المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم من لم يحكم بما أنزل الله



حسان
10-10-2006, 08:54 PM
السلام عليكم وعلى المسلمين الرحمة

بسم الله وكفى :
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم وبعد :
واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله .

قال عز وجل :
1 - (( ‏إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل )) . ( النساء58) .
2 - (( وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْط )) . ( المائد42) .
3 - (( ‏أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ‏)) . ( المائدة 50) .
4 - (( إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ )) . ( الانعام 57) .
5 - (( أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ‏ )) . ( الانعام 63) .
6 - (( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَاب)) . ( الانعام 114) .
7 - (( إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ )) . ( يوسف40 ) .
8 - (( إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ )) . ( يوسف67) .
9 - (( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ )) . ( الرعد37) .
10 - (( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَاب)) . ( الرعد41) .
11 - (( وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )) . ( الكهف 26) .
12 - (( وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون)) . ( القصص 70) .
وقال : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ )) . ( المائدة44) .
وقال : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُون)) .َ( المائدة 45) .
وقال : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)) . ( المائدة47) .
_____________________________________________

من الذي يحكم بغير ما انزل الله ؟! :
يقول الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي حفظه الله :
دستور جمهورية مصر العربية :
*****************************
يقول دســتور جمهورية مصر العربية المادة 109 بالنسبة لسن الأنظمة : (( لرئيس الجمهورية حق الأقتراح ,حق أقتراح التشريع )) . والمادتان112و113 تنظمان حق رئيس الجمهورية في التصديق على القوانين , والاعتراض عليها .
الدستور السوري :
*****************
المادة 115 أعطت حافظ الكلب حق أصدار القوانين , والأعتراض عليها .
الدستور المؤقت للجمهورية الليبية :
*********************************
يقول الدستور المؤقت , في المادة 20 : (( مجلس قيادة الوزراء , يدرس ويعد القوانين )) . والمادة 18 تقول : (( قيادة الثورة , هو الذي يوافق على التشريعات ويصدرها )) .
المغرب :
********
دستور المملكة المغربية , الصادر سنة 1972 , في الفصل رقم 26 , يقول : (( للملك حق أصدار القوانين , والتشريعات )) .
دستور الاردن :
**************
المادة 31 تعطي الملك , حق التصديق على القوانين , وحق الأصدار .
تونس :
*******
الدستور التونسي ينص على أن حق الاقتراح والفصل في امور الدولة , والاعتراض والختم , هي لرئيس الدولة .
لبنان :
******
المادة 65 و تعطي حق الأقتراح والأعتراض , لرئيس الدولة .
أهــ .
والدول العربية كلها وبلا استثناء تسير في هذا الطريق ... حتى دولة التوحيد المزعومة ...
__________________________________________
ما هو حكم من حكم غير شرع الله ؟ :
الحكم بغير ما انزل الله كفر اكبر مخرج من الملة وردة عن دين الاسلام
يقول ائمة المسلمين :
1 - قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : ( أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم ( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) فدل ذلك على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنّة ولا يرجع إليهما فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر ) . ( تفسير ابن كثير : 1/519 ) .
2 - قال الشيخ محمد بن إبراهيم في رسالة تحكيم القوانين : ( وتأمل ما في الآية كيف ذكر النكرة وهي قوله (شيء) في سياق الشرط وهو قوله جلَّ شأنه { فإن تنازعتم } المفيد للعموم ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطاً في حصول الإيمان بالله واليوم الآخر بقوله: { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} ) . ( رسالة تحكيم القوانين ص: 6-7 ) .
3 - قال ابن القيم في أعلام الموقِّعين (1/85) : ( ثم أخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد حكّم الطاغوت وتحاكم إليه , والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود أو متبوع أو مطاع , فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه علىغير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لايعلمون أنه طاعة له ) .
4 - وقال الشيخ سليمان بن عبدالله النجدي في تيسير العزيز الحميد(ص554) : ( فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول في موارد النزاع فقد كذب في شهادته ) .
5 - ويقول الإمام ابن كثير في تفسيره (1/521) : ( يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الإنقياد إليه ظاهراً و باطناً ) .
6 - وقال الإمام ابن القيم : ( أقسم سبحانه بنفسه على نفي الإيمان عن العباد حتى يُحكِّموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الدقيق والجليل ولم يكتف في إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده حتى ينتفي عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلِّموا تسليماً وينقادوا انقياداً ) . ( إعلام الموقعين 1/86 ) .
7 - قال الشيخ محمد بن إبراهيم : ( فتأمل هذه الآية الكريمة وكيف دلَّت على أن قسمة الحكم ثنائية وأنه ليس بعد حكم الله تعالى إلا حكم الجاهلية الموضح أن القانونيين في زمرة أهل الجاهلية شاءوا أم أبوا بل هم أسوأ منهم حالاً وأكذب منهم مقالاً , ذلك أن أهل الجاهلية لا تناقض لديهم حول هذا الصدد وأما القانونيين فمتناقضون حيث يزعمون الإيمان بما جاء به الرسول ( ويناقضون ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا وقد قال تعالى في أمثال هؤلاء { أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً } ) . ( رسالة تحكيم القوانين ص: 11-12 ) .
8 - ويقول ابن كثير في تفسير هذه الآية من تفسيره (2/68) : (فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في كثير ولا قليل ) .
9 - فتح المجيد (ص79 ) : ( فظهر بهذا أن الآية دلت على أن من أطاع غير الله ورسوله وأعرض عن الأخذ بالكتاب والسنة في تحليل ما حرم الله أو تحريم ماأحله الله وأطاعه في معصية الله واتبعه في ما لم يأذن به الله فقد اتخذه رباً ومعبوداً وجعله لله شريكاً ) .
10 - الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان (4/91) عند حديثه عن قوله تعالى : { ولا يشرك في حكمه أحداً } : " ويفهم من هذه الآيات كقوله {ولا يشرك في حكمه أحداً } أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرع الله أنهم مشركون بالله ) .
11 - ابن كثير في البداية والنهاية (13/128) بعد أن نقل عن الجويني نتفاً من الياسق أو الياسا التي كان يتحاكم إليها التتار : ( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر , فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ) .

