المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يد الله



الجندى
01-09-2005, 02:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

من الردود القيمة فى إثبات اليد لله تعالى :

يستدل البعض بالعمومات كقوله تعالى: ( ليس كمثله شيء ) لينفوا ما أثبته الله لنفسه مثل اليد وهذا استدلال ضعيف ، لأنه لا يدل على المراد، إذ غاية ما في الأمر أن نثبت لله تعالى يداً ليست كأيدي المخلوقات، وليس في الآية نفي اليد مطلقاً. بل نفي المثلية يدل على إثبات اليد، ألا ترى أنك لا تقول: ( الأصفر لا يشبه الطويل )! وإنما تقول: ( الأصفر لا يشبه الأحمر ) فلكليهما لون.

ثم أخي أحب توضيح أمر، وهو أنا - السلفيين - ليس فينا مفوض، بل نخطئ المفوض كما نخطئ المؤول.
أما أن يلزم من الصفة الخبرية تبعيضاً فإني أقول لك أخي: لم يلزم منها تبعيض؟
تقول: ما رأينا ذا يد إلا وهي بعضه، وهو مركب.
أقول: هل تثبت لله تعالى علماً؟
تقول: نعم، ولا شك.
أقول: هل رأيت ذا علم إلا وهو ذا بعض، وهو مركب؟
تقول: لا، لم أر ذلك قط.
أقول: فأثبت لله تعالى التبعيض والتركيب كما فعلت مع اليد!
تقول: لا، الله تعالى له علم، لكن لا يلزم من إثبات علمه ما يلزم من إثبات علم المخلوق من الأبعاض.
أقول: وكذلك لله تعالى يد، لكن لا يلزم منها ما يلزم من أيدي المخلوقين من التبعيض. ومن فرق بين صفة وأخرى فقد تناقض.

فنحن – السلفيين – نثبت ما أثبت الله تعالى لنفسه في كتابه، ولا نقدم بين يدي الله ورسوله، ونمره على ظاهره كما أمره السلف رضوان الله عليهم. ثم كل ما يلزمنا به المخالف من باطل، نقول له: كلام الله حق لا يلزم عليه باطل، فما ألزمتنا به ليس بلازم. كيف؟
نقول: كيف عرفت تلازمه؟
يقول: لا أعقل من هذه الصفات إلا هذه الكيفيات، وهي كيفيات باطلة، فلزم نفي ما استلزمته من الصفات.
فنقول له: وهل تعقل أن لله تعالى ذاتاً؟
يقول: نعم ولا شك، ومن شك في وجوده تعالى كفر.
نقول له: فهل تعلم أن ذات الله تعالى لها كيفية تليق به؟
يقول: نعم، ولا شك.
نقول له: هل تعلم هذه الكيفية؟
يقول: لا ومن ادعى علمها كفر.
نقول له: هل يلزم عليها ما يلزم على ذوات المخلوقين؟
يقول: لا وكلا، ولا شك.
نقول له: إذن أجر ما أقررت به في الذات على كل الصفات، إذ الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات.
فقل: أعقل أن لله تعالى يداً، وأن هذه اليد لها كيفية تليق به تعالى، لكن لا أعلمها، وما لا أعلمه لا يصح أن أقيس عليه أو أن أقول يلزم عليه كذا وكذا.

وهذا واضح لا شك فيه، إذ طرق العلم بالكيفيات إما خبر أو قياس أو رؤية. وصفات الله تعالى لم يخبرنا معصوم بكيفياتها، ولا له مثل سبحانه لنقيس عليه، ولا رأيناه لنعرفها. وبذلك تكون قد سدت علينا أبواب العلم كلها. هذا مذهبنا.

أما أنتم أخي غفر الله لكم فتقولون: نثبت لله تعالى ما أثبت لنفسه من ألفاظ، أما المعاني فإن العقل لا يقبل أن تجرى على ظاهرها، فيلزم أن نؤولها بما يتفق مع العقل.
فنقول لكم: وكيف عرف العقل أن هذه الألفاظ تدل على معانٍ لا تليق بالله تعالى.
تقولون: لأنا لا نعقل وجود هذه الصفات التي ظاهرها في القرآن إلا بوجود لازمها الباطل.
فنقول لكم: ولماذا لا تعقلون انفكاك هذا التلازم؟
تقولون: لأنه يلزم من وجود نظيرها في المخلوق وجود ذلك اللازم.
فنقول لكم: ومن قال أنه يلزم على صفات الله تعالى ما يلزم على صفات المخلوقين؟ ثم نقول لكم ما مر من التماثل بين القول في الذات والقول في الصفات.
وهنا لا أظنكم تحيرون جواباً!

بل يا أخي إنا لا نقول أنه يلزم من وجود أطعمة الجنة نسائها وقصورها ما يلزم من نظائرها في الدنيا، هذا، وكلاهما مخلوق! فإذا امتنع قياس مخلوق على مخلوق لما بينهما من التفاوت، فكيف بقياس الخالق على المخلوق؟!

