المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قاعدة تحرك القلوب إلى الله عز وجل



يوسف التازي
05-05-2024, 04:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قاعدة تحرك القلوب إلى الله عز وجل
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
ولا بد من التنبيه على قاعدةٍ تُحرِّك القلوبَ إلى الله - عز وجل - فتعتصم به، فتقلُّ آفاتُها، أو تذهب عنها بالكلية بحَوْل الله وقوَّته.
فنقول: اعلم أن محرِّكات القلوب إلى الله - عز وجل - ثلاثة: المحبة، والخوف، والرجاء، وأقواها: المحبة، وهي مقصودةٌ تُراد لِذاتِها؛ لأنها تُراد في الدنيا والآخرة، بخلاف الخوف؛ فإنه يزول في الآخرة؛ قال الله - تعالى -: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس: 62].
والخوف المقصود منه: الزجر والمنع من الخروج عن الطريق، فالمحبة تُلقي العبد في السير إلى محبوبه، وعلى قدر ضعفها وقوَّتها يكون سيرُه إليه، والخوف يمنعه أن يخرج عن طريق المحبوب، والرجاء يَقودُه؛ فهذا أصلٌ عظيم، يجب على كلِّ عبدٍ أن يتنبَّه له؛ فإنه لا تحصل له العبودية بدونه، وكل أحد يجب أن يكون عبدًا لله لا لغيره.
فإن قيل: فالعبد في بعض الأحيان قد لا يكون عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه، فأيُّ شيء يحرك القلوب؟
قلنا: يحركها شيئان:
أحدهما: كثرة الذِّكر للمحبوب؛ لأن كثرة ذِكره تعلق القلوب به؛ ولهذا أمر الله - عز وجل - بالذِّكر الكثير؛ فقال - تعالى -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب: 41، 42].
والثاني: مطالعة آلائه ونعمائه؛ قال الله - تعالى -: فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأعراف: 69]، وقال - تعالى -: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ [النحل: 53]، وقال - تعالى -: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان: 20]، وقال - تعالى -: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا [إبراهيم: 34].
فإذا ذَكَر العبدُ ما أنعم الله به عليه، من تسخير السماء والأرض، وما فيها من الأشجار والحيوان، وما أسبغ عليه من النِّعم الباطنة من الإيمان وغيره، فلا بدَّ أن يثير ذلك عنده باعثًا، وكذلك الخوف تُحرِّكه مطالعةُ آيات الوعيد والزجر، والعرض والحساب ونحوه، وكذلك الرجاء، يحرِّكه مطالعةُ الكرم والحلم والعفو، وما ورد في الرجاء والكلام في التوحيد واسعٌ.
وإنما الغرض التنبيه على تضمُّنه الاستغناء بأدنى إشارة، والله - سبحانه وتعالى - أعلم، وصلَّى الله على محمد وآله وصحبه وسلَّم( ).
***

يوسف التازي
05-05-2024, 04:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
علاج مجرب لحل المشكلات والنجاح في المهمات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فما من شكٍّ أن توثيق الصلة بالله - عز وجل - بطاعته وطاعة رسوله، واتِّباع أوامره، واجتناب نواهيه، بعد أخذ الأسباب المأمور بها شرعًا - كفيلٌ بحل المشكلات، وسنذكر لك - أيها المسلم وأيتها المسلمة - بعضَ الآيات والأحاديث التي إذا عُمِل بها تكون سببًا للتوفيق والعلم والفهم، ولا سيَّما مع حسن النية، وإخلاص القصد، وصدْق التوجُّه في الاستمداد من المعلِّم الأول، معلم الرسل والأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - فإنه لا يرد من صَدَقَ في التوجُّه إليه لتبليغ دينه، وإرشاد عبيده ونصيحتهم، والتخلص من القول بلا علم؛ فمن الآيات:
قوله - تعالى -: وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ [البقرة: 282]، وقوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2، 3]، وقوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق: 5]، وتقوى الله تكون باتِّباع أوامره، واجتناب نواهيه، وقوله - تعالى -: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [طه: 25، 26]، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]، وقوله - تعالى -: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران: 173]، قالها إبراهيم حين أُلقِيَ في النار، وقالها محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حين قيل له: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران: 173].
سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [البقرة: 32]، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء: 87].
ومن الأحاديث:
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم لا سهل إلا ما جعلتَه سهلاً، وأنت تجعل الحزنَ إن شئتَ سهلاً( )، اللهم يا معلِّمَ إبراهيمَ علِّمني، ويا مفهِّمَ سليمانَ فهِّمني، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)).
وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا حَزَبَه أمرٌ، فزع إلى الصلاة( )، وقال: ((يا بلال، أرحنا بالصلاة))( )، وملازمة الاستغفار.
هَدْيُه - صلى الله عليه وسلم - في علاج الكرب والهم والغم والحزن:
أخرجا "في الصحيحين" من حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم)).
وفي "جامع الترمذي" عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حَزَبه أمرٌ، قال: ((يا حي يا قيوم، برحمتك استغيث)).
وفيه: عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أهمَّه الأمر رفع طرْفه إلى السماء، فقال: ((سبحان الله العظيم))، وإذا اجتهد في الدعاء قال: ((يا حيُّ يا قيوم)).
وفي "سنن أبي داود" عن أبي بكرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((دعوات المكروب: اللهم رحمتَك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت)).
وفي السنن عن أسماء بنت عُمَيسٍ قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أعلِّمُكِ كلماتٍ تقولينهن عند الكرب - أو في الكرب -: الله ربي لا أشرك به شيئًا))، وفي رواية أنها تقال سبع مرات؛ رواه أبو داود وغيره.
وفي "مسند الإمام أحمد" عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما أصاب عبدًا همٌّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمَتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميتَ به نفسك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علمتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآنَ العظيم ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همِّي، إلا أذهب الله حزنَه وهمَّه، وأبدله مكانه فرحًا)).
وفي الترمذي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دعوة ذي النون إذْ دعا ربه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، لم يَدْعُ بها رجلٌ مسلم في شيء قط إلا استُجيب له)).
وفي رواية: ((إني لأعلم كلمة، لا يقولها مكروبٌ إلا فرَّج الله عنه؛ كلمة أخي يونس)).
وفي "سنن أبي داود" عن أبي سعيد الخُدري، قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم المسجد، فإذا هو برجلٍ من الأنصار يقال له: أبو أُمامة، فقال: ((يا أبا أمامة، ما لي أراك في المسجد في غير وقت الصلاة؟))، فقال: همومٌ لزمتْني وديون يا رسول الله، فقال: ((ألا أعلِّمُكَ كلامًا إذا أنت قلتَه، أذهب الله - عز وجل - همَّك، وقضى دَينَك؟))، قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: "قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال))، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهَبَ الله - عز وجل - همِّي، وقضى عني دَيني.
وفي "سنن أبي داود" عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورَزَقَه من حيث لا يحتسب)).
وكان ابن تيمية أو ابن القيم يقول: "إن المسألة أو الحل يشكل عليَّ، فأستغفر الله مائة مرة، أو ألف مرة، أو أقل أو أكثر، حتى ينحل إشكالي، ويزول ما بي".
وفي "المسند": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة؛ وقد قال - تعالى -: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ [البقرة: 45].
وفي "السنن": ((عليكم بالجهاد؛ فإنه باب من أبواب الجنة، يدفع الله به عن النفوس الهمَّ والغم)).
ويُذكر عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كثرتْ همومُه وغمومُه، فلْيكثرْ من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله)).
وثبت في "الصحيحين": أنها كنز من كنوز الجنة، وفي "الترمذي": أنها باب من أبواب الجنة.
وصلَّى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.