاحب نادي أو شركة جمع فئة من الشباب البالغين ثم أعطاهم مجموعة من الحواسيب و وفّر لهم كل متطلباتهم من سكن و مطعم و ملبس و غير ذلك و قال لهم : ما جمعتكم في هذا النادي و أعطيتكم هذه الحواسيب إلا لتخدموا أهدافا إنسانية نبيلة تتوافق و مؤهلاتكم و خصوصيات هذا النادي أو الشركة (الحكمة التي من أجلها أنشئ هذا النادي أو الشركة و التي من أجلها جيء بكم إليها) و سينال كل منكم درجة استحقاقه في هذا النادي أو الشركة (أجر أو مرتبة) بحسب عمله و عطائه و ما بذله من جهد و لا يجوز لأحد منكم أن يتجاوز أهداف هذا النادي إلى أهداف و مخالفات غير شرعية و إلا فهناك عقاب أيضا بحسب المخالفة. فتفاوتت عزامهم فاجتهد بعضهم و تقاعس البعض الآخر و هناك فئة تجرأت على مخالفة أهداف النادي و راحت تستغل الحواسيب في أهداف غير شرعية ( كاللهو الزائد بل في التحرش الجنسي و استدراج النساء و الأطفال للرذيلة أو في تجارة الأعضاء أو اختلاس الأموال و الاعتداء و القتل لغرض تافه و الايقاع بين الناس ... الخ) ضاربين قواعد النادي و تحذيراته و ما وُضع من علامات عرض الحائط. فهل ذلك يقدح في مراد صاحب النادي أو الشركة من هؤلاء الشباب أم يقدح في الشباب المستهتر ؟

حبذا لو أعرف ما الفرق لغة بين هذا المثال و بين ما ذكره الله تعالى في الآية و سياقها.

ابن سلامة القادري
09-25-2016, 05:39 PM
هذا الرابط أيضا يجيب عن السؤال الكبير : لماذا انحرف كثير من البشر عن جادة الإيمان و العبودية لله تعالى التي هي الأصل و كيف ظهر الكفر و هل كان من المفترض أن يكفر أحد ؟

أسباب الخروج عن دين الفطرة !! (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=267493)

zinder
09-28-2016, 12:40 PM
الأخ مستفيد
في مشاركتك السابقة قلت إنكم جئتم بحجج كثيرة وأنا لم يقنعني شيء
بالنسبة الحجج فلو قرأت ردود الشبهة بتمعن لوجدت أن أغلبها لا يصب لنفس المعنى وبالتالي توافر ردود كثيرة على الشبهة لا يعني قوة بل حتى ربما يعني خلافا
وستجد أني لم أدع ردا إلا وناقشته معكم

{جئناك بأقوال اللغويين في المسألة وجئتك بابن إسحاق النحوي الذي صنف في كتابه اللامات بابا أسماه "لام إيضاح المفعول من أجله" وهو شرح نحوي ودليل من لغة العرب يبين هذا النوع من الإستعمالات}
كلام ابن إسحاق أثبت كلامي أصلا فكيف تحتج به علي؟!!!!
هو قال هذه لام التعليل مثل وما أمروا إلا من أجل أن يعبدو الله
بالمثل وما خلقت الجن والإنس إلا من أجل أن يعبدون
إذن سبب الخلق لم يحدث في حالة الكفار إذن هذا عبث

{قلنا له آتنا بدليل يخالف أدلتنا}
دليلي في رأس موضوعي أولا
ثم أدلتكم أرد عليها تباعا في ردودي فماذا تريد أكثر؟!!

{أخبرنا ماذا تريد بالضبط ؟}
أريد أن أعرف إن كان عندكم رد " مقنع " على شبهتي أم لا
وأرجو مرة أخرى ألا تشخصن الحوار

الأخ ابن سلامة
سأكرر لك ان عندي شبهات كثيرة عن الغاية من الخلق وخلق الكفار وإلهام الفجور والمشيئة والإرادة..... إلخ
ولكن ذلك كله ليس ما اشتبه عندي في هذا الموضوع
هنا شبهة واحدة فقط
الله لم يخلق الكفار إلا ليعبدوه
وقد قرأت جميع ما كتبت وأشكر لك ذلك ولكني سأرد فقط على ما يرد على مضمون شبهتي الحالية على أمل أن أطرح شبهاتي الأخرى تباعا في مواضيع لاحقة

{ما دعوتك إلى هذا المنتدى إلا لتسأل عن شبهتك هذه فرحت تشغل نفسك بالشات ما شأني أنا إن خالفت حكمتي و مرادي منك هل ذلك يقدح في مرادي منك ؟؟؟؟}
شأنك أنك إن كنت تعلم علما يقينيا لا يساوره ضئيل شك بأني لن أسأل عن شبهتي وبالرغم من ذلك دعوتني فهذا عبث
فكذلك الله يعلم يقين العلم أنهم لن يعبدوه ومع ذلك خلقهم
وهذا هو نفس الرد الذي حبذت أن تعرفه عن الفارق بين الآية وبين مثال صاحب الشركة والموظفين

