المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قساوسة في لحظة صدق نادرة



* إسلامي عزّي *
02-23-2017, 02:13 AM
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQYKjRzcPsDLXh8PTv2LNa2G-P2IQBSm2KqjGQBG1vMHcq1gOJG


اللهمّ صلّ وسلّم وزد وبارك على نبينا وشفيعنا محمد ،،


شهادة المطران جورج خضر:

القرآن الكريم وحي إلهي .


https://www.youtube.com/watch?v=ZClBfoRYEVw


الأنبياء جميعهم مسلمون :


https://www.youtube.com/watch?v=sHt00QyAWiQ

خطاب أسد الدين
02-25-2017, 11:18 PM
هلا ترجمت لنا يا أستاذنا .

وهذا مقطع انقله من موضوع لك فى منتدى اتباع المرسلين


https://youtu.be/6FpJH08wh3U

أخوكم
02-26-2017, 08:53 PM
جزاكم الله خيرا
هل هناك نسخ عربية و انكليزية من تلك الأفلام؟

* إسلامي عزّي *
02-27-2017, 02:10 AM
[SIZE=5]
هلا ترجمت لنا يا أستاذنا .


على الرّحب و السّعة أستاذنا :

المقطع الأول :

المطران جورج خضر المتكلم بإرشاد وتوجيه من الرّوح القُدُس يقول :
المتكلم في القرآن هو الله نفسه ، القرآن ليس كلامًا بشريّاً ، و هو ليس كلام الرّسول .

المقطع الثاني :

الشهادة الأولى : اليهود يسألوننا دائما : هل إله الإسلام هو ذاته و عينه الذي تعبدون ؟؟
الإجابة هي نعم ، الله هو الإسم العربي للربّ المعبود .

الشهادة الثانية :
محمد ( صلّى الله عليه و سلّم ) أعلن منذ البداية أنّه هو خاتم سلسلة الأنبياء المُرسَلين .

الشهادة الثالثة : المطران جورج خضر المسوق بالروح القُدُس يقول بفصيح اللّسان : عندنا التأكيد الدّائم على كون الأنبياء جميعهم مسلمون : آدم مسلم ، موسى مسلم وعيسى مسلم ( عليهم سلام وصلوات ربّي أجمعين ) . بمعنى أنّ محمّد ( صلّى الله عليه و سلّم ) جاء ليؤكّد الرسالتين السّابقتين .

* إسلامي عزّي *
02-27-2017, 02:13 AM
جزاكم الله خيرا

وخيراً جزاكم أخونا الكريم .



هل هناك نسخ عربية و انكليزية من تلك الأفلام؟


للأسف الشّديد هذه هي النسخ الوحيدة التي بحوزتي ( مترجمة للغة الفرنسية )
لو يتفضّل أحد الإخوة الأفاضل / الأخوات الفضليات بترجمتها للغة الإنجليزية نكون له من الشّاكرين .

بارك الله فيكم .

* إسلامي عزّي *
02-27-2017, 02:19 AM
في سياق متصل :

https://www.rabbidavidrosen.net/wp-content/uploads/2016/03/Rabbi_David_Rosen_logo_4.jpg

الحاخام ديفيد روزن يقول : اليهودية تعترف صراحة او تلميحا بوجود أنبياء من غير جنس اليهود .
بصفتي حاخام يهودي أرى أن محمد ( صلّى الله عليه وسلّم ) هو واحد من أعظم هؤلاء الأنبياء الأُمَمِيّين (من غير جنس اليهود)


https://www.youtube.com/watch?v=4y6NsYLxj3g

و هي ذي أيضاً شهادة أحد أحبار اليهود السامرة :


https://www.youtube.com/watch?v=cX16g320gtM

* إسلامي عزّي *
02-27-2017, 02:29 AM
أحد القسُس المتكلّمين بإرشاد و إلهام و توجيه من الرّوح القُدُس - رغم هلع المذيع تلميذ بولُس ومكره الشّديد - يمتدح القرآن الكريم :


https://www.youtube.com/watch?v=CrBcbrHs_hg

القسّ عينه وذاته في مداخلة تليفزيونية ثانية يقول :

الإسلام سينتشر ، المسلمون هم من سيرث الأرض !


https://www.youtube.com/watch?v=1-dSAqN3oqk

نسأله تعالى أن يختم لكلّ كتابيّ منصف بالدّخول تحت عباءة الإسلام العظيم .
آمين ياربّ العالمين .

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:02 PM
بارك الله فيك وزادك علما

و قد وقعت على بعض الشخيات التى اسلمت


أ_قصة اسلام يوسف استيس

كنت مسيحيا متفانياً

و مواطنا من تكساس

كرهنا كل شيء وأي شيء عن المسلمين

كما هو المفروض في الغرب

قيل لنا أنهم لا يؤمنون بالله

يقدسون صندوقا أسود في الصحراء ويقبلون الأرض خمس مرات يوميا

المسلمون= إرهابيون، خاطفون، خاطفو طائرات، ووثنيون

يسألني العديد من الناس عن كيفية دخول قسيس أو واعظ مسيحي إلى الإسلام وخاصة إذا أخذنا في عين الاعتبار جميع الأفكار السلبية التي تقال كل يوم عن الإسلام والمسلمين.

أود شكر الجميع على اهتمامهم بسرد قصتي المتواضعة.

في الحقيقة قام رجل مسيحي طيب، بمراسلتي عن طريق البريد الالكتروني وسألني لماذا؟

وكيف؟ .. تركت الديانة المسيحية ودخلت في الإسلام؟

لذا ما سوف أسرده الآن هو تقريباً نسخة عن الرسالة التي بعثتها إليه.

كيف حصل هذا؟

اسمي يوسف استيس، وأنا الرئيس المسلم العام للمسلمين الأمريكيين برعاية مجموعة من المؤسسات في واشنطون وعلى هذا فإنني أسافر حول العالم لأتكلم واذكر رسالة المسيح المذكورة في القران والإسلام.

ونحن نقوم بإجراء حوارات وتنظيم مجموعات للنقاش مع جميع المعتقدات ونستمتع بالفرصة المتاحة لنا للتحاور مع الحاخامات والكهنة والقسيسون والوعاظ في جميع الأماكن، اغلب عملنا هو ضمن المؤسسات والجيش والجامعات والسجون.

هدفنا في المقام الأول هو تعليم وإيصال الرسالة الصحيحة للإسلام ومن هم المسلمون حقاً، بالرغم من أن عدد المسلمين قد زاد ليتعادل مع المسيحية كأكبر ديانة على وجه الأرض إلا إننا نرى العديد ممن يدّعون الإسلام لا يفهمونه بشكلٍ صحيح أو لا يمثلون رسالة السلام والاستسلام وإطاعة الله.

معذرة، لقد تكلمت عن نفسي كثيراً ولكنني أحاول أن أعطي خلفية عن تجربتي الخاصة لكي تكون ذا فائدة للذين يمرون بنفس التجربة التي مررت بها عند حل بعض القضايا في الديانة المسيحية.

ما سأقوله قد يبدو غريباً ربما لاختلاف وجهة نظرنا ومفاهيمنا عن الإله والمسيح والنبوة والخطيئة والخلاص، ولكنني في فترة ما كنت على الجانب الآخر كبقية الأشخاص اليوم... دعوني اشرح لكم....

ترعرعت ضمن عائلة مسيحية محافظة في الغرب الأوسط الأمريكي ولقد شيد أجدادي الكنائس والمدارس في أنحاء هذه البلاد وكانوا أيضاً من أوائل الذين سكنوا هذه المنطقة، أقمنا في هيوستن وتكساس منذ عام 1949 عندما كنت في المرحلة الابتدائية( أنا كبير في السن)!

لقد عمدت(1) في سن الثانية عشر في باسادينا في ولاية تكساس، وفي فترة المراهقة أردت أن ازور كنائس أخرى لأطلع على تعاليمهم ومعتقداتهم كالطقوس المعمدانية وأعضاء الطائفة البروتستانتية( التي أسسها جون وزلي) وأعضاء الكنيسة الأسقفية البروتستانتية الناصرية وكنيسة المسيح وكنيسة الرب وكنيسة الرب المسيح والإنجيل الكامل وال Agapeوالكاثوليكية وأعضاء المشيخة والكثير غيرهم.

ألممت بالإنجيل وبحثي في الأديان لم يتوقف عند المسيحية فحسب، بل شملت الهندوسية واليهودية والبوذية والميتافيزيقيا ومعتقدات سكان أمريكا الأصليين لكن الديانة الوحيدة التي لم انظر لها بجدية هي الإسلام- تسألون لماذا؟ سؤال منطقي.



لقد أصبحت مهتما بأنواع مختلفة من الموسيقى وخاصة الجوسبيل(2) والكلاسيكية أيضا، ولأن أفراد عائلتي متدينون ويحبون الموسيقى كان من الطبيعي أن ابدأ دراساتي في هذين الحقلين وبفضل هذا تبوأتُ منصب قسيس الموسيقى عند كثير من الكنائس التي التحقت بها عبر سنتين.

بدأت ادرس كيفية استخدام المفاتيح الموسيقية في عام 1960 وبحلول عام 1963امتلكت استوديوهات قي لوريل وماري لاند سميتها " استوديوهات استيس الموسيقية"، عبر الثلاثين سنة الماضية قمنا أنا ووالدي بمشاريع عدة وكانت لدينا برامج للترفيه كإقامة العروض ومتاجر للبيانو والاورغن بدءً من تكساس وأوكلاهوما إلى فلوردا. جنيت الملايين من الدولارات في هذه السنوات ولكنني لم أجد السلوى ولا الاطمئنان الذي لا يكون إلا بمعرفة الحقيقية وإيجاد الطريق الصحيح للخلاص، إنني متأكد من انك قد سألت نفسك" لماذا خلقني الرب؟وماذا يريدني أن افعل"؟ أو" من هو الرب بالتحديد؟ لماذا نؤمن بالخطيئة الأصلية"؟ "لماذا يجبر أبناء آدم على تحمل أخطاءهم؟ وبالتالي يعاقبون للأبد...

ولكن إذا سالت أي شخص هذه الأسئلة فانه في الغالب سوف يخبرك انه يتوجب عليك أن تؤمن بهذه الأشياء من دون سؤال أو أنها لغز غامض لا يُعرف حله، ولنأخذ مصطلح التثليث

فإذا طلبت من الوعاظ والكهنة أن يعطوك فكرة عن الكيفية التي يصبح " الواحد" يساوي "ثلاثة" أو عدم استطاعة الرب الذي بيده كل شيء وقادر على كل شيء أن يغفر خطايا البشر، عوضاً عن ذلك يصبح رجلاً وينزل إلى الأرض ليعيش كالبشر ثم يتحمل جميع أخطاء الناس دون أن ننسى انه خالق الكون ويستطيع أن يفعل ما يشاء.

إلى أن جاء يوم...

كان ذلك في عام 1991 عرفت فيه أن المسلمين يؤمنون بالتوراة والإنجيل، أصابتني الدهشة كيف يعقل هذا ! ليس هذا فحسب بل إنهم يؤمنون بالمسيح وأنه:

_ رسول حق بعثه الرب

-نبي

-ولادته معجزة حيث انه ولد بدون أب

-تُنبأ بظهوره في التوراة

-رفع إلى السماء

هذا ما لم استطع تصديقه خاصة أن المبشرين الذين كنا نسافر معهم يبغضون المسلمين والإسلام لدرجة أنهم لفقوا كلاماً مشيناً عن الإسلام حتى يرهبوا الناس، ولهذا لم أحبذ فكرة الاختلاط بهؤلاء" المسلمين". كان والدي شديد الفعالية في دعم أعمال الكنيسة وخاصة البرامج المدرسية للكنيسة وتم تنصيبه قساً في السبعينات، عرف هو وزوجته ( زوجة أبي) العديد من المبشرين والوعاظ في مجال التلفاز حتى أنهم زاروا اورال روبرتز وساهموا في بناية برج العبادة في مدينة تيولا وكانوا من اشد المؤيدين لجيمي سواجرت، تامي وجيم بيكير، جيري فول ويل، جون هاقي.

عمل أبي وزوجته في تسجيل الأشرطة التبشيرية وتوزيعها مجاناً على منازل المتقاعدين والمستشفيات ودور العجزة وفي عام 1991 بدأ أبي العمل مع رجل قدم من مصر وطلب مني أن أقابله فخطرت ببالي الأهرامات وأبو الهول ونهر النيل... بعدها ذكر والدي انه مسلم، لم اصدق ما سمعته مسلم !مستحيل. ذكرته عن الأشياء التي سمعناها عن هؤلاء الناس وأنهم إرهابيون وخاطفو طائرات ومفجرون... من يدري ماذا ايضا

أضف أنهم لا يؤمنون بالرب ويقبلون الأرض خمس مرات يومياً ويقدسون صندوقا اسوداً في الصحراء ! لم أشأ أن أقابل هذا المسلم ولكن والدي أصر على ذلك وطمأنني أن الرجل طيب جدا، في النهاية انصعت لمقابلته ولكن على شروطي

حدد الموعد يوم الأحد بعد انتهاء الصلاة في الكنيسة وكنت كعادتي حاملا للكتاب المقدس تحت ذراعي والصليب متدلي على صدري وعلى راسي قبعة مكتوب عليها المسيح هو الرب، رافقتني زوجتي وابنتاي وكنا مستعدين لأول مواجهة مع المسلم. عندما دخلت المتجر سالت والدي:" أين المسلم"؟ وأشار إلي انه هناك، نظرت إليه حائراً وقلت في نفسي مستحيل أن يكون هذا هو الرجل المسلم كنت أظن أنني سأرى رجلاً ضخماً يرتدي رداءً فضفاضاً وعمامة على رأسه، ذا لحية طويلة تصل إلى قميصه وحواجب كثة تغطي جبينه.هذا الرجل بدون لحية ليس لديه شعر في رأسه أصلاً يميل إلى الصلع وودود، حياني بتحية دافئة ومصافحة هذا لا يعقل اعتقدت أنهم إرهابيون ومفجرون ما الذي أراه هنا؟ يجب أن أنقذ هذا الشخص سريعاً من الضلال الذي هو فيه لذا بعد مقدمة سريعة سألته:

هل تؤمن بوجود الرب؟

قال: نعم

(جيد )!

هل تؤمن بآدم وحواء؟

نعم

ماذا عن إبراهيم؟ وتضحيته بابنه لأجل الرب؟

نعم

وعن موسى والوصايا العشر وحادثة شق البحر؟

نعم

( حسنا هذا سيكون أسهل مما توقعت)

إن تنصيره أمر لا يتطلب جهداً وأنا الشخص المناسب لفعل ذلك !

لقد أدخلت العديد إلى المسيحية ولكن هذا سيكون إنجازاً كبيراً بالنسبة لي أن انصر واحداً من هؤلاء المسلمين. سألته إذا كان يحب أن يشرب قدحاً من الشاي فوافق، أخذته إلى مقهى صغير لنجلس ونتحادث عن موضوعي المفضل" المعتقدات" تحدثنا طويلاً( كنت أنا المتكلم اغلب الوقت) وأدركت انه مستمع جيد، لطيف وهادئ وخجول بعض الشيء استمع إلى كل كلمة قلتها ولم يقاطعني مرة واحدة أحببت هذا الرجل وفكرت أن لديه إمكانات جيدة ليصبح مسيحياً صادقاً ولم يخطر ببالي أنه هناك تغيرات قادمة ستحدث أمام عيني وأنها في طريقها إلي.



في البداية وافقت على أن اعمل مع الرجل حتى أنني تحمست لفكرة سفره معي للعمل في ولاية تكساس، خلال رحلاتنا تكلمنا عن المعتقدات المختلفة للناس وتحينت هذه الفرصة لوضع أشرطتي المفضلة عن العبادة والشكر لكي تهدي هذا الرجل المسكين وأيضاً عن مفهوم الرب ومعنى الحياة والهدف من الخلق، وعن الأنبياء ومهماتهم وكيف أن مشيئة الرب فوق البشر وعرض كل منا تجاربه وأفكاره على الآخر. في يوم من الأيام عرفت أن صديقي محمد سوف ينتقل من منزله الذي يتشارك فيه مع صديق له ليمكث في المسجد لفترة مؤقتة فذهبت إلى والدي وسألته إذا أمكن دعوة محمد ليعيش في منزلنا في القرية وبذلك يستطيع أن يساعدنا في العمل ويشاركنا في النفقات والاهم يكون متواجداً إذا أردنا أن نسافر، وافق والدي وانتقل محمد وبالطبع داومت على زيارة أصدقائي الوعاظ والمبشرين الذين يقطنون في ولاية تكساس احدهم يعيش على الحدود ما بين تكساس والمكسيك والآخر قرب حدود أوكلاهوما.

احد الوعاظ كان يملك صليباً خشبيا ضخماً يحمله على كتفيه حتى يصل به إلى الطريق العام وكان الناس يوقفون سياراتهم ويسألونه ما الأمر فيعطيهم منشورات وكتيبات عن الديانة المسيحية، جاءت فترة أصيب صديقي فيها بأزمة قلبية ونقل إلى مستشفى فيتيرانس اعتدت أن أزوره عدة مرات في الأسبوع مصطحباً محمد معي لنتحاور في موضوع الديانات والمعتقدات ولكن صديقي لم يكن مهتماً وكان من الواضح انه لا يريد أن يعرف أي شيء عن الإسلام، وفي يوم من الأيام قدم الرجل الذي يشارك صديقي في الغرفة بكرسيه المتحرك اقتربت منه وسألته عن اسمه رد علي: هذا لا يهم عاودت الكرة وسألته من أين هو فقال من كوكب المشتري عندها قلت لنفسي هل أنا في قسم الأمراض القلبية أم العقلية !

أدركت أن الرجل مصاب بحالة اكتئاب ويشعر بالوحدة وانه محتاج إلى الصحبة لذا حدثته عن الرب وقرأت له عن النبي يونس في العهد القديم وكيف أن الخالق بعثه إلى قومه ليهديهم إلى الطريق الصحيح وعندما لم يستمعوا إليه تركهم وركب سفينة ليبتعد عنهم، بينما هم في عرض البحر هبت عليهم عاصفة قوية كادت أن تهلكهم فرمى طاقم السفينة يونس في البحر فالتقمه الحوت وغاص إلى الأعماق وبقي لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليالي في جوفه ولكن بفضل رحمة الرب أمر الحوت أن يتركه على جزيرة ليعود إلى قوم مدينة نينوى والمغزى الذي نستفيد منه هو أننا لا نستطيع الهروب من مشاكلنا لأننا نعلم أن الرب محيط بنا، بعدما انتهيت من رواية القصة رفع الرجل بصره إلي واعتذر عن تصرفه الفظ واخبرني انه يمر بظروف صعبة وانه يريد أن يعترف لي بشيء قلت له إنني لست قسا كاثوليكيا وليست مهمتي الأخذ باعترافات الناس فقال:" إنني اعلم ذلك فانا قسيس كاثوليكي" ! صدمت فها أنا ذا أحاول أن أعظ قسيساً ماذا يجري بحق السماء ! قال لي القسيس انه مبشر للكنيسة منذ اثنتا عشرة سنة في جنوب ووسط أمريكا ومنطقة المكسيك ونيويورك، حينما خرج من المستشفى أراد أن يجد مكانا للنقاهة فبدلا من المكوث مع عائلة كاثوليكية اقترحت أن يأتي ليسكن مع عائلتنا ومحمد في القرية وانتقل على الفور. خلال الرحلة تكلمت مع القس على المعتقدات الإسلامية ولدهشتي الشديدة شاركني الرأي وتكلم معي عن الإسلام وزودني بمعلومة غريبة وهي أن القساوسة الكاثوليكيين يدرسون الإسلام وان بعضهم يحملون شهادات دكتوراه في هذا المضمار. بعد استقرارنا في المنزل أصبحنا نجتمع حول مائدة الطعام بعد العشاء كل ليلة لمناقشة الديانات، والدي كان يحضر نسخة الملك جايمز للكتاب المقدس وأنا لدي النسخة المراجعة أما زوجتي فلديها نسخة أخرى وبالطبع فان القس يملك النسخة الكاثوليكية والتي تشتمل على سبعة كتب بداخله ويوجد أيضا كتاب للبروتستانت والنتيجة أننا أمضينا معظم الوقت نقرر أي منها هو الصحيح أو الأكثر صحة بدلاً من أن نقنع محمد ليصبح مسيحياً !

أتذكر أنني سالت محمد كم عدد نسخ القرآن على مر أربعمائة وألف سنة الماضية أجابني انه قرآن واحد فقط لم يتغير قط وقد حفظه مئات من صحابة رسول الله وانتشر في بلدان مختلفة وحفظه الملايين من الناس وعلموه آخرين بدون أي أخطاء، هذا لم يبدو معقولا بالنسبة لي لان اللغات الأصلية للكتاب المقدس هي لغات قديمة وغير مستخدمة لقرون أما الكتب الأصلية فقدت من مئات السنين فكيف تم نقل القرآن كاملا بهذه السهولة. جاء القس وسأل محمد حول إمكانية أخذه إلى المسجد ليرى ماذا يوجد هناك وعند عودتهما لم نستطع الانتظار حتى نسأل القس عما رآه وكيفية طقوسهم الدينية، قال بأنهم لم يفعلوا شيئا فقد رأى المسلمين يؤدون الصلاة ويغادرون بعدها قلت مستغربا: ذهبوا من دون إلقاء أي خطب أو غناء؟ قال نعم. وبعد مضي بضعة أيام سال القس محمد مرة أخرى أن يصطحبه إلى المسجد ولكن هذه المرة لم تكن كسابقتها تغيبوا لفترة طويلة جاء الليل وبدأنا نقلق من أن مكروها أصابهم وأخيرا رأيناهم عند الباب وفورا عرفت محمد ولكن من الشخص الذي بجانبه؟ رجل يرتدي قبعة وعباءة بيضاء، انه القس قلت له: أيها القس هل أصبحت مسلماً؟ اخبرنا انه قد دخل الإسلام تصوروا القس أصبح مسلما! ماذا بعد؟( سوف ترون)

صعدت إلى غرفتي وتناقشنا أنا وزوجتي عن الذي حدث، وكانت المفاجأة أنها تود أن تدخل الإسلام لأنها علمت انه الحق نزلت لأوقظ محمد وطلبت منه أن نسير في الخارج، مشينا وتكلمنا طوال الليل إلى أن جاء وقت صلاة الفجر عرفت حينها انه الحق وجاء دوري لأن افعل شيئاً ذهبت إلى الفسحة الخلفية للمنزل وهناك وضعت جبهتي على الأرض مواجها لقبلة المسلمين في الصلاة وأنا في ذلك الوضع سألت ربي يا رب إذا كنت تراني دلني دلني، بعد فترة رفعت رأسي ولاحظت شيئاً لم أر مجموعة من العصافير أو ملائكة من السماء أو سمعت أصواتاً ولم أر أنواراً ساطعة، الذي حصل هو تغير في نفسي عرفت أكثر من أي وقت مضى انه آن لي أن توقف عن الكذب والغش والقيام بأعمال أبعد ما تكون عن الأمانة حان الوقت لأن أكون رجلاً صادقاً وصريحاً..

صعدت إلى غرفتي واغتسلت حتى انقي نفسي من أخطاء ارتكبها شخص عبر السنين وأصبحت الآن مقدماً على حياة جديدة، حياة أسست على الصدق والحقيقة.

في حوالي الساعة الحادية عشر صباحاً وقفت أمام شاهدين هما القس السابق الذي يعرف باسم الأب بيتر جاكوب والآخر محمد عبد الرحمن ونطقت بالشهادتين " اشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله" وبعد دقائق فعلت زوجتي نفس الشيء ولكن أمام ثلاثة شهود أنا الثالث بينهم، كان والدي أكثر تحفظاً اتجاه الموضوع إلا انه بعد أشهر قليلة نطق بالشهادتين وأصبح يرافقنا لأداء الصلوات في المسجد أما بالنسبة لأطفالنا فقد أخرجناهم من مدارسهم وأدخلناهم مدارس إسلامية وبعد مضي عشر سنوات حفظوا اغلب آيات القران وعرفوا تعاليم الإسلام أما زوجة والدي فكانت الأخيرة التي أيقنت أن المسيح لا يمكن أن يكون ابنا لله وانه نبي وليس إله.

الآن توقف قليلا وتفكر، عائلة كاملة من خلفيات وأعراق مختلفة اجتمعوا على شيء واحد كيف تؤمن وتعبد خالق الكون، قسيس كاثوليكي، قسيس للموسيقى وواعظ ، ومؤسس للمدارس المسيحية جميعهم دخلوا في الإسلام وهذا من رحمة الله الذي دلنا إلى الصراط المستقيم وقشع الغشاوة التي على أعيننا. إذا توقفت في سرد قصتي هنا فانا متأكد من أنكم سوف تعتبرونها قصة مذهلة فهاهم ثلاثة رجال دين من خلفيات مختلفة يغيرون مسارهم إلى طريق مختلف تماما في نفس الوقت وبعد فترة يلحق بهم ذويهم، ولكن هذا ليس كل شيء . في نفس السنة بينما كنت في ال" Grand prairie"في ولاية تكساس( قريباً من دالاس) قابلت طالباً في معهد التعميد واسمه جو دخل في الإسلام بعد قراءته للقرآن الكريم وهو في كلية التعميد، اذكر أيضا قصة قسيس كاثوليكي أثنى على التعاليم الإسلامية لدرجة أنني سألته لماذا لم يسلم فأجابني: ماذا؟ .. واخسر وظيفتي" اسمه الأب جون وما يزال هناك أمل في إسلامه، في العام الذي يليه قابلت قساً كاثوليكياً سابقاً كان داعية في أفريقياً منذ ثماني سنوات وقد اطلع على الإسلام هناك وأصبح مسلماً وغير اسمه إلى عمر وعاش في ولاية تكساس

بعد مرور سنتين كنت في مدينة انطونيو في تكساس وتعرفت على الأسقف الرئيسي للكنيسة الاورثودوكسية لروسيا والذي قرأ عن الإسلام ودخل فيه وترك منصبه .

منذ دخولي للإسلام وانا الرئيس المسلم العام للمسلمين في الدولة(أي الولايات المتحدة الأمريكية) وقمت بمواجهة ومناقشة العديد من الأفراد عبر أنحاء العالم كرؤساء ومعلمين وعلماء ومنهم من عرف الإسلام ودخل فيه من هندوس ويهود وكاثوليكيين والبروتستنت وشهود يهوه، اورثودوكس من اليونان وروسيا وأقباط مسيحيين من مصر ومن كنائس غير طائفية وحتى علماء ملحدين. لماذا دخلوا في الإسلام؟

سوف اقترح على الذين يريدون معرفة الحقيقة إتباع تسع خطوات لتنقية العقل:

أولاً:تنقية العقل والقلب والروح تماماً.

ثانياً : ابعدوا جميع ما يعتري نفوسكم من تحيز وتحامل

ثالثاً:اقرؤوا القرآن بتدبر.

رابعاً: أمهلوا أنفسكم بعض الوقت

خامساً : تفكروا فيما قرأتموه

سادساً: اخلصوا نيتكم في الصلاة

سابعاً : اللحو في الدعاء وسؤال الخالق الذي أوجدكم بان يدلكم إلى الطريق الصحيح

ثامناً: استمروا في فعل ذلك لعدة أشهر

تاسعاً: والأهم أن لا تدع الآخرين ذوي التفكير المسمم يؤثروا عليك وأنت في حالة " ولادة جديدة للروح"

و الباقي هو بينك وبين الخالق إذا كنت تحبه حقاً فهو يعلم ذلك وسوف يهدي كل فرد على حسب قلبه.

و الآن لديكم مقدمة عن قصة دخولي في الإسلام وهناك المزيد عن هذه القصة في الانترنت مدعمة بالصور أيضا أرجو أن تتمكنوا من تصفح الموقع

www.islamtomorrow.com

رجاء راسلوني على البريد الالكتروني ودعونا نتشارك ونحدد هدفنا في هذه الحياة وفي الحياة الآخرة، ودعوني اشكر الرجل الذي راسلني لأنه من دونه لم أكن لأستطيع أن أكمل قصتي " قسيسون ووعاظ يدخلون الإسلام"



ادعوا الله أن يدلكم على الحقيقة آمين وأن يشرح قلوبكم وينور عقولكم إلى الغاية التي من أجلها خلقت الحياة.

أخوكم

يوسف استيس

الرئيس المسلم العام للمسلمين الأمريكان

ــــــــــــــــــــــــ

(1)التعميد الديني هو احتفال ليصبح الشخص فيه عضوا في الكنيسة المسيحية بوضعه لفترة قصيرة تحت الماء أو برش قطرات من الماء على رأسه.

(2)موسيقى يحبها الأفارقة الأمريكيون.


http://quran-m.com/quran/article/2092/%D9%82%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%A8%D8%A7%D9%86%C2%A0%D9%8A%D 8%B9%D8%AA%D9%86%D9%82%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:05 PM
قساوسة ومنصرون أسلموا





1-رئيس لجان التنصير بأفريقيا القس المصري السابق اسحق هلال مسيحه

2-ابراهيم خليل فلوبوس أستاذ اللاهوت المصري السابق

3- يوسف استس القس الأمريكي السابق

4- الدكتور وديع أحمد الشماس المصري سابقاً

5- كينيث جينكينز القسيس الأمريكي السابق

6- رئيس الأساقفة اللوثريِّ السابق التنزانيِّ أبو بكر موايبيو

7-الراهب السابق الفليبيني ماركو كوربس

8-عالم الرياضيات والمنصر السابق الدكتور الكندي جاري ميلر

9-القس المصري السابق فوزي صبحي سمعان

10-الشهيد القس السابق الأثيوبي ملقاه فقادو

11-القس السابق الإندونيسي من أصل هولندي رحمة بورنومو

12- القمص السابق المصري عزت اسحاق معوض

13-القس السابق الفليبيني عيسي بياجو

14-القس السابق الفرنسي جان ماري دوشمان

15-معلمة اللاهوت السابقة الأمريكية ماري واتسون

16-معلم النصرانية السابق السريلانكي ألدو دمريس

17-معلم النصرانية السابق الهندي كرست راجا

18-الشماس السابق المصري سيف الإسلام التهامي

19-المنصر السابق الألماني جي ميشيل

20-معلم اللاهوت الدكتور آرثر ميلاستنوس

21-معلم اللاهوت السابق عبدالأحد داود

22-القس السابق محمد فؤاد الهاشمي

23- القس السابق ثاني أكبر قسيس في غانا

24-كبير أساقفة جوهانسبرج فردريك دولامارك

25-القس السابق الأيرلندي يبكي عند قبر النبي

فى الرابط يوجد قصص اسلامهم مرفقة بالمقطع الصوتى

http://investigate-islam.com/convert/1.htm

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:10 PM
رئيس الإتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية يعلن إسلامه على يد الشيخ عوض القرني


أعلن رئيس الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية الدكتور وايت ود سمول إسلامه على يد فضيلة الشيخ الدكتور عوض بن محمد القرني في البحرين، حيث طلب الدكتور "وايت ود سمول" أن يشهر إسلامه على يد فضيلة الشيخ د. عوض القرني، أثناء المؤتمر العالمي للبرمجة اللغوية العصبية المنعقد في البحرين تحت عنوان: "البرمجة اللغوية العصبية ما لها وما عليها" بتاريخ: 29/6- 1/7/1428هـ الموافق: 14-15/7/2007م ، وقد ألقى فضيلة الشيخ د. عوض القرني على أعضاء المؤتمر محاضرة بعنوان: "البرمجة اللغوية العصبية والدين" كما ألقى محاضرة أخرى للمدربين والمدربات في مملكة البحرين.
الجدير بالذكر أن الدكتور وايت ود سمول سمّى نفسه بعد إسلامه"عبد الحكيم" باسم الابن الأكبر لفضيلة الشيخ د. عوض القرني، وقد دعا الشيخ د.القرني صديقه الدكتور"عبد الحكيم" لأداء فريضة الحج والعمرة على نفقته الخاصة، ولبّى د."عبد الحكيم" "وايت ود سمول" سابقا الدعوة، وسيكون للدكتور "عبد الحكيم" زيارة خاصة عائلية إلى مدينة أبها لزيارة عائلة الشيخ الدكتور عوض القرني.
وفي حوار أجراه الشيخ د. عوض القرني مع رئيس الاتحاد العالمي للبرمجة اللغوية العصبية الدكتور وايت ود سمول يقول:
"قضيت مع هؤلاء المدربين الساعات الطوال في نقاش وردود عليهم ومنهم (وايت ود سمول) لقد اختل توازنه في الكلام من كثرة النقاش والحوار الذي دار بيني وبينه، وأخيرا تحدثت معه عن الإسلام وقد كانت في آخر جلسة، وقد نزلت دموعه وقال إن كان هذا الإسلام فأنا مسلم، وذلك بحضور 60 ممارسا، وبحضور أربعة أساتذة من جامعات المملكة".
وتحدث المدرب فهد الفيفي قائلاً: "أنا ممن حضروا هذا الموقف مع وايت وود سمول الذي يحمل الدكتوراه في فلسفة العلوم، والشيخ عوض دخل له من تخصصه هذا، فقد استطاع الشيخ عوض أن يتحدث عن فلسفة العلوم وأسهب، ثم تحدث عن الإسلام، وقال: إن الدين الإسلامي جاء ليجيب على ثلاثة أسئلة إحتارت في الإجابة عنها عقول البشرية، وهي: من أنا ؟؟ لماذا خلقت ؟؟ ما هو مصيري ؟؟
فأعجب وايت بطرح الشيخ عوض، وكيف أنه استطاع أن يجمل الإسلام كاملا في هذه الكلمات الوجيزة، ثم استفاض الشيخ عوض بعد ذلك في الحديث عن الإسلام، فتأثر د. وايت بهذا الكلام... لكنه كان متحفظا.
وكان د."وايت" قد سمع القرآن الكريم فأعجب به أيما إعجاب.. وكأن القرآن سحره أو سلبه لبه.. لقد تكلم لنا عن استخدام المدرب للموسيقى في دوراته.. ثم عقب قائلا: طبعا أعلم أن كلامي هذا لا يهمكم لأنكم لستم بحاجة لأي موسيقى.. أنتم تملكون القرآن.. أعظم موسيقى بشرية سمعتها من قبل.. لها تأثير غير عادي على أعصاب الإنسان وراحته.
كان د. وايت معجبا جدا بالشيخ عوض القرني وعلمه وتواضعه، لقد طلب وايت أن يكون الشيخ عوض نائبه في الخليج.. فتمنّع الشيخ عوض بحكم مشاغله وارتباطاته.. فأصر د."وايت" على ذلك، فاشترط الشيخ عوض عدة شروط أهمها: أن يوافق جميع المدربين على هذا.. فقام وايت وعمل تصويتا بسيطا.. فوافق الجميع بلا استثناء.. وهكذا فالشيخ عوض القرني هو نائب رئيس الاتحاد العالمي في الخليج، وهو المسئول عن مدربي الاتحاد العالمي في الخليج.
في اليومين الأخيرين : جاء وايت وصلى بجانبي، لقد علمه أحد الإخوة الوضوء، فجاء يصلي كما أصلي.
تكلم الأستاذ محمد عاشور في ختام الدورة وقال: بأن كل ما نبذله من جهد هو لصالح الأمة ككل، ولصالح إخواننا في فلسطين. وأسهب الأستاذ: محمد عاشور حتى تأثر الجميع.
بعثت ببصري نحو وايت وروبرت. فوجدت المترجم واقفا بجانبهما يترجم لهما كلام الأستاذ محمد عاشور، وكان وجه وايت صعب المعايرة، إلا أنني لاحظت شيئا غريبا لم أستطع تفسيره ، قام وايت، وأخذ اللاقط بعد محمد عاشور، وبدأ يتكلم بتلعثم لم نعهده من قبل عليه، ثم تكلم كلمات موجزة وهو يبكي بمرارة، ثم اضطرب وكاد يسقط، هرع إليه روبرت سميث واحتضنه حتى لا يسقط.
أرجو من كل من يقرأ كلماتي هذه أن يدعو لوايت بالهداية.. وأن يشرح الله صدره للإسلام.. وأن يوفقنا الله جميعا لهداه وطاعته..
وهاهو وايت سمول يشهر إسلامه الليلة الأحد 2/7/1428هـ في البحرين على يد الشيخ الدكتور: عوض بن محمد القرني.
نسأل الله لنا وله الثبات.
المصدر: موقع الرسالة: http://www.al-resalah.n

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:12 PM
قصة إسلام الدكتور بلال فيلبس وإسهاماته


المولد و النشأة:

وُلِدَ بلال فيلبس عام 1947م في جامايكا, ونشأ في كندا التي يحمل جنسيتها، وفي الخامسة والعشرين من عمره أعلن بلال إسلامه، وذلك في عام 1972م.

اجتهد بلال في تحصيل العلوم الشرعية، وعلوم اللغة العربية؛ فحصل على دبلوم اللغة العربية من كلية الدراسات الإسلاميّة في الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنورة في عام 1979م، وأتم دراسة الماجستير في أصول الدّين الإسلامي من جامعة الرّياض في عام 1985م, وفي قسم الدراسات الإسلامية بجامعة واليز أكمل الدكتوراه في أصول الدّين الإسلامي في 1994م.

قصة إسلامه

يعود السبب الرئيسي لإسلام بلال فيلبس بعد إرادة الله إلى حُبِّه للاطلاع، ونهمه الشديد للقراءة؛ حيث قرأ بلال كل ما هو متاح من كتب عن الإسلام باللغة الإنجليزية، واقتنع أنه هو العلاج الناجع لكل مشاكل البشرية، ومن ثَمَّ اتخذ هذا القرار، الذي يَعُدُّه أهم قرار في حياته.



صورة لغلاف أحد كتب الدكتور فلبس

إسهاماته

عمل بلال فيلبس على نقل ما تعلمه من علوم الشرع واللغة إلى غيره من الناس؛ فقام بتدريس الدين الإسلامي واللغة العربية بمدارس الرّياض لمدّة امتدت إلى عشر سنوات، كما قام بإلقاء محاضرات عن أصول الدين الإسلامي لطلبة M.Ed في قسم الدراسات الإسلاميّة بجامعة Shariff Kabunsuan Islamic University في مدينة (مينداناو) بالفلبّين مدةَ ثلاث سنوات.

وفي عام 1994م أنشأ الدكتور بلال مركز المعلومات الإسلامية في دبي بالإمارات العربية المتحدة، والمعروف الآن بمركز Discover Islam.

وله كتابات في العقيدة الإسلامية، والبيوع، والدعوة، والإيمان، والجنائز، والجهاد، واللباس، والنكاح، والرِّقَاق، والصلاة، والصوم، والزكاة، والطهارة.

وفي الوقت الحالي يلقي الدكتور بلال محاضرات عديدة عن الأدب العربي وأصول الدين الإسلامي بجامعتي عجمان، والجامعة الأمريكية في دبي بالإمارات العربيّة المتّحدة.

في 4 من إبريل 2007م منعت السلطات الأستراليّة الداعية الإسلامي الدكتور (بلال فيلبس) من دخول أراضيها بزعم صلته بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكان الشيخ (بلال فيلبس) قد دُعِي لإلقاء كلمة في مؤتمر إسلامي في ملبورن.

جدير بالذكر أن كتابات الشيخ (بلال فيلبس) في الماضي كانت قد تضمنت انتقادات كبيرة للغرب، ومنها قوله: "الحضارة الغربية بقيادة الولايات المتحدة عدوٌّ للإسلام". كما تمَّ ترحيله من الولايات المتحدة عام 2004م، بمزاعمٍ مشابهة.



الموقع الشخصي للداعية بلال فيلبس

http://www.bilalphilips.com/

http://quran-m.com/quran/article/2598/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%A8%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%A8%D8%B3-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA%D 9%87

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:14 PM
قصة إسلام الإمام زيد شاكر

التعريف به الإمام زيد شاكر (ريكي ميتشل)وُلِدَ ريكي ميتشل بمدينة بيركلي في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية مسيحيًّا، ثم اعتنق الإسلام أثناء خدمته بسلاح الجو الأميركي عام 1977م، وتسمى بزيد شاكر.

حصل زيد على البكالوريوس الشرفي في العلاقات الدولية من جامعة واشنطن، ثم الماجستير في العلوم السياسية في جامعة روتجرز[1].

شرح الله صدر الشيخ زيد للإسلام بعد فترة طويلة من الحيرة والتفكر في حياته والغرض من وجوده، والتفكر في الموت وما بعده، وقد كانت خدمته بسلاح الجو حيث يقترب الموت كثيرًا من الطيار سببًا دافعًا له للتفكر. إسهاماته اقتحم الشيخ زيد مجال الدعوة الإسلامية، وأثبت وجودهدرس زيد العلوم الإسلامية في كل من سوريا والمغرب، وعمل كإمام لمسجد كونيكتيكت من عام 1988م إلى عام 1994م[1].

اقتحم الشيخ زيد مجال الدعوة الإسلامية، وأثبت وجوده، وهو يعمل الآن محاضرًا في معهد الزيتونة بمدينة هايوارد في كاليفورنيا، وله دورات منتظمة عن الشريعة الإسلامية، والتاريخ الإسلامي.

وللشيخ زيد باع طويل مع المؤلَّفات والإسهامات للدين منها التفسير والعلوم القرآنية، ومقاومة العولمة بالأخوَّة الصحيحة، والثقافة والإسلام في أمريكا.

كما أصبح الشيخ زيد متخصصًا في الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام ودحضها بالعقل والمنطق، مثل شبهة ظلم الإسلام للمرأة بالسماح بضربها، وإباحة تعدد الزوجات، ويقول بصراحة: "إنَّه لا يزال يأمل في اليوم الذي تصبح فيه الولايات المتحدة الأمريكية دولة إسلامية تُحكَم بالشريعة الإسلامية"، ويكمل: "إنَّ ذلك يمكن حدوثه عن طريق الإقناع، وليس بالوسائل العنيفة"

[1] جريدة الوطن القطرية، 25 ديسمبر 2006م، الرابط

المراجع:

http://www.zaidshakir.com/

http://www.islamstory.com/

http://quran-m.com/quran/article/2611/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%B2%D9%8A%D8%AF-%D8%B4%D8%A7%D9%83%D8%B1

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:17 PM
قصة إسلام مراد هوفمن


يقول هوفمان: لم تمر سوى ايام معدودات قبل ان اشهر اسلامي بنطق الشهادتين يوم 25 سبتمبر 1980، وليس من الامور الهينة ان يقدم المرء كشف حساب وتقييما لتطوره الفكري. لقد كتب هيرمان هسه في احدى رواياته القصيرة "نوفاله" Klein und Wagner عام 1919: "التحدث هو اضمن السبل لإساءة فهم كل شيء وجعله ضحلا ومجدبا". وكتب ايضا في روايته "لعبة الكرات البللورية" محذرا من صياغة معنى داخلي في كلمات، اذ يقول على لسان قائد الاوركسترا: "اظهر المهابة للمعنى، ولكن لا تظنه قابلا للتعلم". لقد فشل عظماء كثيرون في هذه المحاولة. فعمر القوي، ثاني الخلفاء، كان يضطهد المسلمين الى ان اعتنق الاسلام، ولا يمكن حقا فهم كيفية اقتناعه بالاسلام على نحو مفاجئ بعد ان قرأ سورة طه إثر مشاجرة مع اخته. ويستشهد هوفمان في هذا الصدد بقول ابي حامد الغزالي (القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي) في اعترافاته: "ان العقيدة لم تتغلغل في نفسه من خلال دليل واحد واضح بعينه، وانما من خلال عدد لا يحصى من اسباب الايمان، وخبرات ومواقف مصاحبة يمكن تعديد تفصيلاتها". ويقول اخيرا: ان عودته الى الاسلام كانت بفعل "نور القاه الله في صدره".
وفي كتابه الرائع "الطريق الى مكة"، يعرض لأمر هدايته الى الاسلام، اذ يصفه بما لو كانت "ضربة من السماء" قد اصابته. اما انا، فكنت لسنوات، بل لعقود، منجذبا الى الاسلام كالمغناطيس، لانني ألفت افكاره، كما لو كنت قد عايشته من قبل. لقد وجهتني على هذا الدرب ثلاثة احداث اساسية، ذات طبيعة انسانية، وجمالية فنية، وفلسفية، ويرتبط اول هذه الاحداث ارتباطا عجيبا بالجزائر. ففي عام 1960، امضيت شهرين في Chateau Neuf sur Loire لأتمكن من اجادة اللغة الفرنسية، استعدادا لامتحانات القبول بوزارة الخارجية، وهناك، كنت اقرأ يوميا تقارير الصحافة الفرنسية عن حرب الجزائر.
المسألة الجزائرية
وقال هوفمان: في اختبار القبول بوزارة الخارجية الألمانية، كان على كل متقدم ان يلقي محاضرة لمدة لا تتجاوز خمس دقائق في موضوع يحدد عشوائيا، ويكلف به قبلها بعشر دقائق. ولكم كانت دهشتي عندما تبين لي ان موضوع محاضرتي هو "المسألة الجزائرية". وكان مصدر دهشتي هو مدى علمي بهذا الموضوع، وليس جهلي به. وبعد شهور قليلة من الاختبار، وقبل ان اتوجه الى جنيف بوقت قصير، اخبرني رئيس التدريب، عندما التقينا مصادفة اثناء تناولنا للطعام، ان وجهتي قد تغيرت الى الجزائر. في اثناء عملي بالجزائر في عامي 61/1962، عايشت فترة من حرب استمرت ثماني سنوات بين قوات الاحتلال الفرنسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية، وانضم اثناء فترة وجودي هناك طرف ثالث هو "منظمة الجيش السري"، وهي منظمة ارهابية فرنسية، تضم مستوطنين وجنودا متمردين. ولم يكن يوم يمر دون ان يسقط عدد غير قليل من القتلى في شوارع الجزائر. وغالبا ما كانوا يقتلون رميا بالرصاص على مؤخرة الرأس من مسافة قريبة. ولم يكن لذلك من سبب، الا كونهم عربا، او لأنهم مع استقلال الجزائر. وكنت عند سماعي صوت سلاح آلي، اتصل تليفونيا بزوجتي الاميركية لتسرع الى شراء ما تحتاج اليه، لان الهجوم التالي في المنطقة نفسها لا يتوقع حدوثه قبل عشرين دقيقة.
وكانت انبل مهماتي هي اعادة افراد الفرقة الاجنبية من الالمان الفارين الى الوطن بمعاونة من السلطات الفرنسية. وكان عدد هؤلاء الرومانسيين المساكين غير قليل، منذ فر قائد قوات المظلات في العام السابق. وكم كان الموت يجذبهم! وكانت منظمة الجيش السري قد جندت عددا منهم ضمن قوات خاصة (كوماندوز). ومن ثم وجدوا انفسهم بين نارين. كما أن فرص نجاتهم من الموت كانت ضئيلة جدا. وكنت، بصفتي ممثلا للقنصلية العامة الالمانية، اضع الزهور على قبور الكثير منهم. كنت، وأنا ابحث عن ألمان بين الجرحى في المستشفيات، احمل سلاحي معدا للاستخدام. وكنت ادقق النظر في وجه من يقابلني، بل وفي يديه. وعندما كانت القامات تتقابل، كان كل شخص يبتعد عن الآخر عائدا الى الخلف، طلبا للامان، وفي بعض الاحيان كانت زوجتي المذعورة تصر على حماية ظهري، فكانت تسير خلفي على مسافة عدة خطوات حاملة في كم ثوبها سكينا حادة.
ويسترجع هوفمان بعض الذكريات قائلا: "وما يزال بعض ذكريات تلك الايام يثير كآبة في نفسي حتى الآن. فعندما كنت في طريقي الى مقر اذاعة فرنسا 5، حيث كان من المقرر ان القي، تنفيذا لتكليف من القنصل العام، محاضرة عن "وضع الرقص المسرحي" في المانيا، تعطلت مضخة البنزين في سيارتي الفولكس فاجن من طراز "الخنفسة" في شارع ايزلي الضيق، كثير المنحنيات. وسرعان ما اصطفت السيارات خلف سيارتي، مطلقة اصوات النفير، وفي تلك الاثناء، كان امامي رجل يعبر الشارع، واطلق عليه شخص الرصاص من الرصيف المقابل، فسقط جريحا امام رفرف سيارتي الايسر، واذا بالمهاجم يشير لي بسلاحه آمرا ان اواصل سيري، كي اخلي ساحة اطلاق الرصاص. ولم اكن ارغب في ذلك، بل ولم اكن استطيعه ايضا، واخيرا، تقدم الشخص الذي يحمل السلاح من الرجل المصاب واطلق عليه رصاصة اخرى اردته قتيلا، ثم اختفى في زحام البشر في تؤدة وعلى مهل. ولقد استأت كثيرا ايضا، عندما رأيت مضطرا اعضاء منظمة الجيش السري، وهم يشعلون النار في سيارات شحنوها سلفا ببراميل من الوقود، ويدفعونها من فوق منحدر الى حي يسكنه العرب. ولا بد للمرء من ان يتوقع ان يكون على قائمة القتلى، اذا ما اصبح شاهدا غير مرغوب فيه. وكان حلاقي في الابيار يدرك ذلك جيدا، فحين هاجمت قوات "منظمة الجيش السري" مكتب التلغراف المقابل لمحله في شارع جاليني، ادار مقعده حتى لا يكون شاهدا على ما يجري. ولم يكن تصرفه اقل غرابة من تصرف احد افراد الشرطة الذي عرض عليّ في مايو (ايار) عام 1962 ان يحرس سيارتي، بينما كانت النيران مشتعلة خلف ظهره في مكتبه بالابيار.
عندما توصل الرئيس الفرنسي شارل ديجول، في ايفيان في مارس (اذار) عام 1962، الى اتفاق مع الحكومة المؤقتة لجبهة التحرير الوطني الجزائري على وقف اطلاق النار في يوليو (تموز) التالي، صعدت منظمة الجيش السري من اعمالها الارهابية، بهدف استفزاز الجزائريين لخرق الاتفاق، فبدأ افرادها في تصفية النشء الاكاديمي الجزائري، وراحوا يقتلون، رميا بالرصاص، النساء اللاتي يرتدين الحجاب. وقبل تحقيق الاستقلال بأيام قلائل، اطلقوا الرصاص على آخر بائع جزائري جائل في الابيار، فأردوه قتيلا امام مكتبي مباشرة. وكان هذا البائع قد عاش ينادي على اسماكه منذ عقود طويلة، دون ان يلحق اذى بأي انسان كائنا من كان. وفي الشارع الذي كنت اقطنه، كان جيراني من الفرنسيين يلقون من النوافذ على المنتصرين بكل ما لا يبخلون به. وكانت الثلاجات التي يلقون بها تسقط على اكوام من القمامة التي لم تزل منذ اسابيع، وهو ما كان من حسن حظ الفئران.
الاحتكاك عن قرب بالإسلام
شكلت هذه الوقائع الحزينة خلفية اول احتكاك لي عن قرب بالاسلام المعيش. ولقد لاحظت مدى تحمل الجزائريين لآلامهم، والتزامهم الشديد في رمضان، ويقينهم بأنهم سينتصرون، وسلوكهم الانساني، وسط ما يعانون من آلام. وكنت ادرك ان لدينهم دورا في كل هذا. ولقد ادركت انسانيتهم في اصدق صورها، حينما تعرضت زوجتي للاجهاض تحت تأثير "الاحداث" الجارية آنذاك. فلقد بدأت تنزف عند منتصف الليل، ولم يكن باستطاعة سيارة الاسعاف ان تحضر الينا قبل الساعة السادسة صباحا، بسبب فرض حظر التجول، وبسبب شعار "القتل دون سابق انذار" المرفوع آنذاك. وحينما حانت الساعة السادسة، ادركت وانا اطل من نافذة مسكني في الطابق الرابع، ان سيارة الاسعاف لا تستطيع العثور علينا، لان منظمة الجيش السري كانت قد غيرت في تلك الليلة اسماء كل شوارع الحي الذي اقطنه، بحيث اصبحت كلها تحمل اسماء مثل شارع "سالان" وشارع "يهود" وشارع "منظمة الجيش السري".
بعد تأخير طال كثيرا، كنا في طريقنا متجهين الى عيادة الدكتور شمعون (قبل ان تنسفها منظمة الجيش السري بوقت قصير)، حيث صادفنا حاجزا اقامته الجمعية الجمهورية للامن، وعلى الرغم من صفير البوق الذي كان السائق يطلقه، فانه لم يكن باستطاعته ان يشق طريقه الا ببطء شديد، وكانت زوجتي تعتقد، في تلك الاثناء، انها ستفقد وعيها. ولذا، وتحسبا للطوارئ، راحت تخبرني ان فصيلة دمها هي O ذات RH سالب. وكان السائق الجزائري يسمع حديثها، فعرض ان يتبرع لها ببعض من دمه الذي هو من نفس فصيلة دمها. ها هو ذا العربي المسلم يتبرع بدمه، في اتون الحرب، لينقذ اجنبية على غير دينه. لكي اعرف كيف يفكر ويتصرف هؤلاء السكان الاصليون المثيرون للدهشة، بدأت اقرأ "كتابهم".. القرآن في ترجمته الفرنسية لـPesle/Tidjani. ولم اتوقف عن قراءته منذ ذلك الحين، حتى الآن، وحتى تلك اللحظة، لم اكن قد تعرفت على القرآن الا من خلال النوافذ المفتوحة لكتاتيب تحفيظ القرآن في ميزاب جنوب الجزائر، حيث يحفظه اطفال البربر، ويتلونه في لغة غريبة عنهم، وهو ما دهشت له كثيرا. وفي ما بعد ادركت ان حفظ وتلاوة القرآن، باعتباره رسالة الله المباشرة، فرض تحت الظروف كافة. ولقد ازعجني رد الفعل الغاضب من جانب احد الجزائريين، عندما حدثته في بار فندق ترانس ميدترانيان في غرداية، عن قراءتي للقرآن، اذ استنكر في صراحة لا ينقصها الوضوح، وجود ترجمات له. واعتبر محاولة ترجمة كلام الله الى لغة اخرى بمثابة تجديف. ولم استغرق وقتا طويلا قبل ان استوعب رد فعله. فاللغة العربية تشتمل على مفردات لا تدل على وقت محدد بعينه. فالمفردات التي تشير الى مستقبل مؤكد يمكن ان تدل على امر حدث في الماضي ايضا. ناهيك عن ان اللغة العربية تتضمن بعض ما يمكن للعربي ان يفهمه تلميحا. وبغض النظر عن ذلك، فهناك المشكلة المعتادة التي تكمن في ان الكلمات التي تعبر عن ذات المعنى في لغتين لا تتطابق في ما يختص بتداعي الخواطر الا نادرا. ومن ثم، فان كل ترجمة للقرآن ان هي الا تفسير يفقر المعنى ويجرده من مضمونه. وهكذا كان الرجل في البار على حق.
لم تشأ هذه الجزائر، التي ادين لها بالكثير، ان تتركني لحالي، وانما تبعتني كالقدر. فعندما اصبحت سويسرا ترعى مصالحنا في الجزائر، في عام 1966، كان عليّ ان اعمل من السفارة الالمانية في برن على استمرار الاتصال مع من تبقى من بعثتنا الدبلوماسية في الجزائر، من خلال القسم السياسي في السفارة السويسرية. وكان البريد المرسل من بون الى الجزائر، يمر من خلالي اسبوعيا. وبعد 25 عاما من عملي بالجزائر لأول مرة، عدت اليها سفيرا في عام 1987. ومنذ اعتمدت سفيرا في المغرب، المجاور للجزائر، في عام 1990، يندر ان تفارق مخيلتي صورة الجزائر التي ما تزال تعاني آلاما مأساوية، فهل يمكن ان يكون ذلك كله محض مصادفة؟!
الفن الإسلامي
وقال هوفمان: هدتني الى الاسلام ايضا، تجربة مهمة، ذات طبيعة جمالية متصلة بالفن الاسلامي، ولهذه التجربة، قصة تتلخص في انني "مولع بالجمال"، وكنت منذ صباي معجبا بالجانب الشكلي للجمال، وارغب الغوص في اعماقه حتى عندما كانت حماتي الاميركية تقول ـ استنادا الى المنهج البيوريتاني ـ ان الجمال مجرد امر سطحي، وانه ليس الا خداعا على السطح. عندما تلقيت في عام 1951 الدفعة الاولى من منحة التفوق، التي تمنحها وزارة الثقافة في بافاريا "للموهبين جدا"، دفعتها بأكملها ثمنا لشراء نسخة مطبوعة على قطعة من الجوت من لوحة بول جوجان: "الفتاة وثمار المانجو". وبما انني لم اكن ممن يقطنون حي Maximilianeum الواقع على اليمين من نهر ايزار Isar، وانما كنت اقيم في المستوطنات السكنية للثوريين الديمقراطيين، عند ميدان ماسمان، حيث يتقاسم العمال والطلبة غرفها، فقد نقلت لوحة جوجان التي اشتريتها الى مسكني هناك، ورحت احللها، ولم ألبث ان اقتنعت بأن الفن الساكن (غير المتحرك)
ـ الرسم والنحت والعمارة والخط والاعمال الفنية الصغيرة ـ مدين بالفضل في تأثيره الجمالي للحركة المجمدة، ومن ثم، فانه مشتق من الرقص. ولذلك، يزداد احساسنا بجمال الفن التشكيلي كلما ازدادت قدرته على الايحاء بالحركة. وهذا هو ما يفسر انبهاري الشديد بالرقص الذي دفعني الى مشاهدة عروض الباليه كافة في مسرح برينزرجنتن في ميونخ. ومنذ ذلك الحين ازداد اهتمامي بالرقص، واتسع ليشمل كل ما يتصل به. وكنت اقضي كل ساعة فراغ بين مواعيد المحكمة في صالات عروض الباليه، بالقرب من قصر العدل. وحصلت على تمارين للباليه، لكي اتعلم ـ ولو على نحو متخلف ـ رقص الباليه الكلاسيكي، حتى اعرف ماهية ما اكتب عنه. ويعتمد هذا الفن اللطيف، في نهاية الامر، على جهد بدني خارق، وهكذا تعلمت ان اميز، على سبيل المثال، بين الحركات المختلفة واساليب ادائها.
كان اكثر ما يروق لي هو مدرسة لونافون زاخنوفسكي الروسية، التي تعيش في المنفى، ولقد تربت في هذه المدرسة تلميذات نجيبات مثل انجيلا البريشت، ومنها تكونت في منتصف الخمسينات فرقة "باليه زاخنوفسكي"، التي قدمنا بواسطتها عروضا راقية في ميونخ وفي مدن اخرى في بافاريا. وكنت مسؤولا عن التعاقدات، والدعاية والاضاءة، ووحدة الماكياج. وفي عام 1955، أسست في ميونخ بالاشتراك مع كارل فيكتور برينتس تسوفيد، جماعة اصدقاء الباليه، وتوليت معه باب نقد الرقص في صحيفة ميونخ المسائية.
كانت المراحل التالية في حياتي هي بايجاز: العمل في ما بين عامي 1954 و1980 ناقدا متخصصا للباليه في صحف في المانيا وبريطانيا واميركا، والعمل محاضرا لمادتي تاريخ وعلم جمال الباليه بمعهد كولونيا للباليه في ما بين عامي 1971 و1973، وتقدمت بمذكرات الى وزير الثقافة الألماني حول تأسيس باليه قومي الماني. ولم يكن بعض معارفي يعلم ان القانون والدبلوماسية هما مهنتي الاساسية، وليس الباليه. وكان الكتاب الاثير حقا عندي، هو كتاب جيلبرت وكونز عن تاريخ علم الجمال كعلم فلسفي. وكعاشق للباليه، ذلك الفن المجرد الذي يجسد الموسيقى، كنت في الواقع ابحث عن الاسباب التي ترغمنا على الاحساس بجمال اشياء او حركات بعينها. ولهذا السبب، كنت اقبع لأسابيع طويلة في احدى الغابات البافارية باحثا في اسس علم جمال الحركة. وهناك تبين لي اننا كبشر لا نملك الا ان نحس جمال الجسد البشري الصحيح وما يتطابق مع مقاييسه. وهو ما ينطبق ايضا علينا كمحللين بصريين لما تفرزه الطبيعة من صور وانواع. يضاف الى ذلك اننا نقرأ الصور في ذات الاتجاه الذي نكتب فيه. وتبين لي اخيرا ان الحركات تستحوذ على انتباهنا بسبب ما يمكن ان تنطوي عليه من مخاطر. وتبين لي آخرا اننا نعجب بحركات الطرد المركزي، لاننا نستطيع ان نتخيلها ممتدة في ما لا نهاية. عبر هذا الطريق، صار الفن الاسلامي بالنسبة لي تجربة مهمة ذات قيمة عالية ومثيرة، ألا يماثل في سكونه تماما ما اسعدني في حركات الباليه، التجريدية: القدرة الانسانية، والحركة الداخلية، والامتداد في ما لا نهاية؟ وذلك كله في اطار الروحانية التي يتسم بها الاسلام.
وألهمتني اعمال معمارية، مثل الحمراء في غرناطة والمسجد الكبير في قرطبة، اليقين بأنها افراز حضارة راقية رفيعة. واستوعبت جيدا ما كتبه راينر ماريا ريلكا بعد زيارته لكاتدرائية قرطبة، اذ كتب: "... تملكني منذ زيارة قرطبة عداء وحشي للمسيحية، انني اقرأ القرآن وهو يتجسد لي صوتا يستوعبني بقوة طاغية، واندفع بداخله كما تندفع الريح في الارغن". وصار الفن الاسلامي لي وطنا جماليا، مثلما كان الباليه الكلاسيكي من قبل، واصبحت ارى الاعمال الفنية للعصور: الاغريقي والروماني والقوطي، ولعصر النهضة والروكوكو مثيرة، وعريقة، واصيلة، بل وعبقرية، ولكنها لا تنفذ الى داخلي، ولا تحرك عواطفي ولا مشاعري.