ثم يا أخي أنت قلت أنكم تفسرون اليد في كل موضع بما تقتضيه لغة العرب، وأنا أحييك على هذا الأصل، لكن أطالبك بالتزامه في التطبيق. قال تعالى: ( بل يداه مبسوطتان ) هل في لغة العرب من يقول: ( نعمتاه )؟! وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ( يقبل ربنا الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها ) فهل في لغة العرب: ( يأخذها بقدرته أو برحمته )؟! وقال تعالى: ( الرحمن على العرش استوى ) هل في لغة العرب ( استوى يعني استولى )؟! وقال تعالى: ( وناديناه من جانب الطور ) هل في لغة العرب ( ناداه بكلام نفسي )؟! وقال تعالى: ( فسيأتي الله بقوم يحبهم ) هل في كلام العرب: ( يحبهم أي يريد بهم الخير )؟!
هذا يا أخي لا يقول به عربي!

فإن قلت لي: هذا مجاز أو كناية!
قلت لك: وما القرينة الصارفة عن الحقيقة.
ستقول: هذا ممتنع عقلاً.
أقول لك: وكيف؟
تقول: لأن نظير هذه الصفة في المخلوق يلزم عليها كيت وكيت.
أقول لك: وهل يلزم على صفة الخالق ما يلزم على صفة المخلوق؟! كيف والقياس بينهما ممنوع؟! ونعيد ما مر من التماثل بين الكلام في الذات والكلام في الصفات.

ثم لو كان تأويل هذه الصفات حق، لم تركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبينه؟! لم قرأه على الأعراب والنساء والعجائز الذين لا يعرفون الفلسفات ولا يدركون إلا ظواهر الألفاظ؟! لم لم يأت ذلك عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم؟! لم لم يسألوا عن ذلك النبي، وهم أحرص الناس على الخير؟! لم لم يبينوا ذلك للأعاجم حديثي العهد بالوثنية؟! لا شك أن ذلك كله لأن ظواهر النصوصو مرادة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. فنثبتها على ظاهرها من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.

أما قول نعيم بن حماد – على فرض ثبوته -: ( المتبادر منها منفي ) وقول غيره من السلف: ( نمرها بلا كيف ) ونحوه. فمعناه أنهم لا يؤمنون بما تبادر منها إلى أذهان المتكلمين ونحوهم من التمثيل والتشبيه! وأنهم لا يعلمون لها كيفاً، لا أنها هي ليس لها كيف. وهذا يعلم بتتبع أقوالهم واستقرائها. ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: ( كل معطل ممثل، وكل ممثل معطل ).
وكنت قد أحلتك سابقاً لقراءة رد الإمام أحمد على الجهمية ورد الإمام الدارمي على بشر المريسي، لتعلم أن ما أنكره السلف على الجهمية قد وقعت الأشعرية في مثله. فإذا علمت ذلك انقطع نسبكم إلى السلف، ولم يكن لكم حق في الاستدلال بهم.

ثم أخي قوله تعالى: ( بل يداه مبسوطتان ) لا يعني فقط أنه جواد كريم، بل يعني أنه من جوده وكرمه بسط يداه، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ) رواه مسلم. فدل على أن البسط حادث ضرورة أن المضارع يفيد التجدد والاستمرار.
ولأوضح المراد أقول لك هب أن رجلاً كريماً مقطوع اليدين بذل ماله وأعطى، هل تقول العرب أنه مبسوطة يداه؟! اللهم لا.
ثم لو لم يكن لله تعالى يدان لكان الأبلغ في ذم مقولة اليهود عليهم لعائن الله: ( يد الله مغلولة ) أن يقول لهم: ( ليس لله يدان ) لا أن يقول: ( يداه مبسوطتان )، إذ نسبة اليد إلى الله لو كانت نقصاً لا تقل جرماً عن نسبة البخل إليه إذ هو نقص.
ونحن العرب نقول: ( فلان كثير الرماد ) نعني أنه كريم لكثرة ما يحرق الحطب في الضيافة، فهل يصح أن نقول: ( الله تعالى كثير الرماد )؟! اللهم لا، لا يصح.

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( يأخذ ربنا الصدقة بيمينه ) ليس معناها أنه يقبلها فقط. فلو أنك أهديت لرجل مقطوع اليمين هدية فقبلها، لم تقل العرب أنه أخذها بيمينه! ونقول فيها كل ما مر في التي قبلها، ولله الحمد.