12 - شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما قال تعالى { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً } . ( مجموع الفتاوى 28/524 ) .
13 - وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (3/267) : ( والإنسان متى حلل الحرام - المجمع عليه - أو حرم الحلال -المجمع عليه - أو بدل الشرع - المجمع عليه - كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء ) .
14 - قال عبد القادر عودة : ( ولا خلاف بينهم ( أي الأئمة المجتهدين ) قولاً واعتقاداً في أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , وأن إباحة المجمع على تحريمه كالزنا والسكر واستباحة إبطال الحدود وتعطيل أحكام الإسلام وشرع ما لم يأذن به الله إنما هو كفر وردة وأن الخروج على الحاكم المسلم إذا ارتد واجب على المسلمين) . ( الإسلام وأوضاعنا القانونية ص:60 ) .
15 - الشيخ محمد بن إبراهيم حيث قال في رسالة تحكيم القوانين : ( إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين في الحكم به بين العالمين والرد إليه عند تنازع المتنازعين مناقضة ومعاندة لقول الله { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً } ) . ( رسالة تحكيم القوانين ص: 5 ) .
16 - الشيخ أحمد شاكر تعليقاً على ما سبق نقله من كلام ابن كثير حول الياسق الذي كان يتحاكم إليه التتار : ( أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير - في القرن الثامن- لذاك القانون الوضعي الذي صنعه عدو الإسلام جنكز خان ؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر في القرن الرابع عشر ؟ إلا في فرق واحد أشرنا إليه آنفاً : أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام أتى عليها الزمان سريعاً فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت , ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً وأشد ظلماً منهم لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة والتي هي أشبه شيء بذاك الياسق الذي اصطنعه رجل كافر ظاهر الكفر إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام كائناً من كان في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها فليحذر امرؤ لنفسه وكل امريء حسيب نفسه ) . ( عمدة التفسير 4/ 173-174 ) .
17 - امام اهل السنة محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : ( إن هؤلاء الطواغيت الذين يعتقد الناس فيهم وجوب طاعة من دون الله كلهم كفار مرتدون عن الإسلام, كيف لا وهم يحلون ما حرم الله, ويحرمون ما أحل الله, ويسعون في الأرض فسادا بقولهم وفعلهم وتأييدهم, ومن جادل عنهم, أو أنكر على من كفرهم, أو زعم أن فعلهم هذا لو كان باطلا لا ينقلهم إلى الكفر, فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق, لأنه لا يصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم ) . ( الرسائل الشخصية,188 ) .
فإذا كان مجرد عدم التكفير جريمة كبرى عند الشيخ محمد بن عبدالوهاب, فكيف بمن يصفهم بأحسن أوصاف الإسلام يزكي دولتهم ونظامهم, ويحمل على من أنكر عليهم ؟!! .

وبعد فهذا غيض من فيض ....
_______________________________

جزاء من حكم بغير ما انزل الله :

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه : ( دعانا النبي . فبايعناه . فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لاننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ) .
أخرجه البخاري ( 7055-7056 ) ومسلم ( 170) (كتاب لإيمان حديث 24 ) .
1 - قال الشوكاني بعد كلام له في كفر من يتحاكم إلى غير شرع الله : ( وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ما هم فيه من الطواغيت الشيطانية ) . ( الدواء العاجل في دفع العدو الصائل ص: 25) .
2 - النووي في شرح مسلم (12/ 229) عن القاضي عياض : ( فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك , فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام وخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه ) .
3 - ابن تيمية رحمه الله : ( والدين هو الطاعة , فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله , وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ) . ( مجموع الفتاوى 28/544 ) .
4 - وقال ابن خويزمنداد : ( ولو أن أهل بلد اصطلحوا على الربا استحلالاً كانوا مرتدين والحكم فيهم كالحكم في أهل الردة , وإن لم يكن ذلك منهم استحلالاًجاز للإمام محاربتهم ألا ترى أن الله تعالى قد أذن في ذلك فقال : { فأذنوا بحرب من الله ورسوله } . انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/364 .


المزيد من اقوال ائمة الدين :

قبل ان اذكر اقوال الائمة اسمتع الى احد غلاة المرجئة وهو يتكلم عن توحيد الحاكمية : (( أن هـذه الجملة قديمة عند الخوارج عندما قالوا لا حاكم إلا الله وإن الحكم لله , وتوصلوا بها إلى تكفير الصحابة رضوان الله عليهم واستحلال الخروج على علي والسيف , هذا أولها وظلت متناقلة ما بينهم إلى أن طورت بعد ذلك كمصطلح جديد لأفكار سيد قطب رحمه الله ,
ولا نعلم أحداً من المعاصرين سبقه إلى ذلك وإنما أخذها من الخوارج الأولين ثم طورت في الخوارج المعاصرين وهي عندهم تدندن إلى أن طوروها وقالوا أن التوحيد ينقسم إلى أربعة أقسام ألوهية , وربوبية , وأسماء وصفات , وحاكمية )) . أهــ .
فسبحن الهادي المضل . . . .
وقد رد الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق على امثاله في ( الاصول العلمية ) : (( وأمثال هؤلاء لا يعنون من الشرك إلا عبادة المسيح والأصنام , وأما تلك الصور التي عرضناها عليك آنفاً فإنهم لا ينكرونها , بل يباركونها ويوافقون اصحابها , وإن حصل لها عند بعضهم إنكار؛ فإنما هو كإنكار بدعة يسيرة لا تضر عندهم بالدين)) .
____________________________