هوفمان يدعو المسلمين إلى إدراك قوة جاذبية الفن الإسلامي
المفكر الألماني: وضعت الديانة الكاثوليكية لدرايتي التامة بها محل تساؤلات وشكوك
أدرك المفكر الالماني الدكتور مراد هوفمان ان للدين الاسلامي جاذبية خاصة ما ان يبدأ الشخص في دراسة الاسلام حتى يندفع الى الايمان بمبادئه وقيمه التي تعمل على اصلاح المجتمعات الانسانية. ويدرك تماما ان هذا الدين الرباني مصلح لكل زمان ومكان.
وروى لي الدكتور هوفمان عندما التقيته في مدينة شيكاغو الاميركية في اغسطس (آب) الماضي جوانب مهمة في قصة اسلامه، مشيرا الى ضرورة الرجوع الى كتابه "الطريق الى مكة" الذي لخص فيه مسيرة رحلته الايمانية الى الاسلام.
وقال لي هوفمان انه يحرص حرصا شديدا على حضور الملتقيات الاسلامية باعتبارها مدخلا مهما في تقارب المسلمين ومن ثم تفاعلهم وانفعالهم بهذا الدين. وكذلك ضرورة مشاركة المفكرين الاسلاميين في الملتقيات الفكرية الغربية لتصحيح صورة الاسلام المشوه عند هؤلاء الغربيين وابراز الاسلام بصورته السمحة التي تؤكد دوره الاصلاحي للمجتمعات الانسانية كافة.
يتابع هوفمان حديثه عن جاذبية الاسلام: "انني ادرك قوة جاذبية فن هذا الدين الآن افضل من ذي قبل، حيث انني محاط في المنزل الآن بفن تجريدي، ومن ثم بفن اسلامي فقط. وادركها ايضا عندما يستمر تاريخ الفن الغربي عاجزا عن مجرد تعريف الفن الاسلامي. ويبدو ان سره يكمن في حضور الاسلام في حميمية شديدة في كل مظاهر هذا الفن، كما في الخط، والارابيسك، ونقوش السجاد، وعمارة المساجد والمنازل والمدن. انني افكر كثيرا في اسرار اضاءة المساجد وفي بنائها الديمقراطي، وفي بناء القصور الاسلامية، الذي يوحي بحركة متجهة الى الداخل، بحدائقها الموحية بالجنة بظلالها الوارفة وينابيعها ومجاريها المائية، وفي الهيكل الاجتماعي ـ الوظيفي المبهر للمدن الاسلامية القديمة (المدينة) الذي يهتم بالمعيشة المتجاورة تماما كما يهتم بابراز موقع السوق وبالمواءمة او التكيف لدرجات الحرارة وللرياح، وبدمج المسجد والتكية والمدرسة والسبيل في منطقة السوق ومنطقة السكن. وان من يعرف واحدا من هذه الاسواق ـ وليكن في دمشق، او اسطنبول او القاهرة او تونس او فاس ـ يعرف الجميع، فهي جميعا، كبرت ام صغرت، منظمات اسلامية من ذات الطراز الوظيفي. فما اكثر ما تجولت في سوق مدينة سالي المؤاخية للرباط لكي استعيد حيويتي. انه ذروة مجتمعية حيوية يجد فيها كل انسان مكانا له، شيخا كان ام شابا، صحيحا كان ام مريضاً، فقيرا ام غنيا، ابيض ام اسود، ولا يوجد به عجلة، ولا ازمة ضيق وقت، ولا مبالغة في تقييم الذات، ولا خمور ولا وسائل نقل ثقيل، ولا سياج ولا ابتزاز، وحيث الجميع سواسية، وكل عملية شراء ترتبط بـ"دردشة"، وحيث تغلق الحوانيت ابوابها وقت الصلاة.
كان ما احسست منذ البداية انه اسلامي وباعث على السعادة هو في واقع الامر التأثير الناضج للتناغم الاسلامي، وللاحساس بالحياة والمكان الاسلاميين على العقل والروح. وهذا ما احسست به في متحف جولبينكيان الاسلامي في لشبونة، مثلما احسست به في المسجد الاموي بدمشق، وفي مسجد ابن طولون بالقاهرة، وفي مسجد القيروان القديم او المسجد السليمي في درنة. وقبل ان يقودني الدرب الفلسفي الى الاسلام، الذي قادني بدوره الى تجربة اساسية ثالثة في حياتي، كنت قد حصلت، وانا بعد في سن المراهقة في مدينة اشفنبرج، على قسط وافر من التعليم الجيزويتي، من خلال عضويتي لجمعية Congregatio Mariana وهي المقابل لحركة "المانيا الجديدة" المتمركزة في الشمال.
ويعود ارتباطنا، بل تعلقنا الرومانسي، بهذه المنظمة الى فترة حكم النازي، وذلك لان الجستابو لم يتمكن من الكشف عنها عندما كانت تقاوم هذا الحكم سرا. ولم يكن حتى ابي المشتت الفكر يعلم بعضويتي لهذه المنظمة. وكنا نجتمع اسبوعيا مع احد القساوسة الجيزويت في احدى المقابر، في ظل اجراءات امنية مشددة. فكان كل فرد منا لا يعرف سوى افراد مجموعته فحسب. ولكننا تمكنا بمرور الوقت من استقطاب افضل عناصر تلاميذ المدارس الثانوية. وقطعنا بذلك الطريق على منظمة "شبيبة هتلر"، اي اننا منعنا هذه العناصر الجيدة من ان تنضم الى منظمات الشباب التابعة للحكم النازي، ولقد ادهشنا ان عدد افراد المنظمة بلغ عند انتهاء الحرب 80 فردا. بعد ان انقضت الحرب، عدنا الى الاستمتاع بحياة واساليب منظمات الشباب التي كانت سائدة في عشرينات هذا القرن.
ونظرا لما سبق ذكره، فقد كنت على دراية تامة بالديانة الكاثوليكية، وبأدق شؤونها من الداخل، ولكنني في الوقت ذاته، كنت قد بدأت اضع هذه الديانة محل تساؤلات وشكوك. كنت انا وCarl Jacob Burckherdt نتساءل دوما عما اذا كان من الصواب ان يكون عالم اللاهوت ودارس الاديان مسيحيي الديانة. وبالرغم من اعجابي بفلسفة Ludwig Wittgenstein فاني كنت على يقين تام من عدم وجود دليل ينفي وجود الله. وكنت شديد التمسك بالرأي القائل بأن عدم وجود الله غير مؤكد بشكل قاطع، وان الاعتقاد بوجود الله او نفي وجوده يظل مسألة تحسمها العقيدة ويقين الفرد. ولقد حسمت هذا باعتقادي في وجود الله. وبعد ذلك، ثار سؤال عن ماهية الاتصال بين الله الانسان. ولقد كنت شديد الاقتناع بامكانية، بل قل بضرورة، تدخل الله وتسييره لمجريات الامور. ويرتكز اقتناعي هذا على دراستي ودرايتي بتاريخ الانسانية والعلوم والحق، التي استنتجت من خلالها ان مجرد مراقبة الطبيعة وتتبعها فقط لن يقودنا الى ادراك حقيقة علاقتنا ببيئتنا وبالله. الا يشهد تاريخ العلوم على حقيقة مفادها ان الحقائق العلمية يغير بعضها بعضا بسرعة شديدة؟! كنت بهذه الخطوة قد حسمت يقيني بامكانية، بل بضرورة، الوحي والدين، ولكن اي دين؟ واي عقيدة؟ هل هي اليهودية، او المسيحية او الاسلام.
وجاءتني الاجابة من خلال تجربتي الثالثة التي تتلخص في قراءتي المتكررة للآية 38 من سورة النجم: "لا تزر وازرة وزر اخرى"، ولا بد من ان تصيب هذه الآية بصدمة شديدة كل من يأخذ مبدأ حب الآخر الوارد في المسيحية مأخذ الجد، لانه يدعو في ظاهر الامر الى النقيض. ولكن هذه الآية لا تعبر عن مبدأ اخلاقي، وانما تتضمن مقولتين دينيتين تمثلان اساسا وجوهرا لفكر ديني، هما:
1 ـ انها تنفي وتنكر وراثة الخطيئة.
2 ـ انها تستبعد، بل وتلغي تماما، امكانية تدخل فرد بين الانسان وربه، وتحمل الوزر عنه.
3 ـ والمقولة الثانية هذه تهدد، بل وتنسف مكانة القساوسة وتحرمهم من نفوذهم وسلطانهم الذي يرتكز على وساطتهم بين الانسان وربه وتطهيرهم الناس من ذنوبهم. والمسلم بذلك هو المؤمن المتحرر من جميع قيود واشكال السلطة الدينية.
اما نفي وراثة الخطيئة وذنوب البشر، فقد شكل لي اهمية قصوى، لانه يفرغ التعاليم المسيحية من عدة عناصر جوهرية، مثل: ضرورة الخلاص، التجسيد، الثالوث، والموت على سبيل التضحية. وبدا لي ان تصور فشل الله في خلقه، وعدم قدرته على تغيير ذلك الا بانجاب ابن والتضحية به ـ اي ان الله يتعذب من اجل الانسانية ـ امر فظيع ومروع، بل وتجديف واهانة بالغة. وبدت لي المسيحية وكأنها تعود لترتكز في اصولها على اساطير متنوعة ومتعددة. وتبين لي جليا الدور الخطير والشرير الذي لعبه بولس الرسول. لقد قام بولس، والذي لم يعرف المسيح ابدا ولم يصاحبه في حياته، بتغيير بل وبتزوير التعاليم اليهودية ـ المسيحية التي صاغها برنابه وترى في المسيح احد رسل الله وانبيائه. وتيقنت ان المجلس الملي، الذي انعقد في نيقيا (عام 325)، قد ضل طريقه تماما، وحاد عن الصواب وتعليمات المسيحية الاصلية، عندما اعلن ان المسيح هو الله، واليوم، اي بعد مرور ما يزيد على ستة عشر قرنا، يحاول تصحيح هذا الخطأ بعض علماء اللاهوت الذين يتمتعون بجرأة شديدة.
ومجمل القول انني بدأت انظر الى الاسلام كما هو، بوصفه العقيدة الاساسية الحقة التي لم تتعرض لأي تشويه او تزوير.. عقيدة تؤمن بالله الواحد الاحد الذي "لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" (سورة الاخلاص). رأيت فيه عقيدة التوحيد الاولى، التي لم تتعرض لما في اليهودية والمسيحية من انحراف، بل ومن اختلاف عن هذه العقيدة الاولى، عقيدة لا ترى ان معتنقيها هم شعب الله المختار، كما انها لا تؤله احد انبياء اليهود. لقد وجدت في الاسلام اصفى وأبسط تصور لله، تصور تقدمي، ولقد بدت لي مقولات القرآن الجوهرية ومبادئه ودعوته الاخلاقية منطقية جدا حتى انه لم تعد تساورني ادنى شكوك في نبوة محمد. ولقد سمعت مرارا قبل اعتناقي الاسلام مقولة ان التحول من دين الى دين آخر ليس له اي اهمية، حيث ان الاديان كلها تؤمن في آخر الامر بإله واحد، وتدعو الى الاخلاقيات والقيم ذاتها، وان السلوكيات والاخلاق الحميدة، بالاضافة الى الايمان بالله في قلب الانسان، وان يتوجه الانسان الى الله سرا، لأهم من الصلاة خمسا، ومن صوم رمضان وأداء فريضة الحج، كم من مرة اضطررت الى الاستماع الى هذه المقولات من مسلمين اتراك تخلوا عن عقيدتهم دون ان يدركوا ذلك.
ان إلها خاصا سريا ليس بإله، وكل هذه الحجج والمقولات تبدو واهية، اذا ما تيقنت ان الله يتحدث الينا في قرآنه. ومن يدرك هذه الحقيقة لا يجد مفرا من ان يكون مسلما بأعمق معاني هذه الكلمة.
الصلاة المفروضة
ويذهب هوفمان الى انه ربما يمكن القول: انني كنت قريبا من الاسلام بأفكاري قبل ان اشهر اسلامي في عام 1980، بنطق الشهادتين متطهرا كم ينبغي، وان لم اكن مهتما حتى ذلك الحين بواجباته ونواهيه فيما يختص بالحياة العملية. لقد كنت مسلما من الناحية الفكرية او الذهنية، ولكني لم اكن كذلك بعد من الناحية العملية. وهذا على وجه اليقين ما يتحتم ان يتغير الآن جذريا. فلا ينبغي ان اكون مسلما في تفكيري فقط، وانما لا بد ان اصير مسلما ايضا في سلوكياتي.
اذا كان الدين يعني رباطا يربط الانسان بربه، واذا كان الاسلام يعني ان يهب المسلم نفسه لله، فقد كانت اهم واجباتي، كمسلم حديث عهد بالاسلام، في الخمسينات من العمر، ان اتعلم صلاة الاسلام. وليس من الضروري ان يكون المرء خبيرا في الحاسب الآلي ليدرك ان الامر هنا يتعلق بمسألة اتصال.. ما اصلح فنون الاتصال للاتصال به؟
ومن المؤكد، على اي حال، انه لا شيء يعرض اسلام المرء للخطر اكثر من انقطاع صلته بربه. من ثم يصبح التسبيح بحمد الله هو العنصر المحوري في حياة كل من يعي ويدرك معنى ما يقوله، عندما يقول انه يؤمن بالله. وبناء على ذلك، فان من لا يصلي ليس بمؤمن من وجهة نظري. فمن يؤكد لامرأة غائبة حبه لها، دون ان تكون لديه رغبة في التحدث اليها تليفونيا او في الكتابة اليها، ودون ان يلقي نظرة واحدة على صورتها طوال اليوم، ليس محبا لها في حقيقة الامر. وهذا ما ينطبق تماما على الصلاة. فمن يعي ويدرك حقا المعنى الحقيقي لوجود الله، ستكون لديه بالضرورة رغبة في التأمل وفي التوجه الى الله كثيرا. وبذلك فقط، يصير ما يردده المسلم كثيرا وهو يقرأ سورة الفاتحة "إياك نعبد وإياك نستعين" حقيقة واقعة. وكنت حتى تلك اللحظات اجهل ما يجب فعله واتباعه في الصلاة. ناهيك عن قدرتي على الحفظ والتلاوة باللغة العربية، ومن ثم كانت اولى اولوياتي آنذاك هي التغلب على هذا النقص. وقبل ان امعن في دراسة مقدمة مصورة باللغة الالمانية للصلاة الاسلامية، تحظى بأكبر قدر من الثقة، طلبت من صديق تركي ان يعلمني الوضوء وكيفية الوقوف في الصلاة، والركوع والسجود، والجلوس على الارض مستنداعلى القدم اليسرى، ورفع الذراعين، واتجاه النظر، ومتى يقرأ المرء جهرا، ومتى يقرأ سرا مع تحريك الشفتين في القراءة، وكيف يقف المرء موقفا صحيحا خلف الامام، وكيف يتصرف المرء عندما يأتي متأخرا الى المسجد، وكيف يتحرك داخل المسجد، انه علم كامل! وفي الحقيقة، فانه من الخطر ان يتصرف المسلم كمسلم دون ان يكون كذلك.
وتبدأ الصلاة الاسلامية، وان بدا ذلك امرا غريبا، في الحمام او عند مصدر المياه في الفناء الامامي للمسجد بالوضوء. وينبغي تعلم ذلك بحسب تتابعه وتسلسله، وكيف يغسل المرء اليدين، وكيف يمسح الرأس، وكيف يتأكد من غسل الكعبين، كل شيء وضع وحدد على نحو دقيق تماما. وحينما ينوي المرء الصلاة ويرفع اليدين الى الرأس مكبرا مفتتحا الصلاة، فانه ينفصل تماما عن مشاغل حياته اليومية، مما يؤكد قدسية الصلاة بالنسبة له.
لا يمثل الوضوء مشكلة في البلدان الحارة، حيث تؤدي الحرارة المرتفعة الى سرعة الجفاف. وفي حالة عدم توفر الماء فانه يكفي تنظيف اليدين بالرمل على سبيل الرمز (التيمم)، ولقد تعرضت لمثل هذا الموقف، حينما غاصت السيارة التي يقودها سائقنا الخبير بالصحارى في السابع من شهر ديسمبر عام 1993، اثناء رحلة في منطقة ليوا الغنية بالنفط في الامارات العربية المتحدة، حيث تبدو الرمال صالحة تماما للتيمم. اما في مناطقنا الباردة، فليس من المريح حقا، في حالة عدم وجود مناشف، ان يضطر المرء الى ارتداء جواربه وقدماه مبتلتان. وتبين لي ان تعلم كيفية اداء الصلاة ايسر كثيرا مما كنت اتوقع، لان الصلاة تتكون من وحدات ثابتة تسمى "ركعة" فالركعات هي وحدات الصلاة.
وينبغي ان يتعلم المرء ايضا عدد الركعات في كل من الصلوات الخمس: الصبح، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وان يعرف مواقيتها، وما ينبغي على المسافر ان يراعيه من احكام الصلاة.
وتعلمت اخيرا كيفية الوقوف في صلاة الجماعة، حيث ينبغي ان يصطف المسلمون في صف مستقيم تتلاصق فيه الاقدام وتسد الفرج. وهذا التلاصق يرمز بالنسبة لي اكثر من مجرد ضم صفوف. انه يرمز الى التضامن على نحو يؤثر فيّ مجددا كل مرة. ويتجدد هذا التضامن في نهاية كل صلاة مع تحية "السلام عليكم" التي ينطقها المصلي وهو يلتفت يمينا ثم يسارا، وبعد ذلك يمسح وجهه بكلتا يديه اعلانا عن انتهاء الصلاة، وبعدها يمد يديه الى جاره في الصلاة مصافحا ومتمنيا ان يتقبل الله صلاته "تقبل الله صلاتك".
وروى لي عبد الوهاب عبادة، السكرتير العام لوزارة الخارجية الجزائرية، انه غير هذه التحية مرة عندما كان طفلا. فلقد بدا له انه من الاقرب الى المنطق ان يقول "السلام عليك". وكانت نتيجة ذلك انه تلقى على وجهه صفعة من والده الذي علمه ان المسلم يقول دائما: "السلام عليكم" لان تحيته تشمل جميع المخلوقات المرئية وغير المرئية، تشمل الملائكة وتشمل الصراصير.

يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:18 PM
قصة إسلام مراد هوفمن


يقول هوفمان: لم تمر سوى ايام معدودات قبل ان اشهر اسلامي بنطق الشهادتين يوم 25 سبتمبر 1980، وليس من الامور الهينة ان يقدم المرء كشف حساب وتقييما لتطوره الفكري. لقد كتب هيرمان هسه في احدى رواياته القصيرة "نوفاله" Klein und Wagner عام 1919: "التحدث هو اضمن السبل لإساءة فهم كل شيء وجعله ضحلا ومجدبا". وكتب ايضا في روايته "لعبة الكرات البللورية" محذرا من صياغة معنى داخلي في كلمات، اذ يقول على لسان قائد الاوركسترا: "اظهر المهابة للمعنى، ولكن لا تظنه قابلا للتعلم". لقد فشل عظماء كثيرون في هذه المحاولة. فعمر القوي، ثاني الخلفاء، كان يضطهد المسلمين الى ان اعتنق الاسلام، ولا يمكن حقا فهم كيفية اقتناعه بالاسلام على نحو مفاجئ بعد ان قرأ سورة طه إثر مشاجرة مع اخته. ويستشهد هوفمان في هذا الصدد بقول ابي حامد الغزالي (القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي) في اعترافاته: "ان العقيدة لم تتغلغل في نفسه من خلال دليل واحد واضح بعينه، وانما من خلال عدد لا يحصى من اسباب الايمان، وخبرات ومواقف مصاحبة يمكن تعديد تفصيلاتها". ويقول اخيرا: ان عودته الى الاسلام كانت بفعل "نور القاه الله في صدره".
وفي كتابه الرائع "الطريق الى مكة"، يعرض لأمر هدايته الى الاسلام، اذ يصفه بما لو كانت "ضربة من السماء" قد اصابته. اما انا، فكنت لسنوات، بل لعقود، منجذبا الى الاسلام كالمغناطيس، لانني ألفت افكاره، كما لو كنت قد عايشته من قبل. لقد وجهتني على هذا الدرب ثلاثة احداث اساسية، ذات طبيعة انسانية، وجمالية فنية، وفلسفية، ويرتبط اول هذه الاحداث ارتباطا عجيبا بالجزائر. ففي عام 1960، امضيت شهرين في Chateau Neuf sur Loire لأتمكن من اجادة اللغة الفرنسية، استعدادا لامتحانات القبول بوزارة الخارجية، وهناك، كنت اقرأ يوميا تقارير الصحافة الفرنسية عن حرب الجزائر.
المسألة الجزائرية
وقال هوفمان: في اختبار القبول بوزارة الخارجية الألمانية، كان على كل متقدم ان يلقي محاضرة لمدة لا تتجاوز خمس دقائق في موضوع يحدد عشوائيا، ويكلف به قبلها بعشر دقائق. ولكم كانت دهشتي عندما تبين لي ان موضوع محاضرتي هو "المسألة الجزائرية". وكان مصدر دهشتي هو مدى علمي بهذا الموضوع، وليس جهلي به. وبعد شهور قليلة من الاختبار، وقبل ان اتوجه الى جنيف بوقت قصير، اخبرني رئيس التدريب، عندما التقينا مصادفة اثناء تناولنا للطعام، ان وجهتي قد تغيرت الى الجزائر. في اثناء عملي بالجزائر في عامي 61/1962، عايشت فترة من حرب استمرت ثماني سنوات بين قوات الاحتلال الفرنسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية، وانضم اثناء فترة وجودي هناك طرف ثالث هو "منظمة الجيش السري"، وهي منظمة ارهابية فرنسية، تضم مستوطنين وجنودا متمردين. ولم يكن يوم يمر دون ان يسقط عدد غير قليل من القتلى في شوارع الجزائر. وغالبا ما كانوا يقتلون رميا بالرصاص على مؤخرة الرأس من مسافة قريبة. ولم يكن لذلك من سبب، الا كونهم عربا، او لأنهم مع استقلال الجزائر. وكنت عند سماعي صوت سلاح آلي، اتصل تليفونيا بزوجتي الاميركية لتسرع الى شراء ما تحتاج اليه، لان الهجوم التالي في المنطقة نفسها لا يتوقع حدوثه قبل عشرين دقيقة.
وكانت انبل مهماتي هي اعادة افراد الفرقة الاجنبية من الالمان الفارين الى الوطن بمعاونة من السلطات الفرنسية. وكان عدد هؤلاء الرومانسيين المساكين غير قليل، منذ فر قائد قوات المظلات في العام السابق. وكم كان الموت يجذبهم! وكانت منظمة الجيش السري قد جندت عددا منهم ضمن قوات خاصة (كوماندوز). ومن ثم وجدوا انفسهم بين نارين. كما أن فرص نجاتهم من الموت كانت ضئيلة جدا. وكنت، بصفتي ممثلا للقنصلية العامة الالمانية، اضع الزهور على قبور الكثير منهم. كنت، وأنا ابحث عن ألمان بين الجرحى في المستشفيات، احمل سلاحي معدا للاستخدام. وكنت ادقق النظر في وجه من يقابلني، بل وفي يديه. وعندما كانت القامات تتقابل، كان كل شخص يبتعد عن الآخر عائدا الى الخلف، طلبا للامان، وفي بعض الاحيان كانت زوجتي المذعورة تصر على حماية ظهري، فكانت تسير خلفي على مسافة عدة خطوات حاملة في كم ثوبها سكينا حادة.
ويسترجع هوفمان بعض الذكريات قائلا: "وما يزال بعض ذكريات تلك الايام يثير كآبة في نفسي حتى الآن. فعندما كنت في طريقي الى مقر اذاعة فرنسا 5، حيث كان من المقرر ان القي، تنفيذا لتكليف من القنصل العام، محاضرة عن "وضع الرقص المسرحي" في المانيا، تعطلت مضخة البنزين في سيارتي الفولكس فاجن من طراز "الخنفسة" في شارع ايزلي الضيق، كثير المنحنيات. وسرعان ما اصطفت السيارات خلف سيارتي، مطلقة اصوات النفير، وفي تلك الاثناء، كان امامي رجل يعبر الشارع، واطلق عليه شخص الرصاص من الرصيف المقابل، فسقط جريحا امام رفرف سيارتي الايسر، واذا بالمهاجم يشير لي بسلاحه آمرا ان اواصل سيري، كي اخلي ساحة اطلاق الرصاص. ولم اكن ارغب في ذلك، بل ولم اكن استطيعه ايضا، واخيرا، تقدم الشخص الذي يحمل السلاح من الرجل المصاب واطلق عليه رصاصة اخرى اردته قتيلا، ثم اختفى في زحام البشر في تؤدة وعلى مهل. ولقد استأت كثيرا ايضا، عندما رأيت مضطرا اعضاء منظمة الجيش السري، وهم يشعلون النار في سيارات شحنوها سلفا ببراميل من الوقود، ويدفعونها من فوق منحدر الى حي يسكنه العرب. ولا بد للمرء من ان يتوقع ان يكون على قائمة القتلى، اذا ما اصبح شاهدا غير مرغوب فيه. وكان حلاقي في الابيار يدرك ذلك جيدا، فحين هاجمت قوات "منظمة الجيش السري" مكتب التلغراف المقابل لمحله في شارع جاليني، ادار مقعده حتى لا يكون شاهدا على ما يجري. ولم يكن تصرفه اقل غرابة من تصرف احد افراد الشرطة الذي عرض عليّ في مايو (ايار) عام 1962 ان يحرس سيارتي، بينما كانت النيران مشتعلة خلف ظهره في مكتبه بالابيار.
عندما توصل الرئيس الفرنسي شارل ديجول، في ايفيان في مارس (اذار) عام 1962، الى اتفاق مع الحكومة المؤقتة لجبهة التحرير الوطني الجزائري على وقف اطلاق النار في يوليو (تموز) التالي، صعدت منظمة الجيش السري من اعمالها الارهابية، بهدف استفزاز الجزائريين لخرق الاتفاق، فبدأ افرادها في تصفية النشء الاكاديمي الجزائري، وراحوا يقتلون، رميا بالرصاص، النساء اللاتي يرتدين الحجاب. وقبل تحقيق الاستقلال بأيام قلائل، اطلقوا الرصاص على آخر بائع جزائري جائل في الابيار، فأردوه قتيلا امام مكتبي مباشرة. وكان هذا البائع قد عاش ينادي على اسماكه منذ عقود طويلة، دون ان يلحق اذى بأي انسان كائنا من كان. وفي الشارع الذي كنت اقطنه، كان جيراني من الفرنسيين يلقون من النوافذ على المنتصرين بكل ما لا يبخلون به. وكانت الثلاجات التي يلقون بها تسقط على اكوام من القمامة التي لم تزل منذ اسابيع، وهو ما كان من حسن حظ الفئران.
الاحتكاك عن قرب بالإسلام
شكلت هذه الوقائع الحزينة خلفية اول احتكاك لي عن قرب بالاسلام المعيش. ولقد لاحظت مدى تحمل الجزائريين لآلامهم، والتزامهم الشديد في رمضان، ويقينهم بأنهم سينتصرون، وسلوكهم الانساني، وسط ما يعانون من آلام. وكنت ادرك ان لدينهم دورا في كل هذا. ولقد ادركت انسانيتهم في اصدق صورها، حينما تعرضت زوجتي للاجهاض تحت تأثير "الاحداث" الجارية آنذاك. فلقد بدأت تنزف عند منتصف الليل، ولم يكن باستطاعة سيارة الاسعاف ان تحضر الينا قبل الساعة السادسة صباحا، بسبب فرض حظر التجول، وبسبب شعار "القتل دون سابق انذار" المرفوع آنذاك. وحينما حانت الساعة السادسة، ادركت وانا اطل من نافذة مسكني في الطابق الرابع، ان سيارة الاسعاف لا تستطيع العثور علينا، لان منظمة الجيش السري كانت قد غيرت في تلك الليلة اسماء كل شوارع الحي الذي اقطنه، بحيث اصبحت كلها تحمل اسماء مثل شارع "سالان" وشارع "يهود" وشارع "منظمة الجيش السري".
بعد تأخير طال كثيرا، كنا في طريقنا متجهين الى عيادة الدكتور شمعون (قبل ان تنسفها منظمة الجيش السري بوقت قصير)، حيث صادفنا حاجزا اقامته الجمعية الجمهورية للامن، وعلى الرغم من صفير البوق الذي كان السائق يطلقه، فانه لم يكن باستطاعته ان يشق طريقه الا ببطء شديد، وكانت زوجتي تعتقد، في تلك الاثناء، انها ستفقد وعيها. ولذا، وتحسبا للطوارئ، راحت تخبرني ان فصيلة دمها هي O ذات RH سالب. وكان السائق الجزائري يسمع حديثها، فعرض ان يتبرع لها ببعض من دمه الذي هو من نفس فصيلة دمها. ها هو ذا العربي المسلم يتبرع بدمه، في اتون الحرب، لينقذ اجنبية على غير دينه. لكي اعرف كيف يفكر ويتصرف هؤلاء السكان الاصليون المثيرون للدهشة، بدأت اقرأ "كتابهم".. القرآن في ترجمته الفرنسية لـPesle/Tidjani. ولم اتوقف عن قراءته منذ ذلك الحين، حتى الآن، وحتى تلك اللحظة، لم اكن قد تعرفت على القرآن الا من خلال النوافذ المفتوحة لكتاتيب تحفيظ القرآن في ميزاب جنوب الجزائر، حيث يحفظه اطفال البربر، ويتلونه في لغة غريبة عنهم، وهو ما دهشت له كثيرا. وفي ما بعد ادركت ان حفظ وتلاوة القرآن، باعتباره رسالة الله المباشرة، فرض تحت الظروف كافة. ولقد ازعجني رد الفعل الغاضب من جانب احد الجزائريين، عندما حدثته في بار فندق ترانس ميدترانيان في غرداية، عن قراءتي للقرآن، اذ استنكر في صراحة لا ينقصها الوضوح، وجود ترجمات له. واعتبر محاولة ترجمة كلام الله الى لغة اخرى بمثابة تجديف. ولم استغرق وقتا طويلا قبل ان استوعب رد فعله. فاللغة العربية تشتمل على مفردات لا تدل على وقت محدد بعينه. فالمفردات التي تشير الى مستقبل مؤكد يمكن ان تدل على امر حدث في الماضي ايضا. ناهيك عن ان اللغة العربية تتضمن بعض ما يمكن للعربي ان يفهمه تلميحا. وبغض النظر عن ذلك، فهناك المشكلة المعتادة التي تكمن في ان الكلمات التي تعبر عن ذات المعنى في لغتين لا تتطابق في ما يختص بتداعي الخواطر الا نادرا. ومن ثم، فان كل ترجمة للقرآن ان هي الا تفسير يفقر المعنى ويجرده من مضمونه. وهكذا كان الرجل في البار على حق.
لم تشأ هذه الجزائر، التي ادين لها بالكثير، ان تتركني لحالي، وانما تبعتني كالقدر. فعندما اصبحت سويسرا ترعى مصالحنا في الجزائر، في عام 1966، كان عليّ ان اعمل من السفارة الالمانية في برن على استمرار الاتصال مع من تبقى من بعثتنا الدبلوماسية في الجزائر، من خلال القسم السياسي في السفارة السويسرية. وكان البريد المرسل من بون الى الجزائر، يمر من خلالي اسبوعيا. وبعد 25 عاما من عملي بالجزائر لأول مرة، عدت اليها سفيرا في عام 1987. ومنذ اعتمدت سفيرا في المغرب، المجاور للجزائر، في عام 1990، يندر ان تفارق مخيلتي صورة الجزائر التي ما تزال تعاني آلاما مأساوية، فهل يمكن ان يكون ذلك كله محض مصادفة؟!
الفن الإسلامي
وقال هوفمان: هدتني الى الاسلام ايضا، تجربة مهمة، ذات طبيعة جمالية متصلة بالفن الاسلامي، ولهذه التجربة، قصة تتلخص في انني "مولع بالجمال"، وكنت منذ صباي معجبا بالجانب الشكلي للجمال، وارغب الغوص في اعماقه حتى عندما كانت حماتي الاميركية تقول ـ استنادا الى المنهج البيوريتاني ـ ان الجمال مجرد امر سطحي، وانه ليس الا خداعا على السطح. عندما تلقيت في عام 1951 الدفعة الاولى من منحة التفوق، التي تمنحها وزارة الثقافة في بافاريا "للموهبين جدا"، دفعتها بأكملها ثمنا لشراء نسخة مطبوعة على قطعة من الجوت من لوحة بول جوجان: "الفتاة وثمار المانجو". وبما انني لم اكن ممن يقطنون حي Maximilianeum الواقع على اليمين من نهر ايزار Isar، وانما كنت اقيم في المستوطنات السكنية للثوريين الديمقراطيين، عند ميدان ماسمان، حيث يتقاسم العمال والطلبة غرفها، فقد نقلت لوحة جوجان التي اشتريتها الى مسكني هناك، ورحت احللها، ولم ألبث ان اقتنعت بأن الفن الساكن (غير المتحرك)
ـ الرسم والنحت والعمارة والخط والاعمال الفنية الصغيرة ـ مدين بالفضل في تأثيره الجمالي للحركة المجمدة، ومن ثم، فانه مشتق من الرقص. ولذلك، يزداد احساسنا بجمال الفن التشكيلي كلما ازدادت قدرته على الايحاء بالحركة. وهذا هو ما يفسر انبهاري الشديد بالرقص الذي دفعني الى مشاهدة عروض الباليه كافة في مسرح برينزرجنتن في ميونخ. ومنذ ذلك الحين ازداد اهتمامي بالرقص، واتسع ليشمل كل ما يتصل به. وكنت اقضي كل ساعة فراغ بين مواعيد المحكمة في صالات عروض الباليه، بالقرب من قصر العدل. وحصلت على تمارين للباليه، لكي اتعلم ـ ولو على نحو متخلف ـ رقص الباليه الكلاسيكي، حتى اعرف ماهية ما اكتب عنه. ويعتمد هذا الفن اللطيف، في نهاية الامر، على جهد بدني خارق، وهكذا تعلمت ان اميز، على سبيل المثال، بين الحركات المختلفة واساليب ادائها.
كان اكثر ما يروق لي هو مدرسة لونافون زاخنوفسكي الروسية، التي تعيش في المنفى، ولقد تربت في هذه المدرسة تلميذات نجيبات مثل انجيلا البريشت، ومنها تكونت في منتصف الخمسينات فرقة "باليه زاخنوفسكي"، التي قدمنا بواسطتها عروضا راقية في ميونخ وفي مدن اخرى في بافاريا. وكنت مسؤولا عن التعاقدات، والدعاية والاضاءة، ووحدة الماكياج. وفي عام 1955، أسست في ميونخ بالاشتراك مع كارل فيكتور برينتس تسوفيد، جماعة اصدقاء الباليه، وتوليت معه باب نقد الرقص في صحيفة ميونخ المسائية.
كانت المراحل التالية في حياتي هي بايجاز: العمل في ما بين عامي 1954 و1980 ناقدا متخصصا للباليه في صحف في المانيا وبريطانيا واميركا، والعمل محاضرا لمادتي تاريخ وعلم جمال الباليه بمعهد كولونيا للباليه في ما بين عامي 1971 و1973، وتقدمت بمذكرات الى وزير الثقافة الألماني حول تأسيس باليه قومي الماني. ولم يكن بعض معارفي يعلم ان القانون والدبلوماسية هما مهنتي الاساسية، وليس الباليه. وكان الكتاب الاثير حقا عندي، هو كتاب جيلبرت وكونز عن تاريخ علم الجمال كعلم فلسفي. وكعاشق للباليه، ذلك الفن المجرد الذي يجسد الموسيقى، كنت في الواقع ابحث عن الاسباب التي ترغمنا على الاحساس بجمال اشياء او حركات بعينها. ولهذا السبب، كنت اقبع لأسابيع طويلة في احدى الغابات البافارية باحثا في اسس علم جمال الحركة. وهناك تبين لي اننا كبشر لا نملك الا ان نحس جمال الجسد البشري الصحيح وما يتطابق مع مقاييسه. وهو ما ينطبق ايضا علينا كمحللين بصريين لما تفرزه الطبيعة من صور وانواع. يضاف الى ذلك اننا نقرأ الصور في ذات الاتجاه الذي نكتب فيه. وتبين لي اخيرا ان الحركات تستحوذ على انتباهنا بسبب ما يمكن ان تنطوي عليه من مخاطر. وتبين لي آخرا اننا نعجب بحركات الطرد المركزي، لاننا نستطيع ان نتخيلها ممتدة في ما لا نهاية. عبر هذا الطريق، صار الفن الاسلامي بالنسبة لي تجربة مهمة ذات قيمة عالية ومثيرة، ألا يماثل في سكونه تماما ما اسعدني في حركات الباليه، التجريدية: القدرة الانسانية، والحركة الداخلية، والامتداد في ما لا نهاية؟ وذلك كله في اطار الروحانية التي يتسم بها الاسلام.
وألهمتني اعمال معمارية، مثل الحمراء في غرناطة والمسجد الكبير في قرطبة، اليقين بأنها افراز حضارة راقية رفيعة. واستوعبت جيدا ما كتبه راينر ماريا ريلكا بعد زيارته لكاتدرائية قرطبة، اذ كتب: "... تملكني منذ زيارة قرطبة عداء وحشي للمسيحية، انني اقرأ القرآن وهو يتجسد لي صوتا يستوعبني بقوة طاغية، واندفع بداخله كما تندفع الريح في الارغن". وصار الفن الاسلامي لي وطنا جماليا، مثلما كان الباليه الكلاسيكي من قبل، واصبحت ارى الاعمال الفنية للعصور: الاغريقي والروماني والقوطي، ولعصر النهضة والروكوكو مثيرة، وعريقة، واصيلة، بل وعبقرية، ولكنها لا تنفذ الى داخلي، ولا تحرك عواطفي ولا مشاعري.

هوفمان يدعو المسلمين إلى إدراك قوة جاذبية الفن الإسلامي
المفكر الألماني: وضعت الديانة الكاثوليكية لدرايتي التامة بها محل تساؤلات وشكوك
أدرك المفكر الالماني الدكتور مراد هوفمان ان للدين الاسلامي جاذبية خاصة ما ان يبدأ الشخص في دراسة الاسلام حتى يندفع الى الايمان بمبادئه وقيمه التي تعمل على اصلاح المجتمعات الانسانية. ويدرك تماما ان هذا الدين الرباني مصلح لكل زمان ومكان.
وروى لي الدكتور هوفمان عندما التقيته في مدينة شيكاغو الاميركية في اغسطس (آب) الماضي جوانب مهمة في قصة اسلامه، مشيرا الى ضرورة الرجوع الى كتابه "الطريق الى مكة" الذي لخص فيه مسيرة رحلته الايمانية الى الاسلام.
وقال لي هوفمان انه يحرص حرصا شديدا على حضور الملتقيات الاسلامية باعتبارها مدخلا مهما في تقارب المسلمين ومن ثم تفاعلهم وانفعالهم بهذا الدين. وكذلك ضرورة مشاركة المفكرين الاسلاميين في الملتقيات الفكرية الغربية لتصحيح صورة الاسلام المشوه عند هؤلاء الغربيين وابراز الاسلام بصورته السمحة التي تؤكد دوره الاصلاحي للمجتمعات الانسانية كافة.
يتابع هوفمان حديثه عن جاذبية الاسلام: "انني ادرك قوة جاذبية فن هذا الدين الآن افضل من ذي قبل، حيث انني محاط في المنزل الآن بفن تجريدي، ومن ثم بفن اسلامي فقط. وادركها ايضا عندما يستمر تاريخ الفن الغربي عاجزا عن مجرد تعريف الفن الاسلامي. ويبدو ان سره يكمن في حضور الاسلام في حميمية شديدة في كل مظاهر هذا الفن، كما في الخط، والارابيسك، ونقوش السجاد، وعمارة المساجد والمنازل والمدن. انني افكر كثيرا في اسرار اضاءة المساجد وفي بنائها الديمقراطي، وفي بناء القصور الاسلامية، الذي يوحي بحركة متجهة الى الداخل، بحدائقها الموحية بالجنة بظلالها الوارفة وينابيعها ومجاريها المائية، وفي الهيكل الاجتماعي ـ الوظيفي المبهر للمدن الاسلامية القديمة (المدينة) الذي يهتم بالمعيشة المتجاورة تماما كما يهتم بابراز موقع السوق وبالمواءمة او التكيف لدرجات الحرارة وللرياح، وبدمج المسجد والتكية والمدرسة والسبيل في منطقة السوق ومنطقة السكن. وان من يعرف واحدا من هذه الاسواق ـ وليكن في دمشق، او اسطنبول او القاهرة او تونس او فاس ـ يعرف الجميع، فهي جميعا، كبرت ام صغرت، منظمات اسلامية من ذات الطراز الوظيفي. فما اكثر ما تجولت في سوق مدينة سالي المؤاخية للرباط لكي استعيد حيويتي. انه ذروة مجتمعية حيوية يجد فيها كل انسان مكانا له، شيخا كان ام شابا، صحيحا كان ام مريضاً، فقيرا ام غنيا، ابيض ام اسود، ولا يوجد به عجلة، ولا ازمة ضيق وقت، ولا مبالغة في تقييم الذات، ولا خمور ولا وسائل نقل ثقيل، ولا سياج ولا ابتزاز، وحيث الجميع سواسية، وكل عملية شراء ترتبط بـ"دردشة"، وحيث تغلق الحوانيت ابوابها وقت الصلاة.
كان ما احسست منذ البداية انه اسلامي وباعث على السعادة هو في واقع الامر التأثير الناضج للتناغم الاسلامي، وللاحساس بالحياة والمكان الاسلاميين على العقل والروح. وهذا ما احسست به في متحف جولبينكيان الاسلامي في لشبونة، مثلما احسست به في المسجد الاموي بدمشق، وفي مسجد ابن طولون بالقاهرة، وفي مسجد القيروان القديم او المسجد السليمي في درنة. وقبل ان يقودني الدرب الفلسفي الى الاسلام، الذي قادني بدوره الى تجربة اساسية ثالثة في حياتي، كنت قد حصلت، وانا بعد في سن المراهقة في مدينة اشفنبرج، على قسط وافر من التعليم الجيزويتي، من خلال عضويتي لجمعية Congregatio Mariana وهي المقابل لحركة "المانيا الجديدة" المتمركزة في الشمال.
ويعود ارتباطنا، بل تعلقنا الرومانسي، بهذه المنظمة الى فترة حكم النازي، وذلك لان الجستابو لم يتمكن من الكشف عنها عندما كانت تقاوم هذا الحكم سرا. ولم يكن حتى ابي المشتت الفكر يعلم بعضويتي لهذه المنظمة. وكنا نجتمع اسبوعيا مع احد القساوسة الجيزويت في احدى المقابر، في ظل اجراءات امنية مشددة. فكان كل فرد منا لا يعرف سوى افراد مجموعته فحسب. ولكننا تمكنا بمرور الوقت من استقطاب افضل عناصر تلاميذ المدارس الثانوية. وقطعنا بذلك الطريق على منظمة "شبيبة هتلر"، اي اننا منعنا هذه العناصر الجيدة من ان تنضم الى منظمات الشباب التابعة للحكم النازي، ولقد ادهشنا ان عدد افراد المنظمة بلغ عند انتهاء الحرب 80 فردا. بعد ان انقضت الحرب، عدنا الى الاستمتاع بحياة واساليب منظمات الشباب التي كانت سائدة في عشرينات هذا القرن.
ونظرا لما سبق ذكره، فقد كنت على دراية تامة بالديانة الكاثوليكية، وبأدق شؤونها من الداخل، ولكنني في الوقت ذاته، كنت قد بدأت اضع هذه الديانة محل تساؤلات وشكوك. كنت انا وCarl Jacob Burckherdt نتساءل دوما عما اذا كان من الصواب ان يكون عالم اللاهوت ودارس الاديان مسيحيي الديانة. وبالرغم من اعجابي بفلسفة Ludwig Wittgenstein فاني كنت على يقين تام من عدم وجود دليل ينفي وجود الله. وكنت شديد التمسك بالرأي القائل بأن عدم وجود الله غير مؤكد بشكل قاطع، وان الاعتقاد بوجود الله او نفي وجوده يظل مسألة تحسمها العقيدة ويقين الفرد. ولقد حسمت هذا باعتقادي في وجود الله. وبعد ذلك، ثار سؤال عن ماهية الاتصال بين الله الانسان. ولقد كنت شديد الاقتناع بامكانية، بل قل بضرورة، تدخل الله وتسييره لمجريات الامور. ويرتكز اقتناعي هذا على دراستي ودرايتي بتاريخ الانسانية والعلوم والحق، التي استنتجت من خلالها ان مجرد مراقبة الطبيعة وتتبعها فقط لن يقودنا الى ادراك حقيقة علاقتنا ببيئتنا وبالله. الا يشهد تاريخ العلوم على حقيقة مفادها ان الحقائق العلمية يغير بعضها بعضا بسرعة شديدة؟! كنت بهذه الخطوة قد حسمت يقيني بامكانية، بل بضرورة، الوحي والدين، ولكن اي دين؟ واي عقيدة؟ هل هي اليهودية، او المسيحية او الاسلام.
وجاءتني الاجابة من خلال تجربتي الثالثة التي تتلخص في قراءتي المتكررة للآية 38 من سورة النجم: "لا تزر وازرة وزر اخرى"، ولا بد من ان تصيب هذه الآية بصدمة شديدة كل من يأخذ مبدأ حب الآخر الوارد في المسيحية مأخذ الجد، لانه يدعو في ظاهر الامر الى النقيض. ولكن هذه الآية لا تعبر عن مبدأ اخلاقي، وانما تتضمن مقولتين دينيتين تمثلان اساسا وجوهرا لفكر ديني، هما:
1 ـ انها تنفي وتنكر وراثة الخطيئة.
2 ـ انها تستبعد، بل وتلغي تماما، امكانية تدخل فرد بين الانسان وربه، وتحمل الوزر عنه.
3 ـ والمقولة الثانية هذه تهدد، بل وتنسف مكانة القساوسة وتحرمهم من نفوذهم وسلطانهم الذي يرتكز على وساطتهم بين الانسان وربه وتطهيرهم الناس من ذنوبهم. والمسلم بذلك هو المؤمن المتحرر من جميع قيود واشكال السلطة الدينية.
اما نفي وراثة الخطيئة وذنوب البشر، فقد شكل لي اهمية قصوى، لانه يفرغ التعاليم المسيحية من عدة عناصر جوهرية، مثل: ضرورة الخلاص، التجسيد، الثالوث، والموت على سبيل التضحية. وبدا لي ان تصور فشل الله في خلقه، وعدم قدرته على تغيير ذلك الا بانجاب ابن والتضحية به ـ اي ان الله يتعذب من اجل الانسانية ـ امر فظيع ومروع، بل وتجديف واهانة بالغة. وبدت لي المسيحية وكأنها تعود لترتكز في اصولها على اساطير متنوعة ومتعددة. وتبين لي جليا الدور الخطير والشرير الذي لعبه بولس الرسول. لقد قام بولس، والذي لم يعرف المسيح ابدا ولم يصاحبه في حياته، بتغيير بل وبتزوير التعاليم اليهودية ـ المسيحية التي صاغها برنابه وترى في المسيح احد رسل الله وانبيائه. وتيقنت ان المجلس الملي، الذي انعقد في نيقيا (عام 325)، قد ضل طريقه تماما، وحاد عن الصواب وتعليمات المسيحية الاصلية، عندما اعلن ان المسيح هو الله، واليوم، اي بعد مرور ما يزيد على ستة عشر قرنا، يحاول تصحيح هذا الخطأ بعض علماء اللاهوت الذين يتمتعون بجرأة شديدة.
ومجمل القول انني بدأت انظر الى الاسلام كما هو، بوصفه العقيدة الاساسية الحقة التي لم تتعرض لأي تشويه او تزوير.. عقيدة تؤمن بالله الواحد الاحد الذي "لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" (سورة الاخلاص). رأيت فيه عقيدة التوحيد الاولى، التي لم تتعرض لما في اليهودية والمسيحية من انحراف، بل ومن اختلاف عن هذه العقيدة الاولى، عقيدة لا ترى ان معتنقيها هم شعب الله المختار، كما انها لا تؤله احد انبياء اليهود. لقد وجدت في الاسلام اصفى وأبسط تصور لله، تصور تقدمي، ولقد بدت لي مقولات القرآن الجوهرية ومبادئه ودعوته الاخلاقية منطقية جدا حتى انه لم تعد تساورني ادنى شكوك في نبوة محمد. ولقد سمعت مرارا قبل اعتناقي الاسلام مقولة ان التحول من دين الى دين آخر ليس له اي اهمية، حيث ان الاديان كلها تؤمن في آخر الامر بإله واحد، وتدعو الى الاخلاقيات والقيم ذاتها، وان السلوكيات والاخلاق الحميدة، بالاضافة الى الايمان بالله في قلب الانسان، وان يتوجه الانسان الى الله سرا، لأهم من الصلاة خمسا، ومن صوم رمضان وأداء فريضة الحج، كم من مرة اضطررت الى الاستماع الى هذه المقولات من مسلمين اتراك تخلوا عن عقيدتهم دون ان يدركوا ذلك.
ان إلها خاصا سريا ليس بإله، وكل هذه الحجج والمقولات تبدو واهية، اذا ما تيقنت ان الله يتحدث الينا في قرآنه. ومن يدرك هذه الحقيقة لا يجد مفرا من ان يكون مسلما بأعمق معاني هذه الكلمة.
الصلاة المفروضة
ويذهب هوفمان الى انه ربما يمكن القول: انني كنت قريبا من الاسلام بأفكاري قبل ان اشهر اسلامي في عام 1980، بنطق الشهادتين متطهرا كم ينبغي، وان لم اكن مهتما حتى ذلك الحين بواجباته ونواهيه فيما يختص بالحياة العملية. لقد كنت مسلما من الناحية الفكرية او الذهنية، ولكني لم اكن كذلك بعد من الناحية العملية. وهذا على وجه اليقين ما يتحتم ان يتغير الآن جذريا. فلا ينبغي ان اكون مسلما في تفكيري فقط، وانما لا بد ان اصير مسلما ايضا في سلوكياتي.
اذا كان الدين يعني رباطا يربط الانسان بربه، واذا كان الاسلام يعني ان يهب المسلم نفسه لله، فقد كانت اهم واجباتي، كمسلم حديث عهد بالاسلام، في الخمسينات من العمر، ان اتعلم صلاة الاسلام. وليس من الضروري ان يكون المرء خبيرا في الحاسب الآلي ليدرك ان الامر هنا يتعلق بمسألة اتصال.. ما اصلح فنون الاتصال للاتصال به؟
ومن المؤكد، على اي حال، انه لا شيء يعرض اسلام المرء للخطر اكثر من انقطاع صلته بربه. من ثم يصبح التسبيح بحمد الله هو العنصر المحوري في حياة كل من يعي ويدرك معنى ما يقوله، عندما يقول انه يؤمن بالله. وبناء على ذلك، فان من لا يصلي ليس بمؤمن من وجهة نظري. فمن يؤكد لامرأة غائبة حبه لها، دون ان تكون لديه رغبة في التحدث اليها تليفونيا او في الكتابة اليها، ودون ان يلقي نظرة واحدة على صورتها طوال اليوم، ليس محبا لها في حقيقة الامر. وهذا ما ينطبق تماما على الصلاة. فمن يعي ويدرك حقا المعنى الحقيقي لوجود الله، ستكون لديه بالضرورة رغبة في التأمل وفي التوجه الى الله كثيرا. وبذلك فقط، يصير ما يردده المسلم كثيرا وهو يقرأ سورة الفاتحة "إياك نعبد وإياك نستعين" حقيقة واقعة. وكنت حتى تلك اللحظات اجهل ما يجب فعله واتباعه في الصلاة. ناهيك عن قدرتي على الحفظ والتلاوة باللغة العربية، ومن ثم كانت اولى اولوياتي آنذاك هي التغلب على هذا النقص. وقبل ان امعن في دراسة مقدمة مصورة باللغة الالمانية للصلاة الاسلامية، تحظى بأكبر قدر من الثقة، طلبت من صديق تركي ان يعلمني الوضوء وكيفية الوقوف في الصلاة، والركوع والسجود، والجلوس على الارض مستنداعلى القدم اليسرى، ورفع الذراعين، واتجاه النظر، ومتى يقرأ المرء جهرا، ومتى يقرأ سرا مع تحريك الشفتين في القراءة، وكيف يقف المرء موقفا صحيحا خلف الامام، وكيف يتصرف المرء عندما يأتي متأخرا الى المسجد، وكيف يتحرك داخل المسجد، انه علم كامل! وفي الحقيقة، فانه من الخطر ان يتصرف المسلم كمسلم دون ان يكون كذلك.
وتبدأ الصلاة الاسلامية، وان بدا ذلك امرا غريبا، في الحمام او عند مصدر المياه في الفناء الامامي للمسجد بالوضوء. وينبغي تعلم ذلك بحسب تتابعه وتسلسله، وكيف يغسل المرء اليدين، وكيف يمسح الرأس، وكيف يتأكد من غسل الكعبين، كل شيء وضع وحدد على نحو دقيق تماما. وحينما ينوي المرء الصلاة ويرفع اليدين الى الرأس مكبرا مفتتحا الصلاة، فانه ينفصل تماما عن مشاغل حياته اليومية، مما يؤكد قدسية الصلاة بالنسبة له.
لا يمثل الوضوء مشكلة في البلدان الحارة، حيث تؤدي الحرارة المرتفعة الى سرعة الجفاف. وفي حالة عدم توفر الماء فانه يكفي تنظيف اليدين بالرمل على سبيل الرمز (التيمم)، ولقد تعرضت لمثل هذا الموقف، حينما غاصت السيارة التي يقودها سائقنا الخبير بالصحارى في السابع من شهر ديسمبر عام 1993، اثناء رحلة في منطقة ليوا الغنية بالنفط في الامارات العربية المتحدة، حيث تبدو الرمال صالحة تماما للتيمم. اما في مناطقنا الباردة، فليس من المريح حقا، في حالة عدم وجود مناشف، ان يضطر المرء الى ارتداء جواربه وقدماه مبتلتان. وتبين لي ان تعلم كيفية اداء الصلاة ايسر كثيرا مما كنت اتوقع، لان الصلاة تتكون من وحدات ثابتة تسمى "ركعة" فالركعات هي وحدات الصلاة.
وينبغي ان يتعلم المرء ايضا عدد الركعات في كل من الصلوات الخمس: الصبح، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وان يعرف مواقيتها، وما ينبغي على المسافر ان يراعيه من احكام الصلاة.
وتعلمت اخيرا كيفية الوقوف في صلاة الجماعة، حيث ينبغي ان يصطف المسلمون في صف مستقيم تتلاصق فيه الاقدام وتسد الفرج. وهذا التلاصق يرمز بالنسبة لي اكثر من مجرد ضم صفوف. انه يرمز الى التضامن على نحو يؤثر فيّ مجددا كل مرة. ويتجدد هذا التضامن في نهاية كل صلاة مع تحية "السلام عليكم" التي ينطقها المصلي وهو يلتفت يمينا ثم يسارا، وبعد ذلك يمسح وجهه بكلتا يديه اعلانا عن انتهاء الصلاة، وبعدها يمد يديه الى جاره في الصلاة مصافحا ومتمنيا ان يتقبل الله صلاته "تقبل الله صلاتك".
وروى لي عبد الوهاب عبادة، السكرتير العام لوزارة الخارجية الجزائرية، انه غير هذه التحية مرة عندما كان طفلا. فلقد بدا له انه من الاقرب الى المنطق ان يقول "السلام عليك". وكانت نتيجة ذلك انه تلقى على وجهه صفعة من والده الذي علمه ان المسلم يقول دائما: "السلام عليكم" لان تحيته تشمل جميع المخلوقات المرئية وغير المرئية، تشمل الملائكة وتشمل الصراصير.

يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:20 PM
من الاهمية بمكان ان يعرف كيف يحدد موضع صلاته، بحيث يضع نظارته وحافظة اوراقه على مسافة نحو 90 سنتيمترا امامه. فلن ينتهك احد موضع صلاة احد آخر، ولن يمر احد من امام احد المصلين مباشرة، وانني لأتذكر انني هممت بمغادرة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، بعد ان انتهيت من الصلاة، يوم 26 من ديسمبر (كانون الاول) عام 1982، وعندما بلغت الباب الرئيسي، كانت حركة السير بطيئة، وكان السبب ان احد القادمين الى الصلاة متأخراً، لحق بها فور وصوله الى الباب، وما يزال يكمل صلاته على الدرج في هدوء تام، بينما انقسمت جموع المصلين المنصرفين من المسجد حوله كما تنقسم حول صخرة. ولم يجرؤ احد على ان يزعجه، او يشوش عليه في صلاته، او ان يقتحم موضع صلاته. اما ما هو اشد غرابة واثارة للدهشة، فذلك الذي رأيته اثناء الطواف حول الكعبة في عام 1992.. فلقد راحت امرأة ضعيفة البنية تؤدي الصلاة دون اكتراث، في قلب الزحام على مسافة بضعة امتار من الكعبة، محاطة بأربعة رجال اشداء يصنعون حولها سياجا بسواعدهم. ومرة اخرى، يتكرر نفس رد الفعل الهادئ من جانب الناس، فلا لوم، ولا تأنيب، ولا كلمة غاضبة، وانما احترام للصلاة. ربما يكون من العسير او حتى من المستحيل، بسبب هذه القواعد الصارمة، ان يغادر المسجد احد من المصلين في الصفوف الامامية قبل ان يغادر الجميع. ولقد اضطررت في عام 1993 الى ان اترك مضيفي في ابو ظبي ينتظرني، لانني لم اجد وسيلة لمغادرة المسجد تتفق مع القواعد. فلكي اغادر المسجد عبر طريق جانبي، كان لا بد من ان امر افقيا من امام المصلين، وهذا هو "الحرام" بعينه.

هوفمان: خطب الجمعة في العالم الإسلامي تخاطب المشاعر أكثر من مخاطبتها للعقل
المفكر الألماني أحب أن أؤدي الصلاة بمفردي للتحكم في سرعة ايقاعها واكتشفت أنها تفيد في علاج أعراض التوتر المعاصر
يواصل المفكر الإسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الألماني السابق حديثه عن مسيرة رحلته الإيمانية إلى الإسلام. وفي هذه الحلقة يتوقف في محطات مهمة ليروي تفاصيل هذه الرحلة الإيمانية، مشيراً إلى حبه لأداء الصلاة بمفرده ليتسنى له التحكم في سرعة إيقاعها مع إقراره بفضل الجماعة والحرص علىها.
كما يروي لنا هنا قصة أدائها في جماعة إمامته للصلاة في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية، عندما كان مشاركاً في الاحتفال السنوي لتجمع شمال الأطلسي الذي أقيم في تلك المدينة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1985، والمشاعر المضطربة التي انتابته في أول إمامة له لجماعة صغيرة من الأميركيين السود.
كما يتطرق هوفمان إلى خطب صلاة الجمعة في العالم العربي من خلال خبرته لسنوات طويلة، مشيراً إلى أنها للأسف لا تحقق ما كان يمكن أن تحققه، لأنها تخاطب المشاعر أكثر من مخاطبتها العقل.
فلنواصل معاً متابعة هذه الرحلة الإيمانية التي قادت هوفمان إلى الإسلام، دين الله رب العالمين.
استهل الدكتور مراد هوفمان حديثه عن حبه لأداء الصلاة بمفرده، حيث يقول: احب كثيرا ان اؤدي الصلاة بمفردي، حتى استطيع ان اتحكم في سرعة ايقاعها الذي يتسم عادة بالسرعة الى حد ما عند الصلاة في المسجد، بسبب مراعاة ظروف المرضى ومن يكونون على عجلة من امرهم، ومع ذلك، فان لصلاة الجماعة فضلا على الصلاة منفردا.
بعيدا عن المساجد التي لها امام محدد، يؤم الصلاة فيها، ينبغي قبل كل صلاة جماعة ان يختار في لحظتها من يومها، ويتمتع المضيف بالحق في ان يؤم الصلاة، ومع ذلك فاني احب بشدة ان افوض في امامتها واحدا من ضيوفي (مثل السفير السعودي، او رئيس حزب الاستقلال المحامي محمد بوستة، عندما نلتقي معا على مائدة الافطار في رمضان بمقر اقامتي في الرباط).
وذات مرة، اقتضت ظروف غريبة ان اصلي انا نفسي إماما، فعند وصولي الى سان فرانسيسكو في العاشر من اكتوبر (تشرين الاول) عام 1985، للمشاركة في الاحتفال السنوي لتجمع شمال الاطلسي، رحت ابحث في دفتر الهاتف وفي سجل الكنائس عن مسجد. وكنت موقنا انني سأجد في عاصمة المذاهب الاميركية جماعة اسلامية. وشد ما كانت دهشتي حينما قرأت: "المركز الاسلامي، 850 شارع ديفيزاديرو، تقام شعائر الصلاة يوميا في الساعة الثانية عشرة، وايام الأحد في الساعة الثالثة عشرة"، تماما كما هو معتاد في الكنائس التي لا تحدد مواعيد الصلاة بها تبعا لوضع الشمس كما هو الحال عند المسلمين. وعندما وصلت الى هناك، وجدت جماعة تتألف من ثلاثة اعضاء من السود. وانتظارا لارتفاع الاذان مناديا للصلاة راح شيخ اشيب الشعر، يضع على عينيه نظارة واسعة مائلة الى اسفل، يقرأ في نسخة عربية من القرآن واضعا الاصبع على السطور. وينضم الى الحاضرين عضو آخر من اعضاء الجماعة، انه يوسف سيمون.. شاب شيعي اسود يدرس العلوم السياسية، ولقد قابل دهشتي بالصمت، اذ لا بد من انه اعتاد ان يعاني التفرقة كأسود بين بيض، وكمسلم بين مسيحيين، وكشيعي بين سنة.
لم تفارقني الدهشة على الاطلاق، فها هو ذا المؤذن يؤذن للصلاة، ولكنه يبدأ بالاقامة قبل الاذان، ولأن بلالا اول مؤذن للاسلام بالمدينة المنورة كان اسود، فقد شعرت بحرج شديد في ان اصحح خليفته في سان فرانسيسكو. ولكني ما كنت لأستطيع الصمت ازاء كل هذه التطورات المتناقضة، فرحت اروي بحرص شديد انه سبق لي ان كنت في مكة، وانهم هناك يبدأون بالاذان ثم الاقامة.
ولم يدهشني رد الفعل لما قلت، بل اعتبرته رد فعل طبيعيا، اذ دعتني الجماعة الصغيرة على الفور للصلاة بها إماما، لانني "الاكثر علما" بين المسلمين الموجودين. ولم يؤثر في ذلك بأي حال كوني المانيا ابيض وانني جئتهم لاول مرة. وهكذا وجدت نفسي على غير انتظار في مواجهة القبلة. وتمنيت لو انها كانت، على الاقل، موجهة توجيها صحيحا نحو مكة، وصففت جماعتي الصغيرة جدا في صف مستقيم، ورفعت يدي مكبرا "الله اكبر". وان للمعرفة وحدها وزنا يعتد به. وهذا ما تؤكده ايضا واقعة اخرى، ففي ديسمبر (كانون الاول) عام 1982، أمّ صبي عربي في الخامسة عشرة من العمر، بفندق شيراتون المدينة، صلاة مجموعة من المعتمرين الباكستانيين الاميين. فيما يختص بصلاة الجمعة، التي تتألف بصفة اساسية من خطبتين قصيرتين ثم صلاة ركعتين، فانه لا بد لأدائها من الذهاب الى المسجد، وينهي الخطيب خطبته في العادة برفع يديه بالدعاء الى الله.
مخاطبة المشاعر لا العقل
وبناء على خبرتي لسنوات طويلة، لا تحقق هذه الخطب، للاسف، في العالم العربي ما كان يمكن ان تحققه، لانها تخاطب المشاعر اكثر من مخاطبتها للعقل. فهي تردد ما يؤمن به المؤمنون اكثر مما تعمقه. ويظهر ذلك في نبرة صوت الخطباء. فبعضهم يصرخ كما لو كان يستثير حماسة جيش لخوض معركة، وينبغي مع ذلك ان اقر، على الجانب الآخر، انه لا مجال في العالم الاسلامي للوعظ بأسلوب حديث، لانه لا يكاد يوجد به من يدعي الالحاد، فلماذا ينبغي على المرء اذن ان يدعم اسس ومبادئ العقيدة بحجج وبراهين عقلية ومعقدة، بدلا من ان يوظف تربويا ما يسود العالم الاسلامي من إيمان؟ (وهناك ايضا استثناءات ايجابية، فكما يتحمل بعض المسيحيين في ميونيخ مشقة الوصول عبر طرق اطول الى خطيب بعينه، كنت في فترة وجودي بالرباط اذهب حتى مشارف المدينة لأستمع الى إمام مسجد لالا "السيدة" سكينة، المثقف في خطبة صلاة الجمعة).
اثناء عملي الوظيفي، كان عليّ، تنفيذا لقاعدة بروتوكولية، ان اصلي صلاتيّ عيديّ الفطر والاضحى خلف قادة دول، مثل الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، والملك الراحل الحسن الثاني ملك المغرب. وكان ذلك يجري امام عدسات كاميرات التلفزيون، وكنت في كل مرة المس الروح الديمقراطية التي تضفيها الصلاة الاسلامية حتى على مثل هذه الاجواء. فسجود ملك على الارض مرتديا جواربه امر جد مختلف عن خطو رئيس فرنسا في كاتدرائية ريمس نحو موضع جلوسه المميز.
يتسم حفظ النصوص العربية، التي تتلى اثناء الصلاة، ومن بينها مقاطع قصيرة او طويلة من سور القرآن، بالنسبة للبعض، بقدر من الصعوبة، يفوق ذلك الذي يتسم به تعلم كيفية اداء حركات الصلاة. ولقد ساءني الا استطيع ان احفظ جيدا النصوص العربية، مما جعلني اشبه بمساعد قس يفتقر الى المعرفة اللاتينية. ولذلك، قررت مثل المسلمين كافة، منذ الازل الى الابد، ان اتعلم من اللغة العربية ما يكفي على الاقل لفهم الصيغ النحوية واصول المتون. (ولقد استفدت كثيرا من هذه المعرفة الاولية، عندما عملت في ما بعد سفيرا في الجزائر). وكان اول ما تعلمته بطبيعة الحال هو سورة "الفاتحة"، اول سور القرآن وفاتحة الكتاب، وهي مكون رئيسي لكل ركعة، ومن ثم، فانها تتلى يوميا 17 مرة على اقل تقدير. وبعد الفاتحة تعلمت السور رقم 112، اي سورة الاخلاص، التي تعادل من حيث مضمونها، وفقا لما يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ثلث القرآن بأكمله، على الرغم من قصر آياتها الاربع: بسم الله الرحمن الرحيم "قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد".
وتلا ذلك المعوذتان، وهما: سورة الفلق (رقم 113)، وسورة الناس (رقم 114)، ثم سور مكية اخرى قصيرة مثل سورة الفيل (رقم 105)، وسورة قريش (رقم 106)، وسورة الكافرون (رقم 109)، وسورة النصر (رقم 110)، وكذا الآيات من 1 الى 5 من اول سورة نزل بها الوحي، وهي سورة العلق رقم (96): بسم الله الرحمن الرحيم "إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، إقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم". ولم اغامر بعد ذلك بمحاولة تعلم (حفظ) مقاطع اطول من القرآن مثل آية الكرسي (سورة 2 ـ آية 255)، وآية النور (سورة 24 ـ آية 35)، وكذا المقاطع الخاصة بأسماء الله الحسنى، اي صفات الله، (سورة 59 ـ الآيات 22 ـ 24 ـ 35)، الا بعد تقدمي المتنامي في المعارف العربية.
جوهر سلوك المسلمين
ان من يحلل نصوص الصلاة، يصل الى اليقين بأن جوهر الصلاة هو ذكر الله ودعاؤه. وهذا يتفق مع ارشاد القرآن الى ان اسمى واجبات الانسان: ان يهتدي بفضل قدراته الذهنية الى معرفة الله والتسبيح بحمده. وهذا هو جوهر سلوك المسلمين. فاذا سألت احدهم عن احواله، فلن يجيب: جيدة او سيئة، وانما سيقول: الحمد لله.
بعد الصلاة، يقوم المرء بشغف شديد بالتسبيح بحمد الله، مستخدما إما مسبحة مكونة من ثلاث وثلاثين او من تسع وتسعين حبة، واما اصابع يده مرددا في همس: "سبحان الله وبحمده" او "الشكر لله" و"الحمد لله"، و"الله اكبر"، ولعلنا نلاحظ انه ـ خلافا للمسيحية ـ تتعدد اشكال التسبيح والدعاء في الاسلام.
واذ كانت للدعاء مكانته الرئيسية، فان الانصراف عن الدعاء الى الله يصير نوعا من نقص الايمان، لان "الله قريب يجيب دعوة الداعي اذا دعاه". (انظر: سورة 2 آية: 186).
وكما انه ليس للدعاء صورة او قالب محدد، فليس له ايضا موقع او زمن محدد، ولا يشترط ان يكون باللغة العربية، وهو في حالته المثلى ذكر دائم لله. وهذا الذكر الدائم لله هو ما يجتهد فيه متصوفة المسلمين. ولقد قمت انا ماري شيميل بجمع قدر كبير من هذه الاذكار والادعية الاسلامية الجميلة.
ويرجع الى التصوف الاسلامي الفضل في تماسك وعدم تفكك الاذكار والادعية الاسلامية شكلا ومضمونا، بدءا من المتصوف الاندلسي ابن عربي في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي وحتى فريثجوف شؤون في عصرنا الراهن. فلم يتحلل الصوفيون الاسلاميون الحقيقيون على الاطلاق من الشكليات المفروضة، وانما قاموا بعقلنتها. فها هو ذا شوؤن يقول في موضع آخر: "ان المسلم ـ وبصفة خاصة من يتبع السنة حتى في ادق واصغر تفريعاتها ـ يعيش في شبكة من الرموز..."، ومن يحمل هذا في قلبه لا يترك صلاته تتحول الى روتين. وسواء اديت الصلاة في مسجد شيعي في هامبورج، او في مسجد مبني بالطوب اللبن (الطوب الاخضر) وجذوع النخيل في واحة فيجيج شرق المغرب، او في المسجد الاموي في دمشق بفسيفسائه المبهرة، فان الصلاة واحدة، فقد تعلموها على يد معلم واحد (وهو ما حدث بالفعل). وهذا التوحد الشكلي يوفر الهدوء والطمأنينة اللازمين للتركيز التام.
علاج أعراض التوتر المعاصر
تنطوي الصلاة في الاسلام، بالاضافة الى جانبها الروحي، على بعد مادي ملموس، فضلا عن بعد سياسي محتمل. فالمرء يحتاج الى وقت طويل حتى يتعلم كيف يجلس على قدميه مسترخيا على ارض صلبة، دون ان يتعرض لتقلصات عضلية، مدركا ان وضع القدمين عاريتين في الوضع المناسب أيسر منه وهما داخل الجوارب. ولكن الجلوس على الارض دون حراك لساعات طويلة على نحو ما يفعله اخوتنا في الشرق امر لم يعد بمقدورنا ان نتعلمه في سن متقدمة.
ومن المؤكد، ان الصلاة في الاسلام تفيد في علاج اعراض التوتر المعاصر، الذي لا يحتاج الى وقت طويل لتحليل ومعرفة اسبابه. فالانسان المعاصر لا يعمل من حيث الكم، فيما يختص بالعمل العضلي بصفة خاصة، اكثر مما كان يعمل في ما مضى من الزمن، بل ان العكس هو الصحيح. اما الجديد، فهو السرعة التي تجري بها كل الاحداث وتجري بها كل الاعمال، بواسطة التلكس والفاكس والبريد الالكتروني والانترنت والبريد السريع ـ والتي ترهق المرء. فالناس يساورهم القلق من احتمال فقدان السيطرة على الامور ومداهمة المواعيد لهم، والخوف من الفشل، ويزيد تعاطي الخمور والتدخين والاقراص المخدرة والاقراص المنشطة الامر سوءا. ولقد ارتفعت تكاليف علاج انسداد الشرايين عند من يشغلون وظائف الادارة العليا، الى درجة انهم اصبحوا يرغمون على القيام باجازات اجبارية. وكذلك تتناول البرامج التدريبية لمديري شؤون العاملين التغذية الحيوية المرتدة، والتأمل الاستشرافي، وضرورة اكتشاف الفرد بنفسه لطقوس الشاي اليابانية كوسائل للتخلص من التوتر والقلق.
التحرر الداخلي
ومقولتي في المقابل، هي ان الصلاة الاسلامية تحقق كل هذا واكثر منه، اذ انها لا تساعد المؤمن على التوقف عن التفكير والاسترخاء فحسب، وانما تساعده ايضا على تحقيق تحرره الداخلي من سحر المال والجاه والمنصب. فبينما يجد الاميركي الذي يعيش تحت ضغوط مختلفة انه امام خيارين لا ثالث لهما: اما الحرب واما الهروب بالانتحار، يختار المسلم اختيارا ثالثا هو ان يفيض مع الاشياء، أي يتوكل المسلم على الله. فبفضل الصلاة الاسلامية لا يستطيع مسلم حقيقي ان يكون متوترا مؤرقا، ولا ان يكون مصدرا للتوتر والارق.
انني اعرف تماما عما اتحدث. فلقد كان بمقدوري ان اعرف كل العوامل التي تسبب الضغط والتوتر والارق من خلال عملي مديرا لقسم حلف شمال الأطلسي والدفاع في وزارة الخارجية الألمانية في الفترة من عام 1979 إلى عام 1983، ومن خلال عملي مديرا لادارة المعلومات الخاصة بخطر التهديدات بالعدوان في حلف شمال الاطلسي ببروكسل في الفترة من عامي 1983 ـ 1987.
ابتداء من عام 1980، لم اعد احمل معي في رحلات العمل سوى سجادة للصلاة وبوصلة (صنع تايوان)، لتحديد اتجاه القبلة، وان كنت على يقين بأن منشفة نظيفة تفي بالغرض، وان الله ليس غربيا ولا شرقيا، اذ (فأينما تولوا فثم وجه الله) (سورة البقرة: الآية 115). وراحت ايامي تتشكل اكثر فأكثر تبعا لمواقيت الصلاة، وليس تبعا للساعة التي تسبب القلق والتوتر. فعندما يتواعد المرء مع مسلمين، فانه لا يواعدهم "الساعة الثالثة والربع"، وانما يواعدهم لوقت غير محدد الى حد ما "بعد صلاة الظهر"، او "بعد صلاة المغرب".
ومجمل القول انني وجدت عين الصلاة تلك الطمأنينة والتحرر الداخلي الذي ينتزع المسلم من الضغوط كافة، لانه يستطيع ان ينتزعه من عالم يقاس الوقت فيه بالمال، والمال فيه هو كل شيء.
عندما تعرضت في عام 1992 لحملة طعن وتجريح شرسة في وسائل الاعلام بسبب ايماني، لم يستطع بعض من زملائي ان يفهم عدم اكتراثي بهذه الحملة (او انهم اعتبروه نوعا من الكبرياء والغطرسة)، وكان من الممكن العثور على تفسير لهذا السلوك من جانبي في الآية الخامسة من سورة الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين).
في تلك الاثناء، صارت الصلاة بالنسبة لي عنصر تنظيم لحياتي على جانب كبير من الاهمية، حتى انني لم اعد ارغب العيش في بلد لا استطيع ان اسمع فيه نداء المؤذن الجميل للصلاة كما هو الحال في فاس، وفي اسطنبول مرة اخرى اخيرا.
لاحظت مرارا ان الصلاة المنزهة عن الغرض يمكن، بحكم طبيعتها، ان تصير عنصرا سياسيا. فإلى ما قبل اقدام الجبهة الاسلامية في الجزائر على العمل العلني في عام 1988، كان اتباعها قد بدأوا يتجنبون المساجد الخاضعة لاشراف الحكومة (كما يتجنب كثيرون من الاتراك العاملين في المانيا المؤسسات التابعة لوزارة الاديان التركية)، فاسلامهم الموازي ينعكس في صلاة موازية ايضا. ففي البليدة، على سبيل المثال، ادينا الصلاة في عام 1987 في مسكن خاص مجاور للمسجد مباشرة، بدلا من ان نصلي في المسجد. وبالمثل، كان من المظاهر المميزة ان تدخل المسجد مجموعات من الشباب، قبل او بعد صلاة الظهر بوقت قصير، لتصلي في احد الاركان كمجموعة مغلقة، وخلف امام خاص، وهذه هي ذات الظاهرة التي لاحظتها في سبتمبر (ايلول) عام 1994 في مسجد سنان باشا بحيى بارباروس في اسطنبول.
كانت النتائج السياسية باهرة، عندما ارادت حكومة جبهة التحرير الوطني الجزائري ان تدلل، في احد المساجد بالقرب من ميناء الجزائر يوم عيد الاضحى عام 1988، على مدى ما صارت اليه من تدين وورع. فلقد غضب الشعب بأكمله (او سخر)، عندما تبين له على شاشات التلفزيون ان عناصر قيادية من حزب الوحدة الاشتراكي تجهل بشكل واضح كيفية اداء الصلاة، ولم تمض سوى شهور قلائل حتى اصيبت جبهة التحرير الوطني في شهر اكتوبر (تشرين الأول) عام 1988 بهزيمة قاسية، في انتفاضة شعبية، بينما اكتسبت الجبهة الاسلامية للانقاذ وضع حزب شرعي.
لإنسان بفضل قدرته على التفكير وإعمال عقله يفاخر بأنه أعظم المخلوقات

يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:22 PM
يحكي المفكر الاسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الألماني السابق في رحلته الايمانية في هذه الحلقة عن أبرز مظاهر تحوله الى الاسلام، هو رفضه لاحتساء الخمر واختفاء زجاجة النبيذ الأحمر من فوق مائدة طعامه، اهتداء بتعاليم دينه الجديد الذي يحرم الخمر. ويقول هوفمان: "لقد ظننت في بادئ الأمر انني لن استطيع النوم جيدا دون جرعة من الخمر في دمي، بل ان النوم سيجافيني من البداية. ولكن ما حدث بالفعل كان عكس ما ظننت تماما. فنظرا لأن جسمي لم يعد بحاجة الى التخلص من الكحول، أصبح نبضي أثناء نومي اهدأ من ذي قبل. صحيح ان الخمر مريح في هضم الشحوم والدهون، لكننا كنا قد نحينا لحم الخنزير عن مائدتنا الى الأبد، بل ان رائحة هذا اللحم الضار (المحرم) أصبحت تسبب لي شعورا بالغثيان".
وهكذا جعل الاسلام هوفمان يفيق من سكره لعبادة ربه، التزاما بما حرمه الله عليه، وطاعة يلتمس بها مرضاة الله تعالى. وهنا نواصل معه هذه الرحلة الايمانية التي قادته الى النجاة من الهلاك في الآخرة.
د. هوفمان: الخمر ولحم الخنزير أكبر عائقين في طريق انتشار الإسلام بألمانيا
يعترف الدكتور مراد هوفمان انه كان خبيرا بالخمور قبل اعتناقه الاسلام، حيث يقول: كنت في جاهليتي الشخصية (زمن الظلام) قبل اعتناقي الاسلام خبيرا بالخمور حتى انني كنت أحدد أنواع الأنبذة الحمراء المدهشة بمجرد تذوقها بطرف لساني، وكان التمييز بين أنواع الخمور "الذكورية" و"الأنثوية" أيسر منه بين الانواع المختلفة داخل كل مجموعة منهما، حيث يتطلب الأمر بالنسبة لكل حالة تحديد الزيت الأثيري الخاص بها عن طريق التذوق. ولقد اتاحت لي الحياة الدبلوماسية، وبصفة خاصة حفلات العشاء الرسمية في ختام مؤتمرات وزراء حلف شمال الأطلسي، فرصة هائلة لاكتساب هذه الخبرة. ولقد تدربت بنشاط وجد لأنمي وأدرب ملكة التفرقة والتمييز بين أنواع النبيذ. واثناء عملي بباريس في عام 1967، كنت في عطلة نهاية الاسبوع أحجز عن طريق دليل ميشلان منضدة في أحد المطاعم ذات النجمة الواحدة، وكنت اختار النبيذ بواسطة الهاتف، وأطلب فتح الزجاجة على الفور، حتى يتأكسد النبيذ بدرجة كافية، ويصل الى كامل نضجه ومذاقه عند وصولي الى المطعم. وكنت في المساء اختار قائمة طعامي بما يناسب النبيذ وليس العكس.
التحريم القرآني للخمر
عندما كنت اشغل منصب المستشار الاول بالسفارة في بلغراد، في عامي 1977ـ 1978، كنت اقيم حفلات اختبار وتذوق للنبيذ، ادعو اليها الاصدقاء. وكنت اعرض على ضيوفي كيف يمكن عن طريق سقف الحلق تحديد انواع الكروم والتربة وطرق القطف وطرق التخمير والسنة، مستخدما انواعا من النبيذ الابيض عديم اللون، كنت قد جلبتها من متاجر متخصصة، ومن مناطق مختلفة، وكنت "كتربوي" اعرض انواع النبيذ على نحو تتابع فيه انواع تجمع بينها صفات مشتركة، وتميز بعضها بصفات اخرى. ولقد تطورت قدرات بعض ضيوفي، في واقع الامر، بحيث استطاعوا بعد سابع محاولة للتذوق ان يميزوا بين انواع النبيذ المختلفة تبعا لمعايير مختلفة.
لقد وجدت مع ذلك ان التحريم القرآني للخمر والمخدرات ليس ضرورة اجتماعية فحسب، وانما هو ايضا منفعة شخصية للفرد، اذ يمكنه ان يكون متيقظا صافي الذهن دائما. ومن ثم، انهيت هذه المرحلة من حياتي مرة واحدة، وإلى الابد، فان الانسان، بفضل قدرته على التفكير وإعمال عقله، يفاخر بأنه اعظم المخلوقات. فنحن البشر نستطيع ان نمعن التفكير في العالم من حولنا وفي احوالنا، وان نتصرف بحكمة، وهذه الصفات التي ترقى بنا، هي ذات الصفات التي ندمرها على نحو منتظم بتعاطي الخمور والمخدرات، ونحن بذلك نمتهن انفسنا ونحط من قدرتنا داخل المنظومة الكونية، وننحدر بالتالي الى مكانة ادنى من مكانة الحيوانات، التي لا يغيب عنها وعيها ابدا. فادمان تعاطي الخمور والمخدرات نوع من التشويه الذهني الذاتي. وكانت مديرة منزلي الصربية في بلغراد مثالا منذرا لي، اذ كانت تعود دائما الى ادمان الخمر، حتى بعد علاج لفترات طويلة.
ان مشهد مدمني تعاطي الخمر مشهد مهين، يبعث على الاكتئاب، ويثير الشفقة، وكثيرا ما يقدم هؤلاء على الانتحار، وهم يعلمون حقيقة حالهم، ولكنهم لا يستطيعون الرجوع عما هم فيه، لان الخمر سلبتهم العزيمة والارادة والقدرة على اتخاذ القرار. من النادر ان تجد عدد مدمني الخمر في المجتمع الاحدث في المدن التركية الكبيرة اقل من عددهم في المانيا. فهم يمسكون ـ من وقت الظهيرة ـ بكأس الراكيا في يد، وبالسيجارة في اليد الاخرى، مبرهنين بذلك على انهم لم يعودوا سادة انفسهم، وهم من الناحية الدينية، يمارسون بذلك نوعا من الشرك بالله، لأن الخمر ونيكوتين الدخان اهم عندهم من كل ما عداهما في العالم بمن في ذلك ربهم الذي خلقهم. فهم يستطيعون ـ في ظنهم ـ ان يعيشوا بدونه، ولكن ليس بدون الراكيا.
يهدف القرآن من وراء التحريم المطلق للخمر الى منع البدء في تعاطيها، حيث لا يبدو ضارا في حالة احتساء كأس واحدة. فالكأس الواحدة لا تبدو خطيرة في الظاهر يمكن في يوم ما ان تصبح كؤوسا عديدة، ومن المعتاد الا يرى المدمن انه معرض للخطر، وان يقدم ما لا حصر له من الاعذار والحجج لتبرير اعتياده التدخين او احتساء الخمر، في هذا الوقت بصفة خاصة، ومن ذلك كون المدمنين سعداء او تعساء، يعانون من ضغط العمل او في اجازة منه، جماعة او فرادى، مرضى او اصحاء، جوعى او شبعى.
لقد واجهت كرئيس مسؤول هذه المشكلة، فكنت، عندما انبه احد العاملين معي حتى قبل احتسائه الخمر بيوم واحد، كنت اعد معتديا على حقه في ان يعبر عن شخصيته بحرية (واواجه بذلك مشكلة مع مستشار شؤون العاملين). ومع ذلك، كان مستشار شؤون العاملين نفسه يستطيع ان يتأكد في اليوم التالي ان الموظف المعني صار في واقع الامر مدمنا للخمر. ومن ثم، فانه يعد رسميا من هذه اللحظة مريضا بادمان الخمر.
ان من لا يتعاطى الخمر، اذا وجد بين سكارى، سرعان ما يكتشف انه في مكان خطأ، اذ يرى هؤلاء انفسهم ظرفاء ومبدعين وقادرين على التخيل. ولقد استطعت ان اثبت لنفسي عكس ذلك تماما، عندما قمت بعزف مقطوعات موسيقية بذاتها على احدى الآلات النحاسية وتسجيلها ثلاث مرات. وكنت بين المرة والاخرى احتسي كأسين من ويسكي البربون من النوعية المفضلة لدي قبل اسلامي. وكان توقعي: ان عزفي سيكون افضل في كل مرة احتسي قبلها الويسكي، لكن جهاز التسجيل كشف الحقيقة الصاعقة!
شعرت بخجل شديد من سلوك بعض مواطنيّ ونحن على متن احدى طائرات شركة لوفتهانزا، في طريقنا الى جدة. فكنا كلما اقتربنا من السعودية بمناخها الشديد الجفاف، ازداد طلبهم وبالحاح شديد للخمر حتى انهم طلبوا من المضيف اربع زجاجات في وقت واحد ـ كما لو ان المرء يستطيع ان يجتر الخمر بعد ذلك كالجمل، ولقد كان مشهدهم مخزيا، وهم يغادرون الطائرة حاملين في ايديهم شجرة عيد الميلاد مغلفة بالبلاستيك ويترنحون من السكر.
واثبت في هذه الوقائع انه قد لا يكون هناك عائق في طريق انتشار الاسلام في المانيا اقوى من التحريم القرآني للخمر ولحم الخنزير. فلن يتنازل الألماني في بافاريا ولا في كولونيا عن طعامه المفضل من لحم الخنزير، ولا عن خمره المفضل.
وتجد الألماني يتغنى بجمال الفتيات التركيات، وبحق المرء في تعدد الزوجات اذا اراد، ورغبته بالتالي في ان يكون تركيا. ولكنه سرعان ما يعدل عن هذه الرغبة، ويصرخ بأنه لا يريد ان يكون تركيا لان الاتراك لا يشربون الخمر. وما كان يمكن ان يكون مجديا على الاطلاق ان يصير تركيا، وان كان الاتراك يتعاطون الخمر الآن، اذ يعاقب القانون في تركيا حاليا على تعدد الزوجات ولا يعاقب على تعاطي الخمر.
ان المسلم، بتناوله كوبا من الماء او العصير بين اناس يحتسون الخمر، يفسد عليهم بهجتهم، لان ما يفعله ينطوي على عقاب معنوي لهم. لذلك، اصبح من النادر بعد اعتناقي الاسلام ان ندعى، زوجتي وانا، الى حفلات خاصة او الى حفلات رقص، وكأن المرء لا يسعد الا بالخمر، وهكذا، اصبحنا معزولين "منبوذين".
اختلاف البيئة المناخية
كثيرا ما يساق اختلاف البيئة المناخية كحجة ضد التحريم الاسلامي للخمر ولحم الخنزير في مجتمعنا (المجتمع الالماني) بدعوى ان هذا التحريم لا يناسبه مناخيا. وهذه حجة تفتقر الى المنطق، فالحقيقة ان اضرار الخمر في العصر التكنولوجي اكبر بكثير منها في القرن السابع، حيث كان اقصى ما يمكن ان يحدث للمخمور هو ان يسقط من فوق صهوة جواده، او ان يعتدي بالضرب على زوجته واطفاله، او ان يقطع اوتار سيقان الجمل، (كان وقوع حدث شرير من هذا القبيل مناسبة لنزول احدى آيات تحريم الخمر في القرآن).
وما يزال النساء والاطفال يتعرضون اليوم للضرب تحت تأثير الخمر. وكذلك تسقط الطائرات اليوم تحت تأثيره. ولقد تسبب قائد احدى الناقلات البحرية تحت تأثير الخمر في وقوع اسوأ كارثة بيئية حتى الآن. وعلى الرغم من توفر احصاءات عن حوادث الطرق وحوادث المصانع، فانه لا يمكن تقدير الخسائر البشرية والمادية التي تصيب المجتمع الغربي بسبب ادمان الخمر والمخدرات. وفي بعض المستشفيات التركية، تتجاور اقسام علاج الادمان واقسام علاج الامراض العقلية، لما ينطوي عليه ذلك من انذار، ان عاجلا او آجلا، هذا اذا ما دمر العقل قبل ان يتوقف الكبد عن أداء وظائفه.
لقد كنت واحدا من ضحايا حوادث المرور التي تقع تحت تأثير الخمر، ففي نهاية عام دراسي في كلية الاتحاد بشينيكتادي بولاية نيويورك، قمت بجولة في الولايات المتحدة الاميركية "بطريقة الاوتوستوب". (اي ايقاف السيارات والانتقال بها مجانا من موقع الى آخر). وفي اثناء هذه الجولة، تعرضت يوم 28 من يوليو (تموز) عام 1951 لحادث سيئ بالقرب من هول سبرنجز بولاية مسيسيبي، فبينما كنا في طريقنا على الطريق السريع من اتلانتا بولاية جورجيا الى ممفيس في ولاية مسيسيبي، ظهر امامنا ونحن على مقربة من غايتنا شبح. ولا اتذكر شيئا عما حدث بعد ذلك. ولكني علمت في ما بعد ان هذا الشبح لم يكن سوى سيارة اصطدمت بنا، كان سائقها ومرافقه قد احتسيا كميات كبيرة من الخمر في تنيسي، التي تسمح باحتسائه اثناء القيادة، قبل ان يتوجها الى مسيسيبي التي تمنع احتساءه اثناءها.
وكانت خسائرنا اقل فداحة من خسائرهم، لاننا كنا نركب سيارة شيفروليه مصنوعة في عام 1941، اي قبل الحرب، وكانت اشد متانة من السيارة التي كانوا يركبونها وهي شيفروليه من انتاج عام 1943 اي اثناء الحرب.
ولقد تبين لي بوضوح ان ذراعي المصابة الآن، والتي كنت اضعها على وسادة المقعد الخلفية، قد وقتني مما هو اكثر، وكان من الواضح ايضا انني ما كنت لأنجو لو ان قامتي كانت اقصر بمقدار ثمانية سنتيمترات فقط، لانني كنت سأنكفئ في هذه الحالة على انفي وعيني بسرعة حوالي 160 كيلومترا في الساعة. ومع ذلك، كانت خسارتي في هذا الحادث تسع عشرة من اسناني. وبعد انتهاء الجراح من خياطة ذقني وشفتي السفلى، سألني قائلا: انه من الممكن اصلاح وجهي بعد سنوات عن طريق اجراء عملية تجميل، واضاف قائلا: "ان مثل هذا الحادث لا ينجو منه في الواقع احد، وان الله يدخر لك يا عزيزي شيئا خاصا جدا".
ولقد كنت افكر في هذا الامر، وانا اتجول في هول سبرنجز بذراع مربوطة وضمادة تحيط بالذقن وفم مخيط. وكنت افكر في ما أرفه به عن نفسي في يوم عيد ميلادي العشرين. ولكن كل شيء كان يؤلمني.. تناول الطعام او الشراب، او التنزه، او الاجابة عن الاسئلة، واخيرا ذهبت لأقص شعري، فهذا على الاقل لا يؤلم. ولم ادرك المغزى الحقيقي لنجاتي وبقائي على قيد الحياة الا بعد ثلاثين سنة، عندما اشهرت اعتناقي للاسلام.
يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:24 PM
رمضان اختبار صعب لجلد المسلم وقوة احتماله
ما زلنا في رحاب الرحلة الإيمانية التي قادت الدكتور مراد هوفمان السفير الألماني السابق الى اعتناق الإسلام حيث يقول: بعد بضعة أشهر من اعتناقي الاسلام، حل شهر الصيام، شهر رمضان، وهو الشهر التاسع بين أشهر السنة الهجرية. وكنت انتظر حلوله بشيء من القلق والخوف، لأنه اختبار صعب لجلد المسلم وقوة احتماله، يجسد قمة وعيه وصحوته. ففيه ينبغي علي ان امتنع لمدة 29 أو 30 يوما من الفجر الى غروب الشمس عن الطعام والشراب والتدخين ومعاشرة الزوجة، ولكن مع ممارسة عملي كالمعتاد.
عرفت الصيام لأول مرة في عام 1977، على متن احدى طائرات شركة الخطوط الجوية اليوغسلافية JAT المتجهة من بلغراد الى اسطنبول، فلقد لاحظت ان يد جاري في الدرجة الاقتصادية لم تمتد الى الطعام إلا بعد رفع آنية طعام بقية الركاب، وعندما حان موعد الافطار الذي كان يتابعه بالنظر الى ساعته من حين الى آخر. وأثناء اقامتنا في بلغراد، كنا كثيرا ما ندعو رمضاني رمضان، البستاني الذي يرعى حديقتنا، الى طعام الافطار، اذ كان يثير شفقتنا باصراره الشديد على الصيام. فلقد كان يمتنع تماما عن تناول اي طعام عندما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. ولقد قمت بصيام اسبوع من قبيل التعاطف معه. ومع ذلك، فان المرء لا يتعلم صيام 30 يوما الا بصومها فعلا.
د. هوفمان: الصوم فرصة لاختبار المرء لنفسه وإذكاء الإحساس الاجتماعي
في بون، كان من بين المهام الموكولة إلي اقامة حفلات عشاء لضيوف اجانب. وكان عدم مشاركتي لهم الطعام يثير حرجا شديدا: فهل اعاني توعكا في معدتي؟ ام ان الطعام الذي طلبته لهم بنفسي لا يرقى الى مستواي؟ وفي مثل هذه المناسبات، كنت اتذكر السهولة التي كان يمكن بها الاعتذار عن عدم تناول العصير او القهوة التركية التي كانت تقدم لي في وزارة الخارجية اليوغسلافية في شهر رمضان. وفي واقع الأمر، فان صيام رمضان لا يصبح مناسبة تسعد المرء على مدار العام كله الا عندما يكون في محيط مسلم، حيث يكون شهرا مشبعا تماما بالروحانيات.. شهر سلام داخلي واخاء.
المكونات المادية والمعنوية لرمضان
يشتمل الصوم في الإسلام، مثل كل العبادات، على مكونات مادية واخرى معنوية، لا ينفصل بعضها عن بعض. ويبدأ الحرمان البدني بامتناع المرء عن تناول قهوة أو شاي الصباح. وينخفض السكر في الدم اثناء النهار، حتى ليكاد المرء يصاب بالإغماء. ويسهل على المرء، من ناحية اخرى، ان يعرف كيف يعمل نظامه البيولوجي. فبالنسبة لي، هناك على سبيل المثال فترتان للنشاط الوفير في النهار، هما الساعة الحادية عشرة والساعة السادسة عشرة بعد الظهر. ولقد استفدت من ذلك على نحو نظامي، حيث وزعت عملي اليومي تبعا له الى: ما ينبغي، وما يجوز، وما يمكن عمله.
وكانت المجموعة الأولى من الأعمال هي ما أقوم بأدائه بقدر الامكان عندما يستفيد ضغط دمي من الذروة البيولوجية المخططة. فكنت احاول ان اقود سيارتي لمسافة 13 كيلومترا في طريقي من مقر قيادة حلف شمال الأطلسي الى مسكننا في أكسيل، وأنا في أوج نشاطي. وكنت أزيد من حذري حتى لا أعرض نفسي أو غيري للخطر. ففي شهر رمضان، تزداد بالفعل حوادث المرور، وبصفة خاصة عندما يحاول أرباب الأسر اللحاق بالافطار في منازلهم. ولقد لقي خمسة من مواطنينا من ألمانيا الشرقية سابقا حتفهم بالقرب من القنيطرة يوم 25 من فبراير (شباط) عام 1993، ثالث أيام شهر الصوم، عندما حاول سائق سيارة نقل ان يتجاوز الحافلة التي يستقلونها، فصدمها، فانقلبت بهم. وارجع الحادث الى ضعف تركيز قائد السيارة بسبب الصيام.
واليوم الثالث من أيام الصوم يوم عصيب، يكون فيه المرء في أسوأ حالاته، ويصاب بصداع شديد تزداد حدته اذا ما استلقى ليسترخي. ومع ذلك، يبدأ الجسد بقدرته الهائلة على التكيف في التأقلم منذ هذه اللحظة مع المعطيات الجديدة، فتخف حدة الصداع والاحساس بالجوع، ويستطيع المرء ان يرى من يتناول الطعام دون ان يحسده. ومع انني كثيرا ما اشعر في المساء بانني نقصت، ولا استطيع القراءة، واجلس امام شاشة التلفزيون بلا ارادة، فانني لا اشعر برغبة في الطعام وبخاصة اللحوم.
مدفع الإفطار
ويستطرد هوفمان حديثه عن صيام شهر رمضان المبارك قائلا: يعلن عن نهاية يوم الصوم في العالم الإسلامي باطلاق مدفع، وعندئذ يتناول المرء بعضا من الماء أو من العصير. وعددا فرديا من ثمرات التمر او الزيتون، ثم يؤدي صلاة المغرب شاكرا لله أن اعانه على صيام اليوم. ويبدأ تناول وجبة الافطار في كل من الجزائر والمغرب بتناول شاي بالنعناع الأخضر، وحساء داكن اللون هو شوربة الفريك الجزائرية، والحريرة المغربية التي يختلف مذاقها الى حد ما من منزل الى آخر، الى جانب بيضة مسلوقة وتمر وتمر بالعسل، الذي كان طعام الرسول صلى الله عليه وسلم المفضل. وسرعان ما ينتعش الجسد مرة أخرى. وبعد فترة توقف قصيرة، يتناول المرء وجبة كاملة من اللحوم، وفي المغرب من الدجاج، ولحم الضأن المشوي، والكسكسي باللحم البقري، وحلوى وفواكه. وكان كل ذلك يتم للأسف بسرعة حتى انني اعود الى منزلي في الساعة التاسعة مساءً من دعوات للافطار في الساعة السابعة والنصف مساءً.
يختلف مفهومي عن رمضان، المبني على اتباعي للسنة، عن الكيفية التي يمارس بها في بعض البلدان الإسلامية، ومن بينها المغرب. فالناس هناك يميلون الى ان يعوضوا في الليل ما فاتهم في النهار، فيشاهدون التلفزيون، ويلعبون الورق (الكوتشينة) حتى منتصف الليل، حيث يتناولون وجبة ثالثة (السحور). ومن ثم، لا يأخذ كثيرون من الجزائريين والمغاربة قسطا كافيا من النوم، بل انهم لا يتمتعون في الساعات القليلة التي يخلدون فيها الى النوم بنوم مريح من فرط اتخام معداتهم بالطعام. ويترتب على ذلك، انهم لا يلحقون بصلاة الفجر، وبصفة خاصة في رمضان. ولا يفيدون بشيء في ضحى اليوم التالي. ومن شأن هذا أن ينمي الاتجاه الغريب نحو استبدال الليل بالنهار في رمضان.
وفي واقع الأمر، يرتفع كثيرا استهلاك الأغذية في هذه البلدان في رمضان، بدلا من ان ينخفض. أما ما ينخفض بالتأكيد، فهو انتاجية العمل. ويؤثر رمضان على الانتاج القومي في هذه البلدان، كما لو كان فترة اجازة ثانية. أما ما أراه عبثا، فكان دعوتي من قبل شخصيات رفيعة المستوى الى تناول طعام الافطار باستخدام أدوات مائدة مصنوعة من الذهب، وكذا أن يبدأ المسلم تناول الطعام بقول: "Bon Appetit"، أي "شهية طيبة"، بدلا من قول "بسم الله" على طبق طعامه المليء بخيرات البحر، وقبل ان يؤدي صلاة المغرب. ولقد بدا لي دائما انه من غير المنطقي ان يصوم من لا يصلي. ولكن هذا السلوك يكشف عن حقيقة ان صوم رمضان اصبح يمارس في اقسام من عالم المسلمين على نحو يجرده من مغزاه الديني، ويجعله جزءا متحررا من المدنية. وهذا يفسر ايضا السلوك الغريب من جانب بعض المسلمين اذ يمتنعون عن تناول الخمور في شهر رمضان، باعتباره شهر اسلام مقابل احد عشر شهرا للراحة من الإسلام!
السحور وقرآن الفجر
يمضي يومي في رمضان في الفترة بين عاميّ 1987 الى 1994 على نحو مختلف تماما. فأنا آوي الى فراشي بعد صلاة العشاء، أي حوالي الساعة الحادية عشرة، وأضبط المنبه على الساعة الثالثة والنصف او الرابعة صباحا، لاستيقظ قبل بداية الصوم بنحو 40 دقيقة كي اتناول، قبل انطلاق مدفع الامساك، طعام السحور واشرب كثيرا من الماء. وبعد ذلك، اقضي ما تبقى من وقت حتى الفجر في قراءة القرآن. وبعد صلاة الفجر، أنام ساعتين. وكان العمل في سفارتي يبدأ متأخرا ساعة عن المعتاد. وكنت انجز بالفعل اكثر مما انجز في الأيام العادية، خاصة ان العمل يشغل عن الاحساس بالمعدة الخالية. وكنت في رمضان اجلس في مآدب غداء العمل الدورية التي يقيمها زملائي من البلدان اعضاء الاتحاد الأوروبي وأمامي طبق خال. وكان زميلي الفرنسي في الرباط مسيو دي كونياك يشاركني سلوكي "تضامنا" منه مع ابناء البلد المضيف، كما كان يقول، وهذا مما يعد تصرفا سياسيا بارعا.
الدروس الحسنية
ويقول هوفمان: كان يوم عملي في رمضان ينتهي عادة بحضور دروس دينية "درس الحسنية" في القصر الملكي بالرباط. وكانت الحكومة المغربية باكملها، وهيئة الأركان العامة، وعلماء المسلمين، وسفراء الدول الاسلامية، يجتمعون يوميا، ابتداء من الساعة الخامسة بعد الظهر في القصر الملكي المغربي. وكنا نستمع الى تلاوة قرآنية الى ان يصل العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني والأمراء. وكان من يلقون الدروس محاضرين مدعوين من جميع أنحاء العالم الاسلامي، من بينهم مسلمون اميركيون، واعلام كالشيخ محمد سيد طنطاوي من القاهرة شيخ الأزهر الحالي، وكانوا يجلسون على المنبر التقليدي، بينما يجلس الملك الحسن الثاني مثلنا جميعا عند أقدامهم في مربع حولهم.
كنت أنا وزملائي المسلمون نتناوب الدعوة الى طعام الافطار حوالي الساعة السابعة مساء. وعندما كان دوري يحين، كان بهو مقر اقامتي في سويسي الواقع بين غرفة الاستقبال (الصالون) وغرفة الطعام يتحول الى مسجد، حيث كانت ارضه تغطي بسجاجيد صلاة. ولقد صارت العلاقات والصلات التي اقمتها في هذه المناسبات مع بعض من اعضاء الحكومة ومن مستشاري الملك الراحل الحسن الثاني ذات طبيعة دائمة وقوية بمرور الوقت. ومن المعتاد، ان افقد بانقضاء شهر الصوم ما يتراوح بين 8 ـ 5 كيلوجرامات من وزني. وبتعبير أدق: فانني اقترب من وزني المثالي.
حركات تجويع بهلوانية
ينطوي الصوم، الى جانب بعده المادي، على بعد روحاني يصير بدونه مجرد حركات تجويع بهلوانية. وشهر رمضان شهر معظم، لما له من أهمية في تاريخ العالم. فلم يشهد رمضان موقعة بدر (عام 622م) ذات الأثر الحاسم في بقاء وتثبيت المسلمين الأوائل فحسب، وانما الأكثر اهمية من ذلك ان به ليلة القدر التي بدأ فيها نزول الوحي بالقرآن. وعن هذه الليلة احادية الرقم التي تقع بين الليالي الأخيرة من رمضان، يقول الله في السورة 97: بسم الله الرحمن الرحيم "إنَّا أنزلناه في ليلة القَدْر @ وما أدراك ما ليلةُ القدْر @ ليلةُ القدْر خير من ألف شهر @ تنزَّل الملائكةُ والرُّوح فيها بإذن ربهم من كل أمر @ سلام هي حتى مطلع الفجر". هذا نص يصلح للتأويل والتفكر.
لقد جرت العادة على اعتبار ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة القدر. وتشترك ليلة القدر مع ليلة عيد الميلاد، وان يكن عن بعد، في ان المرء يهدي فيها (إخراج زكاة الفطر). كما تقام فيها ـ كغيرها من ليالي رمضان ـ صلاة التراويح، وتكثر تلاوة القرآن والتواشيح والأدعية. ومن ثم، فما لم يدرك المرء في هذه الليلة مغزى الرسالة والوحي، فمتى عساه يدركه؟!
وصوم رمضان، فرض على المسلمين. وهم يعتبرونه عبادة، باعتباره احد أركان الاسلام الخمسة التي لا تحتاج الى تبرير مقنع. فالمسلم، بوصفه عبدا لربه، يصوم لأنه أمره بالصوم. فالطاعة هنا واجبة. ويستطيع المرء ان يكتشف بسهولة ان هذا الفرض لم يفرض لله، وانما فرض من الله للناس.
منذ ان عادت رشاقة القوام لتصبح زيا سائدا (موضة)، راح النساء يتبعن نظما للتغذية تذكر بالصوم، كما يمكن ان تؤدي الى نحافة مرضية. ومع كثرة الحديث في الآونة الأخيرة عن اضرار الكوليسترول والوزن الزائد، ظهرت عروض مختلفة لبرامج التخسيس او انقاص الوزن.
إذكاء الإحساس الاجتماعي
ومن ناحية الصوم الاسلامي، فانه يفي بهذا الغرض وزيادة. فهو يؤدي، على سبيل المثال، الى اذكاء الاحساس الاجتماعي حيث يشعر الصائم مرة واحدة على الأقل في السنة بما يشعر به من يرغم على الصوم في العام كله، بسبب ما يعانيه من شح في الغذاء او المال.
وبالنسبة لي، لعل اهم اثر جانبي لصوم رمضان فيّ، انني استطيع ـ في رمضان ـ ان اختبر ما اذا كنت ما أزال سيد نفسي أم انني صرت عبدا لعادات تافهة، وما اذا كنت ما ازال قادرا على التحكم في نفسي ام لا. واتمنى ان يكون فرحا وليس غرورا ذلك الذي اشعر به بعد انتهاء آخر أيام رمضان، اي عند صلاة المغرب، من أنني استطعت بعون الله ان اصومه.

اختلاف رؤية هلال رمضان يعرض المسلمين لسخرية البعض
استوقفت المفكر الاسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الالماني السابق في رحلته الايمانية التي قادته الى اعتناق الاسلام في مطلع الثمانينات، ظاهرة اختلاف رؤية هلال رمضان التي تتجدد كل عام في العالم الاسلامي، على الرغم من المؤتمرات والندوات التي تشير بياناتها الختامية الى ضرورة توحيد رؤية هلال رمضان في البلاد الاسلامية.
ويقول هوفمان متسائلاً: من ذا الذي يستطيع ان يقول لي بثقة متى يبدأ رمضان؟ ومتى ينتهي؟ وقد يقول المرء ان تحديد متى واين يظهر الهلال الجديد امر فلكي يقين في ايامنا هذه. وهو بالفعل كذلك. ومع ذلك، فمن المخزي ان يظل مسلمو هذا الارض مختلفين في ايام بدء وانتهاء صومهم، تبعاً لكونهم اتراكاً او مغاربة او مصريين. وهذا امر من شأنه ان يضر بالصوم كحدث اجتماعي، وان يعرض المسلمين لسخرية البعض.

د. هوفمان: اليس من الممكن توحيد مواعيد شهر الصوم في العالم الاسلامي بناء على الحسابات الفلكية بالقياس الى مكة؟
يرجع الدكتور مراد هوفمان اختلاف رؤية هلال رمضان في البلاد الاسلامية الى سببين: أولهما، ان الأمة مجزأة الى دول قومية، ولا يكفي التركي او المغربي ان يعرف ان رؤية الهلال ثبت في مكة، اذ لا بد بالنسبة لكل منهما ان تثبت رؤيته في قونية او فاس. ويترتب على ذلك اختلاف في تحديد يوم بداية ونهاية شهر رمضان، لأن الترتيب الوضعي بين الشمس والأرض والقمر يختلف في كل بقعة من الأرض عنه في غيرها. ويتباين الاختلاف في موعد ظهور القمر في يومين متتاليين عن الاختلاف فيهما في موعد شروق الشمس، فيبلغ دقيقتين في شروق الشمس، بينما يبلغ خمس عشرة دقيقة في ظهور القمر.
أما السبب الثاني، فيدركه المرء على نحو أفضل. فلقد جرت العادة في عصور الاسلام الأولى على ان تثبت رؤية الهلال بالعين المجردة، وليس بالحسابات الفلكية او بالتنبؤات، وهو ما لم يمثل في ما مضى ولا يمثل اليوم أي مشكلة، بفضل الظروف المناخية في شبه الجزيرة العربية. واستنادا الى ذلك، يرى بعض الفقهاء المتشددين أن رؤية هلال رمضان بالعين المجردة من شخص موثوق به تقليد ضروري لا غنى عنه، وان الحسابات الفلكية غير كافية في هذا الشأن. ويعادل رفض التواريخ الفلكية عدم الأخذ في قانون العقوبات بدليل مبني على اساس غير قانوني.
الإجراءات الموروثة
ويتمسك المتشددون بالاجراءات الموروثة لتحديد بداية الشهر القمري، حتى وان حالت الظروف المناخية دون رؤية الهلال الذي يكون موجودا بالفعل. ويمكن ان يترتب على ذلك، كما حدث في عام 1994، ان يفطر المرء في المغرب متأخرا يومين عنه في السعودية. وعندما نقلت الاحتفالات بعيد الفطر في مكة، عبر وسائل الاعلام، في ثاني ايام الصوم الزائدة في المغرب عنها في السعودية، رأى بعض البسطاء في المغرب ان هذا الاختلاف أمر مخز ومشين! أليس من الممكن حقا ان توحد مواعيد شهر الصوم في انحاء العالم الاسلامي كافة بناء على الحسابات الفلكية بالقياس الى مكة، أسوة بما هو متبع في حالة تحديد مواقيت الحج، ومن ثم أيضا عيد الأضحى؟!
وعندما يتناول المرء يوم عيد الفطر أول قدح من القهوة في أول افطار منذ 29 أو 30 يوما، يشعر بألذ مذاق. وعند صلاة العيد في المسجد لا يلتقي المرء الا بأناس تشع منهم اشراقة داخلية. ولعل مما يبدو غريبا وان كان حقيقة ان يشعر المرء بالجوع عند الظهر لأنه تناول طعام الافطار، بينما ينسى طعام الغذاء في رمضان على الرغم من انه لم يتناول طعام الافطار. وهكذا تعود الأيام سيرتها الأولى.
زر رمضان
انني احتفظ لنفسي بما أسميه "زر رمضان". فعندما تكون هناك ضرورة بين الحين والآخر على مدار العام لترك وجبة او وجبتي طعام، اضغط ذهنيا على هذا الزر الذي يعيدني نفسيا الى رمضان بنفس الوضع ونفس الشعور. وسرعان ما احتمل جوعي، ولا اعيره اهتماما. وانني اترقب رمضان المقبل بسعادة غامرة، حتى وان لم يصدقني في ذلك احد.
مع مسلمين حول مائدة الطعام
ويذهب هوفمان الى انه اذا كنا قد تحدثنا في ما سبق عن الصوم أو الامتناع عن تناول الطعام، فلقد آن لنا ان نؤكد ان المسلمين لا يأكلون فقط، وانما يحق لهم ان يأكلوا باستمتاع وتلذذ كل ما هو صحي، وهذا يعني كل شيء ما عدا لحم الخنزير (والخنزيرالبري أيضا)، والميتة ومنتجات الدم مثل السجق المصنوع من الدم، ومشتقات الخنزير كالحلوى التي يدخل شحم الخنزير في صناعتها، وكذا الحلوى التي تحتوي على خمور.
ومن الخطأ تصور ان تحريم القرآن لتناول لحم الخنزير انما يعود الى اسباب مناخية فقط، او الى عدم القدرة على التعامل مع الدودة الشريطية في القرن السابع الميلادي. فنحن نعلم اليوم ان تناول لحم الخنزير يؤدي الى الاصابة بسرطان الامعاء وبالتهاب المفاصل، وبالاكزيما والدمامل والى ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والى الاصابة بحمى القراص بسبب ارتفاع نسبة الهستامين.
ان تناول الطعام جلوسا على الأرض حول قطعة من الجلد دائرية او مربعة او بيضاوية الشكل، وليس على منضدة لا يقتصر فقط على البدو المرتحلين في الصحراء، وانما يمارسه ايضا بعض اخوتي المؤمنين في ألمانيا. فنحن عندما نتناول طعامنا على سبيل المثال في دار الاسلام في ليتسيل باخ في أودن فالد، نعد قطعة مماثلة من الجلد في قاعة الاجتماعات والصلاة، ونجلس او نستلقي عليها مثلما كان الاغريق الأقدمون يفعلون، وان يكن بدون نبيذهم. وهكذا يفعل بعض المسلمين في الغرب تقليدا، ولو في بعض الشكليات غير المهمة، للرجل الذي يدينون له بالكثير من الفضل... محمد صلى الله عليه وسلم. وتنطوي قطعة الجلد المشار اليها على معنى رمزي. فهي تذكرنا باننا جميعا بدو مرتحلون دائما على طريق عودتنا الى الله.
سلوك عملي
هذا السلوك في واقع الأمر سلوك عملي، اذ ان حمل ونقل هذه القطعة من الجلد أيسر كثيرا من تحريك منضدة في مسكن، او من شحنها في سيارة. وهكذا يمكن استغلال المكان الذي يتناول فيه المرء الطعام على رقعة (قطعة) الجلد في اغراض متعددة. ولكن ينبغي ملاحظة انه قليلا ما يتناول المرء الطعام واقفا أو جالسا القرفصاء او مستلقيا بما يضغط على المعدة. فالجلسة الصحية تكون بمد الساقين ناحية اليمين، مع الاتكاء على الذراع الأيسر. ومن ثم تبقى اليد اليمنى طليقة لتناول الطعام بها.
هناك، مع ذلك، في العالم العربي أيضا من يتناول الطعام واقفا كما هو الحال في تناول الطعام في محلات الوجبات السريعة في اوروبا واميركا. وفي الجزائر، جرت العادة على ان يتناول الناس شاة مشوية وهم وقوف حول منضدة الطعام، حيث يمكن ان تلتهب اصابع يد من يبدأ بقطع اللحم، الذي يؤكل معه خبز وبصل وملح وكمون. أما في بقية البلدان العربية من المغرب الى السعودية، فيأكل الناس الشياة المشوية وهم جلوس.
تعد التغذية السليمة، من اجل الحفاظ على سلامة الجسم، لصالح المرء نفسه ولصالح اهله، في المنظور الاسلامي فرضا، ومن ثم عبادة. لذلك يبدأ المسلم تناول طعامه بالبسملة، اي: بسم الله الرحمن الرحيم، وينهيه بالحمد، أي الحمد لله. وبما ان تناول الطعام عبادة، فان المسلم لا يقطع تناوله للطعام عندما ينادي المؤذن لعبادة اخرى، هي الصلاة، طالما كان هناك متسع من الوقت لادائها.
ولأن تناول الطعام عبادة، يحرص المرء على الا يسرف فيه، وعلى ألا يتناول منه ما يزيد على حاجته، وعلى ان يتوقف عنه على الرغم من شعوره بأنه يستطيع ان يستمر فيه، وعلى ألا يشبع حتى الامتلاء. وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" (الاعراف: 31).
ومن المفروض ان يتوقع المرء ان يأتيه ضيوف فجأة، ولذلك ينبغي اعداد طعام يكفي لعدد اكبر من عدد الموجودين بالفعل. وتقضي التقاليد الاسلامية في مثل هذه الحالات، بان طعاما لفردين يكفي لثلاثة أفراد، وان طعاما لثلاثة أفراد يكفي أيضا لخمسة. لذلك لا يجد المرء في بلاد المسلمين حرجا في ان يزور احدا في وقت تناول الطعام، أي كما يقول الاميركيون جرب "حظك مع القدر".
الضيف المفاجئ
من كان مثلي وزوجتي، مضيفا رسميا في العالم الاسلامي يعرف ان المرء لا يستطيع ان يتوقع بدقة عدد من سيأتيه من ضيوف على مائدة العشاء فمن المحتمل ان يتخلف عدد غير قليل من المدعوين عن الحضور، بعد ان يكونوا قد اكدوا انهم سيحضرون. ومن المحتمل ايضا ان يحضر عدد من الضيوف يزيد كثيرا عن عدد الذين وجهت اليهم الدعوة مما قد يسبب حرجا للمضيف وللضيوف على السواء.
بسبب مثل هذه المواقف التي تساهم في اظهار العربي في صورة المهمل، كنا نتجنب بقدر المستطاع توجيه دعوة الى تناول طعام العشاء جلوسا حول منضدة، وفق ترتيب معين الى نحو 24 شخصا. وبدلا من ذلك، كنا نفضل ان ندعو الى تناول طعام العشاء في بوفيه مفتوح يصل الى 85 مدعوا ينتشرون على كثير من المناضد صغيرة الحجم موزعة بدون ترتيب تقريبا.
لذلك، يعزى تخلف ضيف عربي عن تلبية دعوة الى تناول طعام العشاء، على الرغم من التأكيد المسبق بالحضور، الى اسباب كثيرة غير العقبات المرتبطة بالعمل. ومن ذلك على سبيل المثال ان يكون قد استقبل ضيوفا على نحو مفاجئ، او ان تصر زوجته على ان ليس لديها ما ترتديه من الثياب. الا ان ما اصابني بدهشة الجمت لساني، كان اعتذار ضيف شرف مغربي عن عدم حضور حفل عشاء اقمته على شرفه، لأنه لم يكن يشعر بجوع. وكان هذا فيما اعتقد اصدق أسباب الاعتذار.
التفاخر والمباهاة
ولقد كنت انا وزوجتي نلبي جميع الدعوات التي توجه الينا، سواء أكانت دعوة من وزير أم من سائق سيارتي، أم دعوة من اميرة أم من خادمتنا. وهكذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يلبي حتى دعوات العبيد، ولم يجز رفض الدعوة إلا لسببين، وهما ان تؤدي الدعوة الى استدانة الداعي، او ان تكون لغرض التفاخر والمباهاة. ولذلك، لم اشعر بحرج لرفض دعوات كثيرة وجهت لي لحضور حفلات زفاف، لعلمي ان والد العروس يبغي المباهاة بحضوري كسفير.
يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:26 PM
رمضان اختبار صعب لجلد المسلم وقوة احتماله
ما زلنا في رحاب الرحلة الإيمانية التي قادت الدكتور مراد هوفمان السفير الألماني السابق الى اعتناق الإسلام حيث يقول: بعد بضعة أشهر من اعتناقي الاسلام، حل شهر الصيام، شهر رمضان، وهو الشهر التاسع بين أشهر السنة الهجرية. وكنت انتظر حلوله بشيء من القلق والخوف، لأنه اختبار صعب لجلد المسلم وقوة احتماله، يجسد قمة وعيه وصحوته. ففيه ينبغي علي ان امتنع لمدة 29 أو 30 يوما من الفجر الى غروب الشمس عن الطعام والشراب والتدخين ومعاشرة الزوجة، ولكن مع ممارسة عملي كالمعتاد.
عرفت الصيام لأول مرة في عام 1977، على متن احدى طائرات شركة الخطوط الجوية اليوغسلافية JAT المتجهة من بلغراد الى اسطنبول، فلقد لاحظت ان يد جاري في الدرجة الاقتصادية لم تمتد الى الطعام إلا بعد رفع آنية طعام بقية الركاب، وعندما حان موعد الافطار الذي كان يتابعه بالنظر الى ساعته من حين الى آخر. وأثناء اقامتنا في بلغراد، كنا كثيرا ما ندعو رمضاني رمضان، البستاني الذي يرعى حديقتنا، الى طعام الافطار، اذ كان يثير شفقتنا باصراره الشديد على الصيام. فلقد كان يمتنع تماما عن تناول اي طعام عندما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. ولقد قمت بصيام اسبوع من قبيل التعاطف معه. ومع ذلك، فان المرء لا يتعلم صيام 30 يوما الا بصومها فعلا.
د. هوفمان: الصوم فرصة لاختبار المرء لنفسه وإذكاء الإحساس الاجتماعي
في بون، كان من بين المهام الموكولة إلي اقامة حفلات عشاء لضيوف اجانب. وكان عدم مشاركتي لهم الطعام يثير حرجا شديدا: فهل اعاني توعكا في معدتي؟ ام ان الطعام الذي طلبته لهم بنفسي لا يرقى الى مستواي؟ وفي مثل هذه المناسبات، كنت اتذكر السهولة التي كان يمكن بها الاعتذار عن عدم تناول العصير او القهوة التركية التي كانت تقدم لي في وزارة الخارجية اليوغسلافية في شهر رمضان. وفي واقع الأمر، فان صيام رمضان لا يصبح مناسبة تسعد المرء على مدار العام كله الا عندما يكون في محيط مسلم، حيث يكون شهرا مشبعا تماما بالروحانيات.. شهر سلام داخلي واخاء.
المكونات المادية والمعنوية لرمضان
يشتمل الصوم في الإسلام، مثل كل العبادات، على مكونات مادية واخرى معنوية، لا ينفصل بعضها عن بعض. ويبدأ الحرمان البدني بامتناع المرء عن تناول قهوة أو شاي الصباح. وينخفض السكر في الدم اثناء النهار، حتى ليكاد المرء يصاب بالإغماء. ويسهل على المرء، من ناحية اخرى، ان يعرف كيف يعمل نظامه البيولوجي. فبالنسبة لي، هناك على سبيل المثال فترتان للنشاط الوفير في النهار، هما الساعة الحادية عشرة والساعة السادسة عشرة بعد الظهر. ولقد استفدت من ذلك على نحو نظامي، حيث وزعت عملي اليومي تبعا له الى: ما ينبغي، وما يجوز، وما يمكن عمله.
وكانت المجموعة الأولى من الأعمال هي ما أقوم بأدائه بقدر الامكان عندما يستفيد ضغط دمي من الذروة البيولوجية المخططة. فكنت احاول ان اقود سيارتي لمسافة 13 كيلومترا في طريقي من مقر قيادة حلف شمال الأطلسي الى مسكننا في أكسيل، وأنا في أوج نشاطي. وكنت أزيد من حذري حتى لا أعرض نفسي أو غيري للخطر. ففي شهر رمضان، تزداد بالفعل حوادث المرور، وبصفة خاصة عندما يحاول أرباب الأسر اللحاق بالافطار في منازلهم. ولقد لقي خمسة من مواطنينا من ألمانيا الشرقية سابقا حتفهم بالقرب من القنيطرة يوم 25 من فبراير (شباط) عام 1993، ثالث أيام شهر الصوم، عندما حاول سائق سيارة نقل ان يتجاوز الحافلة التي يستقلونها، فصدمها، فانقلبت بهم. وارجع الحادث الى ضعف تركيز قائد السيارة بسبب الصيام.
واليوم الثالث من أيام الصوم يوم عصيب، يكون فيه المرء في أسوأ حالاته، ويصاب بصداع شديد تزداد حدته اذا ما استلقى ليسترخي. ومع ذلك، يبدأ الجسد بقدرته الهائلة على التكيف في التأقلم منذ هذه اللحظة مع المعطيات الجديدة، فتخف حدة الصداع والاحساس بالجوع، ويستطيع المرء ان يرى من يتناول الطعام دون ان يحسده. ومع انني كثيرا ما اشعر في المساء بانني نقصت، ولا استطيع القراءة، واجلس امام شاشة التلفزيون بلا ارادة، فانني لا اشعر برغبة في الطعام وبخاصة اللحوم.
مدفع الإفطار
ويستطرد هوفمان حديثه عن صيام شهر رمضان المبارك قائلا: يعلن عن نهاية يوم الصوم في العالم الإسلامي باطلاق مدفع، وعندئذ يتناول المرء بعضا من الماء أو من العصير. وعددا فرديا من ثمرات التمر او الزيتون، ثم يؤدي صلاة المغرب شاكرا لله أن اعانه على صيام اليوم. ويبدأ تناول وجبة الافطار في كل من الجزائر والمغرب بتناول شاي بالنعناع الأخضر، وحساء داكن اللون هو شوربة الفريك الجزائرية، والحريرة المغربية التي يختلف مذاقها الى حد ما من منزل الى آخر، الى جانب بيضة مسلوقة وتمر وتمر بالعسل، الذي كان طعام الرسول صلى الله عليه وسلم المفضل. وسرعان ما ينتعش الجسد مرة أخرى. وبعد فترة توقف قصيرة، يتناول المرء وجبة كاملة من اللحوم، وفي المغرب من الدجاج، ولحم الضأن المشوي، والكسكسي باللحم البقري، وحلوى وفواكه. وكان كل ذلك يتم للأسف بسرعة حتى انني اعود الى منزلي في الساعة التاسعة مساءً من دعوات للافطار في الساعة السابعة والنصف مساءً.
يختلف مفهومي عن رمضان، المبني على اتباعي للسنة، عن الكيفية التي يمارس بها في بعض البلدان الإسلامية، ومن بينها المغرب. فالناس هناك يميلون الى ان يعوضوا في الليل ما فاتهم في النهار، فيشاهدون التلفزيون، ويلعبون الورق (الكوتشينة) حتى منتصف الليل، حيث يتناولون وجبة ثالثة (السحور). ومن ثم، لا يأخذ كثيرون من الجزائريين والمغاربة قسطا كافيا من النوم، بل انهم لا يتمتعون في الساعات القليلة التي يخلدون فيها الى النوم بنوم مريح من فرط اتخام معداتهم بالطعام. ويترتب على ذلك، انهم لا يلحقون بصلاة الفجر، وبصفة خاصة في رمضان. ولا يفيدون بشيء في ضحى اليوم التالي. ومن شأن هذا أن ينمي الاتجاه الغريب نحو استبدال الليل بالنهار في رمضان.
وفي واقع الأمر، يرتفع كثيرا استهلاك الأغذية في هذه البلدان في رمضان، بدلا من ان ينخفض. أما ما ينخفض بالتأكيد، فهو انتاجية العمل. ويؤثر رمضان على الانتاج القومي في هذه البلدان، كما لو كان فترة اجازة ثانية. أما ما أراه عبثا، فكان دعوتي من قبل شخصيات رفيعة المستوى الى تناول طعام الافطار باستخدام أدوات مائدة مصنوعة من الذهب، وكذا أن يبدأ المسلم تناول الطعام بقول: "Bon Appetit"، أي "شهية طيبة"، بدلا من قول "بسم الله" على طبق طعامه المليء بخيرات البحر، وقبل ان يؤدي صلاة المغرب. ولقد بدا لي دائما انه من غير المنطقي ان يصوم من لا يصلي. ولكن هذا السلوك يكشف عن حقيقة ان صوم رمضان اصبح يمارس في اقسام من عالم المسلمين على نحو يجرده من مغزاه الديني، ويجعله جزءا متحررا من المدنية. وهذا يفسر ايضا السلوك الغريب من جانب بعض المسلمين اذ يمتنعون عن تناول الخمور في شهر رمضان، باعتباره شهر اسلام مقابل احد عشر شهرا للراحة من الإسلام!
السحور وقرآن الفجر
يمضي يومي في رمضان في الفترة بين عاميّ 1987 الى 1994 على نحو مختلف تماما. فأنا آوي الى فراشي بعد صلاة العشاء، أي حوالي الساعة الحادية عشرة، وأضبط المنبه على الساعة الثالثة والنصف او الرابعة صباحا، لاستيقظ قبل بداية الصوم بنحو 40 دقيقة كي اتناول، قبل انطلاق مدفع الامساك، طعام السحور واشرب كثيرا من الماء. وبعد ذلك، اقضي ما تبقى من وقت حتى الفجر في قراءة القرآن. وبعد صلاة الفجر، أنام ساعتين. وكان العمل في سفارتي يبدأ متأخرا ساعة عن المعتاد. وكنت انجز بالفعل اكثر مما انجز في الأيام العادية، خاصة ان العمل يشغل عن الاحساس بالمعدة الخالية. وكنت في رمضان اجلس في مآدب غداء العمل الدورية التي يقيمها زملائي من البلدان اعضاء الاتحاد الأوروبي وأمامي طبق خال. وكان زميلي الفرنسي في الرباط مسيو دي كونياك يشاركني سلوكي "تضامنا" منه مع ابناء البلد المضيف، كما كان يقول، وهذا مما يعد تصرفا سياسيا بارعا.
الدروس الحسنية
ويقول هوفمان: كان يوم عملي في رمضان ينتهي عادة بحضور دروس دينية "درس الحسنية" في القصر الملكي بالرباط. وكانت الحكومة المغربية باكملها، وهيئة الأركان العامة، وعلماء المسلمين، وسفراء الدول الاسلامية، يجتمعون يوميا، ابتداء من الساعة الخامسة بعد الظهر في القصر الملكي المغربي. وكنا نستمع الى تلاوة قرآنية الى ان يصل العاهل المغربي الملك الراحل الحسن الثاني والأمراء. وكان من يلقون الدروس محاضرين مدعوين من جميع أنحاء العالم الاسلامي، من بينهم مسلمون اميركيون، واعلام كالشيخ محمد سيد طنطاوي من القاهرة شيخ الأزهر الحالي، وكانوا يجلسون على المنبر التقليدي، بينما يجلس الملك الحسن الثاني مثلنا جميعا عند أقدامهم في مربع حولهم.
كنت أنا وزملائي المسلمون نتناوب الدعوة الى طعام الافطار حوالي الساعة السابعة مساء. وعندما كان دوري يحين، كان بهو مقر اقامتي في سويسي الواقع بين غرفة الاستقبال (الصالون) وغرفة الطعام يتحول الى مسجد، حيث كانت ارضه تغطي بسجاجيد صلاة. ولقد صارت العلاقات والصلات التي اقمتها في هذه المناسبات مع بعض من اعضاء الحكومة ومن مستشاري الملك الراحل الحسن الثاني ذات طبيعة دائمة وقوية بمرور الوقت. ومن المعتاد، ان افقد بانقضاء شهر الصوم ما يتراوح بين 8 ـ 5 كيلوجرامات من وزني. وبتعبير أدق: فانني اقترب من وزني المثالي.
حركات تجويع بهلوانية
ينطوي الصوم، الى جانب بعده المادي، على بعد روحاني يصير بدونه مجرد حركات تجويع بهلوانية. وشهر رمضان شهر معظم، لما له من أهمية في تاريخ العالم. فلم يشهد رمضان موقعة بدر (عام 622م) ذات الأثر الحاسم في بقاء وتثبيت المسلمين الأوائل فحسب، وانما الأكثر اهمية من ذلك ان به ليلة القدر التي بدأ فيها نزول الوحي بالقرآن. وعن هذه الليلة احادية الرقم التي تقع بين الليالي الأخيرة من رمضان، يقول الله في السورة 97: بسم الله الرحمن الرحيم "إنَّا أنزلناه في ليلة القَدْر @ وما أدراك ما ليلةُ القدْر @ ليلةُ القدْر خير من ألف شهر @ تنزَّل الملائكةُ والرُّوح فيها بإذن ربهم من كل أمر @ سلام هي حتى مطلع الفجر". هذا نص يصلح للتأويل والتفكر.
لقد جرت العادة على اعتبار ليلة السابع والعشرين من رمضان ليلة القدر. وتشترك ليلة القدر مع ليلة عيد الميلاد، وان يكن عن بعد، في ان المرء يهدي فيها (إخراج زكاة الفطر). كما تقام فيها ـ كغيرها من ليالي رمضان ـ صلاة التراويح، وتكثر تلاوة القرآن والتواشيح والأدعية. ومن ثم، فما لم يدرك المرء في هذه الليلة مغزى الرسالة والوحي، فمتى عساه يدركه؟!
وصوم رمضان، فرض على المسلمين. وهم يعتبرونه عبادة، باعتباره احد أركان الاسلام الخمسة التي لا تحتاج الى تبرير مقنع. فالمسلم، بوصفه عبدا لربه، يصوم لأنه أمره بالصوم. فالطاعة هنا واجبة. ويستطيع المرء ان يكتشف بسهولة ان هذا الفرض لم يفرض لله، وانما فرض من الله للناس.
منذ ان عادت رشاقة القوام لتصبح زيا سائدا (موضة)، راح النساء يتبعن نظما للتغذية تذكر بالصوم، كما يمكن ان تؤدي الى نحافة مرضية. ومع كثرة الحديث في الآونة الأخيرة عن اضرار الكوليسترول والوزن الزائد، ظهرت عروض مختلفة لبرامج التخسيس او انقاص الوزن.
إذكاء الإحساس الاجتماعي
ومن ناحية الصوم الاسلامي، فانه يفي بهذا الغرض وزيادة. فهو يؤدي، على سبيل المثال، الى اذكاء الاحساس الاجتماعي حيث يشعر الصائم مرة واحدة على الأقل في السنة بما يشعر به من يرغم على الصوم في العام كله، بسبب ما يعانيه من شح في الغذاء او المال.
وبالنسبة لي، لعل اهم اثر جانبي لصوم رمضان فيّ، انني استطيع ـ في رمضان ـ ان اختبر ما اذا كنت ما أزال سيد نفسي أم انني صرت عبدا لعادات تافهة، وما اذا كنت ما ازال قادرا على التحكم في نفسي ام لا. واتمنى ان يكون فرحا وليس غرورا ذلك الذي اشعر به بعد انتهاء آخر أيام رمضان، اي عند صلاة المغرب، من أنني استطعت بعون الله ان اصومه.

اختلاف رؤية هلال رمضان يعرض المسلمين لسخرية البعض
استوقفت المفكر الاسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الالماني السابق في رحلته الايمانية التي قادته الى اعتناق الاسلام في مطلع الثمانينات، ظاهرة اختلاف رؤية هلال رمضان التي تتجدد كل عام في العالم الاسلامي، على الرغم من المؤتمرات والندوات التي تشير بياناتها الختامية الى ضرورة توحيد رؤية هلال رمضان في البلاد الاسلامية.
ويقول هوفمان متسائلاً: من ذا الذي يستطيع ان يقول لي بثقة متى يبدأ رمضان؟ ومتى ينتهي؟ وقد يقول المرء ان تحديد متى واين يظهر الهلال الجديد امر فلكي يقين في ايامنا هذه. وهو بالفعل كذلك. ومع ذلك، فمن المخزي ان يظل مسلمو هذا الارض مختلفين في ايام بدء وانتهاء صومهم، تبعاً لكونهم اتراكاً او مغاربة او مصريين. وهذا امر من شأنه ان يضر بالصوم كحدث اجتماعي، وان يعرض المسلمين لسخرية البعض.

