Mahmoud Muhammad
06-26-2023, 06:53 PM
أعرض في هذا المقال مقارنة لما ورد بشأن إدعاء فرعون الألوهية في القرآن والأدبيات اليهودية
لم يرد إدعاء فرعون للألوهية بشكل صريح في الكتاب العبراني لكن ذكر إدعاءه الألوهية في الأدبيات التي تعرف بالمدارش على وجه التحديد في مدراش تنحوما.
وقد استند في ذلك إلى حزقيال 29: 3: يَا ابْنَ آدَمَ، الْتَفِتْ نَحْوَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ وَعَلَى مِصْرَ كُلِّهَا 3 وَقُلْ هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا أَنَا أَنْقَلِبُ عَلَيْكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلِكَ مِصْرَ، أَيُّهَا التِّمْسَاحُ الْكَامِنُ فِي وَسَطِ أَنْهَارِهِ، الْقَائِلُ: النَّهْرُ لِي وَقَدْ صَنَعْتُهُ لِنَفْسِي.
وقد ورد في تفسير "راشي" Rashi بلفظ "وقد صنعت نفسي. وفسرها بالقول "بسطوتي وحكمتي فقد عززت عظمتي وحكمي" وليس بمعنى أنه صنع النهر أو خلق نفسه بنفسه. وقد ورد نظير ذلك في القرآن وهو قوله تعالى: وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ. وبتقدير أن النص يعني أنه صنع النهر بنفسه فهذا غير صحيح من الناحية التاريخية فقدماء المصريين وملوكهم لم يكونوا يعتقدون أن الملك بحد ذاته هو من صنع النهر ولا أنه خلق نفسه بنفسه بل وفق الأسطورة المصرية القديمة من يتحكم في النهر وفيضانه هو الإله "حابي".
ومدراش تنحوما وإن كان يضم بعض المواد التي ربما تعود إلى ما قبل الإسلام إلا أن المدراش في صورته الحالية قطعا يضم بعض المواد التي تعود إلى ما بعد ظهور الإسلام ويرجع تدوينه إلى نهاية القرن الثامن أو بداية التاسع الميلادي *وهذا لاعتبارين أولها الإشارة إلى بدعة القرائيين التي أسسها عنان بن داود في القرن الثامن وثانيهما تضمنه بعض المقاطع من كتاب " المسائل" She'iltot وهو كتاب يتناول بعض مسائل "الهالاخا" أو الشريعة اليهودية ويرجع تدوينه للقرن الثامن الميلادي بواسة الحبر "أحاي الجاؤون Achai Gaon ”.
وأنا وإن كنت لا أزعم تأثر المدراش هنا بالمصادر الإسلامية إلا أن ذلك من حيث المبدأ أي تاثر الأدبيات بالمصادر الإسلامية ليس مستبعدا بل هو واقع مثل نقل مدراش Sefer haYashar لقصة سخرية النسوة من امرأة العزيز "زليخا" ودعوتهن وتهيئة المتكأ وإعطاء كل واحدة منهم سكينا. وكذلك قصة سليمان ومروره بوادي النمل فقد ذكرها صاحب كتاب" أساطير اليهود" الذي يرجع لبداية القرن العشرين ولم يعزها إلى مصدرها وهي لم ترد في الكتاب العبراني أو أي من الأدبيات اليهودية الأخرى كما ذكر "ديفيد بينشانسكي" ** أستاذ اللاهوت والكتاب العبراني فهذا مثال على رواية إسلامية وجدت طريقها إلى القصص اليهودي وإن لم يتبين متى تحديدا.
أما المصدر الآخر الذي يذكر تأليه فرعون لنفسه هو مدراش Mekhilta DeRabbi Yishmael والذي ربما يعود إلى ما قبل الإسلام وقد ذكر مسألة تأليه فرعون لنفسه في التعليق على حزقيال 29:3. إلا أنه لم ترد فيه التفاصيل الواردة بمدراش تنحوما مثل ذهابه للنهر ليتخلى صباحا كي لا يراه أحد بل اكتفى بالقول أنه جعل من نفسه إلها.
