المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشذوذ/المثلية الجنسية..مُناقَشَة عقلية



مستفيد..
03-23-2018, 06:56 PM
افتراض..
احتمال واحد بالألف من احتمالية إسقاط قنبلة نووية على كوكب الأرض بعد قرن ونيف من الآن قنبلة بحجم يسمح بإبادة كل البشر..افتراض نسعى لإدراجه في خانة الحقوق والحريات الفردية والعمل عليه وجعله مبدأ من المبادئ الكونية..افتراض يبدو من الوهلة الأولى وكأنه نوع من التهويل وخروجٌ عن رحاب المعقول إلى نطاق اللامعقول والخيال الجامح أو أقلها هو نوع من القياس الفاسد خاصة إذا ما أردنا إسقاط هذا الفرض النظري على مسألة الشذوذ الجنسي أو المثلية.

مؤكد لا يوجد على وجه الأرض من يسمح بهكذا افتراضات ولو حتى على المستوى النظري فضلاً أن يسمح بحصوله واقعًا فإبادة جميع البشر ولو باحتمال ضئيل أو بمجرد فكرة فرضية ذهنية لا يمكن أن يُدرَج إلا في خانة جرائم الإبادة..لكن المفارقة أنه يوجد أناس ممن يتبنون هذا المنطق الإنساني نجدهم يتبنون نقيض هذا الموقف بتأسيسهم للمثلية الجنسية والدعوة إلى جدولتها ودسترتها في باب الحقوق والحريات الفردية والحال أن احتمال ممارسة جميع البشر للمثلية الجنسية من منطلق حق فردي وحرية شخصية يعني آليًّا اندثار جميع البشر في مدة لن تزيد عن قرن ونيف من الزمان في أقصى الحالات وهي ذات النتائج التي قد تحدثها قنبلة نووية عملاقة انفجارها يحدث بعد انقضاء نفس هذه المدة الزمنية.
تسقط المثلية الجنسية من جدول الحقوق والحريات وتدخل باب جرائم الإبادة في اللحظة التي نتخيل فيه جموع البشر بدون استثناء وهم وقوفًا طوابير مطالبين بممارسة هذا الحق باسم ما نصت عليه المنظمات العالمية للحقوق والحريات أو ما دونته الدساتير ودعمته بعض الأقلام..هل يوجد مانع عقلي يحول دون تبنى البشرية جمعاء مقولة القذافي حول المدرجات الرياضية وهي مقولته بأن المدرجات ستُلغى يوم تزحف الجماهير وتمارس الرياضة جماهيرياً في قلب الملاعب والميادين الرياضية وتدرك أن الرياضة نشاطٌ عام ينبغي أن يمارس لا أن يُتفرج عليه..فكرة قد تبدو في ظاهرها خيالية بحجة أن البشرية لا يمكن لها أن تجتمع على فكرة مرتبطة أساسًا بالميولات الفردية والشخصية وهو اعتراض لا بأس به من منطلق حجاجي جدلي لكن عند التدقيق قد لا يبقى الأمر على ما هو عليه فالفكرة تتعارض مع قضيتين هامتين تقدح في هذا المنطق الحجاجي..أولاهما هو الواقع التاريخي وأن فكرة الإجماع والتقاء الميولات قد حدثت بالفعل في ركن من أركان التاريخ فقوم لوط قد مارسوا هذه "الحرية" جماعيًّا واتفقت ميولاتهم على ذلك وبالتالي لا يكون هناك أي عائق عقلي أمام إمكانية حدوث مثل هذا الإتفاق مجددا خاصة وأن العالم اليوم يعتبر أصغر حتى من قريةِ قوم لوط بالنظر لسرعة انتقال المعلومة وللتقنين الدولي لمثل هذه السلوكيات تحت بند القوانين الكونية التي تُخضع لها جميع الشعوب والحكومات على اختلافها..أما القضية الثانية فهي تُعنَى بالتناقض الداخلي الذي ستحويه مسألة الحقوق والحريات فيما لو أرادت أن تأخذ بعين الإعتبار مسألة وجود الجنس البشري وبالتالي سيكون أنصار المثلية مجبرون على حصر ممارسة هذا الحق وهاته الحرية في فئة بشرط أن لا تؤدي هاته الممارسة إلى التعميم التام. فكأني بأنصار المثلية يؤسسون لحرية المثليين بمصادرة حرية الآخرين وهضم حق جميع البشر فيما لو أرادوا أن يكونوا هم أيضا مثليين وهذا امتناع عقلي قائم على حظر ما تم التأكيد ابتداءا أنه غير محظور.