د. هوفمان: اليس من الممكن توحيد مواعيد شهر الصوم في العالم الاسلامي بناء على الحسابات الفلكية بالقياس الى مكة؟
يرجع الدكتور مراد هوفمان اختلاف رؤية هلال رمضان في البلاد الاسلامية الى سببين: أولهما، ان الأمة مجزأة الى دول قومية، ولا يكفي التركي او المغربي ان يعرف ان رؤية الهلال ثبت في مكة، اذ لا بد بالنسبة لكل منهما ان تثبت رؤيته في قونية او فاس. ويترتب على ذلك اختلاف في تحديد يوم بداية ونهاية شهر رمضان، لأن الترتيب الوضعي بين الشمس والأرض والقمر يختلف في كل بقعة من الأرض عنه في غيرها. ويتباين الاختلاف في موعد ظهور القمر في يومين متتاليين عن الاختلاف فيهما في موعد شروق الشمس، فيبلغ دقيقتين في شروق الشمس، بينما يبلغ خمس عشرة دقيقة في ظهور القمر.
أما السبب الثاني، فيدركه المرء على نحو أفضل. فلقد جرت العادة في عصور الاسلام الأولى على ان تثبت رؤية الهلال بالعين المجردة، وليس بالحسابات الفلكية او بالتنبؤات، وهو ما لم يمثل في ما مضى ولا يمثل اليوم أي مشكلة، بفضل الظروف المناخية في شبه الجزيرة العربية. واستنادا الى ذلك، يرى بعض الفقهاء المتشددين أن رؤية هلال رمضان بالعين المجردة من شخص موثوق به تقليد ضروري لا غنى عنه، وان الحسابات الفلكية غير كافية في هذا الشأن. ويعادل رفض التواريخ الفلكية عدم الأخذ في قانون العقوبات بدليل مبني على اساس غير قانوني.
الإجراءات الموروثة
ويتمسك المتشددون بالاجراءات الموروثة لتحديد بداية الشهر القمري، حتى وان حالت الظروف المناخية دون رؤية الهلال الذي يكون موجودا بالفعل. ويمكن ان يترتب على ذلك، كما حدث في عام 1994، ان يفطر المرء في المغرب متأخرا يومين عنه في السعودية. وعندما نقلت الاحتفالات بعيد الفطر في مكة، عبر وسائل الاعلام، في ثاني ايام الصوم الزائدة في المغرب عنها في السعودية، رأى بعض البسطاء في المغرب ان هذا الاختلاف أمر مخز ومشين! أليس من الممكن حقا ان توحد مواعيد شهر الصوم في انحاء العالم الاسلامي كافة بناء على الحسابات الفلكية بالقياس الى مكة، أسوة بما هو متبع في حالة تحديد مواقيت الحج، ومن ثم أيضا عيد الأضحى؟!
وعندما يتناول المرء يوم عيد الفطر أول قدح من القهوة في أول افطار منذ 29 أو 30 يوما، يشعر بألذ مذاق. وعند صلاة العيد في المسجد لا يلتقي المرء الا بأناس تشع منهم اشراقة داخلية. ولعل مما يبدو غريبا وان كان حقيقة ان يشعر المرء بالجوع عند الظهر لأنه تناول طعام الافطار، بينما ينسى طعام الغذاء في رمضان على الرغم من انه لم يتناول طعام الافطار. وهكذا تعود الأيام سيرتها الأولى.
زر رمضان
انني احتفظ لنفسي بما أسميه "زر رمضان". فعندما تكون هناك ضرورة بين الحين والآخر على مدار العام لترك وجبة او وجبتي طعام، اضغط ذهنيا على هذا الزر الذي يعيدني نفسيا الى رمضان بنفس الوضع ونفس الشعور. وسرعان ما احتمل جوعي، ولا اعيره اهتماما. وانني اترقب رمضان المقبل بسعادة غامرة، حتى وان لم يصدقني في ذلك احد.
مع مسلمين حول مائدة الطعام
ويذهب هوفمان الى انه اذا كنا قد تحدثنا في ما سبق عن الصوم أو الامتناع عن تناول الطعام، فلقد آن لنا ان نؤكد ان المسلمين لا يأكلون فقط، وانما يحق لهم ان يأكلوا باستمتاع وتلذذ كل ما هو صحي، وهذا يعني كل شيء ما عدا لحم الخنزير (والخنزيرالبري أيضا)، والميتة ومنتجات الدم مثل السجق المصنوع من الدم، ومشتقات الخنزير كالحلوى التي يدخل شحم الخنزير في صناعتها، وكذا الحلوى التي تحتوي على خمور.
ومن الخطأ تصور ان تحريم القرآن لتناول لحم الخنزير انما يعود الى اسباب مناخية فقط، او الى عدم القدرة على التعامل مع الدودة الشريطية في القرن السابع الميلادي. فنحن نعلم اليوم ان تناول لحم الخنزير يؤدي الى الاصابة بسرطان الامعاء وبالتهاب المفاصل، وبالاكزيما والدمامل والى ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والى الاصابة بحمى القراص بسبب ارتفاع نسبة الهستامين.
ان تناول الطعام جلوسا على الأرض حول قطعة من الجلد دائرية او مربعة او بيضاوية الشكل، وليس على منضدة لا يقتصر فقط على البدو المرتحلين في الصحراء، وانما يمارسه ايضا بعض اخوتي المؤمنين في ألمانيا. فنحن عندما نتناول طعامنا على سبيل المثال في دار الاسلام في ليتسيل باخ في أودن فالد، نعد قطعة مماثلة من الجلد في قاعة الاجتماعات والصلاة، ونجلس او نستلقي عليها مثلما كان الاغريق الأقدمون يفعلون، وان يكن بدون نبيذهم. وهكذا يفعل بعض المسلمين في الغرب تقليدا، ولو في بعض الشكليات غير المهمة، للرجل الذي يدينون له بالكثير من الفضل... محمد صلى الله عليه وسلم. وتنطوي قطعة الجلد المشار اليها على معنى رمزي. فهي تذكرنا باننا جميعا بدو مرتحلون دائما على طريق عودتنا الى الله.
سلوك عملي
هذا السلوك في واقع الأمر سلوك عملي، اذ ان حمل ونقل هذه القطعة من الجلد أيسر كثيرا من تحريك منضدة في مسكن، او من شحنها في سيارة. وهكذا يمكن استغلال المكان الذي يتناول فيه المرء الطعام على رقعة (قطعة) الجلد في اغراض متعددة. ولكن ينبغي ملاحظة انه قليلا ما يتناول المرء الطعام واقفا أو جالسا القرفصاء او مستلقيا بما يضغط على المعدة. فالجلسة الصحية تكون بمد الساقين ناحية اليمين، مع الاتكاء على الذراع الأيسر. ومن ثم تبقى اليد اليمنى طليقة لتناول الطعام بها.
هناك، مع ذلك، في العالم العربي أيضا من يتناول الطعام واقفا كما هو الحال في تناول الطعام في محلات الوجبات السريعة في اوروبا واميركا. وفي الجزائر، جرت العادة على ان يتناول الناس شاة مشوية وهم وقوف حول منضدة الطعام، حيث يمكن ان تلتهب اصابع يد من يبدأ بقطع اللحم، الذي يؤكل معه خبز وبصل وملح وكمون. أما في بقية البلدان العربية من المغرب الى السعودية، فيأكل الناس الشياة المشوية وهم جلوس.
تعد التغذية السليمة، من اجل الحفاظ على سلامة الجسم، لصالح المرء نفسه ولصالح اهله، في المنظور الاسلامي فرضا، ومن ثم عبادة. لذلك يبدأ المسلم تناول طعامه بالبسملة، اي: بسم الله الرحمن الرحيم، وينهيه بالحمد، أي الحمد لله. وبما ان تناول الطعام عبادة، فان المسلم لا يقطع تناوله للطعام عندما ينادي المؤذن لعبادة اخرى، هي الصلاة، طالما كان هناك متسع من الوقت لادائها.
ولأن تناول الطعام عبادة، يحرص المرء على الا يسرف فيه، وعلى ألا يتناول منه ما يزيد على حاجته، وعلى ان يتوقف عنه على الرغم من شعوره بأنه يستطيع ان يستمر فيه، وعلى ألا يشبع حتى الامتلاء. وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" (الاعراف: 31).
ومن المفروض ان يتوقع المرء ان يأتيه ضيوف فجأة، ولذلك ينبغي اعداد طعام يكفي لعدد اكبر من عدد الموجودين بالفعل. وتقضي التقاليد الاسلامية في مثل هذه الحالات، بان طعاما لفردين يكفي لثلاثة أفراد، وان طعاما لثلاثة أفراد يكفي أيضا لخمسة. لذلك لا يجد المرء في بلاد المسلمين حرجا في ان يزور احدا في وقت تناول الطعام، أي كما يقول الاميركيون جرب "حظك مع القدر".
الضيف المفاجئ
من كان مثلي وزوجتي، مضيفا رسميا في العالم الاسلامي يعرف ان المرء لا يستطيع ان يتوقع بدقة عدد من سيأتيه من ضيوف على مائدة العشاء فمن المحتمل ان يتخلف عدد غير قليل من المدعوين عن الحضور، بعد ان يكونوا قد اكدوا انهم سيحضرون. ومن المحتمل ايضا ان يحضر عدد من الضيوف يزيد كثيرا عن عدد الذين وجهت اليهم الدعوة مما قد يسبب حرجا للمضيف وللضيوف على السواء.
بسبب مثل هذه المواقف التي تساهم في اظهار العربي في صورة المهمل، كنا نتجنب بقدر المستطاع توجيه دعوة الى تناول طعام العشاء جلوسا حول منضدة، وفق ترتيب معين الى نحو 24 شخصا. وبدلا من ذلك، كنا نفضل ان ندعو الى تناول طعام العشاء في بوفيه مفتوح يصل الى 85 مدعوا ينتشرون على كثير من المناضد صغيرة الحجم موزعة بدون ترتيب تقريبا.
لذلك، يعزى تخلف ضيف عربي عن تلبية دعوة الى تناول طعام العشاء، على الرغم من التأكيد المسبق بالحضور، الى اسباب كثيرة غير العقبات المرتبطة بالعمل. ومن ذلك على سبيل المثال ان يكون قد استقبل ضيوفا على نحو مفاجئ، او ان تصر زوجته على ان ليس لديها ما ترتديه من الثياب. الا ان ما اصابني بدهشة الجمت لساني، كان اعتذار ضيف شرف مغربي عن عدم حضور حفل عشاء اقمته على شرفه، لأنه لم يكن يشعر بجوع. وكان هذا فيما اعتقد اصدق أسباب الاعتذار.
التفاخر والمباهاة
ولقد كنت انا وزوجتي نلبي جميع الدعوات التي توجه الينا، سواء أكانت دعوة من وزير أم من سائق سيارتي، أم دعوة من اميرة أم من خادمتنا. وهكذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يلبي حتى دعوات العبيد، ولم يجز رفض الدعوة إلا لسببين، وهما ان تؤدي الدعوة الى استدانة الداعي، او ان تكون لغرض التفاخر والمباهاة. ولذلك، لم اشعر بحرج لرفض دعوات كثيرة وجهت لي لحضور حفلات زفاف، لعلمي ان والد العروس يبغي المباهاة بحضوري كسفير.
يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:27 PM
"الإتيكيت" الاسلامي في الطعام يختلف تماما عن "الإتيكيت" الغربي.
يختتم المفكر الاسلامي الدكتور مراد هوفمان السفير الالماني السابق حديثه عن رحلته الايمانية التي اوصلته الى بر الامان باعتناقه الاسلام. وبعد ان توقفنا معه طويلا في محطة من المحطات المهمة في هذه الرحلة في حلقة الامس، حيث تحدث عن الاجواء الروحانية التي يعيشها المسلم في مشارق الارض ومغاربها خلال شهر رمضان المبارك، الذي هو شهر التوبة والغفران بمعنى انه شهر خلاص المسلم من الآثام والذنوب وأمل المسلم في المغفرة والرحمة. ينقلنا اليوم بحديثه عن آداب الطعام عند المسلمين الى جو آخر وعالم مختلف.
ويتحدث الدكتور هوفمان في هذه الحلقة عن كيفية تنظيم الاسلام لنواحي الحياة كافة، مستعرضا الملامح العامة التي تشكل آداب الطعام عند المسلمين اي "الاتيكيت" الاسلامي في الطعام الذي يختلف اختلافا كليا عن "الاتيكيت" الغربي في الطعام، مشيرا الى آداب وتقاليد كل منهما في مقارنة سريعة.
د. هوفمان: آداب الطعام في المغرب لها تقاليد راسخة وطقوس جميلة.
< يقول الدكتور هوفمان مثلما ينظم الاسلام نواحي الحياة كافة، فانه كذلك ينظم آداب الطعام، وهي ما نسميه "إتيكيت". والكثير من هذه الآداب مألوف لنا، لأنها آداب معروفة على نطاق العالم كله، بينما بعضها الآخر خاص بالمسلمين وحدهم، اهتداء بسلوكيات أتاها الرسول صلى الله عليه وسلم فعلا، او تنفيذا لتوصيات أوصى بها.
ففي بعض البيوت العربية، يستقبل الضيف بالتمور، ويساعده المضيف على خلع معطفه، ولا يتخذ مكانه في صدارة المجلس ما لم يصر المضيف على ذلك. وقبل تقديم الطعام، يتيح المضيف لضيوفه ان يغسلوا أيديهم، لأن المرء في نهاية الأمر يأكل بيده. ويحول بعض المضيفين، وبصفة خاصة في المغرب، الأمر الى طقوس جميلة وتقاليد راسخة، حيث يلتف الجميع حول حوض عليه صابون، بينما يصب الماء للضيوف شخص غالبا ما يكون هو المضيف نفسه. ويتكرر ذلك مرة اخرى بعد ان ينتهي الضيوف من تناول الطعام. ويقوم المضيف بتعطير يدي الضيف عند انصرافه بماء الورد او ماء البرتقال.
وينظف بعض المسلمين اسنانهم بالسواك، بعد الانتهاء من تناول الطعام. والسواك غصن صغير (سمكه حوالي 15 مم) من خشب لين تماما. ولدي أنا أيضا سواك حصلت عليه من المدينة المنورة، وميزته ان استخدامه لا يحتاج الى ماء ولا الى معجون أسنان.
لكي يستطيع المرء ان يتناول طعامه بيده، يجري تجزئة الطعام الى قطع صغيرة تغني عن الحاجة الى السكين. ومع ذلك، تقدم اليوم أدوات المائدة كاملة، ولا يقتصر الأمر على تقديم ملعقة الحساء فقط. ولا تسمح التقاليد باستخدام أدوات مائدة مصنوعة من الفضة، لا لكونها من مادة صنع النقود فحسب، وانما لأن ادوات المائدة الفضية ترف غير اسلامي بالنسبة لهم (وهو ما ينبغي ان يذكر به المرء بصفة دورية في مقار السفارات الاسلامية).
آداب الطعام
ويضيف السفير هوفمان قائلا: عندما يقدم الطعام، يأكل المرء مما يليه مباشرة من لحم او حلوى او فاكهة. ويهتم المضيف والجالسون بجوار المرء عادة بان يجد بطبقه كل ما لذ وطاب. وكثيرا ما يملأ لي البعض طبقي بما لذ وطاب دون اكتراث بمعارضتي الشديدة. ويخدم المرء نفسه ويأكل بثلاثة من اصابع يده اليمنى، هي الابهام والسبابة والوسطى، لأن الأكل باصبعين أمر عسير جدا، والأكل بكل اصابع اليد نهم مستهجن. واذا لم يستسغ المرء نوعا من الطعام فله ان يتركه جانبا ولا يأكل منه، وكان محمد صلى الله عليه وسلم نفسه يفعل ذلك، اذ كان لا يستسيغ الطعام الذي يحتوي على كثير من الثوم. ومن ناحيتي، فانني للأسف لا استسيغ طعم الكمون. ومرد الأسف هنا ان لهذا الصنف من التوابل دورا كبيرا في الشرق كله.
من اليسير على المرء ان يترك صنفا من الطعام دون ان يتناوله، عندما تقدم الوجبة باكملها ـ من المشهيات الى الحلوى ـ دفعة واحدة. ولقد خبرت ذلك، عندما دعاني الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الى تناول طعام الغداء معه، حيث كانت المائدة تبدو وكأنها تقوست تحت تأثير ثقل ما تحمل من طعام. وهو نفس ما حدث عندما كنت ضيفا على طعام الغداء يوم عيد الأضحى، على مائدة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود بمنى. ومن طبيعتي ان افقد شهيتي للطعام تماما عندما أرى أمامي ثمار الموز او الحلوى (تورتة بالكريمة) بجوار كبد مشوي او دجاجة محشوة بالنقل (المكسرات) وريش ضأن مشوي. لذلك، لم اتناول في منى سوى بضع ثمرات وقطعة خبز وثمرة موز، وانحنيت نحو الملك المضيف وانصرفت.
وتبعا لآداب الطعام عندنا في الغرب، يعد الانصراف فور الانتهاء من تناول الطعام اهانة بالغة، حيث اننا نشأنا منذ الطفولة على ألا ننصرف من حول مائدة الطعام قبل ان يأذن لنا الأم والأب. ولكن الأمر يختلف تماما حسب "الاتيكيت" الإسلامي، حيث يبدأ المضيف المسلم تناول الطعام (قبل ضيوفه ليثبت لهم سلامة الطعام وعدم خطورته) وآخر من يتوقف عن تناوله. وهكذا يبقى المضيف، حتى وان كان ملكا، آخر من يجلس بمفرده الى مائدته. ومن ثم، فقد كان سلوكي سليما.
وربما يستطيع المرء ان يعترض بأنني كنت استطيع على الأقل ان اجري في منى حوارا طيبا حول مائدة الغداء دون ان اتناول كثيرا من الطعام. حسنا! ولكن هذا ليس من الاسلام في شيء. فالمرء كضيف في بيت مسلم يستفيض في تجاذب اطراف الحديث قبل تناول الطعام، ويتحدث قليلا جدا اثناء تناوله، وينصرف بعد الانتهاء منه بقليل. ومن شأن هذا النظام ان يعطي للمضيف فرصة لتحديد طول الفترة التي يبقى فيها ضيوفه عنده.
اذا كنت قد تحدثت عن موائد عامرة باصناف وكميات الطعام، حتى لتكاد تتقوس من ثقله، فانني لم اقصد بذلك ان الاسراف، وفي المقام الأول القاء الطعام في اناء الفضلات، يمكن ان يكون سلوكا إسلاميا. بل انه على العكس من ذلك تماما. فالمضيفون المسلمون من دبي حتى مراكش يعتبرون ان من واجبهم اكرام الضيف وتدليله. وعلى أي حال، فهناك، خلف الكواليس، جيش كامل من العاملين ومن الفقراء مستعد لتلقي ما يتبقى من الطعام.
تمثل الحفاوة البالغة بالضيف في الشرق مشكلة لمن يزوره من الرسميين الألمان، لأن اللوائح المالية لجمهورية ألمانيا الاتحادية الغنية لا تسمح لممثليها ـ سواء كان رئيسا اتحاديا أو وزيرا أو مندوبا ـ ان يرد المعاملة بالمثل. ولا يعود ذلك فقط الى رقابة ديوان المحاسبات الاتحادي علينا، وانما هو ايضا نتاج لعملية وئيدة الخطى للتحول الى اقاليم، ولاشاعة البيروقراطية، وللفرز البروليتاري على نحو افقدنا القدرة على ان نحتفل وان نستضيف بكرم وحفاوة واناقة.
ولقد قدم المغرب، باستضافته مندوبي عالم المال بأكمله في مؤتمر الجات بمراكش في ابريل (نيسان) عام 1994، المثل على مدى اهمية كرم الضيافة في التقاليد الاسلامية. ولقد انصرف بعض المندوبين الغربيين، يسيطر عليهم شعور بالخزي، من ضيافة الأمير محمد ولي العهد المغربي الذي استضافهم استضافة ملوك في خيمة تغطي أرضيتها بسط فاخرة، قدمت لهم أثناءها ألعاب نارية.
المطبخ الإسلامي
بعد وصف الكيفية التي يجري بها تناول الطعام في العالم الاسلامي، يأتي الآن عرض للأطعمة التي يتناولها الناس هناك. والمطبخ الاسلامي، مثله مثل الفن الإسلامي، يتعرف عليه المرء للوهلة الأولى على الرغم من تنوعه الشديد. ويرجع هذا التنوع الشديد الى ان كل مجموعة قومية، من موريتانيا حتى بلوخستان، لها وجباتها القومية الخاصة بها، والتي تساهم بها في هذا المطبخ. وفي موسم الحج، تتحول مكة الى بوتقة يتحقق فيها انصهار مثالي لمطبخ إسلامي. ويتمثل القاسم المشترك في هذا المطبخ في سيطرة المطبخ التركي الذي يعد، الى جانب المطبخين الصيني والفرنسي، أحد أشهر وأشهى ثلاثة مطابخ في العالم. ويمكن للمرء في الواقع ان يحدد درجة تأثر المطابخ القومية المختلفة، كالمطبخ المصري والسوري واللبناني، بالمطبخ التركي.
وتشترك كل هذه المطابخ في كونها مثالا جيدا للعادة التركية المتمثلة في بدء تناول الطعام بتناول عدد لا حصر له من "المشهيات" (المزة) سهلة الهضم، الباردة او الدافئة، كالخضراوات والسلاطة والفواكه والبطيخ والكبد، المخ، والزبادي، وورق العنب المحشو وفاصوليا حمراء وسلاطة خيار... الخ. ولقد تبينت زوجتي اثناء جمعها وصفات (الاطعمة كثيفة العمل اليدوي) ان المشهيات تزيد على الوجبات الرئيسية في العالم الاسلامي بصفة عامة.
لقد جرت العادة في بلاد الخلفاء والسلاطين والأمراء ان يقدم الطعام في تتابع يأتي الحساء في نهايته، ويجري تناول قدح من شربات الفواكه بين الوجبات الرئيسية المكونة من السمك واللحم. ولكن الأمر يختلف عن ذلك في العالم العربي اليوم، اذ يهاجم المرء الضيف بأطباق متوالية من اللحم ظنا من المضيف ان طعامه يخلو عادة من اللحم.
يعلم الجميع ان الاسلام ليس دينا نباتيا. ولكن ربما لا يعلم الا القليلون من غير المسلمين انه محرم على المسلمين ان يأكلوا لحم الحيوانات التي لم تذبح وفق الشريعة الإسلامية. فوفقا للشريعة الاسلامية يذبح الحيوان راقدا وبسكين حادة جدا. ولتجنيب الحيوان الاحساس بآلام نفسية، لا بد من ان يغذى تغذية جيدة الى ان يحين موعد ذبحه، وألا يتعرض لمشاهدة حيوان آخر وهو يذبح، وألا يشاهد حتى السكين وهو يشحذ. بل ان من آداب الذبح في الاسلام، ان يخفي الجزار السكين خلف ظهره، وهو مقبل على الحيوان لذبحه. والجزار المدرب يقطع الحلق والمريء وشرايين الرقبة بضربة سكين واحدة، حتى يغيب الحيوان عن الوعي مرة واحدة، فينزف دمه تماما، ويسلم الروح بدون ألم.
أمر يدعو إلى السخرية
وبالنظر الى كل ذلك، يسمح للجماعة اليهودية في ألمانيا ان تذبح ذبائحها وفق الشريعة اليهودية، بينما يمنع المسلمون من هذا الحق، وهو امر يدعو الى السخرية. وفي شأن ذلك، يقول القرآن: "... فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم" (سورة الانعام: الآية 145). وتستنتج السلطات الألمانية من ذلك نتيجة "منطقية"، مؤداها انها اذا منعت المسلمين من ان يذبحوا ذبائحهم وفق شريعتهم، فسوف يضطرون الى اكل لحوم حيوانات لم تذبح وفقا لها. ولكن هذا التصور ينطوي على خطأ فادح في الحساب، لان اضطرار المسلم الذي ورد ذكره في القرآن ينطوي على محاولته درء خطر موت يتهدده جوعا. ومن ثم، فالمسلم في ألمانيا مضطر إما الى الاستغناء عن اللحوم بالأطعمة النباتية، وإما الى شراء اللحم من الجزارين اليهود.
يحذر القرآن من تحريم ما احله الله للناس من طعام: "قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نُفصِّل الآيات لقوم يعلمون" (سورة الأعراف ـ الآية 32). ومن ثم فانه يحث على تناول مواد غذائية بعينها، كاللبن والتمر والزيوت النباتية والأعناب والعسل الذي وصفه بأنه دواء "فيه شفاء للناس" (سورة النحل ـ الآية 69). ولذلك يضعه المرء في جميع الحلويات تقريبا في العالم الاسلامي، كالبقلاوة على سبيل المثال.
يمكنني ان اذكر على وجه السرعة وجباتي المفضلة في العالم الاسلامي. ففي المناطق الحارة، يحتاج المرء الى تناول الكثير من المشروبات التي تصل كمياتها الى 7 لترات يوميا، وبصفة خاصة اذا كان المرء يعيش منذ عشرين عاما باحدى كليتيه فقط. لذلك، فان اول ما يخطر ببالي من المشروبات هو اللبن باللوز، والقرفة والزنجبيل والقهوة التركي والشاي بالنعناع والقهوة التي تقدم في أبهاء فنادق المشرق العربي كافة والتي يشعر المرء بانه استعاد حيويته من جديد بعد ان يحتسي ثلاثة اقداح منها.
في أول زيارة لنا الى مكة في عام 1982، طلبنا في احد المطاعم ابريقا من القهوة، كما هي العادة في ألمانيا عندما يتناول مجموعة من الاصدقاء القهوة معا. وكلما كرر النادل السؤال اكثر من مرة عن طلبنا بهدف التأكد، أرجعنا ذلك الى مشكلات وصعوبات تتعلق باللغة.. واخيرا، احضر لنا طائعا ابريقا يمنيا تقليديا مملوءا بالقهوة العربية. لكننا لم نتمكن، بطبيعة الحال، من احتساء كل ما به كاملا، اذ شعرنا ان ضربات القلب راحت تتسارع بعد احتساء ما يعادل نصف قدح من الحجم الألماني.
طقوس إعداد الشاي الأخضر
كنا على موعد مع القدر، عندما أتيح لنا ان نشهد طقوس اعداد الشاي الأخضر بأوراق النعناع في ضاحية النخيل بواحة العطوف في جنوب الجزائر. وكنت قد القيت عام 1989 محاضرة في واحة بني عزجون المجاورة، حول عشر نقاط في العالم الاسلامي لا تروق لي، وبعدها قضيت ليلتي وحيدا في كوخ وسط عدد من اشجار النخيل. وفي الصباح، حضر مضيفي حاملا معه طعام الافطار وعددا من الاقداح والعلب. وغسل الابريق بماء ساخن، ثم غسل الشاي بماء ساخن داخل الابريق، وتخلص بعد ذلك من الماء ثم اضاف اوراق النعناع والكثير من السكر والماء المغلي الى الشاي. وراح بعد ذلك يصب الشاي في الاقداح من ارتفاع قدره حوالي نصف متر، دون ان تهدر نقطة واحدة منه ولا اعتقد ان هناك طريقة امتع من ذلك ليبدأ بها المرء صباح يوم جديد.
من بين اطعمة المسلمين التي افضلها: الباذنجان المحشو والمقلي، وسلاطة الجبن الفرنسي، والدجاج المحشو بالمكسرات، وريش الضأن، والحمص، والكباب، والأرز الشرقي وبخاصة الباكستاني (الذي يحتوي على كثير من القرفة والزبيب)، والتبولة والكسكسي الحلو، والعاشوراء، والمهلبية، وأم علي.
المصدر:
الهيئة ا لعالمية للمسلمين الجدد
http://www.4newmuslims.org/whyislama.htm

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:30 PM
الفيلسوف السويدي هوجان لارسون


أصبحت ظاهرة المتحولين إلى الإسلام في الغرب ملفتة للنظر، فأعداد الغربيين الذين أسلموا ويسلمون باتت مدهشة للغاية، ولم يعد الأمر مقصورا على فئة دون أخرى بل إنّ المتحولين إلى الإسلام في الغرب يتنمون إلى الجنسين معا، وإلى مختلف المستويات العلمية والأكاديمية، كما فعل أخيرا الفيلسوف السويدي هوجان لارسون الذي أعلن عن إسلامه في السويد، وقد حدث ذلك بعد دراسات مستفيضة عن الإسلام قام بها لارسون الذي توجّ كل ذلك بإعلان إسلامه في مدينة مالمو في الجنوب السويدي، ومن هؤلاء المتحولين السويدي ميكائيل بليخيو الذي سمّى نفسه إبراهيم، لم يكتف بإعلان إسلامه بل تعمقّ في الدراسات الإسلامية وفتح مدرسة إسلامية في مدينة أوبسالا السويدية لتعليم أبناء الجالية المسلمة في السويد تعاليم دينهم.. وقد كان لنا معه هذا اللقاء..

هل لك أن تحدثنا عن حياتك قبل الإسلام في السويد!

على إمتداد حياتي ومنذ أن بدأت ذاكرتي تعي كنت على الدوام أؤمن بأنّ الله موجود، لكن هذا الإعتقاد لم يكن مؤثرّا في حياتي، أو موجها لها، فهذا الإعتقاد كان في واد، وحياتي في واد آخر، لقد كانت حياتي مليئة بالمشاكل والعقد والإنكسارات، فقد توفيّت أمي عندما كان عمري 14 سنة، وسافر أبي إلى منطقة أخرى وقطن فيها، وتولى أخي الأكبر رعايتي، وكان مرا في رعايته لي، الأمر الذي جعلني أتوجّه إلى شرب الخمور وأتعاطى المخدرات –الحشيش على وجه التحديد-.. والحمد لله أنني اكتشفت الإسلام، الذي منحنى الطمأنينة واليقين والآمان ونقلني من دوائر الضياع والهلكة وإلى دائرة النور والإستقرار والعبودية، وقد توصلت باكتشافي للإسلام إلى معرفة كم هي الجاهلية مضرة للإنسان، وكم هي الهداية خلاقّة ورائعة وتصون فطرة الإنسان...

وكيف إكتشفت الإسلام؟

عندما كان عمري 17 سنة تعرفّت على عائلة من إرتيريا تقيم في السويد، وكنت عندما أزور هذه العائلة كنّا نتناقش حول الديانات والإسلام، والخصوصية الموجودة في الإسلام.. وما إلى ذلك من المواضيع ذات الصلة، وهذه النقاشات لم تكن لتوصلني إلى الإسلام، فقد كنت أعتبرها مجرد نقاشات عادية، خصوصاً بعد أن إستقرّ آلاف المسلمين في السويد، وأصبحوا ظاهرة حقيقية، وأعترف أيضا أنني بدأت أحب هذه النقاشات الحيوية، حيث عندما بلغت سنّ العشرين استعرت النسخة السويدية من القرآن الكريم، وأخذت أقرأ بتمعّن كل ما ورد في القرآن الكريم، وكان يهمني في هذه المرحلة عقد مقارنة بين الإنجيل -وكنت قد قرأته- والقرآن الذي تعرفت عليه حديثا. والطريف أيضا أنّ العائلة الإرتيرية قالت لي: أنّ القرآن مقدس بالنسبة للمسلمين، ولا يجوز لمسه إلاّ إذا كان الإنسان متوضئاً، ونصحوني بالوضوء لقراءة القرآن الكريم، فوجدت نفسي أتوضأ تلقائيا بعد أن دلوني إلى كيفية الوضوء..

وضعت القرآن الكريم -التي ترجمت معانيه إلى اللغة الإنجليزية، والتي قام بها عبد الله يوسف علي- في كيس، وفي داخله قصاصة ورق كتب عليها كيفية الوضوء، وتوجهت إلى بيتي، حيث توجهت رأسا إلى الحمام وبدأت بالوضوء كما كتب لي على الورقة، وعندما إنتهيت من الوضوء شعرت بإشراقة ما في قلبي، وأحسست براحة عجيبة جديدة عليّ، وبعد الوضوء شرعت في قراءة معاني القرآن الكريم.

الله أكبر! مشاعر عدة إنتابتني وأنا أقرأ القرآن، فرح داخلي وانفراجة في الصدر، وأدركت تلقائيّا أنني مسلم.. وظللّت أقرأ القرآن الكريم، وأقرأ... لم أشعر مطلقا بالملل، وبعد ثلاثة أسابيع من قراءة القرآن وبعض الكتب نطقت بالشهادتين، قائلا : أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمدا رسول الله.

وبعد أن أسلمت لم أتمكن من الذهاب إلى المسجد لإعلان شهادة إسلامي، كنت أظنّ أنّ المسلمين وكما يصورهم الإعلام الغربي أصحاب لحى طويلة وكثيفة، ويحملون دوما سكاكين لقتل الناس، لكن وعندما توجهت إلى المسجد وجدت كل الرعاية من المسلمين الذي ساعدوني واستوعبوني.

هل أثرّ عليك عدم إلتزام كثير من المسلمين بإسلامهم !

هذا يتوقف على نوعية السلوك، فإذا كان المسلم في الغرب أو في العالم الإسلامي لا يصلي، فالله تعالى هو الذي سيتولى أمره، وربما الأثر يختلف عن أثر تأثير الجرائم التي يقترفها بعض المسلمين في الغرب، حيث أن ذلك يؤثرّ سلبا على نمو الإسلام في السويد، وفي الغرب على السواء..

فأنا عندما أحدث السويديين غير المسلمين عن الإسلام كونه دين سلام وآمان، ثمّ يتعرض هؤلاء السويديون للسرقة من قبل أشخاص مسلمين، فهذا الشيئ ينزع الصدقية عن دعوتي الإسلامية وسط السويديين والغربيين.

إنّ عدم إلتزام المسلمين بإسلامهم في الغرب يؤثّر إلى أبعد الحدود على تطور الإسلام وتكامله في الغرب وخصوصا قضايا المعاملات، ولهذا عندما نحدث الغربيين عن الإسلام يحدثوننا فورا عن السرقات، والإغتصاب، والسطو، وبيع المخدارت التي يضطلع بها أشخاص يحملون أسماء إسلامية للأسف الشديد!! وهنا تبدأ صعوبة دعوة الغربيين إلى الإسلام، الذين يربطون فورا بين تصرفات المسلمين والإسلام، ويعتبرون هذه التصرفات السيئة من وحي الإسلام.

ومع كل ذلك، كيف ترى مستقبل الإسلام في الغرب والعالم!

يعتبر الإسلام من الديانات الأكثر إنتشارا في أوروبا، ويمكن القول أنّ للإسلام مستقبلا كبيرا في أوروبا، منذ أن أسلمت وإلى يومنا هذا شاهدت إقبال الآلاف على الإسلام في كل أوروبا، وسيصبح بالتأكيد الديانة الأكثر إنتشار من شمال أوروبا وإلى جنوبها، وانظر على سبيل المثال إلى إنتشار الإسلام في فرنسا، فعلى رغم دعاية اليمين المتطرف ضد الإسلام والمسلمين هناك، إلاّ أنّ الإسلام يتطور ويتقدم بشكل مدهش في فرنسا وغيرها..

وكما يقول الحديث النبوي الشريف: ((ليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله اللهُ هذا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر)) أخرجه أحمد.
وعالميا سيتحول الإسلام إلى أصعب رقم في المعادلة الدولية، والدلائل والمؤشرات كلها تدلّ على ذلك.

كيف كانت ردة فعل أقاربك والمجتمع السويدي عندما دخلت الإسلام!

لقد كان الأمر صعبا في البداية، قد ابتليت أشدّ البلاء في طريق إسلامي، فقد تنكرّت لي عائلتي وغادرت بيتي حاملا معي بعض أغراضي، أصبحت أنام في المساجد ولدى بعض الإخوة الذين فتحوا لي بيوتهم والحمد لله. وقد قاطعني أقرب الناس إليّ، وباتوا لا يتصلون بي، وهو الأمر الذي أحزنني وأغمنيّ، وكثيرا ما كنت أعود في هذه المرحلة إلى القرآن الكريم مرددا من تلقاء نفسي سورة الكافرون، وأتوقّف عند قوله تعالى :{ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } (سورة الكافرون 6).

لقد أصررت على إسلامي، وكنت دوما أردد: لكم طريقكم ولي طريقي، وقد أدخلني هذا الإصرار في صراع مع مكاتب العمل، وأسواق العمل، وعموم المجتمع السويدي.

من هذا المنطلق، كيف تنظر إلى حظر الحجاب في فرنسا!

مبدئيا أقول: ساعد الله أخواتنا هناك، لقد خالف النظام الفرنسي أبسط المنطلقات الديمقراطية، وأبسط قواعد حقوق الإنسان الذي يتبجّح بها الغرب، وعلى الأخوات في فرنسا أن يناضلن من أجل حقوقهن، والحجاب حق وهذا الحق مكفول في الدساتير الغربية، وإلاّ كانت الديمقراطية الغربية حكر على الإنسان الغربي، وتعني الشهوات والحيوانية فقط..

وكيف ترى ما أقدمت عليه جريدة يولاند بوستن الدانماركية التي تطاولت على النبي محمد عليه الصلاة والسلام؟

أتصوّر أن ما أقدمت عليه جريدة يولند بوستن قد خدش كل الإحترام، وقفز على كل المسلمات والمقدسات، ويجب أن نسأل أنفسنا لماذا فعلت يولاند بوستن ذلك؟ ولماذا لقيت دعما من أكثرية غربية لا تفهم الإسلام؟ وبناءاً عليه يجب أن نسعى جاهدين لتقديم الوجه الحضاري للإسلام في الغرب، وإيصال المحتوى الحضاري للإسلام إلى كل الجهات في الغرب..

وأتصوّر أنّ السيرة النبوية حافلة بعشرات الدروس التي يمكن إقتباسها في راهننا، فلطالما ضرب الرسول عليه الصلاة والسلام بالحجارة وهو يصلي، وكان أحدهم يضع القمامة قرب بيته، لقد جابه رسول الله كل أولئك بالأخلاق الحسنة التي جعلت أعداءه يقرون في النهاية بعظمة الإسلام.

لماذا أخفق مسلمو أوروبا في دخول معترك السياسة الأوروبية؟

في الواقع قد قرأت العديد من الدراسات الإسلامية والفكرية والسياسية التي تتمحور حول آلية العمل السياسي الإسلامي ضمن منظومة سياسية غير إسلامية.

والواقع أن مشاركة المسلمين ضرورية في العمل السياسي الغربي؛ حتى يؤثروا على مجريات القوانين التي ستؤثر على حياتهم بالتأكيد.

فمسلموا فرنسا لو كان لهم وجود كبير داخل البرلمان الفرنسي؛ لأمكنهم إلغاء قانون حظر الحجاب أو عرقلته على الأقل، وعلى ذلك فقس..

ونفس الشيء ينطبق أيضا على أمريكا، فلو أنّ المسلمين كان لهم مشاركة سياسية فاعلة لما بلغ التعاون الإسرائيلي الأمريكي مداه هناك..

ماهي في نظرك أحسن الوسائل والطرق لنشر الإسلام في أوروبا؟

مبدئيّا يجب أن يكون لدينا تخطيط بعيد المدى، ولا يجب أن نقع في معضلة إستعجال قطف الثمار، فالقرآن الكريم ظلّ وعلى إمتداد ثلاث وعشرين سنة يتنزّل على الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يجب التركيز فقط على فقه الحلال والحرام بين الغربيين، فالأولى تعريف الغربيين بأصول العقيدة، وماهية التوحيد؛ لأنّه الأصل، والفروع تأتي بعد ذلك، فمن غير المنطقي أن نحدث الغربي عن حرمة لحم الخنزير وشرب الخمر، قبل أن نحدثّه ماهية الوجود ومن أوجد هذا الوجود، وفلسفة الكون والرؤية التوحيدية عبر مقارنات ما هو مطروح في الفكر الغربي وغير ذلك...

وما زلت أعتقد أن في سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام أكبر الإستراتيجيات في آليات نشر الإسلام في أوروبا.

أنت شخصيّا، ماذا كنت تعرف عن الإسلام قبل إسلامك؟

لم أكن أعرف الكثير عن الإسلام، لقد كان الإعلام الغربي هو المرجع بالنسبة إلي في فهم الدين الإسلامي وحياة المسلمين، وفي الواقع فإنّ الإعلام الغربي يلعب أكبر الأدوار في تشويه الإسلام والمسلمين.

وكيف تنظر إلى الخلافات بين المسلمين في الغرب وفي العالم الإسلامي؟

أن يختلف المسلمون في الأراء الفقهية والفكرية، فهذا أمر كان وسيظل مئات السنين، لكن أن يتحوّل هذا الخلاف إلى فتنة بين المسلمين فهذا أمر غير مقبول مطلقا، خصوصا وأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم دعا الله أن يقيّ أمته من الفتنة.

أن يقتل المسلمون بعضهم بعضا فهذا غير مقبول، ويعتبر جريمة كبيرة في الإسلام، وللأسف الشديد فقد أصبح الخلاف المفضي إلى الفتنة بين المسلمين كالسرطان الذي ينهش الجسم القويّ ويرديه صريعاً.

وبالنسبة لي: فإنّ الإسلام منحني الطمأنينة والسلام وسوف أستمر مسلما إلى أن ألقى الله تعالى.

هل يهتم الأوروبيون عادة بدراسة الإسلام؟

لقد تبينّ لي أنّ العديد من المراهقين والشباب الغربيين يبدون حرصا على دراسة الإسلام، ودورنا وواجبنا أن نريهم الطريق المستقيم.

كيف تقدمّ وسائل الإعلام الغربية الإسلام؟

كل وسائل الإعلام في الغرب تقدّم الإسلام بطريقة سلبية للأسف الشديد، ومع كل الخبث الموجود في هذه الوسائل إلاّ أنّها أحيانا تقدمّ وتحديدا الشاشات الصغيرة أفلاما وثائقية عن الإسلام، تكون سببا في تعريف الكثير من الأوروبيين الإسلام، أو أقلا تحملهم على التفكير في ماهية الإسلام وجوهره، وفي نظري فإنّ المهم هو أن نقدمّ الإسلام بصورة نقية وحضارية وأخلاق المسلمين الحسنة في الغرب هي الفيصل في نشر الإسلام بشكل صحيح في الغرب.

و هل أثرّ العنف في البلاد العربية والإسلامية على إهتمام الغربيين بالإسلام!

بالتأكيد فإنّ هذا أهم ما يؤثّر على الغربيين، ويحول دون تواصلهم مع الثقافة الإسلامية، وهذا العنف المتداول في العالم الإسلام لم يؤثّر على الغربيين، ويجعلهم غير قادرين على إستيعاب حضارية الإسلام، بل أثرّ علينا كمسلمين غربيين من ناحية نشر الإسلام بين الغربيين.

مع أي المنهجين أنت، مع حوار الحضارات أو صراعها؟

بطبيعة الحال أنا مع الحوار قلبا وقالبا، وهذا أساس إسلامنا وقرآننا، فالمولى عزّ وجلّ يدعونا في قرآنه إلى إستخدام البينّة والحجّة والبرهان.. { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } (سورة البقرة 256)، والإسلام لم ينتشر قطّ بالعنف والإجبار؛ بل إنتشر بالبينّة والحكمة، وهذه المنطلقات هي التي قامت عليها الحضارة الإسلامية، وبنيت عليها الدعوة الإسلامية.

ماذا منحك الإسلام؟

لقد منحني الإسلام كل شيئ، منحني الطمأنينة والسلام، لقد علمني الإسلام كل شيئ على الصعيد الشخصي والإجتماعي، وعلمني دفء الأسرة، وجعل لحياتي مغزى هدف، ولا يمكنني في هذا الحوار أن أحصي ما منحني إياه الإسلام، وما أعطتني إياه العبودية للّه تعالى.

لماذا في نظرك نشهد تحوّل الكثير من الغربيين إلى الإسلام؟

لأنّ الإسلام واضح ومبسط على عكس المسيحية القائمة على التعقيد، وأهداف الإسلام بينة وواضحة، وهو يمنح الطمأنينة والإستقرار النفسي للغربيين؛ الذين يؤرقهم قلق الحياة، وسرعة إيقاعها بمنأى عن الروح.

فالمسيحية على سبيل المثال وقع فيها تغيير كبير، ووصلنا إلى مرحلة بات فيها رجال الكنيسة في السويد والغرب يقرون الزواج المثلي واللواط.. وغير ذلك.

ولعلّ الجانب الإيجابي الوحيد في الحضارة الغربية هو هامش الحرية الذي يتيح لنا كمسلمين أن نؤدّي مناسكنا وفرائضنا بدون تدخّل من السلطات القائمة. أ.هــ

*****

حاوره: يحيى أبو زكريا

http://www.algeriatimes.net/news/algernews.cfm?ID=1494

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:31 PM
قصة إسلام المفكر الإسلامي محمد أسد

إعداد محمد الرمادي

منسق المجلس الإسلامي في النمسا

توطئة:

تكلمتْ كتب السابقين عن صفات نبي، جاء جل هذه الصفات في التوراة في سفر "أشعيا" وسفر "المزامير" بشكل عام ومكرر وتتكلم هذه الأسفار عن اربع صفات لنبي آخرالزمان:

أول هذه الصفات:كونه صاحب شريعة.

ثانيها: كونه محارب منتصر.

ثالثها: له علاقة وثيقة بالصحراء. أما

رابعها: له علاقة حميمة بالحمد.

أما عن الأمر الأول فالمعروف أن عيسى عليه السلام لم يأت بشريعة لقوله «17لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ« (متى 5:17)، ومؤلفي رسائل الرسل في العهد الجديد حين يذكرون الشريعة فهم يتكلمون دائماً عن الشريعة التي هي أوامر موسى، وأنهم قد تحرروا منها أو تبرروا مجاناً: «24 مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ« (روما 3:24)

أما عن الصحراء: فنقرأ عنها على سبيل المثال في "أشعيا" 40:3 «3 صوت صارخ: أعدوا في الصحراء طريقاً للرب«. وورد بترجمة آخرى تقول: «3 صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: «أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. قَوِّمُوا فِي الْقَفْرِ سَبِيلاً لإِلَهِنَا«، ومثل ذلك في أشعيا 42 1-15 و 21: 14 و 32: 2، 32: 16 و 35:1 و 43: 19. وفي المزمور 68:4 وغير ذلك كثير.

وأما عن "الحمد" فقد ورد اسمه صلى الله عليه وسلم «البريكليت – الحمد».

وقد بشرت توارة موسى عليه السلام ـ والتي أمن بها "ليوبولد فايس" ودرسها ـ بمجئ نبي، ذهب الباحثون بأنه النبي العربي العدناني "محمد بن عبد الله" فقد جاء في سفر اََلتَّثْنِيَة الإصحاح الثامن عشر الآية الثامنة عشر مانصه: «18 أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ». هذه مسألة.

أما الثانية فمسألة خاتم النبوة، فكما وجدنا ذكر في كتب أهل الكتاب لصفات للنبي صلى الله عليه وسلم معنوية، وجدنا كذلك الجسدية، مثل خاتم النبوة.

ذكر "أشعيا" في سفره نبوءة عن إحدى صفات النبي المنتظر فقال: «6 لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا[تعبير يذكر في العهد القديم لنبي آخر الزمان]، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ « (أشعيا 9: 6).

كما ذكر يوحنا ذلك أيضاً: «27 لا تسعوا وراء الطعام الفاني بل وراء الطعام الباقي إلى الحياة الأبدية، والذي يعطيكم إياه ابن الإنسان، لأن هذا قد وضع الله ختمه عليه» (يوحنا 6: 27.) "مقدمة سفر أخنوخ الثالث في كتاب: Pseudepigrapha of The Old testament Schneemelcher P.250. "

هذا يتفق تماماً مع نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام. فمن المعروف عنه وجود خاتم النبوة بين كتفيه.

في هذا المناخ التوراتي تربى الحاخام الصغير "ليوبولد فايس" ولعل التشابه بينه وبين الصحابي الجليل "سلمان" الفارسي دعى بعض المحللين العرب إلى تسمية ضيفنا بــ"سلمان الغرب" في حالة الإنبهار بشخصية الرجل وترحاله ودوره الذي نحن بصدد إلقاء أضواء ساطعة ـ على قدر إستطاعتنا وما توفر عندنا من معلومات ـ على محطات في طريق الرجل، فالصحابي الجليل "سلمان" الفارسي (رضي الله عنه) بحث طويلا عن الحقيقة مما دفعه إلى ترك ثراء أبيه ثم وقوعه في الرق ثم اتبع النصارى الموحدين وعلم منهم صفات نبي آخر الزمان، والفارق الذي ينبغي أن لا يغيب عنا أن الله أختار لنبيه وصفيّه ـ نبي آخر الزمان صلى الله عليه وآله وسلم ـ صحابته (رضي الله عنهم أجمعين)، وأراد جل جلاله لـ "ليوبولد فايس" الوجود والهداية في القرن العشرين.

أطلقت هذا العنوان "أضواء ساطعة على محطات في طريق ليوبولد فايس" للتعريف بشخصية الرجل، ولقناعتي التامة ـ بأن إطلاقَ اسم "محمد أسد" على أحد ميادين مدينة فيينا العاصمة لجمهورية النمسا الإتحادية وخاصة أمام مبنى منظمة الأمم المتحدة التي كان مندوبا وممثلا لدولة باكستان في مقرها بمدينة نيويورك الأمريكية ـ أقول لقناعتي التامة بأنها تظاهرة ثقافية وحضارية، صار من حق الرجل علينا الإشادة والإهتمام به، فـ "محمد أسد" أقام جسور بين العالم الغربي والعالم العربي/الإسلامي، ومع هذه القناعة فلا نتفق معه تماما فيما وصل إليه إجتهاده في بعض المسائل العقدية أو الأراء الفقهية التي أعلنها وسطرها في كتبه ومقالاته.

المقدمة

ضيفنا اليوم "محمد أسد" لم يرحل من الغرب ذي الأسلوب الميكانيكي الموسوم بالسرعة في حياة الأوروبي والتي تضيع روحه في ضوضاء الآلة الخانقة التي تزداد مع الأيام قوة وغرابة، إلى الشرق ذي اللون الهاديء المستقر من فلسفة الحياة، بل الحياة الإنسانية بكاملها، أقول لم يرحل ضيفنا من الغرب إلى الشرق بجسده فقط مروراً بقدس الإسراء والمعراج أرض، ومروراً بقاهرة الأزهر الشريف ودمشق الجامع الأموي أو الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، أو متنقلا إلى شبه القارة الهندية فمرتحلا إلى سويسرا فالبرتغال فطنجة ثم حل بالأندلس، فهو لم يكن يبحث عن موقع ما أو مكان تحت الشمس اياً كان، فهو لم يبحث عن مجد عسكري كما بدا عند بعض المحللين لسيرته وإن فعل شئ في هذا المضمار، فالحرب ـ للتحرير أو الإحتلال ـ منذ فجر التاريخ مرورا بالإسكندر المقدوني الأكبر إلى بوش الحالي صنعت ابطالا مزيفيين أو حقيقيين، صنعت رجالا أو رجال صنعوا حربا فسطر التاريخ اسمائهم بالخزي والعار حينا و بالعلو والسمو أحيانا ويفتخر بهم اللاحق. وضيفنا ارتحل من معقل الحضارة الغربية، تلك الحضارة التي "تخلت عن آداب دياناتها السابقة دون أن تتمكن أن تخرج من نفسها أي نظام أخلاقي آخر – مهما كان نظرياً- يخضع نفسه للعقل، بالرغم من كل ما حققته من تقدم ثقافي، فإنها لم تستطع حتى الآن التغلب على استعداد الإنسان الأحمق للسقوط فريسة لأي هتاف عدائي أو نداء للحرب مهما كان سخيفاً باطلاً يخترعه الحاذقون من الزعماء".

سنتحدث عن رجل عاش بين أمم واصف إياها بقوله " إن الأمم الغربية وصلت إلى درجة أصبحت معها الإمكانات العلمية غير المحدودة تصاحب الفوضى العملية، وإذا كان الغربي يفتقر إلى توجيه ديني حاذق فإنه لا يستطيع أن يفيد أخلاقياً من ضياء المعرفة الذي تسكبه علومه وهي لا شك عظيمة، إن الغربيين – في عمى وعجرفة- يعتقدون عن اقتناع أن حضارتهم هي التي ستنير العالم وتحقق السعادة، وأن كل المشاكل البشرية يمكن حلها في المصانع والمعامل وعلى مكاتب المحللين الاقتصاديين والإحصائيين، إنهم بحق يعبدون الدجال".

وضيفنا اليوم لم يبحث عن تميّز في مجال الصحافة والإعلام ومراسلة الصحف العالمية الكبرى كجريدة فرانكفورتر والتغطية لبعض الأحداث والمواقف وإن تميّز فعلا في طرحه وجراءته التي لم تكن تروق لكثير من رؤساء التحرير حتى أثبت مقدرته. فهو لا يبحث عن التميز بل هو فعلا متميز بذاته.

وضيفنا لم يرتحل من دين قديم إلى دين جديد، لم يرتحل من يهوديته التي تمكن منها منذ صباه الباكر إلى دين جديد، بل في حقيقة الأمر ضيفنا اليوم، "محمد أسد" ارتحل بفكره وعقله ووجدانه ولغته وعقيدته ودينه بل وهندامه من الغرب إلى الشرق، الشرق الذي نظر ضيفنا إلى أهله على أنهم يحملون صورة حية لمجتمع إنساني متطور يكاد يخلو نظامه من التناقضات الداخلية ويتسم بأوفر قسط من الشعور الأخوي الصحيح. لقد جاء الرجل من حضارة قال عنها:"إن الحضارة الغربية لم تستطع حتى الآن أن تقيم توازناً بين حاجات الإنسان الجسمية والاجتماعية وبين أشواقه الروحية"، هذا من جانب الحضارة الغربية والمدنية المتقدمة لكن هناك جانب آخر مهم فهو الذي اقتنع في شبابه المبكر بأن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده، فقد أصابه الإحباط وخيبة الأمل في العقيدة اليهودية التي ينتمي إليها فاتجه تفكيره إلى المسيحية بعد أن وجد أن المفهوم المسيحي للإله يتميّز عن المفهوم التوراتي، لأنه لم يقصر اهتمام الإله على مجموعة معينة من البشر ترى أنها وحدها شعب الله المختار، وعلى الرغم من ذلك كان هناك جانب من الفكر المسيحي قلل في رأيه إمكانية تعميمه وصلاحيته لكل البشر، ألا وهو التمييز بين الروح والبدن. أي بين عالم الروح وعالم الشؤون الدنيوية، وبسبب تنائي المسيحية المبكر عن كل المحاولات التي تهدف إلى تأكيد أهمية المقاصد الدنيوية، كفت من قرون طويلة في أن تكون دافعاً أخلاقياً للحضارة الغربية، إن رسوخ الموقف التاريخي العتيق للكنيسة في التفريق بين ما للرب وما لقيصر، نتج عنه ترك الجانب الاجتماعي والاقتصادي يعاني فراغاً دينياً، وترتب على ذلك غياب الأخلاق في الممارسات الغربية السياسية والاقتصادية مع باقي دول العالم، ومثل ذلك إخفاقاً لتحقيق ما هدفت إليه رسالة المسيح. فالهدف الجوهري لأي دين هو تعليم البشر كيف يدركون ويشعرون، بل كيف يعيشون معيشة صحيحة وينظمون العلاقات المتبادلة بطريقة سوية عادلة، وإن إحساس الرجل الغربي أن الدين قد خذله جعله يفقد إيمانه الحقيقي بالمسيحية خلال قرون، وبفقدانه لإيمانه فَقَدَ اقتناعه بأن الكون والوجود تعبير عن قوة خلق واحدة، وبفقدان تلك القناعة عاش في خواء روحي وأخلاقي. وهذا جانب الدين.

وهذا المثلث العجيب الذي أشرنا إليه في عجالة: "التاريخ" و"الدين" و"الرجال"، ينبغي أن نعلم عنه الكثير، فهناك رجال غيروا التاريخ، وهناك رجال حملوا للبشرية هداية ودين فتغير التاريخ بهذا الدين. فثلاثية التاريخ والدين والرجال تحتاج منا لدراسة تفصيلية. وإني لأرجو معالي الدكتور الأخ فريد الخوتاني ـ مدير المركز الإسلامي بفيينا ـ بالإهتمام والتركيز على جوانب وأضلاع هذا المثلث بتقديم الدراسات حول مقارنة "الأديان"، خاصة ونحن ـ الجالية ـ تعيش وتتعايش في وسط أوروبا، التي وصفها ذات يوم المستشار السابق الألماني هلموت كول بقوله:"إن أوروبا هي النادي المسيحي (المسيحية الكاثوليكية)"، والمسجد هو المكان المناسب لخلق جو مناسب للتفاهم والتعايش بين أفراد الجالية الإسلامية وأفراد هذا النادي المسيحي، والمركز الإسلامي ينبغي أن يكون مصدر إشعاع لنور العلم وفق الكتاب الكريم والسنة الطاهرة، إن اردنا أن نقوم بدورنا في التعريف الصحيح بالإسلام الحنيف وبنبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم. وخير مثال على ما أقول هو "ليوبولد فايس" ودوره المؤثر في المكتبة العربية بل قل المكتبة الغربية بل إن شئت فقل العالمية.

سنقف أمام من اسماه بعض الكتّاب بـ "سلمان الغرب"، فقليلون أولئك الرجال الذين تركوا بصماتهم ساطعة على جدارية التاريخ البشري، نحن نقف بكبير إحترام وعظيم إجلال أمام عملاق من عمالقة الإسلام في العصر الحديث، فهل كان حالما مغامرا، أم متدينا متحمسا؟.



صورة لترجمة القرآن إلى اللغة الإنكليزية التي أعدها محمد أسد

في كل الأحوال فإن هذا الرجل ما يزال يثير الانتباه بمسار حياته الخيالي. رجل عاش تقريبا قرنا كاملا بأحداثه فقد عاصر الحرب العالمية الأولى والثانية وعمل على إستقلال باكستان عن الهند وشارك في وضع مواد الدستور الباكستاني، وكان قريبا من الملك عبدالعزيز آل سعود والأمير عبدالله في الأردن، وشيخ السنوسية "محمد السنوسي والمجاهد الأكبر "عمر المختار". شخصية "ليوبولد فايس" "محمد أسد" فيما بعد، تعكس في مسارها مجمل أحداث القرن المنصرم. فليكن حديثنا عن:"ليوبولد" الرجل الذي كانت بدايته في عائلة يهودية حاخامية محافظة ثم اعتنق الإسلام لينتهي بترجمة القرآن العظيم إلى اللغة الأنكليزية.

رُبَّ سارٍ والسُّحْبُ قد لَفَّتِ النّجم *** فحـار الســـارونَ عبر القفــارِ

سَــفَرَ الفجــرُ فاســتبانَ خُـــطاه *** فــرآها اهتـــدتْ بــلا إبصـارِ

- الشاعرعمرالأميري –

عائلة فايس

لقب العائلة "فايس" اسم باللغة الألمانية يعني أبيض اللون، وهذه إشارة واضحة للأصول الألمانية للعائلة، وكتابة „WEISS“ بتكرار حرف “ S „ في نهاية الإسم بدلا من „WEIك“ دليل واضح على الأصول اليهودية للعائلة.

اسم الوالد "كيفا" وكان محامياً، وجده لأبيه كان حاخاماً، فهو الحاخام الأورثوذوكسي "بنيامين أرجيا فايس". وقد تولّى جده الحاخامية في تشارنوفيتش في منطقة بوكوفينا

مسقط رأسه

مسقط رأس ضيفنا „Lemberg“ هكذا تكتب وتنطق باللغة الألمانية، أما باللغة الروسية او البولونيّة فتكتب „Lwow“، أما باللغة اللاتينية فتكتب „Leopolis“، واللغة الأرامية تكتبها „Leh“، أما باللغة الأوكرانية فتكتب“ Lwiw „، ومن هنا جاء عند بعض كتاب سيرة المفكر الإسلامي "محمد أسد" إختلاف في كتابة أسم المدينة، وهي مدينة تقع في غرب أوكرانيا.

أما إقليم جاليتسيا “ Galizien „فهو إقليم زراعي يقع بين غرب أوكرانيا، أي المنطقة الغربية من جاليتسيا، والمنطقة الآخرى التي تقع في جنوب بولندا شرق جاليتسيا. وهي كانت مملكة في السابق ثم صارت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية. القسم الأكبر من سكان إقليم جاليتسيا من اليهود. وضيفنا ولد في هذا الإقليم.

مولده:

وُلد في الثاني من يوليو 1900م لأبوين يهوديين، في مدينة „ “ Lvov " البولونيّة، „Lemberg“ في إقليم جاليتسيا، جنوب شرق بولندا.

سماه والده "ليوبولد" وهو من الأسماء الألمانية العتيقة وليس له معنى معين، غير أن المقطع الأول منه، إذا سمحت لنا اللغة بفصله وواضعي الإسماء فالمقطع الأول يعني أسد.

ابتدأ طريقه في مدينة ليفوف "لمبيرغ" في جاليتسيا، باسم لايبليه، لعائلة محافظة على التراث.

البيئة والمناخ الذي ولد فيه

وُلد في عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية أو ماكان يسمى بإمبراطورية الدانوب أو بإختصار الحروفk.u.k Doppelmonarchie; كانت تحكم وسط جنوب شرق أوروبا، تضمنت عدة دول ومناطق أوروبية وهي النمسا والمجر وبوهيميا ومورافيا وسلوفاكيا، بالإضافة إلى أجزاء من بولندا ورومانيا وسلوفينيا وكرواتيا وإيطاليا ومناطق أخرى عديدة.

فالمولود عاش في ثاني أكبر دول أوروبا بعد الإمبراطورية الروسية من حيث المساحة، كما كانت ثالث أكبر دول أوروبا من حيث العدد بعد روسيا والإمبراطورية الألمانية. في هذا المناخ الإمبراطوري ولد وترعرع "ليوبولد".

والبيئة التي يولد فيها المرء تؤثر سلباً أو إيجاباً عليه، فمن وُلد في الإمبراطورية الثانية العظمى في ذلك الوقت يختلف عن من وُلد في جزيرة نائية، وإن كان الثابت إجتماعياً أن أصحاب الهمم الكبرى والعزائم القوية يؤثرون بشكل ملحوظ في بيئتهم، لذلك فالذي ولد في عهد النبوة أو وقت وجود دولة الإسلام ليس كمن ولد في عهد الزعيم العربي جمال عبدالناصر وتربى على مبادئ الثورة المصرية، وغير الذي تربى تحت نيران الإحتلال والإضطهاد، وكذا غير الطفل العربي الذي يولد في جمهورية النمسا الإتحادية أو يولد الآن في جنوب مصر. والأسود الذي تربي في أمريكا وقت العنصرية غير ذلك الأمريكي اليوم والمرشح لرئاسة الجمهورية في أمريكا.

أجواء الطفولة:

"ليوبولد" كان ثاني ثلاثة أخوة لأبويه. وعن أجواء الطفولة وانعكاساتها عليه يقول: "لقد كانت طفولة سعيدة مرضية حتّى في ذكراها، لقد كان والداي يعيشان في ظروف مريحة، وكانا يعيشان لأولادهما أكثر من أي شيء آخر. ولعلّه كان لوداعة اُمّي وهدوئها علاقة أو تأثير بالسهولة التي تمكّنتُ بها في السنين التالية من أن اُكيّف نفسي للأحوال والظروف الجديدة والمشؤومة الى أبعد الحدود. أمّا تبرّم أبي الداخليّ فلعلّه منعكس فيما أنا عليه اليوم".

هجرة العائلة إلى فيينا

هاجرت العائلة تقريبا في سنة 1913م إلى مدينة فيينا، عاصمة الإمبراطورية وترعرع "ليوبولد" فيها.

السنوات الأولى من عمره:

المولود ولد في أسرة يهودية حاخامية فجده لأبيه كان حاخام يهودي بل خرج منها عدد من حاخامات أوروبا الشرقية.

الحاخام الصغير.

وبدأ تعليمه منذ صغره ليصبح حاخامًا مثل جده لأبيه، فكان الصبي "ليوبولد" تحت إصرار والده " كيفا" يواظب على دراسة النصوص الدينية والكتب المقدّسة ساعات طويلة كل يوم، فدرس على أيدي أساتذة خصوصيين العلوم الدينية اليهودية بتعمق كبير، درس التوراة في نصوصها الأصلية بل حفظها حفظاً أعانه فيما بعد على إجادة العبرية بطلاقة، وكذا الآرامية أيضاً، وأصبح عالماً بالتلمود وتفسيره، ثم انغمس في دراسة التفسير المعقد للتوراة المسمى (ترجوم) فدرسه وكأنما يهيئ نفسه في المستقبل لمنصب ديني.

ووجد نفسه في سن مبكرة لا تتجاوز الثالثة عشرة يجيد قراءة العبرية بسهولة والتحدث بها بطلاقة تامة وإتقان وذلك بمقتضى متطلّبات تقاليد عائلته اليهوديّة، هذا إلى جانب معرفته بالآرامية، وهو ما ساعده فيما بعد على سرعة وسهولة تعلم اللغة العربية .

كان إنجازه المدهش يعد بتحقيق حلم جده الحاخام الأرثوذكسي النمساوي بأن تتصل بحفيده سلسلة من أجداده الحاخامات، ولكن هذا الحلم لم يتحقق.

يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:33 PM
قدرات "ليوبولد"

تمكن الصبي من دراسة وتعلم اللغة العبرية والآرامية إلى جانب هذا فقد درس في المدارس النظامية في البلدة، فكان ذكياً تتقد فيه ألمعية حادة ظهرت من خلال ميله الشديد للأدب والفلسفة والتأريخ، مع أن والده كان يريد منه أن يكون عالماً فيزيائياً كبيراً، ولكن شاء الله غير ذلك.

محطات أساسية في حياة الرجل:

كان "ليوبولد" الشاب الصغير ميالاً إلى الفنون الجميلة التي كان قد اتجه لدراستها في جامعة فيينا، إلا أن طموح الشاب الجامح كان يراوده في اعتلاء صهوة المجد، فخاض أولى مغامراته وهو في سن 14 سنة من عمره (عام 1914م) مع بداية الحرب العالمية الأولى، فأراد أن ينخرط في سلك الجندية لعله يحرز بعض المجد في ذلك، ولكن شرط الثماني عشرة سنة وقف حائلاً دون ذلك، فطُرد من الجيش.

في سن الرابعة عشرة من عمره:

في أواخر عام 1914م، وبعد اشتعال نيران الحرب العالميّة الأولى بدا له أنّ الفرصة الكبرى لتحقيق أحلامه الصبيانيّة على قاب قوسين أو أدنى. كان إذ ذاك في الرابعة عشرة من عمره، فهرب من المدرسة والتحق بالجيش النمساويّ، بعد أن اتّخذ له اسماً مزوّراً، وظنه رجال الجيش في الثامنة عشرة من عمره لطوله المفرط فقبلوه وبعد أسبوع أو نحو ذلك نجح والده في أن يتعقّب آثاره بواسطة البوليس، فيعيده مخفوراً الى فيينا، حيث كانت عائلته قد استقرّت قبل ذلك بزمن قليل، وحينما استدعي الى الخدمة العسكرية، بعد أربع سنوات كانت أحلامه حول "المجد العسكريّ" قد تبدّدت، وليتطلّع الى سُبل أخرى لتحقيق ذاتيّته.

تمرد مراهق

في تلك المرحلة من عمر "ليوبولد" اشتعلت الحرب العالميــة الأولى (1914- 1918م) وبعد انتهاء الحرب -وعلى مدى عامين- درس بلا نظام تاريخ الفنون والفلسفة في جامعة فيينا، ولكنه لم ينصرف إليها قلبيًّا، ولعل المسلك العلميّ الهادىء لم يكن يجذبه لأن الأساتذة كانوا مهتمين باكتشاف القوانين الجمالية التي تتحكم في الخلق الفني بدلا من الكشف عن دوافعها الصميمة الروحية، أي أن اهتمامهم كان منصبًّا على الشكل دون المضمون والجوهر، ودرس التحليل النفسي لـ "سيجموند فرويد"، عالم النفس الشهير اليهودي النمساوي، ولكن لم ترضه نتائجه؛ لأنه يقيس كل شيء في إطار ردود فعل جنسية تناسلية.

ماكان مشغوفاً بالتوصل إليه هو جوانب محببة إلى نفسه من الحياة، كان مشغوفاً أن يصل بنفسه إلى مُثل روحية حقيقية كان يوقن أنها موجودة، لكنه لم يصل إليها بعد!. كانت العقود الأولى للقرن العشرين تتسم بالخواء الروحي للأجيال الأوروبية، أصبحت كل القيم الأخلاقية متداعية تحت وطأة التداعيات المرعبة للسنوات التي استغرقتها الحرب العالمية الأولى في الوقت الذي لم تبد فيه أي روحية جديدة في أي أفق، كانت مشاعر عدم الإحساس بالأمن متفشية بين الجميع، إحساس داخلي بالكارثة الاجتماعية والفكرية أصاب الجميع بالشك في استمرارية أفكار البشر وفي كل مساعيهم وأهدافهم، كان القلق الروحي لدى الشباب لا يجد مستقراً لإقدامه الوجلة، ومع غياب أي مقاييس يقينية أخلاقية لم يكن ممكناً لأي فرد إعطاء إجابات مقنعة عن أسئلة كثيرة كانت تؤرق وتحير كل جيل الشباب.

كانت علوم التحليل النفسي، وهي جانب من دراسات الشاب "ليوبولد"، تشكل في ذلك الوقت ثورة فكرية عظمى، وقد أحس فعلاً أن تلك العلوم فتحت مزاليج أبواب معرفة الإنسان بذاته، كان اكتشاف الدوافع الكامنة في اللاوعي قد فتح أبواباً واسعة تتيح فهماً أوسع للذات، وما أكثر الليالي التي قضاها في مقاهي فيينا يستمع إلى مناقشات ساخنة ومثيرة بين رواد التحليل النفسي المبكرين من أمثال "ألفرد أدلر Alfred Adler " و "هرمان سيتكل". إلا أن الحيرة والقلق والتشويش حلت عليه من جديد، بسبب عجرفة العلم الجديد وتعاليه ومحاولته أن يحل ألغاز الذات البشرية عن طريق تحويلها إلى سلاسل من ردود الأفعال العصبية. لقد نما قلقه وتزايد وجعل إتمام دراسته الجامعية يبدو مستحيلاً، فقرر أن يترك الدراسة، ويجرب نفسه في الصحافة.

شهادة الثانوية العامة

فـ "ليوبولد" لم يتحصل شهادة جامعية بإتمام دراسته العليا، ولكنه زاحم بعضديّه وكتفيّه ليصبح بعد ذلك المفكر الإسلامي "محمد أسد" واضع دستور دولة باكستان وممثلها الدبلوماسي في منظمة الأمم المتحدة وصاحب كتاب ترجمة وتعليقات على «صحيح البخاري» بعنوان - The Early Years of Islam» Sahih Albuchari «، «الإسلام فى مفترق الطرق»، «منهاج الحكم فى الإسلام»، ترجمته الإنجليزيــة للقرآن الكريم، واسمهــا: «The Message of the Quran»،

دراساته

ما يعادل الثانوية العامة بعدها سنتين في جامعة فيينا درس فيها الفلسفة والفن.

بداية الترحال

المتتبع لسيرة حياة "ليوبولد" يجد بصورة واضحة حالة الحل والترحال قد رافقته منذ صباه حين هاجرت العائلة إلى مدينة فيينا عاصمة الإمبراطورية النمساوية المجرية عام 1913م إلى أن قابل الرفيق الأعلى عام 1992م، وكأن ضيفنا أخذ بقول الإمام الشافعي رحمه الله حين يقول:

تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائـد

تفريـج هـم، واكتسـاب معيشـةٍ، وعلـمٍ، وآدابٍ، وصحبـة مـاجـد

***

فالعنبر الخام روث فـي مواطنـه وفي التغرب محمولُ على العنـق

والكحل نوع من الأحجار تنظـره في أرضه وهو مرمي على الطرق

لما تغرب حـاز الفضـل أجمعـه فصار يحمل بين الجفـن والحـدق

***

سافر تجـد عوضـاً عمـن تفارقـه وانصَبْ فإن لذيذ العيش في النصـب

إني رأيـت وقـوف المـاء يفسـده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطـب

والأسدُ لولا فراق الأرض ما افترست والسهم لولا فراق القوس لم يصـب

والشمس لو وقفت في الفلك دائمـة ً لملها الناس من عجـم ومـن عـرب

والتبر كالترب ملقـي فـي أماكنـه والعود في أرضه نوع من الحطـب

فـإن تغـرب هـذا عـز مطلـبـه وإن تغـرب ذلـك عـز كالـذهـب

كان بإمكان حفيد الحاخام الأورثوذوكسي "بنيامين أرجيا فايس تشيرنوفيتش"، وابن المحامي اللمبرغي "كيفا فايس" أن يواصل بكل بساطة المسار العلماني لعائلته كما كان من الممكن له بعد انتقال أبويه إلى فيينا سنة 1914م أن يواصل طريق التنقل هذه التي كانت ستقوده عبر حطام مملكة الدانوب وخلال سنوات الازدهار التي عقبت الحرب العالمية الأولى، في هجرة طوعية إلى فلسطين أو في رحلة طائشة إلى أميركا أو نحو موت داخل محارق هتلر، كما حدث لأبيه وأخواته. لكن هذا الشاب، وبعد دراسة غير متحمسة بشعبة الفلسفة بجامعة فيينا، قد فضل على كل ذلك أن يظل متنقلا بين مقاهي الأدباء بفيينا ثم برلين من بعدها، والعمل من حين لآخر إلى جانب السينمائي "مورناو". بعدها بدأ يعمل في معالجة برقيات الأنباء لدى وكالة "رودولف دامرت" للأنباء، وهي فرع لوكالة "يونايتد براس أوف أميركا"، قبل أن أن يتمكن أخيرا للتحول إلى صحفي محترف بحصوله على حوار خاص أجراه مع زوجة الكاتب الروسي "مكسيم غوركي" سنة 1921م.

الترحال بين مدن وسط أوروبا

وبعد تأمل طويل لما حوله من أحوال وظروف تمر بها أوروبا في مطلع القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الأولى، وكل ما رآه وفهمه من هذه الأمور ملأه قلقًا، وجعل من العسير عليه متابعة دراسته الجامعية، فترك الجامعة واتجه إلى مهنة الصحافة، رأى أن الصحافة هي أقرب الطرق إلى المجد، فقرر السفر إلى برلين خفية عن أبيه الذي كان يريد منه أن يتم دراسته الجامعية، وبرغم اعتراض والده، غادر فيينا في يوم من أيام صيف 1920م، وأخذ القطار إلى براغ وبعد فترة أمضاها هناك وبعد سنة من المغامرات في مدن وسط أوروبا قام خلالها بجميع أنواع الأعمال القصيرة الأجل.

الترحال إلى برلين

ثم سافر إلى برلين، حيث لاقى الأمرين في البحث عن عمل في صحيفة من الصحف دون جدوى واضطر للعمل مع مدير أفلام كمساعد سينمائي لمدة شهرين، المخرج السينمائي "فريدرش مورناو"، ثم العمل مع شخص آخر في كتابة عدة سيناريوهات لأفلام سينمائية أخرى. وهناك في برلين ابتدأ "ليوبولد" سلسلة من المغامرات صادفه الحظ في إحداها بأن يقتحم عرش صاحبة الجلالة، نجح أخيرًا في الدخول إلى عالم الصحافة، وكان ذلك في خريف عام 1921م، وقد عمل كناقل بالتلفون للأخبار إلى صحف المقاطعات، وظل كذلك إلى أن استطاع الحصول على حديث صحفي من زوجة "مكسيم جوركي" الأديب الروسي الشهير عن طريق مساعدة من صديق له يعمل بوابًا بالفندق الذي كانت تقيم به، ورقّي بسبب ذلك إلى وظيفة مخبر صحفي وصار أخيرًا صحفيًّا ليصبح بذلك صحفياً شهيراً ملأت شهرته الآفاق.

كان أول طريق النجاح في هذه التجربة تعيينه في وظيفة محرر في وكالة الأنباء "يونايتد تلجرام"، وبفضل تمكنه من عدة لغات لم يكن صعباً عليه أن يصبح بعد وقت قصير نائباً لرئيس تحرير قطاع أخبار الصحافة الاسكندنافية بالرغم من أن سنه كانت دون الثانية والعشرين، فانفتح له الطريق في برلين إلى عالم أرحب حين تردد على مقهى "دين فيستن" و "رومانشية" ملتقى الكتاب والمفكرين البارزين ومشاهير الصحفيين والفنانين، فكانوا يمثلون له البيت الفكري وربطته بهم علاقات صداقة توافرت فيها الندية.

الرحلة الأولى إلى الشرق عام 1922م

الترحال من أوروبا إلى بلاد الشرق الإسلامية "أفريقيا وأسيا":

في عام 1922م ولما بلغ عمره اثنين وعشرين عاما زار الشرق الإسلامي، يقول "محمد أسد": "في سنة 1922م غادرت موطني النمسا للسفر في رحلة إلى أفريقيا وآسيا لأعمل مراسلا خاصا لبعض الصحف الأوربية الكبيرة . ومنذ تلك السنة وأنا أكاد أقضي كل وقتي في بلاد الشرق الإسلامية. وكان اهتمامي باديء الأمر بشعوب هذه البلاد التي زرتها، وهو ما يشعر به الرجل الغريب".

العالم الإٍسلامي آنذاك (تقريبا في عام 1922م) كان يعيش حالة الانهيار والهزيمة، وإذا كانت المفارقات تنبّه النفوس وتحرّك العقول، فلا شكّ أنّ "ليوبولد" بعقله النيّر قد لاحظ هذه المفارقة التي تزامنت آنذاك بين الأيّام القريبة لصولة الدولة الاسلاميّة، واتّساعها شرقاً وغرباً لتحتلّ حتى جزءاً من وطنه النمساويّ، وبين حالها بعد الحرب العالميّة الأولى، وهكذا بينما كان صاحبنا منبهراً بالقوّة الكامنة في الاسلام، كان في الوقت نفسه، يحسّ بالاشفاق والعطف على هذه الأمة التي غدت حائرة تنشد طريقاً للخلاص ونهاية للمحنة كل ذلك تحوّل الى اهتمام جارف لدى "ليوبولد" بوضع المسلمين.

الترحال بين كبريات عواصم الشرق

كان لـ "ليوبولد" موعد مع الشرق، الذي عاش فيه متنقلاً بين كبريات عواصمه كقدس فلسطين، قاهرة مصر، دمشق سوريا، عمان الأردن، بغداد العراق، ليبيا، الجزائر، إسطنبول دولة الخلافة العثمانية "تركيا"، مكة المكرمة المملكة العربية السعودية، المدينة المنورة المملكة العربية السعودية، طهران إيران، كابول افغانستان ونيودلهي الهند، متجولاً بقلبه قبل جسده، لقد رأى السكينة والوقار، رأى الهدوء، رأى الوجوه المبتسمة الراضية بحالها المقتنعة به، لا تلك الوجوه الكالحة العابسة، التي اعتاد رؤيتها في الغرب البائس، رغم ما تنعم به من ثراء فاحش.

وكان "ليوبولد" قد وقف منذ البداية موقف الرافض للفكرة الصهيونية. وكانت فكرة تأسيس دولة يهودية على النمط الأوروبي تبدو له مشبوهة فهي أقرب إلى فكرة تخدم مصالح السيطرة الأوروبية أكثر من أي شيء آخر، وهي فكرة يصعب على الشعب العربي أن يقبلها. إضافة إلى أن فكرة تأسيس دولة يهودية في فلسطين كانت تمثل في نظره انحرافا مشوهاً للتراث اليهودي. كما أنه غادر أوروبا الحديثة وفي نفسه شعور بالاغتراب ليجد لدى المهاجرين اليهود نفس الهوس الأوروبي بالقيم المادية- الذي لم يحدث له إلا أن انتقل إلى عالم المشرق. بينما بدا له في مقابل ذلك أن العرب بثقافة حياتهم التي لا تزال محافظة على طابعها الساميّ "هم السكان الحقيقيون لهذه البلاد"، كما عبر عن ذلك فيما بعد في مذكراته. دوّن "ليوبولد فايس" كمراسل خاص لصحيفة "فرنكفورتر تسيتونغ" مثل هذه الملاحظات وغيرها، وقد أرسل تلك المقالات إلى أهم الصحف الألمانية آنذاك، التي رفضتها جميعا عدا "فرنكفورتر تسيتونغ". ثم عرضت عليه هذه الأخيرة عقد مراسل خاص لإنجاز سلسلة من التقارير الصحفية وكتاب صدر سنة 1924م عن دار "سوسييتيتس فرلاغ" تحت عنوان "مشرق مجرد من الرومنطيقية، من يوميات رحالة" وفي إطارمهمته الصحفية هذه سافر "ليوبولد فايس" إلى القاهرة وعمان، ثم إلى بيروت و دمشق خفية ومشيا على القدمين، لأن الإدارة الفرنسية رفضت منحه كنمساوي تأشيرة للدخول.

كانت مقالاته ملتزمة جريئة في تحاليلها وراقية في أسلوبها، لكنها انتقادية تجاه الحركة الصهيونية بطريقة جعلت إدارة التحرير في فرنكفورت ترى نفسها مجبرة على التباين مع موقف كاتبها. ومع ذلك فقد استطاع "ليوبولد" لدى عودته إلى ألمانيا خريف سنة 1923م أن يعاين عن كثب إلى أي مدى كانت مقالاته ناجحة، ثم عرض عليه رئيس التحرير "هاينرش سيمون" رحلة أخرى، فارتحل مجددا صحبة زوجته الرسامة البرلينية "إلزا شيمان" وابنها "هاينرش" من مصر عبر بغداد وأفغانستان باتجاه إيران، حيث أقام لمدة سنة ونصف وتمكن من متابعة صعود "رضا خان"مؤسس السلالة الحاكمة الذي اعتقد أنه رأى فيه مؤسس دولة قومية لائكية على النمط التركي الكمالي.

الترحال مرة ثانية إلى أوروبا 1923م

عاد مرة أخرى إلى أوروبا في خريف 1923م بعد أن استغرقت رحلته الأولى إلى الشرق حوالي ثمانية عشر شهرًا لتقديم نفسه إلى إدارة الصحيفة الألمانية التي كان يراسلها وهو في الشرق "فرانكفورتر تسيّتونج "، ووافق رئيس التحرير على عودته إلى الشرق مرة ثانية.