وقد وردت مسألة تأليه الفرعون لنفسه في مدراش Shemot Rabbah إلا أنه متأخر في تدوينه حتى عن مدراش تنحوما ربما مابين القرنين 10 و 12 الميلاديين.
ولم ترد مسألة تأليه ملوك مصر القديمة في أي مصدر آخر قديم بما في ذلك المصادر الإغريقية وحتى ما ذكره ديودور الصقلي من أن المصريين عدوا ملوكهم آلهة يبدوا من تناوله للمسألة أنه قصد به الملوك الإغريق وليس ملوك مصر القديمة. ويؤيد ذلك أنه ذكر في موضع آخر أن أول ملك ألهه المصريون هو داريوس الفارسي. ***
مسألة تأليه فرعون في القرآن
تناول القرآن مسألة تأليه فرعون لنفسه في أكثر من موضع فقال تعالى: فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى. وقال على لسان فرعون: ما علمت لكم من إله غيري وقال : لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين وقال على لسان الملأ من قوم فرعون: ويذرك وآلهتك. بالجمع بين تلك الآيات يتضح التصور القرآني عن مسألة تأليه فرعون.
أولا فالجمع بين الآيات الواردة بهذا الخصوص الصواب كما قال بعض العلماء أن المقصود من قول فرعون: " مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي " أنه يقصد أنه وحده الجدير بعبادة قومه وطاعتهم. فهو لم يقل "ما علمت من إله غيري" وهذا ينسجم مع قوله لموسى: " لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ". ولا ينافي ذلك أنه كان لفرعون آلهة يعبدها كما في قول الملأ: " أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ". وكذلك قوله: " أنا ربكم الأعلى " أي، كما قال الرازي في تفسيره، مربيكم والمنعم عليكم والمطعم لكم. وقال القرطبي: وقيل : أراد القادة والسادة هو ربهم ، وأولئك هم أرباب السفلة ( أي عوام الناس)
ثانيا بوجه عام اعتقد المصريون القدماء في ألوهية الملوك الفراعنة. فقد كانوا يعتقدون أنهم الوسطاء بين الآلهة والناس (ويحتكرون هذه الوساطة) وأنهم أبناء الإله "رع". وعند تتويج الفرعون كانوا يعتقدون أنه يتحول إلى أحد تجليات الإله "حورس".
وقد يشار إليه بوصف "إله". وكذلك وصف في النقوش بأوصاف "الإله الحسن" و "إله كامل ntr nfr". وبحلول عصر الدولة الحديثة كان يعتقد أن الفرعون يتشبع بالألوهية من خلال حيازته لأحد تجليات الإله "أمون-رع" والتي كان يطلق عليها "الرو ح الملكية الحية" kꜣ (ka) والتي كانت تحل عليه لدى تتويجه.
وكان مرنبتاح الذي يغلب على الظن أنه فرعون الخروج يلقب بـ "روح رع" bꜣ n Rʿ Baenre، والذي لم يسبقه إليه غيره وربما يشى ذلك بأنه كان يروج لكونه يمثل تجسيدا لكبير الآلهة "رع" الذي كان وفق الميثولوجيا المصرية القديمة كبير الآلهة وخالق الكون وواهب الحياة. ***
وكانت مهام الفرعون تتضمن إقامة الطقوس وتقديم القرابين للآلهة التي تتحكم بالظواهر الطبيبعة والاجتماعية، كفيضان النيل وخصوبة التربة والتجارة ونحو ذلك، وفق اعتقادهم لاستجلاب رضاها. وكان يحظر على العوام الدخول للمعابد إلا في استثناءات نادرة وكانت المعابد تضم في داخلها تمثالا للإله الذي خُصص المعبد لتقديم طقوس العبادة له. ومن الناحية النظرية كان الاقتراب من التمثال حكرا على الفرعون لكن من الناحية العملية كان يفعل ذلك من ينوبون عنه في غيابه وهم الكهنة الذين كانوا أيضا يتعهدون تلك التماثيل بالرعاية. ومن خلال تلك القرابين كان الفرعون هو الضامن لفيضان النيل وخصوبة التربة والنماء والرخاء. وكان هو المنوط به سن القوانين وحفظ الأمن والنظام والتوازن وتحقيق العدالة على الأرض وهو ما يشكل مفهوم "ماعت" لكن في نسختها الأرضية وفي المقابل فالآلهة تلتزم بحفظ النظام والتوازن الكوني (أي النسخة الكونية من مفهوم ماعت).