بسم الله :
1 - الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي : (( ومن لم يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس بمسلم )) . ( محاضرة بعنوان الايمان ) .
2 - قال الشيخ محمد بن إبرهيم رحمه الله : (( وتحكيم شـرع الله وحده دون كل ما سـواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه , إذ مضمون الشهادتين أن الله هو المعبود وحده لا شريك له , وأم يكون رسوله هو المتبع المحكم مـا جاء به فقط , ولا جردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك, والقيام به فعلاً وتركاً وتحكيماً عند النزاع . . . )) .( محمد بن إبرهيم , الفتاوى , 215/12) .
3 - يقول شيخ الإسلام اين تيمية : (( . . . فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر )) ( ابن تيمية , منهاج السنة النبوية , 12/3) , وقال : ((. . . والإنسان متى حلل الحرم المجمع عليه , أو حرم الحلال المجمع عليه , أو بدل الشرع المجمع عليه كان مرتداً . . . )) . (اين تيمية , الفتاوى , 267/3 ) .
4- قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق في ( الاصول العلمية ) : (( فالتشريع حق للرب جل وعلا؛ فالحلال ما أحله الله, والحرام ما حرمه الله , والدين والمنهج والطريق والصبغة هو ما شرعه الرب جل وعلا. واعتداء سلاطين الأرض وملوكها ورؤسائها على شرعة الله؛ بتحليل ما حرم، وتحريم ما أحل: عدوان على التوحيد , وشرك بالله , ومنازعة له في حقه وسلطانه جل وعلا. وأكثر سلاطين الأرض اليوم وزعماؤها قد تجرءوا على هذا الحق , وتجرءوا على الخالق الملك سبحانه وتعالى، فأحلوا ما حرم، وحرموا ما أحل , وشرعوا للناس بغير شرعه؛ زاعمين تارة أن تشريعه لا يوافق العصر والزمن , وتارة أنه لا يحقق العدل والمساواة والحرية، وأخرى بأنه لا يحقق العزة والسيادة. والشهادة لهؤلاء الظالمين بالإيمان عدوان على الإيمان وكفر بالله سبحانه وتعالى )) . وسمى الحكم بغير ما انزل الله : (( الشرك الأكبر والكفر البواح )) . ( نفس المصدر )) .
5 - قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ((. . . من تحاكم إلى غير ما جـاء عن الرسول فقد حكم بالطاغوت وتحاكم إليه , وقد
أمرنا سبحانه باجتناب الطاغوت قال سبحانه : " والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها " ( الزمر ,17 ) فالاحتكام إلى شريعة الطاغوت هو نوع من أنواع العـبـادة التي أمر الله بهجرها واجتنابهـا . . . )) . (ابن القيم , إعلام الموقعين , 49/1 ) .
6 - وقال الشيخ عبـد الرحمن بن حسن آل الشيخ : (( . . من دعا إلى تحكيم غير الله ورسوله فقد ترك مـا جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , ويرغب عنه وجعل لله شريكاً في الطاعة , وخالف مـا جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمره تعالى به في قوله : " وأن احكم بينهــم بما أنزل الله ولا تتــــــبع أهواءهم واحــذرهم أم يفتنوك عن بعض مـا أنزل الله إليك " ( المائدة , 49) وقوله تعالى : " فـلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " ( النساء , 65 )) ( عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ , فتح المجيد , ص 392) .
7- قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى : (( كل بدعة - وإن قلت - تشريع زائد أو ناقص , أو تغيير للأصل الصحيح , وكل ذلك قد يكون ملحقاً بما هو مشروع , فيكون قادحاً في المشروع , ولو فعل أحد مثـل هذا في نفس الشريعة عامداً لكفر , إذ الزيادة فيها أو التغيير - قل أو كثر - كفر فلا فرق بين مــا قل أو كثر . . . )) . ( الإمام الشاطبي , الاعتصام , 61/2 ) .
8 - وقال الجصاص : ((. . . إن من رد شيئاً من أوامر الله تعالى أو أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو خارج من الإسلام سواء رده من جهة الشك فيه , أو من جهة ترك القبول والامتناع عن التسليم . . . )) . (الجصاص , أحكام القرآن , 214/2) .
9 - وقال الشيخ محمد بن إبرهيم : (( . . واعتبار شئ من القـــوانين للحكم بهــا ولو في أقل القليــل لا شك أنه عدم رضا بحكم الله ورسوله ونسبه حكم الله ورسوله إلى النقص , وعدم القيام بالكفاية في حل النزاع وإيصال الناس في حل مشاكلهم , واتقاد هذا كفر ناقل عن الملة والأمر كبير مهم وليس من الأمور الاجتهادية . . . )) . (مجموع فتاوي الشيخ محمد بن إبراهيم ج 17/2) .
10 - قال الشيخ عمر عبد الرحمن حفظه الله : (( نّ الزنا الذي تبيحه الدولة, وتهيّء له الفُرص, وتُعد له المؤسّسات وتفتح له معاهد الرقص والموسيقى, وتقيم له الحفلات من مسارح وسينما وتليفزيون وإذاعة.. بل وتشرف الدولة على الملاهي الليليّة وتُعِدُّ شرطة خاصّة لحماية الزناة والفسّاق والعاهرات ألا يعني هذا رفضُ حاكميّة أحكم الحاكمين إنّ مصانع الخمور التي تُنشِئها الدولة, وتفتح لها الحوانيت لبيع الخمر وشرائها والتجارة بها وتجعلها سهلة ميسّرة للناس ألا يعني هذا رفض حاكميّة أحكم الحاكمين إنّ موالاة اليهود والنصارى وتقديم فروض الولاء والطاعة وتوقيع معاهدات الاستسلام الدائم وفتح البلاد لهم يعيثون فيها فساداً, فتُفتح السفارات الإسرائيلية والغربية.. ألا يعني هذا رفض حاكمية أحكم الحاكمين إن الظروف المختلفة التي يمرّ بها المجتمع كما يدّعي البعض تسمح له أن يعطّل حدود اللـه وشرعه.. فتُبدّل القوانين الإلهية بقوانين صليبية, فلا تُقطع يد السارق ولا يجلد شارب الخمر ولا يُرجم الزاني المحصن.. مثل هذه القوانين تعتبر وحشية جائرة في نظر المشرّعين العصريين, فهي لا تصلح لهذا العصر الذي تحيط به ظروف مختلفة اجتماعية واقتصاديّة ألا يعني كل هذا رفض حاكميّة أحكم الحاكمين )) .
11 - وقال الشيخ محمد بن ابراهيم : (( . . . فلهذه المحاكم مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتى , والقانون البريطاني , وغيرها من القوانين , ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة , وغير ذلك , فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة , مفتوحة الأبواب , والناس إليها أسراب يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم الكتاب والسنة من أحكام ذلك القانون , وتلزم به , وتقرهم عليه , وتحتمه عليهم , فأي كفر فوق هذا الكفر , وأي مناقضة لشهادة أن محمد رسول الله بعد هذه المناقضة . . . )) .( رسالة تحكيم القوانين , ص 7 ) .