علاقته بالوالد

كتب يقول: "توقفت بضعة أسابيع في فيينا واحتفلت بتصالحي مع أبي الذي سامحني على ترك دراستي الجامعية ومغادرتي منـزل الأسرة بتلك الطريقة الفجة، على أي حال كنت مراسلاً لجريدة (فرانكفورتر تسيّتونج) وهو اسم يلقى التقدير والتبجيل في وسط أوروبا في ذلك الوقت، وهكذا حققت في نظره مصداقية ما زعمت له قبل ذلك من أني سأحقق ما أصبو إليه وأصـل إلى القمة".

الرحلة الثانية إلى الشرق 1924م



صورة لشيخ الأزهر السابق مصطفى المراغي

وفي ربيع عام 1924م بدأ رحلته الثانية إلى الشرق من القاهرة، حيث استغل إقامته بها لزيادة معرفته حول حقائق الإسلام، وهناك جالس الكثير من الشخصيات العلمية، ولكنه توقف طويلاً عند الشيخ مصطفى المراغي إمام الجامع الأزهر آنذاك.

رحلاته الثلاث إلى الشرق

1.) رحلته الأولى إلى المشرق كانت في عام 1922

2.) رحلته الثانية: في ربيع عام 1924م بدأ رحلته الثانية إلى الشرق من القاهرة.

3.) في شهر يناير 1927 في رحلته المشرقية الثالثة منذ تلك اللحظة ارتدى المسلم الجديد "محمد أسد" اللباس المشرقي، وبدأ يتكلم العربية عوضا عن الألمانية. وكانت وجهة رحلته الأساسية في هذه المرة مكة. هناك فقدَ زوجتَه إثر وفاة مفاجئة وعمّق معرفته بالقرآن.

اللغات التي تمكن منها

لعل قدراته اللغوية ساعدته كثيرا على تفهم العالم من حوله

فقد اتقن

1. العبرانية لغة التوراة

2. الآرامية لغة الكتب السابقة عن الإسلام

3. اللغة الألمانية لغة الإمبراطورية النمساوية المجرية التي ولد في عهدها

4. الفرنسية فقد قرأ بها القرآن الكريم في مرحلته الأولى قبل تعلم العربية

5. الإنجليزية

6. اللغة الفاريسية

7. وأظن إجتهادا مني حسب سيرة حياته الأولى أنه عاش بين بولندا وأوكرانيا فلعله قد تمكن من لغة هذه البلاد، إذ مكث هناك 13 عاما

8. لغة القرآن الكريم "اللغة العربية"

بحثا عما هو أسمى

كان في ذلك الوقت (1922م- 1924م) سعيداً بما هو أكثر من النجاح في حياته العملية، ولكنه لم يكن يشعر بالرضا والإشباع ولم يكن يدري بالتحديد ما الذي يسعى إليه وما الذي يتوق إلى تحقيقه. كان مثله مثل كثير من شباب جيله. فسنوات الانطلاقة الاقتصادية لفترة ما بين الحربين العالميتين ـ الأولى والثانية ـ التي كانت مركزة على التطور التقني والرفاه المادي قد أثارت في ذلك الشاب شعورا بالاغتراب، أو هكذا كان الأمر على الأقل كما يصف ذلك هو نفسه في مذكراته التي صدرت سنة 1954 تحت عنوان «الطريق إلى مكة»

كان "ليوبولد فايس" يعتبر ذلك الوضع الذي يعبر عنه "هرمن بروخ" بـ"فراغ القيم" كإحدى الأعراض المميزة لمجتمع لم يعد له من هاجس سوى البحث عن وسائل الراحة والرفاه. أما هو فكان يبحث عما هو أسمى. وكان قد تمكن في سنين طفولته بفضل معرفة متينة باللغة العبرية من قراءة الكتب المقدسة، لكنه أضاع الصلة بالديانات من بعدها داخل بيت عائلته الذي أصبحت الدنيا همَّه الأول. ومع ذلك فإنه لم يكن من الصعب على الشاب في ما بعد أن يشعر بالميل إلى الاتجاه الفكري لـ "مارتن بوبر" أو "أويجن هوفليش"، ذلك الاتجاه الذي يعيد التراث اليهودي إلى الموروث الشرقي متخطيا في ذلك الثقافة الأوروبية. وقد أشعلت أحلام الشرق الجميلة التي سادت الأوساط الأدبية في برلين جذوة اهتمامه هذا. حيث راجت فكرة الصحراء كانعكاس لصورة غير رجعية منفتحة على العالم مناهضة للحداثة في التصور الأوروبي منذ "إليزابيث إيبرهارد" و "ت.هـ. لورنس" . لم يفوّت "ليوبولد" على أية حال وهو في الثانية والعشرين (العام 1922م) من عمره الدعوة التي وجهها له عمه "دوريان فايغنباوم" المقيم في القدس لزيارته هناك. حيث اصطدم في الشرق الأوسط بالأوضاع المتوترة أثناء الحقبة الاستعمارية التي لحقت انهيار الامبراطورية العثمانية، حيث تتنازع بريطانيا وفرنسا اقتسام مناطق النفوذ، وحيث بدأ الوافدون من اليهود المهاجرين اثارة حفيظة السكان الفلسطينيين.

محطات هامة في رحلته المشرقية

القدس

وفي ربيع عام 1922م جاءته دعوة من خاله "دوريان فايغنباوم" الشقيق الأصغر لأمه، وكان طبيبًّا نفسانيًّا، وكان يرأس في ذلك الوقت مستشفى للأمراض العقلية في القدس يدعوه إلى المجيء لزيارته في القدس والإقامة فيها فترة، على أن يتكفل خاله بنفقاته كلها ذهابًا وإيابًا، وقبلَ "ليوبولد" الدعوة، وبدأ رحلته الأولى إلى الشرق في صيف عام 1922م في منعطف فكري وعاطفي هيّأه روحيًّا وفكريًّا للإسلام.

دمشق

وفي صيف عام 1923م وصل "ليوبولد" إلى دمشق ليشهد صلاة الجمعة في الجامع الأموي.

الصحفي "ليوبولد فايس" والصهيونية

وصل في عام 1922م لزيارة القدس عند أبناء عائلته من قبل أمه، بدعوة من خاله وتعرف على الحركة الصهيونية ورفضها. وهنا اتصل بجهات معادية للصهيونية – كما عبّر بذلك صحفي إسرائيلي وهو يقصد العرب، وأخذ يرسل إلى الصحيفة في ألمانيا تقارير إخبارية تؤيد نضال عرب أرض إسرائيل (الفلسطينيون) ضد الصهاينة.

جاءت نتائج الدراسات الدينية المبكرة عمرياً في حياة "ليوبولد" والتي تلقاها على عكس ما قُصِدَ بها فقد ساعدته فيما بعد على فهم الغرض الأساسي للدين بما هو دين مهما كان شكله، كما كشفت له فساد ادعاءات اليهود الصهاينة بالحقوق التاريخية في أرض فلسطين واغتصابهم لها، إلى جانب تمكنه كذلك بسهولة من التعرف على العديد من المواقع الطبوغرافية وتشابه الأشخاص وفقًا لنصوص الأحداث التاريخية التي وردت في أسفار العهد القديم، وهو الأمر الذي مكّنه من الرد على افتراءات المستشرقين اليهود وغيرهم من الغربيين الذين زعموا أن الرسول "محمد بن عبدالله" صلى الله عليه وسلم نقل عن اليهودية.

وفي هذه الفترة وبسبب خيبة أمله في اليهودية إلى جانب تأثره ببيئته التي كانت تعتقد بعدم كفاية العقل لفهم الوحي الإلهي، لم يهتم "ليوبولد" بالبحث عن الحقائق الروحية في جهات أخرى، بل لقد نبذ عمليًّا الدين حيناً من الوقت.

ضد الصهيونية

خرج "ليوبولد" من أوروبا بعد أن آمن أنها في ضياع وخواء روحي ناتج عن الجري وراء المنفعة المادية الصرفة، ويرجع في جزء كبير منه إلى الإرث الذي ورثه الغرب من المدينة الرومانية وهو إرث مادي نفعي في جملته وتفاصيله، بالإضافة إلى ثورة أوروبا الفكرية على الكنيسة، وما استتبع ذلك من انصراف عن الدين عمومًا، والاكتفاء بمبدأ المنفعة المادية وأسلوبها في جميع المجالات، خاصة في مجال الروابط الأسرية وفي مجال العفاف الجنسي في العلاقة بين الرجل والمرأة.

وربما يكون ذلك هو أساس رفض "محمد أسد" لمدلول تصريح بلفور عام 1917م الذي رأى فيه مناورة سياسية ظالمة لا يقصد به أكثر من تطبيق المبدأ الاستعماري المشترك القديم "فرّق تسد"، ولم يتوقف نشاطه في هذا المجال عند حدوث الحوار الذاتي بينه وبين نفسه والاستبطان الشخصي، ولكنه تعداه إلى مناقشة أقطاب النشاط الصهيوني في فلسطين في ذلك الوقت فتحدث بوجهة نظره إلى السيد "أوسيشكين Ussyshkin" وهو رئيس اللجنة الصهيونية التنفيذية الذي لم يظهر سوى الازدراء بالعرب، وحواره مع الدكتور "Chaim Weizmann" حاييم وايزمان زعيم الحركة الصهيونية العالمية بلا منازع أثناء إحدى زياراته الدورية إلى فلسطين.

لابد أن نسجل هنا لـ "لمحمد أسد" موقفه هذا، أي أنه تصادم تماما مع الحركة الصهيوينة في نفس اللحظة التي كان مبهورا بها بالعرب والمسلمين والإسلام.

كان هدف "محمد أسد" من دفاعه عن القضية - كما ذكر- هو أن يسبب ذلك نوعًا من القلق وانشغال الفكر لدى القيادة الصهيونية قد يؤدي إلى دور أكبر من التأمل الباطني ولربما - في مرحلة تالية - إلى استعداد أكبر للاعتراف بوجود حق أدبي ممكن في المقاومة العربية. وبرغم عدم حدوث ذلك فإن موقف "محمد أسد" المبكر والصريح قبل اعتناقه الإسلام من قضية النزاع العربي الإسرائيلي لَيُثْبت نقاء هذا الرجل ونفاذ بصيرته ورجاحة عقله وصدق تخيله، وهي ملكات شخصية كانت في خلفية اتجاهه للإسلام فيما بعد واعتناقه له.

زياراته وعلاقاته



صورة للشاعر الباكستاني محمد إقبال

لقد مكث "ليوبولد" في الشرق أربع سنوات مراسلاً لكبريات الصحف الغربية ومن خلال عمله كصحفي تعرف إلى الكثيرين من أعلام الشرق آنذاك من السادة العلماء، وكبار السياسيين والمفكرين، كان على رأسهم شيخ الأزهر "مصطفى المراغي" وملك الأردن "عبدالله" (الأول) وشيخ السنوسية المقيم في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية الشيخ "محمد السنوسي" ولقاءه مع الشيخ المجاهد "عمر المختار" وفيلسوف الإسلام الكبير الدكتور"محمد إقبال"، فعقد معهم صداقات حميمة، وخلال تلك السنوات الأربع التي قضاها في الشرق بين جباله ووهاده، وقفاره وبحاره، راجلاً أو راكباً، مغامراً في أحيان كثيرة، كثيراً ما رأى فيها الموت المحقق كان قد اندمج مع هذا العالم اندماجاً كلياً لا انفكاك له.

زار القاهرة فالتقى بالإمام "مصطفى المراغي" شيخ الأزهر، فحاوره حول الأديان، فانتهى إلى الاعتقاد بأن "الروح والجسد في الإسلام هما بمنزلة وجهين توأمين للحياة الإنسانية التي أبدعها الله" ثم بدأ بتعلم اللغة العربية في أروقة الأزهر، وهو لم يزل بعدُ يهودياً. فمع يهوديته التي تربى عليها منذ صباه حاور الشيخ "مصطفى المراغي" رحمه الله شيخ الأزهر الشريف هذه المحاروة هي تطبيق فطري من إنسان يهودي في رحاب الأزهر الشريف منارة العلم وملتقى العلماء.

المملكة العربية السعودية:

وقد شارك محمد أسد في الأحداث الكبرى لتوحيد المملكة العربية السعودية، ووصفها بدقة تامة. وسرعان ما انضم إلى مجلس المستشارين لدى الملك عبدالعزيز بن سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية. ترك "محمد أسد" الجزيرة العربية عام 1932م وذهب إلى شبه الجزيرة الهندية في طريقه إلى تركستان الشرقية والصين وإندونيسيا.

ليبيا عمر المختار

في عام 1926م بعد اعتناقه الإسلام قرر "محمد أسد" الرحيل إلى المشرق، إلى تلك البلاد التي وجد فيها ضالته المنشودة، فقرر البقاء في مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وخلال هذه الفترة تعرف إلى الشيخ "محمد إدريس السنوسي" وشارك في أحداث المسلمين في ليبيا في رحلة خاصة خطرة بتكليف من الإمام "السنوسي" وهو في منفاه بمكة، الذي حمل منه رسالة إلى شيخ المجاهدين عمر المختار الشهيد والمحاصر في الجبل الأخضر في ليبيا المحتلة في ذلك الوقت من قبل الايطاليين، فقابل المجاهد "عمر المختار" وصحبه ورافق الشهيد في جهاده ضد الإيطاليين، ولعل "محمد أسد" هو الصحفي الأوروبي الوحيد الذي شاهد عمر المختار عن قرب قبل أن يقبض عليه ويعدم عام 1931م. وبذلك فقد تفاعل " محمد أسد" مع كل قضايا الأمة الإسلامية. فكان بذلك لــ"محمد أسد" شرف الجهاد في تلك الديار.

رحلته إلى شبه القارة الهندية:

ترك "محمد أسد" الجزيرة العربية عام 1932م وذهب إلى الهند إثناء الحرب العالمية الثانية في طريقه إلى تركستان الشرقية والصين وإندونيسيا، ولكن المفكر الكبير "محمد إقبال" أقنعه بإلغاء برنامجه والبقاء بالهند كي يساعده في إذكاء نهضة الإسلام، ووقف نفسه لسنوات عديدة على تحقيق هذا الهدف، وقام بدراسات كثيرة، وكتب مقالات عديدة، وألقى العديد من المحاضرات، وعرف مع الزمن كمترجم للفقه الإسلامي والثقافة الإسلامية.

أعتقال محمد أسد والزج به في السجون

أقام "محمد أسد" في الهند حتى قيام الحرب العالمية الثانية، لقد حرّر صحيفة باللغة الأوردية نشر فيها مقالات تعيب السلطة البريطانية، وبعقب ذلك اعتقله البريطانيون أثناء فترة الحرب العالمية الثانية كلها. فكاد له الإنجليز هناك وحبسوه باعتباره مواطن دولة معادية (النمسا)، وخوفًا من أثره على المسلمين، وقد وقعت له بسبب السجن كارثة، إذ ضاعت منه أكثر أجزاء ترجمة صحيح البخاري الذي أفنى شطرًا من عمره وهو عاكف عليها.

أسد مفكراً

فبعد سنوات من الانقطاع لدراسة الإسلام صار علما من أعلام الإسلام في العصر الحديث . وبجانب هذا كله فقد كان يعرف بترجمان الفقه الإسلامي، وخلال عمله كمندوب وممثل لباكستان في الأمم المتحدة، كان زملاؤه من الغربيين يلاحظون فيه نوعاً من الاندماج الكلي في مهمته التي كلف بها، لا مجرد غربي يؤدي وظيفة فحسب.

باكستان

وفي عام 1932م قرر "محمد أسد" السفر إلى بلاد الهند، ومن ثم إلى بلاد ما وراء النهر، تلك البلاد المسلمة، التي قرر أن تكتحل عيناه برؤيتها، ولكنه خلال مقامه في الهند، كان لقاؤه بمفكر الإسلام وفيلسوفه الكبير "محمد إقبال"، ومن ثم وجد كلٌّ منهما ضالته في الآخر، ولما أراد "أسد" السفر إلى تركستان الشرقية أثناه "محمد إقبال" عن ذلك، وأقنعه بإلغاء برنامجه والبقاء بالهند كي يساعده في إذكاء نهضة الإسلام، ووقف نفسه لسنوات عديدة على تحقيق هذا الهدف، وقام بدراسات كثيرة، وكتب مقالات عديدة، وألقى العديد من المحاضرات، وعرف مع الزمن كمترجم للفقه الإسلامي والثقافة الإسلامية. وفي نهاية الأربعينيات أصبح أسد شريكاً في نضال باكستان للاستقلال. فلقد مثلت باكستان بالنسبة إليه مشروع دولة مثالي بمنأى عن كل أنواع الأفكار القومية، مشروع لا يقوم على قاعدة الانتماء الإثني والعشائري أو على قاعدة حدود ترابية ثابتة، بل على الاختيار الطوعي للمرجعية الإسلامية، ثم أمره رئيس حزب العصبة الاسلامية في الهند الدكتور محمد إقبال أن يبدأ بكتابة المقدمات المنطقية لقيام الدولة الإسلامية، التي كان "محمد أسد" من أشد أنصار فكرتها، وبذلك ساهم في كتابة أبواب من الدستور الإسلامي لدولة باكستان، والمساهمة في وضع أسس ونظم الدولة الحديثة، ذلك من أجل إنعاش بقية من آمال المسلمين المتعثرة، واكتسب جنسية الدولة الجديدة ومن هنا بدأ تحول كبير في حياة الرجل بعد تحوله الكبير باعتناقه الإسلام، كان ذلك التحول مع بداية قيام دولة باكستان الإسلامية، والتي شغل فيها السيد "محمد أسد" مناصب عديدة ضمن وزارة الخارجية، فمن مدير دائرة الشرق الأوسط فيها، إلى وزير مفوض لباكستان لدى منظمة الأمم المتحدة، فمنذ سنة 1952م شغل لمدة سنتين خطة سفير لباكستان لدى منظمة الأمم المتحدة بنيويورك. وذلك لما يمتاز به الرجل من عبقرية فذة بجانب إجادته للغات عديدة كالإنجليزية والفرنسية والألمانية والعبرية والعربية. وبعد قيام باكستان دعته حكومتها لتنظيم "دائرة إحياء الإسلام" فاشتغل مديرا لدائرة تجديد الإسلام في البنجاب الغربية، فعمل خلال بقائه في باكستان على إنشاء مركز للبحوث والدراسات الإسلامية، فتولى رئاسة معهد الدراسات الإسلامية في "لاهور"، وأصدر مجلة هناك في مدينة لاهور، مجلة "عرفات" كما أسس بمعاونة صديقه "وليم بكتول" الذي أسلم هو الآخر "مجلة الثقافة الإسلامية" في "حيدر آباد"، وعاد من نيويورك رئيسًا لقسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الباكستانية حتى تقدم باستقالته من منصبه عام 1952م بعدما أعلن أنه اطمأن إلى أن الدولة الجديدة قامت على قدميها.

الرجل الأكاديمي

عمل رئيساً لمعهد الدراسات الإسلامية في "لاهور" حيث قام بتأليف الكتب التي رفعته إلى مصاف ألمع المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث .

زواجه:

وقد تزوج أسد ثلاث مرات:

أُولاها بـ "إلزا شيمان" المرأة البرلينية، ففي العام (1926م) تزوج من تلك الفتاة التي أحبها "إلزا" كان "محمد أسد" وقتها في السادسة والعشرين من عمره، بينما كانت زوجته في الأربعين! وهي أسلمت معه ولكنها لم تُعَمَّر طويلا، فاقترن بامرأة عربية أسمها السيدة "منيرة"، إحدى بنات الشيوخ، رُزِق منها ابنه الوحيد "طلال" الأستاذ بإحدى الجامعات الأمريكية ثم انفصل عنها.

ثم زواجه الثالث من المرأة البولونية التي جاءت معه وقد اعتنقت الإسلام "بولا حميدة" الأمريكية التى أسلمت هى أيضا.

"محمد أسد" اقترن بنساء أسلمن، المرأة الأولى التي أحبها وافقته على ما وصل إليه من عقيدة التوحيد فأمنت برب واحد خالق رازق، وكذلك الزوجة الثالثة. "محمد أسد" الرجل، مثال رائع لرجل تربى في الغرب يتزوج النساء اللآئي يسلمن، نموذج رائع لرجال الجالية الإسلامية في الغرب!!.

وفاته:

ترك باكستان وبعد بضعة سنوات قضاها في سويسرا، ورحل إلى المغرب سيقيم "محمد أسد" في طنجة حيث يواصل نشاط التأليف والنشر والتعبير عن مواقفه من الأحداث العالمية. لكنه سيظل ينتظر التجديد المرتجى داخل العالم الإسلامي دون أن يراه. ثم رحل إلى البرتغال.

طاف العالم ... ثم استقر في إسبانيا و توفي فيها ودفن في غرناطه.

بعد وفاته سنة 1992م تم دفنه في المقبرة الإسلامية بغرناطة. وقد وجد في هذه النقطة الواقعة في الطرف الغربي الأقصى من أوروبا ما يتناسب أكثر من أي موقع آخر مع تصوره المثالي للمشرق، حتى وإن كانت لا تمثل بالنسبة له سوى ذكرى ماض بعيد، عوضا عن رؤية مستقبلية.

تُوفّي محمد أسد في 19 فبراير عام 1992 في مدينة (ميخاس) بفينخوريلا التابعة لمحافظة (مالقة) بجنوبي الأندلس، ودفن في مقابر المسلمين في مدينة غرناطة. رحمة الله عليه.

إعداد محمد الرمادي
منسق المجلس الإسلامي في النمسا
العنوان الإلكتروني:elramady.muhamed@gmx.at
رقم تليفون المحمول:0699 1 333 6 332
http://quran-m.com/quran/article/2428/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A3%D8%B3%D8%AF

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:35 PM
كيف أسلم قسُّ الكنيسة ؟
كانت أمنية " فوزي صبحي سمعان" منذ صغره أن يصبح قساً يقَبِّل الناس يده و يعترفون له بخطاياهم لعله يمنحهم صك الغفران، و يغسل ذنوبهم بسماعه الاعتراف.. و لذا كان يقف منذ طفولته المبكرة خلف قس كنيسة " ماري جرجس " يتلقى منه العلم الكنسي، و قد أسعد والديه بأنه سيكون خادماً للكنيسة ليشبَّ نصرانياً صالحاً طبقاً لاعتقادهما.

و لم يخالف الفتى رغبة والديه في أن يكون خادماً للكنيسة يسير وراء القس حاملاً كأس النبيذ الكبيرة أو دم المسيح كما يدَّعون، ليسقي رواد الكنيسة و ينال بركات القس.
لم يكن أحد يدري أن هذا الفتى الذي يعدونه ليصير قساً سوف يأتي يوم يكون له شأن آخر غير الذي أرادوه له، فيتغير مسار حياته ليصبح داعية إسلامي.

يذكر فوزي أنه برغم إخلاصه في خدمة الكنيسة فإنه كانت تؤرقه ما يسمونه: أسرار الكنيسة السبعة، و هي: التعميد، و الاعتراف، و شرب النبيذ، و أكل لحم المسيح، و الأب، و الابن و الروح القدس.
و أنه طالما أخذ يفكر ملياً في فكرة الفداء أو صلب المسيح عليه السلام افتداءً لخطايا البشرية كما يزعم قساوسة النصارى و أحبارهم، و أنه برغم صغر سنه فإن عقله كان قد نضج بدرجة تكفي لأن يتشكك في صحة حادثة الصلب المزعومة، و هي أحد الأركان الرئيسية في عقيدة النصارى المحرفة.

ذلك أنه عجز عن أن يجد تبريراً واحداً منطقياً لفكرة فداء خطايا البشرية، فالعدل و المنطق السليم يقولان بأن لا تزر وازرة وزر أخرى، فليس من العدل أو المنطق أن يُعَذَّب شخص لذنوب ارتكبها غيره.. ثم لماذا يفعل المسيح عليه السلام ذلك بنفسه إذا كان هو الله وابن الله كما يزعمون ؟! ألم يكن بإمكانه أن يغفر تلك الخطايا بدلاً من القبول بوضعه معلقاً على الصليب ؟.

ثم كيف يقبل إله ( كما يزعمون ) أن يصلبه عبد من عباده، أليس في هذا مجافاة للمنطق وتقليلاً بل و امتهاناً لقيمة ذلك الإله الذي يعبدونه.. و أيضاً كيف يمكن أن يكون المسيح عليه السلام هو الله و ابن الله في آن واحد كما يزعمون ؟!.

كانت تلك الأفكار تدور في ذهن الفتى و تتردد في صدره، لكنه لم يكن وقتها قادراً على أن يحلل معانيها أو يتخذ منها موقفاً حازماً، فلا السن يؤهله لأن يتخذ قراراً و لا قدراته العقلية تسمح له بأن يخوض في دراسة الأديان ليتبين الحقائق، فلم يكن أمامه إلا أن يواصل رحلته مع النصرانية و يسير وراء القساوسة مردداً ما يلقنونه له من عبارات مبهمة.

ومرَّت السنوات و كبر فوزي و صار رجلاً و بدأ في تحقيق أمنيته في أن يصير قساً يشار إليه بالبنان، و تنحني له رؤوس الصبية و الكبار رجالاً و نساءً ليمنحهم بركاته المزعومة ويجلسون أمامه على كرسي الاعتراف لينصت إلى أدق أسرار حياتهم و يتكرم عليهم بمنحهم الغفران نيابةً عن الرب , و لكن كم حسدهم على أنهم يقولون ما يريدون في حين أنه عاجز عن الاعتراف لأحد بحقيقة التساؤلات التي تدور بداخله و التي لو علم بها الآباء القساوسة الكبار لأرسلوا به إلى الدير أو قتلوه.

و يذكر فوزي أيضاً أنه كثيراً ما كان يتساءل: إذا كان البسطاء يعترفون للقس، و القس يعترف للبطريرك، و البطريرك يعترف للبابا، والبابا يعترف لله، فلماذا هذا التسلسل غير المنطقي ؟ و لماذا لا يعترف الناس لله مباشرةً.. و يجنبون أنفسهم شر الوقوع في براثن بعض المنحرفين من القساوسة الذين يستغلون تلك الاعترافات في السيطرة على الخاطئين و استغلالهم في أمور غير محمودة ؟!.

لقد كان القس الشاب يحيا صراعاً داخلياً عنيفاً، عاش معه لمدة تصل إلى تسعة أعوام، كان حائراً بين ما تربى عليه و تعلمه في البيت والكنيسة وبين تلك التساؤلات العديدة التي لم يستطع أن يجد لها إجابة برغم دراسته لعلم اللاهوت و انخراطه في سلك الكهنوت.
و عبثاً حاول أن يقنع نفسه بتلك الإجابات الجاهزة التي ابتدعها الأحبار قبل قرون و لقنوها لخاصتهم ليردوا بها على استفسارات العامة برغم مجافاتها للحقيقة والمنطق والعقل.
لم يكن موقعه في الكنيسة يسمح له أن يسأل عن دين غير النصرانية حتى لا يفقد مورد رزقه وثقة رعايا الكنيسة، فضلاً عن أن هذا الموقع يجبره على إلقاء عظات دينية هو غير مقتنع بها أصلاً لإحساسه بأنها تقوم على غير أساس.

و لم يكن أمامه إلا أن يحاول وأد نيران الشك التي سارت في أعماقه و يكبتها، حيث إنه لم يملك الشجاعة للجهر بما يهمس به لنفسه سراً خيفة أن يناله الأذى من أهله والكنيسة، و لم يجد أمامه في حيرته هذه إلا أن ينكب بصدق وحماس واجتهاد على دراسة الأديان الأخرى سراً.

وبالفعل أخذ يقرأ العديد من الكتب الإسلامية، فضلاً عن القرآن الكريم الذي أخذ يتفحصه في اطلاع الراغب في استكشاف ظواهره و خوافيه، و توقف و دمعت عيناه و هو يقرأ قوله تعالى: ( و إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني و أميَ إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي و لا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب. ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي و ربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم و أنت على كل شيء شهيد ). [المائدة:116ـ117].

قرأ فوزي تلك الآيات و أحس بجسده يرتعش، فقد وجد فيها الإجابات للعديد من الأسئلة التي طالما عجز عن إيجاد إجابات لها.. ثم وقف عند قوله تعالى: (إن مَثَلَ عيسى عند الله كمَثَل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون) آل عمران.

ليجد أن القرآن الكريم قدم إيضاحات لم يقرأها في الأناجيل المحرفة المعتمدة لدى النصارى.. وأن القرآن يؤكد بشرية عيسى عليه السلام و أنه نبي مرسل لبني إسرائيل و مكلف برسالة محددة كغيره من الأنبياء.
كان فوزي خلال تلك الفترة قد تم تجنيده لأداء الخدمة العسكرية و أتاحت له هذه الفترة فرصة مراجعة النفس، و قادته قدماه ذات يوم لدخول كنيسة في مدينة الإسماعيلية ووجد نفسه و بدون أن يشعر يسجد فيها سجود المسلمين واغرورقت عيناه بالدموع وهو يناجي ربه سائلاً إياه أن يلهمه السداد و يهديه إلى الدين الحق.

و لم يرفع رأسه من سجوده حتى عزم على الدخول في الإسلام فنطق بشهادة الحق: ( شهادة ألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله )، وأشهر إسلامه بعيداً عن قريته و أهله خشية بطشهم و إيذائهم، و تسمى باسم " فوزي صبحي عبد الرحمن المهدي ".

وعندما علمت أسرته بخبر دخوله في الإسلام وقفت تجاهه موقفاً شديداً ساندتهم فيه الكنيسة وبقية الرعايا النصارى الذين ساءهم أن يشهر إسلامه، في حين كان فوزي في الوقت نفسه يدعو ربه و يبتهل إليه أن ينقذ والده و إخوته و يهديهم للإسلام، و قد ضاعف من ألمه أن والدته قد ماتت على دين النصرانية , فجلس يدعوا ويلح على الله أن يشرح صدر والده وإخوته.

وذات يوم استيقظ على صوت طرق على باب شقته، و حين فتح الباب وجد شقيقته أمامه تعلن رغبتها في الدخول في الإسلام.. ثم لم يلبث أن جاء والده بعد فترة و لحق بابنه و ابنته على طريق الحق..

المصدر: كتاب: ( إسلام القساوسة والحاخامات ) بتصرف.


شامل بن إبراهيم

http://www.denana.com/main/articles.aspx?article_no=811&pgtyp=66

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:38 PM
شهادة مئات من غير المسلمين منهم قساوسة في الفلبين


https://www.youtube.com/watch?v=SQpxqbejGc8

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:40 PM
قصة إسلام القسيس سيلي

بقلم الدكتور/ عبد العزيز أحمد سرحان

عميد كلية المعلمين بمكة المكرمة



صورة لقس أثناء قيامه بتعميد مواطن من دولة توغو غرب أفريقيا

دعوني اصطحبكم لنتجه سويا إلى (جوهانسبرغ ) مدينة مناجم الذهب الغنية بدولة جنوب أفريقيا حيث كنت أعمل مديرًا لمكتب رابطة العالم الإسلامي هناك. كان ذلك في عام 1996 وكنا في فصل الشتاء الذي حل علينا قارساً في تلك البلاد، وذات يوم كانت السماء فيه ملبدة بالغيوم وتنذر بهبوب عاصفة شتوية عارمة، وبينما كنت أنتظر شخصًا قد حددت له موعدا لمقابلته كانت زوجتي في المنزل تعد طعام الغداء، حيث سيحل ذلك الشخص ضيفا كريما عليّ بالمنزل. كان الموعد مع شخصية لها صلة قرابة بالرئيس الجنوب أفريقي السابق الرئيس نلسون مانديلا، شخصية كانت تهتم بالنصرانية وتروج وتدعو لها.. إنها شخصية القسيس ( سيلي ). لقد تم اللقاء مع سيلي بواسطة سكرتير مكتب الرابطة عبد الخالق ميتر حيث أخبرني أن قسيسا يريد الحضور إلى مقر الرابطة لأمر هام.وفي الموعد المحدد حضر سيلي بصحبته شخص يدعى سليمان كان ملاكما وأصبح عضوا في رابطة الملاكمة بعد أن من الله عليه بالإسلام بعد جولة قام بها الملاكم المسلم محمد علي كلاي. وقابلت الجميع بمكتبي وسعدت للقائهم أيما سعادة. كان سيلي قصير القامة، شديد سواد البشرة، دائم الابتسام. جلس أمامي وبدأ يتحدث معي بكل لطف. فقلت له: أخي سيلي، هل من الممكن أن نستمع لقصة اعتناقك للإسلام ؟ ابتسم سيلي وقال: نعم بكل تأكيد. وأنصتوا إليه أيها الإخوة الكرام وركزوا لما قاله لي، ثم احكموا بأنفسكم.

قال سيلي: كنت قسيسا نشطًا للغاية، أخدم الكنيسة بكل جد واجتهاد ولا أكتفي بذلك بل كنت من كبار المنصرين في جنوب أفريقيا، ولنشاطي الكبير اختارني الفاتيكان لكي أقوم بالنتصير بدعم منه فأخذت الأموال تصلني من الفاتيكان لهذا الغرض، وكنت أستخدم كل الوسائل لكي أصل إلى هدفي. فكنت أقوم بزيارات متوالية ومتعددة، للمعاهد والمدارس والمستشفيات والقرى والغابات، وكنت أدفع من تلك الأموال للناس في صور مساعدات أو هبات أو صدقات وهدايا، لكي أصل إلى مبتغاي وأدخل الناس في دين النصرانية.. فكانت الكنيسة تغدق علي فأصبحت غنيا فلي منزل وسيارة وراتب جيد، ومكانة مرموقة بين القساوسة. وفي يوم من الأيام ذهبت لأشتري بعض الهدايا من المركز التجاري ببلدتي وهناك كانت المفاجأة !! ففي السوق قابلت رجلاً يلبس كوفية ( قلنسوة ) وكان تاجرًا يبيع الهدايا، وكنت ألبس ملابس القسيسين الطويلة ذات الياقة البيضاء التي نتميز بها على غيرنا، وبدأت في التفاوض مع الرجل على قيمة الهدايا. وعرفت أن الرجل مسلم ـ ونحن نطلق على دين الإسلام في جنوب أفريقيا: دين الهنود، ولانقول دين الإسلام ـ وبعد أن اشتريت ما أريد من هدايا, بل قل من فخاخ نوقع بها السذج من الناس، وكذلك أصحاب الخواء الديني والروحي كما كنا نستغل حالات الفقر عند كثير من المسلمين، والجنوب أفريقيين لنخدعهم بالدين المسيحي وننصرهم..

- فإذا بالتاجر المسلم يسألني: أنت قسيس..

أليس كذلك ؟

فقلت له: نعم.

فسألني: من هو إلهك ؟

فقلت له:

- المسيح هو الإله.

فقال لي:

- إنني أتحداك أن تأتيني بآية واحدة في ( الإنجيل ) تقول على لسان المسيح ـ عليه السلام ـ شخصيا أنه قال: ( أنا الله، أو أنا ابن الله ) فاعبدوني.

فإذا بكلمات الرجل المسلم تسقط على رأسي كالصاعقة، ولم أستطع أن أجيبه وحاولت أن أعود بذاكرتي الجيدة وأغوص بها في كتب الأناجيل وكتب النصرانية لأجد جوابًا شافيًا للرجل فلم أجد !! فلم تكن هناك آية واحدة تتحدث على لسان المسيح وتقول بأنَّه هو الله أو أنه ابن الله.

وأسقط في يدي وأحرجني الرجل، وأصابني الغم وضاق صدري. كيف غاب عني مثل هذه التساؤلات ؟ وتركت الرجل وهمت على وجهي، فما علمت بنفسي إلا وأنا أسير طويلا بدون اتجاه معين..

ثم صممت على البحث عن مثل هذه الآيات مهما كلفني الأمر، ولكنني عجزت وهزمت.!

فذهبت للمجلس الكنسي وطلبت أن أجتمع بأعضائه، فوافقوا.

وفي الاجتماع أخبرتهم بما سمعت فإذا بالجميع يهاجمونني ويقولون لي: خدعك الهندي..

إنه يريد أن يضلك بدين الهنود. فقلت لهم: إذًا أجيبوني !!.. وردوا على تساؤله. فلم يجب أحد.! وجاء يوم الأحد الذي ألقي فيه خطبتي ودرسي في الكنيسة، ووقفت أمام الناس لأتحدث، فلم أستطع وتعجب الناس لوقوفي أمامهم دون أن أتكلم. فانسحبت لداخل الكنيسة وطلبت من صديق لي أن يحل محلي، وأخبرته بأنني منهك.. وفي الحقيقة كنت منهارًا، ومحطمًا نفسيًّا. وذهبت لمنزلي وأنا في حالة ذهول وهم كبير، ثم توجهت لمكان صغير في منزلي وجلست أنتحب فيه، ثم رفعت بصري إلى السماء، وأخذت أدعو، ولكن أدعو من ؟.. لقد توجهت إلى من اعتقدت بأنه هو الله الخالق.. وقلت في دعائي: ( ربي.. خالقي. لقد أُقفلتْ الأبواب في وجهي غير بابك، فلا تحرمني من معرفة الحق، أين الحق وأين الحقيقة ؟ يارب ! يارب لا تتركني في حيرتي، وألهمني الصواب ودلني على الحقيقة ).

ثم غفوت ونمت. وأثناء نومي، إذا بي أرى في المنام في قاعة كبيرة جدا، ليس فيها أحد غيري.. وفي صدر القاعة ظهر رجل، لم أتبين ملامحه من النور الذي كان يشع منه وحوله، فظننت أن ذلك الله الذي خاطبته بأن يدلني على الحق.. ولكني أيقنت بأنه رجل منير.. فأخذ الرجل يشير إلي وينادي: يا إبراهيم ! فنظرت حولي، فنظرت لأشاهد من هو إبراهيم ؟ فلم أجد أحدًا معي في القاعة..

فقال لي الرجل: أنت إبراهيم.. اسمك إبراهيم.. ألم تطلب من الله معرفة الحقيقة.. قلت: نعم.. قال: انظر إلى يمينك.. فنظرت إلى يميني، فإذا مجموعة من الرجال تسير حاملة على أكتافها أمتعتها، وتلبس ثيابا بيضاء، وعمائم بيضاء. وتابع الرجل قوله: اتبع هؤلاء. لتعرف الحقيقة !! واستيقظت من النوم، وشعرت بسعادة كبيرة تنتابني، ولكني كنت لست مرتاحا عندما أخذت أتساءل.. أين سأجد هذه الجماعة التي رأيت في منامي ؟ وصممت على مواصلة المشوار، مشوار البحث عن الحقيقة، كما وصفها لي من جاء ليدلني عليها في منامي. وأيقنت أن هذا كله بتدبير من الله سبحانه وتعالى.. فأخذت أجازة من عملي، ثم بدأت رحلة بحث طويلة، أجبرتني على الطواف في عدة مدن أبحث وأسأل عن رجال يلبسون ثيابا بيضاء، ويتعممون عمائم بيضاء أيضًا..

وطال بحثي وتجوالي، وكل من كنت أشاهدهم مسلمين يلبسون البنطال ويضعون على رؤوسهم الكوفيات فقط. ووصل بي تجوالي إلى مدينة ( جوهانسبرغ )، حتى أنني أتيت إلى مكتب استقبال لجنة مسلمي أفريقيا، في هذا المبنى، وسألت موظف الاستقبال عن هذه الجماعة، فظن أنني شحاذًا، ومد يده ببعض النقود فقلت له: ليس هذا أسألك. أليس لكم مكان للعبادة قريب من هنا ؟ فدلني على مسجد قريب.. فتوجهت نحوه.. فإذا بمفاجأة كانت في انتظاري فقد كان على باب المسجد رجل يلبس ثيابا بيضاء ويضع على رأسه عمامة. ففرحت، فهو من نفس النوعية التي رأيتها في منامي.. فتوجهت إليه رأسًا وأنا سعيد بما أرى ! فإذا بالرجل يبادرني قائلاً، وقبل أن أتكلم بكلمة واحدة: مرحبًا إبراهيم !!! فتعجبت وصعقت بما سمعت !! فالرجل يعرف اسمي قبل أن أعرفه بنفسي. فتابع الرجل قائلاً:

- لقد رأيتك في منامي بأنك تبحث عنا، وتريد أن تعرف الحقيقة. والحقيقة هي في الدين الذي ارتضاه الله لعباده الإسلام. فقلت له: - نعم، أنا أبحث عن الحقيقة ولقد أرشدني الرجل المنير الذي رأيته في منامي لأن أتبع جماعة تلبس مثل ما تلبس.. فهل يمكنك أن تقول لي، من ذلك الذي رأيت في منامي؟ فقال الرجل: - ذاك نبينا محمد نبي الإسلام الدين الحق، رسول الله صلى الله عليه وسلم !! ولم أصدق ماحدث لي، ولكنني انطلقت نحو الرجل أعانقه، وأقول له: - أحقًّا كان ذلك رسولكم ونبيكم، أتاني ليدلني على دين الحق ؟ قال الرجل:

- أجل. ثم أخذ الرجل يرحب بي، ويهنئني بأن هداني الله لمعرفة الحقيقة.. ثم جاء وقت صلاة الظهر. فأجلسني الرجل في آخر المسجد، وذهب ليصلي مع بقية الناس، وشاهدت المسلمين ـ وكثير منهم كان يلبس مثل الرجل ـ شاهدتهم وهم يركعون ويسجدون لله، فقلت في نفسي: ( والله إنه الدين الحق، فقد قرأت في الكتب أن الأنبياء والرسل كانوا يضعون جباههم على الأرض سجّدا لله ).

وبعد الصلاة ارتاحت نفسي واطمأنت لما رأيت وسمعت، وقلت في نفسي: ( والله لقد دلني الله سبحانه وتعالى على الدين الحق ) وناداني الرجل المسلم لأعلن إسلامي، ونطقت بالشهادتين، وأخذت أبكي بكاءً عظيمًا فرحًا بما منَّ الله عليَّ من هداية.

ثم بقيت معهم أتعلم الإسلام، ثم خرجت معهم في رحلة دعوية استمرت طويلا، فقد كانوا يجوبون البلاد طولاً وعرضًا، يدعون الناس للإسلام، وفرحت بصحبتي لهم، وتعلمت منهم الصلاة والصيام وقيام الليل والدعاء والصدق والأمانة، وتعلمت منهم بأن المسلمين أمة وضع الله عليها مسئولية تبليغ دين الله، وتعلمت كيف أكون مسلمًا داعية إلى الله، وتعلمت منهم الحكمة في الدعوة إلى الله، وتعلمت منهم الصبر والحلم والتضحية والبساطة. وبعد عدة شهور عدت لمدينتي، فإذا بأهلي وأصدقائي يبحثون عني، وعندما شاهدوني أعود إليهم باللباس الإسلامي، أنكروا عليَّ ذلك، وطلب مني المجلس الكنسي أن أعقد معهم لقاء عاجلا.

وفي ذلك اللقاء أخذوا يؤنبونني لتركي دين آبائي وعشيرتي، وقالوا لي: - لقد خدعك الهنود بدينهم وأضلوك !! فقلت لهم: - لم يخدعني ولم يضلني أحد.. فقد جاءني رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في منامي ليدلني على الحقيقة، وعلى الدين الحق. إنَّه الإسلام.. وليس دين الهنود كما تدعونه.. وإنني أدعوكم للحق وللإسلام. فبهتوا !! ثم جاءوني من باب آخر، مستخدمين أساليب الإغراء بالمال والسلطة والمنصب، فقالوا لي:

- إن الفاتيكان طلب لتقيم عندهم ستة أشهر، في انتداب مدفوع القيمة مقدمًا، مع شراء منزل جديد وسيارة جديدة لك، ومبلغ من المال لتحسين معيشتك، وترقيتك لمنصب أعلى في الكنيسة ! فرفضت كل ذلك، وقلت لهم:

- أبعد أن هداني الله تريدون أن تضلوني.. والله لن أفعل ذلك، ولو قطعت إربًا !! ثم قمت بنصحهم ودعوتهم مرة ثانية للإسلام، فأسلم اثنان من القسس، والحمد لله... فلما رأوا إصراري، سحبوا كل رتبي ومناصبي، ففرحت بذلك، بل كنت أريد أن أبتدرهم بذلك، ثم قمت وأرجعت لهم مالدي من أموال وعهدة، وتركتهم.. انتهى )))

قصة إسلام إبراهيم سيلي، والذي قصها عليَّ بمكتبي بحضور عبد الخالق ميتر سكرتير مكتب الرابطة بجنوب أفريقيا، وكذلك بحضور شخصين آخرين.. وأصبح القس سيلي الداعية إبراهيم سيلي.. المنحدر من قبائل الكوزا بجنوب أفريقيا. ودعوت القس إبراهيم. آسف !!

الداعية إبراهيم سيلي لتناول طعام الغداء بمنزلي وقمت بما ألزمني به ديني فأكرمته غاية الإكرام، ثمّ َودعني إبراهيم سيلي، فقد غادرت بعد تلك المقابلة إلى مكة المكرمة، في رحلة عمل، حيث كنا على وشك الإعداد لدورة العلوم الشرعية الأولى بمدينة كيب تاون. ثم عدت لجنوب أفريقيا لأتجه إلى مدينة كيب تاون. وبينما كنت في المكتب المعد لنا في معهد الأرقم، إذا بالداعية إبراهيم سيلي يدخل عليَّ، فعرفته، وسلمت عليه.. وسألته: - ماذا تفعل هنا يا إبراهيم !؟ قال لي: - إنني أجوب مناطق جنوب أفريقيا، أدعو إلى الله، وأنقذ أبناء جلدتي من النار وأخرجهم من الظلمات إلى النور بإدخالهم في الإسلام.

وبعد أن قص علينا إبراهيم كيف أصبح همه الدعوة إلى الله ترَكَنا مغادرا نحو آفاق رحبة.. إلى ميادين الدعوة والتضحية في سبيل الله.. ولقد شاهدته وقد تغير وجهه، واخلولقت ملابسه، تعجبت منه فهو حتى لم يطلب مساعدة ! ولم يمد يده يريد دعما!... وأحسست بأن دمعة سقطت على خدي.. لتوقظ فيَّ إحساسًا غريبًا.. هذا الإحساس وذلك الشعور كأنهما يخاطباني قائلين: أنتم أناس تلعبون بالدعوة.. ألا تشاهدون هؤلاء المجاهدين في سبيل الله !؟ نعم إخواني لقد تقاعسنا، وتثاقلنا إلى الأرض، وغرتنا الحياة الدنيا.. وأمثال الداعية إبراهيم سيلي، والداعية الأسباني أحمد سعيد يضحون ويجاهدون ويكافحون من أجل تبليغ هذا الدين !!!! فيارب رحماك !!!

من مقال للدكتور / عبد العزيز أحمد سرحان، عميد كلية المعلمين بمكة المكرمة.. مع بعض التصرف...( جريدة عكاظ، السنة الحادية والأربعين، العدد 12200، الجمعة 15 شوال 1420هـ، الموافق 21 يناير 2000 م )
http://quran-m.com/quran/article/2644/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D9%8A%D8%B3-%D8%B3%D9%8A%D9%84%D9%8A

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:42 PM
إسلام مارك شيفر :: المليونير والمحامي الأمريكي الأشهر

أشهر المليونير الأمريكي مارك شيفر إسلامه في المملكة يوم السبت قبل الماضي بعد أن كان في زيارة سياحية للسعودية لمدة عشرة أيام . ويعتبر مارك شيفر محامي و مليونير و شخصيه مشهورة في لوس انجلوس الامريكية؛ كونه احد أشهر المحامين المختصين بقضايا التعويضات، وكان قد كسب آخر قضية تعويض رفعت ضد المغني الأمريكي مايكل جاكسون قبل وفاته بأسبوع .

وعن قصة إسلام مارك يقول الأستاذ ضاوي بن ناصر الشريف المرشد السياحي السعودي: أنه ومن لحظة وصول مارك للسعودية بدء يسأل عن الإسلام وعن الصلاة، ويضيف الأستاذ ضاوي بقوله وجلسنا في الرياض يومين وكان مارك مهتماً بالإسلام، وبعد ذلك انتقلنا إلى نجران ثم إلى أبها ثم ذهبنا إلى العلا ،وفي العلا ازداد اهتمامه بالإسلام.

وعندما خرجنا في جولة شده كثيرا منظر ثلاثة من الشباب السعوديين الذين كانوا يرافقوننا في العلا وهم يصلون في الصحراء على التراب بكل بساطة وبعد يومين في العلا ذهبنا إلى الجوف وفي الجوف طلب مني مارك كتباً عن الإسلام، وأحضرت له كتباً صغيرة عن الإسلام، وبدأ في قراءة هذه الكتب، وفي الصباح طلب مني أن اعلمه الصلاة! فشرحت له كيف يصلي وكيف يتوضأ ، وفعلا قام وصلى بجواري، وبعد ذلك اخبرني انه ارتاح كثيرا للصلاة ، وفي مساء الخميس عدنا إلى جدة، وكان مستمراً في قراءة الكتب عن الإسلام، وفي صباح الجمعة كنا في جولة في جدة القديمة، وعندما حان وقت صلاة الجمعة عدنا للفندق وأخبرتهم أنني سوف اذهب للصلاة، فقال لي مارك أريد أن اذهب معك وأشاهد الصلاة، فقلت مرحبا وذهبت للمسجد وصليت الجمعة مع بعض المصلين خارج المسجد من شدة الزحام، وكان يراقب الجميع وبعد انتهاء الصلاة شاهد المصلين وهم يسلمون على بعض والجميع مسرور وأعجبه هذا المنظر كثيرا.

وعندما عدنا للفندق اخبرني انه يرغب في الدخول في الإسلام! فقلت له: اغتسل، وفعلا اغتسل ثم لقنته الشهادة ونطقها ثم صلى ركعتين. وبعد ذلك اخبرني السيد مارك انه يريد أن يذهب إلى الحرم المكي الشريف في مكة المكرمة ويصلي فيه قبل مغادرته السعودية مساء السبت!!

وبعد ذلك ذهبنا الى مكتب الدعوة والإرشاد في الحمراء وأشهر السيد مارك إسلامه في مكتب الدعوة والإرشاد فرع الحمراء وتم منحه شهادة إسلام مؤقتة ونظرا لأن باقي أفراد المجموعة الامريكية سوف يغادرون مساء السبت فقد تكفل الأستاذ محمد تركستاني بتوصيل السيد مارك إلى الحرم المكي الشريف .

وعن ذهاب السيد مارك إلى الحرم المكي الشريف يقول الأستاذ محمد أمين تركستاني: انه بعد الحصول على شهادة الإسلام المؤقتة ذهبت أنا والسيد مارك إلى الحرم المكي الشريف ومنذ أن شاهد الحرم المكي الشريف حتى تهلل وجهه وبدت عليه السعادة ولما دخلنا إلى الحرم وشاهد الكعبة ازدادت فرحته كثيرا وتهلل وجهه بالبشر والسرور وحقيقة والله اعجز عن وصف ذلك المشهد وبعد أن طاف السيد مارك بالكعبة الشريفة صلينا وخرجنا ولم يكن يرغب بالخروج .

ولدت من جديد :

وبعد أن أشهر السيد مارك إسلامه اعرب في حديث للرياض عن سعادته وقال: لا استطيع وصف شعوري ولكني الآن ولدت من جديد في هذه الحياة والآن بدأت حياتي الجديدة . وأضاف كنت سعيدا وفي قمة السعادة وكنت اشعر بسعادة لا استطيع وصفها لكم عندما زرت الحرم المكي الشريف والكعبة المشرفة . وفي سؤال عن الخطوة التالية له بعد إسلامه قال سوف اقرأ المزيد عن الإسلام وأتعمق في دين الله وسوف أعود للسعودية من اجل أداء مناسك الحج . وعن الدافع الذي جعله يشهر إسلامه قال لقد كانت لدي معلومات قليلة عن الإسلام وعندما زرت السعوديه وشاهدت المسلمين في السعوديةوشاهدتهم وهم يصلون شعرت برغبة قوية في معرفة المزيد عن الإسلام وما أن قرأت المعلومات الصحيحة عن الإسلام حتى تأكدت انه الدين الحق , وفي فجر يوم الأحد الماضي غادر السيد مارك مطار الملك عبدالعزيز في جده متوجهاً إلى أمريكا وقبل المغادرة كتب في ورقة البيانات في المطار في خانة الديانة مسلم .

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:43 PM
كينيث جينكينز القسيس الأمريكي السابق

هذا الموضوع هو في الحقيقة كتيب أصدره القسيس السابق Kenneth L. Jenkinsأو عبد الله الفاروق حاليا .. وهو يصف قصة اعتناقه لهذا الدين العظيم ... انظر غلاف الكتيب : يقول فيه : " كقسيس سابق وكرجل دين في الكنيسة كانت مهمتي هي إنارة الطريق للناس للخروج بهم من الظلمة التي هم بها ... وبعد اعتناقي الإسلام تولدت لدي رغبة عارمة بنشر تجربتي مع هذا الدين لعل نوره وبركته تحل على الذين لم يعرفوه بعد... أنا احمد الله لرحمته بي بإدخالي للإسلام ولمعرفة جمال هذا الدين وعظمته كما شرحها الرسول الكريم وصحابته المهتدين ... انه فقط برحمة الله نصل إلى الهداية الحقة والقدرة لإتباع الصراط المستقيم الذي يؤدي للنجاح في هذه الدنيا وفي الآخرة... ولقد رأيت هذه الرحمة تتجلى عندما ذهبت للشيخ عبد العزيز بن باز واعتنقت الإسلام ولقد كانت محبته تزداد لدي وأيضاً المعرفة في كل لقاء لي به .... هناك أيضاً الكثير الذين ساعدوني بالتشجيع والتعليم ولكن لخوفي لعدم ذكر البعض لن أذكر أسمائهم... انه يكفي أن أقول الحمد لله العظيم الذي يسير لي كل أخ وكل أخت ممن لعبوا دورا هاماً لنمو الإسلام في داخلي وأيضاً لتنشئتي كمسلم.... أنا أدعو الله أن ينفع بهذا الجهد القصير أناساً كثيرين ... وأتمنى من النصارى أن يجدوا الطريق المؤدي للنجاة.. إن الأجوبة لمشاكل النصارى لا تستطيع أن تجدها في حوزة النصارى أنفسهم لأنهم في أغلب الأحيان هم سبب مشاكلهم... لكن في الإسلام الحل لجميع مشاكل النصارى والنصرانية ولجميع الديانات المزعومة في العالم...نسأل الله أن يجزينا على أعمالنا ونياتنا ....

البداية : كطفل صغير .... نشئت على الخوف من الرب ...وتربيت بشكل كبير على يد جدتي وهي أصولية مما جعل الكنيسة جزء مكمل لحياتي....وأنا لازلت طفلا صغيراً ...بمرور الوقت وببلوغي سن السادسة ... كنت قد عرفت ما ينتظرني من النعيم في الجنة وما ينتظرني من العقاب في النار.... وكانت جدتي تعلمني أن الكذابين سوف يذهبون إلى النار إلى الأبد... والدتي كانت تعمل بوظيفتين ولكنها كانت تذكرني بما تقوله لي جدتي دائماً... أختي الكبرى وشقيقي الأصغر لم يكونوا مهتمين بما تقوله جدتي من إنذارات وتحذيرات عن الجنة والنار مثلما كنت أنا مهتماً !! لا زلت أتذكر عندما كنت صغيرا عندما كنت انظر إلى القمر في الأحيان التي يكون فيها مقتربا من اللون الأحمر ... وعندها ابدأ بالبكاء لأن جدتي كانت تقول لي إن من علامات نهاية الدنيا أن يصبح لون القمر أحمر ....مثل الدم... عند بلوغي الثامنة كنت قد اكتسبت معرفة كبيرة وخوف كبير بما سوف ينتظرني في نهاية العالم ...وأيضاً كانت تأتيني كوابيس كثيرة عن يوم الحساب وكيف سيكون؟؟ بيتنا كان قريباً جداً من محطة السكة الحديد وكانت القطارات تمر بشكل دائم.... أتذكر عندما كنت أستيقظ فزعاً من صوت القطار ومن صوت صفارته معتقدا أني قد مت وأني قد بعثت !!

هذه الأفكار كانت قد تبلورت في عقلي من خلال التعليم الشفوي من قبل جدتي وكذلك المقروء مثل قصص الكتاب المقدس .... في يوم الأحد كنا نتوجه إلى الكنيسة وكنت ارتدي أحسن الثياب وكان جدي هو المسؤول عن توصيلنا إلى هناك ....وأتذكر أن الوقت كان يمر هناك كما لو كان عشرات الساعات !! كنا نصل هناك في الحادية عشر صباحا ولا نغادر إلا في الثالثة.... أتذكر أني كنت أنام في ذلك الوقت في حضن جدتي ... وفي بعض الأحيان كانت جدتي تسمح لي بالخروج للجلوس مع جدي الذي لم يكن متديناً ... وكنا معاً نجلس لمراقبة القطارات.... وفي أحد الأيام أصيب جدي بالجلطة مما اثر على ذهابنا إلى المعتاد إلى الكنيسة .... وفي الحقيقة كانت هذه الفترة حساسة جداً في حياتي ... بدأت اشعر في تلك الفترة بالرغبة الجامحة للذهاب إلى الكنيسة وفعلا بدأت بالذهاب لوحدي .. وعندما بلغت السادسة عشرة بدأت بالذهاب إلى كنيسة أخرى كانت عبارة عن مبنى صغير وكان يشرف عليها والد صديقي ...وكان الحضور عبارة عني أنا وصديقي ووالده ومجموعة من زملائي في الدراسة .... واستمر هذا الوضع فقط بضعة شهور قبل أن يتم إغلاق تلك الكنيسة .. وبعد تخرجي من الثانوية والتحاقي بالجامعة تذكرت التزامي الديني وأصبحت نشطاً في المجال الديني.... وبعدها تم تعميدي .... وكطالب جامعي ... أصبحت بوقت قصير أفضل عضو في الكنيسة مما جعل كثير من الناس يعجبون بي ... وأنا أيضاً كنت سعيداً لأني كنت اعتقد أني في طريقي " للخلاص"... كنت أذهب إلى الكنيسة في كل وقت كانت تفتح فيه أبوابها .... وأيضاً أدرس الكتاب المقدس لأيام ولأسابيع في بعض الأحيان ... كنت أحضر محاضرات كثيرة كان يقيمها رجال الدين .... وفي سن العشرين أصبحت احد أعضاء الكنيسة ...وبعدها بدأت بالوعظ .... وأصبحت معروفا بسرعة كبيرة.. في الحقيقة أنا كنت من المتعصبين وكان لدي يقين أنه لا يستطيع احد الحصول على الخلاص ما لم يكن عضوا في كنيستنا !! وأيضاً كنت استنكر على كل شخص لم يعرف الرب بالطريق التي عرفته أنا بها ... أنا كنت أؤمن أن يسوع المسيح والرب عبارة عن شخص واحد ... في الحقيقة في الكنيسة تعلمت أن التثليث غير صحيح ولكني بالوقت نفسه كنت اعتقد أن يسوع والأب وروح القدس شخص واحد !! حاولت أن افهم كيف تكون هذه العلاقة صحيحة ولكن في الحقيقة أبدا لم استطع الوصول إلى نتيجة متكاملة بخوص هذه العقيدة !! أنا أعجب باللبس المحتشم للنساء وكذلك التصرفات الطيبة من الرجال .. أنا كنت ممن يؤمنون بالعقيدة التي تقول أن على المرأة تغطية جسدها!وليست المرأة التي تملأ وجهها بالميكياج وتقول أنا سفيرة المسيح !.... كنت في هذا الوقت قد وصلت إلى يقين بأن ما أنا فيه الآن هو سبيلي إلى الخلاص... وأيضاً كنت عندما ادخل في جدال مع أحد الأشخاص من كنائس أخرى كان النقاش ينتهي بسكوته تماما .... وذلك بسب معرفتي الواسعة بالكتاب المقدس كنت أحفظ مئات النصوص من الإنجيل .... وهذا ما كان يميزني عن غيري ... وبرغم كل تلك الثقة التي كانت لدي كان جزء مني يبحث ... ولكن عن ماذا ..؟؟ عن شيء أكبر من الذي وصلت إليه! كنت أصلي باستمرار للرب أن يهديني إلى الدين الصحيح ... وأن يغفر لي إذا كنت مخطئاً ... إلى هذه اللحظة لم يكن لي أي احتكاك مباشر مع المسلمين ولم أكن اعرف أي شيء عن الإسلام .... وكل ما عرفته هو ما يسمى ب " امة الإسلام" وهي مجموعة من السود أسسوا لهم ديناً خاصاً بهم وهو عنصري ولا يقبل غير السود ... ولكن أسموه " امة الإسلام" وهذا مما جعلني اعتقد أن هذا هو الإسلام ... مؤسس هذا الدين اسمه " اليجا محمد"وهو الذي بدأ هذا الدين والذي أسمى مجموعته أيضاً "المسلمين السود" ....في الحقيقة قد لفت نظري خطيب مفوه لهذه الجماعة اسمه لويس فرقان وقد شدني بطريقة كلامه وكان هذا في السبعينات من هذا القرن ... وبعد تخرجي من الجامعة كنت قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من العمل في المجال الديني .... وفي ذلك الوقت بدا أتباع "اليجه محمد "بالظهور بشكل واضح ... وعندها بدأت بدعمهم خصوصا أنهم يحاولون الرقي بالسود مما هم عليه من سوء المعاملة والأوضاع بشكل عام... بدأت بحضور محاضراتهم لمعرفة طبيعة دينهم بالتحديد... ولكني لم اقبل فكرة أن الرب عبارة عن رجل أسود (كما كان من اعتقاد أصحاب أمة الإسلام) ولم أكن أحب طريقتهم في استخدام الكتاب المقدس لدعم أفكارهم.... فأنا أعرف هذا الكتاب جيدا ... ولذلك لم أتحمس لهذا الدين(وكنت في هذا الوقت اعتقد انه هو الإسلام!!) وبعد ست سنوات انتقلت للعيش في مدينة تكساس ... وبسرعة التحقت لأصبح عضوا في كنيستين هناك وكان يعمل في واحدة من هاتين الكنيستين شاب صغير بدون خبرة في حين أن خبرتي في النصرانية كانت قد بلغت مبلغاً كبيراً وفوق المعتاد أيضاً ... وفي الكنيسة الأخرى التي كنت عضوا فيها كان هناك قسيس كبير في السن ورغم ذلك لم يكن يمتلك المعرفة التي كنت أنا امتلكها عن الكتاب المقدس ولذلك فضلت الخروج منها حتى لا تحصل مشاكل بيني وبينه ... عندها انتقلت للعمل في كنيسة أخرى .... في مدينة أخرى وكان القائم على تلك الكنيسة رجل محنك وخبير وعنده علم غزير ... وعنده طريقة مدهشة في التعليم .... ورغم انه كان يمتلك أفكاراً لا أوافقه عليها إلا انه كان في النهاية شخصاً يمتلك القدرة على كسب الأشخاص... في هذا الوقت بدأت أكتشف أشياء لم أكن أعلمها بالكنيسة وجعلتني أفكر فيما أنا فيه من دين...!!! مرحبا بكم في عالم الكنيسة الحقيقي: بسرعة اكتشفت أن في الكنيسة الكثير من الغيرة وهي شائعة جداً في السلم الكنسي... وأيضاً أشياء كثيرة غيرت الأفكار التي كنت قد تعودت عليها .... على سبيل المثال النساء يرتدين ملابس أنا كنت اعتبرها مخجلة ... والكل يهتم بشكله من اجل لفت الانتباه ... لا أكثر ...للجنس الآخر !! الآن اكتشفت كيف أن

المال يلعب لعبة كبرى في الكنائس.. لقد أخبروني أن الكنيسة إذا لم تكن تملك العدد المحدد من الأعضاء فلا داعي أن تضيع وقتك بها لأنك لن تجد المردود المالي المناسب لذلك .... عندها أخبرتهم أني هنا لست من اجل المال... وأنا مستعد لعمل ذلك بدون أي مقابل ... وحتى لو وجد عضو واحد فقط...!! هنا بدأت أفكر بهؤلاء الذين كنت أتوسم فيهم الحكمة كيف أنهم كانوا يعملون فقط من اجل المال!! لقد اكتشفت أن المال والسلطة والمنفعة كانت أهم لديهم من تعريف الناس بالحقيقة ... هنا بدأت اسأل هؤلاء الأساتذة بعض الأسئلة ولكن هذه المرة بشكل علني في وقت المحاضرات .... كنت اسألهم كيف ليسوع أن يكون هو الرب؟؟.... وأيضاً في نفس الوقت روح القدس والأب والابن ووو... الخ... ولكن لا جواب!! كثير من هؤلاء القساوسة والوعاظ كانوا يقولون لي أنهم هم أيضاً لا يعرفون كيف يفسرونها لكنهم في نفس الوقت يعتقدون أنهم مطالبون بالإيمان بها !! وكان اكتشاف الحجم الكبير من حالات الزنا والبغاء في الوسط الكنسي وأيضاً انتشار المخدرات وتجارتها فيما بينهم وأيضاً اكتشاف كثير من القساوسة الشواذ جنسيا أدى بي إلى تغيير طريقة تفكيري والبحث عن شيء آخر ولكن ما هو ؟ وفي تلك الأيام استطعت أن أحصل على عمل جديد في المملكة العربية السعودية ... بداية جديدة: لم يمر وقت طويل حتى لاحظت الأسلوب المختلف للحياة لدى المسلمين..... كانوا مختلفين عن أتباع "اليجه محمد" العنصريين الذين لا يقبلون إلا السود ... الإسلام الموجود في السعودية يضم كافة الطبقات ...وكل الأعراق ... عندها تولدت لدي رغبة قوية في التعرف على هذا الدين المميز... كنت مندهشاً لحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكنت أريد أن اعرف المزيد .. طلبت مجموعة من الكتب من أحد الأخوة النشيطين في الدعوة إلى الإسلام
كنت أحصل على جميع الكتب التي كنت أطلبها ....قرأتها كلها بعدها أعطوني القرآن الكريم وقمت بقراءته عدة مرات ...خلال عدة أشهر ...سألت أسئلة كثيرة جداً وكنت دائماً أجد جواباً مقنعاً ...الذي زاد في إعجابي هو عدم إصرار الشخص على الإجابة ... بل انه إن لم يكن يعرفها كان ببساطة يخبرني انه لا يعرف وانه سوف يسأل لي عنها ويخبرني في وقت لاحق !! وكان دائما في اليوم التالي يحضر لي الإجابة .... وأيضاً مما كان يشدني في هؤلاء الناس المحيرين هو اعتزازهم بأنفسهم !! كنت أصاب بالدهشة عندما أرى النساء وهن محتشمات من الوجه إلى القدمين ! لم أجد سلم ديني أو تنافس بين الناس المنتسبين للعمل من أجل الدين كما كان يحدث في أمريكا في الوسط الكنسي هناك .... كل هذا كان رائعا ولكن كان هناك شيء ينغص علي وهو كيف لي أن اترك الدين الذي نشأت عليه ؟؟ كيف أترك الكتاب المقدس؟؟ كان عندي اعتقاد انه به شيء من الصحة بالرغم من العدد الكبير من التحريفات والمراجعات التي حصلت له .... عندها تم إعطائي شريط فيديو فيه مناظرة اسمها "هل الإنجيل كلمة الله"وهي بين الشيخ أحمد ديداتوبين القسيس جيمي سواجارت...وبعدها على الفور أعلنت إسلامي!!!!!!

بعدها تم اخذي إلى مكتب الشيخ عبد العزيز بن باز لكي أعلن الشهادة وقبولي بالإسلام ... وتم أعطائي نصيحة عما سوف أواجهه بالمستقبل ....إنها في الحقيقة ولادة جديدة لي بعد ظلام طويل ..... كنت أفكر بماذا سوف يقول زملائي في الكنيسة عندما يعلمون بخبر اعتناقي للإسلام؟؟ لم يكن هناك وقت طويل لأعلم .... بعد ان عدت للولايات المتحدة الأمريكية من اجل الإجازة أخذت الانتقادات تضربني من كل جهة على ما أنا عليه من "قلة الايمان " على حد قولهم !! وأخذوا يصفوني بكل الأوصاف الممكنة ... مثل الخائن والمنحل أخلاقياً ... وكذلك كان يفعل رؤساء الكنيسة ... ولكني لم أكن اعبىء بما كانوا يقولوه لأني الآن فرح ومسرور بما انعم الله علي به من نعمة وهي الإسلام ... أنا الآن أريد أن أكرس حياتي لخدمة الإسلام كما كنت في المسيحية ... ولكن الفرق أن الإسلام لا يوجد فيه احتكار للتعليم الديني بل الكل مطالب أن يتعلم ...... تم إهدائي صحيح مسلم من قبل مدرس القرآن .... عندها اكتشفت حاجتي لتعلم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ... وأحاديثه وما عمله في حياته ...... فقمت بقراءة الأحاديث المتوفرة باللغة الانجليزية بقدر المستطاع ... أيضاً أدركت أن خبرتي بالمسيحية نافعة جدا لي في التعامل مع النصارى ومحاججتهم... حياتي تغيرت بشكل كامل ... وأهم شيء تعلمته أن هذه الحياة إنما هي تحضيرية للحياة الأخروية ... وأيضاً مما تعلمته أننا نجازى حتى بالنيات .... أي انك إذا نويت أن تعمل عملا صالحا ولم تقدر أن تعمله لظرف ما ... فان جزاء هذا العمل يكون لك .... وهذا مختلف تماماً عن النصرانية.... الآن من أهم أهدافي هو تعلم اللغة العربية وتعلم المزيد عن الإسلام .... وأنا الآن اعمل في حقل الدعوة لغير المسلمين ولغير الناطقين بالعربية..... وأريد أن اكشف للعالم التناقضات والأخطاء والتلفيقات التي يحتويها الكتاب الذي يؤمن به الملايين حول العالم (يقصد الكتاب المقدس للنصارى) وأيضاً هناك جانباً إيجابياً مما تعلمته من النصرانية انه لا يستطيع احد أن يحاججني لأني اعرف معظم الخدع التي يحاول المنصرون استخدامها لخداع النصارى وغيرهم من عديمي الخبرة .... أسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى سواء الصراط " انتهى.

