مالك مناع
08-07-2006, 09:50 PM
اقرأ ، واقرأ ، واقرأ ؛ وعقلك الحَكَمُ !
نقلاً عن منتديات البرق للأخ / ناصر الكاتب حفظه الله؛
كثيراً ما نسمع من بعض المحاضرين في الجامعات ، والمثقفين في شتى الميادين ؛ كلمات تشجيعٍ يدعون بها الشبابَ إلى اقتحام دائرة الثقافة من أوسع أبوابها ! .
« فالعلم ليس حكراً على أحد ! ومن حقِّ كلِّ عقلٍ أن يفكر ! ، وكلِّ مثقَّفٍ أن يجتهد !.
والعقولُ التي وقفت أمام معضلات الثقافة ، وقذائف الأفكار ؛ عقول بشر ! وأنتم ـ يا معشر الشباب ـ بشر ! ..».
قلتُ : حين يسمع بعضُ شبابنا مثل هذه الكلمات يعترضُ ـ وبدافع الفطرة السليمة ـ ولله الحمد ـ على قائلها محتجاً بضرورة أن يحفظ الإنسان عقله من التشويش وسموم الأفكار ، ليصفوا له دينه ، وتبقى له عقيدته . ولأن المعضلات من شأن أهل الاجتهاد ، والاجتهاد من اختصاص أهل العلم الراسخين .
ولسنا على قدر كافٍ من الحصانة العلميَّة ؛ فنخوض في تلك البحار !.
ثمَّ يكرُّ عليهم أهلُ المكر بدعاوى منها : « المثقف العاقل ! صاحبُ المبدأ ! ابن التوحيد ! لاتؤثِّر به تلك السموم لأنَّ لديه مناعة ! فهو حين يقرأ يفكر ، فلا يقتنص إلا جيِّد الأفكار ، فالحكمة ضالة المؤمن !! .
ثم ! ليس كل ما وُصف من الآراء بالضرر والسمية فهو كذلك ، فإن أصحاب العقول المتحجرة ، والأحكام المتزمتة ؛ لا حقَّ عندهم إلا ما رأوا وقرروا .
ونحن لا نريد أن نقف عند أقوالهم ، ونحجر عقولنا على آرائهم ..
أليس لنا عقول ؟!! ألسنا نفكر ؟! ألسنا رجالاً وهم رجال ؟! » .
قلتُ : يسمع الشاب المسكين هذا الكلام البرَّاق ، ويخفى عليه ما به من توهم وإيهام ، ودجلٍ وسخف أحلام .
فتستهويه كتب التنظير والتقعير ، ويشده ما بها من أمثال تلك العبارات : « إنَّ ذلك لا يكون إلا ـ الحقُّ أنَّ .. ـ فليس إلا .. ـ يجب علينا أن نعلم .. ـ يقول المستشرق الكبير ... ـ يقول شكسبير ـ يقول فيثاغورس ـ يقول مارك توين ـ يقول لين بوتانغ ـ يقول ول ديرويت .. ـ استراتيجية التفكير ـ منظومة الفكر ـ حرية الرأي ـ أحادية الرأي ـ ليس المهم أن نتفق ...».
فيدخل المسكين في الدوَّامة ، ويجمع من خليط الأفكار ، ومتناقض الأقوال ؛ ما يضيُّع عليه دينه ، ويصرفه عن الثقافة الرصينة ، والعلم المؤصَّل .
لكنه قد يحصل على لسان طليق ، وأشتات من المعارف ؛ تعطيه القدرة على التحليل والتنظير حتى ليخيل للسامع أنه على علم، وما هو إلا متعالم مغرور ، جريء على القول على الله بغير علم ؛ فيقع في مهالك عظيمة . نسأل الله السلامة .
ورحم الله من قال « يأتي عليكم زمان يكثر فيه الخطباء ، ويقل العلماء ».