حصر المثلية الجنسية في فئة معينة دون أخرى لا يمكن التأسيس له من منطلق الحقوق والحريات لما فيه من تصادم مع الحق العام للبشر في الوجود ولهذا يسعى بعض أنصار المثلية لكسر هذا التصادم من خلال التأسيس لها من منطلق مرضي جيني أو نفسي. وليس اعتباره مرضًا -بعيدًا عن منطق البحوث والبحوث المضادة ودوافعها- هو ما سيشرعن قيام تلك الممارسات واقعًا أو ما سيقضى على النظرة الدونية ويُنظر إليها على أنها ممارسة طبيعية أقرَّتها الجينات أو النفس البشرية وليس أدلّ على ذلك وجود بعض الأمراض التي لم تنل حظ الشذوذ فلم يُبحث لها عن أنصار ونقابات تدافع عنها وتدعو إلى دسترة ممارستها ولنأخذ مثلاً مرض هوس السرقة الكلبتومانيا kleptomania فلو قلنا أن هذا السلوك له ما يدعمه جينيا ونفسيا فبمنطق أنصار المثلية يجب أن نوفر لهؤلاء المرضى فضاءات للسرقة والنهب ولما لا نقابة للدفاع عن حقهم الطبيعي -والجيني- في السرقة بل ودسترة ذلك نصًّا وقانونًا! ولا يقول بمثل هذا الكلام عاقل لأن المنطق الطبي يدعو دومًا إلى الحد من انتشار الأمراض ومعالجتها لا المساهمة في انتشارها. وهناك أيضا مثال الإدمان على المخدرات لم نسمع أن لهم نقابة أو مشروع قانون لدسترة حق استهلاك المخدرات بحجة أن التحاليل المخبرية أكدت الحاجة والدوافع. ولعل هذه الأمثلة أقوى حُجِّيَّةً من مثال الشذوذ أو المثلية لأنه لا توجد علاقة حتى بالإستناد إلى الدراسات الداعمة لها بين وجود الجينات وبين ممارستها واقعا جبرًا وقسرًا بدليل أنه ليس كل من له خلل جيني -فَرَضًا- نجده يمارس المثلية على أرض الواقع! يقول تيودور رايك في كتابه سيكولوجيا العلاقات الجنسية وهو أحد أبرز تلامذة فرويد «لا شك أن الرغبة الجنسية غير المشبعة يمكن أن تسبب مصاعب بل واضطرابات من النوع النفسي. ولكن بالطريقة ذاتها التي يسببها الجوع الشديد الذي لا يعرف للشبع طريقا. وعلي أن أقول فضلا عن ذلك أن الإضطرابات الناجمة عن الرغبة الجنسية هي أقل من الإضطرابات الأخرى.» (1) وبالإمكان مراجعة أقوال الفرويدية الحديثة عمومًا الرافضة للدوافع الجنسية في التأثير على سلوك الإنسان معتبرة إياها دوافع لم يقم عليها دليل. ولهذا لو كان الأمر كما يأمل أنصار المثلية لاتخذت الجينات حجة وذريعة في المحاكم للإفلات من قضايا الإغتصاب مثلاً وهو ما لم يحدث أبدًا على الرغم من أن بعض الناس لهم شهوة جنسية أعلى من المعدل العادي! ومع ذلك لم يُشفع لها قضائيًّا وجزائيًّا لانعدام تأثير ذلك على مراكز الإدراك والوعي ..