{و فكر في أن الإنس و الجن حالة مخصوصة بالإبتلاء مع أن الأصل فيهم هو أنهم مهيئون لعبادة الله و لو أنهم مخيرون مختارون }
لو أنه قال لأهيأهم ليعبدون لما طرحت شبهتي هذه أصلا ولكنه قال ليعبدون

{الله خلق الخلق لحكمة و لسبب مهما اقترن بهذا السبب من شيء فالأصل أن هناك سببا لخلقهم فلم يخلقهم عبثا }
هو بنفسه قال إن السبب وراء خلقهم هو أن " يعبدوه " فإذا لم يتحقق فقد خلقهم عبثا

zinder
09-28-2016, 12:44 PM
الأخ مجرد إنسان
تلخيص سريع لخط سير الموضوع قبل أن أبدأ بالرد
أتت عدة ردود على الشبهة بعدة أشكال تم الرد عليها إلى أن وصلنا إلى ردين نحن بصددهما الآن
الأول أن ليعبدون لا تعني سوى لأني أريدهم أن يعبدون وهذه الإرادة شرعية
( ولم أناقشكم في شبهة الإرادة الشرعية والكونية لأني لم أسلم بعد بأن الآية تدل على أن الغاية هي إرادة الفعل وليس الفعل ذاته)
فاستددللتم بقول ابن هشام وأقسامه وأنها ملزمة وأن لا معنى للفعل سوى الإرادة
والثاني أن حدوث مطلق العبادة من بعض الجن والإنس يكفي لحدوث الغاية
وهذان الوجهان هما محور حديثنا الآن
ولنبدأ..

انا فعلت فعلا لينتج عنه نتيجة ما
فقطعا أنا أريد أو أسعى إلى أو أتمنى... الخ تلك النتيجة وإلا لما كنت فعلت الفعل
ولكن هل ينفي ذلك أن سبب فعلي للفعل هو أن تحدث النتيجة؟!
بالطبع لا
فلماذا تظلون تسوقون الموضوع ناحية الإرادة وتبعدونه عن ناحية السبب والنتيجة

بالنسبة لأقسام ابن هشام فقطعا أنا لا أملك الوقت حتى أبحث عنها عنده وعن رأي غيره فيها ولكن
إليك اقتباس من هوامش أحد الكتب التي تتحدث ليس عن موضوعنا ولكنه يثبت رد التقسيم إذا كان غير حاصر

" ومن الطبيعي أن يكون هذا التوجيه مردودا عند بعض النحاة ، لانه ـ كما يقولون ـ قائم على قسمة غير حاصرة ، إذ يمكن افتراض قسم رابع هو : (أن يخبرعنه لا به) وسواء وجد هذا القسم أم لم يوجد ، فإن مجرد احتماله مخل بانحصار القسمة (7) "

وفي رقم 7 في الهامش تجد التالي..

" انظر رأي ابن إياز وابن هشام في الاشباه والنظائر 2|3 مع ملاحظة أن (القسمة) باب من أبواب المنطق ، ويشترط المناطقة للقسمة أن تكون (حاصرة) أي جامعة لجميع ما يمكن أن يدخل من الاقسام ، لا يشذ منها شيء ، فإذا فرض أن يكون هناك قسم لم يدخل كانت القسمة (غير حاصرة) ، وهذه القسمة نوعان : عقلية واستقرائية. فالعقلية هي التي يمنع العقل أن يكون لها قسم آخر ، ولا يمكن ذلك إلا إذا كانت القسمة دائرة بين النفي والاثبات ، كما لو قسمنا الحيوان إلى : (إنسان وغير إنسان) فإن غير الانسان يدخل فيه كل ما يفرض من الحيوانات الاخرى ـ وسيأتي أن النحاة حاولوا هذه القسمة الحاصرة في تقسيمهم للكلمة ـ ، والاستقرائية هي التي لا يمنع العقل من فرض قسم آخر ، ولكن التقسيم وقع علىالاقسام المعلومة بالاستقراء والتتبع. (انظر المنطق للمظفر 1|123 ـ 126 "

