المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حد الردة و حرية العقيدة..!



محمد القليط
10-18-2016, 02:20 PM
يزايد الملاحدة على مبدأ حرية العقيدة فى الإسلام، بتكرار حديثهم عن حد الردة، أى قتل المتحول من دين الإسلام الى دين أو معتقد غيره، و يظنون أن ذلك كفيل بدحض هذا المبدأ..!
بداية نقول أنه: لا سبيل شرعا الى إنكار حد الردة، فقد ثبت نقلا، و هنا سوف نثبت اتساقه عقلا..!
و سنثبت أن قتل المرتد ليس لمجرد كفره كما أنه لا تُشترط محاربته، و اذا أضيفت المحاربة للردة صارت مغلظة لا استتابة فيها.. و سنثبت أن حد الردة يكون فى اطار دولة تقوم على الدين، فيكون ترك الدين - حينها - خروجا على الدولة و تمردا على نظامها..!
فعن بن عباس رضى الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه " رواه البخارى
فالنص واضح بوجوب قتل المرتد اذا أصر على ردته بعد استتابته؛ و لكن من هو المرتد و عن ماذا ارتد ؟
هذا هو السؤال..
فنقول: أن الإسلام ليس مجرد دين، يمكن اختزاله فى أداء طقوس أو شعائر معينة، و لكنه دين و دولة، نظام و قانون، أخلاق و حدود.. و الخارج عنه هو الخارج عن الدين و الدولة و النظام و القانون.. لذلك قرن النبى - صلى الله عليه و سلم - بين ترك الدين و مفارقة الجماعة فى حديث رواه ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) رواه البخاري ومسلم .
فالتارك للإسلام هو المفارق لنظام الجماعة و قانونها, لذا لا يمكن الحديث عن حد الردة فى دولة وطنية علمانية، غير قائمة على الدين، بل لا يمكن اقراره الا فى دولة اسلامية، تقوم غايتها على الإسلام و سياستها على الإسلام و تستمد قانونها من الإسلام.. أفلا يكون الخارج عن الإسلام حينئذ هو الخارج عن الدولة ؟!
أليست تلك هى جريمة الخيانة العظمى أو ما يسمى بقلب نظام الحكم ؟!
أليس المرتد الذى أعلن ارتداده عن الإسلام قد تمرد على النظام السياسى للدولة و قانونها و انحرف عن غايتها ؟!
و أقول:
أنه لو كان الإسلام يوجب قتل المرتد لمجرد كفره، لما شرع عقد الذمة مع غير المسلمين ليكونوا جزءً من دار الإسلام، مقابل مبلغ زهيد من المال (الجزية) يدفعه الذكور الأحرار البالغين، دون النساء و العبيد و الأطفال و الشيخ الفانى
فى حين يدفع المسلم الذكاة دون اشتراط الذكورة و الأنوثة أو البلوغ و عدمه ؟!
قال القرطبي: "قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين... وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني" الجامع لأحكام القرآن (8/72).
فهل هناك تسامح أكبر من ذلك ؟!
و هناك الكافر الذى دخل دولة الإسلام بعقد الامان، فلا يجوز قتله ما التزم بعهده و عقده، بل و تجب حمايته..
بل إن الكافر المحارب الذى حارب المسلمين و أصبح مقدورا عليه، كان الإمام مخيرا فى شأنه وفق خيارات أربعة أو خمسة، فإما يمن عليه أو يفاديه أو يديم الأسر عليه باسترقاقه أو يقتله أو يضرب عليه الجزية ؟!
و كما أن المعاهد أو الذمى يقتل اذا خان الدولة المسلمة بنقضه عهده، فإن المرتد يقتل اذا خان الدولة المسلمة بتركه دينها و انسلاخه عن نظامها و تمرده على قانونها...

فلم يعد هناك أى معنى للقول بأن حد الردة يعارض حرية العقيدة!

و الله المستعان...