جزاه الله خيرا وهذا الكلام لا يصدر في الحقيقة إلا من رجل صادق عرف الله فامن به ... ومن ثم كبر الايمان في قلبه ... حتى أصبح هدفه هو هداية الناس جميعا !!! وهذا الرجل تنطبق عليه الآية الكريمة التالية : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ " سورة المائدة اية82-84.

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:45 PM
قصة إسلام الدكتور المستشار مجدي مرجان
نشأت كغيري من النصارى في مصر بين عائلة تؤمن بإله ثالوثي أتعصب لنصرانيتي بشدة، وأنظر إلى الإسلام في مصر على انه دخيل وافد، ليست له جذور عميقة في هذا البلد العتيد صاحب الحضارة القديمة الضاربة في أعماق التاريخ، انتظر يوم الخلاص من كل ما هو إسلامي حولها، أو يحمل ما يمت إلى الإسلام بصلة من قريب أو بعيد، فهي لا تنسى ما لنصرا نيتها من طقوس وأناشيد، وتقيم لها الابتهالات والنشاطات، وتبنى لها الكنائس ذات الأبراج و الأجراس.

بدأت طفولتي كغيري من نصارى مصر الذين تربوا وترعرعوا في ارض الكنانة، تدرجت في دراستي، و أرادت لي أسرتي أن أكون قساً من قساوسة مصر الذين يلبسون الثياب السوداء حداداً على ضياعها من النصرانية وانتقالها إلى دولة إسلامية يتربع على أرضها الأزهر الشريف، بمنارته الخالدة التي ساعدت على نشر الإسلام وتأصيل عقيدته وحفظ لغته، لغة القرآن على مر العصور و الأزمان.

التحقت في مدرسة الثالوث شماساً في إحدى الكاتدرائيات لأكون أحد دعاة هذه العقيدة مجاهداً من اجل نشرها وتعليمها للناس. حيث تم إعدادي وتوجيهي فأصبحت داعياً لله ( الثالوث ) مكافحاً لنشر طقوسه وتعاليمه.

أتاحت لي تلك النشأة فرصة كبيرة للدراسة و التنقيب و البحث و الاطلاع على كثير من المعارف الدينية و الأسرار اللاهوتية، كنت تواقاً للبحث و المعرفة، ابذل الكثير من الجهد و الوقت لكي أصل إلى الحقائق الناصعة التي لا غبار عليها ولا غبش فيها، ساعدني على ذلك ميلي الفطري إلى التأمل و التدقيق، والبحث و التحقيق، لم اقتنع في قرارة نفسي بما ورثته من آبائي و أجدادي من هذه العقيدة التي لم ترسخ في عقلي وقلبي يوماً ما، ولكنها ظلت بين مد وجزر، وانحسار وضعف.

لا لا يكفى للإيمان الحقيقي وراثة العقيدة وتقليد الآباء و الأسلاف و العمات و الجدات، فليكن الدين في يوم من الأيام إقرارا قائم، ولا انسياقاً لطقوس متبعة، و إنما كان الدين دوماً دعوه إلى الحق وثورة على الباطل ولو كانت العقيدة إرثاً لما انتقل الناس من باطل إلى حق، ومن عبادة الأصنام و الأوثان إلى عبادة الخالق، ولبقى العالم اليوم كما كان منذ آلاف السنين يسبح في الأباطيل والأوهام.

ظللت ابحث عن الحقيقة واطلبها، واقرأ كثيراً، و أتأمل أكثر و أكثر، أناقش وأفند وأقيم حواراً مع نفسي ومع كل من حولي من النصارى لعلى أجد الجواب لكل ما يدور بداخلي. لقد قمت بنفسي بمناقشة كثير من الإخوة المسيحيين فى مدى فهمهم وتقبلهم لهذه العقيدة تارة حين كنت محسوباً في الجماعة المسيحية وتارة بعد انسلاخي عنها.

لقد أرهقني البحث عن الحقيقة و اسهرنى السعي من اجلها أريد الوصول إلى بر الآمان. لقد آخذت سفينة النجاة وأبحرت بها ومعي من الكتب و المراجع كل ما أتمناه وبدأت بالحضارات العريقة وكان البحث مع أقدمها على الإطلاق وهى الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، فهي من أقوى الحضارات و أقدمها على مر التاريخ، فهل عرفت هذه الحضارة التثليث أم الوحدانية وهل وقفت على حقيقتها ؟

1 – بدأت بالعصر ( الحجري الحديث ) ( 6000 – 5000 ق. م ) من أهم النصوص الدينية التي ترجع إلى هذا العصر السحيق. تلك النصوص المعروفة باسم ( متون الأهرام ). و أما عن عقيدة ( التوحيد ) الواردة في هذه النصوص السحيقة القديمة. يذكر المؤرخ / أنطوان ذكري فقرات مما ورد في " متون الأهرام "هذه... مثل ( إن الخالق لا يمكن معرفة اسمه أي ( الاسم الأعظم ) لأنه فوق مدارك العقول ) لان الموضوع سوف يطول فسوف أحاول الاختصار.

2 – انتقل إلى عصر الآسرة ال ( 3 ) ( 2780 – 2680 ق. م ) نجد الحكيم ( كاجمنى ) وكان وزيراً لأحد ملوك هذه الأسرة يقول في أحد حكمه: إسُلك طريق الاستقامة... لئلا ينزل عليك غضب " الله ".

3 – انتقل إلى عصر الأسرة ال ( 5 ) ( 2560 – 2420 ق. م ) نجد فى هذه الفترة الحكيم ( بتاح حوتب ) كان وزيراً لأحد ملوك هذه الأسرة. وقد كتب مجموعة من المواعظ و النصائح لابنه. ومن ضمن هذه النصائح نصيحة يقول فيها: بيد ( الإله ) مصير كل حي... ولا يجادل في هذا إلا جاهل... سوف يرتضى ( الله ) عملك إذا كنت متواضعاً... وعاشرت الحكماء ليكن للناس نصيب مما تملك – ( صدقة وزكاة ) – فهذا واجب على من يكون صفياً ( لله ).

4 – بعد ذلك رحلت بالسفينة إلى عصر الأسرة ال ( 6 ) ( 2420 – 2280 ق. م ) لأجد الحكيم الحاكم " اليفنتين " المسمى ( حر خوف ) يقول ارغب أن يكون اسمي قد بلغ الكمال فى حضرة ( الإله ) العظيم. كل هذا الكلام يدل على ماذا؟ أليس يدل على التوحيد الخالص.

5 – انتقلت إلى عصر الأسرة ال ( 8 ) ( 2280 – 2242 ق. م ) عاش الحكيم ( آني ) في قصر أحد ملوك هذه الأسرة وقد كتب مجموعة من النصائح و المواعظ منها على سبيل المثال:- اخلص ل ( الله ) في أعمالك... لتتقرب إليه وتبرهن على صدق عبوديتك... حتى تنالك رحمته وتلحظه عنايته... وكل الأقوال تأتى بصيغة " المفرد "
أي انه كان من ( الموحدين ) ويتكلم على التوحيد الخالص.

6 – انتقل إلى عصر الأسرة ال ( 10 ) ( 2133 – 2052 ق. م ) نجد الحكيم ( اختوى ) ترك لنا أحد البرديات من ملوك هذه الأسرة تحتوى على مواعظ ونصائح إلى ابنه / مرى كارع يقول فيها ( والإله ) يعرف الشقي وينتقم منه بأشد العقاب. و ( الإله ) يقول أنا المنتقم. وسأعاقب كُلاً بذنبه وعلى الإنسان أن يعمل ما يريد على إلا ينسى الحساب الأخير ونجد الكثير و الكثير من الحكماء و المواعظ التي تتكلم على التوحيد الخالص.

7 – انتقل إلى عصر الملك ( أمنحتب الثالث ) ( 1397 – 1360 ق. م ) وهو والد إخناتون وله لوحة مكتوب عليها. أيها الخالق الذي لم يخلقك أحد " الواحد "... المنقطع القرين فى صفاتك و الراعي ذو القوة و البأس. والصانع الخالد في أثاره التي لا يحيط بها حصر.

8 – انتقل إلى عصر الأسرة ال ( 18 ) ( 1570 – 1304 ق. م ) في هذا الوقت ظهر إخناتون ( 1370 – 1304 ق. م ) وبالطبع المؤرخون يجمعون على أن " إخناتون "... كان من كبار الموحدين. من صلوات " إخناتون " تعرف صفات " الله " الذي دعا إلى عبادته دون سواه... فإذا هي أعلى الصفات التى ارتقى إليها فهم البشرية قديماً فى إدراك كمال ( الإله ) فهو: الحي.. المبدئ للحياة.. الملك الذي لا شريك له في الملك.. خالق الجنين وخالق النطفة التى ينمو منها الجنين.. نافث الأنفاس الحية فى كل مخلوق.. بعيد بكماله قريب بآلائه.. تسبح باسمه الخلائق على الأرض والطير في الهواء. أليس هذا توحيداً خالصاً أين التثليث ؟ أين الإقانيم ؟

9 – رحلت بسفينة النجاة وتوجهت إلى عصر الأسرة ال ( 20 ) ( 1200 – 1090 ق. م ) أثناء البحث وجدت شئ لا يخطر على بال فى هذه الفترة ظهر حكيم ( أمين موبي ) في الصعيد ويطلق عليه الصعيدي الإخميمي وهذا الحكيم سبق الحكيم لقمان..بسنوات قليلة.. كتب هذا الحكيم ( الموحد ) الورع مجموعة من المواعظ والأمثال.. بعنوان ( تعاليم من الحياة ) ( سبايت ) يقول ( أمين موبي ) ( الكمال لله ) وحده والعجز من صفة الإنسان.. سبح ( الله )... واعصي الشيطان.

لا تظهر أمام الناس غير ما تبطن. واجعل ظاهرك كباطنك. فإن ( الله ) يبغض الكذوب المخادع. وأثناء مشاهدتي علي كتاب " أمين موبي"( سبايت ) ويعني ( تعاليم...حكم) كما يعني ( أمثال ). وجدت أنه تمت ترجمته إلي اللغة " العبرية " في عصر النبي " سليمان " حيث عرف باسم " سفر الأمثال " ثم مع تقادم العهود.. نسبة اليهود إلي نبيهم وشاع بين الجميع أن مؤلف " سفر الأمثال " هو " سليمان " الحكيم بينما مؤلفة الحقيقي.. هو ( أمين موبي ) الحكيم. ولقد تنبه العالم إلي هذا الخطأ الذي انتشر واشتهر علي مدي قرون طويلة وذلك عندما تم اكتشاف " البردية " التي تحوي ( أمثال أمين موبي ).. حيث وجد أن " سفر الأمثال " المنسوب إلي " سليمان " والذي اعتبر جزء من " العهد القديم " المقدس لدينا يهود ومسيحيين.. ما هو إلا ترجمة حرفية.. لكتاب ذلك الحكيم المصري الإخميمي ( أمين موبي ) وجدت العالم الألماني " ارمان " أول من نبه في سنه 1924 م إلى الشبه الذي بين حكم وأمثال " أمين موبي " وبين ( سفرالأمثال ". كانت كلمات " ارمان " بمثابة قنبلة ووجدت بالفعل أن كثير من علماء الآثار وعلماء الكتاب المقدس أكدوا فى العالم هذه الحقيقة ومن علماء الآثار " جريفث " و " لانج " و" جاردنر " و " كيمر " و " سمسون " و " مالون " و " هوميرت " و العالم الأمريكي " بريستد "... الذي يعتبر أيضاً حجة في الدراسات " العبرية " واللغة العبرية.. وقد نشر بحوثه وآراءه في كتابه " فجر الضمير " عام 1933 م.

و حتى في ( قاموس الكتاب المقدس ) ص 903 الذي يعتبر مرجعاً رئيسياً في العقيدة المسيحية.. نجد هذا الاعتراف بوجود ( المشابهة ).. حيث يذكر – وبرغم كل التحفظات – ما يأتي ( ويري بعض العلماء ( تشابهاً ) بين أمثال( أمين موبي ).. وبين الكلمات الواردة في " سفر الأمثال " وفي صفحة 836 يحدد النصوص المتشابه والمتطابقة تماماً. ويحسم العالم الكبير / بريستد هذه القضية بقوله ( جميع العلماء بكتاب " العهد القديم " الذين يعتد بآرائهم وأبحاثهم فيه.. يجزمون الآن بأن محتويات ( سفر الأمثال ) قد أخذت بالنص من حكم الحكيم المصري القديم ( أمين موبي ).. أي أن النسخة العبرانية.. هي ترجمه حرفية عن الأصل الهيروغليفي العتيق. أي أن ما يقرأه جميع اليهود والمسيحيين في العالم الآن.. وعلي مدي عهود طويلة سابقه أيضاً.. علي انه جزء من كتاب ( العهد القديم ) المقدس.. ما هو إلا كلمات أحد حكماء ( قدماء المصريين ).. المؤمنين الموحدين..

10-انتقل إلى عصر الأسرة ال(21) الحكيم المصري ( لقمان ) المصري الجنسية والمولد الموحد الذي كانت كل حكمة تنطق بالتوحيد هذا الحكيم الخالص وقد انتشر تأثير الحكمة حتى عرفه الإغريق ( اليونان ) alcman كما أن هنالك من حكماء " اليونان " من حضروا إلي " مصر " ليتعلموا من حكمته.. ومنهم " ابند قليس ".. لم يذكر في العهد القديم ولكن ذكر في القرآن بالحكمة والعظة لابنه " وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ " سورة لقمان /12 هذا هو أحد حكماء ( قدماء المصريين ) الذين عاشروا في ذلك العصر والذي كان بنص القرآن.. مضرب المثل في التوحيد (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ: يَا بُنَيَّ.. (لَا تُشْرِكْ) بالله إِنَّ (الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لقمان /13

11-انتقل إلى عصر الأسرة ( الثلاثين ) آخر الأسرات الفرعونية ظهر الحكيم ( بتوزيريس ) واحد من أعظم الحكماء الموحدين.. وهو الحكيم الصعيدي الذي سجل كتاباته حوالي ( 350 ق.م ) يقول في أحد حكمه ( أيها الأحياء.. لو وعيتم ما أقول واتبعتموه.. فسوف تفيدون منه خيراً.. إن سبيل من يخلص نفسه ل(الله) فيه صلاح وطوبى لمن يهديه قلبه إليه. ولسوف أنبئكم بما وقع لي.. أجعلكم تدركون الحكمة مما يريد ( الله ). وسأعمل علي إدخالكم في جمال الروحانيات الربانية وإذا كنت قد بلغت هنا مدينة الخلد. فقد كان السبيل إلي ذلك أني عملت صالحاً في الدنيا.. وأن قلبي قد هوي إلي سبيل ( الله منذ طفولتي حتى اليوم. وكان توفيق ( الله ) يلازم نفسي طوال الليل.. كما كنت أعمل طبق أمره من الفجر. ولقد مارست العدل وكرهت الظلم ولم أعاشر من ضلوا سبيل الله ولقد فعلت هذا كله.. لأنني كنت واثقاً من أنني سوف أصير إلي ( الله ) بعد مماتي. ولأني آمنت بمجيء يوم قضاء العدل.. وهو يوم الفصل حيث يكون الحساب أيها الأحباء.. لسوف أجعلكم تعرفون ما يحب ( الله ) ويريد ولسوف أهديكم سبيل الحياة الحق.. وهي السبيل الصالحة لمن أطاع ( الله ). طوبى لمن يهديه قلبه إليها. إن من اطمأن قلبه إلي سبيل ( الله ).. اطمأن مكانه في الأرض ألا ما أسعد من ملأت خشية ( الله قلبه في الدنيا.. ونجد في وصايا الحكيم " بتوزيريس " صورة دقيقة لهذا ( أي الإيمان بأن هنا لك " رب واحد " أعظم.. ففي هذا " النص " نجد ( الإله ) يذكر " مفرداً " ولا ينعت بغير ( الإله )... وهو عندهم الخالق الأول... بيده الخير... وبأمره يتم كل شئ...

هذه رحلتي عبر القدماء المصريين من عصر الأسرة الأولى إلى الأسرة الثلاثين حتى فتره الاحتلال لمصر من الهكسوس امتلأت بالأنبياء كموسى ويوسف الذين كانوا ينادون بالتوحيد حيث الشرك كان وافد مع الهكسوس. ما أروع رحلتي ازددت حباً وتعلق بالقراءة ومعرفة كل شيء أخذت سفينتي وأبحرت إلي الحضارة اليونانية القديمة ولنتعرف علي آراء فلاسفتها الكبار وما هو موقفهم في الوحدانية؟

فإذا الجواب يأتي على لسان فلاسفتها الكبار يأتي ساطعاً فهذا " سقراط " شيخ الحكماء يقول لتلاميذه " يجب أن تعرفوا أن إلهكم واحد وهذا أفلاطون الذي أعلن علي الجميع أن " الله واحد لا شريك له " ويأتي بعده أرسطو فيقرر هذه الوحدانية بقوله " مما يدل علي وحدانية الله انتظام العالم وتناسق حركاته " وهذا الفيلسوف اليوناني مليسوس يقول إن " اللا متناهي واحد فقط إذا يمتنع أن يكون هناك شيء خارج اللا متناهي ".. إلي آخر هذه الكوكبة التي أثبتت شهاداتها علي مر العصور للحق والتاريخ والتي نطقت بها الفطرة من أعماقها تأكد وحدانية الخالق العظيم. فإذا كان هذا هو موقف الفلاسفة فرسان الحكمة والمنطق وأصحاب الرأي والفكر، والاستقراء والاستدلال.. زدت فرحاً وأحسست أنني اقتربت من الحق اقتربت من الطريق الصحيح وكعادتي آخذت سفينتي ابحث عن علماء الطبيعة والكون أصحاب الحقائق والنظريات ماذا قالوا وماذا توصلوا من براهين وإثباتات ونتائج وتجارب وملاحظات ومشاهدات ومطالعات. فرحلت بسفينتي ابحث عنهم وماذا قالوا. فها هو العالم الإنجليزي هرشل يقول " كلما اتسع نطاق العلم كلما زادت البراهين. الدامغة علي وجود خالق أزلي لا حد لقدرته ولا نهاية.

فالجيولوجيين والرياضيين والفلكيين والطبيعيين قد تعاونوا علي تشيد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده ". وها هو العالم الفلكي الشهير إسحاق نيوتن يقول " في الحال الواضح أنه لا يوجد أي سبب طبيعي يمكن أن يعزي إليه توجيه جميع الكواكب وتوابعها للدوران في وجهة واحدة، وعلى مستوى واحد بدون حدوث أي تغيير يذكر فالنظر لهذا الترتيب يدل على وجود حكمة سيطرت عليه ثم قال: غير هذا ففي تكون الإجرام السماوية كيف استطاعت الذرات المبعثرة أن تنقسم إلى قسمين القسم المضيء منها انحاز إلى جهة لتكوين الإجرام المضيئة بذاتها كالشمس و النجوم، والقسم المعتم تجمع في جهة أخرى لتكوين الإجرام المعتمة كالكواكب وتوابعها كل هذا يعقل حصوله إلا بفعل عقل لا حد له إلى أن قال " وهذه الكائنات كلها فى قيامها على أبدع الأشكال وأكملها آلا تدل على وجود إله منزه عن الجسمانية حي حكيم " وبذلك استطاعت جميع البحوث العلمية فى وصف إله منزه عن الجسمانية.

فإذا كان هذا موقف العقلاء و الفلاسفة والعلماء، فما هو موقف الأنبياء الذين أرسلهم الله لهداية البشر و إرشادهم. فأخذت سفينتي وأبحرت فى العهد القديم لأبحث هل العهد القديم عرف التثليث ؟

1. يقول موسى عليه السلام " الرب هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من اسفل، وليس سواه " ( تثنيه ص 4 / 39 ) ويقول موسى أيضا في سفر الخروج " انه ليس مثل الرب إلهنا " ( الخروج 8 / 10 ) ولقد كانت أولى الوصايا العشر التى أنزلها الله على نبيه موسى وشعبه قوله سبحانه " أنا الرب ألهك، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي ( الخروج ص 20 / 3 ).

2. وداود عليه السلام، يخاطب الله قائلاً " يا الله من مثلك " ( مزمور 71 / 19 ) ويستطرد داود فى المزمور التسعين مناجياً ربه بقوله " من قبل أن توجد الجبال أو أ بدأت الأرض و المسكونة، منذ الأزل إلى الأبد أنت الله " ( مزمور 90 / 2 ) ثم يخاطب داود إلهه بقوله " لأنك عظيم أنت وصانع عجائب.أنت الله وحدك " ( مزمور 86 / 10 ). ويدعو داود الشعب إلى تعظيم الله الواحد قائلاً " ليسبحوا اسم الرب لأنه قد تعالى اسمه وحده مجده فوق الأرض و السماوات " ( مزمور 148 / 13 ) ثم يخاطب داود أخيرا أصحاب التعدد و التشبيه فى تعجب قائلاً " من هو إله غير الرب ومن هو صخره سوى إلهنا "(مزمور18/13).

3. ونحميا النبي يخاطب الله الواحد بقوله " أنت هو الرب وحدك " ( نحميا 9 / 6 ).

4. ويقول ملاخى النبي " أليس إله واحد خلقنا " ( ملاخى 2 / 10 ) ويتحدث الله فى التوراة عن نفسه مبيناً للناس وحدانيته سبحانه وتعالى ويقول عز وجل " قبلي لم يصور إله وبعدى لا يكون، أنا الرب وليس غيري مخلص " ( اشعياء 43 / 11 ).

ويقول تبارك وتعالى " أنا الأول و أنا الآخر ولا إله غيري " (اشعياء44/6 )ويقول سبحانه "أنا أنا هو، وليس إله معي " ( تثنيه 32 / 39 ) ويقول الله أيضا " أنا الرب، لا أتغير " ( ملاخى 3 / 6 ) يتحدث النبي اشعياء فى استغراب وتعجب إلى أصحاب التشبه والتعدد بقوله " فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون به " ( اشعياء 40 / 18 ). ثم يورد اشعياء قول الله معاتباً المجسدين والمشبهين فيقول " بمن تشبهونني وتسوونني وتمثلونني لنتشابه " ( اشعياء 46 / 5 ) حقاً... بمن تشبهون الله، وبمن تساوونه، وبمن تمثلونه ؟ أتشبهونه بأحد مخلوقاته الضعيفة.. أم تساوونه بشيء من الوجود. هذا هو التوراة دستور اليهودية و أساس المسيحية، الكتاب الذي يقدسه اليهود ويؤمن به المسيحيون إذا نقبنا فيه لم نجد كاهنا يتحدث عن الثالوث ولا نبياً يهمس بالتعدد و لا التركيب، ولا شبيه ولا مثيل قال بهذا كافة الأنبياء فى التوراة وكافة أحبار اليهود. ثم رحلت بسفينتي إلى العهد الجديد لنشاهد الشواهد هل من تثليث أم نادت بالتوحيد ؟ هناك عبارات حفظنها دائماً نستدل بها على الثالوث أو لاهوت المسيح ابتدأت أتأملها بعمق و البعد عن حفظ النصوص وأن أكون مردداً لها بلا تفهم معناها. أولا: فى إنجيل متى الرسول " هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو أسمه عما نوئيل الذي تفسيره الله معنا " ( متى 1 / 23 ) وهى مأخوذة من نبوة اشعياء النبي " السيد نفسه يعطيكم آيه العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عما نوئيل " ( اشعياء 7 / 14 ) كنت دائماً أقول هذا الاقتباس للتدليل على آلوهيه المسيح. ولكن الإنسان الباحث غير الإنسان الملقن أثناء البحث وجدت التالى. أولاً: هذه المعجزة كانت فى عهد الملك آحاز علامة له على هزيمة أعدائه وقد تمت فى عهده ثانياً: ليس فى نص اشعياء كلمه " الله معنا " تفسير متى عما نوئيل بأنه هو الله معنا، هو تفسير له وحده أداه إليه اجتهاده. ثالثاً: ليس كلام السيد المسيح. رابعاً: السيد المسيح لم يسمى عما نوئيل وحتى إذا أردنا أن ننسب عما نوئيل إلى السيد المسيح ( الله معنا ) بإنه الله فإسماعيل ابن إبراهيم معنى اسمه (الله يسمع ) لكننا لا نقول إسماعيل الله. خامساً: يقول القديس يوحنا " الله لم يره أحد " ( يوحنا ص 1 / 18 ) ويقول القديس بولس فى رسالته الأولى إلى تيموثاوس أن " الله لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه " ( تيموثاوس 1 ص 6 / 16 ) وفى رسالة يوحنا الأولى يقرر أن " الله لم ينظر أحد " (يوحنا ص4/12) نصوص الإنجيل تدل على أن الله لا يراه أحد و المسيح مرئي فلا يكون إلها. بهذا الشكل تفهمنا هذه العبارة على معناها الحقيقي وليس لها أي علاقة بلاهوت المسيح.

ثانياً: النص الثاني الذي كنا نستدل به على لاهوت المسيح و التثليث. ( في إنجيل متى الإصحاح 28 – 19 ) ( اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب و الابن والروح القدس ) وكنت دائماً أقول أن يوحنا الرسول يوضح هذه العقيدة في رسالته الأولى قائلاً " فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب و الكلمة و الروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد " ( الرسالة الأولى ليوحنا الإصحاح الخامس الفقرة 7 ) وفى بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم يقول " الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظلك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله " ( إنجيل لوقا الإصحاح الأول الفقرة 35 ) وكنت دائماً بعد قولي هذا أقول أن هذه النصوص تقرر الآتي: 1 - أن الله واحد فى ثلاثة اقانيم متساوية في الجوهر والمجد والكرامة والقدرة

2 - يدل على الوحدانية قول المسيح فى لفظه باسم وليس بأسماء.

3 - أن الأب هو الله – والابن هو الله – والروح القدس هو الله. هذا ما حفظناه وعلمناه لكن ما ورد فى إنجيل متى من أركان التعميد تعتبر من الأركان الخمسة ولم يذكر فى الأناجيل غير متى فقط لكن لما تأملت إنجيل متى هذا النص ورد بعد واقعة الصلب وظهور السيد المسيح ووصى تلاميذه بذلك نعلم أن التعميد من المهمات الدينية فلماذا لم يبلغهم المسيح قبل الصلب ؟ عندما كان يعظهم فى الهيكل هذه الفقرة لفتت نظري وشئ آخر إن الوصية كانت للتلاميذ بحضور يوحنا فلماذا لم يذكرها فى إنجيله ؟

وهى من اعظم أركان دينه و بالعودة للأناجيل لوقا و مرقص و يوحنا أن نص الوصية ( بان يعمدوا بروح القدس فقط ) بدون ذكر الأب و الابن بل فى إنجيل متى نفسه قبل أن يأتي بالعبارة السابقة التى كنت أثبت بها التثليث قال ( سيعمدكم بروح القدس ) فقط وأيضا هذا الكلام يناقض ما حفظناه في ( إنجيل متي الإصحاح 10 الآية 5-6 ) وأيضاً ما وصاهم المسيح به قبل رحيله حيث قال لهم " إلي طريق أمم لا تمضوا، وإلي مدينة للسامريين لا تدخلوا بل أذهبوا بالحري إلي خراف بيت إسرائيل الضالة "، كما أن وجدت من علماء الكتاب المقدس من أنكر النص " أدولف ههرنك " قال " أن إحالة النص المذكور مشكوك فيها، واعتبروا زائفاً متعللاً بعده أسباب.

أولاً: أنه " لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم المسيحية ما يتكلم عن المسيح وهو يلقي مواعظ، ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات وأن بولس لا يعلم شيئا عن هذا "

ثانياً: أن " صيغة التثليث هذه ( التي تتكلم عن الأب، والابن والروح القدس ) غريب ذكرها علي لسان المسيح، ولم يكن لها نفوذ في عصر الرسل، وهو الشيء الذي كانت تبقي جديرة لو أنها صدرت عن المسيح شخصياً "

ثالثاً: أن التثليث اعتمد عام 381 ميلادياً بمجمع القسطنطينية حضرة 150 أسقف وقرروا فيه صيغة التثليث وأن الله واحد في ثلاثة اقانيم هي الأب و الابن والروح القدس أي أن التثليث ما عرف وما كان موجود من قبل ولا أحد من التلاميذ واتباعهم قالوا به. بالنسبة لما ورد فى رسالة يوحنا الأولى: ( فإن الذي يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد ) كانت تعطى أساسا لعقيدة التثليث لكن فقرة التثليث هذه بدأت تختفي من اغلب التراجم الحديثة لأنها لم توجد في اقدم النصوص اليونانية المعول عليها، و إنما وجدت أولا فى نص لاتيني لاحق، ثم انتقلت منه بعد ذلك إلى اللغات الأخرى، فهي من عمل كاتب مجهول أقحمها في المتن إقحاما. يقول بروس مترجم أستاذ لغة العهد الجديد وآدابه " جامعة اكسفورد " لا تظهر هذه الفقرة في مخطوطات الترجمة اللاتينية المعتمدة للكتاب المقدس، قبل حوالي 800 عام ميلادية وعلى أي حال وجدت كثير من علماء الكتاب المقدس يقرون بأنها عبارة مدسوسة، تسألت في نفسي من المسئول عن مصائر الملايين من المسيحيين الذين ماتوا وهم يعتقدون أن عقيدة التثليث التي تعلموها تقوم على نص صريح بالكتاب المقدس بينما هي نص دخيل أقحمته يد كاتب مجهولة. جلست مع نفسي وأنا جالس فى سفينة النجاة تسألت عن الثالوث و أعلل مع نفسي.

1- لا أحد من الأنبياء قبل وبعد المسيح أوصوا بالثالوث كل الأنبياء أوصوا الناس بعباده الله الواحد الأحد، المسيح نفسه ما ذكر ثالوث انه اختراع وتلفيق من قبل القساوسة والكهنة.

2- التوراة، التي نثق بها لا يوجد بها أي إشارة إلي الثالوث الله واحد في التوراة كيف اصبح الله ثلاثة في واحد ؟ أن رب موسى هو رب المسيح كيف يصبح إله موسى واحد وإله المسيح ثلاثة في واحد ؟

3- الثالوث نفسه لا يمكن أن يفهم أو يتخيل كيف يكون الله مكون من ثلاثة آلهة؟

4- أن الثالوث المسيحي عبارة عن أرجوحة بين التوحيد والإشراك بالله يقولون الله الواحد ( لكن في ثلاثة ) أو ثلاثة ( لكن في واحد) كما لو أننا لا يمكن أن نقرر هل الله واحد أم ثلاثة وجعلها مساومة والنتيجة " ثلاثة من واحد " لكن اللغز مازال باقياً فكيف الواحد يمكن أن يكون ثلاثة وكيف الثلاثة يمكن أن يكونوا واحد ؟.

5- المسيح كان مولود ومخلوق من قبل الله فكيف يمكن لمخلوق يوحد الخالق أن يشكل جزء من الثالوث.

6 - المسيح ولد فكيف كان الثالوث قبل ولادته ؟ هل كانوا اثنين وماذا قبل وجود الروح القدس ؟.

7- الروح القدس قد خلق من قبل الله وقبل ذلك ما كان موجود وإذا الثالوث سيكون مستحيل فكيف يمكن أن يكون الثالوث موجود قبل خلق المسيح والروح القدس ؟

8- المسيح كان علي الأرض والله في السماء والروح القدس مثل حمامة ( فلما تعمد يسوع صعد من الماء في الحال، وإذا السماوات قد انفتحت له ورأي روح الله هابطا ونازلاً علية كأنه حمامة –وإذا صوت من السماوات يقول هذا هو أبني الحبيب الذي به سررت كل السرور " ( متي 3/16-17 ) كل من الثلاثة كان شخص مستقل منفصل كل عن الأخر هل يمكن أن يكونوا واحداً ؟ وهم مختلفين في الطبيعة كل واحد علي حده. فكيف يكونوا واحداً

9- طبقاً للإنجيـل مات المسيح بعد صلبه ماذا حدث إلي الثالوث في نفس الوقت المسيح كان ميت هل أصبح الله خلال موته ثلثين؟ هل كان الله يدير الكون بالثلثين ؟

10- المسيح قال " أما ذلك اليوم وتلك الساعة، فلا يعرفها أحد، ولا ملائكة السماوات ولا الابن، إلا ألآب وحدة " ( متي 24-36 ) إذا كان المسيح والروح القدس أدني معرفة من ألآب إذا المسيح والروح القدس ليس مساوياً للأب ولذلك لا يمكن أن يكون متأهلين للاندماج في ثالوث فهم منفصلون عن بعضهم ليس واحد في ثلاثة ولا ثلاثة في واحد.

11- إذا كان المسيح جاء من الأب فهو ملحق له وليس مساوياً له وهكذا لا يمكن أن يكون الله المساوي ولذلك ينهار الثالوث.

12- إذا الروح القدس جاء من الأب كالمسيح وكليهما أدني من الله وهكذا لا يمكن أن يكونا إلهين يتساويا مع الله.

13- كان المسيح يصلي لله ويشكر الله ويسأله بمساعدته هذا برهان على أن المسيح هو مخلوق وهو لا يمكن أن يكون شريك الله أو مساوي له.

14- المسيح قال " أولي الوصايا جميعاً هي: اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد. فأحب الرب إلهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل فكرك وبكل قوتك هذه هي الوصية الأولي " ( مرقص 11 ( 29-30 ) المسيح قال بنفسه الله واحد هو ما قال واحد في ثلاثة أو ثلاثة في واحد.

15- الروح القدس جبريل وجد قبل المسيح وعلي الرغم من هذا العهد القديم ما قال بأن الروح القدس هو الله. لماذا ؟ وكيف أصبح الروح القدس بعد ولادة المسيح هو الله ؟ الروح القدس ملاك لكن فجأة الكنيسة رقته إلي رتبه إله.

16- إذا كان الله ثلاثة في واحد ماذا يحدث إذا الثلاثة أقانيم اختلفوا ؟ لقد كان المسيح حريصاً علي أنه لا يصلب هل تم التصويت ؟ هل أصواتهم ستكون متساوية ؟ ماذا إذا أصر أحد الأقانيم علي رأيه ؟ كل هذه التساؤلات تدل علي أن مسألة التثليث ما كانت معروفة للمسيح نفسه وما أحد من الرسل قال بها.

نص أخر كنت دائماً أقوله في المواعظ " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " ( إنجيل يوحنا 1:1 ) كنت أستدل علي لاهوت المسيح أيضاً بها ولكي نفهم هذا النص نعود للنص الأصلي باللغة اليونانية kai ho logos en pros tontheon kai theos en ho logos نلاحظ أن كلمة الله في اليونانية استخدمت كلمتان مرة ( تونثيوس ) ومرة استخدمت ( هوثيوس ) فكلمة هوثيوس الله أو إله و هذه الكلمة للأسف الشديد استخدمت للشيطان في 2 كورنثوس 4:4 ( الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمي أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله ) استخدم لفظ " هوثيوس " ( في سفر الخروج ( 7:1) فقال الرب لموسى انظر أنا جعلتك إلها لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك ). وأيضا في ( سفر الخروج 4:16 ) وهو يكلم الشعب عنك وهو يكون لك فما وأنت تكون له إلها ) هل معني ذلك أن موسى أصبح الله بالطبع لا. شيء أخر المسيح لم يقل هو بنفسه مقدمة إنجيل يوحنا ولكن كما ذكر كثيراً من المؤرخين هذه العبارة من قول فيلو الإسكندرانى الذي كان موجود قبل يوحنا وكتاباته المشهورة والتي كانت تخرج من مكتبه الإسكندرية ( 20 ق. م – 50ب. م ) قبل ظهور إنجيل يوحنا عام 98 ب. م.

الشيء الآخر إساءة ترجمة النص لأنه لو قلنا " في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله " ( تجعل فرق بين الكلمة و الله ) ونجعلهم كيانان ومعنى ذلك الهان. الشيء الآخر وهو أن هل كتب وتكلم يوحنا اليونانية ؟بالطبع لا ولكن عند الترجمة يتم ترجمة سيئة أحياً ولذلك هناك ترجمات لهذه العبارة بصورة التالية " في البداية الكلمة وجدت والكلمة كانت مع الله والكلمة كانت قديسة ". الخلاصة أن هذا النص لم يقله المسيح ولم يدعوا له المسيح ولم يقل أنا الله فيعبدوني أو أنا ثالث ثلاثة، يقول القديس بولس في رسالته الأولي إلي صديقة تيموثاوس " لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يوسع المسيح " (تيموثاوس 2/5 ) أما يعقوب الحواري فيقول ( أنت تأمن أن الله واحد حسناً تفعل ) ( يعقوب 2/19 ).

ويورد الإصحاح الخامس في إنجيل يوحنا قول السيد المسيح عليه السلام معنفا قومه اليهود علي عدم إيمانهم بالله الواحد بقوله " كيف تقدرون أن تؤمنوا وانتم تقبلون مجدا بعضكم من بعض والمجد الذي من الآلة الواحد لستم تطلبونه " ( يوحنا 5/44 ) فالسيد المسيح هنا يعنف بني إسرائيل علي زيفهم وضلالهم وعدم اعتمادهم علي الله الواحد، معتمدين علي المخلوقات الثانية. يحدثنا القديس مرقص في إنجيله أنه بينما كان السيد المسيح جالساً مع تلاميذه وحواريه يشرح لهم تعاليم الله أتاه أحد الناس يسأله " أي وصيه هي أول الكل.. فأجاب يسوع: إن أول الكل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد. وتحب الرب إلهك من كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الأولي " ويستحسن الرجل قول السيد المسيح، ويتيقن بذلك من صدق نبوته فيرد عليه قائلاً " جيداً يا معلم بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه.. " لإنجيل مرقص 12/29-30) ونفس الحادثة يوردها إنجيلي متى ولوقا وفيها يقرر السيد المسيح أن أول كل الوصايا ولباب الدين وأساسه، هي توحيد الله وحبه وعبادته سبحانه بكل قوانا وقدراتنا، ومن كل فكرنا وعمق قلوبنا. وحين يسمع السائل ذلك يطمئن إلى صدق السيد المسيح، ويؤمن بحقيقة رسالته ويتأكد انه نبي مرسل من قبل الله الواحد الذي يدعو إليه كافة الأنبياء وتخضع له كافة المخلوقات.

ويحدثنا القديس متى فى إنجيله انه بينما كان السيد المسيح يسير في الطريق " وإذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح، أي صلاح اعمل لتكون لي الحياة الأبدية، فقال له: لماذا تدعوني صالحاً ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله، ولكن إذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا.. " وهذه الحادثة مذكورة أيضاً في الإصحاح العاشر من إنجيل مرقص، وفيها نري أحد الأشخاص يسأل السيد المسيح طالباً منه أن يرشده إلي الأعمال الخيرة التي تؤدي به إلي دخول الجنة وقبل أن يبدأ الرجل سؤاله فإنه يخاطب السيد المسيح في إجلال وتقدير " أيها المعلم الصالح " ولكن السيد المسيح الإنسان بدلاً من أن يسر بهذه التسمية، وبنعمة بوصف الصلاح فإنه يثور ويغضب رافضاً بشدة أن ينسب إليه الصلاح أو أن تخلع عليه صفة من صفات الله، فالسيد المسيح بشر خاضع لقانون الصواب والخطأ، لا يمكن أن يكون دوماً صالحاً ولكن الصلاح لله وحده، وهذا ما دعا السيد المسيح إلي أن يحرص قبل إجابة السائل علي سؤاله أن يزيل من ذهنه ما التبس عليه موضحاً ومؤكداً وحدانية الله، واختصاصه سبحانه بكل صفات الصلاح والكمال التي لا يشاركه فيها أحد.

ثم يأتي إبليس الرجيم محاولاً غواية المسيح، محرضاً إياه علي الإشراك بالله أو السجود لغير مولاه، عارضاً عليه ممالك الأرض وخزائن الدنيا، ولكن السيد المسيح الرسول الأمين والنبي العظيم ينتصر علي التجربة ويقهر عبث الشيطان ثم ينهره قائلاً " اذهب عني يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد.. "( إنجيل متى 4/10 ). وفي الإصحاح السابع عشر من إنجيل يوحنا يورد القديس مناجاة السيد المسيح لربه الواحد وفي هذه المناجاة يبين المسيح للناس طريق الحق طريق الحياة الأبدية، طريق جنات النعيم، يقول المسيح لربه " هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك، أنت الإله الحقيقي وحدك " ( يوحنا 17/2 ).

نعم لقد صدق السيد المسيح أن طريق الفردوس هو التوحيد أما طريق الجحيم فهو الشرك والتثليث والتعدد، نعم لقد صدق السيد المسيح أنت يا رب وحدك الإله الحق، وليس غيرك إلا الزيف والزور والبهتان أنت يا رب وحدك الإله الحقيقي أما الباقون فآلهة مزيفون وسادة مشوهون إبتدعهم خيال المرضي وأحلام الواهمين فماذا عما كنا نعلم الناس وخصوصاً من المنطق والفلسفة للإقناع الأخريين " إن الذات والد للنطق فيقال له الأب والنطق مولود من الذات فيقال له الابن والحياة منبعثة من الذات فيقال له الروح القدس. فالله الأب قائم بذاته، ناطق بخاصية الابن الذي هو النطق، هي بخاصية الحياة التي هي روح القدس والله الروح القدس قائم بخاصية الذات الذي هو الأب، ناطق بخاصية النطق الذي هو الابن، هي بخاصيته التي هي الحياة. فأي منطق هذا ؟ وأي عقل يدرك هذا ؟ وأي لسان ينطق بهذا وقول به ؟ وهل فهمتوا حاجة ؟.

وإذا كان الأب قائماً بذاته، والله الابن قائماً بخاصية الذات الذي هو الأب فعلا هذا التشابك والتمزق أو التدخل والتفرق في أن واحد ؟ وكيف يقوم الثلاثة بخاصية الذات، ثم ينطقون بخاصية الابن ؟ وكيف يحيون جميعاً بخاصية الحياة التي هي الروح القدس ؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلي جواب ثاني لكي تفسر كل هذه الخزعبلات والأساطير، وهذا آخر يقول " إن تسمية الثالوث باسم الأب والابن والروح القدس تعد أعماقا إلهية سماوية لا يجوز لنا أن نتفلسف في تفكيكها وتحليلها أو نلصق بها أفكاراً من عندنا ".

وثالث يقول: " إن الأقانيم ليست مجرد أسماء تطلق علي الله أو مجرد صفات بها، بل ثلاث شخصيات متميزة غير منفصلة متساوية فائقة عن التصور. ومنهم من مثل الله الثالوث، بالشمس فالشمس تتكون من ثلاثة عناصر و أجرام هي جرم الشمس، وشعاع الشمس، وحرارة الشمس، فالشعاع منبعث من الجرم، والحرارة منبعثة من الشعاع، والجرم والكل شمس واحدة.وآخرون مثلوا الله بالشجرة لها أصل وساق وثمر والشجرة واحدة وآخرون مثلوه بينبوع أو فتيل الشمعة.

إلي آخر تلك التشبيهات لقد كثرت التأويلات والتشبيهات، وتداخلت الشروح والتحليلات حتى تحولت إلي خرافات وأساطير وأخر يقول أن كنا نحاول تفسير وحدانية الله تفسيراً حرفياً مطلقاً. كما يفعل بعض العقلانيين فالكتاب المقدس يصبح كتابا مملؤاً بالمتناقضات، ويصير المسيح مجرد إنسان ذي نزعة دينية لكن لا يمكن أن يكون هناك إيمان بدون عقل ولا عقل بدون إيمان. أما فريضة إلغاء العقل لكي نؤمن فلا يصبح فرق بيننا وبين الأنعام هذه الخرافات والأساطير لا يقرها دين ولا يقتنع بها عقل أو منطق، تسبح في متاهات وظنون ويسبح معها العقل في عالم الخيال واللامعقول علاوة على ما منحوه لكل أقنوم من الأقانيم الثلاثة من صفات وخصائص.

وكيف يكون المسيح إله و" ابن الله " وقد أقر بعبوديته وشهد ببشر يته وقد جاءت الأدلة الدامغة علي تلك البشرية بكل ما لها وما عليها وحرص دائماً في أحاديثه مع الناس أن يصف نفسه وما فيها من قوة وضعف، وغضب وخوف، وحزن وبكاء وتعب، ويأكل ويشرب كما يأكل ويشرب البشر كما قررت الأناجيل كما في متي 18-21، ( يوحنا 70:4 ) وينام ويخلد إلي الراحة كما في مرقص (4: 35 –40 ) ولوقا( 7:22-24) متي ( 8:23-27 ) ويصلي ويدعوا.. إلي أخر ما يفعله الإنسان وما يقوم به البشر وقد حرص دائماً في أحاديثه مع الناس أن يصف نفسه بهذا اللقب " ابن الإنسان " الذي امتلأت الأناجيل وازدحمت به، ويردده كثيراً ليوقظ أصحاب الفطر السليمة و العقول المستقيمة، هادماً كل المراتب التي رفعوه إليها ومنحوه إياها، فقد رفعه بعضهم إلى مرتبة الألهه ثم اختلفوا حول طبيعة الإلهية، هل هو إله خالص، أم شخصية مزدوجة نصفها إله ونصفها إنسان ؟ وهل هو ذات الله أم يعنى الله ؟ واقترب به بعضهم إلى درجة أدنى من الملائكة، وساواه بعضهم بالملائكة، وارتفع به آخرون إلى مرتبة أعلى من الملائكة. قال البعض انه إنسان ثم دب بين هؤلاء البعض الخلاف، هل هو نبي أم إنسان عادى ؟ وهل كان صالحاً أم فاسداً، باراً أم شريراً، طيباً أم مشعوذاً صادقاً أم كاذباً، عاقلاً أم مجنوناً، عبد الله أم حليفاً للشيطان. بعد هذه الرحلة لو أظهرت كل ذلك هل سيكون مصيري المصلح الأسباني " سرفتيوس " الذي جهر بالوحدانية لله وإنكار الثالوث فيقرر إحراقه حياً سنة 1553 م.

بالطبع الإنسان بعد ما يصل إلى الحق لا يخاف الموت بل يجد اللذة عندما يموت وهو على حق. تسألت ما هو دين الحق ؟ وكيف اختاره ؟ فوضعت بحثي هذا في مسألة العقيدة في الله وصحة الكتاب الذي جاء به كل نبي فى وقتنا الحاضر من واقع التاريخ والعبادات وبعد دراسة مستفيضة وحيادية وبعد هذه الرحلة الشاقة الطويلة التي قطعتها قبل اختيار دين الحق منقبا عن الحقيقة الساطعة طالباً الهداية و السداد، راجياً أن أصل إلى ما ترتاح إليه نفسي وتستقيم عليه فطرتي التي خلقها الله سوية مستقيمة، فوصلت ظافراً بفضل الله ورحمته لبر الآمان فأعلنت إسلامي بقولي ( لا اله إلا الله محمد رسول الله ) عن علم وقناعه ويقين " ولدت ل اعبد المسيح وارفعه إلها فوق الألهه، فلما شببت شككت، فبحثت عن الحقيقة ونقبت فعرفت، وناداني المسيح يا عبد الله أنا بشر مثلك، فلا تشرك بالخالق وتعبد المخلوق، ولكن اقتدى بي واعبده معي ودعنا نبتهل له سوياً ( أبانا و إلهنا حمدك و سبحانك رب العالمين وإياك نعبد وإياك نستعين ).

يا عبد الله أنا وأنت وباقي الناس عبيد الرحمن. فآمنت بالله وصدقت المسيح وكفرت بالالهه المصنوعة. تسميت بعد إسلامي باسم " محمد " تيمنا باسم سيد الخلق محمد نبي الرحمة ونبي الحب الذي رفع " قيمة الحب ومكانته في حياة الناس وبعد مماتهم ودلل على أهمية الحب في الدنيا و الآخرة. وصدق الحق إذ يقول "فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ " سورة الأنعام 125.

وقد تم محاولة طمسي عن الناس كتبي وتم حرق سيارتي ولكن" يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(سورة التوبة 32).

لي من الكتب " الله واحد أم الثالوث " " المسيح إنسان آم إله " " محمد نبي الحب " هذه هي رحلتي من التثليث إلى التوحيد ومن الشرك للتوحيد ومن الظلمة إلى النور اهديها لكل من يريد معرفة الحق وطريق النجاة أسئل الله الهداية لمن يريد وينور له قلبه.
وعقله اللهم أمين

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:48 PM
قصة إسلام الدكتور المستشار مجدي مرجان
نشأت كغيري من النصارى في مصر بين عائلة تؤمن بإله ثالوثي أتعصب لنصرانيتي بشدة، وأنظر إلى الإسلام في مصر على انه دخيل وافد، ليست له جذور عميقة في هذا البلد العتيد صاحب الحضارة القديمة الضاربة في أعماق التاريخ، انتظر يوم الخلاص من كل ما هو إسلامي حولها، أو يحمل ما يمت إلى الإسلام بصلة من قريب أو بعيد، فهي لا تنسى ما لنصرا نيتها من طقوس وأناشيد، وتقيم لها الابتهالات والنشاطات، وتبنى لها الكنائس ذات الأبراج و الأجراس.

بدأت طفولتي كغيري من نصارى مصر الذين تربوا وترعرعوا في ارض الكنانة، تدرجت في دراستي، و أرادت لي أسرتي أن أكون قساً من قساوسة مصر الذين يلبسون الثياب السوداء حداداً على ضياعها من النصرانية وانتقالها إلى دولة إسلامية يتربع على أرضها الأزهر الشريف، بمنارته الخالدة التي ساعدت على نشر الإسلام وتأصيل عقيدته وحفظ لغته، لغة القرآن على مر العصور و الأزمان.

التحقت في مدرسة الثالوث شماساً في إحدى الكاتدرائيات لأكون أحد دعاة هذه العقيدة مجاهداً من اجل نشرها وتعليمها للناس. حيث تم إعدادي وتوجيهي فأصبحت داعياً لله ( الثالوث ) مكافحاً لنشر طقوسه وتعاليمه.

أتاحت لي تلك النشأة فرصة كبيرة للدراسة و التنقيب و البحث و الاطلاع على كثير من المعارف الدينية و الأسرار اللاهوتية، كنت تواقاً للبحث و المعرفة، ابذل الكثير من الجهد و الوقت لكي أصل إلى الحقائق الناصعة التي لا غبار عليها ولا غبش فيها، ساعدني على ذلك ميلي الفطري إلى التأمل و التدقيق، والبحث و التحقيق، لم اقتنع في قرارة نفسي بما ورثته من آبائي و أجدادي من هذه العقيدة التي لم ترسخ في عقلي وقلبي يوماً ما، ولكنها ظلت بين مد وجزر، وانحسار وضعف.

لا لا يكفى للإيمان الحقيقي وراثة العقيدة وتقليد الآباء و الأسلاف و العمات و الجدات، فليكن الدين في يوم من الأيام إقرارا قائم، ولا انسياقاً لطقوس متبعة، و إنما كان الدين دوماً دعوه إلى الحق وثورة على الباطل ولو كانت العقيدة إرثاً لما انتقل الناس من باطل إلى حق، ومن عبادة الأصنام و الأوثان إلى عبادة الخالق، ولبقى العالم اليوم كما كان منذ آلاف السنين يسبح في الأباطيل والأوهام.

ظللت ابحث عن الحقيقة واطلبها، واقرأ كثيراً، و أتأمل أكثر و أكثر، أناقش وأفند وأقيم حواراً مع نفسي ومع كل من حولي من النصارى لعلى أجد الجواب لكل ما يدور بداخلي. لقد قمت بنفسي بمناقشة كثير من الإخوة المسيحيين فى مدى فهمهم وتقبلهم لهذه العقيدة تارة حين كنت محسوباً في الجماعة المسيحية وتارة بعد انسلاخي عنها.

لقد أرهقني البحث عن الحقيقة و اسهرنى السعي من اجلها أريد الوصول إلى بر الآمان. لقد آخذت سفينة النجاة وأبحرت بها ومعي من الكتب و المراجع كل ما أتمناه وبدأت بالحضارات العريقة وكان البحث مع أقدمها على الإطلاق وهى الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، فهي من أقوى الحضارات و أقدمها على مر التاريخ، فهل عرفت هذه الحضارة التثليث أم الوحدانية وهل وقفت على حقيقتها ؟

1 – بدأت بالعصر ( الحجري الحديث ) ( 6000 – 5000 ق. م ) من أهم النصوص الدينية التي ترجع إلى هذا العصر السحيق. تلك النصوص المعروفة باسم ( متون الأهرام ). و أما عن عقيدة ( التوحيد ) الواردة في هذه النصوص السحيقة القديمة. يذكر المؤرخ / أنطوان ذكري فقرات مما ورد في " متون الأهرام "هذه... مثل ( إن الخالق لا يمكن معرفة اسمه أي ( الاسم الأعظم ) لأنه فوق مدارك العقول ) لان الموضوع سوف يطول فسوف أحاول الاختصار.

2 – انتقل إلى عصر الآسرة ال ( 3 ) ( 2780 – 2680 ق. م ) نجد الحكيم ( كاجمنى ) وكان وزيراً لأحد ملوك هذه الأسرة يقول في أحد حكمه: إسُلك طريق الاستقامة... لئلا ينزل عليك غضب " الله ".

3 – انتقل إلى عصر الأسرة ال ( 5 ) ( 2560 – 2420 ق. م ) نجد فى هذه الفترة الحكيم ( بتاح حوتب ) كان وزيراً لأحد ملوك هذه الأسرة. وقد كتب مجموعة من المواعظ و النصائح لابنه. ومن ضمن هذه النصائح نصيحة يقول فيها: بيد ( الإله ) مصير كل حي... ولا يجادل في هذا إلا جاهل... سوف يرتضى ( الله ) عملك إذا كنت متواضعاً... وعاشرت الحكماء ليكن للناس نصيب مما تملك – ( صدقة وزكاة ) – فهذا واجب على من يكون صفياً ( لله ).

4 – بعد ذلك رحلت بالسفينة إلى عصر الأسرة ال ( 6 ) ( 2420 – 2280 ق. م ) لأجد الحكيم الحاكم " اليفنتين " المسمى ( حر خوف ) يقول ارغب أن يكون اسمي قد بلغ الكمال فى حضرة ( الإله ) العظيم. كل هذا الكلام يدل على ماذا؟ أليس يدل على التوحيد الخالص.

5 – انتقلت إلى عصر الأسرة ال ( 8 ) ( 2280 – 2242 ق. م ) عاش الحكيم ( آني ) في قصر أحد ملوك هذه الأسرة وقد كتب مجموعة من النصائح و المواعظ منها على سبيل المثال:- اخلص ل ( الله ) في أعمالك... لتتقرب إليه وتبرهن على صدق عبوديتك... حتى تنالك رحمته وتلحظه عنايته... وكل الأقوال تأتى بصيغة " المفرد "
أي انه كان من ( الموحدين ) ويتكلم على التوحيد الخالص.

6 – انتقل إلى عصر الأسرة ال ( 10 ) ( 2133 – 2052 ق. م ) نجد الحكيم ( اختوى ) ترك لنا أحد البرديات من ملوك هذه الأسرة تحتوى على مواعظ ونصائح إلى ابنه / مرى كارع يقول فيها ( والإله ) يعرف الشقي وينتقم منه بأشد العقاب. و ( الإله ) يقول أنا المنتقم. وسأعاقب كُلاً بذنبه وعلى الإنسان أن يعمل ما يريد على إلا ينسى الحساب الأخير ونجد الكثير و الكثير من الحكماء و المواعظ التي تتكلم على التوحيد الخالص.

7 – انتقل إلى عصر الملك ( أمنحتب الثالث ) ( 1397 – 1360 ق. م ) وهو والد إخناتون وله لوحة مكتوب عليها. أيها الخالق الذي لم يخلقك أحد " الواحد "... المنقطع القرين فى صفاتك و الراعي ذو القوة و البأس. والصانع الخالد في أثاره التي لا يحيط بها حصر.

8 – انتقل إلى عصر الأسرة ال ( 18 ) ( 1570 – 1304 ق. م ) في هذا الوقت ظهر إخناتون ( 1370 – 1304 ق. م ) وبالطبع المؤرخون يجمعون على أن " إخناتون "... كان من كبار الموحدين. من صلوات " إخناتون " تعرف صفات " الله " الذي دعا إلى عبادته دون سواه... فإذا هي أعلى الصفات التى ارتقى إليها فهم البشرية قديماً فى إدراك كمال ( الإله ) فهو: الحي.. المبدئ للحياة.. الملك الذي لا شريك له في الملك.. خالق الجنين وخالق النطفة التى ينمو منها الجنين.. نافث الأنفاس الحية فى كل مخلوق.. بعيد بكماله قريب بآلائه.. تسبح باسمه الخلائق على الأرض والطير في الهواء. أليس هذا توحيداً خالصاً أين التثليث ؟ أين الإقانيم ؟

9 – رحلت بسفينة النجاة وتوجهت إلى عصر الأسرة ال ( 20 ) ( 1200 – 1090 ق. م ) أثناء البحث وجدت شئ لا يخطر على بال فى هذه الفترة ظهر حكيم ( أمين موبي ) في الصعيد ويطلق عليه الصعيدي الإخميمي وهذا الحكيم سبق الحكيم لقمان..بسنوات قليلة.. كتب هذا الحكيم ( الموحد ) الورع مجموعة من المواعظ والأمثال.. بعنوان ( تعاليم من الحياة ) ( سبايت ) يقول ( أمين موبي ) ( الكمال لله ) وحده والعجز من صفة الإنسان.. سبح ( الله )... واعصي الشيطان.

لا تظهر أمام الناس غير ما تبطن. واجعل ظاهرك كباطنك. فإن ( الله ) يبغض الكذوب المخادع. وأثناء مشاهدتي علي كتاب " أمين موبي"( سبايت ) ويعني ( تعاليم...حكم) كما يعني ( أمثال ). وجدت أنه تمت ترجمته إلي اللغة " العبرية " في عصر النبي " سليمان " حيث عرف باسم " سفر الأمثال " ثم مع تقادم العهود.. نسبة اليهود إلي نبيهم وشاع بين الجميع أن مؤلف " سفر الأمثال " هو " سليمان " الحكيم بينما مؤلفة الحقيقي.. هو ( أمين موبي ) الحكيم. ولقد تنبه العالم إلي هذا الخطأ الذي انتشر واشتهر علي مدي قرون طويلة وذلك عندما تم اكتشاف " البردية " التي تحوي ( أمثال أمين موبي ).. حيث وجد أن " سفر الأمثال " المنسوب إلي " سليمان " والذي اعتبر جزء من " العهد القديم " المقدس لدينا يهود ومسيحيين.. ما هو إلا ترجمة حرفية.. لكتاب ذلك الحكيم المصري الإخميمي ( أمين موبي ) وجدت العالم الألماني " ارمان " أول من نبه في سنه 1924 م إلى الشبه الذي بين حكم وأمثال " أمين موبي " وبين ( سفرالأمثال ". كانت كلمات " ارمان " بمثابة قنبلة ووجدت بالفعل أن كثير من علماء الآثار وعلماء الكتاب المقدس أكدوا فى العالم هذه الحقيقة ومن علماء الآثار " جريفث " و " لانج " و" جاردنر " و " كيمر " و " سمسون " و " مالون " و " هوميرت " و العالم الأمريكي " بريستد "... الذي يعتبر أيضاً حجة في الدراسات " العبرية " واللغة العبرية.. وقد نشر بحوثه وآراءه في كتابه " فجر الضمير " عام 1933 م.

و حتى في ( قاموس الكتاب المقدس ) ص 903 الذي يعتبر مرجعاً رئيسياً في العقيدة المسيحية.. نجد هذا الاعتراف بوجود ( المشابهة ).. حيث يذكر – وبرغم كل التحفظات – ما يأتي ( ويري بعض العلماء ( تشابهاً ) بين أمثال( أمين موبي ).. وبين الكلمات الواردة في " سفر الأمثال " وفي صفحة 836 يحدد النصوص المتشابه والمتطابقة تماماً. ويحسم العالم الكبير / بريستد هذه القضية بقوله ( جميع العلماء بكتاب " العهد القديم " الذين يعتد بآرائهم وأبحاثهم فيه.. يجزمون الآن بأن محتويات ( سفر الأمثال ) قد أخذت بالنص من حكم الحكيم المصري القديم ( أمين موبي ).. أي أن النسخة العبرانية.. هي ترجمه حرفية عن الأصل الهيروغليفي العتيق. أي أن ما يقرأه جميع اليهود والمسيحيين في العالم الآن.. وعلي مدي عهود طويلة سابقه أيضاً.. علي انه جزء من كتاب ( العهد القديم ) المقدس.. ما هو إلا كلمات أحد حكماء ( قدماء المصريين ).. المؤمنين الموحدين..

10-انتقل إلى عصر الأسرة ال(21) الحكيم المصري ( لقمان ) المصري الجنسية والمولد الموحد الذي كانت كل حكمة تنطق بالتوحيد هذا الحكيم الخالص وقد انتشر تأثير الحكمة حتى عرفه الإغريق ( اليونان ) alcman كما أن هنالك من حكماء " اليونان " من حضروا إلي " مصر " ليتعلموا من حكمته.. ومنهم " ابند قليس ".. لم يذكر في العهد القديم ولكن ذكر في القرآن بالحكمة والعظة لابنه " وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ " سورة لقمان /12 هذا هو أحد حكماء ( قدماء المصريين ) الذين عاشروا في ذلك العصر والذي كان بنص القرآن.. مضرب المثل في التوحيد (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ: يَا بُنَيَّ.. (لَا تُشْرِكْ) بالله إِنَّ (الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لقمان /13

11-انتقل إلى عصر الأسرة ( الثلاثين ) آخر الأسرات الفرعونية ظهر الحكيم ( بتوزيريس ) واحد من أعظم الحكماء الموحدين.. وهو الحكيم الصعيدي الذي سجل كتاباته حوالي ( 350 ق.م ) يقول في أحد حكمه ( أيها الأحياء.. لو وعيتم ما أقول واتبعتموه.. فسوف تفيدون منه خيراً.. إن سبيل من يخلص نفسه ل(الله) فيه صلاح وطوبى لمن يهديه قلبه إليه. ولسوف أنبئكم بما وقع لي.. أجعلكم تدركون الحكمة مما يريد ( الله ). وسأعمل علي إدخالكم في جمال الروحانيات الربانية وإذا كنت قد بلغت هنا مدينة الخلد. فقد كان السبيل إلي ذلك أني عملت صالحاً في الدنيا.. وأن قلبي قد هوي إلي سبيل ( الله منذ طفولتي حتى اليوم. وكان توفيق ( الله ) يلازم نفسي طوال الليل.. كما كنت أعمل طبق أمره من الفجر. ولقد مارست العدل وكرهت الظلم ولم أعاشر من ضلوا سبيل الله ولقد فعلت هذا كله.. لأنني كنت واثقاً من أنني سوف أصير إلي ( الله ) بعد مماتي. ولأني آمنت بمجيء يوم قضاء العدل.. وهو يوم الفصل حيث يكون الحساب أيها الأحباء.. لسوف أجعلكم تعرفون ما يحب ( الله ) ويريد ولسوف أهديكم سبيل الحياة الحق.. وهي السبيل الصالحة لمن أطاع ( الله ). طوبى لمن يهديه قلبه إليها. إن من اطمأن قلبه إلي سبيل ( الله ).. اطمأن مكانه في الأرض ألا ما أسعد من ملأت خشية ( الله قلبه في الدنيا.. ونجد في وصايا الحكيم " بتوزيريس " صورة دقيقة لهذا ( أي الإيمان بأن هنا لك " رب واحد " أعظم.. ففي هذا " النص " نجد ( الإله ) يذكر " مفرداً " ولا ينعت بغير ( الإله )... وهو عندهم الخالق الأول... بيده الخير... وبأمره يتم كل شئ...

هذه رحلتي عبر القدماء المصريين من عصر الأسرة الأولى إلى الأسرة الثلاثين حتى فتره الاحتلال لمصر من الهكسوس امتلأت بالأنبياء كموسى ويوسف الذين كانوا ينادون بالتوحيد حيث الشرك كان وافد مع الهكسوس. ما أروع رحلتي ازددت حباً وتعلق بالقراءة ومعرفة كل شيء أخذت سفينتي وأبحرت إلي الحضارة اليونانية القديمة ولنتعرف علي آراء فلاسفتها الكبار وما هو موقفهم في الوحدانية؟

فإذا الجواب يأتي على لسان فلاسفتها الكبار يأتي ساطعاً فهذا " سقراط " شيخ الحكماء يقول لتلاميذه " يجب أن تعرفوا أن إلهكم واحد وهذا أفلاطون الذي أعلن علي الجميع أن " الله واحد لا شريك له " ويأتي بعده أرسطو فيقرر هذه الوحدانية بقوله " مما يدل علي وحدانية الله انتظام العالم وتناسق حركاته " وهذا الفيلسوف اليوناني مليسوس يقول إن " اللا متناهي واحد فقط إذا يمتنع أن يكون هناك شيء خارج اللا متناهي ".. إلي آخر هذه الكوكبة التي أثبتت شهاداتها علي مر العصور للحق والتاريخ والتي نطقت بها الفطرة من أعماقها تأكد وحدانية الخالق العظيم. فإذا كان هذا هو موقف الفلاسفة فرسان الحكمة والمنطق وأصحاب الرأي والفكر، والاستقراء والاستدلال.. زدت فرحاً وأحسست أنني اقتربت من الحق اقتربت من الطريق الصحيح وكعادتي آخذت سفينتي ابحث عن علماء الطبيعة والكون أصحاب الحقائق والنظريات ماذا قالوا وماذا توصلوا من براهين وإثباتات ونتائج وتجارب وملاحظات ومشاهدات ومطالعات. فرحلت بسفينتي ابحث عنهم وماذا قالوا. فها هو العالم الإنجليزي هرشل يقول " كلما اتسع نطاق العلم كلما زادت البراهين. الدامغة علي وجود خالق أزلي لا حد لقدرته ولا نهاية.

فالجيولوجيين والرياضيين والفلكيين والطبيعيين قد تعاونوا علي تشيد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده ". وها هو العالم الفلكي الشهير إسحاق نيوتن يقول " في الحال الواضح أنه لا يوجد أي سبب طبيعي يمكن أن يعزي إليه توجيه جميع الكواكب وتوابعها للدوران في وجهة واحدة، وعلى مستوى واحد بدون حدوث أي تغيير يذكر فالنظر لهذا الترتيب يدل على وجود حكمة سيطرت عليه ثم قال: غير هذا ففي تكون الإجرام السماوية كيف استطاعت الذرات المبعثرة أن تنقسم إلى قسمين القسم المضيء منها انحاز إلى جهة لتكوين الإجرام المضيئة بذاتها كالشمس و النجوم، والقسم المعتم تجمع في جهة أخرى لتكوين الإجرام المعتمة كالكواكب وتوابعها كل هذا يعقل حصوله إلا بفعل عقل لا حد له إلى أن قال " وهذه الكائنات كلها فى قيامها على أبدع الأشكال وأكملها آلا تدل على وجود إله منزه عن الجسمانية حي حكيم " وبذلك استطاعت جميع البحوث العلمية فى وصف إله منزه عن الجسمانية.

فإذا كان هذا موقف العقلاء و الفلاسفة والعلماء، فما هو موقف الأنبياء الذين أرسلهم الله لهداية البشر و إرشادهم. فأخذت سفينتي وأبحرت فى العهد القديم لأبحث هل العهد القديم عرف التثليث ؟

1. يقول موسى عليه السلام " الرب هو الإله في السماء من فوق وعلى الأرض من اسفل، وليس سواه " ( تثنيه ص 4 / 39 ) ويقول موسى أيضا في سفر الخروج " انه ليس مثل الرب إلهنا " ( الخروج 8 / 10 ) ولقد كانت أولى الوصايا العشر التى أنزلها الله على نبيه موسى وشعبه قوله سبحانه " أنا الرب ألهك، لا يكن لك آلهة أخرى أمامي ( الخروج ص 20 / 3 ).

2. وداود عليه السلام، يخاطب الله قائلاً " يا الله من مثلك " ( مزمور 71 / 19 ) ويستطرد داود فى المزمور التسعين مناجياً ربه بقوله " من قبل أن توجد الجبال أو أ بدأت الأرض و المسكونة، منذ الأزل إلى الأبد أنت الله " ( مزمور 90 / 2 ) ثم يخاطب داود إلهه بقوله " لأنك عظيم أنت وصانع عجائب.أنت الله وحدك " ( مزمور 86 / 10 ). ويدعو داود الشعب إلى تعظيم الله الواحد قائلاً " ليسبحوا اسم الرب لأنه قد تعالى اسمه وحده مجده فوق الأرض و السماوات " ( مزمور 148 / 13 ) ثم يخاطب داود أخيرا أصحاب التعدد و التشبيه فى تعجب قائلاً " من هو إله غير الرب ومن هو صخره سوى إلهنا "(مزمور18/13).

3. ونحميا النبي يخاطب الله الواحد بقوله " أنت هو الرب وحدك " ( نحميا 9 / 6 ).

4. ويقول ملاخى النبي " أليس إله واحد خلقنا " ( ملاخى 2 / 10 ) ويتحدث الله فى التوراة عن نفسه مبيناً للناس وحدانيته سبحانه وتعالى ويقول عز وجل " قبلي لم يصور إله وبعدى لا يكون، أنا الرب وليس غيري مخلص " ( اشعياء 43 / 11 ).