يشكك بعض المعترضين في وجود قوم لوط كمجتمع شواذ وهي دعوى قائمة بزعمهم على استحالة تحول مجتمع كامل إلى الشذوذ بحجة أنها دعوى لا يدعمها الواقع المعاش فنسبة الشذوذ في كل مكان اليوم تتراوح من 2% إلى 7% والتي هي نسبة صغيرة من المجتمع حسب الإعتراض وبالتالي من غير الممكن واقعيا أن تكون عامة أو شاملة ويزعمون أيضا أنه لو كان فعلاً الرجال قد اكتفوا بالرجال والنساء بالنساء لانقرضوا لأنه حينئذٍ لن يكون هناك ولادة أطفال فكيف عاشوا كل تلك السنوات والحديث هنا عن قوم لوط عليه السلام.
أولا: قد نتقبل مضمون هذا الإعتراض فيما لو كان صاحب الإعتراض يعيش في القرن الرابع عشر أو الخامس عشر حيث المجتمعات الغربية آنذاك ماتزال محافظة يعد فيها انتشار هذا النوع من الفاحشة ضربا من الخيال أما والحال أن صاحب الإعتراض يعيش في قرن تنتشر فيه قُرًى للمثليين ومناصرين وداعمين بالملايين داخل البلد الواحد ومن يعارضهم علانية يُشنع به ويحاكم وقد يُسجن وإن كان من غير أهلها يُطرد على الفور وتسحب منه بطاقة الإقامة في مشهد مطابق لما عاشه لوط عليه السلام في قومه فإن اعتراضه هنا قد يعتبر مسخرة.
ثانيا: الإعتراض يلعب على النسب المائوية للإيحاء بأن التعداد قليل مقارنة بحجم المجتمع وهنا مغالطة لسببين: أولا لأن مجتمعات اليوم مبنية على جغرافيا استعمارية ضمت أقوام وملل ونحل داخل رقعة جغرافية واسعة جدا على عكس المجتمعات القديمة التي كانت تُبنى على القبيلة والعشيرة والإنتماء فما إن تنتشر فيهم عادة إلا وشملت كل المجتمع ويكفي إلقاء نظرة على بعض المجتمعات المنغلقة المتواجدة اليوم في إفريقيا واستراليا وامريكا الجنوبية ستجد عادات ومعتقدات وممارسات غريبة تشمل كل من ينتمي لتلك المجتمعات دونما استثناء. أما ثانيا فإن النسب المائوية ليست بتلك القلة التي يوحي بها صاحب الإعتراض إذ لو أخذنا مثلا نسبة الشواذ أو المثليين في البرازيل سنجدها تقدر بــ 8.35٪ وهي نسبة تترجم إلى 20 مليون برازيلي! وهو رقم مرعب قد يشكل عدة دول من دولنا اليوم فضلا لو قسمنا الرقم على تعداد السكان في القرى قديما حيث التعداد السكاني فيها صغير جدا ومحدود فكم سنستخرج منه من قرية بحجم قرية لوط عليه السلام!..هذه البرازيل لوحدها فضلا عن الولايات المتحدة الأمريكية وأرقامها المرعبة.
ثالثا: لايمكن بناء الإعتراض من منطلق أن النسبة كذا وهي ليست كذا ولا يمكن أن تكون شاملة لأنه أولا لا مانع عقلي يمنع أن تكون النسبة 100٪ في المجتمعات اللبرالية لكونه لا يوجد مانع ليبرالي واحد يحول دون أن تصل النسبة إلى 100٪ في أي مجتمع من مجتمعات اليوم طالما أن اللبرالية تسمح والقانون يسمح..ولا يملك اللبرالي هنا أيّة منطلقات فكرية تسمح له بمجرد إلقاء الإعتراض وهو اعتراض مردود ليس فقط نظريا بل حتى واقعا إذ يكفي إلقاء نظرة على الإستطلاع الذي قامت به مؤسسة غالوب في 2018 من أن 67٪ من الأمريكيين يؤيدون زواج المثليين تخيل أن هذا الرقم هو نسبة من أكثر من 330 مليون نسمة! يمثلون التعداد السكاني في أمريكا..ثم تخيل لو قسمنا كل هذه الملايين على تعداد قرية لوط عليه السلام فكم قرية نستخرج؟..طبعا حتى وإن لم يمارسوا كل تلك الملايين الفاحشة فهذا لا يخرجهم من مسمى الشواذ فإقرار الفعل يقع محل الفعل وهو ما لحق بزوجة لوط عليه السلام فهي لم تمارس الفاحشة ولكنها ناصرتهم ودعمتهم فلحقها ما لحقهم.