فهنا رد القسمة اذا لم تكن حاصرة حاصل ليس عندي فقط ولكن عند النحويين أنفسهم
هذا على المستوى الأول الذي سعيت إليه وهو رد تقسيم ابن هشام من الأساس
أما لو انتقلنا للمستوى الثاني والذي جدلا سوف أقر فيه بصحة قول ابن هشام في الأقسام وخطأ من عداه
فيأتي سؤال افتراضي ملح
ما الذي كان ليحدث لو أسمى ابن هشام قسمه ذاك باسم " عوز " الفعل أو " الحاجة " إلى الفعل بدل إرادة الفعل
فهل كنت لترجع " يعبدون " حينها إلى ذلك القسم؟!
أم أن ذلك احتمال مستحيل لأن الله قدر لابن هشام أن يسميه إرادة حتى تدحض أنت به شبهتي؟!
والآن إلى المستوى الثالث
ابن هشام محق وقسمته حاصرة
والأسئلة الافتراضية لا تغني عن الحق شيئا
فهنا يحق لي أن أسألك عن فعل لترجعه إلى قسمه الخاص به من أقسام ابن هشام
إن " جاء " فلان إلى بيتي " قتلته "
إلى أي قسم ترجع الفعلين؟
ولأنبهك فسأقوم على الأغلب بإرجاع يعبدون إلى نفس القسم الذي سترجع إليه جاء

أما عن الرد الثاني وحدوث مطلق العبادة ومثال النزل ثم مثال البئر
أنت عندما استبدلت النزل بالبئر لم تأت بجديد فكلاهما مفرد ولا يجوز القياس عليه في الآية لأن الآية ذكرت الجن والإنس وهؤلاء بالفعل كثير
ولا علاقة لكون المعبود واحد والمسكون واحد بإثبات صحة قياسك أصلا
لنكتب الأمثلة ونقارنها بالآية
ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
ما بنيت النزل إلا ليسكنه المسافرون
ما بنيت البئر إلا ليشرب منه العاطشون في أفريقيا
الثلاثة أمثلة بنفس البنية.. فعل منفى ثم مفعول به ثم أداة استثناء ثم لام التعليل ثم فعل مثبت
وجه اعتراضي أساسا على الآية كان على أن الجن والإنس ( المفعول به) تشمل من لا ينطبق عليه " يعبدون " ( الفعل المثبت)
وبالتالي فينبغي عليك عندما تأتي بمثال لنقيس عليه أن لا يخلو من ذلك لأنه صميم شبهتي أصلا
انت في مثاليك لم تفعل ذلك لأن النزل مفرد والبئر مفرد وكلاهما لا يمكن أن " يشمل من لا ينطبق عليه " الفعل المثبت
لذا فالصحيح حتى نحسن القياس أن تجعل المفعول به جمعا ليشمل بعض من لا ينطبق عليه الفعل المثبت
فتستبدل النزل والبئر ب الأنزال أو الآبار ثم نفترض أن بعض الأنزال أو الآبار تشمل بعض الأنزال أو الآبار التي لن يسكنها أحد أو لن يشرب منها أحد
ويكون التساؤل لماذا بناها إذن وهكذا تصبح المقارنة بين مثاليك وبين شبهتي ممكنة

وفي النهاية عذرا على تأخر الرد لأن وقتي لا يسمح لي بسرعة الرد دائماً

مستفيد..
09-28-2016, 02:16 PM
كلام الزجاجي يدعم كلامك وتسغرب احتجاجي به عليك !!
يا رجل قل غير هذا الكلام
قال الأستاذ: ما أعطيتك الدرس إلا لتنجح ( أي من أجل أن تنجح )
زندر يقول: لو رسب التلميذ لكان في ذلك قدحٌ في غاية الأستاذ من إعطاء الدرس ههههه يخرب بيت جهلك

أنت لا تفرق بين لام الأمر ولام التعليل وهذا يثبت جهلك وأن الشبهة لا وجود لها إلا في رأسك المقفل بستين ألف قفل غير قابل للفتح أو الخلع. وكما يقال من يجهل المراقي يكسر الفخار الراقي. وأعرف أنك لن تفهمها ولو بقُمع.

ويا أبله سلمتُ لك حتى على أنها لام الأمر التي تقود إلى وجوب إتيان الفعل. وتحديتك ان تثبت أن العبادة يقصرها الإسلام على الحياة الدنيا وتحديتك أن تأتي بمفهوم لغوي للعبادة يتنافى مع حال الكفار في الآخرة .
ولم تأتِ بشيء ولن تأتِ بشيء ولو مشيت على الحيطة
ولا ترهق نفسك: نعم أنا أشخصن. لعلك تفهم أنه لا يوجد حوار أصلا ولا وجود لأي شبهة من الأساس. ولا تخدعنك نفسك فتظن أنك تحاور ثلاثة من منتدى التوحيد !!
يا أبله الرد لم يتجاوز المداخلة رقم 1 إلى الآن. وكل هذا الهرج والمرج ليس علته أن المسألة تحتاج كل هذا الأخذ والرد بل مرده ومرده فقط: هو رأسك المقفل.


وأرجو وقفة من الإشراف فلسنا هنا لإضاعة الأوقات مع المجانين. ما ننفقه من وقتٍ غيره أولى به.