______________________________
معنى قول ابن عباس (( كفر دون كفر )) :
قال الشيخ محمد با إبرهيم : (( . . . أما الكفر الذي لا ينقل عن الملة والذي ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما بأنه كفر دون كفر , وقوله أيضاً (( ليس بالكفر الذين تذهبون )) , فذلك مثل أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله , مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق , واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى , وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر كالزنا وشرب الخمر والسرقة وغيرها , فإن معصية سماها الله في كتابه كفراً أعظم من معصية لم يسمها الله كفراً . . . )) . ( محمد بن إبراهيم , رسالة تحكيم القوانين , 8 ) .
وقال رحمه الله : (( لو قال من حكم القانون أنا أعتقد أنه باطل , فهذا لا أثر له , بل هو عزل للشرع كما لو قال أحد : أنا أعبد الأوثان أعتقد أنها باطل )) . ( مجموع الفتاوى الشيخ محمد بن إبرهيم ( 6/189) .
اذا كلام ابن عباس لا ينطبق على الحكام في زماننا هذا .... يقول الشيخ : (( لو قال من حكم القانون أنا أعتقد أنه باطل , فهذا لا أثر له , بل هو عزل للشرع كما لو قال أحد : أنا أعبد الأوثان أعتقد أنها باطل )) .!! .
فهو بالضبط كمن يسب الرسول ويقول انا مسلم !! . ويدوس المصحف ويقول انا مسلم !! .
_________________________________________

لا سمع ولا طاعة لا في معصية ولا في معروف :
********************************************
يقول احدهم (( وجوب طاعة اولياء الامور في غير معصية الله )) !! .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( لا عهد لظالم عليك في ظلمه أن تطيعه ) وقال: ( ليس للظالمين عهد, وإن عاهدته فانقضه ) ( تفسير ابن كثير 167/1 ) .
هذا في الظالم فكيف بالكافر ؟!.
وقال الجصاص : (( فلا يجوز أن يكون الظالم نبياً, ولا خليفة لنبي, ولا قاضياً, ولا من يلزم الناس قبول قوله في أمور
الدين من مفت أو شاهد )) . ( الجصاص, أحكام القرآن, 70/69/1 ) .
وقال: (( . . فثبت بهذه الآية بطلان إمامة الفاسق, وأنه لا يكون خليفة, وأن من نصب نفسه في هذا المنصب وهو فاسق لم يلزم الناس اتباعه ولا طاعته . . . )) . ( المرجع السابق, 70/69/1 ) .