رابعا: بالنسبة لمسألة انقراض قوم لوط فهم قد انقرضوا بالإهلاك وما قبل الإهلاك لا يمكن الخوض فيه لأننا لا ندري متى انتشرت الفاحشة فيهم بشكل كلي وكم استمرت فيهم إذ أنها بدأت حسب بعض الروايات بالأغراب..ثم لا ندري معدل أعمار اولئك القوم ..ثم زوجة لوط عليه السلام هي من اولئك القوم ولكنها تزوجت من لوط عليه السلام وانجبت بنتين..فقد لا يكون الترك عندهم بالكلية كأن يقال ترك زوجته ليحي حياة الرذيلة مع بائعات الهوى فلا يشترط أن يكون ترك الزوجة هنا بالكلية وإنما هو تركٌ للأصل. أما عن عالم اليوم فالنمو السكاني في أمريكا مثلا والغرب عموما هو في انحدار مهول لأسباب كثيرة منها ما هو اقتصادي وما يتعلق به من تحديد النسل ومنه ما هو فكري كانتشار أفكار النسوية والجندرية وما يستتبعها من آثار مدمرة على النسل ومنها أيضا التشجيع على رذيلة الشذوذ والمثلية ولو لا تعداد المهاجرين وأبناء المهاجرين في كثير من البلدان لما وجدنا فيه اليوم وليس الغد غير العجائز كما هو الحال في اليابان حيث نسبة الشيوخ مرتفعة ونسبة انخفاض المواليد مهولة وقياسية..إذن فانقراض الأمم في عصرنا الحالي واقع معاش والإحصائيات والأرقام تخبرنا أنك لن تجد في كثير من بلدانهم خلال المائة أو المائتي عام القادمة غير المهاجرين وأبناء المهاجرين..هذا إن استمروا في غيهم..
------
(1) / ثيودور رايك سيكولوجيا العلاقات الجنسية 91

ابن سلامة القادري
03-24-2018, 12:37 AM
والله كل مصاب وكل كارثة تحل بالبشر من عند الله أو بأيديهم ولو عمت نصف البشرية لهي أهون ألف مرة من مصاب هؤلاء في عقولهم و بصائرهم وفي دينهم وأخلاقهم .. وقليل منهم تفرس بنهاية الحضارة بل الجنس البشري على أيدي هؤلاء الذين يعملون جاهدين على خرق حدود المنطق والفطرة أو السفينة التي تقلنا جميعا ليغرقونا جميعا لكن الله من ورائهم محيط. فلو اجتمعوا على شرعنة هذا الضلال في الغرب وصارت بلادهم حضيرة حيوانات بل أسوء فأمة الإسلام بحمد الله لا تجتمع على ضلالة. عجبا كل فساد صار ممنهجا وفجأة بات يبرر جينيا مع أنه قبل عقود ولنقل قبل قرون كان الغرب مضاهيا للمسلمين في العفة وفي روائع الأدب الإنساني .. الخير عندهم كان حينها مكتسبا إلى أن انحسر رويدا رويدا مع طغيان المادية وفي سبيل اجتثاته أعتبروا الشر جبلة.
هناك مشاهد جديرة بالمشاهدة من برنامج خواطر - لعل ذلك في آخر جزء - تبين بالإحصائيات والمبيانات مدى التسارع المهول للإنحدار الأخلاقي في المجتمعات الغربية بعد الحرب العالمية الثانية والذي أصبح يبرر جينيا ويا للعجب !!
جزاك الله خيرا أخي محمد