ابن سلامة القادري
09-28-2016, 11:19 PM
الأخ ابن سلامة
سأكرر لك ان عندي شبهات كثيرة عن الغاية من الخلق وخلق الكفار وإلهام الفجور والمشيئة والإرادة..... إلخ
ولكن ذلك كله ليس ما اشتبه عندي في هذا الموضوع
هنا شبهة واحدة فقط
الله لم يخلق الكفار إلا ليعبدوه
وقد قرأت جميع ما كتبت وأشكر لك ذلك ولكني سأرد فقط على ما يرد على مضمون شبهتي الحالية على أمل أن أطرح شبهاتي الأخرى تباعا في مواضيع لاحقة

{ما دعوتك إلى هذا المنتدى إلا لتسأل عن شبهتك هذه فرحت تشغل نفسك بالشات ما شأني أنا إن خالفت حكمتي و مرادي منك هل ذلك يقدح في مرادي منك ؟؟؟؟}
شأنك أنك إن كنت تعلم علما يقينيا لا يساوره ضئيل شك بأني لن أسأل عن شبهتي وبالرغم من ذلك دعوتني فهذا عبث
فكذلك الله يعلم يقين العلم أنهم لن يعبدوه ومع ذلك خلقهم
وهذا هو نفس الرد الذي حبذت أن تعرفه عن الفارق بين الآية وبين مثال صاحب الشركة والموظفين

{و فكر في أن الإنس و الجن حالة مخصوصة بالإبتلاء مع أن الأصل فيهم هو أنهم مهيئون لعبادة الله و لو أنهم مخيرون مختارون }
لو أنه قال لأهيأهم ليعبدون لما طرحت شبهتي هذه أصلا ولكنه قال ليعبدون

{الله خلق الخلق لحكمة و لسبب مهما اقترن بهذا السبب من شيء فالأصل أن هناك سببا لخلقهم فلم يخلقهم عبثا }
هو بنفسه قال إن السبب وراء خلقهم هو أن " يعبدوه " فإذا لم يتحقق فقد خلقهم عبثا


سأجيبك إن شاء الله باختصار فقد و الله أكثرنا الجدال في ما هو من أوضح الواضحات ..

أولا : إعلم يا زميلي أن كلامك في مداخلتك الأخيرة ينقض بعضه بعضا ، فأنت تقول :

شبهتك : الله لم يخلق الكفار إلا ليعبدوه .. فلماذا إذن لم يفعلوا و بما أنهم لم يفعلوا فوجودهم عبث !
و قلت في آخر مداخلتك : لو أنه قال لأهيأهم ليعبدون لما طرحت شبهتي هذه أصلا ولكنه قال ليعبدون

و هنا نسفت شبهتك لأنك على استعداد لأن تعتقد بأن الله هيأهم ليعبدوه و لا تجد إشكالا في ذلك ، و عليه لماذا تقدح في مراد الله أن أراد منهم الإيمان فلم يؤمنوا و العبادة فلم يعبدوا بما أنه هيأهم لذلك و كفى.

فإنه تعالى لم يقل عبثا : و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون لو أنه لم يهيئهم لذلك ، و لو أنه قال خلقتهم لألزمهم بالعبادة فلم يفعل أو لم يفعلوا فهنا جاز لك الإعتراض .. و يجوز لك هذا الإعتراض أيضا لو كان قال ذلك بحق الجمادات أو الحيوانات لكنه مراده تعلق بعقلاء مثلك دعاهم فلم يؤمنوا و بوسعهم أن يؤمنوا و دعاهم أن يعبدوا و بوسعهم أن يعبدوا فهو الحق و له الحمد على كل حال.

أما عن احتجاجك بعلم الله في الرد على مداخلتي هنا :


{ما دعوتك إلى هذا المنتدى إلا لتسأل عن شبهتك هذه فرحت تشغل نفسك بالشات ما شأني أنا إن خالفت حكمتي و مرادي منك هل ذلك يقدح في مرادي منك ؟؟؟؟}
شأنك أنك إن كنت تعلم علما يقينيا لا يساوره ضئيل شك بأني لن أسأل عن شبهتي وبالرغم من ذلك دعوتني فهذا عبث
فكذلك الله يعلم يقين العلم أنهم لن يعبدوه ومع ذلك خلقهم


فلعله أساس شبهتك ، و لا حجة لك في علم الله السابق للوجود لأن وجود الكافرين الذين علم الله مسبقا أنهم سيكفرون و يدخلون النار وجود حتمي لأن النتيجة هي بعد الإختبار و ليس قبله و إن كان علم الله سابقا فلا يعقل أن يعلم الله شيئا لن يوجد أصلا كما لا يجوز أن يخلق شيئا لا يعلمه و إن كنت ترى هذا جائز عقلا في الخارج فقل لي كيف.

ثم لقد أوجد الله تعالى من يكفر به و لا يعبده لحكم أخرى اقتضتها صفاته التي لا تعلمها أو لا تؤمن بها و عليك أن تؤمن بها أو تناقشها ابتداء على الأقل إن شئت أن تعتقد في الله الكمال و أن لا ترى تناقضا في أفعاله الأزلية .. و من تلك الصفات أن الله عزيز قهار و من صفات عزته و قهره أنه شديد البطش و العقاب و أن يغضب كما يرضى ويكره كما يحب و يعذب كما يرحم .