انتهى النقل

الجندى
04-12-2005, 11:33 AM
من إجابات الشيخ البراك
السؤال:
ذكر شيخ الإسلام في الفتاوى أن اليد بمعنى القدرة لا تأتي مثناة في لغة العرب ، ألا يتعارض هذا مع حديث النواس بن سمعان في صحيح مسلم رقم (2937) في خروج يأجوج ، ومأجوج " فيوحي إلى عيسى أني قد بعثت عبادا لا يَدَان لأحد بقتالهم ". وقد ذكر ابن الأثير والنووي وغيرهما أن المعنى: لا طاقة لأحد بقتالهم. فجاءت اليد بمعنى القدرة مع كونها مثناة ؟
الجواب:
الحمد لله ، نعم ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه العلامة ابن القيم في ردهما على من يأول صفة اليدين في قوله تعالى { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [(75) سورة ص] بالقدرة ذكرا أن اليدين لا تأتي في اللغة العربية بمعنى القدرة ، وقد ورد في كلامهما في مواضع التعبير بالـ(يدان) عن القدرة كما في مطلع القصيدة النونية :
حكم المحبة ثابت الأركان * ما للصدود بفسخ ذاك يدان
أي: قدرة ،
ومن ذلك ما جاء في الحديث الذي أورده شيخ الإسلام في الفتاوى 28/128 : ".. إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه ورأيت أمرا لا يدان لك به ، فعليك بنفسك ، ودع عنك أمر العوام .. الحديث ".
وكذلك الحديث الذي أورد السائل ذكره في الفتاوى 1/44.
وهذا قد يشكل مع إنكارهما على من فسر اليدين بالقدرة ؛ لأن ذلك لا أصل له في اللغة العربية .
والجواب: أن لفظ اليد مثناة لها في اللغة العربية استعمالات :
فتارة تستعمل غير مضافة ، وتلزم الألف ، وهذه هي التي بمعنى القدرة ، تقول: لا يدان لي بهذا الأمر ، أي لا قدرة لي عليه .
وتارة تستعمل مضافة إلى ضمير من قامت به ، أو اسمه الظاهر كقولك: بيديّ ، أو بيديه ، أو بيدي محمد ، ويجري فيها إعراب المثنى .
وهي في هذا الاستعمال لا تكون بمعنى القدرة ، بل يتعين أن يراد بهما : اليدان اللتان يكون بهما الفعل ، والأخذ ، ومن شأنهما القبض ، والبسط .
وبهذا يظهر ألا تعارض بين أنكراهما على النفاة تأويل اليدين بمعنى القدرة ، لأن ذلك لم يرد في اللغة العربية ، وبين استعمالهما (اليدان) بمعنى القدرة .
وهناك استعمالان آخران لليدين في اللغة العربية :
أحدهما: أن يعبر بهما عن الفاعل للفعل ، وإن لم يكن باشره بيديه كقولك هذا ما فعلت يداك ، ومنه قوله تعالى : {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [(10) سورة الحـج] ، ويأتي لفظ اليدين مجموعا إذا أضيف إلى ضمير الجمع كقوله تعالى : {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } [(182) سورة آل عمران] ، ومنه قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يــس] .
الثاني : استعماله مضافا إليه بعد (بـين) ، فيكون بمعنى أمام ، كقولك: جلس بين يديه ، و مشى بين يديه ، ويجري هذا الاستعمال في العاقل ، وغير العاقل كقوله تعالى : { لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا } [(64) سورة مريم] وقوله { وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ } [(12) سورة سبأ] وقوله { بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } [(57) سورة الأعراف] ونظائر ذلك كثيرة .
فهذه أربعة وجوه من الاستعمالات:
ثلاثة منها مجاز وهي : الأول ، والثالث ، والرابع .
والثاني: حقيقة .
ويمتنع المجاز في اليدين إذا أسند الفعل لفاعل ، وعدي إلى اليدين بالباء كقولك : عملت بيدي ، ومنه قوله تعالى : {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [(75) سورة ص ] .
وأما إذا أسند الفعل إلى اليدين كقولك: هذا ما فعلت يداك ، فهو من قبيل المجاز العقلي ؛ لأنه عبر باليدين عن الفعل مطلقا ، وإن لم يكن فعل بيديه .
وبهذا يظهر الفرق بين قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [(71) سورة يــس] ، وقوله تعالى : {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [(75) سورة ص ] ، فلا تدل الآية الأولى على خلق الأنعام باليدين ،
وتدل الآية الثانية على خلقِ اللهِ آدم َ بيديه ؛ فتثبت له هذه الخصوصية على سائر الناس .
فمن جعل آية "ص" نظيرا لآية "يس" ؛ فقد أخطأ فبين الآيتين فروق :
ففي آية "ص" أضاف الله الفعل إلى نفسه ، وعداه إلى اليدين بالباء ، وذكر اليدين بلفظ التثنية ، وأضافهما إلى ضمير المفرد .
وفي آية "يس" أضاف سبحانه الفعل إلى اليدين بلفظ الجمع ، وذكر نفسه بلفظ الجمع الدال على التعظيم .
فيجب التفريق بين المختلفات من الألفاظ ، والمعاني ، والتسوية بين المتماثلات ، والله أعلم .

ابو مارية القرشي
04-13-2005, 05:54 PM
بارك الله فيكم اخي احمد وجزى الله الشيخ البراك خيرا