قال العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : « فيجب أن يُعتقد أنه ليس كل من كثُر بسطه للقول ، وكلامه في العلم ؛ كان أعلم ممن ليس كذلك ، وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسَّع في القول من المتأخِّرين أنه أعلم ممن تقدَّم ! ». [بيان فضل السلف على علم الخلف].
ومما سمعنا من مقالات أهل الغبن : قول أحدهم وهو يهوِّن من قراءة بعض كتب المجون حيثُ يقول : « أترون أن من يقرأ رواية ماجنة ـ مثلا ـ سينطلق من فوره إلى السوق ليبحث عمن تُشبع شهوته ؟! ». !
وقد غفل هذا أو تغافل عما تتركه هذه الكتب من أمراض في القلب ، وتهييج للنفس ، وضيق في الصدر !.
وآخر يدعو لقراءة كتب الفلسفة ويزعم أن بعض الفلاسفة نهجوا نهجاً سليماً ! في الفلسفة ، حيثُ لم يقعوا بما وقع به الفارابي ـ مثلاً ـ ، ولذا فأنا أنصحكم بها لما فيها من فائدة . !!
وهل خطر الفلسفة ينحصر فيما يتعلق بالكلام في الذات الإلهية ـ تعالى الله ـ ؟!
لا ؛ والله !
قال الفخر الرازي ـ الذي لم يترك طريقاً ولا فناً من فنون علم الكلام إلا وطرقه ، رجع عنه وبين حقيقته فقال : ـ « لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلا ...» إلى أن قال : « ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ».[مقدمة تحقيق " تحريم النظر في كتب أهل الكلام" ؛ لدمشقية. وأحال على: سير أعلام النبلاء: (21/501) فراجعه ففي تجربة الرازي وأمثاله ـ كالجويني ، والغزالي ، والشهرستاني ـ عبرة !].
فخذوا العبرة يا عشاق الإبداع !
وآخر قرر لطلابه عمل دراسة لبعض أسفار أهل الكتاب .!! ضارباً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك عرض الحائط .
وسمعنا أن بعضاً من هؤلاء قد حُوسبوا من قِبل المسؤولين في بعض الجامعات فجزاهم الله خيراً ، لكن نريد مزيداً من اليقظة ؛ لأمثال هؤلاء الذين فتكوا وما زالوا يفتكون بعقول شباب الإسلام .
وأهدي إخواني الشباب هذه الوصايا الربانيَّة :
« لا تجعل قلبك كالسفنجه تتلقى ما يرد عليها، فاجتنب إثارة الشبه وإيرادها على نفسك أو غيرك، فالشبه خطافة، والقلوب ضعيفة، وأكثر م يلقيها حمالة الحطب – المبتدعة – فتوقهم ». [حلية طالب العلم81].
قال محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر ، عن مغيرة قال : « خرج محمد بن السائب ، وما كان له هوى ، فقال : اذهبوا بنا حتى نسمع قولهم ـ أي أهل البدع ـ فما رجع حتى أخذ بها ، وعلقت قلبه ».
قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى : « ما أحدث أحد في العلم شيئاً إلاّ يُسأل عنه يوم القيامة فإن وافق السنة وإلا فهو العطب ». [تحريم النظر في كتب الكلام؛ لابن قدامة: 70].
قال أيوب السختياني رحمه الله تعالى : « ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً ».
قال محمد بن سيرين رحمه الله تعالى : « كانوا يقولون : ما دام على الأثر ؛ فهو على الطريق ».
قال ابنُ مسعود رضي الله عنه : « إنَّها ستكون أمورٌ مشتبهات ، فعليكم بالتؤدة ، فإنَّ الرجل يكون تابعاً في الخير ، خير من أن يكون رأساً في الضَّلالة » . [ الإبانة لابن بطة : (1/329 ) ].
اللهم اجعلنا من المتبعين ، ولا تجعلنا من المبتدعين الضالين ، اللهم وأرنا الحقَّ حقّا وارزقنا اتباعه ، والباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه .
وصلِّ اللهم على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
نقلاً عن منتديات البرق للأخ / ناصر الكاتب حفظه الله؛
كثيراً ما نسمع من بعض المحاضرين في الجامعات ، والمثقفين في شتى الميادين ؛ كلمات تشجيعٍ يدعون بها الشبابَ إلى اقتحام دائرة الثقافة من أوسع أبوابها ! .
« فالعلم ليس حكراً على أحد ! ومن حقِّ كلِّ عقلٍ أن يفكر ! ، وكلِّ مثقَّفٍ أن يجتهد !.
والعقولُ التي وقفت أمام معضلات الثقافة ، وقذائف الأفكار ؛ عقول بشر ! وأنتم ـ يا معشر الشباب ـ بشر ! ..».
قلتُ : حين يسمع بعضُ شبابنا مثل هذه الكلمات يعترضُ ـ وبدافع الفطرة السليمة ـ ولله الحمد ـ على قائلها محتجاً بضرورة أن يحفظ الإنسان عقله من التشويش وسموم الأفكار ، ليصفوا له دينه ، وتبقى له عقيدته . ولأن المعضلات من شأن أهل الاجتهاد ، والاجتهاد من اختصاص أهل العلم الراسخين .
ولسنا على قدر كافٍ من الحصانة العلميَّة ؛ فنخوض في تلك البحار !.
ثمَّ يكرُّ عليهم أهلُ المكر بدعاوى منها : « المثقف العاقل ! صاحبُ المبدأ ! ابن التوحيد ! لاتؤثِّر به تلك السموم لأنَّ لديه مناعة ! فهو حين يقرأ يفكر ، فلا يقتنص إلا جيِّد الأفكار ، فالحكمة ضالة المؤمن !! .
ثم ! ليس كل ما وُصف من الآراء بالضرر والسمية فهو كذلك ، فإن أصحاب العقول المتحجرة ، والأحكام المتزمتة ؛ لا حقَّ عندهم إلا ما رأوا وقرروا .
ونحن لا نريد أن نقف عند أقوالهم ، ونحجر عقولنا على آرائهم ..
أليس لنا عقول ؟!! ألسنا نفكر ؟! ألسنا رجالاً وهم رجال ؟! » .
قلتُ : يسمع الشاب المسكين هذا الكلام البرَّاق ، ويخفى عليه ما به من توهم وإيهام ، ودجلٍ وسخف أحلام .
فتستهويه كتب التنظير والتقعير ، ويشده ما بها من أمثال تلك العبارات : « إنَّ ذلك لا يكون إلا ـ الحقُّ أنَّ .. ـ فليس إلا .. ـ يجب علينا أن نعلم .. ـ يقول المستشرق الكبير ... ـ يقول شكسبير ـ يقول فيثاغورس ـ يقول مارك توين ـ يقول لين بوتانغ ـ يقول ول ديرويت .. ـ استراتيجية التفكير ـ منظومة الفكر ـ حرية الرأي ـ أحادية الرأي ـ ليس المهم أن نتفق ...».
فيدخل المسكين في الدوَّامة ، ويجمع من خليط الأفكار ، ومتناقض الأقوال ؛ ما يضيُّع عليه دينه ، ويصرفه عن الثقافة الرصينة ، والعلم المؤصَّل .
لكنه قد يحصل على لسان طليق ، وأشتات من المعارف ؛ تعطيه القدرة على التحليل والتنظير حتى ليخيل للسامع أنه على علم، وما هو إلا متعالم مغرور ، جريء على القول على الله بغير علم ؛ فيقع في مهالك عظيمة . نسأل الله السلامة .
ورحم الله من قال « يأتي عليكم زمان يكثر فيه الخطباء ، ويقل العلماء ».