و إن كنت مع ذلك ترى وجودهم عبثا ، فوجودهم فعلا عبث لكن مرد ذلك إلى أنفسهم لأنهم اختاروا عبثيتها و أما الله تعالى فله الحمد لأنه أراد لهم الوجود الحق فأرادوا الباطل و دعاهم إلى السعادة فاختاروا الشقاء و ارتضى لهم الإيمان فرضوا الكفر و هداهم إلى الهدى فاستحبوا العمى. فهل وجودهم على تلك الصفة يقدح في الله أم فيهم على كل حال ؟

و حسبك أنهم لا يلومون الله على وجودهم في جهنم و إنما يلومون أنفسهم لأنه أكرمهم بالوجود و بكل ما يهديهم إليه فأهانوا أنفسهم بالكفر.
قال الله تعالى :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩ (18)

قلتَ في بداية مداخلتك :


سأكرر لك ان عندي شبهات كثيرة عن الغاية من الخلق وخلق الكفار وإلهام الفجور والمشيئة والإرادة..... إلخ
ولكن ذلك كله ليس ما اشتبه عندي في هذا الموضوع


إطرح ما لديك من شبهات .. تفضل

zinder
09-30-2016, 12:57 AM
السيد مستفيد
{ولا تخدعنك نفسك فتظن أنك تحاور ثلاثة من منتدى التوحيد !!}
لا تقلق فأنا بالفعل أعلم أني لا أحاور ثلاثة من منتدى التوحيد... أنا أحاور اثنين منهم فقط
فيمكنك توفير وقتك الثمين الذي يضيع معي واذهب لتنفقه في سباب شخص غيري

الأخ ابن سلامة
أرجو أن تعذرني في أسلوب حواري معك عن الله في هذه المداخلة ولكني أظن أن تلك هي الطريقة الوحيدة لكي تصلك فكرتي فأنا أظن انها لم تصلك بشكل كامل بعد

{شبهتك : الله لم يخلق الكفار إلا ليعبدوه .. فلماذا إذن لم يفعلوا و بما أنهم لم يفعلوا فوجودهم عبث !}
لا ليس كذلك
شبهتي : الله لم يخلق الكفار إلا ليعبدوه
فلماذا إذن " خلق " من لم يفعلوا وبما أنهم لم يفعلوا ف" خلقهم " عبث
في شبهتي لا تهمني وجهة نظر الكفار أبدا ولا إرادتهم الكفر رغم علمهم بعواقبه
أنا أتحدث عن وجهة نظر الله فهو المتحدث في الآية وليس الكفار
لو تخيلناه يتحدث إلينا بحسب صياغة الآية فسألناه : يا رب لماذا خلقت الجن والإنس؟
فسيقول : ليعبدون ( وليس لأني أريدهم أن يعبدون... بالرغم من أنه بالفعل يريدهم أن يعبدوه كما تقولون بدليل آيات أخرى ولكنه لم يقل ذلك في هذه الآية كما ترى)
فنسأله :هل هذا هو السبب الوحيد لخلقهم؟
فيجيب : نعم
فنسأله : فلماذا خلقت الكفار الذين لن يعبدوك ؟
فكيف سيجيب الله على هذا السؤال بالرغم من أنه أقر أن لا سبب آخر لخلقه إياهم سوى أن يعبدوه؟!!
هذا هو مضمون شبهتي بصياغة أخرى
فأنا أتحدث عن الرؤية الإلهية وليس عن رؤية الخلق واختياراتهم
ولذلك قلت لك لو أنه قال لأهيأهم أن يعبدون لما كانت هذه الشبهة
لأن التهيئة حينها ستكون حاضرة وواقعة أمامنا في حالة الكفار وحالة المسلمين على السواء وبالتالي فقد تحققت النتيجة التي أرادها الله من خلقه للكفار

{لو أنه قال خلقتهم لألزمهم بالعبادة فلم يفعل أو لم يفعلوا فهنا جاز لك الإعتراض}
بنفس منطق جواز الاعتراض الذي أقررته أنت
هو قال خلقتهم ليعبدوني فلم يفعلوا

{لا حجة لك في علم الله السابق للوجود}
أنت محق فلا حجة لي في علمه المسبق في سياق حجتي هذه بالفعل
وما ذكرت ذلك إلا لأوضح لك الفرق بين حال مدير الشركة في مثالك وبين الله
فمدير الشركة يوظف عنده من يظن أنه سيفيد الشركة وتتحقق غايته وبالتالي فإذا سألته لماذا وظفت من لم يحقق غايتك فسيجيبك : لم أكن أعلم أنه لن يحقق غايتي
فهو على الأقل لديه حجة تمنعنا من اتهامه بالعبثية
أما الله فإنه يعلم تمام العلم أن غايته لن تحدث ولكنه بالرغم من ذلك خلق الكفار
فحتى لن نجد عذرا نلتمسه له حينها

{إطرح ما لديك من شبهات .. تفضل}
سأطرحها تباعا في موضوعات أخرى حتى يحتفظ كل موضوع بفكرة واحدة لا يخرج عنها



.

