المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخطاء هيكليّة فادحة في نظام التعليم



عبدالعزيز الباروني
01-18-2007, 06:37 PM
هذا الموضوع مقتبس من مقالات الأستاذ عبد الحليم أحببت أن أعرضه في المنتدى :



توسعتِ الحكومات العربيّة (وعلى رأسها مصر منذ ثورة يوليو) في التعليمِ لأسبابٍ دعائيّة، رغمَ أنَّ مواردَ الدولةِ والبنيةَ الأساسيّةَ لم تكن تسمحُ بتعليمِ كلِّ هذه الأعدادِ دفعةً واحدة، ممّا أدّى لنتائجَ مدمّرة:
• أدّى التكدّسُ في الفصولِ إلى هبوطِ كفاءةِ التعليم:
1- ليسَ فقط لأنَّ تكدّسَ الفصلِ يجعلُه كئيبًا أكثرَ ممّا هو أساسًا.
2- وليسَ فقط لصعوبةِ توزيعِ اهتمامِ المدرّسِ بينَ كلِّ هذا الكمِّ من التلاميذِ ومراقبةِ انتباهِهم وانضباطِهم أثناءَ الشرح.
3- وليسَ فقط لأنَّه منَ المستحيلِ في ظلِّ هذه الأعدادِ أن يعرفَ المدرّسُ كلَّ تلميذٍ على حِدَة، معرفةً تُتيحُ له فهمَ شخصيّتِه وظروفَه الاجتماعيّة، ليدركَ نقاطَ ضعفِه وعيوبَه فيقوّمَها، ويجدَ أنسبَ الوسائلِ لإيصالِ المعلومةِ إليه، ويكتشفَ مواهبَه فيُنمّيَها.
4- وليسَ فقط لأنَّ زمنَ الحصّةِ لا يمكنُ أنّ يتسعَ لكي يستفسرَ كلُّ تلميذٍ عمّا لم يتّضحْ له أثناءَ الشرح.
5- وليسَ فقط لأنَّ كثرةَ العددِ تستهلكُ الميزانيّة، ممّا يؤدّي إلى قلةِ التجهيزاتِ والمعامل، ممّا يؤدّي إلى تحويلِ التعليمِ إلى صيغةٍ نظريّةٍ مُفرّغةٍ من المضمون.
6- ولكنْ أيضًا لأنَّ التكدّسَ يستدعي تمريرَ عددٍ كبيرٍ منَ تلاميذِ المدارسِ وطلبةِ الجامعاتِ ضعافِ المستوى من عامٍ دراسيٍّ للذي يليه، حتّى يُفسحوا مجالا للأعدادِ المتزايدةِ التي ستحلُّ محلَّهم.. وبهذا تُفاجأُ بأنََ كثيرًا من تلاميذِ المرحلةِ الإعداديّةِ لا يتقنُ القراءةَ والكتابة، ولا يحفظَُ جدولَ الضرب، وبأنَّ كثيرًا من طلبةِ المرحلةِ الثانويّةِ يُخطئونَ في هجاءِ اللغةِ الإنجليزيّة، ويتطوّرُ الأمرُ حتّى يتخرّجَ غالبيّةُ طلبةِ الجامعةِ في تخصّصاتٍ لا يتقنونَها!
• كما أدّى ضعفُ الإمكانيّاتِ إلى اعتمادِ الاختباراتِ التحريريّةِ والامتحاناتِ المكتوبةِ كوسيلةٍ أحاديّةٍ للتقييم، مع اتخاذِ الدرجاتِ الناجمةِ عنها وسيلةً لتنسيقِ دخولِ التعليمِ الثانويِّ والجامعيّ.. ممّا أدّى لتوابعَ مدمّرة:
1- أصبحَ حفظُ المنهجِ هو الطريقَ الأمثلَ لإحرازِ درجاتٍ أعلى.
2- اكتسبتِ الدروسُ الخصوصيّةُ أهميةً خارقة، حيثُ يتمُّ فيها تدريبُ الطالبِ على كيفيةِ أداءِ الامتحان، وبالتالي إحرازِ درجاتٍ أعلى.