ويقول تبارك وتعالى " أنا الأول و أنا الآخر ولا إله غيري " (اشعياء44/6 )ويقول سبحانه "أنا أنا هو، وليس إله معي " ( تثنيه 32 / 39 ) ويقول الله أيضا " أنا الرب، لا أتغير " ( ملاخى 3 / 6 ) يتحدث النبي اشعياء فى استغراب وتعجب إلى أصحاب التشبه والتعدد بقوله " فبمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون به " ( اشعياء 40 / 18 ). ثم يورد اشعياء قول الله معاتباً المجسدين والمشبهين فيقول " بمن تشبهونني وتسوونني وتمثلونني لنتشابه " ( اشعياء 46 / 5 ) حقاً... بمن تشبهون الله، وبمن تساوونه، وبمن تمثلونه ؟ أتشبهونه بأحد مخلوقاته الضعيفة.. أم تساوونه بشيء من الوجود. هذا هو التوراة دستور اليهودية و أساس المسيحية، الكتاب الذي يقدسه اليهود ويؤمن به المسيحيون إذا نقبنا فيه لم نجد كاهنا يتحدث عن الثالوث ولا نبياً يهمس بالتعدد و لا التركيب، ولا شبيه ولا مثيل قال بهذا كافة الأنبياء فى التوراة وكافة أحبار اليهود. ثم رحلت بسفينتي إلى العهد الجديد لنشاهد الشواهد هل من تثليث أم نادت بالتوحيد ؟ هناك عبارات حفظنها دائماً نستدل بها على الثالوث أو لاهوت المسيح ابتدأت أتأملها بعمق و البعد عن حفظ النصوص وأن أكون مردداً لها بلا تفهم معناها. أولا: فى إنجيل متى الرسول " هو ذا العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو أسمه عما نوئيل الذي تفسيره الله معنا " ( متى 1 / 23 ) وهى مأخوذة من نبوة اشعياء النبي " السيد نفسه يعطيكم آيه العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عما نوئيل " ( اشعياء 7 / 14 ) كنت دائماً أقول هذا الاقتباس للتدليل على آلوهيه المسيح. ولكن الإنسان الباحث غير الإنسان الملقن أثناء البحث وجدت التالى. أولاً: هذه المعجزة كانت فى عهد الملك آحاز علامة له على هزيمة أعدائه وقد تمت فى عهده ثانياً: ليس فى نص اشعياء كلمه " الله معنا " تفسير متى عما نوئيل بأنه هو الله معنا، هو تفسير له وحده أداه إليه اجتهاده. ثالثاً: ليس كلام السيد المسيح. رابعاً: السيد المسيح لم يسمى عما نوئيل وحتى إذا أردنا أن ننسب عما نوئيل إلى السيد المسيح ( الله معنا ) بإنه الله فإسماعيل ابن إبراهيم معنى اسمه (الله يسمع ) لكننا لا نقول إسماعيل الله. خامساً: يقول القديس يوحنا " الله لم يره أحد " ( يوحنا ص 1 / 18 ) ويقول القديس بولس فى رسالته الأولى إلى تيموثاوس أن " الله لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه " ( تيموثاوس 1 ص 6 / 16 ) وفى رسالة يوحنا الأولى يقرر أن " الله لم ينظر أحد " (يوحنا ص4/12) نصوص الإنجيل تدل على أن الله لا يراه أحد و المسيح مرئي فلا يكون إلها. بهذا الشكل تفهمنا هذه العبارة على معناها الحقيقي وليس لها أي علاقة بلاهوت المسيح.

ثانياً: النص الثاني الذي كنا نستدل به على لاهوت المسيح و التثليث. ( في إنجيل متى الإصحاح 28 – 19 ) ( اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب و الابن والروح القدس ) وكنت دائماً أقول أن يوحنا الرسول يوضح هذه العقيدة في رسالته الأولى قائلاً " فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب و الكلمة و الروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد " ( الرسالة الأولى ليوحنا الإصحاح الخامس الفقرة 7 ) وفى بشارة الملاك جبرائيل للعذراء مريم يقول " الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظلك فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله " ( إنجيل لوقا الإصحاح الأول الفقرة 35 ) وكنت دائماً بعد قولي هذا أقول أن هذه النصوص تقرر الآتي: 1 - أن الله واحد فى ثلاثة اقانيم متساوية في الجوهر والمجد والكرامة والقدرة

2 - يدل على الوحدانية قول المسيح فى لفظه باسم وليس بأسماء.

3 - أن الأب هو الله – والابن هو الله – والروح القدس هو الله. هذا ما حفظناه وعلمناه لكن ما ورد فى إنجيل متى من أركان التعميد تعتبر من الأركان الخمسة ولم يذكر فى الأناجيل غير متى فقط لكن لما تأملت إنجيل متى هذا النص ورد بعد واقعة الصلب وظهور السيد المسيح ووصى تلاميذه بذلك نعلم أن التعميد من المهمات الدينية فلماذا لم يبلغهم المسيح قبل الصلب ؟ عندما كان يعظهم فى الهيكل هذه الفقرة لفتت نظري وشئ آخر إن الوصية كانت للتلاميذ بحضور يوحنا فلماذا لم يذكرها فى إنجيله ؟

وهى من اعظم أركان دينه و بالعودة للأناجيل لوقا و مرقص و يوحنا أن نص الوصية ( بان يعمدوا بروح القدس فقط ) بدون ذكر الأب و الابن بل فى إنجيل متى نفسه قبل أن يأتي بالعبارة السابقة التى كنت أثبت بها التثليث قال ( سيعمدكم بروح القدس ) فقط وأيضا هذا الكلام يناقض ما حفظناه في ( إنجيل متي الإصحاح 10 الآية 5-6 ) وأيضاً ما وصاهم المسيح به قبل رحيله حيث قال لهم " إلي طريق أمم لا تمضوا، وإلي مدينة للسامريين لا تدخلوا بل أذهبوا بالحري إلي خراف بيت إسرائيل الضالة "، كما أن وجدت من علماء الكتاب المقدس من أنكر النص " أدولف ههرنك " قال " أن إحالة النص المذكور مشكوك فيها، واعتبروا زائفاً متعللاً بعده أسباب.

أولاً: أنه " لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم المسيحية ما يتكلم عن المسيح وهو يلقي مواعظ، ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات وأن بولس لا يعلم شيئا عن هذا "

ثانياً: أن " صيغة التثليث هذه ( التي تتكلم عن الأب، والابن والروح القدس ) غريب ذكرها علي لسان المسيح، ولم يكن لها نفوذ في عصر الرسل، وهو الشيء الذي كانت تبقي جديرة لو أنها صدرت عن المسيح شخصياً "

ثالثاً: أن التثليث اعتمد عام 381 ميلادياً بمجمع القسطنطينية حضرة 150 أسقف وقرروا فيه صيغة التثليث وأن الله واحد في ثلاثة اقانيم هي الأب و الابن والروح القدس أي أن التثليث ما عرف وما كان موجود من قبل ولا أحد من التلاميذ واتباعهم قالوا به. بالنسبة لما ورد فى رسالة يوحنا الأولى: ( فإن الذي يشهدون في السماء هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد ) كانت تعطى أساسا لعقيدة التثليث لكن فقرة التثليث هذه بدأت تختفي من اغلب التراجم الحديثة لأنها لم توجد في اقدم النصوص اليونانية المعول عليها، و إنما وجدت أولا فى نص لاتيني لاحق، ثم انتقلت منه بعد ذلك إلى اللغات الأخرى، فهي من عمل كاتب مجهول أقحمها في المتن إقحاما. يقول بروس مترجم أستاذ لغة العهد الجديد وآدابه " جامعة اكسفورد " لا تظهر هذه الفقرة في مخطوطات الترجمة اللاتينية المعتمدة للكتاب المقدس، قبل حوالي 800 عام ميلادية وعلى أي حال وجدت كثير من علماء الكتاب المقدس يقرون بأنها عبارة مدسوسة، تسألت في نفسي من المسئول عن مصائر الملايين من المسيحيين الذين ماتوا وهم يعتقدون أن عقيدة التثليث التي تعلموها تقوم على نص صريح بالكتاب المقدس بينما هي نص دخيل أقحمته يد كاتب مجهولة. جلست مع نفسي وأنا جالس فى سفينة النجاة تسألت عن الثالوث و أعلل مع نفسي.

1- لا أحد من الأنبياء قبل وبعد المسيح أوصوا بالثالوث كل الأنبياء أوصوا الناس بعباده الله الواحد الأحد، المسيح نفسه ما ذكر ثالوث انه اختراع وتلفيق من قبل القساوسة والكهنة.

2- التوراة، التي نثق بها لا يوجد بها أي إشارة إلي الثالوث الله واحد في التوراة كيف اصبح الله ثلاثة في واحد ؟ أن رب موسى هو رب المسيح كيف يصبح إله موسى واحد وإله المسيح ثلاثة في واحد ؟

3- الثالوث نفسه لا يمكن أن يفهم أو يتخيل كيف يكون الله مكون من ثلاثة آلهة؟

4- أن الثالوث المسيحي عبارة عن أرجوحة بين التوحيد والإشراك بالله يقولون الله الواحد ( لكن في ثلاثة ) أو ثلاثة ( لكن في واحد) كما لو أننا لا يمكن أن نقرر هل الله واحد أم ثلاثة وجعلها مساومة والنتيجة " ثلاثة من واحد " لكن اللغز مازال باقياً فكيف الواحد يمكن أن يكون ثلاثة وكيف الثلاثة يمكن أن يكونوا واحد ؟.

5- المسيح كان مولود ومخلوق من قبل الله فكيف يمكن لمخلوق يوحد الخالق أن يشكل جزء من الثالوث.

6 - المسيح ولد فكيف كان الثالوث قبل ولادته ؟ هل كانوا اثنين وماذا قبل وجود الروح القدس ؟.

7- الروح القدس قد خلق من قبل الله وقبل ذلك ما كان موجود وإذا الثالوث سيكون مستحيل فكيف يمكن أن يكون الثالوث موجود قبل خلق المسيح والروح القدس ؟

8- المسيح كان علي الأرض والله في السماء والروح القدس مثل حمامة ( فلما تعمد يسوع صعد من الماء في الحال، وإذا السماوات قد انفتحت له ورأي روح الله هابطا ونازلاً علية كأنه حمامة –وإذا صوت من السماوات يقول هذا هو أبني الحبيب الذي به سررت كل السرور " ( متي 3/16-17 ) كل من الثلاثة كان شخص مستقل منفصل كل عن الأخر هل يمكن أن يكونوا واحداً ؟ وهم مختلفين في الطبيعة كل واحد علي حده. فكيف يكونوا واحداً

9- طبقاً للإنجيـل مات المسيح بعد صلبه ماذا حدث إلي الثالوث في نفس الوقت المسيح كان ميت هل أصبح الله خلال موته ثلثين؟ هل كان الله يدير الكون بالثلثين ؟

10- المسيح قال " أما ذلك اليوم وتلك الساعة، فلا يعرفها أحد، ولا ملائكة السماوات ولا الابن، إلا ألآب وحدة " ( متي 24-36 ) إذا كان المسيح والروح القدس أدني معرفة من ألآب إذا المسيح والروح القدس ليس مساوياً للأب ولذلك لا يمكن أن يكون متأهلين للاندماج في ثالوث فهم منفصلون عن بعضهم ليس واحد في ثلاثة ولا ثلاثة في واحد.

11- إذا كان المسيح جاء من الأب فهو ملحق له وليس مساوياً له وهكذا لا يمكن أن يكون الله المساوي ولذلك ينهار الثالوث.

12- إذا الروح القدس جاء من الأب كالمسيح وكليهما أدني من الله وهكذا لا يمكن أن يكونا إلهين يتساويا مع الله.

13- كان المسيح يصلي لله ويشكر الله ويسأله بمساعدته هذا برهان على أن المسيح هو مخلوق وهو لا يمكن أن يكون شريك الله أو مساوي له.

14- المسيح قال " أولي الوصايا جميعاً هي: اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد. فأحب الرب إلهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل فكرك وبكل قوتك هذه هي الوصية الأولي " ( مرقص 11 ( 29-30 ) المسيح قال بنفسه الله واحد هو ما قال واحد في ثلاثة أو ثلاثة في واحد.

15- الروح القدس جبريل وجد قبل المسيح وعلي الرغم من هذا العهد القديم ما قال بأن الروح القدس هو الله. لماذا ؟ وكيف أصبح الروح القدس بعد ولادة المسيح هو الله ؟ الروح القدس ملاك لكن فجأة الكنيسة رقته إلي رتبه إله.

16- إذا كان الله ثلاثة في واحد ماذا يحدث إذا الثلاثة أقانيم اختلفوا ؟ لقد كان المسيح حريصاً علي أنه لا يصلب هل تم التصويت ؟ هل أصواتهم ستكون متساوية ؟ ماذا إذا أصر أحد الأقانيم علي رأيه ؟ كل هذه التساؤلات تدل علي أن مسألة التثليث ما كانت معروفة للمسيح نفسه وما أحد من الرسل قال بها.

نص أخر كنت دائماً أقوله في المواعظ " في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله " ( إنجيل يوحنا 1:1 ) كنت أستدل علي لاهوت المسيح أيضاً بها ولكي نفهم هذا النص نعود للنص الأصلي باللغة اليونانية kai ho logos en pros tontheon kai theos en ho logos نلاحظ أن كلمة الله في اليونانية استخدمت كلمتان مرة ( تونثيوس ) ومرة استخدمت ( هوثيوس ) فكلمة هوثيوس الله أو إله و هذه الكلمة للأسف الشديد استخدمت للشيطان في 2 كورنثوس 4:4 ( الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمي أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله ) استخدم لفظ " هوثيوس " ( في سفر الخروج ( 7:1) فقال الرب لموسى انظر أنا جعلتك إلها لفرعون وهارون أخوك يكون نبيك ). وأيضا في ( سفر الخروج 4:16 ) وهو يكلم الشعب عنك وهو يكون لك فما وأنت تكون له إلها ) هل معني ذلك أن موسى أصبح الله بالطبع لا. شيء أخر المسيح لم يقل هو بنفسه مقدمة إنجيل يوحنا ولكن كما ذكر كثيراً من المؤرخين هذه العبارة من قول فيلو الإسكندرانى الذي كان موجود قبل يوحنا وكتاباته المشهورة والتي كانت تخرج من مكتبه الإسكندرية ( 20 ق. م – 50ب. م ) قبل ظهور إنجيل يوحنا عام 98 ب. م.

الشيء الآخر إساءة ترجمة النص لأنه لو قلنا " في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله " ( تجعل فرق بين الكلمة و الله ) ونجعلهم كيانان ومعنى ذلك الهان. الشيء الآخر وهو أن هل كتب وتكلم يوحنا اليونانية ؟بالطبع لا ولكن عند الترجمة يتم ترجمة سيئة أحياً ولذلك هناك ترجمات لهذه العبارة بصورة التالية " في البداية الكلمة وجدت والكلمة كانت مع الله والكلمة كانت قديسة ". الخلاصة أن هذا النص لم يقله المسيح ولم يدعوا له المسيح ولم يقل أنا الله فيعبدوني أو أنا ثالث ثلاثة، يقول القديس بولس في رسالته الأولي إلي صديقة تيموثاوس " لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يوسع المسيح " (تيموثاوس 2/5 ) أما يعقوب الحواري فيقول ( أنت تأمن أن الله واحد حسناً تفعل ) ( يعقوب 2/19 ).

ويورد الإصحاح الخامس في إنجيل يوحنا قول السيد المسيح عليه السلام معنفا قومه اليهود علي عدم إيمانهم بالله الواحد بقوله " كيف تقدرون أن تؤمنوا وانتم تقبلون مجدا بعضكم من بعض والمجد الذي من الآلة الواحد لستم تطلبونه " ( يوحنا 5/44 ) فالسيد المسيح هنا يعنف بني إسرائيل علي زيفهم وضلالهم وعدم اعتمادهم علي الله الواحد، معتمدين علي المخلوقات الثانية. يحدثنا القديس مرقص في إنجيله أنه بينما كان السيد المسيح جالساً مع تلاميذه وحواريه يشرح لهم تعاليم الله أتاه أحد الناس يسأله " أي وصيه هي أول الكل.. فأجاب يسوع: إن أول الكل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد. وتحب الرب إلهك من كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الأولي " ويستحسن الرجل قول السيد المسيح، ويتيقن بذلك من صدق نبوته فيرد عليه قائلاً " جيداً يا معلم بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه.. " لإنجيل مرقص 12/29-30) ونفس الحادثة يوردها إنجيلي متى ولوقا وفيها يقرر السيد المسيح أن أول كل الوصايا ولباب الدين وأساسه، هي توحيد الله وحبه وعبادته سبحانه بكل قوانا وقدراتنا، ومن كل فكرنا وعمق قلوبنا. وحين يسمع السائل ذلك يطمئن إلى صدق السيد المسيح، ويؤمن بحقيقة رسالته ويتأكد انه نبي مرسل من قبل الله الواحد الذي يدعو إليه كافة الأنبياء وتخضع له كافة المخلوقات.

ويحدثنا القديس متى فى إنجيله انه بينما كان السيد المسيح يسير في الطريق " وإذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح، أي صلاح اعمل لتكون لي الحياة الأبدية، فقال له: لماذا تدعوني صالحاً ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله، ولكن إذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا.. " وهذه الحادثة مذكورة أيضاً في الإصحاح العاشر من إنجيل مرقص، وفيها نري أحد الأشخاص يسأل السيد المسيح طالباً منه أن يرشده إلي الأعمال الخيرة التي تؤدي به إلي دخول الجنة وقبل أن يبدأ الرجل سؤاله فإنه يخاطب السيد المسيح في إجلال وتقدير " أيها المعلم الصالح " ولكن السيد المسيح الإنسان بدلاً من أن يسر بهذه التسمية، وبنعمة بوصف الصلاح فإنه يثور ويغضب رافضاً بشدة أن ينسب إليه الصلاح أو أن تخلع عليه صفة من صفات الله، فالسيد المسيح بشر خاضع لقانون الصواب والخطأ، لا يمكن أن يكون دوماً صالحاً ولكن الصلاح لله وحده، وهذا ما دعا السيد المسيح إلي أن يحرص قبل إجابة السائل علي سؤاله أن يزيل من ذهنه ما التبس عليه موضحاً ومؤكداً وحدانية الله، واختصاصه سبحانه بكل صفات الصلاح والكمال التي لا يشاركه فيها أحد.

ثم يأتي إبليس الرجيم محاولاً غواية المسيح، محرضاً إياه علي الإشراك بالله أو السجود لغير مولاه، عارضاً عليه ممالك الأرض وخزائن الدنيا، ولكن السيد المسيح الرسول الأمين والنبي العظيم ينتصر علي التجربة ويقهر عبث الشيطان ثم ينهره قائلاً " اذهب عني يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد.. "( إنجيل متى 4/10 ). وفي الإصحاح السابع عشر من إنجيل يوحنا يورد القديس مناجاة السيد المسيح لربه الواحد وفي هذه المناجاة يبين المسيح للناس طريق الحق طريق الحياة الأبدية، طريق جنات النعيم، يقول المسيح لربه " هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك، أنت الإله الحقيقي وحدك " ( يوحنا 17/2 ).

نعم لقد صدق السيد المسيح أن طريق الفردوس هو التوحيد أما طريق الجحيم فهو الشرك والتثليث والتعدد، نعم لقد صدق السيد المسيح أنت يا رب وحدك الإله الحق، وليس غيرك إلا الزيف والزور والبهتان أنت يا رب وحدك الإله الحقيقي أما الباقون فآلهة مزيفون وسادة مشوهون إبتدعهم خيال المرضي وأحلام الواهمين فماذا عما كنا نعلم الناس وخصوصاً من المنطق والفلسفة للإقناع الأخريين " إن الذات والد للنطق فيقال له الأب والنطق مولود من الذات فيقال له الابن والحياة منبعثة من الذات فيقال له الروح القدس. فالله الأب قائم بذاته، ناطق بخاصية الابن الذي هو النطق، هي بخاصية الحياة التي هي روح القدس والله الروح القدس قائم بخاصية الذات الذي هو الأب، ناطق بخاصية النطق الذي هو الابن، هي بخاصيته التي هي الحياة. فأي منطق هذا ؟ وأي عقل يدرك هذا ؟ وأي لسان ينطق بهذا وقول به ؟ وهل فهمتوا حاجة ؟.

وإذا كان الأب قائماً بذاته، والله الابن قائماً بخاصية الذات الذي هو الأب فعلا هذا التشابك والتمزق أو التدخل والتفرق في أن واحد ؟ وكيف يقوم الثلاثة بخاصية الذات، ثم ينطقون بخاصية الابن ؟ وكيف يحيون جميعاً بخاصية الحياة التي هي الروح القدس ؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلي جواب ثاني لكي تفسر كل هذه الخزعبلات والأساطير، وهذا آخر يقول " إن تسمية الثالوث باسم الأب والابن والروح القدس تعد أعماقا إلهية سماوية لا يجوز لنا أن نتفلسف في تفكيكها وتحليلها أو نلصق بها أفكاراً من عندنا ".

وثالث يقول: " إن الأقانيم ليست مجرد أسماء تطلق علي الله أو مجرد صفات بها، بل ثلاث شخصيات متميزة غير منفصلة متساوية فائقة عن التصور. ومنهم من مثل الله الثالوث، بالشمس فالشمس تتكون من ثلاثة عناصر و أجرام هي جرم الشمس، وشعاع الشمس، وحرارة الشمس، فالشعاع منبعث من الجرم، والحرارة منبعثة من الشعاع، والجرم والكل شمس واحدة.وآخرون مثلوا الله بالشجرة لها أصل وساق وثمر والشجرة واحدة وآخرون مثلوه بينبوع أو فتيل الشمعة.

إلي آخر تلك التشبيهات لقد كثرت التأويلات والتشبيهات، وتداخلت الشروح والتحليلات حتى تحولت إلي خرافات وأساطير وأخر يقول أن كنا نحاول تفسير وحدانية الله تفسيراً حرفياً مطلقاً. كما يفعل بعض العقلانيين فالكتاب المقدس يصبح كتابا مملؤاً بالمتناقضات، ويصير المسيح مجرد إنسان ذي نزعة دينية لكن لا يمكن أن يكون هناك إيمان بدون عقل ولا عقل بدون إيمان. أما فريضة إلغاء العقل لكي نؤمن فلا يصبح فرق بيننا وبين الأنعام هذه الخرافات والأساطير لا يقرها دين ولا يقتنع بها عقل أو منطق، تسبح في متاهات وظنون ويسبح معها العقل في عالم الخيال واللامعقول علاوة على ما منحوه لكل أقنوم من الأقانيم الثلاثة من صفات وخصائص.

وكيف يكون المسيح إله و" ابن الله " وقد أقر بعبوديته وشهد ببشر يته وقد جاءت الأدلة الدامغة علي تلك البشرية بكل ما لها وما عليها وحرص دائماً في أحاديثه مع الناس أن يصف نفسه وما فيها من قوة وضعف، وغضب وخوف، وحزن وبكاء وتعب، ويأكل ويشرب كما يأكل ويشرب البشر كما قررت الأناجيل كما في متي 18-21، ( يوحنا 70:4 ) وينام ويخلد إلي الراحة كما في مرقص (4: 35 –40 ) ولوقا( 7:22-24) متي ( 8:23-27 ) ويصلي ويدعوا.. إلي أخر ما يفعله الإنسان وما يقوم به البشر وقد حرص دائماً في أحاديثه مع الناس أن يصف نفسه بهذا اللقب " ابن الإنسان " الذي امتلأت الأناجيل وازدحمت به، ويردده كثيراً ليوقظ أصحاب الفطر السليمة و العقول المستقيمة، هادماً كل المراتب التي رفعوه إليها ومنحوه إياها، فقد رفعه بعضهم إلى مرتبة الألهه ثم اختلفوا حول طبيعة الإلهية، هل هو إله خالص، أم شخصية مزدوجة نصفها إله ونصفها إنسان ؟ وهل هو ذات الله أم يعنى الله ؟ واقترب به بعضهم إلى درجة أدنى من الملائكة، وساواه بعضهم بالملائكة، وارتفع به آخرون إلى مرتبة أعلى من الملائكة. قال البعض انه إنسان ثم دب بين هؤلاء البعض الخلاف، هل هو نبي أم إنسان عادى ؟ وهل كان صالحاً أم فاسداً، باراً أم شريراً، طيباً أم مشعوذاً صادقاً أم كاذباً، عاقلاً أم مجنوناً، عبد الله أم حليفاً للشيطان. بعد هذه الرحلة لو أظهرت كل ذلك هل سيكون مصيري المصلح الأسباني " سرفتيوس " الذي جهر بالوحدانية لله وإنكار الثالوث فيقرر إحراقه حياً سنة 1553 م.

بالطبع الإنسان بعد ما يصل إلى الحق لا يخاف الموت بل يجد اللذة عندما يموت وهو على حق. تسألت ما هو دين الحق ؟ وكيف اختاره ؟ فوضعت بحثي هذا في مسألة العقيدة في الله وصحة الكتاب الذي جاء به كل نبي فى وقتنا الحاضر من واقع التاريخ والعبادات وبعد دراسة مستفيضة وحيادية وبعد هذه الرحلة الشاقة الطويلة التي قطعتها قبل اختيار دين الحق منقبا عن الحقيقة الساطعة طالباً الهداية و السداد، راجياً أن أصل إلى ما ترتاح إليه نفسي وتستقيم عليه فطرتي التي خلقها الله سوية مستقيمة، فوصلت ظافراً بفضل الله ورحمته لبر الآمان فأعلنت إسلامي بقولي ( لا اله إلا الله محمد رسول الله ) عن علم وقناعه ويقين " ولدت ل اعبد المسيح وارفعه إلها فوق الألهه، فلما شببت شككت، فبحثت عن الحقيقة ونقبت فعرفت، وناداني المسيح يا عبد الله أنا بشر مثلك، فلا تشرك بالخالق وتعبد المخلوق، ولكن اقتدى بي واعبده معي ودعنا نبتهل له سوياً ( أبانا و إلهنا حمدك و سبحانك رب العالمين وإياك نعبد وإياك نستعين ).

يا عبد الله أنا وأنت وباقي الناس عبيد الرحمن. فآمنت بالله وصدقت المسيح وكفرت بالالهه المصنوعة. تسميت بعد إسلامي باسم " محمد " تيمنا باسم سيد الخلق محمد نبي الرحمة ونبي الحب الذي رفع " قيمة الحب ومكانته في حياة الناس وبعد مماتهم ودلل على أهمية الحب في الدنيا و الآخرة. وصدق الحق إذ يقول "فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ " سورة الأنعام 125.

وقد تم محاولة طمسي عن الناس كتبي وتم حرق سيارتي ولكن" يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(سورة التوبة 32).

لي من الكتب " الله واحد أم الثالوث " " المسيح إنسان آم إله " " محمد نبي الحب " هذه هي رحلتي من التثليث إلى التوحيد ومن الشرك للتوحيد ومن الظلمة إلى النور اهديها لكل من يريد معرفة الحق وطريق النجاة أسئل الله الهداية لمن يريد وينور له قلبه.
وعقله اللهم أمين

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:51 PM
قصة إسلام الدكتور وديع أحمد فتحي الشماس السابق/ فيديو


https://www.youtube.com/watch?v=yYhG1xBD504

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:54 PM
هل أسلم هذا البابا قبل موته؟
للباحث : الشيخ عبد المجيد الزنداني


إعداد: طارق عبده اسماعيل

باحث في الطب النبوي

لقد أعلن الشيخ عبد المجيد الزنداني: أن مخطوطات قمران قد تكون تسببت في موت بابا الفاتيكان يوحنا الثالث والعشرون1963م، عندما حاول الإعتراف والإعلان عن أن هذه المخطوطات قد بينت شخصية المسيح الحق كما يدين به المسلمون، وأن دين الإسلام هو الدين الحق، والمسلمون هم الفرقة الناجية، وحينها إعترض سفير إسرائيل لدى الفاتيكان على دعوة البابا، ثم ما لبثوا أن وجدوا البابا ميت على فراشه، وبعد ذلك عاد الفاتيكان لسابق عهده في عداوته للحق والإسلام، وإخفاء حقيقة المخطوطات .


https://www.youtube.com/watch?v=6eJuYmcgKTo

مقطع فيديو يعلن فيه الشيخ الزنداني أمر بابا الفاتيكان مع مخطوطات البحر الميت.

ولكن ما هي مخطوطات البحر الميت بقمران؟
في التاسع من أغسطس عام 1947 كان صبيان من بدو التعامرة، هما محمد الذيب (10 سنوات) ومحمد حامد (12 سنة) يرعيان الأغنام في خربة قمران، حين عثرا في إحدى الكهوف على لفائف من الجلد العتيق عليها كتابة ما، وهي المجموعة الأولى لما عُرف فيما بعد بمخطوطات البحر الميت؛ ولأن الصبيين لا يعرفان القراءة، فقد ذهبا إلى شيخ مسلم في سوق بيت لحم أدرك أن الكتابة سريانية، وأشار إليهما بمراجعة التاجر خليل اسكندر شاهين، الذي اتصل بدوره بالتاجر السرياني جورج شعيا، الذي بادر بإعلام المطران يشوع صموئيل في دير مار مرقص للسريان الأرثوذكس بالقدس القديمة، وقد أدرك يشوع صموئيل أن الكتابة سريانية، وإشتراها بمبلغ زهيد، ثم ترك القدس متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وما إن ذاع نبأ اكتشاف هذه المخطوطات حتى بدأت أعمال التنقيب في سفوح التلال المكشوفة على البحر الميت عام 1949 لسنوات عدة، كانت بطرق شرعية وغير شرعية. وفي عام 1960 تجمع في المتحف الفلسطيني جزء مهم من المخطوطات المكتشفة، وعكف على دراستها مجموعة مهمة من الباحثين؛ منهم العالم الفرنسي الأب رولان ديفو، وكانت مؤلفاته حول الموضوع مرجعاً أساسياً، وعالم الآثار الإسرائيلي أهارون كمبيسكي الذي قال: إذا قبلنا بيهودية جماعة قمران، فهذا يعني بطلان اليهودية الحالية.
تم إكتشاف ما لا يقل عن 600 مخطوط، تقارب أربعين ألف صفحة ووثيقة معظمها باللغة العبرانية القديمة والآرامية وقليل باليونانية، وهي مكتوبة على أوراق البردى وجلد الغزلان والماعز، ويعود زمن تدوينها إلى (200 ق.م - 70م) وهي تحوي على كل أسفار العهد القديم المعتمدة عند اليهود والنصارى، مع الكثير من التحريف، وحوالي ثلثي المخطوطات (خمسة عشر ألف صفحة) هي لكتب غير موجودة بالعهد القديم الآن.
يقول الله تعالى: (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [الأنعام آية 91].
ويقول تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) [المائدة آية 15].
أخفيت هذه الكتب من ألفي عام، ولم تظهر الا في قمران البحر الميت!!
والأدهى أن أمر إخفاء كتبهم المقدسة لازال يحدث حتى الآن!! مصدقا لقول الله تعالى العالم بالسر وأخفى:
(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة 13].
عندما ظهرت هذه المخطوطات بدأ المحققون والعلماء بنشرها على هيئة سلسلة منDJD DISCOVERIES IN THE JUDAEAN DESERT
كان النشر بطيئا جدا، ثم حدث ما كان في الحسبان، فقد بدأت السلطات الإسرائيلية بمنع الاطلاع على المخطوطات، وبعد كثير من المحاولات سمحت السلطات الاسرائيلية بالاطلاع على المخطوطات فقط لمن تراه مناسبا ليطلع عليها من العلماء المؤهلين من وجهة نظرها!!! وكانوا ثمانية معظمهم من اليهود!! واشترطوا عليهم ألا يقوم بنشر أي أحد منهم صورة لمخطوطة أو عرض نصها، بل فقط يمكنه نشر استنتاجاته أو ترجمات بعض الفقرات، والتي توافق عليها السلطات الإسرائيلية.
وهذا يدل على أنهم يخفون وراء هذه المخطوطات ما لا يعلمه الا الله سبحانه، وبدأت الكتب تظهر مرة اخرى بالشروط المتفق عليها!! فلا يظهر من المخطوطات شيء إلا بإذن السلطات الإسرائيلية.
فمما سبق يتضح أن الحصول على بشارة واضحة من المخطوطات يكاد يكون مستحيل!! ولكن بفضل الله الحق ساطع مهما فعلوا، والله الموفق .
فالمخطوطات تحوي كتبهم المخفية والثانوية مثل: أخنون، وتهاليل، ووصايا الآباء الاثنتي عشرة، ووصية لاوي، إضافة إلى كتب طائفة الإيسينيين، وهي (كتاب النظام)، ويمثل عقائد هذه الطائفة اليهودية، ولهذا السفر ملحقان: الأول بعنوان (الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلمة)، وبالمخطوطات أيضاً مايسمى (وثيقة دمشق)، وهي تتتكلم عن شدائد تحيق بمعلم الصلاح، ويُضاف إلى ذلك سفري الوصايا وتراتيل الحمد والشكر، وهما محور كتابنا هذا، وهناك بعض المخطوطات التفسيرية لسفر حبقوق والمزامير، وفيه ذكر للشدائد التي ستحل بالجيل الأخير، وهناك الكثير من جذاذات ومخطوطات أخرى منها مخطوط (لاماك)، وهو مكتوب باللغة الآرامية في تسعة عشر عموداً، تتضمن تعليمات إدارة الحرب بين أبناء النور والظلمة.
ويقول خبراء الآثار: إن هذه المخطوطات تعود أهميتها إلى أنها تحتوي على أقدم نص مدون للتوراة وللديانة اليهودية، كشف عن اختلافات جوهرية بينه وبين المعروف منها حالياً.
وهذا هو السر الذي جعل حكومة إسرائيل تعمل على إخفاء الكثير من المخطوطات، بالإضافة لإحتواء المخطوطات أيضاً على أمر ما سيهدم كل من اليهودية والمسيحية الموجودتان الآن معاً؛ وهو صفات معلم الصلاح المفترض أنه الشخصية المحورية لهذه الطائفة، وسيتضح أنه هو المسيح بن مريم مع إنجيله الأول بين طائفته الحوارية، وكشف هذا الأمر بالتالي سيظهر هيمنة الإسلام على كل الأديان السابقة، وأنه الدين الحق الخاتم.
لقد أكد إجماع الدارسين وعلماء الآثار على أن تجاراً ومسؤولين ورجال دين قد اشتركوا جميعهم في تهريب الكثير من هذه المخطوطات إلى الإسرائيليين، وحين استكملت إسرائيل احتلالها لفلسطين سيطرت على كل محتويات المتحف الفلسطيني المعروف باسم رُكفلر، وهو متحف دولي أُسس في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، وكان يضم علماء آثار من مختلف بقاع العالم أتوا للتنقيب والدراسات والحفريات، فحينما استولت إسرائيل على الضفة الغربية نقلت المخطوطات إلى متحف إسرائيلي، هو متحف الكتاب المقدس في القدس الغربية، الذي أصبح يؤمه الناس من أنحاء العالم الآن؛ لمشاهدة بعض المخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية.

ولابد هنا أن نبين الحكمة العظيمة من ظهور هذه المخطوطات قدراً بفلسطين التي كانت أرض اليهودية فترة من الزمن، فهذه المخطوطات هي مكتبة لطائفة منهم عاشت أجيالها من قبل المسيح بمائتي عام، حتى عاصرت عهده، وظلت بعده أربعين عاما كما هو مذكور في مخطوطاتهم قبل تركهم لهذا المكان، وهي طائفة يهودية متدينة زاهدة مثالية في أخلاقها ومعاملاتها، قد اعتزلت القدس ومدن اليهودية بسبب فسادهم وبعدهم عن شريعة موسى عليه السلام، وأقامت وطن لها بوادي قمران أمام كهوف البرية التي على شاطئ البحر الميت، وأطلقت على مكان هجرتها هذا مسمى (دمشق)، وامتدت قرى أتباعها ببرية الشام حتى مدينة دمشق التي هي العاصمة السورية الآن، ولما أرسل الله سبحانه المسيح بن مريم آمنوا به وناصروه.
وجعلت الطائفة كهوف قمران مكان مكتبتها الدينية، وتركت هذه المكتبة بهذه الكهوف عندما غادرت أول موطنها بدمشق قمران إلى آخر موطن ببرية دمشق والمعروفة حالياً كما قلنا بدمشق العاصمة السورية، وذلك بسبب نفوذ الجيش الروماني بالمنطقة؛ لقربها من القدس عند حصاره لها، وتدميره الهيكل عام 70م.
وظلت هذه المخطوطات المقدسة محفوظة في قوارير ضخمة من الفخار مغطاة لمدة ألفين عام تقريباً، حتى تم العثور عليها -قدراً- كما ذكرنا، والرائع في هذه المعجزة أن هذه المخطوطات ظهرت بين سيطرة محتلين ليسوا من المسلمين إطلاقاً، وذلك حتى تقام الحجة الدامغة على اليهود والمسيحيين مما سوف تظهره هذه المخطوطات من بشارات بدين الإسلام، وأنه الدين الخاتم، وما عداه من يهودية ومسيحية هي بقايا أديان سماوية قد تغيرت إلى الوثنية.
فبداية ظهور المخطوطات كانت مع المحتل الإنجليزي، وتولى أمرها المسيحيين الكاثوليك الأجانب، ثم إنتقلت بعد ذلك للمحتل اليهودي الإسرائيلي، والأروع فيما مضى أن بداية الظهور لهذه المخطوطات كان عام 1947م حينما ادعى اليهود أحقيتهم بأرض فلسطين، وسخروا العالم أجمع لهم من خلال دول الإستعمار المسيحية وأخطبوط الصهيونية العالمية لإقامة هذا الوطن المغتصب، فجاءت هذه المخطوطات وهذا الإنجيل المكتشف بهذه الأرض المغتصبة في وقت إعلان قيام دولتهم إسرائيل؛ ليظهرهم على حقيقتهم المرعبة في أنهم شر قوم سكنوا هذه الأرض، ولا حق لهم فيها بعد كفرهم وفسادهم .

صراع المخطوطات مع حكومة إسرائيل والفاتيكان:
لقد جعل الله سبحانه لليهود رغبة عارمة في الإعلان عن هذه المخطوطات، وذلك لإثبات أن لهم تاريخ قديم بهذه الأرض، وأحقية بها من وجهة نظرهم، ولولا هذه الرغبة ما خرجت هذه المخطوطات من رهن الإعتقال إلى النور أبداً، بإستثناء القليل منها الذي فر من قبضتهم عند بداية الإكتشاف، وتم نشره، لقد بدا لهم بعد أربعون عاماً من منع نشرها والإقتراب منها أن يظهروا أجزاء أخرى بسيطة من هذه المخطوطات، ولكن ما دار بالخفاء في هذه السنيين الطويلة لأمر عظيم سواء على يد المحتل الإنجليزي المسيحي أو المحتل اليهودي الإسرائيلي، فقد قال مايكل بيجنت وريتشارد لي في كتابهما الذي صدر بلندن: (خداع مخطوطات البحر الميت) عام 1991م: أن الإيكول بيبليك المسيطرة على أعمال اللجنة المسئولة عن المخطوطات تخضع لبابا الفاتيكان مباشرةً، الذي يتدخل في عملية النشر والترجمة، ويمنع ما يخالف العقائد المسيحية، وأن هذا الولاء سوف يهدد بضياع المخطوطات والمعلومات التي تتعارض مع الفاتيكان. وظهرت أقوال أخرى بأن الفاتيكان والحكومة الإسرائيلية إتفقتا على ألا تخرج هذه المخطوطات بما يزعزع العالم المسيحي والدولة الإسرائيلية.
لقد أثبتت المخطوطات أن المسيح لم يصلب ولم يقتل؛ كما أخبر القرآن الكريم، وأنه بشر، وليس إله، ولا إبناً لله .
ولذا فغالب الظن أن مدة الأربعين سنة هذه قد تم فيها الحذف بتفتييت الجمل والكلمات التي تتعارض مباشرة مع العقائد المسيحية واليهودية، وكذلك بالطبع حذف المواضيع والبشارات التي تصب في صالح النبي الخاتم والدين الإسلامي، وهذا ملاحظ في سياق المخطوطات وتفتيتها في مواضع معينة، وسقوط صفحات كاملة أحياناً، ويؤيد ذلك أن معظم المخطوطات إلى الآن ممنوع أن يقترب منه أي أحد مهما كان قدره غير أعضاء اللجنة الإسرائيلية وجلهم يهود، ثم ظهرت حملة إعلامية كبرى في عام 1991م في الصحف الأمريكية؛ مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست، تهاجم مجموعة الباحثين المسئولين عن مخطوطات قمران والبحر الميت، وتتهمهم بالإشتراك في مؤامرة يحيكها الفاتيكان لمنع نشر بعض ما ورد بنصوص هذه المخطوطات.
وأخيراً بعد أن انتهوا من تدبير أمرهم مع هذه المخطوطات بحذف وتفتييت المواضع التي تتعارض مع دين أربابهم وطواغيتهم كما سنرى، قام البعض من هؤلاء المسؤولين اليهود بترجمة بعض هذه المخطوطات من الآرامية والعبرانية القديمة إلى الإنجليزية، وبعض اللغات العالمية الأخرى، وكان أشهرها ترجمة غيزا فيرمز وأندريه سومر، ثم مؤخراً تم ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية علي يد الدكتور سهيل زكار عن غيزا فيرمز، وقام موسى ديب خوري بترجمة كتاب مخطوطات قمران لأندريه سومر، وكانت كلتا الترجمتين منذ بضع سنوات قليلة قبل نهاية القرن العشرين، ولقد اعتمدت في معظم بحثي هذا على ترجمة الاستاذ الدكتور سهيل زكار عن المترجم غيزا فيرمز المعروفة بعنوان: (النصوص الكاملة لمخطوطات البحر الميت لغيزا فيرمز).
وتلك الترجمات كلها كانت للمخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية فقط، أو التي تسربت من سلطتها في بداية الاكتشاف، فمعظم ما تم نشره من مخطوطات بعد سماح الحكومة الإسرائيلية لا يتعدي واحد بالمائة مما تم الإعلان عنه وقت الاكتشاف على يد المحتل الإنجليزي عام 1947م، ولقد قامت الحكومة الإسرائيلية بعدة تمثيليات؛ منها الإيهام بتسرب صور المخطوطات كلها إلى إحدى الجامعات الكندية والتي بدورها أعلنت عنها، ولكن المهتمين بالأمر وجدوا أن الموضوع برمته ماهو إلا تمثيلية حقيرة للسطو على باقي المخطوطات، وعدم الإفصاح عنها، وأصبح معظم المخطوطات مخبأة ما بين أرشيف المتحف العبري أمام مبنى الكنيست الإسرائيلي، وأرشيف مكتبة الفاتيكان، ومحاطة بسريّة تامة حتى لا تر النور أبداً!!!

ولقد قامت بعد ذلك حوارات ومؤتمرات بصدد هذه المخطوطات، كان منها مؤتمر حدثت به مفاجأة عظيمة وبعيدة عن الإتجاه السائد لدى الباحثين المسؤولين عن المخطوطات، وهو المؤتمر الشهير الذي عقد في جامعة نيويورك عام 1993م ، بين العالمان الأمريكيان Robert Eiseman أستاذ الأديان في قسم الدراسات الشرقية في جامعة كاليفورنيا، والدكتور Michael Wise أستاذ اللغة الآرامية في جامعة شيكاغو.
يتبع

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:56 PM
قال الأستاذ الدكتور Robert Eisenman:
1- إن الفحص الكربوني لمعرفة تاريخ اللفائف فحص غير دقيق، ولهذا فإن الفحص بهذه الطريفة لم يستطع أن يعطي تاريخ وثيقة دمشق 'Damascus Document' ولا تاريخCommunity Rule ، ولم يعط أيضاً تاريخ الوثائق المعروفة باسم: "MMT " وبجانب ذلك فإن من المعلوم أن فحص الكربون لا يعطي نتيجة دقيقة، ولهذا فلا بد من إعطاء مجال لاحتمال الخطأ من خمسين إلى مائة سنة، فبعد ذلك تكون النتيجة صحيحة وهي أن اللفائف جاءت بعد الميلاد.
2- إن صورة عيسى في الأناجيل تختلف عن صورته في لفائف البحر الميت، فاللفائف تعطي الصورة الحقيقيـة لما حدث في القرنين الأول قبل الميلاد والأول بعد الميـلاد، وإذا قارنا بين محتويات لفائف قمران مع محتويات الأناجيل نجد أن الأناجيل لسيت تاريخاً، ولكنها شيء آخر، فهي نوع من الرومانسيات اليونانية، ومهما يكن عيسى فلم يكن كالصورة التي وجدناها في الأناجيل، ولكن أقرب بكثير للصورة التي جاءت في لفائف قمران. وصحيح أن المسيحية التي نراها اليوم فهي مسيحية سلام بينما ما ورد في لفائف قمران فإنها تتحدث عن حركة مسيحية مسلحة في فلسطين تدعو إلى الحرب ضد الشر الذي على الأرض، وهذا يتناقض كلياً مع الصورة التي أمامنا عن المسيحية الحالية.
وبعد ذلك رد الدكتور Lawrence بغضب وبصوت مرتفع أمام الحضور بقوله: "هذا يعني أنك تنطلق من منطلقات إسلامية، فأنت إذن مسلم؟" فرد عليه بغيظ وقال له: "نعم أنا مسلم" .
وهنا يتضح أن معظم القائمين على هذه المخطوطات من باحثين يهود ومسيحيين قد بذلوا محاولات مضنية للبحث في هذه المخطوطات عن شخصية المسيح التي رسمتها الأناجيل الحالية وطال البحث ولم يجدوه، فليس هناك وصف بهذه المخطوطات لمحاكمة ابن الله، وليس هناك ذكر لعملية الصلب والقتل، وليس هناك هذا الإله المتجسد كما تحكي الأناجيل الحالية، وليس هناك قيامة من القبر، وليس هناك دعوة لنشر المسيحية بين العالم كدين عالمي يخص بني إسرائيل وغيرهم... إلى غير ذلك من إختلافات كثيرة مع مبادئ المسيحية والأناجيل الموجودة الحالية، مما دفع هؤلاء القوم من يهود ومسيحيين قائمين على ترجمة وفحص هذه المخطوطات إلى القول بعدم وجود ذكر للمسيح وإنجيله بهذه المخطوطات إلا القليل منهم على استحياء، وقد تعرضوا لنقد لاذع في جو من السخرية والتهكم، وعلى النقيض قد ذهب بعضهم وشكك في وجود شخصية المسيح التاريخية، مثل (جون أليجرو) وهو بريطاني من جامعة مانشستر، وعضو من أعضاء اللجنة الثمانية المسموح لها فقط بالإطلاع على المخطوطات، واعتبر هذا أن قصة المسيح برمتها مجرد وهم، وهذا الاعتقاد الأخير فيه جانب من الحق والصدق؛ لإنه بالفعل شخصية المسيح ابن الله المصلوب، وخروجه من القبر.. وغيرها من معالم المسيحية الحالية هي مجرد وهم مخالف للحقيقة، فبالفعل قد تم تزييف التاريخ المسيحي في هذه القصة المهمة.
ولقد كان قول المسؤولين عن المخطوطات مكرر كثيراً بأن الشخصية المحورية التي قامت عليها المخطوطات (معلم الحق والصلاح) كانت قبل الميلاد، وكان لهذا القول تأثير قوي جداً لإبعاد أي محاولات لإثبات أن هذه الشخصية هي بعينها المسيح عيسى ابن مريم؛ لإن ذلك الإثبات سيهدم العقيدة الدينية والسياسية لكيان دولة إسرائيل، ودولة الفاتيكان، ومايتبعهما من تداعيات على اليهود والمسيحيين في العالم أجمع، فشخصية معلم الحق والصلاح تمثل محور المخطوطات، وقاعدة وهيكل البناء كله وماعدا ذلك مجرد تفاصيل داخلية وكماليات لهذا الصرح الذي يمثل هذه الطائفة. ولذا نجد في أقوال الكثير من هؤلاء المسؤولين عن المخطوطات؛ تأكيدهم المتواصل بأن معلم الحق والصلاح كان تاريخ ظهوره قبل الميلاد بقرن أو قرنيين من الزمان، أو أنه يمثل أول معلم لهذه الطائفة عند بداية ظهورها قبل الميلاد بمائتي عام، في حين أن قانون الطائفة نفسها الموجود بهذه المخطوطات يبين أن معلم الحق والصلاح هو آخر معلمي هذه الطائفة، ففي الترجمة العربية للاستاذ الدكتور سهيل زكار بالطبعة الأولى نجد في قانون الطائفة بيان للقواعد التي يجب أن يسير عليها معلم الصلاح:
(يجب أن تنسق كل معارفه المكتشفه خلال العصور ويقومها مع مبادئ عصره.. عليه أن يخفي تعاليم الشريعة عن رجال الكذب، ولكن عليه أن يفضي بالمعرفة الصحيحة والحكم والعدل لأولئك الذين اختاروا الطريق القويم، وعليه أن يرشدهم إلى كل المعارف حسب روح كل منهم وطبقاً لقوانيين العصر)..

قانون الطائفة:
إن هذه المواد القانونية عندهم تعني بلا شك أن شخصية معلم الحق والصلاح هي الشخصية الأخيرة التي بعثت من عند الله لبني إسرائيل؛ لأنه سيقوم بتعديل وتقويم الشريعة والمعارف الدينية لأبناء جيله، وطبقاً لمبادئ عصره، وهذا سلوك إيماني سليم، فكل نبي سيأتي بوحي من عند الله تعالى يعدل به التفاسير الخاطئة والتعاليم الدخيلة على الشريعة التي أحدثها أحبار بني إسرائيل بالتحريف والتأويل، وهذا بالتالي يعني أن الشخصية المحورية لشريعة وقوانيين الطائفة هي شخصية آخر نبي من أنبياء بني إسرائيل، وهذا سيكون بلا شك وبلا اختلاف المسيح عيسى ابن مريم. ثم أنهم قد حددوا آخر وجود لهذه الطائفة في عام 70م. وحتى ذلك الوقت لم يبعث الله سبحانه أحد كمجدد ومقوم للشريعة اليهودية من بعد المسيح ابن مريم؛ الذي رفعه الله سبحانه للسماء عام 33م على أرجح تقدير، أضف إلى ذلك أن المخطوطات قد حددت وبينت أن تدمير القدس على يد الرومان كان بعد أربعين عام من ظهور معلم الحق والصلاح، ممايعني أن التوافق التاريخي أيضاً يثبت أن هذا المعلم هو المسيح ابن مريم عليه السلام.
فهل البابا يوحنا الثالث والعشرين قد ضحى بنفسه وقتلته اليهود ومن حوله عندما قرر الاعتراف إلى العالم بأن المسيح ابن مريم هو عبد الله ورسوله، وأن الإسلام هو الدين الحق؟؟؟

مقطع للشيخ الزنداني، وحديثه عن مخطوطات قمران البحر الميت، وموت البابا يوحنا الثالث والعشرين:


https://www.youtube.com/watch?v=6eJuYmcgKTo

صفحتنا على الفيس بوك باسم: (مخطوطات قمران).
كتاب: (إنجيل قمران) موجود ببحث جوجل بهذا الاسم (إنجيل قمران)، وهو يقص قصة المسيح عليه السلام وتعاليمه، كما هي مذكورة في القرآن الكريم.
http://quran-m.com/quran/article/2833/%D9%87%D9%84-%D8%A3%D8%B3%D9%84%D9%85-%D9%87%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D9%85%D9%88%D8%AA%D9%87%D8%9F

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:57 PM
https://www.youtube.com/watch?v=CHFj621ox0U

خطاب أسد الدين
02-27-2017, 11:59 PM
قصة إسلام الزعيم الأمريكي مالكوم إكس
مالكوم إكس هو الداعية الإسلامي المشهور "مالكوم إكس" أو "مالك شباز" الأمريكي الأصل والجنسية، الذي صحَّح مسيرة الحركة الإسلامية التي انحرفت بقوَّة عن الحق في أمريكا، ودعا للعقيدة الصحيحة، وصبر على ذلك حتى راح شهيدًا لدعوته ودفاعه عن الحق.

مولده ونشأته

وُلِد مالكوم إكس بمدينة ديترويت في 6 من ذي القعدة 1343هـ/ 29 من مايو 1925م في أسرة فقيرة قُتِِلَ عائلُها في حادث عنصري، وكانت هذه الفترة في أمريكا شديدة الاضطراب بالتمييز العنصري البغيض بين البِيض والسُّود، فنشأ مالكوم مشحونًا بالكراهية والبغض ضد البيض، وطرد من المدرسة رغم حِدَّة ذكائه، فانتقل إلى مدينة نيويورك حيث عاش حياة اللهو والعبث، والتي انتهت به إلى السجن وهو في العشرين، وبالسجن تغيرت حياته؛ إذ اعتنق الإسلام وأقبل على قراءة الكتب الإسلامية، واستفاد من فترة سجنه استفادة كبيرة؛ حيث أتى على كتب كبار لم يتوفر لغيره قراءتها، كما تعلم فن المحاورة والمناظرة مع قساوسة السجن.

الخروج من السجن

بعد أن خرج من السجن سنة 1952م قرَّر "مالكوم إكس" أن يُعمِّق معرفته بتعاليم إليجا محمد[1]، فذهب إلى أخيه في ديترويت، وهناك تعلم الفاتحة وذهب إلى المسجد، وتأثر بأخلاق المسلمين. وفي المسجد استرعت انتباهه عبارتان: الأولى تقول: "إسلام: حرية، عدالة، مساواة"، والأخرى مكتوبة على العلم الأمريكي، وهي: "عبودية: ألم، موت".

قابل "مالكوم إكس" إليجا محمد زعيم حركة أمة الإسلام[2] التي انضم إليها بعد ذلك، والتي حفِلت بالانحرافات العقائدية التي انتهت بإعلان إليجا محمد النبوة.

عمل "مالكوم إكس" في شركة "فورد" للسيارات فترة ثم تركها، وأصبح رجل دين، وامتاز بأنه يخاطب الناس باللغة التي يفهمونها؛ فاهتدى على يديه كثير من السود، وزار عددًا من المدن الكبرى، وكان همُّه الأول هو "أمة الإسلام"، فكان لا يقوم بعمل حتى يقدِّر عواقبه على هذه الحركة.

وقد تزوج في عام 1958م ورُزق بثلاث بنات، سمَّى الأولى عتيلة، على اسم القائد الذي نهب روما، وفي نهاية عام 1959م بدأ ظهور مالكوم في وسائل الإعلام الأمريكية كمتحدث باسم حركة أمة الإسلام، فظهر في برنامج بعنوان: "الكراهية التي ولدتها الكراهية"، وأصبح نجمًا إعلاميًّا انهالت عليه المكالمات التليفونية، وكتبت عنه الصحافة، وشارك في كثير من المناظرات التلفزيونية والإذاعية والصحفية؛ فبدأت السلطات الأمنية تراقبه، خاصةً بعد عام 1961م، وبدأت في تلك الفترة موجة تعلُّم اللغة العربية بين أمة الإسلام؛ لأنها اللغة الأصلية للرجل الأسود.

توسَّم إليجا محمد في مالكوم إكس النباهة والثورية والقدرة الإقناعية؛ فضمَّه لمجلس إدارة الحركة، وجعله إمامًا لمعبد رقم 7 بنيويورك. أبدى مالكوم كفاءة دعوية فائقة وزار الجامعات والحدائق والسجون وأماكن تجمُّع الناس، وأسلم على يديه الكثيرون، منهم الملاكم العالمي "كلاي"، وفتحت له قنوات التلفاز أبوابها، وعقد المناظرات على الهواء، وذاع صيته بقوَّة.

نقطة التحول في حياته

ثمَّ حدث تحول جذري في حياة مالكوم إكس، عندما ذهب للحج سنة 1960م/ 1379هـ، وهناك التقى مع العلماء والمشايخ، وقابل الملك فيصل الذي قال له: "إن حركة أمة الإسلام خارجة عن الإسلام بما تعتقده من ضلالات". فطاف مالكوم بلاد الإسلام للاستزادة من العلم، فزار مصر والسودان والحجاز، والتقى مع شيخ الأزهر ومع الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر، ثم عاد لأمريكا وأعلن إسلامه من جديد، وبدأ مرحلة جديدة وخطيرة وأخيرة من حياته.

عاد "مالك شباز" لأمريكا سنة 1961م/ 1380هـ، وأخذ في الدعوة للعقيدة الصحيحة، وحاول إقناع إليجا محمد بالحق والذهاب للحج، ولكن إليجا رفض بشدة وطرده من الحركة، فشكَّل "مالك" جماعة جديدة سماها "The Muslim Mosque Inc"، وأخذ في الدعوة للدين الصحيح، فانضم إليه الكثيرون، وأوَّلهم: والاس بن إليجا محمد نفسه، وأخذ إليجا محمد في تهديد "مالك" بالقتل، لكنه لم يخف أو يتوقف؛ فشنَّ عليه إليجا حملة دعائية إعلامية شرسة لصرف الناس عنه، فلم تزد هذه التهديدات مالكًا إلا إصرارًا، واشتركت الصحف الأمريكية في التضييق على مالك، مع أنها كانت من قبل تفتح له أبوابها عندما كان يدعو للدين الباطل والعقيدة الفاسدة.



من أقواله

- "على الوطنية أن لا تعمي أعيننا عن رؤية الحقيقة، فالخطأ خطأ بغضِّ النظر عمّن صنعه أو فعله".

- "لا أحد يمكن أن يعطيك الحرية، ولا أحد يمكن أن يعطيك المساواة والعدل، إذا كنت رجلاً فقم بتحقيق ذلك لنفسك".

- "لا تستطيع فصل السلام عن الحرية، فلا يمكن لأحدٍ أن ينعم بالسلام ما لم يكن حرًّا".

اغتياله

ظل مالك شباز يدعو للعقيدة الصحيحة غير عابئٍ بتهديدات إليجا محمد، حتى كان يوم 18 من شوال سنة 1381هـ/ 21 من فبراير 1965م، وهو اليوم الذي أطلق فيه ثلاثة من الشبان السود النار على مالك شباز أثناء إلقائه لمحاضرة في جامعة نيويورك، فمات على الفور، وكان في الأربعين من عمره، وكانت عملية اغتياله نقطة تحوُّل فاصلة في سير حركة أمة الإسلام، حيث تركها الكثير من أتباعها والتحقوا بجماعة أهل السنة، وعرفوا الدين الحق.

وبعد وفاة إليجا محمد تغيرت أفكار الحركة، وتولى والاس بن إليجا محمد رياسة الحركة، وتسمى بوارث الدين محمد، وقام بتصحيح أفكار الحركة، وغيَّر اسمها إلى "البلاليين" نسبة إلى بلال بن رباح [3].

[1] زعيم حركة أمة الإسلام.

[2] حركة ظهرت بين السود في أمريكا، وقد تبنّت الإسلام بمفاهيم خاطئة غلبت عليها الروح العنصرية.

[3] موقع مفكرة الإسلام، الرابط

: http://www.islammemo.cc/article1.aspx?id=53589.

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:01 AM
إسلام داعية استرالي بعد قراءته عن الاعجاز العلمي في القرآن

في سن السابعة عشر بدأت بعض الأسئلة تلح علي عقله بشأن الدين‏,‏ بحث وقرأ الكثير من الكتب حتي وصل إلي القرآن الكريم‏,‏ وبعد مرور تسع سنوات أصبح داعية إسلامي .
ويعمل حاليا بقناة اقرأ الدولية التي توجه بثها باللغة الإنجليزية للمسلمين في شمال أمريكا وآسيا وأستراليا, حيث يقدم برنامج اسمه اسأل الشيخ الذي يجيب عن أسئلة من يدخلون الإسلام في الغرب, أنه الداعية الأسترالي موسي تشيرانتونيو الذي حاورته صفحة الفكر الديني خلال زيارته القصيرة للقاهرة بعد أدائه فريضة الحج.
حدثنا عن حياتك قبل الإسلام وبعده؟
لقد ولدت وعشت حياتي كلها في استراليا. أبي من أصول إيطالية وأمي من أصول أيرلندية, وفي عمر الشباب بدأت بعض الأسئلة تلح علي عقلي بشأن الدين, وبدأت أقرأ عن الإسلام وأتعرف عليه ليس لأعتنقه ولكن لأجادل أحد أصدقائي وهو مسلم من البوسنة وكان دائما يقول بأن الإسلام هو أفضل دين في هذا العالم, وعندما بدأت أقرأ عن الإسلام, وجدت قواسم مشتركة بين المسيحية والإسلام فالمسلم يؤمن بالله ويؤمن بعيسي ونوح وإبراهيم وموسي, ولم أجد أي اختلافات بين ما أؤمن به والإسلام سوي شيئين: محمد عليه الصلاة والسلام والقرآن الكريم, وعندما بدأت أدرس الإسلام كنت أظن أني لن أجد فيه شيئا صحيحا أو عقلانيا, فكيف يمكن لدين يؤمن به الصوماليون والأفغان والعرب الذين يعيشون في الصحراء أن يكون صحيحا؟ ولكني وجدت كل ما يدعو له الإسلام صحيحا ويتفق مع العقل؟
غير أني لم أنجذب للإسلام إلا عندما قرأت عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم, فمعجزات القرآن العلمية أخذت بلبي وأسرتني ودفعتني لكي أعتنق الإسلام, وفي الحقيقة لم أنجذب للإسلام بسبب دعوته للأخلاق وحسن المعاملة لأن كل الأديان تدعو لذلك, هو أمر سهل يمكن أن يدعيه أي شخص, كما يضع كل مؤلف توقيعه علي كتابه في رأيي آيات الإعجاز العلمي هي بمثابة توقيع الله ودليل علي أن القرآن الكريم من الله وليس من محمد.
عندما اعتنقت الإسلام كان عمري17 عاما, واليوم عمري26 سنة, وعندما أسلمت كنت في السنة الأخيرة من الدراسة الثانوية, وعندما أسلمت كنت أخصص نصف وقتي لدراسة الإسلام والنصف الآخر لدراستي الثانوية, فقبل إسلامي كنت مثل كل الشباب في وطني لدي صديقة وكنت أشرب الخمر, واستغرق الأمر مني عاما كاملا حتي أتغير تماما وتركت صديقتي رغم أني كنت أحبها كثيرا لأنها رفضت اعتناق الإسلام وتوقفت عن شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وبدأت أحرص علي تناول اللحم الحلال بل وواظبت علي الصلوات الخمس كاملة وفي موعدها رغم أن أصدقائي المسلمين للأسف لم يكونوا يصلون.
وماذا عن رد فعل والديك؟
في الحقيقة كتمت عنهما خبر إسلامي لبعض الوقت, ولكنهما لاحظا من تغير تصرفاتي ومن بعض سلوكياتي فمثلا تعجبا من قراءتي للقرآن, والدين لكثير من الغربيين والأستراليين مجرد جزء من الثقافة فهم ليسوا متدينين فعلا, فمثلا جدتي سألتني لماذا أصبحت تركيا, لأنها تعتقد أن الإسلام جزء من الثقافة التركية. ثم جاء وقت طلبت فيه من والدتي أن تطهو لي اللحم الحلال فقط, فقالت ساعتها لن أدخل اللحم الحلال منزلي أبدا, والآن هي تطهو اللحم الحلال في كل يوم. فعندما أدركوا كم غير الإسلام شخصيتي للأفضل وأني سعيد وأني لا أشرب الخمر وأني لا أثير المتاعب بدأوا يتقبلون الأمر
وماذا عن رد فعل زملائك في المدرسة؟
كلهم كانوا سعداء من أجلي, حتي أن أعز أصدقائي اعتنق الإسلام بعد أسبوعين بعد أن حدثته عن الإسلام وأعطيته كتبا ليقرأها عن الإسلام, أما المعلمون فقد لاحظوا تغييرا بارزا في شخصيتي, وقال لي أحد أساتذتي: لقد تغيرت كثيرا, فبعد أن كنت مشاغبا في الماضي كثير المشاكل أصبحت مهذبا للغاية, حتي طريقتك في الكلام تغيرت.
كيف ترد علي اتهام الغرب للإسلام والمسلمين بالإرهاب؟
عندما وقعت أحداث سبتمبر لم أكن مسلما بعد, ولكني شعرت بالسعادة بعض الشيء, لأن أحدهم نجح وضرب أمريكا, ولكن عندما اعتنقت الإسلام شعرت بمدي بشاعة هذا العمل, فالإسلام يمنعني من قتل الأبرياء, ويعلمني الصواب من الخطأ. أتذكر أحدهم قال لي ذات مرة: كل المسلمين إرهابيون, فسألته كل المسلمين حتي السيدة العجوز في الشارع, فتعجبت وسألته ما هي أدلتك؟ انظر إلي التاريخ, تاريخ الأندلس حيث عاش المسلمون والنصاري في دولة واحدة أو انظر إلي صلاح الدين الأيوبي الذي عامل المسيحيين بالعدل والإحسان, إذا تأملنا تاريخ الإسلام سنجده أنه حافل بالعدل والإحسان للأديان الأخري, وليس معني أن أحد المسلمين ارتكب خطأ أن نظن أن كل المسلمين كذلك.
ولكن يحضرني هنا غياب دور الأزهر الشريف في تغيير صورة الإسلام والمسلمين في الغرب, وكم أتمني دراسة أصول الفقه والشريعة الإسلامية في الأزهر مرجعية الإسلام والمسلمين في العالم الإسلامي.
كيف اختلف شعورك بالحرية قبل وبعد اعتناقك للإسلام؟ هل قيد الإسلام حريتك؟
قبل اعتناقي الإسلام كان عقلي يردد السؤال حول المنهج الصحيح للحرية, هل هو الشيوعية أم الماركسية, وبدراستي لهذه الأيديولوجيات الفكرية وجدت أن كلا منها له قواعد تخبرك بما تفعله, وما لا تفعله. لا توجد حرية مطلقة لدي أي مذهب سياسي أو ديني أو فكري, حتي الفوضويين الذين ينادون بالحرية المطلقة لديهم قواعد. القاسم المشترك بين كل هؤلاء أنه لا توجد حرية مطلقة في اتباع الشهوات والنزوات والغرائز, فلابد من وجود نظام, السؤال الذي ينبغي أن يطرحه كل إنسان: ما هو النظام الصواب أو الصحيح؟ باعتباري مسلما أري أن الإسلام هو النظام القويم لتنظيم الحريات الشخصية والعامة, فهو يعطيك لكل شيء سببا وتبريرا, لقد وجدت الحرية الحقيقية مع الإسلام, ألا وهي حرية القلب والعقل. أي سؤال يخطر علي بالي حول هذا الوجود أجد إجابته الصحيحة لدي الإسلام. فور اعتناقك للإسلام تصبح حرا من التوتر والقلق. قلبك ليس مشتتا وراء الدنيا, فأنت تملك جماع قلبك وعقلك. فالإسلام يخبرنا أن ابن آدم لن يكون سعيدا بالمال, فلو أعطي واديا من الذهب سيتطلع للثاني وهكذا. عندما تصلي تشعر بالسلام والطمأنينة والحرية, حيث تزول كل مخاوفك, فالمسلم يملك حرية حقيقية لأنه يملك تصورا صحيحا لهذا العالم ورؤية واضحة لسر وجوده وما هو مقبل عليه بعد الموت, فرق كبير بين السير في نفق مظلم لا تدري أن ينتهي والسير في نفق مضيء تعلم ما الذي ينتظرك في نهايته.
أخبرنا عن أنشطتك الدعوية في أستراليا؟
بدأت في العمل مع منظمة إسلامية في أستراليا في ميلبورنوكان نشاطها في التعريف بالإسلام وشرح حقيقته, وعملت كذلك مع منظمة التراث الإسلامي التي تقوم بتدريس التاريخ الإسلامي الذي أعشقه, ودعتني العديد من المنظمات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي لإلقاء محاضرات في مؤتمرات مثل مؤتمر قناة السلام بيس تي في في الهند, وهو مؤتمر يعقد كل عامين ويحضره مئات الآلاف من المسلمين, وذهبت عدة مرات لجنوب الفلبين حيث المناطق الإسلامية وذهبت مرتين لدبي وقطر والكويت وأبوظبي.
أخبرنا عن المجتمع الإسلامي في أستراليا؟
عدد المسلمين في أستراليا نحو نصف مليون من إجمالي22 مليونا هو عدد السكان, وأغلبية المسلمين في مدينتين هما سيدني وميلبورن, وفي سيدني بعض المناطق نصف سكانها من المسلمين وتشعر هناك كأنك في لبنان أو اسطنبول, وفي هذه المدن يوجد العديد من المساجد والعديد من المتاجر والمطاعم التي تقدم اللحوم المذبوحة وفقا للشريعة والعديد من المراكز الإسلامية. وقد شهد المجتمع الإسلامي في استراليا نموا كبيرا في السنوات العشر الأخيرة, وأغلب المسلمين في أستراليا من المهاجرين, حيث تجد أبناء المهاجرين أكثر التزاما من آبائهم, فتجد الأم غير محجبة ولكن البنت محجبة, وتجد الأب لا يصلي, لكن الأبناء يصلون, وربما تعجب أن معظم الجيل الثاني من المهاجرين أشداء في دينهم وملتزمون غاية الالتزام.
لدينا في أستراليا نحو10 مراكز إسلامية كبيرة, وفي كل أسبوع يعتنق الإسلام نحو ثلاثة أو أربعة أشخاص في المركز الواحد, ويمكن القول أن نحو40 شخصا في المتوسط يدخلون الإسلام أسبوعيا في أستراليا, وفي رأيي يرجع نجاح المنظمات الإسلامية في أستراليا والغرب إلي الجهود المضنية التي تبذلها هذه المراكز في نشر الدعوة, من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات وورش العمل وتوزيع المنشورات والمطبوعات التي تشرح الإسلام وحقيقته للناس, وإتاحة الفرصة للشباب المتحمس للإبداع والابتكار.
ما الذي يمكن فعله لتحسين صورة الإسلام في العالم علي كل المستويات: حكومات ومؤسسات إسلامية وأفراد عاديين؟
هناك أشياء كثيرة يمكن عملها علي كل المستويات, لكن في البداية لا تأتي من القمة للقاع أي من الحكومة للفرد, بل ينبغي أن يكون التغيير من أسفل لأعلي, أي من كل مسلم علي حدة, لابد أن نعترف بأن هناك أشياء كثيرة يمكن أن نتعلمها من غير المسلمين مثل احترام القوانين والنظام والنظافة وحسن الأخلاق وإتقان العمل والشرف والنزاهة والأمانة, وهذه هي الأسباب التي تجعل المسلمين يهاجرون للغرب, فمن الأحري بنا أن نكون نموذجا مثاليا لهذه الأخلاق الحسنة حتي نقدم صورة حسنة عن الإسلام.
ما هي المعاناة التي يمر بها من يدخل في الإسلام؟ وكيف يمكن تخفيفها؟
دائما ما أقول بأن المسلم الجديد ضعيف للغاية إذ أنه معرض للانتكاسة في أي وقت, في تجربتي الشخصية علي سبيل المثال استغرق مني الأمر عاما كاملا بمجهود شخصي ذاتي حتي أصبحت مسلما حقيقيا مؤديا للصلاة ومختلف العبادات والطاعات, ولو كانت هناك مؤسسات إسلامية قوية واسعة الانتشار كان الأمر سيكون أسرع وأسهل كثيرا, فالمسلم الجديد لا يستطيع التمييز بين السنة والشيعة وبين المذاهب الإسلامية الشاذة مثل الأحباش,لذا فهو بحاجة إلي من يرشده ويوجهه لصحيح الكتاب والسنة.
وهناك بعض العائلات التي لا تهتم بإسلام أبنائها ومن ثم تساعدهم في اختيارهم الجديد, وعلي الجانب الآخر توجد بعض الأسر التي تهدد الفتيات الصغيرات اللاتي أسلمن بترك الإسلام أو الطرد من المنزل, ولهذا قامت إحدي المؤسسات الإسلامية ببناء سكن أو منزل لإقامة الفتيات المسلمات, أن واجب المسلمين نحو أي مسلم جديد هو تقديم العون العقدي والنفسي لتثبيته, فالمسلم الجديد غالبا ما ينفصل عن أسرته وآبائه غير المسلمين باحثا عن أصدقاء أو إخوة يشتركون معه في الديانة, فمثلا ينبغي الحرص علي أداء المسلمين الجدد للصلوات الخمس في المساجد وزيارة المراكز الإسلامية بشكل مستمر والتعرف علي إخوتهم في الإيمان, يحتاج المسلمون الجدد إلي معرفة حقوقهم القانونية والإنسانية, كما أن بعضهم بحاجة إلي دعم مالي ودعم اجتماعي لأنهم في الغالب ينفصلون عن أسرهم, ويحتاجون إلي أسر بديلة. ولهذا أقوم دائما بتعليم المسلمين الجدد كيفية المحافظة علي الإسلام وعدم الرجوع عنه لأي سبب كان.
في الحقيقة جميع أشكال الدعم موجودة من قبل المراكز الإسلامية, المشكلة الكبري هي في كيفية إيصالها لمستحقيها وكيفية تعريف المسلمين الجدد بخدمات الدعم المتاحة لهم.
المصدر : http://www.ahram.org.eg/Religious-thought/News/116315.aspx

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:04 AM
كيف أسلم باذان؟
بقلم منير عرفة
قال تعـالى :- { فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ... } سورة الأنعام آية 125

( 1 )

جهَّز عبد الله بن حذافة راحلته ، وودَّع صاحبته وولده ، ومضى إلى غايته ترفعه النجاد ، وتحطه الوهاد ، وحيداً ، فريداً ، ليس معه إلا الله .
حتى بلغ ديار فارس ، فاستأذن بالدخول على ملكها ، وأخطرَ الحاشية بالرسالة التي يحملها له ، عند ذلك أمر كسرى بإيوانه فزُيِّن، ودعَا عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا ، ثم أذِنَ لعبد الله ابن حذافة بالدخول عليه .
دخل عبد الله بن حذافة على سيد فارس ، مشتملاً شملته الرقيقة ، مرتدياً عباءته الصفيقة ، عليه بساطة الأعراب ، لكنه كان عاليَ الهمَّة ، مشدود القامة ، تتأجج بين جوانحه عزَّةُ الإسلام ، وتتوقَّد في فؤاده كبرياءُ الإيمان .
المؤمن له هيبة ، ومَن هاب اللهَ هابه كلُّ شيء .
فما إن رآه كسرى مقبلاً ، حتى أومأ إلى أحدِ رجاله أن يأخذ الكتاب من يده ، فقال عبد الله بن حذافة :
لا ، إنما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدفعه إليك يداً بيد ، وأنا لا أخالف أمر رسول الله .
فقال كسرى لرجاله : اتركوه يدنو مني ، فدنا من كسرى حتى ناوله الكتاب بيده ، ثم دعا كسرى كاتبًا عربيًا مِن أهل الحيرة ، وأمَرَه أن يفضَّ الكتاب بين يديه ، وأن يقرأه عليه ، فإذا فيه :
" بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام الله على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك."
فما إن سمع كسرى هذه الرسالة ، حتى اشتعلت نار الغضب في صدره ، فاحمر وجهه ، وانتفخت أوداجه ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ، بدأ بنفسه ، وبدأه بقوله : من محمدٍ رسول الله إلى كسرى ، فكان تفكير كسرى تفكيرًا شكليًّا ، ولم يفهم المضمون ، ولم يهتمَّ له ، فغضِبَ للشكل .
غضب هذا الرجل المغرور المتكبر رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم خاطبه بالعظمة فقال ( إلى عظيم الفرس) ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم دقيقًا فى ألفاظه فلم يقل (سلام عليك) بل قال (سلامٌ على من اتّبع الهدى) ، أي إن اتبعتَ الهدى فسلامٌ عليك ، وإن لم تتبع الهدى ، فالسلام ليس عليك ، على من اتبع الهدى... وهكذا ..
ولكن أنَّى يأتى الخير من رجل امتلأت نفسه كبرًا وتيها فظن أنه الوحيد وما عداه صفرًا .