فما أظن الموضوع يوفي حقه إلا أهل العلم قال تعالى {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} فاسمعوا معي أقوال أهل العلم :-
رسالة تحكيم القوانين ، للعلامة الثبت المحدث الثقة الفقيه الأصولي الشيخ / محمد بن إبراهيم عبد اللطيف آل الشيخ /رحمه الله ، المفتي السابق للديار النجدية والحجازية ، المتوفىَّ سنة 1389هـ رحمه الله تعالى .
نص الرسالة ، يقول رحمه الله تعالى :
إن من الكفرِ الأكبرِ المستبينِ ، تنزيلُ القانونِ اللعينِ منزلةَ ما نَزَلَ به الروحُ الأمينُ على قلب محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) ليكون من المنذرين ، بلسانٍ عربي مبينٍ ، في الحكم به بين العالمين ، والرَدِّ إليه عند المتنازعين ، مناقضةً ومعاندةً لقولِ الله عز وجل :{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمانَ عن مَّنْ لم يُحَكِّموا النبي (صلى الله عليه وسلم) فيما شَجَرَ بينهم ، نفياً مؤكداً بتكرارِ أداةِ النفي وبالقسمِ ، قال تعالى {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} ولم يكتفِ تعالى وتقدَّس منهم بمجرد التحكيمِ للرسولِ (صلى الله عليه وسلم) ، حتى يضيفوا إلى ذلك عَدَمَ وجودِ شيءٍ من الحرج في نفوسهم ، بقوله جل شأنه : {ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ} . والحَرَجُ : الضِّيقُ . بل لا بد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب .
ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين ، حتى يضموا إليهما التسليم وهو كمال الانقيادِ لحكمه صلى الله عليه وسلم ، بحيث يتخلَّونَ ها هُنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء ، ويسلموا ذلك إلى الحكمِ الحقِّ أَتمَّ تسليم ، ذلك بالمصدر المؤكد ، وهو قوله جل شأنه : {تَسْلِيماً} المبين أنه لا يُكْتَفى ها هنا بالتسليم .. بل لا بد من التسليم المُطْلَقِ .
وتأمل ما في الآية الأولى ، وهي قوله تعالى : {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} . كيف ذكر النكِرَةَ وهي قوله : {شَيْءٍ} في سياق الشَرْطِ وهو قوله جل شأنه : {فَإِن تَنَازَعْتُمْ} المفيد للعموم ، فيما يُتَصوَّرُ التنازعُ فيه جنساً وقدراً .
ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطاً في حصول الإيمان بالله واليوم الآخر، بقوله : {إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} .
ثم قال جل شأنه : {ذلِكَ خَيْرٌ} فشيءٌ يُطْلقُ الله عليه أنه خيرٌ لا يتطرَّقُ إليه شرٌّ أبداً ، بل هو خيرٌ محضٌ عاجلاً وآجلاً .
ثم قال :{وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} أي : عاقبةً في الدنيا والآخرة ، فيفيد أن الرد إلى غير الرسول (صلى الله عليه وسلم) عند التنازع شرٌ محضٌ وأسوأ عاقبة في الدنيا الآخرة .
عكس ما يقولُه المنافقون : {إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً} ، وقولهم : {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ، ولهذا ردَّ الله عليهم قائلاً : {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} .
وعكس ما عليه القانونيون من حكمهم على القانون بحاجة العالم (بل ضرورتهم) إلى التحاكم إليه وهذا سوءُ ظنّ صرْف بما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومحضُ استنقاصٍ لبيان الله ورسوله، والحكم عليه بعدم الكفاية للناس عند التنازع ، وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة إن هذا لازم لهم .
وتأمل أيضا ما في الآية الثانية من العموم ، وذلك في قوله تعالى {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} فإن اسم الموصول مع صلته مع صيغ العموم والشمول هو من ناحية الأنجاس والأنواع ، كما أنه من ناحية القدر فلا فرق هنا بين نوع ونوع ، كما أنه لا فرق بين القليل والكثير وقد نفى الله الإيمان عن من أراد التحاكم
إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من المنافقين ، كما قال تعالى :{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً} .
فإن قوله عز وجل :{يَزْعُمُونَ} تكذيب له فيما ادعوه من الإيمان ، فإنه لا يجتمع التحاكم إلى غير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع الإيمان في قلب عبد أصلا ، بل أحدهما ينافي الآخر ، والطاغوت مشتق من الطغيان ، وهو : مجاوزة الحد . فكل من حكم بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو حاكم إلى عير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه . وذلك أنه من حق كل أحد أن يكون حاكما بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فقط لا بخلافه.
كما إن من حق كل أحد أن يحاكم إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فمن حكم بخلافه أو حاكم إلى خلافه فقد طغى ، وجاوزَ حَدَّه ، حُكْماً أو تحكيماً ، فصار بذلك طاغوتاً لتجاوزه حَدَّه .
وتأمل قوله عز وجل : {وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ} تعرفْ منه معاندة القوانين ، وإرادتهم خلافَ مرادِ الله منهم حولَ هذا الصددِ ، فالمرادُ منهم شرعاً والذي تُعُبّدوا به هو : الكفرُ بالطاغوتِ لا تحكيمُهُ ، {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} .
ثم تأملْ قوله : {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ} كيف دَلَّ على أن ذلك ضلالٌ ، وهؤلاء القانونيون يرونه من الهُدَى ، كما دلت الآية على أنه من إرادة الشيطان ، عكس ما يتصورُ القانونيون من بُعدِهم من الشيطان ، وأنَّ فيه مصلحة الإنسان ، فتكونُ على زعمهم مراداتُ الشيطان هي صلاح الإنسان ، ومرادَ الرحمن .
وما بُعث به سيدُ ولد عدنانٍ معزولاً من هذا الوصف ، ومُنَحى عن هذا الشأنِ.
وقد قال تعالى مُنكراً على هذا الضرب من الناس ، ومقرراً ابتغاءَهم أحكام الجاهلية ، موضحاً أنه لا حكمَ أحسن من حُكمهِ : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} فتأملْ هذه الآيةَ الكريمةَ وكيف دلتْ على أن قِسْمةَ الحكم ثنائيةٌ ، وأنه ليس بعد حكمِ الله تعالى إلا حكم الجاهلية ، الموضِّح أنَّ القانونيين في زمرةِ أهل الجاهلية ، شاءوا أم أبوا ، بل هم أسوءُ منهم حالاً ، وأكذبُ منهم مقالاً ، بل أنَّ أهلَ الجاهليةِ لا تَنَاقُضَ لديهم حولَ هذا الصددِ .
وأما القانونيون فمتناقضون ، حيثُ يزعمون الإيمان بما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، ويتناقضون ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً وقد قال الله تعالى في أمثال هؤلاء : {أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً} ثم انظر كيف ردت هذه الآية الكريمة على القانونيين ما زعموه من حسن زبالة أذهانهم ، ونحاتة أفكارهم ، بقوله عز وجل :{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} .
قال الحافظ بن كثير في تفسير الآية : ينكر تعالى على من خرج من حكم الله المحْكَمِ المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل شر ، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات ، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله ، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم ((جنكيز خان)) الذي وضع لهم كتابا مجموعا من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية ، والنصرانية ، والملة الإسلامية ، وغيرها .
وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه ، فصارت في بنيه شرعا مُتَّبَعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله ، وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتالُهُ ، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله ، فلا يُحكِّمُ سواه في قليل ولا كثير . قال تعالى : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} أي : يبتغون ويريدون ، وعن حكم الله يَعدلون . {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي : ومن أعدل من الله في حكمِهِ ، لمن عَقَل عن الله شرعَه وآمن به وأيقن ، وعلم أن الله أحكمُ الحاكمين ، وأرحم بخلقِهِ من الوالدة بولها ، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء ، العادل في كل شيء . - انتهى قول الحافظ بن كثير -
وقد قال عز شأنه قبل ذلك مخاطباً نبيه محمداً (صلى الله عليه وسلم) : {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} .
وقال تعالى : {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} .
وقال تعالى مخبراً نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم) ، بين الحكم بين اليهود والإعراض عنهم وإن جاءوه لذلك : {فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} والقسط هو : العدل . ولا عدل حقا إلا حكم الله ورسوله ، والحكم بخلافه هو الجور ، والظلم والضلال والكفر ، والفسوق ، ولهذا قال تعالى بعد ذلك : {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} .
فانظر كيف سَجَّلَ تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل الله الكفر والظلم والفسوق ، ومن المُمْتَنِع أن يُسَمِّي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنز الله كافراً ولا يكون كافراً ، بل هو كافر مطلقا ، إما كفر عمل وإما كفر اعتقاد ، وما جاء عن بن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية من رواية طاووس وغيره يدل على أن الحكم بغير ما أنزل الله كافر : إما كفرُ اعتقاد ناقل عن الملة ، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملة .
> أما الأول : وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع :-
- أحدها : أن يجحد الحاكم ُ بغير ما أنزل الله أحقيَّة حكم الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) ، وهو معنى ما رُوي عن بن عباس ، واختاره ابن جرير أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي ، وهذا مالا نزاعَ فيه بين أهل العلم ، فإن الأصول المتقرِّرةَ المتفق عليها بينهم أن من جحد أصلاً من أصول الدين أو فَرْعاً مُجْمَعاً عليه ، أو أنكر حرْفاً مما جاء به الرسول (صلى الله عليه وسلم) قَطعيَّاً ، فإنه كافر الكفر الناقل عن الملة .
- الثاني : أن لا يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله كونَ حكم الله ورسوله حقّاً ، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول (صلى الله عليه وسلم) أحسنُ من حكمِهِ ، وأتمُّ وأشملُ لما يحتاجُهُ الناسُ من الحكمِ بينهم عند التنازع ، إما مطلقاً أو بالنسبة إلى ما استجدَّ من الحوادث ، التي نشأتْ عن تطور الزمان وتغيُّر الأحوال ، وهذا أيضا لا ريب أنه كفرٌ ، لتفضيلِهِ أحكام المخلوقين التي هي محض زبالة الأذهان وصِرْفُ حُثَالةِ الأفكار على حُكم الحكيم الحميد .
وحكم الله ورسولِهِ لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان ، وتطور الأحوال ، وتجدد الحوادث ، فإنه ما من قضيةٍ كائنةٍ ما كانتْ إلا وحكمُها في كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ، نصّا أو ظاهراً أو استنباطاً أو غير ذلك ، عَلِمَ ذلك من عَلِمَه وجَهِلَه من جَهِله .
وليس معنى ما ذكره العلماءُ من تغيّرِ الفَتْوى بتغيُّر الأحوال ما ظنه من قلَّ نصيبُهم أو عدِمَ من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها ، حيث ظنوا أنَّ معنى ذلك بحسب ما يلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية ، وأعراضَهَم الدنيوية وتصوراتهم ، الخاطئة الوبية ، ولهذا تجدهم يحامون عليها ، ويجعلون النصوصَ تابعة لها منقادة إليها ، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكلم عن مواضِعِه .
وحينئذ معنى تغيرُّ الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مرادُ العلماء منه: ما كان مُسْتَصْحَبة فيه الأصول الشرعية ، والعلل المرعية ، والمصالح التي جِنْسُها مرادٌ لله تعالى ، ورسوله (صلى الله عليه وسلم) ، ومن المعلوم أن أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل ، وأنهم لا يقولون إلا على ما يلائم مراداتِهم ، كائنة ما كانت ، والواقع أصدق شاهد.
- الثالث : أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله ، لكن اعتقد أنه مثله ، فهذا كالنوعين اللذين قبله ، في كونه كافرا الكفر الناقل عن الملة ، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق ، والمناقضة والمعاندة لقوله عز وجل : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ونحوها من الآيات الكريمة ، الدالة على تفرد الرب بالكمال ، وتنزيهه عن مماثلة المخلوقين ، في الذات والصفات والأفعال ، والحكم بين الناس فيما يتنازعون فيه .
- الرابع : أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله ، فضلا عن أن يعتقد كونه أحسن منه ، لكن اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله ، فهذا كالذي قبله يَصْدُقُ عليه ما يصدق عليه ، لاعتقاده جواز ما علم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه .
- الخامس : وهو أعظمُها وأشملُها وأظهرُها معاندةً للشرع ، ومكابرة لأحكامه ، وشاقة لله ولرسوله ، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية ، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا ، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا وحكما وإلزاما ، ومراجع ومستندات.
فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع ومستمدات ، مرجعُها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) فلهذه المحاكم مراجع ، هي : القانون الملفق من شرائع شتى ، وقوانين كثيرة ، كالقانون الفرنسي ،كالقانون الأمريكي ، كالقانون البريطاني ، وغيرها من القوانين ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك .
- فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيأةٌ مكملةٌ ، مفتوحة الأبواب ، والناس إليها أسراب إثر أسراب ، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب ، من أحكام ذلك القانون ، تُلْزمُهُم به ، وتقرهم عليه ، وتحتِّمُه عليهم . فأي كفر فوق هذا الكفر ، وأي مناقضة للشهادة بأن محمد رسول الله بعد هذه المناقضة .
وذِكْرُ أدلة جميع ما قدمنا على وجه البَسْط معلومة معروفة ، لا يحتمل ذكرها هذا الموضع .