ابن سلامة القادري
09-30-2016, 03:11 AM
فلماذا إذن " خلق " من لم يفعلوا وبما أنهم لم يفعلوا ف" خلقهم " عبث



هنا أسقطت شيئا معتبرا – و إسقاطك له هو الذي أوقعك في الشبهة أساسا و مازلنا ندندن حوله منذ بداية الحوار لكنه لم يدخل دماغك أبدا ! - هو أن مع الخلق اختباراً .. أدى إلى نتيجة ، فقد خلقهم الله لعبادته لكنهم لم يفعلوا و أنت تربط المسألة بالعلم و قد أجبتك على هذه و أنه لا حجة لك فيها للزوم وقوع الخلق + الإختبار لتظهر النتيجة المعلوم بها مسبقا عند الله تعالى.

فوضعك إنساناً محل اختبار مع تقديمك كتالوك يدله على طريقة إنجازه و حتى على النتيجة الصحيحة و هي في حق الله تعالى أن يعبده الكل و الكل هنا هم المختبرون ، هذا يجعل مرد النتيجة و تبعتها خيرا أو شراً إليه و إلى هؤلاء المختبرين و ليس إلى الله تعالى.

لكنك ما فتئت ترد النتيجة السلبية إلى الله تعالى و كأنه من ألزمهم بها و ليسوا هم من ظلموا أنفسهم فاختاروها.
تقول لماذا خلقهم و هل كانت تظهر النتائج لو لم يتحقق الخلق و لو لم تُخلق ساحة الإختبار ؟؟؟



في شبهتي لا تهمني وجهة نظر الكفار أبدا ولا إرادتهم الكفر رغم علمهم بعواقبه
أنا أتحدث عن وجهة نظر الله فهو المتحدث في الآية وليس الكفار



لو شاء الله لخلقهم ملائكة و لكنه لم يفعل و قد شاء ابتلائَهم و دعاهم إلى عبادته التي لو اختاروها لكان خيرا لهم – و كان عليهم أن يختاروها شرعا و ليس قدرا لأن الله وهبهم الإرادة الحرة – فلم يفعلوا فما وجه اعتراضك ؟؟



فسيقول : ليعبدون ( وليس لأني أريدهم أن يعبدون... بالرغم من أنه بالفعل يريدهم أن يعبدوه كما تقولون بدليل آيات أخرى ولكنه لم يقل ذلك في هذه الآية كما ترى)


لكن بالله عليك ما محل اللام من الإعراب هنا إن لم تكن تعليلا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ماذا تفهم منها ؟ أن الله خلقهم ليعبدوه قسرا ؟؟ قلتَ لا ليس هذا ما فهمتَه .. قلنا لك هل ليعبدوه باختيارهم ؟؟ قلت لا ليس هذا ما تعنيه الآية فما الذي تعنيه عندك بحق الله ؟؟
حدد لنا معنى آخر غير هذين المعنيين على الأقل في اللغة لنناقشك إياه ، فإما أن تقبل بأن الله خيّرهم أو تقبل بأن الله أجبرهم و لكل جوابه كما أسلفنا. لكنك ما فتئت تطرح شبهة بلا وجه و لا معنى و لا لون و لا طعم و لا رائحة !!!!!



فنسأله :هل هذا هو السبب الوحيد لخلقهم؟
فيجيب : نعم
فنسأله : فلماذا خلقت الكفار الذين لن يعبدوك ؟
فكيف سيجيب الله على هذا السؤال بالرغم من أنه أقر أن لا سبب آخر لخلقه إياهم سوى أن يعبدوه؟!!


السبب الذي لأجله خلقهم هو سبب شرعي مرده إلى اختيارهم لا سببا جبريا و خلقُهم كان قدرا و مشيئة بحيث سمح لهم أن يفكروا و يقرروا و يختاروا و أنت خلطت بين الشرع و القدر.
فالناس متساوون عند الله في حق الإختيار ، اختيار الإيمان أو الكفر و بما انك لا ترى من العدل خلق الكفار لأن وجودهم عبث فبالمثل اقول لك ما العدل في خلق المؤمنين الذين اختاروا الإيمان بأنفسهم ما دام مرد الأمر إليه في خلقهم ؟؟؟
هذا لأنك لم ترى مسألة الإختبار و لم تضعها نصب عينيك رأسا و لم تر فعل الخلق و كسبهم و أن عليه مدار الخلق و الأمر الإلهيين ، فقد خلقهم الله ليعبدوه بمحض مشيئتهم لم يجبرهم على العبادة أو لم يخلقهم ليجبرهم على العبادة أو ليجعل العبادة غريزية فيهم فقد أمده بالإختيار ليعبدوه اختيارا و بالتالي فهو لم يخلقهم مختارين ليختاروا العبث بمصيرهم و إنما أراد منهم أن يعبدوه فماذا فعلوا ؟ اختاروا الكفر في ساحة الإختيار و الإختبار فهل في ذلك قدح في الذات الإلهية أم فيهم ؟؟

