المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تحدث القرآن عن نسبية الزمن؟



Mahmoud Muhammad
10-05-2023, 03:53 PM
هل تحدث القرآن عن نسبية الزمان؟
من النتائج المذهلة لنظرية النسبية لعالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين أن الزمن ليس مطلقا. وهذا يعني أن قياس الزمن قد يختلف من راصد لآخر. وهذا الاختلاف وفق النظرية ينشأ نتيجة إما الحركة بسرعة نسبية لاسيما السرعات العالية التي تقترب من سرعة الضوء أو الوجود في مجالات الجاذبية.
فعلى سبيل المثال إذا وضع شخص على متن مكوك فضائي وانطلق بسرعة عالية ثم عاد إلى الأرض مرة أخرى فسنجد أن الوقت الذي احتسبه خلال الرحلة يختلف عن الوقت الذي احتسبناه على الأرض. وهذا الاختلاف ليس ناشئا من خلل في الساعات أو أدوات قياس الوقت بل هو اختلاف حقيقي. فمن يتحرك بسرعة خاصة السرعات العالية فمرور الوقت لديه يختلف عن مروره لدى شخص يراقب من سطح الأرض. وكذلك الحال في مجالات الجاذبية فمرور الوقت بالنسبة لرائد فضاء على القمر يمر بشكل مختلف عن مروره بالنسبة لراصد على الأرض وهذا للاختلاف في قوة الجاذبية بين الأرض والقمر. ففي نفس الأمر فحركة كل شيء تبطيء بما في ذلك حركة عقارب الساعة والعمليات الحيوية في ظل السرعات العالية ومجالات الجاذبية الأقوى. فمن يبقى على القمر مثلا يشيخ أسرع ممن يبقى على الأرض، إلا أن الاختلاف طفيف بسبب أن الفرق بين قوى الجاذبية بين الأرض والقمر ليس كبيرا بحيث يلاحظ الفرق في التقدم في العمر أو الوقت المحتسب من قبل الراصدين على الأرض والقمر. لكن الفرق يصبح كبيرا بحيث يلاحظ إذا تحرك أحد الراصدين بسرعة كبيرة تقترب من سرعة الضوء أو وجد في مجال جاذبية قوي جدا كذلك الخاص بالثقب الأسود.
حتى أنه وفقا لمعادلات نظرية النسبية فإنه يمكن قطع المسافة عبر الكون المشاهد في ثانية واحدة بالنسبة لشخص يتحرك بسرعة تساوي ٩٩ فاصل
..٩٩٩ (مكررة ٣٦ مرة) بالمئة من سرعة الضوء.
في حين أن قطع هذه المسافة بحسابنا على الأرض لا يكون قبل مرور ٤٧ مليار سنة وهي الفترة التي يستغرقها الضوء ليقطع تلك المسافة.
وهذا بسبب أن الوقت يبطيء بالنسبة للمتحرك بسرعة تقترب من سرعة الضوء حتى يكاد يتوقف. ولهذا فإن الكون نفسه سيفنى بالنسبة لشخص يتحرك بسرعة الضوء لو كان ذلك ممكنا قبل أن يرتد إليه طرفه. إلا أن النظرية لا تجيز لجسم مادي أن يتحرك بسرعة الضوء لأنه سيكون بحاجة لطاقة لا نهائية. لكن لا يزال من الممكن للجسم المادي أن يتحرك بسرعة تقترب من سرعة الضوء كما في المثال السابق.

وهناك إشارات قرآنية لهذا المعنى كما في قوله تعالى: ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون.

وقوله تعالى عند ربك أي لدى أهل السماء أو الملأ الأعلى كما في قوله: إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون. وهؤلاء هم الملائكة.

وكذلك قوله: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون.
فهؤلاء هم الملائكة الذين كما في الحديث: يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وملائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الصُّبْحِ وصلاةِ العصْرِ، ثُمَّ يعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكم، فيسْأَلُهُمُ اللَّه وهُو أَعْلمُ بهِمْ: كَيفَ تَرَكتمْ عِبادِي؟ فَيقُولُونَ: تَركنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتيناهُمْ وهُمْ يُصلُّون. متفقٌ عَلَيْهِ.
فالملائكة ينزلون بالقضاء ويصعدون بالأعمال. كما في الحديث الآخر: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل. الحديث
ونزول الملائكة وبياتهم ثم صعودهم يكون في يوم واحد من أيام الملأ الأعلى. أي أنهم ربما عندما يكلفون بالنزول يكون ذلك قبل خلق الآدمي وعندما يصعدون ربما يكون بعد هلاكه لأن نزول الملائكة وعروجهم يستغرق ألف عام بحساب أهل الأرض. ثم يعقبهم ملائكة آخرون وهكذا دواليك كل يوم من أيام الدنيا.
إلا أن بياتهم يوافق وجود الآدميين الذين نزلوا بشأنهم ويصعدون بأعمالهم.

ولا إشكال في كون التكليف بالنزول قبل خلقهم لأن الله يقدر مقادير الخلق قبل أن يخلقهم كما في حديث آدم وموسى: أتلومني علَى أمرٍ قدَّرَه اللَّهُ عليَّ قبلَ أن يخلقني بأربعينَ سنةً (وفي رواية قبل أن أخلق). وكذلك لا إشكال في كون الأعمال تصل إلى الله بعد هلاكهم لأن الله مطلع عليهم وغني عن سؤال الملائكة. لكنه كما قال النووي رحمه الله: وَهُوَ تَعَبُّد مِنْهُ لِمَلَائِكَتِهِ. أي أنهم يعبدون الله بذلك.
والله غني عن نزولهم وعروجهم.

وعلى هذا فربما يرى الملأ الأعلى تاريخ البشر من أوله لآخره في أيام معدودة من أيامهم.
ولهذا كان من جهل المشركين وضلالهم استعجال العذاب أو يوم القيامة لأنه كما قال تعالى: إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا.
وكذلك فيوم القيامة تعرج الملائكة وجبريل عليه السلام إلى الله فيه. ومقداره عندهم يوم واحد لكن الله يجعله على أهل المحشر خمسين ألف سنة. كما في سورة المعارج: تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.