فيا معشر العقلاء ! ويا جماعات الأذكياء وأولى النها ! كيف ترضون أن تجري عليكم أحكام أمثالكم ، وأفكار أشباهكم ، أو من هم دونكم ، ممن يجوز عليهم الخطأ ، بل خطأهم أكثر من صوابهم بكثير ، بل لا صواب في حكمهم إلا ما هو مستمد من حكم الله ورسوله ، نصاً أو استنباطاً ، تَدَعُونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم ، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم ، وفي أموالكم وسائر حقوقِكم ، ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحكم اله ورسوله ، الذي لا يتطرق إليه الخطأ ،ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد . وخضوع الناس ورضوخهم لحكم ربهم خضوع ورضوخ لحكم من خلقهم تعالى ليعبدوه ، فكما لا يسجد الخلق إلا لله ، ولا يعبدون إلا إياه ولا يعبدون المخلوق ، فكذلك يجب أن لا يرضخون ولا يخضعوا أو ينقادوا إلا لحكم الحكيم العليم الحميد ، الرءوف الرحيم ، دون حكم المخلوق ، الظلوم الجهول ، الذي أهلكته الشكوك والشهوات والشبهات ، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات .
فيجب على العقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه ، لما فيه من الاستبعاد لهم ، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض ، والأغلاط والأخطاء ، فضلا عن كونه كفرا بنص قوله تعالى {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} .
- السادس : ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر ، والقبائل من البوادي ونحوهم ، من حكايات آبائهم وأجدادهم ، وعاداتهم التي يسمونها ((سلومهم)) ، يتوارثون ذلك منهم ، ويحكمون به ويحصلون على التحاكم إليه عند النزاع ، بقاءاَ على أحكام الجاهلية ، وأعراضا ورغبة عن حكم الله ورسوله ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
> وأما القسم الثاني : من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله ، وهو الذي لا يُخْرِجُ من الملة فقد تقدم أن تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقول الله عز وجل {} قد شَمَلَ ذلك القسم ، وذلك في قوله رضي الله عنه في الآية : ((كفر دون كفر)) وقوله أيضا ((ليس بالكفر الذي تذهبون إليه))إ.هـ.
وذلك أن تَحْمِلَه شهوتُهُ وهَواه على الحكم في القضية ، بغير ما أنزل الله ، مع اعتقاده أن حكمَ الله ورسوله هو الحق ، واعترافه على نفسه بالخطأ ، ومجانبة الهدى .
*وهذا وأن لم يخرجْه كفرُه عن الملةِ ، فإنه معصيةٌ عظمى أكبرُ من الكبائر ، كالزِّنا وشرب الخمر ، والسرقةِ واليمين الغموس ، وغيرها فإن معصيةً سماها الله في كتابه : كفراً ، أعظمُ من معصيةٍ لم يسمِّها كُفْراً .
نسأل الله أن يجمع المسلمين على التحاكُم إلى كتابِهِ ، انقياداً ورِضاءاً ، إنه وليُّ ذلك والقادر عَلَيهِ .
إ.هـ .
الحمد لله رحمك الله يا شيخنا الفاضل ، وأذكر بقول الرسول محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) وعندما مرت عليه جنازتين وقد ذكرت الأولى بالشر والثانية بالخير وقد قال (صلى الله عليه وسلم) في كل واحدة وجبت وجبت وجبت ، وعندما سأل عن ذلك قال (صلى الله عليه وسلم) [ذكرتم الأولى بالشر فوجبت له النار وذكرتم الثانية بالخير فوجبت له الجنة ، أنتم شهداء الله في أرضه] أو كما قال عليه الصلاة والسلام - تجده كاملا في البخاري فراجعه - اللهم إنا نشهد بأن الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ قد أدى ما عنده وأبلغ بالنصح وما نقل لنا عنه من الثقات إلا كل خير ، اللهم وجمعنا به في دار كرامتك ومستقر رحمتك وعلى حوض نبيك (صلى الله عليه وسلم) آمين آمين .
وبعد إخواني هل بقي شيء يقال ما أعظم هذه الحجة وما أوضح كلام الله لمن أراد أن يتدبره ويتعلم منه فلا حجة أقيمت على البشر أقوى من هذه الحجة فهل يشك مسلم بأن من صرف شيء من العبادات لغير الله من سجود أو ركوع أو دعاء أو ذبح .. وغيرها بأنه مشرك بالله وضال عن طرق الإسلام وتارك له ، فإن من الأوضح والأظهر أن صرف شيء من الحكم أو التحاكم لغير الله ورسوله ممثل بكتابه وسنة نبيه فهو أبين من الأول ، كفرا وإلحادا وبعدا عن الإسلام وأهله ، قال تعالى {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} ، هدانا الله إلى الحق وجعلنا من أهله.
ثم أن الحكم على الإنسان بالظاهر هو الذي نملكه ونستطيعه ، فلو أظهر الإنسان شيء نحكم عليه من خلاله ومن خلال أقواله وأفعاله وليس لنا ما في جوفه وما أبطن في قلبه إنه لله تبارك وتعالى ، ولقد أخبر النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) بأن لنا شهادة في الأرض يحكم من خلالها على الشخص من خلال ما ظهر لأهل الأرض من أقوال وأفعال ، فلو شتم فلان صديقه فإنا نحكم عليه بأنه شتمه فلو أظهر الإعتذار نحكم بأنه إعتذر ولو أظهر التوبة بأي فعل يدل على ذلك نحكم بأنه تاب ، ولو أنه أبطن ذلك كله نشهد عليه بأنه شتم ، ولم يعتذر ، ولم يتب ، وإذا اقتضت الحاجة الشرعية لذكر هذه الشهادة نذكرها استبراء للدين وتوضيحا للحق ودفعا للباطل ، وليس لنا أن نبحث في جوف الشخص عن قصده فلو أن قصده ظهر أو هو حاول أن يظهره أو كان هناك أي شيء يظهر مقصده من هذا الفعل وإلا وقع عليه الحكم وهو الملوم لعدم إظهار مقصده بعد وقوعه بالفعل ، فلو مات نحكم على الرجل -الحكم المطلوب منا أهل الأرض- على مجمل أفعاله فإن كان الأغلب الصلاح شهدنا له بذلك وإن كان هناك الفساد شهدنا له بذلك والعياذ بالله ، ولو ظهر لنا بعد كل هذا مقصد من مقاصده تدفع عنه الحكم نشهد بما ظهر لنا .
وبهذا أقول اللهم إني أشهد بأن الحسين بن طلال قد بدل شرعك وحكم بهواه وأذل الدين وشتت الأمة وعصى الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين والمسلمين وكفر بحكمه وما سمعنا عن توبته أبداً بل أنه اتبع الدستور اللعين لآخر لحظة في حياته وآخر بره - عندما عزل الحسن وولى عبد الله - وأنه قد رضي عنه اليهود والنصارى وأنت القائل وقولك الحق {وَلَنْ تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} وأشهد انه مات على ملته ودينه الذي ابتدعه ووضع له دستورا أجبر العباد على التحاكم له واتباعه وأنه قام بأعمال ذبح وقتل للمسلمين ولأهل الدين وكان أكبر بوابة للكفر في المنطقة يشهد على هذا الحضور المنقطع النظير لجنازته النتنة والتي تأذى منها كل من تحت الأرض.
اللهم العنه وجعل قبره حفرة من حفر النار اللهم إنه قد أتاك معلناً بكفره مصرا عليه ، اللهم وألحق به كل من يحبه من دونك وكل من سار عل طريقه من الحكام الذين لا يحكموا بكتابك وقد نبذوه وراء ظهورهم ، اللهم العنهم ، اللهم العنهم ، اللهم العنهم ، اللهم أرنا فيهم يوما أسودا كيوم عاد وثمود ويوم هود ، ويوم فرعون الذي طغى وقال أنا ربكم الأعلى ، ويوم هامان ويوم قارون ، إنهم أضلوا عن سبيلك ، اللهم ورد المسلمين إليك ردا جميلا ، وهدهم إلى الحق وعلمهم وزده إليك قربا ، اللهم أقد دولة الدين واعل رايتها خفاقة فوق أرضك يا رب العالمين اللهم أعد فينا الخلافة وجعلنا من خير أهلها ، اللهم أقم علم الجهاد ، اللهم أقم علم الجهاد ، اللهم أقم علم الجهاد ، اللهم اجعلنا من جندك المخلصين وجعل كل ذرة من أجسامنا في سبيلك يا رب العالمين اللهم وثبت أقدامنا يوم اللقاء وانصرنا ونصر بنا أهل دينك الذين تحبهم ويحبونك واجعلنا منهم يا قدير يا عليم آمين آمين آمين .
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .

____________________________________
كلمة اخيرة :
************
يقول الشيخ ابو قتادة حفظه الله ورعاه :
{وما كان ربّك ليُهلِك القُرى بظُلمٍ وأهلُها مُصْلِحُون}
واعلم أن من الإصلاح الذي يحبه اللـه تعالى هو قتال وقتل أئمة الكفر . قال تعالى {وقاتِلوا أئمَّةَ الكُفرِ إنّهم لا أًيْمان لهم لعلّهُم ينتهون}, لأنّ تكنيس الأرض من هؤلاء ورميهم على مزابل الناس هو عين الإصلاح الذي يحبّه اللـه تعالى ويرضاه .
ومن زعم من الناس أنّ هذا الأمر, وهو قتل وإزالة رؤوس الكفر, هو فتنة, فليعلم أنّه يردّ على اللـه أمره, وأنّه بقوله هذا هو الذي ينشر الفتنة بين الناس .
نعم لقد كثر الخبث ولا بدّ من شدّ الرنّة كلٌّ بما يستطيع لإخراج الناس من غفلتهم, هذه الغفلة التي طالت عليهم, وبسبب طولها استمرأها الناس وظنّوها أمراً صحيحاً ولا مفرّ منه ولا سبيل للخروج عنه .
ولذلك على الدعاة إلى اللـه أن ينذروا قومهم ويخوّفوهم من موت القلوب الذي أصابهم حين رضوا حكم المرتدّين, ورضوا لقيمات الذلّ والعار التي يتصدّق بها هؤلاء المرتدون عليهم, وعليهم أن يكشفوا زيف سحرة هؤلاء الحكّام الذين زوّروا على الناس دينهم وواقعهم .
وإن قيل لك: إنّك من دعاة الفتنة .
فقل لهم: واللـه إنّ الفتنة هي التي تعيشون, وإنّ العذاب هو الذي تحيون ولكن لا تشعرون .
وها هي القوارع تضرب الناس يوماً بعد يوم . وها هي النذر تصرخ في الآذان والقلوب, فهل من مدّكر؟

يقول الشيخ محمد عمر المقدسي :
قال تعالى: {لقد أرسلنا رُسُلَنا بالبيّنات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط, وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصُرُه ورسُلَه بالغيب, إن الله لقويٌّ عزيز} [الحديد: 25].
فكتابه يهدي إلى الحقّ, والحديد يُقوِّم من خرج عنه, والناس لا يُصلِحُهم إلاّ هذا, ومتى ضعف في الناس أحدُ الأمرين
-الكتاب والحديد- حصل الفساد والخراب .
قال صلى الله عليه وسلم : بُعِثتُ بالسيف بين يدي الساعة حتّى يُعبَدَ اللـه وحده, فكان هذا ميراثه في أمّته: الكتاب الهادي والسيف المانع المقوّم .
فكان الناس قسمين: علماء وأهل جهاد .
وقد جمع اللـه هاتين الفضيلتين لخير الخلق بعد الأنبياء وهم الصحابة , قال تعالى: {محمّد رسول الله والذين معه أشدّاء على الكفّار رحماءُ بينهم تراهم ركّعاً سجّداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة, ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع ليغيظ بهم الكفّار} [الفتح: 29] .
اهــ .