إسمع لهذا الحديث فقد يقربك من الفكرة :
روى البخاري و مسلم عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان، فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل، محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبدالله ورسوله، فيقول له: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعا.

ماذا تفهم من هذا الحديث ؟ أن المسألة مردها إلى الإختبار و أنها متروكة للإختيار و إن كانت حكمة الإختبار حكمة خاصة تدخل في حكمة إلهية مطلقة هي أن يعبده الكل باختيارهم فهو لم يخلقهم هملاَ و بهذا يحتج الله تعالى عليهم .. و إلا لو خلقهم هملا لما حاسبهم أصلا و لما كان حسابهم هؤلاء و عذابهم حقّا و عدلاً.



ولذلك قلت لك لو أنه قال لأهيأهم أن يعبدون لما كانت هذه الشبهة
لأن التهيئة حينها ستكون حاضرة وواقعة أمامنا في حالة الكفار وحالة المسلمين على السواء وبالتالي فقد تحققت النتيجة التي أرادها الله من خلقه للكفار


بل لو قال : لأهيئهم ليعبدون لرأيت في ذلك مطعنا آخر فتقول حينها و أين التهئية فلو هيّأهم لكانوا جميعا عابدين ؟؟ و بهذه التهيئة التي وردت في نصوص أخرى و لم يكن من داع لذكرها في الآية إلا بالتضمن قد إحتججنا عليك و لو قبلت بها لانتهى الخلاف قبل أن يبدأ لكنك تلزم الآية لزومات لم تلزم بل أنت تلوي عنقها و تريد أن تجعلها على مقاسك و القرآن كما يُعلم بالضروة يفسر بعضه بعضا و أنت أصررت على أن تفسره من جيبك يا زميلنا اللاأدري !



{لو أنه قال خلقتهم لألزمهم بالعبادة فلم يفعل أو لم يفعلوا فهنا جاز لك الإعتراض}
بنفس منطق جواز الاعتراض الذي أقررته أنت
هو قال خلقتهم ليعبدوني فلم يفعلوا


و إذن ؟؟؟ هل لأنهم خالفوا الأمر و المراد من خلقهم الذي أوكله الله إلى اختيارهم تلوم الله تعالى و تبرّئهم ؟؟
و هل في مخالفتهم أمر الله قدح للحكمة من خلقهم و قد علمت أن الله خلق معهم الأسباب التي يأتون بها بفعل العبادة التي خلقهم لأجلها ؟؟



{لا حجة لك في علم الله السابق للوجود}
أنت محق فلا حجة لي في علمه المسبق في سياق حجتي هذه بالفعل
وما ذكرت ذلك إلا لأوضح لك الفرق بين حال مدير الشركة في مثالك وبين الله
فمدير الشركة يوظف عنده من يظن أنه سيفيد الشركة وتتحقق غايته وبالتالي فإذا سألته لماذا وظفت من لم يحقق غايتك فسيجيبك : لم أكن أعلم أنه لن يحقق غايتي
فهو على الأقل لديه حجة تمنعنا من اتهامه بالعبثية


إيه ! و هل كان الله تعالى ليعلم شيئا لن يوجد أصلاً ؟؟؟؟
أنت تريد أن تكون هناك إرادة حرة للبشر منزوعة تماما من الإختيار المضاد كاختيار الكفر و الشر عموما و هذا لم يعد اختبارا .. و المثال الذي استشهدت لك به هو مثال عام لا علاقة له بالعلم و إنما بصميم الحكمة التي هي العبادة الحرة و أن الله تعالى لم يأت بنا إلى هذا العالم عبثا .. و أنت بإقحامك للعلم الإلهي تقع في تناقض عقلي فلسفي منطقي واضح لكن يبدو أنك لم تستوعبه بعد ، فأنت تريد من الله تعالى أن يلغي إيجاد شيئ يعلم بأنه سيوجد في الخارج و هذا من جنس التناقض الفلسفي الآخر : هل يستطيع الله تعالى أن يخلق صخرة يعجز عن حملها ، فكأنك تقول : هل يستطيع أن لا يستطيع.
و هنا تقول : يجب أن لا يخلق من يعلم أنه حين يخلقه سيخالف أمره و قد أجبتك بسؤالي عن الكيف : كيف يعقل عندك أن يعلم الله شيئا لن يخلقه أو هو معدوم بالأساس.

في سورة الكهف و تحديدا في قصة الخضر مع موسى عليه السلام يقتل الخضر الغلام الذي علّمه الله أنه إذا كبر سيرهق والديه، هذا مثال قد تحتج به في هذا السياق لكنه فاتك و مع ذلك لا حجة لك فيه لماذا ؟
أولا لأن الله تعالى قد أوجد هذا الغلام الذي علم أنه سيقع منه الكفر فهو ليس عدما محضا، بمعنى أن علم الله محيط بنفسية الغلام و مئالاتها و ليس بشيء معدوم بالأساس.
ثانيا : لأن إبقاء مثل هذا الإنسان على قيد الحياة لم يقترن بالحكم التي من أجلها أبقى الله غيره من الكافرين الذين خلقهم حتى بلغوا الرشد فكفروا ، و هي الحكم ذاتها التي اقتضتها صفاته من عزة و قهر و غيرها و لأن الله عدل و يخلق ما يشاء و لا يظلم أحدا .. و قد ابتلى بعضنا ببعض فلو لم يخلق الكافرين لما ظهر فضل المؤمنين و لما بلغوا الدرجات العالية التي يبلغونها بأذى الكافرين.
ثالثا : كفر هؤلاء لا يطعن البتة في حكمة الرب الشرعية إذ يبقى أن العبادة التي أرداها الله منا اختيارية على كل حال و لو أنها غاية الغايات و ليست إلزاما من الله أو إجبارا و عليك أن تثبت العكس من آية أو حديث أو لغة.
و إذ تبين لك أن الحكمة التي من أجلها خلقنا الله شرعية لا إجبارية و لا غريزية و أنها متروكة لإراداتنا الحرة فلا مجال لاتهام إرادة الله أو فعله بالعبث حين أوجد من يختار العبث لنفسه بنفسه ثم سيحاسبه عليه لما اخترته لا أن هذا الكافر العبثي سيحاسب الله لماذا خلقتني.


أما الله فإنه يعلم تمام العلم أن غايته لن تحدث ولكنه بالرغم من ذلك خلق الكفار


مجددا أسألك كيف علم الله أن غايته لن تحدث لو لم يخلقهم أو لم يكن المعلوم الذي في سابق علمه مرتبطا بالخلق ؟؟

هذا لا مكان له في المنطق و لا في الرياضيات و لا في الفلسفة و لا في أي معقول .. و قبولك به على علته هو ما جعلك لا تقبل بأن مراد الله من العباد المراد الكلي و المطلق شرعي اختياري و ليس إلا شرعيا اختياريا.

و مجددا أقول لك لا حجة لك في علم الله بمجرد خلقهم حين خالفوا مراده لأنهم خالفوه بمحض هواهم و اختيارهم فحق عليهم العذاب و لم يكونوا ليفلتوا منه و لو شاء الله ما فعلوا ذلك لكن مشيئته أيضا اقتضت أن يخلقهم و يجعل الحجة عليهم و يجعلهم يعترفون بجرمهم في النار بعد أن شهدوا على أنفسهم و تشهد عليهم أعضائهم أنهم هم الظالمون لأنفسهم و أن الله لم يظلمهم و لا عذر لهم يلتمسونه بعد الإختيار و بعد هداية الكتب و الرسل و العقل و البصيرة و الفطرة التي فطرهم عليها و التي تصب كلها في الغاية الكبرى : أن يعبدوه جل و علا وحده لا شريك له.



{إطرح ما لديك من شبهات .. تفضل}
سأطرحها تباعا في موضوعات أخرى حتى يحتفظ كل موضوع بفكرة واحدة لا يخرج عنها


طبعا،، و تذكّر أن حسن طرح السؤال (أو الشبهة إن شئت) نصف العلم فاحرص على أن تكون شبهاً عالمة .. هذا إن وجدتها أصلاً !

مشرف 2
09-30-2016, 01:40 PM
قِيلَ لعنترةَ أتهربُ من ثورٍ، قال وما يدري الثورُ أنِّي عنترةَ
لا تعرف ابن هشام ولا تملك الوقت لتبحث عنه أو عن رأيه ولا تعرف أقسام اللاَّم وسياقاتها ولا تلزمك أقوال اللغويين وتجادل في أقوالهم برأيك المحض من غير شاهد وكأن شاهدك شهرتك ومكانتك بين اللغويين!، فضلاً عن تغاضيك عن الكثير من النقاط والإلزامات التي جعلتك تدور في فلك النقاش السلبي، جميعها عوامل تسرِّع بإنهاء هذا الجدل وتشكك في مصداقيَّة طلبِك للحق للأمانة. سنكتفي بهذا القدر ونرجو منك مستقبلاً أن تحافظ على الحد الأدني من التفاعل الجاد الذي به تستفيد ويستفيد غيرك.

مغلق