وكان ملوك مصر القديمة خاصة في عصر الدولة الحديثة بداية من عهد أمنحوتب الثالث تقدم لهم أيضا طقوس العبادة. وقد كانت على نفس منوال الطقوس والقرابين التي تقدم للآلهة الأخرى. وقد نصب هؤلاء الملوك لأنفسهم تماثيل أحيانا تبلغ أحجاما ضخمة تقدم لديها القرابين. وأحيانا صوروا على جدران المعابد وهم يقدمون تلك القرابين لأنفسهم.
فيتضح من ذلك أن الصورة التي يرسمها القرآن أكثر تعقيدا ومنسجمة مع الدلائل التاريخية مما ذكرته الأدبيات اليهودية ومن ثم فاختزال المسألة في أن ما ذكره القرآن مجرد ترديد لما ذكرته تلك الأدبيات هو زعم مخالف للصواب.
المصادر
*Berman, Samuel (1996). Midrash Tanhuma-Yelammedenu: An English Translation of Genesis and Exodus from the Printed Version of Tanhuma-Yelammedenu With an Introduction, Notes, and Indexes. pp. 11–12. (نقلا عن ويكيبيديا)
**Legends of the Jews 4:5 by Louis Ginzberg [1909]
https://www.academia.edu/6660530/Solomon_and_the_Ant_Sura
***Andrew Collins (2014). THE DIVINITY OF THE PHARAOH IN GREEK SOURCES. The Classical Quarterly, 64, pp 841-844 doi:10.1017/S000983881400007X
Poisoned Legacy: The Fall of the 19th Egyptian Dynasty, P.13
^^ https://en.m.wikipedia.org/wiki/Functions_of_the_Pharaoh
لم يرد إدعاء فرعون للألوهية بشكل صريح في الكتاب العبراني لكن ذكر إدعاءه الألوهية في الأدبيات التي تعرف بالمدارش على وجه التحديد في مدراش تنحوما.
وقد استند في ذلك إلى حزقيال 29: 3: يَا ابْنَ آدَمَ، الْتَفِتْ نَحْوَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ وَعَلَى مِصْرَ كُلِّهَا 3 وَقُلْ هَذَا مَا يُعْلِنُهُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا أَنَا أَنْقَلِبُ عَلَيْكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلِكَ مِصْرَ، أَيُّهَا التِّمْسَاحُ الْكَامِنُ فِي وَسَطِ أَنْهَارِهِ، الْقَائِلُ: النَّهْرُ لِي وَقَدْ صَنَعْتُهُ لِنَفْسِي.
وقد ورد في تفسير "راشي" Rashi بلفظ "وقد صنعت نفسي. وفسرها بالقول "بسطوتي وحكمتي فقد عززت عظمتي وحكمي" وليس بمعنى أنه صنع النهر أو خلق نفسه بنفسه. وقد ورد نظير ذلك في القرآن وهو قوله تعالى: وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ. وبتقدير أن النص يعني أنه صنع النهر بنفسه فهذا غير صحيح من الناحية التاريخية فقدماء المصريين وملوكهم لم يكونوا يعتقدون أن الملك بحد ذاته هو من صنع النهر ولا أنه خلق نفسه بنفسه بل وفق الأسطورة المصرية القديمة من يتحكم في النهر وفيضانه هو الإله "حابي".