قال العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : « فيجب أن يُعتقد أنه ليس كل من كثُر بسطه للقول ، وكلامه في العلم ؛ كان أعلم ممن ليس كذلك ، وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسَّع في القول من المتأخِّرين أنه أعلم ممن تقدَّم ! ». [بيان فضل السلف على علم الخلف].
ومما سمعنا من مقالات أهل الغبن : قول أحدهم وهو يهوِّن من قراءة بعض كتب المجون حيثُ يقول : « أترون أن من يقرأ رواية ماجنة ـ مثلا ـ سينطلق من فوره إلى السوق ليبحث عمن تُشبع شهوته ؟! ». !
وقد غفل هذا أو تغافل عما تتركه هذه الكتب من أمراض في القلب ، وتهييج للنفس ، وضيق في الصدر !.
وآخر يدعو لقراءة كتب الفلسفة ويزعم أن بعض الفلاسفة نهجوا نهجاً سليماً ! في الفلسفة ، حيثُ لم يقعوا بما وقع به الفارابي ـ مثلاً ـ ، ولذا فأنا أنصحكم بها لما فيها من فائدة . !!
وهل خطر الفلسفة ينحصر فيما يتعلق بالكلام في الذات الإلهية ـ تعالى الله ـ ؟!
لا ؛ والله !
قال الفخر الرازي ـ الذي لم يترك طريقاً ولا فناً من فنون علم الكلام إلا وطرقه ، رجع عنه وبين حقيقته فقال : ـ « لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلا ...» إلى أن قال : « ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ».[مقدمة تحقيق " تحريم النظر في كتب أهل الكلام" ؛ لدمشقية. وأحال على: سير أعلام النبلاء: (21/501) فراجعه ففي تجربة الرازي وأمثاله ـ كالجويني ، والغزالي ، والشهرستاني ـ عبرة !].
فخذوا العبرة يا عشاق الإبداع !
وآخر قرر لطلابه عمل دراسة لبعض أسفار أهل الكتاب .!! ضارباً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك عرض الحائط .
وسمعنا أن بعضاً من هؤلاء قد حُوسبوا من قِبل المسؤولين في بعض الجامعات فجزاهم الله خيراً ، لكن نريد مزيداً من اليقظة ؛ لأمثال هؤلاء الذين فتكوا وما زالوا يفتكون بعقول شباب الإسلام .
وأهدي إخواني الشباب هذه الوصايا الربانيَّة :
« لا تجعل قلبك كالسفنجه تتلقى ما يرد عليها، فاجتنب إثارة الشبه وإيرادها على نفسك أو غيرك، فالشبه خطافة، والقلوب ضعيفة، وأكثر م يلقيها حمالة الحطب – المبتدعة – فتوقهم ». [حلية طالب العلم81].
قال محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر ، عن مغيرة قال : « خرج محمد بن السائب ، وما كان له هوى ، فقال : اذهبوا بنا حتى نسمع قولهم ـ أي أهل البدع ـ فما رجع حتى أخذ بها ، وعلقت قلبه ».
قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى : « ما أحدث أحد في العلم شيئاً إلاّ يُسأل عنه يوم القيامة فإن وافق السنة وإلا فهو العطب ». [تحريم النظر في كتب الكلام؛ لابن قدامة: 70].
قال أيوب السختياني رحمه الله تعالى : « ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً ».
قال محمد بن سيرين رحمه الله تعالى : « كانوا يقولون : ما دام على الأثر ؛ فهو على الطريق ».
قال ابنُ مسعود رضي الله عنه : « إنَّها ستكون أمورٌ مشتبهات ، فعليكم بالتؤدة ، فإنَّ الرجل يكون تابعاً في الخير ، خير من أن يكون رأساً في الضَّلالة » . [ الإبانة لابن بطة : (1/329 ) ].
اللهم اجعلنا من المتبعين ، ولا تجعلنا من المبتدعين الضالين ، اللهم وأرنا الحقَّ حقّا وارزقنا اتباعه ، والباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه .
وصلِّ اللهم على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .