المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه هام حول مسألة طلب الدعاء من الغير .



أبو المنذر المنياوي
09-12-2006, 08:19 AM
تنبيه هام حول مسألة طلب الدعاء من الغير :
اشتهر بين كثير من الناس طلب الدعاء بعضهم من بعض ، حتى أنه اشتهر في بلدنا أن تختم المقابلات بأن يقول بعضهم لبعض : لا تنسنا من دعائك.
فأردت أن أنبه إلى أمر هام متعلق بطلب الدعاء من الغير فهمته من قراءتي لرسالة الواسطة لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وهو أن طلب السؤال من الغير عموماً والدعاء خصوصاً لا يخلو من ثلاث حالات :
الأولى : أن ما طلب فيه النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء من أمته كنحو سؤال الوسيلة إنما هو لنفع الداعي بنيل الشفاعة ، فقد قال صلى الله عله وسلم : (( فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة )) .
وقد أخرج شيخ الإسلام هذه الحالة من باب السؤال ، وجعله من باب الأمر الشرعي حيث قال في رسالة الواسطة : ( فالنبي صلى الله عليه وسلم قد طلب من أمته أن يدعوا له ، ولكن ليس ذلك من باب سؤالهم ، بل أمره بذلك لهم كأمره بسائر الطاعات التي يثابون عليها ، مع أنه صلى الله عليه وسلم له مثل أحورهم في كل ما يعملونه ...) .
الثانية : أن يقول الطالب لغيره : ادع لي، ويقصد انتفاعهما جميعا بذلك ، الطالب بحصول مقصوده بإذن الله ، والمطلوب منه بتأمين الملك له ، فهذا من باب التعاون على البر والتقوى .
الثالثة : - وهي الشاهد من الكلام - أن يكون نية الطالب مجرد حصول النفع له دون الالتفات لنفع المطلوب منه ، فهذا وإن كان جائزاً ؛ لأنه من التوسل الجائز إلا أن الأمر فيه لا يخلو من كراهة .
قال شيخ الإسلام : (وإن كان قصده حصول مطلوبه من غير قصد منه لانتفاع المأمور ، فهذا من نفسه أتى ، ومثل هذا السؤال لا يأمر الله تعالى به قط ، بل قد نهى عنه ، إذ هذا سؤال محض للمخلوق من غير قصده لنفعه ولا لمصلحته ... وإن كان العبد لا يأثم بمثل هذا السؤال ، لكن فرق ما بين ما يؤمر به العبد ، وما يؤذن له فيه ...).
تنبيهات :
1- حديث قوله صلى الله عليه وسلم لعمر : ((يا أخى لا تنسني من دعائك)) رواه أبو داود والترمذي وأحمد ، وهو حديث ضعيف الإسناد كما قال الشيخ الألباني في ضعيف أبي داود ، والأرناؤوط في هامش المسند.
2- يستثنى من هذا الخلاف السابق من كان مجاب الدعوة كأويس القرني ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا عمر رضي الله عنه أن يطلب منه الاستغفار له .
3- إنني بهذا التنبيه لا أتهم أحداً ، وإنما هو من باب النصح والتذكير، فعلى من كان لا يعلم بهذا الكلام أن يعدل نيته عند طلب الدعاء من غيره بأن يقصد تبادل النفع كما سبق .
والله أعلى وأعلم ، وجزاكم الله خيراً ، ودمتم بخير .