ومدراش تنحوما وإن كان يضم بعض المواد التي ربما تعود إلى ما قبل الإسلام إلا أن المدراش في صورته الحالية قطعا يضم بعض المواد التي تعود إلى ما بعد ظهور الإسلام ويرجع تدوينه إلى نهاية القرن الثامن أو بداية التاسع الميلادي *وهذا لاعتبارين أولها الإشارة إلى بدعة القرائيين التي أسسها عنان بن داود في القرن الثامن وثانيهما تضمنه بعض المقاطع من كتاب " المسائل" She'iltot وهو كتاب يتناول بعض مسائل "الهالاخا" أو الشريعة اليهودية ويرجع تدوينه للقرن الثامن الميلادي بواسة الحبر "أحاي الجاؤون Achai Gaon ”.
وأنا وإن كنت لا أزعم تأثر المدراش هنا بالمصادر الإسلامية إلا أن ذلك من حيث المبدأ أي تاثر الأدبيات بالمصادر الإسلامية ليس مستبعدا بل هو واقع مثل نقل مدراش Sefer haYashar لقصة سخرية النسوة من امرأة العزيز "زليخا" ودعوتهن وتهيئة المتكأ وإعطاء كل واحدة منهم سكينا. وكذلك قصة سليمان ومروره بوادي النمل فقد ذكرها صاحب كتاب" أساطير اليهود" الذي يرجع لبداية القرن العشرين ولم يعزها إلى مصدرها وهي لم ترد في الكتاب العبراني أو أي من الأدبيات اليهودية الأخرى كما ذكر "ديفيد بينشانسكي" ** أستاذ اللاهوت والكتاب العبراني فهذا مثال على رواية إسلامية وجدت طريقها إلى القصص اليهودي وإن لم يتبين متى تحديدا.
أما المصدر الآخر الذي يذكر تأليه فرعون لنفسه هو مدراش Mekhilta DeRabbi Yishmael والذي ربما يعود إلى ما قبل الإسلام وقد ذكر مسألة تأليه فرعون لنفسه في التعليق على حزقيال 29:3. إلا أنه لم ترد فيه التفاصيل الواردة بمدراش تنحوما مثل ذهابه للنهر ليتخلى صباحا كي لا يراه أحد بل اكتفى بالقول أنه جعل من نفسه إلها.
وقد وردت مسألة تأليه الفرعون لنفسه في مدراش Shemot Rabbah إلا أنه متأخر في تدوينه حتى عن مدراش تنحوما ربما مابين القرنين 10 و 12 الميلاديين.
ولم ترد مسألة تأليه ملوك مصر القديمة في أي مصدر آخر قديم بما في ذلك المصادر الإغريقية وحتى ما ذكره ديودور الصقلي من أن المصريين عدوا ملوكهم آلهة يبدوا من تناوله للمسألة أنه قصد به الملوك الإغريق وليس ملوك مصر القديمة. ويؤيد ذلك أنه ذكر في موضع آخر أن أول ملك ألهه المصريون هو داريوس الفارسي. ***
مسألة تأليه فرعون في القرآن
تناول القرآن مسألة تأليه فرعون لنفسه في أكثر من موضع فقال تعالى: فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى. وقال على لسان فرعون: ما علمت لكم من إله غيري وقال : لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين وقال على لسان الملأ من قوم فرعون: ويذرك وآلهتك. بالجمع بين تلك الآيات يتضح التصور القرآني عن مسألة تأليه فرعون.
أولا فالجمع بين الآيات الواردة بهذا الخصوص الصواب كما قال بعض العلماء أن المقصود من قول فرعون: " مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي " أنه يقصد أنه وحده الجدير بعبادة قومه وطاعتهم. فهو لم يقل "ما علمت من إله غيري" وهذا ينسجم مع قوله لموسى: " لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ". ولا ينافي ذلك أنه كان لفرعون آلهة يعبدها كما في قول الملأ: " أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ ". وكذلك قوله: " أنا ربكم الأعلى " أي، كما قال الرازي في تفسيره، مربيكم والمنعم عليكم والمطعم لكم. وقال القرطبي: وقيل : أراد القادة والسادة هو ربهم ، وأولئك هم أرباب السفلة ( أي عوام الناس)
ثانيا بوجه عام اعتقد المصريون القدماء في ألوهية الملوك الفراعنة. فقد كانوا يعتقدون أنهم الوسطاء بين الآلهة والناس (ويحتكرون هذه الوساطة) وأنهم أبناء الإله "رع". وعند تتويج الفرعون كانوا يعتقدون أنه يتحول إلى أحد تجليات الإله "حورس".
وقد يشار إليه بوصف "إله". وكذلك وصف في النقوش بأوصاف "الإله الحسن" و "إله كامل ntr nfr". وبحلول عصر الدولة الحديثة كان يعتقد أن الفرعون يتشبع بالألوهية من خلال حيازته لأحد تجليات الإله "أمون-رع" والتي كان يطلق عليها "الرو ح الملكية الحية" kꜣ (ka) والتي كانت تحل عليه لدى تتويجه.
وكان مرنبتاح الذي يغلب على الظن أنه فرعون الخروج يلقب بـ "روح رع" bꜣ n Rʿ Baenre، والذي لم يسبقه إليه غيره وربما يشى ذلك بأنه كان يروج لكونه يمثل تجسيدا لكبير الآلهة "رع" الذي كان وفق الميثولوجيا المصرية القديمة كبير الآلهة وخالق الكون وواهب الحياة. ***
وكانت مهام الفرعون تتضمن إقامة الطقوس وتقديم القرابين للآلهة التي تتحكم بالظواهر الطبيبعة والاجتماعية، كفيضان النيل وخصوبة التربة والتجارة ونحو ذلك، وفق اعتقادهم لاستجلاب رضاها. وكان يحظر على العوام الدخول للمعابد إلا في استثناءات نادرة وكانت المعابد تضم في داخلها تمثالا للإله الذي خُصص المعبد لتقديم طقوس العبادة له. ومن الناحية النظرية كان الاقتراب من التمثال حكرا على الفرعون لكن من الناحية العملية كان يفعل ذلك من ينوبون عنه في غيابه وهم الكهنة الذين كانوا أيضا يتعهدون تلك التماثيل بالرعاية. ومن خلال تلك القرابين كان الفرعون هو الضامن لفيضان النيل وخصوبة التربة والنماء والرخاء. وكان هو المنوط به سن القوانين وحفظ الأمن والنظام والتوازن وتحقيق العدالة على الأرض وهو ما يشكل مفهوم "ماعت" لكن في نسختها الأرضية وفي المقابل فالآلهة تلتزم بحفظ النظام والتوازن الكوني (أي النسخة الكونية من مفهوم ماعت).
وكان ملوك مصر القديمة خاصة في عصر الدولة الحديثة بداية من عهد أمنحوتب الثالث تقدم لهم أيضا طقوس العبادة. وقد كانت على نفس منوال الطقوس والقرابين التي تقدم للآلهة الأخرى. وقد نصب هؤلاء الملوك لأنفسهم تماثيل أحيانا تبلغ أحجاما ضخمة تقدم لديها القرابين. وأحيانا صوروا على جدران المعابد وهم يقدمون تلك القرابين لأنفسهم.
فيتضح من ذلك أن الصورة التي يرسمها القرآن أكثر تعقيدا ومنسجمة مع الدلائل التاريخية مما ذكرته الأدبيات اليهودية ومن ثم فاختزال المسألة في أن ما ذكره القرآن مجرد ترديد لما ذكرته تلك الأدبيات هو زعم مخالف للصواب.
المصادر
*Berman, Samuel (1996). Midrash Tanhuma-Yelammedenu: An English Translation of Genesis and Exodus from the Printed Version of Tanhuma-Yelammedenu With an Introduction, Notes, and Indexes. pp. 11–12. (نقلا عن ويكيبيديا)
**Legends of the Jews 4:5 by Louis Ginzberg [1909]
https://www.academia.edu/6660530/Solomon_and_the_Ant_Sura
***Andrew Collins (2014). THE DIVINITY OF THE PHARAOH IN GREEK SOURCES. The Classical Quarterly, 64, pp 841-844 doi:10.1017/S000983881400007X
Poisoned Legacy: The Fall of the 19th Egyptian Dynasty, P.13
^^ https://en.m.wikipedia.org/wiki/Functions_of_the_Pharaoh