وكيف يؤمل الإنسان خيرا... وما ينفك مُتبعًا هواه
يظن بنفسه قدرًا وشرفًا ... كأن الله لم يخلق سواه

ولعل كسرى انفعل هذا الانفعال الشديد بسبب هزيمته الأخيرة التى نالها على أيدى الروم ، فظن أن الأعراب والتابعين بدأوا يتجرأون عليه بسبب هزيمته .
لقد فقد كسرى توازنه تمامًا إذ إنه جلب الرسالة من يد كاتبه ، وجعل يمزِّقها دون أن أى شر يجره على نفسه ، مزقها وهو يصيح: أيكتبُ لي بهذا ، وهو عبدي ؟.
لأنه من أتباعه ، ولأن باذان عامله على اليمن ، تابع لكسرى ، والمناذرة وعاصمتهم الحيرة يتبعون كسرى ، فهذا الذي قال له :
من محمد رسول الله هو من عبيده ، هكذا يفهم كِسرى ، قال : أيكتب لي بهذا وهو عبدي ؟!!!
ثم أمر بعبد الله بن حذافة ، أن يُخًرَج من مجلسه ، فأُخرج .
فلما بلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذلك الخبرُ قال :
" اللهم مزِّق ملكه "

(2)

قام كسرى منتفخا وأمر كاتبه أن يكتب إلى باذان نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل ، الذي ظهر بالحجاز ، رجلين جَلْدين من عندك ، ومُرهما أن يأتياني به .
ولم تكن هذه المرة الأولى التى يسمع بها أهل اليمن عن دعوة الإسلام إذ أن أرض الحجاز ليست بعيدة عن أهل اليمن فهناك ارتباط وثيق بين البلدين من زمن بعيد من حيث الموقع الجغرافى ومن حيث الرحلات التجارية التى كانت قريش تقوم بها فى رحلتى الشتاء والصيف .
وقد سمع أهل اليمن عن رجل يدعى النبوة من أهل مكة وسمعوا أنه خرج طريدًا إلى يثرب وأقام بها حتى الآن أى قرابة عشرين عامًا -إذ ظل النبى فى مكة ثلاثة عشر عامًا وها نحن فى العام السابع للهجرة - كل هذا والأمر حتى الآن لا يعنيهم بل يتابعونه من بعيد.
لكن باذان ما إن وصلته رسالة سيده كسرى حتى انتدب رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحمَّلهما رسالةً له ، يأمره فيها بأن ينصرف معهما إلى لقاء كِسرى، دون إبطاء ، وطلب إلى الرجلين أن يقفا على خبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يستقصيا أمره ، وأن يأتياه بما يقفان عليه من معلومات .
فخرج الرجلان يُغِذَّان السير الى غايتهما شطر المدينة ، حتى إذا بلغاها علما مما رأيا من تعظيم أهل المدينة للنبى صلى الله عليه وسلم وحبهم له مدى خطورة المهمة التى أقبلا من أجلها حيث إنهما لا يستطيعان أن يأتيا بمحمد إلا إذا أتيا بأهل المدينة أجمعين ، نظرًا للمحبة والفداء التى يصنعها أهل المدينة لمحمد صلى الله عليه وسلم .
ولما دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما، فكره النظر إليهما، وأظهر ذلك لهما وقد أشاح بوجهه الى الجانب الآخر حتى لا ينظر إليهما وقال: ( ويلكما من أمركما بهذا؟ قالا أمرنا ربنا يعنيان كسرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي ) .
ودفع الرجلان إلى النبى صلى الله عليه وسلم رسالة باذان ، وقالا له :
إن ملك الملوك كسرى كتب إلى ملكنا باذان ، أن يبعث إليك من يأتيه بك ، وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه ، " شرِّف معنا " فإن أجبتنا، كلَّمنا كسرى بما ينفعك ، ويكفُّ أذاه عنك ، وإن أبيت ، فهو مَن قد علمت سطوته وبطشه وقدرته على إهلاكك ، وإهلاك قومك ، " إذا قلت : لا ، فإن كسرى قادرٌ على أن يهلكك ، ويهلك قومك .
لم يغضب النبي صلى الله عليه وسلم بل تبسَّم عليه الصلاة والسلام ، وقال لهما :
ارجعا إلى رحالكما اليوم ، وائتيا غداً .
فلما غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي ، قالا له : هل أعددتَ نفسك للمُضِيِّ معنا إلى لقاء كسرى ؟
فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : إن ربى قتل ربكما الليلة .
لن تلقيا كسرى بعد اليوم ، فلقد قتله الله ، حيث سلَّط عليه ابنه شيرويه في ليلة كذا من شهر كذا وقتَله .
إنه خبرُ الوحي ، نقله ببرودة ، لن تلقياه بعد اليوم ، لقد قتله الله ، لأنه مزَّق الكتاب .
فحدَّقا في وجه النبي ، وبدت الدهشة على وجهيهما ، وقالا :
أتدري ما تقول !! أنكتب بذلك لباذان ؟
قال : نعم ، وقولا له : إن ديني سيبلغ ما وصل إليه ملك كسرى ، وإنَّك إن أسلمتَ ، أعطيتكَ ما تحت يديك ، وملَّكتكَ على قومك.
بلِّغا باذان وقولا له : إنّ مُلكي سيصل إلى ملك كسرى ، وأنت إن أسلمتَ أقررناك على ملكك ، اختلف الأمر اختلافًا كلِّيًّا .

(3)

خرج الرجلان من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقدما على باذان ، وقالا له لقد أرسلتنا إلى رجل نأتيك به لا نستطيع أن نأتى به إلا إذا أتيناك بأهل المدينة جميعًا ، وأخبراه الخبر .
طار عقل باذان ، لكن باذان كان رجلا لبيبًا عاقلا حازما يعرف مصادر الأمور ومواردها ، فقال لمن حوله :
إن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من شهر لنعرف حقيقة محمد .
قال له جلساؤه : كيف ذلك ؟
قال باذان : ننتظر حتى تأتينا الرسل من فارس ، فلئن كان ما قال محمّدٌ من قتل كسرى حقًا فإن محمد نبيّ صادق .
أما إن كان غير ذلك فلنا معه شأن آخر .
لم يكن وقتها أقمار صناعية ، أو محطات بث مباشر ، أو محطات وكالات أنباء عالمية ، لم يكن لهذا كله وجود ، بل إن الخبر يومها يحتاج إلى شهر كامل أو يزيد حتى ينتقل إلى اليمن .
وعلم أهل اليمن بالقصة كلها ، فظل باذان ومن معه من أهل اليمن فى انتظار الرسل من قبل كسرى ..
انتظروا شهرًا كاملاً ..
حتى جاءت الرسل ..
فقال لهم أهل اليمن : هل حقًا قُتل كسرى .
فتعجب الرسل ..
فغروا أفواههم قائلين :
من أخبركم ؟!
من أعلمكم ؟!
قال باذان كيف تم ذلك ؟!
قالوا : لقد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع هـ، واستلم حكمه فحسبوا الليلة التى قتل فيها فإذا هى الليلة التى أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فض باذان رسالة شيرويه التى فيها :
" أما بعد فقد قتلت كسرى، ولم أقتله إلا انتقامًا لقومنا ، فقد استحلَّ قتلَ أشرافهم ، وسبيَ نسائهم ، وانتهابَ أموالهم ، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممّن عندك ".
فما إن قرأ باذان كتاب شيرويه ، حتى طرحه جانبًا ، وأعلن دخوله في الإسلام ، وأسلم من كان معه من الفرس في بلاد اليمن .
يا لا باذان !!
لقد آمن قلبه وفؤاده
وسجد لله رب العالمين ..
وآمن معه أهل اليمن .
فلقد تأكدوا من صدق ما قاله محمد ، ولمسوا ذلك بأنفسهم ..
وقالوا : لم يعد لنا قبلة نتوجه اليها الا حيث يتوجه محمد وصحبه.

(4)

وصل الخبر إلى مدينة رسول الله يعلمهم بإسلام باذان وإسلام أهل اليمن التى هى امتدادًا جعرافيًا للجزيرة العربية .
وفرح النبى صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فرحًا شديدًا ، وقال لأصحابه مُرحبًا بوفدهم : ( أتاكم أهل اليمن ، هم أرق قلوبًا منكم ، وألين أفئدة، وهم أول من جاء بالمصافحة ) .. ثم قال صلى الله عليه وسلم : " الإيمان يمان ، الفقه يمان ، والحكمة يمانية " .
وأرسل إليهم جماعة من أكابر أصحابه يعلمونهم الإسلام منهم الصحابى الجليل على بن أبى طالب ثم معاذ بن جبل الذى قال معلمًا إياه : " إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات فى يومهم وليلتهم فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقيرهم فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس "
إنها خطوات مفصلة يعلم بها النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبدأوا بالأهم فالمهم كما يقول القائل :
العلم إن طلبته كثير .. والعمر فى تحصيله قصير ..
فقدم الأهم منه فالأهم
وأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يظل باذان على ملكه ..
يا لا باذان .. نال عز الدنيا ، وسعادة الآخرة !
أما كسرى ففى مزبلة التاريخ ، لقد مزق الله ملكه ، فلم تقم له قائمة بعد ذلك. وما هى إلا سنوات معدودات حتى كانت مطارق الفتح الإسلامى تضرب إيوان كسرى وتسيطر عليه ودخل الصحابى الجليل سعد ابن أبى وقاص إيوان كسرى بعد هزيمتهم دخل باكيًا يقرأ قول الله تعالى :
{ كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ. كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ . فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ } سورة الدخان آية 25 : 29 .

منير عرفه
monirrrrrrr@yahoo.com

المصدر: موقع صيد الفوائد http://saaid.net

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:06 AM
السويدي سيبستيان بلاسكو المتخصصّ في الاقتصاد الدولي يروي قصّة إسلامه

عندما قررّ السويدي سيبستيان بلاسكو المتخصصّ في الإقتصاد الدولي، والمتخرّج من الجامعات السويدية والأمريكية؛ أن يروي لي قصّة إسلامه لأنقلها إلى القراء العرب والمسلمين، دعوته إلى الغذاء، وأعترف أنني كدت أبكي أثناء اللقاء لأمرين:
أولها. أنني إزددت يقينا بعظمة الإسلام وقدرته على إخراج الحي ّ من الميت، خصوصا وأنني رأيت أمامي شابا سويديا أخذ من الإسلام كل عظيم، وإلتزم به وحافظ على الإيجابيات المتوفرة في حضارته.

ثانيها. كما أنني بتّ أبكي عندما قال لي أنّه عندما بدأ يهتم بالإسلام ويبحث عن الدين الإسلامي وبدأ يميل إليه، قال في قرارة نفسه الإسلام لا يختلف عني وعن مسلكيتي كثيرا، فأنا أعاشر أصدقاء مسلمين معي في الحيّ والثانوية، وهم يزنون مثلما أزني، ويشربون الخمرة مثلما أشرب الخمرة، ويذهبون للمراقص مثلما أذهب أنا أيضا إلى المراقص، إذن -كما قال سيبستيان- إذا كان الأمر يتعلق بالشهادتين فسوف أقر بهما وأنتهى الأمر عند هذا الحدّ، وتلفظت بالشهادتين، لكنني عندما تعمقّت في الدراسات الإسلامية، وأدركت أن الشهادة بأن الله واحد، وأنّ محمداً رسول الله، وخاتم الأنبياء، منهج حياة ومسلكية حضارية، وإلتزام ديني، أدركت كم فرطّ هؤلاء المسلمون الذين كنت أعيش بين ظهرانيهم في دينهم، خصوصاً بعد أن اجتاحتهم شهوات الغرب، وأنستهم معنى الإلتزام الديني.
ورغم كون سيبستيان خريج كلية الاقتصاد في جامعة لوس أنجلوس؛ إلاّ أنّ أسواق العمل في السويد قد إضطهدته بسبب إسلامه، فقلت له في اللقاء: إذا كنت سويديا وبسبب إسلامك رفضتك أسواق العمل، فماذا يقول المسلمون القادمون من العالم الإسلامي، والذين يراد لهم أن يعيشوا فقط من خلال المساعدات الإجتماعية، عالة على الغربي الذي يدفع ضرائبه للدولة؟

درس سيبستيان بلاسكو في أرقى الجامعات السويدية والأمريكية، وقد درس في السويد الإقتصاد الإجتماعي، ثمّ أتمّ دراساته العليا في أمريكا في مجال الإقتصاد الدولي وإدارة الأعمال، وقد كان معه هذا اللقاء حول إكتشافه للإسلام...

كسويدي وغربي كيف كانت حياتك قبل أن تتعرّف إلى الإسلام!

حياتي في السويد قبل الإسلام كانت ضائعة وبدون هدف، فقد كنت عديم الإتجّاه، كالسكران الذي لا يعرف له وجهة مطلقا، لم يكن لي أدنى هدف في الحياة، لقد كنت أستسهل الذنب، وأفعل كل ما يريده جسدي المادي، وكل ما تمليه عليّ شهواتي، وكنت على الدوام أسترسل وراء نزواتي وشهواتي في كل السياقات المحرمة، ولم أكن أهتم بوجودي كإنسان، بل لم أكن أتساءل لماذا أنا موجود على هذه السطيحة بالأساس..

كنت عبداً للشهوات إذن!

لقد كنت أعيش في مستنقع الذنوب والموبقات، وبدل أن أرقى بإنسانيتي إلى الدرجات العليا؛ فقد تدحرجت إلى أسفل سافلين في قعر الذنوب والخطايا، والحمد للّه الذي أنقذني من براثن الذنوب، وأخرجني من هذا العالم الشهواني المادي إلى عالم التوحيد والنور، فالحمد لله الذي خصنّي بهذه النعمة العظيمة؛ أن قادني إلى الإسلام، والذي بفضله أصبح لي هدف ومنهج ومسلكية في الحياة، قبل إسلامي كان تصوري -أو فلنقل إعتقادي- أنّ الحياة التي نحياها هي حياة واحدة غير متصلة، وغير ممتدة بأي حياة أخرى، ولذلك كان في تصوري السابق أن أعيش هذه الحياة المقطوعة عن أي تواصل بكل ملذاتها وشهواتها، وأن أرخي العنان لشهواتي بإعتبار أنّ هذه الحياة لا تتكررّ، وبطبيعة الحال وبفضل الإسلام أدركت أنّ هذه الحياة المؤقتة متصلة بحياة أبقى وأخلد، لقد أجابني الإسلام عن كل التساؤلات التي كانت تجول في خاطري، وأخرجني من دائرة الحيرة إلى دائرة الإستقرار والطمأنينة.

لكن كيف توصلت إلى حقيقة الإسلام!

لقد قادني إليه البحث والدراسة، ويجب أن أعترف أنّ وجود بعض المسلمين معي في أقسام الدراسة جعلني أبحث عن سرّ التمايز بيننا، وكان هذا سببا لبداية بحثي عن المداليل القرآنية، وماذا يقول القرآن الكريم، وكنت على الدوام فضوليا أن أستزيد من معرفة الإسلام، وشرعت في التعمق والبحث عن كل ما له علاقة بالإسلام، وهذه البحوث التي قرأتها هيأتني أن أستقبل الإسلام نفسيا، وأشعر تلقائيا أنني متجاوب فطرياً ونفسياً وعقلياً مع تعاليمه، فقررت أن أسلم، لكن هذا الإسلام النظري لم يقنعني بتاتا، فقد أسلمت لكن بدون أن أمارس الشعائر الدينية، فقررت أن ألتزم بالإسلام نظريا وتطبيقيا، فبدأت أُأدي الصلاة، وأصوم وسأبقى كذلك إلى أن أموت إن شاء الله.

عندما استوعبت تفاصيل العقيدة والشريعة الإسلامية، ألم يؤثرّ عليك بعض المسلمين في الغرب من الذين ينتمون إلى الإسلام شكلا ويتجافون عنه عملا وسلوكا كما قال المفكر الإسلامي الشهيد سيّد قطب ّ!

صحيح جدا، كنت على الدوام أقول لماذا يفرط المسلمون في دين رائع ومتألق وديناميكي كالإسلام، وربما بالنسبة إليّ فقد إستوعبت مبدأ انّ الإسلام شيئ والمسلمون شيئ آخر، لكن بقية الغربيين يحاولون فهم الإسلام من خلال مسلكية المسلمين في الغرب، فإذا كانت هذه المسلكية خاطئة قرن الغربيون بين الإسلام وبين هذه المسلكية الخاطئة وعدّوها من الإسلام، لكن إذا كانت مسلكية المسلمين في الغرب في إيقاع واحد مع تعاليم الإسلام الحضارية والراقية فإنّ ذلك سيساهم في تقديم رؤية رائعة وجيدة عن الإسلام، وشخصيا ما زلت أذكر كيف أنّ رجلا مسلما أثرّ في إلى أبعد الحدود، فقد كنت أرى فيه الإسلام مجسدا على الأرض.

صحيح أننّي عاشرت بعض المسلمين الذين كانوا لا يختلفون مطلقاً عن السويديين في مسلكيتهم الحياتية من إستهتار بالذنوب والمعاصي، لكني وعندما بدأت أعاشر الملتزمين بدينهم أدركت كم أنّ الإسلام عظيم، وكم هو جميل ورائع ومتألق أيضا، وهذه العشرة الطيبة دفعتني إلى مزيد من الإلتزام بأحكام الشريعة الإسلامية.

وأعتقد جازما أنّ أنسب طريقة لنشر الإسلام في الغرب هي أن يعي المسلمون في الغرب أنّ إلتزامهم بالإسلام الحضاري سيعكس جمالية الإسلام، وهذا من شأنه أن يدفع الغربيين لإعتناق الإسلام؛ لأنّهم يبنون نظريتهم عن الإسلام بناءاً على ما يرونه في حياة المسلمين وتصرفاتهم في الغرب، وليس بناءاً على ما يقرؤونه.

جوابك هذا يقودني إلى سؤالك عن مستقبل الإسلام في الغرب، وكيف ترى هذا المستقبل!

المستقبل لهذا الدين الإسلامي، وأتصور أن مستقبل الإسلام في الغرب وفي العالم مشرق للغاية، إنّ كل الإحصاءات والدراسات في الغرب والتي إضطلعت بها مؤسسات ضليعة في البحث والإستقصاء تبيّن أنّ الإسلام هو من أكثر الديانات نموا وإنتشارا في أوروبا وغيرها، وأنّ نموه وإنتشاره سريع للغاية، وفي نظري فإنّ تقويم مسلكية بعض المسلمين في الغرب سيساهم في نشر الإسلام الصحيح.

كما أن تقديم الإسلام بشكل حضاري، وبالصياغة التي يستوعبها العقل الغربي من شأنه أن يسرّع في أن يصبح الإسلام سيدّ المعادلة في الغرب.

كيف كانت ردّات فعل عائلتك وأقربائك عندما أصبحت مسلماً ملتزماً!

في الواقع أن عائلتي إستقبلت إسلامي بإيجابية كبيرة، ولم أجد رد فعل معاكس من قبلهم، نعم كانوا يطرحون عليّ أسئلة في هذا السياق عن الإسلام وثقافته، وأنا كنت أجيب على الدوام، وأحاول إيصال الفكرة الصحيحة لهم، وأنا أحمد الله أن أهلي استقبلوا إسلامي برحابة صدر. ودعني أقول لك أنّ هناك أسراً إسلامية في الغرب لا تريد لبنيها أن تلتزم بالإسلام، وهم يرفضون جملة وتفصيلا أن يكون أحد أعضاء الأسرة ملتزما كلياً بالإسلام!!!

وماذا عن إضطهاد المرأة المسلمة في فرنسا وحرمانها من إرتداء حجابها!

هذا أمر غير مقبول بتاتا، وقد أتفهم أن تقوم مجموعة بشرية متسلطة بحظر أفكار معينة، أو تعاقب تيارات فكرية بعينها، لكن أن يصل الأمر إلى حظر تعاليم السماء، وعدم السماح للمسلم بأداء فرائضه ومناسكه، فهذا ظلم لا يعادله ظلم، فلا يجوز مطلقا حرمان مؤمن من ممارسة معتقده.

وفي السياق ذاته كيف ترى ما قامت به جريدة يولاند بوستن الدانماركية التي إستهانت بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام!

قمة السخافة، وأوج الإستهتار بالمقدسات، فالجريدة ورسوماتها ساقطة لا محالة .

ما هي الآليات المثلى لنشر الإسلام في الغرب!

المسلمون في الغرب أقليّة، يجب أن تنظّم هذه الأقلية نفسها، من خلال أن يرقى المسلمون إلى مستوى دينهم، وأن يتعاطوا جدياً مع دينهم، وأن لا يدعوه وراءهم، فيجب أن يجعلوا القرآن أمامهم وخلفهم وعلى جوانبهم، وأينما داروا يجب أن تكون وجهتهم الإسلام، وهذا الإرتقاء إلى مستوى الإسلام سيشكّل أفضل وسيلة لنشر الإسلام -بإذنه تعالى- في الغرب.

ويجب على المسلمين في الغرب أن يفكروا في تملك وسائل الإعلام من إذاعات وتلفزيونات وجرائد؛ لأنّ ذلك سيسهم في تقديم صورة ناصعة عن الإسلام، عكس الصورة التي يحرص بعض الناس على تقديمها عن الإسلام، وتملك المسلمين لوسائل الإعلام في الغرب أمر متاح ومباح في نفس الوقت. وللإشارة فإنّ الغربيين لديهم فضول كبير لمعرفة الإسلام، وأنا شخصيا قبل إسلامي لم تكن لديّ تلك المعلومات الكافية عن الإسلام، ربما معلومات عامة، فلو كان للمسلمين وسائل إعلامية في الغرب ربما لأمكنني أن أصبح مسلما في وقت باكر.

ومثلما سيؤثّر إلتزام المسلمين في الغرب بإسلام على الغربيين، ويجعلهم يقبلون على هذا الإسلام، فكذلك الأمر بالنسبة للمسلمين في العالم الإسلامي، الذين يجب أن يتركوا الإختلافات المذهبية والتقاتل والتخاصم والصراعات الدائمة المذهبية والسياسية؛ لأنّ وحدتهم وقوتهم ستجعل الغربيين لا يتسهينون بالإسلام وأمة الإسلام. وقد تخصصّ الإعلام الغربي في ملاحقة مثالب المسلمين ونقائصهم وصراعاتهم، وتضخيمها؛ ليحرّف الرأي العام في الغرب، ويقدم الإسلام على أساس أنّه قرين للتخلف والديكتاتورية، والفقر والأمراض.. وما إلى ذلك.

بإعتبارك غربياً وسويدياً، كيف أصبحت ترى هذا الغرب عندما أصبحت مسلماً ملتزماً!

في كل حضارة يوجد مساوئ ومحاسن، وربما سأحتاج إلى وقت طويل لإحصاء كل ذلك، غير أنّ الإفراط في المادية، والإبتعاد عن الروح، أدى إلى إنكسار كبير في الحضارة الغربية، ولأجل ذلك بدأ الغربيون المسيحيون يقبلون على الإسلام، لأنّه دين المستقبل من جهة، ولأنّه أجاب عن كل التساؤلات الوجودية المعقدة والمحيرة، ورسم نهجاً سامياً للحياة.

وبصياغة غربية بسيطة فإنّ الإسلام هو دين العقل والمنطق، والعقل البشري عندما يتجرد عن الإيديولوجيا يكتشف تلقائيا عظمة الإسلام.

وأنت شخصياً ماذا أعطاك الإسلام!

لقد أعطاني الله بالإسلام ذلك الشيء الذي كنت أفتقده في حياتي، وكنت أتمناه على الدوام، لقد عرفت من أنا، وإلى أين، وكيف، ولماذا، وما إلى ذلك من التساؤلات، لقد أرجعني الإسلام إلى إنسانيتي وفطرتي وروحي ونفسي، لقد أدركت بالإسلام سرّ الحياة، وسرّ الوجود، وسرّ الممات وبعد الممات، وبعد أن كنت عبثياً شهوانياً استرجعت هويتي الإنسانية بفضل الإسلام.

لقد أعطاني الإسلام منهج حياة، وأستطيع أن أقول أنا مسلم إذن أنا موجود، فقبل الإسلام كنت عدماً لم أكن شيئا مذكوراً. والحمد لله ربّ العالمين الذي هداني إلى خطّ الإسلام.

شكراً لك سيبستيان على هذا الحوار الشيق، وأتمنى أت تصل كلماتك هذه إلى المسلمين كافة في القارات الخمس، ووفقك الله تعالى .

حاوره: الكاتب والمفكر يحيى أبو زكريا: abouzakaria10@hotmail.com

المصدر: نقلا عن موقع الجزائر تايمز:

http://www.algeriatimes.net/news/algernews.cfm?ID=1778

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:08 AM
ربع سكان العالم مسلمون
عدد المسلمين في العالم بلغ 1.57 مليار نسمة (الفرنسية-أرشيف)

كشف تقرير أعده منتدى أميركي متخصص في الأديان أن عدد المسلمين في العالم بلغ 1.57 مليار نسمة، أي أن هناك نحو مسلم واحد بين كل أربعة أشخاص في العالم.

ويقدم التقرير -الذي أعده منتدى "بيو" الأميركي للدين والحياة العامة، واستغرق إنجازه ثلاث سنوات- صورة قد تكون غير متوقعة للبعض عن عدد المسلمين في دول العالم، ويشير إلى أن عدد المسلمين في ألمانيا أكثر من عددهم في لبنان، وعددهم في الصين أكثر من سوريا، وعددهم في روسيا يفوق عددهم في الأردن وليبيا معا، وعددهم في إثيوبيا يماثل تقريبا عددهم في أفغانستان.

وتقول الأستاذة المساعدة في قسم العلوم السياسية في جامعة برنسيتون الأميركية أماني جمال إن هذا التقرير يمحو الفكرة السائدة القائلة إن المسلمين هم العرب والعرب هم المسلمون.

ويصف مسؤولو المنتدى التقرير بأنه الأكثر شمولية لعدد معتنقي الإسلام في العالم وتوزيعهم الديموغرافي، مقارنة بعدد المسيحيين في العالم الذي يقدر -حسب المنتدى- بما بين 2.1 و2.2 مليار مسيحي.

ويقول التقرير إنه بينما يتركز الثقل الإسلامي في الشرق الأوسط، فإن العدد الأكبر من المسلمين يعيشون في آسيا حيث يوجد هناك أكثر من 60% من عدد المسلمين في العالم.

ويعيش نحو 20% من المسلمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و15% في دول جنوب الصحراء الأفريقية و2.4% في أوروبا و0.3% في الأميركتين.

ويشير التقرير إلى أن نحو 317 مليون مسلم -أي خمس عدد المسلمين في العالم- يعيشون في بلدان لا يشكل المسلمون أغلبية فيها.

ونحو ثلاثة أرباع المسلمين الذين يعيشون كأقليات يتركزون في خمسة بلدان، وهي -حسب التقرير- الهند (161 مليون مسلم) وإثيوبيا (28 مليون مسلم) والصين (22 مليون مسلم) وروسيا (16 مليون مسلم) وتنزانيا (13 مليون مسلم).

ويذهب التقرير إلى أن ثلثي المسلمين يعيشون في عشر دول، ست منها في آسيا (إندونيسيا وباكستان والهند وبنغلاديش وإيران وتركيا)، وثلاث في شمال أفريقيا (مصر والجزائر والمغرب)، ودولة واحدة في دول جنوب الصحراء الأفريقية وهي نيجيريا.

وتضم إندونيسيا أكبر عدد من المسلمين (203 ملايين مسلم أو 13% من عدد المسلمين في العالم)، أما أوروبا فيقطنها 38 مليون مسلم، من بينهم أكثر من أربعة ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا وحدها.

ومن بين نحو 4.6 ملايين مسلم يعيشون في الأميركتين، يوجد أكثر من نصف هذا العدد في الولايات المتحدة حيث يشكلون 0.8% من العدد الكلي للسكان في هذا البلد، ونحو 700 ألف مسلم في كندا.

التعليق على الخبر:

عن أبي عبد السلام، عن ثوبان، قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها "، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال: " بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن "، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: " حب الدنيا، وكراهية الموت " .أخرجه أبو داود في سننه (2/10 2) والروياني في مسنده (ج 25/134/2) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عنه ، ورجاله ثقات كلهم غير أبي عبد السلام هذا فهو مجهول ، لكنه لم يتفرد به بل توبع -كما يأتي- فالحديث صحيح .

الحديث الشريف فيه إخبار بالغيب على لسان النبي صلى الله عليه وسلم يحذرنا به من تكالب الأمم الكافرة على المسلمين لتقاسم خيراتها وكان سؤال الصحابة هل نكون قلة وقتها فيجيب النبي صلى الله عليه وسلم بل أنتم كثير، ولكن لا قيمة لكثرتكم ولا منعة، فلا يهابكم عدوكم، وبين السبب أنه حب الدنيا وكراهية الموت في سبيل الله.

في الحديث الشريف فيه إشارة إلى أن المسلمين في آخر الزمان سوف يكونوا كثير بخلاف ما كانوا عليه وينتشر الدين الإسلامي في كل العالم ولكن لا يكون لهم وزن ولا هيبة بسبب ركونهم إلى الدنيا وتركهم الجهاد في سبيله وتتكالب عليهم الأمم كلها لسلب خيراتهم.

فالحديث يشير إلى أن الخلاص مما نحن فيه يكون بنبذ هذا العامل، والأخذ بأسباب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، حتى يعودوا كما كان أسلافهم " يحبون الموت كما يحب أعداؤهم الحياة " .
http://www.aljazeera.net/news/international/2009/10/8/%D8%B1%D8%A8%D8%B9-%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86

تقرير إخباري كندي ... الإسلام قادم

بقلم ياسر قطيشات ـ صحفي

أصدرت إحدى المؤسسات البحثية في كندا فلما وثائقيا خطيراً تحذر فيه من الانتشار المتنامي للإسلام في العالم، خاصة في أوروبا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، والفلم الوثائقي، الذي أنتجته المؤسسة البحثية في 25 ابريل 2009 وانتشر بصورة مذهلة على شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" ومدته ثمانية دقائق وتم ترجمته لعدة لغات أجنبية، يتناول واقع النمو السكاني الطبيعي في أوروبا والولايات المتحدة وكندا ومقارنته بالنمو السكاني الهائل للمسلمين في الغرب، خاصة بعد الهجرات الكثيفة للعرب والمسلمين صوب الغرب منذ منتصف القرن الماضي. ويبدأ التقرير المصوّر عرضه بمقدمة يشير فيها إلى الاختلاف الكبير والخطير اليوم لتوزيع الديموغرافيا العالمية الحالية، حيث تثبت البحوث العالمية الحديثة أن أي ثقافة بحاجة إلى (2.11%) كحد ادني لمعدل الإنجاب في كل عائلة لتتمكن تلك الثقافة من الاستمرار في الوجود لمدة (25) عاما على الأقل، وأي حضارة لا تمتلك هذا الحد الأدنى سيكون مصيرها التراجع والاندثار المجتمعي. ويرى التقرير بان الثقافة التي تمتلك معدل مواليد يبلغ (1.9%) لن تتمكن من الانتشار نهائيا، وإذا تدنى ذلك المعدل إلى (1.3%) فإنها ستحتاج إلى مدة تبلغ من 80-100 عام لعكس اتجاه النمو السلبي لتلاشي الاندثار، حيث انه لا يوجد أي نظام اقتصادي يستطيع أن يمكّن تلك الثقافة "متدنية الإنجاب" من البقاء والاستمرار.

بكلمات أخرى يضرب التقرير مثالا حياً على ذلك : "فلو ولد مليون طفل فقط في عام 2006م فسيصعب تزويد القوة العاملة في المجتمع بمليون فرد عامل بحلول عام 2026م.. وهذا سيؤدي بالتالي إلى انكماش عدد سكان تلك الثقافة وتدريجيا انكماش اقتصادها واندثارها في نهاية الأمر" !!.

ويقدم الفلم الوثائقي أرقاما لمعدلات المواليد في معظم الدول الأوروبية في عام 2007م : ففي فرنسا (1.8%)، انجلترا (1.6%)، اليونان (1.3%)، ألمانيا (1.3%)، ايطاليا (1.2%)، اسبانيا (1.1%)... أما في القارة الأوروبية برمتها والمكونة من (31) دولة فكانت معدلات المواليد (1.38%) لا غير.

لذلك يؤكد علماء الديموغرافيا استحالة عكس النمو المتراجع لتلك المجتمعات الأوروبية على المدى المنظور، ويرى التقرير أن أوروبا اليوم بمعدلات الخصوبة أعلاه تحتاج إلى سنوات قليلة فقط لتتوقف عن الوجود بشكلها الحالي اليوم !!.

وبالرغم من ذلك فان عدد سكان أوروبا اليوم –حسب التقرير- ليس متناقصاً بل متزايدا والسبب ليس ارتفاع معدلات النمو الطبيعي في أوروبا وإنما هو ارتفاع معدلات الهجرة إليها، وبالأحرى الهجرة الإسلامية !! حيث شكل المسلمون ما نسبته (90%) من مجموع المهاجرين إلى أوروبا منذ عام 1990م.

ففي فرنسا مثلا معدلات المواليد فيها (1.8%) يقابلها معدلات مواليد في العالم الإسلامي يبلغ (8.1%) في بعض الأحيان. وفي جنوب فرنسا المعروف تقليديا بأنه من أكثر المناطق المكتظة بالكنائس في العالم فانه يحوي اليوم عددا أكثر من المساجد الإسلامية مقارنة بعدد الكنائس فيها.. وفي فرنسا أيضا فان نسبة السكان المسلمين تحت سن العشرين في المدن الكبيرة مثل باريس ونيس ومرسيليا تبلغ (30%) من سكان تلك المدن، علما بان تلك النسبة يتوقع أن ترتفع إلى (45%) بحلول عام 2027م حسب التقرير، ما يعني أن خمس سكان فرنسا سيكونون من المسلمين خلال (39) سنة فقط، وسوف تتحول فرنسا إلى جمهورية إسلامية !! هذا ما يتوقعه التقرير. وفي بريطانيا ارتفع عدد المسلمين فيها خلال الثلاثين سنة الماضية من (82) ألف مسلم إلى (2.5) مليون مسلم بزيادة مقدرها ثلاثين ضعفا وفيها أكثر من ألف مسجد اليوم، علما أن أغلب تلك المساجد كانت كنائس في السابق !! وهذا أمر غير مفهوم أبدا فكيف تحولت الكنائس إلى مساجد كما يزعم التقرير !!

أما في هولندا فان (50%) من المواليد الجدد هم من المسلمين وهذا يعني بأن نصف سكانها سيكونون من المسلمين خلال (15) سنة قادمة. وفي روسيا اليوم هناك أكثر من (23) مليون مسلم يشكلون خمس إجمالي سكانها، ويتوقع التقرير ان يبلغ المسلمون ما نسبته (40%) من تعداد الجيش الروسي خلال سنوات قصيرة، وفي بلجيكا اليوم فان(25%) من السكان و (50%) من المواليد الجدد من المسلمين.

ويذكر التقرير ان حكومة الاتحاد الأوروبي أفادت بان ثلث المواليد في أوروبا سيكونون من المسلمين بحلول عام 2025م أي خلال (15) عام تقريبا. علماً أن الحكومة الألمانية أول من تحدث عن هذا الخطر علنا، حيث أفادت رسميا أن الهبوط الحاد في معدلات النمو السكاني في ألمانيا لا يمكن إيقافه الآن لوصوله إلى مرحلة اللاعودة وان ألمانيا ستصبح دولة مسلمة بحلول عام 2050م !!

ويدعم التقرير أدلته بتصريح سابق للرئيس الليبي معمر القذافي قال فيه : "هناك اليوم دلالات وإشارات واضحة بان الله سيمنح المسلمين النصر في أوروبا بدون الحاجة إلى سيوف أو مدافع ولا غزوات... المسلمون في أوروبا والبالغ عددهم فوق الخمسين مليون اليوم سيحولون القارة الأوروبية إلى قارة مسلمة خلال عقود فقط..".

ويبين التقرير أن في أوروبا اليوم أكثر من (52) مليون مسلم، وأن الحكومة الألمانية حذرت من أن هذا الرقم مرشح للتضاعف خلال السنوات العشرين القادمة ليصل إلى (104) مليون مسلم.

أما في كندا، فان معدلات المواليد اليوم تبلغ (1.6%) وهذا أقل من الحد الأدنى المطلوب للحفاظ على ثقافة ونسل المجتمع الكندي، في حين أن الإسلام اليوم هو أسرع الأديان نمواً في كندا. وما بين عامي 2001م الى 2006م زاد عدد سكان كندا مليون و600 ألف نسمة كان منهم مليون و200 ألف نسمة من المهاجرين.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية كانت معدلات المواليد هناك (1.6%) وبدعم من المهاجرين من الأصول اللاتينية فقد ارتفعت تلك النسبة إلى (2.11%) وبذلك حصلت الولايات المتحدة وبصعوبة بالغة على الحد الأدنى لمعدلات المواليد المطلوبة للحفاظ على الثقافة المجتمعية لمدة (25) عاما فقط. وبينما كان عدد المسلمين في الولايات المتحدة عام 1970م (100) ألف مسلم فقط ارتفع عدد المسلمين اليوم إلى أكثر من (9) مليون مسلم. ويختم التقرير عرضه الخطير بالتحريض -بطريقة خبيثة وغير مباشرة- ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا والولايات المتحدة بقوله (قبل ثلاث سنوات عُقد اجتماع في شيكاغو الأمريكية ضم (24) منظمة إسلامية وقد شرحت محاضر الاجتماع الخطط الموضوعة لاجتياح الولايات المتحدة الأمريكية من خلال العمل السياسي والإعلامي والتعليمي وغير ذلك من النشاطات... وأكد المؤتمرون على ضرورة التحضير والتهيؤ لحقيقة بلوغ عدد المسلمين في الولايات المتحدة إلى (50) مليون مسلم خلال الثلاثين سنة القادمة !!).

ويضيف جملة أكثر خطورة وتحريضا ضد المسلمين بقوله : (أفاد تقرير صدر مؤخرا أن عدد المسلمين اليوم فاق عدد أعضاء الكنيسة الكاثوليكية، وبحسب بعض الدراسات المتعلقة بمعدلات نمو الإسلام الحالية في العالم فان الإسلام سيكون الدين المهيمن على العالم في غضون خمس إلى سبع سنوات قادمة...لذلك فهذه دعوة للانضمام إلى جهودنا للتبشير برسالة المسيح الإلهية في عالمنا المتغير اليوم.. هذه دعوة للاستيقاظ والعمل).

يمكن مشاهدة التقرير الإخباري على موقع اليويتويب باللغة الفرنسية

http://www.youtube.com/watch?v=h2k6klp-UlM

أو

http://vids.myspace.com/index.cfm?fuseaction=vids.individual&videoid=17685881



نقلا عن موقع خبرني الإخباري

http://www.khaberni.com/home.asp?mode=more&NewsID=22804&CatID=1

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:14 AM
نصارى مصر يطالبون "السيسي" بالتدخل لوقف تحول المسيحيين للإسلام
ن "حملة جني المكاسب" بعد تأييدهم للانقلاب ودورهم في هدم نظام الرئيس "محمد مرسي" الإسلامي

، والتي شملت نجاحهم في حذف مواد الهوية الإسلامية من الدستور المعدل الجديد، والحصول على سلسلة حوافز ومكافآت للمسيحيين في صورة "كوتة" من المناصب السياسية، وقانون يسمح لهم ببناء الكنائس بحرية دون قيود، طالب نصارى مصر المشير "السيسي"، قائد الانقلاب، بالتدخل لوقف تحول المسيحيين للإسلام، وإعادة جلسات غسيل المخ التي تم إلغاؤها عام 2004م، وكان يقوم بها قساوسة لإجبار من يُسلم أو تُسلم من الفتيات المسيحيات على العودة للمسيحية.

كما تقدموا بطلبات مشابهة لوزير الداخلية والمخابرات، وقدمت رابطة ما يسمى "ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري" مذكرات أخرى لرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية أيضاً؛ "للحد من جرائم الإخفاء القسري للقاصرات المسيحيات"، كما يدعين في مذكراتهن.

حيث تدعي هذه المجموعات القبطية أنه يجري إجبار الفتيات المسيحيات على التحول للإسلام وإخفائهن رغم اعترافها أن كثيراً من هؤلاء الفتيات يظهرن على شرائط فيديو يؤكدن فيها اختيار الإيمان بالإسلام بحرية وعن علم وعقيدة، وزواج بعضهن من شبان مسلمين، ورفضهن العودة لأسرهن كي لا يتم الضغط عليهن للارتداد مرة أخرى للمسيحية.

قصة جلسات النصح والإرشاد

وتعود قصة إلغاء ما كان يسمى "جلسات النصح والإرشاد" إلى عام 2004م عندما أسلمت بعض زوجات الكهنة وأشهرهن "وفاء قسطنطين" وهي امرأة قبطية وزوجة كاهن كنيسة بمحافظة البحيرة (شمال)، قيل: إنها أعلنت إسلامها في عام 2004م، وهو ما أعقبه تظاهرات لمسيحيين اتهموا خلالها جهات بالضغط على "قسطنطين" لإعلان إسلامها؛ الأمر الذي دفع السلطات المصرية حينها إلى تسليمها للكنيسة المصرية وما يسمى "جلسات النصح والإرشاد"، والتي أعلنت بعد ذلك عودتها إلى النصرانية مرة أخرى، ثم إخفاؤها ولم تظهر منذ ذلك الحين؛ ما دفع السلطات المصرية للاستجابة لحملة الضغط التي مارستها جهات إسلامية وأزهرية لإلغاء هذه اللجنة، ولمعاقبة الكنيسة أيضاً؛ لأنها تحدت أجهزة الدولة الأمنية وأخفت زوجة القس التي أسلمت.

أزمة خطيرة

فقد أقام أقباط مصر أزمة خطيرة حينئذ بادعاء أن المسلمين قاموا بإجبار ثلاث من زوجات كهنة الأقباط وفتيات صغيرات على الإسلام والهرب من أزواجهن القساوسة، وتحولت الأزمة فجأة إلى حريق عندما ادعى عدد من قادة الكنائس في محافظات البحيرة وأسيوط والقاهرة أن هناك مخططاً يقوم به المسلمون لـ"أسلمة زوجات الكهنة"، وتزويج الفتيات الصغيرات المسيحيات من مسلمين؛ بهدف إجبارهن على التحول للإسلام، وادعوا أن مسؤولين بالإدارات المحلية ومن الحزب الوطني الحاكم حينذاك يتسترون على هذا المخطط المزعوم.

ومع أن قصة السيدة "وفاء قسطنطين" زوجة كاهن كنيسة أبو المطامير كانت أكثر هذه القصص شهرة؛ بسبب تسليط الأضواء عليها؛ لأنها أقرت رسمياً في زيارة للأجهزة الأمنية وفي زيارة للأزهر الشريف منذ اليوم الأول لتركها منزلها أنها أسلمت سراً منذ عام وتصلي وتصوم وتحفظ ثلث القرآن، فلم يلتفت أحد لباقي قصص زوجات الكهنة خصوصاً زوجة قس "الشرابية" أو الزاوية الحمراء شمالي القاهرة، وفتاة قرية "درنكة" التي ترددت مزاعم عن خطفهن وتزوجيهن للمسلمين بالقوة الجبرية.

قصص ملفقة

فقد ثبت أن كل هذه القصص ملفقة، وأن زوجات الكهنة – بمن فيهن "وفاء" - هربن من منازلهن بإرادتهن لقناعتهن بالإسلام، وعلمهن أنه لا يجوز لهن البقاء على ذمة غير المسلم، حيث تبين أن زوجة كاهن "الشرابية" ذهبت بالفعل إلى شيخ الأزهر في مكتبه – كما روى الشيخ طنطاوي ذلك - تطلب إشهار إسلامها، لكن الشيخ نصحها بالتروي حقناً للفتنة وصرفها من مكتبه؛ لأن هناك قواعد لتحول المسيحيات وخاصة زوجات الكهنة للإسلام تشترط موافقة الجهات الأمنية المصرية والكنيسة نفسها على إشهار أي مسيحي أو مسيحية إسلامه منعاً للفتنة الطائفية في مصر!

وعقب مظاهرات قبطية ومصادمات مع قوات الأـمن عادت زوجة قس الشرابية إلى بيتها بعدما رفض الأزهر إشهار إسلامها في البداية، وأقنعها رجال الكنيسة – فيما يسمى "جلسات الإرشاد" - بالعودة لبيتها، وعادت فتاة قرية "درنكة" لبيتها لأنها قاصر (14 عاماً)، والجهات الأزهرية ترفض إشهار إسلام أحد لا يبلغ الـ20 عاماً كما قال شيخ الأزهر، كما عادت زوجة قس أبو المطامير، ولكن وفق اتفاق غير واضح المعالم، بحيث لا تعود لزوجها ولا تشهر إسلامها وتبقى مسيحية قانوناً وربما مسلمة قلباً وهي مكرهة، ثم اختفت تماماً من الوجود، وأثيرت تكهنات عن قتل الكنيسة لها أو سجنها في أحد الأديرة!

عرف .. وليس قانون

وقد سألت "المجتمع" الدكتور محمد سليم العوا، المفكر الإسلامي والفقيه القانوني، عن حقيقة وجود هذا "القانون" أو "القواعد" التي تحكم تحول أي مصري قبطي للإسلام؟ ومتى ظهرت؛ أي جلسات النصح والإرشاد؟ فقال: إنه "ليس هناك قانون، ولكنه عُرف جرى عليه الأمر"، بحيث تُجرى جلسة – لمن يرغب من الأقباط في التحول للإسلام – في مقر مديرية الأمن كجهة محايدة أو أي مكان بعيد عن الكنيسة، وهو ما لم يحدث في قضية زوجة كاهن أبو المطامير التي وضعت في بيت تابع للأقباط الأرثوذكس وتعاقب عليها قادة الكنيسة لإقناعها بالبقاء مسيحية.

وقال د. العوا: إن الهدف كان أن يتأكد الجميع أن هذا الشخص غير مكره على الدخول في الإسلام، وهذا العرف وافق عليه رجال الدين الإسلامي، وفي نهاية هذه الاجتماعات يصدر بيان من الجميع بما اختاره الشخص القبطي من الإصرار على التحول للإسلام أو البقاء على مسيحيته، مشيراً إلى أن هذا "عُرف قديم قِدَم الدولة المصرية".

الكنيسة أخفتها

واللافت هنا أن قادة الكنيسة سبق أن طلبوا من الحكومة المصرية أن يتم إلغاء شرط وضع راغبي التحول للإسلام في مديريات الأمن وتسليمهم مباشرة للكنيسة، وهو ما حدث مع "وفاء قسطنطين"، ولكن الكنيسة أخفتها منذ عام 2004م حتى الآن، والآن يطالبون بأن تُجرى هذه الجلسات داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان.

أوهام الاختفاء القسري

وقد استغلت رابطة ما يسمى "ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري" أجواء ما بعد انقلاب 3 يوليو وتوالي المكاسب المسيحية في ظل غياب التيار الإسلامي بالقتل والاعتقال؛ للسعي لإعادة ما يسمى "جلسات النصح والإرشاد" التي تستهدف إجبار المسيحيات على الارتداد عن الإسلام والعودة للمسيحية مرة أخرى تحت ضغوط وترهيب وترغيب من أهل الفتيات والقسس، وسعت هذه المرة لتصعيد مطالبها ونقلها إلى المشير "السيسي" ووزير الداخلية والرئاسة ورئاسة الوزراء، مستغلة فكرة "الاختفاء القسري" لتبرر مطالبها، برغم أن

الفتيات اللاتي تحولن للإسلام لسن مختفيات، وظهرن في فيديوهات يؤكدن إسلامهن ورفضهن العودة لأسرهن المسيحية مرة أخرى.

و"رابطة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري" هي رابطة حقوقية غير رسمية، تقول: إن مهمتها تقديم المُساعدة لأُسر وعائلات الفتيات اللواتى وقعن ضحية للاختطاف أو الاختفاء القسري، وتقديم كل وسائل الدعم المادي والقانوني والمعنوي لها، أسسها الناشط القبطي "إبرام لويس"، في أبريل 2010م.

أكذوبة اختطاف الفتيات

وقد ثبت أن ما سمي "اختطاف فتيات مسيحيات وإكراههن على الإسلام"، أنها "أكذوبة"، ومنها قضية الفتاتين "ماريان"، و"كريستين" اللتين تحولتا للإسلام وتزوجتا شابين مسلمين، وظلت أبواق الدعاية القبطية تروج أنهما مختطفتان بعدما ظهرتا فجأة لتعلنان – على الهواء مباشرة عبر قناة "دريم" المصرية - أنهما ليستا مخطوفتين، وأنهما أسلما طواعية دون إكراه من شابين مسلمين بوثيقة زواج رسمية، بل وأنجبا منهما، وكشفا عن أن سبب اختفائهما هو الخوف من مطاردة أوساط قبطية لهما، أو تعرضهما لأذى، وطالبتا بحمايتهما من تعرض أحد لهما مع الاستعداد لأي مناظرة تلفزيونية مع المتشككين في إسلامهما.

ولهذا كان غريباً أن تعود هذه الرابطة لتتحدث عن اختفاء قسري للفتيات والزعم - في بيان على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك – أن الهدف من المذكرة المقدمة لـ"السيسي" هو الوقف الفوري لجرائم الإخفاء القسري للقاصرات، واستغلال الدين كوسيلة لتفتيت كيان أُسر بأكملها، وتشتيت شملها، الأمر الذي يُهدد أمن مجتمعنا وسلامة بنيانه الاجتماعي، ويُنذر بفتن لا طائل من ورائها، سوى تحقيق أهداف مشبوهة لجماعات مُتطرفة تعمل في العلن وفي الخفاء على مَحو هوية فصيل أصيل من الشعب المصري من خلال محاولات "الأسلمة الجبرية"!

منع إسلام المسيحيات

أما هدف الرابطة الحقيقي لمنع إسلام المسيحيات فظهر في طلبها عودة لجان النصح والإرشاد أو تشكيل لجنة خاصة، تضُم أحد القساوسة وأحد المشايخ وأحد أعضاء المنظمات الحقوقية، تكون مهمتها الاجتماع براغبي إشهار الإسلام، للتأكد من عدم وقوعهم ضحية للضغط أو التلاعب، بحسب زعمها.

وكانت الرابطة قد دعت إلى عودة الجلسات في عهد الرئيس "محمد مرسي" في فبراير الماضي، وهو الأمر الذي رفضته الجبهة السلفية آنذاك، وأكدت أن إلغاءها جاء إثر حادثة اختطاف "وفاء قسطنطين" التي أعلنت إسلامها من قبل الكنيسة، بعد أن استدرجتها لجلسات النصح والإرشاد، وقالت الجبهة حينها: إن من حق أي شخص اعتناق الدين الإسلامي دون أن يراجعه أحد في قراره.

زعم كاذب

وزعمت هذه الرابطة أن عدداً من الفتيات القبطيات مختطفات، مثل "سارة إسحق عبدالملك" (14 عاماً)، المختفية منذ 30 سبتمبر 2012م، والتي نشرت الجبهة السلفية بياناً أعلنت فيها أنها أشهرت إسلامها، وحذرت من محاولة إرجاعها إلى أسرتها، و"نادية مكرم كامل مهني"، المختفية منذ 23 أكتوبر 2011م، و"مرثا سعيد يعقوب"، و"مريم ميلاد فريد"، المختفية منذ 7 يوليو 2012م، و"دميانة أيوب رجاء جاد سيد"، المختفية منذ 17 مايو 2011م، و"كريستينا عبدالسيد لبيب جرجس"، المختفية منذ 26 يناير 2012م، وطالبوا المشير "السيسي" بتحديد موعد لاحق للقاء أحد ممثلي الرابطة أو أسر الضحايا، لبحث الأزمة من كافة جوانبها.

وسعت هذه الرابطة المسيحية لتحذير "السيسي" ووزير الداخلية مما زعمت أنه "فتنة تنذر بحرب أهلية"، مطالبة بالعمل على إعادة "جلسات النُصح والإرشاد الديني" للراغبين في تغيير الدين، زاعمة أن "حسني مبارك"، ووزير داخليته (حبيب العادلي) قاما بإلغائها عام 2004م؛ "إمعاناً في إذلال الأقباط ونكاية فيهم!

أيضاً هدد "إبرام لويس"، مؤسس رابطة "ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري"، بتنظيم وقفة احتجاجية أمام رئاسة الجمهورية، للمطالبة بإعادة هذه اللجنة التي تمنع تحول المسيحيات للإسلام بعدما قامت الرابطة بالفعل بتنظيم وقفة احتجاجية يوم 28 ديسمبر الماضي، وعقب الوقفة تم عقد لقاء مع أحد مساعدي وزير الداخلية وتسليمه خطاباً بمطالبهم.

http://mugtama.com/hot-reports/2014-02-01-12-28-05/item/228-%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%89-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D9%84%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%8A%D 9%86-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85.html


https://www.youtube.com/watch?v=CD1XumpsWmM

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:16 AM
إسلام 30 من كبار الأساقفة والقساوسة بالفاتيكان سبب استقالة بابا روما!

هيمن خبر القرار المفاجئ لبابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر بإعلان استقالته من رئاسة الكنيسة الكاثوليكية لأسباب صحية؛ على معظم الصحف الغربية بلا استثناء، وأصبح من دواعى الإثارة والغموض ما يستدعى التوقف أمامه طويلا بالبحث والاستقصاء ومحاولة تجلية الأسباب الحقيقية وراءه.
فالرجل لم يتول موقعه فى قمة العالم المسيحى، خاصة الكنيسة الكاثولوكية، وهو فى أتم صحة وعافية، بل وهو مسن فى الـ78 سنة، وما يعنيه ذلك من أمراض الشيخوخة، ويعلم جيدا عند توليه المنصب أنه معتل الصحة ومتقدم فى العمر، كما أنه لم يكن الأول فى ذلك؛ فيوحنا بولس الثانى كانت صحته أكثر اعتلالا، ورغم ذلك ظلّ فى منصبه حتى وافته المنية.
ولندرك حجم هذه الخطوة التى أقدم عليها البابا.. فيكفى أن نعرف أنها تحدث لأول مرة منذ القرن الخامس عشر.. أن يستقيل بابا الفاتيكان. كما أن «واشنطن بوست» قالت إن عدد الاستقالات من البابوية خمس خلال ألف سنة، آخرها كانت سنة 1415، لأنه من غير الممكن الاستقالة من منصب البابا وهو أمر غير مقبول إلا فى حالة الضعف الشديد، لأنه غير ممكن أن تستقيل من كونك أبا؛ كما تقول الصحيفة. نحن إذًا أمام حدث استثنائى بكل تأكيد.
إذًا قصة وهن صحة البابا قصة لن يصدقها أحد، حتى رعاياه من الأطفال الصغار. كما أن هناك فرضية أخرى فى هذه الاستقالة، هى أن المقعد البابوى ينظر إليه العالم الغربى على أنه مقعد مقدس، يملك صاحبه صفات إلاهية، فهل يمكن أن يتنازل البابا عن موقع منحه إياه الرب كما هو فى الفكر الكنسى؟!
فنحن أمام معضلة حقيقية فى تصديق مثل هذا الخبر، ويبقى البحث عن سياق الحدث وتاريخ الرجل؛ فهو التفسير المنطقى العقلانى الوحيد للتعرف على أسباب الاستقالة وتداعيتها.

برّأ اليهود من دم المسيح
يُرجع البعض السبب وراء استقالة البابا، للدراسة التى أصدرها منذ فترة وبرّأ فيها اليهود من دم المسيح، ومن ثم برأ يهوذا الأسخريوطى من دم المسيح؛ فقد كانت الأسطورة تقول إن يهوذا الأسخريوطى -وهو أحد تلامذة المسيح- خان «اليسوع» وسلمه إلى اليهود مقابل 30 قطعة ذهبية، قبل أن يندم وينتحر!
حتى هنا يمكن أن تكون هذه الدراسة سببا لسخط رجال كثر فى الكنيسة عليه، لكنها لا تكفى لجعله يستقيل، والأمر الذى قد يكون بالفعل حاسما لموقفه هذا، هو تعرضه لضغوط سياسية من قبل الكيان الصهيونى بعد أن أعلن أن الفاتيكان يعترف بدولة فلسطين، وسيستعمل تسمية «دولة فلسطين» فى الوثائق الرسمية الصادرة عن دولة الفاتيكان، وربما يكون هذا هو الموقف الوحيد الجيد للبابا تجاه قضايا العرب والمسلمين.
وهو بالطبع الموقف الذى أثار غضب وسخط الإسرائليين واستخدموا ضغوطهم القوية داخل الفاتيكان لجعله يستقيل، وما يعضد هذه الفرضية أنه إذا كانت نفوذهم داخل الفاتيكان جعلت البابا يبرئهم من دم المسيح -وهو جزء أساسى من العقيدة المسيحية لمئات الملايين من البشر عبر العالم وعبر التاريخ- ألا يمكن أن يصل نفوذهم إلى إجباره على الاستقالة؟!

الفضائح الجنسية المتكررة
من الأمور الأساسية كذلك التى قد تكون خلف استقالة البابا، هى الفضائح الجنسية المتكررة – خاصة فضائح التحرش بالأطفال- التى تم الكشف عنها مؤخرا فى العاصمة الروحية والأخلاقية للمسيحيين الكاثوليك فى العالم.
كذلك من الأسباب المهمة للخطوة التى أقدم عليها البابا هو فشله فى المواكبة بين تعاليم الكنيسة الصارمة غير القابلة للنقاش، وبين مستجدات اجتماعية وأخلاقية ظهرت فى المجتمعات العلمانية فى الغرب مثل تحديد النسل والشذوذ والإجهاض وقضايا الإيمان، كل هذه القضايا لا تزال محل جدل كبير بين الكنيسة والمجتمع العلمانى، وانتقلت هذه الصراعات داخل الكنيسة نفسها، بين مؤيد لهذه القضايا حتى لا تفقد الكنيسة أتباعها، وبين معارض لها ويراها أفعالا مشينة يجب رفضها.

إسلام كبار القساوسة
وجهة نظر أخرى يطرحها عصام مدير، المتخصص فى التنصير فى جنوب إفريقيا مع الشيخ «ديدات»، ونشرتها «واشنطن بوست» من أن سبب الاستقالة يرجع إلى إسلام 30 شخصا من كبار الأساقفة والقساوسة بالفاتيكان، وتجرى حاليا محاكمات واسعة لمعاقبتهم وطردهم من الكنيسة، على ما أفادت الهيئة الإسلامية العالمية للإعلام والكلام لعصام مدير.
المعلومات التى يؤكّدها «مدير» تعود إلى العام 2006، حيث حاول البابا التغطية على إسلام أولئك بافتعال ضجة بتصريحاته المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، لكنّه مع ذلك لم يستطع نفى ذلك الخبر.
السر الأخطر فى الموضوع والذى كشفه مدير، هو أن هناك ثلاثة ممّن يكتمون إسلامهم داخل الفاتيكان، ظل بابا روما يحاول معرفتهم دون جدوى، أحد أولئك الثلاثة هو المسئول عن تسريب وثائق تدين الفاتيكان والبابا، وهى الفضائح التى كانت تخرج تترى حول الاعتداءات على الأطفال داخل الكنائس.
بسبب نشر تلك الفضائح، هناك قضايا مرفوعة اليوم ضد البابا فى بريطانيا، بسبب ما فعلته الكنيسة الكاثوليكية من تستر على اعتداءات كثيرة ومتكررة من باباواتها تجاه الأطفال خلال عقود من الزمان.
الوثيقة الأخطر التى تم تسريبها ولم تنشر بعد، هى وثيقة فاتيكانية عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- تحتوى على نسخة قديمة من الأناجيل فيها اسم نبينا الأعظم، وهو ما سيقلب الطاولة على الفاتيكان وأهله.
ويضيف مدير: أذكّر زملاء الإعلام والناس بما يعرفه أكثرهم من قبل: «الفاتيكان لديه أرشيف وثائق ومخطوطات سرية سُرّب بعضها من سنة، وقد سجن المسرب وحوكم، وذكر الفاتيكان وجود مصادر تسريب داخلية به أخرى. وكذلك إسلام أكثر من 35 من رجالات الفاتيكان بقى منهم 3 يكتمون إسلامهم وسربوا وثائق، ومع تسرب الوثائق عثر على نسخة قديمة للإنجيل فى تركيا، قيل إن فيها اسم الرسول، فضج الفاتيكان إعلاميا ودبلوماسيا لشراء النسخة من تركيا، ثم اكتشف الفاتيكان مؤخرا أن نسخة تركيا غير النسخة التى فقدها من أرشيفه، ولم تعثر مخابرات الفاتيكان عليها، ولا اكتشف من يكتمون إسلامهم».
هذه الأسباب تعد الأسباب الأكثر منطقية لتفسير الحدث المزلزل بالفاتيكان، والذى يتوقع أن يكون له تداعياته الكبيرة على العالم المسيحى، لا للاستقالة فحسب، ولكن لأسبابها الحقيقية التى ستتكشف قريبا، وهى كما أسلفنا أسباب قد يكون بعضها مزلزلا للفاتيكان وأتباعه.



http://www.elshaab.org/news/50960/%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-30-%D9%85%D9%86-%D9%83%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D9%82%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%88%D8%B3%D 8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%83%D 8%A7%D9%86-%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D8%B1%D9%88%D9%85%D8%A7

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:19 AM
الإسلام هو الأول عالمياً ويتجاوز 2 مليار مسلم

http://www.kaheel7.com/ar/index.php/2010-02-02-22-25-21/1732--2-

كشف مركز بحثي أمريكي أن الإسلام بعد عام 2070 سيكون الديانة الأوسع انتشارا في العالم إذا استمرت الاتجاهات الديموغرافية الحالية. وتوقع مركز "بيو" (غير حكومي)، في دراسة حديثة له، أن يزيد عدد المسلمين بنسبة 73 بالمائة والمسيحيين بنسبة 35 بالمائة خلال الفترة بين 2010 و2050، إذا استمر معدل النمو السكاني العالمي الراهن. وفق المركز، فإنه في عام 2010، بلغ عدد المسيحيين حول العالم 2.2 مليار نسمة ما يعادل 31 بالمائة من سكان العالم البالغ حينئذ 6.9 مليار نسمة، بينما حل المسلمون في المرتبة الثانية بحوالي 1.6 مليار نسمة؛ ما يعادل 23 بالمائة من سكان العالم. وحسب توقعات "بيو" الجديدة، فإنه بحلول عام 2050 سيحدث تقارب بين أعداد المسلمين والمسيحيين، منهية ربما ألفي سنة من الهيمنة المسيحية في العالم. ففي الوقت الذي يقول فيه قساوسة إن أعداد المسيحيين كانوا دائما أكثر من المسلمين، يقول علماء مسلمون إن أعداد المسلمين تجاوزت أعداد المسيحيين خلال العصر الذهبي للإسلام في الفترة بين القرنين الـ11 و17 الميلادي. وطبقا لدراسة "بيو" الجديدة، فإن المسلمين هم الأعلى خصوبه حاليا بواقع 3.1 طفل لكل امرأة، بينما يأتي المسيحيين في المرتبة الثانية من حيث الخصوبة بواقع 2.7 طفل لكل امرأة. وأضافت الدراسة أنه إذا استمرت الاتجاهات الديموغرافية الحالية فإنه بعد عام 2070 ستتجاوز حصة المسلمين من سكان العالم حصة المسيحيين. وبحلول عام 2100 ستتجاوز أعداد المسلمين أعداد المسيحيين بنسبة مقدرها واحد بالمائة من سكان العالم. توقعات "بيو" تشير إلى أن عدد سكان العالم في 2050 سيرتفع إلى 9.3 مليار نسمة، بزيادة قدرها 35 بالمائة مقارنة بعام 2010 الذي بلغ فيه سكان العالم 6.9 مليار نسمة. و"بيو" هو مركز بحثي أمريكي مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن، ويعمل في مجال أبحاث الشعوب.

اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : https://almesryoon.com/%D8%A3%D8%AE%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/708049-%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2-%D8%A8%D9%8A%D9%88-%D8%B3%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A7-%D8%B9%D8%A7%D9%85-2070

https://almesryoon.com/%D8%A3%D8%AE%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/708049-%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2-%D8%A8%D9%8A%D9%88-%D8%B3%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A7-%D8%B9%D8%A7%D9%85-2070

خطاب أسد الدين
02-28-2017, 12:25 AM
وختاما
نحن يأتينا علمائهم وقساوستهم وهم يصطادون السفهاء والجهلاء