3- أصبحَ دورُ البيتِ هو التأكّدَ من تحصيلِ الطالب، بحيثُ ينزعجُ الأبُ والأمُّ إذا بدرتْ على ابنهما بوادرُ موهبةٍ أو هواية، أو ظهرت عليه علاماتُ (الحماقةِ) فراحَ يقرأُ كتبًا ثقافيةً ويتركُ كتبَ المدرسة!.. وبهذا أصبحَ دورُ البيتِ أن يقتلَ الهواياتِ والثقافة، فهي عديمةُ الجدوى، ولا تجني أيَّ درجات، بل تضيّعُ المستقبل.
4- أصبحَ التفكيرُ في المنهج، والإطلاعُ الخارجيُّ فيما يتعلّقُ بموضوعاتِه عديمَ الجدوى، حيثُ يعتبرُ هذا تضييعًا للوقتِ.. ويصلُ الأمرُ إلى حفظِ النسبِ المئويّةِ والإحصاءات، والتي كثيرًا ما تكونُ خاطئةً، إمّا لخطإٍ مطبعيٍّ أو لتقادمِ الزمنِ عليها.. ورغمَ هذا يتمُّ حفظُها لتفريغِها في الامتحانِ للحصولِ على الدرجات!
5- وبهذا يقتلُ التعليمُ المصريُّ الميولَ والهواياتِ والتميّزَ والإبداعَ والثقافةَ والبحثَ العلميّ.. ليسَ فقط، بل إنّه يهبطُ بنسبةِ الذكاءِ بالتدريج، نظرًا لإهمالِه دورَ الفهمِ واستخدامِ العقل!!
6- نظامُ دخولِ الكليّاتِ على حسبِ الدرجاتِ هو أفشلُ نظمِ التنسيق، حيثُ يؤدّي إلى وضعِ الطالبِ غير المناسبِ في المكانِ غيرِ المناسب، بحيثُ تنفقُ الدولةُ ميزانيّتَها في تعليمِ طلابٍ غالبيّتُهم يكرهونَ كلياتِهم.. فكيفَ يمكنُ أن يُتقنَ هؤلاءِ تخصّصاتِهم، ناهيكَ عنِ الإبداعِ فيها؟.. هذا بالإضافةِ إلى اليأسِ والإحباطِ والشعورِ بفقدانِ القيمةِ الذي يشعرونَ به طوالَ حياتِهم!
7- ليس هذا فحسب، بل إنَّ نظامَ دخولِ الكلّياتِ التربويّةِ عن طريقِ المجموعِ، أدّى إلى تسرّبِ الحثالةِ والجهلاءِ والأغبياءِ والفاسدينَ والمنحرفينَ والمعقّدينَ نفسيًّا إلى مهنةٍ مقدّسةٍ كالتعليم، حيثُ راحوا يمارسونَ المهنةَ باعتبارِها تجارة، فيُهملونَ الشرحَ ويضطهدونَ الطلابَ لإجبارِهم على تعاطي الدروسِ الخصوصيّةِ لديهم، كما راحوا يُدمرونَ نموذجَ القدوة، فكثيرٌ منهم ضعيفُ المستوى، وكثيرٌ منهم معبّأٌ بالعاداتِ والأخلاقِ السّيّئةِ كالتدخينِ والعصبيّةِ واستخدامِ الألفاظِ النابيةِ والتلميحاتِ الجنسيّة، ومنهم من هم ضعافُ الشخصيّةِ ومنهم من هو عنيفٌ... إلي آخرِ العاهاتِ التي ألقتها القوى العاملةُ في مدارسِنا بلا تمييز!
• أسوأُ ما في الأمرِ، هو أنَّ تحويلَ التعليمِ الأزهريِّ من نظامِه القديمِ الرائعِ إلى مثلِ هذا النظامِ اللعين، قد قتلَ الأزهرَ كما عرفه التاريخ، وقضى على دورِه نهائيًّا.
• كلُّ هذا أنتجَ أجيالا من أنصافِ المتعلمينَ وأنصافِ المثقفينَ وأنصافِ المتخصّصين.. هذه الأجيالُ تسلّمت زمامَ المجتمعِ في مجالاتِ الاقتصادِ والتجارةِ والطبِّ والهندسةِ والأدبِ والفنّ والدينِ وغيرِها، ممّا عمِلَ على الانهيارِ المطّردِ في كفاءةِ وأداءِ هذه المجالات.

الفقير الى الله
01-18-2007, 06:43 PM
فعلا التعليم في بلادنا مع كل اسف مأساه :(